في الورثة يعزلون ما على أبيهم من الدين ويقتسمون ما بقى فيضيع ما عزلوا وفي الراهن يستعير من المرتهن الرهن وفي رهن الرجل مال ولده الصغار ( قلت ) أرأيت لو أن والدنا هلك وعليه مائة دينار دينا فعزلنا مائة دينار من ميراثه واقتسمنا ما بقى فضاعت المائة ممن ضياعها ( قال ) ضياعها عليكم والدين بحالة ( قلت ) سمعت هذا من مالك ( قال ) لا أقوم علي حفظه وهذا رأيي ( قال ) وان كان السلطان قبضها للغائب وقسم ما بقي من ميراث الميت فضاعت فهي من مال الغريم وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت أن زوجت أمتي من رجل فأخذت جميع مهرها قبل أن يبني بها زوجها فأعتقتها ثم طلقها زوجها قبل البناء بها وقد كان السيد استهلك المهر ولا مال للسيد غير الأمة ( قال ) لا أرى أن يرد عتقها لأن السيد يوم أعتقها لم يكن عليه دين وإنما وجب الدين عليه حين طلق الزوج امرأته ( قال ) وقال مالك وليس للسيد أن يأخذ مهر أمته ويدعها بلا جهاز ولكن يجهزها به مثل الحرة ألا ترى أن مهرها في جهازها ( قلت ) أرأيت أن رهنت رهنا فاستعرته من المرتهن أتراه خارجا من الرهن ( قال ) هو خارج من الرهن عند مالك ( قلت ) أفيكون له أن يرده بعد ذلك وللمرتهن أن يقوم على الرهن فيأخذه منه ويرده في الرهن ( قال ) لا إلا أن يكون أعاره على ذلك فان أعاره على ذلك فاستحدث دينا أو مات قبل أن يقوم عليه كان أسوة الغرماء ( قلت ) أرأيت أن استدنت دينا فرهنت به متاعا لولد لي صغار ولم أستدن الدين على ولدى أيجوز عليهم ذلك أم لا ( قال ) لا أراه جائزا ( قلت ) لم أليس بيعه جائزا عليه ( قال ) إنما يجوز بيعه عليهم على وجه النظر لهم ( قلت ) وكذلك الوصى ( قال ) نعم ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) لا أقوم على حفظه الساعة عن مالك ولكنه رأيي لأن مالكا قال ما أخذ الوالد من مال ولده على غير حاجة فلا يجوز ذلك له ( قلت ) أرأيت إذا اشترى الرجل من مال ابنه وهو صغير لابن
____________________
(14/316)
________________________________________
له صغير أيجوز هذا الشراء ( قال ) نعم ولا أقوم على حفظه عن مالك ( قلت ) أرأيت الوصي أهو بهذه المنزلة ( قال ) نعم
في اشتراط المرتهن الانتفاع بالرهن واجارة الرجل نفسه فيما لا يحل ( قلت ) أرأيت المرتهن هل يجوز له أن يشترط شيئا من منفعة الرهن ( قال ) أن كان من بيع فذلك جائز وان كان الدين من قرض فلا يجوز ذلك لأنه يصير سلفا جر منفعة ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم إلا أن مالكا قال لي إذا باعه وارتهن رهنا فاشترط منفعة الرهن إلى أجل فلا أرى به بأسا في الدور والأرضين ( قال ) مالك وأكرهه في الحيوان والثياب ( قال بن القاسم ) ولا بأس به في الحيوان وغيره إذا ضرب لذلك أجلا ( قلت ) لم كرهه مالك في الحيوان والثياب ( قال ) لأنه يقول لا أدري كيف ترجع إليه الدابة والثوب ( قال بن القاسم ) وليس هذا بشيء لا بأس به في الحيوان والثياب وغير ذلك إذا ضرب لذلك أجلا ألا ترى أنه يجوز له أن يستأجره إلى أجل ولا أدري كيف يرجع وإنما باع سلعته بثمن قد سماه وبعمل هذه الدابة أو لباس هذا الثوب إلى أجل فاجتمع بيع وكراء فلا بأس به
في المرتهن يبيع الرهن وفي المرتهن يؤاجر الرهن أو يعيره بأمر الراهن ( قال بن القاسم ) قال مالك فيمن ارتهن رهنا فباعه أو رهنه فانه يرده حيث وجده فيأخذه ربه ويدفع ما عليه فيه ويتبع الذي اشتراه الذي غره فيلزمه بحقه ( قلت ) أرأيت لو أن المرتهن أجر الرهن بأمر الراهن إلا أن المرتهن هو الذي ولى الاجارة أيكون الرهن خارجا من المرتهن في قول مالك ( قال ) لا يكون خارجا في قول مالك ( قلت ) وكذلك لو أعاره بأمر الراهن إلا أن الذي ولى العارية إنما هو المرتهن ( قال ) نعم هو في الرهن على حالة لأن الذي ولى ذلك هو المرتهن ( قلت ) فان ضاع عند المستأجر هذا الرهن وهو مما يغيب عليه ( قال ) الضياع من الراهن لأن ضياعه عند الذي استأجره إذا كان بأمر الراهن بمنزلة الرهن على يدي عدل ( قلت ) أرأيت
____________________
(14/317)
________________________________________
الرجل أيحل له أن يؤاجر نفسه في عمل كنيسة في قول مالك ( قال ) لا يجوز له لأن مالكا قال لا يؤاجر الرجل نفسه في شيء مما حرم الله عز وجل ( قال ) مالك ولا يكرى داره ولا يبيعها ممن يتخذها كنيسة ( قال ) مالك ولا يكرى دابته ممن يركبها إلى الكنائس
في الرجل يرتهن الأمة فتلد في الرهن فيقوم الغرماء على ولدها ( قلت ) أرأيت أن ارتهنت أمة فولدت أولادا وماتت الأم فقامت الغرماء على الولد ( قال ) الولد رهن بجميع الدين وهذا قول مالك
في الرجل يرهن دنانير أو دراهم أو فلوسا أو طعاما أو مصحفا ( قلت ) هل يجوز أن أرتهن في قول مالك دنانير أو دراهم أو فلوسا ( قال ) قال مالك أن طبع عليها والا فلا ( قلت ) أرأيت الحنطة والشعير وكل ما يكال أو يوزن أيصلح أن يرهن ( قال ) لا بأس بأن يرهن عند مالك ويطبع عليه ويحال بين المرتهن وبين أن يصل إلى منفعته كما يفعل بالدنانير والدراهم وكذلك سمعته عن مالك ( قلت ) والحلى يرهن ( قال ) نعم عند مالك ( قلت ) أفلا يخاف أن ينتفع بلبسه ( قال ) لا لأن هذا يدخل فيه إذا الثياب وغير ذلك فلا بأس بهذا ( قلت ) فما فرق ما بين منفعة الحلى في الرهن ومنفعة الطعام والدراهم ( قال ) الطعام والدراهم يأكله وينفق الدراهم ثم يأتي بمثله والثياب والحلى ليس يأتي بمثله إنما هو بعينه وليس يأتي بمثله ( قلت ) أرأيت المصحف أيجوز أن يرتهن في قول مالك ( قال ) نعم ولا يقرأ فيه ( قلت ) فان لم يكن في أصل الرهن شرط أن يقرأ فيه فتوسع له رب المصحف أن يقرأ فيه بعد ذلك ( قال ) قال مالك لا يعجبني ذلك ( قلت ) أرأيت أن كان هذا الرهن من قرض أو من بيع ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه سواء من قرض كان أو من بيع
____________________
(14/318)
________________________________________
في ارتهان الخمر والخنزير وفيمن ارتهن حلى ذهب أو فضة ( قلت ) أرأيت المسلم أيجوز له أن يرتهن من ذمي خمرا أو خنزيرا ( قال ) لا يجوز ذلك ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت أن ارتهنت خلخالين فضة أو سوارين فضة بمائة درهم وقيمة السوارين أو الخلخالين مائة درهم فاستهلكت الخلخالين أو السوارين ( قال ) عليك قيمتهما من الذهب تكون رهنا مكانهما ( قلت ) فان كسرتهما ولم أستهلكهما ( قال ) عليك قيمتهما مصوغين من الذهب ( قلت ) أليس قد قلت إذا كسرهما رجل ولم يتلفهما فانما عليه ما نقص الصياغة ( قال ) هذا القول أحب إلي وإليه أرجع وأرى أن يضمن قيمتهما من الذهب مصوغا أستهلكهما أو كسرهما فهو سواء ويكونان له ( قلت ) فان ضمن قيمتهما من الذهب أتكون القيمة رهنا أم يقبض هذا الذهب من حقه قبل محل الأجل وحقه دراهم ( قال ) لا أرى أن يقبضه من حقه ولكن تكون هذه القيمة رهنا ويطبع عليها وتوضع على يدى عدل فإذا حل حقه فان أوفاه الراهن حقه أخذ هذه الذهب والا صرفت له فاستوفى منها حقه ( قال سحنون ) قال بعض أصحابنا أنه يطبع على القيمة ويحال بينه وبينها حتى يحل الأجل تأديبا له لئلا يعدو الناس على ما ارتهنوا فيستعجلوا التقاضى ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك فيمن استهلك سوارين أن عليه فيمتهما يوم استهلكهما أن كانا من الذهب فعليه قيمتهما من الفضة ( قال ) ولم أسمع منه في الكسر شيئا ( قلت ) أرأيت لو أني ارتهنت سوارى ذهب بدراهم فأتلفتهما وقيمتهما مثل الدين سواء وقد استهلكتهما قبل محل الأجل أتكون القيمة رهنا أم تجعله قصاصا ( قال ) أرى القيمة رهنا حتى يحل الأجل فيأخذه منه في حقه إذا حل الأجل ( قلت ) لم ( قال ) لأن مالكا قال لي في الراهن إذا باع الرهن بغير أمر المرتهن فأجاز المرتهن البيع عجل للمرتهن حقه ( قال ) مالك وإذا باع الراهن بأمر المرتهن وقال المرتهن لم آذن لك في البيع لأن تخرجه من الرهن ولكن أذنت لك في البيع لاحياء الرهن وما يشبه هذا ولم يمكن المرتهن الراهن من البيع وحده ولكن
____________________
(14/319)
________________________________________
السلعة بقيت في يد المرتهن حتى باعها الراهن وقبضت من يدى المرتهن وقبض الثمن المرتهن أحلف في هذا أنه لم يأذن له في البيع إلا لما ذكر وكان القول قوله ويجعل الثمن رهنا مكان الرهن حتى يحل الأجل إلا أن يعطيه الراهن رهنا مكان الثمن فيه ثقة من حقه فيجوز ذلك حتى إذا حل الأجل قضاه الراهن حقه وأخذ ما بقى في يدى المرتهن من رهنه فكذلك مسألتك ألا ترى أن مالكا قد قال ها هنا لا أعجل له حقه من الثمن حتى يحل الأجل فكذلك مسألتك
في الراهن يقول للمرتهن أن جئتك إلى أجل كذا وكذا والا فالرهن لك بما لك علي ( قلت ) أرأيت أن رهنته رهنا وقلت له أن جئتك إلى أجل كذا وكذا والا فالرهن لك بما أخذت منك ( قال ) قال مالك هذا الرهن فاسد وينقض هذا الرهن ولا يقر ( قال ) مالك من قرض كان أو من بيع فانه لا يقر ويفسخ وان لم يفسخ حتى يأتى الأجل الذي جعله الراهن للمرتهن بما أخذ من المرتهن إلى ذلك الأجل فانه لا يكون للمرتهن ولكن الرهن يرد إلى ربه ويأخذ المرتهن دينه ( قلت ) أفيكون للمرتهن أن يحتبس هذا الرهن حتى يوفيه الراهن حقه ويكون المرتهن أن أفلس هذا الراهن أولى بهذا الرهن من الغرماء في قول مالك ( قال ) نعم وإنما معنى قوله أنه يفسخ أنه أن كان أقرضه إلى سنة على أن ارتهن به هذا المتاع فان حل الأجل ولم يوفه فالسلعة للمرتهن بما قبض منه الراهن فان هذا يفسخ قبل السنة ولا ينتظر بهما السنة فهذا معنى قول مالك أنه يفسخ فأما ما لم يدفع إليه الراهن حقه فليس له أن يخرجه من يده والمرتهن أولى به من الغرماء وكذلك لو كان إنما رهنه من بيع فهو والقرض سواء ( قال ) وقال لي مالك في هذه المسألة فان مضى الأجل والرهن في يدى المرتهن أو قبضه من أحد جعله على يديه بما شرط من الشرط في رهنه قال مالك فان أدرك الرهن بحضرة ذلك رد وان تطاول ذلك وحالت أسواقه أو تغير بزيادة بدن أو نقصان بدن لم يرده ولزمته القيمة في ذلك يوم حل الأجل وضمنه ( قال سحنون
____________________
(14/320)
________________________________________
إنما تلزمه بالقيمة السلعة أو الحيوان لأنه حين أخذها على أنه أن لم يأت بالثمن فهي له بالثمن فصار أن لم يأت رب السلعة بما عليه فقد اشتراها المرتهن شراء فاسدا فيفعل بالرهن ما يفعل بالبيع الفاسد ( قال بن القاسم ) وقاصه بالدين الذي كان للمرتهن على الراهن من قيمة السلعة ويترادان الفضل ( قال ) مالك وهذا في السلع والحيوان وأما الدور والأرضون قال مالك فليس فيهما فوت وان حالت أسواقهما وطال زمانهما فانها ترد إلى الراهن ويأخذ دينه ( قال ) وهذا مثل البيع الفاسد كذلك قال مالك ( قلت ) فان انهدمت الدار أو بنى فيها ( قال ) هذا فوت وكذلك قال مالك الهدم فوت والبنيان فوت والغرس فوت ( قلت ) فان هدمها هو أو انهدمت من السماء فذلك سواء في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا في البيع الحرام مثل هذا في قول مالك ( قال ) نعم ويلزمه قيمتها يوم حل الأجل وهو يوم قبضها وهذا بيع حرام
فيمن أسلف فلوسا فأخذ بها رهنا ففسدت الفلوس بعد السلف أو اشترى بفلوس إلى أجل ( قلت ) أرأيت أن أسلفت رجلا فلوسا وأخذت بها رهنا ففسدت الفلوس ( قال ) قال مالك ليس لك إلا فلوس مثل فلوسك فإذا جاء بها أخذ رهنه لأن مالكا قال من أسلف فلوسا أو اشترى بفلوس إلى أجل فانما له نقد الفلوس يوم اشتري ولا يلتفت إلى فسادها ولا إلى غير ذلك ( قلت ) أرأيت أن أتيت إلى رجل فقلت له أسلفني درهم فلوس ففعل والفلوس يومئذ مائة فلس بدرهم ثم حالت الفلوس ورخصت حتى صارت مائتا فلس بدرهم ( قال ) إنما يرد مثل ما أخذ ولا يلتفت إلى الزيادة ( قال ) وقال مالك الشرط باطل وإنما عليه مثل ما أخذ
فيمن ارتهن رهنا من غريم فضاع الرهن فقام الغرماء على المرتهن هل يكون الراهن أولى بما عليه من الغرماء ( قلت ) أرأيت لو أني ارتهنت من رجل رهنا مما أغيب عليه في طعام أسلفته اياه
____________________
(14/321)
________________________________________
أو في دراهم أسلفتها اياه أو في ثياب أسلفتها اياه أو في حيوان أو كان ذلك من شيء بعته منه إلى أجل فضاع الرهن عندي ولا مال لي غير الدين الذي لي عليه من سلم أو من قرض فقامت الغرماء علي وقال الذي لي عليه الحق أنا أولى بماله علي من قبل أن رهنى قد ضاع في يديه وأنا حائز لما علي وأنا أولى بقيمة رهنى أستوفيه من هذا الدين الذي له علي فان فضل عن ديني شيء كان لكم ( قال ) أراه أسوة الغرماء لأنه دين كان له عليه ولم يكن هو رهنا عن شيء دفعه إليه فأرى له أن يرجع بقيمته والغرماء فيما عليه من الدين يتحاصون ويتبعونه بما بقى ولقد سئل مالك عن الرجل يستلف من الرجل مائة دينار فيبتاع الذي أسلف من الذي استسلف سلعة بمائة دينار ولم يسم أنها في ثمن سلعتنه فيفلس أحدهما قال مالك هو دين له يحاص الغرماء أيهما أفلس فليس له أن يقول لي عليه مثله فأنا أحق به فكذلك مسألتك
في المتكفل يأخذ رهنا ( قلت ) أرأيت الرجل يتكفل عن الرجل بحق عليه ويأخذ بذلك رهنا من الذي تكفل عنه أيجوز هذا أم لا في قول مالك ( قال ) نعم هذا جائز لأنه إنما تكفل بالحق
الدعوى في الرهن ( قلت ) أرأيت أن ارتهنت رهنا قيمته مائتا دينار فقلت ارتهنته بمائتي دينار وقال الراهن بل رهنتكه بمائة ولك علي مائتا دينار إلا أن مائة منهما لم أرهنك بها رهنا ( قال ) القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمة الرهن مثل ما قال مالك إذا ارتهن رهنا بحق له وأنكر الراهن وقال هو رهن بأقل من قيمتها فكذلك إذا أقر له الراهن بما قال المرتهن من الدين وأقر بأن السلعة رهن إلا أنه قال لم أرهنها إلا ببعض دينك الذي علي ولم أرهنكها بجميع دينك فالقول قول المرتهن أنه إنما ارتهنها بجميع دينه ولا يصدق الراهن ( قلت ) فان قال المرتهن ارتهنتها بألف درهم أقرضتكها وقيمة السلعة خمسمائة درهم وأقر له الراهن بأن له عليه ألف درهم وقال ما رهنتكها إلا بخمسمائة درهم
____________________
(14/322)
________________________________________
وهذه خمسمائة درهم فخذها وأعطني رهني وأجل الألف الدين لم يحل بعد وقال المرتهن لا أعطيكها إلا أن آخذ الألف كلها ( قال ) القول فيها قول الراهن لأنه لا يتهم إذا أعطى قيمتها وعليه اليمين ووجه الحجة فيه أنه لو قال له لم أرهنكها إلا بخمسمائة كان القول قوله وكان المرتهن مدعيا في الخمسمائة الأخرى فكما لا يجوز قوله إذا ادعي أنها له قبله دينا فكذلك لا يجوز قوله إذا ادعى أنها رهن إذا كان الرهن إنما يساوي خمسمائة ( قلت ) أرأيت أن ارتهنت من رجل سلعة قيمتها ألف درهم ثم حالت أسواق السلعة فصارت تساوي ألفى درهم فتصادقا على قيمتها الراهن والمرتهن أن قيمتها يوم قبضها ألف درهم وان أسواقها حالت بعد ذلك فصارت تساوي ألفي درهم أو نمت السلعة في يديهما حتى صارت تساوي ألفي درهم وادعى الراهن أنه إنما كان رهنها بألف درهم وقال المرتهن بل ارتهنتها بألفي درهم والمرتهن مقر أنه يوم ارتهنها إنما كانت قيمتها ألف درهم بكم تجعلها رهنا والقول قول من ( قال ) قال مالك إنما ينظر إلى قيمة الرهن يوم يحكم فيها فالقول قول المرتهن إلى مبلغ قيمة الرهن يوم يحكم فيها ولا ينظر إلى قيمتها يوم قبضت ولم أسمعه يقول في قيمتها إنهما تصادقا ولم يتصادقا ولكن أن تصادقا في ذلك أو لم يتصادقا فان القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمتها يوم يحكم عليهما ألا ترى أن مالكا لم يقل فيهما إذا اختلفا في القيمة أنه ينظر إلى قيمتها يوم قبضها فيسئل أهل المعرفة عن قيمتها يومئذ فلو كان ينظر إلى قولهما إذا تصادقا على القيمة يوم قبضها لقال ينظر في قيمتها يوم قبضها إذا اختلفا
الدعوى في قيمة الرهن ( قلت ) أرأيت لو رهنت رجلا ثوبين بمائة درهم فضاع أحدهما فاختلفا في قيمة الذاهب القول قول من ( قال ) قال مالك القول قول المرتهن في قيمة الرهن إذا هلك بعد الصفة مع يمينه ويذهب من الرهن مقدار قيمة الثوب الذاهب ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك القول قول المرتهن في قيمة الرهن إذا هلك والرهن بعد الصفة مع يمينه فذهاب بعضه كذهابه كله
____________________
(14/323)
________________________________________
في الرجل يبيع السلعة على أن يأخذ رهنا بغير عينه أو رهنا بعينه ( قلت ) أرأيت أن بعت سلعة من رجل على أن آخذ عبده ميمونا رهنا بحقي فافترقنا قبل أن أقبض ميمونا أيفسد الرهن بافتراقنا قبل القبض ( قال ) لا ( قلت ) فان قمت عليه بعد ذلك كان لي أن آخذ منه الغلام رهنا أم لا ( قال ) نعم ( قلت ) فان قامت الغرماء عليه قبل أن آخذه منه أكون فيه أسوة الغرماء ( قال ) نعم ( قلت ) فان باعه قبل أن أقبضه منه ( قال ) بيعه جائز ( قلت ) أفيلزمه أن يعطيني رهنا مكانه ( قال ) لم أسمع من مالك فيه أنه يعطيك رهنا مكانه إلا أن مالكا قال أن أمكنه من الرهن فباعه فبيعه جائز وليس له إلى الرهن سبيل فهو حين تركه في يده ولم يقبضه منه حتى باعه فقد تركه ( قلت ) وكل هذه المسائل التي سألتك عنها في ميمون هذا الرهن هو قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) لم أجزت بيع الراهن لهذا العبد الذي قد شرط هذا المرتهن حين باعه السلعة أنه يأخذه رهنا ولماذا أجزت بيع الراهن للعبد لم لا تفسخ البيع بينهما لأن البائع شرط في عقدة البيع أنه يأخذ ميمونا رهنا بحقه ( قال ) لأنك تركته في يده حتى باعه فكأنك تركت الرهن الذي كان لك ( قال سحنون ) وهذا إذا كان تركه في يد المولى تركا يرى أن تركه رضا منه باجازة البيع بلا رهن ( قلت ) أرأيت أن بعت رجلا سلعة إلى سنة على أن يعطيني رهنا فيه وثيقة من حقي فمضيت معه فلم أجد عنده رهنا ( قال ) أنت أعلم أن أحببت أن تمضي البيع بلا رهن وان شئت أخذت سلعتك ونقضت البيع ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) لا أقوم على حفظه
اختلاف الراهن والمرتهن ( قلت ) أرأيت أن قال رجل لرجل عبداك هذان اللذان عندي هما جميعا رهن عندي بألف درهم لي عليك فقال له الرجل أما ألف درهم لك علي فقد صدقت أن
____________________
(14/324)
________________________________________
لك عندي ألف درهم وأما أن أكون رهنتك العبدين جميعا فلم أفعل إنما رهنتك أحدهما واستودعتك الآخر فقال القول قول رب العبدين ولم أسمع من مالك فيه شيئا الا أني سألت مالكا عن الرجل يكون في يديه عبد الرجل فيقول ارتهنته ويقول سيده لا بل أعرتكه أو استودعتكه ( قال ) مالك القول قول رب العبد ( قلت ) أرأيت أن دفعت إلى رجل ثوبين أحدهما نمط والآخر جبة فقال المدفوع إليه الثوبان أما النمط فكان وديعة وقد ضاع وأما الجبة فرهن وهي عندي وقال رب الثوبين بل كان النمط رهنا والجبة وديعة القول قول من في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن أرى هذه المسألة مثل المسألة الأولى القول قول الراهن في أن الثوب الباقي ليس برهن ولا تكون دعوى المرتهن شيئا ها هنا الا ببينة ولا يلزم المرتهن من ضياع الثوب الذاهب شيء لأنه قال إنما كان وديعة عندي وكل واحد منهما مدع على صاحبه ( قال سحنون ) فليس يصدق صاحب الثوبين فيما ادعى أن الثوب الذاهب كان رهنا وليس على الذي كان في يديه من غرمه شيء وليس يصدق الذي في يديه الثوب أن الباقي هو الرهن وليس هو برهن ولكن يأخذ صاحب الثوب ثوبه ويبرأ هذا من ضمان الثوب الذي ذهب لأنه زعم أنه إنما كان وديعة ويتبعه بدينه الذي له عليه
في ارتهان الزرع الذي لم يبد صلاحه والثمرة التي لم يبد صلاحها ( قلت ) هل يجوز في قول مالك أن ارتهن مالا يحل بيعه ( قال ) نعم مثل الزرع الذي لم يبد صلاحه والثمرة التي لم يبد صلاحها ( قلت ) فان كان الدين إلى أجل فارتهنت به ثمرا لم يبد صلاحه أو زرعا لم يبد صلاحه فمات الراهن قبل حلول الأجل والذي في يدي من الرهن لم يبد صلاحه أيكون ديني قد حل في قول مالك حين مات الراهن ( قال ) نعم ( قلت ) ويباع لي هذا الرهن قبل أن يبدو صلاحه ( قال ) لا ولكن أن كان للراهن مال أخذت حقك ورددت عليهم رهنهم وان لم يكن للميت مال انتظرت فإذا حل بيعه بعته وأخذت حقك وهو قول مالك لأن مالكا ( قال ) في
____________________
(14/325)
________________________________________
الديون إذا مات الذي عليه الدين فقد حل الدين وقال في الزرع والثمار لا تباع حتى يبدو صلاحها ( قال بن القاسم ) ولو فلس رجل أو مات وقد ارتهن منه رجل زرعا لم يبد صلاحه حاص الغرماء بجميع دينه في مال المفلس أو الميت واستؤنى بالزرع فإذا حل بيعه بيع ونظر إلى قدر الدين وثمن الزرع فان كان كفافا رد ما أخذ في المحاصة فكان بين الغرماء وكان له ثمن الزرع إذا كان كفافا وان كان فيه فضل رد ذلك الفضل مع الذي أخذ في المحاصة إلى الغرماء وان كان ثمن الزرع أقل من دينه رد ما أخذ في المحاصة ثم نظر إلى ما بق من دينه بعد مبلغ ثمن الزرع وإلى دين الميت أو المفلس فضرب به مع الغرماء في جميع مال المفلس أو الميت من أوله فيما صار في يديه وأيدي الغرماء فما كان له في المحاصة أخذه ورد ما بقى فصار بين الغرماء بالحصص ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم هو قوله فيما بلغني
في رهن الحيوان وتظالم أهل الذمة في الرهون ورهن المكاتب والمأذون له ( قلت ) أرأيت أن ارتهنت عبدا فادعيت أنه أبق مني ( قال ) القول قولك عند مالك ( قلت ) أرأيت أن ارتهنت حيوانا فادعيت أنها قد ضلت مني ( قال ) القول قولك ودينك كما هو على الراهن ( قلت ) أرأيت الرهون إذا تظالم أهل الذمة بها فيما بينهم أيحكم بينهم في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت المكاتب إذا رهن أو ارتهن أيجوز في قول مالك ( قال ) نعم إذا أصاب وجه الرهن لأنه جائز الشراء والبيع ( قال سحنون ) إذا ارتهن في مال أسلفه فليس بجائز لأنه لا يجوز له أن يصنع المعروف فان ارتهن في مال أسلفه فهو جائز ( قلت ) أرأيت أن وجد السيد مع المكاتب مالا قبل حلول أجل الكتابة فيه وفاء من الكتابة أو أقل من الكتابة أيكون له أن يأخذه أو لا في قول مالك ( قال ) ليس له ذلك ( قلت ) أرأيت أن رهنني رجل بكتابة مكاتبي رهنا أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) لا تجوز الحمالة
____________________
(14/326)
________________________________________
للسيد بكتابة مكاتبه عند مالك فكذلك الرهن عندي لا يجوز مثل الحمالة ( قلت ) أرأيت العبد التاجر أيجوز ما رهن أو ارتهن في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت المكاتب أيجوز له أن يرهن ولده أو أم ولده في قول مالك ( قال ) قال مالك أن خاف العجز جاز له أن يبيع أم ولده وليس له أن يبيع ولده وان خاف العجز فأراه أن خاف العجز جاز له أن يرهن أم ولده وليس له أن يرهن ولده مثل قول مالك في البيع
في الرجل يرهن أمته فيعتقها أو يكاتبها أو يدبرها أو يطؤها فيولدها ( قلت ) أرأيت أن رهنت أمتي فأعتقتها وهي في الرهن أو كاتبتها أو دبرتها ( قال ) قال مالك أن أعتقها وله مال أخذ المال منه فدفع إلى المرتهن وعتقت الجارية والتدبير جائز وتكون رهنا بحالها لأن الرجل يرهن مدبره عند مالك أن أحب وأما الكتابة فهي عندي بمنزلة العتق أن كان للسيد مال أخذ منه ومضت الكتابة ( قال سحنون ) والتدبير بمنزلة العتق سواء ويعجل له حقه كذلك قال مالك ذكره بن وهب عن مالك وكذلك الكتابة أن كان له مال إلا أن يكون في ثمن الكتابة إذا بيعت وفاء للدين فتكون الكتابة جائزة ( قلت ) فان وطئها الراهن فأحبلها ( قال ) قال مالك أن كان وطئها باذن المرتهن أذن له في الوطء أو كانت مخلاة تذهب في حوائج المرتهن وتجيء فهي أم ولد للراهن ولا رهن للمرتهن فيها وان كان وطؤه اياها على وجه الاغتصاب لها والتسور عليها بغير اذنه فكان له مال أخذ منه المال فدفع إلى المرتهن وكانت الجارية أم ولد للراهن وان لم يكن له مال بيعت الجارية بعد أن تضع ولم يبع ولدها فان نقص ثمن الجارية عن حق المرتهن اتبع السيد بذلك ولم يبع الولد واتبع الولد أباه ( قال سحنون ) وان كانت تذهب وتجيء في حوائج المرتهن إذا لم يأذن له المرتهن في الوطء فهو كالمتسور عليها لأنه وطىء بغير إذن ولا أمر من المرتهن ( قلت ) أرأيت أن أعتق السيد الجارية وهو موسر ودين المرتهن لم يحل بعد أتأمره أن يخرج رهنا فيجعله مكانها ثقة من حق المرتهن أم تأمر الراهن أن يقضى
____________________
(14/327)
________________________________________
المرتهن حقه قبل حلول الأجل في قول مالك ( قال ) قال مالك يعجل له حقه وتعتق الجارية
فيمن رهن عبدا فأعتقه وهو في الرهن ( قلت ) أرأيت أن أعتقت العبد الذي رهنت وأنا معسر أيكون العبد رهنا على حاله إلى محل الأجل في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فان أفدت مالا قبل محل الأجل ( قال ) يؤخذ منك الدين ويخرج العبد حرا مكانه وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أعتق عبده ولا مال له وعلى السيد دين فأراد الغرماء بيع العبد فقال العبد خذوا دينكم مني ولا تردوني في الرق أو قال لهم أجنبي من الناس خذوا دينكم مني ولا تردوا العبد في الرق ( قال ) قال مالك في العبد يجنى الجناية فيعتقه سيده بعد ما جنى فيريد أهل الجناية أن يأخذوا السيد بالجناية ليأخذوا منه قيمة الجناية فيقول السيد ما أردت ذلك وما ظننت أن ذلك علي وما أردت أن أتحمل الجناية ويحلف على ذلك ( قال ) قال مالك يرد عتق العبد الا أن يكون للعبد مال فيدفعه العبد في ذلك أو يجد أحدا يؤدي ذلك عنه يعجل ذلك فانه يخرج حرا ولا يكون لهم أن يردوه في الرق فكذلك مسألتك
في الرجل يستعير السلعة ليرهنها ( قلت ) أرأيت الرجل يستعير السلعة ليرهنها أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن استعرتها لأرهنها فرهنتها فضاعت عند المرتهن وهي مما يغيب عليه المرتهن ( قال ) قال مالك في رجل يرهن متاعا لغيره وقد أعيره ليرهنه أن الراهن أن لم يؤد الدين باعه المرتهن في حقه إذا حل الأجل واتبع المعير المستعير بما أدى عنه من ثمن سلعته دينا ( عليه وقال ) مالك في ضمانها أنها أن هلكت أن للمعير أن يتبع المستعير بقيمتها دينا عليه قال وأما كل مالا يغيب عليه فانه لا ضمان على من استعاره ليرهنه فرهنه ولا على من كان في يديه ولا يتبع من أعاره الذي استعاره منه بشيء من قيمته
____________________
(14/328)
________________________________________
فيمن رهن عبدا ثم أقر أنه لغيره وفي العبد يكون رهنا فيجنى جناية ( قلت ) أرأيت أن رهنت عبدا فأقررت أنه لغيري أيجوز في قول مالك أم لا ( قال ) لا يجوز اقرارك ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) لا أقوم على حفظه الآن ( قلت ) أرأيت ما جنى العبد عند المرتهن أيلزم المرتهن من ذلك شيء في قول مالك أم لا ( قال ) لا يلزم المرتهن من ذلك شيء عند مالك ( قلت ) فان كان موسرا فأقره الذي أقر له رهنا فهو بحاله إلى أجله وان أبى الا أخذه أخذه وعجل للمرتهن حقه ( قال ) نعم وان كان المقر معسرا لم يجز اقراره على المرتهن وكان المقر له بالخيار أن شاء ضمن الراهن قيمته واتبعه بها وان شاء وقف فان أفاد الراهن مالا أخذ عبده وقضى المرتهن حقه وان لم يفد مالا حتى يحل الأجل ويباع في الدين ويقضي المرتهن ثمنه فان شاء أخذه من الراهن أو قيمته يوم نقد وان شاء أخذ منه ثمنه الذي قضى عن نفسه أن أفاد يوما مالا
فيمن رهن رجلا سلعة سنة فإذا مضت السنة فهو خارج من الرهن ( قلت ) أرأيت رجلا رهن عند رجل رهنا جعله هذه السنة رهنا فإذا مضت السنة خرج من الرهن أيكون هذا رهنا أم لا ( قال ) لا يعرف هذا من رهون الناس ولا يكون هذا رهنا ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت أن قال الرجل لعبده أد الغلة إلي أيكون هذا مأذونا له في التجارة في قول مالك ( قال ) لا يكون مأذونا له بهذا
فيمن استعار عبدا ليرهنه فأعتقه السيد وهو في الرهن ( قلت ) أرأيت لو استعرت عبدا لأرهنه فرهنته فأعتقه سيده وهو موسر أيجوز عتقه أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك أنه إذا رهن عبد نفسه ولم يستعره فأعتقه وهو موسر كان عتقه جائزا فأرى في مسئلتك أن عتق المعير جائز إذا كان موسرا ويقال للمعير قد أفسدت الرهن على المرتهن فأد الدين وخذ عبدك الا أن تكون قيمة
____________________
(14/329)
________________________________________
العبد أقل من الدين فلا يكون عليه إلا قيمته لأنها كانها هو فان كان الدين قد حل رجع المعير بما أدى على المستعير وان كان الدين لم يحل لم يرجع به المعير على المستعير حتى يحل الدين فإذا حل الدين رجع عليه بالدين
في العبد المأذون له في التجارة يشتري أبا مولاه ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا مأذونا له في التجارة اشترى أبا مولاه أو ابنه أيعتق أم لا ( قال ) قال مالك إذا ملك العبد من لو ملكهم سيده عتقوا على سيده فانهم يعتقون في مال العبد ( قلت ) فلو أن العبد اشتراه وهو يعلم أنه أبو مولاه أو ابنه أو هو لا يعلم ذلك أهو سواء يعتقون عليه إذا ملكهم العبد أم لا والبائع يعلم أو لا يعلم ( قال ) أرى أن باعه البائع وهو يعلم أو لا يعلم فذلك سواء وينفذ البيع ويعتقون على العبد وليس على البائع أن يعلمه ذلك ولا يخبره لأنه لو باع رجل رجلا أبا نفسه أو ابنه لم يكن عليه أن يعلمه وسواء علم السيد أو لم يعلم فانهم يعتقون فان كان العبد قد علم بذلك فاشتراه على ذلك وهو يعلم فان ذلك لا يجوز وإنما ذلك بمنزلة أن لو أعطاه سيده مالا يشتري له عبدا فاشترى أبا مولاه فان ذلك لا يجوز على سيده وليس له أن يتلف مال سيده ( قلت ) أرأيت أن دفعت إلى رجل سلعة يبيعها لي فباعها وأخذ بثمنها رهنا أيجوز ذلك علي أم لا ( قال ) لا يجوز ذلك عليك لأنه لا يجوز له أن يبيع سلعتك بالدين لأنك لم تأمره بالدين ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم في الدين وليس له أن يبيعها بدين ( قلت ) أرأيت أن أمره أن يبيع بالدين فباع وأخذ رهنا أيجوز ذلك الرهن على الآمر أم لا ( قال ) الآمر بالخيار أن شاء قبل ذلك وكان ضمانه منه أن تلف والا رد الرهن إلى ربه ولم يلزمه ويكون البيع على حاله وان تلف قبل أن يعلم به الآمر فلا ضمان عليه والضمان على المأمور ولا يقاص المأمور الآمر بشيء من حقه الذي على المشترى
____________________
(14/330)
________________________________________
فيمن ارتهن عصيرا فصار خمرا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا ارتهن عصيرا فصار خمرا كيف يصنع ( قال ) يرفعها إلى السلطان فيأمر السلطان بها فتهراق ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك في الرجل يوصي إلى الرجل فتكون في تركته خمر ( قال ) مالك أرى أن يهريقها الوصي ولا يهريقها إلا بأمر السلطان خوفا من أن يتعقب بأمر من يأتي يطلبه فيها فكذلك مسألتك ( قال ) مالك وإذا ملك المسلم خمرا أهريقت عليه ولم يترك أن يخللها ( قلت ) فان أصلحها فصارت خلا ( قال ) قد أساء ويأكله كذلك قال مالك
فيمن رهن جلود السباع والميتة ( قلت ) أرأيت جلود الميتة إذا دبغت أو جلود السباع إذا كانت ذكية أيجوز أن يرهنها الرجل ( قال ) أما جلود الميتة فلا يجوز أن يرهنها الرجل لأنه لا يجوز بيعها عند مالك وان دبغت وأما جلود السباع إذا كانت ذكية فلا بأس ببيعها عند مالك فأرى أنه لا بأس برهنها ( قلت ) إذا كانت جلود السباع ذكية جاز البيع فيها والرهن دبغت أو لم تدبغ ( قال ) نعم وكذلك قال مالك في الصلاة بها فالبيع عندي والرهن مثل ذلك ( قلت ) لم لا تجيز جلود الميتة في الرهن وان كنت لا تجيز بيعها بمنزلة ما أجزت في الزرع قبل أن يبدو صلاحه والثمرة قبل أن يبدو صلاحها في الرهن في قول مالك ومالك لا يجيز هذا في البيع فما فرق ما بين جلود الميتة وهذا ( قال ) لأن الثمرة والزرع قد يحل بيعهما يوما ما إذا ارتهنت وجلود الميتة لا يحل بيعها عند مالك على حال من الحالات فهذا فرق ما بينهما
في المقارض يشتري بجميع مال القراض عبدا ثم يشتري آخر فيرهن الأول وفي الرجل يرهن الجارية فيطؤها المرتهن ( قلت ) أرأيت المقارض أيجوز له أن يشتري بالدين على المقارضة في قول مالك ( قال ) لا ( قلت ) فان اشترى بجميع مال المقارضة عبدا ثم اشترى عبدا آخر بألف
____________________
(14/331)
________________________________________
درهم فرهن العبد الذي اشتراه بمال المقارضة مكان هذا العبد أيجوز إم لا وهل ترى أنه اشترى بالدين لأن جميع مال المضاربة قد نقده في العبد الأول ( قال ) لا أرى أن يجوز ذلك ( قلت ) أرأيت أن قال له رب المال اشتر على المقارضة بالدين أيجوز هذا ( قال ) مالك هذه مقارضة لا تحل ( قال بن القاسم ) ولا ينبغي له هذا لأنه لو جاز هذا جاز أن يقارض الرجل الرجل بغير مال ألا ترى أنه لما قال له ما اشتريت به من دين فهو على القراض فهو كرجل قارض بغير مال فهذا لا يجوز ( قلت ) أرأيت أن أعرت رجلا سلعة ليرهنها فأمرته أن يرهنها بكذا وكذا درهما فرهنها بطعام ولم يرهنها بدراهم أتراه مخالفا وتراه ضامنا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن ارتهنت أمة فوطئتها فولدت مني أيقام علي الحد في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) ويكون الولد رهنا معها في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) ولا يثبت نسب الولد من المرتهن في قول مالك ( قال ) نعم لا يثبت نسبه عند مالك ( قلت ) أرأيت السيد هل يكون له على المرتهن مهر مثلها في قول مالك مع الحد الذي عليه أن كانت طاوعته الجارية أو أكرهها ( قال ) إنما على الرجل في قول مالك إذا أكره جارية رجل فوطئها ما نقصها بكرا كانت أو ثيبا ( قلت ) أرأيت هذا الذي وطىء الأمة فولدت وهي رهن عنده أن اشتراها واشترى ولدها أيعتق عليه ولدها في قول مالك أم لا ( قال ) لا يعتق عليه لأنه لم يثبت نسبه منه
فيما وهب للامة وهي رهن ( قلت ) أرأيت ما وهب لأمة وهي رهن أيكون رهنا معها في قول مالك ( قال ) لا لا يكون ذلك رهنا معها عند مالك ويكون ذلك موقوفا إلا أن ينتزعه السيد ( قلت ) أرأيت لو رهنها ولها مال أيكون مالها رهنا معها في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يكون مالها رهنا معها إلا أن يشترطه المرتهن ( قلت ) أرأيت أن اشترط مالها رهنا معها والمال مجهول أيجوز هذا في قول مالك أم لا ( قال ) نعم لأن مالكا أجازه في البيع
____________________
(14/332)
________________________________________
فيمن ارتهن زرعا لم يبد صلاحه أو نخلا ببئرهما فانهارت البئر ( قلت ) أرأيت لو أني ارتهنت زرعا لم يبد صلاحه ببئره أو نخلا في أرض ببئرها فانهارت البئر وقال الراهن لا أنفق على البئر فأراد المرتهن أن ينفق ويصلح رهنه ويرجع بما أنفق على الراهن ( قال ) ليس له أن يرجع على الراهن بشيء ولكن يكون ما أنفق في الزرع وفي رقاب النخل أن كان إنما أنفق عليها خوفا من أن تهلك حتى يستوفى ما أنفق ويستوفى دينه ويبدأ بما أنفق قبل دينه ثم يأخذ دينه بعد ذلك فان بقى شيء كان لربه لأن مالكا قال في الرجل يستكرى الأرض يزرع فيها فتهور بئرها أو تنقطع عينها أو يساقى الرجل الرجل فتتهور البئر وتنقطع العين ( قال ) أن أحب المساقى أو المستكرى أن ينفق في العين أو في البئر حتى تتم الثمرة فيبيعها ويستوفى ما أنفق من حصة صاحب النخل في المساقاة ويقاص المستكرى من كراء تلك السنة التي تكاراها بما أنفق وان تكاراها سنين فليس له أن ينفق إلا كراء سنة واحدة يقاصه بكراء سنة فان فضل فضل مما أنفق لم يبلغه كراء السنة أو حصة صاحبه في المساقاة لم يكن له أن يتبعه بأكثر من ذلك فأرى في مسألتك إذا خاف هلاك الزرع أو النخل فأنفق رأيت ذلك له ويبدأ بما أنفق فان فضل فضل كان في الدين بمنزلة الزرع الذي يرهنه الرجل فيخاف الهلاك فيعرض الراهن على المرتهن أن ينفق فيه فيأبى فيأخذ مالا من رجل آخر فينفقه فيه فيكون الآخر أحق بهذا الزرع حتى يستوفى حقه من المرتهن الأول فان فضل فضل كان للمرتهن الأول ( قلت ) أرأيت أن لم يخرج الزرع إلا تمام دين الآخر أين يكون دين المرتهن الأول ( قال ) يرجع الأول بجميع دينه على الراهن ( قلت ) أرأيت الثمرة أتكون رهنا مع النخل إذا كانت في النخل يوم يرتهنها أو أثمرت بعد ما ارتهنها في قول مالك ( قال ) لا تكون رهنا وان كانت في النخل يوم ارتهنها أو أثمرت بعد ما ارتهنها بلحا كانت أو غير بلح ولا ما يأتي بعد من الثمرة إلا أن يشترطه المرتهن ( قال ) وهذا قول مالك ( قلت
____________________
(14/333)
________________________________________
أرأيت لو أن رجلا رهن أرضا فيها نخل ولم يسم النخل في الرهن أيكون النخل مع الأرض في الرهن أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك في رجل أوصى لرجل بأصل نخل فقال الورثة إنما أوصى له بالنخل والأرض لنا ( قال ) مالك الأصل من الأرض والأرض من الأصل فكذلك مسألتك في الرهن إذا رهنه الأصل فالأرض مع الأصل وإذا رهنه الأرض فالنخل مع الأرض ( قال ) ومما يبين لك ذلك لو أن رجلا اشترى نخل رجل أن الأرض مع النخل ( قلت ) أرأيت أن ارتهنت أرضا فأتاني السلطان فأخذ مني خراجها أيكون لي أن أرجع على ربها بذلك ( قال ) لا إلا أن تكون حقا والا فلا ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) هذا رأيي
فيمن ارتهن أرضا فأذن للراهن أن يزرعها أو يؤاجرها وفي الرهن يرتهنه رجلان على يدى من يكون ( قلت ) أرأيت أرضا ارتهنتها فأذنت للراهن أن يزرعها فزرعها أتكون خارجة من الرهن أم لا ( قال ) نعم ( قلت ) فان زرعها ربها ولم يخرجها من يدى ( قال ) إذا زرعها ربها فليست في يديك وانما ذلك بمنزلة الدار يرتهنها ثم يسكنها ربها أو العبد يرتهنه ثم يخدم العبد ربه فهذا كله خروج من الرهن وهذا قول مالك ( قلت ) فان اكراها الراهن بأمر المرتهن ( قال ) هذا خروج من الرهن وهذا إسلام من المرتهن إلى الراهن ( قلت ) أرأيت أن ارتهنا ثوبا أنا وصاحب لي على يدى من يكون ( قال ) إذا رضيتما ورضى الراهن معكما أن يكون على يدى أحدكما فذلك جائز والذي ليس في يديه شيء حصته من ذلك في الضياع على الراهن وحصة الذي الثوب على يديه في الضياع منه وهذا رأيي ( قلت ) فان ارتهنا الثوب ولم يجعله الراهن على يدى أحدهما كيف يصنع به هذان وعند من يكون ( قال ) يجعلانه حيث شاآ وهما ضامنان له
____________________
(14/334)
________________________________________
في الرجلين يكون لهما دين مفترق دين أحدهما من سلم والآخر من قرض أو دين أحدهما دراهم والآخر شعير فأخذ بذلك رهنا ( قلت ) أرأيت أن كان لرجلين على رجل دين مفترق دين أحدهما من سلم ودين الآخر من قرض أو دين أحدهما دراهم ودين الآخر شعير فاخذا بذلك رهنا واحدا أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) هذا جائز عند مالك إلا أن يكون أحدهما أقرضه قرضا على أن يبع الرجل الآخر بيعا ويأخذا بذلك جميعا رهنا فهذا لا يجوز لأن هذا قرض جر منفعة وأما أن كان الدين قد وجب من بيع ومن قرض ولم يقع بينهما شيء من هذا الشرط فلا بأس بما ذكرت وان كانا أقرضاه جميعا معا واشترطا على أن يرهنهما فلا بأس بذلك ( قلت ) أرأيت أن قضى أحدهما دينه أيكون له أن يأخذ حصته من الرهن أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك في الرجلين يكون بينهما الدار فيرهنانها بمائة دينار فيأتى أحدهما بحصته من الدين يريد أن يفتك نصيبه من الدار ( قال ) قال مالك ذلك له فمسئلتك مثل هذا إلا أن في مسئلتك أن كتبا كتابا بذكر حق واحد وكان دينهما واحدا فليس لواحد منهما أن يقتضى حصته دون صاحبه ( قال ) وان كان دينهما مفترقا شيئين مثل أن يكون لأحدهما دنانير وللآخر قمح كان لكل واحد منهما أن يقتضى حقه ولا يدخل معه صاحبه فيما اقتضاه وكذلك لو كتبا عليه ذكر حق بأمرين مختلفين كان لكل واحد منهما أن يقتضى حقه دون صاحبه وإنما الذي لا يكون لأحدهما أن يقتضي حقه دون صاحبه أن يكتبا كتابا بينهما جميعا بشيء واحد يكون ذلك الشيء بينهما أو يكون الرهن لهما من شيء واحد وان لم يكتبا بذلك كتابا فليس لأحدهما أن يقتضي دون صاحبه مثل أن تكون دنانير كلها أو قمحا كله أو شيئا واحدا أو نوعا واحدا كله فليس لأحدهما أن يقتضى دون صاحبه
في الرجل يجنى جناية فيرهن بذلك رهنا ( قلت ) أرأيت أن جنى رجل على رجل جناية لا تحملها العاقلة فرهنه بتلك الجناية
____________________
(14/335)
________________________________________
رهنا وعليه دين يحيط بماله وهذا قبل أن تقوم عليه الغرماء فقامت عليه الغرماء ففلسوه فقالت الغرماء أن هذا الرهن الذي ارتهنته من صاحب الجناية إنما هي أموالنا وإنما دين صاحب الجناية من غير بيع ولا شراء ولا قرض فلا يكون له الرهن دوننا ونحن أولى به هل تحفظ من مالك فيه شيئا ( قال ) قال مالك في الرجل يجنى جناية لا تحملها العاقلة ثم تقوم عليه الغرماء فيه فيفلسونه أن صاحب الجناية يضرب بدينه مع الغرماء ( قال بن القاسم ) فالرهن جائز للمرتهن المجني عليه مثل هذا القول ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا رهن عبدين عند رجل فقتل أحدهما صاحبه بكم يفتك الراهن الباقي ( قال ) بجميع الدين لأن مصيبة العبد من الراهن
فيمن رهن رهنا فأقر الراهن أنه جنى جناية أو استهلك مالا وهو عند المرتهن ( قلت ) أرأيت أن رهن رجل عبدا له فأقر الراهن أن عبده هذا الرهن قد جنى جناية أو استهلك مالا وهو عند المرتهن والسيد موسر أو معسر ( قال ) أن كان معسرا لم يصدق على المرتهن وان كان موسرا قيل للسيد ادفع أو افد فان قال أنا أفديه فداه وان كان رهنا على حاله وان قال لا أفتدى وأنا أدفع العبد لم يكن له أن يدفع حتى يحل الأجل فإذاحل الأجل أدى الدين ودفع العبد بجنايته التي أقر بها وان أفلس قبل أن يحل الأجل كان المرتهن أولى به من الذين أقر لهم بالجناية ولا يشبه اقراره ها هنا البينة إذا قامت على الجناية ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) لا أقوم على حفظه ولكن قد قالمالك في جناية العبد إذا كان رهنا فقامت البينة على الجناية ما قد أخبرتك وهو رأيي
في الرجل يحبس على ولده الصغار دارا أو يتصدق عليهم بدار وهو فيها ساكن حتى مات ( قلت ) أرأيت أن حبست دارا لي على ولدى وهم صغار أو تصدقت عليهم وهم صغار في حجري بدار لي وأشهدت لهم إلا أني فيها ساكن حتى مت أيجوز ذلك
____________________
(14/336)
________________________________________
في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك في الرجل يهب لولده الصغار وهم في حجره دارا أو يتصدق بها عليهم أو يحبسها عليهم أن حوزه لهم حوز وصدقتهم وهبتهم والحبس عليهم ثابت جائز إلا أن يكون يسكن فيها كلها حتى مات فان كان ساكنا فيها كلها حتى مات فهي مورثة على فرائض الله تبارك وتعالى وان كان كانت دارا كبيرة فسكن القليل منها وجلها الأب يكريه فحوزه لهم فيما سكن وفيما لم يسكن حوز كله وتجوز الهبة والصدقة والحبس في الدار كلالها إذا كان إنما سكن الشيء الخفيف منها ( قال ) مالك وان كانت دارا يسكن جلها والذي يكرى منها القليل لم يجز للولد منها قليل ولا كثير لا ما أكرى ولا ما سكن ( قال ) والاحباس والهبة والصدقة كلها سواء ( قال ) وقال مالك وان حبس ذلك في دور مفترقة فسكن في دار منها ليست تلك الدار التي سكن جل حبسه ولا أكثره وهي في هذه الدور التي حبس خفيفة رأيت الحبس جائزا للولد فيما سكن من ذلك وفيما لم يسكن ( قال ) مالك وإذا كانت الدار التي يسكن هي جل الدور وأكبرها ( قال ) مالك فلا يجوز ها هنا من الدور للولد قليل ولا كثير لا ما سكن ولا ما لم يسكن ( قال سحنون ) الكبار غير الصغار لأنه يسكن القليل للصغار فيحوز الباقي لهم فيكون حاز الحوز وأما إذا كانوا كبارا يلون أنفسهم فقبضوا لأنفسهم وبقي يسكن من ذلك المعظم فان ذلك غير جائز ( قال بن القاسم ) وسمعت مالكا يقول في حيازة الدار إذا حبسها الرجل على ولده الصغار وسكن منها المنزل وهي ذات منازل فحاز الكبار سائر الدار أو كانوا صغارا فكانت الدار في يديه إلا أنه ساكن في منزل منها كما ذكرت لك ( قال ) مالك أن عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت حبسا جميعا داريهما وكانا يسكنان فيهما حتى ماتا منزلا منزلا منها ( قال ) مالك فنفذ حبسهما ما سكنا وما لم يسكنا ( قال ) مالك فإذا كان الشيء على ما وصفت لك إذا سكن من حبسه أقله جاز ذلك كله فإذا كان سكن أكثرها أو كلها لم يجز منها قليل ولا كثير
____________________
(14/337)
________________________________________
في الرجل يغتصب الرجل عبدا فيجنى عنده أو يرتهن عبدا فيعيره ( قلت ) أرأيت أن غصبني رجل عبدا فجنى عنده جناية ثم رده علي وفي رقبته الجناية ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن سيد العبد مخير أن أحب أن يسلمه ويأخذ قيمته من الغاصب فذلك له وان أحب أن يفتكه بدية الجناية فذلك له ولا يتبع الغاصب من ذلك بشيء مما دفعه فيه ( قال سحنون ) قال أشهب أن افتكه السيدإليه رجع على الغاصب بالأقل من قيمة العبد أو جنايته ( قال سحنون ) وقول بن القاسم أحسن وهو أحب إلي ( قلت ) أرأيت لو أني ارتهنت من رجل عبدا فأعرته رجلا بغير أمر الراهن فمات العبد عند المعار أيضمن المرتهن قيمته أم لا ( قال ) أن لم يعطب في عمل استعمله المستعير فيه فلا ضمان على واحد منهما وإذا مات من أمر الله فلا ضمان عليهما لا على المرتهن ولا على المستعير ( قلت ) لم أو ليس هذا المرتهن عاصيا حين أعار العبد بغير أمر سيده ( قال ) لا ( قلت ) تحفظه عن مالك أن المرتهن لو استودعه رجلا بغير أمر الراهن لم يضمن ( قال ) لا وهو رأيي إلا أن يكون الذي استودعه أو استعاره استعمله عملا أو بعثه مبعثا يعطب في مثله فيضمن ( قال سحنون ) إذا عطب عند المستعير ضمنه لأنه متعد كان العمل مما يعطب فيه أولا يعطب فيه
في الرجل يرهن أمته ولها زوج أيجوز أن يطأها أو بزوج أمته وقد رهنها قبل ذلك أو يرهن جارية عبده ( قلت ) أرأيت لو أني ارتهنت جارية لها زوج أيكون لي أن أمنع زوجها من الوطء في قول مالك ( قال ) قال مالك ليس له أن يمنع زوجها من الوطء ( قال ) وقال مالك أرأيت لو باعها أيكون للمشتري أن يمنع زوجها من الوطء أي ليس له أن يمنعه فكذلك المرتهن ( قال ) وقال مالك ولو أن رجلا رهن جارية عبد له لم يكن لسيدها
____________________
(14/338)
________________________________________
هذا العبد أن يطأها ( قال ) مالك وكذلك لو رهنهما جميعا عبده وأمته لم يكن للعبد أن يطأها ( قال أشهب ) أن وطىء العبد جاريته بأمر المرتهن فقد أفسد رهنه ( قلت ) أرأيت أن افتكهما السيد وتكون الجارية للعبد كما هي في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وسواء أن كان رهنها السيد وحدها ثم افتكها أو رهنها هي وسيدها العبد ثم افتكهما أهما سواء وتكون الجارية للعبد ( قال ) قال مالك أنه إذا افتكها السيد رجعت إلى العبد بحال ما كانت قبل الرهن وكذلك إذا رهنهما جميعا فافتكهما هو أبين منه حين رهنها دونه ( قلت ) أرأيت أن زوج أمته وقد رهنها قبل ذلك أيجوز هذا التزويج في قول مالك ( قال ) لا يجوز تزويجه اياها لأن التزويج عيب يلحق الجارية فليس للسيد أن يدخل في الرهن ما ينقصه إلا أن يرضى بذلك المرتهن فان رضى بذلك جاز
____________________
(14/339)
________________________________________
في الرهن بالسلف ( قلت ) أرأيت أن ارتهنت من رجل جارية قيمتها خمسمائة درهم بخمسمائة درهم أسلفته اياها ثم جاءني بعد ذلك فقال أسلفني خمسمائة أخرى فقلت لا إلا أن ترهنني جاريتك فلانة الأخرى بجميع الألف وقيمتها ألف درهم ( قال ) مالك لا خير في هذا لأن هذا قرض جر منفعة ألا ترى أنه أقرضه على أن زاده في سلفه الأول رهنا ( قلت ) وكذلك لو أن رجلا أتى إلى رجل له عليه دين فقال أنا أقرضك أيضا على أن ترهنني رهنا بجميع حقي الأول والآخر قال مالك لا خير فيه ( قلت ) أرأيت أن وقع هذا بحال ما وصفت لك فاسدا جهلوا ذلك حتى قامت الغرماء ففلسوا المستسلف أو مات وقامت الغرماء أيكون الرهن الثاني الذي صار فاسدا رهنا أولا ويكون المرتهن أولى به حتى يستوفى حقه في قول مالك أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن لا يكون رهنا إلا بالسلف الآخر ولا يكون الرهن في شيء من السلف الأول لأنه سلف اجتر به منفعة
____________________
(14/340)
________________________________________
في ارتهان الدين يكون على الرجل ( قلت ) لابن القاسم هل يجوز في قول مالك أن يرتهن الرجل الدين يكون له على رجل ويبتاع من رجل بيعا أو يستقرض منه قرضا فيقرضه ويرتهن منه الدين الذي له على ذلك الرجل ( فقال ) قال مالك نعم له أن يرتهن ذلك فيقبض ذكر الحق ويشهد ( قلت ) فان لم يكن كتب ذكر حق ( قال ) يشهد وتجزئه ( قلت ) فان كان لرجل علي دين فبعته بيعا وارتهنت منه الدين الذي له علي أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) نعم وهو أقواهما ( قال ) وقال مالك فيمن ارتهن دينا على غيره أن ذلك جائز فهذا جائز لما عليه
كتاب الغصب ( قلت ) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أني كسرت صحفة لرجل كسرا فاسدا صيرتها فلقتين أو كسرتها كسرا غير فاسد أو كسرت له عصا كسرا فاسدا أو غير فاسد أو شققت له ثوبا فأفسدت الثوب شققته نصفين أو شققته شقا قليلا ( قال ) قال مالك في رجل أفسد لرجل ثوبا قال أن كان الفساد يسيرا رأيت أن يرفوه ثم يغرم ما نقصه بعد الرفو وان كان الفساد كثيرا فانه يأخذ الثوب ويغرم قيمته يوم أفسده لرب الثوب وكذلك المتاع مثل ما قال لي مالك في الثوب فكل الذي سألت عنه هو عندي على مثل هذا المحمل ( قلت ) فان قال رب الثوب لا أسلم الثوب وقد أفسده فسادا فاحشا فقال لا أسلمه ولكني أتبعه بما أفسده من ثوبي ( قال ) هو مخير في ذلك أن أحب أن يسلمه ويأخذ قيمته فعل وان شاء احتبسه وأخذ ما نقصه وإنما فرق ما بينه إذا أفسده فسادا كثيرا وإذا أفسده فسادا يسيرا أن اليسير لا مضرة على صاحبه فيه فكذلك لم يكن له خيار ولم يلزم من فعل ذلك به وأنه حين أفسده فسادا كثيرا فصاحبه يحتج يقول أبطل علي ثوبي فكذلك يخير ( قال ) ولقد كان مالك دهره يقول لنا في الفساد يغرم ما نقصه ولا يقول يسير ولا كثير ثم وقف بعد ذلك فقال هذا القول في الفساد الكثير وهو أيضا لا مضرة فيه على الذي أفسده لأنه إنما يطرح عنه بقدر الذي بقى في يدى صاحب الثوب وهو قيمته
____________________
(14/341)
________________________________________
التي كان يغرم وليس هذا بيعا من البيوع يخير فيه إنما هذه جنايات فالمجنى عليه هو الذي يخيركما وصفت لك
فيمن اغتصب جارية فزادت عنده ثم باعها أو وهبها أو قتلها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اغتصب جارية من رجل وقيمتها ألف درهم فزادت عنده حتى صارت تساوي ألفين ثم باعها الغاصب بعد ذلك بألف وخمسمائة أو وهبها أو قتلها أو تصدق بها ففاتت الجارية ما يكون على الغاصب وهل يكون رب الجارية مخيرا في هذا في أن يضمنه قيمتها يوم غصبها أو قيمتها يوم باعها أو وهبها أو تصدق بها أو يجيز بيعه هل يكون مخيرا في هذا كله في قول مالك أم لا ( قال ) أما إذا فاتت الجارية عنده وقد زادت قيمتها فليس عليه في الزيادة عند مالك شيء ولكن عليه قيمتها يوم غصبها وأما إذا باعها فرب الجارية بالخيار أن شاء ضمنه قيمتها يوم غصبها وان شاء أجاز بيعه وأخذ الثمن وأما أن قتلها الغاصب وقد زادت عند الغاصب فليس عليه الا قيمتها يوم غصبها ألا ترى أنها لو نقصت لكان ضامنا لقيمتها يوم غصبها فكذلك إذا زادت ولا يشبه الأجنبي إذا قتلها عند الغاصب فليس على الأجنبي إلا قيمتها يوم قتلها وتكون القيمة لصاحب الجارية إلا أن تكون القيمة أقل من قيمتها يوم غصبها الغاصب فيكون على الغاصب تمام قيمتها يوم غصبها
فيمن اغتصب جارية فباعها من رجل فماتت عند المشتري فأتى سيدها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اغتصب من رجل جارية فباعها من رجل فماتت عند المشتري وأتى سيدها ما يكون له في قول مالك ( قال ) قال مالك ليس لسيدها على هذا الذي اشتراها قليل ولا كثير لأنها قد ماتت ويكون لسيدها على الذي اغتصبها قيمتها يوم غصبها أن أحب وان أراد أن يمضى البيع ويأخذ الثمن الذي باعها به الغاصب فذلك له ( قلت ) أفهل يكون له أن يضمن الغاصب قيمة الجارية يوم باعها في قول
____________________
(14/342)
________________________________________
مالك ( قال ) لا ( قلت ) ولم أجزت له أن يجيز بيع الغاصب الجارية بعد موتها وإنما يقع البيع الساعة حين يجيز سيدها البيع والجارية ميتة وبيع الموتى لا يحل ( قال ) ليس هذا بيع الموتى إنما هذا رجل أخذ ثمن سلعته ولا يلتفت في هذا إلى حياتها ولا إلى موتها إذا رضى أن يأخذ الثمن الذي بيعت به وهو قول مالك
فيمن اغتصب جارية من رجل فباعه فاشتراها رجل وهو لا يعلم بالغصب فقتلت عنده فأخذ لها أرشا ثم قدم سيدها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل جارية فباعها في سوق المسلمين فاشتراها رجل وهو لا يعلم أنها مغصوبة فقتلت عنده فأخذ لها أرشا ثم قدم سيدها فاستحقها ( قال ) سيدها مخير في قول مالك أن شاء أخذ قيمتها من الغاصب يوم غصبها وان شاء أخذ ثمنها الذي باعها به الغاصب ( قال بن القاسم ) وأنا أرى أن لسيدها أيضا أن شاء أن يأخذ من المشترى العقل الذي أخذه من الذي قتل الجارية ويرجع المشترى أن أخذ السيد منه ذلك العقل على البائع بالثمن ( قلت ) فان كان المشترى هو نفسه قتلها فأراد سيد الجارية حين استحقها أن يضمنه قيمة جاريته لأنه هو الذي قتلها ( قال ) ذلك له وما سمعته من مالك ( قلت ) فان ضمنه قيمتها لقتله اياها أترده على بائعه بالثمن ( قال ) نعم ( قال ) وإنما قلت لك أنه يضمن لأن مالكا قال فيمن ابتاع طعاما في سوق المسلمين أو ثيابا فأكل الطعام أو لبس الثياب فاستحق ذلك رجل أن المستحق يأخذ من المشترى طعاما مثله ويأخذ منه قيمة الثياب وكذلك قتله الجارية وإنما يوضع عنه موتها لأنه أمر من أمر الله تعالى يعرف والثياب والطعام كذلك أيضا لو جاءه أمر من أمر الله تعالى يعرف فهلك لم يضمن المشتري قليلا ولا كثيرا
____________________
(14/343)
________________________________________
فيمن اشترى جارية في سوق المسلمين فقطع يدها أو فقأ عينها فاستحقها رجل ( قلت ) أرأيت أن اشتريت جارية في سوق المسلمين فقطعت يدها أو فقأت عينها فاستحقها رجل أيكون له أن يأخذ الجارية ويضمنني ما نقصها في قول مالك ( قال ) قال مالك في الثوب يشتريه الرجل في سوق المسلمين فيلبسه فيتغير من لبسه ثم يستحقه رجل أنه يأخذه ويضمن المشتري ما نقصه اللبس إلا أن يشاء أن يمضى البيع فذلك له فكذلك مسألتك في هذا مثل الثوب له أن يأخذ جاريته ويضمنك ما نقصها جنايتك ( قلت ) أرأيت مشتري الثوب إذا أخذ رب الثوب الثوب وأخذ منه ما نقصه اللبس أيرجع بالثمن على البائع في قول مالك ( قال ) نعم
فيمن اشترى جارية مغصوبة ولا علم له فأصابها أمر من السماء ( قلت ) أرأيت أن اشتريت جارية مغصوبة من سوق المسلمين ولا علم لي فأصابها عندي أمر من السماء ذهاب عين أو ذهاب يد أيكون لسيدها إذا استحقها أخذها ويضمننى ما نقصها في قول مالك ( قال ) قال مالك لا ولكن له أن يأخذها أن شاء ناقصة ولا شيء له على الغاصب وان شاء أن يأخذ الثمن الذي باعها به الغاصب ويسلمها وهذا قول مالك في الثمن وان شاء أن يضمن الغاصب قيمتها يوم غصبها وهذا أيضا قول مالك ( قلت ) ولم لا تجعله يأخذ جاريته ويأخذ ما نقصها العيب الذي حدث بها عند المشتري من الغاصب ( قال ) لأن الغاصب لو لم يبعها وكانت الجارية عنده فذهبت عينها من أمر من السماء لم يكن لرب الجارية أن يأخذ جاريته ويضمن الغاصب ما نقصها عنده إلا أن يأخذها معيبة ولا شيء له أو يضمنه قيمتها يوم غصبها ( قلت ) فلم قلت إذا باعها الغاصب فحدث بها عند المشترى عيب أنه يأخذ جاريته ولا شيء له على الغاصب ولا على المشترى مما نقصها العيب ( قال ) أما المشتري فلا شيء عليه من
____________________
(14/344)
________________________________________
العيب الذي أصابها عنده من السماء لأنه اشترى في سوق المسلمين وأما الغاصب فانما امتنعت من أن أجعل عليه ما نقص الجارية العيب الذي أصابها عند المشترى لأني لو جعلت ذلك عليه لم يكن لي بد من أن أجعل الغاصب يرد الثمن على المشترى إذا أخذت منه الجارية فإذا رد الثمن وجعلت له على الغاصب أيضا قيمة العيب الذي أصابها عند المشترى فيكون الغاصب رد الجارية وأغرم قيمة العيب الذي أصابها عند المشترى وهو لا يستطيع أن يرجع بقيمة ذلك العيب على المشترى لأن المشترى لا يضمن عند مالك ما أصابها عنده من عيب من السماء إذا استحقها مستحق فلا أرى لربها إذا أصابها عند المشترى أمر من الله إلا أن يأخذها ناقصة البدن أو يضمن الغاصب قيمتها يوم غصبها أو يجيز البيع ويأخذ الثمن
فيمن غصب دابة فباعها في سوق المسلمين فقطع يدها أو فقأ عينها فاستحقها رجل ( قلت ) أرأيت لو أني اغتصبت من رجل دابة أو جارية فبعتها من رجل فأتى ربها فاستحقها وهي عند المشترى بحالها لم تحل عن حالها فأراد أن يضمنني قيمتها ( قال ) ليس ذلك له عند مالك إنما له أن يأخذها أو يجيز البيع لأنها لم تتغير عن حالها ألا ترى أنها لو كانت عند الغاصب لم تتغير عن حالها فأراد المستحق أن يضمنه قيمتها يوم غصبها لم يكن ذلك له وليس له إلا جاريته أو دابته أو ثمنها أن أجاز البيع يأخذه من الغاصب ( قال ) وقال لي مالك في الدابة إلا أن يكون استعملها فأعجفها أو أدبرها أو نقصها فله أن يأخذ من الغاصب قيمة دابته يوم غصبها ( فقلت ) له أفله أن يأخذها ويأخذ كراء ما استعملها ( قال ) لا إنما له أن يأخذها أن وجدها على حالها أو يأخذ قيمتها يوم غصبها أن كان دخلها نقص ولا شيء له من عملها ( قال ) وكذلك إذا خرجت من يده إلى غيره ببيع باعها فلم تتغير فليس لربها إذا وجدها بحالها إلا سلعته أو الثمن الذي باعها به الغاصب ولا ينظر في هذا وان حالت الأسواق وكذلك قال لي مالك في المسألة الأولى في حوالة الأسواق في الغصب أنه لا يلتفت إلى ذلك
____________________
(14/345)
________________________________________
فيمن اغتصب جارية فأصابها عيب مفسد ثم جاء ربها أو ولدت عنده فأتى ربها ( قلت ) أرأيت أن غصبنى رجل جارية أو عبدا فأصابها عنده عيب قليل غير مفسد فاستحقها ربها فأردت أن أضمنه قيمتها يوم غصبها وقال الغاصب ليس ذلك لك إنما لك أن تأخذ جاريتك وأضمن لك ما نقصها العيب لأن العيب غير مفسد ما القول في هذا في قول مالك ( قال ) قال لي مالك ليس له إلا جاريته إلا أن تنقص في بدنها ولم يقل لي نقصان قليل ولا كثير وذلك عندي سواء أن نقصت قليلا أو كثيرا أن أحب أن يأخذها معيبة على حالها وان أحب أن يضمنه قيمتها يوم غصبها فذلك له ( قلت ) أرأيت أن غصبني رجل جارية فولدت عنده أولادا فمات الأولاد عنده أيضمنهم لي في قول مالك ( قال ) قال لي مالك لا ضمان عليه فيمن مات منهم ( قلت ) أرأيت أن قتلهم أيضمنهم ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قطع يد عبدي أو يد أمتي أو فقأ أعينهما أو قطع أيديهما أو قطع أرجلهما جميعا أو قطع يدا أو رجلا ما يكون عليه في قول مالك ( قال ) يضمن الجاني على العبد قيمة العبد كلها إذا كانت جنايته عليه قد أفسدته بمنزلة ما أفسد من العروض ونحن نقول أنه إذا كان فسادا لا منفعة في العبد حتى يضمنه من تعدى عليه عتق عليه وكان بمنزلة من مثل بعبده وهو رأيي ورأى من أرضى من أهل العلم ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قطع يد دابتي أو رجلها أو فقأ عينها أو قطع أذنيها أو ذنبها ( قال ) الدابة بمنزلة الثوب إذا كان الذي أصابها عيبا مفسدا أفسد الدابة حتى لا يكون فيها كبير منفعة أخذها الجاني عليها وغرم جميع قيمتها لربها بحال ما وصفت لك في الثوب وان كان عيبا يسيرا غرم ما نقصها مثل ما قلت لك في الثوب وهذا قول مالك ( قلت ) والغنم والبقر والابل إذا أصابها رجل بعيب ( قال ) هذا كله مثل الثوب وهذا قول مالك
____________________
(14/346)
________________________________________
فيمن اغتصب جارية صغيرة فكبرت ثم ماتت أو غصبها صغيرة فهرمت أو اختلفت أسوافها ( قلت ) أرأيت أن اغتصب رجل جارية صغيرة فكبرت عنده حتى نهدت فماتت وقيمتها يوم اغتصبها مائة دينار وقيمتها اليوم حين ماتت ألف دينار ( قال ) لا أرى أن يضمن إلا قيمتها يوم غصبها ولا يضمن الزيادة ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) ما أحفظه الساعة عن مالك ( قلت ) أرأيت أن غصبني رجل جارية شابة فكبرت عنده حتى صارت عجوزا ثم أقمت عليه البينة فأردت أن أضمنه قيمتها يوم غصبها مني وقال الغاصب هذه جاريتك خذها ( قال ) الهرم فوت ولك القيمة عند مالك لأنه لو غصبها فأصابها عند الغاصب عيب مفسد كان لربها أن يضمنه جميع قيمتها يوم غصبها عند مالك وكذلك الهرم فهو بمنزلة العيب المفسد وكذلك قال مالك في الهرم أنه في البيوع فوت وكذلك هو في الغصب عندي
فيمن أقام شاهدا واحدا على أن فلانا غصبه جاريته وأقام شاهدا آخر أنه أقر أنه غصبها ( قلت ) أرأيت أن أقمت شاهدا واحدا على أن هذا الرجل غصبنى هذه الجارية وأقمت رجلا آخر أنه أقر أنه غصبنيها ( قال ) هذه الشهادة جائزة ( قلت ) وكذلك لو أني أقمت شاهدا واحدا على أنه غصبنيها وأقمت آخر على أنها جاريتي ( قال ) لا أراهما شهادة واحدة فان كان دخل الجارية نقص حلف مع الذي شهد له أنه غصبها وأخذ قيمتها أن شاء وقد كان قال أرى أن شهادتهما جائزة ( قال ) ولقد سئل مالك عن رجل أقام شاهدا واحدا علي أرض أنها له وأقام آخر أنها حيزه ( قال ) قال مالك أراها له لأن حيزه تركته وأراهما قد اجتمعا على الشهادة ( قلت ) لابن القاسم ما معنى حيزه ( قال ) كقولك هو حيز فلان وهذا حيز فلان
____________________
(14/347)
________________________________________
فيمن اغتصب من رجل جارية فباعها فضاع الثمن عنده فأجاز البيع أيكون على الغاضب شيء أم لا ( قلت ) أرأيت أن غصبنى رجل جارية فباعها فضاع الثمن عنده فأجزت البيع أيكون على الغاصب شيء من الثمن أم لا في قول مالك ( قال ) نعم عليه الثمن لأن مالكا قال أن أراد أن يجيز البيع فذلك له ويأخذ الثمن من الغاصب ( قلت ) أو لا تراه إذا أجاز البيع قد جعل الغاصب مؤتمنا في الثمن ( قال ) لا لأن الغاصب لم يزل ضامنا للجارية حين غصبها أو للثمن حين باعها أن أراد رب الجارية أن يجيز البيع فلا يبرئه من ضمانه الذي لزمه الا الأداء
فيمن غصب جارية رجل فباعها فولدت عند المشترى فأتى ربها فأجاز البيع ( قلت ) أرأيت أن غصب جارية من رجل فباعها فولدت عند المشترى فأتى ربها فأجاز البيع أيجوز ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) ذلك جائز لأن مالكا قال إذا باعها الغاصب فان أراد بها أن يجيز البيع كان ذلك له ولست ألتفت إلى ولادتها عند المشترى ألا ترى أنها لو ماتت هي نفسها فأجاز سيدها البيع أخذ الثمن وكان ذلك جائزا ولست ألتفت إلى نقصان الجارية ولا إلى زيادتها إذا أجاز البيع لأنه إنما يجيز اليوم أمرا قد كان قبل اليوم فإذا أجاز اليوم فالجارية لم تزل للمشترى من يوم اشتراها فنماؤها له ونقصانها على المشترى وله من يوم اشتراها إذا أجاز رب الجارية البيع
فيمن غصب جارية بعينها بياض فباعها الغاصب ثم ذهب البياض ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا غصبنى جارية وبعينها بياض فباعها الغاصب ثم ذهب البياض عند المشتري فجاء ربها فأجاز البيع ثم علم بعد ذلك أن البياض قد ذهب من عينها وقال إنما أجزت البيع ولم أعلم بذهاب البياض من عينها وأنا الآن لا أجيز ( قال ) لا يلتفت إلى قوله والبيع جائز ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) قال مالك في
____________________
(14/348)
________________________________________
رجل اكترى من رجل دابة فتعدى عليها فضلت منه في تعديه فضمنه رب الدابة قيمتها ثم أصابها بعد ذلك المتعدى فأراد ربها أخذها ( قال ) قال مالك لا شيء له فيها وهي للمتعدى لأنه قد ضمن قيمتها ( قال ) قال مالك ولو شاء صبر ولو لم يعجل حتى ينظر أيجدها أم لا ( قلت ) فمسألتي لا تشبه هذا ( قال ) أجل ولكن لو شاء رب الجارية استثبت قبل أن يجيز البيع ( قلت ) أرأيت أن اشتراها رجل من الغاصب فأعتقها ثم جاء ربها فأجاز البيع أتكون حرة بالعتق الذي أعتقها المشترى قبل أن يجيز ربها البيع في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فمتى جاز البيع أقبل العتق أم بعد العتق ( قال ) لم يزل البيع جائزا فان أراد رد البيع ربها فهو مردود وان أجازه فلم يزل جائزا لأن العتق إنما وقع يوم وقع البيع فصار بيعا جائزا إلا أن يرده المستحق فلذلك جاز العتق وصار نماؤه ونقصانه من المشتري ( قلت ) أرأيت أن أعتقها المشترى ثم ثم أتى سيدها فاستحقها أيكون له أن يأخذ جاريته ويردها في الرق في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فان كانت قد نقصت أو زادت فهو سواء وله أن يأخذها ويبطل العتق في قول مالك ( قال ) نعم كذلك قال مالك
فيمن باع الجارية فأقر أنه اغتصبها من فلان أيصدق على المشترى ( قلت ) أرأيت أن بعت جارية ثم أني أقررت أني قد كنت اغتصبتها من فلان أأصدق على المشترى أم لا في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن لا يصدق عليه وأراه ضامنا لقيمتها للمغصوب منه يوم غصبها إلا أن يشاء المغصوب أن يأخذ الثمن الذي باعها به فذلك له ( قلت ) أرأيت أن اغتصبت جارية من رجل فبعتها من رجل ثم لقيت الذي اغتصبتها منه فاشتريتها منه ثم أردت أن آخذها من المشترى الذي اشتراها منى ( قال ) لا أرى لك ذلك وأرى بيعك فيها جائزا وان كان البيع قبل اشترائك اياها لأنك إنما تحللت صنيعك في الجارية من الذي اغتصبتها منه فكأنه أخذ منك قيمة الجارية حين اشتريتها منه ولست أنت في هذا كغيرك وأرى البيع الذي كان فيما بينك وبين مشتري الجارية منك جائزا ليس لك أن تنقضه وليس لأحد أن
____________________
(14/349)
________________________________________
ينقض بيعك إلا المغصوب منه الجارية أو مشتريها منك أن أراد أن يردها عليك إذا علم أنها غصب وكان المغصوب منه غائبا لأن رب الجارية أن أحب أخذ جاريته فذلك له ويكون هذا نقضا للبيع الذي باعها به الغاصب ولأن المشتري إذا كان رب الجارية بعيدا فقال أنا أردها ولا أضمنها فيكون ربها علي بالخيار إذا جاء فيكون ذلك له وهو رأيي وان وجدها ربها عند رجل فباعها من رجل قد رآها وعرف شأنها أيضا من غير الغاصب ومن غير الذي اشتراها من الغاصب فهو أيضا نقض لبيع الغاصب لأن الذي اشتراها من ربها له أن يأخذها من الذي اشتراها من الغاصب ( قلت ) فان علم المشتري أن الجارية مغصوبة وأتى ربها فقال قد أجزت البيع وقال المشترى لا أقبل الجارية لأنها غصب ( قال ) يلزمه البيع ( قال ) ولقد سئل مالك عن الرجل يفتات على الرجل فيبيع سلعته وهو غائب فيعلم بذلك المشترى فيريد ردها ويقول بائعها أنا أستأنى رأي صاحبها فيها ( قال ) مالك ليس ذلك له وله أن يردها قال فان كان المغصوب منه غائبا كان بحال من افتيت عليه وان كان حاضرا فأجاز البيع فليس للمشترى أن يأبى ذلك إذا جاءه رب السلعة وإنما كان له أن يرد إذا كان رب السلعة غائبا لأنه يقول لا أوقف جارية في يدى أنفق عليها وصاحبها علي بالخيار فيها وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت أن أقمت البينة على رجل أنه غصبنى جارية والجارية مستهلكة ولا يعرف الشهود ما قيمتها أيقال لهم صفوها فيدعى لصفتها المقومون ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن قالوا نشهد أنه غصب منه جارية ولا يدرى الجارية أهي للمغصوبة منه أم لا ( قال ) إذا شهدوا أنه غصبها منه فهي عندنا له وقال أرأيت لو أن قوما شهدوا على رجل أنه نزع هذا الثوب من هذا الرجل غصبه اياه الساعة وقالوا لا ندري الثوب للمغصوب منه أم لا أما كنت ترده عليه فالأمة بهذه المنزلة
فيمن غصب جارية فادعى أنه قد استهلكها أو قال هلكت فاختلفا في صفتها ( قلت ) أرأيت أن غصبنى رجل جارية فادعى أنه قد استهلكها أو قال هلكت
____________________
(14/350)
________________________________________
الجارية فاختلفنا في صفتها أنا والغاصب ( قال ) القول قول المغصوب منه الجارية في الصفة مع يمينه ( قلت ) فان ضمنه قيمتها ثم ظهرت الجارية عند الغاصب بعد ذلك أيكون للمغصوب منه أن يأخذها ويرد القيمة ( قال ) أن علم أن الغاصب قد أخفاها عن المغصوب منه فله أن يأخذ جاريته وان لم يعلم ذلك فليس له أن يأخذها إلا أن يكون الغاصب حلف على صفتها وغرم قيمة تلك الصفة فظهرت الجارية بعد ذلك مخالفة لتلك الصفة خلافا بينا فيكون للمغصوبة منه الجارية أن يرد ما أخذ ويأخذ جاريته وان شاء تركها وحبس ما أخذ من القيمة ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي ( وقال ) أيضا أرى أن يأخذ من الغاصب تمام القيمة لأنه إنما جحده بعض قيمتها فلذلك رجع عليه بالذي جحده ( قال ) ولقد سئل عن رجل انتهب من رجل صرة دنانير وناس ينظرون إليه فادعى الذي انتهب منه أن فيها كذا وكذا وقال الذي انتهبها إنما فيها كذا وكذا أقل من العدد الذي ادعى المنهوب منه ( قال ) مالك القول قول المنتهب مع يمينه فكذلك هذا
فيمن أقام بينة على رجل أنه غصبه جارية وقد ولدت من الغاصب أو من غيره ( قلت ) أرأيت أن أقمت البينة على رجل أنه غصبنى هذه الجارية وقد ولدت من الغاصب أولادا أو من غير الغاصب أيقضى بها وبولدها للذي استحقها في قول مالك ( قال ) نعم ويقام على الغاصب الحد إذا أقر بوطئها ولا يثبت نسب ولدها منه وأما ولدها من غيره فان كان بتزويج أو شراء فانه يثبت نسبه من الذي تزوجها أو اشتراها ويكون الولد في التزويج رقيقا لسيد الجارية ويكون في الشراء على أبيهم قيمتهم يوم يحكم فيهم إلا أن يكون الذي تزوجها تزوجها على أنها حرة فيكون عليه قيمتهم بمنزلة التي تقر من نفسها بأنها حرة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى جارية في سوق المسلمين فأعتقها أو ولدت منه أولادا فأتاه رجل فأقام البينة أنها له سرقت منه أو غصبت منه أو أقام البينة أنها له ولم يشهدوا على سرقة ولا غصب أيأخذ الجارية في قول مالك
____________________
(14/351)
________________________________________
أم لا ( قال ) أما في العتق فله أن يأخذها عند مالك ويردها رقيقا وأما إذا ولدت من المشترى فقد اختلف قول مالك فيها وأحب قوليه إلى أن يأخذها ويأخذ قيمة ولدها ( قلت ) أرأيت أن ماتت بعد ما ولدت من المشترى قبل أن يأتي سيدها فأتى سيدها فاستحقها وهي ميتة أيضمن المشترى قيمتها أم لا ( قال ) لا يضمن قيمتها إلا أن يدركها حية فيأخذها ويأخذ قيمة ما أدرك من ولدها حيا ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت إذا قضيت على المشترى بقيمة الولد أيقضى له على بائعه بتلك القيمة أم لا ( قال ) لا أقضي عليه بقيمة الولد ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا وما سمعت مالكا يذكر أنه يقضي على البائع بقيمة الولد
فيمن غصب من رجل أمة وقيمتها ألف درهم فزادت قيمتها فباعها الغاصب بألف وخمسمائة فذهب بها ( قلت ) أرأيت أن اغتصب رجل من رجل أمة وقيمتها يوم اغتصبها منه ألف درهم فزادت قيمتها حتى صارت تساوي ألفين فباعها الغاصب بألف وخمسمائة فذهب بها المشترى فلم يعلم بموضعها أيكون لربها أن يضمن الغاصب أي القيمتين شاء وان شاء أجاز البيع وأخذ الثمن في قول مالك ( قال ) ليس له إلا قيمتها يوم غصبها أو الثمن ( قال ) وقال مالك في رجل غصب من رجل ثوبا فباعه فاشتراه رجل في سوق المسلمين فلبسه المشترى حتى أبلاه ثم جاء ربه فاستحقه فانه أن شاء ضمن المشترى قيمة الثوب يوم لبسه وان شاء ضمن الغاصب قيمة الثوب يوم غصبه اياه لأن الثوب قد تلف وان شاء أجاز البيع وأخذ الثمن فالغاصب لا يشبه من اشترى لأن الغاصب لو أصابه عنده أمر من أمر الله لكان ضامنا والمشترى أن أصابه عنده أمر من أمر الله لم يكن له ضامنا فليس على الغاصب أكثر من قيمته يوم غصبه أو ثمنه
ولو كان يكون عليه أكثر من قيمتها يوم غصبها لكان عليه قيمتها يوم ماتت إذا كانت أكثر من قيمتها يوم غصبها فليس عليه إذا ماتت في يديه أو فاتت إلا قيمتها يوم غصبها أو ثمنها أن كان أخذ لها ثمنا
____________________
(14/352)
________________________________________
فيمن اغتصب من رجل طعاما أو اداما فاستهلكه ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اغتصب من رجل طعاما أو اداما فاستهلكه ماذا عليه في قول مالك ( قال ) عليه مثله في موضعه الذي أخذه منه فيه ( قال ) مالك وان لقيه في غير الموضع الذي غصبه فيه فليس له أن يأخذ منه في الموضع الذي لقيه فيه شيئا ( قلت ) ولا يكون له أن يأخذ منه في الموضع الذي لقيه فيه قيمة الطعام أو الادام الذي استهلكه له أو يأخذ منه قيمته في بلاده حيث غصبه ( قال ) لا إنما له قبله طعام أو ادام في الموضع الذي غصبه فيه منه وليس له قبله قيمة عند مالك
فيمن استهلك ثيابا أو حيوانا أو عروضا مما لا يكال ولا يوزن ( قلت ) أرأيت أن استهلك له ثيابا أو حيوانا أو عروضا مما لا يكال ولا يوزن ( قال ) عليه قيمته عند مالك ( قلت ) فان لقيه بغير البلد الذي اغتصبه فيه ( قال ) عليه قيمته يوم اغتصبه قيمته في البلاد التي اغتصبه فيها ويأخذه بالقيمة حيثما وجده ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) إنما تجعل عليه قيمته يوم اعتصبه ولا يلتفت إلى قيمته أن كانت قد زادت بعد ذلك أو نقصت ( قال ) قال مالك من اغتصب حيوانا فانما عليه قيمته يوم اغتصبه ولست ألفت إلى نقصان قيمة الحيوان أو زيادته بعد ذلك
فيمن استهلك لرجل سمنا أو عسلا ( قلت ) أرأيت أن استهلكت لرجل سمنا أو عسلا في بعض المواضع فلم أجد له في الموضع الذي استهلكته فيه سمنا ولا عسلا أيكون علي قيمته أم لا ( قال ) ليس عليك إلا مثله تأتي به ذلك لك لازم إلا أن تصطلحا على شيء لأن مالكا قال لي إنما عليه مثل ما استهلك في الموضع الذي استهلكه فيه
____________________
(14/353)
________________________________________
فيمن غصب جارية فأصابها عنده عور أو عمى ثم استحقها ربها فأراد أخذ الجارية ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل جارية فأصابها عنده عور أو عمى أو ذهاب يد من السماء ثم استحقها ربها فأراد سيدها أن يأخذ الجارية ويأخذ من الغاصب ما نقصها العيب ( قال ) ليس ذلك له إنما له أن يأخذها بعينها ولا شيء له أو يأخذ قيمتها من الغاصب يوم اغتصبها ويسلم الجارية ( قلت ) لم ( قال ) لأن الغاصب كان ضامنا لها يوم غصبها فما أصابها بعد ذلك من أمر من السماء فليس الغاصب بضامن لذلك وإنما هو ضامن للقيمة التي كان لها ضامنا بالغصب لأن الذي أصابها ليس من فعله وإنما يضمن قيمتها أن لو ماتت فأما إذا أصابها عيب من ذهاب عين أو يد أو رجل أو ما أشبه هذا من العيوب فانه يقال لربها خذ قيمتها يوم غصبها أو خذ جاريتك ولا شيء لك غير ذلك ( قلت ) فان قال الغاصب لا أغرم جميع قيمتها وهذه الجارية فخذها مني وخذ مني ما نقصها العيب عندي أيكون ذلك له أم لا ( قال ) لا لأنه قد ضمن قيمتها يوم غصبها إلا أن يردها صحيحة بحال ما أخذها ( قلت ) فان كانت صحيحة يوم يستحقها سيدها إلا أن الأسواق قد حالت والجارية لم تتغير بزيادة بدن ولا نقصان بدن أيضمن قيمتها إذا جاء ربها ( قال ) لا ولا يلتفت في هذا إلى حوالة الأسواق ويقال لرب الجارية خذ جاريتك ولا شيء لك غيرها وهذا كله قول مالك ( قلت ) أرأيت أن كان الغاصب هو الذي قطع يدها أيكون لربها أن يضمنه ما نقصها القطع ويأخذ جاريته في قول مالك ( قال ) نعم لأن قطعة يدها جناية منه وان أحب أخذ قيمتها يوم غصبها ( قلت ) أرأيت أن قطع يدها أجنبي من الناس فهرب فلم يقدر عليه فأتى ربها فاستحقها أيكون له أن يأخذ جاريته ويضمن الغاصب ما نقصها ( قال ) لا ليس له إلا أن يأخذ جاريته ويتبع الجاني أن أحب أو يأخذ قيمتها يوم غصبها من الغاصب ويتبع الغاصب الجاني بما جنى عليها
____________________
(14/354)
________________________________________
فيمن اغتصب رجلا نخلا أو شجرا أو ابلا أو غنما فأثمرت النخل وتوالدت الغنم ( قلت ) أرأيت أن اغتصبت من رجل نخلا أو شجرا أو غنما أو ابلا فأثمرت النخل وتوالدت الغنم عندي أو الابل فجززت أصوافها وشربت ألبانها وأكلت سمونها وجبنها ثم قام ربها فاستحقها أله أن يضمنني ما أكلت من ذلك ويأخذها مني بأعيانها في قول مالك ( قال ) نعم إلا ما كان من ذلك يؤكل أو يوزن فعليه مثل كيله أو وزنه ( قلت ) فان كانت قد ماتت أله أن يضمنني قيمتها وقيمة ما أكلت منها في قول مالك ( قال ) لا لأنه بلغني عن مالك أنه قال لو أن رجلا اغتصب رجلا جارية أو دابة فولدت عنده أولادا ثم هلكت الأم فأراد ربها أن يأخذ ولدها وقيمة الأم منه لم يكن ذلك له وإنما له قيمة الأم ويسلم الأولاد أو يأخذ الأولاد ولا قيمة له في الأمهات فكذلك ما باع أو أكل إذا ماتت أمهاتها فانما له قيمة أمهاتها أو الثمن الذي باع به أو قيمة ما أكل بمنزلة ما لو وجد أولادها وقد هلكت أمهاتها فما أكل أو باع فهو بمنزلة الأولاد إذا وجدهم وهو رأيي الذي آخذ به ألا ترى لو أن الغاصب باعها من رجل فولدت عنده ثم هلكت أمهاتها فأتى ربها لم يكن له أن يأخذ أولادها وقيمة الأم من المغتصب وإنما له أن يأخذ أولادها ويتبع المشترى الغاصب بالثمن أو يأخذ الثمن من الغاصب أو قيمتها يوم غصبها ويترك الولد في يد المشترى ولا يجتمع على المغتصب قيمتها ويتبع بالثمن فالمغتصب في موت أمهاتها ومن ماتت عنده ممن اشتراها من المغتصب بمنزلة سواء إذا ماتت أمهاتها وهو الذي سمعت وبلغني من قول مالك ممن أثق به ( قلت ) وهذه النخل وهذه الشجر وهذه الحيوان التي اغتصبت وأكلت ثمرته أن كنت قد سقيته وعالجته وعملت فيه ورعيت الغنم وأنفقت عليها في رعايتها ومصلحتها أيكون ما أنفقت في ذلك لي ( قال ) لا شيء لك فيما أنفقت على النخل ولا في رعاية الغنم ولكن يكون ذلك لك فيما عليك من قيمة الغنم إلا أن يكون ما أنفقت أكثر مما اغتللت ألا ترى لو أن رجلا سرق دابة فحلبها أشهرا
____________________
(14/355)
________________________________________
وأنفق عليها ثم أتى ربها فاستحقها أنه لا شيء له فيما علف وسقى وكذلك الغاصب ( قلت ) تحفظ عن مالك ( قال ) لا ولكن هذا رأيي
في الدور والعبيد إذا غصبها رجل زمانا والارضين فاستحق ذلك ( قلت ) أرأيت الدور والعبيد إذا غصبهم رجل زمانا والارضين فأكرى ذلك كله أو زرع أو سكن أو لم يسكن ولم يكر ولم يزرع الأرض فأتى رجل فاستحق أنه غصبها منه منذ كذا وكذا سنة أيكون له على الغاصب كراء هذه الدور وهذه الارضين وهؤلاء العبيد هذه السنين في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك في الرجل يغتصب الرجل الدابة فتقيم عنده أشهرا فيستعملها أنه لا كراء عليه فيها فكذلك العبيد عندي بمنزلة الحيوان ( قال سحنون ) وقد روى علي بن زياد عن مالك أنه يرجع بالغلة وقاله أشهب ( قال بن القاسم ) وأما الدور والارضون فان كان زرعها أو سكنها فان عليه كراءها وان لم يسكن ولا اكرى ولا زرع فلا شيء عليه من الكراء وهو قول من أرضى من أهل العلم وان كان أكراها غرم ما أخذ من الكراء بمنزلة ما لو سكن أو زرع ( قلت ) أرأيت العبد إذا كان استخدمه أيكون عليه كراؤه في قول مالك ( قال ) لا كراء عليه ( قلت ) أرأيت العاقلة هل تحمل دية العبد إذا قتله رجل عمدا كان أو خطأ ( قال ) قال مالك لا تحمل العاقلة دم العبد خطأ كان أو عمدا عند مالك
فيمن اغتصب دارا فلم يسكنها وانهدمت من غير سكنى ( قلت ) أرأيت أن اغتصبت دارا فلم أسكنها فانهدمت من غير سكناى أأضمن قيمتها في قول مالك أم لا ( قال ) نعم تضمن قيمتها لأن مالكا قال فيمن غصب دابة أو غلاما فمات عنده بعد يوم أو يومين فهو ضامن لقيمته فكذلك الدار ( قلت ) أفيكون علي كراء الدار للسنين التي اغتصبتها في قول مالك ( قال ) لا ( قال ) وسألت مالكا عن السارق يسرق الدابة فيستعملها فيريد ربها أن يأخذها منه ويأخذ كراء
____________________
(14/356)
________________________________________
ما استعملها فيه ( قال ) مالك لا أرى ذلك له ولا أرى له إلا دابته إذا كانت على حالها فان كان قد أعجفها وأنقصها فربها مخير أن أحب أن يأخذ قيمتها فذلك له وان أحب أن يأخذها معيبة فذلك له ( قال ) فقلت له فان كانت أسواقها قد اختلفت وهي على حالها فأراد أن يضمنه قيمتها يوم سرقها ( قال ) ليس له ذلك إذا وجدها على حالها فليس له إلا دابته
فيمن استعار دابة أو اكتراها فتعدى عليها ( قلت ) أرأيت أن استعارها منى إلى موضع من المواضع فتعدى عليها أيكون لي كراء ما تعدى إليه في قول مالك وآخذ دابتي منه ( قال ) قال مالك نعم أن كان تعديه ذلك تعديا بعيدا كان رب الدابة بالخيار في قيمة الدابة يوم تعدى عليها وفي كراء ما تعدى فيه ويأخذ دابته ( قلت ) فان ردها بحالها أو أحسن حالا ( قال ) قال مالك وان ردها بحالها أو أحسن حالا فذلك له لأنه قد حبسها عن أسواقها ومنافعها ( قلت ) وكذلك الكراء إذا تعدى فيه في قول مالك ( قال ) الكراء والعارية إذا تعدى فيهما فهما سواء القول فيهما واحد عند مالك ( قال ) فقلت لمالك إذا كان تعديه في الكراء مثل الأميال أو البريد وما أشبهه ثم أتى بها وهي على حالها فأراد ربها أن يلزمه قيمتها ( قال ) لا أرى ذلك له إلا أن تعطب فيه وليس له إلا كراء ما تعدى عليها إذا أتى بها على حالها ( قلت ) فان أصابها في ذلك البريد الذي تعدى فيه عيب أيكون لرب الدابة أن يضمنه قيمة الدابة ( قال ) نعم إذا كان عيبا مفسدا وان كان العيب اليسير فأرى ذلك مثل من تعدى على بهيمة رجل فضربها وان كان عيبا يسيرافعليه ما نقص من ثمنها وان كان عيبا مفسدا لزمه جميع قيمتها وأخذها لأن مالكا لم ير البريد وما أشبهه تعديا يضمن بتعديه بذلك قيمتها إذا ردها على حالها وانما ضمنه إذا عطبت في ذلك التعدي فهو في هذا البريد إذا تعدى فاصابها فيه عيب بمنزلة رجل تعدى على دابة رجل فنقرها أو ضربها لأنه حين تعدى هذا البريد لم يضمن قيمتها بالتعدي ساعة تعدى وانما يضمن ما حدث فيها من عيب
____________________
(14/357)
________________________________________
( قلت ) فما الفرق ما بين الغاصب والسارق يسرق الدابة فيستعملها ويريد ربها أن يأخذها منه ويأخذ كراء ما استعملها فيه ( قال ) مالك لا أرى ذلك وليس له إلا دابته إذا كانت على حالها فإذا كان أعجفها أو نقصها فربها مخير أن أحب أن يأخذ قيمتها فذلك له وان أحب أن يأخذها نغيبلا فذلك له ( قال ) فقلت له فما الفرق بين الغاصب والسارق وبين المستعير والمتكارى ( قلت ) في المستعير والمتكارى أنه إذا رد الدابة وقد تعدى عليها فأصابها العيب أن رب الدابة مخير في أن يأخذ الدابة بعينها ويأخذ كراءها وفي أن يضمن المتكارى أو المستعير قيمتها يوم تعدى عليها وان ردها صحيحة وكان تعديه ذلك ليس ببريد وما أشبهه ولكن أكثر من ذلك فله أن يضمنه أن شاء قيمتها يوم تعدى وان شاء أخذ دابته وأخذ كراءها ( وقلت ) في السارق والغاصب لا يضمن الكراء إنما لرب الدابة أن يأخذ دابته إذا وجدها بعينها وليس له غير ذلك إذا كانت بحالها يوم غصبت أو يوم سرقت وان كانت أسواقها قد حالت فليس له إلا دابته معينة أو قيمتها يوم غصبها أو سرقها ولا كراء له وليس على الغاصب ولا على السارق في واحد من الوجهين كراء ( قال بن القاسم ) لأن مالكا قال في المتكارى إذا حبسها عن أجلها الذي تكاراها إليه جاز عليه كراء ما حبسها فيه وان كان لم يركبها وهي على حالها قائمة على مداودها وان حبسها عن أسواقها فلربها أن يضمنه قيمتها يوم حبسها ( قال ) وقال مالك في السارق إذا سرقها فحبسها عن أسواقها ومنافعها فوجدها صاحبها على حالها لم يكن له على سارقها قيمة ولا كراء ولم يكن له إلا دابته بعينها فهذا فرق ما بينهما عند مالك والمغتصب بمنزلة السارق والمستعير بمنزله المتكارى ولولا ما قال مالك لجعلت على السارق مثل ما أجعل على المتكارى من كراء ركوبه اياها وأضمنه قيمتها إذا حبسها عن أسواقها ولكني أخبرتك بقول مالك فيها وهو الذي آخذ به ولقد قال جل الناس أن السارق والمستعير والمتكارى والغاصب بمنزلة واحدة ولا كراء عليهم وليس عليهم إلا القيمة أو يأخذ دابته فكيف يجعل على المغتصب والسارق
____________________
(14/358)
________________________________________
كراء ( قلت ) أرأيت الأرض والدور أليس قد قال مالك في الدار إذا اغتصبها رجل فزرعها أن عليه كراءها ويردها ( قال ) نعم ( قلت ) والدور عند مالك بتلك المنزلة ( قال ) نعم إذا سكنها الذي اغتصبها فعليه كراء ما سكن ( قلت ) فالدابة إذا سرقها فركبها لم قلت لا كراء عليه فيها في قول مالك فما فرق ما بين الدابة وبين الدور والارضين ( قال ) كذلك سمعت من مالك لأن الدابة لو أن رجلا سرقها فحبسها حينا فأنفق عليها وكبرت الدابة والجارية والغلام بهذه المنزلة فاستحقهم صاحبهم أنه يأخذهم بزيادتهم ولا نفقة لمن أنفق عليهم في طعامهم ولا كسوتهم ولا علوفة الدواب وان الدور لو أحدث فيها عملا والأرض ثم جاء صاحبها فاستحقها أخذ الغاصب ما كان له فيها ولهذه الأشياء وجوه تنصرف إليها
فيمن سرق دابة من رجل فأكراها ( قلت ) أرأيت أن سرق رجل دابة من رجل فأكراها فاستحقها ربها بعد ما ركبها المتكارى وأخذ السارق الكراء أيكون لرب الدابة أن يأخذ دابته ويأخذ كراءها في قول مالك وكيف أن كان السارق حابى في الكراء أيضمن ما حابى فيه أم لا ( قال ) سألنا مالكا عن السارق يسرق الدابة فيجدها صاحبها عنده وقد نقصها واستعملها فما ترى له فيها ( قال ) أرى له قيمتها يوم سرقها ( قال ) فقلت لمالك فان أراد أن يأخذها وكراء ما استعملها فيه ( قال ) ليس ذلك له وأرى أن يأخذ دابته ولا كراء له إذا كانت الدابة لم تتغير عن حالها وان كانت قد نقصت كان على السارق قيمتها يوم سرقها ولا كراء لصاحب الدابة فيما أكراها به السارق لأني لو جعلت لصاحبها كراء لجعلت له فيما استعملها السارق كراء لأنه كان ضامنا لها وجعلت للسارق في قيامه عليها على ربها كراء وأعطيته نفقته التي أنفق عليها ولا يشبه الحيوان الدور ولا الأرضين فيما سكن أو زرع وإنما الدور والأرضون فيما سكن أو زرع بمنزلة ما أكل الغاصب أو لبس وهذا رأيي في السارق والسارق والغاصب مخالفان للمتكارى والمستعير وقد وصفت لك ذلك
____________________
(14/359)
________________________________________
فيمن استعار دابة أو اكتراها فتعدى عليها ( قلت ) أرأيت أن اكتريت دابة رجل أو استعرتها إلى موضع من المواضع فتعديت عليها فنفقت الدابة ( قال ) قال مالك رب الدابة مخير في أن يأخذ منك قيمة دابته يوم تعديت عليها أو يأخذ منك كراء ما تعديت به عليها ولا شيء له من قيمة الدابة فإذا كان إنما أكراها منه فتعدى عليها فماتت فان رب الدابة مخير في أن يأخذ منه قيمتها يوم تعدى عليها أو الكراء من الموضع الذي ركب منه إلى الموضع الذي تعدى فيه ولا يكون عليه فيما ركبها في حال التعدى قليل ولا كثير وان أحب أن يأخذ منه كراءها إلى الموضع الأول الذي تعدى فيه وكراء ما تعدى ولا شيء له من قيمة الدابة فذلك له ( قال ) ولقد سأل رجل مالكا وأنا عنده عن رجل استعار دابة ليشيع عليها الحاج إلى ذي الحليفة فلما أتى ذا الحليفة ننحي قريبا من ذي الحليفة فنزل ثم رجع فنفقت الدابة في رجوعه ( قال ) قال مالك أن كان الموضع الذي ننحي إليه منزلا من منازل الناس التي ينزلونها من ذي الحليفة فلا شيء عليه وان كان تعدى من منازل الناس فأراه ضامنا
فيمن وهب لرجل طعاما أو ثيابا أو اداما فأتى رجل فاستحق ذلك وقد أكله ( قلت ) أرأيت أن وهبت لرجل طعاما أو ثيابا أو اداما فأتي رجل فاستحق ذلك وقد أكله الموهوب له أو لبس الثياب فأبلاها فضمنه المستحق قيمة ما أبلى أو أكرى أيكون للموهوب له أن يرجع على الواهب بشيء من ذلك لأنه غره في قول مالك ( قال ) إنما يكون للمستحق أن يرجع على الموهوب له في هذه الأشياء أبدا إذا كان الواهب عديما لا شيء له أو لا يقدر على الواهب فأما إذا كان الواهب مليا يقدر عليه فلا ضمان على الموهوب له وإنما للمستحق أن يضمن ذلك الواهب ( قلت ) فان كان الواهب عديما فضمن المستحق الموهوب له أيكون للموهوب له أن يرجع
____________________
(14/360)
________________________________________
على الواهب بذلك في قول مالك ( قال ) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولا أرى ذلك له
فيمن استعار من رجل ثوبا شهرين فلبسه شهرين فنقصه اللبس فأتى رجل فاستحقه ( قلت ) أرأيت أن استعرت من رجل ثوبا شهرين لالبسه فلبسته شهرين فنقصه لبسى فأتى رجل فاستحق الثوب والذي أعارني الثوب عديم لا شيء له أيكون للذي استحقه أن يضمننى ما نقصه لبسى الثوب ( قال ) نعم في رأيي مثل ما قال مالك في الاشتراء ( قلت ) فان ضمننى أيكون لي أن أرجع بذلك على الذي أعارني في قول مالك ( قال ) لا أرى لك أن ترجع عليه بشيء لأن الهبة معروف ولأنه لم يأخذ لهبته ثوابا فيرجع عليه بالثواب ( قال ) ولم أسمع هذا من مالك ( قلت ) أرأيت أن كنت استأجرت الثوب فلبسته فنقصه لبسي فأتى رب الثوب أيكون له أن يضمننى ( قال ) نعم مثل ما قال مالك في شراء الثوب أنه إذا لبسه وقد اشتراه فنقصه لبسه أنه ضامن لما نقص لبسه وكذلك الاجارة عندي هي مثل البيع ( قلت ) فهل يرجع على الذي آجره الثوب بما أخذ منه من الاجارة ( قال ) نعم كما يرجع في البيع بالثمن ألا ترى أنه إذا لبس الثوب وقد اشتراه فنقصه اللبس فضمن مالك المشترى ما نقص اللبس الثوب وأخذ ثوبه أنه يرجع على البائع بجميع الثمن فكذلك هذا في الاجارة وهو في البيوع في قول مالك وفي الاجارة رأيي
فيمن ادعى قبل رجل أنه غصبه ألف درهم ( قلت ) أرأيت لو أني ادعيت قبل رجل أنه غصبني ألف درهم أيكون لي أن أستحلفه في قول مالك ( قال ) قال مالك في امرأة ادعت أن فلانا استكرهها على نفسها قال مالك أن كان الرجل لا يشار إليه بشيء من هذا رأيت على المرأة الحد وان كان ممن يشار إليه بالفسق رأيت أن ينظر السلطان في ذلك فكذلك الغصب في
____________________
(14/361)
________________________________________
الأموال إذا ادعى رجل قبل رجل غصبا فان السلطان ينظر في ذلك فان كان المدعى عليه ممن لا يتهم في شيء من هذا رأيت أن يؤدب السلطان الذي ادعى ذلك وان كان ممن يتهم بذلك نظر السلطان في ذلك وأحلفه ( قلت ) أرأيت لو أن هذا الغاصب كان ممن يتهم بذلك فاستحلفه فأبى أن يحلف أيقضى عليه بالمال أم حتى يحلف المدعي ( قال ) لا يقضى عليه حتى يحلف المدعي لأن مالكا يرى أن ترد اليمين على المدعى في الحقوق إذا نكل المدعى عليه عن اليمين فكذلك هذا في مسئلتك لأن هذا من حقوق الناس
فيمن اغتصب من رجل ثوبا فادعى الغاصب والمغصوب منه خلقا وقال المغصوب منه غصبته جديدا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل ثوبا وادعي الغاصب أنه غصبه منه خلقا وقال المغصوب منه غصبتنيه جديدا ( قال ) القول قول الغاصب مع يمينه ( قلت ) فان استحلفه المغصوب منه فحلف وأخذ المغصوب منه الثوب خلقا ثم وجد بعد ذلك بينة يشهدون أنه غصبه منه جديدا أتجيز بينته بعد اليمين في قول مالك ( قال ) نعم إذا لم يكن علم ببينته يوم استحلفه لأنه بلغني عن مالك أنه قال في رجل ادعى قبل رجل حقا وله بينة يعلم بها فاستحلفه ورضى بيمينه عند السلطان أو عند غير السلطان ثم أراد أن يقيم البينة عليه بعد ذلك قال فلا شيء له لأنه قد ترك البينة ورضى بيمينه ( قال ) وسمعت مالكا يقول في رجل له على رجل دين فجحده فاستحلفه وهو لا يعلم أن له بينة فحلف المدعى قبله ثم أصاب عليه بعد ذلك بينة يشهدون له ( قال ) قال مالك تقبل بينته ويقضي له بحقه لأن هذا لم يعلم ببينته يوم استحلفه فمسألتك مثل هذا
____________________
(14/362)
________________________________________
فيمن اغتصب من رجل سويقا فلته بسمن فأتى رجل فاستحق ذلك السويق ( قلت ) أرأيت لو أني اغتصبت من رجل سويقا فلتته بسمن فأتى رجل فاستحق ذلك السويق ( قال ) تضمن له سويقا مثل ذلك السويق ( قلت ) فان غصب رجل من رجل ثوبا فصبغه أحمر أو أصفر أو أسود فأتى رجل فاستحقه ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأراه مخيرا بين أن يدفع إلى الغاصب قيمة صبغه ويأخذ ثوبه وبين أن يسلمه إلى الغاصب ويأخذ قيمته يوم غصبه ( قلت ) أرأيت أن غصبت من رجل حنطة فطحنتها دقيقا ( قال ) أحب ما فيه إلي أن يضمن له حنطة مثل حنطته
فيمن سرق من رجل دابة فنقصها ( قال بن القاسم ) سألت مالكا عن السارق الذي يسرق الدابة فيجدها صاحبها عنده وقد نقصها واستعملها فماذا ترى له ( قال ) أرى له قيمتها يوم سرقها ( قال ) فقلت فان أراد أن يأخذها وكراء ما استعملها فيه ( قال ) ليس ذلك له ( قلت ) لابن القاسم فان أكراها السارق فنقصها أيكون لربها أن يأخذها وبأخذ الكراء في قول مالك ( قال ) لا ليس له إلا أن يأخذها ولا كراء له ولا شيء أو يضمنه القيمة أن تغيرت أو نقصت
فيمن اغتصب من رجل سوار ذهب فاستهلكها ماذا عليه ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اغتصب من رجل سوار ذهب فاستهلكه ماذا عليه ( قال ) قال مالك عليه قيمته مصوغا من الفضة ( قلت ) فيصلح له إذا ضمنه قيمته أن يؤخره في قول مالك ( قال ) لا بأس به وإنما هو حكم من الاحكام وانما هو بمنزلة رجل غصب ثوبا من رجل فحكم عليه بقيمته دراهم فلا بأس أن يؤخره ( قال ) فان قال قائل ليس هو مثله لأن الثياب بالدراهم إلى أجل لا بأس بها والذهب بالورق إلى
____________________
(14/363)
________________________________________
أجل لا خير فيه فقد أخطأ لأنه حين استهلكه لم يكن عليه ذهب إنما كان عليه ورق فما كان يكون عليه في القضاء فلا بأس به أن أخره أو عجله لأنه ليس ببيع وإنما هو حكم من الاحكام
فيمن كسر لرجل سوارين من فضة ( قلت ) أرأيت أن كسرت لرجل سوارين من فضة ( قال ) أرى عليك قيمة ما أفسدت ويكون السواران لربهما وإنما عليك قيمة صياغتهما ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) لا وإنما رأيت هذا الذي قلت لك لأنه إنما أفسد له صياغته فليس عليه إلا تلك الصياغة ألا ترى لو أن رجلا كسر لصائغ سوارين من ذهب قد صاغهما لرجل بكراء كان عليه قيمة الصياغة وليس عليه غير ذلك وليس فساد الصياغة تلفا للذهب كما يكون في العروض إذا أفسدها فسادا فاحشا أخذها ويضمن قيمتها
فيمن ادعى وديعة لرجل أنها له ( قلت ) أرأيت السلعة تكون عند الرجل وديعة أو عارية أو باجارة فيغيب ربها ثم يدعيها رجل ويقيم البينة أنها له أيقضي له بها وربها غائب في قول مالك ( قال ) نعم يقضى على الغائب وهذا بعد الاستيناء والاستبراء وكذلك قال مالك إلا أن يكون ربها بموضع قريب فيتلوم له القاضي ويأمر أن يكتب إليه حتى يقدم
فيمن غصب من رجل حنطة ومن آخر شعيرا فخلطهما أو خشبة فجعلها في بنيانه ( قلت ) أرأيت أن اغتصبت من رجل حنطة ومن آخر شعيرا فخلطتهما ما علي ( قال ) عليك حنطة مثل الحنطة لصاحب الحنطة وشعير مثل الشعير لصاحب الشعير ( قلت ) أرأيت أن اغتصب رجل من رجل خشبة فجعلها في بنيانه ( قال ) بلغني أن مالكا قال يأخذها ربها ويهدم بنيانه ( قلت ) والحجر إذا أدخله في بنيانه ( قال ) هو
____________________
(14/364)
________________________________________
بمنزلة الخشبة كذلك ( قال ) مالك يأخذه ربه
فيمن غصب من رجل خشبة فعمل بها مصراعين ( قلت ) أرأيت أن اغتصب من رجل خشبة فعمل منها مصراعين ( قال ) هذا يكون لرب الخشبة قيمتها ( قال ) ولم أسمع هذا من قول مالك ( قلت ) وما فرق ما بين هذا وبين الذي أدخلها في بنيانه ( قال ) الذي أدخلها في بنيانه قد بلغني عن مالك ما أخبرتك وفرق ما بينهما أنه لم يغير الخشبة التي أدخلها في البنيان وهذا الذي عمل منها مصراعين قد غيرها وصار له ها هنا عمل فلا يذهب عمله باطلا وإنما عليه قيمتها لأنه أن ظلم فلا يظلم
فيمن اغتصب من رجل فضة فضربها دراهم أو صاغ منها حليا ( قلت ) أرأيت أن اغتصب من رجل فضة فضربها دراهم أو صنع منها حليا ( قال ) عليه فضة مثلها وما أحفظ أني سمعت من مالك فيه شيئا ( قلت ) أرأيت أن اغتصبت من رجل ترابا فجعلته ملاطا لبنياني ماذا له علي ( قال ) عليك مثله ( قلت ) أرأيت لو أني اغتصبت من رجل وديا من النخل أو شجرا صغيرا فقلعتها وغرستها في أرضي فكبرت فأتى ربها ( قال ) يأخذها ( قلت ) يأخذها بعد ما صارت كبارا ( قال ) نعم ( قلت ) فلو غصبت من رجل حنطة فزرعتها فأخرجت حنطة كثيرة ( قال ) أرى عليك قمحا مثله ( قلت ) أرأيت النخلة الصغيرة إذا غصبها فصارت نخلة كبيرة لم قلت يأخذها ربها ( قال ) ألا ترى أنه إذا غصبه دابة صغيرة فكبرت عنده أن ربها يأخذها فكذلك النخلة
في مسلم غصب مسلما خمرا فخللها أو غصب من رجل جلد ميتة غير مدبوغ فأتلفه ( قلت ) أرأيت أن غصب مسلم مسلما خمرا فخللها فأتى ربها أيكون له أن يأخذها
____________________
(14/365)
________________________________________
خلا في قول مالك ( قال ) قال مالك في مسلم كان عنده خمر قال أرى أن يهريقها فان اجترأ فلم يهرقها حتى صيرها خلافا يأكلها فأرى أنها للمغصوبة منه ( قلت ) أرأيت أن اغتصبت من رجل جلد ميتة غير مدبوغ فاتلفته أيكون علي شيء أم لا في قول مالك ( قال ) عليك قيمته ( قلت ) لم قلت عليك قيمته وقد قال مالك لا تباع جلود الميتة ( قال ) ألا ترى أن مالكا قال لا يباع كلب الزرع ولا كلب الماشية ولا كلب الصيد ولا يحل ثمنها ومن قتلها كان عليه قيمتها كذلك قال مالك في الكلاب فجلود الميتة بهذه المنزلة ( قلت ) أكان مالك يكره الصلاة في جلود الميتة وعليها وبيعها وان دبغت ( قال ) نعم ( قلت ) ولا تلبس وان دبغت ( قال ) نعم في قول مالك لا تلبس وان دبغت ( قال ) ولكن يقعد عليها إذا دبغت وتفرش وتمتهن للمنافع ولا يصلى عليها ولا تلبس قال فقلت لمالك أفيستقى بها ( قال ) أما أنا فاتقيها في خاصة نفسي وما أحب أن أضيق على الناس وغيرها أحب إلي منها ( قال ) ولا يؤكل ثمنها وان دبغت ( قلت ) فجلود السباع إذا ذكيت أيحل بيعها إذا دبغت أو قبل أن تدبغ ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال في جلود السباع إذا ذكيت أنه لا بأس بالصلاة عليها فإذا قال لا بأس بالصلاة عليها فلا بأس بلبسها ولا بأس ببيعها ( قلت ) فهل كان مالك يوقت في أثمان الكلاب في كلب الزرع فرق من طعام وفي كلب الماشيئة شاة من الضأن وفي كلب الصيد أربعون درهما ( قال ) لا لم يكن يوقت هذا ولكن كان يقول على قاتله قيمته
في الغاصب يكون محاربا ( قلت ) أرأيت الغاصب هل يكون محاربا في قول مالك ( قال ) قال مالك ليس كل غاصب يكون محاربا أرأيت السلطان إذا غصب رجلا متاعا أو دارا أيكون هذا محاربا ( قال ) لا يكون هذا محاربا في قول مالك إنما لمحارب من قطع الطريق أو دخل على رجل في حريمه فدافعه على شيئه وكابره فهذا المحارب أو لقيه في الطريق فضربه أو دفعه عن شيئه بعصى أو بسيف أو بغير ذلك فهؤلاء المحاربون في قول مالك
____________________
(14/366)
________________________________________
( قلت ) أرأيت لو أن رجلا مات وعليه دين للناس وترك دنانير ودراهم فأنى قوم فشهدوا لرجل أنه اغتصب منه هذه الدنانير وهذه الدراهم بأعيانها من هذا الرجل أيكون أحق بها من الغرماء ( قال ) أن عرفوها بأعيانها وشهدوا عليها فهو أحق بها من الغرماء في رأيي
فيمن اغتصب سلعة فاستودعها رجلا فتلفت عنده فأتى ربها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل سلعة فاستودعها رجلا فتلفت عنده فأتى ربها فاستحقها أيكون له على المستودع شيء أم لا في قول مالك ( قال ) لا شيء عليه إلا أن تتلف من فعله
منع الامام الناس الحرس إلا باذن ( قال بن القاسم ) فقلت لمالك يا أبا عبد الله أنا نكون في ثغورنا بالاسكندرية فيقولون لنا أن الامام يقول لا تحرسوا إلا باذني ( قال ) مالك ويقول أيضا لا تصلوا إلا باذني
أي ليس قوله هذا بشيء وليحرس الناس ولا يلتفتوا إلى قوله هذا
فيمن أقر أنه غصب من رجل ثوابا فجعله ظهارة لجبته ( قلت ) أرأيت لو أني أقررت أني غصبت من رجل ثوبا فجعلته ظهارة لجبتي هذه أيكون علي قيمته أم يكون لربه أن يأخذه مني ( قال ) لربه أن يأخذه منك مثل الخشبة التي أدخلها في البنيان أو يضمنك قيمة الثوب ( قلت ) أرأيت لو أقررت لرجل أني غصبته هذا الخاتم ثم قلت بعد ما أقررت به أن لي فصه أأصدق أم لا ( قال ) لا تصدق إلا أن يكون الكلام نسقا متتابعا ( قلت ) وكذلك الجبة إذا أقربها ثم قال بعد ذلك البطانة لي ( قال ) هذا والخاتم سواء ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا ( قلت ) وكذلك الدار عند مالك إذا أقر بها أنه غصبها ثم قال بعد ذلك البنيان أنا بنيته ( فقال ) هذا مثل الخاتم سواء
____________________
(14/367)
________________________________________
فيمن اغتصب أرضا فغرسها أو شيئا مما يوزن أو يكال فأتلفه ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا غصب أرضا فغرس فيها شجرا فاستحقها ربها ( قال ) يقال للغاصب اقلع شجرك إلا أن يشاء رب الأرض أن يأخذها بقيمتها مقلوعة وكذلك البنيان إذا كان للغاصب في قلعه منفعة فانه يقال له اقلعه إلا أن يشاء رب الأرض أن يأخذه بقيمته مقلوعا وأما ما ليس للغاصب فيه منفعة فليس له أن يقلعه وليس له في حفر حفرة في بئر في الأرض أو تراب ردم به حفرا في الأرض أو مطامير حفرها فليس له في ذلك شيء لأن هذا مما لا يقدر الغاصب على أخذه وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت أن اغتصبت من رجل حديدا أو نحاسا أو رصاصا أو ما أشبه هذا مما يوزن أو يكال فأتلفته أيكون علي مثله ( قال ) قال مالك من اشترى بيعا جزافا مثل ما سألت عنه فأتلفه فعليه مثله وكذلك الغصب هو بمنزلة هذا ( قلت ) أرأيت أن اغتصبت من رجل حديدا أو نحاسا فصنعت منه قدرا أو سيوفا أيكون للمغصوب منه أن يأخذ ذلك أم لا ( قال ) لا أرى له إلا وزنا مثل نحاسه أو حديده
الحكم بين أهل الذمة والمسلم يغصب نصرانيا خمرا ( قلت ) أرأيت أهل الذمة إذا تظالموا فيما بينهم في الخمر يأخذها بعضهم من بعض أو يفسدها بعضهم لبعض أيحكم فيما بينهم أم لا ( قال ) نعم يحكم فيما بينهم في الخمر لأنها مال من أموالهم ( قلت ) أليس قد قال مالك إذا تظالموا بينهم حكمت بينهم ودفعتهم عن الظلم أفليس الخمر من أموالهم التي ينبغي أن يدفع بعضهم عن ظلم بعض فيها ( قال ) بلى كذلك أرى أن يحكم بينهم فيها ( قال ) قال مالك ولا يحكم بينهم في الربا إذ تظالموا بينهم في الربا وتحاكموا إلينا لم أحكم بينهم ( قلت ) أرأيت إذا رضوا أن يحكم بينهم في الخمر
____________________
(14/368)
________________________________________
والربا ظالمهم ومظلومهم أيحكم بينهم ويردهم إلى رؤس أموالهم ( قال ) سمعت مالكا وسأله رجل عن الحكم بين النصارى فقال يقول الله تبارك وتعالى في كتابه في الحكم بين النصارى فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ( قال ) والترك أحب إلي فان حكم حكم بالعدل ثم قال مالك أرأيت لو أربي بعضهم على بعض أكان يحكم بينهم استنكارا أن يفعل ذلك فلا أرى أن يحكم بينهم في شيء من الربا ( قلت ) أرأيت مسلما غصب نصرانيا خمرا ( قال ) عليه قيمتها في قول مالك ( قلت ) ومن يقومها ( قال ) يقومها أهل دينهم ( قلت ) أرأيت الرجل والمرأة إذا دفنا في قبر واحد من يقدم في قول مالك ( قال ) الرجل ( قلت ) أفيجعل بينهما حاجز من الصعيد ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنه قال يقدم الرجل ( قلت ) أفيدفنان في قبر واحد من غير ضرورة ( قال ) ما سمعت من مالك فيه إلا ما أخبرتك ( قلت ) من يدخل قبر المرأة في قول مالك ( قال ) قال مالك أبوها وأخوها وعصبتها أولى بالصلاة عليها وزوجها أولى بادلائها في قبرها وغسلها من أبيها وابنها ( قال ) وأرى أن يدخل ذو محارمها دون الأجنبي فان اضطروا إلى الأجنبي فلا بأس أن يدخل القبر في رأيي ولم أسمع من مالك فيه شيئا
فيمن استحق أرضا وقد عمل المشترى فيها عملا ( قلت ) أرأيت أن اشترى رجل أرضا فحفر فيها مطامير أو آبارا أو بنى فيها ثم أتى
____________________
(14/369)
________________________________________
ربها فاستحقها ما يكون له في قول مالك ( قال ) يقال للذي استحقها ادفع قيمة العمارة والبناء إلى هذا الذي اشتراها وخذ أرضك وما فيها من العمارة وهذا قول مالك ( قال ) وقال مالك في الرجل يشتري الأرض فيعمرها بأصل يضعه فيها أو البئر يحفرها فيها ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقا فيريد أن يأخذ بالشفعة ( قال ) لا شفعة له فيها إلا أن يعطيه قيمة ما عمر فان أعطاه كان أحق بشفعته والا فلا حق له فيها ( قال ) وقال مالك في الأرض الموات إذا أتى رجل إلى أرض فأحياها وهو يظن أنها موات وأنها ليست لأحد ثم استحقها رجل ( قال ) مالك في قضاء عمر بن الخطاب أنا آخذ به وأرى أنه إذا أبى هذا وأبى هذا أنهما يكونان شريكين بقدر ما أنفق هذا من عمارته وبقدر قيمة الأرض يكونان شريكين في الأرض والعمارة جميعا وهذه المسألة قد اختلف فيها وهذا أحسن ما سمعت وأحب ما فيه إلي وأنا أري أن الذي اشترى الأرض فبنى فيها إذا أتى الذي استحقها أن يغرم له قيمة ما أنفق ويأخذها أو يقال للذي اشتراها اغرم له قيمة بقعته وحدها واتبع من اشتريت منه بالثمن فان أبى كانا شريكين صاحب العرصة بقيمة عرصته والمشترى بقيمة ما أحدث يكونا شريكين فيهما على قدر مالهما فيقسمان أو يبيعان
وكذلك الذي يريد أن يأخذ بالشفعة فيما استحق أنه يقال للمستحق ادفع إليه قيمة ما عمر وخذ بالشفعة فان أبى قيل للمشترى ادفع إليه نصف قيمة البقعة التي استحق فان فعل كان ذلك له ورجع على البائع بنصف الثمن فان أبى أن يدفع قيمة ما استحق وأبى المستحق أن يدفع إليه قيمة ما عمل ويأخذ بالشفعة نظر إلى نصف الدار التي اشترى المشترى وإلى نصف ما أحدث فيكون له ثم ينظر إلى قيمة ما أحدثه في حصة المستحق وينظر إلى قيمة حصة المستحق فيكونان شريكين في ذلك لصاحب البنيان بقدر نصف قيمة البنيان الذي بني في حصة المستحق فيكون للمستحق قدر نصيبه فيما استحق فيكونان شريكين في ذلك النصف بقدر ما لكل واحد منهما من القيمة فيكون للمشترى النصف الذي اشتراه ونصف جميع قيمة ما أحدثه من البنيان وهذا أحسن ما سمعت وتكلمت فيه مع
____________________
(14/370)
________________________________________
من تكلمت ولم أوقف مالكا فيهما على أمر أبلغ فيه حقيقته ألا ترى أنه مما يبين لك هذا أن المستحق يستحق الدار أو المستحق للنصف بالشفعة إذا لم يجد ما يعطى أكان يذهب حقه فيقال له اتبع من باع ولعله أن يكون معدما وليس ذلك كذلك فلا بد له من أخذ حقه فإذا لم يأخذ أسلم وإذا أبى المشتري أن يأخذ حملا على الشركة على ما فسرت لك وهذا أحسن ما سمعت والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب
فيمن غصب ثوبا فصبغه أحمر ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا غصب ثوبا فصبغه أحمر ثم جاء رب الثوب فاستحقه ( قال ) يقال له خذ ثوبك وادفع إليه قيمة الصبغ أو خذ قيمة ثوبك لأن الغاصب قد غيره عن حاله ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي ( قلت ) ولا يكونان شريكين إذا أبى أن يأخذ الثوب ويدفع قيمة الصبغ وأبى أن يقبل قيمة الثوب ( قال ) لا يكونان شريكين إذا أبى أن يأخذ الثوب وليس إلا واحد من هذين أما أن يأخذ وأما أن يعطى ( قلت ) فان كان عديمين لا يقدران على شيء الغاصب ورب الثوب ( قال ) يقال لرب الثوب اختر أن شئت أخذت الثوب على أن تعطى الغاصب قيمة الصبغ أو خذ الثوب وبع وأعط الغاصب قيمة الصبغ وان أحببت أن تضمن الغاصب قيمة الثوب بع الثوب وأعط الغاصب قيمته فان لم يبع بقيمته يوم غصبته كان ما بقى دينا لك عليه ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي إلا أن مالكا قال لا يكونان شريكين في الغصب وإنما يكونان شريكين فيما كان على وجه شبهة ____________________
(14/371)
________________________________________
كتاب الاستحقاق ( قلت ) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن استأجرت من رجل أرضه سنين على أن أسكن فيها وأبني وأغرس ففعلت فبنيت وغرست وزرعت ثم استحق الأرض رجل قبل انقضاء أجل الاجارة ( فقال ) لا شيء على الذي آجره أن كان الذي آجره الأرض إنما كان اشترى الأرض فالكراء له لأن الكراء له بالضمان إلى يوم استحق ما في يديه من السكنى وان كانت للزرع فاستحق وقد فات ابان الزرع فليس للمستحق من كراء تلك السنة شيء وهو مثل ما مضى وفات ( قلت ) وان كان قد مضى من السنين شيء وان كان إبان الزرع لم يفت فالمستحق أولى بكراء تلك السنة وان كانت من الأرض التي يعمل فيها السنة كلها فهي مثل السكنى إنما يكون له من يوم يستحق وما مضى فهو للأول ويكون المستحق بالخيار فيما بقى من السنين أن شاء أجاز الكراء إلى المدة وان شاء نقض فان أجاز إلى المدة فله أن شاء إذا انقضت المدة أن يأخذ النقض والغرس بقيمته مقلوعا وان شاء أمر صاحبه بقلعه وان أبى أن يخير وفسخ الكراء لم يكن له أن يقلع البناء ولا يأخذه بقيمته مقلوعا ولكنه بالخيار أن شاء أن يعطيه قيمته قائما وان أبى قيل للباني أو الغارس أعطه قيمة الأرض فان أبيا كانا شريكين وكذلك هذا الأصل في البنيان والغرس وأما الأرض التي تزرع مرة في السنة فليس له فسخ كراء تلك السنة التي استحق الأرض فيها لأنه قد
____________________
(14/372)
________________________________________
وجب له كراؤها وان كانت أرضا تعمل السنة كلها فله من يوم يستحقها فان أراد الفسخ لزمه تمام البطن التي هو فيها على حساب السنة ويفسخ ما بقى لأن المكترى ليس بغاصب ولا متعد وإنما زرع على وجه الشبهة ومما يجوز له وان كان رجل ورث تلك الأرض فأتى رجل فاستحقها أو أدرك معه شركا فانه يتبع الذي أكراها بالكراء لأنه لم يكن ضامنا لشيء إنما أخذ شيئا ظن أنه له فأتى من هو أحق به منه مثل الأخ يرث الأرض فيكريها فيأتي أخ له لم يكن عالما به أو علم به فيرجع على أخيه بحصته من الكراء أن لم يكن حابى في الكراء فان حابى رجع بتمام الكراء على أخيه أن كان له مال فان لم يكن له مال رجع على المكترى ( وغير بن القاسم ) يقول يرجع على المكترى ولا يرجع على الأخ بالمحاباة كان للأخ مال أو لم يكن له مال إلا أن لا يكون للمكترى مال فيرجع على أخيه وهذا إذا علم بأن له أخا فان لم يعلم فانما يرجع بالمحاباة على المكترى ( قال بن القاسم ) وان كان إنما يسكنها ويزرعها لنفسه وهو لا يظن أن معه وارثا غيره فأتى من يستحق معه فلا كراء عليه فيها لأني سألت مالكا عن الأخ يرث الدار فيسكنها فيأتي أخ له بعد ذلك فقال أن كان علم أن له أخا أغرمته نصف كراء ما سكن وان كان لم يعلم فلا شيء وكذلك في السكنى ( وقد قال ) عبد عبد الرحمن بن القاسم وأما الكراء عندي فهو مخالف للسكنى له أن يأخذ منه نصف ما أكراها به علم أو لم يعلم لأنه لم يكن ضامنا لنصيب أخيه ونصيب أخيه في ضمان أخيه ليس في ضمانه وإنما أجيز له السكنى إذا لم يعلم على وجه الاستحسان لأنه لم يأخذ لأخيه مالا وعسى أنه لو علم لم يسكن نصيب الأخ ولكان في نصيبه من الدار ما يكفيه ( سحنون ) وقد روى علي بن زياد عن مالك أن له نصف كراء ما سكن
في الرجل يكترى الأرض فيزرعها ثم يستحقها رجل في أيام الحرث وغير أيام الحرث ( قلت ) أرأيت أن اكتريت من رجل أرضا سنة واحدة بعشرين دينارا لازرعها
____________________
(14/373)
________________________________________
فلما فرغت من زراعتها وذلك في أيام الحرث بعد فأتى رجل فاستحقها أيكون له أن يقلع الزرع في قول مالك أم لا ( قال ) ليس له أن يقلع زرع هذا الزارع إذا كان الذي أكراه الأرض لم يكن غصبها وكان المكترى لم يعلم بالغصب لأنه زرعها بأمر كان يجوز له ولم يكن متعديا ( قلت ) ولم لا يكون لهذا الذي استحق أن يقلع زرع هذا الزارع وقد صارت الأرض أرضه ( قال ) قد أخبرتك لأن الزارع لم يزرع غاصبا وإنما زرع على وجه شبهة وقد قال مالك فيمن زرع على وجه شبهة أنه لا يقلع زرعه ويكون عليه الكراء ( قلت ) فلمن يكون هذا الكراء وقد استحقها هذا الذي استحقها في ابان الحرث وقد زرعها المتكارى ( قال ) إذا استحقها في ابان الحرث فالكراء للذي استحقها كذلك قال لي مالك لأن مالكا قال من زرع أرضا بوجه شبهة فأتى صاحبها فاستحقها في بن الحرث لم يكن له أن يقلع الزرع وكان له كراء الأرض على الذي زرعها فان استحقها وقد فات ابان الزرع فلا كراء له فيها وكراؤها للذي اشتراها أو ورثها وهو بمنزلة ما استعمل قبل ذلك أو زرع أو سكن وان كان غصبها الزارع قلع زرعه إذا كان في ابان تدرك فيه الزراعة وانما يقلع من هذا ما كان على وجه الغصب فأما ما كان على وجه شبهة فليس له أن يقلعه وإنما يكون للذي استحق الكراء ( قلت ) فان مضى ابان الحرث وقد زرعها المكترى أو زرعها الذي اشترى الأرض فاستحقها رجل آخر أيكون له من الكراء شيء أم لا ( قال ) لا يكون له من الكراء شيء لأن الحرث قد ذهب ابانه ( قلت ) وتجعل الكراء للذي أكراها ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم فيما بلغني إذا لم يكن غصبها ( قال ) وهذا بمنزلة الدار يكريها فيأخذ غلتها ويسكن هذا المتكارى حتى ينقضى أجل السكنى ثم يستحقها مستحق بعد انقضاء السكنى فيكون الكراء للذي اشترى الدار وأكراها لأنه قد صار ضامنا للدار فالأرض إذا ذهب ابان الحرث بمنزلة ما وصفت لك في كراء الدار إذا انقضى أجل السكنى فاستحقها رجل كذا سمعت إذا لم يكن غاصبا ( قلت ) أرأيت أن كان هذا الذي أكرى لا يعرف أنه اشتراها فأكراها
____________________
(14/374)
________________________________________
أو زرعها المتكارى فأتى رجل فاستحقها في ابان الحرث ( قال ) هو بمنزلة ما لو أنه اشتراها حتى يعلم أنه غصبها لأن مالكا قال من زرع على وجه شبهة فليس لمن استحق الأرض أن يقلع زرعه ( قلت ) أرأيت أن كان إنما ورث الأرض عن أخيه فأتى رجل فادعى أنه بن أخيه وأثبت ذلك وذلك في ابان الحرث أيكون له أن يقلع الرزع ويكريه الكراء ( قلت ) فان كان قد مضى ابان الحرث فاستحق الأرض لمن يكون الكراء ( قال ) أما في الموارثة فأرى الكراء للذي استحق الأرض كان في ابان الحرث أو غير ابان الحرث لأن ضمانها إنما كان من الذي استحق الأرض لأن الأرض لو غرقت أو كانت دارا فانهدمت أو احترقت لم يضمنها هذا الذي كانت في يديه وإنما كان ضمانها من الغائب الذي استحقها فلذلك كان له الكراء لأن ضمانها كان في ملكه وان الذي اشترى الدار أو ورثها من أبيه فاستحقها رجلا بغير وراثة دخل معه فانما له الكراء من يوم استحقها على ما وصفت لك ولا كراء له فيما مضي وإنما الذي يرجع على الورثة في الكراء والغلة الذي يدخل بسبب مع من كانت في يديه يكون هو وأبوهم ورثوا دارا فأما أن يستحقها بوراثة وقد كانت في يدى غيره بغير وراثة فانه لا حق له إلا من يوم استحق إلا أن يعلم أنه كان غاصبا وهو الذي سمعت واستحسنت وفسر لي
في الرجل يكترى الأرض بالعبد أو بالثوب ثم يستحق العبد أو الثوب أو بحديد أو برصاص أو نحاس بعينه ثم يستحق ذلك ( قلت ) أرأيت أن اكتريت أرضا بعبد أو بثوب فزرعت الأرض فاستحق العبد أو الثوب ما يكون علي في قول مالك ( قال ) عليك قيمة كراء الأرض ( قلت ) أرأيت أن اكتريتها بحديد بعينه أو برصاص بعينه أو بنحاس بعينه فاستحق ذلك الحديد أو النحاس أو الرصاص وقد عرفنا وزنه أيكون علي مثل وزنه أو يكون مثل
____________________
(14/375)
________________________________________
كراء الأرض ( قال ) أن كان استحقاقه قبل أن يزرع الأرض أو يحرثها أو يكون له فيها عمل أو زرع انفسخ الكراء وان كان بعد ما أحدث فيها عملا أو زرع كان عليه مثل كراء تلك الأرض ( قال ) وسألت مالكا عن الرجل يبتاع من الرجل الطعام بعينه فيفارقه قبل أن يكتاله فيتعدى البائع على الطعام فيبيعه ( قال ) قال مالك للمبتاع على البائع أن يأتيه بطعام مثله ( قال ) فقلت لمالك فان قال المشترى أما إذا بعت طعامي فاردد لي دنانيري ( قال ) قال مالك ليس له ذلك أن يكون عليه بالخيار أن شاء طعامه وان شاء دنانيره وإنما عليه أن يأتيه بطعام مثله ( قال ) مالك ولكن لو أصابه أمر من أمر الله من نار أهلكت الطعام أو سارق أو سيل أو ما أشبه هذه الوجوه فهذا ينتقض البيع فيه بينهما ويرد عليه دنانيره وليس على البائع أن يأتيه بطعام مثله وليس للبائع أن يقول أنا آتيك بطعام مثله
في الرجل يكرى داره سنة يسكنها المكترى ستة أشهر ولم يقبض منه الكراء ثم يستحقها رجل ( قلت ) أرأيت أن أكريت الدار سنة بمائة دينار ولم أقبض الكراء حتى سكن المتكارى نصف سنة ثم استحق رجل الدار لمن يكون كراء الشهور الماضية في قول مالك ( قال ) للمكرى الذي استحقت الدار من يديه وللذي استحق الدار أن يخرجه وينتقض الكراء فان أحب الذي استحق الدار أن يمضى الكراء أمضاه ولم يكن للمتكارى أن ينقض الكراء وان رضى امضاء ذلك الكراء مستحق الدار ( قلت ) ولم يكن للمتكارى أن ينقض الكراء وهو يقول إنما كانت عهدتي على الأول فلا أرضى أن تكون عهدتي عليك أيها المستحق ( قال ) يقال له ليس ذلك لك ولا ضرر عليك في عهدتك اسكن فان انهدمت الدار وجاء أمر لا تستطيع السكنى معه من هدم الدار أو ما أشبهه فأد من الكراء بقدر ما سكنت واخرج ( قلت ) فان كان المتكارى قد نقد الكراء كله فاستحقها هذا الرجل بعد ما سكنها هذا المتكارى نصف سنة ( قال ) يرد نصف النقد إلى المستحق وان كان غير مخوف عليه فان لم يكن وجد خوف
____________________
(14/376)
________________________________________
أن يكون الرجل كثير الدين ونحو هذا دفع إليه بقية الكراء ولم يرد ما بقى من الكراء على سكنى الدار ولزمه الكراء وهذا إذا رضى بذلك مستحق الدار وهو رأيي
في الرجل يكرى داره من رجل فيهدمها المتكارى تعديا أو المكرى ثم يستحقها رجل ( قلت ) أرأيت لو أني أكريت داري سنة من رجل فهدمها المتكارى تعديا وأخذ نقضه فاستحقها رجل ( قال ) تكون الدار للمستحق ويكون قيمة ما هدم المتكارى للمستحق ( قلت ) فان كان المكرى قد ترك قيمة الهدم للمتكارى قبل أن يستحقها هذا المستحق ( قال ) يرجع المستحق بقيمة الهدم على المتكارى الذي هدمها ( قلت ) فان كان معدما أيرجع على المكرى بالقيمة التي ترك له ( قال ) لا إنما هو بمنزلة عبد اشتراه رجل في سوق المسلمين فسرق منه فترك قيمته للسارق ثم استحق فلا يكون لمستحقه على الذي وهبه شيء إنما يتبع الذي سرقه لأنه هو الذي أتلفه وإنما عمل هذا المشترى ما كان يجوز له ولم يتعد ( قال ) ولو كان المكترى باع نقض الدار بعد هدمه إياها فان المستحق بالخيار أن شاء أخذ قيمة النقض من المكتري الذي هدم الدار وان شاء أخذ الثمن الذي باع به النقض هو في ذلك بالخيار ( قلت ) فان كان المكرى هو الذي هدم الدار ثم استحقها هذا المستحق ( قال ) فلا شيء له على المكترى إلا أن يكون هو الذي باع نقضها فان كان باع نقضها أخذ منه ثمن ما باع به وان كان إنما هدم منها شيئا قائما عنده أخذه منه ( قلت ) والذي سألتك عنه من أمر المكرى الذي ترك الهدم للمتكارى أهو قول مالك ( قال ) هو رأيي
في الرجل يكرى الدار فيستحق الرجل بعضها أو بيتا منها ( قلت ) أرأيت أن اكتريت دارا فاستحق بعضها أو بيت منها ( قال ) قال مالك في رجل ابتاع دارا فاستحق بيت منها أو بعضها ( قال ) أن كان البيت الذي استحق منها هو أيسر الدار شأنا فأرى أن يلزم البيع ويرد من الثمن مبلغ قيمة ذلك البيت من الثمن
____________________
(14/377)
________________________________________
( قال ) مالك ورب دار لا يضرها ذلك تكون دارا وفيها من البيوت بيوت كثيرة ومساكن رجال فلا يضرها ذلك والنخل كذلك يستحق منها الشيء اليسير النخلات فلا يفسخ ذلك البيع إذا كان النخل لها عدد وقدر وان كان الذي استحق منها نصفها أو جلها أو كان أقل من نصفها ما يكون ضررا على المشترى فان أحب أن يردها كلها ردها وأخذ الثمن كان ذلك له وان أحب أن يتماسك بما لم يستحق منها على قدر قيمته من الثمن أن كان الصنف رد إليه النصف من الثمن وان كان استحق الثلث فذلك له فأرى الدار إذا تكاراها رجل فاستحق منها شيء مثل قول مالك في البيوع ( وقال غيره ) لا يشبه الكراء البيوع في مثل هذا إذا كان الذي استحق النصف أو الجل لم يكن للمتكارى أن يتماسك بما بقى لأن ما بقى مجهول
في الرجل يشترى الدار أو يرثها فيستغلها زمانا ثم يستحقها رجل ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى دارا أو ورثها فاستغلها زمانا ثم استحقها رجل ( قال ) الغلة للذي كانت الدار في يديه وليس للمستحق من الغلة شيء ( قلت ) لم ( قال ) لأن الغلة بالضمان وإنما هذا ورث دارا أو غلمانا لا يدري بما كانوا لأبيه ولعله ابتاعهم فكان كراؤهم له بالضمان ( قلت ) فان كانت الدار والغلمان إنما وهبوا لأبيه ثم يبتاعهم أبوه فورثهم عن أبيه ثم استحق جميع ذلك رجل أتكون عليه غلة الغلمان والكراء فيما مضى من يوم وهبوا لأبيه إلى يوم استحقه المستحق له ( قال ) أن علم أن الواهب لأبيه هو غصب هذه الأشياء من هؤلاء الذي استحقوا هذه الدار هذه الغلة وهؤلاء الغلمان أو غصب هذه الأشياء من رجل هذا المستحق وارثه فجميع هذه الغلة والكراء للمستحق ( قلت ) ولم قلت في الواهب إذا كان لا يدري أغاصبا أم لا ( قال ) لأني لا أدري لعل هذا الواهب اشترى هذه الأشياء من سوق المسلمين ألا ترى لو أن رجلا اشترى في سوق المسلمين دارا أو عبدا فاستعملهم ثم استحق ذلك رجل لم يكن له من الغلة شيء ( قلت ) فان كان الذي باعها في السوق هو الذي
____________________
(14/378)
________________________________________
غصب هذه الأشياء أتكون الغلة للمشترى في قول مالك أم لا ( قال ) نعم إذا لم يعلم المشترى بالغصب ( قلت ) فان وهبها هذا الغاصب لرجل وهو لا يعلم بالغصب أو علم به فاغتل هذه الأشياء الموهوبة له أو أخذ كراءها ثم استحقها رجل ( فقال ) الكراء للذي استحقها أن كان الموهوب له علم بالغصب كانت الغلة التي اغتل مردودة إلى الذي استحقها وان كان لم يعلم بالواهب له أنه غصب هذه الأشياء نظر فان كان الغاصب الذي غصب هذه الأشياء مليا كان غرم ما اغتل هذا الموهوبة له هذه الأشياء على الغاصب إذا كان مليا وإذا لم يكن للواهب مال كان علي الموهوب له أن يرد جميع الغلة بمنزلة ما لو أن رجلا اغتصب ثوبا أو طعاما فوهبها لرجل فأكله أو لبس الثوب فأبلاه أو كانت دابة فباعها وأكل ثمنها ثم استحقت هذه الأشياء فان كان عند الواهب مال أغرم وأسلم للموهوب له هبته إذا لم يعلم بأن الواهب كان غاصبا وهذا إذا فاتت في يد الواهب وان لم يكن للواهب مال أغرم الموهوب له وهذا مثل الأول ألا ترى أن الغاصب نفسه لو اغتل هذا العبد أو أخذ كراء الدار كان لازما له أن يرد جميع الغلة والكراء إلى مستحق الدار فلما وهب هذه الأشياء فأخذها هذا الموهوب له بغير ثمن فكأنه هو الغاصب نفسه في غلتها وكرائها إذا لم يكن للواهب مال ألا ترى لو أن الغاصب مات فتركها ميراثا فاستغلها ولده كانت هذه الأشياء وغلتها للمستحق فكذلك الموهوبة له هذه الأشياء لا يكون أحسن حالا من الوارث فيها إذا لم يكن للغاصب الواهب مال أو لا ترى لو أن رجلا ابتاع قمحا أو ثيابا أو ماشية فأكل القمح ولبس الثياب فأبلاها وذبح الماشية فأكلها ثم استحقها رجل أنه يغرم المشترى ثمن ذلك كله ولا يوضع عنه لاشترائه في سوق المسلمين وإنما يوضع عنه ما كان من الحيوان مما هلك في يديه أو دارا احترقت أو انهدمت لأنه كان ضامنا لثمنها ومصيبتها منه وان كانت هذه الحنطة والثياب لم يأكلها ولم يبلها حتى أتت عليها جائحة من السماء فذهبت بها وله على ذلك البينة فلا شيء عليه فكما كان من اشترى في سوق المسلمين طعاما أو ثيابا أو ماشية فأكلها أو لبسها لم يضع الشراء عنه الضمان فكذلك
____________________
(14/379)
________________________________________
الموهوب له حين وهب له ما ليس هو لمن وهبه له إنما اغتصبه فاستغلها الموهوب له لم يكن عليه ضمان لثمن أخرجه فيه كان عليه أن يؤدي ما استغل إذا لم يكن للغاصب الواهب مال لأنه أخذ هذه الأشياء بغير ثمن
ومما يبين لك ذلك أن الغلة للذي استحق هذه الأشياء أن كان وهبها هذا الغاصب ولو أن عبدا نزل بلدا من البلدان فادعى أنه حر فاستعانه رجل فبنى له دارا أو بيتا أو وهب له مال فأتى سيده فاستحقه أنه يأخذ قيمة عمل غلامه في تلك الدار والبيت إذا كان الشيء له بال إلا أن يكون الشيء الذي لا بال له مثل سقى الدابة وما أشبهه ويأخذ جميع ماله الذي وهب له أن كان أكله الموهوب له أو باعه فأخذ ثمنه فعليه غرمه إلا أن تكون هذه الأشياء تلفت من يد الموهوب له من غير فعله قد علم ذلك فلا غرم عليه ( قلت ) ولم لا يكون على الموهوب له هذه الأشياء إذا تلفت عنده وقد جعلت أنت الغلة للمستحق لأنك قلت الموهوب له في الغلة بمنزلة الغاصب إذا لم يكن للواهب مال لأن الغاصب لو اغتل هذه الأشياء أخذ الغلة المستحق منه لهذه الأشياء فجعلت الموهوبة له بمنزلة الغاصب في الغلة إذا لم يكن للواهب مال فلم لا يكون الموهوبة له هذه الأشياء بمنزلة الغاصب إذا لم يكن للغاصب مال في التلف لأنك تقول في الغاصب لو تلفت هذه الأشياء عنده يموت أو تلفت من غير فعله كان عليه الضمان فلم لا يكون ذلك على الموهوب له هذه الأشياء إذا لم يكن للغاصب مال ( قال ) لأن الموهوبة له هذه الأشياء لم يتعد والغاصب قد تعدى حين غصبها إلا أن يكون الموهوبة له هذه الأشياء قد علم بالغصب فقبلها وهو يعلم بالغصب فتلفت عنده أنه يضمن لأنه مثل الغاصب أيضا ( قلت ) أرأيت ما شتريت من الدور والأرضين والحيوان والثياب وجميع ما يكرى وله الغلة أو نخل فأثمرت عندي فاستحق جميع ذلك مني رجل أقام البينة أن البائع غصبه ما قول مالك فيه ( قال ) قال مالك الغلة للمشترى بالضمان ( قلت ) وجعل مالك ثمر النخلة بمنزلة غلة الدور والعبيد جعل ذلك للمشترى ( قال ) نعم ( قلت ) فان وهب الغاصب هذه الأشياء هبة فاغتلها هذا الموهوبة له أتكون غلتها للمستحق
____________________
(14/380)
________________________________________
( قال ) نعم ولا تطيب الغلة له لأنه لم يؤد في ذلك ثمنا ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) لا أقوم على حفظه في الهبة الساعة ولا أشك أن الغلة للمستحق إذا كانت في يدي هذا بهبة من الغاصب بحال ما وصفت لك ويعطى هذا الموهوبة له هذه الأشياء قيمة عمله فيها وعلاجه ( قلت ) ما فرق ما بين الهبة وبين البيع ( قال ) لأن في البيع تصير له الغلة إلى الضمان والهبة ليس فيها الضمان ( قلت ) وما معنى الضمان ( قال ) معنى الضمان أن الذي اشترى هذه الأشياء وان اشتراها من غاصب إذا لم يعلم أنه غاصب أن هذه الأشياء إذا تلفت في يدى المشترى بشيء من أمر الله كانت مصيبتها من المشترى وتلف الثمن الذي أعطى فيها والموهوب له ليس بهذه المنزلة أن تلفت هذه الأشياء من يديه لم يتلف له فيها شيء من الثمن فانما جعلت الغلة للمشترى بالثمن الذي أدى في ذلك وكانت الغلة له بالضمان بما أدى منها والموهوب له لا تطيب له الغلة لأنه لم يؤد في ذلك شيئا إذا لم يكن للغاصب مال
الرجل يبتاع السلعة بثمن إلى أجل فإذا حل الأجل أخذ مكان الدنانير دراهم ثم يستحق رجل تلك السلعة ( قلت ) أرأيت أن بعت سلعة بدنانير إلى أجل فلما حل الأجل أخذت منه بالدنانير دراهم فاستحقت السلعة التي بعتها بم يرجع علي صاحبها ( قال ) قال مالك لي في الرجل يبيع السلعة بمائة دينار فيأخذ بثمنها دراهم ثم يجد بها عيبا فيردها بم يرجع على صاحبها ( قال ) بالدراهم ( قال ) فقلنا له فان أخذ بها عرضا ماذا له عليه إذا ردها ( قال ) له عليه مائة دينار ( قال ) ورأيته يجعله إذا أخذ العين من العين الدنانير من الدراهم أو الدراهم من الدنانير لا يشبه عنده ما إذا أخذ من العين الذي وجب له عرضا فمسألتك التي سألت عنها مثلها سواء لأنه لما أخذ بمائة دينار كانت له عليه من ثمن سلعة ألف درهم فلما استحقت السلعة من يدى المشترى رجع على البائع بالذي دفع إليه وذلك ألف درهم لأن مالكا جعل العين بعضه من بعض فإذا كان إنما باعه سلعة بمائة دينار فأخذ منه بالمائة الدينار سلعة من السلع دابة أو غير ذلك ثم استحقت الدابة أو السلعة
____________________
(14/381)
________________________________________
التي أخذ في ثمن الدنانير من يده رجع على صاحبه بمائة دينار لأنه إنما أخذ السلعة التي استحقت من يديه بمائة دينار كانت له على صاحبه ولم تكن هذه ثمنا للسلعة الأخرى وإنما هي عندي بمنزلة ما لو قبض الذهب ثم ابتاع بها من صاحبها سلعة أخرى فاستحقت السلعة من يده فانما يرجع عليه بالذهب
الرجل يشتري الجارية ثم يستحقها رجل ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشتري جارية في سوق المسلمين فوطئها فاستحقها رجل أنها أمة أو استحقت أنها حرة وقد وطئها السيد المشترى أيكون عليه للوطء شيء أم لا ( قال ) قال مالك لا شيء عليه ( قلت ) أرأيت من اشترى جارية فوطئها فافتضها أو كانت ثيبا فوطئها فاستحقت أنها حرة أو استحقها رجل أنها أمته ( قال ) قال مالك لا شيء على الواطئ بكرا كانت أو ثيبا
الرجل يشتري الجارية فتلد منه ولدا فيقتله رجل خطأ أو عمدا ثم يستحقها سيدها ( قلت ) أرأيت الرجل يشتري الجارية في سوق المسلمين فتلد منه ولدا عند السيد فيقتله رجل خطأ أو عمدا ثم يأتي رجل فيستحق الأمة وقد قضى على القاتل بالدية أو القصاص أو لم يقض عليه بعد بذلك ( قال ) أما الدية فان مالكا قال في ديته أنها لأبيه كاملة لأنه حر ويكون على أبيه قيمته لسيد الأمة إلا أن تكون القيمة أكثر من الدية فلا يكون على الأب أكثر مما أخذ وأما في العمد فهو حر وفيه القصاص ولا يضع القصاص عن القاتل استحقاق هذه الأمة لأنه حر ( قلت ) وكذلك أن جرح ( قال ) نعم كذلك أن جرح أو لم يجرح لأنه حر وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت الأب إذا اقتص من قاتل ابنه هذا ثم أتى سيد الأمة هل يغرم له الأب شيئا أم لا ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت الولد إذا كان قائما عند والده أيكون لمستحق الأمة على والده قيمته بالغة ما بلغت وان كانت أكثر من ديته ( قال ) كذلك قال لي مالك
____________________
(14/382)
________________________________________
إنما يغرم قيمته أن لو كان عبدا يباع على حالته التي هو عليها يومئذ ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قطع يده خطأ وقيمة الولد أكثر من ألف دينار فأخذ الأب نصف دية ولده ثم استحق رجل أمه ( قال ) يقوم والده قيمة الولد أقطع اليد يوم يحكم له فيه ويقال ما قيمته صحيحا وقيمته أقطع اليد يوم جنى عليه فينظركم بينهما فان كان بين قيمته صحيحا وقيمته أقطع اليد الخمسمائة التي أخذها الأب غرمها الأب وان كان أقل منها غرم الأب ما بين قيمته صحيحا وقيمته أقطع اليد وكان الفضل للأب وان كان فيما بين قيمته صحيحا وبين قيمته أقطع اليد أكثر مما أخذه الأب لم يكن على الأب أكثر مما أخذ وهو مثل القتل إذا قتل فأخذ أبوه الدية ( قلت ) أرأيت لو أن الولد مات صحيحا أيكون على الوالد من قيمة شيء أم لا في قولمالك ( قال ) لا شيء على والدهم فيهم إذا ماتوا ( قلت ) فان ضرب رجل بطن هذه الأمة وفي بطنها جنين من سيدها فطرحته فاستحقها رجل وقد كان أخذ سيدها الغرة أو لم يأخذها بعد ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن الضارب يغرم غرة فتكون لأبيه ثم ينظر إلى قيمة أمه كم قيمتها يوم ضرب بطنها فينظر إلى ما أخذ الأب فان كان ما أخذ الأب أكثر من عشر قيمتها يوم جنى عليها غرم الأب عشر قيمتها وان كان أقل من عشر قيمتها لم يكن على الأب إلا ما أخذ لأن مالكا قال لي ذلك فيه إذا أخذ دية ابنه من القاتل ( قلت ) أرأيت مالكا هل كان يغرم سيدها لهذا الذي استحقها ما نقصتها الولادة أم لا ( قال ) أرى أن يأخذ جاريته ولا يكون عليه فيما نقص الحمل منها لأنها لو ماتت لم يكن عليه قيمتها لأنه اشتراها في سوق المسلمين
الرجل يشتري الجارية فتلد منه فيستحقها رجل ( قلت ) أرأيت الرجل تكون عنده الجارية قد اشتراها فتلد منه فيأتي رجل فيقيم البينة أنها أمته ( قال ) يأخذ المستحق الجارية وقيمة ولدها من والدهم وهذا قول مالك وهو أحب قوليه إلي والذي آخذ به وعليه جماعة الناس وقد كان مالك مرة يقوله ثم رجع عنه وقال يأخذ قيمة الجارية لأن في ذلك ضررا على المستكرى لأنها
____________________
(14/383)
________________________________________
إذا ولدت منه فأخذت كان ذلك عارا على سيدها الذي ولدت منه وعلى ولدها وفي قوله الآخر أنه أن أخذها فإنه يأخذ معها قيمة الولد أيضا فهذا هو الضرر ويمنع من ذلك ( قلت ) فهل يرجع مشتري الجارية على البائع بقيمة الولد الذي غرم في قوله هذا ( قال ) لا ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) لا إلا أن مالكا قال في رجل باع من رجل عبدا سارقا دلس له فأدخله بيته فسرق العبد مال المشترى أنه لا يرجع بما سرق له على البائع ( قلت ) أرأيت أن أقام هذا المستحق البينة أن الذي ولدت منه الجارية غصبها له ( قال ) يأخذها ويأخذ ولدها ويحد غاصبها ( قلت ) أرأيت الذي يشتري الجارية فتلد منه ثم يستحقها رجل فيقوم الأب قيمة الولد على ما أخبرني من أثق به من قول مالك في القول الأول أيرجع بما أدى من قيمة الولد على الذي باعه الجارية بتلك القيمة في قول مالك أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه رجوعا ولا غير ذلك ولا أرى ذلك له ولو كان له أن يرجع على البائع بقيمة الولد لسمعناه من مالك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا زوج أمته رجلا غره منها وزعم أنها حرة فاستحقها رجل وقد ولدت من الزوح ( قال ) يأخذها السيد ويأخذ قيمة الولد من أبي الولد ويرجع الزوج على الذي غره بالصداق الذي دفعه إليها ( قلت ) ولا يرجع الزوج على الذي غره منها بقيمة الولد عند مالك ( قال ) لا ( قلت ) فلم جعلته يرجع بالصداق ولا يرجع بقيمة الولد ( قال ) لأنه غره منها فلذلك يرجع بالصداق ولو كانت هي التي غرته لم يرجع الزوج عليها بقليل ولا بكثير إلا أن يكون ما أعطاها أكثر من صداق مثلها فيرجع عليها بالفضل ( قلت ) أرأيت أن رجع بالصداق على الذي غره أيترك له قدر ما استحل به فرجها ( قال ) لا ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) إنما قال لنا مالك يرجع بالصداق على الذي غره ولم يقل لنا مالك يترك له شيئا وأصل قول مالك إنما يرجع بالصداق على الذي غره لأنه كأنه باعه بضعها فاستحق من يده البضع فيرجع بالثمن الذي دفعه في البضع وهو الصداق ولا يرجع بقيمة الولد لأنه لم يبعه الولد فهذا أصل قولهم ( قلت ) أرأيت أن اشتريت عبدا
____________________
(14/384)
________________________________________
فأعتقته أو أمة في سوق المسلمين فاتخذتها أم ولد فأتى رجل فاستحق رقابهما أيرد البيع ويفسخ عتق العبد وتصير الأمة أم ولد لهذا الرجل أو أمة لهذا المستحق ( قال ) قال مالك أما في العبد فيفسخ عتقه ويرد رقيقا ( قال ) مالك وأمات الجارية فأنها ترد ما لم تحمل فإذا حملت كان على سيدها الذي حملت منه قيمتها للذي استحقها ( قال بن القاسم ) وقد قال لي قبل ذلك يأخذها ويأخذ قيمة ولدها من الأب قيمتهم يوم يحكم فيهم ( قال بن القاسم ) وهذا أحب قوليه إلي
الرجل يشتري الجارية فتلد منه ثم يستحقها رجل والسيد عديم والولد قائم موسر ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى جارية في سوق المسلمين فولدت ولدا من السيد فاستحقها رجل والسيد المشترى عديم ( قال ) يأخذ جاريته وتكون قيمة ولدها دينا على الأب عند مالك ( قلت ) فان كان الأب موسرا فأدى قيمة الأبن أيكون له أن يرجع على الابن بقيمته التي أدى عنه في قول مالك يبيعه بها ( قال ) لا ( قلت ) فان كان موسرين أتؤخذ قيمة الابن من مال الأب أم من مال الابن ( قال ) بل من مال الأب ( قلت ) فيرجع بها الأب في مال الولد إذا كان الولد موسرا أو بنقصه أو بشيء منه ( قال ) لا ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فان كان الأب عديما والولد موسرا تؤخذ القيمة من مال الابن ( قال ) نعم ( وقال غيره ) لا يكون على الابن شيء وذلك على الأب في اليسر والعدم ( قال سحنون ) وهذا أحسن ( قلت ) لابن القاسم أفيرجع به الابن على الأب ( قال ) لا ( قلت ) أفتؤخذ قيمة الأم من مال الولد إذا كان الأب عديما والولد موسر ( قال ) لا تؤخذ قيمة الأم من الولد على حال ( بن وهب ) عن يونس عن بن شهاب أنه قال في رجل ابتاع وليدة مسروقة أو آبقة فتلد منه ثم يأتي سيد الجارية فيقبضها ويريد أخذ ولدها قال بن شهاب نراها لسيدها الذي أبقت منه أو سرقت ونرى ولدها لابيهم الذي ابتاع أمهم بقيمة عدل يؤدي قيمتهم إلى سيد الجارية ( سحنون ) عن بن وهب عن
____________________
(14/385)
________________________________________
الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال ما رأيت الناس يرون الا أن الرجل إذا أدرك وليدته وأقام البينة أنها مسروقة يأخذ وليدته ويكون الولد لوالدهم بالقيمة يؤدي الثمن إلى سيد الوليدة ولا نري عليه غير ذلك ولو أخذ السارق كان أهلا للعقوبة الموجعة والغرامة والناس لا يرون في الحيوان من الماشية إذا أخذت في الصحراء قطعا ولا في الرقيق قطعا
الرجل يبنى داره مسجدا ثم يأتي رجل فيستحقها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا بنى داره مسجدا ثم يأتي رجل فيستحقها أيكون له أن يهدم المسجد في قول مالك ( قال ) قال مالك في الرجل يعتق عبدا له فيأتي رجل فيستحق العبد أن العتق يرد وأنه يرجع رقيقا فكذلك المسجد له أن يهدمه مثل العتق له أن يرده
في الرجل يشترى سلعا كثيرة أو يصالح على سلع كثيرة ويأتي رجل فيستحق بعضها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى من رجل سلعا كثيرة أو صالحته من دعوى ادعيتها على سلع كثيرة فقبضت السلع أو لم أقبضها حتى استحق رجل بعضها ( قال ) ينظر فان كان ما استحق منها ذلك الرجل وجه ذلك البيع كان له أن يرد جميع ذلك فان لم يكن وجه ذلك لزمه ما يفى بحصته من الثمن كذلك قال مالك وسواء أن كان قبض أو لم يقبض كذلك قال مالك في الاستحقاق والعيوب جميعا ( قال ) مالك ولو أن العيوب والاستحقاق وجدت في عيون ذلك فرضي البائع والمبتاع أن يسلما ما ليس فيه عيوب بما يصيبه من جملة الثمن كله لم يحل ذلك لواحد منهما وكان مكروها لأن الصفقة قد وجب ردها كلها فكأنه باعهم بثمن لا يدري ما يبلغ أثمانهم من الجملة ( قلت ) أرأيت أن اشتريت حنطة أو شعيرا أو عروضا كثيرة صفقة واحدة فاستحق بعض ذلك الشيء قبل أن أقبضه أو بعد ما قبضته فأردت أن أرد ما بقى أيجوز
____________________
(14/386)
________________________________________
لي ذلك في قول مالك ( قال ) قول مالك أن كان ما استحق منه الشيء اليسير التافه أخذ ما بقي بحصته من الثمن ( قال ) وان كان إنما استحق منه جل ذلك الشيء فله أن يرده ولا يأخذه ( قلت ) أرأيت أن اشتريت سلعا كثيرة صفقة واحدة متى يقع لكل سلعة منها حصتها من الثمن أحين وقعت الصفقة أم حين يقبض ( قال ) حين وقعت الصفقة وقع لكل سلعة منها حصة من الثمن ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم
الرجل يتزوج المرأة على جارية فيستحقها رجل ( قلت ) أرأيت أن تزوجت امرأة على جارية فاستحقت الجارية أنها حرة أو أصابت المرأة بها عيبا ( قال ) تردها وتأخذ قيمة الجارية من زوجها ( قلت ) ولم لا تأخذ منه مهر مثلها إذا استحقت الجارية أنها حرة أو أصابت بها عيبا فردتها ( قال ) لا وليس هذا الوجه يشبه البيوع في قول مالك ( قال ) قال مالك ولو أن امرأة تزوجت بشقص من دار فأتى الشفيع ليأخذها بشفعته فقلت لمالك فأي شيء يكون للمرأة إذا أخذ الشفيع الدار بالشفعة أصداق مثلها أم قيمة الشقص ( قال ) بل قيمة الشقص ( قلت ) وكذلك أن خالعها زوجها على عبد دفعته إليه فأصاب به عيبا رده وأخذ قيمة العبد في قول مالك ( قال ) نعم الرجل يشتري الصبر من القمح والشعير بالثمن الواحد فيستحق بعضها
قلت أرأيت لو أن رجلا اشترى صبرة شعير وصبرة قمح صفقة واحدة بمائة دينار على أن كل صبرة منهما بخمسين دينارا فنقد الثمن واكتال الشعير والحنطة ثم استحقت الحنطة أو الشعير بم يرجع على بائعه أيرجع عليه بخمسين ثمن صبرة الشعير إن كان الذي استحق الحنطة أو الشعير
قال لا ولكن يقسم الثمن على قيمة الحنطة وقيمة الشعير فيوضع عن المشترى من الثمن مقدار ما استحق من ذلك لأنها
____________________
(14/387)
________________________________________
صفقة واحدة وكذلك لو اشترى رقيقا أو ثيابا صفقة واحدة على أن كل واحد من الرقيق وكل واحد من الثياب بدينار دينار فاستحق بعض ذلك أنه لا ينظر إلى ما سميا إن لكل ثوب دينارا ولكل عبد دينارا ولكن يقسم الثمن على جميع الصفقة فما أصاب الذي استحق من الصفقة من الثمن وضع عن المشتري
قلت وهذا قول مالك قال نعم
قلت أرأيت لو أن رجلا اشترى صبرة شعير وصبرة حنطة صفقة واحدة كل قفيز بدرهم فنقد الثمن فاكتال القمح والشعير ثم استحقت الحنطة أو الشعير فبم يرجع على بائعه أيرجع بدرهم لكل قفيز كان الذي استحق شعيرا أو حنطة
قال أصل هذا البيع لا يحل ولا يجوز
قال ومن اشترى رقيقا وثيابا صفقة واحدة كل واحد من العبيد وكل واحد من الثياب بدينار دينار فاستحق بعض ذلك أنه لا ينظر إلى ما سميا من أن لكل عبد دينارا أو لكل ثوب دينارا ولكن يفض الثمن على جميع الصفقة فما أصاب الذي استحق من الثمن وضع عن المشتري وهو قول مالك
قلت أرأيت إن اشتريت عبدين صفقة واحدة فلم أقبضهما أو قبضتهما فاستحق أحدهما أنه حر
قال قال مالك ينظر إلى الحر المستحق فإن كان هو وجه العبدين ومن أجله اشتريا رد الباقي وإن كان ليس من أجله اشتريا ولا هو وجههما لزمه الباقي بحصته من الثمن
قلت ويقوم هذا الحر المستحق قيمته أن لو كان عبدا في قول مالك قال نعم
قلت وكذلك إن كان المستحق مكاتبا أو مدبرا أو أم ولد في قول مالك قال نعم الرجلان يصطلحان على الاقرار أو على الانكار يستحق ما في يد أحدهما
( قلت ) أرأيت أن اصطلحا على الاقرار فاستحق ما في يد المدعى أيرجع على صاحبه بالذي أقر له به ( قال ) نعم أن كان قائما لم يفت وكان عرضا أو حيوانا فان فات بزيادة أو نقصان أو حوالة أسواق رجع عليه بقيمة ما أقر له به
( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) إنما الصلح بيع عند مالك فهذا والبيع سواء ( قلت ) أرأيت أن اصطلحا على
____________________
(14/388)
________________________________________
الانكار فاستحق ما في يدى المدعى عليه أيرجع على المدعى بشيء أم لا ( قال ) نعم يرجع عليه بقيمة ما دفع إليه أن كان ما دفع إليه عروضا أو حيوانا قد فاتت بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق وان كان قائما بعينه لم يفت رجع عليه فأخذه منه ( قلت ) أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم فصالحته على أن حططت عنه خمسمائة درهم على أن يعطيني بالخمسمائة الباقية عبده ميمونا أيجوز هذا في قول مالك وكيف أن استحق العبد بم يرجع عليه في قول مالك أبالخمسمائة أم بالألف كلها ( قال ) شراء العبد جائز وفي الاستحقاق يرجع بالألف كلها ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال إذا باع الرجل سلعة بشيء من الأشياء على أن يعطى بتلك السلعة سلعة أخرى كانت السلعة الأخرى نقدا أو إلى أجل فانما وقع البيع بملك السلعة الأخرى كان ذلك ذهبا أو ورقا أو طعاما أو عرضا وكان الكلام الذي كان قبل ذلك حشوا ( قال ) مالك إنما ينظر في ذلك إلى الفعل ولا ينظر إلى الكلام فإذا صح الفعل لم يضرهم قبح كلامهم ( قلت ) أرأيت الرجل يكون له على رجل دم عمد فيصالحه من الدم العمد على عبد أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فان استحق العبد ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى له أن يرجع بقيمة العبد ولا سبيل له إلى القتل ألا ترى أن مالكا قال في رجل تزوج امرأة بعبد فاستحق العبد أنه في النكاح ترجع المرأة بقيمة العبد على الزوج ولا سبيل للمرأة على نفسها وهي زوجته على حالها وكذلك القتل العمد هو بهذه المنزلة مثل ما قال في النكاح ( قلت ) فالخلع هو بتلك المنزلة عند مالك ( قال ) نعم
الرجل يبتاع العبد فيجد به عيبا فيصالح من العيب على عبد آخر فيستحق أحد العبدين ( قلت ) أرأيت أن اشتريت عبدا فأصبت به عيبا ثم صالحته من العيب على عبد دفعه إلي أيجوز أم لا ( قال ) ذلك جائز لأن مالكا جوز ذلك بالدنانير ( قلت ) فان استحق أحد العبدين ( قال ) يفض الثمن عليهما ثم يكون سبيلهما سبيل ما وصفت
____________________
(14/389)
________________________________________
لك فيمن اشترى عبدين صفقة واحدة فأصاب بأحدهما عيبا أو استحق أحدهما فذلك جائز فهذا جائز لأن مالكا قال الصلح بيع من البيوع
العبد يشتريه الرجل بعرض فيموت العبد ويستحق العرض ( قال ) وقال مالك إذا اشترى الرجل عبدا بثوب فأعتق العبد واستحق العرض فانه يرجع على بائع الثوب بقيمة العبد ( قلت ) أرأيت أن اشتريت جارية بعبد فولدت الجارية عندي أولادا ثم استحق العبد أيكون علي أن أرد الجارية وأولادها في قول مالك ( قال ) لا لأنها قد تغيرت وفاتت عندك فليس عليك الا قيمتها يوم قبضتها والنماء والنقصان لك وعليك ( قلت ) أرأيت أن اشتريت جارية بعبد فزوجت الجارية من يومى أو من العبد فاستحق العبد أو أصاب به صاحبه عيبا أيكون هذا في الجارية فوتا أم لا وكيف أن كان أخذ للجارية مهرا أو لم يأخذه ( قال ) أرى أن تزويج الجارية عيب فأراه فوتا وأرى عليه القيمة أخذ لها مهرا أو لم يأخذه ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يشتري الجارية فيزوجها ثم يجد بها عيبا ( قال ) يردها وما نقص النكاح منها والنكاح لا شك عند الناس نقصان ( قلت ) وان كانت من وخش الرقيق ( قال ) نعم وان كان من وخش الرقيق ( قلت ) أرأيت أن اشتريت جارية بعبد فاستحق العبد أنه حر أينتقض البيع فيما بيننا وقد حالت الأسواق في الجارية أم لا ( قال ) لا ينتقض البيع فيما بينكما ويكون عليه قيمة الجارية يوم الصفقة ( قلت ) فان استحق أنه حر أو عبد فهو سواء عند مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا الذي سألتك عنه أهو قول مالك ( قال ) نعم
الرجل يكاتب عبده على حيوان موصوفة فيؤدي ذلك إلى سيده فيعتق ثم يستحق الحيوان ( قلت ) أرأيت أن كاتبت عبدي على حيوان موصوفة أو ثياب موصوفة أو طعام موصوف فأداه إلي فاستحق من يدي الذي أدى إلي من ذلك أيرد المكاتب في
____________________
(14/390)
________________________________________
الكتابة أم قد عتق ويكون ذلك دينا عليه ( قال ) أحب إلي أن لا يرد ويكون ذلك دينا عليه يتبع به لأن حرمته قد ثبتت ويرجع عليه بمثل ما استحق منه لأن ما كاتبه عليه بمنزلة ما صالحه عليه ( قلت ) فان أعتقه على شيء مما ذكرت بعينه وهو عبد غير مكاتب فاستحق ذلك من يدي ( قال ) يمضى عتقه ولا يرد وهذا بين لا شك فيه لأنه كأنه ماله انتزعه منه وأعتقه
الرجل يهب الهبة للرجل فيعوضه من هبته فتستحق الهبة أو العوض ( قلت ) أرأيت أن وهب رجلا هبة فعوضه فاستحقت الهبة أيكون له أن يرجع في عوضه في قول مالك ( قال ) نعم وهذا بمنزلة البيع ( قلت ) أرأيت أن استحق العوض أيكون لي أن أرجع في هبتي آخذها منه ( قال ) نعم في قول مالك إلا أن يعوضك عوضا آخر يكون قيمة الهبة أو أكثر فليس لك أن ترجع في الهبة أن أعطاك عوضا مكان العوض الذي استحق ( قلت ) أرأيت أن وهبت لرجل هبة فعوضني منها عوضا ضعف قيمة الهبة ثم استحق هذا العوض فأردت أن أرجع في هبتي فقال الموهوب له أنا أعطيك قيمة الهبة عوضا من هبتك فقلت لا أرضى إلا أن تعطيني قيمة العوض وقيمة العوض الذي استحق من يدى ضعف قيمة الهبة ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى له إلا قيمة الهبة لأن الذي زاده أولا في عوضه على قيمة هبته إنما كان ذلك معروفا منه تطاول به عليه فلما استحق لم يكن له إلا قيمة الهبة ( قلت ) أرأيت لو أني بعت سلعة لي من رجل بسلعة أخرى فاستحقت احدى السلعتين أو قامت البينة أنها حرة واستحقها رجل وقد تغيرت السلعة الأخرى بحوالة الأسواق أو بزيادة أو نقصان ( قال ) قال لي مالك أن استحقت احدى السلعتين أنها حرة أو استحقها رجل وقد تغيرت السلعة الأخرى بزيادة بدن أو نقصان بدن أو بحوالة أسواق فليس له على الذي تغيرت السلعة في يديه إلا قيمة هذه السلعة يوم قبضها لأنها قد فاتت ولو لم تفت أخذها فلما فاتت صار له قيمتها يوم قبضها لأنه لا يجتمع لأحد في قول مالك الخيار في الضمان أو في أخذ سلعته في مثل هذا ( قلت ) وكذلك
____________________
(14/391)
________________________________________
أن وهبت لرجل هبة على العوض فعوضنني من الهبة التي وهبت له ثم استحقت الهبة وقد زاد العوض في يدي أو نقص أو حالت أسواقه فانما للموهوب قيمة عوضه يوم قبض عوضه ولا يجتمع له في قول مالك أن يكون له الخيار في أخذ سلعته وفي أن يضمنني قيمتها ( قال ) نعم هذا قول مالك
الرجل يشتري الغلام بجارية فيعتق الغلام ثم يستحق نصف الجارية ( قلت ) أرأيت أن اشتريت جارية بغلام فتقابضنا ثم أعتقت الغلام واستحق نصف الجارية وذلك بعد يوم أو يومين أو ثلاثة أيام قبل أن تحول أسواق الجارية ( قال ) قال مالك الذي استحقت الجارية في يديه بالخيار أن شاء رد إليه الذي بقي في يديه من الجارية وأخذ جميع قيمة الغلام من الذي أعتق هذا الغلام يوم قبضه وان شاء حبس الجارية ورجع على صاحبه بنصف قيمة الغلام ( قلت ) وسواء أن كان الغلام هو الذي استحق نصفه أو الجارية هي التي أعتقت في قول مالك ( قال ) نعم ذلك سواء في قول مالك على ما فسرت لك
الرجل يهلك فيوصى بوصايا فتنفذ وصاياه ويقسم ماله فيستحق رجل رقبته ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا هلك فأوصى أن يحج عنه فأنفذ الوصى ذلك ثم أتي رجل فاستحق رقبة الميت هل يضمن الوصى أو الحاج عن الميت المال وكيف بما قد بيع من مال الميت فأصيب قائما بعينه ( قال ) أرى إذا كان الميت حرا عند الناس يوم يباع ماله فلا يضمن له الوصى شيئا ولا الذي حج عن الميت ويأخذ ما أدرك من مال الميت وما أصاب مما باعوا من مال الميت قائما بعينه فليس له أن يأخذه إلا بالثمن ويرجع هو على من باع تلك الأشياء فيأخذ منه ثمن ما باع من مال عبده لأن مالكا قال في رجل شهد عليه أنه مات فباعوا رقيقه ومتاعه وتزوجت امرأته
____________________
(14/392)
________________________________________
ثم أتى الرجل بعد ذلك فقال أن كان شهدوا عليه بزور ردت عليه امرأته وأخذ رقيقه حيث وجدهم أو الثمن الذي بيعوا به أن أحب ذلك ( قال ) وقال مالك وان كانوا شبه عليهم وكانوا عدولا ردت عليه امرأته وما وجد من متاعه ورقيقه لم يتغير عن حاله وقد بيع أخذه بعد أن يدفع الثمن إلى من ابتاعه وليس له أن يأخذ ذلك حتى يدفع الثمن إلى من ابتاعه وما تحول عن حالة ففات أو جارية وطئت فحملت من سيدها أو أعتقت فليس له إلا الثمن على بائع الجارية وأرى أن يفعل في العبد مثل ذلك ( قال بن القاسم ) وأرى التدبير والعتق والكتابة فوتا فيما قال مالك والصغير إذا كبر فوتا أيضا فيما قال لي مالك لأن مالكا قال إذا لم تتغير عن حالها فهذه قد تغيرت عن حالها والذي أراد مالك تغيير بدنها تغيير بدنها ( قلت ) وكيف يتبين شهود الزور ها هنا من غير شهود الزور وكيف نعرفهم في قول مالك ( قال ) إذا أتوا بأمر يشبه أن يكونا إنما شهدوا بحق مثل ما لو حضروا معركة فصرع فنظروا إليه في القتلى ثم جاء بعد ذلك أو طعن فظنوا أنه قد مات فخرجوا على ذلك ثم جاء حيا بعدهم أو أشهدهم قوم على موته فشهدوا بذلك عند القاضي فهو لا يعلم أنهم لم يتعمدوا الزور فهذا وما أشبهه
وأما الزور في قول مالك فهو إذا لم يأتوا بأمر يشبه وعرف كذبهم ( قال ) مالك إذا شهدوا بالزور أنه يرد إليه جميع ماله حيث وجده ( قال بن القاسم ) فأرى إذا كانوا شهدوا بالزور أن يرد إليه ما أعتق وما دبر وما كوتب وما كبر وأم الولد وقيمة ولدها أيضا ( قال ) مالك ويأخذ أم الولد ويأخذ المشترى ولده بالقيمة وكذلك قال لي مالك في الذي يباع عليه بشهود زور أنه يأخذها وقيمة ولدها إذا كانوا شهدوا على سيدها بالزور أنه مات فباعوها في السوق وقد قال مالك في الجارية المسروقة أن صاحبها يأخذها ويأخذ قيمة ولدها وهو أحب قوليه إلي ( قال ) وقال مالك وإنما يأخذ قيمة ولده يوم يحكم فيهم وما مات منهم فلا قيمة فيه ____________________
(14/393)
________________________________________
الرجل يسلف الدراهم والسلعة في الطعام فتستحق السلعة أو الدراهم أو الطعام بم قبضه ( قلت ) أرأيت أن سلفت دراهم في طعام فاستحقت الدراهم بعد ما قبضها المسلف إليه أيبطل السلف أم يرجع عليه بدراهم مثلها ويكون السلف على حاله ( قال ) يرجع عليه بدراهم مثلها عند مالك ويكون السلف على حاله ( قلت ) فان كان إنما أسلفه سلعة بعينها دابة أو عبدا أو ثوبا أو جارية أو ما سوى هؤلاء من السلع في حنطة موصوفة إلى أجل معلوم فاستحقت السلعة التي سلفتها في الطعام أو وجد بها عيبا قبل أن يقبض الطعام أو بعد ما حل الأجل وقبض الطعام ( قال ) ينتقض السلف ويرجع عليه بمثل طعامه أن كان استهلك الطعام وان كان الطعام قائما بعينه أخذه منه ( قلت ) فما فرق ما بين السلعة إذا كانت رأس مال السلم وبين الدراهم في قول مالك وقد قلت في الدراهم إذا كانت رأس مال السلم فاستحقت قبل أن يقبض ما سلف فيه أو بعد ما قبض ما سلف فيه أنه يرجع بدراهم مثلها ولا ينتقض السلف وقلت في السلعة إذا استحقت انتقض السلف ورجع بطعامه أو بمثل طعامه ( قال ) لأن الدراهم إنما هي عين وأثمان ألا ترى لو أن رجلا اشترى سلعة بعينها بدراهم بعينها فاستحقت الدراهم من يده أنه يرجع بدراهم مثلها ولا ينتقض البيع ولو اشترى سلعة بسلعة فاستحقت احدى السلعتين بحضرة ذلك رجع صاحب السلعة الباقية التي لم تستحق في سلعته وان تطاول ذلك قبل أن تستحق ثم استحقت بعد ذلك وكانت السلعة الباقية التي لم تستحق قد دخلها تغيير في بدنها بزيادة أو نقصان أو تغير أسواق أو غلا سعر تلك السلعة أو رخص عما كان عليه يوم تبايعاها مضى البيع فيما بينهما ورجع عليه بقيمة سلعته التي تغيرت لأن البيع قد تم وليس تشبه السلع في هذه الدراهم والدنانير فكذلك هذه أيضا في السلم
ومما يبين لك ذلك أيضا فرق ما بين الدراهم والسلع في الاثمان أن من باع سلعة بسلعة إنما يقع ذلك على سلعة بعينها ومثل من باع سلعة بدراهم فانما يقع البيع على السلعة بعينها وعلى دراهم ليست بأعيانها فلذلك لما استحقت
____________________
(14/394)
________________________________________
الدراهم رجع بدراهم مثلها ولم ينتقض السلم ( قلت ) أرأيت أن أسلفت سلعه في طعام إلى أجل فلما حل الأجل قبضت الطعام فاستحق الطعام من يدي أينتقض السلف وأرجع في سلعتي أم يكون لي طعام مثل طعامي ولا ينتقض السلف في قول مالك ( قال بن القاسم ) يكون لك طعام مثل طعامك ترجع به على الذي كان عليه السلف ولا ينتقض السلف والسلف إنما كان عليك دينا اقتضيته فلما استحق رجعت بدينك عليه ولم ينتقض ما كان بينكما من السلف فهذا والدراهم إذا كانت ثمنا فاستحقت سواء ( قلت ) أرأيت أن أسلفت شيئا مما يكال أو يوزن مما يؤكل ويشرب أو مما لا يؤكل ولا يشرب أو دنانير أو دراهم أو فلوسا في سلعة من السلع موصوفة إلى أجل معلوم فاستحق رأس المال أيبطل السلم أم لا في قول مالك ( قال ) أرى أن السلم جائز إذا كان رأس المال دراهم أو دنانير أو فلوسا ( قال ) وأما أن كان رأس المال طعاما مما يكال أو يوزن أو طعاما لا يوزن ولا يكال فان السلم ينتقض ولا يرجع عليه بمثل كيله ولا وزنه
ومما يدلك على ذلك أنه لو اشترى طعاما كيلا أو وزنا فتلف قبل أن يقبضه لم يكن على البائع أن يأتي بمثله فكذلك هو في السلم إذا كان رأس المال طعاما أن استحق لم يكن للمشتري أن يلزم البائع مثله يأتيه به
الرجل يبتاع السلعة على أن يهب له البائع هبة فتستحق السلعة وقد فاتت الهبة ( قلت ) أرأيت أن اشتريت من رجل سلعة على أن يهب لي هبة أو يتصدق علي بصدقة ( قال ) لا بأس بذلك إذا كان الذي يهب لك أو الذي يتصدق به عليك شيئا معروفا ( قلت ) فان استحقت السلعة وقد فاتت الهبة ( قال ) يقسم الثمن عند مالك على الهبة والسلعة التي اشتريت فيرجع المشتري على البائع بحصته من الثمن عند مالك ( قلت ) والهبة والصدقة ها هنا إذا قال أشترى منك هذه السلعة على أن تتصدق علي بكذا وكذا أو تهب لي كذا وكذا فانما وقع البيع في هذا على السلعة التي اشترى وعلى ما اشترط من الهبة والصدقة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن
____________________
(14/395)
________________________________________
قال أبيعك عبدي هذا بخمسة أثواب موصوفة ألى أجل أيهما رأس المال في قول مالك ( قال ) العبد ( قلت ) فان قال لي رجل اشترى منك عبدك بعشرة أثواب موصوفة لى أجل أيهما رأس المال في قول مالك ( قال ) العبد رأس المال في قول مالك وإنما ينظر في هذا إلى فعلهما ولا ينظر إلى لفظهما وهو حين قال اشترى منك عبدك هذا بعشرة أثواب موصوفة إلى أجل إنما هذا سلم وإنما أخطآ في اللفظ ورأس المال ها هنا إنما هو العبد ( قلت ) فان استحق العبد ها هنا وقد قال أشترى منك عبدك هذا بعشرة أثواب موصوفة إلى أجل أتبطل الأثواب أم لا ( قال ) تبطل الأثواب عند مالك لأن العبد هو رأس المال فلما استحق العبد بطلت الأثواب ( قلت ) أرأيت أن أسلمت ثوبا في عشرة أرادب حنطة إلى شهر وعشرة دراهم إلى شهر آخر فأسلمت الثوب في هذه الأشياء كلها وجعلت آجالها مختلفة كما ذكرت لك ( قال ) لا بأس بذلك مختلفة جعلت آجالها أو مجتمعة ( قلت ) أرأيت أن استحق نصف هذا الثوب الذي أسلفت في جميع هذه الأشياء ( قال بن القاسم ) المسلم إليه هذا الثوب مخير في أن يرد إليه النصف الباقي الذي بقي في يديه ويبطل جميع السلم كله وفي أن يقبل النصف الباقي الذي لم يستحق بنصف الذي أسلم الثوب فيه ( قلت ) وعلى ماذا قلته ( قال ) لأن مالكا قال لي لو أن رجلا ابتاع غلاما أو ثوبا بثمن فاستحق نصف ذلك فان المبتاع بالخيار أن شاء أن يرده كله وان شاء أن يكون له نصفه بنصف الثمن ويرجع على البائع بنصف الثمن فيأخذ ذلك منه وليس للبائع أن يأبى ذلك فهذا عندي مثله ( قلت ) وسواء في قول مالك هذا استحق نصف الثوب عند الذي أسلم في هذه الأشياء قبل أن يدفع الثوب أو بعد ما دفعه ( قال ) نعم ذلك سواء ( قلت ) فان أسلمت ثوبين في فرس موصوف إلى أجل معلوم فاستحق أحد الثوبين ( قال ) لا أحفظه من قول مالك ( قال ) وأرى أن كان الثوبان متكافئين أو كان المستحق هو وجه ما اشترى وفيه الفضل انتقض السلم وان كان تافها ليس من أجله اشترى ولا فيه رجاء الفضل كان عليه قيمة ما استحق وثبت السلم ( قال بن القاسم ) والسلم في هذا وما اشترى يدا بيد بعضه ببعض فهو
____________________
(14/396)
________________________________________
سواء ما يفسخ في بيع يدا بيد ينفسخ في السلم أمرهما واحد وكذلك قال مالك فيمن اشترى يدا بيد في هذه المسألة فيما استحق أو يوجد به عيب فمسئلتك في السلم عندي مثل هذا ( قلت ) أرأيت ما أسلمت فيه من الحيوان إلى أجل فقبضته ثم زاد في يدي ثم استحقه رجل بم أرجع على الذي أسلمته إليه بقيمته يوم استحق في يدى أم بصفته التي أسلمت فيها ( قال ) بصفته التي أسلمت فيها ولا ترجع بالزيادة التي زاد عندك ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا قوله
الرجل يشتري الحلى بذهب أو بورق ثم يستحق ( قلت ) أرأيت أن اشتريت من رجل أباريق من فضة بدنانير أو بدراهم فاستحقت الدراهم أو الدنانير أينتقض البيع فيما بيننا في قول مالك وتجعله صرفا ( قال ) نعم أراه صرفا وينتقض البيع بينكما ( قال ) وكان مالك يكره هذه الأشياء التي تجعل من الفضة مثل الأباريق ( قال ) وكان مالك يكره هذا من الفضة والذهب ومجامير الفضة والذهب وسمعت ذلك منه والاقداح واللجم والسكاكين المفضضة وان كانت تبعا فلا أرى أن تشتري ( قلت ) أرأيت أن صرفت دراهم بدنانير فاستحقت الدراهم بعينها أينتقض الصرف أم لا ( قال ) أرى الصرف منتقضا ( قلت ) فان استحقت ساعة صارفه فقال له صاحبهما خذ مثلها مكانها أيصلح ذلك أم لا ( قال ) أن كان ذلك مكانه ساعة صارفه فلا أرى به بأسا وان تطاول ذلك وافترقا انتقض الصرف ( قلت ) أرأيت أن اشتريت خلخالين من رجل بدنانير أو بدراهم فاستحقها رجل في يدي بعد ما افترقنا أنا وبائعي فقال الذي استحق الخلخالين أنا أجيز البيع وأتبع الذي أخذ الثمن ( قال ) لا يصلح هذا لأنه صرف فلا يصلح أن يعطى الخلخالين ولا ينتقد الثمن ( قلت ) فان كانا لم يتفرقا مشترى الخلخالين وبائعهما حتى استحقهما رجل فقال المستحق أنا أجيز بيع الخلخالين وآخذ الدنانير ( قال ) ذلك جائز إذا أجاز المستحق البيع والخلخالان حاضران وأخذ الدنانير مكانه فذلك جائز ( قلت ) فان كان الخلخالان قد بعث بهما مشتريهما إلى البيت ( قال ) لا يجوز ذلك ( قلت ) ولا ينظر
____________________
(14/397)
________________________________________
في هذا إلى افتراق البائع والمشتري بعد ما اشترى الخلخالين إذا استحقهما رجل والخلخالان حاضران حين استحقهما وأجاز البيع فقال له مشترى الخلخالين أو بائعهما أنا أدفع إليك الثمن حين أجزت البيع وكان ذلك معا ( قال ) نعم ذلك جائز ولا ينظر في هذا إلا إلى حضور الخلخالين والنقد مع اجازة المستحق البيع فإذا كان هكذا جاز والا فلا ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا
____________________
(14/398)
________________________________________
كتاب الشفعة الأول ( قيل ) لابن القاسم هل لأهل الذمة شفعة في قول مالك ( فقال ) سألت مالكا عن المسلم والنصراني تكون الدار بينهما فيبيع المسلم نصيبه هل للنصراني فيه شفعة ( قال ) نعم أرى ذلك له مثل ما لو كان شريكه مسلما ( قلت ) فلو كان الذميان شريكين في دار فباع أحدهما أيكون لصاحبه الشفعة أم لا ( قال ) أن تحاكما إلى المسلمين حكم بينهما بالشفعة ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) أن تراضيا فأرى أن يحكم بينهما بالشفعة
تشافع أهل السهام ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ثلاثة بنين اثنين منهم لأب وأم وآخر لأب وحده وترك دارا بينهم فلم يقتسموا فباع أحد الأخوين اللذين لأب وأم حصته أيكون لأخيه لأبيه وأمه الشفعة دون الأخ للأب في قول مالك ( قال ) قال مالك الشفعة لأخيه لأبيه وأمه ولأخيه لأبيه جميعا ليست الشفعة لأحدهما دون الآخر ( قلت ) فان كان هذا الأخ لم يبع ولكن ولد لأحدهم أولاد ثم مات الذي ولد له فباع واحد من أولاد هذا الميت حصته ( قال ) قال مالك الشفعة لأخوته أولاد هذا الميت دون أعمامهم لأن هؤلاء قد صاروا أهل وراثة دون أعمامهم ( قلت ) وكل قوم
____________________
(14/399)
________________________________________
ورثوا رجلا وبعض الورثة أقعد ببعضهم من بعض وإنما قعددهم من قبل أن بعضهم أقرب بأم وهم أهل سهم واحد أولاد علات أو أخوة مختلفين فباع رجل منهم حصته فالشفعة لجميعهم في قول مالك ولا تكون الشفعة للذي هو أقعد بهذا البائع من صاحبه ( قلت ) وان كان ولد لأحدهم ولد ثم مات فباع أحد ولده أينتقل هذا الأمر ويصيرون شفعاء بعضهم لبعض دون أهل السهم الأول في قول مالك ( قال ) نعم لأن هؤلاء قد انتقلوا من حال السهم الأول إلى وراثة بعد ذلك فبعضهم أولى بشفعة بعض فان سلم هؤلاء شفعتهم فالشفعة لأعمامهم عند مالك فان باع بعض الأعمام فالشفعة بين جميعهم أخوته وولد أخوته جميعا من قبل أن والدهم كان في ذلك السهم الذي ورثه الأعمام لأن والدهم كان في ذلك السهم وليس الأعمام معهم في شفعتهم لأنهم قد صاروا أهل وراثة دون الأعمام وهو قول مالك ( قلت ) فلو أن رجلا هلك وترك ابنتين وأختين وترك دارا فلم تقسم الدار حتى باعت احدى الابنتين حصتها من الدار ( قال ) قال مالك الشفعة لأختها دون عمتيها لأنها وأختها أهل سهم دون عمتيهما وإنما عمتاهما ها هنا عند مالك عصبة ( قلت ) فان لم تبع الأبنة ولكن باعت احدى الأختين حصتها ( قال ) فالشفعة لأختها وللابنتين وكذلك قال مالك ( قيل ) ولم جعل مالك الشفعة للبنات دون الأخوات وجعل شفعة الأخوات للبنات والأخوات جميعا ( قال ) لأن مالكا قال إذا كان أهل سهام ورثوا رجلا وورث معهم عصبتهم فباع بعض أهل السهم حصته فأهل السهم أحق بالشفعة من عصبته وان باع أحد من العصبة حصته فأهل السهم والعصبة في الشفعة جميعا لأن أهل السهم هو شيء لهم مسمى في كتاب الله والعصبة ليس لهم ذلك مسمى وليس هو سهما مسمى ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا هلك وترك نصف دار له شركة بينه وبين شريكه في الدار مشاعة غير مقسومة فورثه عصبته فباع رجل من العصبة حصته من الدار أتكون الشفعة للعصبة دون شركائهم في الدار في قول مالك ( قال ) قال مالك نعم الشفعة للعصبة دون شركائهم في الدار فان
____________________
(14/400)
________________________________________
سلم العصبة الشفعة فالشفعة لشركائهم ( قلت ) لم والعصبة ها هنا ليسوا أهل سهم مسمى ( قال ) لأنهم أهل وراثة واحدة وان لم يكن لهم سهم مسمى ( قلت ) فلو هلك رجل وترك ابنتين وعصبة وترك نصف دار شركته فيها مشاعة غير مقسومة فباعت احدى الأختين حصتها فسلمت أختها الشفعة
____________________
(14/401)
________________________________________
أتكون الشفعة للعصبة دون الشركاء في قول مالك ( قال ) نعم لأن العصبة والبنات أهل وراثة دون الشركاء ( قيل ) فالجدتان إذا ورثتا السدس أتجعلهما أهل سهم وتحملهما محمل أهل سهام أم تجعلهما بمنزلة العصبة في قول مالك ( قال ) قال مالك هذا بمنزلة أهل السهام الشفعة لهما دون من ورث الميت معهما لأن الجدتين أهل سهم ( قلت ) ولا وارث في قول مالك أكثر من الجدتين ( قال ) نعم لا يرث في قول مالك أكثر من جدتين ( قلت ) فان كان أخوات لأم معهن وارثة سواهن فباعت احدى الأخوات للأم حصتها من الدار ( قال ) فالأخوات للأم أحق بالشفعة لأنهن أهل سهم دون من سواهن من الورثة ( قلت ) فالأخوات للأب إذا أخذت الأخت للأب والأم النصف وأخذت الأخوات للأب السدس تكلمة الثلثين فباعت احدى الأخوات للأب حصتها فطلبت الأخت للأم والأب أن تدخل معهن في الشفعة وقال الأخوات للأب الشفعة لنا دونك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى الشفعة للأخت للأب والأم مع الأخوات للأب لأنهم أهل سهم واحد ألا ترى أن السدس الذي صار للأخوات للأب إنما هو أمر تكملة الثلثين فانما هو سهم واحد
باب اقتسام الشفعة ( قلت ) ما قول مالك في الشفعة أتقسم على عدد الرجال أو على قدر الانصباء ( قال ) قال مالك إنما الشفعة على قدر الانصباء وليس على عدد الرجل ( قال بن القاسم ) وأخبرني بن الدراوردي عن سفيان الثوري عن علي بن أبي طالب أنه قال الشفعة على قدر الانصباء ( قلت ) لابن القاسم أرأيت لو أن قوما اقتسموا دارا بينهم فعرف كل رجل منهم بيوته ومقاصيره إلا أن الساحة بينهم لم يقتسموها أتكون الشفعة بينهم أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا شفعة بينهم إذا اقتسموا ( قلت ) وان لم يقتسموا الساحة وقد اقتسموا البيوت فلا شفعة بينهم في قول مالك ( قال ) نعم ( قال ) وقيل لمالك أرأيت إذا كانت الساحة واسعة فأرادوا أن يقتسموا فيأخذ كل إنسان منهم قدر حصته يحوزه إلى منزلة فيرتفق به ( فقال ) إذا كانت كذلك ولم تكن ضررا رأيت أن يقسم ( قلت ) أرأيت السكة غير النافذة تكون فيها دار لقوم فباع بعضهم داره أيكون لأصحاب السكة الشفعة أم لا في قول مالك ( قال ) لا شفعة لهم عند مالك ( قلت ) ولا تكون الشفعة في قول مالك بالشركة في الطريق ( قال ) نعم لا شفعة بينهم إذا كانوا شركاء في طريق ألا ترى أن مالكا قال لا شفعة بينهم إذا اقتسموا الدار وان كانت الساحة بينهم لم يقتسموها
ما لا تقع فيه الشفعة ( قلت ) أرأيت ما سوى الدور والأرضين والنخل والشجر أفيه الشفعة في قول مالك ( قال ) قال مالك لا شفعة إلا في الدور والأرضين والنخل والشجر ( قيل ) والشجر ( قال ) الشجر بمنزلة النخل ( قال ) وجعل مالك في الثمر الشفعة ( قلت ) ولا شفعة في دين ولا حيوان ولا سفن ولا بز ولا طعام ولا في شيء من العروض ولا سارية ولا حجر ولا في شيء من الأشياء سوى ما ذكرت لي كان مما يقسم أو لا يقسم في قول مالك ( قال ) نعم لا شفعة في ذلك ولا شفعة إلا فيما ذكرت لك
الشفعة في النقض ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أذن لرجلين في أن يبنيا في عرصة له فبنيا بأمره فباع أحدهما حصته من النقض أيكون في ذلك شفعة أم لا في قول مالك ولمن تكون الشفعة ( قال ) قال مالك في رجل أذن لرجل أن يبني في عرصته فأراد الخروج منها ويأخذ نقضه ( قال ) مالك صاحب العرصة عليه بالخيار أن أحب أن يدفع إليه قيمتها نقضا ويأخذها فذلك له وان أبى أسلمها إلى صاحبها بنقضها ( قال ) وسئل مالك عن
____________________
(14/402)
________________________________________
قوم حبست عليهم دار فبنوا فيها ثم أن أحدهم مات فأراد بعض ورثة الميت أن يبيع نصيبه من ذلك البنيان فقال أخوته نحن نأخذ بالشفعة أفترى لهم في مثل هذا شفعة ( قال ) مالك ما الشفعة إلا في الأرضين والدور وان هذا الشيء ما سمعت فيه بشيء وما أرى إذا نزل مثل هذا إلا ولهم في ذلك الشفعة ونزلت بالمدينة فرأيت مالكا استحسن أن يجعل في ذلك الشفعة فمسألتك أن أحب صاحب الدار أن يأخذ نقضه بالقيمة أخذ ذلك ولم ينظر في ذلك إلى ما باع به صاحب النقض أن كان أكثر من قيمته لأنه لو أراد أن يأخذ النقض ويدفع إلى رب النقض قيمة نقضه كان ذلك له إلا أن تكون قيمة النقض أكثر مما باع به فيكون لصاحب الأرض أن يأخذ النقض بهذا الثمن الذي باع به وان كان أقل من قيمته لأن البائع قد رضي بذلك فان أبى رب الأرض أن يأخذ فالشريك أولى من المشتري لأن مالكا قال في الشركاء الذين بنوا في حبسهم فباع بعضهم أنه رأى لهم الشفعة لأن ذلك يدخل على الباقين منهم إذا تركه صاحب الأرض مضرة إذا صار يهدم نصف كل بيت فيدخل في ذلك فساد ( قال ) وإنما أصل الشفعة أنها جعلت للمضرة
شفعة العبيد وشفعة الصغير ( قلت ) هل للعبيد شفعة في قول مالك ( قال ) نعم لهم الشفعة عند مالك ( قلت ) أرأيت لو أن صبيا وجبت له الشفعة من يأخذ له بشفعته ( قال ) الوالد ( قيل ) فان لم يكن له والد ( قال ) فالوصي ( قيل ) فان لم يكن له وصي ( قال ) فالسلطان ( قلت ) فان كان في موضع لا سلطان فيه ولا أب له ولا وصي ( قال ) فهو على شفعته إذا بلغ ( قال ) وهذا كله قول مالك ( قلت ) فان كان لهذا الصغير والد فلم يأخذ له بالشفعة ولم يترك حتى بلغ الصبي وقد مضى لذلك عشر سنين أيكون الصبي على شفعته إذا بلغ أم لا في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى للصغير فيه شفعة لأن والده بمنزلته ألا ترى أن الصغير نفسه لو كان بالغا فترك أن يأخذ شفعته عشر سنين لكان ذلك قطعا لشفعته وكذلك مسألتك لأن والده بمنزلته
____________________
(14/403)
________________________________________
باب أجل شفعة الحاضر والغائب ( قلت ) أرأيت لو أن شفيعا علم بالاشتراء فلم يطلب شفعته سنة أيكون على شفعته ( قال ) وقفت مالكا على السنة فلم يره كثيرا ولم ير السنة مما نقطع به الشفعة وقال التسعة إلا شهر والسنة قرب ولا أرى فيها قطعا للشفعة ( قال ) فقلت لمالك فلو كان هذا الشفيع قد كتب شهادته في هذا الاشتراء ثم قام يطلب شفعته بعد ذلك ( قال ) مالك وان كان قد كتب شهادته فلا أرى في ذلك ما تقطع به شفعته ( قال ) ولم أسأله عما وراء السنة ( قال ) مالك وأرى أن أراد أخذ الشفعة أن يستحلف ما كان وقوفه تركا للشفعة إذا كان تباعد هكذا
شفعة الجد لابن ابنه والمكاتب وأم الولد ( قلت ) أرأيت الجد أيأخذ لابن ابنه بالشفعة للصبي إذا لم يكن للصبي والد ولا وصي في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا أني أرى أن يرفع ذلك إلى السلطان فينظر في ذلك ( قلت ) فالمكاتب وأم الولد ألهما الشفعة في قول مالك ( قال ) نعم ألا ترى أن العبيد لهم الشفعة عند مالك
اختلاف المشترى والشفيع في الثمن ( قلت ) أرأيت إذا اختلف الشفيع والمشترى في الثمن الذي اشتريت به الدار القول قول من في قول مالك ( قال ) القول قول المشترى إلا أن يأتي بما لا يشبه فلا يصدق عندي إلا أن يكون مثل هؤلاء الملوك يرغب أحدهم في الدار لضيق داره فيثمنها فالقول قوله إذا أتى بما يشبه ( قلت ) وما معنى قوله إذا أتى بما يشبه ( قال ) يشبه أن يكون ثمنها فيما يتغابن الناس فيه ( قلت ) أرأيت أن أقاما جميعا البينة ( قال ) إذا تكافأت البينتان في العدالة فالقول قول المشترى في الثمن وهما بمنزلة من لا بينة بينهما لأن الدار في يده وهذا رأيي
____________________
(14/404)
________________________________________
باب عهدة الشفيع ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا في دار فلم أقبض الشقص ولم أدفع الثمن حتى قام الشفيع على شفعته فأراد أن يأخذها ممن يأخذ الدار أو إلى من يدفع الثمن وعلى من تكون عهدته في قول مالك ( قال ) قال مالك من أخذ شقصا من دار بشفعة فانما عهدته على المشترى وليس على البائع ( قال ) ولم يختلف عند مالك قبض أو لم يقبض ولقد سمعت عنه ولم أسمعه منه أن من حجته في أن عهدته على المشترى أن الشفيع يقول قد عرفت أنه يبيع ولكنه رجل يسيء المخالطة ولم أدر ما يلحق الدار أو قال هو مديان أو ما أشبهه فأحببت أن تكون تباعتي على ثقة فرأى مالك أن هذا له حجة وأنه جعل تباعة هذا الشفيع على المشترى ( قلت ) فان كان هذا المشتري لم ينقد الثمن ولم يقبض الدار وغاب المشترى كيف يصنع هذا الشفيع ( قال ) ينظر فيه السلطان ( قلت ) أرأيت أن اشترى منه ولم ينقده أيكون للبائع أن يمنعه من قبض الدار في قول مالك حتى ينتقد الثمن ( قال ) نعم ( قلت ) فان قال الشفيع هذا الثمن ويدفعواإلي الدار وقال رب الدار لا أدفع الدار حتى انتقد الثمن كيف يصنع بهذا الثمن والمشترى لم يدفع إلى البائع ( قال ) لا تؤخذ الدار عند مالك من بائعها حتى يقبض الثمن فان أحب الشفيع أن يدفع ثمنا إلى البائع دفع وقبض الدار وتكون عهدته على المشتري لأن دفعه الثمن ها هنا إنما هو قضاء عن المشترى عندي في قول مالك ( قلت ) فان كان على المشتري للدار دين كبير ولم يقبض الدار ولم يدفع الثمن فقال الشفيع أنا آخذ بالشفعة وقال الغرماء نحن نريد ديننا وقال رب الدار لا أدفع الدار حتى أستوفى ثمنها ( قال ) يقال للشفيع ادفع الثمن إلى رب الدار قضاء عن المشترى واقبض الدار ولا يكون للغرماء ها هنا شيء لأن بائع الدار له أن يمنع الدار حتى يقبض الثمن ولأن الشفيع يقول لا أدفع الثمن إلى المشترى لأني أخاف أن يستهلكه وإنما أدفع الثمن لأقبض الدار بشفعتي فلا يكون للغرماء ها هنا شيء ولأن الشفيع لو أسلمها بيعت الدار فأعطى صاحب الدار الثمن الذي بيعت به الدار وكان أحق بذلك
____________________
(14/405)
________________________________________
الثمن من الغرماء إلا أن يقوم عليه الغرماء ويفلسوه فيكون رب الدار أولى بداره إلا أن يضمن له الغرماء الثمن وهذا قول مالك فهذا يدلك على ما ذكرت لك ويبين لك
في طلب الشفيع الشفعة والمشترى غائب ( قيل ) أرأيت لو أن المشتري غاب وحضر الشفيع أيقضى له بالشفعة والمشترى غائب في قول مالك ( قال ) نعم ولا يلتفت إلى مغيب المشترى لأن القضاء جائز عند مالك على الغائب ويكون الغائب على حجته إذا قدم ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار بثمن إلى أجل من الآجال فقال الشفيع أنا آخذ الدار وأنقد الثمن لمن يكون هذا الثمن أللمشترى إلى أجل أم للبائع والمشترى يقول إنما الثمن علي إلى أجل فلا أعجله فلمن يكون هذا الثمن قبل الأجل في قول مالك ( قال ) قال مالك في الرجل يبتاع الشقص من الدار إلى أجل أن الشفيع أن كان مليا فله أن يأخذها إلى ذلك الأجل وان لم يكن مليا وأتى بحميل ثقة ملى فذلك له فأرى فيما سألت عنه أنه إنما يدفع الثمن إلى المشتري ليس إلى البائع لأن الثمن قد وجب للبائع على المشتري وإنما يجب الثمن للمشترى على الشفيع ألا ترى أن الشفيع إنما وجب عليه الثمن للمشترى والمشترى قد وجب عليه الثمن للبائع وقد قبض المشترى الدار وهو أن لم يكن قبض فليس للبائع أن يمنعه قبض الدار ( قلت ) لابن القاسم أرأيت لو أن بائع شقص الدار الذي باع إلى أجل قال للمشترى أنا أرضى أن يكون مالي على الشفيع إلى أجل ( قال ) لا يجوز ذلك عند مالك لأن الثمن قد وجب للبائع على المشترى فلا يصلح أن يفسخه بدين على رجل آخر فيصير هذا دينا بدين وذمة بذمة
اشتراك الشفعاء في الشفعة ( قلت ) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار لها شفيعان فقال أحد الشفيعين أنا آخذ بالشفعة وقال الآخر أنا أسلم الشفعة فقال المشترى للشفيع الذي قال أنا آخذ خذ الجميع أو دع وقال الشفيع لا آخذ إلا حصتي ( قال ) قال مالك يأخذ
____________________
(14/406)
________________________________________
الشفيع الجميع أو يترك وليس للشفيع الآخر أن يأخذ إلا الجميع إذا ترك ذلك صاحبه فقد صارت الشفعة كلها له فليس له أن يأخذ بعضها دون بعض ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى حظوظ ثلاثة رجال من دار مشتركة صفقة واحدة وشفيعها رجل واحد فقال شفيعها أنا آخذ حظ رجل واحد منهم وأسلم حظوظ الاثنين منهم وقال المشترى خذ الجميع أو اترك ( قال ) قال مالك يقال للشفيع خذ الجميع أو اترك وليس له أن يأخذ بعض ذلك دون بعض لأنها صفقة واحدة ( قلت ) فان كان إنما اشترى منهم صفقات مختلفات اشترى من كل واحد منهم حظة على حدة في صفقة على حدة فقال الشفيع أنا آخذ حظ واحد منهم نظر إليه فان كان إنما أخذ حظ أول صفقة اشتراها المشترى فلا شفعة للمشتري معه فيها لأن صفقتيه الباقيتين إنما وقعنا بعد هذه الصفقة ( قال ) وقال مالك وان أخذ الشفيع الصفقة الثانية كان للمشترى معه الشفعة أيضا بقدر صفقته الأولى ولا يكون له الشفعة بصفقته الآخرة لأنها إنما كانت بعد الصفقة الثانية ( قال ) مالك وان أخذ الآخرة كان المشترى شفيعا مع الشفيع بالصفقتين الأوليين كلتيهما وهذا قول مالك ( قلت ) وكان مالك يقول لو أني اشتريت شقصا من دار وأنا شفيع هذا الشقص قبل اشترائي اياه ولهذا الشقص معي شفيع آخر ألي الشفعة فيما اشتريت مع الشفيع ( قال ) قال مالك لهما الشفعة بينهما على قدر حظوظهما ولا يخرجه من الشفعة اشتراؤه الشقص وله الشفعة فيما اشترى عند مالك
اشتراء شقص وعروض صفقة واحدة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار وعروضا صفقة واحدة فقال الشفيع أنا آخذ الشقص من الدار ولا آخذ العروض وقال المشترى خذ الجميع أو دع ( قال ) قال مالك ذلك للشفيع أن يأخذ الدار ويدع العروض لا يأخذها ويقسم الثمن على قيمة الشقص من الدار وعلى قيمة العروض فيأخذ الشفيع الشقص بما أصابه من الثمن ( قلت ) ومتى يقوم هذا الشقص أيوم يقوم الشفيع للأخذ بالشفعة أم
____________________
(14/407)
________________________________________
يوم اشترى المشترى ( قال ) قال مالك يقوم هذا الشقص يوم وقع الاشتراء ولا يقوم اليوم ( قلت ) أرأيت أن كان المشترى قد سكن هذا الشقص حتى أبلى المساكن فانهدمت لسكناه ( قال ) قال مالك لو هدمها هذا المشتري ثم أراد الشفيع أخذها بالشفعة لم يكن له أن يأخذها إلا بجميع ما اشتراها به المشتري فكذلك هذا الذي اشتري الشقص والعروض في صفقة واحدة إذا أراد الشفيع أن يأخذ بالشفعة فانما يقوم الشقص قيمته يوم وقع الاشتراء فيأخذه بحصته من الثمن
باب اشتراء الرجلين الشقص والشفيع واحد ( قلت ) أرأيت أن كان بائع الشقص رجلا واحدا والمشترى رجلين فقال الشفيع أنا آخذ حصة أحدهما وقال المشتري بل خذ الجميع أو دع ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا أني أرى أنه ليس للشفيع الا أن يأخذ الجميع أو يدع وليس له أن يأخذ حصة أحدهما ويترك الآخر لأن الصفقة وقعت واحدة فكل صفقة وقعت واحدة فليس له أن يأخذ بعضها ويدع بعضها لأن الصفقة واحدة وان اشتراها رجلان
باب رجوع الشفيع في الشفعة بعد تسليمه اياها ( قلت ) أرأيت أن أخبر الشفيع أن المشترى اشترى بكذا وكذا درهما فسلم الشفيع فنظر فإذا هو قد اشترى بأقل من ذلك فطلب شفعته ( قال ) له عند مالك أن يأخذ بالشفعة ويحلف بالله ما سلم الشفعة إلا لمكان الثمن الكبير فأما إذا كان بهذا الثمن فأنا آخذ لأن مالكا سئل عن رجل باع شقصا له في دار فقال شريكه أشهدكم بالله أني قد أخذت ثم بدا له أن لا يأخذ فقال أن كان علم بما بيعت به الدار فذلك يلزمه حتى يباع فيها ماله وان كان لم يعلم فقال إنما قلت أنا آخذ فان كان بهذا الثمن فلا آخذ ( قال ) قال مالك فذلك له فلذلك رأيت الأول مثل ما وصفت لك ( قلت ) أرأيت أن أسلم الشفعة قبل الاشتراء فأتاه رجل فقال أنا أريد أن أشتري الحصة التي أنت شفيعها فقال اشتر فاني قد أسلمت لك شفعتي فلما اشترى المشتري قال الشفيع أنا
____________________
(14/408)
________________________________________
آخذ بشفعتي ( قال ) قال مالك ذلك له يأخذ بشفعته
باب اختلاف الشفيع والمشتري في الثمن ( قلت ) أرأيت أن كان المشترى يقول اشتريتها بمائة دينار ويقول الشفيع بل اشتريتها بخمسين وقال البائع بل بعت بمائتي دينار ( قال ) أن كانت الدار في يد البائع أو في يد المشتري ولم تفت بطول زمان أو بهدم من الدار أو بتغيير المساكن أو ببيع أو بهبة أو بصدقة أو بما تخرج به من ملك المشترى فالقول قول البائع وان تغيرت الدار بما ذكرت لك وهي في يدى المشترى فالقول قول المشترى وهذا قول مالك في البيوع ثم يأخذ الشفيع على مثل ذلك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار بألف درهم ثم جاء الشفيع فأخذها بالشفعة فوضع البائع عن المشتري تسعمائة درهم بعد ما أخذها الشفيع بالشفعة ( قال ) ينظر في قيمة الدار فان كانت تشبه أن يكون ثمنها عند الناس مائة درهم إذا تغابنوا بينهم أو اشتروا بغير تغابن قيل للمشتري أنت لم تشتر بألف درهم ولكن هذه ذريعة فيما بينكما وإنما أردتما قطع الشفعة عن هذا الشفيع فلا يكون لكما ذلك وان كانت قيمة الدار عند الناس لا تشبه أن تكون بهذه المائة فالذي ترك البائع للمشتري هبة فلا يرجع الشفيع بشيء من ذلك على المشترى ( قلت ) وكذلك أن كان البائع ترك ذلك للمشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة ( قال ) نعم هو سواء ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك هذا ولكنه رأيي ( قيل ) أرأيت أن قال المشتري اشتريتها بألف وقال البائع بعتها بألفين فأنكر ذلك المشتري وتحالفا وفسخ البيع بينهما ثم جاء الشفيع فقال أنا آخذ الشفعة بألفين ( قال ) قال مالك في رجل وهب لرجل شقصا له في دار له للثواب فلم يثبه الموهوب له فأراد الشفيع أن يأخذها بالثواب فقال مالك لا شفعة له حتى يئيب الموهوب له رب الدار فمسألتك تشبه هذا فلا شفعة له فيه ( قلت ) ولم أجاز مالك الهبة لغير الثواب المسمى ( قال ) أجازه الناس وإنما هو على وجه التفويض في النكاح وفي القياس لا ينبغي أن يكون جائزا ولكن قد أجازه الناس فمسألتك أيضا في
____________________
(14/409)
________________________________________
الشراء لا أرى فيها الشفعة مثل ما قال مالك ( قال ) مالك في الهبة حتى يأخذ المشترى ويجب له الاشتراء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في البيعين إذا اختلفا فالقول قول البائع أو يترادان فقد رده النبي صلى الله عليه وسلم فصار غير بيع فلا شفعة فيه إلا بعد البيع وإنما يكتب آخذ الشفعة العهدة على المشترى وها هنا لم تقع العهدة على المشترى لأنه منكر والبائع إنما رضى أن تكون العهدة عليه للمشترى ولم يرض أن يكون للشفيع عليه عهدة ولم يرد مبايعة
باب فيمن اشترى شقصا فقاسم شركاءه أو وهبه أو باعه أو تزوج به ثم قدم الشفيع ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار مشتركة ولها شفيع غائب فقاسم شركاءه ثم قدم الشفيع فقال أنا آخذ بالشفعة وأرد القسمة ( قال ) ذلك له لأن المشترى لو كان باع لكان للشفيع أن يرد بيعه فكذلك مقاسمته ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قول مالك أنه يرد البيع الثاني فإذا كان للشفيع أن يرد البيع الثاني فله أن يرد المقاسمة ( قلت ) أرأيت أن كان المشترى قد وهب ما اشترى من الدار فقدم الشفيع فقال أنا آخذ بالشفعة لمن يكون هذا الثمن أللموهوب له أو للمشتري في قول مالك ( قال ) للموهوب له ولا يشبه هذا ما استحق ولا ما كان حرا من العبيد لأن هذا حين وهبه قد علم أنه يؤخذ منه بالشفعة فكأنه إنما وهب له الثمن والذي استحق إنما وهبه بعينه ولم يرد أن يهب له الثمن والحرية كذلك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار مشتركة فباعها من غيره وباعها المشترى الثاني من غيره ثم قدم الشفيع أيكون له أن يأخذها بأي الاثمان شاء في قول مالك ( قال ) نعم له عند مالك أن يأخذها بأي الاثمان شاء أن شاء بما اشتراها المشترى الأول ويفسخ ما كان بعد ذلك من بيوعهما وان شاء أخذها بالبيع الثاني ويفسخ البيع الثالث وان شاء أخذها بالبيع الثالث وثبتت البيوع كلها بينهم ( قلت ) وكذلك لو أن المشتري تصدق بما اشترى فجاء الشفيع فقال أنا آخذها بالشفعة أتفسخ الصدقة في قول مالك
____________________
(14/410)
________________________________________
ويأخذ بالشفعة ( قال ) نعم والثمن للمتصدق عليه ( قلت ) أرأيت أن كان المشترى قد تزوج بما اشترى ثم جاء الشفيع فأخذ بالشفعة بم ترجع المرأة على زوجها في قول مالك ( قال ) ترجع عليه بقيمة ما أخذ منها يوم نكحها به
باب اشترى شقصا بثمن ثم زاد البائع على ذلك الثمن أو وضع منه ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار مشتركة ثم أتاني البائع فقال استرخصت فزدني في الثمن فزدته ثم جاء الشفيع ليأخذ بالشفعة ( فقال ) يأخذ بالثمن الأول ولا يلتفت إلى الزيادة لأن هذا حق قد وجب ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) لا إلا أن مالكا قال لو اشترى منه شقصا من دار ثم أقاله كانت الشفعة للشفيع وكانت الاقالة باطلا إلا أن يسلم الشفيع الشفعة فتكون الاقالة جائزة ( قلت ) ولا تكون الاقالة بيعا من البيوع فيكون للشفيع أن يأخذ بعهدة الاقالة ( قال ) ليست الاقالة في هذا الموضع في قول مالك بيعا من البيوع ( قيل ) فالاقالة عند مالك بيع من البيوع ( قال ) نعم الاقالة عند مالك بيع من البيوع حادث إلا أن مالكا قال لي في الاقالة في الشفعة ما أخبرتك ( قلت ) أرأيت البائع ما حط عن المشترى قبل أخذ الشفيع بالشفعة أو بعد ما أخذ ( قال ) إذا وضع عنه ما يرى أن مثل ذلك مما يوضع في البيوع فتلك الوضيعة توضع عن الشفيع وان كان شيئا لا يوضع مثله فتلك الوضيعة هبة فلا يوضع عن الشفيع من ذلك شيء ( قلت ) أرأيت أن اشتريت امرأة شقصا من دار مشتركة فخالعت زوجها بذلك الشقص فأتى الشفيع فأخذ من الزوج بالشفعة على من تكون عهدته ( قال ) تكون العهدة للشفيع أن شاء على المرأة وان شاء على الزوج ( قلت ) فان أراد أن يأخذ من المرأة ( قال ) يأخذ بالثمن الذي اشتريت به أولا ( قلت ) فان أخذ من الزوج ( قال ) يأخذ بقيمة الشقص يوم خالعته المرأة عليه ويكون عهدته على الزوج قلت وهذا قول مالك قال قال مالك في الرجل يشترى الشقص من الدار فيتزوج به امرأة فيقدم الشفيع أن الشفيع مخير أن شاء فسخ عنه عطية الزوج المرأة الدار في صداقها فأخذ الدار بما اشتراها وكانت عهدته
____________________
(14/411)
________________________________________
على الزوج وان شاء أجاز عطية الزوج امرأته الشقص في صداقها وأخذ الشفعة بقيمة الشقص يوم أعطيت المرأة ذلك في الصداق وتكون عهدته على المرأة وكذلك مسألتك في الخلع
باب تلوم السلطان للشفيع في الثمن وأخذ الشفعة من الغائب ( قلت ) أرأيت أن أراد الشفيع الأخذ بالشفعة ولم يحضره نقده أيتلوم له القاضي في قول مالك ( قال ) قال مالك رأيت القضاة عندنا يؤخرون الأخذ بالشفعة في النقد اليوم واليومين والثلاثة ورأيت مالكا استحسنه وأخذ به ورآه ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار مشتركة فقام الشفيع فأخذ بالشفعة فلم يقبض منى الشقص حتى انهدم فقال أنا أترك ولا آخذ لأن الدار قد انهدمت أيكون له ذلك في قول مالك أم لا في قول مالك ( قال ) لا يكون للشفيع أن يترك عند مالك لأنه قد أخذ وقد وجبت له الشفعة فما أصاب الدار من شيء فهو من الشفيع ( قلت ) وكذلك هذا في البيع إذا انهدمت الدار بعد الصفقة قبل أن يقبض المشترى ما أصاب الدار من المشتري ليس من البائع في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار لرجل غائب أيكون للشفيع أن يأخذ بالشفعة في قول مالك ( قال ) نعم له أن يأخذ لأن مالكا يرى أن يقضى على الغائب ( قلت ) فلا يجوز أن أوكل من يأخذ لي بشفعتي وأنا غائب أو حاضر في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن قيل لي أن فلانا قد اشترى نصف نصيب شريكك فسلمت شفعتي ثم قيل أنه قد اشترى جميع نصيبه فقلت قد أخذت بالشفعة أيكون ذلك لي أم لا ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى ذلك لك ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار فأصابها هدم أو غرق أو حرق فأراد الشفيع الأخذ بالشفعة ( قال ) قال مالك يأخذها بجميع الثمن أو يدع ( قلت ) وان اشتريت شقصا من دار فهدمتها فأتى الشفيع ليأخذ بالشفعة ( قال ) قال مالك يأخذها مهدومة بجميع الثمن ويأخذ هذا النقض مهدوما ولا يكون له على المشترى قليل ولا كثير
____________________
(14/412)
________________________________________
( قال ) قال مالك وان هدمها المشترى ثم بناها قيل للشفيع خذها بجميع ما اشترى وقيمة ما عمر فيها فان أبى لم يكن له شفعة
باب اشترى دارا فباع بعضها ثم استحق نصفها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى دارا من رجل فهدمها فباع نقضها ثم قدم رجل فاستحق نصف الدار كيف يصنع ( قال ) أن لم يجز البيع فانه يأخذ نصف ما استحق من الدار ونصف الثمن الذي باع به النقض لأنه قد استحقه ثم أن أراد الأخذ بالشفعة فانه يقسم الثمن على ما باع منها وما بقي يوم وقعت الصفقة ولا ينظر إلى ثمن ما باع منه فان كانت قيمة النقض الذي باع يوم وقعت الصفقة هي الثلثين والذي بقي من الدار ثلث الثمن فيدفع نصف الثلث ويأخذ العرصة بالشفعة ويكون له نصف ثمن النقض الذي بيع من حصته لأنه هو له لأنه كان له نصف الأرض ونصف البنيان وأما النصف الآخر من النقض فهو للمشترى ولا يرجع عليه فيه بشيء لأنه بيع قد جاز له لم يكن للآخذ بالشفعة فيه شيء وفات البيع فانما يرجع على ما بقي على ما فسرت لك وهذا الذي بلغني عمن أثق به من قول مالك ( قال ) وانما كان له نصف ثمن النقض لأن المبتاع باع شيئا نصفه للآخذ بالشفعة وانما أجيز بيع نصف النقض الذي اشترى المشتري لأنه باع شيئا هو له لم يكن للآخذ بالشفعة فيه حق إلا أن يدركه لم يفت فلما فات رجع إلى العرصة فأخذها بحصتها مما بقى وقد فسرت لك ما بلغني ( قال ) وان لم يكن المشتري باع من النقض شيئا قيل للمستحق أن شئت خذ نصف الدار مهدمة ونصف هذا النقض فليس لك على هذا المشتري الهادم من قيمة البناء الذي هدم قليل ولا كثير لأنه إنما هدم على وجه الشبهة ووجه الاشتراء وهو لم يبع من النقض شيئا فيكون لك أن تتبعه بما باع من النقض فان أبى أن يأخذ ما استحق منها مهدوما قيل له لا شيء لك واتبع الذي باع فخذ منه الثمن الذي باع به حصتك أن أحببت ( قلت ) فان أخذ حصته التي استحق وقال أنا آخذ بالشفعة ( قال ) ذلك له ( قلت ) فهل يبيع المشترى إذا أخذ بالشفعة بشيء مما هدم من الحظ الذي
____________________
(14/413)
________________________________________
يأخذه هذا المستحق بالشفعة ( قال ) لا يضمن له شيئا مما هدم ( قلت ) فان كان المشترى قد باع من الهدم شيئا ( قال ) يضمن له نصف ما باع من ذلك إذا أخذ المستحق بالشفعة ( قلت ) فالمشترى إذا باع مما نقض شيئا أخذ المستحق نصفه ذلك منه باستحقاقه نصف الدار ونصفه بالشفعة ( قال ) نعم إذا كان ما باع من النقض حاضرا لم يفت ( قلت ) فان فات النقض فليس له أن يرجع عليه بما يصيبه من الثمن وإنما له أن يأخذ البقعة بما يقع عليها من الثمن ( قال ) نعم ( قلت ) وما لم يبع من ذلك لم يضمن له شيئا من ذلك ( قال ) لا يضمن له ما هدم من حظ النصف الذي استحقه المستحق ولا يضمن له حظ النصف الذي يأخذ المستحق بالشفعة ( قال ) نعم لا يضمن شيئا من هذا الا أن يبيع شيئا من ذلك فيضمن له بحال ما وصفت لك ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم
ما جاء فيمن اشترى أنصباء ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى نصيبا في دارين صفقة واحدة وشفيعهما واحد فقال الشفيع أنا آخذ احدى الدارين وأسلم الأخرى وقال المشترى خذ الجميع أو دع ( قال ) قال مالك يقال للشفيع خذ الجميع أو دع ( قلت ) فان كان المشترى اشترى هذين النصيبين من رجلين مختلفين صفقة واحدة ( قال ) قال مالك ليس للشفيع أن يأخذ حظ أحد الرجلين دون الآخر لأن الصفقة واحدة والمشترى واحد فأما أن يأخذ الجميع وإما أن يدع ( قلت ) وكذلك أن كانوا ثلاثة رجال لأحدهم نخل وأرض وللآخر قرية وللآخر دور فباعوا جميع ذلك كله صفقة واحدة من رجل وشفيع هذه القرية وهذه النخل وهذه الدور رجل واحد فقال الشفيع أنا آخذ هذه النخل بحصتها من الثمن ولا أريد القرية ولا الدور وقال المشترى خذ الجميع أو دع ( فقال ) سألت مالكا عن الشريكين في الدور والأرضين والنخل وذلك مفترق يبيع أحدهما نصيبه من ذلك كله فيأتي الشفيع فيقول أنا آخذ بعض ذلك دون بعض ( فقال ) مالك ليس له إلا أن يأخذ الجميع أو يدع وليس له أن يختار
____________________
(14/414)
________________________________________
عليه أن يأخذ ما يحب ويدع ما يكره ( قال بن القاسم ) لأن الشفعة تكون فيه وهو كله مما تجرى فيه الشفعة وكذلك مسألتك في الثلاثة نفر ليس له إلا أن يأخذ الجميع أو يدع لأنها صفقة واحدة ومشتريها رجل واحد وشفيعها رجل واحد ( قال ) وسألت مالكا عن الرجل يبتاع من النفر الثلاثة أو الأربعة حظوظهم في صفقة واحدة فيأتي شفيع في ذلك كله فيريد أن يأخذ حظ أحدهم فقال ليس له إلا أن يأخذ ذلك كله أو يسلمه فمسألتك مثل هذا أيضا ( قلت ) فان كانوا ثلاثة رجال اشتروا من ثلاثة رجال دارا وأرضا ونخلا وشفيع هذه الدار والنخل والأرض رجل واحد فأتى الشفيع فقال أنا آخذ حظ أحدهم وأسلم حظ الاثنين ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وليس ذلك له إلا أن يأخذ ذلك كله أو يتركه وذلك إذا كان ذلك كله في صفقة واحدة ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دارين صفقة واحدة وشفيع كل دار على حدة فسلم لي أحدهما الشفعة وأراد الآخر الأخذ بالشفعة فقلت له خذ الصفقة كلها أو دع فقال لا آخذ إلا الذي أنا فيه شفيع أيكون له ذلك في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك للشفيع أن يترك تلك التي لا شريك له فيها لأنه ليس بشفيع لها ويأخذ التي له فيها شرك لأنه شفيعها
ما جاء فيمن اشترى شقصا فوهبه ثم استحق أو غير ذلك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى دارا فوهبها لرجل فهدمها أو وهب نقضها لرجل يهدمه ثم أتى رجل فاستحق نصف الدار ( فقال ) هذا والبائع سواء ألا ترى أن المشترى لو باع من غيره فهدمها المشتري الآخر أنه لا شيء للشفيع عليه من قيمة البناء إلا أن يكون الهادم باع شيئا من ذلك فيبيعه على ما فسرت لك فيمن باع نقضا وكذلك الهبة في هذا لأن الموهوب له لم يكن غاصبا إنما هدم على وجه الهبة والاشتراء فلا شيء عليه إلا أن يكون باع شيئا من ذلك فيكون بحال ما وصفت لك ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال لي مالك ذلك في المشترى والموهوب له مثله
____________________
(14/415)
________________________________________
( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى دارا فوهبها لرجل فأتى رجل فاستحق نصفها وأخذ النصف الباقي بالشفعة لمن يكون ثمن هذا النصف الذي يأخذه المستحق بالشفعة أللواهب أم للموهوب له ( قال ) للواهب ( قلت ) لم ( قال ) لأنه إنما وهب له الدار ولم يهب له الثمن ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هو قوله وأما الذي سمعت أنا منه في رجل وهب لرجل جارية ثم هلك الموهوب له ثم استحقت بحرية فقيل لمالك لمن ترى هذا الثمن الذي أخذ من بائعها ألورثة الموهوب له أم للمشترى الواهب فقال مالك بل للواهب وليس للموهوب له ولا لورثته شيء ( قال ) وقد بلغني أنه كان يقول في الاستحقاق أيضا أن الثمن للواهب إذا وهب عبدا فاستحق العبد أنه مسروق ( قلت ) أرأيت أن اشترى رجل شقصا من دار فوهبها لرجل فأتى شفيعها فأخذ بالشفعة لمن يكون الثمن ( قال ) إذا وهبها وهو يعلم أن للذي وهب من الدار شفيعا يأخذ ذلك أن شاء أو يترك فأرى الثمن للموهوب له ( قلت ) ما فرق ما بين هذه المسألة وبين المسألة التي قبلها في الذي اشترى جميع الدار فوهبها فاستحق نصف الدار فقلت فيه الثمن للواهب وقلت ها هنا الثمن للموهوب له ( فقال ) لأن الواهب إنما وهب الدار كلها ولم يهب الثمن وان الذي وهب الشقص من الدار قد عرف أن لها شفيعا إنما وهبها وقد عرف أن الشفيع أن شاء أخذ وان شاء ترك فليس له من الثمن شيء
الرجوع في الشفعة بعد تسليمها وأخذ الشفعة بالبيع الفاسد ( قلت ) أرأيت أن اشترى رجلان حصة رجل فأخبر الشريك أن حصة صاحبك قد اشتراها فلان لأحدهما ولم يذكر له أن الآخر قد اشترى مع الذي ذكر له فقال قد سلمت له الشفعة فقيل له بعد ذلك أنه لم يشتر هو وحده إنما اشترى هو وفلان فقال فأنا آخذ بالشفعة وقال الذي أسلم الشفعة قد سلمت لي فلا أعطيك حصتي ( فقال ) أرى أن يأخذهما جميعا حصة الذي سلم له الشفعة وحصة الآخر الذي لم يسلم له الشفعة لأن الرجلين إذا اشتريا من رجل حصته لم يكن للشفيع إلا أن يأخذ
____________________
(14/416)
________________________________________
الشفعة كلها أو يترك البيع ( قلت ) أرأيت البيع الفاسد أفيه شفعة أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إن كان لم يفت البيع الفاسد رد بعينه وان فات حتى تصير الدار على المشترى بالقيمة رأيت الشفعة للشفيع ( قلت ) أرأيت حوالة الأسواق أهي في الدور فوت أم لا في قول مالك ( قال ) ليست بفوت ( قيل ) فتغيير البناء من غير هدم ( قال ) لا أعرف هذا وإنما أعرف الفوت في البناء إذا كان الهدم فهذا فوت عند مالك ( قلت ) ويكون المشترى قد بنى فيها بنيانا من البيوت والقصور فهذا فوت أيضا ( قال ) والغرس أيضا فوت أو يشتريها وفيها غرس فيموت الغرس فهذا أيضا فوت ( قلت ) أرأيت البيع الفاسد إذا ولاه الرجل أيجوز أم لا ( فقال ) قال لي مالك أن ولاه فقال أوليك كما اشتريت فهذا لا يصلح وينقض أيضا لأنه أن كان المشترى الأول وقع في صفقته بيع وسلف فقال للذي ولاه أوليك هذه الشفعة كما شتريتها فهذا لا يصلح لأن هذا الثاني أيضا قد وقع مثل ما وقع فيه الأول في بيع وسلف فلا يجوز ( قلت ) فان قال قامت علي هذه السلعة بمائة دينار وإنما أبيعكها بذلك ( قال ) هذا قد كذب لم تقم عليه بمائة دينار لأنه أن كان أخذها بمائة دينار على أن أسلف عشرة دنانير وقيمة السلعة خمسون دينارا فلم تقم عليه السلعة بمائة فهذا قد كذب فيكون المشتري بالخيار أن أحب أن يأخذ بالمائة دينار أخذ وان أحب أن يرد رد فان فاتت في يدى المشترى قبل أن يختار قومت السلعة فان بلغت من القيمة أكثر من المائة لم يزد عليها لأنه قد رضى بها أولا وان كانت أقل من المائة فله ذلك ( قلت ) فان اشتراها بيعا فاسدا وباعها بيعا صحيحا ( قال ) هذا فوت أيضا في البيع الفاسد وله أن يأخذ بالبيع الصحيح وليس له أن يأخذ بالبيع الفاسد ( قلت ) أرأيت الشفعة هل تورث في قول مالك ( قال ) نعم
تنازع الغرماء والشفعاء في الدار ( قلت ) أرأيت الرجل يشتري شقصا من دار مشتركة فيموت وعليه دين أو يقوم عليه الغرماء ولم يمت فيأتي الشفيع بحضرة ذلك فيريد الأخذ بالشفعة وفي قيمة الدار
____________________
(14/417)
________________________________________
فضل عما اشتراها به وقال الغرماء نحن نأخذ الدار لأن فيها فضلا عما اشتراها به ( قال ) الشفيع أولى من الغرماء ( قال ) ولقد سئل مالك عن رجل عليه دين وله شريك في دار فباع شريكه حصته فقام عليه غرماؤه فقالوا له خذ شفعتك فان فيها فضلا وقال لا آخذ فقال له الغرماء أنت مضار ونحن نأخذ إذا كانت لك الشفعة فان فيها فضلا نستوفيه ( قال ) مالك ذلك للشفيع أن شاء أن يأخذ وان شاء أن يترك وليس للغرماء ها هنا حجة ( قلت ) أرأيت أن أسلم الشفيع الشفعة بمال أخذه من المشترى أيجوز ذلك في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك إذا أسلم الشفعة بعد وجوب الصفقة بمال أخذه فذلك جائز وان أسلم شفعته قبل وجوب البيع للمشترى بمال أخذه فذلك باطل لا يجوز لأنه لم تجب له الشفعة بعد وهو مردود وهو على شفعته ها هنا أن أحب أن يأخذ شفعته أخذ وان أحب أن يترك ترك ( قال بن القاسم ) وكذلك أن أسلمها بمال قبل الوجوب فهو كذلك ويرد ما أخذ ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار مشتركة فأتى رجل إلى الشفيع فقال خذها بشفعتك ولك مائة دينار ربحا أربحك فيها ( قال ) قال مالك لا خير في هذا ولا يجوز ( قلت ) أرأيت لو أن شفيعا وجبت له الشفعة فباع قبل أن يأخذ شفعته أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يجوز ذلك ( قلت ) هل تحفظه عن مالك ( قال ) هو قول مالك
شفعة الغائب ( قلت ) أرأيت الغائب إذا علم بالشراء وهو شفيع ولم يقدم يطلب الشفعة حتى متى تكون له الشفعة ( قال ) قال مالك لا تقطع عن الغائب الشفعة بغيبته ( قلت ) علم أو لم يعلم ( قال ) ليس ذلك عندي إلا فيما علم وأما فيما لا يعلم فليس فيه كلام ولو كان حاضرا ( قلت ) أرأيت لو أني اشتريت من رجل شقصا من دار بافريقية وأنا بمصر وشفيعها معي بمصر فأقام معي زمانا من دهره لا يطلب الشفعة ثم خرجنا إلى افريقية فطلب شفعته أيكون ذلك له لا زمانه في قول مالك أو طلب بمصر قبل أن يخرج إلى افريقية أيكون ذلك له في قول مالك أم لا ( قال ) لا أحفظ قول
____________________
(14/418)
________________________________________
مالك فيها وأرى الدار الغائبة والحاضرة سواء أن ذلك له قام بمصر أو بافريقية فذلك له ما لم يطل ذلك حتى يرى أنه تارك للشفعة وفي مسألتك التي ذكرت أنه مقيم معك زمانا من دهره ولا يطلب ذلك فلا أرى له شفعة إذا كان تاركا لذلك بعد علمه به حتى يطول ويكون أكثر من السنة فيما يرى أنه تارك لها والدار الحاضرة والغائبة في ذلك عندى سواء
الدعوى في الدار ( قلت ) أرأيت أن وكلت رجلا يشتري لي شقصا من دار وهو شفيعها أو وكلته أن يبيع لي شقصا من دار وهو شفيعها فباع أو اشترى أتكون له الشفعة في الوجهين جميعا أم لا ( قال ) نعم ولا أقوم على حفظ سماعي من مالك فيه ( قلت ) أرأيت أن كانت دار في يدى رجل فأقام البينة رجل أنه اشترى هذه الدار من هذا الذي الدار في يديه وأقام الذي الدار في يديه البينة أنه اشتراها من هذا المدعى ( قال ) إذا تكافأت البينتان في العدالة فهي للذي في يديه وان لم تتكافآ في العدالة قضى بها لأعدل البنتين ( قلت ) أرأيت أن اشتريت دارا فبنيت فيها بيوتا أو قصورا أو وهبتها أو بعتها ثم اختلفنا أنا والبائع في الثمن القول قول من ( قال ) هذا فوت والقول قول المشترى عند مالك ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار لها شفيعان فسلم لي أحدهما الشفعة وقال الآخر أنا آخذ جميع الشفعة وقال المشترى خذ الجميع وقال الشفيع لا آخذ إلا حصتي لم يكن ذلك له أما أن يأخذ الجميع وأما أن يدع وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشتري شقصا من دار مشتركة لها شفعاء وكلهم غيب إلا واحدا حاضرا فقال الحاضر أنا آخذ الجميع بشفعتي وقال المشترى لا أدفع إليك حظوظ الغيب أو قال المشترى خذ الجميع وقال الشفيع لا آخذ إلا قدر حصتي من الشفعة ( قال ) قال مالك يأخذ هذا الحاضر جميع ذلك أو يترك في الوجهين جميعا ( قلت ) فان قدم الغائب وقد أخذ هذا الحاضر الجميع بالشفعة ( قال ) يدخلون معه جميعا أن أحبوا كلهم فيأخذون بقدر ما كان لهم من شفعتهم فان أخذ
____________________
(14/419)
________________________________________
بعضهم وأبى بعضهم لم يكن للآخذ أن يأخذ بقدر حصته ويدع ما بقى وليس له إلا أن يكون شريكا يقاسمه جميع ما اشترى فيأخذ أو يدع ( قال ) وقال لي مالك ولو أن هذا الحاضر أبى أن يأخذ الجميع وقال لا آخذ إلا قدر حصتي فترك أن يأخذ الجميع لم يكن له شيء فان قدم الغيب كان لهم أن يأخذوا جميع ذلك بالشفعة فان أخذوا ذلك بالشفعة لم يكن لذلك الحاضر فيما أخذ الغيب شفعة لأنه قد ترك ذلك أولا فلا يكون له في ذلك شيء ولهؤلاء الذين قدموا أن يأخذوا جميع ذلك أو يتركوا ( قال ) قال مالك وليس لهذا الحاضر أن يقول أنا آخذ بقدر حصتي من الشفعة وأترك حصص أصحابي حتى يقدموا فان أخذوا شفعتهم والا أخذت ذلك ( قال ) مالك ليس ذلك له ولكن أما أن يدع وأما أن يأخذ واذا قدم هؤلاء الغيب فترك جميعهم الشفعة إلا واحدا منهم قيل له خذ الجميع أو دع
باب الكفالة في الدور ( قلت ) أرأيت أن بعت دارا وأخذ مني المشتري كفيلا بما أدركه من درك فبنى في الدار ثم استحقها مستحق أيكون للمشترى على الكفيل من قيمة ما بنى شيء أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى على الكفيل إلا ما ضمن له أولا ولا يكون عليه من قيمة ما بنى المشترى في الدار قليل ولا كثير ولكن يقال للمستحق ادفع إلى هذا المشتري قيمة ما بنى أو خذ قيمة دارك فان دفع إليه قيمة ما بنى وأخذ داره رجع المشتري على البائع بالثمن أو على الحميل بالثمن والمشترى في ذلك مخير وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قال اشهدوا أني قد أخذت بشفعتي ثم قال قد بدا لي ( قال ) قال مالك إذا كان قوله ذلك بعد الشراء وقد علم بالثمن فقد لزمه ذلك وان كان لم يعلم بالثمن فله أن يترك أن أحب ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا في دار بعبد فمات العبد في يدي قبل أن أدفعه ( قال ) قال مالك المصيبة من رب الدار لأن العبد قد وجب له ( قلت ) أفيأخذ الدار الشفيع بشفعته بقيمة العبد ( قال ) نعم عند مالك ( قلت ) وتكون عهدة الشفيع على رب الدار الذي باعها ( قال ) لا ولكن تكون
____________________
(14/420)
________________________________________
العهدة على المشترى ( قيل ) فمتى تجب للشفيع الشفعة في قول مالك ( قال ) قال مالك أن الشفعة تجب للشفيع ساعة تقع الصفقة نقد أو لم ينقد قبض الدار أو لم يقبض أخذ الشفيع الشفعة بالبيع الفاسد ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار بيعا فاسدا فأخذ الشفيع ذلك بالشفعة ثم علم بفساد البيع ( قال ) ترد الدار إلى البائع ولا يأخذها الشفيع ولا المشترى لأن البيع فاسد
باب باع شقصا من دار بعبد فأخذ الشقص بالشفعة ثم أصيب بالعبد عيب ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار بعبد ثم أخذها الشفيع بالشفعة فأصاب بائع الدار بالعبد عيبا ( قال ) يرده ويأخذ قيمة الدار من المشتري للدار وقد مضت الدار للشفيع بالشفعة ( قلت ) ولم أمضيت الدار للشفيع بالشفعة ها هنا ( قال ) لأن هذا المشترى إذا دفعها إلى الشفيع فهو بمنزلة ما لو باعها من غيره ( قلت ) فلم لا تجعله في البيع الفاسد بهذه المنزلة ( قال ) لأن البيع الفاسد كان مردودا من الآخر والأول ألا ترى لو أن رجلا باع بيعا فاسدا ثم باع من آخر بيعا فاسدا ردا جميعا إلا أن يتطاول أو بتغير بالابدان أو بالأسواق فيكون في ذلك القيمة ولا يرد فهذا فرق ما بينهما ( قلت ) وهذا كله قول مالك ( قال ) منه قوله ومنه رأيي ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار بعبد فأخذ الشفيع ذلك الشقص بشفعته ثم استحق العبد من يد بائع الدار ( قال ) قد مضت الدار للشفيع ويرجع بائع الدار على المشتري بقيمة الشقص ( قلت ) أرأيت أن كانت قيمة العبد ألفا وقيمة الشقص ألفين فرجع بائع الشقص على المشترى بألفين وإنما أخذ المشترى من الشفيع ألفا فأراد المشترى أن يرجع على الشفيع بألف آخر لأنه قد صارت الدار على المشترى بألفين وهو قيمتها وإنما أخذها الشفيع منه بألف ( قال ) لا يرجع المشترى على الشفيع بقليل ولا كثير
____________________
(14/421)
________________________________________
لأن الأخذ بالشفعة إنما هو بيع من البيوع وكذلك لو كانت قيمة العبد ألفي درهم وقيمة الشقص ألف درهم فلما أخذها الشفيع بقيمة العبد وهي ألفا درهم استحق العبد فرجع البائع على المشترى بألف درهم فليس للشفيع أن يرجع على المشتري بالألف التي فضلت عنده ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) لا أحفظه عن مالك وهو رأيي ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار بعرض من العروض فمضى لذلك زمان والعرض قائم بعينه عند بائع الدار أو مستهلك فاختلف المشترى والشفيع في قيمته أينظر إلى قيمة العرض أن كان قائما بعينه اليوم أم لا ( قال ) إنما ينظر إلى قيمته يوم وقع الشراء ولا ينظر إلى قيمته اليوم ( قلت ) فان كان مستهلكا ( قال ) فالقول قول المشترى مع يمينه ( قلت ) فان أتى بما لا يشبه ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن رأيي أنه مثل البيوع أنه أن أتى بما لا يشبه لم يقبل قوله وكان القول قول الشفيع إذا أتى الشفيع بما يشبه فان أتى أيضا بما لا يشبه قيل للذي استهلكه وهو المشترى صف العرض ويحلف على الصفة ثم يقوم على صفته بعد يمينه ثم يقال للشفيع خذ أو اترك ( قيل ) فان نكل المشترى عن اليمين على الصفة التي وصف ( قال ) يقال للشفيع صف واحلف فإذا وصف وحلف أخذها بقيمة تلك الصفة وهذا مثل البيوع
باب اشترى شقصا بحنطة فاستحقت الحنطة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار بحنطة بعينها فاستحقت الحنطة أيرجع بائع الشقص فيأخذ الشقص أم يأخذ حنطة مثل الحنطة التي استحقت في يده وهل فيه شفعة ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن لو أن رجلا اشترى حنطة بعينها ثم استحقت الحنطة لم يكن على صاحب الحنطة أن يأتي بحطنة مثلها عند مالك فأرى في مسألتك أن أخذها الشفيع بالشفعة قبل أن يستحق الطعام أن لا يرد ويغرم له قيمة الشقص الذي اشترى وان كان إنما استحق قبل أن يأخذ الشفيع الشفعة فلا شفعة للشفيع ( قال ) وكذلك الرجل يشتري الدار بعبد فيستحق
____________________
(14/422)
________________________________________
العبد قبل أن يقوم الشفيع فلا شفعة له فيه لأنه لم يتم البيع وترد الدار إلى صاحبها وينفسخ البيع ولو أخذت بالشفعة ثم استحق العبد رجع بقيمة الدار ولم يؤخذ من الشفيع ما أخذ ( قال ) وشراء الطعام بالدراهم والدنانير سواء إذا استحق أنه يرجع بالدنانير ولا بيع بينهما والدار عندي بمنزلته
ما جاء في البائع يقر بالبيع وينكر المشترى فيريد الشفيع أن يأخذ بالشفعة باقرار البائع ( قلت ) أرأيت أن أقر البائع بالبيع وجحد المشترى البيع وقال لم أشتر شيئا ثم تحالفا وتفاسخا البيع فقام الشفيع فقال أنا آخذ بالشفعة بما أقررت لي أيها البائع ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى فيه شفعة لأن عهدته على المشترى فإذا لم يثبت للمشترى ما اشترى فلا شفعة له
فيمن باع عبدا بشقص ودراهم ثم جاء الشفيع ليأخذ الشقص ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا باع عبده بشقص من دار وبألف درهم فأتى الشفيع ليأخذ بالشفعة وقيمة العبد ألف درهم وقيمة الشقص ألف درهم فبكم يأخذها الشفيع ( قال ) يأخذها الشفيع في قول مالك بخمسمائة درهم لأن ثمن العبد وهو الألف درهم يقسم على ثمن الشقص وهو ألف درهم وعلى الألف درهم فيصير نصف ها هنا ونصف ها هنا فيأخذ الشفيع الشقص بنصف قيمة العبد وذلك خمسمائة درهم
ما لا شفعة فيه من السلع ( قلت ) أرأيت سفينة بيني وبين رجل أو خادما بيني وبين رجل بعت حصتي من ذلك أيكون شريكي أولى بذلك في قول مالك أم لا ( قال ) لا يكون شريكك أولى بذلك عند مالك إنما يقال لشريكك بع معه أو خذ بما يعطى فأما إذا باع ورضى بأن يبيع وحده فليس لشريكه فيه شفعة وهذا قول مالك
____________________
(14/423)
________________________________________
باب الشفعة في العين والبئر ( قلت ) أرأيت لو أن أرضا بيني وبين رجل ونخلا وعينا لهذه الأرض والنخل قاسمت شريكي في الأرض والنخل ثم بعت حصتي من العين ( قال ) قال مالك لا شفعة لشريكك فيما بعت من العين ( قلت ) فان هو لم يقاسمه الأرض والنخل ولكنه باع نصيبه من العين ولم يبع نصيبه من الأرض ( قال ) قال مالك فلشريكه الشفعة في العين ما دامت الشركة في الأرض والنخل ( قال ) قلت لمالك أرأيت الحديث الذي جاء لا شفعة في بئر ما هو ( قال ) هو إذا قسم أصحابه الأرض والنخل ثم باع حصته من العين أو البئر قال مالك فهذا الذي جاء فيه الحديث لا شفعة في بئر ( قال ) وان هو لم يقسم كانت فيه شفعة باع حصته من الأرض والبئر أو باع البئر أو العين وحدها ففيها الشفعة ( قلت ) أرأيت العين هل يقسم شربها في قول مالك ( قال ) قال مالك نعم يقسم بالقلد ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من الأرض فزرعتها أو غرستها فأتى الشفيع ليأخذ بالشفعة ( قال ) قال مالك له أن يأخذ بالشفعة والزرع للزارع ( قلت ) فهل يكون للشفيع من الكراء شيء أم لا ( قال ) لا يكون له من الكراء شيء ( قلت ) فإذا كان قد غرسها نخلا أو شجرا ( قال ) إذا غرسها نخلا أو شجرا فانه يقال للشفيع أن شئت فخذها واغرم قيمة ما فيها من الغرس قائما فان أبى لم يكن له شفعة وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا بينه وبين شريك له أرض ونخل فاقتسما النخل وتركا الأرض لم يقتسماها فباع أحدهما ما صار له من النخل أيكون لشريكه الشفعة أم لا ( قال ) سمعت مالكا يقول في النخلة تكون للرجل في الحائط فيبيعها أنه لا شفعة لرب الحائط فيها وكذلك مسألتك لأن كل ما قسم فلا شفعة فيه عند مالك ( قلت ) أرأيت لو أني اشتريت أرضا من رجل يزرعها قبل أن يبدو صلاحها بمائة دينار فأتى رجل فاستحق نصف الأرض فطلب الأخذ بالشفعة كيف يصنع فيما بينهما في قول مالك ( قال ) إذا استحق نصف الأرض
____________________
(14/424)
________________________________________
بطل البيع في النصف الذي استحق هذا المستحق فيما بين البائع والمشترى في الأرض وفي الزرع لأن نصف الزرع الذي صار في نصف الأرض التي استحقت صار بيع الزرع قبل أن يبدو صلاحه فيرجع ذلك النصف من الزرع إلى بائع الأرض ويرد على مشترى الأرض نصف الثمن لأن نصف الأرض ونصف الزرع قد بطل البيع فيهما وبقى نصف الأرض ونصف الزرع والبيع فيهما صحيح ثم يبدأ الشفيع فيخير في الشفعة فان اختار الأخذ بالشفعة كانت له الشفعة في نصف الأرض وليس له في نصف الزرع شفعة ( قال ) وان ترك المستحق الشفعة فالمشتري مخير أن شاء تماسك بما بقي في يديه وان شاء رد ذلك لأنه قد استحق منها ماله البال والقدر وعليه قيمة المضرة فله أن يرد ذلك أن شاء ويرجع بجميع الثمن ( قلت ) ولم بدأت الشفيع بالخيار في الأخذ بالشفعة والمشترى يقول لا أريد التماسك وأنا أريد الرد لأن ما استحق منها عيبا فيها شديدا فأنا أريد الرد ولا أحب أن يكون للشفيع علي عهدة إذا كان لي أن أرد ( قال ) ليس ذلك له وله الشفعة عليه ( قال ) وقال مالك في رجل باع حائطا فأتى رجل فاستحق بعض الحائط فأراد أن يأخذ بالشفعة وفيه ثمر لم يبد صلاحها كيف يصنع ( فقال ) قال مالك يدفع الشفيع إلى المشترى قيمة ما أنفق في النخل في سقيها وعلاجها وتكون له الثمرة كلها وذلك أن بعض المدنيين قالوا أن الثمرة للمشتري حين لم يدركها الشفيع حتى أبرت النخل فقال مالك ما أخبرتك ( قال ) وقال مالك ولو أن رجلا ابتاع أرضا فزرع فيها ثم أتى رجل فاستحقها لم يكن له من الزرع قليل ولا كثير وإنما له كراء مثلها إذا كان زرع الأرض لم يفت ولو لم يكن فيها زرع لزرعها المستحق ولو كان فيها زرع وقد فاتت زراعة الأرض لم يكن له من كراء الأرض قليل ولا كثير وكان بمنزلة ما لو زرعها وهي في يديه قبل ذلك لما مضى من السنين ( قلت ) فان استحق بعضها وأخذ البقية بالشفعة أيكون له فيما أخذ بالشفعة كراء أم لا ( قال ) أما الذي استحقه فله فيه كراء مثله على ما وصفت لك وأما الذي يأخذ بالشفعة فلا كراء له لأنه لم تجب له الأرض إلا بعد ما أخذها
____________________
(14/425)
________________________________________
وقد زرعها صاحبها قبل ذلك والذي استحق قد كان وجبت له قبل الزرع فله فيه الكراء على ما وصفت لك ما لم يفت ( قلت ) أرأيت لو أني اشتريت من رجل أرضا بمائة دينار وللبائع في الأرض زرع لم يبد صلاحه ثم اشتريت الزرع أيضا في صفقة واحدة أخرى بمائة دينار فأتى رجل فاستحق الأرض كلها ( قال ) إذا استحق رجل الأرض كلها بطل شراء المشتري في الزرع لأنه إنما جاز له أن يشتري الزرع قبل أن يبدو صلاحه إذا كانت له الأرض فيشتري الزرع بعدها أو يشتري الأرض والزرع جميعا معا فيجوز ذلك فأما إذا اشترى الزرع مع الأرض أو بعد الأرض في صفقة على حدة فاستحقت الأرض بطل البيع في الزرع إلى البائع ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي ( قيل ) فان اشتريت الزرع في صفقة والأرض في صفقة أخرى أو اشتريت الزرع والأرض جميعا في صفقة واحدة فبعت الأرض وبقى الزرع في يدي أيبطل الشراء في الزرع لأنه لم يبد صلاحه أم لا ( قال ) لا يبطل الشراء فيه لأنك قد صرت فيه بمنزلة رب الأرض إذا زرع أرضه فباع أرضه وترك زرعه فذلك جائز له لأن الأرض ها هنا لم يستحقها مستحق فيبطل شراؤك في الأرض وإنما أنت رجل بعت الأرض وشراؤك اياها صحيح فمن ها هنا جاز لك شراء الزرع وطاب ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم
ما جاء في الشفعة في الثمرة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى نخلا وفي النخل طلع لم يؤبر فأتى رجل فاستحق نصفه وطلب النصف الباقي بالشفعة ( قال ) أن أتى الشفيع يوم باعه البائع أخذ النصف الذي استحق ورجع المشترى على البائع بنصف الثمن وأخذ النصف الباقي بشفعته أن أحب بما فيها ( قلت ) فان لم يأت حتى عمل المشترى في النخل وسقى وأبرت النخل وصارت بلحا ( قال ) يقال للشفيع خذ النصف بالاستحقاق وخذ النصف الباقي إن أحببت بالشفعة واغرم للمشترى عمله فيما سقى وعالج في جميع ذلك فيما استحققت وفيما أخذت بالشفعة فان أبى أن يأخذ بالشفعة كان له نصف
____________________
(14/426)
________________________________________
الحائط ونصف الثمرة ويكون عليه نصف قيمة ما عمل المشترى في ذلك وسقى أن كان له فيه عمل فان أبى أن يغرم ذلك لم يكن له أن يأخذ نصف ما استحق ورجع على البائع بنصف الثمن ( قلت ) وان لم يأت هذا المستحق ولم يستحق إلا بعد ما أزهى هذا الطلع ( قال ) يأخذ نصف النخل ونصف الثمرة بالاستحقاق ويغرم نصف العمل كما وصفت لك ويأخذ النصف الباقي أن أحب بالشفعة بنصف ثمن الجميع ويكون له ثمرة هذا النصف الذي يأخذه بالشفعة إذا أزهى ما بينها وبين أن تيبس فإذا يبست فلا حق للشفيع فيهما وكذلك قال مالك في الرجلين تكون بينهما الثمرة أن باع أحدهما حظة منها بعد أن أزهت أن للشريك أن يأخذ بالشفعة ما لم تيبس وتستجد فإذا يبست واستجدت فباع بعد ذلك فلا شفعة له فيها فمسألتك عندي مثلها ( قال بن القاسم ) والذي يشتري النخل ثم يسقيها حتى تثمر ثم يفلس وفي النخل ثمرة أن البائع أحق بالنخل وبالثمرة ما لم تجد الثمرة إلا أن يشاء الغرماء أن يدفعوا إليه الثمن ويكون لهم النخل والثمرة وهذا عندي مخالف للشفعة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى نخلا وفي النخل ثمر قد أزهى وحل بيعه فأتى رجل فاستحق نصف تلك النخل ( قال ) يأخذ نصف النخل وما فيها من الثمرة ويرجع المشترى على البائع بنصف الثمن ويغرم المستحق للمشتري نصف قيمة ما عمل أن كان عالج في ذلك شيئا وسقى ( قلت ) فان أراد أن يأخذ بالشفعة أيكون له يأخذ الثمرة والنخل جميعا بالشفعة ( قال ) نعم لأن مالكا قال في قوم شركاء في ثمرة كان الأصل لهم أو كانت النخل في أيديهم مساقاة أو كانت نخلا حبسا على قوم فأثمرت النخل وحل بيعها فباع أحد من سميت لك من أهل الحبس أو أحد من المساقين أو ممن كان النخل بينهم فباع حصته من الثمرة ولم يبع الرقاب فان شركاءه في الثمرة كان لهم الأصل أو لم يكن لهم الأصل يأخذون الذي باع شريكهم في الثمرة بالشفعة بما باع به فلذلك رأيت للمستحق أن يأخذ النخل والثمر جميعا بالشفعة وان كانت الصفقة إنما هي بعد أن أزهت الثمرة فله أن يأخذ
____________________
(14/427)
________________________________________
بالشفعة لأن البائع لو باع الثمرة وحدها بغير أصل كان هذا الذي استحق نصف النخل شفيعا في الثمرة عند مالك فلذلك كان هذا له أن يأخذ النخل والثمرة ( قال ) وقال مالك في الحائط اشتراه رجل ولا ثمرة فيه ففلس مشترى الحائط وفيه ثمر قد طاب وحل بيعه أن الثمرة لصاحب الحائط ما دامت في رؤس النخل وان أزهت ألا أن يدفع إليه الغرماء الثمن ( قلت ) أرأيت أن اشترى هذه النخل وفيها ثمرة قد أبرت ولم تزه فاستثناها البائع ثم أزهت عند المشترى وقام الغرماء ( قال ) فلا شيء للغرماء في النخل ولا في الثمرة ويقال للبائع خذ حائطك بثمرته إلا أن يشاء الغرماء أن يدفعوا إليك الثمن الذي بعت به ويكونون أولى بالنخل وبثمرته فذلك لهم ( قلت ) أرأيت إذا اشترى أرضا وفيها زرع قد بدا صلاحه اشترى الأرض والزرع جميعا فأتى رجل فاستحق نصف الأرض فأخذها أيكون له الشفعة في النصف الآخر في الزرع ( قال ) قال مالك في الشريكين في الزرع يبيع أحدهما نصيبه بعد ما ييبس ويحل بيعه أنه لا شفعة له في الزرع إذا حل بيعه ( قلت ) فلم قال مالك في الثمرة إذا طابت فاشتراها رجل مع النخل أن فيها الشفعة ( قال ) لا أدري الا أن مالكا كان يفرق بينهما ويقول أنه لشيء ما علمت أنه قاله في الثمرة أحد من أهل العلم قبلى أن فيها شفعة ولكنه شيء استحسنته ورأيته فأرى أن يعمل به وقال الزرع لا يشبه الثمرة عندي ( قال بن القاسم ) وبلغني عنه وهو رأيي أنه قال ما بيع من الثمار مما فيه الشفعة من الثمر والعنب والثمار كلها سوى الزرع مما ييبس في شجره فباع نصيبه إذا يبست واستجدت فيبيع فلا شفعة في ذلك مثل الزرع وذلك أن ما بيع من الثمار بعد ما يبس واستجد فلا جائحة فيه وكذلك الزرع لا جائحة فيه وأمرهما واحد ( قلت ) أرأيت أن اشتريت نخلا فأكلت ثمرتها سنين ثم جاء الشفيع يطلب الشفعة فقال أن كان اشتراها وليس فيها ثمرة يوم اشتراها ثم أثمرت بعد ذلك فأكلها سنين فان مالكا قال لا شيء للشفيع من ذلك لأن الشفيع إنما صارت له النخل الساعة حين أخذها فما كان قبل ذلك مما أثمرت النخل وهي في غير ملك
____________________
(14/428)
________________________________________
الشفيع فلا شيء للشفيع من ذلك ( قلت ) فان كان المشترى اشترى النخل وفي رؤس النخل ثمر يوم اشتراها ( قال ) قد وصفت لك ذلك أن كانت لم تزه فأزهت عند المشترى أخذ الشفيع النخل والثمرة بالثمن وان كان المشترى اشترى النخل وفيها ثمرة قد طابت وحل بيعها فلم يأخذ الشفيع بالشفعة حتى صرم المشترى النخل فان الثمن يقسم على قيمة النخل وعلى قيمة الثمرة يوم وقعت الصفقة فأخذ الشفيع بالشفعة النخل بما أصاب النخل من الثمن ويوضع عن الشفيع ما أصاب الثمرة من الثمن لأن الصفقة حين وقعت وقع للثمرة حصة من الثمن ( قال ) وهذا قول مالك ( قلت ) فان أدرك الشفيع النخل والثمرة قبل أن يجدها المشترى وقد كان اشتراها المشترى بعد ما أزهت وطابت ( قال ) يأخذ النخل والثمرة جميعا عند مالك بالشفعة ( قال ) وقال مالك وان أدرك الشفيع النخل وفيها ثمرتها لم تزه بعد أخذ الشفيع النخل والثمرة بالثمن بعد أن يدفع إليه قيمة ما أنفق ( قلت ) أرأيت لو أني اشتريت نخلا وأرضا فأكريت الأرض وأثمرت النخل عندي فأكلت ذلك فأردت أن أبيع الأرض والنخل مرابحة ( قال ) قال مالك في الثياب والحيوان إذا حالت أسواقه عند المشترى فلا يبيعه مرابحه حتى يبين أنه اشتراه في زمان كذا وكذا فأرى النخل والأرض عندي بتلك المنزلة ( قلت ) أرأيت لو أني اشتريت نخلا صغارا وديا فلم يأت الشفيع ليأخذ بالشفعة حتى صارت نخلا كبارا بواسق فجاء الشفيع يطلب الشفعة ( قال ) يغرم قيمة ما عمل المشترى ويأخذ الشفيع النخل وان كانت قد كبرت ( قيل ) أرأيت أن اشتريت أرضا وزرعا لم يبد صلاحه صفقة واحدة ثم جاء الشفيع فاستحق بالشفعة بعد ما طاب الزرع أيكون للشفيع في الزرع شفعة أم لا ( قال ) لا شفعة له في الزرع ( قلت ) فبم يأخذ الأرض الشفيع أبجميع الثمن أم يوضع عن الشفيع للزرع شيء أم لا وهل وقع للزرع حصة من الثمن في الصفقة أم لا ( قال ) قد وقع للزرع حصة من الثمن فيقسم الثمن على قيمة الأرض وقيمة الزرع
____________________
(14/429)
________________________________________
يوم اشتراه المشترى بين الرجاء والخوف ثم يوضع عن الشفيع ما أصاب الزرع من الثمر ويأخذ الأرض بما أصابها من الثمن ( قلت ) لم كان هذا في الزرع هكذا وقد قلت في الطلع أنه إذا استحق الشفيع في النخل الشفعة وقد انتقل الطلع إلى حال الاثمار واليبس أنه يأخذ النخل بالشفعة ولا يوضع عن الشفيع للثمرة شيء ولا حصة للثمرة من الثمن يوم وقعت الصفقة ( قال ) لأن الثمرة حبل ما كانت في رؤس النخل ألا ترى أن النخل لو باعها بائع وفيها طلع لم يؤبر فاستثنى البائع الطلع لم يجز استثناؤه وان باع أرضا وفيها زرع لم يبد صلاحه كان الزرع للبائع فهذا فرق ما بينهما ( قلت ) فان النخل إذا أبرت فباعها ربها فالثمرة للبائع الا أن يشترطها المبتاع فقد صار للثمرة بعد الابار حصة من الثمن إذا جاء الشفيع فاستحق بالشفعة وقد انتقلت الثمرة إلى حال اليبس والاثمار فلم لا تجعل للثمرة حصة كما جعلت للزرع حصة من الثمن ولأن الأرض قد يبيعها صاحبها ويبقي الزرع لصاحبها فكذلك النخل إذا كانت الثمرة قد أبرت فان صاحبها يبيعها وتكون له الثمرة فما فرق بين هذين ( قال ) سمعت مالكا يقول في الشفيع إذا جاء ليأخذ وقد أبرت النخل أنه يدفع إلى المشترى ما أنفق في السقى والعلاج ويأخذ الثمرة بالشفعة ( قال ) ومما يبين لك أيضا فرق ما بينهما أن الثمرة نصفها للآخذ بالشفعة وان الزرع ليس للآخذ بالشفعة منه قليل ولا كثير لأن الثمرة ولادة وليس الزرع بولادة فهذا الذي سمعت من قول مالك وبلغني عنه ( قال ) وأما إذا اشترى النخل وفيها ثمرة قد أبرت فاستثنى ثمرتها ثم جاء الشفيع ليأخذ بالشفعة وقد يبست الثمرة ( قال ) الشفيع لا يأخذ الثمرة ولكن يقسم الثمن على قيمة الثمرة وقيمة النخل فيوضع عن الشفيع ما أصاب الثمرة من الثمن ويأخذ النخل بما أصابها من الثمن وهذا والزرع سواء ليس بينهما فرق وإنما الذي قلت لك لا حصة له من الثمن إذا يبست الثمرة فانما ذلك إذا اشترى النخل وفيها طلع لم يؤبر ولم يكن في النخل فهذا الذي إذا يبست الثمرة فأخذ الشفيع النخل
____________________
(14/430)
________________________________________
بالشفعة فلا شيء له من الثمرة ولا يكون للثمرة حصة من الثمن لأن هذه الثمرة ها هنا بمنزلة النخل ألا ترى أنه لا يجوز لصاحب النخل أن يبيع النخل ويستثنى ذلك
____________________
(14/431)
________________________________________
كتاب الشفعة الثاني الشفعة في الارحاء ( قلت ) أرأيت الرحا رحا الماء هل فيها شفعة في قول مالك ( قال ) قال مالك لا شفعة في الارحية ( قلت ) أرأيت أن كانت الأرض التي نصب فيها البيت فيما بين الشريكين والنهر يخرق تلك الأرض وجعلا الرحا فيه ( قال ) إذا باع البيت مع الرحا والأرض فأرى في الأرض والبيت الشفعة وأما الرحا فلا شفعة فيها ( قلت ) ولا ترى الرحا من البنيان ( قال ) لا لأن مالكا قال لا شفعة في رحا الماء وإنما هي عندي بمنزلة عرصة بين رجلين نصبا فيها رحا فكانا يعملان فيها فباع أحدهما نصيبه من العرصة مع الرحا فليس في الرحا شفعة وليست الرحا من البنيان إنما هي بمنزلة حجر ملقى في الدار ( قال سحنون ) والرحا في الأرض ما كان يجره الماء أو الدواب فهو بمنزلة واحدة لا شفعة فيها وإنما الشفعة في الأرض
الشفعة في الحمام والعين والنهر والبئر ( قلت ) أرأيت الحمام هل فيه شفعة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت النهر والبئر والعين إذا اشترى الرجل شقصا منه هل فيه شفعة ( قال ) قال مالك لا الا أن يكون لها أرض لم تقسم أو يبيعها وأرضها فتكون الشفعة فيهما جميعا في العين
____________________
(14/432)
________________________________________
والبئر والنهر والأرض فان اشترى الماء وحده ولا بياض معه ولا نخل فلا شفعة فيه وكذلك قال لي مالك كل بئر لا بياض معها ولا نخل فان كانت مما يسقى بها الزرع والنخل فلا شفعة فيها والعين والنهر مثلها إنما تكون بينهم فيه الشفعة إذا كانت الأرض معه وهذا لم يختلف قول مالك فيه قط ( قال ) وقال لي مالك لو أن بئرا كانت بين رجلين ولها بياض ونخل فباع أحدهما نصيبه من الماء وترك نصيبه من النخل ولم يقاسم صاحبه النخل كان شريكه في النخل أحق بشفعته في هذا الماء إذا كان البائع باع أصل الماء إذا كانت النخل والأرض لم تقسم ( قلت ) وان اقتسموا النخل والأرض ثم باع بعد ذلك حظه من الماء فلا شفعة له ( قال ) نعم لأنه لو باع حصته من الماء والنخل لم يكن لشريكه فيه شفعة بعد أن يقاسمه وكذلك لو كان لهما بياض بغير نخل كان مثل ما وصفت لك في النخل لأن النخل قد قسم
باب اشترى شربا فغار بعض الماء ( قلت ) هل يجوز في قول مالك أن أشترى شرب يوم أو يومين من هذا النهر لأسقى به زرعي ولم أشترط أصل الماء ( قال ) قال مالك لا بأس به ( قال ) وقال مالك فان اشترى رجل شرب يوم أو يومين أو شهر أو شهرين يسقى به زرعه في أرض نفسه فغار الماء فعلم أن الذي غار من الماء هو ثلث الشرب الذي اشترى أو أقل أو أكثر فانه يوضع عن المشتري ما قل منه أو كثر ( قال ) وان كان أدنى من الثلث إذا كان ما غار من الماء يضر به في سقيه وجاء من نقصانه ضرر بين فانه يوضع عنه ولا ينظر إلى الثلث إذا كان ما غار من الماء يضربه في سقيه ( قال بن القاسم ) وأرى أن كان ما كثر من الماء حتى قطع ذلك سقيه وضع عنه لأن مالكا قال لي ما أصيب من الثمار من قبل الماء وان كان أقل من الثلث رأيت أن يوضع ولم ير ما هلك من الماء مثل ما يصيبه من أمر الله من الجراد والبرد وأشباه ذلك ( وقال ) أرى الماء من سبب ما باع به البائع فأرى أن يوضع عنه وان كان أقل من الثلث فكذلك الماء عندي إذا أتاه منه ما يضره ويقطع عنه بعض ما اشتراه له الا أن يكون الذي فسد من ذلك
____________________
(14/433)
________________________________________
الشيء التافه اليسير الذي لا خطب له
فيمن اشترى أرضا وفيها زرع أو نخل لم يشترطه ( قلت ) أرأيت أن اشتريت أرضا وفيها زرع ولم أذكر الزرع لمن يكون الزرع ( قال ) الزرع زرع البائع الا أن يشترطه المبتاع ( قلت ) فان اشترى أرضا وفيها نخل ولم يشترط النخل ولم يذكر النخل لمن يكون النخل ( فقال ) إذا اشترى رجل أرضا وفيها شجر فالشجر تبع للأرض وهي للمشترى الا أن يقول البائع أبيعك الأرض بغير شجر ألا ترى أن الرجل إذا اشترى الدار كان جميع ما في الدار من البنيان للمشترى وان لم يسموا البنيان في الشراء ألا ترى لو اشترى كرما أما كان يكون له ما فيه من الشجر من رمانه أو تفاحه أو أترنجه أو غير ذلك وكذلك اشتراء الأرض ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي لأني سمعت مالكا يقول لو أن رجلا تصدق على رجل بأصل حائط له كانت الأرض تبعا للأصل ولو تصدق عليه بأرض وفيها نخل كانت النخل تبعا للأرض ( قال ) مالك الأرض من الأصل والأصل من الأرض فكذلك البيع
باب اشترى أرضا بعبد فاستحق ثم أتى الشفيع ( قلت ) أرأيت أن اشتريت أرضا بعبد فاستحق نصف الأرض من يومى أو من الغد قبل أن تحول أسواق العبد فقال مشترى الأرض أنا آخذ عبدي وأرد البيع ( قال ) ذلك له عند مالك ( قلت ) فان قال المستحق أنا آخذ بالشفعة ( قال ) قال مالك ذلك له ( قلت ) وعلى من تكون عهدة الشفيع ( قال ) على المشترى ( قلت ) ولم يأخذ النصف بالشفعة ( قال ) بنصف قيمة العبد ( قلت ) أرأيت لو اشتريت نخلا لها شفيع أو شقصا من دار أو شقصا من أرض فأتى الشفيع فاكترى الأرض مني أو عاملني في النخل أو اكترى الدار مني أو ساومني بجميع ذلك ليشتريه مني ثم طلب بعد ذلك الشفعة أتكون له الشفعة في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك الشفيع على
____________________
(14/434)
________________________________________
شفعته حتى يترك أو يأتي من طول الزمان ما يعلم أنه تارك لشفعته ( قال ) فقلت لمالك فالستة الأشهر والسبعة الأشهر والسنة ( قال ) أما ما هو دون السنة فلم نشك فيه أن له أن يأخذ بالشفعة ( قال ) مالك السنة ما هو عندي بكثير فأرى ما سألت عنه من قول مالك أنه اكترى منه أو ساقاه أو ساومه بذلك بهذا تسليم منه لشفعته ولا أرى له الشفعة ( قلت ) أرأيت أن اشتريت نخلا لا قلعها ثم اشتريت الأرض بعد ذلك فأقررت النخل فيها ثم أتى رجل فاستحق نصفها وأراد أخذ ما بقى له بالشفعة فقلت له إنما اشتريت النخل لأقلعها ثم اشتريت الأرض فتركتها فأما إذ ضرب بأخذ الشفعة فخذ الأرض فأما النخل فاني أقلعها ( قال ) لا يستطيع أن يقلع النخل لأن المستحق قد صار شريكا لك في جميع النخل فان رضى الشفيع أن يأخذها بالشفعة أخذ جميع الأرض والنخل وان أبى أن يأخذ الا حصته التي استحق كان المشترى مخيرا أن أحب أن يأخذ نصف الأرض ونصف النخل كان ذلك له وان أحب الرد رد وإذا أخذ الشفيع شفعته في نصف الأرض ونصف النخل أخذه بما يقع عليه من الثمن الأول الذي اشتراه به المشترى
باب اشترى نقض شقص والشريك غائب ( قلت ) أن اشترى نقض شقص في دار والشريك غائب أيجوز ذلك أم لا أو اشترى نصيب رجل في نخل وشريكه فيها غائب على أن يقلع النخل ( قال ) لا يجوز هذا الشراء لأن الصفقة وقعت غير صحيحة لأنه لا يستطيع أن يقلع ما اشترى لأن للشريك فيه النصف ألا ترى أن البائع نفسه لو أراد أن يقلع حصته بغير أمر شريكه لم يكن له ذلك فإذا لم يكن له ذلك فلا يجوز له أن يبيع ما ليس له ألا ترى أيضا أنه لو أراد أن يقاسم شريكه النخل وحدها على أن يقلعها لم يكن له ذلك فإذا لم يكن له ذلك الا أن يقاسمه الأرض والنخل جميعا فيصنع في نخله ما شاء فأما أن يقاسمه النخل وحدها ويترك الأرض بينهما فيقلع نخلة أو يترك نخل صاحبه في الأرض فهذا لا يصلح ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي ( قلت ) أرأيت
____________________
(14/435)
________________________________________
أن اشتريت نقض دار على أن أقلعه ثم أتى رجل فاستحق نصف الدار أيكون لمشترى النقض أن يرد ما بقى في يديه من النقض مما لم يستحق على البائع ( قال ) نعم ( قلت ) فإذا رده أيكون للمستحق في هذا النقض الشفعة أم لا ( قال ) لا لأن المستحق ليست له شفعة ولأن البائع لم يبع الأرض إنما باع النقض وحده والأرض أرضه فلا تكون الشفعة في النقص وأن الذي يكون للمستحق أن يأخذ النقض بالقيمة إنما ذلك في رجل باع نقض داره كله على أن يقلعه المشترى فأتى رجل فاستحق الأرض دون البناء وقال المشترى أنا أقلع فقال المستحق أنا أعطيك قيمة بنيانك أن ذلك للمستحق ويعطيه قيمة بنيانه ولا يأخذه منه بالثمن الذي اشتراه به ولكنه يعطيه قيمته وليس هذا من وجه أنه شفيع في هذا ولكنه من وجه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لا ضرر ولا ضرار فإذا دفع إليه قيمة نقضه فليس على المشتري الذي أراد أن يقلع النقض ضرر ولا يكون له أن يمتنع من ذلك وكذلك هذا في النخل والأرض ولو أن رجلا باع نخلا له في أرضه على أن يقلعه المشتري فأني رجل فاستحق الأرض دون النخل كان له أن يدفع إلى مشترى النخل قيمة النخل مقلوعا والبيع جائز فيما بين مشتري النخل وبين بائعه ويقال للمستحق ادفع قيمة النخل إلى المشتري فان أبى قيل للمشتري اقلع نخلك فهذا والنقض في هذا الوجه سواء وهذا رأيي لأن مالكا قال لو أن رجلا غرس في أرض رجل نخلا لا يظنها الا له فاستحقها أو اكترى أرضا سنين فأنقضت سنوه كان مستحق الأرض ورب الأرض الذي اكراها بالخيار أن شاء دفع إليه قيمة شجره الا أنه في الكراء يدفع إليه قيمة شجره مقلوعا وفي الذي غرس ولا يظنها الا له يدفع إليه قيمته غير مقلوع لأنه غرس على وجه الشبهة ألا ترى أنه أن لم يرض هذا المستحق أن يدفع إليه قيمة شجره قيل له أسلم أرضك بقيمتها فان أبى هذا أن يأخذ الشجر بقيمتها غير مقلوعة وأبى هذا أن يأخذ الأرض بقيمتها كانا شريكين هذا بقيمة أرضه وهذا بقيمة شجره وهذا قول مالك ____________________
(14/436)
________________________________________
الرجل يشتري الدار فيهدمها أو يهدمها رجل تعديا ثم تستحق ( قلت ) أرأيت أن اشتريت دارا فهدمتها ثم بنيتها أو هدمها رجل أجنبي من الناس أو انهدمت من أمر من السماء ثم أتى رجل فاستحق نصفها أيكون له على المشترى شيء أم لا ( قال ) قال مالك لا شيء على المشترى فيما هدم المشتري مما أراد أن يبنيه أو أراد أن يتوسع به ( قال بن القاسم ) وان كان هدم فباع النقض فان له نصف ثمن النقض وبعض الثمن الذي اشترى به المشترى على قيمة النقض الذي باع وعلى قيمة قاعة الدار فينظر إلى الذي باع كم هو من الدار ثلث أو ربع أو نصف فيكون له فيما بقى أن يأخذ بالشفعة بما يصيبه من حصة الثمن وينظر إلى قيمة النقض وقيمة العرصة كم كان منها فيفض الثمن عليها ثم يأخذ العرصة بالذي يصيبها من حصة الثمن ( قال ) وهذا رأيي وقد بلغني عن مالك ( قال بن القاسم ) وان هدمها إنسان ظلما فلم يأخذ المشترى منه ثمنها حتى استحق هذا نصف الدار فض الثمن على ما هدم منه وما بقى ثم أخذ العرصة بما يصيبها من حصة الثمن ثم اتبع المشترى الغاصب بنصف قيمة ما قلع وكان له وكان بمنزلة ما باع واتبعه المستحق مثل ذلك ( قلت ) فان كان المشترى قد كان ترك للهادم قيمة ما هدم ثم استحق هذا ( قال ) فللمستحق على الهادم نصف قيمة ذلك وتسقط عنه حصة المشترى ( قلت ) فلو كان عديما أيرجع المستحق على المشترى بذلك ( قال ) لا ( قال ) وليس ما انهدم بأمر من أمر الله مما لا شيء للمشتري فيه بمنزلة ما هدم فباعه أو غصبه غاصب أو هدمه هادم على وجه الظلم فقد صار ما هدم ضامنا للمشترى فجرى عندي مجرى البيع ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى عبدا في سوق من أسواق المسلمين فوهبه لرجل ثم جاء رجل فاستحقه ( قال ) يقال للمستحق أن شئت فاتبع البائع بالثمن والا فاطلب العبد فان وجدته أخذته ولا شيء لك على المشترى الواهب ( قلت ) والنصف الذي استحق والنصف الذي يأخذ بالشفعة سواء عندك في مسألتي الأولى ( قال ) نعم ذلك سواء لأنه لم يهدم ما هدم من ذلك على وجه التعدى لا في النصف
____________________
(14/437)
________________________________________
الذي استحق ولا في النصف الذي أخذ المستحق بالشفعة لأنه هدم جمع ذلك على وجه أنه مالك له وليس بغاصب ولا متعد
باب الشفعة فيما وهب للثواب ( قلت ) أرأيت أن وهبت شقصا لي في دار على عوض أو تصدقت به على عوض أو أوصيت به على عوض أتكون فيه الشفعة في قول مالك أم لا ( قال ) نعم هذا كله بيع عند مالك وفيه الشفعة ( قال ) مالك ومن تصدق على عوض فهو بيع ( قلت ) ويأخذها الشفعة في جميع ذلك بقيمة العوض في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن كانت الدار في يدى الواهب لم يدفعها بعد أيكون للشفيع أن يأخذها بالشفعة ( قال ) إن كان وهب الدار على عوض قد سماه فللشفيع أن يأخذها بالشفعة بقيمة ذلك العوض أن كان عرضا أو كان دنانير أو دراهم أو ورقا أو ذهبا أخذها بذلك وان كان اشتراه بحنطة أو شعير أو زيت أو ما يشبه هذا من الطعام أو الادام أخذه بمثل ذلك بمثل كيله مثل صنفه فقبض الموهوب له هبته أو لم يقبض لأن هذا بيع ( قال ) وان كان إنما وهب الدار على عوض يرجوه ولم يسمه فليس للشفيع أن يأخذ بالشفعة الا بعد العوض ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن وهبت شقصا في دار على ثواب أرجوه أيكون لرب الدار أن يأخذ الدار ويرجع فيها من قبل أن يثاب أم لا في قول مالك ( قال ) إذا أثابه الموهوب له قيمتها لم يكن له أن يرجع فيها وان هو أثابه أقل من قيمتها كان له أن يرجع فيها فيأخذها قال وهذا قول مالك ( قال ) وان كانت الدار على حالها لم تتغير بنماء أو نقصان فلرب الدار أن يأخذها إذا لم يثبه الموهوب له بقيمتها وليس على الذي وهبت له أن يجبر على ثواب إذا كانت الدار لم تتغير عن حالها ( قال ) وان كانت الهبة غير الدار فوهب حيوانا أو غيره فهو أيضا سواء مثل ما وصفت لك وإنما يقال لصاحب الدار خذها أن شئت ولا شيء لك غير ذلك الا أن يقبل ما أثابك به أن كان أثابه بأقل من القيمة وان كان لم يثبه بشيء لم يجبر الموهوب له على ثواب الا أنه يجبر على رد الهبة أن كانت لم تتغير فان
____________________
(14/438)
________________________________________
كانت قد تغيرت بنماء أو نقصان لم يكن لرب الدار أن يأخذها ولا لرب الهبة فان كانت تغيرت الدار أجبر الموهوب له على قيمتها يوم قبضها على ما أحب أو كره ويقال للشفيع خذ الآن بالشفعة أو دع إذا قضى على الموهوب له بقيمتها ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن وهبها له رجاء ثواب فتغيرت الدار في يدى الموهوب له ثم أثابه الموهوب له بأكثر من قيمة الدار أضعافا ( قال ) يقال للشفيع خذ بجميع ذلك أو دع أو يأخذها الشفيع بقيمتها ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن يأخذها بجميع ما أثابه به لأن الناس إنما يهبون الهبات للثواب رجاء أن يأخذوا أكثر منها من قيمة ما أعطوا وإنما رجعوا إلى القيمة حين تشاحوا بعد تغيير السلعة ألا ترى أن الهبة لو كانت على حالها لم تتغير ردت الا أن يضمنها الواهب بغير شيء ولو كانت عند الناس هبة الثوب إنما يطلبون بها كفاف الثمن لما وهب أحد للثمن ولحملها على وجه السوق فانتقد الثمن ولكنهم رجوا الفضل في ذلك عند أهل الفضل ( قلت ) أرأيت أن وهبت شقصا في دار رجاء الثواب فقال الشفيع أنا آخذ الساعة بالقيمة أيكون ذلك للشفيع ( قال ) قال مالك من وهب هبة رجاء الثواب لم يكن للشفيع أن يأخذها بالشفعة الا بعد الثواب ( قلت ) أرأيت أن أوصيت أن يباع شقص لي من داري من فلان بكذا وكذا درهما فلم يقبل الموصى له بالبيع ذلك أتكون للشفيع الشفعة ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا أني أرى له الشفعة وانما ذلك عندي بمنزلة ما لو قال لرجل اشهدوا أني قد بعت شقصى هذا من فلان بكذا وكذا درهما أن قبله فيقول لا أقبل فلا تكون للشفيع الشفعة ومما يبين ذلك أن مالكا قال في رجل باع رجل شقصا في دار على أن المشترى بالخيار أنه لا شفعة لشريكه في ذلك حتى يأخذ المشترى أو يدع ( قلت ) وكذلك أن كان الخيار للبائع ( قال ) الخيار إذا كان للبائع فهذا لا شك فيه أنه لا شفعة
باب الهبة لغير الثواب ( قلت ) أرأيت أن وهبت هبة لغير الثواب ولا رجاء الثواب فعوضنى منها فقبلت
____________________
(14/439)
________________________________________
عوضه أيكون هذا بيعا وتجب الشفعة فيه أم لا ( قال ) أن كانت هبته هذه على وجه صلة رحم أو على وجه صدقة لا يريد بها ثوابا ثم أتى به صاحبه بعد ذلك بأمر لم يكن يلزم الموهوب له فيه قضاء من قاض فلا شفعة فيه ولم أسمع من مالك فيه شيئا الا أن مالكا قد قال في رجل تصدق على رجل بصدقة فأثابه الذي تصدق عليه بثواب ثم أتى الرجل بعد ذلك يطلب ثوابه وقال أني ظننت أن ذلك يلزمني فأما إذا كان لا يلزمني فأنا أرجع فيه ( قال ) مالك أن أدرك ذلك بعينه فله أن يأخذ ذلك وان فات لم أر على صاحبه شيئا فهذا يدلك أنه إذا كان له أن يأخذ ثوابه إذا وجده فان مسئلتك أنه إنما هو شيء تطوع به الموهوب لم يكن يلزم الموهوب له فيه ثواب ( قلت ) أرأيت أن وهبت شقصا من دار كان لابني وابني صغير في عيالي على عوض أتجوز هذه الهبة وتكون فيه الشفعة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن حابى الأب الموهوب له أتجوز محاباته عند مالك في مال ابنه وذلك أنه أخذ من العوض أقل من قيمة الشقص الذي وهب من مال ابنه ( قال ) لا تجوز محاباته هذه عند مالك لأن مالكا قال لا تجوز هبته في مال ابنه ( قيل ) وكيف يصنع بهذا الشقص الذي وهب من مال ابنه الذي حابى فيه الأب أيجوز منه شيء أم لا ( قال ) لا يجوز منه شيء ويرد كله ( قلت ) ولم رددته كله ( قال ) لأنه ليس بيعا وإنما يجوز بيع الأب مال ابنه على وجه النظر له وابتغاء الفضل له فإذا كان على غير ذلك لم يجز ذلك وكذلك سمعت مالكا ( قلت ) أسمعته من مالك ( قال ) قال مالك لا يجوز ما وهب ولا ما حابى ولا ما تصدق من مال ابنه ولا ما أعتق الا أن يكون الأب موسرا في الثمن فان كان موسرا جاز ذلك على الأب وضمن قيمته في ماله ولا يجوز في الهبة وان كان موسرا ( قلت ) أرأيت لو أن القاضي وهب شقصا في دار الصبي أيجوز ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا ينبغي للوصي أن يبيع رباع اليتامي الا أن يكون لذلك وجه مثل السلطان يكون جارا له أو الرجل الموسر يكون جارا لهذا اليتيم فيعطيه بنصيبه من الدار أو بداره أو بقريته أو بحائطه
____________________
(14/440)
________________________________________
أكثر من ثمنها مما يعرف أن بيعها غبطة في ذلك ونظر للصبي أو يكون ليس في غلتها ما يحمله فيجوز ذلك عليه وما كان على غير هذا الوجه فليس بجائز فمسئلتك أن كان الذي وهب له على عوض على مثل هذا فهذا جائز للشفيع فيه الشفعة وما كان على غير هذا الوجه فليس يجوز ( قلت ) أرأيت أن وهب المكاتب شقصا له في الدار على ثواب أيجوز ذلك أم لا ( قال ) هذا بيع وهو جائز إذا لم يحاب عند مالك ويكون للشفيع الشفعة كما وصفت لك ( قلت ) وكذلك العبد المأذون له في التجارة ( قال ) نعم إذا كان هذا بيعا فهو من التجارة ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار على أني بالخيار ثلاثة أيام فبيع الشقص الآخر بيعا بتله بائعه بغير خيار لمن الشفعة ( قال ) ما سمعت فيه شيئا الا أني أرى الشفعة للمشتري الأول الذي كان له الخيار أن قبل البيع وكان أولى بالشفعة فيما اشترى صاحبه فان رد أيضا الذي كان له الخيار البيع كان بائعه أولى بالشفعة فيما باع صاحبه ( قلت ) أرأيت أن اشتريت دارا على أني بالخيار ثلاثا فانهدمت في أيام الخيار أيكون لي أن أردها أم لا في قول مالك ( قال ) نعم لك أن تردها عند مالك ولا يكون عليك فيما انهدم منها شيء ( قال ) ولا يكون للشفيع فيها شفعة ( قال ) نعم لا شفعة فيها ولو ردها وهي قائمة عند مالك فكيف إذا انهدمت فردها فلا شفعة فيها أيضا ( قلت ) أرأيت أن تزوجت على شقص من دار أو خالعت امرأتي على شقص من دار أيكون في ذلك الشفعة في قول مالك ( قال ) نعم مثل النكاح والخلع ( قلت ) فبماذا يأخذ الشفيع في الخلع والنكاح والصلح في دم العمد الشقص ( قال ) أما في النكاح والخلع فقال لي مالك يأخذ الشفيع الشقص بقيمته وأرى الدم العمد مثله يأخذه بقيمته ( قلت ) فان كان الدم خطأ فصالح من ذلك بشقص له في دار ( قال ) يأخذها الشفيع بالدية لأن الذي أخذها به هذا الذي وجب له الدم إنما أخذ الطقص بما قد وجب له وهي الدية ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هو رأيي مثل ما قال مالك في الشفعة إذا اشتريت الدار بالدراهم فكذلك هذا إنما أخذها بالدية والدية دراهم أو دنانير الا أني أرى
____________________
(14/441)
________________________________________
أن كان الذين وجبت عليهم الدية من أهل الدية من أهل الأبل أخذ الشفيع الدار بقيمة الأبل وان كانوا من أهل الذهب أخذ بالذهب وان كانوا من أهل الورق أخذ بالورق ويقطع على الشفيع نحو ما كانت تقطع الدية على العاقلة أن كانت الدية كاملة ففي ثلاث سنين وان كانت الثلثين ففي سنتين وان كانت ثلث دية ففي سنة وان كانت نصف دية فان مالكا قال لي أرى اجتهاد الامام في ذلك على قدر ما يرى ( فقلنا ) له ألا تكون في سنتين ( فقال ) ما أجد فيه حدا ولكن أرى اجتهاد الامام يسعه فأرى للشفيع أن يأخذ بمثل ما وجبت عليهم الدية على اجتهاد الامام إذا كان النصف ( قال بن القاسم ) فأنا آخذ بقوله الأول يقطع نصف الدية في سنتين ( قلت ) أرأيت أن استأجرت ابلا إلى مكة يشقص لي في دار فأراد الشفيع الأخذ بالشفعة بم يأخذها ( قال ) قال مالك يأخذها بمثل كراء الابل إلى مكة ( قلت ) ويكون في مثل هذا شفعة ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن تكفلت بنفس رجل فغاب المكفول به فطلبني الذي تكفلت له به فلم أقدر عليه فصالحته من الكفالة التي تكفلت له على شقص في دار ( قال ) إذا علم الدين الذي على المكفول به فالصلح جائز لأن مالكا قال كل من تكفل بنفس رجل وان لم يذكر المال فهو ضامن للمال وهذا حين تكفل بنفس هذا الرجل فهو ضامن للمال فإذا صالح وقد عرفا المال الذي على المكفول بنفسه فالصلح جائز ويأخذ الشفيع الدار بالدين الذي كان للمكفول له على المكفول به لأنه قد أخذ الشقص بالدين الذي كان له ( قلت ) وبم يرجع الذي دفع الشقص على الذي تكفل عنه ( قال ) ذلك إلى المكفول عنه أن شاء دفع إليه ما كان عليه من المال وان شاء دفع إليه قيمة الدار الآخرة الا أن تكون قيمة الدار أكثر من الثمن فلا يكون عليه الا الدين لأن الكفيل إنما غرم عنه هذا فقط فالمكفول عنه مخير في ذلك ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) لم أسمعه من مالك وهو رأيي وان لم يعرف ماله عليه فلا يصلح الصلح فيه ( قلت ) أرأيت أن تكفلت بنفس رجل ولم يذكر ما على المكفول عنه من المال أتجوز هذه الكفالة
____________________
(14/442)
________________________________________
في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فان غاب المكفول عنه وطلب المكفول له هذا الكفيل بما كان له على المكفول عنه كيف يصنع ( قال ) يقيم البينة على ما كان له عليه من الدين فان أقام البينة أخذ منه ( قلت ) فان لم تقم البينة فادعى أن له على المكفول عنه ألف درهم فأراد أن يستحلف الكفيل على علمه أيكون له أن يستحلفه ( قال ) نعم ( قلت ) فان نكل عن اليمين هذا الكفيل ( قال ) يحلف المكفول له ويستحق حقه ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي ( قلت ) أرأيت أن صالحت من قذف لرجل على شقص لي في دار فدفعته إليه أيجوز هذا الصلح وتكون فيه الشفعة ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى الصلح في هذا جائزا لأن الحدود التي هي لله لا عفو فيها إذا بلغت السلطان ولا يصلح فيها الصلح على مال قبل أن تنتهي إلى السلطان إنما فيها العفو قبل أن تبلغ السلطان فان بلغت السلطان أقيم الحد ولا يعرف في هذا أكثر من هذا وكذلك المحارب إذا أخذه قوم ولهم قبله دم قتل وليهم فأخذوه قبل أن يتوب فليس عفوهم عفوا ولا يجوز أن يصالحوه من الدم على مال فالصلح ها هنا باطل والمال مردود لأنه لا عفو لهم في ذلك وان بلغوا السلطان ( قلت ) تحفظ هذا عن مالك ( قال ) لم أسمعه منه ولكنه رأيي ( قلت ) أرأيت أن شجنى رجل موضحتين واحدة عمدا وأخرى خطأ فصالحته من ذلك على شقص له في دار فأراد الشفيع الأخذ بالشفعة ( قال ) يأخذ الشقص بديه موضحة خطأ وبنصف قيمة الشقص لأني قسمت الشقص على الموضحتين فصار نصف ها هنا ونصف ها هنا فصار ما صار للخطأ من ذلك مالا وما صار من ذلك العمد فللشفيع أن يأخذه بقيمة الشقص وإنما صار للعمد نصف الشقص وهذا مثل ما أخبرتك من قول مالك في النكاح لأن مالكا قال في قتل العمد وفي جراح العمد ليس فيه دية إنما هو ما اصطلحوا عليه فلما قال لي مالك ليست فيه دية إنما هو ما اصطلحوا عليه كان فيما صار للعمد قيمة ذلك الشيء بمنزلة النكاح
____________________
(14/443)
________________________________________
باب البيع الفاسد ( قلت ) أرأيت البيع الفاسد هل فيه شفعة في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال يفسخ البيع الفاسد في الدور وغير ذلك وقال في الدور لا أرى الفوت فيها وان تطاول سنتين أو ثلاثا فوتا وإنما الفوت في الدور الهدم والبنيان فإذا تفاوتت بهدم أو بنيان كانت على المشتري القيمة يوم قبضها ولا يستطيع ردها فأرى الآن للشفيع أن يأخذها بما لزم المشترى من القيمة يوم قبضها لأنها صارت الآن بيعا لا يقدر على ردها وان كان المشترى أحدث فيها بناء لم يأخذها حتى يدفع إليه قيمة ما أنفق مع القيمة التي وجبت للبائع على المشترى وان كانت قد انهدمت لم يوضع للشفيع من قبل الهدم شيء وقيل له خذ قيمتها التي وجبت على المشترى أو دع وان كانت لم تفت فسخ البيع وليس للشفيع أن يأخذ لأن البيع فاسد فلا يستطيع أن يدفع إلى الشفيع شفعته لأنه إنما صفقته مثل صفقة المشترى وصفقة المشتري وقعت فاسدة فكذلك تقع صفقة الشفيع فكما ترد صفقة البائع فكذلك أيضا ينبغي أن ترد صفقة المشتري ( قلت ) فلو اشتراها مشتر بيعا فاسدا ثم باعها من غيره بيعا صحيحا ( قال ) فللشفيع أن يأخذها أن شاء بالبيع الثاني وهو البيع الصحيح وليس له أن يأخذ بالبيع الفاسد فان قال أنا آخذ بالبيع الفاسد قلنا فليس ذلك لك إنما له أن يأخذ بالبيع الصحيح أو يدع لأن بيع المشتري الاشتراء الفاسد فوت فلذلك جاز البيع الثاني وكان للشفيع أن يأخذ بالشفعة بالبيع الثاني ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك في الأشياء كلها من باع بيعا حراما كان لا يقر على حال ويفسخ قبل أن يتفاوت بشيء من الأشياء فان باعه المشتري قبل أن يتفاوت في يديه بيعا حلالا قال مالك البيع الثاني ينفذ ولا يرد ويترادان البائع الأول والمشتري الأول الثمن فيما بينهما ويلزمه البيع بالقيمة يوم قبض فعلى هذا رأيت مسألتك في الشفعة وإنما رأيت للشفيع الأخذ بالبيع الأول لأنه أن أخذ بالبيع الأول كان ذلك مفسوخا فيرد حينئذ إلى البائع الأول ويفسخ بيع الآخر الصحيح فلا يكون للشفيع شفعة أن طلب
____________________
(14/444)
________________________________________
أن يأخذ بالبيع الفاسد وإنما له أن يأخذ بالبيع الصحيح أو يدع ويترادان الأول لأن القيمة فيما بينهما ولم أسمع من مالك فيه شيئا لا أني استحسنت هذا ( قال بن القاسم ) وهذا إذا كانت الدور الأرض بعينها لم تفت ببناء ولا هدم فان فاتت بالبناء أو الهدم فان الشفيع يأخذ أن شاء بالقيمة التي لزمت المشترى وان شاء أخذها بالثمن الذي بيعت به في البيع الصحيح وهي إذا فاتت فانما كان للشفيع أن يأخذها بالقيمة لأنها ترد بالبيع الفاسد وقد لزمته القيمة فيها حتى كأنه بيع صحيح ( قلت ) أرأيت أن ترادا البيع فيما بينهما البائع الأول والمشتري الأول والشقص من الدار في يد المشترى الثاني الذي اشترى شراء صحيحا فقدم الشفيع بعد ما ترادا الثمن فيما بينهما وغرم المشترى الأول القيمة للبائع فقدم الشفيع فقال أنا آخذ بالشفعة ( فقال ) ذلك للشفيع يأخذ بأي ذلك شاء ألا تري أن المشترى الثاني الذي اشترى الدار اشتراء صحيحا لو أصاب بالدار عيبا بعد ما تراد البائع الأول والمشترى الأول الثمن فيما بينهما وتراجعا إلى القيمة بقضاء قاض أو بغير قضاء فأراد هذا المشترى الثاني أن يرد الدار على المشترى الأول بالعيب كان ذلك له فان ردها عليه بالعيب فأراد المشترى الأول أن يردها على البائع الأول بالبيع الفاسد لم يكن ذلك له لأن البيع قد صح فيما بينهما بالقيمة التي تراجعا إليها الا أن يكون إنما يردها بالعيب فيكون له أن يردها بالعيب الذي ردت عليه به ويرجع على البائع الأول بالقيمة التي كان أخذها منه ( قال ) وقال لي مالك ولو أن رجلا اكترى دابة إلى موضع من المواضع فتعدى ذلك الموضع فضلت منه الدابة فضمنه رب الدار قيمة الدابة وقبض القيمة ثم أصاب المتعدى بعد ذلك الدابة بحالها لم تتغير فأراد ربها أن يستردها ويرد الثمن على المتعدى ( قال ) قال مالك ليس ذلك له لأنه قد ضمن القيمة ونقد ذلك بينهما فليس له أن يستردها لأن ذلك بيع قد تم بينهما فكذلك ما فسرت لك من البيع الفاسد إذا تراجعا إلى القيمة ( قلت ) أرأيت ما كان من الآجام والغياض أتكون في ذلك الشفعة ( قال ) إذا كانت الأرض بينهما ففيها الشفعة عند مالك لأن مالكا قال في الأرض كلها الشفعة
____________________
(14/445)
________________________________________
( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا في أرض وشقصا في عين من رجل والعين لتلك الأرض تشرب تلك الأرض من تلك العين أو كان موضع العين بئرا تشرب منها فاشتريت شقصا من الأرض وبئرها فغار ماء البئر أو ماء العين ثم أتى الشفيع ليأخذ بالشفعة ( قال ) يقال للشفيع خذ بجميع الثمن أو دع لأن مالكا قال في البنيان ما قد أخبرتك لو احترق أو انهدم أو هدمه المشترى ببينة فان الشفيع يأخذ بالشفعة بجميع الثمن أو يدع فكذلك هذا ( قلت ) أرأيت أن اشتريت دارا فهدمتها ثم بنيتها فأتى رجل فاستحق نصفها فأراد الأخذ بالشفعة ( قال ) يقال له ادفع إليه قيمة بنيانه والا فلا شفعة لك وأما في النصف الذي استحق فيقال للمستحق ادفع قيمة بنيانه أيضا فان أبى قيل للمشترى الذي بنى ادفع إليه قيمة نصف الدار بغير بنيان أن كان هدم البنيان كله فان أبى كانا شريكين ولا يكون عليه شيء لما هدم لأنه هدم على وجه الشبهة وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت أن قال رجل يا فلان اشتر هذا النصيب من هذه الدار فقد سلمت لك شفعتي وأشهد له بذلك فاشتراها ثم طلب شفعته وقد كان سلمها له قبل الاشتراء ( قال ) قال مالك له أن يأخذ بالشفعة وليس تسليمه وان أشهد في ذلك قبل الاشتراء بشيء ولا ذلك مما يقطع شفعته ( قال ) وقال مالك ولو أنه أخذ من المشترى مالا على أن يسلم له الشفعة وذلك قبل عقد البيع كان هذا المال مردودا فلا يحل له هذا المال ويكون على شفعته ( قال ) وقال مالك في رجل اشترى دارا فأتى رجل فأدرك فيها شقصا فأراد أن يأخذ الدار بالشفعة ( قال ) قال مالك ذلك له فقيل لمالك فانهم اصطلحوا على أن يسلم المشترى للمستحق الذي يريد أن يأخذ بالشفعة بيتا من الدار بما يصيبه من قدر الثمن على ما اشترى به الدار ( قال ) تقوم الدار جميعها ويقسم الثمن عليها فما أصاب ذلك البيت من شيء كان له أن يأخذ ذلك ( قلت ) أرأيت أن وكلت وكيلا يطلب شفعتي فيسلمها أيكون تسليمه جائزا في قول مالك ( قال ) أن كان إنما فوض إليه على وجه النظر له أن رأى غبطة أخذ له وان رأى غير ذلك سلم فيسلم الشفعة فذلك جائز وان كان إنما أمره أن يأخذ شفعته
____________________
(14/446)
________________________________________
ولم يفوض إليه أن ينظر له وإنما أمره بالأخذ فقط فسلم الشفعة فذلك غير جائز ( قلت ) أرأيت شفعة الصغير أن سلمها الأب أو الوصي أيجوز ذلك على الصغير في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فان لم يكن له وصي ( قال ) القاضي ينظر له ( قلت ) فان سلم القاضي شفعته ( قال ) إذا رأى القاضي أن يسلم شفعته فذلك جائز على الصغير في رأيي ( قلت ) أرأيت أن اشترك شريكان شركة مفاوضة في شراء الدور وبيعها فباع أحدهما دارا قد اشترياها فطلب شريكه الشفعة ( قال ) لا أعرف المفاوضة في الدور فان نزل هذا وتفاوضا في شراء الدور وبيعها فباع أحدهما فليس لصاحبه أن يأخذ بالشفعة مثل ما قال مالك في المتفاوضين في الاشتراء والبيع لأن أحد المتفاوضين إذا باع جاز بيعه على شريكه وليس لشريكه أن يرد فهذا إذا باع فقد باع صاحبه أيضا لأن بيعه جائز على صاحبه ( قلت ) أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فأتى إلى شقص من دار أنا فيها شريك فاشترى ذلك الشقص فأردت أن آخذ بالشفعة ( قال ) ذلك لك لأن مالكا قال لو أن رجلا اشترى شقصا من دار والمشترى نفسه شفيعها ورجل آخر فطلب ذلك الرجل الآخر الأخذ بالشفعة فان للمشترى أن يأخذ بالشفعة مع ذلك الرجل أيضا يضرب المشترى والرجل الآخر كل واحد منهما فيما اشترى المشترى بقدر ما لكل واحد منهما في الدار ولا يضرب المشترى بما اشترى ولكن يضرب بقدر ما كان له من الدار قبل الاشتراء فيما اشترى ( قلت ) أرأيت رب المال أيجوز له أن يبيع شيئا مما في يدى المقارض بغير أمر المقارض في قول مالك ( قال ) لا يجوز ذلك عند مالك ( قلت ) أرأيت لو أن مضاربا اشترى شقصا من دار بمال المضاربة وهذا المضارب شفيع في الدار التي اشترى فأراد الأخذ بالشفعة فقال رب المال ليس لك أن تأخذ بالشفعة لأنك أنت اشتريت وفيه فضل فلا شفعة لك في ذلك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى له أن يأخذ بالشفعة ألا ترى لو كان مع هذا المقارض رجل آخر شريك في الدار لم يبع فأراد أن يأخذ ما اشترى هذا المقارض بالشفعة كان ذلك له ولم يكن لرب
____________________
(14/447)
________________________________________
المال أن يدفعه عن ذلك فان أخذ بالشفعة شاركه هذا المقارض شفيعا معه فإذا كان له أن يأخذ مع شريكه بالشفعة وهو المشترى فان له الشفعة وان لم يكن معه شريك وان كان هو المشترى فان ذلك لا يبطل شفعته عندي
باب شفعة المكاتبين والعبيد ( قلت ) أرأيت العبد هل له شفعة في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان مأذونا له في التجارة ( قلت ) فان كان غير مأذون له في التجارة ( قال ) سيده أولى أن أحب أن يأخذ لعبده بالشفعة أخذ وان أحب أن يترك ترك ( قال ) وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت أن كان مأذونا له في التجارة فبعت الأرض وهذا المأذون له في التجارة شفيعها فطلب العبد الأخذ بالشفعة وسلم المولى الشفعة ( قال ) أرى أن كان على العبد دين فأراد العبد أن يأخذ ذلك لدين عليه ولفضل قد تبين في الذي يأخذ بالشفعة فليس تسليم السيد ها هنا شيئا لأن ذلك ضرر على العبد وعلى الغرماء لأن الدين يبقى في ذمته ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي وان لم يكن عليه دين فأراد الغرماء تسليم السيد كان ذلك جائزا عليه ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي ( قلت ) أرأيت أن اشتريت أرضا والمأذون له في التجارة شفيعها فسلم شفعته وطلب سيده الأخذ بالشفعة ( قال ) تسليمه جائز وكذلك سمعت مالكا يقول في الغريم إذا سلم الشفعة وفيها فضل فيأبى ذلك الغرماء وليس في ماله وفاء قال ليس ذلك للغرماء وتسليمه جائز ( قلت ) أرأيت المكاتب أله الشفعة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن أسلم شفعته وقال مولاه أنا آخذ أيكون ذلك له ( قال ) ليس له ذلك في قول مالك لأن المكاتب أحق بماله من سيده ( قال ) ولقد سمعت من مالك فيما هو أقوى من هذا فلم يرفيه الشفعة وذلك في رجل عليه دين وقعت له شفعة مربحة كثيرة الفضل فقال غرماؤه خذ بالشفعة فان لنا فيها فضلا ودينه كثير يغترق ماله وقال الغريم لا أريد الشفعة فقال مالك يجبر على ذلك وليس للغرماء ها هنا حجة أن شاء أخذ وان شاء ترك فهذا يبين لك أمر المكاتب والعبد ( قلت ) أرأيت أن
____________________
(14/448)
________________________________________
أسلمت المرأة شفعة وجبت لها وأبى زوجها ذلك ( قال ) تسليمها جائز عند مالك لأنها تقول لا أشتري وهي أحق بمالها أن لا تشتري به شيئا ( قال ) وقال مالك واشتراؤها وبيعها جائز رضى ذلك الزوج أو لم يرض الا أن تحابى في بيعها واشترائها فيأبى ذلك زوجها فيكون في ثلثها ( قلت ) أرأيت أن كانت غير مولى عليها ولا سفيهة في عقلها فباعت واشترت فحابت أيكون لأحد من الناس والد أو غيره أن يرد محاباتها ما خلا زوجها ( قال ) قال مالك ليس ذلك لأحد الا للزوج وحده فانه يرده ويكون ذلك في ثلث جميع مالها فان كان ذلك أكثر من الثلث لم يجز منه قليل ولا كثير وردت جميعه وهذا قول مالك ( قال ) وان أعطت المرأة زوجها مالها كله جاز ذلك لزوجها إذا كانت غير سفيهة وإنما يرد من عطية الزوجة عطيتها لغير زوجها ( قلت ) أرأيت الشفعة هل تورث في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت من أعمر العمرى على عوض أيجوز هذا وهل تكون الدار لمن أعمرها ولورثته ويأخذ الشفيع بالشفعة في قول مالك ( قال ) لا ولا يجوز هذا ويفسخ لأن هذا كراء أكرى حصته من الدار حياة هذا المتكارى فلا يجوز هذا عند مالك لأن العمرى عند مالك مرجعها إلى الذي أعمرها ( قال ) فان كان استغلها هذا المعمر رد ما استغل لأن الضمان كان من صاحبها وكانت الأجرة فاسدة ويكون عليه اجارة ما سكن وهذا قول مالك ( قال ) وقال مالك ولو أن رجلا تصدق على رجل بدار على أن ينفق عليه حياته فلم يعلم ذلك الا بعد سنين أن الذي أنفق عليه يغرم ما أنفق عليه وما استغل الذي قبض الدار فهو له ولا يقاصه صاحب الدار بشيء من ذلك لأنه كان ضامنا للدار فصار الكراء له بالضمان ( قال بن القاسم ) وتفسير قول مالك في الصدقة ها هنا إنما هي بمنزلة البيع الفاسد وإنما مسألتك في العمرى فلا يجوز لأن العمرى ضمانها من ربها الذي أعمرها لأنها لم تجب للذي أعمرها ( قلت ) أرأيت المتصدق عليه بالدار على أن ينفق على هذا الرجل حياته أن أنفق عليه سنين ثم غرقت الدار أو احترقت أو غلب عليها الماء فصارت بحرا كيف يصنعون ( قال ) يرجع بما أنفق على رب الدار فيأخذ رب الدار
____________________
(14/449)
________________________________________
من هذا المتصدق عليه قيمة داره يوم قبضها هذا المتصدق عليه لأنها قد فاتت في يديه بمنزلة الاشتراء الفاسد ألا ترى لو أنه اشترى اشتراء فاسدا فانهدمت في يديه أو احترقت كان ضامنا لقيمتها ورجع بالثمن الذي دفع على بائعه وهذا قول مالك وكذلك هذا في البيوع الفاسدة كلها ( قلت ) أرأيت الهبة أتجوز غير مقسومة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن اشترى رجل في صفقة واحدة أرضا ونخلا وقرى وشفيعها واحد وهي في بلدان مختلفة ( قال ) سألت مالكا عنها فقال يأخذ الشفيع الجميع أو يدع ولم أذكر له اختلاف البلدان فلو كان هذا إذا كان في بلدان مختلفة كان له أن يأخذ ما شاء من ذلك لكان له أيضا أن يأخذ النخل دون الدور لأن هذا مختلف هذا يقسم على حدة وهذا يقسم على حدة ( قلت ) أرأيت الشفعة في دور القرى ودور المدائن هي سواء عند مالك ( قال ) ما اختلف هذا فيما علمنا عند مالك وكل هذا عندنا محمل واحد فيه الشفعة ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار بافريقية وكانت صفقة الاشتراء بمصر وشفيعها معي بمصر فأقمنا زمانا لا يطلب شفعته أيكون هذا قطعا لشفعته ( قال ) نعم لأن مالكا قال الغائب على شفعته إذا قدم لا تنقطع عنه الشفعة لطول غيبته وهذا ليس بغائب ( قلت ) فان هذا لما قدم افريقية طلب بالشفعة فقال إنما تركت أن آخذ بالشفعة بمصر لأني لم أرد أن أنقد مالي إلا حيث أقبض الدار ( قال ) لا يكون قوله في هذا شيئا لأن النقد في الدور جائز وان كانت الدور غائبة وهذا أن كان الأول نقدا لم يكن له أن يأخذ وان كانت الدار غائبة حتى ينقد وان كان صاحبه لم ينقد وكان الثمن إلى أجل أخذ بمثل ما أخذ به صاحبه أن كان مليا وان كان غير ملي أتى بحميل ملي أن كان لم ينقد ( قلت ) أرأيت أن وكلت وكيلا يقبض شفعتي فأقر الوكيل أني قد سلمت شفعتي ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى هذا ها هنا شاهدا يحلف المشتري معه ويسلم بما اشترى ولا يكون للشفيع الشفعة ( قلت ) أرأيت أن نكل المشتري عن اليمين أيحلف الآخذ بالشفعة أنه ما أسلمها ويأخذ شفعته ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن ادعى
____________________
(14/450)
________________________________________
أن فلانا وكله أن يطلب شفعته في هذه الدار والمشتري غائب أيجوز ذلك ويمكن من الوكالة والأخذ بالشفعة والمشتري غائب في قول مالك ( قال ) إذا أقام البينة على الوكالة أمكن من ذلك ولم يلتفت إلى مغيب المشتري عند مالك ( قلت ) أرأيت أن قال رجل قد اشتريت هذا الشقص من هذه الدار من فلان وفلان صاحب ذلك الشقص غائب فقام الشفيع فقال أنا آخذ بالشفعة وأبى هذا أن يدفع إليه ذلك أترى أن يحكم القاضي عليه بالشفعة في قول مالك ولا يعلم أنه اشترى الا بقول المشتري ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى له أن يحكم بالشفعة لأن هذا الذي ادعى الشراء أن أتى رب الدار فقال لم أبعه الدار كان له أن يأخذ كراء ما سكن ويأخذ داره وان قضى لهذا بالشفعة فأتى رب الدار فقال لم أبع داري لم يكن له أن يأخذ من هذا الذي قضى له بالشفعة شيئا من الكراء فيما سكن لأنه سكن على وجه الشبهة ولا يكون لرب الدار أن يأخذ كراء ما سكن هذا الذي أخذ بالشفعة من الذي ادعى الاشتراء أيضا فهذا القاضي إذا قضى بالشفعة ها هنا كان قد أبطل حقا لرب الدار في كراء ما سكن هذا الذي ادعى الشراء في الدار بالضمان الذي يضمنه فلا تكون له شفعة الا أن يقيم بينة على الاشتراء ( قلت ) أرأيت شهادة ابني أو أبي أو زوجي أو ابنتي أو جدي أتجوز شهادة هؤلاء على وكالتي إذا أنا وكلت أو وكلني غيري ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأما أنا فلا أرى شهادتهم جائزة بما وكله غيره وأراها جائزة إذا وكل هو غيره ( قلت ) هل تجوز شهادة النساء في الوكالة في طلب الشفعة ( قال ) قال مالك كل موضع تجوز فيه شهادتهن في الأموال تجوز فيه شهادتهن في الوكالة على ذلك الشيء الذي لو شهدن عليه أنفسهن جازت شهادتهن فيه ( وقال ) مالك لا تجوز شهادة النساء على الوكالة في شيء لو شهدن على ذلك الشيء لم تجز شهادتهن فيه مثل أن يشهدن على عتق أو طلاق أو قتل لم تجز شهادتهن عليه فهن إذا شهدن على الوكالة في ذلك لم تجز شهادتهن عليه وأما في الشفعة فشهادتهن جائزة على الوكالة على الأخذ بالشفعة عند مالك لأنهن لو شهدن على أنه شفيع جاز
____________________
(14/451)
________________________________________
ذلك أو شهدن على أنه سلم شفعته جاز ذلك أو شهدن على المشترى أنه قد أقر بأن هذا شفيع هذه الدار جاز ذلك ( قال ) وقال مالك ولا تجوز تزكية النساء في وجه من الوجوه ولا فيما تجوز فيه شهادتهن ولا في غير ذلك ولا يجوز للنساء أن يزكين النساء ولا الرجال ( قال ) مالك وليس للنساء من الزكية ولا كثير ولا تقبل تزكيتهن في شهادة على مال ولا غير ذلك ( قلت ) أرأيت أن بعت دارا أنا شفيعها فأردت أن آخذ بالشفعة لغيري أيجوز ذلك ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال في رجل باع حصته من دار فقام شريكه يريد أن يأخذ شفعته لغيره ( قال ) مالك لا أرى ذلك له الا أن يريد لنفسه فأما لغيره فلا فهذا يشبه عندي ما سألت عنه ( قلت ) هل يجوز لي أن أوكل من يطلب شفعتي وأنا حاضر في قول مالك ( قال ) نعم لأن مالكا قال يجوز للرجل أن يوكل من يخاصم عنه وهو حاضر ( قال ) فقيل لمالك فلو أن رجلا خاصم رجلا حتى ينظر القاضي في أمرهما ويوجه أمرهما وتحاجا عند القاضي ثم حلف أحدهما أن لا يخاصم صاحبه وأراد أن يوكل ( قال ) ليس ذلك له إلا أن يكون له عذر مثل أن يكون شتمه أو أمرع عليه أو ما أشبه ذلك ( قال بن القاسم ) وأنا أرى أنه أن مرض أو أراد سفرا أو غزوا أو حجا ولم يكن ذلك منه الدادا لصاحبه ولا قطعا له في خصومته رأيت له أن يستخلف ( قلت ) ويكون هذا المستخلف على حجة الأول ( قال ) نعم ويحدث من الحجة ما شاء ( قلت ) وهذا الذي يوكل ما أقام من بينته الذين شهدوا على الذي وكل هذه الوكالة جائزة وكل ما كان أوقع من حجته على خصمه الأول قبل أن يوكل هذا ذلك جائز على هذا الموكل عليه عند مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن وكلت وكيلا على خصومتي وأنا حاضر فقال خصمي لا أرضى ( قال ) ذلك جائز عند مالك له أن يوكل وان لم يرض خصمه الا أن يكون الذي يوكل إنما يوكل ليضر بهذا الخصم ولعداوة بينهما ( قال ) مالك فلا يجوز ذلك ( قلت ) فكل وكالة كانت ممن يتوكل بها أو يوكل هذا اضرارا فلا يجوز ذلك في قول مالك ( قال ) نعم ولقد سئل مالك عن رجل كان
____________________
(14/452)
________________________________________
له على رجل دين فأراد أن يبتاعه وهو يعلم أنه إنما دعاه إلى ذلك لعداوة بين المشترى وبين الذي عليه الدين ويعلم أنه إنما أراد بذلك عنته ( قال ) مالك إذا علم ذلك رأيت أن لا يمكن من ذلك ( قلت ) أرأيت أن باع شقصا له في دار ولها شفعاء بعضهم غيب وبعضهم صغار وكلهم عبيد الا رجلا واحدا حاضرا من الشفعاء فطلب أن يأخذ بالشفعة ( قال ) قال مالك يأخذ جميع الشفعة أو يدع ( قلت ) فان قال البائع لا أدفع إليه الا قدر حصته من الشفعة ( قال ) قال مالك ليس ذلك له إذا طلب الشفيع وأراد أخذ جميع ذلك فذلك له وليس لهذا أن يمنعه وليس للذي طلب الشفعة أن يأخذ بعض ذلك دون بعض إذا أبى ذلك المشترى ( قيل ) فان أخذ جميع الشفعة فقدم واحد من الغيب ( قال ) يقال له خذ ما في يد صاحبك من الشفعة وتكون الشفعة بينكما والا فلا شفعة له ( قلت ) وكل من قدم من الغيب يدخل معهم فيكون معه في الشفعة ( قال ) نعم وليس له أن يقول أنا آخذ قدر حصتي من الشفعة وأسلم بقية الشفعة فان أبى الا أن يأخذ بقدر حصته من الشفعة فلا شفعة له وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت الوصي أيأخذ بالشفعة للحبل في قول مالك أم لا ( قال ) لا يأخذ له بشفعة حتى يولد لأنه لا ميراث له الا بعد الولادة فكذلك لا شفعة له الا بعد الولادة والاستهلال صارخا ( قلت ) أرأيت لو أن دارا بين رجلين مسلم ونصراني هما شريكان في الدار فباع المسلم حصته من مسلم أو نصراني أيكون لشريكه النصراني فيه شفعة أم لا ( قال ) قال مالك لشريكه الشفعة وان كان نصرانيا ( قلت ) أرأيت العبد النصراني ومولاه نصراني أسلم العبد وسيده غائب أيباع على سيده أم ينتظر سيده حتى يقدم ( قال ) ان كانت غيبة السيد قريبة نظر الامام في ذلك ولم يعجل بيعه لعل سيده يكون قد أسلم فيكون العبد له على حاله عبدا وان كان بعيدا باعه السلطان ولم ينتظره وكذلك أن كانت أمة لأن مالكا قال في نصراني تزوج نصرانية فأسلمت النصرانية وزوجها غائب قبل أن يبنى بها زوجها ( قال ) مالك ينظر السلطان في ذلك فان كان موضع الزوج قريبا استؤنى بالمرأة وكتب إلى ذلك الموضع لعله يكون قد أسلم قبل
____________________
(14/453)
________________________________________
المرأة فان كان قد أسلم قبلها فهو أحق بها وان كانت غيبة بعيدة لم يأمرها أن تنتظره ولها أن تنكح مكانها أن أحبت ( قلت ) أرأيت أن تزوجت ولم تنتظره لبعد غيبته فقدم الزوج وقد كان أسلم في مغيبه قبلها ( قال ) إذا أدركها قبل أن يبنى بها زوجها فهو أحق بها وان بنى بها زوجها الثاني فلا نكاح بينهما لأن مالكا قال في التي تسلم وزوجها غائب وقد كان دخل بها أن كانت غيبته قريبة سئل عنه وان كانت غيبته بعيدة انتظرت فيما بينها وبين أن تنقضى عدتها فان قدم زوجها وقد تزوجت ودخل بها زوجها الثاني وقد كان اسلامه قبل اسلامها أو في عدتها فلا سبيل له إليها وان أدركها قبل أن يدخل بها وقد كان اسلامه على ما وصفت لك فهو أحق بها ( قلت ) ولم قال ذلك مالك ( قال ) أراه مثل قول عمر بن الخطاب في التي يطلقها زوجها فتعلم بطلاقها ثم يراجعها ولا تعلم برجعته حتى تنكح زوجا غيره أنه أن أدركها قبل أن يبنى بها زوجها هذا الثاني فهو أحق بها وان أدركها بعد ما بنى بها زوجها الثاني فلا سبيل للأول عليها فكذلك هذه في اسلامها ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار فقاسمت شريكي ثم بنيته مسجدا ثم جاء الشفيع فأراد رد قسمتي وأن يأخذ بالشفعة ويهدم المسجد أله ذلك أم لا عند مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا أن ذلك له لأنه حين بيع هذا الشقص كان له الأخذ بالشفعة فلا تبطل شفعته بما أحدث المشترى في ذلك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار وهو مديان فقام عليه غرماؤه فباعوا ما اشترى أو مات فباع ذلك ورثته للغرماء ثم أتى الشفيع فأراد أن يأخذ بالصفقة الأولى أيكون ذلك له ( قال ) قال مالك في الرجل يشترى الشقص من الدار فيبيعها من غيره ويبيعها ذلك أيضا من غيره ثم يأتي الشفيع أن له أن يأخذ أي صفقة شاء من ذلك فكذلك مسألتك ( قيل ) أرأيت من بنى مسجدا على ظهر بيت له أو على غير ظهر بيت أو على أرضه ولم يبنه على بيت أيجوز له أن يبيعه ( قال ) لا يجوز له أن يبيعه لأن هذا عندي بمنزلة الحبس أرأيت من حبس عرصة له أو بيتا له في المساكين أو على المسلمين أيجوز له أن
____________________
(14/454)
________________________________________
يبيعه ( قال ) مالك لا يجوز له أن يبيعه وكذلك المسجد عندي مثل ما قال مالك في الحبس لا يجوز بيعه إذا كان بناؤه اياه على وجه الصدقة والاباحة للناس ( قلت ) أرأيت لو أن جدارا بيني وبين رجل الجدار بين داري وداره أنا وهو في الجدار شريكان بعت نصيبي منه أيكون شريكي فيه شفيعا في قول مالك أم لا ( قال ) نعم هو شفيع ( قيل ) فان كان الجدار جداري وإنما له عليه مواضع خشب فبعت الجدار أيكون شفيعا بمواضع الخشب أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا شفعة له الا في الشركة في أصل الأرض وهذا ليس بشريك فلا شفعة له ( قلت ) أرأيت أن بعت عوالي وتحته سفلى لغيري أو بعت سفليا وتحته عوال لغيري أيكون لبعضنا الشفعة فيما باع صاحبه في قول مالك ( قال ) لا شفعة لهم لأن هؤلاء قد عرف كل واحد منهم حقه ما هو وحيث هو ( قلت ) أرأيت أن اشترى مسلم من ذمي أرض خراج وشفيعها مسلم أيجوز هذا البيع وتكون فيه شفعة في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا تباع أرض الذمي إذا كانت الأرض أخذت عنوة ( قلت ) فان كانت الأرض أرض صلح عليها خراج باع أرضه رجل من أهل الذمة من مسلم أو من نصراني وشفيعها مسلم أيجوز هذا البيع وتكون له الشفعة في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا يعجبني هذا البيع ولا أراه جائزا أن اشترط البائع على المشترى خراجا يؤديه للأرض وان اشترى بلا خراج عليه لم يكن بذلك بأس وأرى فيها حينئذ الشفعة ولا ينبغي في قول مالك أن يبيع رجل من رجل أرضا على أن المشترى عليه كل عام شيء يدفعه ( قال بن القاسم ) قال مالك في أهل الصلح أن لهم أن يبيعوا أرضهم فان كان المشترى انما يبيعه البائع على أن عليه خراجا يتبع به فلا يحل وان كان يكون الخراج على البائع ويسقط عن المشترى فلا بأس به وأصل هذا فيما سمعنا من قول مالك أن أهل الصلح يبيعون أرضهم ممن أحبوه بمنزلة أموالهم ولا جزية على من اشترى ذلك منهم لأنه لو أسلم سقطت الجزية عنه وعن أرضه وهو يتبع
____________________
(14/455)
________________________________________
بما صالح عليه فانما عليه ما صالح عليه ولا يبيع من أرضه ومن ماله ما شاء وهذا قول مالك فأما أن يبيعه علي أن على المشترى خراجها فلا يحل ( قلت ) أرأيت أن اشتريت أرضا ونخلا صفقة واحدة فاستحق نصف النخل أيكون لي أن أرد جميع صفقتي والأرض أرض النخل ( قال ) ينظر في ذلك فان كان الذي استحق من النخل شيئا يسيرا تافها لم يكن له أن يرد شيئا منها مما اشترى فكذلك قال مالك ويوضع عنه من الثمن ما يصيب الذي استحق من النخل ويقسم الثمن على جميع ما اشترى فيوضع عنه من الثمن ما صار لهذا الذي استحق من يديه وان كان الذي استحق من النخل شيئا كثيرا كان له أن يرد جميع ذلك أو يتماسك بما بقى في يديه ويأخذ من الثمن بقدر ما استحق وهذا قول مالك ( قيل ) له فان كانت الأرض على حدة والنخل على حدة فاشترى الأرض والنخل صفقة واحدة فاستحق بعض النخل ( قال ) ينظر في الذي اشترى فان كان الذي استحق من النخل هو وجه ما اشترى وفيه كان يرجو الفضل ولمكان هذا الذي استحق اشترى جميع صفقة الأرض وما بقى من النخل فله أن يرد ذلك وان لم يكن ذلك وجه ما اشترى ولا فيه طلب الفضل كان له أن يرد جميع النخل وحدها بما يصيب النخل من الثمن إذا كان الذي استحق من النخل هو أكثر النخل وان كان النخل الشيء التافه الذي استحق من النخل كان له أن يرجع بما يصيب ذلك من الثمن ولم يفسخ البيع
باب اشترى دارين صفقة واحدة فاستحق من احداهما شيء ( قلت ) أرأيت أن اشتريت دارين صفقة واحدة فاستحق شيء من احدى الدارين والدار التي استحق بعضها ليست وجه ما اشتريت ( قال ) ينظر فيما استحق من الدار فان كان شيئا تافها لا ضرر فيه لم يكن له أن يرد شيئا من اشترائه وكان له أن يرجع بحصة ما استحق من الدار في الثمن وان كان ما استحق من الدار هو أكثر
____________________
(14/456)
________________________________________
تلك الدار وفيه ضرر رد تلك الدار وحدها ورجع في الثمن بحصة تلك الدار ولم يكن له أن يرد الدار الأخرى لأن التي استحق أكثرها ليست وجه ما اشترى فان استحق من احدى الدارين التي هي جل ما اشترى ولها اشترى الدار الأخرى وفيها الفضل جلها أو ما فيه الضرر فان له أن يرد الدارين جميعا يرد جميع بيعه ويرجع بالثمن وهذا قول مالك ( قال ) وان كان الذي استحق منها شيئا تافها لا ضرر فيه وذلك الذي استحق منها فقط رجع بقدر ذلك من الثمن ولم يكن له أن يرد بقية الدار ولا الدار الأخرى وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت أن اشتريت دارا وشفيعها حاضر فغاب الشفيع فأقام في غيبته سنين عشرا أو أكثر من ذلك ثم قدم يطلب الشفعة أيكون له ذلك ( قال ) أن كان خروجه بحدثان اشترائه وفيما لو قام كانت له فيه الشفعة نظر فان كانت غيبته قد علم أنه لا يأتي إلا في مثل ما تنقطع فيه الشفعة فلا شفعة له وان كان سفرا يرجع في مثله فيدرك فيه شفعته فعاقه أمر من الله بعد ذلك رأيته على شفعته ويحلف بالله ما كان في ذلك تاركا لشفعته لأن مالكا قال لا تنقطع شفعة الغائب لغيبته وهذا يقول إنما خرجت إلى سفري ولم تنقطع شفعتي في الأيام التي خرجت فيها وخرجت وأنا أرجو أن أرجع وخرجت ولست بتارك لشفعتي فأنا في مغيبي على شفعتي ويكون ذلك له لأن شفعته لم تنقطع عندنا إلى اليوم الذي طلب فيه على حال من الحال ( قلت ) ولا يبالي أشهد حين خرج في سفره أنه على شفعته أو لم يشهد هو عندك سواء وهو على شفعته ( قال ) نعم ذلك سواء ( قلت ) أرأيت أن ادعيت في دار دعوى فصالحني الذي ادعيت في داره هذه الدعوى على مائة درهم دفعها إلي ولم أسم دعواي ما هي ثلث ولا ربع ولا نصف أيجوز هذا الصلح ويكون في الدار الشفعة أم لا ( قال ) لا يجوز هذا الصلح لأن مالكا قد جعل الصلح بمنزلة البيع لا يجوز فيه المجهول كما لا يجوز في البيع المجهول إذا كان يعرف ما يدعى من الدار فلا بد من أن يسميه ثم يصطلحان بعد تسمية ذلك على ما أحبا فان لم يفعلا فالصلح فاسد ولا شفعة فيه لأنه غير جائز الا أن يكونا يعرفان ذلك فيجوز الصلح ( قال
____________________
(14/457)
________________________________________
بن القاسم ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يهلك ويترك دورا ورقيقا وماشية وغير ذلك من العروض فيريد ورثته أن يصالحوا المرأة على ميراثها من ذلك ( قال ) قال مالك أن كان ما ترك الميت قد عرفته المرأة وعرفه الورثة فلا بأس بذلك وان كان مجهولا لا يعرف فالصلح فيه غير جائز وانما هو بمنزلة البيع ولا يجوز في الصلح من هذا الوجه الا ما يجوز في البيع ( قلت ) أرأيت أن استأجرت أجيرا سنة بحظي من هذه الدار أيكون في هذه الدار شفعة أم لا في قول مالك ( قال ) فيها الشفعة ( قلت ) فبكم يأخذها الشفيع ( قال ) يأخذها بقيمة الاجارة ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم الاجارة عند مالك بيع من البيوع فإذا كانت بيعا من البيوع فالشفعة فيها إذا اشتريت الدار فالاجارة بمنزلة الشراء والبيع بالأموال والعروض تكون في الدور الشفعة بقيمة الاجارة ( قال ) وهذا كله قول مالك ( قيل ) وكذلك أن بعت حظي من هذه الدار بسكنى دار أخرى أيكون فيها الشفعة ( قال ) نعم له الشفعة عند مالك ( قلت ) أرأيت أن ادعيت في دار سدسا وذلك حظ رجل في تلك الدار وجحدني فصالحته على أن سلمت له شقصا لي في دار أخرى على أن يسلم لي هذا السدس الذي ادعيته في يديه أيكون فيهما جميعا شفعة أم لا في قول مالك ( قال ) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولكن أرى الشفعة في الشقص الذي لم يكن فيه دعوى وأما السدس الذي كانت فيه دعوى المدعى فلا أرى فيه الشفعة لأن هذا المدعى يقول انما أخذت حقا كان لي ولم أشتره فيؤخذ مني بالشفعة ويكون في الشقص الذي لم يكن فيه دعوى الشفعة ويأخذ الشفيع الشقص بقيمة السدس الذي كانت فيه الدعوى لأن الذي أخذ الشقص من الدار دفع هذا السدس إلى الذي كانت فيه الدعوى وهو مقر بأن السدس الذي دفع ثمن لهذا الشقص الذي في يديه من هذا الشقص لأنه مقر أنه قد اشتراه وثمنه السدس الذي دفع فبه وأما مدعى السدس الذي أخذه فيقول أنا لم أشتر هذا السدس انما أنا رجل أخذت حقي وظلمت في شقصى الآخر لما جحدننى هذا السدس فافتديته بهذا الشقص الذي
____________________
(14/458)
________________________________________
دفعته من مالي فلا يكون فيما في يديه من السدس شفعة لأنه لا يقر بشراء هذا السدس ( قلت ) أرأيت أن ادعيت على رجل أنه قتل دابتي فصالحته من ذلك على شقص له في دار فأتى الشفيع يطلب بالشفعة بم يأخذها ( قال ) بقيمة الدابة ( قلت ) فالقول قول من في قيمة الدابة ( قال ) القول قول رب الدابة ( قيل ) ولا يقال له ها هنا صف الدابة ( قال ) لا لأن مالكا قال في الذي يشترى الدار بالعرض فيفوت العرض أن القول فيه قول المشترى ويقال للشفيع خذ بذلك أو دع ولم يقل مالك يقال له صف ( قيل ) فان قال قيمة ذلك العرض ما يعلم الناس أنه فيه كاذب ليس ذلك قيمة ذلك العرض ( قال ) لا يصدق وإذا أتى بما لا يشبه كان القول قول الشفيع إذا أتى بما يشبه ( قلت ) أرأيت اللقيط إذا تصدق عليه بصدقة أو وهبت له هبة أيكون الذي هو في حجره القابض له ولم يجعله السلطان وصيا ولا ناظرا ( قال ) نعم لأن مالكا قال في الرجل يتصدق على الرجل بصدقة والمتصدق عليه غائب فيقول هذا الذي تصدق لرجل أجنبي اقبض لفلان صدقته فيدفعها إليه ويحوزها هذا الأجنبي لذلك الرجل الغائب ولم يعلم الغائب بما تصدق هذا عليه ولا بما حاز له هذا الرجل ( قال ) قال مالك ذلك جائز وكذلك اللقيط عندي هو بمنزلة هذا ( قلت ) أرأيت أن أخذت عبدا لرجل غصبته اياه فاشتريت به شقصا في دار أيكون فيه الشفعة أم لا ( قال ) أما ما كان العبد قائما بعينه ولم يفت ولم يتغير فلا شفعة في الدار فإذا فات العبد حتى تجب على آخذه قيمته فالشفعة للشفيع بقيمة العبد يوم اشترى به الدار لأن البيع قد تم بينهما حين لزم المتعدى القيمة ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا في دار بألف درهم غصبتها من رجل يعلم ذلك ثم طلب الشفيع الشفعة ( قال ) له الشفعة والشراء جائز وانما عليه ألف درهم مثلها ولربها الذي استحقها أن يأخذها من بائع الدار أن كانت الدراهم قائمة بعينها لأن الدراهم والدنانير في هذا لا تشبه العروض ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا ( قال بن القاسم ) إذا أقام البينة على دراهمه بعينها أخذها ورجع البائع على المشترى بمثل تلك الدراهم ولا ينتقض البيع
____________________
(14/459)
________________________________________
بينهما ( قلت ) أرأيت لو أني أشتريت شقصا من دار بألف درهم فأتى الشفيع يطلب بالشفعة فقال المشترى بنيت في هذا البيت وهذا البيت وكذبه الشفيع ( قال ) القول قول الشفيع لأن المشترى مدع فيما بنى فلا يصدق الا ببينة ( قيل ) وهذا قول مالك ( قال ) لا أحفظ عن مالك الساعة شيئا ( قلت ) أرأيت أن اشتريت عرصة دار فيها بنيان على أن النقض لرب الدار ولم أشتر منه النقض ثم اشتريت بعد ذلك النقض أو اشتريت منه النقض أولا ثم اشتريت العرصة بعد ذلك فطلب الشفيع الشفعة أيكون له شفعته في العرصة والنقض جميعا ( قال ) نعم تكون شفعة الشفيع في النقض والعرصة جميعا في رأيي ( قلت ) أرأيت أن وهب لي رجل شقصا له في دار لا يعلم ذلك الا بقوله أيكون القول قوله أنه لم يهب للثواب ( قال ) سئل مالك عن رجل تصدق على رجل بشقص له في دار فقال الشفيع لمالك أني أخاف أن يكون قد باعه في السر أو أعطاه ثوابا وأشهد له بالصدقة ليقطع شفعتي فأنا أريد أن أحلف المتصدق عليه ( قال ) مالك أن كان رجل صدق لا يتهم على مثل هذا فلا يمين عليه وان كان يتهم على مثل هذا حلف له وكذلك الهبة ( قلت ) أرأيت أن اشتريت شقصا من دار من رجل فتصدقت به على رجل ثم قدم الشفيع فأراد الأخذ بالشفعة أتنتقض الصدقة ويأخذ شفعته بصفقة البيع أم لا في قول مالك ( قال ) نعم تنتقض الصدقة ويأخذ بالشفعة بصفقة البيع ( قلت ) أرأيت لو أن دارا بيني وبين رجل غير مقسومة بعت أنا طائفة منها بغير إذن شريكي فقدم شريكي والذي بعت أنا من الدار هو نصف الدار الا أن الذي بعت هو نصف بعينه ( قال ) قال مالك أن أحب شريكه أن يأخذ ما باع ويدفع إلى المشترى نصف الثمن الذي اشترى به المشتري فذلك له وهذا النصف الثمن الذي يدفع انما هو ثمن حصة شريكه لأن البيع انما يجوز في حصة شريكه ولا يجوز في حصته هو الا أن يجيزه ( قال ) فقلت لمالك أفلا يقاسم هذا الذي لم يبع شريكه الذي باع فان صار هذا النصف الذي باعه البائع في حظه جاز عليه البيع وان صار في حظ صاحبه بطل البيع ( قال ) مالك لا يكون
____________________
(14/460)
________________________________________
هذا هكذا ولكن الذي لم يبع يأخذ حصة شريكه الذي باع بشفعته ويأخذ حصته من ذلك ولا يجوز فيه البيع إذا لم يجزه هو ويرجع المشترى على البائع بنصف الثمن لأن الشريك الذي أخذ شفعته قد دفع إلى المشترى نصف ثمنه وهو حصة البائع ويقاسمه النصف الباقي من الدار أن شاء ( قلت ) أرأيت لو أن نخلة بيني وبين رجل بعت نصيبي منها أيكون لصاحبي الشفعة فيها أم لا ( قال ) مالك لا شفعة فيها
____________________
(14/461)
________________________________________
كتاب القسمة الأول ما جاء في بيع الميراث ( قال سحنون ) قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أني بعت مورثي من هذه الدار ولم أسم ما هو أخمس أو ربع أو عشر أو نصف أيجوز هذا البيع ( قال ) لا خير في هذا البيع عند مالك ( قلت ) فان تصدق بميراثه من هذه الدار أو وهبه ولم يخبر ما هو أثلث أو ربع أيجوز هذا ( قال ) نعم ذلك جائز عند مالك ( قلت ) أرأيت أن ورثنا دارين ونحن أشراك كثير فبعت نصيبي من هذه الدار من أحد الورثة بنصيبه من الدار الأخرى ولم أسم عند البيع ما نصيبي ولا سماه هو لي أيضا الا أن كل واحد منا قد عرف نصيبه ما هو وعرف نصيب صاحبه أيجوز هذا في قول مالك أم لا ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك أن ورثت في دار سدسا أو ربعا أو خمسا فبعت مورثي من الدار من رجل ولم أسم عند عقدة البيع أن ذلك ربع ولا خمس ولا سدس وقد عرف البائع والمشتري ما ميراث البائع من الدار ( قال ) ذلك جائز عند مالك ( قلت ) أرأيت أن عرف المشترى ما مورث البائع ولم يعرف البائع ما مورثه من الدار ( قال ) قال مالك إذا جهل أحدهما كم ذلك من الدار فلا خير في ذلك البيع
ما جاء في التهايؤ في القسم ( قلت ) أرأيت لو أن دارا بيني وبين رجل اقتسمناها على أن أخذت أنا الغرف
____________________
(14/462)
________________________________________
وأخذ هو الاسافل أيجوز ذلك في قول مالك أم لا ( قال ) ذلك جائز ( قلت ) أرأيت لو أن دارا بين ثلاثة رجال رضوا بأن يأخذ أحدهم بيتا من الدار على أن تكون للآخرين بقية الدار أيجوز هذا عند مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أليس قد قال مالك لا يجمع بين رجلين في القسم ( قال ) انما قال ذلك مالك في القرعة بالسهام
ما جاء في شراء الممر وقسمة الدار على أن الطريق على أحدهم ( قلت ) أرأيت لو أن دارا بيني وبين رجل قاسمته الدار فأخذ طائفة وأخذت أنا طائفة على أن الطريق لي الا أن له في الطريق الممر فصار الطريق لي وله الممر فيه أيجوز هذا القسم أم لا في قول مالك ( قال ) ذلك جائز ( قلت ) أرأيت أن اشترى رجل من رجل ممرا في دار من غير أن يشترى من رقبة البنيان شيئا أيجوز هذا أم لا في قول مالك ( قال ) ذلك جائز لهما
ما جاء في قسمة الدار وأحدهما يجهل حظه ( قلت ) أرأيت لو أن دارين ورثهما رجلان أحدهما قد عرف مورثه من الدارين والآخر يجهل مورثه منهما فرضيا بأن يأخذ أحدهما بمورثه من احدى الدارين النصف ومن الأخرى الثلث فسلم بقيتها لصاحبه أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) لا يجوز هذا عند مالك لأن مالكا قال في المرأة تصالح على مورثها من الدار ولا تعرف ما هو قال الصلح باطل
في الرجوع في القسم ( قلت ) أرأيت لو أن دارا بيني وبين رجل تراضينا في أن جعلت له طائفة من الدار على أن جعل لي طائفة أخرى فرجع أحدنا قبل أن تنصب الحدود بيننا ( قال ) ذلك لازم لهما ولا يكون لهما أن يرجعا عند مالك لأن هذا بيع من البيوع ( قلت ) أرأيت لو أن أقرحة متباينة بين قوم شتى أرادوا أن يقتسموا قال بعضهم
____________________
(14/463)
________________________________________
اقسم لنا في الاقرحة كلها وقال بعضهم بل اجمع لنا نصيب كل واحد منا في موضع واحد ( قال ) أن كانت الأرض بعضها قريبة من بعض وكانت في الكرم سواء قسمت كلها وجمع نصيب كل واحد منهم في موضع واحد وان كانت الاقرحة مختلفة وكانت قريبة قسم كل قريح على حدة وان كانت الاقرحة في الكرم سواء الا أنها متباينة متباعدة مسيرة اليوم واليومين قسم كل قريح على حدة أيضا لأن مالكا قال في القوم يرثون الحوائط والدور ويكون بينهم اليوم واليومان ( قال ) أرى أن تقسم الحوائط والدور كل واحد على حدته
قسمة القرى ( قلت ) وكذلك أن كانت القرى بينهم ورثوها أو اشتروها فأرادوا أن يقتسموها فقال بعضهم اجمع نصيب كل واحد منا في موضع واحد وقال بعضهم اقسم لنا في كل قرية منها وأعط كل واحد منا في موضع حظه من كل قرية ( قال ) ان كانت القرى متقاربة وهي في رغبة الناس فيها ونفاقها عند الناس سواء جمعت تلك القرى كلها في القسم فقسم لكل واحد منهم حصته في موضع واحد منها ( قلت ) أرأيت أن كانت القرى متباعدة متباينة مسيرة اليوم ونحوه واليومين وهي في رغبة الناس فيها سواء وفي حرص الناس عليها وفي نفاقها عند الناس سواء ( قال ) أرى أن تقسم كل قرية على حدة كما قال مالك في الدور التي أخبرتك
ما جاء في قسمة الدور بين ناس شتى ( قلت ) فان كانت قرية بين قوم شتى فأرادوا أن يقسموا الدور فقال بعضهم اقسم حظي في كل دار من القرية وقال بعضهم بل اجمع نصيب كل واحد منا في موضع واحد ( قال ) ينظر في ذلك فان كانت الدور سواء في نفاقها عند الناس ورغبة الناس فيها وفي موضعها قسمت وجمع لكل انسان حظه في موضع واحد وان كانت الدور متفاوتة مختلفا نفاقها عند الناس وموضعها كذلك جمع القاسم كل دار منها
____________________
(14/464)
________________________________________
إذا كانت صفقتهما واحدة في رغبة الناس فيها ونفاقها وموضعها فتقسم هذه كلها قسما واحدا فينظر إلى ما اختلف من الدور فيقسم ذلك على حدة يعطى لكل إنسان حظه من ذلك وان اتفقت داران على صفة واحدة جمعتهما في القسم وهذا قول مالك
ما جاء في قسمة القرى وفيها دور وشجر ( قلت ) أرأيت لو ورثنا أنا وأخ لي قرية من القرى فيها دور وشجر وأرض بيضاء فأردنا أن نقسم كيف نقسم ذلك بيننا ( قال ) أما دور القرية فتقسم كما وصفت لك في قسمة الدور وأما الأرض البيضاء فتقسم كما وصفت لك في قسم الأرض البيضاء ( قلت ) وكيف وصفت لي في قسمة الأرض البيضاء ( قال ) ينظر إلى ما كان من الأرض التي يشبه بعضها بعضا في الكرم والنفاق عند الناس وتقارب موضع بعضه من بعض جمع له هذا كله فجعل نصيب كل إنسان في موضع واحد وان اختلفت الأرض اختلافا بينا أعطى كل إنسان منهم حظه في كل أرض على حدة وهذا مثل الدور والنخل ( قلت ) وما حد قرب الأرض بعضها من بعض ( قال ) لا يحد لنا مالك فيه حدا ( قال بن القاسم ) وأرى الميل وما أشبهه قريبا في الحوائط والأرضين ( قلت ) أرأيت الشجر التي في هذه القرية بين هذين الأخوين كيف يقسمها مالك بينهما وهي من أنواع الأشجار تفاح ورمان وخوخ وأترج وأنواع الفاكهة مختلطة في جنان واحد أو كانت الاجنة كل نوع على حدة ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا بعينه شيئا ولكني أرى أن كانت الأشجار مختلطة في حائط واحد كما وصفت لي قسم الحائط وجمع نصيب كل واحد منهما في موضع واحد على القيمة وان كانت الاجنة التفاح جنان على حدة والرمان جنان على حدة وكل نوع جنان على حدة وكل واحد منها يحتمل أن يقسم بينهم قسم بينهم كل جنان على حدة على القيمة وأعطى لكل واحد منهم حظه من كل واحد منها وهذا مثل قول مالك في النخل يكون في الحائط منه البرنى والصيحانى واللون والجعرور وأنواع التمر رأيته يقسم على القيمة ويعطى كل واحد منهم يجمع له حظه في موضع واحد من الحائط ولا
____________________
(14/465)
________________________________________
يلتفت إلى ما يصير في حظ هذا من ألوان التمر وما يصير في حظ هذا من ألوان التمر ( قلت ) أرأيت لو أن دارا في يد رجل غائب أتى رجل فادعى أنه وارث هذه الدار مع الغائب أيقبل القاضي منه البينة والذي كانت الدار في يده غائب أم لا ( قال ) لا أحفظه عن مالك الا أني سمعت من يذكر هذا عن مالك أن الدور لا يقضى على أهلها فيها وهم غيب وهو رأيي ( قال بن القاسم ) الا أن تكون غيبته تطول فينظر في ذلك السلطان مثل من يغيب إلى الاندلس أو طنجة فيقيم في ذلك الزمان الطويل فأرى أن ينظر في ذلك السلطان ويقضى به ( قلت ) أرأيت أن أقام البينة أنهم ورثوا هذه الدار عن أبيهم وان ذلك الغائب الذي هذه الدار في يديه لا حق له فيها ( قال ) لم أسمع من مالك في هذه الا ما أخبرتك أنه بلغني فأرى أنه أن كانت الغيبة مثل ما يسافر الناس ويقدمون كتب الوالي إلى ذلك الموضع بذلك أن يستخلف أو يقدم فيخاصمهم وان كانت غيبته بعيدة يعلم أن الذين طلبوا لا يقدرون علي الذهاب إلى ذلك الغائب الذي في يده الدار ولا يوصل إليه لبعد البلاد رأيت أن يقضى لهم بحقوقهم ( قلت ) هل يقيم القاضي وكيلا لهذا الغائب يقوم له بحجته ( قال ) لا أحفظ في هذا شيئا ولا أعرفه من قول مالك أنه يستخلف للغائب ولكن يقضى عليه ولا يستخلف له خليفة ( قلت ) وكذلك أن كان الذي في يديه الدار صبيا صغيرا وادعى رجل أن الدار داره وأقام البينة هل يستخلف القاضي لهذا الصبي خليفة ( قال ) ما علمت أن مالكا ولا أحدا من أهل المدينة ولا رأيته في شيء من مسائل مالك قال أنه يستخلف له القاضي خليفة ولا أرى ذلك
ما جاء في قسمة الثمار ( قلت ) أرأيت أن كانت أرض وشجر ونخل وفي الشجر والنخل ثمار فأرادوا أن يقتسموا الأرض والنخل والثمار ( قال ) قال مالك لا تقسم الثمار مع الأصل وكذلك الزرع لا يقسم مع الأرض ولكن تقسم الأرض والشجر وتقر الثمرة والزرع حتى يحل بيعهما فإذا حل بيعهما فان أحبوا أن يبيعوا الثمرة والزرع ثم يقتسموا الثمن على
____________________
(14/466)
________________________________________
فرائض الله تعالى فذلك لهم ولا يقسمون الزرع فدادين ولا مزارعة ولا قتا ولا يقسم الا كيلا
وأما التمرة من النخل والعنب فان مالكا قال فيه إذا طاب وحل بيعه واحتاج أهله إلى قسمته ( قال ) مالك إن كانوا يريدون أن يجدوا كلهم فلا أرى أن يقتسموه وان كانوا يريدون أن يأكلوه رطبا كلهم أو يبيعوه رطبا كلهم فلا أرى أيضا أن يقتسموه كذلك وان كان بعضهم يريد أن يبيع وبعضهم يريد أن يتمر وبعضهم يريد أن يأكل فاختلفت حوائجهم أو أراد بعضهم أن يبيع وبعضهم أن يتمر رأيت أن يقسم بينهم بالخرص إذا وجدوا من أهل المعرفة من يعرف الخرص ( قلت ) لمالك فالفاكهة والرمان والفرسك وما أشبهه ( قال ) لا يقسم بالخرص وان احتاج أهله إليه لأن هذا مما ليس فيه الخرص من عمل الناس وانما مضى الخرص في النخل والعنب ( قال بن القاسم ) وذلك أنه ذكر بعض أصحابنا أن مالكا أرخص في قسم الفواكه بالخرص فسألناه عنه فقال لا أرى ذلك ( قال ) ولقد سألته عنه غير مرة فأبى أن يرخص لي فيه
ما جاء في قسمة البقل ( قلت ) أرأيت أن ورثنا بقلا أيصلح لنا أن نقسمه ( قال ) لا يعجبني ذلك ولم أسمع من مالك فيه شيئا الا أن مالكا كره قسم الثمار بالخرص وقال هو مما لو كان شيء يجوز فيه الخرص لجاز في الثمار والبقل أبعد من الثمار في الخرص ولا أرى أن يقسم حتى يجد ويباع فيقتسمون ثمنه وذلك أن جل الثمار من التفاح والفرسك والخوخ والرمان والأترج والموز وما أشبهه لا بأس به اثنين بواحد يدا بيد والقرط لا بأس به اثنين بواحد يدا بيد فلما لم يجوز لي مالك فيما يجوز من الثمار اثنين بواحد يدا بيد أن يقسم ذلك بالخرص كرهت أن يقسم البقل القائم بالخرص وانما هذه الفاكهة الخضراء عند أهل العلم بمنزلة البقل في أثمانها في الزكاة لأنه لا زكاة فيها وفي تفاضلها سهل اثنان بواحد ( قلت ) هل يجوز بيع فدان كراث بفداني كراث أو سريس أو خس أو
____________________
(14/467)
________________________________________
سلق ( قال ) لا خير فيه عند مالك الا أن يجزا ذلك مكانهما ويقطعا ذلك قبل أن يتفرقا وذلك أني سألت مالكا عن الرجل يشتري الثمرة قد طابت بقمح يدفعه إليه أو بثمرة يابسة يكتالها له من غير صنفها أو ثمرة في رؤس النخل بثمرة في رؤس شجر سوى النخل وكل قد طابت ( قال ) مالك لا يحل ذلك الا أن يجدا ما في رؤس الشجر من ذلك قبل أن يتفرقا ( قلت ) أرأيت أن جد أحدهما وتفرقا قبل أن يجد الآخر ( قال ) لا يجوز ذلك وكذلك لو اشترى ما في رؤس النخل بحنطة فدفع الحنطة وتفرقا قبل أن يجد ما في رؤس النخل لم يجز ذلك عند مالك فكذلك البقل عندي مثل هذا والذي أخبرتك من الثمار هو قول مالك
ما جاء في قسمة الأرض ومائها وشجرها ( قلت ) أرأيت لو أن ثلاثة نفر ورثوا قرية لها ماء وشجر ومجرى ماء ورثوا أرضها وماءها وشجرها وشربها لأحدهم الثلث وللآخر السدس وللآخر النصف فأرادوا أن يقتسموا ( قال ) تقسم الأرض عند مالك على قدر مواريثهم منها ويكون لهم في شربهم من الماء على قدر مواريثهم منه وكل قوم كانوا أشراكا في قلد من الاقلاد فباع أحدهم نصيبه من ذلك فشركاؤه دنية أحق بالشفعة من سائر شركائه في الماء ( قلت ) والدنية في قول مالك هم أهل وراثة يتوارثون دون شركائهم ( قال ) نعم ( قلت ) وان كانت الأرض قد قسمت الا أنهم لم يقسموا الماء فباع رجل حظه من الماء ولم يبع الأرض كانت فيه الشفعة في قول مالك ( قال ) سألت مالكا عن نخل بين قوم اقتسموها ولها بئر وتركوا البئر على حالها ليسقوا بها فباع أحدهم حظه من الأرض وترك حظه من البئر لم يبعه معه ثم باعه بعد ذلك من إنسان فقال شريكه في البئر أنا آخذ بالشفعة ( قال ) قال لي مالك لا شفعة له فيها ( قال ) فقلت لمالك البئر التي لا شفعة فيها ما هي ( قال ) هي هذه التي إذا قسمت النخل وتركت البئر فلا شفعة فيها فالعيون بهذه المنزلة ( قلت ) فان لم تقسم النخل فإذا باع رجل حظه من الماء أن له الشفعة ( قال بن القاسم ) سمعت مالكا يقول في رجل له شرك في نخل يسيرة
____________________
(14/468)
________________________________________
حظة فيها يسير ولهم نبع ماء فأراد أحدهم أن يبيع حظه من الماء من رجل وهو القليل الحظ ولا يبيع النخل ( قال ) أرى شركاءه في الماء أحق بالشفعة
ما جاء في قسمة الزرع الأخضر قبل أن يبدو صلاحه ( قلت ) أرأيت هل يقسم الورثة الزرع في قول مالك من قبل أن يبدو صلاحه على أن يحصد كل واحد منهم حصته مكانه ( قال ) إذا كان ذلك يستطاع أن يعدل بينهما بالتحري في القسم جاز ذلك بينهما بمنزلة غيره من الأشياء التي تقسم على التحري ( قلت ) أرأيت أن اقتسماه على أن يحصداه فحصد أحدهما وترك الآخر نصيبه حتى صار حبا ( قال ) تنتقض القسمة أيضا فيما بينهما ويكون على الذي حصده قيمة ما حصد من الزرع ويكون هذا الزرع الذي استحصد بينهما يقتسمانه بينهما حبا ويقتسمان القيمة أيضا بينهما ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) انما قال مالك في القصب والتين إذا قسم على التحري فذلك جائز فرأيت قسمة هذا الذي ذكرت لك على التحري جائزا في رأيي فإذا ترك أحدهما نصيبه حتى يصير حبا فقد فسدت القسمة بينهما لأن القسمة ها هنا بيع من البيوع ولا يصلح لأحدهما أن يبيع حصته من هذا الزرع قبل أن ييبس على أن يتركه مشتريه حتى يصير حبا فلما كان هذا في البيع لا يجوز عند مالك كان أيضا في القسمة غير جائز وكذلك أن اقتسماه على التحري على أن يحصداه وهو بقل ثم تركاه جميعا حتى صار حبا فان القسمة تنتقض ويصير جميع ذلك بينهما يقتسمانه كيلا وهذا رأيي مثل ما قال مالك في البيوع
ما جاء في قسمة البلح الكبير والبسر والرطب في رؤس النخل ( قلت ) أرأيت أن أردنا أن نقتسم بلحا في رؤس النخل ورثناه أو اشتريناه ( قال ) أن كان البلح كبيرا واختلفت حاجتهما في ذلك أراد أحدهما أن يأكل البلح وأراد الآخر أن يبيع البلح فلا بأس أن يقتسماه على الخرص يخرص بينهما إذا اختلفت حاجتهما إليه لأن مالكا كره البلح الكبار واحدا باثنين ( قال ) ولا أرى أن يباع البلح
____________________
(14/469)
________________________________________
إذا كان كبيرا الا مثلا بمثل ( قال ) وكذلك في البسر والرطب وقال مالك في البسر والرطب لا بأس أن يقتسما ذلك على الخرص فيما بينهما إذا اختلفت حاجتهما إليه وجعل مالك البلح الكبير في البيع مثل البسر والرطب فكذلك ينبغي أن يكون البلح الكبير في القسمة مثل الرطب والبسر ( قلت ) أرأيت أن اقتسما هذا البلح الكبير بالخرص وخرص بينهما على أن يأخذه أحدهما ليأكله وأراد الآخر أن يبيعه أما يخشى أن يكون هذا بيع الطعام بالطعام ليس يدا بيد ( قال ) إذا اقتسماه في رؤس النخل وخرص بينهما إذا كانت حاجتهما إليه مختلفة وعرف كل واحد منهما الذي له من ذلك وقد قبض كل واحد منهما الذي له فلا بأس بهذا القسم وان لم يجد الذي حاجته إلى الأكل الا بعد يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك ما لم يتركه حتى يزهى وقسمتها بالخرص إذا اختلفت حاجتهما قبض والخرص فيه بمنزلة الكيل وكذلك الذي حاجته إلى البيع لأن مالكا قال في الرطب إذا اختلفت حاجتهما إلى ذلك فلا بأس أن يقتسماه بالخرص ثم يأخذ كل واحد منهما من الرطب كل يوم مقدار حاجته من ذلك فكذلك البلح الكبار في رأيي ( قلت ) أرأيت أن اقتسما هذا البلح الكبير بالخرص وكانت حاجتهما إلى البلح مختلفة فجد أحدهما وترك الآخر حصته حتى أزهى أو تركا جميعا حصتهما حتى أزهى النخل أتنتقض القسمة فيما بينهما أو تكون القسمة جائزة ( قال ) تنتقض القسمة فيما بينهما أن تركاه جميعا حتى أزهى أو تركه أحدهما وجد الآخر ( قلت ) ولم نقضت القسمة فيما بينهما ( قال ) لأنه بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه ألا ترى أن أحدهما ابتاع نصف نصيب صاحبه بنصف ما كان له من البلح فلا يصلح أن يبتاع النخل وان كان كبيرا على أن يترك حتى يزهي ( قلت ) أرأيت أن اقتسماه بعد ما أزهى وحاجتهما إلى ما في رؤس النخل مختلفة فتركاه حتى أثمر أتنتقض القسمة فيما بينهما أم لا ( قال ) لا بأس بذلك ولا تنتقض وكذلك قال لي مالك إذا اختلفت حاجتهما فيه بثمن واحد ويجد آخر ويبيع آخر لأن الرجل لو اشترى رطبا في رؤس النخل ثم تركه حتى يتتمر لم ينتقض البيع
____________________
(14/470)
________________________________________
فيما بينهما عند مالك وكذلك القسمة أيضا عندي ( قلت ) أرأيت مثل تمر افريقية فانهم يجدونه بسرا إذا بدا قبل أن يرطب ثم يتركونه حتى يتتمر على ظهور البيوت وفي الا نادر أرأيت أن اقتسماه بعد ما جداه أيجوز ذلك فيما بينهما ( قال ) نعم ذلك جائز إذا اقتسماه كيلا ( قلت ) ولا يخشى أن يكون هذا التمر بالتمر ليس مثلا بمثل لأنه إذا جف وانتقض لا يدري أيكون ذلك سواء أم لا ( قال ) لا بأس بهذا لأن ذلك الرطب كله شيء واحد فان اقتسماه فلا أشك أن نقصان ذلك كله شيء واحد ( قلت ) ويصلح الرطب بالرطب كله مثلا بمثل ( قال ) نعم لا بأس بذلك عند مالك فلما قال مالك هذا رأيت أنا أنه جائز إذا اقتسماه ثم جف بعد ذلك نصيب كل واحد منهما وصار تمرا فذلك جائز ( قال ) ولو كان ذلك يختلف أيضا ما كان به بأس لأنه الرطب بالرطب ( قلت ) أرأيت أن اقتسماه بلحا صغارا أيجوز ذلك في قول مالك أم لا ( قال ) لا بأس بذلك إذا اقتسماه على التحري واجتهدا حتى يخرجا من وجه المخاطرة ( قال ) مالك وانما البلح الصغير علف ( قال بن القاسم ) وهو بقل من البقول ( قال ) مالك وان اقتسماه وفضل أحدهما صاحبه فلا بأس بذلك إذا عرف أنه قد فضله بذلك ( قال بن القاسم ) لا بأس ببلح نخلة ببلح نخلتين على أن يجداه مكانهما إذا كان البلح صغارا ( قلت ) ويجوز قسمتهما هذا البلح وحاجتهما في ذلك سواء ( قال ) نعم يجوز ذلك وان كانت حاجتهما إلى البلح سواء لأن هذا لا يشبه الرطب بالرطب وانما هو بمنزلة البقل والعلف ( قلت ) فان اقتسما هذا البلح فلم يجداه حتى صار بلحا كبارا لا يشبه الرطب أتنتقض القسمة فيما بينهما وأحدهما قد فضل صاحبه في القسمة ( قال ) نعم ( قلت ) فان لم يكونا اقتسماه على تفاضل ( قال ) لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ولكن أرى أن كانا اقتسماه بينهما على غير تفاضل وكان إذا كبر يتفاضل في الكيل فأراه مفسوخا والا لم أره مفسوخا الا أن يزهى قبل أن يجداه أو قبل أن يجد أحدهما أو يكونا قد جدا الا أن أحدهما قد بقى له في رؤس النخل شيء لم يجده حتى أزهى ( قال ) وإذا أكل أحدهما جميع ما صار له في
____________________
(14/471)
________________________________________
القسم وأكل الآخر نصف قيمة ما صار له أينقض القسم في نصف ما أكل الذي أكل جميع ما صار له فعليه أن يخرج نصف قيمة ما صار له فيكون ذلك بينهما ويكون هذا الذي أزهى فيما بينهما أيضا ( قال ) وكذلك الزرع إذا اقتسماه بقلا على أن يحصداه فتركاه حتى أفرك أو ترك بعضه حتى أفرك ( قلت ) أرأيت قول مالك في الرطب والبسر حين يقول يقتسمانه بالخرص إذا وجد من يخرص ذلك بينهما إذا كانت حاجتهما إلى ذلك مختلفة وقال ذلك في العنب أيضا لم قاله ولم فرق ما بين هذا إذا كانت حاجتهما إليه سواء أو مختلفة ( قال ) لأن الخرص عند مالك كيل إذا اختلفت حاجتهما إليه فإذا اتفقت حاجتهما إلى ذلك الرطب لم يقتسماه الا كيلا لأن حاجتهما إلى هذا الرطب حاجة واحدة وان كانت حاجتهما إلى أن يبيعا ذلك جميعا قيل لهما بيعا ثم اقتسما الثمن وإذا اختلفت حاجتهما إلى ذلك لم يكن لهما بد من أن يقتسماه بالخرص ويجعل الخرص بينهما بمنزلة الكيل فلا يكون الخرص في القسمة بينهما بمنزلة الكيل إذا كانت حاجتهما واحدة لأنه إذا كانت حاجتهما إلى ذلك واحدة كان بمنزلة الطعام الموضوع بينهما فلا يقتسمانه الا بالصاع
ما جاء في قسمة العبيد ( قلت ) أرأيت العبيد هل يقتسمون وان أبى ذلك بعضهم في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان ذلك ينقسم
ما جاء في قسمة اللبن في الضروع والصوف على ظهور الغنم ( قلت ) فهل يجوز أن يقسم اللبن في ضروع الماشية مثل غنم بيني وبين شريكي نقتسمها للحلب يحلب وأحلب ( قال ) لا يجوز هذا لأن هذا من المخاطرة وقد كره مالك القسمة على المخاطرة ( قلت ) أرأيت أن فضل أحدهما صاحبه حتى يتبين ذلك ( قال ) إذا كان ذلك منه على وجه المعروف وكانا أن هلكت الغنم التي في يد أحدهما رجع على صاحبه فيما بقى في يديه فلا بأس بذلك لأن هذا رجل ترك فضلا
____________________
(14/472)
________________________________________
لصاحبه على غير وجه المقاسمة ( قال سحنون ) لا خير في هذا القسم لأنه الطعام بالطعام ( قلت ) هل يقسم الصوف على ظهور الغنم بين الشركاء ( قال ) نعم لا بأس بذلك إذا كانا يجزانه بحضرتهما أو إلى أيام قريبة يجوز أن يشتريه إليها فان تباعد ذلك لم يكن فيه خير
في قسمة الجذع والمصيراعين والخفين والنعلين والثياب ( قلت ) أرأيت الجذع يكون بين الرجلين فدعا أحدهما إلى قسمته إلى أن يقطع بينهما وأبى ذلك صاحبه ( قال ) لا يقسم بينهما كذلك قال مالك ( قال ) وقال مالك في الثوب لا يقسم بينهما الا أن يجتمعا على ذلك وكذلك الجذع ( قلت ) وكذلك الباب ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك المصراعان والنعلان والخفان هو مثل ما ذكرت في الثوب والخفين والنعلين والمصراعين انما هو شيء واحد ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك هذه الثياب الملفقة مثل العرقى والمروى والملفق أهو عندك سواء ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الساعدين والساقين والذراعين ( قال ) لا تقسم ( قلت ) أرأيت الرحا هل تقسم آخذ أنا حجرا وصاحبي حجرا ( قال ) لا الا أن يتراضيا بذلك فان أبى أحدهما لم تقسم ( قلت ) وكذلك الفص والياقوتة واللؤلؤة والخاتم ( قال ) نعم هذا كله سواء لا يقسم عند مالك ( قلت ) أرأيت هذا الذي سألتك عنه إذا اجتمع من كل صنف منه شيء كثير يحتمل القسمة أتجمعه كله بعضه إلى بعض فتقسمه بينهم أم تجعل كل صنف على حدة بينهم ( قال ) يجعل كل صنف على حدة إذا كان ذلك يحمل القسمة فيقسم بينهم ( قلت ) أرأيت المتاع إذا كان خزا أو حريرا أو قطنا أو ديباجا أو كتانا أو صوفا أتجمعه في القسمة أم لا وكيف أن كان كل نوع منها كثيرا يحمل القسمة على حدة ( قال ) هذه ثياب كلها تجمع في القسمة إذا كانت لا تحمل أن يقسم كل صنف منها على حدة ( قلت ) وكذلك لو كان مع هذا المتاع فراء ( قال ) الفراء عندي بمنزلة الثياب ( قلت ) وكذلك لو كان معها بسط ووسائه ( قال ) لا أرى أن يجمع هذا مع الثياب والبز لأن هذا المتاع سوى البز ( قال ) والبز
____________________
(14/473)
________________________________________
أيضا كل أن كان في كل صنف مما سألت عنه ما يحمل القسمة على حدة قسمة على حدة ( قال ) ولا أقوم على حفظه وهو رأيي ( قلت ) أرأيت الغرارتين أيقسمان بين الشريكين ( قال ) أن كان ذلك فسادا إذا قسم لم أقسمه وان كان ليس فسادا قسمته مثل النعلين والخفين ( قلت ) أرأيت الحبل هل يقسم إذا أبى أحدهما ذلك ( قال ) لا يقسم ( قلت ) وكذلك الخرج ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت المحمل هل يقسم إذا أبى أحدهما ذلك ( قال ) ينظر فيه إلى المضرة ونقصان الثمن فان كان فيه نقصان الثمن ومضرة على أحدهما لم يقسم الا أن يجتمعا
في قسمة الجبنة والطعام ( قلت ) أرأيت الجبنة بين الرجلين أتقسم بينهما أم لا ( قال ) نعم تقسم وان أبى أحدهما لأن هذا مما ينقسم وقد قال مالك في الطعام أنه يقسم فأرى هذه الجبنة بمنزلة الطعام
في قسمة الأرض والعيون ( قلت ) أرأيت قوما ورثوا أرضين وعيونا كثيرة فأرادوا قسمة ذلك فقال بعضهم تجمع لكل واحد منا نصيبه في موضع واحد من العيون والأرضين وقال بعضهم بل أعطني نصيبي من كل عين ومن كل أرض ( قال ) إذا استوت العيون في سقيها الأرض واستوت الأرض في الكرم وكانت قريبة بعضها من بعض حتى لا يكون اختلافا بينا شديدا قسمت لكل واحد منهم حصته في موضع واحد وان اختلفت العيون في سقيها الأرض وغزرها واختلفت الأرض في كرمها قسمت كل أرض وعيونها على حدة بمنزلة ما وصفت لك في الدور والأرضين عند مالك
في بيع النخل بالنخل وفيها ثمر قد أزهى أو لم يزه ( قلت ) أيجوز لي أن أبيع نخلا لي فيها ثمر قد أزهى أو لم يزه أو هو طلع بنخل لرجل فيه ثمر قد أزهى أو لم يزه أو هو طلع بعد ( قال ) سألت مالكا عن الجنانين
____________________
(14/474)
________________________________________
أو الحائطين يبيع أحدهما جنانه أو حائطه من النخل بجنان صاحبه أو بحائط صاحبه من النخل ( قال ) قال مالك إذا لم يكن فيها ثمرة فلا بأس بذلك ( قال ) مالك وان كان فيها ثمر فلا خير في ذلك ( قال بن القاسم ) وان كان في أحدهما ثمرة وليس في الأخرى ثمرة فلا بأس بذلك ( قلت ) وسواء أن كانت ثمرة الحائطين بلحا أو طلعا أو بسرا أو رطبا أو تمرا في قول مالك ( قال ) نعم ذلك كله سواء وهو مكروه إذا اشترطا الثمرة مع الأصل ( قال ) لأن مالكا سئل عن الرجل يبيع الحائط وفيه ثمرة لم تؤبر بعد بقمح نقدا أو إلى أجل ( قال ) مالك لا خير فيه فإذا اشترطا الثمرة مع الأصل فلا خير في ذلك وان تبايعا الأصلين بغير ثمرتهما فلا بأس بذلك إذا كانت ثمرتهما قد أبرت أو كانت بلحا أو بسرا أو رطبا وان كانت ثمرتهما لم تؤبر فلا خير في أن يتبايعاهما على حال لا أن كانت ثمرة كل واحد من الحائطين لصاحبه ولا أن كانت تبعا للأصل لأنها أن كانت تبعا للأصل فهو بيع ثمرة لم تبلغ بثمرة وهو التمر بالتمر إلى أجل وإذا لم يكن تبعا لم يجز لأنه لا يجوز لأحد أن يبيع حائطا وفيه ثمر لم يؤبر ويستثنى ثمره فإذا لم يجز له أن يستثنى لم يجز له أن يبايع صاحبه حائطه بحائطه ويحبس ثمرته لأنه استثنى وان كانت ثمرة أحدهما قد أبرت وثمرة الآخر لم تؤبر فلا بأس أن يبيع أحداهما بصاحبتها إذا كانت التي قد أبرت لصاحبها فان استثناها صاحب الثمرة التي لم تؤبر فلا يحل ( قلت ) فأصل ما كره مالك من هذا أن النخل إذا كان فيها طلع أو بلح أو رطب أو تمر لم يصلح أن تباع تلك النخل بما في رؤسها بشيء من الطعام ويجوز بالدراهم وبالعروض كلها ( قال ) نعم الا أن يجدا ما في رؤس النخل ويتقابضا قبل أن يتفرقا فيجوز ذلك بالطعام وغيره
ما جاء في قسمة الثمر مع الشجر ( قلت أرأيت ) أن ورثنا نخلا أو شجرا وفيها ثمر قد بدا صلاحه أو لم يبد صلاحه وهو طلع بعد فأردنا أن نقسم النخل وما في رؤسها أو الشجر وما في رؤسها ( قال بن القاسم ) يقسم الشجر على حدة ولا يقسم ما في رؤسها ( قلت ) أرأيت أن قالا
____________________
(14/475)
________________________________________
نحن نريد أن نقسم النخل وما في رؤسها من الرطب بيننا وقد اختلفت حاجتهما إلى الرطب ( قال ) يقسم إذا بينهما إذا كان بحال ما وصفت لك يقسم الأصل على القيمة وما في رؤس النخل بالخرص وعلى كل واحد منهما سقى نخله وان كانت ثمرتها لصاحبه لأنه من باع ثمرا كان على صاحب النخل سقى الثمرة فكذلك إذا كانت ثمرتي في حائطك كان سقى الأصل عليك فيجمع من الأصل لكل رجل حقه في موضع ويكون حقه في الثمرة حيث وقع وان كان وقع ذلك له في نصيب صاحبه ( قلت ) فان ورثا نخلا فيها بلح أو طلع فأرادا أن يقتسما النخل والبلح ( قال ) أما البلح والطلع فلا يقسم على حال الا أن يجداه ويقتسما الرقاب بينهما ويترك البلح والطلع حتى يطيب ثم أن أرادا أن يقتسماه إذا طاب اقتسماه وكذلك قال مالك في هذا الطلع ( قلت ) ولم كره مالك أن يقتسما البلح في النخل ( قال ) أرأيت الزرع أيصلح أن يقتسماه مع الأرض إذا ورثا الزرع والأرض جميعا قلت لا ( قال ) فالأرض والزرع بمنزلة النخل والبلح عند مالك ( قلت ) فإذا كانت في رؤس النخل لم قسمه مالك بينهما بالخرص ( قال ) ألا ترى أن الزرع إذا حصد وصار حبا قسماه بينهما بالكيل والخرص في ثمرة النخل بمنزلة الكيل لأن الزرع ليس فيه خرص والنخل فيها الخرص فإذا طاب قسم بينهما بالخرص
ما جاء في قسمة الفواكه ( قلت ) أرأيت الشجر في غير النخل هل يقسم بالخرص ما في رؤسها إذا طاب وقد ورثناها وما في رؤسها ( قال ) سألت مالكا عن هذه غير مرة فقال لا يقسم بالخرص ( قال ) مالك لا يقسم بالخرص الا العنب والنخل لأن الخرص ليس في شيء من الثمار الا فيهما جميعا فجعل مالك الخرص فيهما إذا طابا بمنزلة الكيل في غيرهما من الثمار وان لم يطب النخل والعنب فلا يقسم بينهما بالخرص وانما يقسم أن أرادا ذلك بأن يجداه ثم يقتسماه كيلا ( قلت ) أرأيت أن هلك رجل وترك ورثة وترك دينا على رجال شتى وترك عروضا ليست بدين فاقتسما فأخذ أحدهما الدين على أن يتبع الغرماء وأخذ
____________________
(14/476)
________________________________________
الآخر العروض أيجوز هذا ( قال ) إذا كانت الغرماء حضورا وجمع بينه وبينهم فذلك جائز وان كانوا غيبا فهو غير جائز ( قال ) وهذا قول مالك في البيوع أنه قال لا خير في أن يشتري دينا على غريم غائب إذا كان بحال ما وصفت لك ( قلت ) هل يقسم الدين على الرجال في قول مالك ( قال ) قال مالك يقسم ما كان على كل رجل منهم ولا يقسم الرجال لأن هذا يصير ذمة بذمة وهو قول مالك وبلغني عن مالك أنه قال سمعت بعض أهل العلم يقول الذمة بالذمة من وجه الدين بالدين
ما جاء في اقتسام أهل الميراث ثم يدعى أحدهم الغلط ( قلت ) أرأيت إذا اقتسم أهل الميراث فادعى أحدهم الغلط وأنكر الآخرون ( قال ) لا يقبل منه قوله إذا ادعى الغلط الا أن يأتي بمر يستدل به على ذلك ببينة تقوم أو يتفاحش ذلك حتى يعلم أنه غلط لا شك فيه لأن مالكا قال في الرجل يبيع الثوب مرابحة ثم يأتي البائع فيدعى وهما على المشترى أنه لا يقبل ذلك منه الا أن تكون له بينة أو يأتي من رقم الثوب ما يستدل به على الغلط فيحلف البائع ويكون القول قوله فكذلك من ادعى الغلط في قسم الميراث ( قلت ) أرأيت أن اقتسموا فادعى بعضهم الغلط بعد القسمة أيقبل قوله في قول مالك أم لا قال ( قال ) مالك فيمن باع ثوبا فادعى الغلط يقول أخطأت أو باعه مرابحة فيقول أخطأت أنه لا يقبل الا ببينة أو أمر يستدل به على قوله أن ثوبه ذلك لا يؤخذ بذلك الثمن فان تلك القسمة بهذه المنزلة لأن القسمة بمنزلة البيوع ( قلت ) أرأيت أن ادعى أحدهم الغلط في قسم الميراث وأنكر الآخرون ذلك أتحلفهم له أم لا ( قال ) نعم
في الرجلين يقتسمان الثياب فيدعى أحدهما ثوبا بعد ما قسم ( قلت ) أرأيت أثوابا ورثناها فاقتسمناها فأخذت أنا أربعة أثواب وأخذ صاحبى ستة ثم ادعيت أن ثوبا منها لي في قسمي وأنكر صاحبي ذلك أتنتقض القسمة بيننا أم تحلفه وتكون القسمة جائزة ( قال ) أحلفه وتكون القسمة جائزة ( قلت ) ولم
____________________
(14/477)
________________________________________
( قال ) لأن الذي ادعى الثوب الذي في يدى صاحبه قد أقر بالقسمة وهو يدعي ثوبا مما في يدى صاحبه فلا يصدق والقسمة جائزة إذا كانت تشبه ما يقاسم الناس وحلف شريكه على الثوب فلا شيء له ( قلت ) ولم جعلت القول قول من في يديه الثوب مع يمينه وأنت تقول لو أني بعت عشرة أثواب من رجل فلما قبضها جئته فقلت له انما بعتك تسعة أثواب وغلطت بالعاشر فدفعته إليك وقال المشتري بل اشتريت العشرة كلها والأثواب قائمة بأعيانها أن البيع ينتقض بينهما بعد ما يحلف كل واحد منا فالقسمة لم لا تجعلها بهذه المنزلة ( قال ) لا لا تكون القسمة بهذه المنزلة لأن القسمة إذا قبض كل واحد منهما ما صار له وحازه لم يجز قول شريكه على ما في يديه ولو كان هذا يجوز لم يشأ رجل بعد ما يقاسم أصحابه أن يفسخ القسمة فيما بينهما الا فعل ذلك والبيع يجوز أن يقول بعتك نصفها أو ربعها وكذلك في الجارية وكذلك في الثياب والقسمة إذا تحاوزا فالقول في الذي حاز كل واحد منهما قوله ولا يلتفت إلى قول صاحبه في ذلك ( قلت ) أرأيت أن أقمنا البينة على الثوب الذي ادعيته أقمت أنا البينة أنه صار لي في القسمة وأقام صاحبي أيضا البينة على مثل ذلك لمن يكون ( قال ) إذا تكافأت البينتان كان القول قول من في يديه الثوب في رأيي ( قلت ) والغنم بمنزلة ما ذكرت لك من الثياب إذا اقتسماها فادعى أحدهما غلطا ( قال ) نعم ذلك سواء
ما جاء في الرجلين يقتسمان الدار فيدعى أحدهما بيتا بعد القسم ( قلت ) أرأيت أن اقتسمنا دارا فاختلفنا في بيت من الدار وليس ذلك البيت في يد واحد منا فادعاه كل واحد منا ( قال ) أن لم يكن لواحد منهما بينة تحالفا وفسخت القسمة كلها بينهما وان كانت لأحدهما بينة أو كان قد حاز ذلك البيت كان القول قوله مع يمينه وان أبى اليمين واحد منهما جعل البيت لصاحبه الآخر بعد أن يحلف ولا يكون له البيت إذا أبى صاحبه اليمين الا بعد ما يحلف وهذا قول مالك وأما ما أخبرتك به في رد اليمين فاني سمعت مالكا يقول في الرجل يدعى على الرجل
____________________
(14/478)
________________________________________
مالا وقد كانت بينهما مخالطة فيقال للمدعى عليه احلف وابرأ فينكل عن اليمين أيقضى بالمال عليه أم يقول السلطان للمدعى احلف والا لم يقض له بشيء والمدعى عليه لم يرد اليمين على صاحبه ( قال ) مالك لا ينبغي للسلطان أن يقضى بذلك على المدعى عليه حتى يحلف المدعي وان لم يطلب ذلك المدعى عليه لأنه ليس كل من ادعى عليه يعرف أن له رد اليمين على صاحبه الذي ادعى عليه فهذا يشبه ما أخبرتك به من اختلافهما في البيت من تلك الدار في القسمة
ما جاء في الاختلاف في حد القسمة ( قلت ) أرأيت أن اختلفا في الحد فيما بينهما في الدار فقال أحدهما الحد من ها هنا ودفع عن جانبه إلى جانب صاحبه وقال صاحبه بل الحد من ها هنا ودفع عن جانبه إلى جانب صاحبه ( قال ) أن كانا قسما البيوت على حدة والساحة على حدة تحالفا إذا لم يكن لهما بينة وفسخت القسمة بينهما في الساحة ولم تفسخ القسمة في البيوت لأن اختلافهما إنما هو في الحد والساحة وهذا كله مثل قول مالك في البيوع وان كانا اقتسما البيوت والساحة قسما واحدا تراضيا بذلك فسخت القسمة بينهما كلها لأنها قسمة واحدة اختلفا فيها
في قسمة الوصي مال الصغار ( قلت ) أرأيت الوصي هل يقسم مال الصغار فيما بينهم إذا لم يترك الميت الا صبيانا صغارا وأوصى بهم وبتركتهم إلى هذا الرجل ( قال ) لا أرى أن يقسم الوصي ما لهم بينهم ولا يقسم مال الصغار بينهم إذا كانوا بحال ما وصفت الا السلطان أن رأى ذلك خيرا لهم ( قال ) وسمعت مالكا يقول لا يقسم بين الاصاغر أحد الا السلطان ( قلت ) أرأيت إذا أوصى رجل إلى رجل وترك صبيانا صغارا أو أولادا كبارا أليس يجوز للوصي أن يقاسم الورثة الكبار للصغار بغير أمر قاض ( قال ) أحب إلي أن يرفع ذلك إلى القاضي لأني سمعت مالكا وسئل عن امرأة حلفت لتقاسمن
____________________
(14/479)
________________________________________
أخوتها فأرادوا أن يقاسموها فقال مالك أحب إلي أن يرفعوا ذلك إلى القاضي حتى يبعث من يقسم بينهم ( قال بن القاسم ) فان قاسم الوصي والقاضي الكبار للصغار على وجه الاصابة والاجتهاد فذلك جائز ( قلت ) أرأيت إذا قاسم الوصي أو القاضي هؤلاء الكبار للصغار فوقعت سهمان الاصاغر كل واحد منهم على حدة فأخذ الكبار حظهم وبقى حظ الاصاغر كل واحد منهم على حدة فهل يجمع ذلك بينهم أم لا ( قال ) لا يجمع ذلك بينهم ويكون سهم كل صغير منهم حيث وقع لأن مالكا قال لا يجمع حظ اثنين في القسم
ما جاء في قسمة الوصي على الكبير الغائب ( قلت ) أرأيت قسمة الوصي على الكبير الغائب إذا كان في الورثة صغار وكبار أتجوز على هذا الغائب ( قال ) لا تجوز قسمة الوصي على الغائب ولا يقسم لهذا الغائب الا السلطان فان قسم لهذا الغائب الوصي لم يجز ذلك عليه ( قلت ) هل يجوز بيع الوصي العقار على اليتامى أم لا ( قال ) قال مالك لا أحب له أن يبيع الا أن يكون لذلك وجه مثل أن يكون الملك يجاوره فيعطيه الثمن الكثير المرغوب فيه وقد أضعف له في الثمن أو نحو ذلك أو يكون ليس فيما يخرج منها ما يحمل اليتيم في نفقة اليتيم فإذا كان هذا وما أشبهه رأيت للوصي أن يبيع ويجوز ذلك على اليتيم أن كبر ( قلت ) أرأيت نصيب الغائب إذا قسم السلطان له كيف يصنع بنصيبه وفي يد من يتركه ( قال ) ينظر في ذلك السلطان للغائب لأني سمعت مالكا يقول في الوصي ينظر بالدين وفي الورثة كبار ( قال ) إذا كان الورثة كبارا فلا يجوز عليهم فهذا مثله ليس للوصي في حظ الكبار شيء أن يقول أترك نصيب هذا الكبير الغائب في يدي حتى يقدم وانما ينظر للغائب السلطان
في المسلم إذا أوصى إلى الذمي وقسمة مجرى الماء ( قلت ) أرأيت المسلم إذا أوصى إلى الذمى أتجوز وصيته في قول مالك ( قال ) قال
____________________
(14/480)
________________________________________
مالك كل من أوصى إلى من لا يرضى حاله والموصى إليه مسخوط لم تجز وصيته فهو ممن لا يرضى ( قلت ) هل يقسم مجرى الماء في قول مالك ( قال ) لم أسمع مالكا يقول يقسم مجرى الماء وما علمت أن أحدا أجازه وما أحفظ من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يقسم مجرى الماء ( قلت ) أرأيت أن اقتسموا أرضا بينهم على أنه لا طريق لواحد منهم في أرض صاحبه وبعضهم إذا وقعت القسمة على هذا تبعا لا طريق له إلى أرضه ( قال ) لا يجوز هذا ولا أرى هذا من قسمة المسلمين وقد بلغني أن مالكا كره ما يشبه هذا
فيمن كانت له نخلة في أرض رجل فقلعها وأراد أن يغرس مكانها نخلتين ( قلت ) أرأيت لو أن لي نخلة في أرض رجل قلعها الريح أو قلعتها أنا بنفسي فأردت أن أغرس مكانها نخلة أخرى ( قال ) قال مالك وسأله عنها أهل المغرب فقال ذلك له ( قلت ) فان أراد أن يغرس مكانها زيتونة أو جوزة أو يغرس في موضع أصل تلك النخلة نخلتين أو شجرتين من سوى النخيل أيجوز ذلك له أم لا ( قال ) إنما يجوز له أن يغرس في موضع نخلته ما يعلم أنه مثل نخلته كائنا ما كان من الأشجار وليس له أن يزيد على أصل تلك النخلة وليس له أن يغرس ما يعلم الناس أنه يعظم حتى يكون أكثر انتشارا وأضر بالأرض من نخلته ولم أسمع ذلك من مالك ولكن ذلك رأيي لأن مالكا جعل للرجل أن يغرس في موضع نخلته مثلها ( قلت ) أرأيت لو أن نخلة لي في أرض رجل فأردت أن أجدها فقال رب الأرض لا أتركك تتخذ في أرضي طريقا ( قال ) لا أرى أن يمنعه من الذهاب إلى نخلته ليجدها أو ليصلحها ( قلت ) فان كان رب الأرض قد زرع أرضه كلها فأراد أن يخرق زرعه إلى نخلته أيكون له ذلك قال لا أرى أن يمنع الممر إلى نخلته ولا أرى أن يضر صاحب النخلة برب الأرض في الممر إلى نخلته أن له أن يمر ويسلك إلى نخلته هو ومن يجد له ويجمع له وليس له أن يجمع نفرا من الناس يفسدون عليه فيما يتوطؤن به من الذهاب إلى نخلته والرجوع
____________________
(14/481)
________________________________________
( قال ) ولقد سئل مالك عن الرجل تكون له الأرض في وسط أرض الرجل فيزرع الرجل ما حول أرض صاحبه من أرضه فأراد صاحب الأرض الوسطى أن يمر في أرض هذا الرجل إلى أرضه ببقره وماشيته ليرعى الخصب الذي في أرضه ( قال ) مالك لا أرى له ذلك فأرى أن يمنع من مضرة صاحبه لأنه أن سلك بماشيته في أزرع هذا إلى أرضه أفسد عليه زرعه ( قال بن القاسم ) وأرى له أن يدخل يحش خصب أرضه ولا يمنع من ذلك ولم أسمعه من مالك ( قلت ) أرأيت لو أن نهرا لي يمر في أرض قوم فأرادوا أن يغرسوا حافيتى النهر من أرضهم فأردت أن أمنعهم من ذلك ( قال ) لا أرى أن يمنعهم من ذلك ولم أسمع فيه شيئا ( قلت ) فان غرسوا واحتاج صاحب النهر إلى أن يلقى طينته أيكون له أن يلقى طينه في حافتى النهر في أرض هذا الرجل وان يطرح ذلك على شجره ( قال ) أن قدر أن يطرح ذلك على حافيتي النهر من غير أن يطرح ذلك على الشجر منع من أن يطرح ذلك على الشجر وان كان لا يقدر على طرحه الا على الشجر لكثرة الطين وكثرة الشجر بحافتى النهر ولا يكفيه القاء الطين فيما بين الشجر رأيت أن يطرح على الشجر ولم أسمع هذا من مالك وذلك إذا كانت الأنهار عندهم انما يلقى طينها على حافتى النهر ( قال ) ولكل أهل بلد سنة في هذا وانما يحمل أهل كل بلد على سنتهم عندهم
ما جاء في الميت يلحقه دين بعد قسمة الميراث ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا هلك وعليه دين وترك دورا ورقيقا وصاحب الدين غائب فاقتسم الورثة مال الميت جهلوا أن الدين يخرج قبل القسمة وقبل الميراث أو جهلوا أن عليه دينا حين اقتسموا ثم علموا أن عليه دينا ( قال ) أرى أن ترد القسمة حتى يخرجوا الدين أن أدرك مال الميت بعينه لأن مالكا قال في رجل مات وترك دارا ودينا قال أرى أن يباع من الدار مقدار الدين ثم يقتسم الورثة ما بقى من الدار الا أن يخرج الورثة الدين من عندهم فتكون الدار دارهم ولا تباع عليهم ويقتسمونها بينهم ( قلت ) أرأيت الورثة الذين جهلوا أن الدين يخرج قبل الميراث أو جهلوا
____________________
(14/482)
________________________________________
أن على الميت دينا أن كانوا قد اقتسموا الميراث فأتلف بعضهم ما صار له وبقى في يد بعضهم الذي أخذ من الميراث فقدم صاحب الدين كيف يأخذ دينه وقد أراد أن يأخذ جميع دينه من الميراث الذي أدرك في يد هذا الوارث الذي لم يتلف ما بقى في يده من ذلك ( قال ) قال مالك للغريم أن يأخذ جميع ما أدرك في يد هذا الوارث الا أن يكون حقه أقل مما في يد هذا الوارث فليأخذ مقدار دينه من ذلك ويطرح هذا الدين فلا يحسب من مال هذا الميت وينظر إلى ما بقى من مال هذا الميت مما بقى في يد هذا الذي أخذ الغريم منه ما أخذ وما أتلف الورثة مما أخذوا فيكون هذا كله مال الميت فينظر إلى ما بقى في يد هذا فيكون له ويتبع جميع الورثة بما بقى له من تمام حقه من ميراثه من مال الميت بعد الدين أن بقى له شيء ويضمن الورثة ما أكلوا واستهلكوا مما كان في أيديهم وما مات في أيديهم من حيوان أو رقيق أو غير ذلك وما كان بقى في أيديهم من العروض والامتعات أصابتها الجوائح من السماء فلا ضمان عليهم في ذلك وكذلك قال مالك في هذا فهذا يدلك على أن القسمة كانت باطلا إذا كان على الميت دين لأن مالكا قد جعل في قوله هذا المال مال الميت على حاله وجعل القسمة باطلا لما قال ما أصابت الجوائح من الأموال التي في أيديهم وما مات مما في أيديهم فضمانه من جميعهم علمنا أنه لم يجز القسمة فيما بينهم للدين الذي كان على الميت ( قلت ) أرأيت ما جنى عليه مما في أيديهم بعد القسمة قبل أن يلحق الدين ثم لحق الدين ( قال ) يتبعون جميعا صاحب الجناية لأنه كان لجميعهم يوم جنى عليه عند مالك وكانت القسمة فيه باطلا ولأن مالكا قال فيما باعوا مما قبضوا من قسمتهم مما لم يحابوا فيه فانما يؤدون الثمن الذي باعوا به ولا يكون عليهم قيمة تلك السلعة يوم قبضوها ( قلت ) أرأيت إذ أعطى القاضي أهل الميراث كل ذي حق حقه أترى أن يأخذ منهم كفيلا مما يلحق الميت في هذا المال ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أنه لا يأخذ منهم كفيلا ويدفع اليهم حقوقهم بلا كفيل ( قلت ) أرأيت أن قسم القاضي بينهم ثم لحق الميت دين أتنتقض القسمة فيما بينهم بحال ما وصفت لك في قول مالك ( قال
____________________
(14/483)
________________________________________
أرى أن القسمة تنتقض لأن قسمة القاضي بينهم بمنزلة ما لو قسموا هم أنفسهم بغير أمر قاض وهم رجال
في الوارث يلحق بالميت بعد قسمة الميراث ( قلت ) أرأيت لو أن قوما ورثوا رجلا فاقتسموا ميراثه بينهم ثم قدم عليهم رجل فأقام البينة أنه وارث هذا الميت معهم وقد أتلف بعضهم ما أخذ من مال الميت وأدرك بعضهم وفي يديه ما أخذ من مال الميت أو بعض ما أخذ من مال الميت ( قال ) قال مالك يتبع هذا الوارث الذي قدم فأقام البينة أنه وارث الميت جميعهم ويأخذ من كل واحد قدر ما يصير عليه من ميراثه وليس له على هذا الذي بقى في يديه مال الميت الا مقدار ما يصيبه من ميراثه إذا فضضت ميراثه على جميع الورثة فيأخذ من هذا الذي لم يتلف ما في يديه مقدار ما يلزمه من ذلك ويتبع بقية الورثة بما يصير عليهم من ذلك أملياء كانوا أو عدما ( قال ) مالك وليس له إلا ذلك
وكذلك قال مالك في رجل هلك وترك عليه دينا فقسم ماله بين الغرماء ثم قدم قوم فأقاموا البينة على دين لهم على هذا الميت وقد أعدم بعض الغرماء الأولين الذين أخذوا دينهم ( قال ) مالك يكون لهؤلاء الذين قدموا فأحيوا على هذا الميت دينا أن يتبعوا كل واحد من الغرماء بما يصير عليه من دينهم إذا فض دينهم على جميع الغرماء الذين قبضوا دينهم ويكون ذلك على المحاصة في مال الميت وليس لهؤلاء الذين أحيوا على هذا الميت دينا أن يأخذوا ما وجدوا في يد هذا الغريم من مال الميت الذي لم يتلف ما اقتضى من دينه ولكن يأخذون من هذا مقدار ما يصير عليه من ذلك ويتبعون بقية الغرماء بقدر ما يصير لهم على كل رجل منهم مما اقتضى من حقه وكذلك أبدا انما ينظر إلى مال الميت الذي أخذه الغرماء وينظر إلى دين الغرماء الأولين ودين هؤلاء الذين أحيوا دينهم على هذا الميت فيقسم بينهم مال الميت بالحصص فما صار لهؤلاء الذين أحيوا على الميت الدين كان لهم أن يتبعوا أولئك الغرماء الذين قبضوا دينهم قبل أن يعلموا بهؤلاء ولا يتبعون كل واحد منهم الا بما أخذ من الفضل على حقه في المحاصة وليس لهم أن يأخذوا ما وجدوا من ذلك بعينه فيقسموه
____________________
(14/484)
________________________________________
بينهم ولكن يأخذون منه مثل ما وصفت لك ويتبعون العديم والملى بما يصير عليهم من الفضل الذي أخذوا حين وقعت المحاصة بينهم وبين هؤلاء الذين أحيوا دينهم وكذلك قال مالك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا هلك وترك مالا وترك ورثة وترك عليه دينا فأخذ الغرماء دينهم واقتسم الورثة ما بقى بعد الدين ثم أتى قوم فأحيوا على الميت دينا وقد أتلف الورثة جميع ما قبضوا من مال الميت وأعدموا أيكون لهؤلاء الذين أحيوا هذا الدين على الميت أن يتبعوا هؤلاء الغرماء الذين أخذوا حقهم من مال الميت والذي أخذه الغرماء الأولون من مال الميت في أيديهم لم يستهلكوه ( قال ) قال مالك ليس لهم أن يتبعوا الغرماء الأولين إذا كان ما أخذه الورثة بعد الدين فيه وفاء لهذا الدين الذي أحيا هؤلاء الآخرون لأن دينهم يجعل فيما أخذ الورثة ولا يجعل دينهم فيما اقتضى الغرماء من مال الميت لأن ها هنا فضل مال وانما يكون لهؤلاء الذين أحيوا هذا الدين أن يتبعوا الورثة عدماء كان الورثة أو أملياء فليس لهم غير ذلك ( قال ) مالك وان كان ليس فيما أخذت الورثة بعد الدين وفاء بهذا الدين الذي أحيا هؤلاء الغرماء رجع هؤلاء الذين أحيوا هذا الدين على الغرماء الأولين بما زاد من دينهم على الذي أخذت الورثة فيحاصون الغرماء بما يصير لهم في يد كل واحد من الغرماء بحال ما وصفت لك
وتفسير ذلك أنه ينظر إلى هذا الغريم كم كان يدرك أن لو كان حاضرا في محاصتهم فيما في أيديهم وفيما في أيدي الورثة فينظر إلى عدد الذي كان يصيبه في محاصته ثم ينظر إلى الذي في يد الورثة فيقاص به فيتبعهم به ويرجع بما بقى له على الغرماء فيأخذه منهم على قدر حصصهم يضرب بذلك في نصيبهم ولا يحاص له بجميع دينه فيما أخذ ولكنه يحاص بما فسرت لك ( قلت ) لم جعل مالك لهؤلاء الغرماء الأولين الذين اقتضوا حقوقهم ما قبضوا دون الغرماء الآخرين الذين أحيوا الدين على الميت إذا كان ورثته قد أتلفوا ما في أيديهم وكان فيما بقى في أيدي الورثة وفاء لديون الآخرين ( قال ) لأنه يقال للغرماء الآخرين ليس مغيبكم إذا لم يعلم بدينكم مما يمنع به هؤلاء الحضور من قضاء ديونهم فلما كان لهم أن يقبضوا
____________________
(14/485)
________________________________________
ديونهم إذا لم يعلموا بكم دونكم جاز ذلك وكان ذلك لهم دونكم لأنه كأنه حكم فلا يرد إذا وقع
في اقرار الوارث بالدين بعد القسمة ( قلت ) أرأيت لو أن ورثة الميت اقتسموا مال الميت فأقر أحدهم بدين على الميت فقال المقر له بالدين أنا أحلف وآخذ حقي ( قال ) قال مالك ذلك له ( قلت ) ولا ترى أن هذا يريد أن يبطل القسمة باقراره لهذا بالدين ولا تتهمه على أنه انما أراد أن يبطل القسمة باقراره لهذا بالدين لأنه إذا ندم في القسمة أقر بعشرة دراهم أو بمثل ذلك يريد به ابطال القسمة لعله أن يجر إلى نفسه بذلك منفعة كبيرة ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يقال للورثة إذا حلف هذا المقر له أن شئتم فادفعوا إليه ما استحق باقرار هذا مع يمينه أنتم وهذا المقر بالدين فينفذ قسمكم والا أبطلنا القسمة وأعطينا هذا دينه ثم قسمنا ما بقى بينكم ( قلت ) أرأيت أن قالت الورثة نحن نخرج ما يصيبنا من هذا الدين وقال هذا الذي أقر لا أخرج أنا دينه ولكن انقضوا القسمة وبيعوا حتى توفوه حقه ( قال ) يقال للورثة اخرجوا هذا الذي يصير عليكم من حق هذا فإذا فعلوا ذلك قيل للذي أقر أعط حصتك والا بيع عليك ما أخذت من ميراثك ( قال ) ولم أسمع من مالك فيه شيئا الا أنه قال يحلف المقر له ويستحق حقه ( قلت ) أرأيت أن أقر أحد الورثة بدين قبل القسمة فحلف المقر له ( قال ) لا يجوز لهم أن يقتسموا حتى يأخذ هذا المقر له حقه لأنه قد استحق حقه
ما جاء في الوصية تلحق الميت بعد القسمة ( قلت ) أرأيت أن اقتسموا دورا ورقيقا وأرضين وحيوانا وغير ذلك فأتى رجل وأقام البينة أن الميت قد أوصى له بالثلث أو أتى رجل فأقام البينة أنه وارث معهم ( قال ) أن كانت دراهم ودنانير وعروضا فانما لهذا الموصى له ولهذا الوارث الذي لحق أن يتبع كل واحد منهم بما صار في يده من حقه إذا كان ما أخذ كل واحد منهم
____________________
(14/486)
________________________________________
يقدر على أن يدفع إلى هذا الموصى له أو إلى هذا الوارث حقه مما في يديه وينقسم ذلك وأما الدور والأرضون فان كانوا اقتسموا كل دار على حدة ولم يجمعوا الدور في القسم فأعطى كل إنسان حقه في موضع واحد والأرضون كذلك اقتسموها والاجنة كذلك اقتسموها فأرى أن تنقض القسمة حتى يجمع له حقه في كل دار أو أرض أو جنان كما يجمع لهم ولا يأخذ من كل إنسان منهم قدر نصيبه فيتفرق ذلك عليه ويكون ذلك به ضررا بينا وكذلك لو اقتسموا الدور فلم يقطع لكل إنسان منهم نصيبه في كل دار ولكن جمع له فانه أيضا لا يأخذ من كل إنسان حقه فيتفرق ذلك عليه ولكنهم يقتسمون الثانية فيجمعون نصيبه كما جمع لهم ( قلت ) أرأيت أن كان ترك دورا أو عقارا أو عروضا ولم يترك دراهم ولا دنانير فأقام رجل البينة بعد ما اقتسم الورثة أن الميت أوصى له بألف درهم أتنتقض القسمة فيما بينهم أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا أني أرى أن يقال للورثة اصطلحوا فيما بينكم وأخرجوا وصية هذا الرجل وأقروا قسمتكم بحالها أن أحببتم فان أبوا ردت القسمة وبيع من مال هذا الميت مقدار وصية هذا الرجل إذا كان الثلث يحمل ذلك ثم يقسم الورثة ما بقى وانما جعلنا الورثة ها هنا بالخيار أن أحبوا أن يؤدوا الدين الذي لحق من الوصية في مال الميت والا ردوا ما أخذوا من مال الميت فباعوا منه مقدار دين هذا الميت واقتسموا ما بقى بينهم لأنهم يقولون هذا مال الميت الذي ورثناه فأخرجوا منه الدين ولا نخرج نحن الدين من أموالنا
وكذلك أن قال ذلك واحد منهم كان ذلك له ولا يجبر على أن يخرج حظه من الدين من مال نفسه فان قال بعضهم نحن نخرج الدين من أموالنا وقال أحدهم لا أخرج الدين من مالي ولكن ردوا القسمة وبيعوا فأوفوا الوصية ثم اقتسموا ما بقى فيما بيننا ( قال ) القول قول هذا الذي أبى وتنتقض القسمة ويدفعون إلى هذا المستحق حقه من الوصية ثم يقتسمون ما بقى وذلك أنه ليس لهم إذا أبى صاحبهم أن يشتروا ما في يديه بغير رضاه لأن الدين لما لحق دخل في جميع ما في أيديهم فلو جوزنا لهم ما قالوا لقلنا لهذا الذي أبى بع مما في يديك وأوف الغرماء أو هذا الموصى له حصتك من
____________________
(14/487)
________________________________________
ذلك ولعل ذلك الذي لحقه يغترق ما في يديه ولعل قسمتهم إنما كانت على التغابن فيما بينهم أو لعله قد أتت جائحه من السماء على ما في يديه فأتلفته ثم لحق الدين أو الوصية فلا يكون عليه لذلك شيء فهذا يدلك على إبطال القسمة فيما بينهم إذا أبى هذا الواحد وقال لا أخرج حتى ولا يجوز شراء ما في أيديهم بحصتهم من الدين لأن هذا الذي أبى لو تلف ما في يديه مما كان أخذ من مال الميت بجائحه أتت من السماء لم يضمن فلا تتم الوصية ولا يتم الدين ولم أسمع هذا بعينه من مالك الا أنه رأيي لأن مالكا قال إذا لحق الميت دين وقد اقتسمت الورثة أخذ الدين مما في أيديهم وما تلف بأمر من السماء مما كان في أيديهم لم يلزم واحدا منهم ما تلف في يديه من ذلك فلما قال مالك هذا علمت أن القسمة تنتقض فيما بينهم ( قلت ) أرأيت أن لحق دين أو وصية في مال هذا الميت وقد اقتسم الورثة الدور والرقيق وجميع ما ترك الميت فيما بينهم فقال الورثة كلهم ننقض القسمة ونبيع فنوفى هذا الرجل حقه أو وصيته والوصية دراهم أو كيل من الطعام فقال واحد منهم لا أنقض القسمة ولكن أنا أو في هذا الرجل دينه أو وصيته من مالي ولا أتبعكم بشيء وذلك لأنه مغتبط بحظه من ذلك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ذلك ولا تنتقض القسمة
في قسم القاضي العقار على الغائب ( قلت ) أرأيت أن كانت قرية بين أبي وبين رجل من شراء أو ميراث ورثاها فغاب الرجل وهلك والدي فأردنا أن نقسم ( قال ) قال مالك يرفعون ذلك إلى القاضي فيقسم ذلك بينهم ويعزل نصيب الغائب ( قلت ) وسواء أن كانت شركة أبي مع هذا الغائب من شراء أو ميراث في قول مالك ( قال ) قال مالك القسمة في الدور والرقيق وجميع الأشياء إذا كانت بينهم من شراء أو ميراث فهو سواء ويقسم ذلك بينهم ( قال ) والذي قال مالك في الغائب يدعى عليه في الدور والأرضين انما قال مالك لا يقضي عليه ولكن يستأنى به وأما أهل القسم فيقسم عليهم وان كان غائبا ( قلت ) وكذلك أن كان شريك أبيهم حاضرا وبعض ورثة الميت غيب أيقسمها القاضي بينهم أم لا ( قال
____________________
(14/488)
________________________________________
قال لي مالك يقسمها القاضي بينهم ويعزل نصيب الغائب ( قلت ) فلو أن قوما ورثوا دورا ورقيقا فرفعوا أمرهم إلى صاحب الشرط وفي ورثة الميت قوم غيب فسمع من بينتهم فقسم ذلك بينهم أيجوز ذلك على الغائب أم لا ( قال ) قال مالك لا تجوز قسمته الا بأمر القاضي ولا أرى أن يجوز ذلك
ما جاء في قسمة الأرض والشجر المفترقة ( قلت ) أرأيت الأرض التي فيها الشجر المفترقة ها هنا شجرة وها هنا شجرة ورثوها فأرادوا أن يقتسموها كيف يقتسمون هذه الشجر ( قال ) أرى أن يقتسموا الأرض والشجر جميعا لأنهم أن اقتسموا الأرض على حدة والشجر على حدة لصار لهذا شجرة في أرض هذا ولهذا شجرة في أرض هذا فأفضل ذلك أن يقسموا الأرض والشجر جميعا فيكون الشجر لمن تصير له الأرض ( قلت ) أرأيت لو أن قوما ورثوا دورا ورقيقا وعروضا وحيوانا فأرادوا أن يقتسموا بالسهام فجعلوا البقر حظا واحدا والحيوان والرقيق حظا واحدا والعروض حظا واحدا والدور حظا واحدا على أن يضربوا بالسهام ( قال ) لا خير في هذا لأنه خطر وانما تقسم هذه الأشياء كل نوع على حدة وهو قول مالك أنه يقسم كل نوع على حدة البقر على حدة والغنم على حدة والعروض على حدة الا أن يتراضوا على شيء بينهم بغير سهام
ما جاء في قسمة ما لا ينقسم ( قلت ) أرأيت أن كان الميراث عبدا واحدا أو دابة واحدة أو ثوبا واحدا أو سرجا أو تورا أو طستا واحدا فأرادوا أن يقتسموا ( قال ) قال مالك أن هذا لا ينقسم ولكن يباع عليهم جميع هذا لأن هذا مما لا يقسم كل نوع منه على حدة الا أن يتراضوا على شيء فيكون لهم ما تراضوا عليه فأما بالسهام فلا يجوز أن يقتسموه
ما يجمع في القسمة من البز والماشية ( قلت ) أرأيت أن هلك رجل وترك بزا فيه الخز والحرير والقطن والكتان والأكسية
____________________
(14/489)
________________________________________
والجباب أيجعل هذا كله في القسمة نوعا واحدا أم يقسم كل نوع على حدة ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن يجمع البز كله في القسمة فيجعل نوعا واحدا فيقسم على القيمة مثل الرقيق لأن الرقيق عند مالك نوع واحد وفيهم الكبير والصغير والهرم والجارية الفارهة فهذا كله نوع واحد وهو يتفاوت في الأثمان بمنزلة البز أو أشد فقد جعله مالك نوعا واحدا والبز عندي بهذه المنزلة والرجل يهلك ويترك قمصا وجبابا وأردية وسراويلات فلم أسمع مالكا يقول تجعل السراويلات قسما على حدة والجباب قسما على حدة ولكن هذا كله نوع واحد يجمع في القسمة على القيمة ( قلت ) وكذلك لو كانت الابل من صنوف الابل والبقر من صنوف البقر جمعتها كلها في القسمة على القيمة في قول مالك بحال ما وصفت لي في الرقيق ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الخيل والبغال والحمير والبراذين أتجمع مع هؤلاء في القسمة ( قال ) لا يجمع هؤلاء في القسمة بالسهام ولكن يقسم كل صنف منها على حدة البغال على حدة والحمير على حدة والخيل والبراذين صنف واحد على حدة ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي
ما جاء في قسمة الحلى والجوهر ( قلت ) أرأيت لو أن امرأة هلكت وتركت زوجها وأخاها وتركت حليا كثيرا ومتاعا من متاع النساء مختلفا كيف يقتسمه الزوج والأخ في قول مالك ( قال ) أما الحلى فلا يقسم الا وزنا وأما متاع جسدها أو متاع بيتها فبالقيمة ( قلت ) أرأيت الحلى إذا كان فيه الجوهر واللؤلؤ والذهب والفضة فكان قيمة ما فيه من الجوهر واللؤلؤ الثلثين والذهب والفضة الثلث فأدنى أيصلح أن يقسم على القيمة أم لا والسيوف المحلاة التي ورثناها فيها من الحلى الثلث فأدنى وقيمة النصول الثلثان فصاعدا أيصلح أن تقسم السيوف على القيمة أم لا ( قال ) لا بأس بالقسمة في هذا بالقيمة لأن السيف إذا كان فيه من الفضة الثلث فأدنى فلا بأس به بالفضة كان أقل مما في السيف أو أكثر إذا كان يدا بيد عند مالك ولا بأس بالفضة والعروض بهذا السيف ألا ترى
____________________
(14/490)
________________________________________
لو أن رجلين أتيا بسيفين فضتهما أقل من الثلث أو فضة أحدهما أقل من الثلث والآخر أكثر من الثلث فتبايعا السيفين يدا بيد لم يكن بذلك بأس فكذلك القسمة أيضا وان كان في كل سيف من تلك السيوف أكثر من الثلث فلا خير في القسمة فيه بالقيمة وكذلك الحلي مثل ما وصفت لك في السيوف
ما جاء في قسمة الأرض والزرع الأخضر ( قلت ) أرأيت أن ورثا أرضا فيها زرع فأراد أن يقتسماها ( قال ) قال مالك يقتسمان الأرض على حدة ويتركان الزرع لا يقسم ( قلت ) ولم كره مالك أن يقتسما الأرض والزرع جميعا وقد جوز مالك بيع الأرض والزرع جميعا قبل أن يطيب الزرع لليبع فقد جوز مالك بيعه فلم لم يجز مالك القسمة فيه ( قال ) انما جوز مالك بيع الأرض والزرع جميعا بالدنانير والدراهم كان الزرع أقل من ثلث قيمة الأرض أو أكثر ولم يجوز بيع ذلك بالطعام وهذان إذا اقتسماه فقد صار أن اشترى كل واحد منهما نصب ما في يديه من الزرع والأرض بنصف ما صار لصاحبه من الأرض والزرع فصار بيع الأرض والزرع بالأرض والزرع فلا يجوز هذا ( قلت ) فلو أن قوما ورثوا رجلا فقسم القاسم بينهم الرقيق والابل والدور والعروض فجعل السهام على عدة الفرائض فأفرع بينهم فخرج سهم رجل منهم والورثة عشرة رجال فقال بعض من بقى لا نجيز القسمة أو قالوا ما عدلت في هذا القسم فاردده أو قالوا دع هذا السهم الذي خرج لصاحبه واخلط هذا الذي بقى فاقسمه بيننا فانك لم تعدل فيه ( قال ) لا ينظر إلى قول الذين أبوا وقالوا ازدد القسمة ولكن يقرع بينهم وينظر القاضي في ذلك فان كان قد عدل في القسمة أمضاه بينهم والا أبطله وذلك أن مالكا قال لو أن القاضي بعث رجلا يقسم بين ورثة ما ورثوا من دور أو غير ذلك فادعى بعضهم أن القاسم قد جار عليهم قال مالك ينظر القاضي في ذلك فان كان قد جار عليهم أو غلط رد القسمة ( قال ) ولم ير مالك قسم القاسم بمنزلة حكم الحاكم ( قلت ) أرأيت ثوبا بين اثنين دعا أحدهما إلى القسمة وأبى الآخر ( قال ) قال مالك لا يقسم ويقال لهما تقاوماه
____________________
(14/491)
________________________________________
فيما بينكما أو بيعا فان لم يتقاوماه وأرادا بيعه فإذا استقر على ثمن فان شاء الذي كره البيع أن يأخذه أخذه والا بيع ( قلت ) أرأيت لو أن رجلين ورثا دارا أو عروضا أو اشتريا ذلك فقسم ذلك القاسم بينهما ثم أقرع بينهما فلما خرج سهم أحدهما قال لا أرضى أو كانوا جميعا فلما خرج منهم أحدهم قال لا أرضى هذا لأني لم أظن أن هذا يخرج لي هل ترى هذا من المخاطرة أو يلزمه السهم الذي خرج له أم لا يلزمه ( قال ) ذلك لازم له عند مالك ( قلت ) لم ألزمه مالك بهذا وأنت لا تجيز هذا في البيوع وتجعله مخاطرة لأن رجلا لو أتى بعشرة أثواب أو بثوبين فباع أحدهما بعشرة دراهم على أن يقرع على الثياب فأيها خرج السهم عليه فهو لازم للمشترى فهذا عند مالك غرر ومخاطرة فلم جوزه في القسمة ( قال ) لأن القسمة عند مالك بالقرعة ليست من البيوع والقسمة تفارق البيوع في بعض الحالات عند مالك وفي القسمة عند مالك قد كان هؤلاء شركاء وفي البيع لم يكن المشتري شريكا للبائع
ما جاء في قسمة المواريث على غير رؤية ( قلت ) فلو أنا ورثنا كرما أو نخلا ولم ير واحد منا الكرم والنخل فتراضينا أنا وصاحبي على أن أعطيته الكرم وأخذت النخل أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) لا يجوز ذلك عند مالك الا بعد الرؤية أو يكونان قد عرفا الصفة فيقتسمان على الصفة فلا بأس أن يتراضيا بعد معرفتهما بالصفة على ما أحبا من ذلك ( قلت ) وكذلك لو كان أحدهما قد عرف الكرم والنخل أو عرف صفة ذلك ولم يعرف ذلك الآخر ( قال ) كذلك أيضا لا يجوز لأن الذي لم ير ولم يعرف الصفة لا يدري ما يأخذ ولا ما يعطى فهذا لا يجوز عند مالك الا أن يكونا قد رأيا ذلك أو وصف لهما فيجوز على ما تراضيا من ذلك
ما جاء في القسمة على الخيار ( قلت ) أرأيت لو أنا اقتسمنا دارا وعروضا ورقيقا على أن أحدنا بالخيار ثلاثة أيام أو
____________________
(14/492)
________________________________________
نحو ذلك ( قال ) قال مالك ذلك جائز إذا كانت تلك السلع مما يجوز فيها الخيار عدد الأيام التي اشترط الخيار فيها لنفسه فهذا مثل ما قال مالك في البيع ( قلت ) أرأيت أن جعلت الخيار لهذا الذي اشترط الخيار لنفسه أيكون لصاحبه من الخيار في الرد الذي لم يشترط شيء أم لا ( قال ) لا خيار له في ذلك وقد لزمته القيمة وانما الخيار لصاحبه ( قلت ) أرأيت أن أحدث هذا الذي اشترط لنفسه الخيار بناء في الدار أو هدم فيها شيئا أو ساوم بها أتلزمه القسمة ويبطل خياره أم لا ( قال ) نعم كذلك قال مالك في البيوع إذا اشترط المشترط الخيار فصنع من ذلك ما يبطل به خياره فهو بمنزلة ما صنع هذا في القسمة
في قسمة الأب أو وصية على ابنه الصغير وهبته ماله ( قلت ) هل يجوز أن يقاسم على الصغير الدور أو العقار أبوه أو وصى أبيه ( قال ) ذلك جائز عند مالك ( قلت ) وكذلك العروض وجميع الأشياء ( قال ) نعم ذلك جائز عند مالك ( قلت ) أرأيت لو أن صبيا صغيرا في حجر أبيه ورث من أمه مورثا أو من غير أمه مورثا فقاسم الأب لابنه الصغير فحابى أيجوز ذلك على الصغير وقد حابى الأب شركاءه ( قال ) قال مالك لا تجوز هبة الأب مالا لابنه الصغير ولا يتصدق بمال ابنه الصغير فكذلك المحاباة أيضا لا تجوز عند مالك ( قلت ) فان أدركت هذه المحاباة وهذه الصدقة وهذه الهبة ردت بعينها وإن فاتت ضمن ذلك الأب للابن في ماله ( قال ) نعم إذا كان الأب موسرا فان فاتت ضمن الأب ذلك في ماله ( قلت ) أرأيت أن كان هذا الموهوب له من مال الصبي أو المتصدق عليه من مال الصبي أو المحاباة في مال الصبي الذي ذكرت مما فعله الأب في مال ابنه أن كان المتصدق عليه والمحابى والموهوب له قد أتلف الصدقة والمحاباة والهبة بعينها وهو ملي أيكون للأب إذا غرم ذلك للصبي أو للصبي أن يرجع عليه في ماله فيأخذ منه قيمة ما أتلف من ذلك في ماله وكيف أن كان عديما وقد استهلك تلك الصدقة والهبة والمحاباة فأراد الأب أو الابن أن يتبعا بقيمة ما استهلك من ذلك أيكون ذلك لهما في قول مالك أم لا ( قال
____________________
(14/493)
________________________________________
إذا كان الأب موسرا يوم يختصمون لم يكن للأب ولا للابن أن يتبع المتصدق عليه ولا المحابى ولا الموهوب له وإنما يكون ذلك للابن على الأب ( قلت ) فان كانا عديمين الأب والمتصدق عليه يوم يختصمون ( قال ) يتبع الصبي أيهما أيسر أولا الأب أو المتصدق عليه وللابن أن يتبع أولهما يسرا بقيمة ماله ذلك أن كان الأب اتبعه وان كان المتصدق عليه أتبعه ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي ألا ترى أن مالكا قال إذا تصدق الأب بشيء من مال الابن والابن صغير وان كان الأب موسرا لم يجز ورد فان فات ضمن وللابن أن يتبعه إذا أيسر أو يتبع المتصدق عليه إذا أيسر يتبع أيهما شاء الا أن يوسر الأب أولا فيقول الابن أنا أتبع الأجنبي ولا أتبع أبي فلا يكون له ذلك لأن الأب لو كان موسرا يوم يختصمون لم يكن للابن أن يتبع المتصدق عليه ويترك الأب ( قال ) وقال مالك ولو أعتق الأب غلاما لابن له صغير في حجره جاز إن كان موسرا يوم أعتق وكان عليه الثمن في ماله وان لم يكن موسرا يوم أعتق لم يجز عتقه ورد ( قال ) وقال لي مالك الا أن يتطاول زمان ذلك وينكح الحرائر وتجوز شهادته فلا أرى أن يرد ويتبع الأب بقيمته ( قلت ) فان أيسر الأب أولهما غرم ذلك للابن أيكون له أن يتبع المتصدق عليه ( قال ) لا ( قيل ) فان أيسر المتصدق عليه أولا فغرم ذلك للأبن أيكون له أن يتبع الأب بذلك أم لا ( قال ) ليس له أن يتبعه بذلك
ما جاء في وصى الأم ومقاسمته ( قلت ) فلو أن امرأة هلكت وتركت ولدا صغيرا يتيما لا وصى له فأوصت الأم بالصبي وبمالها إلى رجل ولها ورثة سوى الصبي فقاسم وصي الأم لهذا الصبي الذي أوصت به الأم إليه أيجوز ذلك في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا يجوز من وصية الأم شيء ولا يجوز شيء مما صنع وصي الأم وليس وصي الأم بوصي وهو كرجل من الناس فلا يجوز على الصبي شيء من صنيعه ( قلت ) فهل يترك مال المرأة في يديه وقد أوصت إليه أم لا ( قال ) قال مالك إذا كان الذي تركت المرأة تافها يسيرا جاز ذلك وذلك أن مالكا سئل عن امرأة هلكت وأوصت إلى رجل بمالها قال مالك كم
____________________
(14/494)
________________________________________
تركت قالوا له خمسين دينارا أو ستين ( قال ) هذا يسير وجوزه في اليسير ( قلت ) أرأيت أن هلكت امرأة وأوصت بثلثها أن ينفذ وأوصت بذلك إلى رجل أن ينفذه ( قال ) فهو وصي في ثلثها وذلك إليه تكون وصيتها إلى هذا الرجل في ثلثها وينفذه وذلك جائز عند مالك ( قلت ) فان تركت أختها وأخاها صغيرين وأوصت إلى رجل بهما وبمالها ولا وارث لها غيرهما ( قال ) أرى وصيتها غير جائزة الا أن يكون مالها الذي تركت قليلا مثل الذي ذكرت لك فيجوز ذلك إلى الملك خاصة ولا يكون لهما وصيا بذلك في انكاحهم وشرائهم والمصالحة عليهم ( قلت ) أرأيت أن هلك رجل وترك بن أخ له صغيرا وهو وارثه ومعه وارث غيره أيضا كبير وأوصى العم بهذا الصبي إلى رجل أيكون وصيه وتجوز مقاسمته له أم لا في قول مالك أو كان الجد أبا الأب أو كان أخا لهذا الصبي فهلك فأوصى إلى رجل بحال ما وصفت لك ( قال ) لا يجوز من وصية هؤلاء قليل ولا كثير وليس لواحد من هؤلاء من الوصية قليل ولا كثير لأن الميت نفسه لم يكن يجوز أمره ولا صنيعه في مال الصبي قبل موته فكذلك وصية أيضا لا يكون أحسن حالا منه نفسه ( قلت ) ولا تجوز وصيته في الشيء القليل مثل ما أجاز مالك وصية الأم في الشيء القليل ( قال ) لا أرى أن تجوز وصيته لهذا في قليل ولا كثير ( قلت ) وما فرق ما بين هؤلاء وبين الأم ( قال ) انما استحسن مالك في الأم وليست الأم كغيرها من هؤلاء لأن الأم والدة وليست كغيرها وهو مالها وهذا ليس بماله الذي يوصي به لغيره وما هو بالقياس ولكنه استحسان ألا ترى أن الأم تعتصر ما وهبت لابنها أو ابنتها وتكون بمنزلة الأب والجد والأخ لا يعتصران فهذا يدلك أيضا على الفرق فيما بينهم ( قلت ) فما يصنع بهذا المال الذي أوصى به إلى هذا الوصي الذي لا يجيز وصيته ( قال ) ذلك إلى السلطان عند مالك يرى فيه رأيه وينظر فيه للصغار ويجوزه عليهم وعلى الغائب
____________________
(14/495)
________________________________________
ما جاء في قسمة الكافر على ابنته البالغ ( قلت ) أرأيت الكافر أيجوز له أن يقاسم على ابنته الكبيرة التي لم تتزوج وقد أسلمت وهي في حجره في قول مالك ( قال ) قال مالك ليس له أن يزوج ابنته الكبيرة إذا أسلمت فلما قال مالك ليس له أن يزوج ابنته الكبيرة إذا أسلمت رأيت أن لا تجوز عليها قسمته
في قسمته الأم أو الأب على الكبار الغيب ومقاسمة الأم على ولدها ( قلت ) فالوصي هل يجوز أن يقاسم على الغيب الكبار في قول مالك ( قال ) لا يجوز ذلك لأن مالكا قال لي في الوصي يؤخر الدين وفي الورثة كبار وصغار فيؤخر ذلك على الغريم على وجه النظر ( قال ) مالك يجوز ذلك على الصغار ولا يجوز على الكبار فلما قال مالك لا يجوز على الكبار رأيت أن لا تجوز مقاسمته على الغيب إذا كانوا كبارا ( قلت ) فالأب هل يقاسم على ابنه الكبير إذا كان غائبا في قول مالك ( قال ) لا ( قلت ) أيجوز للأم أن تقاسم على ابنها الصغير ( قال ) لا يجوز من مقاسمة الأم على الصغير قليل ولا كثير الا أن تكون الأم وصية
في قسمة وصى اللقيط للقيط ( قلت ) فلو أن لقيطا في حجر رجل أوصى له بوصية أيجوز لهذا الرجل الذي اللقيط في حجره أن يقاسم لهذا اللقيط ( قال ) أرى ذلك جائزا له ولو أن رجلا أخذ بن أخ له أو بن أخته وهو صغير في حجره لا مال له واحتسب فيه فأوصى له بمال فقام فيه وقاسم له وباع له لم أر ذلك يجوز له ولا يجوز له أن يعمد إلى أخ له يموت فيثب على ماله وولده فيقبض ذلك بغير خلافة من السلطان فيبيع فيه ويشتري فهذا بمنزلة الغاصب
ما جاء في قضاء الرجل في مال امرأته ( قلت ) أرأيت أن زوج رجل ابنته وهي صبية صغيرة فماتت أمها فورثت الصبية
____________________
(14/496)
________________________________________
مالا فقال الزوج أنا أقبض ميراثها وأقلسم لها وقال الأب أنا أقبض ميراثها ( قال ) قال مالك الأب أحق بمال الصبية ما لم تدخل بيتها ويؤنس منها الرشد لأن مالكا قال لو أن رجلا تزوج جارية قد بلغ مثلها ولها عند الوصي مال لم تأخذ مالها وان دخلت منزلها حتى يرضى حالها فلما قال لي مالك في الوصي هذا الذي أخبرتك كان الأب والوصي أحق من الزوج بقبض ميراثها من الزوج والزوج أيضا لا حق له في قبض مال امرأته ألا ترى أنها إذا دخلت ولم يؤنس منها الرشد لم يدفع إليها مالها وانما يدفع إليها مالها إذا أونس منها الرشد وان كانت عند الزوج فهذا يدلك على أن الزوج لا يقبض مال امرأته والأب والوصي الناظران لها والحائزان لها وان تزوجت ودخلت منزلها ما لم يرض حالها ويجز أمرها وليس للزوج قضاء في مال امرأته قبل دخوله بها ولا بعده ( قلت ) أرأيت هذه الصبية أن هلك والدها ولم يوص ثم هلكت أمها وقد تركت مع هذه الصبية ورثة فأرد الزوج أن يقاسم لامرأته وليس لها وصي ولا أب أيجوز له ذلك في قول مالك أم لا ( قال ) لا يجوز إلا بأمر القاضي
____________________
(14/497)
________________________________________
كتاب القسمة الثاني ما جاء في الشريكين يقتسمان فيجد أحدهما بحصته عيبا أو ببعضها ( قلت ) فلو أن شريكين اقتسما دورا أو رقيقا أو أرضا أو عروضا فأصاب أحدهما بعبد من العبيد عيبا أو ببعض الدور أو ببعض العروض التي صارت في حظه عيبا كيف يصنع في قول مالك ( قال ) أرى ذلك مثل البيوع والدور ليس فيها فوت فان كان الذي وجد به العيب هو وجه ما أخذ في نصيبه وكثرته رد ذلك كله ورجع على حقه وردت القسمة الا أن يفوت ما في يد صاحبه ببيع أو هبة أو حبس أو صدقة أو هدم أو يكون قد هدم داره فبناها فهذا عند مالك كله فوت ( قال ) فان فاتت في يد هذا وأصاب الآخر عيبا فانه يردها ويأخذ من الذي فاتت الدار في يده نصف قيمة الدور يوم قبضها وتكون هذه الدور التي ردها صاحبها بالعيب بينهما وان كانت لم تفت ردت وكانت بينهما على حالها واختلاف الأسواق ليس بفوت في الدور عند مالك ( قلت ) وان كان الذي وجد به العيب أقل مما في يده من الذي صار له رده ( قال ) قال مالك إذا كان الذي وجد به العيب أقل مما في يده من ذلك وليس من أجله اشترى رده ونظر إليه كم هو مما اشترى فان كان السبع أو الثمن رجع إلى قيمة ما في يد أصحابه فأخذ منهم قيمة نصف سبع ذلك أو نصف ثمنه ذهبا أو ورقا ولم يرجع في شيء مما في أيديهم ( قال ) مالك في الرجل يبيع
____________________
(14/498)
________________________________________
الدار ثم يجد المشترى بها عيبا أو يستحق منها شيء ( قال ) أن كان الذي وجد به العيب أو استحق من الدار الشيء التافه مثل البيت يكون في الدار العظيمة والنخلات تكون في النخل الكثيرة فان ذلك يرجع بحصته من الثمن ويلزمه البيع فيما بقى وان كان جل ذلك رده فكذلك القسمة والدار الواحدة والدور الكثيرة إذا أصاب بها عيبا سواء على ما فسرت لك أن كان الذي أصاب العيب يسيرا رد ذلك الذي أصاب به العيب بحصته من الثمن ويلزمه ما بقى ويرجع على صاحبه بالذي يصيبه من قيمة ما في يديه ولا يرجع عليه في شيء مما في يديه فيشاركه فيه وانما له قيمة ذلك ذهبا أو ورقا كان حظ صاحبه قائما أو فائتا ( قلت ) وكذلك لو اقتسماه فأخذ أحدهما في حظه نخلا ودورا ورقيقا وحيوانا وأخذ الآخر في حظه بزا وعطرا وجوهرا وتراضيا بذلك فأصاب أحدهما في بعض ما صار له عيبا أصاب ذلك في الجوهر وحده أو في بعض العطر أيكون له أن يرد جميع ما صار له في نصيبه أم يرد هذا الذي أصاب به العيب وحده ( قال ) ينظر في ذلك فان كان الذي أصاب به العيب هو وجه ما صار له رد جميعه بحال ما وصفت لك وان لم يكن ذلك رد ذلك وحده بعينه بحال ما وصفت لك
ما جاء في الحنطة يقتسمانها فيجد أحدهما بحنطته عيبا ( قلت ) فان كان قمح بين اثنين ورثاه فاقتسماه فطحن أحدهما حنطته ثم ظهر على عيب في حنطته من عفن أو غير ذلك فأراد أن يرجع على صاحبه كيف يرجع عليه ( قال ) يرد صاحبه الذي لم يطحن حنطته أن كانت لم تفت وان كانت قد فاتت أخرج مكيلتها ويخرج هذا الذي طحن حنطته قيمة حنطته التي طحن فتكون بينهما ( قلت ) ولم لا يخرج هذا الذي طحن حنطته حنطة مثلها معفونة معيبة فتكون بينهما نصفين ( قال ) لأن الأشياء كلها إذا وجد بها المشتري عيبا وقد فاتت ولا يجد مثلها لم يخرج مثلها ولأن من اشترى حنطة بدراهم فأتلفها فظهر على عيب كان عند البائع فانه يرجع في دراهمه بقدر العيب ولا يقال له رد حنطة مثلها معفونة معيبة لأن
____________________
(14/499)
________________________________________
المشترى لو أراد أن يأتي بحنطة مثلها معفونة معيبة لم يحط بمعرفة ذلك والعروض كلها والحيوان كذلك وهذا الذي قاسم صاحبه حنطته فطحنها فظهر على عيب بعد طحنه أن أراد أن يرجع في حصة صاحبه من الحنطة بنصف العيب لم يصلح ذلك لأنها تصير حنطة بحنطة وفضل فلا يصلح ذلك فلما كان هذا لا يصلح لم يكن له بد من أن يخرج قيمة الحنطة التي طحنها وليس عليه أن يخرج مثلها لأن من اشترى سلعة من السلع كائنة ما كانت طعاما أو غيره فوجد بها عيبا وقد فاتت عنده لا يكون له أن يقول أنا أخرج مثلها لأنه لا يحاط بمعرفته ولو كان يحاط بمعرفة ذلك لرأيت أن يكون له ذلك أن يخرج مثلها فيما يكال أو يوزن ( قلت ) أرأيت الطعام العفن بالطعام العفن أيصلح أن يكون هذا مثلا بمثل ( قال ) أن كان ذلك العفن يشبه بعضه بعضا فلا بأس به وان كان العفن متفاوتا فلا خير في ذلك وكذلك القمحان يكون فيهما من التبن والتراب الشيء الخفيف فلا بأس به مثلا بمثل ولو كان أحدهما كثير التبن أو التراب حتى يصير ذلك إلى المخاطرة فيما بينهما أو يكون أحدهما نقيا والآخر مغشوشا كثير التبن والتراب فلا خير في ذلك الا أن يكونا نقيين أو يكون فيهما من الغلث الشيء اليسير فان كان ذلك كثيرا صار إلى المخاطرة وإلى طعام بطعام ليس مثلا بمثل وليس هذا يشبه ما اختلف من الطعام مثل البيضاء والسمراء أو الشعير والسلت بعض هذه الأصناف ببعض لأن هذين الصنفين اختلفا جميعا فتبايعا به ولأن هذا مغشوش فلا يصلح ذلك ( قلت ) وكذلك لو كانت سمراء مغلوثة بشعير مغلوث أيصلح ذلك أم لا ( قال ) لا خير في ذلك الا أن يكون شيئا خفيفا بحال ما وصفت لك ( قال ) وليس حشف التمر بمنزلة غلث الطعام لأن الحشف من التمر والغلث انما هو من غير الطعام وهذا كله رأيي ( قلت ) أرأيت هذا الطعام المغلوث إذا كان صبرة واحدة أيجوز أن يقتسماه بينهما ( قال ) نعم لا بأس بذلك إذا كان من صبرة واحدة فان كان من صبرتين مختلفتين لم يصلح ذلك لأنه لا يدري ما وقع غلث كل واحدة منهما من صاحبتها والواحدة إذا كانت
____________________
(14/500)
________________________________________
مغلوثة غلثها شيء واحد لا يدخله من خوف الاختلاف والمخاطرة ما يدخل الصبرتين إذا كانتا مختلفتين ( قال ) ولقد سألت مالكا عن غربلة القمح في بيعه فقال هو الحق الذي لا شك فيه وأرى أن يعمل به والذي أجيز من القمح بالقمح أو القمح بالشعير أن يكونا نقيين أو يكونا مشتبهين ولا يكون أحدهما مغلوثا والآخر نقيا ولا يكون الا مثلا بمثل وهذا الذي سمعته ( قلت ) أرأيت أن اقتسمنا دارا بيننا فبنيت حصتي أو هدمتها فأصبت عيبا كان في حصتي قبل أن أهدم أو قبل أن أبنى ( قال ) قد أخبرتك بهذا أنه إذا هدم أو بنى ثم أصاب عيبا فهو فوت ويرجع بقيمة نصف العيب فيأخذ ذلك دنانير أو دراهم على ما فسرت لك قبل هذا فينظر ما قيمة العيب فيرجع بنصفه دنانير أو دراهم وهذا مثل ما قال مالك في البيوع
في الرجل يشتري عبدا فيستحق ( قلت ) فلو أن رجلا اشترى عبدا فباع نصفه من يومه ذلك ثم استحق رجل ربع جميع العبد أيكون للمشتري أن يرد نصف هذا العبد أم لا ( قال ) قال مالك من اشترى عبدا فاستحق بعضه نصفه أو ثلثه أو ربعه أو غير ذلك فان المشتري بالخيار أن شاء رد الجميع وان شاء حبس ما بقى من العبد بعد الذي استحق منه ويرجع على بائعه في ثمن العبد بقدر ما استحق من العبد ( قلت ) أرأيت هذا الذي اشترى من المشتري الأول إذا استحق ربع جميع العبد أيكون عليه في النصف الذي اشترى بشيء أم لا ( قال ) نعم يأخذ المستحق الربع منهما جميعا ويرجع هذا المشتري الثاني على بائعه بقدر ما استحق من العبد من حصته أن شاء أو يرد أن شاء ويكون للمشتري الأول على بائعه مثل ما وصفت لك في هذا يكون مخيرا ( قال ) وهذا رأيي ( قلت ) فلو أن رجلا اشترى عبدا أو ثوبا فباع نصفه مكانه ثم ظهر على عيب فرضى المشتري الثاني بالعيب وقبل العبد وقال المشتري الأول أنا أرد أيكون له أن يرد نصف العبد في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك له أن يرد الا أن البائع الأول بالخيار ويقال له اردد الآن أن أحببت نصف قيمة العيب إلى الذي باع نصف العبد ولا يرد لك من نصف الذي باعه من العيب
____________________
(14/501)
________________________________________
شيئا أو خذ نصف العبد وادفع إليه نصف الثمن ( قلت ) فان أقتسمت أنا وصاحبي عبدين بيننا فأخذت أنا عبدا وهو عبدا فاستحق نصف العبد الذي صار لي ( قال ) إنما كان قبل القسمة لكل واحد منكما نصف كل عبد فلما أخذت جميع هذا العبد وأعطيت شريكك العبد الآخر كنت قد بعته نصف ذلك العبد الذي صار له بنصف هذا العبد الذي صار لك فلما استحق نصف العبد الذي صار في يدك قسم هذا الاستحقاق على النصف الذي كان لك وعلى النصف الذي اشتريته من صاحبك فيكون نصف النصف الذي استحق من نصيبك ونصف النصف من نصيب صاحبك فترجع على صاحبك بربع العبد الذي في يده لأنه ثمن لما استحق من العبد الذي في يدك من نصيب صاحبك فترجع على صاحبك إذا كان العبد لم يفت في يد صاحبك وان كان العبد قد فات في يد صاحبك كان لك عليه ربع قيمته يوم قبضه ولا تكون بالخيار في أن ترد نصف العبد على صاحبك فتأخذ نصف عبدك لأن مالكا قال في الدار والأرض يشتريها الرجل فتستحق منها الطائفة ( قال ) أن كان الذي استحق منها يسيرا رأيت أن يرجع بقيمته من الثمن ولا ينتقض البيع فيما بينهما ( قال ) قال مالك وأرى البيت من الدار الجامعة والنخلة من النخل الكثيرة والشيء اليسير من الأرض الكثيرة ليس ذلك إذا استحق بفساد لها فأرى أن يلزم المشترى البيع فيما بقى في يديه ويرجع في الثمن بقدر الذي استحق وان كان الذي استحق هو جل الدار وله القدر من الدار رأيت المشتري بالخيار أن أحب أن يحبس ما بقى في يديه بعد الاستحقاق من الدار ويرجع في الثمن بقدر الذي استحق فذلك له وان أحب أن يرد ما بقي في يديه بعد الاستحقاق ويأخذ الثمن كله فذلك له ( قال ) فقيل لمالك فالغلام أو الجارية يشتريها الرجل فيستحق منه أو منها الشيء اليسير ( قال ) قال مالك لا يشبه العبد أو الأمة عندي الدور والأرضين ولا النخل لأن الغلمان والجواري يريد أهلهم أن يظعنوا بهم ويطأ الرجل الجارية ويسافر الرجل بالغلام فهو في الغلام والجارية إذا اشترى واحدا منهما فاستحق منه الشيء اليسير كان بالخيار أن أحب أن يتماسك بما بقى ويرجع في
____________________
(14/502)
________________________________________
الثمن بقدر ما استحق منه كان ذلك له وان أحب أن يرده كله فذلك له فمسألتك في القسمة في العبدين عندي تشبه الدور ولا تشبه العبيد لأن كل واحد منهما كان له في كل عبد نصفه فكان ممنوعا من الوطء أن كانتا جاريتين وكان ممنوعا من أن يسافر بهما أن كانا عبدين فلما قاسم صاحبه فأخذ كل واحد منهما نصف عبده ونصف عبد صاحبه فاستحق نصف عبد صاحبه فاستحق من نصف صاحبه ربعه لم يكن له أن يرد نصف صاحبه كله ولكنه يرجع بذلك الربع الذي استحق منه في العبد الذي صار لصاحبه أن كان لم يفت فان كان قد فات رجع عليه بربع قيمة العبد الذي صار لصاحبه يوم قبضة ( قال ) وقال مالك والفوت في العبيد في مثل هذا النماء والنقصان والبيع واختلاف الأسواق ألا ترى أن مالكا قال في الرجل يشتري السلع فيجد ببعضها عيبا أو يستحق منها الشيء ( قال ) أن كان الذي وجد به عيبا أو استحق ليس هو جل ذلك ولا كثرته ولا من أجله اشترى رده بعينه ولزمه البيع فيما بقى فكذلك هذا العبد ليس الربع جل ما اشترى أحدهما من صاحبه ولا فيه طلب الفضل فلما قال مالك هذا في هذا وقال في العبد إنما كان له أن يرده إذا اشتراه كله من رجل لأن للمشترى أن يسافر به ولأن له في الجارية أن يطأها إذا اشتراها فإذا استحق منها القليل ردها أن أحب ولم يكن للبائع حجة أن يقول لا أقبلها لأنها إنما استحق منها الشيء اليسير لأن هذا قد انقطعت عنه المنفعة التي كانت في الوطء والأسفار وما أشبه هذا وأما الذي قاسم صاحبه فأخذ في نصف عبده الذي كان له نصف عبد صاحبه الذي كان معه شريكا فاستحق الربع من نصيب كل واحد منهما فليس له أن يرد ما بقى في يديه من حظ شريكه لأن العبد والجارية إنما يردهما في هذا إلى الحال الأولى وقد كان في العبد والأمة في الحال الأولى قبل القسمة لا يقدر على أن يسافر بهما ولا يطأ الجارية فالعبيد إذا كانوا بين الشركاء فاقتسموهم ثم استحق من بعضهم بعض ما في يديه إنما يحملون محمل السلع والدور إذا اشتريت فاستحق بعضها أن كان ذلك الذي استحق كثيرا كان له أن يرد الجميع وان كان
____________________
(14/503)
________________________________________
تافها يسيرا لا قدر له لم يرد ما بقى ويرجع بما يصيبه على ما فسرت لك وهذا في القسمة في العبيد كذلك سواء ألا ترى أن من قول مالك لو أن رجلا اشترى عبدين وهما في القيمة سواء لا تفاضل بينهما فاستحق منهما واحد لم يرد الباقي منهما لأنه لم يشتر أحدهما لصاحبه فكذلك النصف حين اشترى لم يشتر الربع الذي استحق للربع الآخر الذي لم يستحق فتكون له حجة يرده بها أو يقول كنت أسافر بالعبد أو أطأ الجارية فلا أحب أن يكون معي شريك فتكون له حجة فلما لم تكن له في هذا الوجه ولا في هذا الوجه الآخر حجة لم يكن له أن يرد ما بقي في يديه من نصيب صاحبه بعد الاستحقاق ولكن يرجع على صاحبه بربع العبد أن كان لم يفت وان كان قد فات فبحال ما وصفت لك
ما جاء في استحقاق بعض الصفقة ( قلت ) أرأيت أن اشتريت عشرة أعبد بألف دينار قيمة كل عبد مائة دينار فاستحق من العبيد تسعة أعبد وبقي عندي منهم عبد واحد فأردت رده أيكون ذلك لي أم لا ( قال ) قال مالك نعم يرد إذا استحق جل السلعة التي فيها كان يرجى الفضل والربح أو كثرته ولا ينظر في ذلك إلى استواء قيمة المتاع ولا تفاوت في ذلك ( قلت ) فان كانت هذه الصفقة دارا أو عبدا أو دابة وثوبا وجوهرا وعطرا فأصاب بأكثر هذه الصنوف عيبا أو أستحق أكثرها وكل صنف منها في الثمن قريب من صاحبه وليس من هذه الصنوف شيء اشترى الصنف الآخر لمكانه ولا فيه طلب الفضل ولكن يطلب الفضل في جميع هذه الأشياء أيكون له أن يرد ( قال ) نعم له أن يرد ما بقى في يده بعد الاستحقاق إذا كان انما استحق من ذلك أكثر المتاع أو الذي فيه يرجى النماء والفضل ( قلت ) فلو أن دارا بيني وبين صاحبي اقتسمناها فأخذت أنا ربعها من مقدمها وأخذ صاحبي ثلاثة أرباعها من مؤخرها أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) نعم ذلك جائز في قول مالك لأن هذا يجوز في البيع فإذا جاز في البيع جاز في القسمة ( قلت ) فان استحق من يدي
____________________
(14/504)
________________________________________
هذا الذي أخذ الربع نصف ما في يديه كيف يرجع على صاحبه ( قال ) يرجع على الذي أخذ ثلاثة أرباع الدار من مؤخر الدار بقيمة ربع ما في يديه وكذلك أن استحق من صاحب الثلاثة الأرباع نصف ما في يديه أو ثلثه فعلى هذا يعمل فيه وهذا مثل قول مالك في البيوع ( قلت ) ولا تنتقض القسمة فيما بينهما في هذا الاستحقاق في قول مالك ( قال ) القسمة لا تنتقض فيما بينهما إذا كان ما استحق من يد كل واحد منهما تافها يسيرا فان كان ما استحق من يد كل واحد منهما هو جل ما في يديه فأرى أن القسمة تنتقض فيما بينهما لأن القسمة انما تحمل محمل البيع ولأنه لا حجة لمن استحق في يديه شيء أن يقول انما بعتك نصف ما في يديك بنصف ما في يدى لأنه ليس بيعا انما هي مقاسمة فإذا استحق من ذلك الشيء التافه الذي لا يكون ضررا لما يبقى في يديه ثبتت القسمة فيما بينهما ولا تنتقض ويرجع بعضهم على بعض بحال ما وصفت لك وان كان ذلك الذي استحق من الدار ضررا لما يبقى في يديه من نصيبه رده كله ورجع يقاسم صاحبه الثانية الا أن يفوت نصيب صاحبه فيخرج القيمة بحال ما وصفت لك ( قلت ) هذا الذي أسمعك تذكر عن مالك إذا استحق القليل لم تنتقض القسمة وإذا استحق الكثير انتقضت القسمة ما حد هذا ( قال ) قال مالك في الرجل يبيع الدار فيستحق النصف منها في يد المشترى فللمشترى أن يرد النصف الباقي ( قلت ) فان استحق من الدار الثلث ( قال ) لم يجد لنا مالك في الثلث شيئا أحفظه ولكني أرى الثلث كثيرا وأرى أن يرد الدار إذا استحق منها الثلث لأن استحقاق ثلث الدار فساد على المشترى
ما جاء في قسمة الغنم بين الرجلين بالقيمة ( قلت ) فان ورثنا أنا وأخي عشرين شاة فأخذت أنا خمس شياه تساوي مائة وأخذ أخي خمسة عشر شاة تساوي مائة أيصلح هذا في قول مالك ( قال ) نعم لا بأس بذلك أن تقسم الغنم على القيمة إذا كان بالسهام الا أن يتراضوا على أمر فيكون ذلك على ما تراضوا عليه ( قلت ) فان استحق مما في يد أحدهما شاة أتنتقض القسمة فيما
____________________
(14/505)
________________________________________
بينهما أم لا ( قال ) لا أرى أن تنتقض القسمة فيما بينهما ولكن ينظر فان كانت هذه الشاة المستحقة هي خمس ما في يديه رجع هذا على أخيه بنصف قيمة خمس ما في يديه ( قلت ) وكذلك أن استحق جل ما صار لأحدهما من الغنم ( قال ) نعم تنتقض القسمة إذا كان الذي استحق من يدي أحدهما هو جل حصته وفيه رجاء الفضل والنماء ( قال بن القاسم ) قال لي مالك في القوم يرثون الحائط من النخل يقتسمونه بينهم أنه لا يجوز أن يقتسموا التمر فيفضل بعضهم في الكيل لرداءة ما يأخذ من التمر ولا أن يأخذ مثل مكيلة ما يأخذ أصحابه من التمر الا أن تمر أصحابه أجود فيأخذ هو لموضع جودة ثمرة أصحابه دراهم ( قال ) قال مالك لا يجوز هذا ولكن يتقاومون الأصل كل صنف منها فيما بينهم ثم يترادون هذا الفضل أن كان بينهم فضل وقال مالك ولو أن رجلا أتى بحنطة ودراهم وأتى آخر بحنطة ودراهم فتبادلا بها وان كان الكيل واحدا ووزن الدراهم واحدا فلا خير فيه
ما جاء في قسمة الحنطة والدراهم بين الرجلين ( قلت ) فان ورثت أنا وأخي ثلاثين أردبا من حنطة وثلاثين درهما فاقتسمناها فأخذت أنا عشرين أردبا من الحنطة وأخذ أخي عشرة أرادب من الحنطة وثلاثين درهما أيجوز هذا في قول مالك أم لا ( قال ) أن كان القمح مختلفا سمراء ومحمولة أو نقية ومغلوثة فلا خير فيه وهو مثل ما وصفت لك في التمر وان كان الطعام من صبرة واحدة ونقاوة واحدة وصنف واحد لا يؤخذ أوله للرغبة فيه ويهرب من رداءة آخره فلا بأس بذلك لأنه إنما أخذ عشرة أرادب وأعطى أخاه عشرة أرادب ثم بقيت عشرة أرادب بينهما وثلاثون درهما فأخذ بحصته من الثلاثين درهما حصة أخيه من هذه العشرة أرادب فلا بأس بهذا لأنه لم يأت هذا بطعام وهذا بطعام ودراهم فيكون فاسدا وانما كان هذا القمح بينهما فكأنه قال له خذ هذه الدراهم وآخذ أنا هذا القمح أو قال خذ هذه الدراهم من نصيبك هذا من القمح ربعه أو نصفه فلا بأس بهذا وهذا فيما فضل بعد حصته من الحنطة بيع من البيوع فلا بأس به ( قلت
____________________
(14/506)
________________________________________
فلو ورثنا أنا وأخ لي مائة أردب من حنطة ومائة أردب من شعير فأخذت أنا ستين أردبا من حنطة وأربعين أردبا من شعير وأخذ أخي ستين أردبا من شعير وأربعين أردبا من حنطة أتجوز هذه القسمة فيما بينهما أم لا في قول مالك ( قال ) لا بأس بهذا في قول مالك لأن الحنطة التي أخذها أحدهما هي مثل ما أخذ شريكه وما زاد على الذي أخذ شريكه فانما هو بدل بادله ألا ترى أن مالكا قال لا بأس بالشعير بالحنطة مثلا بمثل إذا كان يدا بيد ( قال ) وقد سألت مالكا عن القوم يرثون الحلي من الذهب فيقول أحدهم اتركوا لي هذا الحلى وأنا أعطيكم وزن حظكم من هذا الحلي ذهبا ( قال ) قال مالك إذا وزن ذلك لهم يدا بيد فلا بأس بذلك ( قلت ) وكذلك لو ورثنا حنطة وقطنية فاقتسمنا ذلك أنا وأخي أخذت أنا الحنطة وأعطيت أخي القطنية أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا بأس بهذا إذا كان ذلك يدا بيد فان كان زرعا قد بلغ وطاب للحصاد فلا خير في ذلك الا أن يحصده كله مكانه فان كان كذلك فلا بأس به إذا كان حنطة وقطنية وان كان صنفا واحدا فلا يصلح أن يقتسماه زرعا حتى يحصداه ويدرساه ويقتسماه بالكيل
ما جاء في القوم يقتسمون الدور فتستحق حصة أحدهم وقد بنى ( قلت ) فان اقتسمنا دارا فيما بيننا فبنى أحدنا في نصيبه البنيان ثم استحق نصف نصيب الذي بنى بعينه ( قال ) قد أخبرتك أن مالكا قال إذا بنى أحدهما في نصيبه فذلك فوت ( قلت ) وكذلك أن كان انما استحق نصف نصيب الآخر الذي لم يبن في نصيبه شيئا كان ذلك فواتا في قول مالك ( قال ) نعم ويقال للذي بني أخرج قيمة ما صار لك ويرد هذا كل ما في يديه ثم يقتسمان القيمة وما بقي من الأرض بينهما نصفين إذا كان الذي استحق كثيرا وان كان قليلا تركت القسمة ورجع بنصف قيمة ذلك في قيمة نصيب صاحبه وان كان الذي استحق ربع ما في يديه رجع بثمن قيمة نصيب صاحبه الذي بنى نصيبه وكان نصيبه فوتا ( قلت ) والداران والدار الواحدة في ذلك سواء ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك أن كانت أرضا واحدة
____________________
(14/507)
________________________________________
فاقتسموها فاستحق بعضها أو أرضين مختلفتين فهما سواء في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فان اقتسمنا أرضين فأخذت أنا أرضا وأخذ صاحبي أرضا أخرى فغرس أحدنا في أرضه وبنى ثم أتى رجل فاستحق بعض الأرض التي صارت لهذا الذي غرس وبنى ( قال ) يقال لهذا المستحق ادفع إلى هذا الذي غرس قيمة غراسته وبنيانه في الأرض التي استحققتها والا دفع إليك قيمة أرضك براحا لأنه لم يبن في أرضك غاصبا وانما بنى على وجه الشبهة ثم ينظر فيما بينه وبين شريكه الذي قاسمه فان كان انما استحق من أرضه الشيء التافه القليل لم يكن له أن ينقض القسمة ولكن أن كان استحق ربع ما في يديه رجع بقيمة ثمن ما في يدى صاحبه ولا يرجع بذلك في الدار كانت قائمة لم تفت أو قد فاتت ( قال بن القاسم ) وانظر أبدا إلى ما يستحق فان كان كثيرا كان له أن يرجع بقدر نصف ذلك فيما في يدي صاحبه يكون به شريكا له فيما يديه إذا لم تفت وان كان الذي استحق تافها يسيرا رجع بنصف قيمة ذلك دنانير أو دراهم ولا يكون بذلك شريكا لصاحبه وهذا قول مالك ( قلت ) فالدار إذا اقتسماها فبني أحدهما في نصيبه ثم استحق نصيبه وقد بناه أو نصفه يقال للمستحق أن شئت فادفع إلى هذا قيمة بنيانه أو خذ منه قيمة أرضك براحا في قول مالك ( قال ) نعم قال بن القاسم والعبيد والدور بمنزلة واحدة إذا استحق جل ما في يديه رد الجميع وان استحق الأقل مما في يديه لم يرد الا ما استحق وحده بما يقع عليه من حصة الثمن فالقسمة إذا استحق من يد أحدهما جل نصيبه رجع بقدر نصف ذلك فشارك به صاحبه وان كان الذي استحق تافها يسيرا رجع بنصف قيمة ذلك كما وصفت لك ولا يشارك به صاحبه في حصته التي في يديه وهذا كله قول مالك وتفسيره لأن مالكا قال في الرجل يشتري مائة أردب من حنطة فيستحق خمسون منها ( قال ) مالك يكون المشترى بالخيار أن أحب أن يحبس ما بقي بحصته من الثمن فذلك له وان أحب أن يرد فذلك له فكذلك الداران ( قال ) مالك وإذا أصاب بخمسين أردبا منها عيبا أو ثلث ذلك الطعام أو ربعه لم يكن له أن يأخذ
____________________
(14/508)
________________________________________
ما وجد من طيبه ويرد ما أصاب فيه العيب انما له أن يأخذ الجميع أو يرد الجميع وكذلك قال مالك
في قسمة الدور الكثيرة يستحق بعضها من يد أحدهما ( قلت ) أرأيت أن كانت عشرون دارا تركها والدي ميراثا بيني وبين أخي فاقتسمناها فأخذت أنا عشرة دور في ناحية وأخذ أخي عشرة دور في ناحية أخرى تراضينا بذلك واستهمنا على القيمة فاستحقت دار من الدور التي صارت لي ( قال ) قال مالك في البيوع أن كانت هذه الدار التي استحقت من نصيبه أو أصاب بها عيبا هي جل ما في يديه من هذه الدور وأكثر هذه الدور ثمنا ردت القسمة كلها وان كانت ليس كذلك ردها وحدها ورجع على شريكه بحصتها من نصيب صاحبه ( قلت ) وكيف يرجع في نصيب صاحبه أيضرب بذلك في كل دار ( قال ) لا ولكن تقوم الدور فينظر كم قيمتها ثم ينظر إلى الدار التي استحقت كم كانت من الدور التي كانت في يدي الذي استحقت منه فان كانت عشرا أو ثمنا أو تسعا رجع فأخذ من صاحبه قيمة نصف عشر ما في يد صاحبه وان كان انما أصاب عيبا بدار منها قسمت هذه المعيبة وما يأخذ من صاحبه بينهما نصفين ( قلت ) والدار الواحدة في هذا مخالفة في القسمة في قول مالك للدور الكثيرة ( قال ) نعم لأن الدار الواحدة يدخل فيها الضرر عليه فيما يريد أن يبني أو يسكن فلذلك جعل له في الدار الواحدة أن يرد بمنزلة العبد الواحد يشتري فيستحق نصفه فله أن يرد جميعه وإذا كانت دورا كثيرة فانما تحمل محمل الشراء والبيع في جملة الرقيق وجملة الدور وجملة المتاع إذا استحق من ذلك بعضه دون بعض الا أن يكون ما استحق من هذه الدار لا مضرة فيه على ما بقي فيكون مثل الدار ( قلت ) فلو أن جاريتين بيني وبين رجل من شراء أو ميراث أخذت أنا واحدة وأعطيته أخرى فوطئ صاحبي جاريته فولدت منه ثم أتى رجل فاستحقها بعد ما ولدت منه ( قال ) يأخذ الجارية ويأخذ قيمة ولدها ويرجع هذا الذي استحقت في يديه على
____________________
(14/509)
________________________________________
صاحبه فيقاسمه الجارية الأخرى الا أن تكون قد فاتت فان فاتت بنماء أو نقصان أو اختلاف أسواق أو شيء مما يفوت به كان له عليه نصف قيمتها يوم قبضها
الرجل يشتري الجارية فتلد منه فيستحقها رجل ( قال بن القاسم ) وقد قال مالك إذا وجد رجل جاريته عند رجل وقد ولدت منه وقد كانت سرقت منه فثبتت له البينة على ذلك فله أن يأخذها وقيمة ولدها يوم يستحقها ثم قال بعد ذلك ليس له أن يأخذها ولكن يأخذ قيمة ولدها الا أن يكون عليه في ذلك ضرر
والذي أخذ به أنا أنه يأخذها ويأخذ قيمة ولدها ( قلت ) فلو أن رجلا باع جارية في سوق المسلمين فاستحقها رجل من المسلمين بعد ما فاتت بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق في يد هذا المشتري أيكون المستحق بالخيار أن شاء أخذ من المشتري قيمة الجارية لأنها قد فاتت في يديه وان شاء أخذ ثمنها من البائع ( قال ) لا يكون للمستحق الا أن يأخذ جاريته بعينها وان كانت قد حالت بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق فليس له غيرها أو يأخذ ثمنها من بائعها هو بالخيار في هذا ( قلت ) فان كان ثمنها عروضا أو حيوانا قد حال بالأسواق أو بنماء أو نقصان ( قال ) فان له أن يأخذ العروض من يدى بائع الجارية زادت العروض أو نقصت ولا حجة للبائع في زيادة العروض ولا نقصانها لأنها ثمن جاريته لأن مالكا قال لو أن رجلا باع سلعة بسلعة فوجد أحد الرجلين بالسلعة التي أخذ من صاحبه عيبا فردها وقد حالت الأسواق في التي وجد بها العيب وفي الأخرى كان له أن يرد التي وجد فيها العيب ولم يكن له أن يأخذ الأخرى ولكن يأخذ قيمتها وكذلك قال مالك ( قلت ) ولم قال مالك ذلك ( قال ) لأن الذي لم يجد بجاريته عيبا كان ضامنا لها فعليه نقصانها وله نماؤها والذي وجد بجاريته عيبا ولم يرض بها فله أن يردها للعيب الذي أصاب بها فإذا ردها فليس له أن يأخذ ما زاد في الجارية الأخرى التي في يد صاحبه فلما كانت الزيادة التي في الجارية التي في يد صاحبه لصاحبه كان عليه النقصان أيضا ( قلت ) فقول مالك الذي يؤخذ به في مستحق الجارية التي قد ولدت عند
____________________
(14/510)
________________________________________
سيدها لم قال مالك لا يأخذها ولكن يأخذ قيمتها وقد قال مالك في الجارية التي قد حالت بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق ثم استحقها رجل أن للمستحق أن يأخذها بعينها فما فرق ما بينهما ( قال ) لأن الولادة إذا ولدت الجارية من سيدها أن أخذت من سيدها الذي ولدت منه كان ذلك عارا على سيدها الذي ولدت منه وعلى ولدها وهذا الذي استحقها إذا أعطى قيمتها فقد أعطى حقه فان أبى فهذا الضرر ويمنع من ذلك ( قال ) وهذا تفسير قول مالك الآخر فأنا آخذ بقوله القديم يأخذها ويأخذ قيمة ولدها ( قلت ) فان قال لا أريد الجارية وأنا آخذ قيمتها وقال سيد الجارية التي ولدت عنده لا أدفع إلى هذا المستحق شيئا ولكن يأخذ جاريته أيجبره مالك على أن يدفع قيمتها أم لا ( قال ) نعم يجبره مالك على أن يدفع إليه قيمتها وقيمة ولدها وذلك رأيي إذا أراد ذلك المستحق فان المشتري يجبر على دفع قيمتها وقيمة ولدها في القولين جميعا قول الأول والآخر ( قلت ) وكيف يأخذ قيمة جاريته في قول مالك إذا ولدت عنده أيوم اشتراها أو يوم حملت أو يوم استحقها ( قال ) قال مالك يوم استحقها لأنها لو ماتت قبل أن يستحقها مستحقها لم يكن للمستحق أن يتبع الذي ولدت عنده بقيمتها دينا ولو كان له أن يتبعه أن هي هلكت بقيمتها ما كان له في ولدها قيمة فليس له الا قيمتها يوم يستحقها وقيمة ولدها يوم يستحقهم وليس له من قيمة ولدها الذين هلكوا شيء ( قلت ) فهذا المستحق الجارية التي ولدت أيكون له على الواطئ من المهر شيء أم لا ( قال ) لا يكون له من المهر قليل ولا كثير ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم
في الرجل يوصي للرجل بثلث ماله فيأخذ في وصيته ثلث دار فيستحق من يده بعد البناء ( قلت ) فلو أوصى رجل لرجل بثلث ماله فأخذ في وصيته ثلث دار الميت فبنى ذلك ثم استحق ذلك من يده مستحق ( قال ) يقال للمستحق ادفع قيمة بنيان هذا الموصي له أو خذ قيمة أرضك براحا ( قلت ) فان دفع إليه قيمة بنيانه وقد أنفق
____________________
(14/511)
________________________________________
الموصي له في بنيانه أكثر من القيمة التي أخذ لأن أسواق البنيان حالت أيكون له أن يرجع بما خسر في قيمة البنيان على ورثه الميت لأنهم أعطوه في ثلثه ما ليس لهم فغروه ( قال ) لا يكون له أن يرجع على ورثة الميت من ذلك بقليل ولا كثير ( قلت ) فتنتقض القسمة فيما بينهم ( قال ) نعم تنتقض القسمة في الدور ويقتسمون ثانية ويأخذ الموصي له بالثلث ثلث دور الميت بعد الذي استحق ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا مثل قول مالك في البيوع الا أن تفوت الدور في أيدي الورثة ببيع أو بنيان فيرجع عليهم بالقيمة يوم أعطوا الدور في القسمة فيقسمون القيمة فيما بينهم على قدر الوصية والمواريث فيما بينهم ( قلت ) فان كانت الدور قد فاتت في أيدي الورثة بهدم ( قال ) يقال للموصي له خذ ثلث هذه الدور مهدومة وثلث نقضها ولا يكون عليهم فيما نقض الهدم شيء الا أن يكونوا قد باعوا من النقض شيئا فيكون له ثلث ما باعوا به ولا يكون له عليهم شيء غير ذلك لا قيمة ولا غيرها لأن مالكا قال في رجل اشترى دارا فهدمها فاستحقها رجل فقال لي مالك أن أحب مستحقها أن يأخذها مهدومة بحالها فذلك له وان أبى كان له أن يتبع البائع بالثمن وليس له على المشتري قيمة ولا غيرها فيما تقدم ( قال بن القاسم ) وأنا أرى أن كان هذا المشتري الذي هدم باع من نقضها شيئا فأراد المستحق أخذ الدار مهدومة كان له ثمن الذي باعه المشتري لأنه ثمن شيئه ( قلت ) فان اشترى رجل جارية فعميت عنده ثم استحقها رجل أيكون للمستحق أن يضمن المشتري قيمتها ( قال ) لا يكون له ذلك عند مالك انما له أن يأخذها بحالها أو يأخذ من البائع ثمنها هو مخبر في ذلك ( قال ) ولقد قال لي مالك لو أن رجلا ابتاع دارا فاحترقت ثم أتى صاحبها فاستحقها أو أدرك رجل فيها شفعة لم يكن له على صاحبها الذي احترقت في يديه قليل ولا كثير الا أن يأخذها أو يسلمها ويتبع البائع بالثمن وللشفيع أن يأخذها بجميع الثمن محترقة أو يدعها لا شيء له غير ذلك
____________________
(14/512)
________________________________________
ما جاء في النقض يكون بين الرجلين والعرصة لهما فيقتسمانه ( قلت ) فلو أن نقضا بين رجلين والعرصة ليست لهما فأرادا أن يقتسما نقضها على القيمة ثم يستهما أو يتراضيا على شيء أيكون ذلك لهما في قول مالك ( قال ) أرى أن ذلك جائز لأن هذا بمنزلة العروض ( قلت ) فان أراد أحدهما قسمة النقض وأبى صاحبه أيجبر على القسمة أم لا ( قال ) نعم يجبر على ذلك وانما هو بمنزلة العروض ( قلت ) فان أرادا أن يهدما النقض وصاحب الدار غائب أيكون لهما أن يهدماه أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا الا أني أرى أن أرادا أن يهدماه وصاحب الدار غائب أن يرفع ذلك إلى السلطان فينظر السلطان للغائب فان كان أفضل للغائب أن يعطيهما قيمة النقض ويأخذ النقض له فعل ذلك وان رأى أن يخليهما ونقضهما خلاهما وذلك وما صنع السلطان فهو جائز على الغائب ( قلت ) فمن أين ينقد الثمن أن رأى أن يأخذ له ( قال ) ينظر السلطان في ذلك والسلطان أعلم ( قلت ) فان نقضا ولم يرفعا ذلك إلى السلطان أيكون عليهما لذلك شيء أم لا ( قال ) لا شيء عليهما ويقتسمانه بينهما ( قلت ) فان أذنت لرجل يبني في عرصة لي ويسكن ولم أوقت له كم يسكن سنة ولا شهرا أيجوز هذا في قول مالك أم لا ( قال ) نعم لا بأس بذلك ( قلت ) فان بنى فلما فرغ من بنيانه قال رب العرصة أخرج عني ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال ليس له ذلك أن كان على هذا الوجه الا أن يدفع إليه ما أنفق وان كان قد سكن ما يرى من طول السنين ما يكون سكنى في مثل ما أذن له ثم أراد أن يخرجه دفع إليه قيمة ذلك منقوضا أن أحب أو قال له خذ بنيانك ولا شيء لك غير ذلك ( قلت ) فان كان قد سكن السنة والسنتين أو العشر سنين فقال رب العرصة أخرج عني ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا الا أنه إذا سكن الأمر الذي يعلم أنه انما أذن له في البنيان ليسكن مقدار هذه السنين لكثرة ما أنفق في بنيانه كان ذلك له ( قلت ) فإذا أخرجه أيعطيه قيمة نقضه أم لا ( قال ) قال مالك رب العرصة مخير في أن يدفع إلى صاحب النقض قيمة نقضه اليوم حين يخرجه منقوضا أو في أن يأمره
____________________
(14/513)
________________________________________
أن يقلع نقضه وليس لصاحب النقض إذا قال له صاحب العرصة أنا أدفع إليك قيمة نقضك أن يقول لا أقبل ذلك ولكني أقلع وانما الخيار في ذلك إلى رب العرصة ( قلت ) فإذا أذن رجل لرجلين في أن يبنيا عرصة له ويسكناها فبنياها فأخرج أحدهما بعد ما قد سكن مقدار ما يعلم أنه إذا إعطاه العرصة ليبني فيسكن مقدار ما سكن كيف يخرجه رب العرصة أيعطيه قيمة نصف النقض أم يقول رب العرصة اقلع نصف النقض أم لا يكون رب العرصة في هذا مخيرا لأن صاحب النقض لا يقدر على أن يقلع نقضه لأن له فيه شريكا ( قال ) أن كان يستطاع أن يقسم النقض بين الشريكين فيكون نصيب هذا على حدة ونصيب هذا على حدة قسم بينهما ثم يقال للذي قال له رب العرصة أخرج عني يقال له اقلع نقضك الا أن يشاء رب العرصة أن يأخذه بقيمته فان كان لا يستطاع القسمة في هذا النقض قيل للشريكين لا بد من أن يقلع هذا الذي قال له رب العرصة اقلع نقضك فليتراض الشريكان على أمر يصطلحان عليه بينهما إما أن يتقاوماه بينهما أو يبيعاه وان بلغ الثمن فأحب المقيم في العرصة أن يأخذه كان ذلك له بشفعته وقد سمعته من مالك في رجلين بنيا في ربع ليس لهما فباع أحدهما حصته من ذلك النقض فأراد شريكه أن يأخذ بشفعته ( قال ) مالك أرى ذلك له ( قال ) مالك وما هو بالأمر الذي جاء فيه شيء ولكني أرى ذلك له فالشريكان عندي بهذه المنزلة
ما جاء في قسمة الطريق والجدار ( قلت ) هل يقسم الطريق في الدار إذا أبى ذلك بعضهم ( قال ) لا يقسم ذلك عند مالك ( قلت ) والجدار بين الشريكين هل يقسم إذا طلب ذلك أحدهما وأبى الآخر ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا أني أرى أن كان لا يدخل في ذلك ضرر وكان ينقسم رأيت أن يقسم ذلك بينهما ( قلت ) فان كان لهذا عليه جذوع ولهذا عليه جذوع قال إذا كانت جذوع هذا من ها هنا وجذوع هذا من ها هنا كيف يقتسه هذان لا يستطيعان قسمة هذا الحائط فإذا كان هذا هكذا رأيت أن
____________________
(14/514)
________________________________________
يتقاوماه بمنزلة ما لا ينقسم من العروض والحيوان
ما جاء في قسمة الحمام والآبار والمواجل والعيون ( قلت ) فالحمام أيقسم إذا دعا أحد الشريكين إلى القسمة وأبى ذلك شريكه قال قال مالك ذلك يقسم قلت فما فرق ما بين الحمام والطريق والحائط إذا كان في ذلك ضرر عليهما ومالك يقسم الحمام وفيه ضرر ولا يقسم الطريق والحائط وفيه ضرر قال لأن الحمام عرصة والطريق والحائط ليست لهما كبير عرصة فإنما يقسمان على غير ضرر فإذا وقع الضرر لم يقسما إلا أن يتراضيا جميعا الورثة إن كانوا ورثوا ذلك على قسم ذلك فيكون ذلك لهم قال بن القاسم وأنا أرى أيضا في الحمام إن كان في قسمته ضرر أن لا يقسم وأن يباع عليهم قلت فهل يقسم الآبار في قول مالك قال لا قلت فهل تقسم المواجل في قول مالك قال أما في قول مالك فنعم وأما أنا فلا أرى ذلك لأن في ذلك ضررا إلا أن لا يكون في ذلك ضرر إن اقتسماه ويكون لكل واحد منهما ما جل على حدة ينتفع به فلا أرى به بأسا ( قلت ) فهل تقسم العيون في قول مالك قال ما سمعت أن العيون تقسم أو الآبار إلا على الشرب يكون لكل قوم حظهم من الشرب معلوم فأما قسمة أصل العيون أو أصل البئر فلم أسمع أن أحدا قال يقسم ولا أرى أن تقسم إلا على الشرب
ما جاء في قسمة النخلة والزيتونة ( قلت ) أرأيت لو أن نخلة وزيتونة بين رجلين هل يقسمانهما بينهما ( قال ) إذا اعتدلنا في القسمة وتراضيا بذلك قسمتهما بينهما يأخذ هذا واحدة وهذا واحدة فان كرها لم يجبرا على ذلك وان كانتا لا تعتدلان في القسمة تقاوماهما بينهما أو يتبايعانهما وانما الشجرتان عندي بمنزلة الشجرة بين اثنين أو ثلاثة والشجرة بمنزلة الثوب أو العبد وقد قال مالك في الثوب بين النفر أنه لا يقسم ( قلت ) فان كان لا يقسم وقال أحدهما أنا أريد أن أبيع وقال صاحبه لا أبيع ( قال ) قال مالك يجبر الذي لا يريد البيع على البيع
____________________
(14/515)
________________________________________
فاذا قامت السلعة على ثمن قيل للذي لا يريد البيع أن شئت فخذ وان شئت فبع مع صاحبك والنخلة كذلك فان باع فلا شفعة لصاحبه فيها
ما جاء في قسمة الأرض القليلة والدكان بين الشركاء ( قلت ) فإذا كانت الأرض قليلة بين أشراك كثير أن اقتسموها فيما بينهم لم يصرفى حظ أحدهم الا القليل الذي لا ينتفع به أتقسم بينهم هذه الأرض أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك تقسم بينهم وان كره بعضهم ومن دعا إلى القسم منهم قسمت الأرض بينهم وان لم يدع إلى ذلك الا واحد منهم ( قلت ) وكذلك أن كان دكان في السوق بين رجلين دعا أحدهما إلى القسمة وأبى صاحبه ( قال ) إذا كانت العرصة أصلها بينهم فمن دعا إلى القسمة قسم بينهما عند مالك ( قلت ) فلو أن دارا في جوف دار الدار الداخلة لقوم والخارجة لقوم آخرين ولأهل الدار الداخلة الممر في الخارجة فأراد أهل الخارجة أن يحولوا باب دراهم في موضع سوى الموضع الذي كان فيه وأبى عليهم أهل الدار الداخلة ذلك أيكون ذلك لهم ( قال ) لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا وأرى أن كانوا أرادوا أن أن يحلوه إلى جنب باب الدار الذي كان وليس في ذلك ضرر على أهل الدار الداخله رأيت أن لا يمنعوا من ذلك وإن أرادوا أن يحولوا بابهم إلى ناحية من الدار ليس في قرب الموضع الذي كان فيه باب الدار فليس لهم ذلك أن أبى عليهم أهل الدار الداخلة ( قلت ) فان أراد أهل الدار الخارجة أن يضيقوا باب الدار وأبى عليهم أهل الدار الداخلة ( قال ) ليس لهم أن يضيقوا الباب ولا أحفظه عن مالك ( قلت ) فلو أن دارا بيني وبين رجل أنا وهو شريكان فيها لم تقسم وإلى جانبها دار لي فأردت أن أفتح باب الدار التي لي في الدار التي بيني وبين شريكي وأبى شريكي ذلك ( قال ) ذلك له أن يمنعك ( قلت ) لم ( قال ) لأن الموضع الذي تريد أن تفتح فيه باب دارك هو بينك وبين شريكك وان كان في يديك لأنكما لم تقتسماها بعد ( قلت ) فان أردنا أن نقسم فقلت اجعلوا نصيبي في هذه الدار إلى جنب داري حتى أفتح فيه بابا ( قال ) سألت مالكا عن هذا بعينه فقال لا يلتفت إلى قوله هذا
____________________
(14/516)
________________________________________
ولكن تقسم الدار على القيمة كما وصفت لك ثم يضرب بينهما بالسهام فان صار له الموضع الذي إلى جنب داره فتح فيه بابه أن شاء كما وصفت لك وان وقع نصيبه في الموضع الآخر أخذه ولم يكن له غير ذلك ( قلت ) فلو أن دارا بين قوم اقتسموها على أن يأخذ هذا طائفة وهذا طائفة فوقعت الاجنحة في حظ رجل منهم أتكون الأجنحة له ( قال ) إذا وقعت الأجنحة في حظ رجل منهم فذلك له ( قلت ) ولم جعلت الأجنحة للذي صارت له تلك الناحية والأجنحة إنما هي في هواء الأفنية فلما أخذ كل واحد منهم ناحية كان فناء هذه الدار بينهما على حاله والأجنحة انما هي في الفناء ( قال ) الأجنحة إذا كانت مبنية فهي من الدار وقد خرجت من أن تكون من الفناء وصارت خزائن للدار فلما اقتسموا على أن أعطوا كل واحد منهم طائفة من الدار كانت الأجنحة للذي أخذ تلك الناحية التي فيها الأجنحة وانما الأجنحة خزائن لحصته وقد خرجت من أن تكون فناء وهذا رأيي
في الرجلين يقتسمان الجدار على أن يزيد أحدهما صاحبه دنانير أو سلعة نقد أو إلى أجل ( قلت ) أرأيت لو أن دارا بين رجلين اقتسماها فيما بينهما فأخذ هذا طائفة وأعطى صاحبه طائفة على أن أعطى أحدهما صاحبه عبدا أو أعطاه دراهم أو عروضا نقدا أو إلى أجل وكيف أن لم يضرب للذي يعطيه أجلا إذا لم يكن بعينه ( قال ) ذلك جائز إذا كان بعينه وإذا كان دينا موصوفا فلا يصلح الا أن يضرب لذلك أجلا يجوز من هذا ما يجوز في البيع ويفسد من هذا ما يفسد في البيع ( قال ) وهذا رأيي لأن مالكا قال لا بأس أن يأخذ أحدهما طائفة من الدار والآخر طائفة من الدار على أن يزيد أحدهما صاحبه دنانير ( قلت ) وكذلك أن اقتسما فيما بينهما فأخذ هذا طائفة وهذا طائفة على أن يتصدق أحدهما على صاحبه بصدقة معروفة أو يهب له هبة معروفة ( قال ) قال مالك ذلك جائز ( قلت ) فلو اشترى رجل من رجل ممره في داره من غير أن يشتري من رقبة الدار شيئا أيجوز ذلك ( قال ) ذلك جائز عند مالك ( قلت
____________________
(14/517)
________________________________________
ما قول مالك في البيت الصغير يكون بين القوم فيكون في نصيب أحدهم ما لا ينتفع به إذا قسم أيقسم أم لا ( قال ) قال مالك يقسم وان كان في نصيب أحدهم ما لا ينتفع به يقسم بينهم لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا فالقليل النصيب في هذا والكثير النصيب في هذا سواء يقسم عليهم إذا طلبوا القسمة ولا يلتفت إلى قليل النصيب ولا إلى كثير النصيب ( قلت ) فإذا دعا واحد من الشركاء إلى القسمة وشركتهم من ميراث أو شراء وأبى بقيتهم القسمة ( قال ) قال مالك من دعا منهم إلى القسمة وكان ما في أيديهم مما يقسم قسم من رقيق أو دواب أو غير ذلك قال لي مالك كان ذلك من شراء أو ميراث فانه يقسم
وان كان مما لا ينقسم وقال أحدهم أنا لا أبيع وقال بقيتهم نحن نبيع ( قال ) يباع عليه وعليهم جميع ذلك على ما أحبوا أو كرهوا الا أن يريد الذين كرهوا البيع أن يأخذوا ذلك بما يعطون به فيكون ذلك لهم
ما جاء في أرزاق القضاة والعمال والقسام وأجرهم على من هو ( قلت ) لابن القاسم هل كان مالك يكره أرزاق القضاة والعمال ( قال ) أما العمال فكان يقول إذا عملوا على حق فلا بأس بأرزاقهم وأما أرزاق القضاة فلم أر مالكا يرى بذلك بأسا ( قلت ) لابن القاسم أرأيت قسام المغانم أيصلح أن يأخذوا عليها أجرا ( قال ) قال مالك في قسام القاضي لا أرى أن يأخذوا على القسم أجرا فقسام المغانم عندي لا ينبغي لهم أن يأخذوا على ذلك أجرا ( قلت ) لم كره مالك أرزاق القسام وجوز أرزاق العمال ( قال ) لأن أرزاق القسام انما يؤخذ ذلك من أموال اليتامى وأرزاق العمال انما تؤخذ من بيت المال ( قلت ) أفرأيت أن جعل للقسام أرزاقا من بيت المال ( قال ) لا بأس بذلك ( قال ) مالك وكذلك أشياء من أمور الناس مما ينوبهم يبعث فيها السلطان انما ذلك على السلطان يرزقون من بيت مال المسلمين ( قلت ) أرأيت أن استأجر قوم قاسما فقسم بينهم دراهم ( قال ) لا أرى بذلك بأسا ( قال ) ولقد سئل مالك عن القوم يكون لهم عند الرجل المال فيستأجرون رجلا يكتب بينهم الكتاب ويستوثق لهم جميعا على من ترى جعل ذلك ( قال ) أراه بينهم
____________________
(14/518)
________________________________________
( فقيل ) له أفترى على الذي على يديه المال شيأ وانما المال لهؤلاء ( قال ) نعم لأنه يستوثق له وانما هذا عندي بمنزلة الدار تكون بين قوم فيطلب بعضهم القسم ولا يطلب بعضهم القسم فيستأجرون الرجل فيكون ذلك على من طلب وعلى من لم يطلب وانما وجه ما رأيت مالكا كره من ذلك أن يجعل القاضي للقاسم أرزاقا من أموال الناس ( قلت ) أرأيت أن قال أهل المغنم نحن نرضى أن نعطى هذا القاسم على أن يقسم بيننا ( قال ) لا أرى بذلك بأسا وأرجو أن يكون خفيفا ( قال ) وانما رأيت مالكا كره ذلك أن يأخذ ذلك الامام من أموال الناس بمنزلة صاحب السوق ويرزقه من أموال الناس فهذا الذي كرهه وقال انما يحمل هذا الامام فأما أن رضوا ن يعطوا من يقسم بينهم مغنمهم فلا بأس بذلك
فيمن دبر في الصحة والمرض والعتق في المرض ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أعتق عبيدا له في مرضه لا يحملهم الثلث ( قال ) قال مالك يقرع بينهم ( قال ) فقلت لمالك فان دبرهم جميعا ( قال ) مالك ما دبر في الصحة وفي المرض عتق منهم مبلغ الثلث وما دبر منهم جميعا في مرض أو في صحة في كلمة واحدة لم يكن تدبير بعضهم قبل بعض فانه يعتق منهم جميعا ما حمل الثلث لا يبدأ أحد منهم قبل صاحبه أن عتق منهم أنصافهم عتق منهم أنصافهم كلهم أو ثلثهم أو ثلاثة أرباعهم ويبقى ما بقى منهم رقيقا وعلى هذا يحسبون وما دبر بعضهم قبل بعض في صحة كان أو في مرض بدئ بالأول فالأول يبدأ بالمدبر في الصحة الأول فالأول فكل ما كان في الصحة على ما كان في المرض ويبدأ بما دبر في المرض الأول فالأول ( قال ) مالك ولا يشبه العتق التدبير في القرعة ( قلت ) أرأيت من أعتق ثلاثة أعبد له والثلث يحمل منهم عبدين ونصفا ( قال بن القاسم ) يعتق ما حمل الثلث منهم بالسهام ( قال ) مالك ويقومون ثم يضرب بينهم بالسهام ( قال ) وقال مالك تقسم الأشياء كلها بينهم على القيمة ثم تضرب بالسهام فينظر إلى الذي خرج السهم عليه فان كان هو وحده كفاف الثلث رق الاثنان الباقيان وان كان هو أكثر من الثلث عتق منه ما حمل الثلث ورق منه ما بقى
____________________
(14/519)
________________________________________
ورق صاحباه جميعا وان كان الذي خرج السهم عليه هو أقل من الثلث عتق جميعه ثم ضرب السهم في الاثنين الباقيين فان كان الذي يقع عليه السهم هو أقل من بقية الثلث عتق كله وعتق من الآخر الباقي تمام الثلث ورق منه ما بقى وان كان الذي وقع عليه السهم هو أكثر من بقية الثلث عتق منه تمام الثلث ورق ما بقى منه وصاحبه كله رقيق ( قال ) وكذلك فسر لي مالك كما فسرت لك ( قلت ) فهل يكون شيء من الثياب لا ينقسم أو من الدواب أو من الرقيق ( قال ) نعم قال لي مالك رأسان بين عشرة رجال أو ثوب بين رجلين فهذا لا ينقسم ( قلت ) وقول مالك في القسمة على القيمة أم لا ( قال ) قال مالك تقسم الأشياء كلها على القيمة ثم يضرب بالسهام
ما جاء في قسمة الدار بالاذرع على السهام ( قلت ) أرأيت أن كانت دار بيني وبين صاحبي فاقتسمناها مذارعة ذرعنا نصفها في ناحية ونصفها في ناحية على أن يضرب بيننا بالسهام فحيثما خرج سهم أحدنا أخذه ( قال ) إذا كانت الدار كلها سواء وقسماها بالاذرع سواء فلا بأس أن يضربا على هذا بالسهام وان كانت الدار مختلفة بعضها أجود من بعض فقسماها بحال ما وصفت لي فهذا لا يجوز أن يضرب عليه بالسهام عند مالك لأن هذا مخاطرة لا يدري أحدهما أيخرج سهمه على الجيد أم على الرديء فلا خير في هذا ( قلت ) وكذلك أن كانت الدار كلها سواء فقسماها فجعلا في ناحية أكثر مما في ناحية على أن يضربا بالسهام على ذلك ( قال ) لا خير في هذا أيضا عند مالك لأن هذا مخاطرة ( قلت ) فان رضيا أن يعطى كل واحد منهما صاحبه طائفة من الدار وبعض ذلك أكثر من بعض أو أفضل من بعض ( قال ) هذا جائز عند مالك لأن هذا ليس فيه مخاطرة ( قلت ) ولا تجوز في قول مالك القسمة بالسهام الا أن يقسما الدار على قيمة عدل ( قال ) نعم لا تجوز الا على قيمة العدل إذا كان أصل القسمة بالقرعة
____________________
(14/520)
________________________________________
ما جاء في قسمة الدور والساحة والمرفق بالساحة ( قلت ) أرأيت الدار تكون بين القوم لها ساحة ولها بنيان كيف يقتسمونها أيقتسمون البنيان على حدة والساحة على حدة أم يقتسمون البنيان ولا يقتسمون الساحة ( قال ) إذا كانت الساحة على حدة لم يقتسموا البنيان ولا يقتسمون الساحة ( قال ) إذا كانت الساحة إذا قسمت مع البنيان كان لكل واحد منهم في حصته من الساحة ما ينتفع به في مدخله ومخرجه ومربط دوابه ومرافقه فان كانت هكذا قسمت الساحة والبنيان جميعا وان كانت الساحة إذا قسمت مع البنيان لا يكون في نصيب كل واحد منهم ما يرتفق به في مدخله ومخرجه وحوائجه أو كان واحد منهم لقلة نصيبه من الساحة لا يكون في نصيبه من الساحة ما يرتفق به في مدخله ومخرجه ومرافقه وكان بقيتهم يكون في نصيبهم ما يرتفقون به فلا تقسم الساحة وتترك الساحة بينهم ويقسم البناء ( قلت ) أرأيت أن كان أحدهم قليل النصيب فكان الذي يصير له من الساحة قدر مدخله ومخرجه وقدر طريقه فقط وبقيتهم يصير حظ كل واحد منهم من الساحة ما ينتفع به فأرادوا القسمة ( قال ) لا تقسم الساحة لأن القليل النصيب أن اقتسموا لم يرتفق بأكثر من المدخل والمخرج وهم يرتفقون بأكثر من ذلك وانما مرتفق الساحة بينهم كلهم القليل النصيب والكثير النصيب في ذلك سواء في الانتفاع بالساحة ( قلت ) فان أراد بعضهم أن يبني في الساحة بناء كان لهم أن يمنعوه ( قال ) نعم
في قسمة البيوت والغرف والسطوح ( قلت ) فلو أن دارا لها غرف وبيوت سفل وللغرف سطوح وللبيوت ساحة بين يديها فاقتسموا البنيان على القيمة أيكون لصاحب الغرف أن يرتفق بساحة الدار قال نعم لصاحب الغرف أن يرتفق بساحة أسفل الدار فيما قال لنا مالك كما يرتفق صاحب البيوت السفل ولا يكون لصاحب السفل أن يرتفق بسطح بين يدى الغرفة
____________________
(14/521)
________________________________________
وانما المرفق في ساحة الدار ولا يكون ذلك في السطوح ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت السطح الذي بين يدى الغرف إذا أراد القسام أن يقسموا البنيان بينهم أيقومون السطح فيما يقومون من البنيان أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يقومون السطح فيما يقومون من البنيان لأن السطح ليس بساحة عند مالك وكل ما ليس من الساحة فلا بد للقسام من أن يقسموه ويدخلوه في القسمة يقومون الغرفة بما بين يديها من المرفق ( قلت ) أرأيت خشب هذا السطح الذي بين يدى هذه الغرفة على من يقومون خشب السطح هؤلاء القسام ( قال ) أن كان تحت هذا السطح بيت جعل القسام قيمة خشب هذا السطح من البيت الذي تحته الذي سقفه هذا السطح ( قال ) وكذلك قال لي مالك ( قلت ) فلو كانت غرفة فوق بيت فأراد القسام أن يقسموا البنيان كيف يقومون خشب سقف هذا البيت وعليه خشب الغرفة ( قال ) قال مالك يقسم خشب سقف البيت الذي فوقه غرفة مع البيت الأسفل ولا يقسم مع الغرفة ( قال ) مالك وكذلك أن انكسرت خشبة من سقف هذا البيت وفوقها غرف كان على رب البيت السفلى اصلاح هذه الخشبة ( قال ) مالك ويجبر على أن يصلحها لأن فوقها غرفة ( قال ) مالك وكذلك هذا البيت الذي فوقه غرفة لغير رب البيت إذا رثت حيطان البيت كان على رب البيت السفلى اصلاح الحيطان لئلا تنهدم غرفة الأعلى ( قال بن القاسم ) على صاحب العلو أن يدعم علوه حتى يبنى صاحب السفل سقفه ويفرغ منه وليس على صاحب السفل أن يبنى سفله الا بما كان مبنيا قبل ذلك وان كان في ذلك ضرر على صاحب العلو ( قال ) وقال مالك وإذا انهدمت الغرفة فسقطت على البيت فهدمته أجبر رب البيت السفلى على أن يبني بيته لصاحب الغرفة حتى يبني صاحب الغرفة غرفته فان أبى صاحب السفل أن يبني بيته أجبر على أن يبيع بيته ممن يبنيه ( قلت ) فان اشتراه مشتر على أن يبنيه فقال لا أبنيه ( فقال ) يجبر أيضا على أن يبنيه أو يبيعه أيضا ممن يبنيه ( قلت ) أرأيت البيت إذا كان نصيب أحدهم إذا قسم لم ينتفع به أيقسم في قول مالك ( قال ) قال مالك يقسم لأن الله تبارك وتعالى
____________________
(14/522)
________________________________________
يقول مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا ( قلت ) فيكون لصاحب هذا النصيب القليل الذي لا يقدر على أن يسكنه أو يرتفق من الساحة في حوائجه بمثل ما يرتفق به الكثير النصيب في حوائجه ( قال ) أن سكن معهم فله أن يرتفق وان لم يسكن معهم فأراد أن يرتفق بالساحة وهو ساكن في دار أخرى فأرى ذلك له ( قال بن القاسم ) وأنا أرى أن كل ما لا ينقسم من الدار والمنازل والأرضين والحمامات وغير ذلك مما لا يكون في قسمته الضرر ولا يكون فيما يقسم منه منتفع فأرى أن يباع ويقسم ثمنه على الفرائض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار وهذا ضرر ( قلت ) أرأيت أن كان نصيب أحدهم لا ينتفع به ولا يقدر على سكناه فقال أصحاب الدار شركاؤه نحن نقسم الساحة وجميع البنيان لينتفع كل واحد منا بنصيبه من الساحة يبني ويصنع فيه ما شاء وقال القليل النصيب الذي ليس له في نصيبه من البنيان ما يسكن لا تقسموا الساحة ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن كان هذا هكذا لا تقسم عليه الساحة وتترك على حالها
في صفة قسم الدور والأرضين بين الورثة ( قال بن القاسم ) وسألت مالكا عن رجل هلك وترك ولدا وامرأة وترك أرضا ودورا ( قال ) مالك تقسم الدور والأرض أثمانا فيضرب للمرأة بثمنها في احدى الناحيتين ويضرب للورثة في الناحية الأخرى ولا يضرب لها بثمنها في وسط الأرض ولا في وسط الدار ( قلت ) كيف يضرب لها في أحد الطرفين ( قال ) تقسم الدار أثمانا ثم ينظر إلى الثمنين من الطرفين الذي من هذه الناحية والذي من الناحية الأخرى فيسهم للمرأة عليهما ولا يسهم لها الا عليهما فأي الطرفين خرج للمرأة أخذته المرأة وضم ما بقى بعضه إلى بعض فيقسم بين الورثة أيضا ( قلت ) أرأيت أن اقتسموا البنيان بالقيمة والساحة مذارعة أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) إذا كانت الساحة مما يحمل القسمة وكانت الساحة كلها سواء وتساووا في الذرع فيما بينهم جاز ذلك وان كانت متفاضلة فلا أرى ذلك ( قلت ) أرأيت
____________________
(14/523)
________________________________________
أن قال بعضهم لا تقسم الساحة وقال بعضهم تقسم الساحة وفي الساحة في نصيب كل واحد منهم ما ينتفع به ويرتفق به ( قال ) تقسم الساحة إذا كان بحال ما وصفت لي عليهم عند مالك ( قلت ) أيجوز أن نقسم بيتا بيني وبين شريكي مذارعة ثم نسهم في قول مالك ( قال ) قد أخبرتك أن مالكا قال لا يجوز أن يقتسما شيأ من الأشياء مساهمة إذا كان أحد النصيبين أفضل من الآخر لأن هذا يصير مخاطرة وأما إذا كان غير مساهمة يأخذ هذا ناحية وهذا ناحية تراضيا بذلك فلا بأس بذلك
في قسم الدار للغائبة وقسم الوصي على الكبير الغائب والصغار ( قلت ) أرأيت دارا ورثناها عن رجل والدار غائبة عنا ببلد من البلدان وقد وصفت لنا الدار وبيوتها وما فيها من ساحتها فأردنا أن نقتسمها على صفة وما وصفوا لنا فعرف كل واحد منا ناحيته وموضعه وما يكون لنا من البنيان أيجوز هذا أم لا في قول مالك ( قال ) لا أرى بذلك بأسا لأن الدار الغائبة قد تباع بالصفة عند مالك فإذا جاز البيع فيها جازت المقاسمة فيها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا هلك وترك دورا وعقارا وأموالا ولم يوص وترك ورثه كلهم أغنياء الا رجلا واحدا حاضرا من الورثة فأراد هذا الحاضر أن يقسم هذه الدور والعروض والرباع ويأخذ حقه من العروض ونصيبه من الأرضين ( قال ) قال مالك يرفع ذلك إلى السلطان فيوكل السلطان وكيلا يقسم للحاضر والغائب جميعا فما صار للغائب عزله السلطان له وأحرزه له ( قال ) وهذا بعينه سألت مالكا عنه فقال مثل ما قلت لك ( قلت ) فان كان الميت قد أوصى والورثة غيب كلهم غير واحد منهم فأراد الحاضر أن يقسم نصيبه من جميع هذه الأشياء هل يكون الوصي ها هنا بمنزلة السلطان في نصيب الغائب أم لا ( قال ) أن كان الغيب كبارا كلهم لم يجز أن يقاسم الوصي لهم ولكن يرفع ذلك إلى السلطان حتى يقاسمه لهم وان كان الورثة الغيب صغارا كلهم جازت مقاسمة الوصي لهم وعليهم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي ( قال ) ولقد سئل مالك عن امرأة حلفت لاخوتها لقاسمنهم دارا بينها وبينهم فقال لها اخوتها أما إذ حلفت فنحن نقاسمك ( قال ) مالك
____________________
(14/524)
________________________________________
أرى أن ترفع ذلك إلى السلطان فيقسم لها ( قلت ) لم قال مالك هذا ( قال ) خوفا من الدلسة فتحنث ( قلت ) أرأيت إذا كان كبير من الورثة غائبا وجميع الورثة صغار وهم حضور عند الوصي أيقسم الوصي الدار ويعزل نصيب الغائب أم لا ( قال ) قال مالك في هذه المسألة بعينها لا يقسم الوصي للغيب ولكن يرفع ذلك إلى السلطان فيقسمها عليهم ويعزل نصيب الكبير فيحوزه له ( قلت ) فان كان الصغار غيبا والكبير حاضرا فأراد الكبير أن يقاسم الوصي أو الوصي أراد أن يقاسم الكبير للاصاغر أيجوز ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) ذلك جائز لأنه إذا كان الكبير حاضرا لم يلتفت إلى مغيب الصغير إذا كان الوصي حاضرا ( قال ) وهذا رأيي ( قلت ) ما قول مالك في الحمام والجدار يكون بين الشريكين أيقسم ( قال ) قال مالك في الحمام يكون بين الشركاء أنه يقسم ولم أسمع من مالك في الجدار شيئا ( قلت ) لم جوز مالك قسمه الحمام وهو إذا قسم بطل إذا أخذ كل واحد منهم حصته ( قال ) هو مثل البيت ألا ترى أن البيت قد يكون بين القوم الكثير وهم أن اقتسموا لم يصر في حظ أحدهم ما يسكن ولا يصير له فيه منفعة فيقسم بينهم فكذلك الحمام ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا هلك وأوصى لرجل بالثلث وترك دورا وعقارا وتلك الورثة غيب فأراد الموصى له بالثلث أن يقسم ويأخذ نصيبه ( قال ) قال مالك الموصى له بالثلث في هذا بمنزلة الوارث يرفع ذلك إلى السلطان فيوكل رجلا يقسم مال الميت ويعطى السلطان هذا الموصى له بالثلث حقه ويجوز ذلك ( قلت ) أليس كل واحد من أهل الدار هو أولى بما بين يدي باب بيته من الساحة في الارتفاق بها ( قال ) نعم عندي ( قال ) ولا يطرح في الساحة بين يدي باب غيره الحطب والعلف إذا كان في الدار سعة عن ذلك ( قال بن القاسم ) وان احتاج إلى طرح ذلك في الساحة ووضع بعض ذلك على باب غيره طرحه الا أن يكون في ذلك ضرر بمن يطرح ذلك على بابه فيمنع من أن يضر بغيره ( قلت ) أرأيت أن اقتسما البنيان وساحة الدار أيكون على كل واحد منهما أن يترك الطريق لا يعرض فيها لصاحبه
____________________
(14/525)
________________________________________
( قال ) نعم تقر الطريق على حالها ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فان اقتسماها على أن يصرف كل واحد منهما بابا في ناحية أخرى ولا يتركا طريقا ورضيا بذلك ( قال ) فالقسمة جائزة ولا يكون لهما طريق يرتفقان به بينهما ولكن يأخذ هذا حصته فيصرف بابه حيث شاء إذا كان له موضع يصرف إليه بابه وكذلك صاحبه ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت أن قسما البنيان ثم قسما الساحة بينهما ولم يذكر الطريق أنهما يرتفقان به بينهما ولم يرتفقا الطريق بينهما ثم قسما الدار على هذا فصار باب الدار في حصة أحدهما أترى هذا قطعا للطريق بينهما أو تأمر الذي صار باب الدار لغيره أن يفتح في نصيبه بابا لأن باب الدار قد صار لغيره وقد رضى بذلك ( قال ) إذا لم يذكرا في قسمتهما أن يجعل أحدهما ولا كل واحد منهما مخرجه من الدار في حصته يفتح في نصيبه بابا فأرى الطريق بينهما على حالها وباب الدار للذي صار له في حصته ولكن الممر لهما جميعا ليس له أن يمنع شريكه الذي قاسمه من الممر في ذلك ( قال ) ولا أحفظ ذلك عن مالك ( قلت ) أرأيت أن اقتسما دارا بينهما فأخذ أحدهما دبر الدار وأعطى صاحبه ناحية من مقدم الدار على أن لا يكون له طريق في حصة صاحبه ( قال ) ذلك جائز على ما شرطا ورضيا إذا كان له موضع يصرف بابه إليه وان لم يكن له موضع لم يجز ذلك فكذلك قال مالك فيها وقد بلغني عن مالك أنه قال في قوم اقتسموا دارا على أن أخذ بعضهم غرفا على أن لا يكون له طريق في الدار فكره ذلك وكان ليس للغرف طريق يصرف إليه وقال لا يجوز ذلك ( قال بن القاسم ) ولو كان لها طريق يفتح بابها إليه لم يكن بذلك بأس
ما جاء في اختلاف الورثة في قسمة الدور إذا أرادوا أن يجعلوا سهامهم في كل دار ( قلت ) أرأيت دورا بين قوم شتى أرادوا أن يقتسموا فقال رجل منهم اجعلوا نصيبي في دار واحدة وقال بقيتهم بل يجعل نصيبك في كل دار ( قال ) سألت مالكا عن الشركاء يريدون قسم دورهم فقال أن كانت الدور في موضع واحد رأيت أن
____________________
(14/526)
________________________________________
يجعل نصيب كل واحد في دار بجمع نصيبه في دار واحدة في موضع واحد ولا تفرق أنصباؤهم في كل دار وان كانت مواضعها مختلفة مما يتشاح الناس فيها للعمران أو لغير العمران رأيت أن تقسم كل دار على حدتها ( قال ) وأخبرني بعض أهل المدينة قال وأراه من قول مالك أن الرجل إذا مات وترك دورا وكان ورثته في دار من دوره كانوا يسكنونها ودوره التي ترك كلها سواء في مواضعها وفي تشاح الناس فيها فتشاح الورثة في الدار التي كانوا يسكنونها أنه تقسم بينهم هذه الدار ويجعل لكل واحد منهم فيها نصيب إذا كانت الدار التي ترك الميت في غير هذا الموضع الذي الدار فيه التي يسكنونها ثم يقسم ما بقى من الدور فيجعل نصيب كل واحد منهم في دار تجمع نصيبه في موضع واحد إذا كانت الدور في نفاقها عند الناس وتشاح الناس على مواضعها سواء وكان بعضها قريبا من بعض وذلك كله رأيي ( قلت ) فان تباعد ماه بين الدارين تكون الدار في موضع من المدينة والدار الأخرى في الناحية الأخرى من المدينة الا أن مواضعها ورغبة الناس فيها في تلك المواضع وتشاح الناس فيها في الموضعين سواء ( قال ) فهاتان يجمع نصيب كل إنسان منهم في موضع واحد من احدى الدارين ولا يقسم نصيبه في هذه وهذه لأن الدارين سواء في المواضع والنفاق عند الناس ولا يلتفت إلى افتراق الدارين في ذلك المصر إذا كانتا بحال ما وصفت لك ( قلت ) أرأيت أن ترك الميت دورا بعضها هي سواء في مواضعها ونفاقها عند الناس بحال ما وصفت لك وبعضها ليست سواء أتجمع هذه الدور التي مواضعها عند الناس في النفاق سواء فيقسم كل انسان حصته منها في موضع واحد في دار واحدة وينظر إلى كل دار مما ترك الميت ليست من المواضع سواء فتقسم على حدة فيأخذ كل واحد منهم حصته منها ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت إذا كانت الدار بين قوم شتى لأحدهم فيها الخمس والآخر فيها الربع والآخر السبع كيف تقسم هذه الدار في قول مالك ( قال ) تقسم بينهم على سهم أقلهم نصيبا وكذلك قال مالك ( قلت ) فان قسمت على سهم أقلهم نصيبا أيعطى سهمه حيثما خرج أم
____________________
(14/527)
________________________________________
يجعل سهمه في أحد الطرفين ( قال ) قال مالك في الرجل إذا ترك امرأته وعصبته أنه يضرب للمرأة في أحد الطرفين ويضم نصيب العصبة إلى شق واحد ( قال ) مالك ولا يجمع نصيب اثنين في القسم وان أراد ذلك ولكن يقسم لكل واحد منهم نصيبه على حدة ( قلت ) أرأيت إذا ترك الرجل أخته وأمه وامرأته كيف تقسم هذه الدار بينهم في قول مالك ( قال ) قال مالك تقسم على أقلهم سهما ( قال ) ويجمع حق كل واحد منهم على حدة ولا يفرق ( قال ) وتفسير هذا عندي أن الدار تقسم على أقلهم سهما أو الأرض إذا كانت أرضا فيضرب على أحد الطرفين فان تشاح الورثة وقال بعضهم اضرب على الطرف أولا وقال بعضهم بل اضرب على هذا الطرف أولا ضرب القاسم بالسهام على أي الطرفين يضرب عليه أولا فعلى أي الطرفين يخرج السهم فانه يضرب عليه أولا ويأخذ سهامهم فيضرب على هذا الطرف فأي سهم خرج من سهامهم أن كانت الأبنة أو الأخت أو المرأة أو الأم ضم إلى سهمها هذا بقية حقها حتى يكمله في موضعها ذلك ( قال بن القاسم ) ثم تضرب أيضا سهام من بقي فان تشاحوا في الطرفين ضرب القاسم أيضا بالسهام على الطرفين فعلى أي الطرفين خرج السهم ضرب بسهامهم عليه فأيتهن خرج سهمها أكل لها بقية نصيبها من ذلك الموضع فإذا بقى منهن اثنتان وتشاحا على الطرفين لم ينظر إلى قول واحد منهما وضرب القاسم على أي الطرفين شاء لأنه يضرب على أحد الطرفين فقد ضرب لهما جميعا في الطرفين وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت أن كانت السهام لا تعتدل في الحساب الا أن يرفعوا ذلك في الحساب فيصير سهم أحدهم لا يعتدل حتى يضعف إلى عشرة أسهم فإذا ضرب عليه بالسهام فخرج على أحد هذه العشرة ضمت التسعة إليه ( قال ) نعم وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت إذا كانت الساحة واسعة فأرادوا أن يقسموها وفي حظ كل واحد منهم ما يرتفق به إذا قسمت بينهم وليس لهم مخرج ولا طريق الا من باب الدار فاشتجروا في الطريق فقال بعضهم اجعلها ثلاثة أذرع وقال بعضهم أكثر من ذلك ( قال ) قال مالك في هذا أنه يترك لهم طريقا قدر ما تدخل الحمولة وقدر
____________________
(14/528)
________________________________________
ما يدخلون ( قلت ) ولا يترك لهم من الطريق قدر عرض باب الدار ( قال ) لا أعرف هذا في قول مالك ( قلت ) هل يكون للجار أن يرفع بنيانه فيجاوز به بنيان جاره فيشرف عليه ( قال ) له أن يرفع بنيانه الا أني سمعت مالكا يقول يمنع من الضرر ( قلت ) أرأيت إذا رفع بنيانه فسد على جاره كواه وأظلمت أبواب غرفه وكواها ومنعه الشمس أن تقع في حجرته ( قال ) لم أسمع من مالك الا ما أخبرتك أنه يمنع من ضرر جاره ولا أرى أن يمنع هذا من البنيان
ما جاء في اتخاذ الحمامات والافران والارحية ( قلت ) أرأيت أن كانت لي عرصة إلى جانب دور قوم فأردت أن أحدث في تلك العرصة حماما أو فرنا أو موضعا لرحا فأبى علي الجيران ذلك أيكون لهم أن يمنعوني في قول مالك ( قال ) أن كان ما يحدث ضررا على الجيران من الدخان وما أشبهه فلهم أن يمنعوك من ذلك لأن مالكا قال يمنع من ضرر جاره فإذا كان هذا ضررا منع من ذلك ( قلت ) وكذلك أن كان حدادا فاتخذ فيها كيرا أو اتخذ فيها أفرانا يسيل فيها الذهب والفضة أو اتخذ فيها أرحية تضر بجدران الجيران أو حفر فيها آبارا أو اتخذ فيها كنيفا قرب جدران جيرانه منعته من ذلك ( قال ) نعم كذلك قال مالك في غير واحد من هذا في الدخان وغيره ( قلت ) هل ترى التنور ضررا في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى التنور خفيفا ( قلت ) لابن القاسم أرأيت أن كانت دار الرجل إلى جنب دار قوم ففتح في غره كوى أو أبوابا يشرف منها على دور جيرانه أيمنعه مالك من ذلك أم لا ( قال ) قال مالك يمنع من ذلك في قسمة الدور والرقيق إذا كانت القيمة واحدة ( قلت ) أرأيت لو أن دورا ورقيقا بين رجلين فقوموا الرقيق فكانت قيمة الرقيق ألف دينار وقوموا الدور فكانت قيمة الدور أيضا ألف دينار فأرادا أن يجعلا الرقيق في ناحية والدور في ناحية على أن يستهما على الرقيق والدور ( قال ) لا يجوز هذا ( قلت ) لم ( قال ) لأن هذا من المخاطرة ( قلت ) كيف يكون هذا من المخاطرة وقيمة الرقيق ألف
____________________
(14/529)
________________________________________
دينار وقيمة الدور ألف دينار ( قال ) وان كانت القيمة سواء لأن هذين شيئآن مختلفان الدور غير الرقيق والرقيق غير الدور فانما تخاطرا على أن من خرج سهمه على الرقيق فلا شيء له من الدور فلا خير في هذا وانما ينبغي لهذا أن يقسموا الدور على حدة والرقيق على حدة ( قلت ) ولم كرهت هذا في الدور والرقيق وأنت تجيزه فيما هو مثل هذا الدار تكون بين الرجلين أو الداران تكونان بين الرجلين هما في الموضع والنفاق سواء عند الناس فقسمها القاسم على القيمة وكان في بنيان احدى الدارين ضعف بنيان الأخرى في القيمة لأن بنيانها قد رث وبنيان الأخرى أحسن وأطرى فقسمها القاسم على القيمة فجعل مكان البنيان المرتفع ضعفه من البنيان الرث أو قسم الدار الواحدة التي بينهما فكانت ناحية من الدار قد تقادم بنيانها ورث وناحية من الدار الأخرى جديدة البنيان فصار البنيان الذي تقادم في القسم ضعف البنيان الجديد فضرب على ذلك بالسهام فجوزه مالك وأنت تجيزه فما فرق ما بين هذا وما بين الرقيق والدور وهذا كل واحد منهما قد خاطر بالبنيان الجديد ( قال ) ليس هذا مثل الدور والرقيق لأن الرقيق يقسم على حدة والدور على حدة وهذا إذا كانت الدور بحال ما وصفت لك من أن ناحية منها حسنة البنيان وناحية أخرى دون ذلك لم يكن للقاسم يد من أن يقسم على القيمة ويجعل حظ كل إنسان في موضع واحد ويسهم بينهم فان خرج سهمه في البنيان الجديد أخذه بقيمته وان خرج في غير الجديد كان ذلك له فلا بد من هذا وذلك في الرقيق والدور يقدر على أن يقسم الرقيق على حدة والدور على حدة وأما الدور والرقيق فذلك من المخاطرة ألا ترى أنه أن كان هواهما جميعا في الدور فجعلا الرقيق في ناحية والدور في ناحية على أن يستهما فكانهما قد تخاطرا فيما هواهما فيه ( قلت ) فان تراضى هذان في الدور والرقيق فأخذ واحد منهما الدور والآخر الرقيق ( قال ) فذلك جائز إذا كان من غير قرعة ( قلت ) أرأيت أن ورثا رقيقا ودنانير فجعلا الرقيق في ناحية والدنانير في ناحية على أن يستهما على ذلك وقيمة الرقيق مثل الدنانير سواء أيجوز ذلك أم لا وكيف أن كانت دورا ودنانير
____________________
(14/530)
________________________________________
فجعلا الدور في ناحية والدنانير في ناحية أو كانت دورا وثيابا وقيمة الحيوان مثل قيمة الثياب فجعلا الثياب في ناحية والحيوان في ناحية على أن يستهما ذلك وقيمة الحيوان وقيمة الثياب سواء ( قال ) لا خير في ذلك كله لأن الصنفين إذا اختلفا دخله المخاطرة والغرر الا أن يقتسما ذلك بغير القرعة ( قلت ) فان كان صنفا واحدا جاز أن يقتسما ذلك بالقرعة إذا عدلا القسمين في القيمة ( قال ) نعم
في الرجل يريد أن يفتح بابا في زقاق نافذ أو غير نافذ ( قلت ) أرأيت لو أن زقاقا نافذا أو غير نافذ فيه دور لقوم شتى فأراد أحدهم أن يجعل لداره بابين يفتح ذلك في الزقاق أو أراد أن يحول باب داره إلى موضع من السكة فيمنعه أهل السكة أيكون ذلك لهم أم لا ( قال ) ليس له أن يحدث بابا حذاء باب دار جاره أو قرب ذلك إذا كانت السكة غير نافذة لأن جاره يقول قد كان هذا الموضع من السكة الذي هو حيال بابي الذي تريد أن تفتح فيه بابا لدارك لي فيه مرفق أفتح بابي وأنا في سترة وأقرب حمولتي إلى باب داري فلا أوذي أحدا ولا أتركك تفتح حيال باب داري بابا أو قرب ذلك فتتخذ علي فيها المجالس وما أشبه هذا فان كان هذا ضررا فلا يجوز أن يحدث على جاره ما يضره به وان كانت السكة نافذة فله أن يفتح بابه حيث شاء ويحول بابه إلى أي موضع شاء ( قلت ) وإذا كانت السكة نافذة فهو قول مالك ( قال ) نعم هو قوله ( قلت ) وكذلك لو أن دارين أحداهما في جوف الأخرى الدار الداخلة لقوم شتى والخارجة لغيرهم الا أن لأهل الدار الداخلة الممر في هذه الدار الخارجة والطريق لهم فيها فقسم أهل الدار الداخلة دارهم بينهم فأراد كل واحد منهم بعد ما اقتسموا أن يفتح في حصته بابا إلى الدار الخارجة لأن لهم فيها الممر وقال صاحب الدار الخارجة لا أترككم تفتحون هذه الأبواب علي وانما لكم الممر من موضعكم الذي كان ( قال ) له أن يمنعهم من ذلك ولا يكون لهم أن يحدثوا بابا في الدار الخارجة الا الباب الذي كان لهم قبل أن يقتسموا ( وقال ) مالك في حديث عمر بن الخطاب في الخليج الذي أمره في أرض الرجل بغير
____________________
(14/531)
________________________________________
رضاه قال مالك ليس عليه العمل ( قلت ) أرأيت لو أن دارا بين رجلين اقتسماها ولرجل في جنبهم دار لصيقه أحد النصيبين فاشترى هذا الرجل النصيب الذي هو ملاصقه ففتح بابا في هذا النصيب وأحدث الممر ممر داره في طريق هذا النصيب فأبى عليه صاحب النصيب الآخر ذلك ( قال ) قال مالك في هذه المسألة بعينها ليس له أن يمنعه إذا كان إنما جعل في النصيب الذي اشترى ليرتفق بذلك هو ومن معه ممن سكن من ولده ويتوسع بالنصيب ويكون ممره فيه وإن كان انما أراد أن يجعلها سكة نافذة للناس يدخلون من باب داره فيخرجون إلى النصيب ويمرون في النصيب إلى مخرج النصيب حتى يتخذ ممرا شبه الممر في الزقاق فليس له ذلك وكذلك قال لي مالك حين سألته عنها ( قلت ) أرأيت أن أسكن معه غيره أو آجر الدار أيكون لهم أن يمروا في النصيب كما كان له ( قال ) نعم ( قال ) وإنما رأيت من كراهية مالك أن يجعلها سكة نافذة فقط
____________________
(14/532)
________________________________________
كتاب الوصايا في الرجل يوصى بعتق عبد من عبيده فيموتون كلهم أو بعضهم ( قلت ) أرأيت إن أوصى بعتق عبد من عبيده فمات عبيده كلهم ما قول مالك في ذلك هل تبطل وصيته أم لا ( قال ) سألنا مالكا عن الرجل يوصي بعشرة من عبيده أن يعتقوا ولم يسمهم بأعيانهم وكان عدة عبيده خمسين عبدا فلم يقوموا وغفل الورثة عن ذلك حتى مات منهم عشرون ( قال ) قال مالك يعتق ثلثهم بالسهم يسهم بينهم فإن خرج عدة ذلك أقل من عشرة أو أكثر من عشرة عتقوا ومن مات منهم قبل القسم قبل أن يقوموا لم يدخل على الباقين من العبيد منهم شيء ولم يكن للورثة فيهم قول وإنما يعتق منهم ممن بقي عشرة أجزاء من ثلاثين جزأ بالسهام ومن مات منهم قبل القسم فكأن الميت لم يتركه ( قال ) ولا تسقط وصية العبيد لمكان الذين ماتوا ( قلت ) فإن أوصى بعتق عشرة أعبد من هؤلاء الخمسين فمات أربعون منهم وبقي عشرة ( قال ) قال مالك ان حملهم الثلث عتقوا ( قال ) وقال لي مالك إنما تصير الوصية لمن بقي منهم على حال ما وصفت لك ولو هلكوا كلهم إلا خمسة عشر عتق ثلثاهم ولو هلكوا كلهم إلا عشرين منهم عتق نصفهم في ثلث الميت قال مالك وكذلك الذي يوصي بعشرة من إبله في سبيل الله وله ابل كثيرة فذهب بعضها وبقي بعضها فإنه بحال ما وصفت لك يقسم بالسهام على حال ما وصفت لك وكذلك الرقيق إذا أوصى بها
____________________
(15/2)
________________________________________
الرجل ثم هلك بعضها كانت بحال ما وصفت لك عند مالك تقسم بالسهام وإن لم يبق منها إلا مقدار الوصية وكان الثلث يحملها كان ذلك للموصى له عند مالك وأما مسألتك فإذا ماتوا كلهم فقد بطلت الوصية لأن مالكا قال من أوصى له بعبد فمات العبد فلا حق له في مال الميت وقال غيره لأن المال إنما ينظر إليه يوم ينظر في الثلث فما مات أو تلف قبل ذلك فكان الميت لم يتركه وكانه لم يكن أوصى فيه بشيء لأنه لا يقوم ميت ولا يقوم على ميت قال ذلك بن عباس ذكره سحنون عن بن نافع عن عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس ( بن وهب ) عن عبد الجبار عن ربيعة أنه قال في الرجل يوصي للرجل بالشيء بعينه فيما يوصى من ثلثه فيهلك ذلك الشيء قال ليس للذي أوصى له به أن يحاص أهل الثلث بشيء وقد سقط حقه ( بن وهب ) عن رجال من أهل العلم منهم مالك بن أنس وأنس بن عياض وبن أبي ذئب وعمرو بن الحارث أن رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق أعبدا له ستة عند موته ولم يكن له مال غيرهم فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتق ثلث تلك الرقيق ( بن وهب ) عن جرير بن حازم عن بن نبهان عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين وأبي قلابة الجرمي عن عمران بن الحصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ( الليث بن سعد ) عن يحيى بن سعيد قال أدركت مولى لسعد بن بكر يدعى دهورا أعتق ثلث رقيق له هم قريب من العشرين فرفع أمرهم إلى أبان بن عثمان فقسمهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأخرج ثلثهم فأعتقهم ( بن وهب ) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد قال كان لرجل غلامان فأعتق أحدهما عند موته فلم يدر أيهما هو فأسهم أبان بن عثمان بينهما فطار السهم لأحدهما وغشى على الآخر
في الرجل يوصي للرجل بثلث عبيده فيهلك بعضهم ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث عبيدي هؤلاء لفلان وله ثلاثة أعبد فهلك منهم إثنان وبقي واحد ( قال ) ثلث الباقي للموصى له ولا يكون له جميع الباقي وإن كان ثلث الميت
____________________
(15/3)
________________________________________
يحمله وإن كان هذا الباقي هو ثلث العبيد فإنه لا يكون للموصى له منه إلا ثلثه وهذا قول مالك وقد قال مالك في رجل قال ثلث رقيقي أحرار قال مالك يعتق ثلثهم بالسهم ولا يعتق من كل واحد منهم ثلثه
فهذا يدلك على أنه شريك للورثة فيما بقي من العبيد فإن كان ما بقي من العبيد ينقسمون أخذ الموصى له ثلث العبيد ان أرادوا القسمة وإن كانوا لا ينقسمون فمن دعا إلى البيع منهم أجبر صاحبه على البيع بحال ما وصفت لك في البيوع إلا أن يأخذ الذي أبى البيع بما يعطى صاحبه ( بن وهب ) عن رجال من أهل العلم منهم مالك بن أنس ويونس بن يزيد عن بن شهاب حدثهم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه أخبره عن أبيه سعد أنه قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع يعودني من وجع اشتد بي قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع يعودني من وجع اشتد بي قال فقلت يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قلت فالشطر يا رسول الله قال لا قلت فالثلث والثلث كثير أنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس وأنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت فيها حتى ما تجعل في امرأتك قال فقلت يا رسول الله أأخلف بعد أصحابي قال إنك لن تخلف فتعمل عملا صالحا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولك لن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضربك آخرون اللهم أمض لاصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خوله يرثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة قال يونس قال بن شهاب فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة في الثلث لكل موصى بعده ( بن وهب ) عن موسى بن علي عن أبيه علي بن رباح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد سعدا في مرض مرضه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أوص فقال مالي كله لله قال ليس ذلك لك ولا لي قال فثلثاه قال لا قال فنصفه قال لا تخبين وارثك قال فثلثه قال الثلث والثلث كثير قال ثم دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم أذهب عنه الباس رب الناس اله الناس ملك الناس أنت الشافي لا شافي إلا أنت أرقيك من كل شيء
____________________
(15/4)
________________________________________
يأتيك من حسد وعين اللهم أصح قلبه وجسمه واكشف سقمه وأجب دعوته قال سعد فسألني أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما من بعده عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوصية فحدثتهما بذلك فحملا الناس عليه في الوصية ( بن وهب ) قال وسمعت طلحة بن عمرو المكي يقول سمعت عطاء بن أبي رباح يقول سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أعطاكم ثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم ( مسلمة بن علي ) عن زيد بن واقد عن مكحول قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أعطاكم اثنتين لم تكونا لكم صلاة المؤمنين بعد موتكم وثلث أموالكم زيادة في أعمالكم عند موتكم ( بن وهب ) عن رجال من أهل العلم منهم عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر ويونس بن يزيد وغيرهم أن نافعا حدثهم عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب سئل عن الوصية فقال عمر الثلث وسط من المال لا بخس ولا شطط
في الرجل يوصي للرجل بثلث غنمه فيستحق بعضها ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث غنمي لفلان وله مائة شاة فاستحق رجل ثلثي الغنم وبقي ثلثها والثلث الباقي من الغنم يحمله الثلث الموصى به أيكون هذا الثلث الباقي من الغنم جميعه للموصى له ( قال ) لا ويكون له ثلث ما بقي ( قلت ) ويجعل الضياع في الغنم من الورثة ومن الموصى له ( قال ) نعم بمنزلة ما قال لي مالك في الميراث ( قلت ) فإن قال جميع غنمي لفلان فهلك نصفها أو استحق نصفها أيكون جميع ما بقي لفلان إذا كان الثلث يحمل ما بقي منها ( قال ) نعم ( قلت ) ولم لا يكون إذا أوصى بثلث الغنم فذهب منها ثلثاها وبقي الثلث لم لا يكون الثلث الباقي للموصى له إذا حمل ذلك الثلث ( قال ) لأنه إنما أوصى له بثلثها ولم يوص له بكلها
____________________
(15/5)
________________________________________
في الرجل يوصى للرجل بعشر شياه من غنمه فتهلك غنمه إلا عشر شياه ( قلت ) فإن أوصى له بعشرة من هذه الغنم وهي مائة شاة فهلكت كلها إلا عشرة منها والثلث يحمل هذه العشرة ( قال ) فله العشرة كلها عند مالك ( قلت ) فإن كانت هذه العشرة تعدل نصف الغنم لأنها أفضل الغنم أيعطيه إياها إذا كان الثلث يحملها في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن لم يهلك من الغنم شيء كيف يعطيه العشرة ( قال ) بالسهام يدخل في تلك العشرة ما دخل ( قلت ) فإذا سمى فقال عشرة من غنمي لفلان فهو خلاف ما إذا قال عشر هذه الغنم ( قال ) نعم إذا سمى عشرة وهي مائة شاة فهلكت كلها إلا العشرة كانت العشرة كلها للموصى له وإذا أوصى بعشرها فهلكت كلها إلا عشرة لم يكن للموصى له إلا عشر ما بقي ( قال ) وهو قول مالك
في الرجل يوصى باشتراء رقبة تعتق عنه ( قلت ) أرأيت إن أوصى رجل فقال اشتروا نسمة فأعتقوها عني فاشتروها أتكون حرة حين اشتروها أم لا تكون حرة حتى تعتق ( قال ) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولا أراه حرا حتى يعتق لأنه لو قتله رجل كانت قيمته قيمة عبد فهو ما لم يعتقوه عندي بمنزلة العبد في حدوده وخدمته وجميع حالاته ( قلت ) فإن مات كان عليهم أن يشتروا آخر إن وسع ثلث الميت ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت إن أوصى فقال اشتروا رقبة فأعتقوها عني وثلث ماله مائة دينار والورثة يجدون رقبة بخمسين دينارا ولم يسم الميت الثمن ( قال ) قال مالك إنما ينظر في هذا إلى ما ترك الميت من المال فإن كان كثير المال نظر إلى قدر ما ترك وإن كان قليل المال نظر في ذلك فإنما ينظر في ذلك إلى ماله فيشتري له على قدر المال يجتهد له في ذلك بقدر ما يرى أن يشتري له في كثرة المال وقلته ليس من ترك مائة دينار في هذا بمنزلة من ترك ألف دينار ( قلت ) أرأيت إن أوصى أن يعتق عنه نسمة بألف درهم
____________________
(15/6)
________________________________________
والثلث لا يبلغ ذلك أيعتق عنه مبلغ الثلث في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان في ذلك قدر ما يشتري به رقبة وهو قول مالك بن أنس ( قلت ) فإن لم يكن فيها ( قال ) يشرك بينه وبين آخر فإن لم يجدوا إلا أن يعينوا بها مكاتبا في آخر كتابته فعلوا وهذا قول مالك ( بن وهب ) عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن الحسن أنه قال إذا أوصى رجل بمال يبتاع له به رقبة فلم يوجد له رقبة فليعن به في رقبة ( قلت ) أرأيت إن أوصى أن تشتري رقبة فتعتق عنه بألف درهم وذلك ثلثه فاشتراها الوصي فأعتقها عنه ثم لحق الميت دين كيف يصنع ( قال ) إن لحق الميت دين يغترق جميع ماله رد العبد في الرق وإن لحقه دين لا يغترق جميع المال رد العبد وأعطى صاحب الدين دينه ثم يعتق من العبد مقدار ثلث ما بقي من مال الميت بعد الدين وهذا رأيي لأن مالكا قال لا يضمن الوصي شيئا إذا لم يعلم بالدين ( قلت ) أرأيت إن قال أعتقوا عني نسمة عن ظهار ولم يسم لهم الثمن ( قال ) ينظر في ذلك كما وصفت لك في ناحية المال في قلته وكثرته فيعتق من المال نسمة على قدر ما يرى السلطان
الرجل يوصي أن يشتري عبد فلان فيعتق أو يباع عبده ممن أحب أو من فلان ( قلت ) أرأيت إن أوصى أن يشتري عبد فلان لفلان فمات الموصي فأبى سادات العبد أن يبيعوه ( قال ) قال مالك إذا أوصى أن يشتري عبد فلان فيعتقوه أو قال بيعوا عبدي من فلان رجل سماه أو قال بيعوا عبدي ممن أحب أن هؤلاء كلهم يزاد في ثمن الذي قال اشتروه فأعتقوه الثلث ثلث ثمنه ويوضع من ثمن الذي قال بيعوه من فلان الثلث ثلث ثمنه ويوضع من ثمن الذي قال بيعوه ممن أحب ثلث ثمنه وهذا إنما يوضع من ثمنه إذا لم يشتره الذي قال الميت بيعوه منه جميع ثمنه فأبى أن يأخذه بذلك والذي قال بيعوه ممن أحب كذلك أيضا إنما يوضع ثلث ثمنه إذا لم يشتره الذي أحب العبد بجميع الثمن فإنه يوضع عنه الثلث ثلث ثمنه وكذلك العبد الذي قال اشتروه فأعتقوه فإنما يزاد في ثمنه مثل ثلث ثمنه إذا قال سيده لا أبيعه بثمنه ( قلت
____________________
(15/7)
________________________________________
ولا يزاد في هذا ولا يوضع عن هؤلاء الآخرين مبلغ ثلث مال الميت في قول مالك ( قال ) قال مالك لا ( قلت ) لم ( قال ) كذلك قال مالك مثل ما أخبرتك ( قلت ) قإن أبى السيد سيد العبد الذي أمر الميت أن يشتري فيعتق عنه أن يبيعوه كيف يصنعون وكيف ان أبى هذا الذي قال بيعوا فلانا منه أن يشتريه أو أبى هذا الذي قال العبد بيعوني منه أن يشتريه بثلثى ثمنه كيف يصنعون ( قال ) أما الذي قال اشتروه فأعتقوه فإنه يستأني بثمنه فإن أبوا أن يبيعوه رد ثمنه ميراثا بعد الاستيناء بذلك ( قال سحنون ) وقد روى بن وهب وغيره عن مالك أن المال يوقف ما كان يرجى أن يشترى هذا العبد الذي أمر الا أن يفوت بعتق أو موت وعليه أكثر الرواة وأما الذي قال بيعوه من فلان فإن قال فلان لست آخذه بهذا الثمن الا أن يضعوا أكثر من ثلث ثمنه فإن الورثة يخيرون بين أن يعطوه بما قال وبين أن يقطعوا له بثلث العبد بتلا وأما الذي قال بيعوه ممن أحب وليس من رجل بعينه فلم يجد العبد من يشتريه بثلثى ثمنه ممن أحب فإن الورثة يخيرون بين أن يبيعوه بما أعطوا وبين أن يعتقوا ثلثه ( قال سحنون ) وقد روى أشهب عن مالك وغير واحد أن الورثة اذا بذلوه بوضيعة الثلث ولم يوجد من يشتريه الا بأقل ان ذلك ليس عليهم لانهم قد أنفذوا وصية الميت فليس عليهم أكثر من ذلك ( قال بن وهب ) قال مالك وهذا الامر عندنا وأما قوله اشتروا عبد فلان لفلان فأبى ساداته أن يبيعوه فانى لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يزاد على ثمنه مثل ثلث ثمنه ان حمل ذلك الثلث فإن باعه لسيده أنفذت وصية الميت وان أبوا الا بزيادة أعطى الذي أمر أن يشتري له العبد قيمة العبد وزيادة ثلث ثمنه لأنه كان بما يشترى اذا لم يحب الورثة أن يزيدوا على ذلك شيئا وان أبى أصحابه أن يبيعوه بشيء ولم يكن من شأنهم أن يزيدوا فإن أبوا أن يبيعوه أصلا ضنا
____________________
(15/8)
________________________________________
منهم بالعبد لم يكن للذي أوصى له به شيء من الوصية ( قال سحنون ) وقد قال غيره من الرواة انه اذا زيد في الذي أمر أن يشترى لفلان مثل ثلث قيمته فلم يرد أهله أن يبيعوه الا بزيادة أو أبوا أصلا ضنا منهم بالعبد لم يكن للورثة أكثر من زيادة ثلث الثمن وليكن ثمنه موقوفا حتى يؤيس من العبد فإن أيس من العبد رجع الثمن ميراثا ولم يكن للذي أوصى الميت أن يشتري له قليل ولا كثير لأن الميت انما أوصي له برقبة ولم يوص له بمال ( قال بن القاسم ) وقال مالك في الرجل يقول في وصيته بيعوا عبدى ممن يعتقه فلا يجدون من يأخذه بوضيعة الثلث من ثمنه انه يقال للورثة اما أن تبيعوه بما وجدتم والا أعتقتم من العبد ثلثه وهذا مما لا يخلف فيه قول مالك ( قال سحنون ) وقد بينا هذا الاصل باختلاف الرواة قبل هذا ( قلت ) أرأيت ان قال بيعوا عبدي من فلان ولم يقل حطوا عنه ولم يذكر الحط ( قال ) يحط عنه وان لم يذكر الحط عند مالك لأنه اذا لم يؤخذ بقيمته صارت وصيته بحال ما وصفت لك
في الرجل يوصى بعتق عبده أو ببيعه ممن يعتقه فيأبى العبد ( قلت ) أرأيت ان أوصى بعتق عبده في مرضه فيأبى العبد أن يقبل ذلك ( قال ) هذا حر اذا مات سيده من الثلث والا فما حمل منه الثلث ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) نعم هذا قول مالك ( قال ) وقال مالك في رجل أوصى أن تباع جاريته ممن يعتقها فقالت الجارية لا أريد ذلك ( فقال ) ينظر في حالها فإن كانت من جوارى الوطء ممن يتخذ كان ذلك لها وان لم تكن منهن بيعت ممن يعتقها ولا ينظر في قولها ( قال سحنون ) وقد قيل لا ينظر إلى قول الجارية وتباع للعتق الا أن لا يوجد من يشتريها بوضيعة الثلث ان كان للميت مال يحمل الجارية
في المريض يشتري ابنه في مرضه ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اشترى ابنه في مرضه ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال ان كان الثلث يحمله جاز وعتق وورث بقية المال اذا كان وحده وان كان معه غيره أخذ حصته من الميراث ( قال ) ولم أسمع هذا من مالك وأخبرني به غير واحد ( قلت ) أرأيت ان أعتق عبدا له واشترى ابنه فأعتقه وقيمته الثلث ( قال أرى )
____________________
(15/9)
________________________________________
الابن مبدأ إذا حمله الثلث ويكون وارثا لأن مالكا لما جعله وارثا إذا خرج من الثلث كان بمنزلة ما لو اشتراه صحيحا ( وسئل ) عن الرجل يوصى أن يشتري أبوه من بعد موته ( قال ) أرى أن يشتري ويعتق من بعد موته في الثلث وإن لم يقل اشتروه فاعتقوه فهو حر إذا قال اشتروه
في الوصية بالعتق ( قلت ) أرأيت إن قال لعبده إن مت من مرضي هذا أو هلكت في سفري هذا فأنت حر أتجعل هذه وصية أم لا في قول مالك ( قال ) هذه وصية عند مالك وله أن يغيرها فإن مات قبل أن يغيرها جازت في ثلثه ان مات في سفره أو مات في مرضه ( قلت ) فإن برأ من مرضه أو قدم من سفره فلم يغير ما كان قال في عبده ذلك حتى مات أيعتق أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يعتق إلا أن يكون كتب ذلك في قرطاس فوضعه وأقره بعد صحته أو بعد قدومه من سفره على حاله وقد كان وضعه على يد رجل وأقره على تلك الحال فهذه وصية تنفذ في ثلثه ( قلت ) أرأيت إن قال ان مت في سفري هذا أو من مرضي هذا فعبدي حر فأراد أن يبيعه ( قال ) نعم يبيعه ولا يكون هذا تدبيرا عند مالك قال سحنون قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أن الموصي إذا أوصى في صحته أو في مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه فإنه يغير في ذلك ما بدا له ويصنع في ذلك ما شاء حتى يموت وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدل غيرها فعل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة ( قال ) وإن كان الموصى لا يقدر على تغيير وصيته وما ذكر فيها من العتق كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه من العتاقة وغيرها وقد يوصى الرجل في صحته وعند سفره ( قال بن وهب ) وبلغني عن عبد الرحمن بن القاسم وأبي بكر بن حزم ويحيى بن سعيد وبن قسيط وعبد الله بن يزيد بن هرمز من ان الموصى مخير في وصيته يمحو ما يشاء ويثبت منها ما يشاء ما عاش قال بن قسيط ويحيى بن سعيد هذا الذي عليه قضاء الناس ( بن وهب
____________________
(15/10)
________________________________________
عن الخليل بن مرة عن قتادة عن عمر وبن شعيب عن الحارث بن ربيعة عن عمر بن الخطاب قال ملاك الوصية اخراجها ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال من أوصى بوصية إن حدث به حدث من وجعه ثم صح فبدا له أن يعود في وصيته عاد فيها إذا استثنى إن حدث به حدث الموت وإن أبت ذلك فقد أبته وإن قال المريض بعد أن صح إنما أردت إن حدث بي حدث أعتقهم فأنا أرى أن يدين قال يونس بن يزيد وقال ربيعة ان استثني أو لم يستثن فهو يقال ما فعل وينزع إذا شاء وإذا صح ترك كل ما قال ولم يؤخذ به فهو حسيب نفسه وقال ربيعة ان الموصى لا يوصي في ماله إنما ولي شيء نفسه فهو يتخير في موضعه فلا يؤخذ فيه بزلته ولا ما سبق منه فالموصى ينزع ويحدث في العتاقة وغيرها وإن مع العتاقة أشباهها الرجل يعطي الرجل عند الموت إن حدث به حدث الموت المال فينزل بمنزلة الصدقة ثم ينقله إلى غيره أو يصرف عنه بعضه فيكون ذلك بمنزلة العتاقة ولو كانت العتاقة تلزم لزمت الصدقة فصاحب الوصية ينتقل في العتاقة وغيرها ( يحيى بن أيوب ) عن عمرو بن الحارث عن أبي الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يؤخذ من المعاهد آخر أمره إذا كان يعقل ( الحارث بن نبهان ) عن أيوب السختياني عن بن سيرين عن أنس بن مالك أنه كان يشترط في وصيته إن حدث بي حدث الموت قبل أن أغير وصيتي هذه قال يحيى بن أيوب وأخبرني نافع مولى بن عمر أن بن عمر كان يشترط في وصيته ان حدث بي حدث قبل أن أغير كتابي ( رجال ) من أهل العلم عن بن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء وغيرهم من أهل العلم إنهم كانوا يقولون يعاد في كل وصية ( عمرو بن الحارث والليث بن سعد ) عن يحيى بن سعيد ان أبا الزبير المكي أخبره أن أبا عمرو بن دينار أعتق في وصية له غلامين له ثم بدا له فأعتق غيرهما فرفع ذلك إلى عبد الملك بن مروان فأجاز له ما صنع وقال إنما هو مخير حتى يفرغ من وصيته ( أخبرني ) بن وهب عن رجال من أهل العلم عن عطاء بن أبي رباح وطاوس ومجاهد وربيعة وأبي الزناد وبن شهاب أنهم كانوا يقولون
____________________
(15/11)
________________________________________
الآخرة حق من الأولى وإن الموصى مخير في وصيته يمحو منها ما يشاء ويثبت منها ما يشاء ما عاش ( قال ) وقال مالك في رجل أوصى في وصيته فقال ان مت فكل مملوك لي مسلم فهو حر وله عبيد مسلمون ونصارى فأسلم قبل أن يموت بعض رقيقة ثم يموت قال مالك لا يعتق منهم إلا من كان منهم مسلما يوم أوصى لأني لا أراه أراد غيرهم ( بن وهب ) عن يونس عن بن شهاب أنه قال في رجل قال كل مملوك لي مسلم حران حدث بي حدث الموت فلما كتب الكتاب أسلم بعض رقيقه قبل أن يموت قال نرى ذلك انتهى إلى الذين كانوا مسلمين يوم قال ذلك القول قال يونس بن يزيد وقال نافع مولى بن عمر مثله ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أوصى بعتق عبده من بعد موته أو قال هو حر بعد موتي أو قال أعتقوه بعد موتي بشهر ثم مات سيده أيكون هذا الكلام قوله أعتقوه وقوله هو حر بعد موتي بشهر سواء ( قال ) نعم وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت إن أوصى فقال هو حر بعد موتي بشهر فمات السيد والثلث لا يحمله ( قال ) يقال للورثة أجيزوا الوصية وإلا فأعتقوا منه الثلث بتلا ( قلت ) فإن أجاز الورثة الوصية ( قال ) إن أخذ منهم تمام الشهر خرج بجميعه حرا وهذا قول مالك
التشهد في الوصية ( قلت ) أرأيت إن أراد أن يكتب وصيته هل سمعت من مالك أنه يقول يشهد في الكتاب فيكتب ذلك قبل الوصية ( قال ) نعم سمعته يقول يشهد في الكتاب فيكتب إذا أراد أن يكتب الوصية ( قلت ) فهل ذكر لكم هذا التشهد كيف هو ( قال ) لم يذكره لنا ( بن وهب ) عن أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون في وصية محمد بن سيرين قال هذا ذكر ما أوصى به محمد بن أبي عمرة بنيه وأهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ولا ترغبوا أن تكونوا اخوانا للأنصار ومواليهم فإن العفة والصدق خير وأبقى
____________________
(15/12)
________________________________________
وأكرم من الرياء والكذب ثم أوصى مما ترك إن حدث به حدث الموت قبل أن تغير وصيته هذه فذكر حاجته قال بن عون فذكرناه لنافع مولى بن عمر فقال كانت أم المؤمنين توصي بهذا ( وسمعت ) من يحدث عن أنس بن مالك قال كانوا يوصون أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ربهم ويصلحوا ذات بينهم ان كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون وأوصى ان مات من مرضه هذا
في الرجل يكتب الوصية ولا يقرؤها على الشهود ( قلت ) أرأيت رجلا كتب وصيته ولم يقرأها على الشهود ودفعها إليهم مكتوبة وقال لهم اشهدوا علي بما فيها ولم يعاينوه حين كتبها إلا أنه دفعها إليهم مكتوبة وقال اشهدوا علي بما فيها ( قال ) قال مالك ذلك جائز إذا عرفوا أنه الكتاب بعينه فليشهدوا عليه وقال بن وهب عن مالك مثله إذا طبع عليها ودفعها إلى نفر وأشهدهم أن ما فيها عنه وأمرهم أن يكفلوا خاتمه حتى يموت قال ذلك جائز إذا أشهدهم إن ما فيها منه ( عبد الله بن عمر بن حفص ) عن سعيد بن زيد عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أنه كان إذا أراد سفرا كتب وصيته وطبعها ثم دفعها إلى سالم بن عبد الله بن عمر وقال اشهدوا علي بما فيها ان حدث بي حدث فإذا قدم قبضها منه
في الرجل يكتب وصيته ويقرها على يديه حتى يموت قال بن القاسم قلت لمالك الرجل يوصي عند سفره وعند موته فيكتب وصيته ويجعلها على يدي رجل ثم يقدم من سفره أو يبرأ من مرضه فيقبضها ممن هي عنده فهلك فتؤخذ الوصية بحالها أو تقوم عليه البينة أنها هي أترى أن تنفذ ( قال ) لا وكيف تجوز وهي في يديه قد أخذها فلعله أن يكون إنما أخذها ليؤامر نفسه فيها وليس ممن يريد أن يجيز وصيته فأخذها ولا يضعها على يدي نفسه وإنما تنفذ إذا جعلها
____________________
(15/13)
________________________________________
على يدي رجل ( قلت ) أرأيت إن كتب وصيته وهو مريض وأقرها عند نفسه وأشهد عليها ثم مات أتجوز هذه الوصية في قول مالك ( قال ) نعم قلت أرأيت إن كتب وصيته وأشهد عليها وهو صحيح فأمسكها عنده حتى مات أتجوز وصيته هذه أم لا في قول مالك ( قال ) قال لي مالك وصيته جائزة قال بن القاسم وأنا أرى أن الوصية جائزة إذا كتب وصيته ولم يقل إن حدث بي حدث من مرضي هذا أو في سفري هذا أنها جائزة وإن كانت عنده إذا كانت الوصية مبهمة لم يذكر فيها موته من مرضه هذا ولا ذكر سفرا أنها جائزة وسواء إن كان كتبها في صحته أو مرضه فهي جائزة إذا كتب فيها متى ما حدث بي حدث أو ان حدث بي حدث أخرجها من يديه أو كانت على يديه فهي جائزة إذا شهد عليها الشهود وإنما اختلف الناس في السفر والمرض ( قلت ) أرأيت إن أوصى فقال ان حدث بي حدث من مرضي هذا أو سفري هذا فلان كذا وكذا وفلان عبدي حر فكتب ذلك وبرأ من مرضه أو قدم من سفره فأقر وصيته بحالها ( قال ) هي وصية بحالها ما لم ينقضها فمتى مات فهي جائزة وإن برأ من مرضه وقدم من سفره وإن لم يكن كتب ذلك وإنما أوصى بغير كتاب فقال إن حدث بي حدث في سفري هذا أو في مرضي هذا وأشهد على ذلك فإنه إذا صح من مرضه ذلك أو قدم من سفره ذلك ثم مات بعد ذلك فإن ذلك باطل لا يجوز ولا ينفذ منه شيء وإن لم يكن غير ما أشهد عليه من ذلك ولا نقضه بفعل ولا غيره فإنه لا يجوز منه شيء على حال وكذلك قال مالك يريد بذلك إذا لم يكن كتب بذلك كتابا ووضعه على يدي غيره ولم يقبضه ولم يغيره حتى مات ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في رجل كتب وصيته فكتب فيها إن حدث بي حدث من وجعي هذا أو سفري هذا ثم برأ من وجعه ذلك أو قدم من سفره ذلك وبقيت وصيته كما هي لا يذكر فيها شيئا قال بن شهاب هي وصية إذا لم يغيرها
وإن سالم بن عبد الله أخبرني عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما حق امرئ مسلم يمر عليه
____________________
(15/14)
________________________________________
ثلاث ليال إلا ووصيته عنده مكتوبة ( سحنون ) وقال مالك من أوصى بوصية فكتب فيها إن أصابني قدر في مرضي هذا فصح ولم يقبض الوصية من صاحبها الذي وضعها عنده حتى مرض مرضا آخر فمات فأراها جائزة
في الوصية إلى الوصي ( قلت ) أرأيت الوصي إذا أوصى إليه الرجل فقال اشهدوا أن فلانا وصى ولم يزد على هذا القول أتكون وصية في جميع الأشياء ويكون له أن يزوج بناته وبنيه الصغار وإن لم يكن الوالد أوصى إليه ببضع البنات ولا قال له زوج نبي ( قال ) نعم إذا قال فلان وصيي ولم يزد على ذلك فهو وصية في جميع الأشياء وفي بضع بناته وفي انكاح بنيه الصغار ( قلت ) فإن كان للصغار أولياء حضور ( قال ) نعم وإن كان لهم أولياء حضور فهذا الوصي أولى بانكاحهم في قول مالك ( قلت ) فإن كانت البنات قد بلغن أيكون للوصي أن يزوجهن أيضا ( قال ) نعم وهو أولى من الأولياء فيهن إلا أنه ليس له أن يزوجهن إلا برضاهن ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم قال سحنون وقد كتبنا آثار هذا في كتاب النكاح الأول ( قلت ) أرأيت ما كان للميت من ابنة ثيب أيكون لهذا الوصي أن يزوجها إذا رضيت ولها أولياء حضور قال لم يقل لنا مالك إذا كن أبكارا أو إذا كن ثيبات ( قال ) إنما سألنا مالكا وكان معنى قوله عندنا على الابكار فقال ما أخبرتك وهو عندنا سواء الوصي ولي في الثيب وفي البكر إذا رضيت ولو ولت الثيب الولي يزوجها جاز نكاحه وإن كره الوصي ذلك وإنما هذا في الثيب ولا يكون في البكر وذلك لأنا سألنا مالكا عن المرأة الثيب توكل أخاها يزوجها ولها والد حاضر فكره أبوها النكاح وأراد أن يفسخه فقال مالك أثيب هي قلنا نعم قال مالك ما للأب وما لها ورأى نكاح الأخ جائزا وإن كره ذلك الأب وكذلك الوصي إذا رضيت الثيب فولت أمرها الولي جاز انكاحه إياها وإن كره ذلك الوصي والبكر مخالفة للثيب في هذا ( قال ) وقال مالك بن أنس وصي الوصي بمنزلة الوصي في النكاح وغيره ( قلت ) أرأيت إن مات الوصي فأوصى إلى
____________________
(15/15)
________________________________________
غيره أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) نعم كذلك قال مالك يكون وصي الوصي مكان الوصي في البيع وغيره ( قلت ) أرأيت الميت إذا أوصى إلى رجل فقال فلان وصيي أيكون هذا وصيا في انكاح بناته وجميع تركته في قول مالك ( قال ) نعم إلا أن يخصه بشيء فلا يكون وصيا إلا على ذلك الشيء ( قلت ) ووصي الوصي بهذه المنزلة ( قال ) نعم وهو قول مالك ( قال ) وقال مالك ووصي الوصي بمنزلة الوصي ( قال ) وقال يحيى بن سعيد فيمن ولى وصية وإن كانا رجلين أو ثلاثة فحضر أحدهم الموت فأوصى بما أوصى به إليه من تلك الوصية إلى غير شريكه في الوصية جاز ذلك له على ما فيها ( سحنون ) ولسنا نقول بذلك إلا أنه نزع من يزعم أن الوصي لا يوصي بما أوصى به إليه ( مسلمة بن علي ) عن هشام بن حسان وغيره عن محمد بن سيرين عن شريح أنه أجاز وصية وصى الوصي ( وبلغني ) عن علي بن أبي طالب أنه أجاز وصية وصى الوصي قال مسلمة بن علي وقال الأوزاعي يرجع إلى الأول فالاول وسمعت مالكا يقول في الرجل يوصي إلى القوم أن ماله لا يقتسمونه بينهم بل يكون عند افضلهم هذه الآثار لابن وهب
وصي المرأة ( قلت ) أرأيت لو أن امرأة هلكت وعليها دين فأوصت بوصايا وأوصت إلى رجل أيكون هذا الرجل وصيها ويبيع ما لها حتى يقضي دينها وينفذ وصاياها أم لا يجوز له أن يبيع من ذلك إلا مقدار الدين والوصايا ( قال ) إن كان لها ورثة فأدوا دينها وقاسموا أهل الوصايا فذلك لهم جائز والوصي هو وصي إذا أوصى إليه رجل أو امرأة في قضاء الدين وانفاذ وصيته فوصى الرجل ووصى المرأة في ذلك سواء ( قلت ) أرأيت المرأة إذا لم يكن عليها دين ولم تكن وصية وأوصت إلى رجل أتجوز وصيتها في قول مالك ( قال ) لا تجوز وصيتها في مال ولدها إذا كانوا صغارا ولهم أب فإن لم يكن لهم والد جازت وصيتها في مال نفسها وقال بن القاسم كنت يوما عند مالك فأتاه قوم فذكروا له أن امرأة أوصت إلى رجل بتركتها ولها أولاد صغار
____________________
(15/16)
________________________________________
قال مالك كم تركت قالوا نحو ستين دينارا قال ما أرى إذا كان الوصي عدلا إلا أن ينفذ ذلك قال بن القاسم وذلك الأمر عندي فيمن لم يكن له أب ولا وصي وقد قال غيره من الرواة إن وصية المرأة بمال ولدها لا تجوز قال سحنون وهذا عندنا أعدل
في وصي الأم والأخ والجد ( قلت ) أرأيت وصي الأم هل يكون وصيا فيما تركت الأم إذا أوصت إليه في قول مالك ( قال ) سمعت مالكا يخفف ذلك ويجعله وصيا في الشيء اليسير وذلك رأيي وأما في الشيء الكثير فلا أرى ذلك وأرى أن ينظر السلطان له في ذلك ( قلت ) أرأيت وصي الأخ إذا كان أخوه وارثه وأخوه صغير فأوصى بتركته التي يرثه أخوه منه وبأخيه إلى رجل وليس للأخ أب ولا وصي أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) أرى أن الأخ إذا كان وصيا لأخيه جاز ذلك وإلا لم تكن وصيته تلك وصية وذلك إلى السلطان فإن رأى أن يقره أقره وإلا جعله إلى من يرى ( قلت ) فما فرق ما بين وصي الأخ ووصي الأم ( قال ) الأم والدة يجوز لها في ولدها أشياء كثيرة ولا تجوز للأخ ولو أجزته للأخ لأجزته لمن هو أبعد من الأخ للعم أو للعصبة ( قلت ) أرأيت الجد إذا هلك وفي حجره ولد ابنه أصاغر ليس لهم أب ولا وصي فأوصى الجد بهم إلى رجل أيكون ذلك الرجل وصيا لهم أم لا في قول مالك ( قال ) أرى إن لم يكن الجد لهم وصيا لم يجز ذلك ألا ترى أنه لا ينكح الابكار من بنات ابنه حتى يبلغن ويرضين ولا يلزم الجد نفقة أحد من ولد ابنه ذكرا كان أو أنثى ولا يلزم ذلك الولد نفقة جدهم فإذا كان لا يملك بعضهن بعضا صغارا كانوا أو كبارا فليس له أن يوصى بهم إلى أحد وإن كانوا هم وراثة
____________________
(15/17)
________________________________________
في الرجل يوصي بدينه إلى رجل وبماله إلى آخر وببضع بناته إلى آخر ( قلت ) أرأيت إن قال فلان وصيي على قضاء ديني وتقاضي ديني وفلان وصي على مالي وفلان وصي على بضع بناتي ( قال ) هذا جائز ( قال ) ولقد سئل مالك وأنا عنده عن رجل أوصى إلى رجل أن يتقاضى دينه ويبيع تركته ولم يوص إليه بأكثر من هذا أيجوز له أن يزوج بناته ( قال ) قال مالك لو فعل ذلك لرجوت أن يكون جائزا ولكن أحب إلي أن يرفع ذلك إلى السلطان حتى ينظر في ذلك السلطان
في الرجل يقول فلان وصي حتى يقدم فلان فإذا قدم فهو وصي ( قلت ) أرأيت إن أوصى إلى رجل فقال فلان وصيي حتى يقدم فلان فإذا قدم فلان ففلان القادم وصيي أيجوز هذا ( قال ) نعم هذا جائز
في عزل الوصي عن الوصية إذا كان خبيثا ( قلت ) أرأيت إذا كان الوصي خبيثا أيعزل عن الوصية ( قال ) قال مالك بن أنس نعم إذا كان الوصي غير عدل فلا تجوز الوصية إليه ( قال ) وقال مالك وليس للميت أن يوصي بمال غيره وورثته إلى من ليس بعدل
في الوصي يبدو له في الوصية بعد موت الموصى ( قلت ) أرأيت إن قبل الوصي وصية في مرض الموصى ثم بدا له بعد موت الموصى أن يتركها ( قال ) أراها قد لزمته وليس له أن يدعها بعد ما مات الموصي
في الوصية إلى الذمي والذمي إلى المسلم ( قلت ) أرأيت مسلما أوصى إلى ذمي أيجوز ذلك أم لا ( قال ) قال مالك المسخوط لا تجوز الوصية إليه قال مالك فالذمي أحرى أن لا تجوز الوصية إليه ( قلت ) أرأيت إن أوصى إلى نصراني أيجوز ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يجوز
____________________
(15/18)
________________________________________
ذلك إذا أوصى إلى غير عدل فالنصراني غير عدل ( قلت ) أرأيت إن أوصى ذمي إلى مسلم ( قال ) قال مالك إن لم يكن في تركته الخمر أو الخنازير أو خاف أن يلزم بالجزية فلا بأس بذلك
في الوصيين يبيع أحدهما أو يشتري دون صاحبه ( قلت ) أرأيت الوصيين هل يجوز لأحدهما أن يبيع ويشتري لليتامى دون صاحبه ( قال ) قال مالك في الوصيين أنه لا يجوز لأحدهما أن يزوج دون صاحبه إلا أن يوكله صاحبه قال مالك بن أنس فإن اختلفا نظر في ذلك السلطان وقال البيع عندي بمنزلته وقال غيره لأن إلى كل واحد منهما ما إلى صاحبه وكأنهما في فعلهما فعل واحد
في الوصيين يختلفان في مال الميت ( قلت ) أرأيت إذا اختلف الوصيان في مال الميت عند من يكون ( قال ) قال مالك يكون المال عند أعدلهما ولا يقسم ( قلت ) فإن كانا في العدالة سواء ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن ينظر السلطان في ذلك فيدفع المال إلى أحرزهما وأكفاهما ( قلت ) أرأيت الوصيين إذا كان الورثة صغارا فأخذ أحدهما بعض الصبيان عنده وقسما المال فأخذ كل واحد منهما حظ من عنده من الصبيان أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يقسم المال ولكن يكون عند أعدلهما وقد أخبرتك بهذا عن مالك
في الوصية إلى العبد ( قلت ) أرأيت إن أوصى إلى عبد نفسه أو مكاتب نفسه أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن كان في الورثة أكابر وأصاغر فقالوا نحن نبيع العبد ونأخذ حقنا ( قال ) ينظر إلى قدر حظوظ الكبار من ذلك فإن كان للأصاغر مال يحمل أن يؤخذ لهم العبد فيكون العبد وصيا لهم القائم لهم أخذ العبد لهم وأعطوا الأكابر قدر
____________________
(15/19)
________________________________________
حظوظهم منه وإن لم يكن في مالهم ما يحمل ذلك وكان ذلك مضرا بالأصاغر باع الأكابر نصيبهم وترك حظ الأصاغر في العبد يقوم عليهم إلا أن يكون في بيع الأكابر أنصباءهم على الأصاغر ضرر في بيعهم هذا العبد ويدعون إلى البيع فيلزم الأصاغر البيع مع إخوتهم الأكابر
في بيع الوصي عقار اليتامي وعبدهم الذي قد أحسن القيام عليهم ( قلت ) أرأيت الوصي هل له أن يبيع عقار اليتامى ( قال ) قال مالك لهذا وجوه أما الدار التي لا يكون في غلتها ما يحملهم وليس لهم مال ينفق عليهم منه فتباع ولا أرى بذلك بأسا أو يرغب فيها فيعطي الثمن الذي يرى أن ذلك له غبطة مثل الملك يجاوره فيحتاج إليه فيثمنه وما أشبه ذلك فلا أرى بذلك بأسا وأما على غير ذلك فلا أرى ذلك ( قال ) وسمعت مالكا يقول في عبد لليتامى قد أحسن عليهم القيام وحاط عليهم فأراد الوصي بيعه ( قال ) قال مالك لا يكون له أن يبيعه إذا كان على هذه الحال
في الوصي يشتري من تركة الميت قال عبد الرحمن بن القاسم أتى إلى مالك رجل من أهل البادية فسأله عن حمارين من حمر الاعراب هلك صاحبهما فأوصى إلى رجل من أهل البادية فتسوق الوصي بهما في البادية وقدم بهما المدينة فلم يعط بهما إلا ثمنا يسيرا نحوا من ثلاثة دنانير فأتى إلى مالك فاستشاره في أخذهما لنفسه وقال قد تسوقت بهما في المدينة والبادية فأنا أريد أن آخذهما بما أعطيت قال مالك لا أرى به بأسا وكأنه خففه لقلة الثمن ولأنه تافه وقد اجتهد الوصي قال بن القاسم وأما الوصي فقد قال مالك فيه لا يشتري لنفسه ولا يشتري له وكيل له ولا يدس من يشتري له ولكن مالكا وسع لهذا الاعرابي لأنه تافه يسير ( قلت ) أرأيت الوصي إذا ابتاع عبدا لنفسه من اليتامى أيجوز ذلك ( قال ) لا يجوز ذلك عند مالك ( قال ) وكان مالك ينكر ذلك انكارا شديدا ( قال ) وقال مالك ينظر فيما ابتاع الوصي من مال اليتامى فإن كان فيه فضل كان
____________________
(15/20)
________________________________________
لليتامى وإن كان فيه نقصان ترك بيد الوصي
في الوصي يبيع تركة الموصي وفي ورثته كبار وصغار ( قلت ) أرأيت الوصي إذا كان في الورثة أصاغر وأكابر فأراد أن يبيع الوصي الميراث دون الأكابر ( قال ) إذا كانوا حضورا فليس له ذلك إلا أن يحضرهم لأن مالكا قال لي إذا كان للميت دين على رجل فأوصى إلى رجل وله ورثة كبار فأخر الوصي الغريم بالدين لم يكن تأخيره جائزا عليهم ( قال ) وإن كانوا صغارا وأخر الوصي الغريم على وجه النظر للأصاغر جاز ذلك وذلك أنى سألته عن الرجل يحلف للرجل بطلاق امرأته البتة ليقضينه حقه إلى أجل إلا أن يشاء أن يؤخره فيموت الذي له الحق أفترى للورثة أن يؤخروه ( قال ) قال مالك نعم إذا كانوا كبارا أو كان أوصى إلى رجل والورثة صغار فأخره الوصي جاز ذلك له إلا أن يكون عليه دين فلا يجوز تأخير الأكابر ولا تأخير الوصي وقد قال غيره لا يجوز تأخير الوصي لأن تأخيره من المعروف ومعروفه لا يجوز ( قلت ) أرأيت إن كانوا كبارا غيبا ( قال ) لا أقوم على حفظ قول مالك ولكن أرى إن كانوا بأرض بعيدة نائية وترك حيوانا ورقيقا وثيابا رأيت للوصي أن يبيع ذلك ويجمعه لهم فذلك جائز عليهم ويرفع ذلك إلى الامام حتى يأمر من يبيعه معه نظرا للغائب
في الرجل يوصي ويقول قد أوصت إلى فلان فصدقوه ( قلت ) أرأيت إن قال قد أوصيت بثلثي وقد أخبرت به الوصي فصدقوا الوصي أيجوز ذلك ( قال ) قال مالك في رجل قال قد كتبت وصيتي وجعلتها عند فلان فصدقوه ونفذوا ما فيها أنه يصق وينفذ ما فيها فكذلك مسألتك ( قلت ) أرأيت إن قال الوصي إنما أوصى بالثلث لابني ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك ولا أرى أن يقبل قوله لأن مالكا سئل عن رجل أوصى بثلثه لرجل يجعله حيث يريد فأعطاه ولد نفسه يعني ولد الوصي أو أحدا من ذوي قرابته ( قال ) قال
____________________
(15/21)
________________________________________
مالك لا أرى ذلك جائزا إلا أن يكون لذلك وجه يعرف به صواب فعله فهذا شاهد لابنه فلا أرى أن يجوز وقد قال غيره يقبل قول الوصي الذي قال الميت صدقوه
في شهادة الوصي لرجل أنه وصي معه ( قلت ) أرأيت إن أوصى إلى رجلين فشهد الوصيان بعد موت الموصي أنه أوصى إلى فلان أيضا معنا أيجوز أم لا ( قال ) قال مالك نعم يجوز وقال غيره إذا لم يكن لهما فيما شهدا به منفعة
في الولدين يشهدان لرجل أنه وصي أبيهما ( قلت ) أرأيت إن شهد رجلان من الورثة أن أباهما أوصى إلى فلان ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا لأن مالكا قال لو شهد الوارثان على نسب يلحقانه بأبيهما أو بوصية لرجل بمال أو بدين على أبيهما جاز ذلك فكذلك الوصية ( قال ) ولقد سئل مالك عن الوارثين يشهدان على عتق عبد أن أباهما أعتقه ومعهما أخوات ( قال ) إن كان من الرقيق الذي لا يتهمان على جر الولاء إليها في دناءة الرقيق وضعتهم جاز ذلك وعتق الرقيق من رأس المال وإن كان من العبيد الذين يرغب في ولائهم ويتهمان على جر ولاء هؤلاء الرقيق دون أخواتهم أو امرأة أبيهم وما أشبه ذلك لم يجز ذلك وقال غيره في الوارثين اللذين شهدا على الوصية إن لم يجرا بذلك نفعا إلى أنفسهما جاز وإن جرا بذلك نفعا لم يجز
في شهادة الوصي للورثة ( قلت ) أرأيت إن شهد الوصي بدين للميت على الناس أيجوز ذلك في قول مالك بن أنس ( قال ) لا ( قلت ) لم قال مالك لا يجوز ( قال ) لأنه يجر إلى نفسه ( قلت ) أرأيت إن كان الورثة كلهم كبارا أتجوز شهادة الوصي ( قال ) إن كان الورثة عدولا وكان لا يجر بشهادته شيئا يأخذه فشهادته جائزة ( قلت ) أرأيت إن شهد الوصي لورثة الميت بدين لهم على أحد من الناس أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) قال مالك
____________________
(15/22)
________________________________________
لا يجوز ذلك لأنه هو الناظر لهم ( قلت ) فإن كانوا كبارا ( قال ) إذا كانوا كبارا أو كانوا عدولا يلون أنفسهم فأرى شهادته جائزة لهم لأنه ليس يقبض الوصي لهم شيئا إنما يقبضون هم لأنفسهم إذا كانت حالتهم مرضية
في شهادة النساء للوصي في الوصية ( قلت ) أرأيت إن شهد النساء للوصي أنه أوصى إليه هذا الميت أتجوز شهادتهن مع الرجل ( قال ) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولكن إن كان في شهادتهن عتق وأبضاع النساء فلا أرى أن تجوز وقال غيره لا تجوز شهادة النساء على الوصية على حال لأن الوصية ليست بمال ( قلت ) أرأيت إن شهدن أنه أوصى لهذا الرجل بكذا وكذا أتجوز شهادتهن في قول مالك ( قال ) نعم شهادتهن جائزة وإن لم يكن غيرهن حلف معهن واستحق حقه ( قال ) وامرأتان ومائة امرأة في ذلك سواء يحلف معهن ويستحق حقه ( قلت ) ويحلف مع المرأة الواحدة ( قال ) لا ( قلت ) فإن شهدت امرأتان لعبد أو لامرأة أو لصبي أيحلفون ويستحقون حقهم ( قال ) أما العبد والمرأة فنعم يحلفون ويستحقون وأما الصبي فلا يحلف حتى يكبر وهو قول مالك ( قلت ) فإن كان في الورثة كبير واحد أو أكثر من ذلك أيحلفون ( قال ) من حلف منهم فإنه يستحق مقدار حقه ولا يستحق الأصاغر شيئا فإنما يستحق كل من حلف مقدار حقه من ذلك ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن نكل الأكابر عن اليمين وبلغ الأصاغر كان لهم أن يحلفوا ويستحقوا حقوقهم في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الذمي إذا شهدت له امرأتان بحق من الحقوق على رجل مسلم أيحلف الذمي مع شهادة هؤلاء النساء ويستحق حقه في قول مالك ( قال ) نعم قال بن القاسم وأرى في رجل مات وشهد على موته رجل وامرأتان أنه إن لم يكن له زوجة أو يكون أوصى بعتق عبيد يعتقون بعد موته ولم يكن له الامال يقسم فأرى شهادتهن جائزة قال سحنون وقد أعلمتك ما قال غيره في شهادة النساء ( بن وهب ) عن سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح
____________________
(15/23)
________________________________________
عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد ( بن وهب ) عن عمر بن قيس عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ( مالك بن أنس ) وعمرو بن محمد وأنس بن عياض أن جعفر بن محمد أخبرهم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد ( سحنون ) عن أنس بن عياض وأخبرني جفر بن محمد أنه سمع أباه يقول للحكم بن عتيبة وأشهد لقضي بها علي بن أبي طالب بين أظهركم بالكوفة ( بن وهب ) عن مالك وبن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الحميد بن أبي عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو عامل على الكوفة أن اقض باليمين مع الشاهد
في الرجل يوصي إلى الرجلين فيخاصم أحدهما في خصومة للموصي دون صاحبه ويخاصم أحدهما في دين على الميت ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أوصى إلى رجلين وقد كانت بين الموصى وبين رجل خصومة أيجوز أن يخاصم أحد الوصيين في قول مالك ( قال ) لا يجوز أمر أحد الوصيين دون صاحبه ولم نوقفه على مسألتك هذه ولكن ذلك رأيي أنه لا يجوز ( قلت ) فلو أن مدعيا ادعى قبل هذا الميت دعوى فأصاب أحد الوصيين أيكون له أن يخاصمه دون الآخر ( قال ) قال مالك يقضي على الغائب فهذا الذي ادعى على الميت دعوى تقبل بينته ويثبت حقه قدر على أحد الوصيين أو لم يقدر وقال مالك يقضي على الغائب فإن جاء الوصي الغائب بعد ما قضى القاضي على هذا الوصي الحاضر فكانت له حجة على الميت جهلها هذا الوصي الذي خاصم نظر القاضي في ذلك فإن رأى ما يدفع به حجة هذا المستحق دفعها ورد الحق إلى ورثة الميت وإن لم ير ذلك أنفذه
في الرجل يوصي لام ولده على أن لا تتزوج ( قلت ) أرأيت إن أوصى لام ولده بألف درهم على أن لا تتزوج فقالت لا أتزوج
____________________
(15/24)
________________________________________
وقبضت الألف ثم أنها تزوجت بعد ذلك ( قال ) شهدت مالكا وسئل عن امرأة هلك عنها زوجها وأوصى إليها على أن لا تنكح فتزوجت قال مالك أرى أن تفسخ وصيتها فأرى مسألتك مثل هذه تنزع منها الألف إن تزوجت
في الرجل يوصي لجنين امرأة فتسقطه بعد موت الموصي ( قلت ) أرأيت إن أوصى لما في بطن هذه المرأة بوصية فمات الموصي ثم أسقطت بعد ما مات الموصي ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى له من الوصية شيئا إلا أن يخرج حيا ويستهل صارخا وإلا فلا شيء له
في الرجل يدعي أنه قد أنفق مال اليتيم عليه أو دفعه إليه ( قلت ) أرأيت الوصي إذا بلغ اليتامى فقال قد دفعت إليهم أموالهم بعد ما بلغوا وأنكروا أن يكونوا قبضوا أموالهم أيصدق الوصي عليهم أم حتى يقيم البينة الوصي ( قال ) لا يصدق الوصي حتى يقيم البينة وإلا غرم قال وهذا قول مالك ( قال ) وقال مالك أيضا أنه إن قال قد أنفقت عليهم وهم صغار فإن كانوا في حجره يليهم كان القول قوله مالم يأت بأمر يستنكر أو يسرف من النفقة فإن كان يليهم غيره مثل أمهم أو أخيهم أو غير هؤلاء ثم قال قد دفعت النفقة إلى من يليهم أو أنفقته عليهم فأنكروا لم يقبل قوله منه إلا ببينة يأتي بها وإلا غرم ( سحنون ) وقد قال الله تبارك وتعالى فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم
في إقرار الورث لأجنبي بوصية أو بوديعة ( قلت ) أرأيت إن أقر الوارث بوصية الثلث لرجل أجنبي ( قال ) يحلف الأجنبي مع هذا الوارث ويستحق حقه فإن أبى أن يحلف أخذ مقدار حقه من نصيب الذي أقر له ( سحنون ) إن كان غير مولى عليه ( قلت ) أرأيت إن هلك والدي وترك أموالا ورقيقا فأقررت بعبد من الرقيق أنه كان في يدي أبي وديعة لفلان وأنكر بقية
____________________
(15/25)
________________________________________
الورثة كيف يقتسمون هذا العبد الذي أقر به لفلان وقد ترك والده رقيقا كثيرا ( قال ) يحلف صاحبه ويستحق حقه مع شاهده إن كان عدلا ( قلت ) فإن أبى أن يحلف ( قال ) يكون له قدر مورثه منه
في الرجل يوصي بعتق أمته إلى أجل فتلد قبل مضي الأجل أو تجني جناية ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قال أعتقوا أمتي من بعد موتي بسنة في وصيته ثم مات فولدت الأمة قبل مضي السنة أو جنت جناية قبل مضي السنة أو جني عليها قبل مضي السنة ( قال ) إذا مات الميت فهذه الأمة لا ترد إلى الرق على حال لأنها قد صارت بعد موته معتقة إلى أجل إذا كان الثلث يحملها فإن ولدت ولدا بعد موت سيدها فولدها بمنزلتها لأن المعتقة إلى أجل ولدها بمنزلتها يعتق بعتقها ( قال ) وأما ما جنت من جناية فإنما يقال للورثة ابرؤا من خدمتها أو افتكوا الخدمة بجميع الجناية فإن برئوا من خدمتها كانت الخدمة للمجني عليه ويقاص من خدمتها من جراحاته فإن أدت قيمة الجراحة قبل مضي السنة رجعت إلى الورثة فخدمت بقية السنة وإن مضت السنة وقد بقي من أرش الجناية شيء عتقت وكان ما بقي عليها من أرش الجناية دينا تتبع به وأما إذا جنى عليها فإنما يلزم الذي جنى عليها جناية أمة ويكون ذلك لورثة سيدها وليس لها منه قليل ولا كثير لأن الأمة المعتقة إلى أجل إذا جنى عليها فإنما هو لسيدها ولا يكون ذلك لها وكذلك لو قبلت إنما تكون قيمتها لسيدها ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم هو قوله ( قلت ) أرأيت ما اكتسبت من الأموال بعد موت سيدها قبل مضي السنة أو وهب لها لمن يكون في قول مالك ( قال ) ذلك لها عند مالك وقال غيره إن للورثة أن ينتزعوا ذلك منها ما لم يقرب الأجل
في الرجل يوصي بعتق أمة إلى أجل فيعتقها الوارث ( قلت ) أرأيت إن ترك وارثا واحدا ولم يدع وارثا غيره وأوصى بعتق أمته بعد
____________________
(15/26)
________________________________________
موته بخمس سنين والثلث يحملها فأعتقها الوارث بعد موته قبل مضي الخمس سنين ممن يكون هذا العتق أمن الميت أم من ورائه ( قال ) قال مالك العتق من الميت ولا يكون العتق من الوارث ( قلت ) فهل يكون للوارث أن يردها تخدمه حتى يستكمل الخمس سنين بعد ما أعتقها ( قال ) لا ليس له أن يردها تخدمه حتى يستكمل الخمس سنين بعد ما أعتقها ( قال ) لا ليس له أن يردها لأن عتقه إياها هبة منه لها خدمتها ( قلت ) أرأيت إن هلك وترك ابنين فأوصى بعتق أمة له بعد خمس سنين من بعد موته فأعتقها أحد الوارثين بعد موته ( قال ) إنما عتقه ها هنا وضع خدمة فيوضع عن الأمة حق هذا من الخدمة ويكون نصيبه منها حرا وتخدم الباقي نصف خدمتها فإذا انقضى أجل الخدمة خرجت حرة ( قلت ) ولا يضمن الوارث الذي أعتق نصيبه منها لصاحبه قيمة خدمته منها ( قال ) لا
في الرجل يوصي لعبده بثلث ماله والثلث يحمل رقبة العبد ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أوصى في مرضه لعبده بثلث ماله والثلث يحمل جميع رقبة العبد ( قال ) قال مالك هو حر ( قلت ) فإن كان في الثلث فضل عن رقبة العبد ( قال ) قال مالك يعطي ما فضل من الثلث بعد قيمة رقبته ( قلت ) فإن كان الثلث لا يحمل رقبته ( قال ) قال مالك يعتق منه ما حمل الثلث ( قال ) مالك وذلك أني رأيت أن يعتق جميعه في الثلث لأن العبد إذا كان بين الرجلين فأعتق أحدهما نصيبه قوم عليه ولو كان عبد الرجل فأعتق منه جزأ أعتق عليه كله ( قال ) مالك فالعبد في نفسه إذا عتق منه جزء أحرى أن يستكمل ما بقي منه على نفسه قال بن القاسم وإن لم يحمله الثلث وللعبد مال رأيت أن يؤخذ منه ويعتق لأن ما بقي له من ثلث سيده الذي بعد رقبته من مال سيده بمنزلة ماله يعتق في ذلك ولو لم يكن يعتق فيما بقي في يديه من ماله لم يعتق ما بقي منه فيما بقي من ثلث سيده ألا ترى أن مالكا قال إنما أعتقه فيما بقي من ثلث سيده بعد رقبته بمنزلة العبد بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه فيقوم عليه ( قال ) مالك فهو أحرى باستكمال عتقه من غيره وهذا وجه ما سمعت واستحسنت قال بن وهب وقول ربيعة أنه يقوم في مال نفسه حتى
____________________
(15/27)
________________________________________
يتم بذلك عتقه وكذلك قال الليث بن سعد ويحيى بن عبد الله بن سالم وقال بن وهب عن مالك أنه إذا أوصى للعبد بسدس المال أو بثلثه فإن ذلك يجعل في رقبة العبد فإن كان العبد برقبته سدس المال خرج حرا ( فقلت ) لمالك فإنه لم يترك إلا العبد بعينه فأوصى للعبد بثلث ماله وفي يدي العبد ألف دينار قال مالك لا يعتق من العبد إلا ثلثه ويكون المال بيديه على هيئته قال سحنون وكذلك يقول بعض كبار أصحاب مالك بقول مالك هذا ( قلت ) أرأيت إذا أوصى لعبده بمال أيجوز ( قال ) قال مالك إذا كان الثلث يحمله جاز ذلك له قال مالك ولا يكون للورثة أن ينتزعوه منه ( قلت ) فإن أوصى له بثلث ماله ( قال ) قال ذلك جائز ويعتق ويتم له ثلث الميت إن حمله الثلث فإن لم يحمل الثلث رقبته عتق من رقبته مبلغ الثلث ( بن وهب ) عن عامر بن مرة بن معدان أنه سمع ربيعة يقول في رجل أوصى لعبده ولامرأة له حرة وله منها أولاد صغار أحرار ولولده منها بثلث ماله قال ربيعة يعتق العبد وذلك لأن ولده من امرأته الحرة لهم نصيب في ثلث الموصي فقد ملكوا من أبيهم بعضه فهو حر وما ملك العبد من نفسه أيضا فهو حر
في الرجل يوصي للرجل بخدمة عبده سنة ثم يبيع الورثة العبد من رجل وهو يعلم أن للموصي له فيه الخدمة ( قلت ) أرأيت إن أوصى لي بخدمة عبده سنة فباعت الورثة البعد من رجل والمشتري يعلم أن للموصى له فيه الخدمة فرضى بذلك المشتري أن يأخذه بعد السنة أيجوز هذا في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا يحل ذلك لأنه إنما اشتراه على أن يدفعه إليه إلى سنة فلا يجوز
في الرجل يوصي للرجل بخدمة عبده سنة أينظر إلى قيمة الخدمة أم قيمة العبد ( قلت ) أرأيت إن أوصى لي رجل بخدمة عبده سنة أينظر إلى قيمة الخدمة أم إلى
____________________
(15/28)
________________________________________
قيمة العبد في قول مالك ( قال ) إنما ينظر إلى قيمة العبد فإن حمله الثلث جاز ما أوصى به وخدم الموصى له سنة وإن لم يحمله الثلث خير الورثة بين أن يسلموا الخدمة كما أوصى الميت أو يبرؤا من ثلث الميت في كل ما ترك وكذلك الدار يوصى لرجل بسكناها سنة فإنما تقوم الدار بحال ما وصفت لك ( قلت ) ولم قال مالك تقوم الدار ولا تقوم الخدمة والسكنى ( قال ) لأني إذا قومت الخدمة والسكنى حبست الدار عن أربابها والعبد عن أربابه وهم يحتاجون إلى بيعه فهذا لا يستقيم ( قلت ) أرأيت إن أوصى بالغلة أو بالخدمة أهما سواء في قول مالك ( قال ) الذي سمعنا من مالك إنما سمعنا بالخدمة فأراه كله سواء إذا أوصى بالغلة فقد أوصى بالخدمة وإذا وصى بالخدمة فقد أوصى بالغلة هو عندي سواء
في الرجل يوصى بعتق الأمة فتلد قبل موت الموصى أو بعده ( قلت ) أرأيت إن أوصى رجل بعتق أمة له ثم ولدت قبل موت الموصي أيكون ولدها رقيقا في قول مالك ( قال ) نعم ( سحنون ) لأنها ولدته وله أن يغير وصيته ويردها ( قلت ) فإن ولدت بعد موت الموصى قبل أن تقوم ( قال ) قال مالك يقوم ولدها معها في الثلث فإن حملهما الثلث خرجا جميعها وإلا عتق منهما جميعا ما حمل الثلث ( قال ) وكذلك المدبرة ما ولدت بعد التدبير فإنه يقوم معها كذلك قال لي مالك قال بن القاسم ولا يشبه التدبير في هذا الموصى بعتقها لأن المدبرة لا يستطيع سيدها ردها فكل ولد حملت به بعد التدبير فهو بمنزلتها مدبر معها والموصي بعتقها لا يكون ولدها معها في الوصية إذا ولدته قبل موت السيد وإنما يكون ولدها معها في الوصية إذا ولدته بعد موت السيد لأن الوصية لا يستطاع الرجوع فيها بعد موت السيد وقد ثبتت وكذلك قال مالك قال بن القاسم وإذا أوصى بعتق أمته فولدت فلم يحملها الثلث وولدها لم يقرع بينهما كما يقرع بين الذين يوصى بعتقهم لأن الولد ها هنا إنما جاءه العتق من قبل أمه فإنما يعتق منه مثل ما يعتق من أمه
____________________
(15/29)
________________________________________
في الرجل يوصى بما في بطن أمته لرجل فيعتق الورثة الجارية ( قلت ) أرأيت الرجل يوصى بما في بطن أمته لرجل فيعتق الورثة الأمة أيكون ما في بطنها حرا أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه بلغني عن مالك في الرجل يتصدق بما في بطن جاريته على رجل ثم يبت عتق الأمة ( قال ) ما في بطنها حر لأنه قد بت عتق الأم ( قال ) وبلغني عن ربيعة أنه قال ذلك ( قلت ) أرأيت إن أوصى رجل لرجل بما في بطن أمته فمات الموصي فأعتق الورثة الأم أيعتق الولد معها أم لا ( قال ) عتقهم جائز ويعتق ما في بطنها بعتقها وتسقط وصية الموصي له بما في بطنها بمنزلة ما لو أن السيد وهب ما في بطنها لرجل ثم أعتقها السيد بعد ذلك كانت هي وما في بطنها حرين وسقطت الهبة أو لا ترى لو أن رجلا وهب ما في بطن جاريته لرجل ثم فلس بيعت وكان ما في بطنها لمن اشتراها ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل ما في بطن أمتي ثم أعتقتها قبل أن تضع ما في بطنها ( قال ) بلغني عن مالك وغيره أنه قال هي حرة وما في بطنها حر ( قال ) وقال مالك في الرجل يخدم عبده رجلا عشر سنين ثم هو بعد ذلك هبة لرجل فقبضه المخدم ثم مات السيد في العشر سنين قبل أن يقبض العبد الموهوب له قال العبد للموهوب له وقبض المخدم العبد قبض لنفسه وللموهوب له وسواء ان كان وهب العبد وأخدمه في صفقة واحدة في صحته أو أخدمه فقبضه المخدم في صحته ثم وهبه بعد ذلك لرجل فإذا انقضت الخدمة ومات السيد قبل انقضاء الخدمة فإن العبد للموهوب له لأن سيد العبد حين وهبه لهذا الرجل وهو في يد المخدم فقبض المخدم قبض للموهوب له لأنه حين وهب العبد وهبه والعبد خارج من يد السيد قد قبض منه وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت إن أوصى رجل بما في بطن أمته لرجل فهلك والمال واسع أو غير واسع فأعتق الوارث الأمة قبل أن تضع الولد لمن ولاء ما في بطنها قال بن القاسم أخبرني الليث بن سعد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في رجل تصدق على رجل بما في بطن أمته ثم أعتق السيد الأم قبل أن تضع ولدها ( قال ) قال ربيعة هي حرة
____________________
(15/30)
________________________________________
وولدها حر معها وليس للمتصدق عليه شيء قال بن القاسم وبلغني عن مالك أنه قاله أيضا وهو رأيي
في الرجل يوصى بخدمة عبده لرجل سنة ثم هو حر فيأبى أن يقبل ( قلت ) أرأيت رجلا قال في مرضه يخدم عبدي هذا الرجل سنة ثم هو حر فمات الموصي فأبى الموصي له بالخدمة أن يقبل الوصية ( قال ) قال مالك الوصية إذا لم يقبلها الذي يوصى له بها رجعت إلى الورثة وقال مالك في العبد يخدمه الرجل سنة ثم هو حر فيهب الموصى له بالخدمة للعبد خدمته أو يبيعها منه أنه حر تلك الساعة ( قال ) وقال مالك ولا حجة للسيد ولا للورثة في شيء من هذا فأرى هذا حين أبى أن يقبل الوصية أن العبد يخدم ورثة الميت سنة ثم يخرج حرا لأن هذا حين لم يقبل الوصية صارت خدمة العبد لورثة الميت إلا أن يهبها الموصى له بالخدمة للعبد فيكون قد قبلها إذا وهبها ويخرج العبد حرا مكانه
في الرجل يوصى للرجل بخدمة عبده سنة ثم هو حر والموصى له بالخدمة غائب ببلد نائية ( قلت ) أرأيت إن قال يخدم عبدي فلانا سنة ثم هو حر وذلك في مرضه فمات فنظر فإذا فلان الذي أوصى له بالخدمة ببلد نائية عن الميت وعن العبد ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا أقوم على حفظه وأرى للسلطان أن يؤاجره للغائب ويأخذ له عمل هذا العبد إن كان ممن يؤاجر ويخدم ثم هو حر إذا أوفت السنة وإن كان ممن لا يؤاجر وإنما أريد منه ناحية الكفالة والحضانة انتظر به وكتب إلى الرجل أو خرج إليه العبد فإذا أوفت السنة من
____________________
(15/31)
________________________________________
يوم مات السيد فهو حر ( قلت ) خدم أو لم يخدم ( قال ) نعم لأني سألت مالكا عن الرجل يقول لعبده اخدمني سنة ثم أنت حر فيأبق منه حتى تنقضي السنة ( قال ) قال مالك هو حر إذا انقضت السنة قال مالك وإنما ذلك عندي بمنزلة ما لو مرضها ( قال ) وإنما رأيت أن يعتق إذا مضت السنة من يوم مات السيد لأنا سألنا مالكا عن الرجل يوصى وهو صحيح ويقول في وصيته عبدي حر بعد خمس سنين من أين تضرب له الخمس سنين من يوم أوصى أو من يوم مات قال مالك بل من يوم مات يحسب له خمس سنين ( قلت ) ويكون له أن يرده ( قال ) نعم يكون له أن يرده وإنما هي وصية ولا يكون الأجل إلا من بعد موته وإنما هذا رجل قال إذا أنا مت فعبدي حر بعد موتي بخمس سنين كذلك تقع الوصايا
في الرجل يوصي بخدمة أمته لرجل وبرقبتها لآخر فتلد ولدا ( قلت ) أرأيت إن أوصى في أمة له تخدم فلانا حياته وجعل رقبتها بعد خدمتها لفلان لرجل آخر فولدت الجارية أولادا في حال خدمتها أيخدم أولادها معها أم لا في قول مالك ( قال ) قال لي مالك من أخدم أمته رجلا حياته أو عبده فولد للعبد من أمته ولدان ولد العبد من أمته وولد الأمة يخدمان إلى الأجل الذي جعل في أبيه وفي أمه إن كان سمي لها عددا وإن كان سمى حياته فكذلك أيضا ( قلت ) أرأيت نفقة العبد على من هي أعلى المخدم أو على الموصى له برقبة العبد ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يوصى بخدمة جاريته أو عبده لأم ولده أو لأجنبي من الناس على من نفقته ( قال ) على الذي أخدم
في الرجل يوصى لوارثه بخدمة عبده سنة ثم هو حر ( قلت ) أرأيت إن قال يخدم ميمون هذا ابني سنة ثم هو حر ( قال ) قال مالك يدخل جميع الورثة في هذه الخدمة إذا لم يسلموا ذلك وإن مضت السنة فهو حر إذا كان الثلث يحمله
في وصية المحجور عليه والصبي ( قلت ) أرأيت المحجور عليه إذا حضرته الوفاة فأوصى بوصايا أيجوز ذلك ( قال ) نعم قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أن الأحمق والسفيه والمصاب الذي يفيق
____________________
(15/32)
________________________________________
أحيانا ان وصاياهم تجوز إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون به الوصية ( قال ) وأما من ليس معه من عقله ما يعرف به ما يوصى به أو كان مغلوبا على عقله فلا وصية له ( قال ) وبلغني عن ربيعة أنه قال في المجنون يوصي عند موته قال لا يجوز عليه شيء من ذلك إلا في صحته ( قلت ) أرأيت الصبي هل تجوز وصيته في قول مالك ( قال ) قال مالك إذا أوصى وهو بن عشر سنين أو إحدى عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة جازت وصيته ( قلت ) فهل كان يجيز وصية بن أقل من عشر سنين قال بن القاسم إذا كان بن أقل من عشر سنين بالشيء اليسير رأيته جائزا إذا أصاب وجه الوصية ( قلت ) ما معني قولك إذا أصاب وجه الوصية ( قال ) ذلك إذا لم يكن في وصيته اختلاط ( مالك ) عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن عمرو بن سليم الزرقي أخبره عن أمه أنها قالت قيل لعمر بن الخطاب أن ها هنا غلاما يفاعا من غسان لم يحتلم وهو ذو مال ووارثه بالشام وليس له ها هنا إلا ابنة عم له فقال عمر فليوص لها فأوصى لها بمال يقال له بئر جشم قال عمرو بن سليم فبعت أنا ذلك المال بعد ذلك بثلاثين ألفا وابنة عمه التي أوصى لها أم عمرو بن سليم ( وأخبرني ) رجال من أهل العلم عن عبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز وبن شهاب وغيرهم من أهل العلم مثله ( وقال ) عبد الله بن مسعود من أصاب وجه الحق أجزناه ( بن وهب ) عن بن لهيعة ويحيى بن أيوب عن بن الهاد أن بنت عم له جارية لثمان سنين أو تسع أوصت لعمة لها بثلث مالها واختصموا فيه فأجاز أبان بن عثمان وصيتها لها ( وأخبرني ) بن أبي الزناد عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز أجاز وصية غلام في ثلثه بن ثلاث عشرة سنة
في الرجل يوصى لعبد وارثه أو لعبد نفسه ( قلت ) أرأيت إن أوصى لعبد رجل هو وارثه في مرضه أتجوز هذه الوصية في قول مالك ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يوصي أن يشتري غلام ابنه في مرضه فيعتق عنه أترى أن يزاد عليه مثل ثلث ثمنه كما يزاد في ثمن عبد الأجنبي ( قال ) لا هذا إذا يكون وصية لوارث فمسألتك تشبه هذا ولا أرى أن تجوز قال بن
____________________
(15/33)
________________________________________
القاسم إلا أن يكون الشيء التافه مثل الثوب يكسوه إياه في وصيته أو الشيء الخفيف الذي يعلم أنه لم يرد به وجه المحاباة والوصية لسيده وإنما أراد به العبد لعله أن يكون قد كانت من العبد له خدمة وصحبة ومرفق فمثل هذا يجوز وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت إن أوصى لعبد ابنه بوصية من ماله ولا وارث له غير ابنه ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يوصى لعبد نفسه بوصية دنانير ( قال ) قال مالك أراها جائزة ولا أرى للورثة أن ينتزعوا ذلك منه ولو جاز لهم أن ينتزعوه لكانت وصية الميت إذا غير نافذة ( قال ) قال مالك وأرى إن باعه الورثة أن يبيعوه بماله الذي أوصى له به فإذا باعوه فالوصية له فإن أراد الذي اشتراه أن ينتزع ما في يديه من تلك الوصية كان ذلك له قال بن القاسم فعبد ابنه إذا كان لا وراث له غير ابنه بمنزلة عبد نفسه إذا كان له ورثة ( قلت ) أرأيت إن أوصى رجل أجنبي لعبد رجل أيكون لهذا الرجل أن ينتزع ذلك المال من عبده في قول مالك ( قال ) لا أقوم على حفظ قول مالك ولا أرى به بأسا أن ينتزعه وإنما منع من الأول لأن سيد العبد في تلك المسألة وارث ( قلت ) أرأيت إن أوصى لعبد ابنه في مرضه بوصية أيجوز ذلك ( قال ) لا يجوز إلا أن يكون الشيء التافه اليسير وقد فسرت ذلك لك ( قلت ) فلم جوز مالك وصيته لعبد نفسه ولا تجيز أنت وصيته لعبد ابنه ( قال ) لأن عبده إذا أوصى له بوصية فلم يحاب واحدا من الورثة وإذا أوصى لعبد ابنه فقد حابى بعض الورثة فلا يجوز ( قلت ) أرأيت إن أوصى لمكاتب نفسه بوصية أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) نعم ذلك جائز لان مالكا أجاز الوصية لعبده
في الوصية للقاتل ( قلت ) هل يجيز مالك الوصية للقاتل ( قال ) الوصية في قول مالك في قتل الخطأ بمنزلة الميراث يرث من المال ولا يرث من الدية وأنا أرى إن كانت له حياة فأوصى له بعد علمه به فأرى الوصية له في المال وفي الدية ( قلت ) فإن قتله عمدا ( قال ) ان قتله عمدا لم تجز له الوصية التي أوصى له بها إذا كانت وصيته له قبل القتل في مال ولا في
____________________
(15/34)
________________________________________
دية إلا أن يكون قد علم أنه قتله عمدا فأوصى له بعد علمه فإن ذلك جائز ألا ترى أن الوارث إذا قتل من يرث عمدا لم يرث من المال ولا من الدية فكذلك الموصى له إذا قتل عمدا إن أوصى له بعد الضرب بمال فذلك جائز في ثلثه وإن عفي له عن دمه فذلك جائز ولا يحسب ذلك في ماله ( قلت ) أرأيت الوصية للقاتل هل تجوز إذا أوصى بها ثم قتله الموصى له عمدا أو خطأ ( قال ) الوصية لقاتل الخطأ تجوز في ماله ولا تجوز في ديته وقاتل العمد لا تجوز له وصية في مال ولا في دية انظر أبدا من أوصى له بوصية فكان هو قاتل صاحبه الذي أوصى له بعد ما أوصى له عمدا فلا وصية له من ماله ولا من ديته بمنزلة الوارث الذي يقتل وارثه عمدا فلا يرث من ماله ولا من ديته وقاتل الخطأ يرث من المال ولا يرث من الدية شيئا فكذلك الوصية في القاتل إذا كانت قبل القتل خطأ وإذا كانت الوصية له بعد الضرب عمدا كان أو خطأ جاز له كل ما أوصى له به في المال وفي الدية جميعا إذا علم بذلك منه قال سحنون إنما ذلك في الخطأ
في الرجل يوصى له بالوصية فيموت الموصى له قبل موت الموصي ( قلت ) أرأيت إن أوصى لرجل بوصية فمات الموصي له قبل موت الموصي ولم يعلم الموصى له بالوصية ( قال ) قال مالك الوصية لورثة الموصى له ( قال ) ولقد سألت مالكا عن رجل أوصى لرجل غائب فماتا جميعا ولم يعلم الغائب بوصيته وقد مات الموصي قبل موت الموصي له ( قال ) قال مالك ورثة الموصى له مكانه والوصية لهم ( قلت ) هل لهم أن يردوها ولا يقبلوها ( قال ) نعم ذلك لهم ( قلت ) أسمعته من مالك ( قال ) لا ولكن ذلك لهم أن يردوا أو يقبلوا لأن مالكا قال في الشفعة إذا مات من له الشفعة فإن ورثته مكانه لهم الشفعة فإن أرادوا أن لا يأخذوها فذلك لهم وكذلك الخيار في البيع
____________________
(15/35)
________________________________________
في الرجل يوصي لوارثه ثم يولد له لد فيحجب الموصى له ( قلت ) أرأيت إن أوصيت لأخي بوصية وهو وارثي ثم ولد لي ولد فحجبه والوصية مني له إنما كانت في المرض أو في الصحة ( قال ) الوصية جائزة لأنه قد تركها بعد ما ولد له فصار مجيزا لها بعد الولادة والأخ غير وارث فهي جائزة ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم فيما بلغني وقال غيره الوصية جائزة علم الموصى له أو لم يعلم ( قلت ) أرأيت إن أوصى لامرأة بوصية في صحته ثم تزوجها بعد ذلك أتجوز وصيته أم لا ( قال ) وصيته باطل
في الرجل يوصي لصديقه الملاطف ( قلت ) أرأيت إن أوصى لصديق ملاطف أيجوز ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) نعم ذلك جائز عند مالك إذا كان الثلث يحمله وإن كان أكثر من الثلث لم يجز في ذلك إلا الثلث إلا أن يجيز الورثة ( قلت ) فإن أقر له بدين ( قال ) هذا لا يجوز إذا كان الورثة عصبة وما أشبههم لأنه يتهم إذا كان ورثته أباعد فيما أقر به للصديق الملاطف عند مالك ( قال ) وإن كان ورثته ولده لم يتهم وجاز ما أقر به للصديق الملاطف ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن كان ورثته أبويه أو زوجته أو ولد ولده ( قال ) أرى الأبوين من ذوي قرابته فلا يجوز ولم أسمعه من مالك وولد ولده بمنزلة ولده يجوز إقراره للصديق الملاطف معهم بالدين
في الرجل يوصي فيعول على ثلثه ( قلت ) أرأيت إن أوصى في مرضه فعال على ثلثه أيجوز من ذلك الثلث في قول مالك ( قال ) ( قلت ) فما فرق ما بينه وبين المرأة ذات الزوج أجزت للمريض إذا عال على الثلث في قول مالك والمرأة إذا عالت على ثلثها لم تجز منه شيئا ( قال ) لأن المريض لا يريد الضرر إنما يريد بذلك البر لنفسه فلا يجوز إلا الثلث والمرأة صنيعها كله إذا زادت على ثلثها فذلك ضرر كله عند مالك فما كان ضررا لم يجز منه شيء فلا
____________________
(15/36)
________________________________________
ينبغي أن يجاز بعض الضرر ويترك بعضه ( قلت ) أرأيت إن أوصى لرجل بعبد وهو قيمة ألف درهم وأوصى لرجل آخر بداره وقيمة الدار ألف درهم وترك ألف درهم سوى ذلك وأبت الورثة أن يجيزوا ذلك ( قال ) يقال لهم أسلموا إلى صاحب الدار مبلغ وصيته من الثلث في الدار وأسلموا إلى الموصى له بالعبد مبلغ وصيته في العبد ويقال للورثة احبسوا ما بقي من العبد والدراهم والدار
وتفسير ذلك أن الدراهم ألف درهم والدار قيمتها ألف درهم والعبد قيمته ألف درهم فيكون للموصى له بالعبد نصف العبد وللموصى له بالدار نصف الدار فهذا ثلث الميت ويبقى في أيدي الورثة ألف درهم ونصف العبد ونصف الدار فهذان ألفان ألف درهم ناضة وخمسمائة في العبد وخمسمائة في الدار فهذان ألفان تمام الثلثين وهذا الذي آخذ به
في الرجل يوصي بوصايا ثم يفيد ما لا بعد الوصايا ( قلت ) أرأيت إن أوصى لرجل بثلث ماله ولا مال له يوم أوصى ثم أفاد مالا فمات ( قال ) ان علم الميت بما أفاد فللموصى له ثلثه وهذا قول مالك وإن لم يعلم فلا شيء له ( قلت ) أرأيت إن أوصى وله مال ثم نفد ماله ذلك الذي كان عنده يوم أوصى ثم أفاد مالا بعد ذلك فمات أتكون وصاياه في هذا المال في قول مالك ( قال ) نعم إذا أقر وصيته فهي في ماله الذي كان في يديه يوم أوصى وفي كل مال يفيده بعد ذلك مما علم به قبل موته ( قلت ) أرأيت إن كان أوصى بوصايا فورث مالا لم يعلم به أو علم به قبل موته ( قلت ) أرأيت إن كان أوصى بوصايا فورث ما لا يعلم به أو علم به أيكون لاهل الوصايا في ذلك المال شيء أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك كل من أوصى بعتق أو غيره وله مال لم يعلم به مثل الميراث يكون بأرض قد ورثه ولم يعلم به فمات فإن ذلك لا تدخل فيه الوصايا لا عتق ولا غيره قال مالك إلا أن يكون قد علم به بعد ما أوصى قبل أن يموت فإن الوصايا تدخل فيه علم به في مرضه أو غير مرضه فذلك سواء تدخل فيه الوصايا قال بن القاسم قال مالك إلا المدبر في الصحة فإنه يدخل فيما علم به وفيما لم يعلم به في الحاضر والغائب ( قال ) وكذلك كل دار أعمرها أو أرض حبسها في صحته فرجعت بعد موته فإن الوصايا تدخل فيها إذا
____________________
(15/37)
________________________________________
كانت ترجع غير حبس فإن الوصايا تدخل في ذلك ( قال ) وهذا قول مالك ( قلت ) فإن كانت إنما رجعت إليه هذه الأحباس مالا بعد موته بعشرين سنة وقد اقتسموا المال إلا أن أهل الوصايا لم يستكملوا وصاياهم ( قال ) يرجعون في هذا الذي رجع من هذا الحبس لأنه إنما رجع مالا للميت فيأخذون ثلثه وهذا الحبس إذا كان عمرى أو سكني هو الذي يرجع ميراثا وترجع فيه الوصايا فأما الحبس المبتل فلا يرجع ميراثا ولا ترجع فيه الوصايا ( بن وهب ) عن عبد الرحمن بن أبي الموالي المدني يحدث عن عبد الحكم بن عبد الله أن رجلا أوصى بثلث ماله فقال على ثلثه ثم وجد للرجل مال ورثه من نسيب له لم يعلم به فقال صاحب الثلث لي في هذا حصة فقال رجل من القوم هل لك أن أعطيك ثلاثين دينارا فأبى فاختصما إلى عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان عنده فقال له أبان خذ الثلاثين قال أصلحك الله المال أكثر من ذلك فقال أبان فلا ثلاثين لك ولا غيرها إنما أوصى الرجل فيما عرف وليس له حق فيما لم يعرف ( قال ) وأخبرني يزيد بن عياض عن الأسود بن عبد الله بن هشام أن عمر بن عبد العزيز قضى عليه بمشورة أبان بن عثمان قال أبان وهو الذي نوى حين أوصى ( رجال من أهل العلم ) من عمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وربيعة ومكحول أن وصيته لا تجوز إلا فيما علم عن ماله ( بن وهب ) عن مسلمة بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد عن مكحول أنه قال في رجل أوصى بالثلث ثم قتل قال ليس لاهل الوصايا من الدية شيء وقال ربيعة في رجل أوصى فقال كل مملوك لي حر وقد ورث رقيقا باليمن حين قال ذلك لم يعلم بهم قال ربيعة هم مملوكون ( وسألت ) مالكا عن ذلك فقال لا يعتق عليه إلا من علمه منهم ومن غاب علمه عنه فلا يعتق وقال لأن الناس إنما يوصون فيما علموا من أموالهم ( وقال ) ذلك أبان بن عثمان وغيره
في الرجل يوصى بالزكاة وله مدبر وأوصى بزكاة وبعتق بتل وباطعام مساكين ( قال ) وسئل مالك بن أنس عن الرجل يهلك ويوصى بزكاة عليه ويترك مدبرا
____________________
(15/38)
________________________________________
له في صحته ولا يسع الثلث ذلك ( فقال ) لا يفسخ التدبير شيء وإن التدبير في الصحة مبدأ على الزكاة وعلى العتق الواجب وغيره لأن التدبير لا يفسخه شيء وليس للميت أن يرجع في تدبيره قبل موته والوصية بالعتق للميت أن يرجع فيها قبل موته لأنها وصية ولم يره مثل ما أعتق وبتله في مرضه وقال الزكاة مبدأة على العتق المبتل في المرض وغيره والمدبر في الصحة مبدأ على الزكاة ( قال ) وقال مالك والزكاة في الثلث إذا أوصى بذلك مبدأة على العتق وغيره إلا التدبير في الصحة وهي مبدأة على التدبير في المرض ( قال ) فقلت لمالك فلو أن رجلا مرض مرضا فجاءه مال كان غائبا عنه أو حلت زكاة مال له يعرف ذلك وهو مريض فأمر بأداء زكاته أترى أن ذلك في ثلثه ( فقال ) لا إذا جاء مثل هذا الأمر وإن كان مريضا فأراه من رأس ماله وإنما يكون في ثلث ماله كل ما فرط فيه في صحته حتى يوصى به فيكون في ثلث ماله كذلك سمعت مالكا يقول ( قلت ) أرأيت إن أوصى بزكاة عليه وبأن يطعم عنه المساكين من نذر واجب أو أوصى أن يطعم عنه من صوم رمضان أو أوصى بشيء من الواجب أيكون في الثلث أم في رأس المال في قول مالك ( قال ) بل في الثلث عند مالك ( قلت ) أرأيت من أوصى فقال حجوا عني حجة الإسلام وأوصى بعتق نسمة ليست بعينها وأوصى بأن يشتروا عبدا بعينه فيعتقوه عنه وأعتق عبدا في مرضه فبتله ودبر عبدا وأوصى بعتق عبد له آخر بعد موته وأوصى بكتابة عبد له آخر وأوصى بزكاة بقيت عليه من ماله وأمر بديون للناس في مرضه ( قال ) قال مالك الديون مبدأة كانت لمن يجوز له إقراره أو لمن لا يجوز إقراره له ثم الزكاة ثم العتق المبتل والمدبر جميعا معا لا يبدأ أحدهما قبل صاحبه ( قال ) قال مالك ثم العتق بعينه والذي أوصى أن يشتري بعينه جميعا لا يبدأ أحدهما على صاحبه ( قال ) ثم المكاتب ثم الحج والرقبة بغير عينها سواء فإن كانت الديون لمن يجوز اقراره له أخذها وإن كانت لمن لا يجوز له إقراره رجعت ميراثا إلا أنه يبدأ بها قبل الوصايا ثم تكون الوصايا في ثلث ما بقي بعدها ( بن وهب ) وقال ربيعة في الرجل يقتل الرجل
____________________
(15/39)
________________________________________
خطأ فيموت القاتل وعليه رقبة فتلك الرقبة من الثلث قال مالك وإن أوصى بها يبدأ الدين عليها ( وقال ) النخعي إبراهيم فيمن أوصى بزكاة أو حج قال هو من ثلثه
في الرجل يوصى بشراء عبد بعينه أن يعتق وهو قد أعتق عبده ( قلت ) أرأيت إن قال اشتروا عبد فلان بعينه فأعتقوه عني وقال أعتقوا عبدي فلانا بعد موتي بأيهما يبدأ ( قال ) بهما جميعا في الثلث لا يبدأ أحدهما قبل صاحبه عند مالك ( قلت ) فإن قال أعتقوا فلانا لعبد له بعد موتي وقال اشتروا نسمة فأعتقوها عني بأيهما يبدأ في قول مالك ( قال ) بالعبد الذي بعينه
في الرجل يوصى بنفقة في سبيل الله ( قال ) وسألت مالكا عن الرجل يوصي بالنفقة في سبيل الله فقال يبدأ بأهل الحاجة الذين في سبيل الله ( قال ) وكلمته في ذلك غير مرة فرأيت قوله أنه يبدأ في جميع ذلك بالفقراء
في الرجل يوصي بثلث ماله لفلان وللمساكين ( قلت ) أرأيت رجلا قال ثلث مالي لفلان وللمساكين ( قال ) بلغني عن مالك في رجل أوصى بثلث ماله في سبيل الله والفقراء واليتامي قال مالك يقسم عليهم على وجه الاجتهاد ولم يره أثلاثا وذلك رأيي ( قلت ) هذا لا يشبه مسألتي لأن مسألتي قد أوصى بثلثه لرجل بعينه وللمساكين فلم لا تجعل لهذا الرجل نصف الثلث ( قال ) لا يكون له عندي نصف الثلث لأنه جعله له وللمساكين فلا أرى له نصف الثلث ولم أسمعه من مالك ولكني أرى أن ينظر في ذلك على قدر الاجتهاد
في الرجل يوصي بعتق عبده إلى أجل ولرجل بثلثه أو بمائة دينار ( قلت ) أرأيت إن أوصى رجل بعتق عبده بعد موته بستة أشهر أو بشهر أو ما أشبه ذلك وأوصى لرجل آخر بثلث ماله أو بمائة دينار من ماله ( قال ) قال مالك ثلث
____________________
(15/40)
________________________________________
الميت في العبد لأنه جعل عتقه إلى أجل ويقال للورثة إن شئتم فادفعوا المائة إلى الموصى له أو الثلث الذي أوصى به وأروا خدمة العبد إلى الأجل فإن أبوا كانت الخدمة لصاحب الوصية إلى الأجل وإن مات العبد قبل الأجل كان ما ترك لأهل الوصايا الذين أوصى لهم بالمال وقد صار العتق ها هنا مبدأ على الوصايا إلا أنه لا يعتق إلا إلى الأجل وصارت الخدمة التي في ثلث الميت وهو العبد لأهل الوصايا لا أن يجيز الورثة وصية الميت فيدفعوا وية الميت كلها وتكون لهم الخدمة إذا كان العبد يخرج من الثلث ( قال ) عبد الرحمن بن القاسم وإن كانت قيمة العبد أكثر من الثلث خير الورثة بين أن ينفذوا ما أوصى به الميت وبين أن يعتقوا ما حمل الثلث من العبد بتلا وتسقط الوصايا لأن العتق مبدأ على الوصايا قال سحنون وهذا قول أكثر الرواة لا أعلم بينهم فيه اختلافا
في الرجل يدبر عبده في مرضه ويعتق آخر ان حدث به حدث ( قلت ) أرأيت إن دبر عبدا له في مرضه وقال لآخر ان حدث بي حدث الموت فهو حر ( قال ) قال مالك يبدأ المدبر وهو قول الرواة ولا أعلم بينهم فيه اختلافا إلا أشهب فإنه يأباه
في رجل يبع عبده في مرضه ويحابي في بيعه ويعتق آخر ( قلت ) أرأيت إن باع عبدا في مرضه وحابي فيه وقيمة العبد الثلث وأعتق عبدا له آخر وقيمة العبد المعتق الثلث بأيهما يبدأ ( قال ) قال مالك في الذي يوصى بوصية في مرضه ويوصى بعتق أن العتق مبدأ ولم أسمع في البيع شيأ أقوم على حفظه وأرى البيع مثل الوصية وما حابى به في البيع فهو بمنزلة الوصية لأن ما حابى به إنما هو هبة ( قال ) وقال مالك في المحاباة في المرض إنما هي من الثلث قال سحنون وهو قول الرواة ولا أعلم بينهم فيه اختلافا
____________________
(15/41)
________________________________________
في الرجل يوصى بعتق عبده في مرضه وبعتق آخر على مال ( قلت ) أرأيت إن قال عبدي ميمون حر بعد موتي وعبدي مرزوق حر على أن يؤدي إلى ورثتي ألف درهم والثلث لا يحملهما جميعا أو يحملهما كيف يصنع بهما في قول مالك ( قال ) قال مالك في الذي يوصي بعتق عبد له ويوصي بكتابة عبد له آخر ان الموصى بعتقه يبدأ به على الموصى بكتابته فأرى هذا إذا أوصى بعتقه على أن يؤدي إلى الورثة ألف درهم أو يعطى لآخر ألف درهم ان عجلها تحاصا في الثلث هو والموصي بعتقه بغير مال وان لم يعجل المال بدئ بالذي أعتق بغير مال فإن كان في الثلث فضل لا يسع الباقي قيل للورثة أما أمضيتم لهذا ما قال الميت وأما أعتقتم منه ما بقي من ثلث الميت ( قال ) وإنما رأيت أن يتحاصا في الثلث إذا عجل الموصى له بعتقه بمال يؤديه إذا عجل المال لان مالكا سئل عن رجل أوصى بعتق عبد له وأوصى بعتق عبد له آخر إلى شهر ( قال ) قال مالك إذا قرب هكذا رأيت أن يتحاصا جميعا ( قال ) قال مالك وإن قال إلى أجل بعيد إلى سنة أو ما أشبهه قال مالك رأيت أن يبدأ بالمبتل وقد قيل ان الموصى بعتقه مبدأ على غيره ممن أمر أن يؤخذ منه مال ويعتق
في الرجل يوصي بحج وبعتق رقبة ( قلت ) أرأيت إن أوصى أن يحج عنه حجة الإسلام وأوصى أن يعتق عنه رقبة ( قال ) قال لي مالك الرقبة مبدأة على الحج لأن الحج ليس عندنا أمرا معمولا به وقد قال أيضا أنهما يتحاصان وإذا أوصى لرجل بمال وأوصى بعتق رقبة تحاصا وإذا أوصى بمال وأوصى بالحج تحاصا ( قلت ) أرأيت إن حمل الثلث الرقبة وبعض الحج ولا يحمل أن يحج عنه من بلاده ولكن يحمل بقية الثلث أن يحج عنه من مكة ( قال ) أرى أن يحج عنه بقية الثلث من حيثما بلغ أن يحج به عنه وقال مالك في الرجل يوصي أن يحج عنه فلم يبلغ ثلثه إلا ما يحج به عنه من المدينة أو من مكة قال أرى أن ينفذ ذلك قال بن القاسم وهذا رأيي أن ينفذ وصيته إذا أوصى به وإن لم يوص فلا أرى
____________________
(15/42)
________________________________________
أن يحج عنه ( قلت ) وكان مالك يكره أن يتطوع الولد من مال نفسه فيحج عن أبيه ( قال ) نعم هذا لم يزل قوله وكان يقول لا يعمل أحد عن أحد ( بن وهب ) عن خالد بن حميد عن خالد بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في رجل أوصى بثلاثين دينارا في رقبة تعتق عنه وأوصى بثلاثين دينارا بين ثلاثة نفر وأوصى بثلاثين دينارا للغزاة فكانت الوصية أكثر من الثلث قال ربيعة يتحاصون في الثلث وذلك لأنه أوصى في رقبة تشتري فتعتق عنه وليست الوصية في الرقاب كنحو المملوك في يديه يعتقه والمملوك إذا أعتقه صاحبه في وصيته وكان العول في الوصايا فإن أدخل عليه شيء من العول كان مملوكا كله في حرمته وأمره إذا دخل في رقبته شيء من الرق كان مملوكا وأنه إذا أوصى بالرقبة وأدخل العول فإنما يؤخذ من الثمن ويباع بما بقي فيتم وإن لم يبلغ ثمن رقبة لم تدخل على أحد مظلمة وأعين بما بقي في رقبة إذا لم يبلغ الثمن رقبة تعتق عنه
في الرجل يوصي بوصايا ويعتق عبده ( قلت ) أرأيت إن أوصى بوصايا وأعتق عبده في مرضه أو قال هو حر بعد موته ( قال ) قال مالك إن كان عبدا بعينه يملكه فهو حر مبدأ وإن أوصى أن تشترى رقبة بعينها فهي أيضا مبدأة مثل ما يقول اشتروا عبد فلان بعينه فأعتقوه وإن أوصى بدنانير في رقبة فهو يحاص أهل الوصايا ولا يبدأ ( بن وهب ) عن سفيان الثوري عن رجل حدثه عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال إذا أوصى الرجل بوصايا وبعتاقة بدئ بالعتاقة ( رجال من أهل العلم ) عن بن شهاب ويحيى بن سعيد وشريح وربيعة أنهم كانوا يقولون فيمن يوصي بعتق وبصدقة أنه يبدأ بالعتاقة قبل الصدقة والوصية فما فضل بعد العتاقة كان فيما بينهما بالحصص ( وسمعت ) حيوة بن شريح يقول حدثني السكن بن أبي كريمة أنه سأل يحيى بن سعيد الانصاري عن الرجل بوصي بوصايا كثيرة وعتاقة أفضل من الثلث ( قال ) بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بأن يبدأ بالعتاقة ( قال ) وقد صنع ذلك أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما
____________________
(15/43)
________________________________________
في الموصي يقدم في لفظه ويؤخر ( قلت ) أرأيت الرجل الميت إذا أوصى بوصايا فقدم في اللفظ بعضها قبل بعض هل ينظر في لفظه فيقدم ما قدم بلفظه في الثلث أو ينظر إلى الذي هو أوكد فيقدمه بالثلث وإن كان لفظ به وتكلم به في آخر الوصايا ( قال ) نعم إنما ينظر في هذا إلى الأوكد فيقدم في الثلث وإن تكلم به في آخر الوصايا ولا ينظر إلى لفظه إلا أن يكون أوصى فقال ابدءوا بكذا ثم كذا فإنما يبدأ بما قال وإن كان الذي لم يبده الميت هو أوكد فإنه لا يقدم في الثلث لأن الميت قد قدم غيره وهذا قول مالك وذلك أ الرجل يقول اشتروا لي غلاما بخمسين دينارا فأعتقوه مبدأ وأعتقوا فلانا لعبد له بعينه فهذا الذي ليس بعينه يبدأ ها هنا على الذي بعينه لأن الميت بدأه ولو لم يبده الميت كما وصفت لك لكان المعتق بعينه أولى بالثلث فإن فضل شيء كان للآخر ولا يلتفت إلى لفظه في الكلام إلا أن يبديه الميت كما وصفت لك وقد قال الله تبارك وتعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين فاجتمع أهل العلم على أن الدين مبدأ على الوثايا
____________________
(15/44)
________________________________________
كتاب الوصايا الثاني في الرجلين يشهدان بالثلث لرجل ويشهد وارثان بعتق عبد والعبد هو الثلث ( قلت ) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إن شهد شاهدان أن الميت أوصى لهذا الرجل بثلث ماله وشهد وارثان من ورثة الميت أن والدهما أعتق هذا العبد في مرضه والعبد هو الثلث ( قال ) إن كان العبد ممن لا يتهمان بجر ولائه إليهما صدقا في ذلك كما وصفت لك وبدئ بالعتق وإن كان العبد ممن يتهمان بجر ولائه لم يصدقا على ورثة الميت من النساء فإذا لم يصدقا على النساء لم تجز شهادتهما وكانت الشهادة على الوصية جائزة وإن شهدا وليس معهما من الورثة نساء وإنما الورثة أولاد ذكور كلهم فأرى شهادتهما على العتق جائزة ويبدأ بالعتق على الموصى له بالثلث إذا كان اللذان شهدا بعتقه ليس ممن يتهمان في جر ولائه لأنهما لا يتهمان أن يبطلا وصية الموصى له بالثلث إذا كان ولاء العبد المشهود له بالعتق لا يرغب فيه ولا يتهمان عليه ومما يدلك على ذلك أنهما لو شهدا ومعها نساء فكان ممن لا يتهمان عليه لدناءته ولا يتهمان على جر ولائه جازت شهادتهما فشهادتهما مع النساء ومع الموصي له بالثلث بمنزلة واحدة إذا لم يتهما ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا قول مالك في النساء وهو رأيي في الوصية
____________________
(15/45)
________________________________________
في الرجل يوصي بخدمة عبده لرجل سنة ثم هو حر ولا مال له غيره ( قلت ) أرأيت إن قال في وصيته يخدم عبدي فلانا سنة ثم هو حر ولم يترك مالا غيره ( قال ) يقال للورثة أتجيزون فإن أبوا كان ثلثا العبد رقيقا للورثة وثلثه حرا الساعة وتسقط الخدمة لأن الخدمة والعتق لما اجتمعا ولم تتم الوصية فقطع به لهما كان العتق مبدأ على الخدمة قال سحنون وعلى هذا أكثر الرواة
في الرجل يوصي بخدمة عبده سنة ولا مال له غيره ( قلت ) أرأيت إذا أوصي رجل لرجل بخدمة عبده سنة وليس له مال غيره أو له مال لا يخرج العبد من ثلثه ( قال ) قال مالك الورثة بالخيار إن أحبوا أن يسلموا خدمته سنة ثم يدفع إليهم العبد بعد السنة وإلا أسلموا إليه ثلث مال الميت بتلا ( قال ) وكذلك لو أوصي لرجل بسكنى داره سنة ( قال ) وهذا وخدمة العبد سواء وكذلك قال مالك اما أسلموا إليه سكنى داره سنة وأما قطعوا له بثلث الميت وهذا مخالف له إذا أوصى له برقبة العبد والدار كذلك إذا لم يحمله الثلث قطع له فيهما وإذا كان خدمة أو سكني فلم يجيزوا قطع له بالثلث ثلث الميت وهذا قول مالك وأكثر الرواة إذا أوصي بخدمة العبد أو سكنى الدار وليس له مال غير ما أصي به أوله مال لا يخرج منه ما أوصي له به من الثلث فهذا أصل من أصول قولهم
في الرجل يوصي بخدمة عبده لرجل سنة أو حياته ولآخر برقبته ( قلت ) أرأيت إن أوصى لرجل بخدمة عبده سنة وبرقبته لآخر والثلث يحمله أولا يحمله ( قال ) إن حمله الثلث فالخدمة مبدأة وإن لم يحمله الثلث فأرى أن يقطع من العبد بقدر ما حمل الثلث فيخدم الذي جعلت له الخدمة السنة إن كان الذي حمل الثلث النصف خدم الورثة يوما وخدم الموصي له بالخدمة يوما حتى إذا مضت السنة صار نصفه للذي أوصى له به بتلا قال سحنون وهذا قول الرواة لا أعلم بينهم فيه اختلافا إذا حمله الثلث ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ثلاثة أعبد قيمتهم
____________________
(15/46)
________________________________________
سواء وقد أوصى لرجل بخدمة أحدهم ولآخر برقبة آخر ولم يدع مالا سواهم ( قال ) يقال للورثة أنفذوا وصية الميت فإن أبوا قيل لهم فابرءوا من ثلث الميت إلى أهل الوصايا يتحاص فيه أهل الوصايا بقدر وصاياهم ( قلت ) وكيف يتحاص هذان ( قال ) إذا كانت الوصية بالخدمة حياته فإنه يعمر هذا المخدوم فينظر ما تسوى الخدمة حياته على غررها أو حياة العبد إن كان العبد أقلهما تعميرا وينظر إلى قيمة العبد الذي أوص به للآخر يتحاصان في ثلث الميت هذا بقيمة الخدمة وهذا بقيمة العبد ( قلت ) أفيكون للذي أوصى له بالخدمة قيمة خدمته بتلا من ثلث مال الميت يحاص به الموصى له بالرقبة ويأخذه لنفسه ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا كله قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وما معنى قول مالك في الخدمة أنها تقوم على غررها ( قال ) على الرجاء والخوف أنه يؤاجر على ذلك بمنزلة أن لو قيل لهم بكم يتكارى هذا إلى انقضاء مدة هذا الرجل ان حي إلى ذلك الأجل فهو لكم وإن مات قبل ذلك فقد بطل حقكم ويحاص له بأقلهما تعميرا المخدم أو العبد ( قلت ) أرأيت إن كان أوصى في مسئلتي التي سألتك عنها مع ذلك بالثلث أيضا ( قال ) يقال للورثة أجيزوا الوصية وإلا فاخرجوا من ثلث مال الميت إلى أهل الوصايا فيكون بين أهل الوصايا بحال ما وصفت لك وهذا قول مالك ويضرب صاحب الخدمة بقيمة خدمته في الثلث بتلا ( قلت ) أرأيت إن أوصى برقبة عبده لرجل وبخدمته لآخر والثلث لا يحمل العبد ( قال ) يقال للورثة أجيزوا وصية الميت فإن أبوا قيل لهم فابرءوا من ثلثه فيكون ثلثه في العبد الذي أوصى بخدمته فيخرج من ذلك العبد مبلغ ثلث الميت فيعطاه الموصى له بخدمته فيخدمه بقدر ما حمل الثلث من العبد إن حمل الثلث نصفه خدمه يوما وخدم الورثة يوما وللورثة أن يبيعوا حصتهم وأن يصنعوا بها ما شاؤوا فإذا انقضى أجل الخدمة ان كانت إلى سنين وقتها الميت أو إلى موت المخدم فإذا انقضت الخدمة رجع ما حمل الثلث من العبد إلى الموصي له بالرقبة لانه إنما جعل الميت الرقبة لصاحب الرقبة بعد خدمة المخدم لأنه إذا كانت الخدمة ووصية الرقبة في عبد بعينه فالخدمة مبدأة لأنه كانه قال له اخدم فلانا
____________________
(15/47)
________________________________________
كذا وكذا سنة أو حياته ثم أنت بعده لفلان ( قلت ) أرأيت هذا الذي أوصي برقبته لرجل وبخدمته لآخر فقلت الخدمة مبدأة في قول مالك أرأيت إذا انقضت الخدمة وقد كان يوم قاسم الورثة أهل الوصايا كان العبد هو الثلث أيحتاج إلى أن يقوم اليوم أيضا إذا انقضت الخدمة ليعرف أهو ثلث الميت أم لا إذا أردت أن تدفعه إلى هذا الموصى له بالرقبة ( قال ) لا لأنه إنما كانا اجتمعا جميعا في هذا العبد وكانت وصيتهما فيه فأسلم إليهما يومئذ وهو مبلغ الثلث فلا أبالي زادت قيمته بعد ذلك أو نقصت ( قال ) وسمعت مالكا يقول في رجل أوصى لرجل بمائة دينار ولآخر بخدمة عبده حياته ثم هو حر فكان العبد كفاف الثلث ( قال ) قال مالك يعمر الذي أوصى له بالخدمة حياته أو العبد إن كان أقصرهما تعميرا على قدر ما يرى الناس فينظركم ذلك فتقوم خدمته تلك السنين ذهبا ثم يتحاص هو وصاحب المائة في خدمة العبد فإذا هلك الذي أوصي له بالخدمة فالعبد حر إذا حمله الثلث وكانت قيمة العبد والثلث سواء ( قلت ) أرأيت إن قال في وصيته لفلان مائة دينار ولفلان خدمة عبدي هذا حياته ولفلان لرجل آخر أيضا رقبة العبد الذي أوصى بخدمته حياته والثلث لا يحمل وصية الميت ( قال ) مالك يقال للورثة أسلموا وصية الميت وأجيزوها فان أبوا قيل لهم ابرءوا من ثلث الميت فيتحاصون في الثلث الموصى له بالمائة والموصى له بالخدمة والموصى له بالرقبة ولا يضرب صاحب الخدمة وصاحب الرقبة إلا بقيمة العبد لا يضربان بأكثر من ذلك لأن وصيتهما واحدة وإنما هي رقبة العبد فينظر ما صار للموصى له بالخدمة وللموصى له برقبة العبد في الثلث إذا حاص صاحب المائة أخذا ذلك في العبد فيخدم الموصى له بالخدمة يبدأ على صاحب الرقبة فإذا مات صاحب الخدمة الموصى له بالخدمة صار العبد لصاحب الرقبة ويكون صاحب المائة شريكا للورثة بمبلغ وصيته من الثلث في جميع مال الميت وفيما بقي من العبد في يدي الورثة مما لم يحمله الثلث ( قلت ) ولا تشبه هذه الوصية التي قبلها التي قال فيها الميت يخدم عبدي فلانا حياته ثم هو حر ولفلان مائة دينار ( قال ) نعم لا تشبهها وهما مختلفان
____________________
(15/48)
________________________________________
لأن الموصى له بعتقه بعد الخدمة ليس ها هنا مال إنما أوصى الميت بخدمة وبمائة دينار فإنما يعمر الموصى له بالخدمة فيشرع مع الموصى له بالمائة في الثلث بمبلغ قيمة الخدمة التي أوصي له بها وهذا الذي أوصى برقبته لرجل وبخدمته لآخر وبمائة دينار فقد أوصى الميت ها هنا برقبة العبد وبخدمته فرقبة العبد ها هنا في هذه المسألة وقيمة الخدمة إنما هي وصية واحدة لا يضرب صاحب الخدمة وصاحب الرقبة مع أهل الوصايا إلا بقيمة العبد فما خرج لهما من العبد في المحاصة من الثلث بدىء به الموصى له بالخدمة فإذا انقضت الخدمة رجع ما كان من العبد في الخدمة للموصى له بالرقبة ولا يعمر المخدم في هذه المسألة ويعمر في المسألة الأولى التي فيها العتق ( قلت ) وفي مسألة العتق إذا أوصى بعتقه وبخدمته ما عاش لفلان وبمائة دينار لفلان لم لم يبدأ مالك العتق على المائة وعلى الخدمة والعتق مبدأ ي قول مالك على الوصايا ( قال ) لان العتق ها هنا لم يسقط ولا يعتق العبد ها هنا إلا إلى الاجل الذي جعل عتقه إليه وهو قبل الاجل عليه الخدمة فيتحاص صاحب المائة والموصى له بالخدمة في تلك الخدمة فتكون خدمة العبد بين الموصى له بالخدمة وبين الموصى له بالمائة الدينار إذا كان العبد هو الثلث فإذا انقضت الخدمة خرج العبد حرا وليس للعبد حجة في العتق قبل محل الاجل لان عتقه إنما هو إلى أجل فإن كان الثلث لا يحمل جميع العبد وأبي الورثة أن يجيزوا وصية الميت عتق من العبد مبلغ الثلث بتلا وسقطت الوصايا بالخدمة وغير الخدمة لأن الوصايا حالت ورجعت إلى المحاصة فكان العتق حينئذ مبدأ على ما سواه ( قلت ) أرأيت إن قال رجل في وصيته عبدي يخدم فلانا ولم يقل حياته ولم يوقت شيأ من السنين وأوصى أن رقبته لفلان لرجل آخر ولم يقل من بعده كيف يصنع بهذا أتكون الوصية ها هنا بالخدمة إنما هي حياة المخدم فقط ثم يرجع العبد إذا مات المخدم إلى الموصى له بالرقبة أم لا في قول مالك ( قال ) لا أعرف هذا في شيء من قول مالك إنما قول مالك على وجهين الذي سمعت أنا منه أما أن يقول غلامي يخدم فلانا عشر سنين أو يقول حياة المخدم فإذا انقرض المخدم أو انقضت العشر السنين فهو لفلان
____________________
(15/49)
________________________________________
فهذا الذي نعرف وأما إذا جعل لواحد خدمته ولم يوقت وجعل لآخر رقبته فأرى أن يتحاصا تقوم الرقبة وتقوم الخدمة على غررها حياة الذي أخدم ثم يتحاصان فيها جميعا على قدر ذلك ( قال ) وقال مالك من أخدم رجلا عبدا إلى أجل من الآجال فمات المخدم قبل أن ينقضي الاجل فإن العبد يخدم ورثة المخدم بقية الاجل إذا كان على ما وصفت لك ليس من عبيد الحضانة والكفالة وإنما هو من عبيد الخدمة ولو أن رجلا قال لرجال اشهدوا أني قد وهبت خدمة هذا العبد لفلان ثم مات الذي أخدم كان لورثته خدمة هذا العبد ما بقي إلا أن يكون إنما أراد حياة المخدم ويستدل على ذلك في مقالته أنه إنما أراد حياة المخدم قال سحنون وقال أشهب إذا أوصى في عبد يخدم فلانا ولم يقل حياته ولم يوقت شيأ من السنين وأوصى برقبة العبد لرجل آخر ولم يقل من بعد موت الموصى له بالخدمة فهذه وصية واحدة في العبد فالخدمة هي حياة الموصى له بالخدمة وقال أيضا لو أن رجلا قال لرجال اشهدوا أني قد وهبت خدمة هذا العبد لفلان فإنما هو حياة فلان ولو كان أراد حياة العبد لكانت الرقبة للموهوب له بالخدمة لأنه لما لم يكن له مرجع إلى سيده فقد انبت منه الموهوب له
في الرجل يوصى لرجل بخدمة عبده حياته وبما بقي من ثلثه لآخر ( قلت ) أرأيت إذا أوصى لرجل بخدمة عبده حياته وقال ما بقي من ثلثي فلفلان فأصابوا العبد الذي أوصى الميت بخدمته هو الثلث ( قال ) أرى إذا أنفذت الخدمة فأراه للذي أوصى له ببقية الثلث زادت قيمة العبد أو نقصت لأنه كان ثلث الميت يوم أخرج وإنما القضاء فيه يوم أخرج وقوم ( وسمعت ) مالكا وسئل عن رجل قال داري حبس على فلان حياته وما بقي من ثلثي فلفلان فكان الثلث كفاف الدار أترى لمن أوصى له ببقية الثلث إذا رجعت الدار أن يرجع في الدار ( قال ) نعم أرى أن يرجع في الدار فيأخذها كلها لأن الدار بقية الثلث ( قال ) وقال مالك إذا قال غلامي يخدم فلانا حياته وما بقي من ثلثي فلفلان ( قال ) قال مالك يعطى صاحب الخدمة
____________________
(15/50)
________________________________________
الغلام كله فإن رجع الغلام يوما ما رجع الموصى له ببقية الثلث فيأخذ بقية الثلث ( قلت ) ويأخذ الغلام كله أم لا ( قال ) نعم أرى أن يأخذه كله ( قلت ) ويكون العبد لهذا الذي أوصى له بما بقي من الثلث إذا كان قيمة العبد الثلث ( قال ) نعم أرى أن يأخذه كله إذا رجع
في الرجل يوصي بوصايا وبعمارة مسجد ( قلت ) أرأيت إن أوصى بوصايا وبعمارة مسجد قال بن القاسم بلغني عن مالك في رجل أوصى فقال أوقدوا في هذا المسجد مصباحا أقيموه له وأوصى مع ذلك بوصايا فكيف ترى أن يعمل فيه ( قال ) قال مالك ينظركم قيمة ثلث الميت وإلى ما أوصى به من الوصايا ثم يتخاصمون في ثلث الميت يحاص للمسجد بقيمة الثلث وللوصايا بما سمى لهم في الثلث فما صار للمسجد من ذلك في المحاصة أوقف له فيستصبح به فيه حتى ينجز ونزلت هذه المسألة فقال مالك فيها هذا وكذلك قال أكثر الرواة قال سحنون وكذلك إذا أوصى الميت بشيء ليس له غاية ولا أمد مثل أن يقول أعطوا المساكين كل يوم خبزة أو قال اسقوا كل يوم راوية ماء في السبيل فهذا كانه إنما أوصى بثلث ماله فإنما يحاص لهذا بالثلث إذا كان الميت قد أوصى مع هذا بوصايا قال سحنون وكذلك كل ما كان إلى الناس بغير أجل مثل أن يقول أعطوا المساكين درهما كل يوم أو كل شهر ولم يؤجل فإنهم يضرب لهم بالثلث إذا كان الميت قد أوصى معهم بوصايا
في خلع الثلث من الورثة إذا لم يجيزوا ( قلت ) أرأيت إن أوصى بسكنى داره ولا مال له سواها ( قال ) يقال للورثة أسلموا إليه سكناها وإلا فاقطعوا له بثلثها بتلا ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم كذلك قال مالك قال بن القاسم وبلغني عن عبد العزيز بن أبي سلمة مثله ( سحنون ) وهذا قول الرواة كلهم لا أعلم بينهم فيه اختلافا ( قلت ) لابن القاسم أرأيت إن أوصى رجل بأن تؤاجر أرضه من فلان سنين مسماة بكذا وكذا فنظروا إلى الأرض
____________________
(15/51)
________________________________________
فكانت قيمة الأرض أكثر من ثلث الميت ( قال ) فإنه يقال للورثة أسلموا ما أوصى له به الميت بالكراء الذي قال فإن أبوا قيل لهم فاخرجوا له من الثلث ثلث الميت بتلا بغير ثمن ( قلت ) أرأيت إن أوصى بوصايا وللميت مال حاضر ومال غائب ويوصي بالثلث لرجل وبالربع لرجل آخر وبالسدس لآخر ( قال ) يقال للورثة أجيزوا فإن أبوا كان ذلك لهم ويقال لهم ابرءوا إليهم من ثلث الميت من العين والدين إذا خرج فيتحاص أهل الوصايا في ثلث هذه العين بقدر وصاياهم فإذا خرج الدين أخذوا ثلثه فيتحاصون فيه أيضا بقدر وصاياهم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال لي مالك في الرجل يوصى لرجل بمائة دينار وله ديون وليس فيما ترك من المال الحاضر ما تخرج المائة من ثلثه ( قال ) قال مالك يخير الورثة فإن أحبوا أن يعطوه المائة ويعجلوها له وإلا قطعوا له بثلث الميت حيثما كان في العين والدين فكذلك مسألتك إذا أبوا أن يجيز الورثة قيل لهم ابرؤا إليهم من ثلث مال الميت حيثما كان ( قلت ) أرأيت إن ترك مائة دينار دينا ومائة دينار عينا وأوصى لرجل بخمسين دينارا من العين وأوصى لرجل آخر بأربعين دينارا من الدين ما قول مالك في هذا ( قال ) يقال للورثة أجيزوا فإن أبوا أن يجيزوا قيل لهم اخرجوا لأهل الوصايا من ثلث الميت في العين والدين وينظر إلى قيمة الاربعين الدينار العين التي كان أوصى بها الميت لهذا الرجل ما تسوي الساعة نقدا فإن قالوا تسوي الساعة نقدا عشرين دينارا كان الثلث بينهما على سبعة أسهم للموصى له بالخمسين من ثلث المال الحاضر والدين خمسة أسهم وللموصى له بالاربعين من ثلث الدين والمال الحاضر سهمان وهذا رأيي فكذلك مسألتك يقتسمون ثلث الميت في العين والدين على سبعة أسهم لأن مالكا قال لو أن رجلا أوصى لرجل بدين له فلم يحمل ذلك الثلث وأبى الورثة أن يجيزوا قطعوا له من الدين والعين مبلغ الثلث قال مالك ولو أن رجلا أوصى له بنقد فلم يكن له فيما ترك الميت من النقد ما يخرج وصيته من ثلث النقد وقالت الورثة قد عال وليس له أخذ العين ويلغينا في أخذ العرض خير الورثة فإن أجازوا له ما أوصى له به من النقد وإلا قيل لهم اخرجوا له
____________________
(15/52)
________________________________________
من ثلث مال الميت حيثما كان ( قلت ) وأصل هذا من قول مالك ان الرجل إذا أوصى بوصية عال فيها على ثلثه وأوصى بأكثر من ثلث ماله في العين الحاضر فأبت الورثة أن تجيز ذلك فإنه يقال للورثة اخرجوا لأهل الوصايا من ثلث مال الميت حيثما كان فيكون لأهل الوصايا ثلث ما ترك الميت من عين أو دين أو عرض أو فرض أو عقارا أو غير ذلك ( قال ) نعم إلا في خصلة واحدة فان مالكا قد اختلف قوله فيها قال لنا فيها قولين إذا أوصى له بعبد بعينه أو دابة بعينها والثلث لا يحمله فأبت الورثة أن يجزوا فإنه يقال لهم ادفعوا إليه مبلغ ثلث مال الميت في الدابة أو في العبد لأن وصيته وقعت فيه وقد قال مرة أخرى يبرءون إليه من ثلث مال الميت حيثما كان هو أكثر ما سمعت منه وأحب قوله إلي أن يقطع له بثلث الميت في ذلك الشيء الذي أوصى له به الميت
في الرجل يوصي بثلث ماله العين وبثلث ماله الدين ( قلت ) أرأيت إن ترك مائة دينار عينا ومائة دينار دينا فأوصى لرجل بثلث العين وأوصى لرجل آخر بثلث الدين ( قال ) هذا عند مالك جائز ( قلت ) ألا ترى هذا الميت ها هنا قد أوصى لهذا الذي قد أوصى له بثلث العين أكثر مما أوصي للموصى له بثلث الدين ( قال ) وما يبالي كان أكثر أو أقل لأنه إنما يعطيه وصيته ألا ترى أنه يعطى صاحب العين وصيته من العين ويعطى صاحب الدين وصيته من الدين وهو ثلث الميت
في الرجل يوصى بعتق عبده وله مال حاضر ومال غائب ( قلت ) أرأيت إن أوصى بعتق عبد له وله مال حاضر ومال غائب والعبد لا يخرج من المال الحاضر كيف يصنع في قول مالك ( قال ) قال مالك يوقف العبد حتى يجتمع المال الحاضر والمال الغائب فإذا اجتمع المال قوم العبد فإن خرج من الثلث عتق وإلا عتق منه مبلغ الثلث ( قلت ) أرأيت إن قال العبد المال الغائب بعيد عنا أو أجله
____________________
(15/53)
________________________________________
أجل بعيد فأعتقوا مني مبلغ ثلث هذا المال الحاضر وأوقفوا ما بقي مني حتى ينظر في المال الغائب فإن خرج أعتقتم مني ما يحمل الثلث وإن لم يخرج كنت قد عتق مني مبلغ ثلث المال الحاضر لأني أتخوف أن يتلف المال الحاضر ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى له ذلك قال سحنون الا أن يكون في ذلك ضرر على الموصى والموصى له فيما يشتد وجه مطلبه ويعسر جمع المال ويطول ذلك
في الرجل يوصي بوصايا ولا يحمل ذلك الثلث ( قال ) وسألت مالكا عن ثلاثة رجال أوصى لهم رجل بثلاثين دينارا ثلاثين دينارا لكل واحد منهم والثلث لا يحمل ذلك فقال أحدهم لا أقبل الوصية ( قال ) قال مالك يحاص ورثة الميت بوصية الرجل الذي رد وصيته أهل الوصايا فيأخذون وصيته فيقتسمونها مع ميراثهم ( قلت ) أفيكون للرجلين ثلثا الثلث ( قال ) نعم قال سحنون وقال غيره لأنه أدخل كل واحد منهم على صاحبه ومات ودرج والوصية عنده على ذلك فلما رد واحد منهم رجع ما كان له إلى الميت فكان للورثة محاصة الباقين لأن الورثة دخلوا مدخل الراد وقد كان الراد لو لم يرد لحاصهم فلما رد وقعت الورثة موقعه لأن الميت أدخل كل واحد منهم على صاحبه وهذا قول الرواة لا أعلم بينهم فيه اختلافا ( بن وهب ) عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة وأبي الزناد أنهما قالا في الرجل يوصى للرجل بثلث الثلث أو بربع الثلث ولآخرين بعدة دنانير أو دراهم انهم يتحاصون فيها جميعا في الثلث ( قلت ) أرأيت إن أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بربع ماله ولآخر بخمس ماله ولآخر بنصف ماله ولآخر بعشرين دينارا ولآخر بجميع ماله ( قال ) قال مالك إذا أوصى لرجل بربع ماله ولآخر بخمس ماله ولآخر بنصف ماله ولآخر بعشرين دينارا فانظر ما تبلغ وصية كل رجل منهم وما تبلغ العشرون دينارا من مال الميت كم هو فيضرب بها في جميع ثلث مال الميت ويضرب أهل الوصايا بمبلغ وصاياهم في ثلث مال الميت ( قال ) وكذلك جميع المال انه يضرب في ذلك بالثلث وتفسير ذلك أنه إذا أوصى لرجل بجميع ماله ولآخر
____________________
(15/54)
________________________________________
بالثلث ولآخر بالنصف ولآخر بعشرين دينارا فإنك تأخذ للجميع ستة أسهم والنصف ثلاثة أسهم والثلث سهمان وتنظر كم ماله فإن كان ماله ستين دينارا كان قد أوصى بالثلث أيضا للموصى له بالدنانير لأنها عشرون دينارا فيضرب معهم في الثلث بسهمين أيضا فيقتسمون الثلث بينهم على ثلاثة عشر سهما فيكون للموصى له بالجميع ستة أسهم وللموصى له بالثلث سهمان وللموصى له بالدنانير أيضا سهمان وللموصي له بالنصف ثلاثة أسهم وحساب هذا على حساب عول الفرائض سواء ( قال ) وقال لي مالك وما أدركت الناس إلا على هذا قال سحنون ألا ترى أنه أدخل كل واحد منهم على صاحبه وانتقص كل واحد منهم بما دخل عليه من صاحبه وفضلهم في عطيته فهو لو كان ماله مائة دينار فأوصى لرجل بمائة دينار ولآخر بخمسين ولآخر بعشرين فقد فضل بعضهم على بعض وأدخل بعضهم على بعض وانتقص بعضهم ببعض قال سحنون وهذا قول الرواة كلهم لا أعلم بينهم فيه اختلافا
في الرجل يوصى بعبده لرجل وبثلث ماله لآخر فيموت العبد وقيمته الثلث ( قلت ) أرأيت إن قال في وصيته غلامي مرزوق لفلان ولفلان ثلث مالي ومرزوق ثلث ماله فمات مرزوق قبل أن يقوم في الثلث بكم يضرب للموصى له بالثلث في المال ( قال ) بثلث المال في قول مالك لأن مرزوقا حين مات بطلت وصية الموصي له بمرزوق ووصية هذا الموصى له بالثلث ثابتة فما بقي من مال الميت له ثلث مال الميت لأن مرزوقا لما مات فكأن الميت لم يوص بشيء إلا بثلث ماله لهذا الموصى له بالثلث ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم قال سحنون وقد أعلمتك في صدر الكتاب أنه لا يقوم ميت ولا يقوم على ميت وقول ربيعة فيه ان حقه قد سقط وان الذي مات كأن الموصى لم يوص فيه بشيء وكأنه لم يكن له بمال قط
في الرجل يوصى بثلث ماله لرجل وبأشياء بأعيانها لقوم شتى ( قلت ) أرأيت إذا أوصى بثلث ماله أو بربع ماله وأوصى بأشياء بأعيانها لقوم شتى
____________________
(15/55)
________________________________________
( قال ) ينظر إلى قيمة هذه الأشياء التي كانت بأعيانها وإلى ثلث جميع ماله وإلى ربع جميع ماله فيضربون في ثلث مال الميت يضرب أصحاب الأعيان في الأعيان كل واحد منهم في الذي جعل له الميت بمبلغ وصيته ويضرب أصحاب الثلث والربع في بقية الثلث يكونون شركاء مع الورثة بمبلغ وصاياهم ( قلت ) وهذا قول مالك قال نعم هو قوله ( قلت ) فإن هلكت الأعيان التي أوصى بها كلها بطلت وصايا أصحاب الأعيان وكان ثلث ما بقي من مال الميت بين أصحاب الثلث والربع يتحاصون في ذلك في قول مالك ( قال ) نعم
في الرجل يوصى بعبده لرجل وبسدس ماله لآخر ( قلت ) أرأيت إن أوصى بعبده لرجل وأوصى بسدس ماله لآخر كيف يكون هذا ( قال ) ينظر إلى قيمة العبد فإن كان العبد هو ثلث مال الميت كان للموصى له بالعبد ثلث الثلث في هذا العبد وكان للموصى له بالسدس ثلث الثلث فيما بقي من العبد وبجميع مال الميت يكون شريكا للورثة بالسبع ( قلت ) أرأيت إن كانت قيمة العبد الذي أوصى به نصف الثلث وقد أوصي لآخر بالسدس ( قال ) يكون للموصى له بالعبد جميع العبد ويأخذ الموصى له بالسدس وصيته فيما بقي يكون شريكا للورثة بخمس المال وهذا قول مالك قال سحنون قال علي بن زياد يكون شريكا للورثة بالخمس ورواه علي عن مالك وعلى ذلك قول بن القاسم
في الرجل يوصي لوارث ولأجنبي ( قلت ) أرأيت إن أوصي رجل بعبده لوارث وأوصى لأجنبي بوصية كيف يصنع ( قال ) قال مالك في رجل أوصى لأجنبي بوصية وأوصى لوارث أيضا ( قال ) قال مالك يتحاصان يحاص الوارث الأجنبي بالوصية فكذلك مسألتك ( قلت ) أرأيت إن أوصى لوارث وغير وارث فقال ثلث مالي لفلان ولفلان وأحدهما وارث ومعه ورثة ( قال ) قال مالك أما نصيب الوارث من ذلك فباطل يرد إلى جميع الورثة
____________________
(15/56)
________________________________________
إلا أن يجيزوا له ذلك وأما غير الوارث فله نصيبه ( قال ) وقال مالك من أوصى بوصية لوارث وأوصى بوصايا لأجنبيين ولم يسع ذلك الثلث ( قال ) فإن كان الميت لم يترك وارثا غير الذي أوصى له بدىء بالأجنبيين في الثلث ولم يحاصهم الوارث بشيء من وصيته وإن كان مع الوارث وارث غيره تحاص الوارث الذي أوصى له والأجنبيون في الثلث فما صار للاجنبيين في المحاصة أسلم إليهم وما صار للوارث من ذلك فإن شريكيه في مال الميت يخيرون فإن أحبوا أن ينفذوا ذلك له أنفذوه وإن أبوا ردوا ذلك فاقتسموه بينهم على فرائض الله عز وجل ( سحنون ) عن بن وهب قال أخبرني رجال من أهل العلم منهم بن سمعان وعبد الجليل بن حميد اليحصبي ويحيى بن أيوب أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين الفرشي حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح في خطبته لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة ( بن وهب ) عن عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وقال فإن أجازوا فليس لهم أن يرجعوا ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن عبد الله بن حبان اللثي عن رجل حدثه عن رجل منهم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها الناس إن الله قد فرض لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ( بن وهب ) عن شبيب بن سعيد أنه سمع يحيى بن أبي أنيسة الجزري يحدث عن أبي إسحاق الهمداني عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين قبل الوصية وليس لوارث وصية قال بن وهب وبلغني عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل أوصى بثلثه في سبيل الله فأراد بعض الورثة أن يغزو به قال ليس بذلك بأس فإنه وإن كان وارثا لمن أحق من خرج به إذا أذن الورثة وطيبوا ( بن وهب ) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل أوصى بثلثه في سبيل الله عز وجل قال فإن وليه يضعه حيث يرى في سبيل الله جل وعز فإن أراد وليه أن يغزو به وله ورثة غيره يريدون الغزو فإنهم يغزون فيه بالحصص فإن لم يكن له وارث غيره وهو يريد الغزو فليس به بأس أن
____________________
(15/57)
________________________________________
يستنفق منه بالمعروف فيما وضع فيه قال بن وهب وبلغني عن ربيعة في رجل توفيت امرأته وأوصت بوصية لبعض من يرثها وأوصت بوصية في سبيل الله عز وجل فسلم زوجها الوصية للورثة رجاء أن يعطوه الوصية التي في سبيل الله عز وجل لأنه غاز فمنع الوصية التي في سبيل الله عز وجل فأراد أن يرجع فيما أجاز للورثة من الوصية ( قال ) لا يرجع فيما أجاز ولا يحتج في طلب رد ما أعطى لرجاء شيء لم يقطع إليه ولم يقر له به
في الرجل يوصي أن يحج عنه ( قلت ) ما قول مالك في رجل أوصى عند موته أن يحج عنه أصرورة أحب إليه أن يحج عن هذا الميت أم من قد حج ( قال ) إذا أوصى بذلك أنفذ ذلك ويحج عنه من قد حج أحب إلي قال بن القاسم وأحب إلي إذا أوصى أن ينفذ ما أوصى به ولا يستأجر له إلا من قد حج وكذلك سمعت أنا منه ( قال ) وإن استأجروا من لم يحج أجزأ ذلك عنهم ( قلت ) أرأيت ان دفعوا وصية هذا الميت إلى عبد ليحج عن هذا الميت أيجزئ عن الميت ( قال ) لا ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن العبد لا حج له فمن ثم رأيت أن لا يحج عن هذا الميت وكذلك الصبيان ( قلت ) فالمرأة تحج عن الرجل والرجل عن المرأة ( قال ) لا بأس بذلك ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) والمكاتب والمعتق بعضه وأم الولد والمدبر في هذا عندك بمنزلة العبيد لا يحجون عن ميت أوصى ( قال ) نعم ( قلت ) فمن يضمن هذه النفقة التي حج بها هذا العبد عن الميت ( قال ) نعم ( قلت ) فمن يضمن هذه النفقة التي حج بها هذا العبد عن الميت ( قال ) الذي دفع إليهم المال ( قلت ) وهل يجوز أن يدفعوا إلى عبد أو إلى صبي أن يحج عن الميت في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يجوز وأرى ان دفعوا ذلك إلى عبد أو صبي ضمنوا ذلك إلا أن يكون عبدا ظنوا أنه حر ولم يعرفوه واجتهد الدافع قال سحنون وقال غيره ليس جهلهم بالذي يزيل عنهم الضمان ( قلت ) أرأيت إن أوصى أن يحج عنه هذا العبد نفسه أو هذا الصبي نفسه ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى
____________________
(15/58)
________________________________________
أن يدفع ذلك إليهما فيحجا عن الرجل إذا أذن السيد لعبده أو أذن الوالد لولده ولا ترد وصيته ميراثا لأن الحج بر وإن حج عنه صبي أو عبد لأن حجة العبد والصبي تطوع فالميت لو لم يكن ضرورة فأوصى بحجة تطوعا أنفذ ذلك ولم ترد وصيته إلى الورثة فكذلك هذا ( قلت ) أرأيت الصبي إن لم يكن له أب وأذن له الولي أن يحج عن الميت أيجوز إذنه ( قال ) لا أرى بذلك بأسا إلا أن يخاف عليه في ذلك ضيعة أو مشقة من السفر فلا أرى ذلك يجوز ولم أسمع من مالك فيه شيئا وإنما قلته لأن الولي لو أذن له أن يتجر وأمره بذلك جاز ذلك ولو خرج في تجارة من موضع إلى موضع بإذن الولي لم يكن بذلك بأس فإذا كان هذا له جائزا فجائز له أن يحج عن الميت إذا أوصى إليه الميت بذلك إذا أذن له الولي وكان قد قوي على الذهاب وكان له ذلك نظرا ولم يكن عليه ضررا قال سحنون وقال غيره لا يجوز للوصي أن يأذن لليتيم في هذا ( قلت ) أرأيت إن لم يأذن له الولي ( قال ) أرى أن يوقف المال حتى يبلغ الصبي فإن حج به الصبي وإلا رجع ميراثا ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا قال بن القاسم وهذا الذي أوصى أن يحج عنه هذا الصبي علمنا أنه إنما أراد التطوع ولم يرد الفريضة ( قال ) ولو أنه كان ضرورة وقصد قصد رجل بعينه فقال يحج عني فلان فأبى فلان أن يحج عنه ( قال ) يحج عنه غيره ( قال ) وهذا قول مالك وقال وليس التطوع عندي بمنزلة الفريضة ( قال ) وهذا إذا أوصى بحجة تطوع أن يحج عنه رجل بعينه فأبى ذلك الرجل أن يحج عنه ردت إلى الورثة ( سحنون ) وقال غيره لا يرجع إلى الورثة والصرورة في هذا وغير الصرورة سواء لأن الحج إنما أراد به نفسه وليس مثل الصدقة على المسكين بعينه ولا هذا العبد بعينه لأن تلك لأقوام بأعيانهم قال بن القاسم ومثل ذلك مثل رجل قصد قصد مسكين بعينه فقال تصدقوا عليه بمائة دينار من ثلثي فمات المسكين قبل الموصي أو أبى أن يقبل رجعت ميراثا إلى ورثته أو قال اشتروا عبد فلان بعينه فأعتقوه عني في غير عتق عليه واجب وأبى أهله أن يبيعوه رجعت الوصية ميراثا للورثة بعد الاستيناء والإياس من العبد
____________________
(15/59)
________________________________________
( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قال أحجوا فلانا حجة في وصيته ولم يقل عني أيعطي من الثلث شيئا في قول مالك ( قال ) يعطى من الثلث بقدر ما يحج به إن حج فإن أبى أن يحج فلا شيء له ولا يكون له أن يأخذ المال ثم يقعد ولا يحج فإن أخذ المال ولم يحج أخذ منه ولم يترك له إلا أن يحج
في الرجل يوصي أن يحج عنه وارث ( قلت ) أرأيت إن أوصى أن يحج عنه وارث ( قال ) سمعت مالكا يقول الوصية جائزة ويعطى هذا الوارث قدر النفقة والكراء فإن كان فيما أوصى به الميت فضل عن كرائه ونفقة مثله لم يعط الفضل ورد الفضل إلى الورثة ( قلت ) متى سمعت هذا من مالك أراك ها هنا تخبر عن مالك أنه يجيز الوصية في الحج ويأمر بأن تنفذ وقد أخبرتني أن مالكا كان يكره ذلك ( قال ) إنما كان يكرهه ولا يرى أن يفعل به ويقول إذا أوصي به أنفذت الوصية ولم ترد ويحج عنه فهذا قول مالك الذي لا نعلمه اختلف فيه عندنا ( قلت ) أرأيت هذه الوصية في الحج التي تذكر عن مالك أفريضة هي أم نافلة ( قال ) الذي سمعنا من مالك في الفرائض قال بن القاسم وإن أوصى بذلك في غير فريضة رأيت أن تجوز وصيته ( قلت ) أرأيت إن أوصى هذا الميت فقال يحج عني فلان بثلثي وفلان ذلك وارث أو غير وارث كيف يكون هذا في قول مالك ( قال ) قال مالك إن كان وارثا دفع إليه قدر كرائه ونفقته ورد ما بقي على الورثة ( قال ) وإن كان غير وارث دفع إليه الثلث يحج به عن الميت فإن فضل من المال عن الحج شيء فهو له يصنع به ما شاء ( قلت ) لم جعل مالك لهذا الرجل ما فضل عن الحج ( قال ) سألنا مالكا عن الرجل يدفع إليه النفقة ليحج عن الرجل فيفضل عن حجه من النفقة فضلة لمن تراها قال مالك إذا كانوا استأجروه فله ما بقي وإن كان أعطى على البلاغ رد ما بقي ( قلت ) فسر لي ما الاجارة وما البلاغ ( قال ) إذا استؤجر بكذا وكذا دينارا على أن يحج عن فلان فهذه الإجارة له ما زاد وعليه ما نقص وإذا قيل له خذ هذه الدنانير فحج منها من فلان على أن علينا ما نقص عن
____________________
(15/60)
________________________________________
البلاغ أو يقال له خذ هذه الدنانير فحج منها عن فلان فهذا على البلاغ وليست هذه إجارة ( قال ) والناس يعرفون كيف يأخذون ان أخذوا على البلاغ فهو على البلاغ وإن أخذوا على أنهم قد ضمنوا الحج فقد ضمنوا الحج
في المريض تحل عليه زكاة ماله ( قلت ) أرأيت ان أخرج رجل زكاة ماله ثم مات قبل أن ينفذها ( قال ) سألت مالكا عن الرجل تحل عليه زكاة ماله يقدم عليه المال الغائب من البلد ويعرف أنه قد حلت عليه زكاة ماله فيخرجها وهو مريض من أين تراها أمن رأس المال أم من الثلث ( قال ) قال مالك أما ما تبين هكذا حتى يعلم أنه قد أخرج ما حل عليه مثل أن يكون يأتيه المال الغائب أو اقتضى الدين وهو مريض وقد حلت فيه الزكاة فأراها من رأس المال وليست من الثلث ( قلت ) أرأيت إن قدمت عليه أموال قد عرف الناس أن زكاتها قد حلت عليه واقتضى ديونا قد حلت زكاتها عليه فمات من يومه قبل أن يخرج زكاتها أتجبر الورثة أم يؤمرون بإخراج زكاته أم لا ( قال ) لا أرى أن يجبروا على ذلك إلا أن يتطوعوا بذلك
في الرجل يوصى بدينار من غلة داره كل سنة ( قلت ) أرأيت إن أوصى لرجل بدينار من غلة داره كل سنة والثلث يحمل ذلك فأكراها الورثة بعشرة دنانير في أول السنة فدفعوا إلى الموصى له دينارا ثم بارت الدار تسع سنين فلم يجدوا من يكتريها أو أكروها بأقل من دينار بعد ذلك أو انهدمت الدار ( قال ) يرجع الموصى له بالدينار على الورثة في تلك الدنانير التي أخذوها من كراء الدار أول سنة فيأخذ منها لكل سنة دينارا حتى يستوفيها لأنها من كراء الدار ولأن كراء الدار لا شيء للورثة منه إلا بعد ما يستوفي الموصى له ديناره وكذلك لو أكروها بعشرة دنانير في السنة فضاعت الدنانير إلا دينارا واحدا كان هذا الدينار للموصى له بالدينار ( قال ) ولو قال أعطوا فلانا من كراء كل سنة دينارا لم يكن له من تلك العشرة التي أكروها تلك السنة إلا دينار واحد فإن بارت الدار بعد ذلك أو
____________________
(15/61)
________________________________________
انهدمت لم يكن للموصى له من تلك الدنانير شيء لأنه إنما جعل له الميت من كراء كل سنة دينارا ( قال ) وقد بلغني عن مالك أنه سئل عن رجل حبس علي رجل خمسة أوسق من ثمرة حائطة في كل سنة فمضى للنخل سنتان يصيبها الجوائح لا يرفعون منها شيئا ثم أثمرت في السنة الثالثة فجدوا منها ثمرا كثيرا ( قال ) قال مالك يعطى لما مضى من السنتين لكل سنة خمسة أوسق يبدأ بها على الورثة فإن كانت كفافا أخذها وإن أوصى فقال أعطوه من غلة كل سنة خمسة أوسق فمضى للنخل سنتان يصيبها الجوائح لا يرفعون منها شيئا ثم أثمرت في السنة الثالثة ( قال ) قال مالك يبدأ على الورثة فيأخذ لسنة واحدة وإن كان كفافا أخذه وإن كان أقل لم يكن له في ثمرة العام الثاني قليل ولا كثير من نقصان العام الأول وإن كان في العام الأول فضل عن خمسة أوسق كان للورثة ولم يكن على الورثة من نقصان العام الثاني شيء مما أخذوا من الفضلة في العام الأول
في الرجل يوصي بغلة داره للمساكين ( قلت ) أرأيت إن أوصى بغلة داره أو بغلة جنانه للمساكين أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) قال مالك نعم
في الرجل يوصي بخدمة عبده حياته فيريد أن يبيعه من الورثة بنقد أو بدين ( قلت ) أرأيت إن أوصى لي بخدمة عبده حياتي أيجوز لي أن أبيع ذلك من الورثة في قول مالك ( قال ) قال مالك من أخدم رجلا عبدا حياته أو حبس عليه مسكنا فإنه يجوز له أن يشتريه منه ولا يجوز لاجنبي أن يشتريه منه ( قال ) إلا أن مالكا قال فإن أكل من صار له ذلك ممن يرجع إليه مثل الورثة أنه جائز له أن يشتريه كما كان لصاحبه ( قال ) ولقد قال لي مالك في الرجل يعرى الرجل العرية ثم يبيع بعد ذلك حائطه أو يبيع ثمرته أنه يجوز لمشتري الثمرة أن يشتريه كما كان يجوز لصاحبه أن
____________________
(15/62)
________________________________________
يشتريه ( قلت ) وكذلك هذا في المساكن إذا سكن الرجل حياته في وصيته أو غير وصيته ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت هذا الذي أوصى لرجل بخدمة عبد له أيجوز له أن يبيعه من الورثة بدين في قول مالك ( قال ) لا أرى بذلك بأسا ولا أقوم على حفظه عن مالك ( قلت ) ولا يجوز لي أن أبيع خدمته من أجنبي مثل ما كان يجوز فيما بيني وبين الورثة ( قال ) قال مالك لا ينبغي له أن يبيع خدمته من أجنبي لأنه غرر لا يدري كم يعيش إلا أن يوقت وقتا قريبا وليس بالبعيد ( قلت ) وما هذا القريب ( قال ) السنة والسنتان والأمر المأمون ولا يكريه إلى الاجل البعيد الذي ليس بمأمون وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت لو أني اكتريت رجلا من رجل عبدا عشر سنين أيجوز هذا في قول مالك قال سألت مالكا عنه فقال ما رأيت أحدا يفعله وما أرى به بأسا ( قلت ) فما فرق ما بين الخدمة التي أوصى بها وهذا الذي ابتدأ إجارة العبد جوزته لهذا ولم تجوزه لذلك الاجل البعيد ( قال ) لأن سيد العبد إذا مات ثبت الكراء لمن تكاراه على الورثة حتى يستكمل سنيه ولان الموصى له بالخدمة إذا مات بطل فضل ما تكارى إليه لأنه يرجع إلى الورثة ولا يجوز من ذلك إلا الأمر المأمون ( قلت ) فلو أوصى لرجل بخدمة عبده عشر سنين فأكراه الموصى له بالخدمة اكراه عشر سنين أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) نعم ولا يشبه هذا الموصي له بالخدمة حياته لأن من أوصى بخدمة عبده سنين ثم مات الذي أوصى له بخدمة العبد فورثته يرثون خدمته بقية تلك السنين ( قلت ) أرأيت الذي أوصي له بخدمة العبد حياته فصالح الورثة من خدمته على مال أخذه فمات العبد وبقي المخدم حيا أيرجع عليه الورثة بشيء مما أخذ منهم أم لا ( قال ) لا يرجعون عليه بشيء ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم وهو بيع تام لأنهم إنما أخذوه ليجوز فعلهم فيه فهو كالشراء التام
في الرجل يوصى بسكنى داره أو بخدمة عبده لرجل يريد أن يؤاجرها ( قلت ) أرأيت إن أوصى لي بسكنى داره أيكون لي أن أؤاجرها أم لا ( قال ) نعم
____________________
(15/63)
________________________________________
( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك إن أوصى لي بخدمة عبده ( قال ) نعم له أن يؤاجره إلا أن يكون عبدا قال له اخدم ابني ما عاش ثم أنت حر أو اخدم بن أخي أو ابنتي أو ما أشبه هذا ثم أنت حر فيكون من العبيد الذين لا يراد بهم الخدمة وإنما ناحيتهم الحضانة والكفالة فليس له أن يؤاجره لأني سألت مالكا عن الرجل يقول لعبده اخدم ابني أو ابنتي أو بن أخي عشر سنين ثم أنت حر أو يقول اخدمه حتى يحتلم أو حتى تتزوج الجارية ثم أنت حر يقول ذلك لعبده أو لجارية له ثم يموت الذي قيل له اخدمه قبل الاجل ما يصنع بالعبد والوليدة ( قال ) قال مالك إن كان ممن أريد به الخدمة خدم ورثة الميت إلى الاجل الذي جعل له ثم هو حر وإن كان العبد ممن لا يراد به ناحية الخدمة الفراهيته وإنما أريد به ناحية الكفالة والحضانة والقيام عجل له العتق الساعة ولم يؤخره ( قال ) وقال مالك فهذا أمر قد نزل ببلدنا وحكم به وأشرت به قال بن القاسم فانظر فإن كان هؤلاء العبيد في مسألتك من العبيد الذين يراد بهم الخدمة فله أن يؤاجرهم وإن كانوا ممن لا يراد بهم الخدمة وإنما أريد بهم الحضانة فليس له أن يؤاجرهم مثل الذي أخبرتك عن مالك ( بن وهب ) عن يونس عن ربيعة أنه قال في رجل له عبد وله بن فقال لعبده إذا تزوج ابني فلان فأنت حر فبلغ ابنه فتسرى أو قال الابن لا أتزوج أبدا وله مال كثير ( قال ) العبد عتيق وذلك لأنه لم يكن لأبيه فيما اشترط لابنه حاجة طلبها لابنه إلى العبد في تزوجه ولكن أراد أن يبلغ أشده وأن يستعين بالعبد فيما دون ذلك من السنين في حاجاته
في الرجل يوصي للرجل بثمرة حائطه حياته فيصالحه الورثة من وصيته على مال ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أوصى لرجل بثمرة حائطه في حياته فمات الموصى والثلث يحمل الحائط فصالح الورثة الموصى له بثمرة الحائط على مال دفعوه إليه وأخرجوه من وصيته في الثمرة ( قال ) سمعت مالكا يقول في الرجل يسكن الرجل داره حياته فيريد
____________________
(15/64)
________________________________________
بعد ذلك أن يبتاع السكنى منه ( قال ) قال مالك لا بأس بذلك فكذلك مسألتك وأرى لصاحب النخل أن يشتريها ولورثته لأن الأصل لهم وإنما شراؤهم ثمرة النخل ما لم يثمر الخل كشرائهم السكن التي أسكن في الغرر سواء فلا أرى به بأسا لأن كل من حبس على رجل حائطا حياته أو دارا حياته فأراد أن يشتريهما جميعا لم يكن بذلك بأس فهذا يدلك على مسألتك لأنه لا بأس بها لمن تصير الدار إليه قال بن وهب وبن نافع وقال عبد العزيز بن أبي سلمة في الدار مثله قال سحنون والرواة كلهم في الدار على ذلك لا أعلم بينهم فيه اختلافا
في الرجل يوصى بجنانه لرجل فيثمر الحائط قبل موت الموصى أو بعد موته ( قلت ) أرأيت رجلا أوصى بجنانه لرجل في مرضه فأثمر الحائط قبل موت الموصي بسنة أو سنتين فمات الموصي والثلث يحمل الحائط وما أثمر في تلك السنين لمن تكون تلك الثمرة التي أثمرت الخل بعد الوصية وقبل موت الموصي في قول مالك ( قال ) قال مالك في رجل أوصى بخادمة لرجل فولدت قبل موت الموصي أن ولدها للورثة وليس للموصى له في ولدها شيء ( قال ) وقال مالك ولو أوصى بعتقها بعد موته ثم ولدت قبل موته فولدها رقيق فهذا يدلك على أن الثمرة التي أثمرت النخل قبل موت الموصي أنها لا تكون للموصي له بالحائط وكذلك إذا أبرت النخل أو ألقحت الشجر قبل موت الموصي ( قلت ) أرأيت ما أثمر الحائط قبل أن يقتسموا أو يجمعوا المال ثم جمعوا المال فحمل الثلث الحائط لمن تكون الثمرة قال بن القاسم في الرجل يدبر عبده ثم يموت فيوقف مال المدبر حتى يجمع مال الميت فيكتسب المدبر مالا قبل أن يجمع مال الميت فإن مال المدبر الذي مات السيد عنه وهو في يديه يقوم في ثلث مال الميت ولا يقوم في ثلث الميت ما أفاد من مال كسبه بعد موت السيد ويكون ذلك موقوفا فإن حمله الثلث بماله الذي مات السيد وهو في يديه كان ما كسب أو أفاد للمدبر وللعبد الموصى بعتقه وللموصى له بالعبد ان كان أوصى به
____________________
(15/65)
________________________________________
لأحد ( قال ) وليس له أن يبيع ولا يشتري فإن فعل فربح مالا في ماله الذي تركه سيده في يديه بعد موت سيده من سلع اشتراها كان ذلك الربح بمنزلة المال الذي مات السيد عنه وهو في يديه يقوم به مع رقبته والربح ها هنا خلاف للفوائد وللكسب ( قال ) وإن أعتقه في مرضه بتلا ولا مال للعبد فوقف العبد لما يخاف من تلف المال فأفاد مالا ( قال ) فلا يدخل ما أفاد العبد بعد العتق قبل موت سيده ولا بعده في شيء من ثلثه وكان فيما أفاد بعد عتقه بتلا بمنزلة من أوصى له بالعتق بعد موت سيده ويجري مجراه فيما كان في يديه وما أفاد ( قال ) وإن استحدث المريض الذي أعتق بتلا دينا كان ما استحدث من الدين مضرا بالعبد ويلحقه لان ما استحدث من الدين بمنزلة ما تلف من المال ولأنه كان لا يمنع من البيع والشراء ( قال ) والثمرة إذا ما أثمرت بعد موت الموصي فهي للموصى له إذا خرجت النخل من الثلث ولا تقوم الثمرة مع الاصل لأنها ليست بولادة فتقوم معها وإنما تقوم مع الأصل بعد موت الموصي الولادة وما أشبهها والثمرة ها هنا بمنزلة الخراج والغلة وهو رأيي قال سحنون وقد قال لنا غير هذا القول وهو قول أكثر الرواة إن ما اجتمع في يدي المدبر بعد موت سيده من تجارة في حال الوقف لاجتماع المال مال السيد من كسبه أو في مال ان كان له قبل موت سيده من تجارة فيه أو من عمل يديه أو من فوائد طلعت له من الهبات وغيرها إلا ما جنى به عليه فأخذ له أرشا فإن ذلك مال لسيده الميت فجميع ما صار في يد المدبر مما وصفت لك يقوم مع رقبته وهو كماله الذي مات سيده عنه وهو في يديه فإن خرجت الرقبة به من الثلث خرج حرا وكان المال له وإن لم تخرج فما خرج منه ان خرج نصفه عتق نصفه وبقي المال في يديه موقوفا لأنه صار له شرك في نفسه فالعبد الموصي بعتقه بعد الموت أو ما أعتق بتلا في مرضه والعبد الموصي به لرجل والنخل الموصي بها مثل ما وصفت لك في المدبر ان خرجت النخل وثمرها الموقوف والعبد الموصي به لرجل وكسبه الموقوف فإنه يقوم مع رقبته وتقوم الثمرة مع رقاب النخل فإن خرج جميع ذلك من الثلث كان لمن أوصي له به وإن
____________________
(15/66)
________________________________________
خرج نصف ذلك فللموصى له به نصف ذلك فللموصى له به نصف النخل والثمرة وللموصى له بالعبد نصف العبد ويبقى المال موقوفا في يد العبد للشرك الذي في العبد بين الورثة والموصى له بالعبد فخذ هذا الباب على هذا ان شاء الله تعالى وهو أعدل أقاويل أصحابنا
في الرجل يوصى للمساكين بغلة داره في صحته أو مرضه ويلي تفرقتها ويوصى إن أراد وارثه ردها فهي للمساكين ( قلت ) أرأيت ان قال غلة داري في المساكين صدقة وأنا أفرقها عليهم وهي في يدي حتى أموت وهو صحيح سوي يوم قال هذا القول وقال فإن أراد أحد من ورثتي من بعدي أن يردها فهي وصية من ثلثي تباع فيعطي للمساكين ثمنها ( قال ) ذلك نافذ ولو قال هي على بعض ورثتي ألى أنا قسمتها فإن مت فرد ذلك ورثتي بيعت وتصدق بثمنها على المساكين لم ينفذ وكانت ميراثا للورثة وذلك أن بعض من أثق به من أهل العلم سئل عن الرجل يوصي فيقول غلامي هذا لفلان ابني وله ولد غيره فإن لم ينفذوا ذلك له فهو حر فلم ينفذوه فلا حرية له وهو ميراث ولو قال هو حر أو في سبيل الله إلا أن يشاء ورثتي أن ينفذوه لابني كان ذلك كما أوصى إلا أن ينفذوه لابنه فاشتراط الصحيح مثل هذا ما أقره في يديه لورثته مثله ويشترط عليهم ان لم ينفذوه فهو في سبيل الله فلا يجوز وما اشترط للمساكين فإن هم لم ينفذوه فهو في وجه من وجوه الخير فهي جائزة وهي وصية ( قال ) ولقد قال مالك في رجل أوصى لوارث بثلث ماله أو بشيء من ماله وقال ان لم يجز الورثة ذلك فهو في سبيل الله ( قال ) مالك فهذا الضرر فلا يجوز ذلك للوارث ولا في سبيل الله ويرد ذلك إلى الورثة ( قال ) وقال مالك ومن قال داري أو فرسي في سبيل الله إلا أن يشاء ورثتي أن يدفعوا ذلك لابني فلان فإن ذلك جائز ينفذ في سبيل الله إن لم ينفذوه للابن وليس لهم أن يردوه
____________________
(15/67)
________________________________________
في الرجل يوصي للرجل بالوصيتين إحداهما بعد الأخرى ( قلت ) أرأيت إن أوصى فقال لفلان ثلاثون دينارا ثم قال ثلث مالي لفلان لذلك الرجل بعينه أيضرب بالثلث وبالثلاثين مع أهل الوصايا في قول مالك أم لا ( قال ) يضرب بالأكثر عند مالك ( قلت ) أرأيت إن قال لفلان دار من دوري ثم قال بعد ذلك لفلان ذلك الرجل بعينه من دوري عشرة دور وللميت عشرون دارا ( قال ) سمعت مالكا وسئل عن رجل قال لفلان من أرضي مبذر عشرين مذيا في وصيته ( قال ) ينظركم الأرض كلها مبذركم هي فإن كانت مبذر مائتي مدى قسمت فأعطى الموصى له عشر ذلك يضرب له بالسهم فإن وقعت وصيته وكانت مبذر خمسة أمداء لكرم الارض وارتفاعها أو وقع في ذلك مبذر أربعين مديا لرداء الأرض كان ذلك له ( قال ) فالدور عندي بهذه المنزلة وهذا كله إذا حمل الثلث الوصية فإن لم يحمل الثلث فمقدار ما حمل بحال ما وصفت لك وإن لم يحمل الثلث ذلك فأجازت الورثة كان ذلك جائزا بحال ما وصفت لك ( قلت ) وإن كانت الدور في بلدان شتى ( قال ) نعم وإن كانت في بلدان شتى يعطى عشر كل ناحية قال بن القاسم قلت لمالك فإن أوصي له في الأولى بعدة دنانير ثم أوصي لذلك الرجل بعينه بعدة دنانير هي أقل من الأولى ( قال ) قال مالك يؤخذ له بالذي هو أكثر ( قال ) وبلغني عن مالك أنه قال وإن أوصى له في الوصية الآخرة بغير الدنانير جازة جميعا قال وقال لي مالك وإن أوصي له في الاولى بدنانير هي أكثر من الآخرة أخذ له بالأكثر من ذلك ولا يجمعان له إذا كانت دنانير عليها قال بن القاسم قال مالك ويؤخذ له بالاكثر كانت من الأولى أو من الآخرة كلها ( قلت ) فإن كانت دراهم أو حنطة شعيرا أو صنفا من الأصناف مما يكال أو يوزن فقال لفلان وصية في مالي عشرة أرادب حنطة ثم قال لفلان ذلك الرجل بعينه مرة أخرى في مالي وصية خمسة عشر أردبا من حنطة ( قال ) هذه بمنزلة الدنانير ( قلت ) فإن قال لفلان من غنمي عشر شياه وصية ثم قال لفلان ذلك الرجل بعينه مرة أخرى في غنمي عشرون شاة
____________________
(15/68)
________________________________________
أكنت تجعل هذه بمنزلة الدنانير ( قال ) نعم أجعلها بمنزلة الدنانير كما أخبرتك في الدنانير عن مالك وأنظر إلى عدة الغنم فإن كانت مائة أعطيته خمسها بالسهم فإن وقع له في سهمه ثلاثون أو عشرون أو عشرة لم يكن له غيرها وكذلك فسر لي مالك في الذي يقول لفلان عشرون شاة من غنمي وهي مائة شاة إن له خمسها يقسم له بالسهام يدخل في ذلك الخمس ما دخل منها ( قلت ) أرأيت إن قال لفلان عبدان من عبيدي ثم قال بعد ذلك لفلان ذلك الرجل بعينه عشرة أعبد من عبيدي ( قال ) أجعلها وصية واحدة وآخذ له بالأكثر بمنزلة العين ( قال ) وإنما الوصيتان إذا اجتمعتا من نوع واحد مثل وصية واحدة آخذ للموصي له بالاكثر كانت وصية الميت الآخرة هي الأكثر أو الأولى فهو سواء ويعطى الموصى له الاكثر ولا يجتمعان له جميعا لأن مالكا قال في الدنانير يعطى الذي هو أكثر فعلى هذا رأيت ذلك
في الرجل يوصى للرجل بالوصية ثم يوصي بها لرجل آخر ( قلت ) أرأيت إن قال داري لفلان ثم قال بعد ذلك داري لفلان لرجل آخر والدار التي أوصي بها هي دار واحدة أيكون قوله الآخر نقضا لقوله الأول إذا قال داري أو دابتي أو ثوبي لفلان ثم قال بعد ذلك لدابته تلك بعينها دابتي لفلان أو قال في ثوبه ذلك ثوبي لفلان يريد رجلا آخر أتكون وصيته الآخرة نقضا لوصيته الأولى في قول مالك ( قال ) الذي سمعت من قول مالك وبلغني عنه أنه بينهما نصفين
ومما يبين لك قول مالك هذا إن الذي يقول ثلثي لفلان ثم يقول بعد ذلك جميع مالي لفلان أنهما يتحاصان في الثلث على أربعة أجزاء فهذا يدلك على مسئلتك ألا ترى أنه حين قال ثلث مالي لفلان ثم قال بعد ذلك جميع مالي لفلان لم يكن قوله هذا مالي لفلان نقضا للوصية الأولى حين قال ثلث مالي لفلان ( قلت ) وإذا أوصى بثلث ثلاث دور له فاستحق منها داران أو أوصى بثلث داره فاستحق منها الثلثان ( قال ) لا ينظر إلى ما استحق وإنما يكون للموصى له ثلث ما بقي وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت إن قال الرجل العبد الذي أوصيت به لفلان هو وصية لفلان لرجل
____________________
(15/69)
________________________________________
آخر ( قال ) قال لي مالك إذا كان في الوصية الآخرة ما ينقض الأولى فإن الآخرة تنقض الأولى فأرى هذا نقضا للوصية الاولى ( قلت ) وكذلك إن قال عبدي فلان هذا إن مت من مرضي هذا فهو حر ثم أوصى بذلك العبد لرجل أتراه قد نقض ما كان جعل له من العتق ( قال ) إذا قال عبدي فلان حر هذا هو ثم قال بعد ذلك هو لفلان فأراه ناقضا لوصيته وأراه كله لفلان وإذا قال عبدي لفلان ثم قال بعد ذلك هو حر فإنه أيضا يكون حرا ولا يكون لفلان الموصى له به فيه قليل ولا كثير ولا يشبه هذا الذي أوصى به لرجل ثم يوصى به بعد ذلك لآخر لان تلك عطية يجوز أن يشتركا فيها وهذا عتق لا يشترك فيه فهذا رأيي ( سحنون ) عن بن وهب عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن دينار أنه قال في رجل حضره سفر فكتب وصيته فلما حضره الموت كتب وصية أخرى وهو في سفره ذلك ( قال ) كلتاهما جائزة إن لم يكن نقض في الآخرة من الأولى شيئا ( بن وهب ) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل اشتكى وقد كان أوصى في حياته بوصية ان حدث به حدث الموت فصح من ذلك المرض فمكث بعد ذلك سنين ثم حضرته الوفاة فأوصى بوصايا أخر أعتق فيها ( قال ) إن كان علم بوصيته الاولى فأقرها فإن ما كان في الوصية الآخرة من شيء ينقض ما كان في الاولى فإن الآخرة أولى بذلك وما كان في الأولى من شيء لم يغيره في الوصية الآخرة فإنهما ينفذان جميعا على نحو ذلك ( بن وهب ) عن عبد الجبار عن ربيعة أنه قال في الرجل يوصي بوصية بعد وصيته الأولى أن الآخرة تجوز مع الأولى ان لم يكن في الآخرة نقض لما في الأولى قال بن وهب وقال مالك مثله
في الرجل يوصي للرجل بمثل نصيب أحد بنيه ( قلت ) أرأيت إن أوصى رجل لرجل بمثل نصيب أحد بنيه وله ثلاثة بنين ( قال ) سمعت مالكا وسئل عن رجل يقول عند موته لفلان مثل نصيب أحد ورثتي ويترك رجالا ونساء ( قال ) قال مالك أرى أن يقسم ماله على عدة من ترك من الورثة الرجال
____________________
(15/70)
________________________________________
والنساء لا فضل بينهم الذكر والأنثى فيه سواء ثم يؤخذ حظ واحد منهم ثم يدفع إلى الذي أوصى له به ثم يرجع من بقي من الورثة فيجمعون ما ترك لميت بعد الذي أخذ الموصى له فيقتسمون ذلك على فرائض الله عز وجل للذكر مثل حظ الأنثيين ( قال ) فأرى أن يكون للموصى له الثلث في مسألتك وهو رأيي
في الرجل يوصي لغني وفقير ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث مالي لفلان وفلان وأحدهما غني والآخر فقير ( قال ) الثلث بينهما نصفين
في الرجل يوصي لولد ولده فيموت بعضهم ويولد لبعضهم ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث مالي لولد ولدي ( قال ) قال مالك ذلك جائز إذا كانوا غير ورثته ( قلت ) أرأيت إن مات بعد موت الموصي من ولد ولده بعضهم وولد غيرهم وذلك قبل أن يجمعوا المال ويقسم ( قال ) قال مالك في رجل أوصي لأخواله وأولادهم أو لمواليه بثلثه فمات منهم بعد موته نفر وولد لآخرين منهم وذلك قبل القسمة ( قال ) قال مالك إنما يكون الثلث على من أدرك القسم منهم ولا يلتفت إلى من مات منهم بعد موت الموصي قبل أن يقسم المال قال مالك لا شيء لأولئك فمسألتك مثل هذا ( قلت ) أرأيت إن قال رجل ثلث مالي لهؤلاء النفر وهم عشرة رجال فمات أحدهم بعد موت الموصي قبل قسمة المال ( قال ) أرى أن نصيب هذا الميت لورثته ( قلت ) فما فرق بين هذا وبين الأول ( قال ) لأن الأول إنما قال لولد ولدي أو لأخوالي وأولادهم أو لبني عمي أو لبني فلان فهذا لم يسم قوما بأعيانهم ولم يخصصهم فإنما يقسم هذا على من أدرك القسم ومن لم يدرك القسم فلا حق له وأما إذا ذكر قوما بأعيانهم فمن مات منهم بعد موت الموصي فورثته يرثون ما كان أوصى له به الموصي
____________________
(15/71)
________________________________________
في الرجل يوصي لولد رجل ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث مالي لولد فلان وولد فلان ذلك الرجل عشرة ذكور وإناث ( قال ) الذي سمعت من مالك أنه إذا أوصى بحبس داره أو ثمرة حائطه على ولد رجل أو على ولد ولده أو على بني فلان فإنه يؤثر به أهل الحاجة منهم في السكنى والغلة وأما الوصايا فإني لا أقوم على حفظ قول مالك فيها الساعة إلا أني أراها بينهم بالسوية قال سحنون وهذه المسألة أحسن من المسألة التي قال في الذي يوصي لأخواله وأولادهم قال سحنون وقد روى بن وهب في الأخوال مثل رواية بن القاسم إلا أن قول بن القاسم في هذه المسألة أحسن قال سحنون وكذلك يقول غيره وليست وصية الرجل لولد رجل أو لأخواله بمال يكون لهم ناجزا يقتسمونه بينهم بمنزلة وصيته لولد رجل أو لأخواله بغلة نخل يقسم عليهم محبسة عليهم موقوفة لأن معنى الحبس إنما قسمته إذا حضرت الغلة كل عام فإنما أريد بذلك مجهول قوم وإذا أوصي بشيء يقسم ناجزا يؤخذ مكانه فكان ولد الرجل معروفين لقلتهم وأنه يحاط بهم أو لأخواله فكانوا كذلك فكأنه أوصي لقوم مسمين بأعيانهم وإذا كانت الوصية لقوم مسمين على قوم مجهولين لا يعرف عددهم لكثرتهم مثل قوله على بني زهرة أو على بني تميم فإن هذه الوصية لم يرد بها قوما بأعيانهم لأن ذلك مما لا يحصى ولا يعرف وإنما ذلك بمنزلة وصيته للمساكين فإنما يكون ذلك لمن حضر القسم لأنه حين أوصي لبني زهرة أو لبني تميم أو للمساكين قد علم أنه لم يرد أن يعمهم وقد أراد أن ينفذ وصيته فيكون على من حضر ( قلت ) أرأيت إن أوصي رجل فقال ثلث مالي لولد فلان وليس لفلان يومئذ ولد وهو يعلم بذلك أو لا يعلم ( قال ) قال مالك من حبس دارا على قوم حبس صدقة فمات من حبسها عليه رجعت إلى أقرب الناس من المحبسين عصبة كانوا أو بنات أو غير ذلك حبسا عليهم فإن كان حيا فإنما يرجع الحبس إلى غيره ولا يرجع إليه ( قلت ) فإن لم يكن له قرابة إلا امرأة واحدة ( قال ) ترجع الدار إليها أو إلى عصبة الرجل ويؤثر أهل الحاجة ولا يرجع
____________________
(15/72)
________________________________________
إلى الذي حبس وإن كان حيا فأرى هذا حين مات ولده أن يرجع إلى قرابته حبسا في أيديهم لأنها قد حيزت ( قال ) وأما الوصية بثلث ماله فأراها جائزة لولد فلان ذكورهم وإناثهم فهما سواء وينتظر بها حتى ينظر أيولد لفلان أم لا يولد له إذا أوصى وهو يعلم بذلك أنه لا ولد له فإن أوصى وهو لا يعلم بأنه لا ولد له فإن الوصية باطل لأن مالكا قال في رجل أوصى بثلثه لرجل فإذا الرجل الموصى له قد مات قبل الوصية ( قال ) قال مالك إن كان علم بموته حين أوصى فهي للميت يقضى بها دينه ويرثها ورثته وإن لم يكن عليه دين وإن كان لم يعلم الموصى بموته فلا وصية له ولا لورثته ولا لأهل دينه فأرى مسئلتك مثل هذا ( قلت ) وسواء عندك إن كان أوصى لهذا الرجل ثم مات بعد ما أوصى له أو أوصى له وهو ميت ( قال ) إذا أوصى له وهو حي ثم مات الموصى له قبل موت الموصى فقد بطلت وصيته كذلك قال لي مالك وإن علم الموصى بموته فوصيته باطل ( قال ) وقال لي مالك ويحاص بها ورثة الموصي أهل الوصايا إذا لم يحمل الثلث وصاياهم ويكون ذلك لهم دون أهل الوصايا قال سحنون وقد قال مالك إذا علم الموصى بموت الموصى له فوصيته باطل ولا يحاص به أهل الوصايا ( سحنون ) وعلى هذا القول أكثر الرواة وإنما يحاص أهل الوصايا الورثة لوصية الموصى له إذا مات الموصى له قبل موت الموصى والموصى لا يعلم بموته لأن الموصى مات وقد أدخله على أهل الوصايا فمات الموصى والأمر عنده إن وصيته لمن أوصي له جائزة فلما بطلت بموت الموصى له قبل موت الموصى رجع ما كان له إلى الميت ووقف الورثة موقفه ودخلوا مدخله يحاصون أهل الوصايا بوصيته لأنه كذلك كان يحاصهم بوصيته ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن جعفر بن ربيعة القرشي عن بن شهاب أنه قال في رجل أوصى لرجل بوصية فتوفي الموصى له قبل الموصى قال يرجع إلى الموصى لأن الموصى له لم يستوجبها ( بن وهب ) عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة مثله أنه لا شيء له إذا علم أنه مات قبله ( بن وهب ) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال ليس للميت قبل أن يقبض وصيته شيء
____________________
(15/73)
________________________________________
في رجل أوصى لبني رجل ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث مالي لبني تميم أو ثلث مالي لقيس أتبطل وصيته أم تجيزها في قول مالك ( قال ) هي جائزة عند مالك ( قلت ) فلمن يعطيها ( قال ) على قدر الاجتهاد لانا نعلم أنه لم يرد أن يعم قيسا كلهم ( قال ) ولقد نزلت بالمدينة أن رجلا أوصى لخولان بوصية فأجازها مالك ولم ير مالك للموالي فيها شيئا
في الرجل يوصى لموالي رجل ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث مالي لموالي فلان فمات بعضهم قبل أن يقسم المال وأعتق فلان آخرين أو مات بعضهم وولد لبعضهم أولاد وذلك قبل القسمة ( قال ) هذا عندي بمنزلة ما وصفت لك في ولد الولد أراه لمن أدرك القسمة منهم قال سحنون وقد بينا هذا الاصل ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث مالي لموالي فلان ولفلان ذلك الرجل موال من العرب أنعموا عليه وله موال هو أعم عليهم ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولم أسمع أن مالكا قال في شيء من مسائله أو جوابه أنه يكون لمواليه الذين أنعموا عليه شيء وإنما محمل هذا الكلام على مواليه الذين هم أسفل
في الرجل يوصى لقوم فيموت بعضهم ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث مالي لفلان وفلان فمات أحدهما قبل موت الموصي ( قال ) لفلان الباقي نصف الثلث وترجع وصية الميت إلى الورثة ( قلت ) أرأيت إن قال لفلان عشرة دراهم من مالي ولفلان أيضا عشرة دراهم من مالي والثلث إنما هو عشرة دراهم فمات أحدهما قبل موت الموصى ( قال ) قد اختلف قول مالك فيها كان أول زمانه يقول إن علم بموته أسلمت العشرة إلى الباقي منهما وإن لم يعلم بموته حاص الورثة بها هذا الباقي فيكون للباقي خمسة دراهم ( سحنون ) وهذه الرواية التي عليها أكثر الرواة قال بن القاسم ثم كلماه فيها بعد ذلك بزمان فقال أرى أن تسلم العشرة إلى الباقي علم بموته أو لم يعلم ثم سألته بعد ذلك بسنين أيضا في آخر زمانه
____________________
(15/74)
________________________________________
فقال أرى أن يحاص بها الورثة علم الموصى بموته أو لم يعلم قال بن القاسم وقد ذكر بن دينار أن قوله هذا الآخر هو الذي يعرف من قوله قديما فهذه ثلاثة وجوه قد أخبرتك بها أنه قالها وكل قد حفظناه عنه وأنا أرى أن الورثة يحاصون بها علم الميت بموت الموصى له أو لم يعلم وهو قوله الآخر ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث مالي لفلان وثلثا مالي لفلان فمات أحدهما قبل الموصى ( قال ) هذا عندي مثل ما وصفت لك من الوصية في العشرة لهذا والعشرة لهذا فإن كان الذي مات منهما صاحب الثلث كان للباقي منهما ثلثا الثلث في قول مالك الآخر وفي قوله الأول ان علم وإن لم يعلم فذلك مختلف بحال ما وصفت لك فقس عليه وفي قوله الأوسط يسلم إليه جميع الثلث أيهما مات منهما أسلم إلى الباقي جميع الثلث فعلى هذا فقس جميع ما يرد عليك من هذه الأقاويل والذي آخذ به أنه ليس له إلا ثلثا الثلث ويحاصه الورثة به علم أو لم يعلم ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث مالي لفلان وفلان فمات الموصى ثم مات أحد الرجلين الموصى لهما قبل قسمة المال ( قال ) قال مالك نصيب الميت لورثته
في إجازة الورثة للموصى أكثر من الثلث ( قلت ) أرأيت إن أوصي في مرضه بأكثر من الثلث فأجازت الورثة ذلك من غير أن يطلب إليهم الميت ذلك أو طلب إليهم فأجازوا ذلك فلما مات رجعوا عن ذلك وقالوا لا نجيز ( قال ) قال مالك إذا استأذنهم فكل وارث بائن عن الميت مثل الولد الذي قد بان عن أبيه أو أخ أو بن عم الذين ليسوا في عياله فإنه ليس لهؤلاء أن يرجعوا وأما امرأته وبناته اللائي لم يبن منه وكل بن في عياله وإن كان قد احتلم فإن أولئك إن رجعوا فيما أذنوا له كان ذلك لهم ( قال ) وقد قال لي مالك في الذي يستأذن في مرضه أرى ذلك غير جائز على الولد والمرأة الذين لم يبينوا عنه ( قال ) وكل من كان يرثه مثل الاخوة الذين هم في عياله أو بني العم ويحتاجون إليه وهم يخافون ان هم منعوه إن صح أن يكون ذلك ضررا بهم في رفقه بهم كما يخاف على المرأة والابن الذي قد احتلم وهم في عياله وأرى أن إجازتهم ذلك خوف منه ليقطع
____________________
(15/75)
________________________________________
منفعته عنهم ولضعفهم ان صح فلم ير مالك إجازة هؤلاء إجازة وكذلك كل من كان ممن يرثه ممن هو في الحاجة إليه مثل الولد ( قلت ) أرأيت ابنته البكر وابنه السفيه أيجوز ما أذنوا للوالد قبل موته وإن لم يرجعوا بعد موته ( قال ) قال مالك لا تجوز عطية البكر فأرى عطيتها ها هنا لا تجوز وكذلك السفيه ( قلت ) ولم لا يكون للابن الذي هو بائن عن أبيه مستغن عنه أن يرجع فيما أجاز من وصية والده وهو لا يملك المال يوم أجاز ( قال ) قال مالك لو جاز ذلك لهم لكانوا قد منعوا الميت أن يوصى بثلثه لأنه كف عن ذلك للذي أجازوا ( سحنون ) ولأن المال قد حجر عن المريض لمكان ورثته ( قلت ) فالذين في حجره من ولده الذكور الذين قد بلغوا وليسوا بسفهاء وامرأته لم قال لهم أن يرجعوا ( قال ) لأنهم في عياله وليس إجازتهم ذلك بإجازة لموضع أنهم يخشون إن لم يجيزوا اعتداءه عليهم إن صح من مرضه ذلك فلذلك كان لهم ما أخبرتك ( قلت ) أرأيت المرأة والابن الذي ليس بسفيه وقد بلغ إلا أنه في عيال الأب أرأيت ما أجازوا في حياة صاحبهم أليس ذلك جائزا ما لم يرجعوا فيه بعد موته قال لم أسمع من مالك فيه شيئا أكثر من أنه قال لهم أن يرجعوا في ذلك وأرى أن أنفذوا ذلك ورضوا به بعد موته لم يكن لهم أن يرجعوا وكان ذلك جائزا عليهم إذا كانت حالهم مرضية ( بن وهب ) وأخبرني يونس عن بن شهاب أنه قال في ورثة أذنوا للموصى بعد أن أوصي بالثلث بعتق عبد فأذنوا فأعتقه ثم نزع بعضهم ( قال ) ليس للوارث بعد أن يأذن أن يرجع ( بن وهب ) قال أخبرني الخليل بن مرة عن قتادة عن الحسن مثله ( وقال ) عطاء بن أبي رباح ذلك جائز إن أذنوا ( بن وهب ) عن عبد الجبار عن ربيعة مثله
إجازة الوارث المديان للموصى بأكثر من الثلث ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أوصى بماله كله وليس له إلا وارث واحد والوارث مديان فأجاز الوصية فقام عليه غرماؤه فقالوا ليس لك أن تجيز وصية والدك وإنما يجوز من ذلك الثلث ونحن أولى بالثلثين لأنه قد صارت إجازتك إنما هي هبة منك
____________________
(15/76)
________________________________________
فنحن أولى بذلك وليس لك أن تهب هبة حتى نستوفي حقنا ( قال ) ذلك لهم في رأيي ويرد إليهم الثلثين فيقبضونه من حقهم
في إقرار الوارث المديان بوصية لرجل أو بدين على أبيه ( قلت ) أرأيت إن هلك والده وعلى الابن دين يغترق جميع ما ورث عن أبيه فأقر الابن ان والده كان أوصى لهذا الرجل بثلث ماله وكذبه غرماؤه وقالوا لم يوص والدك لهذا بشيء ( قال ) ان كان اقراره قبل أن يقام عليه بالدين جاز ذلك وإن كان اقراره بعد ما قاموا عليه لم يجز لأن مالكا قال لي في الرجل يكون عليه الدين فيقر لرجل بدين عليه ( قال ) ان كان اقراره قبل أن يقام عليه جاز ذلك وكان من أقر له يحاص الغرماء وإن كان إقراره بعد ما قاموا عليه فلا يجوز ذلك إلا ببينة فكذلك ما أقر به الوارث ولا يتهم لأنه لو أقر به على نفسه جاز وكذلك لو هلك والده فقال هذه ودائع عند أبي أو أقر لرجل بدين على أبيه وكذبه غرماؤه ( قال ) إن كان من أقر له حاضرا حلف وكان القول قوله إذا كان إقراره قبل أن يقام عليه فإن كان اقراره بعد أن يقام عليه لم يقبل قوله إلا ببينة وذلك أن مالكا سئل عن الرجل يشهد للرجل في الشيء في يده فيقول ان فلانا تصدق به على فلان ووضعه على يدي وينكر الذي هو له ( قال ) ان كان المشهود له حاضرا حلف مع شاهده وكان له وإن كان غائبا لم يقبل قوله لأنه يتهم أن يكون إنما أقر به لاقراره في يده
في الرجل يوصي للرجل بوصية فيقتل الموصى له الموصى عمدا ( قلت ) أرأيت إن أوصى رجل لرجل بوصية فقتل الموصى له الموصى عمدا أتبطل وصيته أم لا ( قال ) أراها تبطل ولا شيء له من الوصية ( قلت ) أرأيت إن قتلني رجل خطأ فأوصيت له بعد ما ضربني بثلث مالي أو أوصيت له بدابتي أو ببعض متاعي والثلث يحمل ذلك ( قال ) قال مالك ذلك جائز ( قلت ) لم أليس قد قلت لا وصية له لأنه يتهم أن يكون طلب تعجيل ذلك ( قال ) إن كان قتله خطأ جعلت
____________________
(15/77)
________________________________________
الوصية في ثلث المال غير الدية ولا تدخل وصيته في الدية ألا ترى أن الوارث لو قتله خطأ ورث من المال ولم يرث من الدية فكذلك هذا
في الرجل يوصي بدار لرجل والثلث يحمل فقالت الورثة لا نجيز ونعطيه ثلث الميت ( قلت ) أرأيت لو أوصى بداره لرجل والثلث يحمل ذلك فقالت الورثة لا نعطيه الدار ولكنا نعطيه ثلث مال الميت حيث كان ( قال ) ليس ذلك للورثة وله أن يأخذ الدار إذا كان الثلث يحمل الوصية وهذا قول مالك ألا ترى أن الدار لو غرقت حتى صارت بحرا بطلت وصية الموصى فهذا يدلك على أنه أولى بها
____________________
(15/78)
________________________________________
كتاب الهبات تغيير الهبة ( قلت ) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أن رجلا وهب لرجل هبة على أن يعوضه فتغيرت الهبة في يد الموهوب له بزيادة بدن أو نقصان بدن قبل أن يعوضه فأراد هذا الموهوب له أن لا يعوضه وأن يرد الهبة ( قال ) قال مالك ليس ذلك له وتلزم الموهوب له قيمتها ( قلت ) فإن حالت أسواقها ( قال ) لا أدري ما يقول مالك في حوالة أسواقها ولا أرى له شيئا إلا هبته إلا أن تفوت في بدنها بنماء أو نقصان
____________________
(15/79)
________________________________________
في الرجل يهب حنطة فيعوض منها حنطة أو تمرا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا وهب لرجل حنطة فعوضه منها بعد ذلك حنطة أو تمرا أو شيئا مما يؤكل أو يشرب أو مما يكال أو يوزن ( قال ) لا خير في ذلك لأن مالكا قال في الهبة إذا كانت حليا فلا يعوضه منها إلا عرضا فهذا يدلك على أن مالكا لا يجيز في عوض الطعام طعاما ( قلت ) فإن عوضه قبل أن يتفرقا ( قال ) لا بأس بذلك ( قلت ) لم ( قال ) لأن الهبة على العوض إنما هي بيع من البيوع عند مالك إلا أن يعوضه مثل طعامه في صفته وجودته وكيله فلا بأس بذلك ( قلت ) أرأيت إن وهب لرجل أثوابا فسطاطية فعوضه منها بعد ذلك أثوابا فسطاطية أيجوز ذلك أم لا في قول مالك قال بن القاسم لا يجوز هذا عند مالك إذا كانت أكثر منها لأن الهبة على العوض بيع
في الرجل يهب دارا فيعوض منها دينا على رجل فيقبل ذلك ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل هبة دارا أو غير ذلك فعوضني من الهبة دينا له على رجل وقبلت ذلك أو عوضني خدمة غلامه سنين أو سكنى دار له أخرى سنين أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) لا يجوز هذا عند مالك في الخدمة والسكنى لأن هذا من وجه الدين بالدين ألا ترى أن الموهوب له وجبت عليه القيمة فلما فسخها في سكنى دار أو في خدمة غلام لم يجز لأنه إذا فسخها في سكنى دار أو في خدمة عبد لم يقدر على أن يقبض ذلك مكانه فلا يجوز ذلك إلا أن تكون الهبة لم تتغير بنماء ولا نقصان فلا بأس بذلك لأنه لو أبى أن يثيبه لم يكن له عليه إلا هبته يأخذها فإذا لم تتغير فكأنه بيع حادث باعه إياها بسكنى داره هذه أو خدمة هذا الغلام وأما في الدين فذلك جائز إن كان الدين الذي عوضه حالا أو غير حال فذلك جائز لأن مالكا قال افسخ ما حل من دينك إذا كان دنانير أو دراهم فيما حل وفيما لم يحل فلا بأس بهذا في مثله لأن القيمة التي وجبت له على الموهوب له حالة فلا بأس أن يفسخها في دين لم يحل أو في دين قد حل إذا كان من صنفه وفي مثل عدد قيمته أو أدنى فإن كان أكثر فلا يحل لأنه يفسخ شيئا قد وجب له عليه بالنقد في دين أكثر منه إلى أجل فازداد فيه بالتأخير وذلك إذا تغيرت الهبة فأما إذا لم تتغير فلا بأس به ( قلت ) فما قول مالك في رجل لي عليه دين لم يحل فبعت ذلك الدين قبل حلوله ( قال ) قال مالك لا بأس به إذا بعت ذلك الدين بعرض تتعجله ولا تؤخره إذا كان دينك ذهبا أو ورقا وكان الذي عليه الدين حاضرا مقرى ( قلت ) فإن كان الدين عرضا من العروض ( قال ) فبعه عند مالك بعرض مخالف له أو دنانير أو دراهم فتعجلها ولا تؤخرها ( قلت ) أرأيت لو أني وهبت دارا لي لرجل فتغيرت بالأسواق فعوضني بعد ذلك عرضا له على رجل آخر موصوف إلى أجل وأحالني عليه أيجوز هذا أم لا في قول مالك ( قال ) لا أرى به بأسا ( قلت ) فإن تغيرت بهدم أو بناء ( قال ) فلا خير فيه ( قلت ) ولم لا تجيز هذا في العروض وقد أجزته في الدين في قول مالك إذا أحاله به ( قال ) لأن القيمة التي
____________________
(15/80)
________________________________________
وجبت للواهب على الموهوب له صارت القيمة في ذمة الموهوب له حالة فإن فسخها في دنانير له على رجل آخر حلت أو لم تحل فإنما هذا معروف من الواهب صنعه للموهوب له حين أخره إذا أبرأ ذمته وتحول بالقيمة في ذمة غيره وإن كان إنما يفسخ ما في ذمة الموهوب له في عرض من العروض في ذمة رجل فهذا بيع من البيوع ولا يجوز ألا ترى أنه اشترى العروض إلى أجل بالقيمة التي كانت له على الموهوب له فلا يجوز لأن هذا قد صار دينا بدين فلا يجوز ألا ترى أنه اشترى بدين له لم يقبضه وهو القيمة التي على الموهوب له هذا العرض الذي للموهوب له على هذا الرجل إلى أجل فلا يجوز وهذا رأيي ( قلت ) وكذلك لو كان لرجل على رجل دين دراهم فحلت فأحاله على غريم له عليه دنانير قد حلت أو لم تحل والدنانير هي في صرف تلك الدراهم لم يجز في قول مالك لأن هذا بيع الدنانير بالدراهم مثل ما ذكرت لي في الدراهم إذا فسخها في طعام لا يقبضه ( قال ) نعم ( قلت ) فإن كان لي على رجل طعام من قرض أقرضته إياه وله على رجل آخر طعام من قرض أقرضه إياه فحل القرض الذي لي عليه فأحالني بطعامي على الرجل الذي له عليه الطعام وطعامه لم يحل ( قال ) لا بأس بذلك عند مالك إذا كان الطعامان جميعا قرضا الذي لك عليه والذي له على صاحبه فحل دينك ولم يحل دينه فلا بأس أن يحيلك على غريمه لأن التأخير ها هنا إنما هو معروف منك وليس هذا ببيع ولكنك أخذته بطعام لك عليه قد حل وأبرأت ذمته وجعلت الطعام في ذمة غيره فلا بأس بهذا وهذا في الطعام إذا كان من قرض فهو والدنانير والدراهم محمل واحد عند مالك ( قال ) وأصل هذا أن مالكا قال افسخ ما حل من دينك فيما حل وفيما لم يحل إذا فسخته في مثل دينك ( قال ) وكذلك هذا في العروض إذا كانت من قرض أو من بيع إذا حل دينك عليه ودينك من قرض أقرضته وهو عروض أقرضتها إياه أو من شراء اشتريت منه عروضا فحل دينك عليه فلا بأس أن تفسخه في عرض له على رجل آخر مثل عرضك الذي لك عليه ولا تبالي كان العرض الذي يحيلك به غريمك من شراء اشتراه غريمك أو من قرض
____________________
(15/81)
________________________________________
أقرضه وهذا أيضا محمل الدنانير والدراهم فإن كان العرض الذي يحيلك به على غريمه مخالفا للعرض الذي لك عليه فلا يجوز ذلك في قول مالك لأنه تحول من دين إلى دين ( قلت ) فإن كان لي عليه طعام من قرض أو أقرضته إياه وله طعام على رجل من سلم أسلم فيه فحل قرضي ولم يحل سلمه فأحالني عليه وهو مثل طعامي أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) لا يجوز هذا لأنه يدخله بيع الطعام من قبل أن يستوفي ( قلت ) فإن كان قد حل الطعامان جميعا ( قال ) ذلك جائز إذا كان أحدهما من قرض فذلك جائز ( قلت ) وإذا كان أحدهما من قرض والآخر من سلم فحلا جميعا فأحاله فذلك جائز ولا نبالي إذا كان الذي يحتال طعامه هو السلم وطعام الآخر هو القرض أو كان طعام الذي يحتال بدينه هو القرض وطعام الآخر هو السلم فذلك جائز عند مالك ( قال ) نعم إذا حل أجل الطعامين جميعا وأحدهما من قرض والآخر من سلم فأحاله فذلك جائز ولا تبال أيهما كان القرض أو أيهما كان السلم ( قلت ) فإن حل الطعامان جميعا في مسألتي فأحالني فأخرت الذي أحالني عليه أيجوز هذا أم لا في قول مالك ( قال ) لم أوقف مالكا على هذا ولكني أرى أنه لا بأس أن تؤخره ( قلت ) فإن كان الطعامان جميعا من سلم فحلا جميعا فأحاله به أيجوز هذا ( قال ) لا يجوز هذا عند مالك لأن هذا بيع الطعام قبل أن يستوفي ( قلت ) ومن أي وجه كان بيع الطعام قبل أن يستوفي ( قال ) لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه وأنت إذا أسلمت في طعام وقد أسلم إليك في طعام فحل الإجلان جميعا فإن أحلته بطعامه الذي له عليك على الذي لك عليه الطعام كنت قد بعته طعامك قبل أن تستوفيه بالذهب الذي أخذت من الذي له عليك الطعام وإذا كان من قرض وسلم فليس هذا بيع الطعام قبل أن يستوفي لأنك إن كنت أنت الذي أسلمت في طعام والذي له عليك هو قرض فحلا جميعا فأحلته فلم تبع الطعام الذي اشتريته ولكنك قضيت الطعام الذي اشتريت رجلا كان له عليك طعام من قرض وإن كنت أنت الذي أقرضت وكان هو الذي أسلم إليك فإنما هو أيضا لما حل الأجل قضيته طعاما كان له عليك من قرض كان لك
____________________
(15/82)
________________________________________
قد حل أجله فليس يدخل ها هنا بيع الطعام قبل استيفائه في واحد من الوجهين إذا حل أجل الطعامين جميعا
القرض في جميع العروض والثياب والحيوان وجميع الأشياء ( قلت ) أرأيت قرض الثياب والحيوان وجميع الأشياء أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) نعم إلا الاماء وحدهن فإن مالكا يحرمهن ( قلت ) أرأيت إن أقرضت رجلا ثوبا فسطاطيا موصوفا واشتريت منه ثوبا فسطاطيا إلى أجل موصوف أيجوز أن أبيعه من غيره بثوب فسطاطي أتعجله قبل حلول أجل ثوبي ( قال ) هذا ليس ببيع إنما هذا رجل عجل للذي له الدين سلعة كانت له على رجل على أن يحتال بمثلها على الذي عليه الدين فإن كانت المنفعة فيه للذي يأخذ الثوب ليعجله الذي كان له الدين وإنما أراد الذي عجل الثوب أن ينفعه بذلك وأن يسلفه وأن يحتال بدينه على رجل آخر فلا بأس بذلك وذلك جائز للذي يحيل لأن الثوب الدين الذي له على صاحبه إنما هو قرض أو من شراء فلا بأس أن يبيعه قبل أن يستوفيه في رأيي ( قلت ) فإن كانت المنفعة ها هنا للذي يعجل الثوب هو الذي طلب ذلك وأراده ( قال ) لا خير في ذلك في رأيي وإما أسلفه سلفا واحتال به لمنفعة يرجوها لأسواق يرجو أن يتأخر إلى ذلك ويضمن له ثوبه فهذا لا خير فيه لأن هذا سلف جر منفعة وإنما يجوز من ذلك أن يكون الذي له الحق هو الذي طلب إلى هذا الرجل ذلك وله فيه المنفعة والرفق فإن كان على غير هذا فلا خير فيه ( قلت ) وكذلك هذا في قرض الدنانير لو أقرضته دنانير على أن يحيلني على غريم له بدنانير مثلها إلى أجل من الآجال وإنما أردت أن يضمن لي دنانيري إلى ذلك الأجل ( قال ) لا خير في ذلك كانت المنفعة للذي أسلف أو للذي يسلف وكذلك بلغني عن مالك أنه قال أراه بيع الذهب بالذهب إلى أجل قال سحنون قال بن القاسم لا بأس بهذا إذا كانت المنفعة للذي يقبض الدنانير وهو سهل إن شاء الله تعالى قال سحنون وهو عندي أحسن ( قلت ) أرأيت إن أقرضت رجلا ثوبا
____________________
(15/83)
________________________________________
فسطاطيا أو اشتريته من رجل إلى أجل فبعته من رجل قبل حلول أجله بثوب مثله إلى أجل من الآجال أيجوز هذا أم لا ( قال ) لا يجوز هذا لأن هذا دين بدين وخطر في رأيي ( قلت ) وأي شيء معنى قولك وخطر وأين الخطر ها هنا ( قال ) ألا ترى أنهما تخاطرا في اختلاف الأسواق لأنهما لا يدريان إلى ما تصير الأسواق إلى ذينك الأجلين
في العبد المأذون له في التجارة يهب الهبة ( قلت ) أرأيت العبد المأذون له في التجارة أيجوز له أن يهب الهبة على العوض ( قال ) إنما هو بيع من البيوع فذلك جائز في رأيي
الرجل يهب لابن لي فعوضته في مال ابني ( قلت ) أرأيت إن وهب رجل لابن لي صغير هبة فعوضته من مال ابني أيجوز أم لا ( قال ) ذلك جائز في رأيي إن كان إنما وهبها الواهب للعوض لأن هذا بيع من البيوع ( قلت ) وكذلك ان وهب لي مال ابنه وهو صغير على عوض فذلك جائز ( قال ) نعم لأن هذا كله بيع من البيوع وبيع الاب جائز على ابنه الصغير في رأيي
الرجل يهب لي الهبة فتهلك عندي قبل أن أعوضه ( قلت ) أرأيت إن وهب لي هبة فهلكت عندي قبل أن أعوضه أتكون علي قيمتها أم لا في قول مالك ( قال ) عليك قيمتها عند مالك ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل هبة فعوضني منها عوضا ثم أصاب بالهبة عيبا أيكون له أن يردها ويأخذ عوضها ( قال ) نعم في رأيي لأن الهبة على العوض بيع من البيوع ( قلت ) فإن عوضني فأصبت بالعوض عيبا ( قال ) إن كان العيب الذي أصبت به ليس مثل الجذام والبرص ومثل العيب الذي لا يثيبه الناس فيما بينهم فإن كان العيب في العوض يكون قيمة العوض به قيمة الهبة فليس لك أن ترجع عليه بشيء لأن الزيادة على قيمة هبتك كانت تطوعا منه لك ( قلت ) فإن كان العوض قيمته وقيمة الهبة سواء فأصبت به عيبا فصارت قيمته بالعب أقل من قيمة الهبة ( قال ) ان أتم لك الموهوب له قيمة الهبة لم يكن لك عليه سبيل
____________________
(15/84)
________________________________________
وليس لك أن ترد العوض إلا أن يأبى أن يتم لك قيمة هبتك ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي لأنه لو أعاضك إياه وهو يعلم بالعيب ولم يكن عيبا مفسدا وقيمته مثل ثمن هبتك لم يكن لك أن ترده عليه ويلزمك ذلك ( قلت ) وكل شيء يعوضني من هبتي من العروض والدنانير وغير ذلك من السلع إذا كان فيه وفاء من قيمة هبتي فذلك لازم لي آخذه ولا سبيل لي على الهبة ( قال ) نعم إذا كانت السلعة مما يتعامل الناس بها في الثواب بينهم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي لأن مالكا قال إذا أثابه بقيمة هبته فلا سبيل له على الهبة ولا يبالي أي العروض أثابه إذا كانت عروضا يثيبها الناس فيما بينهم مما يعرفها الناس ( قلت ) فإن أثابه حطبا أو تبنا أو ما أشبه ذلك ( قال ) هذا مما لا يتعاطاه الناس بينهم في الثواب ولا أراه جائزا وما سمعته من مالك
في الرجل يهب شقصا من دار أو أرض على عوض سمياه أو لم يسمياه ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل شقصا من دار أو أرض على عوض سميناه أو لم نسمه ولها شفيع فأراد الشفيع أن يأخذ بالشفعة قبل أن يثاب الواهب أيكون ذلك له أم لا أو أراد أن يأخذ بالشفعة قبل أن يقبض الموهوب له الهبة أيكون ذلك له أم لا ( قال ) ليس له أن يأخذ بالشفعة حتى يثاب وقد فرغت لك من تفسير هذا في كتاب الشفعة ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل عبدين في صفقة واحدة فأثابني من أحدهما ورد علي الآخر أيكون ذلك له أم لا في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى للواهب أن يأخذ العبدين إلا أن يثيبه منهما جميعا لأنهما صفقة واحدة
في الرجل يهب حنطة فيطحنها الموهوب له فيعوض من دقيقها ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل حنطة فطحنها فعوضني من دقيقها ( قال ) لا يجوز هذا في رأيي لأن مالكا قال من باع حنطة فلا يأخذ في ثمنها دقيقا وإن كانت مثل
____________________
(15/85)
________________________________________
كيلها أو لم تكن لأن الطعام لا يصلح إلا يدا بيد وقد فسرت لك هذا قبل هذا
في موت الواهب أو الموهوب له قبل قبض الهبة أو بعدها ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل هبة يرى أنها للثواب فمت قبل أن يقبض الموهوب له هبته ( قال ) فورثة الواهب مكانه يأخذون الثواب ويسلمون الهبة لأن هذا بيع من البيوع وهذا رأيي ( قلت ) فإن وهبت له هبة يرى أنها لغير الثواب فأبيت أن أدفع إليه هبته فخاصمني فيها فلم يحكم له علي بدفع الهبة حتى مت أتكون لورثتي أم يأخذها الموهوب له إذا أثبت ببينة وزكيت ( قال ) إن كان قام على الواهب والواهب صحيح فخاصمه في ذلك فمنعه الواهب الهبة فرفعه الموهوب له إلى السلطان فدعاه القاضي ببينة وأوقف الهبة حتى ينظر في حجتهما فمات الواهب فأراها للموهوب له إذا أثبت ببينة لأني سمعت من مالك وكتب إليه من بعض البلدان وأراه بعض القضاة في رجل باع من رجل عبدا بثمن إلى أجل ففلس المبتاع فقام الغرماء عليه وقام صاحب الغلام فرفع أمره إلى السلطان فأوقف السلطان الغلام لينظر في أمورهم وبيناتهم فمات المفلس قبل أن يقبض الغلام البائع فكتب إليه مالك أما إذا قام يطلب العبد وأوقف العبد له لينظر القاضي في بينته فمات المشتري فأرى البائع أحق به وإن لم يقبضه حتى مات المشتري فكذلك مسألتك في الهبة إن له أن يأخذ هبته إذا كان قد أوقفها السلطان ( قلت ) أرأيت إن وهبها وهو صحيح فلم يقم الموهوب له على أخذها حتى مرض الواهب ( قال ) قال مالك لا أرى له فيها شيئا ولا يجوز قبضه الآن حين مرض الواهب لأنه قد منعه هبته حتى أنه لما مرض أراد أن يخرجها من يد صاحبها بلا وصية فيها وهو يستمتع بها في الصحة فيريد أن يخرجها الآن في مرضه من رأس المال فهذا لا يجوز ألا ترى أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال لعائشة رضي الله تعالى عنها حين مرض لو كنت جزيته كان لك وإنما هو اليوم مال الوارث فلم ير أبو بكر قبضها في المرض جائزا لها ولم ير أن يسعه أن يدفع ذلك إليها إذ لم تقبضها في صحة منه ( قلت ) أرأيت إن وهب رجل جارية يرى أنه إنما
____________________
(15/86)
________________________________________
وهبها للثواب فأعتقها الموهوب له أو دبرها أو وهبها أو تصدق بها أو كاتبها ( قال ) قال مالك ان كان له مال جاز هذا كله وكانت عليه القيمة وإن لم يكن له مال منع من ذلك كما يمنع صاحب البيع
في الرجل يهب للرجل دارا فيبني فيها أو أرضا فيغرس فيها فأبى الموهوب له أن يثيب منها ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل دارا فبنى فيها بيوتا أو وهبت له أرضا فغرس فيها شجرا فأبى الموهوب له أن يثيبني أترى ما صنع فيها فوتا في قول مالك وتكون له الأرض وتكون عليه القيمة ( قال ) نعم أراه فوتا وتلزمه الهبة بقيمتها لأن مالكا قال في البيع الحرام في الأرضين والدور قال مالك لا يكون فيها فوت إلا أن تهدم أو يبني فيها أو يغرس في الأرضين ( قلت ) فإن قال الموهوب له أنا أقلع بنياني أو غرسي وأدفع إليه أرضه وداره ( قال ) ليس ذلك له وعليه قيمتها ( قلت ) وكذلك مشترى الحرام إذا قال أنا أنقض بنياني أو أقلع غرسي ولا أريد الدار وأنا أردها أيكون ذلك له ( قال ) ليس ذلك له ويكون عليه قيمتها ولا يكون عليه بالخيار في ان شاء هدم بنيانه وإن شاء أعطاه القيمة وهذا أمر قد فات بمنزلة النماء والنقصان في الثياب والحيوان والهبة مثل البيع سواء وإنما رأيت ذلك فوتا لان صاحب الهبة للثواب حين بنى وغرس قد رضى بالثواب لأنه قد حولها عن حالها فليس له أن يرجع فيها بعد أن حولها عن حالها ورضى بذلك ( قلت ) أرأيت إن وهبت له ثوبا فصبغه بعصفر أو قطعه قميصا ولم يخطه ( قال ) هذا فوت في رأيي لأن مالكا قال إذا دخله نماء أو نقصان فهو فوت
في الرجل يهب دينا له على رجل فيأبى الموهوب له أن يقبل أيكون الدين كما هو ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل دينا لي عليه فقال لا أقبل أيكون الدين كما هو أم لا ( قال ) الدين كما هو ( قال ) ولقد سألت مالك عن رجل أعار رجلا ثوبا فضاع الثوب
____________________
(15/87)
________________________________________
عند المستعير فقال المستعير للمعير ان الثوب قد ضاع فقال له المعير فأنت في حل فقال المستعير امرأتي طالق ثلاثا إن لم أغرمه لك وقال المعير امرأته طالق ثلاثا إن قبلته منك ( قال ) قال مالك ان كان المستعير حين حلف يريد بيمينه ليغرمنه له يقول لأغرمنه لك قبلته أو لم تقبله ولم يرد بيمينه لتأخذنه مني فلا أرى عليه حنثا إذا غرمه فلم يقبله منه ولا على الآخر حنثا أيضا لأنه لم يقبله وإن كانت يمينه على وجه لتأخذنه مني فإن لم يأخذه منه فهو حانث ولا يكره صاحب الثوب على أخذ الغرم ويبر صاحب الثوب قال مالك وإن كان ذلك من دين كان له عليه فأتى بالدين فحلف صاحب الحق أن لا يأخذه وحلف الذي عليه الحق أن يأخذه منه فإنه يحنث الذي له الحق ويجبر على أخذ الدين ولا يحنث الذي عليه الحق ( قلت ) فما الفرق فيما بينهما في قول مالك ( قال ) لأن العارية ليست كالدين إلا أن يشاء المعير أن يضمنه قيمتها إذا ضاعت ألا ترى أنه لو أعار عارية فضاعت لم يكن على المستعير شيء إلا أن يشاء المعير أن يضمن المستعير فيما يغيب عليه والدين ليس بهذه المنزلة
في الرجل يهب للرجل الهبة يرى أنها للثواب فباعها الموهوب له أتكون عليه القيمة ( قلت ) أرأيت ان وهبت لرجل هبة يرى أنها للثواب فباعها الموهوب له أتكون عليه القيمة ويكون بيعه إياها فوتا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن وهبت لعبد رجل هبة فأخذها سيده من العبد وللعبد مال فيه وفاء لقيمة الهبة أترى أخذ السيد الهبة من العبد فوتا في قول مالك ( قال ) أرى أن يحكم على العبد بقيمة الهبة في ماله ولم أسمع من مالك فيه شيئا
في الرجل يهب دارا للثواب فباع الموهوب له نصفها ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل دارا للثواب فباع الموهوب له نصفها ( قال ) يقال للموهوب له اغرم القيمة فإن أبى قيل للواهب أنت بالخيار إن شئت أخذت نصف
____________________
(15/88)
________________________________________
الدار الذي بقي وضمنته نصف القيمة وان شئت أسلمت الدار كلها وأخذت قيمة الدار كلها ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي مثل ما قال مالك في البيع إذا استحق نصف الدار وبقي نصفها في يد المشتري ( قلت ) فإن وهبت له عبدين للثواب فباع أحدهما وأبى أن يثيبني ( قال ) ان كان الذي باعه الموهوب له هو وجه الهبة وفيه كثرة الثمن فالموهوب له ضامن لقيمتهما جميعا وإن كان ليس هو وجه الصفقة أخذ الواهب الباقي ويتبعه بقيمة الذي باع يوم قبضه وهذا رأيي مثل ما قال مالك في البيع إذا استحق أحدهما أو وجد به عيب قال بن القاسم أو باع أحدهما ( قلت ) أرأيت لو وهب لرجل دارا هبة للثواب فباعها الموهوب له ثم اشتراها فقام الواهب عليه فأبى أن يثيبه وقال خذ هبتك ( قال ) قد لزمته القيمة حين باع ولا يأخذ الهبة ولكن على الموهوب له القيمة يغرمها ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) لا أحفظه عنه وهو رأيي
في الرجل يهب للرجل جارية للثواب فولدت عنده فأبى أن يثيبه منها الواهب ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل جارية فولدت عنده ولدا فأبى أن يثيبني ( قال ) قد لزمته القيمة لأن هذا فوت لأن مالكا قال إذا فاتت بنماء أو نقصان في الهبة فقد لزمت الموهوب له القيمة
في الرجل يهب الهبة فلم يقبضها الموهوب له وهي لغير الثواب فأتي رجل فادعى أنه اشتراها منه وأقام البينة وأقام الموهوب له بينة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا وهب لي هبة فلم أقبضها منه وهي لغير الثواب فأتى رجل فادعى أنه اشتراها منه وأقام البينة وقمت أنا على الهبة لاقبضها منه قال صاحب الشراء أولى ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) قال مالك من حبس على ولد له صغار حبسا فمات وعليه دين لا يدري الدين كان قبل أو الحبس فقام الغرماء فقالوا
____________________
(15/89)
________________________________________
نبيع هذا فنستوفي حقنا وقال ولده قد حبسه علينا وقد حازه لنا أبونا ونحن صغار في حجره ( قال ) بلغني أن مالكا قال إن أقام ولده البينة ان الحبس كان قبل الدين فالحبس لهم وإن لم يقيموا البينة أن الحبس كان قبل الدين بيع للغرماء وبطل حبسهم فالهبة إذا كانت لغير الثواب بمنزلة ما وصفت لك في الحبس
في الرجل يقول غلة داري هذه في المساكين صدقة وهو صحيح ( قلت ) أرأيت إن قال غلة داري هذه في المساكين صدقة وهو صحيح فمات ولم يخرجها من يديه وكان هو في حياته يقسم غلتها في المساكين ( قال ) مالك ان لم يخرجها من يديه حتى مات وإن كان يقسمها للمساكين فالدار لورثته لأنه لم يخرجها من يديه
في الرجل يقول غلة داري هذه في المساكين صدقة وهو مريض ( قلت ) أرأيت إن قال غلة داري هذه في المساكين صدقة في مرضه فمات قبل أن يخرجها من يديه ( قال ) تخرج من ثلثه عند مالك وما كان في المرض من صدقة أو حبس فهو في الثلث بمنزلة الوصية يجوز من ذلك ما يجوز من الوصية قال بن القاسم ما كان في المرض على الوصية أو البتات فهو جائز كله في الثلث إلا أن البتات في المرض لا يمكن من تبت له من قبضها إلا بعد الموت إلا أن تكون له أموال مأمونة من دور أو أرضين فبتت له ولا يشبه ذلك من بتت له في الصحة لأن من بتت له في الصحة ان قام على صدقته أخذها وإن المريض إذا قام الذي بتت له على أخذها لم يكن ذلك له حتى يموت المريض إلا أن يكون ذا أموال مأمونة من دور أو أرضين فذلك بمنزلة العتق ( قلت ) أرأيت إن قال داري في المساكين صدقة وهو صحيح أيجبره السلطان على أن يخرجها إلى المساكين أم لا في قول مالك ( قال ) أما ما كان من ذلك على وجه اليمين للمساكين أو لرجل بعينه فلا يجبره السلطان على أن يخرجها وما كان من ذلك على غير اليمين وإنما بتله لله فليخرجها السلطان إن كان لرجل بعينه أو للمساكين
____________________
(15/90)
________________________________________
في الرجل يقول كل ما أملك في المساكين صدقة أيجبر على إخراج ماله أم لا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قال كل ما أملك في المساكين صدقة أيجبر على إخراج ماله أم لا ( قال ) لا يجبر على ذلك ولكن يؤمر بأن يتصدق بثلث ماله ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) ولم قال مالك يتصدق بثلث ماله ( قال ) لحديث أبي لبابة الأنصاري ( قلت ) فإن كانت له عروض من دور وحيوان ومدبرين ومكاتبين أيقومهم ( قال ) لا أرى أن يخرج ثلث المدبرين لأنه لا يملك بيعهم ولا هبتهم ولا يشبهون المكاتبين لان المكاتبين يملك بيع كتابتهم وهبة ذلك فإذا أخرج ثلث ذلك فقد أخرج ثلث ما يملك فيهم إلا أن يرق المكاتبون يوما فإن رقوا نظر إلى قيمة رقابهم فإن كان ذلك أكثر من قيمة كتابتهم يوم أخرج ذلك أخرج ثلث الفضل وأما أمهات الأولاد فليس عليه فيهن شيء في رأيي لأنهن لا يملكن ملك البيع قال سحنون ليس يخرج إلا قيمة الكتابة فقط لأنه انما يملك ذلك يوم حنث ( قلت ) أرأيت ان قال ثلث مالي في المساكين فلم يخرجه من يديه حتى ضاع المال كله ( قال ) لا شيء عليه في رأيي فرط أو لم يفرط لأن مالكا سئل عن الرجل يقول مالي كله في سبيل الله في يمين فحنث فلا يخرج ذلك حتى يهلك جل ماله أو يذهب قال مالك أرى عليه ثلث ما بقي في يده
في الرجل يعمر الرجل داره حياته أو عبده أو دابته ( قلت ) أرأيت إن قال قد أعمرتك هذه الدار حياتك أو قال هذا العبد أو هذه الدابة ( قال ) هذا جائز عند مالك وترجع بعد موته إلى الذي أعمرها أو إلى ورثته ( قلت ) فإن أعمر ثوبا أو حليا ( قال ) لم أسمع من مالك في الثياب شيأ وقد أخبرتك بقول مالك وأما الحلي فأراه بمنزلة الدور
في الرجل يقول داري صدقة سكنى ( قلت ) أرأيت إن قال داري هذه لك صدقة سكنى ( قال ) فإنما له سكناها صدقة
____________________
(15/91)
________________________________________
وليس له رقبتها ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) هذا رأيي ( قلت ) أرأيت ان قال قد حسبت عبدي هذا عليكما ثم يقول هو للآخر منكما ( قال ) هذا جائز عند مالك وهو للآخر منهما ببيعه ويصنع به ما يشاء لأنه إنما حبس عليهما ما داما حيين فإذا مات أحدهما فهو هبة للآخر ببيعه ويصنع به ما يشاء
في الرجل يقول قد أسكنتك هذه الدار وعقبك فمات ومات عقبه ( قلت ) أرأيت ان قلت لرجل قد أسكنتك هذه الدار عقبك من بعدك فمات ومات عقبه من بعده أترجع إلي أم لا ( قال ) نعم ترجع إليك إلا أن ييقول قد حبستها على فلان وعلى عقبه حبسا صدقة فإذا قال ذلك ولم يقل سكنى لك ولولدك فإنه إذا انقرض الرجل وعقبه رجعت إلى أقرب الناس بالمحبس حبسا عليه ( قلت ) فإن كان المحبس حيا ( قال ) لا ترجع إليه على حال من الحالات ولكن ترجع إلى أقرب الناس منه حبسا عليهم ( قلت ) رجالا كانوا أو نساء ( قال ) نعم ترجع إلى أولى الناس بميراثه ممن ولده أو عصبته ذكورهم وإناثهم يدخلون في ذلك ( قلت ) وهذا الذي سألتك عنه من هذه المسائل كلها قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن قال داري هذه حبس على فلان وعقبه من بعده ولم يقل حبسا صدقة ثم مات فلان ومات عقبه من بعده والذي حبس حي أترجع إليه في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا أقوم على حفظه ولكنه إذا قال حبسا فهو بمنزلة قوله حبس صدقة لان الاحباس إنما هي صدقة فلا ترجع إليه ولكن ترجع إلى أولى الناس به بحال ما وصفت لك ( قلت ) فإن قال هذه الدار لك ولعقبك سكني ( قال ) إذا انقرض هذا الذي جعلت له هذه الدار سكنى ولعقبه وانقرض عقبه رجعت إلى الذي أسكن ان كان حيا يصنع فيها ما يصنع في ماله فإن كان قد مات رجعت ميراثا إلى أولى الناس به يوم مات أو إلى ورثتهم لأنهم هم ورثته وأصل الدار كانت في ماله يوم مات ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن قال حبسا فهلك الذي حبست عليه وهلك عقبه الذين حبست عليهم وقد هلك أيضا الذي حبس ولم يدع إلا ابنة واحدة ولم يترك عصبة ( قال ) إنما قال لنا
____________________
(15/92)
________________________________________
مالك إذا انقرض الذين حبست عليهم رجعت إلى أولى الناس بالمحبس يوم ترجع عصبته كانوا أو ولد ولده وتكون حبسا على ذوي الحاجة منهم وليس للاغنياء منهم فيها شيء عند مالك ( قلت ) فإن كانوا ولده ( قال ) فإن كانوا ولده فليس للاغنياء منهم فيها شيء عند مالك وكذلك العصبة وكذلك كل من ترجع إليهم إنما هي لذوي الحاجة منهم ( قلت ) فإن كان الذين رجعت إليهم الدار ورثة هذا المحبس أغنياء كلهم ( قال ) لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكني أرى أنها تكون لأقرب الناس من هؤلاء الاغنياء إن كانوا فقراء
في الرجل يهب للرجل عبدا للثواب وفي عينيه بياض أو به صمم ثم يبرأ ( قلت ) أرأيت إن وهبت له عبدا للثواب وفي عينيه بياض أو به صمم فبرأ أتراه فوتا وتلزمه القيمة ( قال ) أراه فوتا ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) الصمم قد سئل مالك عنه فقال أراه عيبا مفسدا فإذا كان عيبا مفسدا فهو إذا ذهب فهو نماء وأما البياض إذا ذهب فلست أشك أنه نماء وتلزمه القيمة
في المريض يهب عبدا للثواب أيجوز ذلك أم لا ( قلت ) أرأيت المريض إن وهب عبدا له للثواب أيجوز ذلك أم لا ( قال ) ذلك جائز عند مالك وهذا والبيوع سواء ( قلت ) فإن باع المريض عبدا فقبضه لمشتري فباعه أو أعتقه وهو عديم لا مال له أيجوز هذا في قول مالك أم لا ( قال ) أما عتقه فلا يجوز عند مالك إلا أن يكون له مال فيجوز وأما بيعه فإني لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى للورثة إن كان الذي وهب له عديما فلهم أن يمنعوا الموهوب له من بيع الهبة حتى يعطيهم قيمتها
في الرجل يهب عبدا للثواب فيجني العبد جناية عند الموهوب له ( قلت ) أرأيت إ وهبت لرجل عبدا للثواب فجنى العبد عند الموهوب له جناية أتراه فوتا وتكون القيمة على الموهوب له ( قال ) نعم لأن مالكا قال في النماء والنقصان
____________________
(15/93)
________________________________________
انه فوت فهذا حين جنى أشد الفوت لأنه قد دخله النقصان
في الرجل يهب ناقته للثواب أو يبيعها فيقلدها الموهوب له أو أشعرها ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل ناقة للثواب أو بعته ناقة فقلدها أو أشعرها ولم يعطني الثمن ولا مال له ( قال ) قال مالك العتق يرد فهذا أحرى أن يرد وتحل قلائدها وتباع في دين المشتري في البيع وأما في الهبة فإنها ترجع إلى ربها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا وهب في مرضه لرجل هبة أو تصدق على رجل بصدقة فلم يقبض صدقته الموهوب له ولا المتصدق عليه حتى مات الواهب في مرضه أتجعلها وصية أو هبة أو صدقة غير مقبوضة وتبطلها ( قال ) أجعلها وصية لأن مالكا قال ما تصدق به المريض أو أعتق فهو في ثلثه
في المريض يهب الهبة فيبتلها أو يتصدق بصدقة فيبتلها أيقبض ذلك الموهوب له أو المتصدق عليه قبل أن يموت المواهب ( قلت ) أرأيت ما وهب المريض فبتله في مرضه أو تصدق به فبتله أيقدر الموهوب له أو المتصدق عليه أن يقبض ذلك قبل موت المريض ( قال ) لا يجوز ذلك له وللورثة أن يمنعوه ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم إلا أن تكون له أموال مأمونة مثل ما وصفت لك في الأموال المأمونة فيكون له أن يقبض ذلك وكذلك هذا في العتق ألا ترى أنه يعتق عبده في مرضه فيبتله فإذا كانت له أموال مأمونة من دور أو أرضين تمت حرية العبد مكانه فكذلك الهبة والصدقة
في الرجل يوصي بوصية لرجل فيقتل الموصي له الموصي عمدا ( قلت ) أرأيت لو أوصي بوصية لرجل فقتل الموصي له الموصى عمدا أتبطل وصيته أم لا ( قال ) أراها تبطل ولا شيء له من الوصية ( قلت ) أرأيت إن قتلني خطأ فأوصيت له بعد ما ضربني بثلث مالي أو أوصيت له بديتي أو ببعض مالي والثلث يحمل ذلك ( قال ) قال مالك ذلك جائز ( قلت ) له أليس قد قلت لا وصية
____________________
(15/94)
________________________________________
لقاتل ( قال ) إنما ذلك إذا كانت الوصية أو لا فقتله بعد الوصية عمدا فلا وصية له لأنه يتهم أن يكون طلب تعجيل ذلك ( قال ) فإن كان قتله خطأ فحملت الوصية ثلث المال غير الدية فذلك جائز له ولا تدخل وصيته في الدية ألا ترى أن الوارث لو قتله خطأ ورث من المال ولم يرث من لدية فكذلك هذا
في الرجل يوصي بدار له لرجل والثلث يحمل ذلك فقال الورثة لا نجيز ولكنا نعطيه ثلث مال الميت ( قلت ) أرأيت ان أوصي له بدار والثلث يحمل ذلك فقال الورثة لا نجيز ذلك ولكنا نعطيه ثلث مال الميت حيثما كان ( قال ) ليس ذلك للورثة وله أن يأخذ الدار إذا كان الثلث يحمل الوصية وهذا قول مالك ألا ترى أن الدار لو غرقت حتى تصير بحرا بطلت وصية الموصي له فهذا يدلك على أنه أولى بها
في المسلم أو النصراني يهب أحدهما لصاحبه أو يتصدق ( قلت ) أرأيت ما كان بين المسلم والنصراني من صدقة أو هبة تصدق بها أحدهما على صاحبه أو وهبها أحدهما لصاحبه أتحكم بينهما بحكم الإسلام في قول مالك ( قال ) قال مالك كل أمر يكون المسلم والنصراني فأرى أن يحكم بينهما بحكم الإسلام فأرى مسألتك بتلك المنزلة
في العبد توهب له الهبة ( قلت ) أرأيت العبد توهب له الهبة يرى أنها للثواب أيكون على العبد الثواب أم لا في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن كان مثله يثيب ويرى أنه إنما وهبها للثواب فأرى عليه الثواب إذا كان ممن قد خلى سيده بينه وبين التجارة
في الرجل يهب لذي رحم أيرجع في هبته ( قلت ) أرأيت إن وهب لذي رحم أيكون له أن يرجع في قول مالك ( قال ) قال مالك ليس بين الرجل وامرأته ثواب في الهبة إلا أن يكون يعلم أنها أرادت منه
____________________
(15/95)
________________________________________
بذلك ثوابا مثل أن يكون الرجل الموسر والمرأة لها الجارية فيطلبها منها فتعطيه إياها يريد بذلك أن يستغزر صلته وعطيته والرجل مثل ذلك يهب الهبة لامرأته أو الابن لابيه يرى أنه إنما أراد بذلك استغزار ما عند أبيه فإذا كان مثل هذا فيما يرى الناس أنه وجه ما طلب بهبته تلك رأيت بينهما الثواب فإن أثابه وإلا رجع كل واحد منهما في هبته فإن لم يكن على وجه ما ذكرت لك فلا ثواب بينهما فعلى هذا فقس ما يرد عليك من هذا
في الرجل يهب لعمه أو لعمته أو لجده أو لجدته أو لذي قرابته ( قلت ) أرأيت إن وهبت لعمي أو لعمتي أو جدي أو جدتي أو أخي أو بن عمي هبة أو وهبت لقرابتي ممن ليس بيني وبينهم محرم أو لقرابتي ممن بيني وبينهم محرم أيكون لي أن أرجع في هبتي ( قال ) ما وهبت من هبة يعلم أنك إنما وهبتها تريد بها وجه الثواب فإن أثابوك وإلا رجعت في هبتك وما وهبت من هبة يعلم أنك لم ترد بها وجه الثواب فلا ثواب لك مثل أن تكون غنيا فتصل بعض قرابتك الفقراء فتزعم أنك أردت بها الثواب فهذا لا يصدق على ذلك ولا ثواب لك ولا رجعة لك في هبتك ( قال ) وهذا كله قول مالك ( قلت ) وكذلك هذا في الاجنبيين في قول مالك ( قال ) نعم لو وهب لأجنبي هبة والواهب غني والموهوب له فقير ثم قال بعد ذلك الواهب إنما وهبتها للثواب لم يصدق على ذلك ولم يكن له أن يرجع في هبته وهذا قول مالك ( قال ) وإن كان فقيرا فوهب لغني وقال إنما وهبتها للثواب فإن هذا يصدق ويكون القول قوله فإن إتابه وإلا رد عليه هبته ( قلت ) أرأيت إن كانا غنيين أو فقيرين فوهب أحدهما لصاحبه هبة ولم يذكر الثواب حين وهب له ثم قال بعد ذلك الواهب إنما وهبتها له للثواب وكذبه الآخر أيكون القول قول الواهب أم لا في قول مالك ( قال ) لا أقوم على حفظ هذا ولكن لا أرى لمن وهب لفقير ثوابا وإن كان فقيرا إذا لم يشترط في أصل الهبة الثواب وأما غني وهب لغني فقال إنما وهبتك للثواب فالقول قول الواهب أن أثيب من هبته وإلا رجع في هبته ( قلت ) أرأيت هذا الذي
____________________
(15/96)
________________________________________
وهب الهبة للثواب إذا اشترط الثواب أو يرى أنه إنما أراد الثواب فأثابه الموهوب له أقل من قيمة الهبة ( قال ) قال مالك ان رضي بذلك وإلا أخذ هبته ( قلت ) فإن أثابه قيمة الهبة أو أكثر من ذلك فأبى أن يرضي والهبة قائمة بعينها عند الموهوب له ( قال ) قال مالك إذا أثابه قيمة الهبة أو أكثر من ذلك فليس للواهب على الهبة سبيل ( قلت ) فإن كانت الهبة قد تغيرت في يد الموهوب له بزيادة أو نقصان فأثابه الموهوب له أقل من قيمة الهبة ( قال ) قال مالك إذا تغيرت في يد الموهوب له بزيادة أو نقصان فالقيمة له لازمة
____________________
(15/97)
________________________________________
كتاب الحبس في الحبس في سبيل الله ( قلت ) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إذا حبس في سبيل الله فأي سبيل الله ( قال ) قال مالك سبل الله كثيرة ولكن من حبس في سبيل الله شيئا فإنما هو في الغزو ( قلت ) فالرباط مثل الاسكندرية وما أشبهها من مواحيز أهل الإسلام أهي غزو يجوز لمن حبس في سبيل الله فرسه أو متاعه أن يجعله فيه قول مالك ( قال ) نعم ولقد أتى رجل مالكا وأنا عنده قاعد فسأله عن رجل جعل ماله في سبيل الله أوصى به فأراد وصيه أن يفرقه في جدة فنهاه مالك عن ذلك وقال لا ولكن فرقه في السواحل قال بن القاسم يريد سواحل الشام ومصر ( قلت ) وما بال جده أليست ساحلا ( قال ) ضعفها مالك ( فقيل ) لمالك أنهم قد نزلوا ( قال ) فقال مالك إذا كان ذلك شيئا خفيفا
فضعف مالك ذلك ( قال ) ولقد سأله قوم وأنا عنده قاعد أنه كان من دهلك ما كان وكانوا قوما قد تجهزوا يريدون الغزو إلى عسقلان والاسكندرية أو بعض هذه السواحل فاستشاروه أن ينصرفوا إلى جدة فنهاهم عن ذلك وقال لهم الحقوا بالسواحل قال بن وهب قال يونس قال ربيعة كل ما جعل صدقة حبسا أو حبس ولم تسم فيه صدقة فهو كله صدقة تنفذ في مواضع الصدقة وعلى وجه ما ينتفع
____________________
(15/98)
________________________________________
بذلك فيه ان كانت دواب ففي الجهاد وان كانت غلة أموال فعلى منزلة ما يرى الوالي من وجه الصدقة قال بن القاسم وسئل مالك عن رجل أوصي بوصية وأوصى فيها بأمور فكان فيما أوصي به أن قال داري حبس ولم يجعل لها مخرجا فلا ندري أكان ذلك منه نسيانا أو جهل الشهود أن يذكروه ذلك فقال مالك أراها حبسا في الفقراء والمساكين ( فقيل ) له فإنها بالاسكندرية وجل ما يحبس الناس بها في سبيل الله ( قال ) ينظر في ذلك ويجتهد فيه فيما يرى الوالي وأرجو أن تكون له سعة في ذلك إن شاء الله تعالى
في الرجل يحبس رقيقا في سبيل الله ( قلت ) أرأيت إن حبس رقيقا له في سبيل الله أتراهم حبسا ( قال ) نعم ( قلت ) وما يصنع بهم ( قال ) يستعملون في سبيل الله ( قلت ) ولا يباعون ( قال ) لا ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) لا أقوم على حفظه في الرجل يحبس ثيابا في سبيل الله ( قلت ) أرأيت الثياب هل يجوز أن يحبسها رجل على قوم بأعيانهم وعلى المساكين أو في سبيل الله في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا أن يحبس الرجل الثياب والسروج ( قلت ) أرأيت ما ضعف من الدواب المحبسة في سبيل الله أو بلي من الثياب كيف يصنع بها في قول مالك ( قال ) قال مالك أما ما ضعف من الدواب حتى لا يكون فيه قوة للغزو فإنه يباع ويشتري بثمنه غيره من الخيل فيجعل في سبيل الله قال بن القاسم فإن لم يكن في ثمنه ما يشتري به فرس أو هجين أو برذون رأيت أن يعان به في ثمن فرس والثياب ان لم تكن فيها منفعة بيعت واشترى بثمنها ثياب ينتفع بها وإن لم يكن في ثمنها ما يشتري به شيء ينتفع به فرق في سبيل الله قال بن وهب وسمعت مالكا يقول في الفرس المحبس في سبيل الله إذا كلب وخبث أنه لا بأس أن يباع ويشتري فرس مكانه قال سحنون
____________________
(15/99)
________________________________________
وقد روي غيره أن ما جعل في سبيل الله من العبيد والثياب لا تباع ( قال ) ولو بيعت لبيع الربع المحبس إذا خيف عليه الخراب وهذه جل الاحباس قد خربت فلا شيء أدل على سنتها منها ألا ترى أنه لو كان البي يجوز فيها لما أغفله من مضي ولكن بقاؤه خرابا دليل على أن بيعه غير مستقيم وبحسبك حجة في أمر قد كان متقادما بأن تأخذ منه ما جرى منه فالاحباس قديمة ولم تزل وجل ما يوجد منها بالذي به لم يزل يجري عليه فهو دليلها فبقاء هذه خرابا دليل على أن البيع فيها غير مستقيم لأنه لو استقام لما أخطأ من مضي من صدر هذه الأمة وما جهله من لم يعمل به حتى تركت خرابا وإن كان قد روي عن ربيعة خلاف لهذا في الرباع والحيوان إذا رأى الإمام ذلك ( بن وهب ) عن الليث أنه سمع يحيى بن سعيد يسئل فرس حبس دفعت إلى رجل فباعها قال يحيى لم يكن ينبغي له أن يحدث فيها شيئا غير الذي جعلت له فيه إلا أن يخاف ضعفها وتقصيرها فلعل ذلك يخفف بيعها ثم يشتري مكانها فرسا تكون بمنزلتها حبسا
في الرجل يحبس الخيل والسلاح في سبيل الله فلا يخرجها من يديه حتى يموت ( قلت ) أرأيت إن حبس رقيقا له في سبيل الله أتراهم حبسا ( قال ) نعم ( قلت ) وما يصنع بهم ( قال ) يستعملون في سبيل الله ( قلت ) ولا يباعون ( قال ) لا ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) لا أقوم على حفظه
في الرجل يحبس الخيل والسلاح في سبيل الله فلا يخرجها من يديه حتى يموت ( قلت ) أرأيت من حبس الخيل فلم ينفذها ولم يخرجها من يديه إلى أحد حتى مات أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) لا يجوز هذا وهي ميراث كذلك قال مالك ( قال ) وقال مالك في السلاح أيضا إذا حبسه وهو صحيح ولم ينفذه بحال ما وصفت لك ولم يخرجه من يديه حتى يموت فهو ميراث بين الورثة ( قال ) مالك وإذا حبس سلاحا كان يخرج ويرجع إليه فهو جائز وما لم يكن كذلك لم يخرجه حتى مات فهو ميراث وان أخرج بعضه فأنفذه وبقي بعضه فما أخرج منه فهو جائز وما لم يخرج منه فهو ميراث قال بن القاسم وقد قال مالك من حبس حبسا من عرض أو حيوان في سبيل الله ثم وليه حتى مات ولم يوجهه في الوجوه التي يسمى غير أنه كان يقوم عليه ويليه حتى مات قال أما كل حبس له غلة فإنه إن وليه حتى مات وهو في يديه رأيته
____________________
(15/100)
________________________________________
ردا في الميراث لأنه لو شاء رجل لانطلق إلى ماله فحبسه وأكل غلته فإذا جاء الموت قال قد كنت حبسته ليمنعه من الوارث فلا أرى أن يجوز مثل هذا من الاحباس حتى يستخلف عليها الذي حبسها رجلا غيره ويتبرأ إليه منها
وأما كل حبس لا غلة له مثل السلاح والخيل وأشباه ذلك فإنه إذا وجهه في تلك الوجوه التي سمي وأعمله فيها فقد جاز وإن كان يليه حتى مات وهو من رأس المال وإن لم يكن وجهه في شيء من تلك الوجوه فلا أراه إلا غير جائز
في الرجل يحبس على الرجل وعلى عقبه ولا يذكر في حبسه صدقة وكيف مرجع الحبس ( قال ) وقال مالك في الرجل يحبس الحبس على الرجل وعقبه أو عليه وعلى ولده وولد ولده أو يقول رجل هذه الدار حبس على ولدي ولم يجعل لها مرجعا بعدهم فانقرضوا إن هذا الحبس موقوف ولا يباع ولا يوهب ويرجع إلى أولى الناس بالمحبس يكون حبسا قال بن القاسم قال مالك إذا تصدق الرجل بدار له على رجل وولده ما عاشوا ولم يذكر لها مرجعا إلا صدقة هكذا لا شرط فيه فيهلك الرجل وولده ( قال ) أرى أن ترجع حبسا على أقاربه في المساكين ولا تورث ( بن وهب ) عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال من حبس دارا أو تصدق بها قال الحبس والصدقة عندنا بمنزلة واحدة فإن كان صاحب ذلك الذي حبس الدار لم يسم شيئا فإنها لا تباع ولا تورث يسكنها الأقرب فالأقرب به قال سحنون وقد قال بعض رجال مالك كل حبس أو صدقة على مجهول من يأتي فهو الحبس الموقوف مثل أن يقول على ولدي ولم يسمهم فهذا مجهول ألا ترى أن من يحدث من ولده بعد هذا القول يدخل فيه وكذلك لو قال على ولدي وعلى من يحدث لي بعدهم فهذا أيضا على مجهول من يأتي وإذا سمى فإنما هم قوم بأعيانهم وقد فسرنا ذلك قال بن وهب وقال بعض من مضى من أهل العلم إذا تصدق الرجل على الرجل وعلى عقبه من بعده فهو الحبس الذي لا يباع ولا يوهب يحوزه صاحبه حياته فإذا مات
____________________
(15/101)
________________________________________
كان الحبس لعقبه ثم لعقب عقبه ما بقي منهم أحد ثم يرجع إذا انقرض العقب إلى ما سمى المتصدق بها وسبلها عليه ( وقال ) رجال من أهل العلم منهم ربيعة إذا تصدق الرجل على جماعة من الناس لا يدري كم عدتهم ولم يسمهم بأسمائهم فهي بمنزلة الحبس وقال ربيعة والصدقة الموقوفة التي تباع إذا شاء صاحبها إذا تصدق بها الرجل على الرجل أو الثلاثة أو أكثر من ذلك إذا سماهم بأعيانهم ومعناه ما عاشوا ولم يذكر عقبا فهذه الموقوفة التي يبيعها صاحبها إن شاء إذا رجعت إليه ( قلت ) لابن القاسم أرأيت الرجل يقول داري هذه حبس على فلان وعلى عقبه من بعده ولم يقل صدقة فهي حبس كما يقول صقة قال أصل قوله الذي رأيناه يذهب إليه أنه إذا قال حبسا ولم يقل صدقة فهي حبس إذا كانت على غير قوم بأعيانهم وإذا كانت على قوم بأعيانهم فقد اختلف فيه قوله قد كان يقول إذا قال حبسا على قوم بأعيانهم ولم يقل صدقة أو قال حبسا ولم يقل لا تباع ولا توهب فهذه ترجع إلى الذي حبسها إذا كان حيا أو إلى ورثته الذين يرثونه فتكون مالا لهم وق قال لا ترجع إليه ولكنها تكون محبسة بمنزلة الذي يقول لا تباع وأما إن قال حبسا لا تباع أو قال حبسا صدقة وإن كانوا قوما بأعيانهم فهذه الموقوفة التي ترجع بعد موت المحبس عليه إلى أقرب الناس بالمحبس ولا ترجع إلى المحبس وإن كان حيا وهو الذي يقول أكثر الرواة عن مالك وعليه يعتمدون ولم يختلف قوله في هذا قط إذا قال حبسا صدقة أو قال حبسا لا تباع وإن كانوا قوما بأعيانهم إنما الموقوفة التي ترجع إلى أقرب الناس بالمحبس إن كان ميتا أو كان حيا ولا ترجع إلى المحبس على حال ( عبد الله بن وهب ) عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال يقال لو أن رجلا حبس حبسا على أحد لم يقل لك ولعقبك من بعدك فإنها ترجع إليه فإن مات قبل الذين حبس عليهم الحبس ثم ماتوا كلهم أهل الحبس فإنها ترجع ميراثا بين ورثة الرجل الذي حبسها على كتاب الله ( بن وهب ) عن يونس عن ربيعة أنه قال من حبس داره على ولده وولد غيره فجعلها حبسا فهي حبس عليهم يسكنونها على مرافقهم فإن انقرضوا أخذها ولاته دون ولاة من كان ضم مع ولده
____________________
(15/102)
________________________________________
إذا كانوا ولد ولد أو غيرهم ( قال ) قال ربيعة وكل منهم حبس دارا على ولده فأولادهم بمنزلة الولد والذي يحدث منهم بمنزلة من كان يوم تصدق إلا أن يأخذ قوم بفضل أثره وكثره عيال في سعة المساكين وقوة المرافق ليس بينهم أثرة إلا بتفضيل حق يرى ( وأخبرني ) يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الرجل يترك المال حبسا على ولده ثم يموت بعض ولده من صلبه وله ولد قال ربيعة تلك الصدقة والحبس الذي يجري فيها الولد وولد الولد تكون قائمة لا تباع وأما ما ذكرت من ولد الولد مع الولد فإنما يقع فيه الاجتهاد يكون في المال فلا يحصى وذلك الولد مع أعمامهم يكون المال قليلا مستوفي فتكون الأعمام أحق به من ولد أخيهم ويكون العسر واليسر فينظر الناس في ذلك كله وقال يحيى بن سعيد من حبس داره على ولده فهي على ولده وولد ولده ذكورهم وإناثهم إلا أن ولده أولى من ولد ولده ما عاشوا إلا أن يكون فضل فيكون لولد الولد فذلك حق لحاجتهم ( وقال ) يحيى بن سعيد من حبس داره على ولده وولد ولده فهي على ما وضعها عليه إلا أن يبدأ بولده قبل ولد ولده وليس لولد البنات فيها حق ( وقال ) مالك من قال حبسا على ولدي فإن ولد الولد يدخلون مع الآباء ويرثون الآباء فإن قال ولدي وولد ولدي دخلوا أيضا وبدىء بالولد وكان لهم الفضل إن كان فضل قال سحنون وكان المغيرة وغيره يسوي بينهم وقال مالك ليس لولد البنات شيء إذا قال الرجل هذه الدار حبس على ولدي فهي لولده وولد ولده وليس لولد البنات شيء قال الله تبارك وتعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فاجتمع الناس أنه لا يقسم لولد البنات شيء من الميراث إذا لم يكن له بنات لصلبه وإن بني البنين الذكور والإناث يقسم لهم الميراث ويحجبون من يحجبه من كان فوقهم إذا لم يكن فوقهم أحد ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد أنه سأل أبا الزناد عن رجل حبس على رجل وولده ما عاشوا حبسا لا يباع ولا يوهب ولا يورث فقال أبو الزناد هي على ما وضعها عليه ما بقي منهم أحد فإن انقرضوا صارت إلى ولاة الذي حبس وتصدق ( وقال ) ربيعة وبن شهاب ويحيى بن سعيد ان الحبس إذا رجع إنما يرجع إلى
____________________
(15/103)
________________________________________
ولاة الذي حبس وتصدق
في الرجل يحبس داره في مرضه على ولده وولد ولده ثم يهلك ويترك زوجته وأمه وولده وولد ولده ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حبس في مرضه على ولده وولد ولده دارا والثلث يحملها وهلك وترك زوجته وأمه وولده وولد ولده ( قال ) تقسم الدار على عدد الولد وعلى عدد ولد الولد فما صار لولد الأعيان دخلت معهم الأم والزوجة فكان ذلك بينهم على فرائض الله تعالى حتى إذا انقرض ولد الأعيان رجعت الدار كلها على ولد الولد ( قلت ) فإن انقرض واحد من ولد الأعيان ( قال ) يقسم نصيبه على من بقي من ولد الأعيان وعلى ولد الولد لأنهم هم الذين حبس عليهم ثم تدخل الأم والزوجة وورثة الميت من ولد الأعيان في الذي أصاب ولد الأعيان من ذلك على فرائض الله ( قلت ) فإن هلكت الأم أو الزوجة أو هلكتا جميعا أيدخل ورثتهما في حظوظهما ما دام أحد من ولد الأعيان حيا ( قال ) نعم قال وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت ان انقرضت الأم والزوجة أولا أيدخل ورثتهما مكانهما ( قال ) نعم ( قلت ) فإن انقرض واحد من ولد الأعيان بعد ذلك ( قال ) يقسم نصيبه على ولد الولد وعلى من بقي من ولد الأعيان ويرجع من بقي من ورثة الهالك من ولد الأعيان وورثة الزوجة وورثة الأم في الذي أصاب ولد الأعيان فيكون بينهم على فرائض الله فإن مات ورثة الزوجة والأم وبقي ورثة ورثتهم ( قال ) يدخل في ذلك ورثة ورثتهم أبدا ما بقي من ولد الأعيان أحد بحال ما وصفت لك ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا قوله ( قلت ) فإن انقرض ولد الولد رجعت حبسا على أولي الناس بالمحبس في قول مالك ( قال ) نعم
في الرجل يحبس الدار ويشترط على المحبس عليه مرمتها ( قلت ) أرأيت الرجل يحبس داره على رجل وعلى ولده وولد ولده ويشترط على
____________________
(15/104)
________________________________________
الذي يحبس عليه ان ما احتاجت الدار من مرمة فعلى المحبس عليه أن ينفق في مرمتها من ماله ( قال ) لا يصلح ذلك وهذا كراء وليس بحبس ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا إلا أن مالكا قال في الفرس يحبس على الرجل ويشترط علي المحبس عليه حبسه سنة وحلفه فيها قال مالك لا خير فيه وقال أرأيت ان هلك قبل أن تستكمل السنة كيف يصنع أيذهب علفه باطلا ( قلت ) فما يصنع أيجعل الفرس والدار حبسا إذا وقع مثل هذا الشرط أم يبطل ( قال ) لا أدري إلا أن مالكا قال لي في الفرس لا خير فيه ووجه كراهية ذلك عنده أنه غرر وقال أرأيت لو مات قبل السنة أكان تذهب نفقته قال مالك في الرجل يبيع عبده على أنه مدبر على المشتري أنه لا خير فيه قال بن القاسم وأنا أرى أنه يجوز تدبيره لأنه بيع قد فات بالتدبير ويرجع البائع على المشتري بتمام الثمن إن كان البائع هضم له من الثمن لذلك شيئا وهذا قول مالك في التدبير فأرى في الفرس أن يخير صاحبه الذي حبسه فإن أحب ان لم يفت الاجل أن يضع الشرط ويبتله لصاحبه فعل أو يدفع إليه ما أنفق ويأخذ فرسه وإن فات الاجل لم أر أن يرد وكان للذي بتل له بعد السنة بغير قيمة
وأرى في الدار أن تكون حبسا على ما جعل ولا تلزمه المرمة وتكون مرمتها من غلتها لأنها فاتت في سبيل الله ولا يشبهه البيوع إلا أن ذلك يكرهه مالك له
في الحبس على الولد وإخراج البنات وإخراج بعضهم عن بعض وقسم الحبس قال بن وهب أخبرني حيوة بن شريح أن محمد بن عبد الرحمن القرشي أخبره قال حبس عثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله التيمي دورهم ( وأخبرني ) غيره من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وعمرو بن العاص وغيرهم مثله ( قال ) سعيد بن عبد الرحمن وغيره عن هشام بن عروة ان الزبير بن العوام قال في صدقته على بنيه لاتباع ولا تورث وان للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضار بها ( بن وهب ) عن يزيد بن عياض عن أبي بكر بن حزم أن عمر بن عبد العزيز كتب له أن يفحص
____________________
(15/105)
________________________________________
له عن الصدقات وكيف كانت أول ما كانت ( قال ) فكتبت إليه أذكر له صدقة عبد الله بن زيد وأبي طلحة وأبي الدحداحة وكتبت إليه أذكر له أن عمرة ابنة عبد الرحمن ذكرت لي عن عائشة أنها كانت إذا ذكرت صدقات الناس اليوم وإخراج الرجال بناتهم منها تقول ما وجدت للناس مثلا اليوم في صدقاتهم إلا ما قال الله وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء قالت والله أنه ليتصدق الرجل بالصدقة العظيمة على ابنته فترى غضارة صدقته عليها وترى ابنته الأخرى وأنه لتعرف عليها الخصاصة لما حرمها من صدقته وإن عمر بن عبد العزيز مات حين مات وأنه ليريد أن يرد صدقات الناس التي أخرجوا منها النساء وأن مالكا ذكر لي أن عبد الله بن عمرو وزيد بن ثابت حبسا على أولادهما دورهما وأنهما سكنا في بعضها فهذا يدل على قول عائشة أن الصدقات فيما مضى إنما كانت على البنين والبنات حتى أحدث الناس اخراج البنات وما كان من عزم عمر بن عبد العزيز على أن يرد ما أخرجوا منه البنات يدل على أن عمر ثبت عنده أن الصدقات كانت على البنين والبنات قال مالك من حبس على ولده دارا فسكنها بعضهم ولا يجد بعضهم فيها سكنا فيقول الذين لم يجدوا منهم سكنا أعطوني من الكراء بحساب حقي ( قال ) لا أرى ذلك له ولا أرى أن يخرج أحد لأحد ولكن إن غاب أحد أو مات سكن فيه وهكذا حبس بن عمر وزيد بن ثابت لا يخرج أحد لأحد ولا يعطى من لم يجد مسكنا كراء قال بن القاسم قال مالك ان غاب أي ان كان يريد المقام في الموضع الذي غاب إليه وأما إن كان رجلا يريد أن يسافر إلى موضع ليرجع فهو على حقه ( وقال ) علي بن زياد في روايته ان غاب مسجلا ولم يذكر ما قال بن القاسم ( بن وهب ) عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في صدقة الرباع لا يخرج أحد من أهل الصدقة عن أحد إلا أن يكون عنده فضل من المساكن ( وسئل ) مالك عن رجل حبس على ولده حبسا وعلى أعقابهم وليس له يومئذ عقب فأنفذه لهم في صحته ثم هلك بعد ذلك وهلك ولده فبقي
____________________
(15/106)
________________________________________
بنو بنيه وبنو بني بنيه هل لبني بني بنيه مع آبائهم في الحبس شيء ( قال ) أرى أن يعطي بنو بني بنيه من الحبس كما يعطى بنو بنيه إذا كانوا مثلهم في الحال والحاجة والمؤنة إلا أن الأولاد ما داموا صغارا لم يبلغوا ولم يتزوجوا ولم تكن لهم مؤنة فإنما يعطي الأب بقدر ما يمون ومن بلغ منهم حتى يتزوج وتكون حاجته ومؤنته مثل البنين فهم فيه شرعا سواء إذا كان موضعا وإن كانوا صغارا فإنه لا يقسم لهم ويعطى آباؤهم على قدر عيالهم
في المحبس عليه يرم في الحبس مرمة ثم يموت ولم يذكرها أو ذكرها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حبس دارا له على ولده وولد ولده ثم إن أحد البنين بنى في الدار بناء أو أدخل خشبة في بناء الدار أو أصلح فيها بيتا ثم مات ولم يذكر لما أدخل في الدار ذكرا ( قال ) قال مالك لا أرى لورثته فيها شيئا ( قلت ) فإن كان قد ذكر الخشبة التي أدخل فيها أو ما أصلح فقال خذوه فهو لورثتي أو أوصي به أيكون ذلك له ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وذلك له ( قلت ) فإن كان قد بني بنيانا كثيرا ثم مات ولم يذكر ذلك ( قال ) الذي أخبرتك عن مالك أنه قال إذا بني وأدخل خشبة وأرى مالكا قد ذكر البناء وذلك كله عندي سواء وقد قال المخزومي ولا يكون من ذلك محرما ولا صدقة إلا الشيء اليسير من الستور وأشباهها من الميازيب ومما لا يعظم خطره ولا قدره وأما البناء الذي له القدر فهو مال من ماله يباع في دينه ويأخذه ورثته
في الرجل يحبس حائطه في مرضه فلا يخرج من يديه حتى يموت ( قلت ) أرأيت إن حبس رجل حائطه على المساكين في مرضه ولم يخرج من يديه حتى مات أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان الثلث يحمله لأن هذه وصية
____________________
(15/107)
________________________________________
كأنه قال إذا مت فحائطي على المساكين حبس عليهم تجري عليهم غلتها ولأن كل فعل فعله في مرضه من بت صدقة أو بت عتق ليس يحتاج فيه إلى أن يقبض من يديه ولأنه لو قبض من يديه كان موقوفا لا يجوز لمن قبضه أكل غلته إن كانت له ولا أكله إن كان مما يؤكل حتى يموت فيكون في الثلث أو يصح فينفذ البتل كله وإن كان لرجل بعينه أو كان للمساكين أو في سبيل الله أمر بانفاذ ذلك وإن فعل الصحيح ليس يجوز منه إلا ما قبض وحيز قبل أن يموت المتصدق أو يفلس وقد كان له قول في فعل المريض إذا كانت له أموال مأمونة
في الرجل يحبس حائطه في الصحة فلا يخرجه من يديه حتى يموت ( قلت ) أرأيت من حبس نخل حائطه أو تصدق بها على المساكين في الصحة فلم يخرجها من يديه حتى مات ( قال ) لا يجوز لأن هذا غير وصية فإذا كان غير وصية لم يجز إلا أن يخرجها من يديه قبل أن يموت أو يوصي بانفاذها في مرضه فتكون من الثلث ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قال ) ومن تصدق بصدقة أو وهب هبة على من يقبض لنفسه فلم يقبضها حتى مرض المتصدق أو الواهب كان المتصدق عليه وارثا أو غير وارث لم يجز له قبضها وكانت مال الوارث وكذلك العطايا والنحل قال بن وهب ألا ترى أن الحارث بن نبهان ذكر عن محمد بن عبد الله عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب ومحمد بن عبيد الله عن بن أبي مليكة وعطاء بن أبي رباح أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس قالوا لا تجوز صدقة حتى تقبض وقال شريح ومسروق لا تجوز صدقة إلا مقبوضة ذكره أشهل وان يونس ذكر عن بن وهب أنه قال ما تصدق به وهو صحيح فلم يقبضه من تصدق به عليه إلا أن يكون صغيرا فهو للورثة ولا تجوز صدقة إلا بقبض وإن مالكا ويونس بن يزيد ذكرا عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان أنه قال من نحل ولدا له صغيرا لم يبلغ أن يحوز نحله فأعلن
____________________
(15/108)
________________________________________
بها وأشهد عليها فهي جائزة وإن وليها أبوه ( بن وهب ) وان رجالا من أهل العلم ذكروا عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وشريح الكندي وبن شهاب وربيعة وبكير بن الأشج مثله وقال شريح هو أحق من وليه وان مالك بن أنس ويونس بن يزيد ذكرا عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبدا القارئ عن عمر بن الخطاب أنه قال ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا ثم يمسكونها فإن مات بن أحدهم قال مالي بيدي لم أعطه أحدا وان مات هو قال هو لابني قد كنت أعطيته إياه من نحل نحله ثم لم يحزها الذي نحلها حتى تكون ان مات لوارثه فهو باطل أولا ترى أن أبا بكر الصديق نحل عائشة ابنته أحدا وعشرين وسقا فلم تقبض ذلك حتى حضرت أبا بكر الوفاة فلم يجز لها ذلك وإنما أبطل عمر النحل التي لم تقبض في الكبير الذي مثله يقبض ألا ترى أنه جوزه للصغير وجعل الأب قابضا ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن علي بن أبي طالب قال المواهب ثلاثة موهبة يراد بها وجه الله وموهبة يراد بها الثواب وموهبة يراد بها وجه الناس فموهبة الثواب يرجع فيها صاحبها إذا لم يثب ( بن وهب ) قال عمر بن الخطاب من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه الصدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها ان لم يرض منها ذكره مالك وان سعيد بن المسيب ذكر عن عمر بن الخطاب قال من وهب هبة لوجه الله فذلك له ومن وهب هبة يريد ثوابها فإنه يرجع فيها إذا لم يرض منها ذكره أيضا مالك
في الرجل يحبس داره على المساكين فلا تخرج من يديه حتى يموت ( قلت ) أرأيت إذا حبس غلة دار له على المساكين فكانت في يديه يخرج غلتها كل عام فيعطيها المساكين حتى مات وهي في يديه أتكون غلتها للمساكين بعد موته أو تكون ميراثا ( قال ) قال مالك إذا كانت في يديه حتى يموت لم يخرجها من يديه حتى يموت فهي ميراث وان كان يقسم غلتها إلا أن مالكا قال لنا في الخيل
____________________
(15/109)
________________________________________
والسلاح انه مخالف للدور والأرضين إذا كان له خيل وسلاح قد جعلها في سبيل الله فكان يعطي الخيل يغزى عليها أيام غزوها فإذا قفلت ردت إليه فقام عليها وعلفها والسلاح مثل ذلك قال مالك إذا أنفذها في حياته هكذا وان كانت ترجع إليه عند القفل فأراها من رأس المال وهي جائزة ولا يشبه هذا عندي النخل ولا الدور ولا الارضين
في الرجل يحبس ثمرة حائطه على رجل فيموت المحبس عليه وفي النخل ثمر قد أبر ( قلت ) أرأيت ان حبست ثمرة حائطي على رجل بعينه حياته فأخذ النخل فكان يأكل ثمرتها ثم ان المحبس عليه مات وفي رؤوس النخل ثمر لم يبد صلاحه لمن تكون الثمرة الورثة المحبس عليه أم لورثة رب النخل ( قال ) سئل مالك عن رجل حبس حائطا له على قوم بأعيانهم فكانوا يسقون ويقومون على النخل فمات بعضهم وفي رؤوس النخل ثمر لم يبد صلاحه وقد أبرت ( قال ) قال مالك أراها للذين بقوا منهم يتقوون به على سقيه وعمله وليس لمن مات منهم فيها شيء ولو طابت الثمرة قبل أن يموت أحد كان حق من مات منهم فيها ثابتا يرثه ورثته فمسألتك مثل هذا ان مات المحبس عليه قبل أن تطيب الثمرة فهي ترجع إلى المحبس وان مات بعد ما تطيب الثمرة كانت لورثة الميت المحبس عليه وقال بعض الرواة هذا إذا كانت صدقة محبسة وهم يلون عملها ( قال ) ولقد سئل مالك عنها غير مرة ونزلت بالمدينة فقال مثل ما أخبرتك وإن كانت ثمرة تقسم غلتها فقط وليسوا يلون عملها فنصيب من مات منهم رد على صاحبه المحبس قال بن القاسم وقد كان مالك رجع فقال يكون على من بقي وليس يرجع نصيب من مات إلى المحبس ( وروى ) الرواة كلهم عن مالك بن القاسم وبن وهب وبن نافع وعلي بن زياد والمخزومي وأشهب أنه قال من حبس غلة دار أو ثمرة حائط أو خراج غلام على جماعة قوم بأعيانهم فإنه من مات منهم رجع نصيبه إلى الذي حبس لأن هذا مما يقسم عليهم وان كانت دارا
____________________
(15/110)
________________________________________
لا يسكنها غيرهم أو عبدا يخدم جميعهم فمن مات منهم فنصيبه رد على من بقي منهم لأن سكناهم الدار سكنى واحد واستخدامهم العبد كذلك قال سحنون فثبت الرواة كلهم عن مالك على هذا وقاله المخزومي فيما يقسم وفيما لا يقسم على ما وصفنا إلا بن القاسم فإنه أخذ برجوع مالك في هذا بعينه فقال يرجع على من بقي كان يقسم أو لا يقسم وما اجتمعوا عليه أحج إن شاء الله وقال بعضهم وإن مات منهم ميت والنمر قد أبر فحقه فيها ثابت قاله غير واحد من الرواة
في الرجل يسكن الرجل مسكنا على أن عليه مرمته ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أسكن رجلا منزله سنين معلومة أو حياته على أن عليه مرمته أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) لا لأن هذا قد صار كراء غير معلوم
في الرجل يسكن الرجل دارا له على أن ينفق عليه حياته ( قال ) وسئل مالك عن رجل أعطى رجلا دارا له على أن ينفق على الرجل حياته ( قال ) مالك ما استغلها فذلك له وترد الدار على صاحبها والغلة له بالضمان وما أنفق على الرجل غرمه الرجل له وأخذ داره
____________________
(15/111)
________________________________________
كتاب الصدقة في الرجل يتصدق بالصدقة فلا تقبض منه حتى يبيعها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا تصدق على رجل بدار فلم يقبض المتصدق عليه حتى باعها المتصدق ما قول مالك في ذلك ( قال ) قال مالك إذا كان الذي تصدق بها عليه قد علم بصدقته فلم يقبضها حتى باعها المتصدق نفذ البيع ولم يرد وكان له الثمن يأخذه وان كان لم يعلم فالبيع مردود إذا كان الذي تصدق بها حيا والمتصدق عليه أولى بالدار وان مات المتصدق قبل أن يعلم الذي تصدق بها عليه فلا شيء له ولا يرد البيع لأنه لو لم يبعها حتى مات ولم يعلم الذي تصدق بها عليه لم يكن له شيء وقال أشهب ليس للمتصدق عليه شيء إذا خرجت من ملك المتصدق بوجه من الوجوه وحيزت عليه
في الرجل يتصدق على الرجل في المرض فلم يقبضها منه حتى مات المتصدق ( قلت ) أرأيت كل هبة أو عطية أو صدقة في المرض فلم يقبضها الموهوب له ولا المعطي ولا المتصدق عليه حتى مات الواهب من مرضه ذلك أتكون هذه وصية أم تكون هبة أو عطية أو صدقة لم يقبضها صاحبها حتى مات الواهب فتبطل وتصير لورثة الواهب ( قال ) قال مالك هي وصية قال مالك وكل ما كان مثل هذا مما ذكرت
____________________
(15/112)
________________________________________
في المرض فإنما هي وصية من الثلث قال سحنون وقد بينا هذا في الرسم الذي قبله
في الرجل يبتل صدقة في مرضه ثم يريد أن يرجع في صدقته ( قلت ) أرأيت المريض إذا بتل هبته أو عطيته أو صدقته في مرضه وقبضها الموهوب له فأراد المريض أن يرجع فيها بعد ما قبضها الموهوب له أيكون ذلك له في قول مالك ( قال ) قال مالك ليس له أن يرجع فيها بعد ما قبضها الموهوب له ولكن لورثته أن يأخذوها ويوقفوها إلا أن يكون له مال مأمون من العقار بحال ما وصفت لك قلت لا يكون له أن يرجع فيها وأنت تجعلها وصية ( قال ) لأنه بتل شيئا وليس له أن يبتل على الورثة أكثر من ثلثه وليس له أن يرجع في الثلث الذي بتله في مرضه لأنه لو صح لم يستطع الرجوع في ذلك ( قلت ) ولا يكون للذي وهبت له الهبة في المرض أن يقبض هبته في قول مالك ( قال ) لا إلا أن يكون للمريض مال مأمون من العقار والدور مثل ما وصفت لك
في الرجل يتصدق على ابنه الصغير بالصدقة ثم يشتريها من نفسه ( قلت ) أرأيت الرجل يتصدق بالجارية على ابنه وهو صغير فيتبعها نفسه أيكون له أن يشتريها ( قال ) قال مالك نعم يقومها على نفسه ويشهد ويستقصي للابن ( قلت ) أرأيت لو أن أجنبيا تصدق على أجنبي بصدقة أيجوز له أن يأكل من ثمرتها أو يركبها ان كانت دابة أو ينتفع بشيء منها في قول مالك ( قال ) لا ( قلت ) فإن كان الأب ( قال ) نعم إذا احتاج وقد وصفت لك ذلك ( قلت ) والام تكون بمنزلة الاب ( قال ) نعم في رأيي ولم أسمعه من مالك لأنهما إذا احتاجا أنفق عليهما ( سحنون ) عن بن وهب عن جرير بن حازم عن أيوب عن محمد بن سيرين أن رجلا تصدق على ابنه بغلام ثم احتاج الرجل إلى أن يصيب من غلة الغلام شيئا فسئل عمران بن حصين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ما أكل من غلته فليس
____________________
(15/113)
________________________________________
له فيه أجر ( بن وهب ) وقال عبد الله بن مسعود دعوا الصدقة والعتاقة ليومهما وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة في الفرس التي تصدق بها على المساكين فأقاموها للبيع وكانت تعجب زيدا فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشتريها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب في الفرس الذي حمل عليه في سبيل الله فأضاعه صاحبه وأضربه وعرضه للبيع فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال أنه يبيعه برخص أفأشتريه فقال لا وان أعطاكه بدرهم ان الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه وقال مالك لا يشتري الرجل صدقته لا من الذي تصدق بها عليه ولا من غيره
في الرجل يتصدق بالصدقة على الرجل فيجعلها على يدي رجل فيريد المتصدق عليه أن يقبضها ( قلت ) أرأيت ان تصدقت على رجل بدراهم والرجل الذي تصدقت بها عليه مرضي في نفسه ليس بسفيه ولا محجور عليه فتصدقت عليه بدراهم وجعلتها على يدي رجل وهو مليء حاضر معي حيث تصدقت فجعلتها على يدي من أعلمتك والمتصدق عليه يعلم بذلك فلم يقم على صدقته حتى مت أنا أيكون له أن يقبضها بعد موتي أم قد صارت لورثتي لأنه لم يحز صدقته ( قال ) إذا لم يشترط المتصدق على الذي جعلها على يديه أن لا يدفعها إلى المتصدق عليه إلا بإذنه فللمتصدق عليه أن يقبض صدقته بعد موت المتصدق لأن المتصدق عليه لو شاء أخذ صدقته وإنما تركها في يدي رجل قد حازها له ولو أراد المتصدق أن يأخذها بعد ما تصدق بها وجعلها على يدي هذا الذي حازها للمتصدق عليه لم يكن لرب الصدقة أن يأخذها ان لم يشترط على الذي جعلها على يديه أن لا يدفعها إلا بإذنه فإن كان اشترط ما أخبرتك فلا صدقة له ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) سئل مالك عن الرجل يدفع إلى الرجل الدنانير يفرقها في سبيل الله أو يدفعها إلى المساكين والدافع صحيح سوي فلا يقسمها الذي يعطاها حتى يموت الذي أعطاها ( قال ) قال مالك إذا كان أشهد حين دفعها
____________________
(15/114)
________________________________________
إلى من أمره بتفرقتها فقد جازت وهي من رأس المال فهذا يدلك على مسألتك قال بن القاسم وان كان لم يشهد حين دفعها إليه وأمره بتفرقتها فما بقي منها يوم يموت المعطي رده إلى الورثة ولا ينفعه فيها ما أمره بها فإن فعل ضمن لأنها قد صارت للورثة ومن ذلك أيضا أن الرجل يحبس الحبس فيجعله على يد رجل وان كان الذين حبس عليهم كبارا فيجوز ذلك ألا ترى أن أحباس من مضي عمر وغيره إنما كانت في يدي من جعلوها على يديه يجرون غلتها فيما أمروا بها فكانت جائزة وكانت مقبوضة قال بن القاسم قلت لمالك فما يشتري الناس في حجهم من الهدايا لاهليهم مثل الثياب كسوة لأهله ثم يموت قبل أن يصل إلى بلده ( قال ) ان كان أشهد على شيء من ذلك رأيته لمن اشتراه له وان لم يشهد فهو ميراث ( قال ) فقلت لمالك فالرجل يبعث بالهدية أو بالصلة إلى الرجل وهو غائب فيموت الذي بعث بها أو الذي بعثت إليه قبل أن تصل إلى المبعوث إليه ( قال ) ان كان أشهد على ذلك حين بعث بها على انفاذها فمات الباعث بها فهي للذي بعثت إليه وان مات الذي بعثت إليه بعد ما أنفذها وأشهد عليها فهي لولد المبعوث بها إليه وإن لم يكن أشهد عليها الباعث حين بعثها فأيهما مات قبل أن تصل فهي ترجع إلى الباعث أو ورثته ( بن وهب ) عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال في الرجل يرسل إلى صاحبه بألف دينار يتصدق بها عليه وأشهد عليها فألفاه رسوله قد مات وقد كان حيا يوم تصدق بها عليه فطلبها ورثته وقال المتصدق إنما أردت بها صلته ( قال ) ان كان تصدق بها وأشهد على صدقته والمتصدق عليه يومئذ حي ثم توفي قبل أن تبلغه الصدقة فقد ثبتت للذي تصدق بها عليه وليس للذي تصدق بها فيها رجوع وقد انبتت منه
في الدعوى في الرجل يتصدق على الرجل بالحائط وفيه ثمرة قد طابت ( قلت ) أرأيت الرجل يتصدق على الرجل بالحائط وفيه ثمرة قد طابت فقال المتصدق إنما تصدقت عليه بالحائط دون الثمرة ( قال ) قال مالك القول قول رب
____________________
(15/115)
________________________________________
الحائط من حين تؤبر الثمرة ( قلت ) فهل يحلف ( قال ) لا وما سمعت من مالك فيه شيئا قال بن القاسم وسألت مالكا عن الرجل يهب النخل للرجل وفيها ثمر ( قال ) قال مالك ان كانت الثمرة لم تؤبر فهي للموهوب له وان كانت قد أبرت رأيت القول فيها قول الواهب فإن قال إنما وهبت النخل وحدها واحتبست الثمرة فذلك له وهو مصدق ( قلت ) فكيف يكون وجه الحيازة المعروفة التي إذا حاز النخل فهي حيازة وإن كان ربها يسقيها لمكان ثمرته ( قال ) ان كان خلي بين الموهوب له وبينها ليسقيها فإن حيازة الموهوب له النخل حيازة ولم أسمع من مالك يحد في هذه المسألة في الحيازة شيئا
في الرجل يهب النخل للرجل ويشترط ثمرتها لنفسه سنين ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا وهب نخلا لرجل واشترط لنفسه ثمرتها عشر سنين أيجوز ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) ان كان أسلم النخل للموهوب له ليسقيها بماء نفسه وللواهب ثمرتها فإن هذا لا يصلح لأنه كأنه قال له اسقها إلى عشر سنين ثم هي لك وهو لا يدري أتسلم النخل إلى ذلك الوقت أم لا ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل الفرس يغزو عليه سنتين أو ثلاثا وينفق عليه المدفوع إليه الفرس من عند نفسه ثم هو للمدفوع إليه بعد الأجل ويشترط عليه أن لا يبيعه قبل الأجل ( قال ) قال مالك لا خير فيه وكرهه وبلغني عنه أنه قال أرأيت ان مات الفرس قبل السنتين أتذهب نفقته باطلا قال لي مالك فهذا غرر لا خير فيه فهذا يدلك على مسألتك في النخل قال بن القاسم وان كانت النخل في يد الواهب يسقيها ويقوم عليها ولم يخرجها من يده فإنما هذا رجل وهب نخلة بعد عشر سنين فذلك جائز للموهوب له ان سلمت النخل إلى ذلك الاجل ولم يمت ربها ولم يلحقه دين فله أن يقوم عليها فيأخذها وان مات ربها أو لحقه دين فلا حق له فيها ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن بن شهاب في رجل أتى قوما فأعطوه إلى العطاء وكتبوا له ودفعوا إليه الكتاب فبلغ ما أعطي فنزع رجال قال بن شهاب قضى عمر بن عبد العزيز أن
____________________
(15/116)
________________________________________
الصدقة جائزة وليس لصاحبها أن يرجع فيها وقد قال أشهب في الفرس أن شرطه ليس مما يبطل عطيته له ألا ترى لو أن رجلا قال لرجل خذ هذه الفرس عارية لك سنين تركبه ثم هو لفلان بعدك بتلا فيترك المعار عاريته لصاحب البتل ان حقه يجب ويصير الفرس له فهو إذا جعله عارية له ثم صيره إليه سقطت العارية ووجبت الرقبة له ولم يكن فيها خطر
في صدقة البكر ( قلت ) أرأيت الجارية التي قد تزوجت ولم يدخل بها زوجها أتجوز لها صدقتها أو عتقها في ثلثها في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يجوز لها شيء حتى يدخل بها زوجها فإذا دخل بها زوجها جاز لها ذلك إذا علم منها صلاح ( قلت ) أرأيت إن دخل بها زوجها هل يوقت لها مالك وقتا في ذلك يجوز إليه صنيعها في ثلثها ( قال ) لا إنما وقتها دخوله بها إذا كانت مصلحة ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم إنما قال لنا مالك إذا دخل بها وعرف من صلاحها قال بن وهب وأخبرني بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب قال لا تجوز لامرأة موهبة لزوجها ولا لغيره حتى تعلم ما ينقصها وما يزيدها ( بن وهب ) عن يحيى بن أيوب عن يحي بن سعيد أنه سئل عن المرأة تعطي زوجها أو تتصدق عليه ولم تمر بها سنة أو تعتق قال يحيى بن سعيد ان كانت المرأة ليست بسفيهة ولا ضعيفة العقل فإن ذلك يجوز لها ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد قال قال ربيعة وكل امرأة أعطت وهي في سترها فهي بالخيار إذا برزت فإن أقامت على التسليم والرضا لما أعطت بعد أن يبرز وجهها فعطاؤها جائز وإن أنكرت رد عليها ما أعطت
____________________
(15/117)
________________________________________
كتاب الهبة في الرجل يهب الهبة من مال ابنه الصغير ( قلت ) أرأيت من وهب من ماله بن له شيئا والابن صغير أيجوز هذا في قول مالك أم لا ( قال ) لا يجوز ذلك في قول مالك ( قلت ) فإن تلفت الهبة أيكون الأب ضامنا في قول مالك ( قال ) نعم
في الرجل يهب للرجل نصف دار له أو نصف عبد له ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا تصدق على رجل بنصف دار له بينه وبين رجل أو وهب له نصف داره غير مقسومة أتجوز هذه الهبة أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك الهبة جائزة وإن لم تكن مقسومة ( قلت ) فكيف يقبض هذا هبته أو صدقته ( قال ) يحل محل الواهب يجوز ويمنع مع شركائه ويكون هذا قبضه ( قلت ) وكذلك هذا فيما لا ينقسم في العبد إذا وهب نصفه لرجل فهو جائز في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) ويكون قبضه مثل ما ذكرت في الدار ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم إذا حاز ما وهب له دون صاحبه فقد قبض
في الرجل يهب للرجل دهنا مسمى من جلجلان بعينه ( قلت ) أرأيت ان وهبت لرجل عشرة أقساط من دهن جلجلاني هذا ( قال ) الهبة
____________________
(15/118)
________________________________________
جائزة لأن مالكا قال يجوز أن يهب الرجل للرجل ثمرة نخله قابلا قال ذلك جائز فهذا الذي ذكرت من دهن الجلجلان أحرى ( قلت ) أرأيت إن قال رب الجلجلان لا أعصره ( قال ) يلزمه عصره ذلك ( قلت ) فإن قال أنا أعطيك من غيره زيتا مثل زيتة بمكيلته ( قال ) لا يعجبني ذلك لأني أخاف أن يدخله طعام بطعام مستأخر ولعل ذلك الجلجلان الذي وهب له من زيته يتلف قبل أن يعصره فيكون قد أعطاه زيته باطلا فلا يعجبني إلا أن يكون من زيت ذلك الجلجلان الذي وهب له من زيته وقال ربيعة في رجل قال اشهدوا أن لفلان في مالي صدقة مائة دينار ثم بدا له فرجع فيها بعد يومين فخاصمه الذي تصدق عليه قال ربيعة يؤخذ بذلك إن كان في ماله محمل لذلك أنفذ عليه وان لم يدرك ذلك في ماله أبطل ولم ينزله منزلة الدين ( بن وهب ) عن يونس عن بن شهاب أنه قال في رجل أتى قوما فأعطوه إلى العطاء وكتبوا له ودفعوا الكتاب إليه فبلغ ما أعطي فنزع رجال فقال بن شهاب قضى عمر بن عبد العزيز أن الصدقة جائزة ليس لصاحبها أن يرجع فيها ( بن لهيعة ) عن عبيد الله بن أبي جعفر أن حميد بن أبي الصعبة تصدق على ابنه بداره ثم أراد أن يرتجعها فخاصمه إلى بعض قضاة مصر فأبى أن يجيز له ارتجاعه بعد أن تصدق
في الرجل يهب للرجل مورثه من رجل لا يدري كم هو ( قلت ) أرأيت ان وهبت لرجل مورثي من رجل ولا أدري كم هو مورثي من ذلك الرجل سدسا أو ربعا أو خمسا أتجوز الهبة ( قال ) من قول مالك أن ذلك جائز
في الرجل يهب للرجل نصيبه من دارا وجدار لا يدري كم هو ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل نصيبي من هذه الدار ولا أدري كم هو أيجوز أم لا ( قال ) هذا والاول سواء أراه جائزا ( قلت ) أرأيت ان وهبت نصيبا لي من جدار أيجوز أم لا في قول مالك ( قال ) ذلك جائز
____________________
(15/119)
________________________________________
في الرجل يهب للرجل نصيبا له من دار ولا يسميه له ( قلت ) أرأيت ان وهبت لرجل نصيبا من داري ولم أسمه ثم قام الموهوب له ( قال ) يقال للواهب أقر له بما شئت مما يكون نصيبا ولم أسمعه من مالك
في الرجل يهب للرجل الزرع والثمر الذي لم يبد صلاحه ( قلت ) أرأيت هبة ما لم يبد صلاحه من الزرع والثمر هل يجوز ذلك في قول مالك ( قال ) نعم إذا لم يكن للثواب
في المديان يموت فيهب رب الدين دينه لبعض ورثة المديان ( قلت ) أرأيت لو كان لي على رجل دين فمات الرجل الذي لي عليه الدين فوهبت ديني لبعض ورثته أيكون ما وهبت له جائزا ويكون ذلك له دون جميع الورثة ( قال ) نعم
في الرجل يهب للرجل الهبة فيموت الموهوب له قبل أن يقبض ( قلت ) أرأيت إذا وهب رجل لعبدي هبة فمات العبد أيكون لي أن أقوم على الهبة فآخذها في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى لك أن تقوم عليها فتأخذها لأن مالكا قال كل من وهب هبة لرجل فمات الموهوب له قبل أن يقبض فورثته مكانه يقبضون هبته وليس للواهب أن يمتنع من ذلك وكذلك سيد العبد عندي
في الرجل يهب للرجل عبده المديان أو الجاني ( قلت ) أرأيت عبدا لي مأذونا له في التجارة اغترفه الدين فوهبته لرجل أتجوز هبتي فيه أم لا في قول مالك ( قال ) هبتك جائزة وبيعك إياه جائز في قول مالك إذا بينت أن عليه دينا حين تبيعه ( قلت ) أرأيت ان جني عبدي جناية أو أفسد مالا لرجل فوهبته أو بعته أو تصدقت به أيجوز ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أرى أن يجوز إلا أن يشاء سيده أن يحتمل الجناية فإن أبي
____________________
(15/120)
________________________________________
أحلف بالله ما أراد أن يحتمل الجناية فإن حلف رد وكانت الجناية أولى به في رقبته ( سحنون ) وهذا إذا كانت هبته أو بيعه بعد علمه بالجناية فلذلك أحلف
في الرجل يبيع عبده بيعا فاسدا ثم يهبه البائع لرجل آخر ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا باع عبدا له من رجل بيعا فاسدا ثم وهبه البائع لرجل أجنبي أيجوز أم لا ( قال ) ان وهبه بعد البيع بيوم أو يومين قبل أن تحول أسواقه وقام الموهوب له على قبض هبته ورد البائع الثمن فذلك جائز ويجبر البائع على رد الثمن ويقال للموهوب له خذ هبتك وإن كانت أسواقه قد تغيرت لم تجز الهبة فيه لأنه قد صار للمشتري ولزمت المشتري فيه القيمة لأن مالكا جعل البيع بينهما فيه مفسوخا ما لم يتغير فالبيع الفاسد إذا فسخ فإنما يرجع العبد إلى البائع على المالك الأول فالهبة فيه جائزة لأنه ملك واحد ( قال ) ولو أن البائع أعتق العبد قبل أن تتغير أسواقه بنماء أو نقصان جاز عتقه في العبد إذا رد الثمن لأن البيع بينهما مفسوخ قبل أن تحول أسواقه أو يتغير بنماء أو نقصان إلا أن يموت البائع قبل أن تحول أسواق العبد أو يتغير ولم يقم الموهوب له على قبضه فلا يكون له شيء بمنزلة من تصدق بصدقة فلم تقبض منه حتى مات المتصدق
في الرجل يرهن عبده ثم يهبه لرجل ( قلت ) أرأيت ان رهنت عبدا لي ثم وهبته لرجل أتجوز الهبة فيه أم لا في قول مالك ( قال ) الهبة جائزة إن افتككته لأن الموهوب له متى ما قام على هبته فله أن يأخذها ما لم يمت الواهب فهو إذا افتكها كان للموهوب له أن يأخذها فإن قام على هبته قبل أن يفتكها أجبر الواهب على افتكاكها ان كان له مال وقبضها الموهوب له ( قلت ) فهل يكون قبض المرتهن قبضا للموهوب له ان مات الواهب ( قال ) لا يكون قبض المرتهن قبضا للموهوب له ( قلت ) لم وقد قال مالك في العبد المخدم ان قبضه قبض للموهوب له ( قال ) لأن المخدم لم يجب له في رقبة العبد حق والمرتهن إنما حقه في
____________________
(15/121)
________________________________________
رقبة العبد فلا يكون قبض المرتهن قبضا للموهوب له وقد وافقه أشهب في كل ما قال من أمر قبض المرتهن وقبض المخدم
في الرجل يغتصب عبده ثم يهبه لرجل وهو عند الغاصب ( قلت ) أرأيت ان غصبني رجل عبدا فوهبته لرجل آخر والعبد مغصوب أتجوز الهبة في قول مالك ( قال ) نعم ان قبضها الموهوب له قبل أن يموت الواهب ( قلت ) ولا يكون قبض الغاصب قبضا للموهوب له ( قال ) لا يكون ذلك قبضا قال سحنون وقال غيره هو قبض مثل الدين ( قلت ) لابن القاسم لم والهبة ليست في يد الواهب ( قال ) لان الغاصب لم يقبض للموهوب له ولم يأمره الواهب أن يحوزها للموهوب له فيجوز إذا كان غائبا فإن كان الموهوب له حاضرا غير سفيه وأمر الواهب رجلا يقبض ذلك له ويجوز له لم يجز هذا فالغاصب ليس بحائز لهذا فهذا يدلك على ما فسرت لك ألا ترى لو أن رجلا استخلف على دار له خليفة ثم تصدق بها على رجل آخر وهي في يد الخليفة ان قبض الخليفة ليس بحيازة للموهوب له ولا للمتصدق عليه
في المسلم يهب للذمي الهبة أو الذمي للمسلم أو الذمي للذمي ( قلت ) أرأيت إذا وهب المسلم للمشرك هبة أهما بمنزلة المسلمين في الهبة ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت إن وهب ذمي لمسلم هبة فأراد المسلم أن يقبضها فأبى الذمي أن يدفعها إليه أيقضي له على الذمي بالدفع أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك إذا كان بين المسلم والذمي أمر حكم عليهما بحكم أهل الإسلام فأرى أن يحكم بينهما بحكم أهل الإسلام ويقضي عليه بالدفع وقال غيره إذا كان من أهل العنوة لم يجبر على إتلاف ماله وإن كان من أهل الصلح وكان موسرا لا يضر ذلك به في جزيته حكم عليه بالدفع ( قلت ) أرأيت إن وهب ذمي لذمي هبة فأبى أن يدفعها إليه أيقضي بينهما في قول مالك أم لا ( قال ) لا يقضي بينهما ( قلت ) لم ذلك أليس قد
____________________
(15/122)
________________________________________
قال مالك إذا تظالموا بينهم حكمت بينهم ( قال ) إنما ذلك أن يأخذ ماله فأما الهبة فليست بمنزلة أخذ ماله ألا ترى أن مالكا قال لا أحكم بينهم إذا أعتق أحدهم نصيبه من عبد بينه وبين آخر فكذلك الهبة عندي
في الرجل يهب للرجل صوفا على ظهور الغنم أو اللبن في الضروع أو الثمر في رؤوس النخل ( قلت ) أرأيت إن وهبت لرجل صوفا على ظهور غنمي أيجوز أم لبنا في ضروعها أيجوز أو ثمرا في رؤس النخل أيجوز ( قال ) نعم ذلك جائز كله في قول مالك ( قلت ) وكيف يكون قبضه اللبن في الضروع أو الصوف على الظهور أو الثمر في رؤس النخل ( قال ) ان حاز الماشية ليجز أصوافها أو ليحلبها أو حاز النخل حتى يصرمها فهذا قبض ( قلت ) وعلى ما قلته من قول مالك لم جعلته قبضا وهو لم يبن بما وهب له ولم يتخلصه من مال الواهب ( قال ) قلته على المرتهن من قول مالك أن الرجل إذا ارتهن الثمرة في رؤس النخل فحاز الحائط ان ذلك قبض كذلك قال مالك والرهن في قول مالك لا يكون إلا مقبوضا فكذلك الهبة والصدقة بهذه المنزلة ( قال ) وقال مالك في الرجل يرتهن الزرع قبل أن يبدو صلاحه إن ذلك جائز إذا قبض وقبضه أن تسلم إليه الأرض فإذا حاز الارض التي فيها الزرع فقد قبض فعلى هذا قلت لك مسئلتك وأما قولك في الهبة لم يتخلصها من الواهب فهذا مما لا يضره ألا ترى أنه قد قبض هبته وقبض معها مالا هو للواهب فإنما يؤمر أن يتخلص هبته ويرد مال الواهب إلى الواهب ( قال ) وأما اللبن فإن من قول مالك ان الرجل إذا منح الرجل لبن غنمه شهرا أو أكثر من ذلك فقبض الغنم ان قبضه للغنم حيازة لها ألا ترى أيضا لو أنه أخدمه عبده شهرا فقبض الغلام فهو قابض للخدمة وكذلك لو أسكنه داره سنة فقبض الدار فقبضه الدار قبض للسكنى
____________________
(15/123)