ويرجع مشتري العبد حين فات العبد عنده بعيب مفسد أو بموت بثلث المائة من ثمن العبد لأن العيب نقص العبد الثلث فكأن البائع قد أخذ ثلث المائة بغير شيء دفعه إلى المبتاع فلذلك يرجع به
قلت وهذا قول مالك بن أنس كله قال نعم
قال وقال مالك من باع عبدا وبه عيب دلسه مثل الإباق والسرقة أو مرض من الأمراض فأبق العبد أو سرق العبد فقطعت يده فمات من ذلك أو لم يمت أو تمادى بالعبد المرض فمات منه أو أبق فذهب ولم يرجع فوجد المشتري البينة على هذه العيوب أنها كانت به حين باعه وعلم البائع بذلك فإن المشتري يرجع بالثمن كله فيأخذه ولا شيء عليه في إباق العبد ولا موته ولا قطع يده وإن كان باعه آبقا فسرق فقطعت يده رد في القطع كما فسرت لك لأن القطع عيب حدث عند المشتري من غير العيب الذي باعه به أو حدث في مرضه عيب آخر أو اعورت عينه أو قطعت يده من غير سبب المرض فهذا لا يرده إلا ومعه ما نقصه كما فسرت لك في المسألة الأولى أو يحبسه فيأخذ قيمة العيب كما فسرت لك في المسألة الأولى وما كان من سبب العيب الذي وصفت لك أنه دلس له فيه فمات منه أو أبق منه أو قطع فلا شيء عليه فيه وهو يأخذ الثمن كله
وأخبرني سحنون عن بن وهب عن عبد الجبار بن عمر أن عمر بن عبد العزيز قضى في الرجل يبيع العبد وبه عيب ثم يصيبه عند الذي ابتاعه عيب أنه إن قامت له البينة على أنه كان به ذلك العيب عند صاحبه الذي باعه وضع عن المشترى ما بين الثمنين قدر العيب الذي كان عند البائع
وأخبرني وكيع بن الجراح عن سليمان الأعمش عن إبراهيم عن شريح في الرجل يشتري الجارية فيطؤها ثم يجد بها عيبا
قال إن كانت ثيبا ردها ورد نصف العشر وإن كانت بكرا ردها ورد العشر
وأخبرني وكيع عن إسرائيل وشريك عن جابر عن عامر الشعبي عن عمر قال ترد العشر ونصف العشر
قال سحنون وإنما كتبت هذا في العشر ونصف العشر وإن كان مالك لا يأخذ به وإنما يقول ما نقص من وطئه حجة أن له أن يردها ولا يكون وطؤه إياها وإن دخلها به نقص فوتا لا يرد مثل العتق والموت وما لا يقدر
________________________________________
على رده فهذا عمر وشريح قد رداها على البائع فلذلك كان للمشتري أن يرد العيب عن نفسه وإن دخلها عنده النقص ويغرم ما نقصها إذا أراد ردها وإن أراد أن يحبسها ويرجع بما بين الصحة والداء فذلك له
ألا ترى أن عمر بن عبد العزيز قضى في الرجل يبيع العبد وبه عيب ثم يصيبه عيب عند الذي ابتاعه أنه يوضع على المشتري ما بين الثمنين
وأخبرني عن بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في العبد يشتريه الرجل ببيع المسلمين فيسرق وهو بيد الذي اشتراه وتقوم عليه البينة فتقطع يده ثم يجد هذا الذي اشتراه البينة العادلة على أنه كان سارقا معلوما ذلك من شأنه قبل أن يشتريه وأن الذي باعه كتمه ودلسه
قال بن شهاب لم يبلغنا في ذلك شيء ولا نرى إلا أنه يرده فقيل لابن شهاب فإن أبق من عند الذي اشتراه ثم أقام البينة العادلة أنه كان آبقا معلوما ذلك من شأنه وأنه كتمه ودلسه به قال بن شهاب نرى أن يرد المال إلى من دلس له ويتبع المدلس العبد ويرد الثمن فإنه غره بأمر أراد أن يتلف فيه ماله
قال بن شهاب وكذلك إذا دلس له بالجنون فخنق حتى مات أنه يرجع بالثمن كله
قال سحنون عن بن نافع عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبي الزناد عن السبعة أنهم كانوا يقولون كل عبد أو أمة دلس فيها بعاهة فظهرت تلك العاهة وقد فات رد العبد أو الأمة بموت أو عتق أو أن تلك الأمة حملت من سيدها فإنه يوضع عن المبتاع ما بين قيمة ذلك الرأس وبه تلك العاهة وبين قيمته بريئا منها فإن مات ذلك الرأس من تلك العاهة التي دلس بها فهو من البائع ويأخذ المبتاع الثمن كله منه وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل
قال بن القاسم فقلت لمالك فالعبد يبتاعه الرجل وهو أعجمي أو الجارية فيدفع العبد إلى الصناعة فيعمل البنيان أو يكون صائغا أو صباغا أو نجارا فيرتفع ثمنه فيجد به عيبا بعد ذلك فيريد أن يرده أترى ذلك له أم تراه فوتا
________________________________________
قال لا
قال مالك والجارية يشتريها القوم فتستحق عندهم فتنصب
قال فقلت لمالك ما النصب قال تطبخ وتعمل وتغزل وتغسل وتعالج الأعمال وتستحق وتتخرج ويرتفع ثمنها بذلك أفهذا فوت قال مالك لا أرى هذا فوتا إن أحب أن يرد رد وإلا حبس ولا شيء له
قال فقلت لمالك فالصغير يشترى فيكبر أتراه فوتا قال نعم وأرى أن يأخذ قيمة العيب منه على ما أحب أو كره البائع
قال وبلغني عن مالك أنه قال الهرم فوت
قال قلت لعبد الرحمن بن القاسم وتفسير العيب كيف يرجع به إن رجع أو يرد إن رد قال إن أراد أن يرجع المبتاع نظر إلى قيمة الجارية يوم باعها كم كانت قيمتها صحيحة ونظر كم قيمتها وبها العيب يوم باعها وقبضها فإن كان العيب الذي بها سدسها أو خمسها نظر إلى الثمن الذي نقد فيها فرد منه سدسه أو خمسه كان ذلك الثمن أكثر من القيمة أو أدنى فعلى هذا يحسب وإن أراد أن يردها نظر إلى قيمتها يوم اشتراها وبها العيب الذي اشتراها به ثم نظر إلى ما أصابها عند المشتري من العيب كم كان قيمتها يوم قبضها أن لو كان بها وتفسير ذلك أن يكون باعها وبه العيب وقيمتها ثمانون دينارا فأعورت عنده ولو كانت ذلك اليوم عوراء كانت قيمتها ستين فيرد ربع الثمن بعد ما طرحنا ما يصيب العيب الذي دلسه البائع من الثمن وأما العين التي ذهبت فيلزمه قيمتها يوم قبضها كمثل رجل ابتاع عبدين في صفقة واحدة بثمن واحد ثم مات أحدهما وبقي الآخر فيوجد به عيبا فأراد أن يرده فإنما ينظركم كم كان قيمة الباقي من صاحبه الهالك يوم قبضهما فإن كان الثلث أو النصف أو الربع رده ورجع فأخذ من الثمن إن كان الربع فالربع وإن كان النصف فالنصف وإن كان الثلث فالثلث من الثمن فالعبد الباقي مع الذي مات بمنزلة اليد والعين من الجسد بعد قيمة العيب الذي دلس له يقسم الثمن على العيب الذي دلس له على ما بقي من العبد ثم يطرح قدر العيب الذي دلس له به ثم ينظر إلى ما بقي فيكون ذلك ثمنا للعبد ثم ينظر إلى اليد أو العين كم كانت من العبد ذلك اليوم فإن كانت الربع أو الثلث رد ربع ما بقي من الثمن أو ثلثه بعد العيب الأول فهذا تفسير قول مالك في هذا
قال
________________________________________
وسألت مالكا عن الرجل يبيع الأمة فيزوجها المشتري عبده ثم يجد بها عيبا فيريد ردها أله أن يردها قال نعم
قال فقلت لمالك في النكاح أيفسخه البائع قال لا وهو بمنزلة أن لو زوجها سيدها رجلا حرا فليس للبائع أن يفسخه إن ردها عليه
قال فقلت لمالك أفيرد في ذلك قيمة ما نقص الجارية النكاح قال إن كانت الجارية ممن ينقصها النكاح فعليه ما نقص من ثمنها
قال وربما ردها وقد نكحت وهي خير منها يوم باعها يردها ومعها ولد فيكون هو أكثر لثمنها فإن كان ذلك ينقصها فأرى أن يرد النقصان وإلا فليس للبائع شيء ويردها عليه المبتاع والنكاح ثابت
قلت أرأيت إن كان في الولد ما يجبر به عيبها الذي دخل من قبل النكاح أيكون له أن يجبر عيبها بالولد في قول مالك قال نعم ألا ترى أن مالكا قال ربما ردها وولدها وقد زاد ذلك في ثمنها فهذا من قوله يدلك على أنه إنما أراد أن يجبر به
قال سحنون وقد قال غيره يردها وما نقصها النكاح وإنما زيادة ولدها فيها كمثل زيادة بدنها وجسمها وصنعة تحدث فيها فيرتفع لذلك ثمنها حتى تكون يوم يردها أفضل منها أن لو كان معها ولد وأكثر لثمنها وأشد جبرا لما نقص النكاح منها وقد قال مالك بن أنس في بعض هذا النماء مما يردها به وهو فيها ويغرم ما نقص العيب ولا يحسب له في جبر ما نقص العيب عنده شيء
قلت لابن القاسم أرأيت إن اشتريت عبدا بعبد فهلك العبد الذي دفعت وأصبت بالعبد الذي اشتريت عيبا فأردت أن أرده قال قال مالك يرده وله قيمة الغلام الذي دفع إليه لأنه ثمن هذا العبد
قال وإن نقص هذا الباقي الذي ظهر به العيب فلصاحبه أن يرده ولا شيء عليه في نقصانه إلا أن يكون نقصانه ذلك عيبا مفسدا مثل العور والشلل والقطع والصمم وما أشبه ذلك وأما كل عيب ليس بمفسد فإنه يرده بالعيب الذي ظهر عليه ولا شيء عليه في العيب الذي حدث عنده إذا كان ليس عيبا مفسدا وإن كان لم يهلك العبد الآخر ودخله نماء أو نقصان أو اختلاف من أسواق أو عتاقة أو كتابة أو دبره أو باعه أو كانت جارية فأحبلها ثم ظهر هذا الآخر على عيب بالعبد الذي عنده فإنه يرده وليس له من العبد الذي فات
________________________________________
ودخله ما ذكرت لك من العتق وغيره قليل ولا كثير وإنما له قيمته يوم قبضه منه وليس له من الثمن الذي باعه به هذا شيء وإن كان باعه ولم يعتقه باعه بأقل من قيمته يوم قبضه أو بأكثر من قيمته فليس لهذا الذي يرد العبد بالعيب في هذا الثمن قليل ولا كثير وإنما له قيمة هذا العبد الذي دخله الفوت بالعتق أو بالبيع ويرد الذي أصاب به العيب ولا شيء له
قلت أرأيت إن اشتريت عبدا بطعام أو بشيء مما يكال أو يوزن كان مما يؤكل ويشرب أو كان مما لا يؤكل ولا يشرب فأصبت بالعبد عيبا وقد تلف الثمن الذي دفعت إليه فأردت رد العبد
قال مالك ترجع بمثل ما دفعت من الكيل والوزن فإن كان قد تلف ذلك الذي دفعته فإنما لك مثله
قلت فإن كنت ابتعت عبدا بعرض من العروض فأصبت به عيبا وقد تلف العرض عند الذي دفعته إليه
قال قال مالك يرجع عليه بقيمة ذلك العرض ولا يرجع عليه بعرض مثله
قال وما يوزن ويكال في هذا بمنزلة الدنانير والدراهم وأما العروض كلها فإنما له قيمتها إن كانت قد تلفت وإن كانت لم تتلف فإنه يرجع فيها إلا أن تكون فاتت بنماء أو نقصان أو اختلاف من أسواق أو بيع فإنما له قيمتها
قلت ما فرق ما بين العروض في هذا وبين ما يوزن ويكال في قول مالك قال لأن العروض لا يستطيع رد مثلها وهو حين قبضها وجبت عليه قيمتها يوم قبضها إن حالت عن حالها فإذا تلفت العروض عند الذي باع العبد فإنه يرجع عليه بقيمتها
قال وأما ما يوزن ويكال فلم يجب عليه فيه قيمة أن حال فهو وإن تلف فإنما له مثل كيله أو وزنه فكأنه أخذ شيئه بعينه
في الرجل يبتاع العبد بيعا فاسدا ثم يعتقه قبل أن يقبضه قلت أرأيت لو أني اشتريت عبدا بيعا فاسدا فلم أقبضه من البائع حتى أعتقته أيلزمني العتق أم لا قال العتق لازم للمشتري قبض أو لم يقبض إذا كان البيع فاسدا ويقوم عليه في ماله وتؤخذ من ماله قيمته إذا كان له مال فإن لم يكن له مال فلا يجوز عتقه
قلت لم أجزت عتقه قبل أن يقبضه والبيع فاسد وهو إنما يضمنه يوم يقبضه والبيع الذي كان بينهما مفسوخ لا يقر فعقدتهما التي عقدا باطل
________________________________________
فلم أجزت عتقه قبل أن يقبضه قال لأن عتقه العبد قبل أن يقبضه قبض منه للعبد فهو إذا أعتقه دخل في عتقه إياه قبضه للعبد بفوات للعبد
قلت وكذلك لو كان العبد لم يتغير بنقصان بدن ولا بزيادة ولا بحوالة أسواق قال نعم قال بن القاسم وإنما مثل ذلك مثل الرجل يشتري العبد الغائب ويشترط على البائع أنه منه حتى يقبضه فتجب الصفقة بينهما أن البيع بينهما جائز وضمانه من البائع حتى يقبضه المبتاع ولا يصلح النقد فيه بشرط إلا أن يتطوع بذلك المشتري بعد وجوب الصفقة فإن أعتقه المشتري وقد اشترط أن ضمانه من البائع جاز العتق عليه وكذلك البيع الفاسد إذا أعتقه المشتري قبل أن يقبضه جاز عتقه على المشتري وإن كان العبد في ضمان البائع وهذا مثل الأول
قلت وما وصفت من بيع العبد الذي يكون في بعض المواضع ويشترط سيده أن ضمانه منه أن البيع جائز أهو قول مالك قال نعم
قلت والعبد إذا أعتقه المشتري قبل أن يقبضه أنه جائز اهو قول مالك قال لا أثبته عنه في العتق
قلت فلو أني اشتريت عبدا أيكون لسيده أن يمنعني قبضه في قول مالك حتى أدفع إليه حقه قال نعم
قلت فلو أعتقه المشتري بعد وجوب الصفقة وقبل أن يدفع إليه الثمن أيجوز عتقه وقد كان للبائع أن يمنعه قال العتق جائز عند مالك إن كان للمشتري مال ويؤخذ منه الثمن وإن لم يكن له مال لم يجز عتقه فإن أيسر قبل أن أن يباع عليه وأدى الثمن وقبض العبد جاز ذلك العتق عليه
قال وقال مالك فإن بيع عليه في ثمنه ثم اشتراه بعد ذلك لم أره يعتق عليه لأنه قد بيع عليه فبطل عتقه ذلك
قلت ما قول مالك فيمن اشترى سلعة بسلعة عنده في بيته موصوفة فقبض السلعة الحاضرة ثم أصاب السلعة الغائبة التي كانت في البيت قد تلفت أو ماتت قبل وقوع الصفقة قال يأخذ سلعته بعينها إن كانت لم تتغير
قلت فإن كانت السلعة التي قبض جارية فأعتقها ثم أصاب السلعة الموصوفة التي كانت في البيت قد تلفت قبل وجوب الصفقة قال أرى عتقه جائزا وعليه قيمتها
قلت وهذا قول مالك قال قال لي مالك في البيع المكروه إنه من صاحبه
________________________________________
ضامن له وهذا إن كانت السلعة غائبة غيبة بعيدة فالنقد فيها مكروه فإذا اشترط النقد فيها صار بيعا مكروها وهو قول مالك وغيره ممن هو أكبر منه وهي من المشتري إذا قبضها وعتقه فيها جائز ولو باعها نفذ البيع وكان عليه قيمتها يوم قبضها وجاز البيع لمن باعها إذا كان الأول قد قبضها وكذلك لو كانت حاضرة أو غائبة غيبة قريبة مما يجوز فيه النقد إذا اشترط أن ينقده فهو ضامن إذا قبض السلعة حتى يدفع الثمن فإن باع أو أعتق جاز ذلك له إلا أن يعتق ولا مال له فيكون عتقه باطلا
قلت أرأيت إن اشترى جارية بيعا فاسدا فأعتقها المشتري قبل أن يقبضها أو كاتبها أو تصدق بها أيكون هذا فوتا وإن كان لم يقبضها قال نعم على ما فسرت لك إن كان ذا مال
قلت فإن كانت عند البائع فأصابها عيب من العيوب أو تغيرت بسوق أو زيادة بدن أو نقصان أو ماتت وكل هذا قبل أن يقبضها المشتري من البائع قال قال مالك ذلك كله من البائع لأنه لم يقبضها المشتري فيكون ضامنا لها لأن البيع حرام مفسوخ فلا يضمن ذلك المشتري حتى يقبض فأما العتق والصدقة والتدبير والكتابة فهذا أمر أحدثه المشتري فضمن بما أحدث وصار فوتا إذا كان يقدر على ثمنها
قلت أرأيت إن اشتريت جارية بيعا فاسدا فكاتبتها وجعلت كتابتها نجوما كل شهر فعجزت عن أول نجم ولم تتغير بزيادة سوق ولا نقصان سوق ولا زيادة بدن ولا تغير بدن ثم رجعت إلى رقيقا فأردت ردها أيكون ذلك لي أم تراه فوتا في قول مالك قال قال مالك الحيوان لا يثبت في الأيام اليسيرة على حال واحدة ورآه مالك فوتا فالشهر أبين عند مالك أنه فوت في البدن وإن لم تتغير الأسواق فهذا لما مضى شهر فقد فاتت الجارية وليس له أن يردها وعليه القيمة وإنما يكون له أن يردها لو كان ذلك قريبا الأيام اليسيرة
قال وكذلك قال لي مالك بن أنس في الأيام اليسيرة
قال سحنون وقال غيره وإنما كان قبضه لها على قيمة فلما أحدث فيها الكتابة تم وجوب القيمة وإن عجزت من ساعتها
قلت أرأيت لو أن مسلما اشترى من نصراني جارية بخمر فأحبلها أو أعتقها أيكون ذلك فوتا قال لم أسمع هذا من مالك
________________________________________
ولكنه فوت وأرى لهذا النصراني على المسلم قيمة جاريته
قلت أرأيت إن اشتراها بيعا فاسدا فرهنها مكانه أيكون هذا فوتا أم لا قال إن كان يقدر أن يفتكها السلعة في يده فإني لا أراه فوتا وإن كان ليس يقدر على أن يفتكها ولا سعة له فأراه فوتا وأراه من وجوه البيع لأنه قد أعتق رقبتها وكذلك هو في الإجارة إن قدر على فسخها وإلا فهو فوت
قلت أرأيت إن اشتريت سلعة بيعا فاسدا وهي جارية فأتخذتها أم ولد أيكون هذا فوتا في قول مالك قال نعم
قلت فإن دبرها أو كاتبها أو أعتقها أو باعها أو تصدق بها أو آجرها أو رهنها قال نعم هذا كله فوت في البيع الفاسد في قول مالك إلا الإجارة والرهن فإني لم أسمعه
وأخبرني بن وهب عن يونس أنه سأل بن شهاب عن رجل باع بيعا بعضه حلال وبعضه حرام ففطن له فقال أنا أضع عنك الحرام وأمضي لك الحلال
قال بن شهاب إن كانت الصفقة فيهما واحدة تجمعهما فإن نرى أن يرد ذلك البيع كله وإن كانتا بيعتين شتى لكل واحدة منهما صفقة على حدة فأنا نرى أن يرد الحرام ويجاز الحلال
قال بن وهب وقال يونس بن يزيد قال ربيعة بن ابي عبد الرحمن لا تجمع صفقة واحدة شيئين يكون أحدهما حلالا والآخر حراما ومن ذلك ما يدرك فينقض ومن ذلك ما يتفاوت فلا يدرك بعضه إلا بظلم فيترك
قال الله تبارك وتعالى وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وكل بيع لا يدرك حتى يتفاوت فلا يستطاع رده إلا بمظلمة فقد تفاوت رده وما كان من أمر تنقضه بين أهله بغير ظلم فلم يفت ذلك فانقضه
في الرجل يبتاع العبد فيجد به عيبا فيريد رده وبائع غائب وسألت بن القاسم عن الرجل يبتاع العبد من الرجل فيجد به عيبا مثله لا يحدث فيأتي به السلطان وقد غاب بائعه قال قال مالك إن كانت غيبته بعيدة وأقام المشتري البينة أنه اشتراه بعهدة الإسلام وبيع الإسلام تلوم السلطان للبائع فإن طمع بقدومه وإلا باعه فقضى الرجل حقه فإن كان للبائع فضل حبسه له وإن كان فيه نقصان اتبع
________________________________________
المشتري البائع بذلك النقصان
قلت ويدفع السلطان الثمن الذي بيع به العبد إلى مشتري العبد الذي رده بالعيب في قول مالك قال نعم
قال مالك يدفع إليه الثمن الذي اشترى هو به العبد
قلت فهل يكون على هذا الذي يرد العبد بالعيب عند السلطان وبائع العبد غائب إذا باع السلطان العبد فقال ادفع إلي الثمن الذي اشتريت به العبد هل يكلفه السلطان البينة أنه قد نقد الثمن للبائع قال نعم يكلفه وإلا لم يدفع إليه الثمن ولم أسمع هذا من مالك
قلت أرأيت إن اشتريت عبدا بيعا فاسدا فغاب البائع كيف أصنع بالعبد والعبد لم يتغير بنماء ولا نقصان ولا تغير أسواق قال سألت مالكا عن الرجل يشتري العبد وبه العيب فيغيب البائع عنه فيطلبه ولا يجده فيرفع ذلك إلى السلطان
قال أرى أن يسأله السلطان البينة على شرائه فإن أتى ببينة أنه اشتراه بيع الإسلام وعهدة الإسلام نظر السلطان بعد ذلك فتلوم له وطلب البائع فإن كان قريبا لم يتعجل ببيعه وإن كان بعيدا باعه السلطان إذا خاف على العبد الضيعة أو النقصان أو الموت ثم قبض السلطان ثمنه فإن كان فيه وفاء دفعه إلى مشتري العبد وإن كان فيه نقصان دفعه أيضا إلى مشتري العبد واتبع المشتري البائع بما بقي له من إليه الثمن الذي اشتراه به وإن كان في ثمنه فضل حبسه السلطان على بائع العبد حتى يدفعه إليه
قال فأرى البيع الفاسد مثل هذا إذا ثبتت له البينة أنه كان بيعا حراما ولم يتغير بنماء ولا نقصان ولا اختلاف أسواق رأيت أن يفعل به كما وصفت لك في العيب وإن كان قد فات بشيء مما وصفت لك جعله القاضي على المشتري بقيمته يوم قبضه ويترادان فيما بينهما إن كان لأحدهما فضل على صاحبه إذا لقي بائعه يوما ما
في الرجل يبتاع الجارية بيعا فاسدا فتفوت عند المشتري بعيب قلت أرأيت إن اشتريت جارية بيعا فاسدا فأصابها عندي عيب فضمنني مالك قيمتها يوم قبضها أرأيت إن كان الثمن الذي باعني به البائع الجارية أقل من قيمتها يوم قبضها أو أكثر أيلزمني ذلك قال نعم
قال وكل بيع حرام لا يقر على حال إن أدرك رد فإذا فات قال مالك فعلى المشتري إذا فاتت عنده قيمته يوم قبضها كانت
________________________________________
القيمة أقل من الثمن الذي باع به أو أكثر إلا البيع والسلف وما أشبهه من اشتراط ما لا يجوز في البيع فإنه إن كانت القيمة أكثر من ذلك الثمن الذي رضي به على أن باع وأسلف لم يرد عليه وإن كان أقل رد إلى ذلك
قلت وهذا قول مالك قال نعم
قال وقال مالك في الجارية يبيعها سيدها على أن تتخذ أم ولد ولا يعلم بقبيح ذلك حتى تفوت فتكون قيمتها أقل مما نقد فيها فيطلب المبتاع أن يوضع له
قال لا أرى ذلك له إنما القول ها هنا للبائع وليس للمبتاع
قلت أرأيت إن اشتريت سلعة بيعا فاسدا فبعت نصفها أترى هذا فوتا في جميعها قال نعم وأخبرني بن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال كل شرط احتجر به على رجل في جارية ابتاعها يمنع به هبتها أو بيعها أو مايجوز للرجل في ملكه أو يشترط عليه أن يلتمس ولدها ولا يعزلها فلا يحل له أن يطأها على شيء من هذه الشروط وإن اشترط ذلك عليه فأهل الجارية أحق بجواز البيع إن تركوه من الشروط وخلوا بينه وبين الجارية بغير شرط وإن أبوا تناقضوا البيع وذلك أنه لا يحل له من الجارية ما اشتراها له به من أن يمسها والحاجة له إليها والشرط الذي اشترط عليه فيها فأهل الجارية بالخيار إن شاؤوا وضعوا عنه الشرط وإن شاؤوا نقضوا البيع إن لم يطأها فإن وطئها كان في ذلك رأي الحكم
وأخبرني سحنون عن بن القاسم عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عتبة أن بن مسعود استفتى عمر بن الخطاب في مثل هذا فيما اشترطت عليه امرأته في الجارية التي اشتراها منها وكان شرطها أن باعها فهي أحق بها بالثمن فقال عمر لا تقر بها وفيها شرط لأحد
وأخبرني عن علي بن زياد عن مالك بن أنس فيمن ابتاع جارية على أن لا يبيعها ولا يهبها فباعها المشتري أنه ينقض البيع وترد إلى صاحبها إلا أن يرضى أن يسلمها إليه ولا شرط فيها فإن كانت قد فاتت فلم توجد أعطى البائع فضل ما وضع له من الشرط وقد قيل إنها إن فاتت ببيع أو تدبير أو موت أو كتابة أو اتخاذ أم ولد أن عليه قيمتها ويترادان الثمن
________________________________________
في الرجل يبتاع الجارية وبها العيب لم يعلم به ثم تموت من ذلك العيب قلت أرأيت إن اشتريت جارية حاملا دلس لي بها البائع فماتت من نفاسها إلى أن أرجع بالثمن أم لا قال قال مالك بن أنس كل عيب دلس به البائع باعه وهو يعلم فهلك العبد عند المشتري من ذلك العيب فالمصيبة من البائع والثمن رد على المشتري والحمل عيب من العيوب فإن كانت الجارية ماتت قبل أن يعلم به المشتري وقد دلسه فأراها من البائع وإن كان قد علم فلم يرد حتى ماتت من نفاسها فلا شيء لها
قال أشهب إلا أن يكون فيما علم أمر لم يكن في مثله فوت فقام في ردها فيكون بمنزلة من لم يعلم ولعله أن يكون علم حين أضربها الطلق فخرج في ذلك فلم يصل إلى السلطان ولا إلى الرد حتى ماتت فهي من البائع وإن كان أمرا في مثله ما ترد ولم يأت من ذلك أمر من طول الزمن ما يرى أنه رضا منه يكون اليوم وما أشبهه أحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما رضي إلا على القيام ثم يردها وإن كان لم يدلس له به وماتت في يد المشتري من ذلك العيب كانت المصيبة من المشتري ورد البائع على المشتري ما بين القيمتين
قال سحنون وقد بينا آثار هذا قبل هذا وهذا قول أشهب
في الرجل يبيع الجارية من الرجل فتلد أولادا ثم تموت الأم فيظهر المشتري على عيب كان بالجارية قلت أرأيت إن بعت من رجل جارية فولدت عند المشتري أولادا فماتت وبقي أولادها ثم ظهر على عيب كان بالجارية حين بعته إياها قال يرد البائع قيمة العيب ولا يكون للمشتري أن يرد الأولاد وقيمة الأم إلا أن للبائع أن يقول أنا آخذ الأولاد وأرد الثمن لأن التي كان البيع فيها قد ماتت قال سحنون فإن قال لا أقبل ذلك قيل للمشتري إما أن أخذت الثمن ورددت الأولاد وإما أن تمسكت بالأولاد ولا شيء لك
ألا ترى لو أن الأم قائمة ومعها ولدها ثم أراد ردها وبها العيب لم يكن له أن يردها إلا ومعها ولدها أو يمسكها وولدها أو لا ترى لو أن الأم لم يكن معها ولد وأصاب بها
________________________________________
حدث بها عنده عيب آخر كان له أن يردها ويغرم ما نقصها العيب عنده أو يحبسها ويرجع بقيمة العيب الذي دلس له إلا أن يقول البائع إذا أراد المشتري التمسك بها وأن يرجع بالعيب أنا أرد الثمن وآخذها معيبة فلا يكون للمشتري حجة إما أن يردها ويأخذ الثمن وإما أن احتبس ولا شيء له وكذلك إذا رضي أن يعطي الثمن ويأخذ الولد بلا أم يقال للمشتري إما أن أخذت الثمن وأعطيت الولد وإما أن تمسكت بالولد ولا شيء لك
قلت لابن القاسم أرأيت إن اشتريت جارية فلم أقبضها حتى ولدت عند البائع ولدا ثم قبضتها بعد ما ولدت بشهر أو بشهرين ثم أصبت بها عيبا دلسه لي البائع وقد حدث بالجارية عندي عيب فأردت أن أرجع عليه بالعيب الذي دلس لي هل يقسم الثمن على قيمة الأم والولد أم على قيمة الأم وحدها قال ينظر إلى قيمة الأم يوم وقعت الصفقة بلا ولد ثم يرجع بقيمة العيب بحال ما وصفت لك
في المكاتب يبتاع أو يبيع العبد فيعجز المكاتب ويجد السيد بالعبد عيبا والمأذون له في التجارة يبتاع العبد ثم يحجر عليه ثم يجد السيد بالعبد عيبا قلت أرأيت لو أن مكاتبا اشترى عبدا فباعه من سيده ثم عجز المكاتب فرجع رقيقا فأصاب السيد بالعبد عيبا كان عند بائعه من المكاتب فأراد رده على بائعه من المكاتب قال ذلك للسيد
قلت لم وإنما كانت العهدة للمكاتب على البائع ولم تكن للسيد قال لأن المكاتب حين عجز فقد صار محجورا عليه وصارت العهدة له على البائع فليس للمحجور عليه ها هنا أن يقبل ولا يرد ألا ترى أن العبد لو أراد أن يرده فأبى السيد ورضي بالعيب كان ذلك للسيد ولا ينظر في هذا إلى قول العبد فهذا يدلك على أن هذا قد صار إلى السيد أن يرد أو يقبل ألا ترى أن السيد لو أذن لعبده في التجارة فاشترى رقيقا ثم منعه من التجارة وأشهد عليه أنه قد حجر عليه ذلك الإذن ثم أصاب السيد بالعبد عيبا أن للسيد أن يرد أولئك العبيد بعيبهم الذي وجد بهم وليس للعبد أن يرده لأن السيد قد حجر عليه إلا أن يكون العبد قبل أن يحجر عليه قد رأى العيب ورضيه من غير أن يكون رضاه معروفا ولا محاباة ولكنه
________________________________________
رضيه رجاء الفضل فيه وكذلك المكاتب ومما يدلك على ذلك أن لهذا السيد يرد إذا لم يعلم المكاتب بالعيب حتى عجز أو كان عبدا محجورا عليه قبل أن يعلم بالعيب أن العبد قد صار للسيد والمال قد صار في يد العبد فلا يجوز له في ماله صنيع إلا بأذن سيده
قلت أرأيت مكاتبا اشترى عبدا فمات قبل أن يؤدي كتابته ولم يترك وفاء فأصاب السيد بالعبد عيبا بعد موت المكاتب أيكون له أن يرده على البائع قال نعم
إلا أن يكون للبائع بينة أنه قد تبرأ من العيب إلى المشتري المكاتب وذلك أن مالكا سئل عن الرجل يشتري العبد أو الدابة فيهلك المشتري فيجد ورثة المشتري بالسلعة عيبا فيريدون ردها فيقول البائع قد تبرأت من هذا العيب إلى صاحبكم
قال مالك إن كانت له بينة فذلك له وإلا حلف الورثة الذين يظن بهم أنهم علموا بذلك وردوا العبد
قلت وكيف يحلف الورثة أعلى البتات أم على العلم قال سحنون أخبرني بن نافع أنهم يحلفون على العلم
قلت فإن لم يكن فيهم من يظن به أنه قد علم بذلك قال فلا يمين عليه عند مالك بن أنس
قلت أرأيت مكاتبا باع عبدا ثم عجز المكاتب ووجد المشتري بالعبد عيبا فأراد رده قال مالك ذلك له فإن كان للعبد مال أخذ الثمن منه وإن لم يكن له مال بيع العبد المردود فقضى الذي رده بالعيب الثمن الذي اشتراه به إن كان فيه وفاء لذلك فإن فضل بعد ذلك فضل كان للعبد الذي عجز وإن كان نقصانا كان عليه يتبعه به في ذمته
قال فإن كان على العبد الذي عجز دين ورضي المشتري بالرد كان هو والغرماء فيه شرعا سواء
في الرجل يبيع عبده من نفسه بسلعة يأخذها منه قلت أرأيت لو أني بعت عبدا لي من نفسه بجارية عنده فقبضت الجارية ثم أصبت بها عيبا فأردت ردها بماذا أرجع على العبد أبقيمة نفسه أم بقيمة الجارية قال ليس لك أن تردها إذا كانت للعبد يوم باعه نفسه لأنه كأنه انتزعها منه وأعتقه
قال ولو أنك بعته نفسه بها ولم تكن للعبد يومئذ ثم وجدت عيبا ترد منه رددتها ورجعت عليه بقيمتها بمنزلة المكاتب يقاطعه سيده على جارية يأخذها منه ويعتقه ثم يجد بالجارية
________________________________________
عيبا أو تستحق فإنما يرجع عليه بقيمة الجارية ولا يرجع عليه بقيمة الكتابة لأن ذلك ليس بدين قاطع عليه فلذلك رد إلى قيمة العرض وهذا هو قول مالك في المكاتب ولا يشبه هذا البيع وهو في البيوع ثمن وهذا ليس بثمن وهذا ونكاح المرأة واحد وهما وبيع السلعة بالسلعة مختلف
قلت أرأيت حين باعه نفسه بهذه الجارية فأصاب بها عيبا فردها عليه أيكون تام الحرمة جائز الشهادة وتكون عليه قيمة الجارية دينا قال نعم
قلت أرأيت إن اشتريت عبدا بشيء مما يكال أو يوزن فأتلف بائع العبد ذلك الثمن وقبضت العبد فأصبت به عيبا قال ترد العبد وتأخذ مكيلة طعامك ولا يكون لك قيمة طعامك
قلت فإن كنت إنما اشتريت العبد بثبات فأتلف الثياب ثم أصبت بالعبد عيبا قال يرجع بقيمة الثياب
قلت وهذا كله قول مالك بن أنس قال نعم
فيمن اشترى دارا أو حيوانا فأصاب بها عيبا قال عبد الرحمن بن القاسم سئل مالك عن الرجل يشتري الدار وبها صدع قال إن كان صدعا يخاف على الدار الهدم منه فأرى هذا عيب ترد به وإن كان صدعا لا يخاف على الدار منه فلا أرى أن ترد منه لأنه يكون في الحائط الصدع فيمكث الحائط وبه ذلك الصدع زمانا كثيرا فلا أرى هذا عيبا ترد الدار منه
قلت أرأيت إن اشتريت جارية فأصبتها رسحاء أيكون هذا عيبا في قول مالك قال لا يكون عيبا
قال وسئل مالك عن الجارية تشتري فتصاب زعراء العانة لا تنبت قال أراه عيبا وأرى أن ترد
قلت أرأيت من باع عبدا وعليه دين أيكون ذلك عيبا يرد منه في قول مالك قال نعم ذلك عيب يرد منه كذلك قال مالك
أخبرني سحنون عن بن وهب عن عقبة بن نافع قال قال يحيى بن سعيد دين العبد في ذمته يتبعه به صاحبه حيث كان وهو عيب يرد منه وليس للمبتاع أن يحبس العبد
________________________________________
ويتبرأ من الدين ولكنه إن أراد حبسه حبسه بدينه وإن أراد رده كان ذلك له
قال وأخبرني عن بن وهب عن عبد الجبار عن ربيعة أنه قال في رجل اشترى عبدا وعليه دين وهو لا يعلم قال يخير إذا علم بالدين قال بن وهب وبلغني عن أبي الزناد مثله
وأخبرني بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في رجل باع عبدا وعليه دين فكتمه دين عبده حين باعه قال إن أحب الذي اشتراه أن يرده فعل
قال بن وهب قال يونس قال بن وهب إن رضي أن يمسك العبد فالدين على العبد
وقال بن وهب قال مالك دين العبد عهده وهو عيب من العيوب إن شاء حبس وإن شاء رد
قلت لابن القاسم أرأيت إن اشتريت جارية لها زوج أو عبدا له امرأة أو عبدا له ولد أو جارية لها ولد أيكون هذا عيبا قال سمعت مالكا يقول في الجارية التي لها زوج والغلام الذي له امرأة أو ولد فهذا كله عيب ترد به
قلت والجارية التي لها ولد قال لم أسمعه من مالك وهو عندي عيب ترد منه مثل الغلام
قلت أرأيت إن اشتريت جارية قد زنت عند سيدها فلم يحدها سيدها وقد علمت بذلك أيجب علي أن أحدها قال سئل مالك عن ذلك فقال ما أرى ذلك على المشتري بالواجب قلت أفكان مالك يراه عيبا إذا باعنيها زانية ولم يبين ذلك في وخش الرقيق وعليتها قال نعم
قلت فإن اشتريت عبدا زانيا أكان مالك يراه في العبد عيبا أم لا قال لا أقوم على حفظ قول مالك فيه إلا أني أراه عيبا يرد منه
في الرجل يشتري العبد ثم يبيعه ثم يدعي بعد ما باعه أن به عيبا قلت أرأيت إن بعت عبدا من رجل فباعه المشتري ثم ادعى عيبا بالعبد أيكون له أن يخاصم بائعه في العيب وقد باع العبد في قول مالك قال لا أرى أن يرجع بالعيب فكيف يكون بينهما خصومة
قلت فإن رجع العبد إلى المشتري بوجه من الوجوه بهبة أو بشراء أو بميراث فأراد أن يخاصم الذي باعه في العيب الذي ادعى أنه كان به يوم باعه أتمكنه من الخصومة بعد ما رجع إليه في قول مالك قال نعم
وقال
أشهب وإن كان رجع إليه بشراء اشتراه فهو بالخياران أراد أن يرده على الآخر الذي اشتراه منه رد عليه لأن عهدته عليه ثم يكون الذي يرده عليه بالخيار في إمساكه وفي رده عليك لأن عهدته عليك فإن رده عليك بالعيب رددته على بائعه الأول إن شئت وإن لم يرده عليك ورضي بعيبه فقد اختلف الرواة فقال بعضهم لا يرجع على البائع الأول بشيء كان ما باعه به أقل مما اشتراه به أو أكثر وقال بعضهم ينظر فإن كان الذي باعه به من الذي رضي بعيبه واحتبسه مثل الثمن الذي كان اشتراه به أو أكثر فلا تباعة له على البائع الأول لأنه قد صار في يده مثل الثمن الذي كان يرجع به أو أكثر
قلت وإن كان إنما باعه بأقل من الثمن الذي كان اشتراه به رجع على بائعه الأول بما نقص من ثمنه إلا أن تكون قيمة العيب أقل مما ينقص فلا يرجع عليه إلا بقيمة العيب من الثمن الذي اشتراه به
وقال أشهب وإن شاء لم يرده على الذي باعه أخيرا ثم اشتراه منه ورده على البائع الأول وأخذ منه الثمن الذي كان اشتراه به ولا تباعة له في العيب على الذي اشتراه منه أخيرا لرجوعة بالعهدة الأولى وللمشتري الآخر أن يتبعك بالعيب الذي اشترى العبد منك وهو به إن كان باعكه بأقل مما اشتراه به منك فيأخذك بتمام الثمن لأنه قد كان له أن يرده عليك ويأخذ هذا الثمن منك كله ولا حجة لك عليه لأن العبد قد صار إليك وليس هذا بمنزلة ما لو باعه من غيرك بأقل من الثمن ورضي مشتريه بالتمسك به لم يرجع عليك إلا بأقل مما نقص من الثمن أو مما نقص العبد من قيمته وإن كان إنما رجع إليه بهبة أو بصدقة من الذي كان اشتراه منه فللواهب أو للمتصدق أن يرجع عليه بما بين الصحة والداء في الثمن الذي كان اشتراه به وله أن يرده على بائعه الأول ويأخذ منه جميع الثمن ولا يحاسب بشيء مما بقي في يديه من ثمن الواهب أو المتصدق لأنه كأنه رد عليه العبد ووهبه أو تصدق عليه بقيمة الثمن بعد طرح قيمة العيب وإن كان ورثه من الذي اشتراه رده على بائعه الأول وأخذ منه جميع الثمن لأن مال المشتري الميت وهو الثمن قد صار له ميراثا وكان العبد ردا عليه فهو يرجع بجميع الثمن
________________________________________
في الرجلين يبتاعان العبد فيجدان به عيبا فيريد أحدهما أن يرد ويأبى الآخر إلا أن يتمسك قلت أرأيت إن بعت عبدي من رجلين صفقة واحدة فأصابا بالعبد عيبا فرضي أحدهما أن يحبس وقال الآخر أنا أرد
قال قال مالك يرد من أراد أن يرد ويحبس الذي أراد أن يحبس
قال قال مالك وإن للبائع ها هنا لمقالا
قال وسألنا عنه مالكا بعد ذلك فقال لي مثل ما قلت له أنه من أراد أن يمسك أمسك ومن أحب أن يرد رد شاء ذلك البائع أو أبى وذلك أنه لو فلس أحدهما لم يتبعه إلا بنصف حقه وإنما باع كل واحد منهما نصفه
قلت أرأيت إن بعت جارية من رجلين صفقة واحدة فأصابا بها عيبا فقال أحدهما قد رضيت بالعيب وقال الآخر أنا أردها
قال سألنا مالكا عنها فقال مالك له أن يرد من شاء ويحبس من شاء من المشتريين وما أحرى أن يكون للبائع مقال
قال بن القاسم وقد سمعت من أثق به ينكر أن يكون من قول مالك غير ذلك وهو أمر بين لأنه إن فلس أحدهما لم يتبع البائع الآخر إلا بالذي يصيبه من الثمن وإنما باع كل واحد منهما نصفها
جامع العيوب قال سحنون قلت لعبد الرحمن لابن القاسم أرأيت إن اشتريت أمة مستحاضة أتراه عيبا في قول مالك أردها به
قال قال مالك ذلك عيب ترد منه
قلت أرأيت إن اشتراها وهي حديثة السن ممن تحيض فإرتفعت حيضها عند المشتري في الاستبراء شهرين أو ثلاثة أيكون هذا عيبا في قول مالك قال قال مالك ذلك عيب إن أحب أن يردها ردها
قلت أرأيت إذا مضى شهران من حين اشتراها ولم تحض أيكون له أن يردها مكانه ويكون هذا عيبا قال لم يحد لي مالك في هذا حدا إلا أني أرى أن جاء ليردها ويدعي أن ذلك عيب وذلك بعد مضي أيام حيضتها بالأيام اليسيرة لم أر ذلك له لأن الحيض قد يتقدم ويتأخر الأيام اليسيرة إلا
________________________________________
أن يطول ذلك فلا يقدر المشتري على وطئها ولا الخروج بها فيكون هذا ضررا على المشتري فإذا كان ضررا على المشتري صار عيبا يردها به على البائع
قلت أرأيت إن قال البائع أنها إن لم تحض عندك هذا الشهر يوشك أن تحيض الشهر الداخل أترى أن يؤمر المشتري بحبسها والصبر عليها لعلها تحيض في الشهر الثاني ولا يفسخ البيع أم يفسخ البيع قال لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا ولكن ينظر في ذلك السلطان فإن رآه ضررا فسخ البيع وإن رأى أن ذلك ليس بضرر أخره ما لم يقع الضرر
قلت أرأيت إن قال البائع أنا أقيم البينة أنها قد حاضت عندي قبل أن أبيعكها بيوم أو بيومين أو نحو ذلك أو قال للمشتري إنما حدث بها هذا الداء عندك فلا يكون لك أن تردها علي قال قال مالك بن أنس إذا لم تحض فذلك عيب يردها به المشتري فقول البائع ها هنا لا ينفعه لأنها في ضمان البائع حتى تخرج من الاستبراء وإنما تصير للمشتري إذا تم الاستبراء فهي وإن حدث بها هذا الداء في الاستبراء فإنما حدث وهي في ضمان البائع ألا ترى أن ما حدث من العيوب في الاستبراء إذا كانت مما يتواضع مثلها أنه من البائع حتى تخرج من الحيضة إلا أن تكون من الجواري اللاتي يجوز بيعهن على غير الاستبراء وتباع على ذلك فتكون من المشتري لأنه مما يحدث وكذلك لو أصابها عيب كان من المشتري
ألا ترى لو أنها ماتت بعد استبرائه إياها كانت مصيبتها من المشتري فكذلك ما حدث من العيوب
قلت أرأيت إن اشتريت ثوبا فقطعته ثم اطلعت على عيب يرد به قال المشتري بالخيار إن أحب أن يرده وما نقص التقطيع رده وإن أحب أمسكه وأخذ قيمة العيب
قلت فلو ادعى المشتري الذي قطع الثوب أن البائع حين باعه علم بالعيب وأنكر البائع ذلك قال قال مالك له على البائع اليمين
قال فقيل لمالك فلو كان البائع قد رآه قبل أن يبيعه فأنسيه حين باعه حتى قطعه المبتاع ثم أتاه به فقال ما علمت به أو قال بلى ولكن نسيت العيب إن أخبرك به حين بعتك أتراه مثل التدليس أو مثل الذي لم يعلم
قال قال مالك أرى أن يحلف بالله لقد أنسى العيب حين باعه ويكون
________________________________________
مثل الذي لم يدلس لا يرده إلا ومثل ما نقص القطع منه
قلت أرأيت إن باع جارية ففطن المشتري بعيب فأراد أن يستحلف البائع أن العيب لم يكن بها يوم باعها ولم يعلم أن بها العيب الذي يدعيه المشتري إلا بقوله قال ليس له أن يستحلف على أنه لم يكن بها عيب يوم باعه إياها بتا ولا على علمه حتى يكون العيب الذي يدعيه بالجارية عيبا معروفا يرى فيها فيلزمه إن كان لا يحدث مثله عند المشتري
قال بن القاسم وقال مالك وإن كان من العيوب التي يحدث مثلها عند البائع والمشتري وكان من العيوب الظاهرة حلف البائع على البتات وإن كان مما يخفى ويرى أنه لم يعلمه حلف البائع على العلم
وكيع عن سفيان عن رجل عن عامر الشعبي أنه كان يقول يحلف في العيب إذا كان باطنا على العلم وإن كان ظاهرا فعلى البتات
قلت أرأيت إن بعت عبدا فأصاب به المشتري عيبا فادعى المشتري أن العيب كان به عندي وأنكرت أنا العيب ومثله يحدث كيف يستحلف البائع أعلى علمه أم على البتات قال قال مالك إن كان من العيوب الظاهرة التي لا يخفى مثلها أحلف على البتات قال وإن كان من العيوب التي تخفى أحلف على علمه والبينة على المشتري أن العيب كان عند البائع
قلت وكان مالك يقول إن أحلفه على العيب فحلف البائع أن العيب لم يكن عنده ثم أصاب المشتري بعد اليمين البينة أن العيب كان عند البائع أله أن يرده بعد اليمين قال كان مالك بن أنس يرى إن استحلفه ولا علم له بالبينة ثم علم أن له بينة وجدهم رده ولم يبطل حقه اليمين قال وإن كان يعلم ببينته فاستحلفه ورضي باليمين وترك البينة فلا حق له وكذلك قول مالك في هذا وفي جميع الحقوق
قلت فإن طعن المشتري أن البائع باعه العبد آبقا أو مجنونا أيحلف البائع على علمه أم على البتات قال لا يحلف على العلم ولا على البتات لأنه لم يثبت أنه كان عنده آبقا أو مجنونا ولو ثبت ذلك لرده عليه ولم ينفعه يمينه ولو أمكن هذا من الناس لدخل عليهم الضرر الشديد يأتي المشتري إلى الرجل فيقول له احلف لي أن عبدك هذا ما زنى عندك ولا سرق عندك ولا علم للناس بما يكون من رقيقهم وهذا يدخل على الناس منه إذا ضرر شديد ولو جاز هذا
________________________________________
لاستحلفه اليوم على الآباق ثم غدا على السرقة ثم أيضا على الزنى ثم أيضا على الجنون
ولقد سئل مالك عن رجل اشترى من رجل عبدا فلم يقم عنده إلا أياما حتى أبق فأتاه فقال له إني أخاف أن لا يكون أبق عندي في قرب هذا إلا وقد كان عندك آبقا فاحلف لي فقال مالك ما أرى عليه يمينا
قال بن القاسم وإنما بيع الناس على الصحة فمن دلس رد عليه ما دلس وما جهل البائع من ذلك فهو على بيع الصحة إلا أن تقوم البينة للمشتري أن ذلك العيب كان عند البائع فيرده عليه وإن لم يعلم البائع بذلك العيب
قلت أرأيت إن اشتريت عبدا فأصبت به عيبا كان عند البائع دلسه لي فأردت رده فقال البائع احلف بالله أنك لم ترض العبد بعد ما رأيت العيب ولا تسوقت به أعلى يمين أم لا قال بن القاسم لا يمين له عليك إذا لم يدع أنه بلغه أنه رضيه بعد معرفته بالعيب أو يقول قد بينت لك العيب فرضيته أو ادعى أن مخبرا أخبره أن المشتري تسوق به بعد معرفته أو رضيه لأني سمعت مالكا وسئل عن رجل باع دابة أو جارية من رجل فوجد بها عيبا فأتى بها المشتري إلى البائع ليردها فقال احلف لي أنك ما رأيت العيب حين ما اشتريتها ولم يدع البائع أنه أراه إياه إلا أنه قال احلف أنك لم تره
قال قال مالك ما ذلك على المشتري أن يحلف أنه ما رآه ولو جاز ذلك للبائع لجاز في غير هذا ولكني أرى أن يرد الجارية على البائع ولا يحلف المشتري إلا أن تكون له بينة بأنه قد رآه أو يدعي أنه قد أراه إياه فيحلف له
قلت أرأيت إن اشتريت عبدا فأصبته مخنثا أترا ذلك عيبا قال نعم
قلت اتحفظه عن مالك قال لا
قلت فالأمة المذكرة قال إن كانت توصف بذلك واشتهرت به رأيته عيبا ترد به ولم أسمعه من مالك
في الرجل يشتري العبد أو الجارية فيجدهما أولاد زنا قلت أرأيت إن اشتريت غلاما أو جارية فأصبتهما أولاد زنا أيكون هذا عيبا أردهما به قال نعم
في سمعت مالكا يقول في الجارية توجد ولد زنا أنها ترد منه
وأخبرني عن بن وهب عن مالك بن أنس في العبد يكون لغية أنه قال هو عيب يرد منه
________________________________________
قلت أرأيت الحبل في الجارية إذا باع ولم يبين أتراه عيبا أم لا في قول مالك في وخش الرقيق وعليتهم قال نعم ولقد خالفني بن كنانة في وخش الرقيق أن الحبل ليس بعيب فيهن فسألنا مالكا عن ذلك فقال لنا هو عيب نرى أن ترد منه
قلت أرأيت لو أن رجلا كانت له أمة رائعة كبيرة تبول في الفراش فانقطع ذلك عنها ثم باعها ولم يبينه أتراه عيبا في قول مالك لازما أبدا قال أرى أنه عيب لازم أبدا لا بد له من أن يبين لأنه لا تؤمن عودته مثل الجنون ولأنه إذا هو بين وضع من ثمنها لما يخاف من عودة ذلك وكذلك الجنون
قال سحنون أخبرني أشهب في البول إن كان انقطاعه عنها انقطاعا طويلا وقد مضى له سنون كثيرة فإني لا أرى عليه أن يبين وإن كان إنما انقطع عنها انقطاعا لا يؤمن من أن يعود إليها فإني لا أرى لك أن تردها إن شئت
قلت أرأيت إن اشتريت جارية فأصبتها صهباء الشعر ولم أكشف شعرها عند عقدة البيع أتراه عيبا قال لم أسمع من مالك في الصهوبة في الشعر شيئا ولكن سمعت مالكا يقول في الرجل يشتري الجارية وقد جعد شعرها أو سود فإنه عيب ترد به
وقال مالك وإن كان بها شيب وكانت جارية رائعة ردها بذلك الشيب
قال بن وهب قال مالك والبخر في الفم عيب ترد منه
قلت فإن كانت غير رائعة فظهر على الشيب أيردها أم لا قال لم أسمع مالكا يقول في الشيب إلا في الرائعة وليس هو في غير الرائعة عيبا
قال بن القاسم ولا أرى أن يردها إلا أن تكون رائعة أو يكون ذلك عيبا يوضع من ثمنها
قلت أرأيت الخيلان في الوجه والجسد أيكون عيبا أم لا في قول مالك قال أما ما كان عيبا عند الناس فهو عيب ترد به إذا كان ذلك عيبا ينقص الثمن
قال وقال مالك وقد يكون العيب الخفيف بالعبد والجارية يشتريهما الرجل مثل الكي الخفيف لا ينقص ثمنه وما أشبه ذلك إذا لم يكن فاحشا فلا أرى له أن يرد بهذا العيب العبد
قال مالك وهذا عند النخاسين عيب فلا أرى أن يرد به وإن كان عيبا يرد به
قال وسمعت مالكا وسئل عن العبد يتهم بالسرقة فأخذه السلطان فحبسه ثم كشف أمره
________________________________________
فوجده بريئا أتراه عيبا إن لم يبينه قال لا
قال مالك وقد يتهم الرجل الحر بالسرقة وبالتهمة فيلقى سليما من ذلك فلا تدفع شهادته بذلك
في الرجل يبتاع السلعة وبها العيب لم يعلم به ولا يعلم به حتى يذهب العيب ثم يريد ردها قلت أرأيت إن اشتريت عبدا عليه دين فعلمت بدينه فأردت رده فقال سيده البائع أنا أؤدي عنه دينه أو قال الذي له الدين قد وهبت له ديني الذي لي عليه أترى للسيد المشتري أن يرده أم لا قال لا يكون للسيد المشتري أن يرده وكذلك لو كانت أمة في عدة من طلاق فاشتراها رجل فعلم بذلك المشتري فلم يردها حتى انقضت عدتها لم يكن له أن يردها لأن العيب قد ذهب فلا يكون له أن يردها بعيب قد ذهب
قلت وكذلك لو أني اشتريت جارية فرأيت بعينها بياضا فأردت ردها فذهب البياض قبل أن أردها لم يكن لي أن أردها
قال نعم قال بن القاسم بلغني عن مالك أنه قال إذا ذهب العيب لم يكن له أن يردها
قلت أرأيت إن أصابته الحمى في الأيام الثلاثة أو ابيضت عيناه في الأيام الثلاثة ثم ذهبت الحمى وذهب البياض من عينيه فجاء به المشتري في الأيام الثلاثة يريد رده
قال أما إذا ذهب العيب فليس له أن يرده
قال لأنه بلغني أن مالكا قال لو أن رجلا ابتاع عبدا وبه عيب فلم يعلم المبتاع بالعيب حتى بريء العبد من ذلك العيب لم يكن له أن يرده
قال وسمعت مالكا يقول في الرجل يشتري العبد وله ولد كبير أو صغير لم يعلم بولده فله أن يرده ورآه عيبا
قال بن القاسم ولو مات الولد قبل أن يعلم به السيد ذهب العيب ولم يكن للسيد أن يرده بالعيب حين علم به فتركه حتى بريء أو لم يعلم حتى بريء بمنزلة هذا
________________________________________
في الرجل يبيع السلعة بمائة دينار فيأخذ بالمائة سلعة أخرى فيجد بها عيبا قلت أرأيت إن بعت سلعة بمائة دينار فأخذت بالمائة سلعة أخرى فوجدت بالسلعة الثانية عيبا قال يردها ويرجع بالمائة الدينار وهذا مما لا اختلاف فيه
قال ولقد سألنا مالكا عن الرجل يبيع من الرجل الطعام بثمن ذهب أو ورق فيلقاه فيأخذ في ثمنه طعاما آخر مخالفا له أينتقض البيع كله أم يرد البيع الآخر ويثبت البيع الأول قال بل يرد البيع الآخر ويثبت البيع الأول بحال ما كان ويرجع عليه فيأخذ ورقه وكذلك السلعة الآخرة إذا وجد فيها عيبا فإنما تنتقض الصفقة الثانية وهو مما لا اختلاف فيه وتبقى الصفقة الأولى على حالها صحيحة وإنما اختلاف الناس في السلعة الأولى وذلك أن أهل العراق قالوا فيها قولا فسألنا مالكا عنها فقال الذي أخبرتك
في الرجل يبتاع السلع الكثيرة فيجد ببعضها عيبا قلت أرأيت إن اشتريت سلعا كثيرة صفقة واحدة فأصبت بإحداها عيبا وليس هو وجه تلك السلع وقد قبضت جميع تلك السلع أيكون لي أن أردها جميعا في قول مالك قال لا يكون لك أن ترد في قول مالك إلا تلك السلعة وحدها التي أصبت بها العيب
قلت فإن كنت لم أقبض تلك السلع من البائع فأصبت بسلعة منها عيبا قبل أن أقبضها من البائع وليس تلك السلعة وجه ذلك الشراء فأردت أن أرد جميع تلك السلع
قال قال مالك ليس لك أن ترد إلا تلك السلعة وحدها
قلت وسواء إن كنت قد قبضت أو لم أقبض في قول مالك إنما لي أن أرد تلك السلعة التي وجدت فيها العيب بحصتها من الثمن إذا لم تكن تلك السلعة التي وجدت فيها العيب وجه تلك السلع قال نعم وهذا قول مالك
قلت أرأيت إن اشتريت عشرة أثواب كل ثوب بعشرة دراهم صفقة واحدة فأصبت بأحدها عيبا أينظر مالك في هذا فإن كان الذي وجدت به العيب هو وجه تلك الثياب رد
________________________________________
جميعها أم لا ينظر لأنا قد سمينا لكل سلعة ثمنا
قال قال مالك يقسم الثمن على قيمة الثياب ولا يلتفت إلى ما سمي لكل ثوب من الثمن
قلت ما قول مالك فيمن اشترى من رجل حيوانا أو رقيقا وثيابا وعروضا كل ذلك صفقة واحدة فأصاب ببعض ذلك عيبا قال قال مالك إن كان أصاب بأرفع تلك السلع عيبا ويعلم أنه إنما اشترى جميع تلك السلع لمكان تلك السلعة وفيها كان يرجو الفضل ومن أجلها اشترى تلك السلع رد ذلك البيع كله إلا أن يشاء المشتري أن يحبس ذلك كله
قلت أرأيت إن اشتريت عبيدا وثيابا ودواب فأصبت بعبد منها عيبا وقيمة العبيد كلهم كل عبد منهم ثلاثون دينارا وقيمة الثياب كذلك أيضا ثلاثون دينارا كل ثوب وقيمة الدواب كذلك أيضا كل دابة ثلاثون دينارا وقيمة العبد الذي أصبت به العيب قيمته وحده خمسون دينارا أو أربعون دينارا أترد جميع هذا البيع وتجعله إنما اشترى هذا البيع من أجل هذا العبد في قول مالك قال لا لأن العبد الذي أصاب به العيب قيمته خمسون دينارا وها هنا عبيد وثياب ودواب قيمة كل واحد من هذه الأشياء قريب من هذا الذي أصاب به العيب فليس لهذا العبد الذي أصاب به العيب اشتراء ولا هذا العبد وجه هذا البيع لأن جميعهم قد بلغوا مائتين من دنانير وإنما قيمة هذا العبد خمسون أو أربعون دينارا فهو وإن كان أكثر ثمنا من كل واحد منهم إذا انفرد بثمنه فليس هو وجه جميع هذا البيع وإنما يكون وجه جميع هذا البيع إذا كان العبد الذي يصاب به العيب أو السلعة التي يصاب بها العيب هي أكثر تلك الأشياء ثمنا إذا جمعت تلك الأشياء يكون جميع الثمن ألف دينار وهي سلع كثيرة فيكون ثمن العبد سبعمائة دينار أو ثمانمائة دينار فهذا الذي وجه تلك الأشياء ومن أجله اشتريت وإن أصبت به عيبا رددت هذه السلع كلها
في الرجل يبتاع النخل فيأكل ثمرتها ثم يجد بها عيبا قلت أرأيت الرجل يبيع الأرض والنخل فيأكل المشتري ثمرتها ثم يجد بالنخل عيبا أله أن يردها في قول مالك ولا يغرم ما أكل قال قال مالك في الدور والعبيد
________________________________________
إذا أصاب بهم عيبا وقد أغتلهم أن له أن يردهم وله غلتهم فكذلك غلة النخل عندي
قال سحنون لأن الغلة بالضمان وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلة بالضمان
قلت فإن كانت غنما جز أصوافها أو أكل ألبانها وجميع سمونها ثم أصاب بها عيبا أيكون له أن يرده أم لا في قول مالك قال هو عندي أيضا بمنزلة الغلة
قلت أرأيت ما جز من أصوافها والصوف قائم بعينه أيرده معها قال لا أرى ذلك إلا أن يكون حين اشتراها كان عليها صوف قد تم فجزه فإن ردها رد ذلك معها وإن كان إنما هو نبات فلا أرى ذلك
قال سحنون وأخبرني أشهب بن عبد العزيز أنه قال النبات وغيره سواء لأن ذلك تبع ولغو مع ما ابتعت من الضأن وكذلك ثمر النخل المأبورة لأنه غلة والغلة بالضمان
قلت لابن القاسم ولم جعلت الصوف واللبن بمنزلة الغلة قال لأن مالكا قال في الغنم يشتريها الرجل للتجارة فيجزها قال أرى أن أصوافها بمنزلة غلة الدور وليس فيها زكاة حتى يحول عليها الحول من يوم يقبض الثمن إن باع الصوف
قلت أرأيت إن كانت أمة فولدت أولادا ثم أصاب بها المشتري عيبا قال يردها وولدها وإلا فلا شيء له في قول مالك
قلت أرأيت البيع الفاسد في هذا والصحيح سواء إذا أصاب عيبا وقد اغتل غلة من الدور والنخل والغنم أو ولدت الغنم أو الجواري قال نعم هو سواء ما كان من غلة فهي له بالضمان وما كان له من ولادة ردها مع الأمهات إلا أن تفوت في البيع الفاسد والولد فوت فتكون عليه قيمتها يوم قبضها فإن أراد أن يرد فذلك له والعيوب ليس فيها فوت إلا أن تموت أو يدخلها نقص فيردها وما نقص العيب منها
قلت وهذا قول مالك بن أنس قال نعم
في الرجل يبيع السلعة ويدلس فيها بالعيب وقد علمه قلت أرأيت إن بعت ثوبا من رجل دلست له العيب وأنا أعلم أو كان به عيب لم أعلم به قال قال مالك إذا دلس الرجل بالعيب وهو يعلم ثم أحدث المشتري في الثوب صبغا ينقص الثوب أو قطعه قميصا أو ما أشبه ذلك فإن المشتري بالخيار إن
________________________________________
شاء حبس الثوب ويرجع على البائع بما بين الصحة والداء وإن شاء رد الثوب ولا شيء عليه وإن كان الصبغ قد زاد في الثوب فإن شاء حبس الثوب ويرجع على البائع بما بين الصحة والداء وإن شاء رد الثوب وكان شريكا للبائع بما زاد الصبغ في الثوب وقال أبو الزناد إذا ابتاع الرجل ثوبا فقطعه قميصا ثم وجد فيه عيبا قال فإن كان صاحبه دلس به رده عليه وإن كان لم يدلس طرح عن المبتاع قدر عيبه
قلت لابن القاسم فلم لا يجعل مالك بن أنس عليه ما نقصه القطع والصبغ عنده إذا كان البائع دلسه له قال لأن البائع ها هنا كأنه أذن له في ذلك فلا شيء له على المشتري من ذلك
قلت فلو لبسه المشتري فانتقص الثوب للبسه قال هذا يضمن ما نقص الثوب للبسه إن أراد رده
قال بن القاسم قال مالك وإذا لم يدلس بالعيب فقطع المشتري منه قميصا أو صبغه صبغا ينقصه فإن أدرك الثوب رده وما نقص العيب عنده وإن شاء حبسه ورجع بما بين الصحة والداء قال فإن زاد الصبغ في الثوب فإن المشتري بالخيار إن شاء حبس الثوب ورجع بما بين الصحة والداء وإن شاء رده وكان شريكا بالزيادة وهذا في المصبوغ في الزيادة
قلت فمن دلس بالعيب ومن لم يدلس فإنما القول فيه قول واحد وإنما يختلف القول فيها في هذا الذي دلس إذا قطع المشتري ثوبه أو صبغه صبغا ينقصه رده ولم يرد معه ما نقص والذي لم يدلس ليس للمشتري إذا صبغ صبغا ينقصه أو قطع الثوب فنقص ليس له أن يرده إلا أن يرد النقصان معه قال نعم إنما افترقا في هذا فقط
قلت أرأيت ما سمعتك تذكر عن مالك أن من باع فدلس أنه إن حدث عنده به عيب أن له أن يرده أهذا في جميع السلع في قول مالك أم لا قال ليس هكذا
قلت لك إنما قلت لك أن مالكا قال من باع ثوبا فدلس بعيب علمه فقطعه المشتري أن له أن يرده ولا يكون عليه مما نقصه القطع شيء وإن كان باعه ولم يعلم بالعيب ولم يدلس له بالعيب ولم يكن له أن يرده إلا أن يرد معه ما نقص التقطيع
قال فقلنا لمالك فإن كان قد علم البائع بالعيب ثم باعه فزعم أنه نسي العيب حين باعه ولم يعلم بتدليسه قال قال مالك يحلف بالله أنه
________________________________________
نسي العيب حين باعه وما ذكره ويكون سبيله سبيل من لم يدلس
قلت فإن كان البائع قد دلس له بالعيب فحدث به عند المشتري عيب من غير التقطيع أو في الحيوان حدث عيب قال إنما قال مالك في الرقيق والحيوان إذا حدث بها عيب مفسد مثل العور وما أشبهه والقطع لم يكن له أن يرده إلا أن يرد معه ما نقص وليس يترك له ما نقص دلس أو لم يدلس
قال لأن الرقيق والحيوان كله دلس أو لم يدلس ما حدث بها من عيب عند المشتري مفسد لم يكن له أن يرده إلا أن يرد معه ما نقص وما كان من عيب ليس بمفسد فله أن يرده ولا يرد معه ما نقص والتدليس في الحيوان والرقيق وغير التدليس سواء
قال بن القاسم وأما في الثياب فإنه إذا دلس فحدث في الثياب عيب عند المشتري مفسد من غير التقطيع أو فعل بما لا ينبغي له أن يفعل في الثوب كان عندي بمنزلة الحيوان لا يرده إلا أن يرد معه ما نقص العيب وإنما أجازه مالك في التقطيع وحده له أن يرده ولا يرد معه ما نقص إذا دلس له
قال بن القاسم والقصارة والصباغ مثله
قلت أرأيت ما اشترى من الثياب فدلس فيه بعيب فصبغها أو أحدث فيها ما هو زيادة فيها ثم اطلع على العيب فأراد المشتري أن يرد ويكون معه شريكا بما زاد الصبغ في الثوب أيكون ذلك له في قول مالك قال نعم ذلك له في قول مالك
قال وقال لي مالك فإن نقصها الصبغ فهو بمنزلة التقطيع إن أحب أن يرده رده ولا شيء عليه وإن أحب أن يمسكه أمسكه وأخذ قيمة العيب
قال مالك وإن كان لم يدلس له وقد صبغه المشتري صبغا ينقصه رده ورد معه ما نقص الصبغ منه وإن أحب أن يمسكه ويأخذ ما نقص العيب من السلعة من البائع فذلك له
قلت أرأيت إن اشتريت ثيابا كان بها عيب عند البائع لم اعلم به ثم اطلعنا على العيب وقد حدث بها عندي عيب غير مفسد أيكون لي أن أردها على البائع ولا أرد معها شيئا قال إن كان الشيء الخفيف الذي لا خطب له رأيت أن يرده والعيوب في الثياب ليست كالعيوب في الحيوان لأن العيب في الثوب يكون الخرق في وسطه وإن كان غير كبير فإنه يوضع من ثمنه والكية وما أشبهها يكون في الحيوان فلا يكاد
________________________________________
يوضع من ثمنها كبير شيء
قلت أرأيت الحيوان إذا اشتراها وقد دلس فيها صاحبها له قال التدليس وغير التدليس في الحيوان سواء في قول مالك لأن الحيوان لم يبعها على أن يقطعها والثياب إنما تشتري للقطع وما أشبهه
قلت فالدار إذا باعها وقد دلس فيها بعيب قد علم به البائع قال أراها بمنزلة الحيوان ولم أسمع من مالك فيها شيئا
قلت أرأيت إن اشتريت ثوبا به عيب دلسه لي البائع باعنيه وقد علم بالعيب فقطعته قباء أو قميصا أو سراويل ثم علمت بالعيب الذي دلسه لي البائع أيكون لي أن أرده في قول مالك قال نعم ولا يرد معه ما نقص التقطيع
قلت أرأيت إن اشتريت ثوبا فقطعته تبابين ومثل هذا الثوب لا يقطع تبابين وهو وشي وبه عيب دلسه لي البائع أيكون لي أن أرده أم لا قال هذا فوت إذا قطعه خرقا أو مالا يقطع من ذلك الثوب مثله فهو فوت وليس له أن يرده ولكن يرجع على البائع بالعيب الذي دلسه له من الثمن
قلت أرأيت إن اشتريت ثوبا به عيب دلسه لي البائع فبعته قال لا ترجع على البائع بشيء لأنك قد بعت الثوب وقد فسرت لك قول مالك في هذا قبل هذا الموضع
قلت أرأيت إن اشتريت ثوبا فصبغته بعصفر أو بسواد أو بزعفران أو بورس أو بمشق أو بخضرة أو بغير ذلك من الصبغ فزاد الثوب الصبغ خيرا أو نقص فأصبت به عيبا دلسه لي البائع باعني الثوب وبه عيب قد علم به أو لم يعلم به
قال قال مالك بن أنس إن كان قد دلس له وقد صبغه صبغا ينقص الثوب رده ولا نقصان عليه فيما فعل بالثوب وإن كان قد زاد الصبغ بالثوب خيرا فالمشتري بالخيار إن أحب أن يمسكه ويأخذ قيمة العيب فذلك له وإن أبى أن يحبسه رده وأخذ الثمن وكان شريكا في الثوب بقدر ما زاد الصبغ في الثوب يقوم الثوب وبه العيب غير مصبوغ فينظر ما قيمته ثم يقوم وبه العيب وهو مصبوغ فينظر ما قيمته فالذي زاد الصبغ في الثوب يكون بذلك المشتري شريكا للبائع
قال
________________________________________
وقال مالك وإن كان لم يدلس البائع وقد صبغه المشتري صبغا ينقص الثوب كان بالخيار إن شاء أن يمسكه أمسكه وأخذ قيمة العيب وإن شاء أن يرده رده وما نقص الصبغ منه فذلك له والمشتري في ذلك بالخيار وإن كان الصبغ قد زاده فالمشتري بالخيار إن أحب أن يمسكه ويأخذ قيمة العيب فعل وإن شاء رده وكان شريكا
قلت أرأيت إن اشتريت ثوبا فلبسته حتى غسلته غسلات ثم ظهرت على عيب قد كان دلسه لي البائع وعلم به أو باعني وبه عيب لم يعلم البائع بالعيب قال إذا لبسه لبسا خفيفا لم ينقصه رده ولا شيء عليه وإن كان قد لبسه لبسا كثيرا قد نقصه رده ورد معه ما نقصه دلس به أو لم يدلس إلا أن يشاء أن يحبسه
قلت أرأيت إن اشتريت حنطة قد مسها الماء وجفت ولم يبين لي أو عسلا أو لبنا مغشوشا فأكلته ثم ظهرت على ما صنع البائع قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يوضع عنه ما بين الصحة والداء لأن هذا وإن كان مما يوزن أو يكال لا يوجد مثله لأنه مغشوش فإن كان يعلم أنه يوجد مثله في غشه يحاط بذلك معرفة رأينا أن يرد مثله ويرجع بالثمن
قلت أرأيت إن اشتريت جارية بكرا لها زوج ولم يدخل بها وقد علمت أن لها زوجا فقبضتها ثم افتضها زوجها عندي فنقصها ذلك فظهرت على عيب دلسه لي البائع أيكون لي أن أردها ولا يكون على شيء من نقصان وطء الزوج لها قال أرى لك أن تردها ولا شيء عليك لأنه باعك جارية ذات زوج وقد دلس فيها بعيب فليس عليك لوطء الزوج إذا جاء من وطء الزوج نقصان عليك قليل ولا كثير وكذلك الرجل يبيع الثوب من الرجل وبه العيب قد دلسه له علم به البائع فقطعه المشتري ثم ظهر على عيبه فإن له أن يرد الثوب ولا يكون عليه للقطع شيء وكذلك قال مالك في الثياب وهذا أدنى من ذلك والجارية دلس أو لم يدلس فلا شيء عليه في افتضاض الزوج لأن البائع هو الذي زوجها وإنما كان يكون عليه أن لو كان المشتري هو الذي زوجها
قلت أرأيت إن اشتريت عبدا من رجل وبه عيب لم أعلم به ثم اشتراه مني بائعه بأكثر مما اشتريته به أو بأقل قال إن كان البائع دلس بالعيب ثم
________________________________________
اشتراه بأكثر فليس له أن يرده عليك لأنه اشتراه وهو يعلمه وإن كان اشتراه بأقل رد عليك تمام الثمن الأول لأنك كان لك أن ترده عليه وها هوذا في يديه وإن كان لم يعلم بالعيب حين باعه منك حتى اشتراه منك بأكثر فله أن يرده عليك ويأخذ الثمن ولك أن ترده عليه وإن كان اشتراه بمثل الثمن الأول فكأنه رد عليه وإن كان اشتراه بأقل من الثمن رد عليك تمام الثمن الأول لأنك كان لك أن ترده عليه وها هوذا في يديه
في الرجل يبيع السلعة وبها عيب لم يعلم به قلت أريت إن باع صاحب الثوب ثوبه وبه عيب لم يعلم به ولم يبرأ إلى المشتري من شيء ثم قطعه المشتري فظهر المشتري على عيب وقد كان في الثوب عيب عند البائع قال قال مالك بن أنس لا تكون البراءة في الثياب
قال مالك فإن باعه البائع وهو لا يعلم فقطعه المبتاع ثم وجد المبتاع بعد ما قطعه به عيبا فالمشتري بالخيار إن أحب أن يرده رده وما نقصه القطع وإن أحب أن يمسكه ويأخذ قيمة العيب فذلك له وفرق مالك بين من علم أن في ثوبه عيبا حين باعه وبين من لم يعلم أن بثوبه عيبا
قلت والعروض كلها عند مالك مثل الثياب قال لم أسمعه من مالك إلا أني أرى ما كان من العروض التي تشتري لأن يعمل بها كما يصنع بالثياب من القطع مثل الجلود تقطع أخفافا ومثل جلود البقر تقطع نعالا وما أشبه هذه الوجوه رأيته مثل الثياب وأما الخشب وما أشبهها مما يشتريها الرجل فيقطعها فيكون العيب في داخلها ليس بظاهر للناس فإن مالكا قال في الخشب إذا كان العيب في داخل الخشب أنه ليس بعيب
قال ويلزم المشتري إذا قطعها فظهر على العيب قال ونزلت فحكم فيها مالك بن أنس بذلك
ما جاء في الخشب والبيض والرانج والقثاء يوجد به عيب قال بن القاسم كل ما أشبه الخشب مما لا يبلغ علم الناس معرفة العيب فيه لأنه
________________________________________
باطن وإنما يعرف عيبه بعد أن يشق شقا ففعل ذلك المشتري ثم ظهر على العيب الباطن بعد ما شقه فهو له لازم ولا شيء على البائع فقلت لمالك فالرانج وهو الجوز الهندي والجوز والقثاء والبطيخ والبيض يشتريه الرجل فيجده فاسدا قال أما الرانج والجوز فلا أرى أن يرد وهو من المشتري وأما البيض فهو من البائع ويرد وأما القثاء فإن أهل الأسواق يردونه إذا وجدوه مرا
قال مالك ولا أدري بما ردوا ذلك استنكارا لما علموا به من ذلك في ردهم إياه فيما رأيته حين كلمني فيه ولا أرى أن يرد
قلت فلم رد مالك البيض من بين هذه الأشياء قال لأن معرفة فساد البيض كأنه أمر ظاهر يعرف ليس بباطن مثل غيره
في الرقيق والحيوان يجدبهم المشتري العيب دلسه البائع أو لم يدلسه قال بن القاسم العيب في الجواري والعبيد من دلس ومن لم يدلس إذا حدث عند المشتري عيب مفسد لم يرده إلا وما نقص العيب منه ليس هو مثل الثياب في ذلك
قلت فما فرق ما بين الثياب والرقيق في قول مالك قال قال مالك لأن الثوب حين دلسه قد باعه إياه ليقطعه المشتري وإنما تشتري الثياب للقطع وأن العبد ليس يشتري على أن تفقأ عينه ولا تقطع يده فهذا فرق ما بينهما
قلت فالحيوان مثل الرقيق في قول مالك قال نعم
في الرجل يبتاع الجارية فيقرها عنده وتشب ثم يجد بها عيبا قلت أرأيت إن اشتريت جارية صغيرة فكبرت عندي فصارت جارية شابة فزادت خيرا فأصبت بها عيبا كان عند البائع باعنيها وبها العيب قال قال مالك من باع صغيرا فكبر عند صاحبه قال فأراه فوتا عليه ويرد قيمة العيب ولا يشبه عندي الفراهية والزيادة من وتعليم الصناعات وغيرها وذلك ليس بفوت إن أحب أن يردها ردها والصغير إذا كبر يرد البائع قيمة العيب على ما أحب أو كره ورآه مالك فوتا
قال بن القاسم قال مالك والمشتري ليس له أن يرد إذا كان فوتا ويجبر البائع على أن
________________________________________
يرد على المبتاع قيمة العيب من الثمن لأنها فاتت وليس لواحد منهما خيار
قلت وكذلك إن اشتراها صبية فكبرت كبرا فانيا فأصاب بها مشتريها عيبا دلسه البائع له قال هذا فوت عند مالك لأن مالكا قال إذا كبرت فهو فوت إذا اشتراها صغيرة ثم كبرت
قال بن القاسم ومما يبين ذلك أيضا أنه ليس لصاحب الصغير إذا كبر أن يرد ويبين لك أن الكبر فوت ويجبر البائع على أداء قيمة العيب أن البيع الفاسد إذا فات وقد علم مكروهه وقد فات بنماء أو نقصان أو اختلاف أسواق يعلم بذلك والسلعة قد نمت وهي خير منها يوم اشتراها فأراد أن يردها لم يكن ذلك له وإن كانت أرفع في القيمة يوم يريد ردها ولا حجة في أن يردها
في الرجل يبتاع الجارية ثم يبيعها من بائعها أو غيره ثم يعلم بعد ذلك بعيب كان دلسه به البائع قلت أرأيت إن اشتريت جارية بها عيب دلسه لي البائع ثم اشتراها مني البائع نفسه ثم ظهرت منها على العيب الذي دلسه لي البائع إلى أن أرجع عليه بشيء أم لا في قول مالك قال نعم لك أن ترجع عليه بذلك إن كنت بعتها بأقل من الثمن الذي اشتريتها به منه ولا حجة للبائع الذي دلس بالعيب أن يقول للمشتري ردها على وهي في يديه فلذلك رأيت أن يرجع عليه بما نقص من الثمن الأول
قلت فإن كان المشتري باعها منه بأكثر مما اشتراها به قال إن كان البائع الأول قد علم بالعيب ودلس له لم يرجع على المشتري بشيء إذا اشتراها منه بأكثر مما باعه به
قال بن القاسم وأنا أرى أنه إذا باعها من أجنبي فلا أرى أن يرجع على البائع بشيء وإنما هو على أحد أمرين إن كان باع بنقصان وقد علم بالعيب وقد رضي به وإن كان لا يعلم بالعيب فإنما نقص من غير العيب وهو الذي سمعت من قول مالك
قلت فإن كان المشتري وهبها للبائع أو تصدق بها عليه ثم ظهر على العيب الذي دلس له البائع قال يرجع عليه بالعيب
قلت أرأيت إن اشتريت جارية وقد دلس لي بائعها فيها بعيب فبعت نصفها ثم ظهرت على العيب الذي دلس لي به قال يقال للبائع إما إن
________________________________________
رددت نصف قيمة العيب على المشتري وإما قبلت النصف الباقي الذي في يديه بنصف الثمن ولا شيء عليك غير ذلك وكذلك سمعت من مالك
في الرجل يبتاع الخفين أو المصراعين فيجد بأحدهما عيبا قلت أرأيت إن اشتريت خفين أو نعلين أو مصراعين أو شيئا من الأشياء مما يكون فيه زوج فأصبت بأحدهما عيبا بعد ما قبضته أو قبل أن أقبضه قال لا يكون لك أن ترد إلا جميعا أو تحبس جميعا
قلت وكل شيء من هذا ليس بزوج ولا بأخ لصاحبه إنما اشتراهما أفرادا اشترى نعالا افراد فأصاب بأحدهما عيبا كان له أن يرده قال نعم على ما وصفت لك في أول الكتاب في اشتراء الجملة وغيرها
في الرجل يبتاع النخل أو الحيوان فيغتلهم ثم يصيب بهم العيب قلت أرأيت إن اشتريت شاة أو بقرة أو ناقة فاحتلبت لبنهن زمانا أو اجتززت أصوافهن وأوبارهن ثم أصبت عيبا دلس لي بذلك البائع أيكون لي أن أرده في قول مالك ولا يكون علي بذلك فيما احتلبت ولا فيما اجتززت شيء وكيف إن كان اللبن أو الصوف أو الوبر قائما بعينه لم يتلف قال ولا شيء عليك في ذلك كله كان قائما بعينه أو لم يكن لأنها غلة والغلة بالضمان ويرد الشاة والبقرة أو الناقة ويرجع بالثمن كله
قال بن القاسم إلا أنه إن كان اشتراها وعليها صوف تام فجزه أنه يرده إن كان قائما وإن كان قد أتلفه رد مثله
قلت فإن كان فيها لبن يوم اشتراها فحلبها ثم أصاب بها عيبا بعد ذلك بزمان فأراد ردها أيرد معها مثل اللبن الذي كان في ضروعها قال ليس اللبن مثل الصوف وهو خفيف وله أن يردها ولا يكون عليه للبن شيء لأنه كان ضامنا وهذا بمنزلة غلة الدور وهو تبع لما اشترى
قلت فما قول مالك في الرجل يشتري الدار فيغتلها زمانا ثم يظهر على عيب بالدار كان عند البائع قال قال مالك يرد الدار ولا شيء عليه في الغلة
قلت فإن كانت الدار قد أصابها عند المشتري عيب آخر أيرد معها المشتري ما أصابها عنده من العيب قال نعم
قلت
________________________________________
أرأيت إن اشتريت غنما أو بقرا فحلبت أو جززت وتوالدت أولادا عندي ثم أصبت بالأمهات عيبا ألي أن أرد الأمهات وأحبس أصوافها وأولادها وألبانها قال قال مالك أما الأولاد فيردون مع الأمهات إن أراد أن يرد بالعيب
قال بن القاسم وأما أصوافها وأوبارها وسمونها فإن ذلك لا يرد مع الغنم لأن هذا بمنزلة الغلة
قلت أتحفظ عن مالك في النخل شيئا إذا اشتراها رجل فاستغلها زمانا ثم أصاب عيبا قال قال مالك إذا اشترى نخلا فاستغلها زمانا ثم أصاب بها عيبا أو استحقت أنه يرجع على بائعه بالثمن وتكون له الغلة بالضمان
قلت أرأيت إن اشتريت نخلا فيها تمر قد أبر فمكثت النخل عندي النخل حتى جددت الثمرة ثم أصبت عيبا فأردت أن أرد النخل واحتبس الثمرة قال ليس ذلك لك وعليك أن ترد الثمرة مع النخل إن أردت الرد وإلا فلا شيء لك
قلت لم وإنما اشتريت النخل وفيها ثمر لم تزه وإنما اشتريت النخل وفيها ثمر قد أبر فبلغ عندي حتى صار ثمرا وجددته قال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع فلما كانت الثمرة للبائع إذا باع النخل ولم يكن للمبتاع إلا باشتراط منه رأيت أن يرد الثمرة مع الحائط هذا المشتري حين اشترى النخل وفيها ثمر قد أبر ويعطي المشتري أجر مثل عمله فيما عمل لأني إذا رددت الحائط وأردت أن ألزمه الثمرة بحصتها من الحائط لم تكن كغيرها من السلع مثل الرأسين أو الثوبين لأني إذا رددت أحد الرأسين أو أحد الثوبين كان بيع الآخر حلالا وإذا رددت الحائط وأردت أن أجعل للثمرة ثمنا بقدر ما كان يصيبه من ثمر الحائط كنت قد بعت الثمرة قبل أن يبدو صلاحها فأرى أن يردها ويعطي المشتري أجر عمله فيما عمل فإن أصابها أمر من أمر الله ذهب بالثمرة رد الحائط ولم يكن عليه للثمرة شيء من الثمن
وإنما مثل ذلك مثل ما قال مالك في العبد يشتريه الرجل ويشترط ماله فينتزعه منه ثم يجد به عيبا فيريد رده أنه لا يرده إلا وما انتزع من ماله معه قال ولو ذهب مال العبد من يد العبد بأمر يصيبه رده ولم يكن عليه في المال شيء فالثمرة إذا اشترطت بعد الأبار بمنزلة مال العبد إذا اشترط أمرهما واحد فيما يجد من الثمرة
________________________________________
أو يصيبها أمر من أمر الله
قال وذلك أني سمعت مالكا أيضا يقول لو أن رجلا اشترى حائطا لا ثمر فيه فأتاه رجل فأدرك فيه الشفعة وفيه يوم أدرك الشفعة ثمرة قد أبرت فقال مشتري الحائط الثمرة لي قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من باع نخلا قد أبرت فثمرها للبائع فهذه قد أبرت وهي لي قال مالك أرى أن يعطي أجر قيامه وسقيه فيما عالج ويأخذ صاحب الشفعة الثمرة فتكون له فهذا مثله إذا ردت الثمرة على البائع أعطى المشتري أجر عمله فيما عالج
وأخبرني بن وهب عن يونس عن بن شهاب أنه قال في رجل ابتاع دابة فغزا عليها فلما قفل وجد بها داء فردها منه
قال بن شهاب لا نرى لصاحبها كراء من أجل ضمانها وعلفها
في الرجل يتبرأ من دبر أو عيب فرج أو كي فيوجد أشنع مما يتبرأ منه قلت أرأيت إن باعه بعيرا وتبرأ إليه من دبر البعير وبالبعير دبرات كثيرة قال إن كان دبره دبرا مفسدا منغلا لم أر ذلك يبرئه إن كان مثله لا يرى حتى يبين صفة الدبرة أو يخبره بها لأن الرجل ربما رأى رأس الدبرة ولم يعلم ما في داخلها ولعلها أن تكون قد أعنته وأذهبت سنامه أو تكون نغلة فلا أرى أن يبرئه إلا أن يذكر الدبرة وما فيها ومما يشبه ذلك أني سمعت مالكا وسئل عن رجل باع عبدا وقد كان أبق وتبرأ من الأباق فإذا إباقه إباق بعيد
قال لا أرى ذلك يبرئه قد يشتري الرجل العبد ويتبرأ صاحبه من الإباق وإنما يظن المشتري أن إباقه مثل العوالي أو إباق ليلة وما أشبه ذلك فإذا إباقه إلى الشام أو إلى مصر
قال لا أرى براءته تنفعه حتى يبين قال بن القاسم ومن ذلك أيضا أن يتبرأ من السرقة فيظن المشتري أنه كان إنما يسرق في البيت الرغيف وما أشبه ذلك وهو عاد ينقب بيوت الناس فلا تنفعه البراءة حتى يبين
قلت أرأيت إن اشتريت جارية وتبرأ إلى صاحبها من الكي الذي بجسدها فأصبت بظهرها كيا كثيرا أو بفخذيها فقلت للبائع إنما ظننت
________________________________________
أن الكي ببطنها فأما إن كان بظهرها أو بفخذيها فلا حاجة لي بها
قال الجارية لازمة للمشتري إلا أن يأتي من ذلك الكي أمر متفاحش مثل ما وصفت لك في الإباق والدبرة فذلك لا تبرئه البراءة إلا أن يخبره بشنع الكي أو يريه إياه
قلت ولا يلتفت في هذا إلى عدد الكي قال لا إلا أن يتفاحش الكي أيضا فيكون كيا يعلم أن ذلك متفاحش كثير فيكون على ما وصفت لك
قلت أرأيت إن باع جارية فتبرأ من عيوب الفرج فأصاب المشتري بفرجها عيوبا كثيرة عفلا أو قرنا قال إن كان ما بفرجها من العيوب يختلف حتى يصير بعضه فاحشا فلا تجزئه البراءة إلا أن يبين أي العيوب بفرجها فإن بين وإلا لم تجزئه البراءة
قلت أرأيت إن باعها وتبرأ إليه من عيوب الفرج فأصابها رتقاء قال أرى أن في عيوب الفرج إذا تبرأ من عيوب الفرج أن تجوز براءته في العيب اليسير الذي يغتفر من ذلك فإذا جاء من ذلك عيب فاحش لم تجزه البراءة من ذلك إلا أن يسميه ويبينه
قلت أرأيت إن قال أبرأ إليك من رتقها ولم يقل رتقاء بعظم ولا بغير عظم فأصابها مشتريها رتقاء بعظم لا يقدر على أن يبط ولا يعالج قال إن كان رتقا شديدا لا يقدر على علاجه لأن منه ما يقدر على علاجه فكان الذي بها من الرتق ما لا يقدر على علاجه فلا تجزئه البراءة إلا أن يبين ذلك
قال سحنون عن بن وهب قال سمعت مالكا يقول فيمن باع عبدا أو دابة أو شيئا فتبرأ من العيوب وسماه في أشياء يسميها يقول برئت من كذا ومن كذا فإن ذلك يرد على البائع حتى يوقف الذي اشتراه منه على ذلك العيب بعينه الذي في الشيء الذي باع
وأخبرني بن وهب عن بن سمعان أن سليمان بن حبيب المحاربي أخبره أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامل من عماله أن امنع التجار أن يسموا في السلعة عيوبا ليست فيها التماس التلفيق على المسلمين والبراءة لأنفسهم فإنه لا يبرأ منهم إلا من رأى العيب بعينه فإنه ليس في دين الله غش ولا خديعة والبائع والمبتاع على رأس أمرهما حتى يتفرقا ولا يجاز من الشروط في البيع إلا ما وافق الحق
وأخبرني بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن
________________________________________
شهاب أنه قال في رجل باع سلعة وبها عيب فسمى عيوبا كثيرة وأدخل ذلك العيب فيما سمي
قال بن شهاب إن لم يكن وضع يده على ذلك العيب وحده أو أعلمه إياه وحده فإنا لا نرى أن تجوز الخلابة بين المسلمين حتى يتبرأ من العيب وحده
وأخبرني عن بن وهب عن يونس عن ربيعة أنه قال من تبرأ من عهد فجمعها منها ما كان ومنها ما لم يكن فإنه يرد على البائع كل ما تبرأ منه من شيء قد علمه أو كان قد ضمه مع غيره ولم ينصصه وحده بعينه وذلك أنه إنما وضعه ذلك الموضع ليلبس به على من باعه وليخفيه لما ضمه إليه وجعله معه مما ليس بشيء
وأخبرني سحنون عن وكيع بن الجراح عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم النخعي أنه قال إذا قال أبيعك لحما على بارية أبيعك ما أقلت الأرض قال لا يبرأ حتى يسمي وأخبرني سحنون عن وكيع عن سفيان عن منصور عن بعض أصحابه عن شريح قال لا يبرأ حتى يضع يده
في الرجل يبيع السلعة ثم يأتي مشتريها بعد ذلك فيبرأ إليه من عيوبها قلت أرأيت إن اشتريت سلعة فلما وجبت لي وقبضتها أتاني بائعها فقال لي إن بها عيوبا وأنا أحب أن أتبرأ منها قال قال مالك إن كانت عيوبا ظاهرة ترى فالمشتري بالخيار إن أحب أن يأخذ أخذ وإن أحب أن يرد رد وإن كانت عيوبا غير ظاهرة لم يقبل قوله في ذلك وكان المشتري على بيعه فإن اطلع بعد ذلك على معرفة عيوب كانت بها عند البائع بأمر يثبت ذلك كان له إن شاء أن يمسك أمسك وإن شاء أن يرد رد لأنه إذا كان الأمر غير الظاهر كان في ذلك مدعيا
قلت أرأيت إن قال البائع إن بها داء باطنا فأنا أريد أن أتبرأ منه وقال البائع أنا أقيم البينة أن هذا العيب الباطن هو بها الساعة قال يمكن من ذلك فإن أقام البينة بريء من ذلك العيب وكان ذلك له أن يتبرأ وتجزئه البراءة
قلت لم جعل مالك للرجل إذا باع السلعة وبها عيب لم يبرأ منه عند عقدة البيع فأراد أن يتبرأ منه بعد ذلك وهو ظاهر أو قامت بذلك بينة
________________________________________
إن كان باطنا أن ذلك له ويمكنه من ذلك قال إن كان البائع يقول أنا أتبرأ الساعة من عيب هذه الجارية فإن أحب أن يأخذها أخذها وإلا ردها ولا يكون للمشتري أن يقول لا أصدقك أن بها العيب وهو عيب ظاهر أو يقيم عليه بينة ثم يطؤها فيظهر على العيب بعد ذلك فيرجع يردها وقد حبسها ليستمتع بها أو تموت عنده فيرجع بقدر العيب وقد تبرأ صاحب السلعة إليه من العيب
قال فإذا لم يكن العيب ظاهرا ولم يقم بينة على الباطن اتهم البائع أن يكون رغب فيها وندم في بيعه فلا يقبل قوله لأنه مدع إلا أن تقوم له بينة على العيب إن كان باطنا أو يكون ظاهرا يرى
ما جاء في عهدة الثلاثة قلت أرأيت قول مالك بن أنس من باع بغير البراءة فما أصاب العبد في الأيام الثلاثة فهو من البائع الموت وغيره قال نعم هو قوله
قلت أرأيت إن باع بالبراءة فمات في الثلاثة الأيام أو أصابه مرض أو عيب في الثلاثة الأيام أيلزم ذلك المشتري أو البائع في قول مالك قال إذا باعه بالبراءة فما أصابه فإنما يلزم ذلك المشتري ولا شيء على البائع
قلت أرأيت إن باع بغير البراءة فأصاب العبد في الأيام الثلاثة حمى أيرد في قول مالك قال نعم
قلت فإن أصابه عور أو عمش أو عمى قال في قول مالك كل شيء يكون عند أهل المعرفة في بالرقيق عيبا إذا أصابه ذلك في الأيام الثلاثة فهو من البائع
قلت فإن أصابه وجع صداع رأس أو نحو ذلك قال ما سمعت من مالك في صداع الرأس شيئا لأن مالكا قال في كل شيء يكون عند أهل المعرفة بالداء إن الذي أصاب بهذا العبد هذا داء أو مرض في الأيام الثلاثة فهو من البائع
قلت فإن مات فهو من البائع في قول مالك قال نعم
قلت فإن غرق في الأيام الثلاثة أو إن سقط من فوق بيت فمات أو احترق أيكون من البائع قال نعم
قلت فإن خنق نفسه أيكون من البائع قال نعم
قلت فإن قتله رجل أيكون من البائع قال نعم في قول مالك وذلك أن مالكا قال في عبد خرج في أيام العهدة الثلاثة فقطعت يده أو فقئت عينه قال قال مالك دية الجرح للبائع لأن الضمان منه وإن أحب
________________________________________
المبتاع أن يأخذه بالثمن كله ولا يوضع عنه للجناية التي جنيت على العبد شيء أخذه وإن أحب أن يرده رده والقتل مثل هذا
قلت أرأيت إن اشتريت عبدا فأبق العبد عند البائع قبل أن أقبضه قال إن كان أبق في العهدة فهو من البائع إلا أن يكون باع بالبراءة فإن أبق العبد بعد العهدة فهو من المشتري
قال بن نافع وسئل مالك عن العبد يباع بيع الإسلام وعهدة الإسلام وبالبراءة من الإباق فيأبق في عهدة الثلاثة فقال أراه من البائع لأني لا أدري لعله عطب في الثلاثة لأنه أبدا من البائع حتى يخرج من الثلاثة سالما فهو من البائع حتى يعلم أنه قد خرج من الثلاثة سالما فأما إباقه في الثلاثة فليس له على المبتاع في ذلك حجة فأراه من البائع حتى يعلم أنه قد خرج من الثلاثة سالما فإذا علم بذلك كان من المبتاع ومن ذلك أن يوجد بعد الثلاثة بيوم أو يومين أو بعد شهر أو شهرين وليس عليه أن يضرب له في ذلك عهدة ثلاثة أخر من يوم يوجد ولكن إذا أصيب بعد الثلاثة بما قلت لك رجع إلى المبتاع ولا يكون له في الإباق على البائع شيء لأنه قد تبرأ منه
قيل له أرأيت إذا أبق في عهدة الثلاثة فرأيته من البائع لأنك لا تدري لعله قد تلف في الثلاثة أيرجع عليه بالثمن من ساعته أم يضرب فيه أجلا حتى يعلم خرج العبد من الثلاثة سالما أو عطب فيها قال بل أرى أن يضرب في ذلك أجلا حتى يتبين ما أمر العبد فإن علم أنه خرج من الثلاثة سالما كان من المبتاع وإن لم يعلم بذلك كان من البائع لأنه لا يدري لعله عطب في الثلاثة هو أبدا في الثلاثة من البائع حتى يعلم أنه خرج منها
قال سحنون عن بن وهب عن مسلمة بن علي عمن حدثه عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدة الرقيق أربعة أيام أو ثلاثة
قال بن وهب عن بن سمعان قال سمعت رجالا من علمائنا منهم يحيى بن سعيد وغيره يقولون لم يزل الولاة بالمدينة في الزمان الأول يقضون في الرقيق بعهدة السنة من الجنون والجذام والبرص إن ظهر بالمملوك شيء من ذلك قبل أن يحول الحول عليه فهو رد إلى البائع ويقضون في عهدة الرقيق بثلاث ليال فإن حدث في الرأس في تلك الثلاثة أيام
________________________________________
حدث من موت أو سقم فهو من الأول وإنما كانت عهدة الثلاث من الربع لأن الحمى الربع لا تستبين إلا في ثلاث ليال
وأخبرني عن بن وهب عن بن أبي الزناد عن أبيه قال قضى عمر بن عبد العزيز في رجل باع من أعرابي عبدا فوعك العبد في عهدة الثلاث فمات فجعله عمر من الذي باعه
قال بن وهب وقال لي مالك لا عهدة عندنا إلا في الرقيق
ما جاء في بيع البراءة قلت أرأيت من باع بالبراءة عبدا أو دابة أو ثوبا أو سلعة من السلع من أي العيوب يتبرأ قال كان مالك مرة يقول من باع بالبراءة فإن البراءة لا تنفعه في شيء مما يتبايع الناس به كانوا أهل ميراث أو غيرهم إلا في بيع الرقيق وحدهم فإنه كان يرى البراءة فيه مما لم يعلم فإن علم عيبا ولم يسمه بعينه وقد باع بالبراءة لم تنفعه البراءة في ذلك العيب
قال فقلت له فلو أن أهل ميراث باعوا دواب واشترطوا البراءة أو باعها الوصي فاشترط الوصي البراءة قال لا علم لي بما في هذا من العيوب وإنما هو بيع ميراث وإنما كان هذا المال لغيري
قال لا ينفعه ذلك في الدواب وليست البراءة إلا في الرقيق ثم رجع فقال لا أرى البراءة تنفع في الرقيق لا أهل الميراث ولا الوصي ولا غيرهم قال فجاءه قوم وأنا عنده قاعد فقالوا يا أبا عبد الله إنا بعنا جارية في ميراث بيع البراءة لا نعلم بها عيبا فاشتراها رجل فانقلب بها فوجد في فرجها عيبا قال أرى أن يردها ولا تنفعه البراءة شيئا فلما خرجوا كلمته فقلت له يا أبا عبد الله البراءة في الميراث في الرقيق
قال لا أرى أن تنفع إنما كانت البراءة لأهل الديون يفلسون فيبيع عليهم السلطان
قال مالك فلا أرى البراءة تنفع أهل الميراث ولا غيرهم إلا أن يكون عيبا خفيفا
قال فعسى قال مالك ومن ذلك الرجل يأتيه الرقيق قد جلبت من البلدان إليه وهو بالمدينة أو ببلد من البلدان أو يكون قد جلبها فيقول أبيعكم بالبراءة ولا علم لي فقد صدق ولا علم له ولم يكشف لهم ثوبا فهو يريد أن يذهب بأموال الناس بهذا الوجه
قال فما أرى البراءة تنفعه
________________________________________
قلت أرأيت ما باع السلطان على الناس في ديونهم أينفع السلطان أو صاحب السلعة التي بيعت عليه البراءة قال ما وقفت مالكا على هذا في أحد إلا ما أخبرتك من قوله القديم
قال بن القاسم وأنا أرى البراءة في الرقيق على قول مالك الأول وعلى ما قضى به عثمان بن عفان على عبد الله بن عمر فذلك جائز وهو رأيي وإن بيع المفلس والميراث بيع براءة وإن لم يبرؤا فكذلك بيع السلطان كله الغنائم وغيرها
في تفسير بيع البراءة قلت وكيف البراءة التي يبرأ بها في هذا إذا باع بالبراءة في قول مالك قال إذا قال أبيعك بالبراءة فقد بريء مما يصيب العبد في الأيام الثلاثة
قلت وإن لم يقل أبرأ إليك من كل ما يصيبه في الأيام الثلاثة قال إذا قال أبيعك بالبراءة وإن لم يذكر الأيام الثلاثة فقد بريء من عهدة الأيام الثلاثة ومن عهدة السنة
قلت أرأيت في قول مالك الأول إذا كان يجيز بيع البراءة في الرقيق لو أن رجلا باع ميراثا ولم يقل أبيع بالبراءة ثم باع وأخبر أنه ميراث قال فقد بريء وإن لم يقل قد برئت وكذلك بيع السلطان مالا قد فلس صاحبه
قلت أرأيت إن لم يخبرهم أنه ميراث فباعهم ولم يذكر البراءة أيبرأ في قول مالك الأول قال لا لأنه لم يخبرهم أنه ميراث
قلت فلو لم يخبرهم أنه ميراث وباع بالبراءة قال فذلك له ويبرأ مما لم يعلم في قوله الأول ولا يبرأ مما علم
قلت أرأيت لو باع أهل الميراث رقيقا وبالرقيق عيوب قد علموا بها وكتموها فباعوها وأخبروا أنها ميراث قال قال مالك لا يبرؤن إذا علموا حتى يسموا
قلت ولم تكن البراءة عند مالك إذا كان يجيز البراءة إلا في الرقيق وحدهم في المواريث وما يبيع السلطان على الغرماء قال نعم
قلت أرأيت من باع رقيقا فقال إن فيها عيوبا وأنا منها بريء أيبرأ مما فيها من العيوب التي علمها في قول مالك قال لا يبرأ إلا أن يسمي تلك العيوب بعينها
قلت أرأيت إن باع رجل جارية فتبرأ من الحمل وكانت حاملا أو غير حامل أيجوز البيع ويكون بريئا من
________________________________________
الحمل في قول مالك أم لا قال قال مالك إن كانت الجارية من جواري الوطء من المرتفعات لم أر البراءة فيها ورأيته بيعا مردودا وإن كانت من وخش الرقيق والخدم من السند والزنج وأشباههم رأيت ذلك جائزا ورأيتها براءة
فقلت لمالك بن أنس ما حد المرتفعات أترى ثمن الخمسين والستين من المرتفعات قال نعم هؤلاء من جواري الوطء
قال ولأن مالكا قال إن المرتفعة إذا بيعت ببراءة من الحمل يكون ثمن الجارية أربعمائة دينار أو خمسمائة دينار أو ثلاثمائة دينار إن لم تكن حاملا وإن كانت حاملا لم يكن ثمنها مائة وأقل ولم تشتر وهو عيب شديد فهذا خطر شديد وقمار
قال وأرى الوخش من الرقيق لا يكون ذلك فيهن خطرا لأنه إن وضع الحمل من ثمنها فإنه يضع قليلا وربما كان الحمل أكثر لثمنها
قلت أرأيت العهدة في بيع الرقيق وفي بيع السلطان على الغرماء لم يكن يرى عليهم العهدة في الثلاثة ولا في السنة في قول مالك الأول قال نعم
قلت وما يباع في الميراث وما باعه السلطان في دين من فلس من ثياب أو دواب أو آنية أو عروض فأصاب المشتري بذلك عيبا رده في قول مالك قال نعم
قلت وكان قوله القديم يقول في الرقيق في بيع الميراث وبيع السلطان على من قد فلس إن أصيب بالرقيق عيب أو ماتوا في الأيام الثلاثة أو أصابهم جنون أو جذام أو برص في السنة لم يلزم من باعهم شيء ولزم من اشتراهم قال نعم
قلت وليس الرقيق في الميراث وبيع السلطان على من قد فلس كبيع غيرهم في عهدة السنة والثلاث قال نعم
قال بن وهب وأخبرني مالك الليث عن يحيى بن سعيد عن سالم بن عبد الله أن أباه باع غلاما له بثمانمائة درهم وباعه بالبراءة فقال الذي ابتاع العبد لعبدالله بن عمر بالعبد داء لم يسمه لي فاختصما إلى عثمان بن عفان فقال الرجل باعني عبدا وبه داء ولم يسمه لي وقال عبد الله بن عمر بعته بالبراءة فقضى عثمان بن عفان علي عبد الله بن عمر أن يحلف بالله لقد باعه العبد وما به داء يعلمه فأبى عبد الله أن يحلف وارتجع العبد
بن وهب عن بن سمعان قال سمعت رجالا من علمائنا منهم يحيى بن سعيد يقولون قضى عمر بن الخطاب أن من باع سلعة فيها
________________________________________
عيب قد علم به ولم يسمه وإن باعها بالبراءة فهي رد إن شاء المبتاع
قال بن سمعان فالناس على قضاء عمر بن الخطاب
في عهدة بيع مال المفلس قلت أرأيت من اشترى عبدا من مال رجل قد فلسه السلطان فأصاب به عيبا على من يرده أعلى السلطان أم على الذي فلس أم على الغرماء الذين فلسوه قال بلغني ممن أثق به أن مالكا قال يرد على الغرماء ولم أسمعه منه
قال مالك لأنه إنما بيع لهم وهم أخذوا المال
قال بن القاسم ولكني قلت لمالك أرأيت إذا فلس فجمعوا متاعه وباع السلطان لهم ماله فتلف قبل أن يقسموه قال قال لي مالك قد بريء الغريم منه ومصيبته من أهل الدين
قال وقال لي مالك ولو أن رجلا أعتق رقيقا له ولا مال له فرد الغرماء عتقه ثم أفاد مالا قبل أن يباعوا عليه وينفذ البيع عليه رأيت أن يعتقوا ويكون دين الغرماء فيما أفاد
قال فقلت لمالك فلو باعهم السلطان ولم ينفذ السلطان بيع الرقيق بعد حتى أفاد الرجل مالا قال أرى أن يعتقوا ويعطى الغرماء المال مما أفاد
قال وبلغني عن مالك أنه قال وإن كان في رقيق المعتق جارية حين أعتق فرد الغرماء عتقه وتركوها في يديه موقوفة لم ينبغ أن يطأ الجارية حتى تباع في دينه أو تعتق إن أفاد مالا
قلت أرأيت إن اشتراها من بعد ما باعها عليه السلطان وقد كان أعتقها أيطؤها في قول مالك قال نعم
وقال ما مات من الرقيق أو سرق من المتاع أو هلك من الحيوان قبل أن يباع على الغرماء بعد ما جمعه السلطان فهو من الذي عليه الدين مصيبته منه فإذا باعه السلطان وصار ثمنا فمصيبته من الذين لهم الدين
قال فقلنا لمالك فلو أن رجلا فلس وبيده جارية فوقف عليها صاحبها الذي باعها ليأخذها وأبى الغرماء أن يدفعوها إليه وقالوا نحن نعطيك ثمنها فدفعوه إليه أو ضمنوه له ثم أخذوا الجارية ليبيعوها فماتت الجارية قبل أن يبيعوها ممن ترى مصيبتها على الغريم أم على الذين لهم الدين قال مالك أرى المصيبة من الذي عليه الدين
قال فقلنا لمالك لم ولو أخذها صاحبها الذي باعها بريء هذا الذي عليه الدين
________________________________________
من الدين الذي كان عليه ولم يكن عليه من مصيبتها شيء لو أخذها صاحبها الذي باعها وإنما أخذها الغرماء منه لفضل يرجونه فيها وهو الدين الذي كان عليه قال هو ضامن
قال ومما يبين ذلك أن لو كان في الجارية فضل قضى به على الغريم وليس للذي عليه الدين أن يأبى ذلك على أهل دينه ويقول إما أبرأتموني مما يأخذ صاحب الجارية وإما دفعتموها إليه
قال لا قول له في ذلك والغرماء عليه بالخيار في ذلك إن أحبوا أن يأخذوا أخذوا والنماء له إن كان في ذلك فضل وإن كان فيها نقصان من الثمن أو موت أتبع به ولا حجة له في أن يقول هذا يأخذها بالثمن
في عهدة المأمور ببيع السلعة والقاضي والوصي قال سحنون قال بن القاسم لو أن رجلا أمر رجلا أن يبيع له سلعة فقال حين باعها إن فلانا أمرني أن أبيع له هذه السلعة فأدرك السلعة تباعة
قال إن كان حين باعها قال إنما أبيع لفلان فلا أرى على المأمور شيئا والعهدة على الآمر
قال ومثل ذلك هؤلاء الذين يبيعون في المزايدة أو الرجل يعرف أنه إنما يبيع للناس بجعل أو رجل يبيع على ذلك
قال وبلغني عن مالك أنه قال لو أن رجلا أمر رجلا أن يبيع له سلعة فباعها فوجد بها المبتاع عيبا فأراد أن يردها على من يردها ومن يستحلف قال إن كان الوكيل قد أعلمه أنها لفلان فلا يمين عليه ويردها على صاحبها الآمر واليمين على الآمر وإن كان لم يعلمه حلف الوكيل وإلا رد السلعة عليه
قال واليمين عليه قال فقيل لمالك أفرأيت ما يستأجر الناس من النخاسين الذين يبيعون لهم الرقيق ويجعلون لهم الجعل على ما يبيعون من ذلك والذين يبيعون المواريث ومثل هؤلاء الذين يبيعون المتاع للناس يجعل لهم في ذلك الجعل فيبيعون والذي يبيع فيمن يزيد في غير ميراث يستأجر على الصياح فيوجد من ذلك شيء مسروق أو حرق أو عيب قال ليس على واحد من هؤلاء ضمان وإنما هم أجراء أجروا أنفسهم وأبدانهم وإنما وقعت العهدة على أرباب السلع فليتبعوهم فإن وجدوا أربابها وإلا لم يكن على هؤلاء الذين وصفت لك تباعة فيما باعوا
قال وسمعت مالكا وقيل له فلو أن رجلا
استؤجر على مثل هذا فباع فأخذ جعله ثم رد البيع بعيب وجد بالسلعة فأراد رب السلعة أن يرجع على الذي باع بالجعل وأبى البائع أن يدفع إليه ذلك وقال قد بعت لك متاعك
قال مالك أرى أن يرد الجعل ولا جعل له إذا لم ينفذ البيع
قال مالك بن أنس ولو باعها الثانية فردت أكان ينبغي له أن يأخذ جعلها أيضا استنكارا لذلك
الرجل يشتري السلعة لرجل أمره باشترائها فيعلم البائع أنه يشتريها لفلان قلت أرأيت لو أني اشتريت سلعة من رجل لفلان فأخبرته أني إنما اشتريتها لفلان ولست اشتريها لنفسي فاشتريتها بالنقد أو بالنسيئة أيكون للبائع أن يتبع هذا المشتري بالثمن أم يتبع الذي اشترى له أو من يتبع بالثمن قال إن لم يكن هذا المشتري قال للبائع إني إنما أشتري منك للذي أمرني ولا أنقدك إنما الثمن لك على فلان فأرى الثمن على هذا المشتري لأنه وإن اشترى لغيره فالنقد عليه فإن قال له النقد على الذي أشتري له وليس لك علي شيء فهذا لا يتبعه البائع بالنقد ويكون النقد للبائع على الذي أمر هذا بالشراء
قلت أتحفظه عن مالك بن أنس قال هو قوله
قلت أرأيت القاضي إذا باع أموال اليتامى أو باع مال رجل مفلس في دين أو باع مال ميت وورثته غيب على من العهدة قال قال مالك في الوصي إنه لا عهدة عليه فكذلك القاضي لا عهدة عليه
قلت فعلى من عهدة المشتري إذا باع الوصي تركة الميت قال في مال اليتامى
قلت فإن ضاع الثمن وضاع مال اليتامى ولا مال لليتامى غير ذلك فاستحقت السلع التي باع قال بلغني عن مالك أنه قال لا شيء عليه
قال بن القاسم وأخبرني بذلك من أثق به عن مالك
قلت أرأيت إن باع السلطان على المفلس رقيقه ثم أصاب بهم المشتري عيبا أو هلكوا في أيام العهدة قال قال مالك بيع السلطان بيع براءة وأشد من بيع البراءة
قال وقال مالك في بيع البراءة إن مات في العهدة أو حدث به عيب فهو من المشتري وبيع السلطان لا عهدة فيه أيضا مثل بيع البراءة
قلت فإن أصاب بهم المشتري عيبا قديما كيف يصنع قال قال مالك
________________________________________
إنه لا يردهم وأنه بمنزلة من باع بالبراءة وهو لا يعلم بالعيب وقد سمعته وذكر بيع البراءة فقال إنما كان يكون ذلك في بيع السلطان أن يفلس الرجل أو يموت فيقضي به دينه ويقسمه غرماؤه وإنما كانت البراءة على هذا فهذا قوة لما كان يقول من ذلك
قلت أرأيت إن باع السلطان على هذا المفلس عبده وقد كان أعتقه واقتسم الغرماء ثمنه ثم أصاب المشتري بالعبد عيبا قديما فقال رب العبد قد كان هذا العيب به قديما وكذبه الغرماء وقد عرف أن ذلك العيب قديم ليس مما يحدث قال سمعت مالكا يقول في بيع السلطان أنه بيع براءة وبيع البراءة لا يرد إلا مما علم البائع بالعبد فلم يخبره به فأرى هذا في مسئلتك إذا كان العيب قديما قد علم البائع به وعلم أن البائع قد علمه رده المبتاع على البائع وأخذ الثمن من الغرماء وبيع العبد للغرماء ثانية في دينهم بعيبه بعد ذلك فإن كان فيه نقصان عن دين الغرماء اتبعوه بما بقي لهم من دينهم وإن كان للمفلس مال يوم يرد العبد عليه بعيبه أخذ الثمن من ماله ولم يتبع الغرماء بشيء وكان حرا لأن البيع لم يتم حين وجد به عيبا ورد فإن كان قد حدث به عند مشتريه عيب مفسد ولسيده مال كان بالخيار إن شاء رده وما نقصه العيب وإن شاء حبسه وأخذ قيمة العيب فإن احتبسه وأخذ قيمة العيب الذي وجد به فإن ذلك له وإن رده كان حرا إذا كان للسيد مال يوم يرده وإن كان سيده لا مال له فهو بالخيار إن شاء أن يحبسه ويرجع على الغرماء بقيمة العيب وإن شاء أن يرده وما نقص فذلك له ولا يعتق ويباع ثانية للغرماء
قال وكان مالك يقول بيع الميراث مثل بيع البراءة يبرؤن له مما لم يعلموا
وأخبرت أنه قال بيع السلطان أشد من بيع البراءة ومن بيع الميراث ثم سمعت أن رجوعه عن بيع البراءة وبيع الميراث وأن تبرؤا مما لم يعلموا فإنه يرد عليهم إذا كان عيبا قديما لا يحدث مثله إلا أن يكون الشيء التافه وقوله الأول في بيع البراءة أنهم يبرؤن مما لم يعلموا أحب إلي وبه آخذ
قال وكذلك الميراث هو أشد من بيع البراءة وإنما هذا كله في الرقيق وإنما البراءة فيهم وليس في الحيوان وثبت مالك بن أنس على بيع السلطان أنه بيع براءة فقال إنما كانت
________________________________________
فيه البراءة
قال مالك وليس في شيء من العروض ولا في الدواب بيع براءة في ميراث ولا في غيره ولا في بيع السلطان وليس البراءة إلا في الرقيق وحدهم
قال بن وهب بلغني عن ربيعة في بيع المواريث أهلها براء مما كان فيها لتفريق ذلك وتشتيته وكيف يغرم ولي وقد تفرق ما ولي أم كيف يغرم وارث وقد انطلق بالذي له فهم براء وإن لم يشترطوا البراءة
قال وأخبرني عن بن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في الرجل يلي للغائب ولا يريد أن يكون عليه عهدة في شيء ثم يبيع الشيء فالتفرقة بين الغرماء ومن ذلك ما ولي من وجوه الصدقة فلا يرد لتفاوت ثمن ذلك في تلك المواضع فيكون عليه التباعة فلذلك كان ما كان من بيع الميراث والبراءة منه لما يكون في ذلك من الوصايا وتفريق المواريث فمن باع على ذلك متبرئا لا يعلم شيئا فلا تباعة عليه في عهدة قديما كان أو حديثا
قال وسمعت بن وهب قال سمعت مالكا يقول في بيع الميراث إنه لا تباعة على أهل الميراث ولا عهدة إلا أن يقيم المشتري بينة على أهل الميراث أنهم قد باعوا وعلموا بذلك قال بن وهب
قال مالك ولا أعلم على أهل الميراث عهدة السنة في الرقيق ولا عهدة الثلاث وإنما بيعهم بيع البراءة
ما جاء في عهدة السنة قلت أرأيت عهدة السنة إنما هو من الجنون والجذام والبرص في قول مالك بن أنس فقط هذه الثلاثة لا غيرها قال نعم
قلت أرأيت الوسوسة قال إذا ذهب عقله فأطبق عليه فهو بمنزلة الجنون
قلت أرأيت إن كان إنما أصابه من الجنون في هذه السنة إنما يخنق رأس كل هلال قال يرده
قلت فإن أصابه وسوسة رأس كل هلال قال يرده
قلت فإن أصابه الجنون رأس شهر واحد في السنة ومضى ذلك الشهر وصح أله أن يرده في قول مالك قال نعم لأن الجنون عيب لازم وأمر يعتري المرة بعد المرة ليس برؤه أمرا يعرفه الناس ظاهرا
ألا ترى لو أن رجلا جن عبد له ثم بريء وصح فباعه ولم يخبر أنه قد كان أصابه الجنون أنه
________________________________________
عيب يرد منه فكذلك هذا لأن الجنون لا يؤمن أن يعود إليه
قلت فإن أصابه الجذام أو البرص في السنة ثم بريء وصح قبل أن يرده المشتري ويعلم به المشتري أله أن يرده على البائع قال لا إلا أن يكون ذلك عيبا عند أهل المعرفة بالرقيق لأن ما يخاف عودته ويخاف منه كما وصفت لك في الجنون قال والبرص بهذه المنزلة
قلت فإن أصابه بهق أو حمرة أو جرب حتى تسلخ منه وتورم في السنة لا يكون هذا بمنزلة الجذام والبرص والجذام في قول مالك قال نعم لا يكون هذا بمنزلة الجذام والبرص والجذام في السنة
قلت أرأيت إن جنى على العبد رجل فضرب رأسه بحجر فذهب عقله ألسيده أن يرده في السنة في قول مالك قال لا أدري ما قول مالك بن أنس فيه وليس هذا بمنزلة الجنون وأراه من المشتري
قلت فإن خرس في السنة فأصابه صمم أيكون هذا بمنزلة الجنون في السنة قال لم أسمع من مالك بن أنس في هذا شيئا ولكن إن كان عقله معه وإن خرس وأصابه صمم فهو من المشتري إلا أن يعلم أن عقله قدذهب مع ذلك فيكون من البائع
وأخبرني سحنون بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل يقولان في خطبهتما العهدة ثابتة عهدة الثلاثة وعهدة السنة
وأخبرني بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال سمعت سعيد بن المسيب يقول في العهدة في كل داء عضال نحو الجنون والجذام والبرص سنة
قال بن شهاب والقضاة منذ أدركنا يقضون في الجنون والجذام والبرص سنة
قال بن وهب عن بن سمعان قال سمعت رجالا من علمائنا منهم يحيى بن سعيد الأنصاري وغيره أنهم كانوا يقولون لم تزل الولاة بالمدينة في الزمان الأول يقضون في الرقيق بعهدة السنة من الجنون والجذام والبرص إن ظهر بالمملوك شيء من ذلك قبل أن يحول الحول عليه فهو رد إلى البائع ويقضون في عهدة الرقيق بثلاث ليال فإن حدث بالرأس في تلك الثلاث ليال حدث من
________________________________________
سقم أو موت أو غيره فهو من الأول
بن وهب وسمعت مالك بن أنس يقول في العهدة في الرقيق ثلاثة أيام من كل شيء يصيب العبد من موت أو غيره لا ينقد في تلك الثلاثة الأيام والجنون والجذام والبرص سنة والنقد فيها جائز وسمعت مالكا يقول في الرقيق ثلاث ليال فإن حدث في الرأس شيء في تلك الثلاث ليال حدث من سقم أو موت فهو من الأول
________________________________________
كتاب الصلح بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده وصى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم ما جاء في الرجل يشتري العبد أو غيره فيصيب به العيب فيصالح البائع من عيبه قلت أرأيت إن اشتريت عبدا بمائة دينار فأصبت بالعبد عيبا والعبد لم يفت فصالحني البائع من العيب على أن دفع إلي مائة درهم إلى سنين أيجوز هذا قال لا يجوز لأن هذا ذهب بفضة ليس يدا بيد إنما هو ذهب هو على بائع العبد للمشتري إن رضيا بإمضا الشراء فلما فسخا قيمة العيب من الذهب في دراهم إلى أجل كان ذلك ذهبا بفضة إلى أجل
قلت فإن صالحه البائع من العيب على عشرة دنانير نقدا وقد كان شراؤه بمائة دينار قال هذا جائز
قلت لم قال لأنه كأنه استرجع عشرة دناينر من دنانيره وأمضى العبد تسعين دينارا وإن رد إليه دنانيره إلى أجل فلا خير فيه وإن تأخرت الدنانير على غير شرط في الأجل فلا بأس به وإنما كره أن يرد إليه دنانيره إلى أجل على الشرط لأنه يدخله بيع وسلف
قلت فإن صالحه على دراهم في قيمة العيب قبل أن يتفرقا فهل ذلك جائز قال نعم إن كان أقل من صرف دينار
قال سحنون وقال أشهب لا بأس به وإن كان أكثر من صرف دينار
قلت لابن القاسم فإن كان العبد قد فات وبه عيب فصالحه البائع
________________________________________
على أن يرد قيمة العيب دنانير أو دراهم أو عرضا وكل ذلك نقدا فهل ذلك جائز قال لا بأس به بعد معرفتهما بقيمة العيب وإن صالحه بدنانير إلى أجل فانظر فإن كانت مثل قيمة العيب أو أدنى فلا بأس به وإن كان أكثر من قيمته فلا خير فيه وإن كان أو عروضا أو دراهم إلى أجل فلا خير فيه ووجه ما كره من الدنانير إذا كانت إلى أجل وهي أكثر من قيمة العيب أن قيمة العيب قد كان وجب له ردها وصار ذلك دينا له على البائع فأخره بالدين ويزيد عليه فلا يحل وإن كانت دراهم إلى أجل صار صرفا ليس يدا بيد ففسخ ما كان له من الذهب في فضة إلى أجل وإن كان ما صالحه عليه عرضا إلى أجل صار دينا بدين لأنه يفسخ ما كان له من الذهب التي صارت له على البائع لمكان العيب الذي دلس له فأخر ذهبه بغير شيء أوصله إليه ففسخ ذلك المشتري في عرض إلى أجل فصار الدين بالدين وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكالىء بالكالىء
رسم في الرجل يبيع الطوق فيجد المشتري به عيبا فصالحه المشتري على أن زاده البائع دنانير أو دراهم أو عروضا قلت أرأيت إن بعت طوقا من ذهب فيه مائة دينار بألف درهم فأصاب المشتري بالطوق عيبا فصالحه من ذلك العيب على دينار دفعه إليه قال لا بأس بذلك
قلت لم قال لأن هذا إنما باع طوقا فيه مائة دينار ودينار مع الطوق بألف درهم نقدا فلا بأس بذلك وإن كان له أن يرده بالعيب فإنما اشترى منه العيب منه بدينار
قلت فإن صالحته من العيب على مائة درهم دفعتها إليه قال إن كانت هذه المائة لدرهم التي دفعتها إليه مثل الدراهم الألف التي انتقد في ثمن الطوق فلا بأس بذلك إذا كانت من سكتها وإن كانت من غير سكتها لم يصلح لأنه باع الطوق بألف درهم محمدية فصالحه من العيب على مائة يزيديه فلا يصلح ذلك ولا يجوز له لأنه يصير بيع طوق من ذهب ومائة درهم يزيدية بألف درهم محمدية فلا يجوز ذلك لأن مالكا قال لا يجوز الذهب والفضة بالذهب وكذلك لو صالحه على تبر فضة لم يجز وإذا صالحه على مائة محمدية
________________________________________
فإنما هذا رجل رد إليه من الألف المحمدية التي أخذ ماية محمدية فإنما صار ثمن الطوق تسعمائة درهم فلا بأس بذلك
قلت أرأيت إن صالحته من العيب على مائة محمدية مثل الدراهم التي انتقد في الطوق إلى أجل أيصلح ذلك أم لا قال لا يصلح ذلك عند مالك
قلت لم قال لأنه يصير بيعا وسلفا إذا أخره بالمائة لأنه كأنه رجل باع الطوق بتسعمائة على أن أسلفه المشتري مائة إلى أجل
مصالحة المرأة من مورثها من زوجها الورثة قلت أرأيت لو أن رجلا هلك وترك مالا دنانير أو دراهم وعروضا وأرضا وترك من الورثة امرأة وولدا فصالح الورثة المرأة من حقها على مائة درهم عجلوها لها قال إن كانت الدراهم التي يعطون المرأة من الدراهم التي ترك الميت وهي قدر ميراثها من الدراهم أو أقل فلا بأس بذلك وإن كانت أكثر فلا خير في ذلك لأنها باعت عروضا حاضرة وغائبة وذهبا بدراهم تتعجلها فلا خير فيه وهو حرام
قلت فإن كانوا صالحوها على أن يعطوها المائة من أموالهم على أن تسلم لهم جميع ما ترك الميت وقد ترك الميت دنانير ودراهم وعروضا وأرضا قال لا يصلح ذلك لا بالدنانير ولا بالدراهم وإن اشتروا ذلك منها بعروض فلا بأس بذلك بعد أن صرف ما ترك الميت من دابة أو دار أو عروض أو قرض أودين حاضر فإن اشتروا حقها منها بعرض من العروض فلا بأس بذلك بعد أن يسموا ما ترك الميت فيقال ترك الميت من العبيد كذا وكذا ومن الدور كذا وكذا ومن البقر كذا وكذا ومن الدين على فلان كذا وكذا وجميع ذلك حاضر فلفلانة من جميع ذلك الثمن فقد اشترينا ثمنها من هذه العدة التي سمينا بهذا العرض فيجوز ذلك إذا كان كل ما سموا من الدين والعروض أو العبيد حاضرا
قلت ولا يجوز ذلك حتى يصفوا جميع ما ترك الميت عند شرائهم ثمنها ولا يجوز أن يقولوا اشترينا منها ثمنها من جميع ما ترك فلان قال نعم لا يجوز حتى يسموا ما ترك فلان أو يكونوا قد عرفوا ذلك وعرفته
قلت فإن اشتروه بدنانير عجلوها لها من أموالهم وفي ميراثها من تركة الميت دراهم يصير
________________________________________
حظها من الدراهم صرفا قال لا يجوز ذلك وإن كان حظها من الدراهم تافها يسيرا لا يكون صرفا مثل الخمسة دراهم والعشرة فالبيع جائز إذا لم يكن من ذلك شيء غائب وإن كان في حظها دنانير فاشتروا ذلك منها بدنانير عجلوها لها فقد وصفت لك أنه لا يصلح لأنه يصير ذهبا بذهب مع أحد الذهبين سلعة وإن كان للميت فيما ترك على الناس دنانير ودراهم فاشتروا حظها بدراهم أو دنانير عجلوها من أموالهم لم يجز ذلك لأنهم اشتروا منها ودنانير وبدراهم عجلوها من أموالهم لم يجز ذلك وإن كان الدين الذي على الناس طعاما قرضا أقرضه الميت الناس أو عرضا أو حيوانا فاشتروا ذلك منها وسموه بحال ما وصفت لك بدنانير عجلوها لها أو بدراهم فلا بأس بذلك إذا كان الذين عليهم الدين حضورا مقرين
قلت أرأيت إن كان الطعام الذي للميت على الناس إنما هو من اشتراء كان اشتراه منهم قال لا يجوز أن يصالحوها من ميراثها على شيء من الأشياء على أن يكون لهم ذلك الطعام لأنه يدخله بيع الطعام قبل الاستيفاء وهو قول مالك
قلت أرأيت إن صالحوها من حقها على دنانير عجلوها من الميراث وقد ترك الميت دنانير ودراهم وعروضا ولم يترك دينا قال لا بأس بذلك إذا كانت الدراهم قليلة كان ذلك يقبض يدا بيد
قلت فإن ترك دينا دنانير أو دراهم فصالحوها على دنانير أعطوها من تركة الميت على أن يكون لهم ذلك الدين قال لا يجوز ذلك
قلت لم لا يجوز ذلك قال لأن الدنانير والدراهم التي اشتروها من المرأة من مورثها من ذلك الدين بدنانير عجلوها لها من حقها من الميراث فلا يجوز ذلك لأنه يدخله الذهب بالذهب إلى أجل إلا أن يكون ما أخذت من الدنانير مقدار مورثها من هذه الدنانير الحاضرة فلا يكون بذلك بأس لأنها إنما تركت لهم حقها من الدين وأخذت حقها من هذه الحاضرة فلا يكون بذلك بأس وذلك أن لو كان ما ترك الميت من الدنانير ثمانين دينارا حاضرة وعروضا وديونا على الناس دراهم ودنانير أو طعاما اشتراه ولم يقبضه فصالحوا المرأة من ثمنها على عشرة دنانير من الثمانين الدينار التي
________________________________________
ترك الميت فلا بأس بذلك لأنها إنما أخذت حقها من الثمانين ووهبت لهم ما بقي من ذلك فلا بأس بذلك ولو كانوا إنما يعطوها الدنانير العشرة التي صالحوها عليها من أموالهم ليس مما ترك الميت من الدنانير لم يجز ذلك ودخله بيع الذهب إلى أجل لأنهم اشتروا بدنانيرهم صرة دينا بدين دنانير وباعت المرأة بهذه الدنانير طعاما قبل أن يستوفي فلا يصلح ذلك
ولقد سئل مالك عن شريكين كانا يعملان في حانوت فافترقا على أن أعطى أحدهما صاحبه كذا وكذا دينارا وفي الحانوت شركة متاع لهما ودنانير ودراهم وفلوس كانت في الحانوت بينهما قال مالك لا خير في ذلك ونهى عنه
في الصلح على الإقرار والإنكار قلت أرأيت إن ادعيت على رجل مائة درهم فصالحته من ذلك على خمسين درهما إلى شهر قال لا بأس بذلك إذا كان الذي عليه الحق مقرى
قلت أرأيت إن صالحه على ثوب أو دنانير إلى سنة أيجوز هذا أو لا قال قال مالك لا يجوز ذلك إذا كان الذي عليه الحق مقرى بما عليه
قلت لم قال لأنه فسخ دين في دين فأما إذا صالحه من مائة درهم على خمسين درهما إلى أجل فهذا رجل حط خمسين درهما من حقه وأخره بخمسين
قلت أرأيت إن كان المدعي قبله ينكر والمسألة بحالها قال لم أسمع من مالك في الإنكار شيئا إلا أنه مثل الإقرار لأن الذي يدعي إن كان يعلم أنه يدعي الحق فلا بأس أن يأخذ من مائة درهم خمسين درهما إلى أجل وإن أخذ من المائة عروضا إلى أجل أو دنانير إلى أجل وهو يعلم أن الذي يدعي حق فلا يصلح ذلك لأنه لا يصلح أن يفسخ درهم في عروض إلى أجل أو دنانير إلى أجل وإن كان الذي يدعي باطلا فلا يصلح ذلك له أن يأخذ منه قليلا ولا كثيرا
قال بن وهب وأخبرني يزيد بن عياض عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصلح جائز بين المسلمين
قال بن وهب وأخبرني عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري أن الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا
قال بن وهب وأخبرني سليمان بن بلال عن كثير بن
________________________________________
يزيد عن وليد بن رباح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الصلح جائز بين المسلمين
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون على شروطهم
قال بن وهب قال وأخبرني سعيد بن عبد الرحمن ومالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بالحجة من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار
بن وهب عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي قال كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري أن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا
مصالحة بعض الورثة عن مال الميت قلت أرأيت لو أن رجلا هلك وقد كانت بينه وبين رجل خلطة فادعى أولاد الهالك أن لأبيهم على هذا الرجل الذي كان بينه وبين أبيهم معاملة وخلطة مالا فأقر أو أنكر فصالحه أحدهما على حقه فدفع إليه دراهم أو دنانير أو دفع إليه من دعواه عرضا من العروض على إنكار من الذي يدعي قبله أو على إقرار أيكون لإخوته أن يدخلوا معه في الذي أخذ من هذا الرجل قال قال لي مالك كل ذكر حق كان لقوم بكتاب واحد فاقتضى بعضهم دون بعض فإن شركاءهم يدخلون معهم فيما اقتسموا وإن كان لكل إنسان منهم ذكر حق على حدة وكانت صفقة واحدة فإن من اقتضى شيئا من حقه لا يدخل معه الآخرون في شيء
قال بن القاسم وإذاكان لرجلين ذكر حق بكتاب واحد أو بغير كتاب من بيع باعاه بعين أو بشيء مما يكال غير الطعام والأدام أو من شيء أقرضاه من الدنانير والدراهم والطعام أو شيء مما يكال أو يوزن أو ورث هذان الرجلان هذا الذكر الحق فقبض أحدهما من ذلك شيئا
فإن كان الذي عليه الدين غائبا فسأل أحد الشريكين في الدين صاحبه
________________________________________
في الخروج معه لاقتضاء الدين وأخذه من الغريم فأبى ذلك وكره الخروج فإن خرج الشريك بعد الإعذار فيما بينه وبين صاحبه فاقتضى حقه أو أدنى من ذلك فإن ذلك له لا يدخل معه شريكه فيه لأن تركه الخروج والاقتضاء والتوكيل بالاقتضاء إضرار منه بصاحبه وحول بينه وبين الاقتضاء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار لما يتجشم صاحبه من الخروج والنفقة والمؤنة فيريد المقيم أن لا يأخذ الخارج شيئا لا دخل عليه فيه وهو لم يبرح ولم يتجشم خروجا ولا مؤنة وقد أعذر إليه صاحبه ولم يعتقله في الخروج لاغتنام الاقتضاء دونه فهو إذا أعذر إليه وأعلمه بالخروج فترك الخروج معه فهو رضا منه بما يقتضي دونه أو لا ترى أنه لو أنه رفعه إلى السلطان لأمره السلطان بالخروج أو التوكيل فإن فعل وإلا خلى السلطان بين الشريك وبين اقتضاء حقه ثم لا يدخل عليه شريكه فيما اقتضى وإن خرج أحد الشريكين لاقتضاء حقه دون مؤامرة من صاحبه والإعذار إليه أو كان الغريم حاضرا فاقتضى منه جميع مصابته أو بعضها كان شريكه بالخيار إن شاء شركه فيما اقتضى وإن شاء أسلم له ما اقتضى اتبع الغريم فإن اختار اتباع الغريم ثم بدا له بعد أن يتبع شريكه لم يكن له ذلك له بعد ما سلم توى ما على الغريم أو لم ينو لأن ذلك مقاسمة للدين على الغريم
ألا ترى لو أن رجلين ورثا دينا على رجل فاقتسما ما عليه جاز ذلك وصار ذلك كالدين يكون لهما على رجل لكل واحد صك فمن اقتضى من هذين شيئا دون صاحبه لم يشركه صاحبه فيما اقتضى لأنه لا شركة بينهما فكذلك إذا اقتسما
في مصالحة أحد الشريكين على أخذ بعض حقه ووضع بعضه عنه قال بن القاسم ولو أن أحد الرجلين اللذين لهما ذكر حق بكتاب واحد أو غير كتاب وهما شريكان في الدين الذي على الغريم صالح الغريم وهو حاضر ليس بغائب أو كان الغريم غائبا ولم يعذر إلى صاحبه ولم يعلمه بالخروج على اقتضاء حقه مثل أن يكون دينهما مائة دينار فصالحه أحدهما من نصيبه على عشرة دنانير وأبرأه مما بقي
________________________________________
فهو جائز ففيهما قولان
أحدهما أن شريكه بالخيار إن شاء سلم لشريكه ما اقتضى واتبع الغريم بالخمسين دينارا حقه وإن شاء رجع على شريكه فأخذ منه نصف ما في يديه وهو خمسة ورجعا جميعا على الغريم فأتبعه الذي لم يصالحه بخمسة وأربعين دينارا وأتبعه الذي صالح بخمسة دنانير وهي التي أخذ منه شريكه وهو قول بن القاسم
أن شريكه بالخيار والقول الآخر إن شاء إتبع الغريم بجميع حقه وإن شاء إتبع شريكه المصالح فإن اختار اتباع شريكه قسمت العشرة التي صالح بها الشريك على ستة أجزاء جزء من ذلك للذي صالح وخمسة أجزاء للذي لم يصالح لأن المصالح لما أبرأ الغريم من الأربعين فالذي أخر كأنه لم يكن له غير العشرة دنانير التي أخذ ولصاحبه خمسون دينارا ثم يرجعان على الغريم فيتبعه المصالح بالعشرة بما أخذ منه وذلك خمسة أسداس العشرة ويتبعه صاحب الخمسين بما بقي له وهو أحد وأربعون دينارا وثلثا دينار وكذلك لو أنه قبض العشرة على غير صلح ثم وحط الأربعين عن الغريم ثم قام شريكه فإن اختار مقاسمة شريكه اقتسما على ستة أجزاء كما وصفت لك ورجعا بما وصفت لك فلو أن أحد الشريكين قبض العشرة على الاقتضاء من حقه ثم قاسم شريكه العشرة الذي اقتضى من حقه فإنما يقاسمه إياها شطرين لأن حق كل واحد منهما سواء فإن حط الشريك المقتضي للعشرة الأربعين لم يكن لشريكه أن يرجع عليه في المقاسمة فيقول له قاسمني على أن حقك إنما كان عشرة
لأن القسم كان والحق كامل ولكنهما يرجعان على الغريم فيرجع المقتضي للعشرة بما أخذ منه صاحبه وهو خمسة ويرجع شريكه بخمسة وأربعين فخذ هذا الباب قول بن القاسم الأول فإنه اسنه بأصول اصحابنا على ولو أن أحد الرجلين اللذين لهما حق على هذا بكتاب واحد أو بغير كتاب وهما شريكان في الدين الذي على الغريم ثم صالح الغريم أحدهما وهو حاضر أو كان الغريم غائبا ولم يعذر إلى صاحبه يعلمه بالخروج صالح من حقه ودينهما مائة دينار على عشرة أقفزة قمح وقبضها قبل أن يتفرقا ثم أتى الشريك الآخر فإنما له الخيار في تسليم ما صنع صاحبه واتباع الغريم بحقه بالخمسين الدينار أو الرجوع على شريكه
________________________________________
المصالح أو المشتري القمح بنصف ما أخذ لأن الشريك إنما تعدى على عين وهو دين والدين حكمه حكم القرض والدين ليس مثل العين الذي هو أشبه شيء بالعروض فلذلك يكون له نصف ما أخذ الشريك إن اختار أخذه لم يكن عليه شيء من العين
قال سحنون ثم يرجعان جميعا على الغريم فيكون ما عليه بينهما نصفين وإنما يخالف الصلح في هذا الموضع الشراء لأن الصلح أشبه شيء بالشراء في غير وجه وهو في هذا الوجه مثله
ألا ترى أن الرجل لو كان له على رجل مائة دينار دينا فصالحه من المائة على سلعة أو اشترى منه سلعة بالمائة لم يجز له أن يبيع مرابحة حتى يبين فكذلك جميع الدين إذا كان عينا فصالح من بعضها على بعض سوى نوع الدين أو اشترى ذلك فهو على ما وصفت لك ولو كان الدين سوى العين وهو مما يكال أو يوزن من غير الطعام والأدام أو العروض التي لا تكال ولا توزن مثل أن يكون لهما مائة رطل حناء أو مائة ثوب شطوي موصوفة معروفة فصالح أحدهما من نصيبه على دنانير وصالحه من الخمسين الثوب الشطوي أو من الخمسين الرطل الحناء على عشرة دنانير وقبضها منه قبل أن يتفرقا ثم حضر شريكه فهو بالخيار إن شاء اتبع الغريم بجميع حقه وسلم لصاحبه إذاأخر ثم لا يكون الرجوع على شريكه وإن توى ما على الغريم وإن شاء اتبع شريكه فأخذ منه نصف ما في يديه ثمن سلعة هي بينهما ومن تعدى على سلعة رجل فباعها فللمتعدي عليه أن يأخذ ثمن سلعته ثم يرجعان على الغريم فيتبعانه بما بقي لهما عليه من حقوقهما وهي الخمسون الرطل الحناء والخمسون الثوب الشطوي وكذلك الجواب أن ولو باع نصيبه بعشرة دنانير لأن الصلح والبيع في هذا سواء لما أعلمتك من أن الرجل لو كان له على رجل مائة دينار دينا فصالحه من المائة على سلعة أو اشترى منه سلعة بالمائة لم يجز له أن يبيع مرابحة حتى يبين ومن ذلك لو أن لرجل على رجل مائة دينار فرهنه بها شيئا مما يغاب عليه مما يضمنه المرتهن وقيمته مثل الدين أو أكثر أو أقل ثم إن الراهن صالح المرتهن على ألف درهم أو اشترى الراهن من المرتهن المائة دينار التي له عليه بالالف درهم ونقده قبل أن
________________________________________
يتفرقا ثم تلف الرهن فادعى المرتهن أن تلفه بعد المصالحة أو الشراء أو قبل ذلك فالصلح بينهما والبيع جائز ليس بمنقوض ويرجع على المرتهن بقيمة الرهن وإن كان تلف الرهن بعد المصالحة أو الشراء أو قبل ذلك بأمر معروف تقوم عليه بينة يوما تم ما كان بينهما من صلح أو بيع ولم يكن على المرتهن شيء
الدعوى في صلح على دم عمد وأنكر صاحبه قلت أرأيت لو أن رجل دم عمد أو جراحات فيها قصاص فادعيت أني صالحته منها على مال وأنكر ذلك وقال ما صالحتك على شيء قال لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن الذي أرى على ما قال مالك في الطلاق أنه لا يقتص منه وله عليه اليمين
الصلح على دية الخطأ تجب على العاقلة قلت أرأيت لو أن رجلا قتل رجلا خطأ فصالح أولياء المقتول على شيء دفعه إليهم أيجوز هذا الصلح أم لا والمال إنما لزم العاقلة قال سمعت مالكا وسئل عن رجل قتل خطأ فصالح أولياء المقتول على شيء دفعه إليهم ونجموا ذلك عليه فدفع إليهم نجما ثم اتبعوه بالنجم الآخر فقال إنما صالحتهم وأنا أظن أن الدية تلزمني
قال قال مالك ذلك موضوع عنه ويتبع أولياء المقتول العاقلة
قلت ويرد عليه أولياء المقتول ما أخذوا منه قال نعم ذلك له إذا كان جاهلا يظن أن ذلك يلزمه
قلت أرأيت لو أقر رجل بقتل رجل خطأ فصالح أولياء المقتول على مال دفعه إليهم قبل أن يقسم أولياء القتيل أو قبل أن يجب المال على العاقلة وهو يظن أن ذلك يلزمه أيجوز هذا الصلح أم لا قال لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكني أرى ذلك جائزا
قال سحنون وهذا أمر اختلف الناس فيه عن مالك فقال بعضهم هو على العاقلة وقال بعضهم هو على المقر في ماله وقاله بن القاسم قال يحيى وبن الماجشون يقول هو على المقر في ماله لأن العاقلة لا تحمل الاعتراف قال وهو قول المغيرة قال
________________________________________
مالك وأشهب على العاقلة بالقسامة
في صلح العمد على أقل من الدية أو أكثر وهي رواية أشهب عن مالك قلت أرأيت إذا قتل رجل وليا لي عمدا أو قطع يدي عمدا فصالحته على أكثر من دية ذلك أيجوز لي هذا الفضل في قول مالك قال قال لي مالك القود في العمد القود إلا ما اصطلحوا عليه فإن كان أكثر من الدية فذلك جائز وإن كان ديتين
قلت أرأيت لو أن لي على رجل جراحات فصالحته في مرضي على أقل من أرش تلك الجراحة أو أقل من الدية ثم مت من مرضي أيجوز ذلك في قول مالك قال قال مالك في الرجل يعفو عن دمه إذا كان القتل عمدا أن ذلك جائز كان له مال أو لم يكن فهذا يدلك على أن الذي عفا على أقل من الدية أن ذلك جائز
في أحد الولدين يصالح أحدما على دم عمد بغير أمر صاحبه قلت أرأيت لو أن قتيلا قتل عمدا وله وليان فعفا أحدهما على مال أخذه عرض أو قرض فأراد الولي الذي لم يصالح أن يدخل مع الذي صالح فيما أخذ أيكون ذلك له في قول مالك قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى له أن يدخل فيما أخذ اخوه من القاتل ولا سبيل لهم إلى القتل وقد ذكر غيره أنه إذا صالح في دم أبيه عن حقه بأكثر من الدية أن الذين نفوا إنما لهم بحساب دية واحدة ومثله لو صالحهم في دم أبيه في حقه على نخل فأخذها أو جارية أو ما أشبه ذلك كان الصلح قد وقع ولم يكن له إلا ما صالح عليه في حقه قل أو كثر ولم يكن لمن بقي إلا على حساب الدية ولأنه لو عفا جاز عفوه عليهم فلم يجعل لمن بقي شركا فيما أخذ المصالح
من قال هذا القول لأن الدم ليس هو مالا وإنما شركتهما فيه كشركتهما في عبد هو بينهما جميعا فإن باع أحدهما مصابته بما لم يدخل معه صاحبه
وقال أشهب إن عفا أحد الابنين على الدية ولهما أخت فقال إن كان عفا على الدم صلحا صالح به عن الدم فهو بينهم جميعا أخماسا لاخته من ذلك الخمس وأربعة أخماس بينهما عن
________________________________________
شطرين وكذلك لو صالحه عن الدم كله بأكثر من الدية أو ديات فإن جميع ما صالح عليه بينهما على ما فسر لي مالك أخماسا وإن كان إنما مصالح عليه من دية أو ديتين أو ديات ليس على الدم كله ولكن على مصابته منه فإن للأخ والأخت الذين لم يصالحوا ثلاثة أخماس الدية على القاتل في ماله يضم إليه ما صالح عنه الذي عفا عما صالح من الدية أو أكثر منها ثم يقسمون جميع ذلك أخماسا على ما فسرت لك وكذلك إن صالح لنفسه عن خمسي الدية فأكثر فإن ذلك يضم إلى ثلاثة أخماس الدية ثم يؤخذ بذلك كله القاتل ثم يقسم على ما فسرت لك وإن صالح على أقل من خمسي الدية لنفسه خاصة وإن درهما واحدا فليس له إلا ما صالح عليه من ذلك ويرجع الأخ والأخت اللذان لم يصالحا على القاتل في ماله بثلاثة أخماس الدية يقسمان ذلك للأخ خمسا ذلك وللأخت خمسه فإن صالح من الدم كله بأقل من الدية فليس له مما صالح عليه إلا خمساه وثلاثة أخماس ما صالح عليه ساقط عن القاتل وللأخ والأخت اللذين لم يصالحا ثلاثة أخماس الدية كاملة في مال القاتل وكذلك لو صالح من الدم كله على درهم واحد لم يكن له إلا خمسا الدرهم وكان للأخ والأخت ثلاثة أخماس الدية يقتسمان ذلك على الثلث والثلثين وقد أعلمتك أنه إذا صالح من الدية لنفسه خاصة إذا جاوز خمسي الدية فأكثر أن ذلك يضم إلى ثلاثة أخماس الدية فيؤخذ بذلك القاتل كله ثم يقتسمونه بينهم أخماسا على ما فسرت لك
قلت فإن كان للمقتول زوجة وأم أيدخلان على هؤلاء فيما صار لهم من الدية فقال نعم كل دم عمد أو خطأ وإن صالحوا منها على ديات فإن ذلك موروث على كتاب الله وفرائضه
بن وهب وأشهب قال ذلك سليمان بن يسار وأبو الزناد ومالك وعبد العزيز فأما سليمان بن يسار فإن بن لهيعة ذكر أن خالد بن أبي عمر ان حدثه أنه سأل بن يسار عمن قتل رجلا عمدا فقبلت العصبة الدية أهي للعصبة خاصة أم هي ميراث بين الورثة فقال سليمان هي بين الورثة ميراثا
في جماعة جرحوا رجلا هل له أن يعفو عن بعض ويقتص من بعض قلت أرأيت الجراح إذا اجتمعت على رجال شتى أيكون له أن يصالح من شاء ويقتص ممن شاء ويعفو عمن شاء قال نعم مثل قول مالك في القتل
قلت أرأيت إن اجتمع على قطع يدي رجال قطعوها عمدا أيكون لي أن أصالح من شئت منهم في قول مالك وأقطع من شئت وأعفو عمن شئت قال قال مالك في القتل للأولياء أن يصالحوا من شاؤوا ويعفوا عمن شاؤوا ويقتلوا من شاؤوا وكذلك الجراحات عندي مثل القتل
في رجل قطع يد رجل عمدا فصالحه المجروح ثم مات قلت أرأيت لو أن رجلا قطع يد رجل عمدا فصالحه المقطوعة يده على مال دفعه إليه القاطع ثم مات من القطع بعد ذلك قال سألت مالكا عمن أصاب رجلا موضحة خطأ فصالحه عنها ثم إنه نزى فيها بعد ذلك فمات منها قال لنا مالك أرى فيها القسامة ويستحقون العقل على عاقلته ويرجع الجاني على المال الذي دفع إليه فيأخذه ويبطل الصلح ويكون في العقل كرجل من قومه
قال بن القاسم والعمد مثل ذلك فكذلك مسألتك إن أحبوا أن يقسموا أقسموا وقتلوا ويبطل الصلح
قلت أرأيت إن أبوا أن يقسموا وقال الجاني قد عادت الجناية نفسا فردوا على المال واقتلوني إن أحببتم فأما مالي فليس لكم
قال بن القاسم لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك وليس له ذلك لأنهم لو لم يقسموا لم تبطل جنايته في اليد
ألا ترى لو أن رجلا قطع يد رجل عمدا فنرى في جرحه فمات
إن الورثة إن أحبوا أن يقسموا ويقتلوا فعلوا وإن أبوا كان لهم أن يقطعوا يده
قال بن القاسم وهذا قول مالك وكذلك هذا الذي صالح على جرحه ثم نرى المقطوعة يده بالجرح فمات فقال ورثته لا نقسم إن جناية الجاني في قطع اليد لا تبطل ولهذا المال الذي أخذوا إن لم يقسموا وإن أرادوا أن يقسموا ردوا المال وقتلوا
____________________
(11/372)
________________________________________
في الصلح من جناية عمد على ثمر لم يبد صلاحه قلت أرأيت لو أن رجلا جنى جناية عمدا فصالح من جنايته على ثمر لم يبد صلاحه أيجوز هذا في قول مالك قال لا
قلت لم وهذا إنما أعطاه ثمرته ولم يأخذ شيئا إنما أعطاه ثمرة على أن هضم عنه القصاص قال لو أجزت هذا لأجزت النكاح بثمرة لم يبد صلاحها ألا ترى أن مالكا قال في النكاح إنه غير جائز فإذا نكح فإن أدرك قبل البناء فسخ وإن أدركه بعد البناء كان لها مهر مثلها فكذلك القصاص مثل النكاح
قلت أرأيت لو أن رجلا جنى على رجل جناية عمدا فصالحه من ذلك على ثمرة لم يبد صلاحها أيجوز هذا قال لا يجوز ولو أجزت هذا لأجزت النكاح وقال مالك في النكاح ما أخبرتك أن ذلك لا يجوز فكذلك القصاص مثل النكاح
قلت فإذا عفا على ثمرة لم يبد صلاحها أيكون هذا عفوا لا يستطيع الرجوع في القصاص ويرده إلى الدية عليه مثل ما صار في النكاح إذا دخل بها لم يرد النكاح وكان لها صداق مثلها وثبت النكاح قال نعم ذلك أحب ما فيه إلي لأن العفو قد ترك فلا أرى يرد إلى القصاص وقد قال غيره ليس الصلح في القصاص بالغرر مثل النكاح إنما القصاص مثل الخلع ألا ترى أن الخلع يجوز بالغرر ولا يجوز له بالنكاح لأن الخلع يجوز له أن يرسل من يديه بالغرر ما كان جائزا له أن يرسله بغير شيء يأخذه فكذلك القصاص
في الصلح من دم عمد على عرض أو عبد فيوجد بذلك عيب قلت أرأيت لو أن رجلا وجب له على رجل دم عمد فصالحه من الدم العمد على عبد أيجوز هذا في قول مالك قال نعم
قلت أرأيت كل من صالح من دم عمد وجب له فصالح على عبد أو عرض أو خالع امرأته على ذلك أو نكح امرأة على ذلك فأصاب الذي قبض العبد أو العرض بذلك عيبا أيكون له أن يردها ويرجع بقيمته قال إذا كان عيبا يرد من مثله في البيوع فله في مسألتك هذه أن يرده ويرجع بقيمته
قلت وهذا قول مالك قال أما في النكاح فهو قوله ألا ترى أن دم العمد والطلاق ليس هما بمال وإذا استحق ما أخذ فيهما رجع بقيمتهما بقيمة ما أخذ لا بقيمة الدم ولا قيمة الطلاق إنما فيهما ما صالحوا به فيهما
ألا ترى أن دم العمد ليس له قيمة إلا ما صالحوا
____________________
(11/373)
________________________________________
فيه عن الرضا منهما
ألا ترى أن المقتول يعفو عن دمه فلا يكون للوارثة حجة في أن يقولو فعله في ثلثه ولا لاصحاب الدين أن كان عليه دين محيط فعفا عن دمه أن يقول الغريم فر عني بماله ولو أنه صالح من دم أو من جراحة عمدا أصيب بها على مال وهو يخاف عليه الموت أو عليه دين محيط فثبت الصلح ثم حط ما صالح عنه لكان ذلك في ثلثه إذا كان لا دين عليه وإن كان عليه دين فالدين أولى من المعروف الذي صنع ولو أن رجلا جنى جناية عمدا وعليه دين محيط بماله فأراد أن يصالحه ويسقط عن نفسه القصاص بمال يعطيه من عنده لكان للغرماء ذلك عليه لأن في ذلك تلف اموالهم
في رجل صالح رجلا على إنكار ثم أصاب المدعي بينة أو أقر له المنكر بعد الصلح قلت أرأيت لو أن رجلا ادعى دارا في يد رجل وأنكر الذي الدار في يديه فصالحه المدعي على مال أخذه الذي الدار في يده ان دعوى المدي حق وأنه جحده قال بن القاسم سألت مالكا عن الرجل يدعي قبل الرجل الدين فيجحده ثم يصالحه ثم يجد بعد ذلك بينة عليه
قال قال مالك إن كان صالحه وهو لا يعرف أن له بينة وإنما كانت مصالحته إياه لأنه جحده فله أن يرجع عليه ببقية حقه إذا وجد بينة
قال فقلت لمالك فإن كانت له بينة غائبة فقال له إن لي عليك بينة وهم غيب وهم فلان وفلان فجحده فلما رأى ذلك الرجل خاف أن تموت شهوده أو يعدم هذا المدعي عليه أو يطعن فصالحه فلما قدم شهوده قام عليه قال لا أرى له شيئا ولو شاء لم يعجل ولم يره مثل الأول فهذا يدلك على مسئلتك
ما يجوز من الصلح على انكار وما لا يجوز قلت أرأيت إن اصطلحا على الإنكار أيجيزه مالك قال نعم
قلت مثل ما يدعي على المدعي قبله مائة دينار فينكرها فيصالحه على شيء يدفعه إليه وهو ينكر أيجيزه
____________________
(11/374)
________________________________________
مالك ويجعله قطعا لدعواه ذلك وصلحا من تلك المائة كما لو أقر بما صالحه عليه قال نعم
قلت أرأيت لو ادعيت دينا لي على رجل فصالحته من ذلك على ثياب موصوفة إلى أجل وهو منكر للدين أيجوز هذا قال قال مالك الصلح بيع من البيوع فلا يجوز هذا الذي سألت عنه في البيوع وكذلك في الصلح لا يجوز لأنه دين بدين
في الصلح باللحم قلت أرأيت لو أني ادعيت في دار رجل دعوى فصالحني على عشرة أرطال من لحم شاته هذه أيجوز هذا الصلح في قول مالك قال لا يجوز عندي
وقال أشهب أكرهه
فإن نزل وشرع في ذبح الشاة مكانه لم أفسخه إذا كان قد جسها وعرف نحوها
فيمن استهلك لرجل متاعا فصالحه من ذلك على دنانير إلى أجل قلت أرأيت لو أن رجلا استهلك لرجل متاعا فصالحه من ذلك على حنطة إلى أجل أيجوز ذلك في قول مالك قال لا يجوز ذلك عندي
قلت لم قال لأنه فسخ دين بدين
قلت أرأيت لو أن رجلا استهلك لي متاعا فصالحته من ذلك على دنانير إلى أجل قال إن كان صالحه على مثل القيمة جاز ذلك وإن كان صالحه على أكثر من القيمة لم يجز ذلك وإنما يجوز له أن يصالحه على ما هو ثمن السلعة ببلدهم إن كانوا ما يتبايعون بدنانير فبدنانير وإن كان دراهم فدراهم ولا يجوز له أن يصالحه إلا على ما يتبايع به أهل بلدهم بمثل القيمة أو أدنى لأنه لو صالحه على غير ذلك كان رجلا قد باع القيمة التي وجبت له عليه بالذي صالحه به إلى أجل فصار دينا بدين وصار ذهبا بورق إلى أجل إن كان الذي يتبايعون به ذهبا فصالحه على ورق إلى أجل فهذا الحرام بعينه
قلت فإن أخذ ما صالحه به من السلع عاجلا أو الورق قال فلا بأس بذلك إذا كان عقد الصلح على الانتقاد بعد معرفة قيمة ما استهلك له ____________________
(11/375)
________________________________________
فيمن أوصى لرجل بطلة جنان أو سكن الدار أو بخدمة عبد أو بما في بطن أمته فصالح الورثة قلت أرأيت إن أوصى لي بما في بطن أمته فصالحني الورثة على دراهم وخرجت لهم من الوصية قال لا يجوز هذا لأن ما في بطن الأمة ليس له مرجع إلى الورثة والعبد والدار إذا أوصى بخدمة العبد أو سكنى الدار فإن مرجع ذلك إلى الورثة فلا بأس أن يصالحوا فأما ما ليس له مرجع إلى الورثة فلا يصلح ذلك
ألا ترى أن ما في البطن ليس مرجعه إلى الورثة
قلت والنخل إذا أوصى بغلتها لرجل أيصلح أن يصالح الورثة على شيء ويخرجوه من الوصية في قول مالك قال لا بأس بذلك لأن مرجع النخل إلى الورثة فهو بمنزلة السكنى
قلت فما فرق ما بين هذا وبين الولادة قال لأن الولادة ليس بغلة وأن ثمرة النخل واستخدام الغلام وكراء الدار وصوف الغنم ولبنها وزبدها غلة وقد أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب العرية أن يشتريها بخرصها إلى الجذاذ وقد جوز أهل العلم ارتهان غلة الدور وغلة الغلام وثمرة النخل الذي لم يبد صلاحها ولم يجوزوا ارتهان ما في بطون الإناث ولأن الرجل لو اشترى دارا أو جنانا أو غنما أو جارية فاستغلها زمانا وكانت الغلة قائمة في يديه ثم استحق ذلك من يديه مستحق فأخذ ما وجد من داره أو جنانه أو غنمه أو جاريته لم يكن له فيما استغل المشتري شيء لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخراج بالضمان وقاله غير واحد من أهل العلم وأن الغنم لو ولدت أو الجارية ثم استحقها رجل فأصاب الولد لم يمت لأخذ الغنم وما ولدت والجارية وولدها ولم يكن له حبس ذلك لأن الولد ليس بغلة
في رجل ادعى على رجل أنه استهلك له عبدا أو متاعا فصالحه على دنانير أو دارهم أو عروض إلى أجل قلت أرأيت لو أني ادعيت قبل رجل أنه استهلك لي عبدا أو متاعا أو غير ذلك
____________________
(11/376)
________________________________________
من العروض فصالحته من ذلك على دنانير أو دراهم أو عروض إلى أجل قال أما العروض فلا يجوز وأما الدنانير فلا بأس به إذا كان ما صالحه مثل القيمة التي وجبت له أو أدنى
قلت فإن كان الذي ادعى قبله قائما بعينه غير مستهلك فصالحته منه على عرض موصوف إلى أجل أو عين إلى أجل أيجوز هذا قال نعم لأن مالكا قال الصلح بيع من البيوع
قلت وهو مفترق إذا كان ما يدعي قائما بعينه ولم يتغير أو مستهلكا قال نعم هو مفترق بحال ما وصفت لك
في رجل غصب رجلا عبدا فأبق العبد فصالحه على عين أو عروض قلت أرأيت العبد إذا غصبه رجل فأبق منه أيصلح أن أصالحه منه على دنانير إلى أجل أو عرض قال أما العروض فلا يصلح أن يصالحه عليها إلى أجل وأما الدنانير فلا بأس به إذا كان ما صالحه منها مثل القيمة التي وجبت له أو أدنى
قلت ولم أجزت هذا وبيع العبد الآبق في قول مالك لا يجوز قال لأن مالكا قال في الرجل يكرى الدابة فيتعدى عليها إلى غير الموضع الذي تكاراها إليه فتضل منه في ذلك أن له أن يلزمه قيمتها وكذلك العبد لما غصبه فأبق منه فهو ضامن لقيمته إلا أن يرده
في الصلح من موضحة خطأ وموضحة عمدا بشقص في دار هل فيها شفعة قلت أرأيت لو أني ادعيت شقصا في دار في يدي رجل وله شركاء وهو منكر فصالحني من دعواي الذي ادعيت في يديه على مائة درهم فدفعها إلي فقام عليه شركاؤه فقالوا نحن شفعاء وهذا شراء منك قال لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى لهم فيه شفعة ولكن إن كان الصلح على الإقرار منه فلهم الشفعة عند مالك
قلت أرأيت الرجل يصيب الرجل بموضحة خطأ وموضحة عمدا فصالحه الجارح على شقص في دار هل فيه شفعة وهل هو جائز قال نعم قلت فبكم يأخذ الشفيع قال بخمسين دينارا قيمة موضحة الخطأ وبنصف قيمة الشقص الذي كان لموضحة العمد
____________________
(11/377)
________________________________________
لأنا قسمنا الشقص على الموضحتين فصار لكل موضحة نصف الشقص فموضحة الخطأ ديتها معروفة وهي خمسون دينارا وموضحة العمد لا دية لها إلا ما اصطلحوا عليه فصار لها من الصلح نصف الشقص فلذلك أخذها الشفيع بخمسين دينارا قيمة الخطأ وبقيمة نصف الشقص وهو قيمة موضحة العمد
وقال غيره وهو المخزومي وغيره الصلح جائز وقال المخزومي وللشفيع الشفعة فإن أخذ بالشفعة فإنما يأخذ بأن تجمع قيمة الشقص لأنها كأنها عقل الموضحة العمد والخمسين جميعا فينظركم الخمسون من ذلك فإن كانت الخمسون ثلث القيمة والخمسون إذا اجتمعتا جميعا استشفعها بالخمسين الدينار وبثلثي قيمة ذلك الشقص من الدار أو ربع أو خمس أو وسدس أو نصف فعلى حساب ذلك لأن الذي به يستشفع القيمة إلا ما حطت الخمسون من القيمة والذي حطت الخمسون من القيمة ما يكون به الخمسون من الخمسين والقيمة إذا اجتمعتا جميعا إن ثلث فثلث وإن ربع فربع وإن سدس فسدس وإن نصف فنصف فعلى هذا فخذ هذا الباب إن شاء الله
في العبد يوجد به عيب فينكر البائع ثم يصطلحان على مال قلت أرأيت الرجل يبيع العبد فيطعن المشتري بعيب فيه وينكر البائع ثم يصطلحان على مال أيجوز ذلك في قول مالك قال ذلك جائز في قول مالك
قلت أرأيت إن اشتريت عبدا من رجل بدراهم نقدا أو إلى أجل فأصبت به عيبا فجئت لأرده فيجحد وقال لم يكن العيب عندي فصالحته قبل محل أجل على أن رددته عليه وأعطيته عبدا آخر
قال لا بأس بذلك في قول مالك لأن مالكا قال لا بأس أن يشتري الرجل العبد بذهب إلى أجل ثم يستقيل قبل أن يحل الأجل على أن يرد العبد ويرد معه عرضا من العروض نقدا وإنما تقع الكراهية إذا رد معه ذهبا أو فضة معجلة قبل أن يحل الأجل فإن حل الأجل فلا بأس به أن يرده ويرد معه دنانير أو دراهم نقدا ولا خير فيه إذا أخره بعد ذلك
قلت وهو قول مالك قال نعم وإن كانت الزيادة عرضا أو ورقا أو ذهبا أو قد حل الأجل فلا يؤخر من الزيادة شيئا لأنه يدخله الدين
____________________
(11/378)
________________________________________
بالدين ويدخله بيع وسلف وقال غيره وإن صالح البائع المشتري في العيب الذي طعن فيه المشتري والعبد لم يفت على أن زاده البائع عبدا آخر وعرضا آخر نقدا فلا بأس به لأنه كان المشتري اشترى منه هذين العبدين والعبد الأول أو العرض الذي يزيد
ألا ترى لو أن المشتري استغلى العبد المشتري فسأله الزيادة فزاده عبدا آخر وسلعة لم يكن بذلك بأس وإن كان اشتراهما جميعا بدراهم إلى أجل فلا خير في أن يصالحه البائع على دراهم نقدا إذا كان البيع بدراهم إلى أجل أو بدنانير إلى أجل لأنه بمنزلة من اشترى عبدا ودراهم نقدا بدراهم أو بدنانير إلى أجل إذا كان العبد قائما لم يفت فإن كان العبد قد فات بعتق أو تدبير أو موت لم يصلح أن يصالحه بدراهم نقدا لأنه كأنه تسلف منه دراهم نقدا يعطيه إياها إذا حل أجل ما عليه وإنما كان ينبغي أن يحط عنه مما عليه إلى أجل قدر العيب الذي دلس له به
الرجل يصالح من كل عيب بعبده بعد البيع على دراهم يدفعها إلى المشتري قلت أرأيت إن بعت عبدا لي من رجل فأتيته فصالحته من كل عيب بالعبد على دراهم دفعتها إليه أيجوز ذلك أم لا في قول مالك قال قال مالك في الرجل يبتاع الدابة فيقول له البائع أنا أشتري منك كل عيب بها بكذا وكذا
قال مالك لا ينفعه ذلك فإن وجد المشتري عيبا رده
قلت أرأيت إن قال المشتري أنا أشتري منك كل مششس بيديها ورجليها بكذا وكذا أيجوز هذا في قول مالك قال إن كان عيبا قائما معروفا فإن تبرأ منه على ذلك جاز وإلا لم يجز
في رجل صالح رجلا من دين له على رجل ولم يقل له أنا ضامن لك أيلزمه قلت أرأيت الرجل يصالح عن الرجل عليه دين فقال للطالب هلم أصالحك من حقك الذي لك على فلان بكذا وكذا ولم يقل أنا ضامن قال قال مالك بن أنس
____________________
(11/379)
________________________________________
رجل أتى إلى رجل فصالحه عن امرأته على شيء سماه فألزمه مالك الصلح وألزم الرجل الذي صالح عن امرأته ما سمي للزوج ولم يذكر فيه أنا لك ضامن فكذلك مسألتك لا تبالي قال أنا لك ضامن أولم يقل إذا صالح من قبل إنه إذا صالح فإنما قضى حين صالح عن الذي عليه الحق مما يحق عليه
في الرجل يكون عليه ألف درهم فيصالح على مائة درهم ثم يتفرقان قبل القبض قلت أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم نقدا فصالحته على مائة درهم يعطيني إياها فافترقنا قبل أن أقبضها أيجوز ذلك في قول مالك قال نعم إنما هذا حط وهو جائز
في الرجل يكون له على الرجل الدين من سلم فيصالحه على رأس ماله ويفترقان قبل القبض قلت أرأيت لو أن لي على رجل دينا من سلم فصالحته على رأس مالي فافترقنا قبل القبض قال لا يجوز ذلك
قلت لم قال لأن هذا من الدين بالدين
قلت أرأيت إن أسلمت إلي رجل في طعام فصالحته على رأس مالي فافترقنا قبل أن أقبض أيجوز هذا في قول مالك أم لا قال لا يجوز هذا في قول مالك
في الرجل يكون له على الرجل ألف درهم جيادا فيصالح فيأخذه مكانها زيوفا قلت أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم جياد أيجوز لي أن آخذ منها زيوفا أو مبهرجة قال قال مالك لا ينفق الرجل الزيوف هذه التي فيها النحاس المجهول عليها
قال مالك وإن أنفقها أيضا فلا أحب له أن يشتري بها ولا يبيع
قال بن القاسم ولا أعلم الذي كره من شرائها ومن بيعها إلا من الصيارفة ولا أدري أكره بيعها من جميع الناس أم لا والذي سألته عنه في الصيارفة
قال مالك وأرى أن يقطعها
قال بن القاسم وأرى هذا الصلح جائزا إذا كان لا يقر بها أحدا أو كان يأخذها فيقطعها
____________________
(11/380)
________________________________________
في الرجل يكون له على الرجل الدين فيجحده إياه فيأخذه منه عبدا فيريد ببيعه مرابحة قلت أرأيت لو أن لي على رجل مالا فجحدني فصالحته على عبد أخذته منه أيجوز أن أبيعه مرابحة في قول مالك قال قال مالك في عبد اشتراه سيده بدنانير فنقد في ثمن العبد عرضا لم يجز له ان يبيعه ذلك مرابحة حتى يبين له ما نقد وأنا لا أرى بالبيع في مسئلتك مرابحة بأسا إذا بين ولا يجوز له إن لم يبين وإن باع ولم يبين رد البيع إلا أن يفوت البيع فيكون له قيمته
قال مالك ولو اشتراه بدين له على رجل لم يصلح أن يبيعه مرابحة حتى يبين ذلك فمسئلتك مثل هذا
قلت أرأيت لو اشتريت ثوبين بدينار صفقة واحدة أو أسلمت فيهما صفقة واحدة ثم قبضتهما أو لم أقبضهما أيجوز لي أن أبيع أحدهما مرابحة على نصف الثمن إذا كان صفة الثوبين سواء قال أما اللذان اشتريتهما بأعيانهما فلا يجوز لك أن تبيع أحدهما مرابحة وإن كانت قيمتهما سواء وصفتهما سواء لأنه لو استحق أحدهما لم يرجع بمثله على صاحبه وإنما يرجع عليه بالذي يصيبه من الثمن وقد تختلف الأسواق والقيم وإن كانت صفتهما واحدة وأما اللذان سلفت فيهما بصفة معلومة فلا بأس أن تبيع أحدهما مرابحة إذا أخذته على الصفة التي اشتريتها عليها ولم تتجوز عنه في الصفة وذلك أنه لو استحق العرض فإنما ترجع عليه بمثله على كل حال مضمونا فلا بأس به أن تبيعه مرابحة
قلت وكل شيء اشتريته من العرض إذا اشتريت شيئين صفقة واحدة وصفتهما واحدة اشتريت برذونين قيمتهما سواء وصفتهما سواء أو شاتين أو بعيرين اشتريتهما بأعيانهما ولم أسلف فيهما فلا يجوز لي أن أبيع أحدهما مرابحة ولا على التولية ولا على حصة قيمته من الثمن إن كانت قيمتهما مختلفة إذا كانت سلعا بأعيانها قال نعم
قلت وما أسلمت فيه من ذلك فهو على ما قلت يجوز لي أن أبيع أحدهما مرابحة قبل أن أقبض وبعد أن أقبض أيجوز في الصفقة إذا كانت صفقتهما سواء قال نعم
قلت فإن أسلمت في حنطة وقبضتها أو اشتريت حنطة وقبضتها أو شيئا مما يكال أو يوزن مما يؤكل
____________________
(11/381)
________________________________________
ويشرب أو مما قالا يؤكل ولا يشرب أيجوز لي بيع نصفه مرابحة على نصف الثمن أو ربعه مرابحة على ربع الثمن في قول مالك قال نعم
في الرجل يكون له على الرجل الطعام من قرض فيبيعه منه بمائه درهم فيقبض خمسين ويتفرقان قبل أن يقبض الخمسين الأخرى قلت أرأيت لو أن لي على رجل مائة إردب من حنطة من قرض فصالحته من ذلك على مائة درهم فدفع إلي خمسين درهما وافترقنا قبل أن أقبض الخمسين الأخرى أتجوز حصة ما انتقدت في قول مالك قال لا تجوز حصة ما قبضت ولا حصة ما لم تقبض ولا يجوز من ذلك شيء ويرد الدراهم ويكون الطعام على حاله فدفعه إلا أن يكونا إنما افترقا الشيء القريب ثم أتاه فنقده مثل أن يكون ذهب إلى البيت فأتاه ببقية الثمن فدفعه إليه بذلك فلا بأس بذلك لأني سألت مالكا عن الرجل يكون له على الرجل الدين الذهب والورق فيعطيه بها طعاما بعينه في حانوته ويؤخره إلى الغد بكيله ويأتيه بدواب
قال قال مالك لا بأس به فكذلك هذا إن كان يذهب به إلى البيت فينقده أو إلى السوق وما أشبه ذلك فلا بأس به
في الرجل يكون له على الرجل إردب حنطة وعشرة دراهم فيصالحه على أحد عشر درهما قلت أرأيت لو أن لي على رجل إردبا من حنطة وعشرة دراهم فصالحته من ذلك على أحد عشر درهما أيجوز هذا أم لا في قول مالك قال لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا إذا كان الطعام قرضا فإن كان الطعام من بيع فلا يحل
في الرجل يكون له على الرجل مائة درهم ومائة دينار فيصالحه من ذلك على مائة دينار ودرهم قلت أرأيت لو أن لي على رجل مائة دينار ومائة درهم حالة فصالحته من ذلك على
____________________
(11/382)
________________________________________
مائة دينار ودرهم أيجوز هذا في قول مالك قال نعم
قلت ولم أجازه وهو لا يجيز مائة دينار ومائة درهم قال لأن الذي له المائة دينار والمائة درهم إذا قال للذي عليه الدين أعطني مائة دينار ودرهما فذلك جائز لأنه أخذ مائة دينار كانت عليه وأخذ درهما من المائة درهم التي كانت عليه ويترك التسعة وتسعين درهما فمسألتك في الدين إنما هو قضاء وهضيمة ومسألتك فيه إذا كانت متابعة الرقة كلها حاضر هو صرف وإنما هو بيع فلا يصلح أن يبيعه الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل وقد وصفت لك ذلك في قول مالك إذا اجتمع الصرف في صفقة واحدة ذهب وفضة بذهب وفضة فلا يجوز ذلك
قلت ولا يجوز في الصرف في صفقة واحدة أن يكون ذهب وفضة من عند أحدهما ومن عند الآخر ذهب وفضة أيضا الذهبان سواء والفضتان سواء قال نعم لا يجوز هذا في قول مالك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال الذهب بالذهب مثلا بمثل فهذا إذا كان ذهبا وفضة بذهب وفضة فليس هذا ذهبا بذهب لأن معه ها هنا فضة فللذهب حصة من الفضة والذهب وللفضة حصة من الذهب والفضة فلا يجوز هذا وفي الدين الدين في مسألتك إنما هو قضاء وحط فلا بأس بذلك
قلت وسواء إن كانت هذه المائة الدينار والمائة الدرهم بالمائة الدينار والمائة الدرهم مصارفة يعني مراطلة أو عددا فلا يجوز ذلك قال نعم
في الرجل يدعى قبل الرجل الدنانير فيصالحه على مائة درهم فينقده خمسين درهما ثم يفترقان قبل أن يقبض الخمسين الأخرى قلت أرأيت لو أن رجلا ادعى قبل رجل عشرة دنانير فصالحه على مائة درهم فنقده خمسين درهما ثم افترقا قبل أن ينقده الخمسين الأخرى أو صرف رجل من رجل عشرة دنانير بمائة درهم فنقده الخمسين وقبض العشرة دنانير ولم ينقده الخمسين الدرهم ثم افترقا أتفسد الصفقة كلها أم تجيز حصة النقد وتبطل حصة ما تأخر من النقد في قول مالك قال سألت مالكا عن رجل ابتاع من رجل طعاما بمائة دينار إلى أجل فنقده خمسين دينارا وأخر الخمسين إلى محل أجل الطعام يقبضه إياها
____________________
(11/383)
________________________________________
ويستوفي الطعام
قال مالك الصفقة كلها منتقضة ولا بيع بينهما والصرف أيضا إذا وجبت الصفقة فهي منتقضة ولا يشبه الذي يصارفه ثم يصيب بعضها زيوفا لأنه إذا أصاب فيها زيوفا إنما يرد من الصفقة حصة ما وجد من الزيوف وإن كان درهما واحدا انتقض صرف دينار وإن كان درهمين انتقض صرف دينار واحد حتى يتم صرف الدينار فما زاد فعلى ذلك تبنى وهذا كله قول مالك وكذلك الصلح حرام لا يحل
في الرجل يصالح غريمه من دين له عليه لا يدري كم هو قلت أرأيت لو أن لي على رجل دراهم نسينا جميعا وزنها فلا ندري كم هي كيف نصنع في قول مالك قال يصطلحان على ما أحبا من ذهب أو ورق أو عرض ويتحالان لأن مغمزه في الذهب والورق والعروض سواء لأنه في الدراهم يخاف أن يعطيه أقل من حقه أو أكثر وكذلك الذهب والعروض ولا ينبغي له أن يؤخره مما صالحه عليه من الأشياء كلها من ذهب أو ورق أو عروض وإن أخره دخله الخطر والدين بالدين
في الرجل يدعى قبل رجل حقا فيصالحه على ثوب على أن يصبغه أو على عبد على أنه بالخيار ثلاثة أيام أو أربعة قلت أرأيت لو أني ادعيت على رجل حقا فصالحني بثوب على أن يدفعه إلي وشرطت عليه صبغة قال هذا يدخله الدين بالدين لأن الصبغ الذي اشترط ليس بعاجل
قلت فتفسخ الصفقة كلها في قول مالك قال نعم وهو قول مالك في البيوع لأن مالكا قال من كان له على رجل دين فلا يفسخه إلا في شيء يقبضه ولا يؤخره
قلت أرأيت لو أن لي على رجل حقا فصالحته على عبد على أني بالخيار أو ثلاثة أيام أو أربعة قال مالك من كان له على رجل دين فأخذ منه عبدا على أنه بالخيار لم يصلح ذلك ولا يصلح أن يفسخ دينه إلا في شيء يتعجله فلا يكون فيه تأخير فهذا
____________________
(11/384)
________________________________________
يدلك على الصلح
في الرجل يكون له على الرجل ألف درهم فيقول إن أعطاني مائة إلى المحل الأجل فالتسعمائة له وإلا فالألف له لازمة قلت أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم قد حلت فقلت اشهدوا إن أعطاني مائة درهم عند رأس اشهر فالتسعمائة درهم له وإن لم يعطني فالألف كلها عليه قال قال مالك لا بأس بهذا وإن أعطاه رأس الهلال فهو كما قال وتضع عنه تسعمائة فإن لم يعطه رأس الهلال فالمال كله عليه
في الرجل يكون له على الرجل مائة دينار ومائة درهم حالة فصالحه من ذلك على مائة درهم وعشرة دراهم فعجل المائة وأخر العشرة قلت أرأيت لو أن لي على رجل مائة دينار ومائة درهم حالة فصالحته من ذلك على مائة دينار ودرهم نقدا قال لا بأس بدلك قلت أرأيت لو أن لي على رجل مائة درهم حالة فصالحته من ذلك على مائة درهم وعشرة دراهم على أن يعجل لي العشرة دراهم وأؤخر عنه المائة درهم إلى أجل أيجوز هذا في قول مالك قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وهذا لا يجوز
قلت لم لا يجوز هذا وتكون المائة دينار بالعشرة دراهم وتكون المائة درهم كأنه أخرها عنه وقد جوزت لي في المسألة الأولى قال لا تشبه هذه المسألة الأولى
قلت لم قال لأن المسألة الأولى إنما أخذ أحد حقيه واخذ من المائة درهما درهما وترك تسع وتسعين فهذا إنما صالح بما أخذ وبما أخر عن جميع ما كان له فجرى ما أخذ وما أخر في جميع ما كان له عليه فصار للعشرة الدراهم حصة من الدنانير ومن الدراهم وصار لما أخذ من المائة درهم حصة من الدراهم ومن الدنانير التي ترك له فلا يجوز هذا ويدخله
____________________
(11/385)
________________________________________
بيع وسلف
قلت ولم لا يكون هذا قد جرى في المسألة الأولى كما جرى في هذه المسألة قال لم يجر في مسألتك تلك وجرى في هذه
____________________
(11/386)
________________________________________
كتاب تضمين الصناع بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصبه وسلم
القضاء في تضمين الحائك قلت بن القاسم أرأيت إن دفعت إلى حائك غزلا ينسجه لي سبعا في ثمان فنسجه لي ستا في سبع فأردت أن آخذه أيكون لي ذلك في قول مالك قال نعم
قلت ويكون للحائك أجره كله قال نعم يكون للحائك أجره كله
قال سحنون وقال لي غيره يكون له من الأجر بحساب ما عمل
قلت فإن أردت أن لا آخذه منه وأضمن الحائك قال ذلك لك
قلت أفأضمنه قيمة الغزل أو غزلا مثله قال عليه قيمة الغزل
قلت أتحفظه عن مالك قال لا أحفظه عن مالك الساعة
قلت أرأيت إن استهلكت لرجل غزلا أيكون على قيمته أو مثله في قول مالك قال قال مالك من استهلك لرجل ثوبا فعليه قيمته فأرى في الغزل عليه قيمته ولا يكون عليه مثله
قال سحنون الغزل أصله الوزن ومن تعدى على وزنه فعليه مثله
ما جاء في تضمين الصناع قلت أرأيت إن دفعت إلى قصار ثوبا ليغسله لي فغسله أو دفعت إلى خياط ثوبا ليخيطه لي ففعل ثم ضاع بعد ما فرغ من العمل فأردت أن أضمنه في قول مالك كيف أضمنه أقيمته يوم قبضه مني أم أدفع إليه أجره وأضمنه قيمته بعد ما فرغ منه
____________________
(11/387)
________________________________________
قال سألت مالكا أو سمعت مالكا يسأل عن الرجل يدفع إلى القصار الثوب فخرج من عمله وقد أحرقه أو أفسده ماذا عليه قال قيمته يوم دفعه إليه ولا ينظر إلى ما ابتاعه صاحبه غاليا كان أو رخيصا
قلت أرأيت إن قلت أنا أضمنه قيمته مقصورا وأودي إليه الكراء قال ليس لك أن تضمنه إلا قيمته يوم دفعته إليه أبيض قال وسألنا مالكا عن الخياطين إذا أفسدوا ما دفع إليهم قال عليهم قيمة الثياب يوم قبضوها
قلت أرأيت إن فرغ الخياط أو الصانع من عمل ما في يديه ثم دعا صاحب المتاع فقال خذ متاعك فلم يأت صاحب المتاع حتى ضاع المتاع عند الصانع قال هو ضامن على حاله
قلت أرأيت إن دفعت إلى قصار ثوبا ليقصره فقصره فضاع بعد القصارة فأردت أن أضمنه قيمة ثوبي كيف أضمنه في قول مالك قال قال مالك تضمنه قيمته يوم دفعته إليه
قلت ولا يكون له أن أضمنه قيمته مقصورا وأغرم له كراء قصارته في قول مالك قال لا
قلت أرأيت إن استأجرت خياطا يقطع لي قميصا ويخيطه فأفسده قال قال مالك إذا كان الفساد يسيرا فعليه قيمة ما أفسد وإن كان الفساد كثيرا ضمن قيمة الثياب وكانت الثياب للخياط
قال بن وهب وقال لي مالك إنما ضمن الصناع ما دفع إليهم مما يستعملون على وجه الحاجة إلى أعمالهم وليس ذلك على وجه الاختيار لهم والأمانة ولو كان ذلك إلى أمانتهم لهلكت أموال الناس وضاعت قبلهم واجترؤا على أخذها وإن تركوها لم يجدوا مستعتبا ولم يجدوا غيرهم ولا أحدا يعمل تلك الأعمال غيرهم فضمنوا ذلك لمصلحة الناس ومما يشبه ذلك من منفعة العامة ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبع حاضر لباد ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها إلى الأسواق
فلما رأى أن ذلك يصلح العامة أمر فيه بذلك
بن وهب عن طلحة بن أبي سعيد أن بكير بن الأشج حدثه أن عمر بن الخطاب كان يضمن الصناع الذين في الأسواق وانتصبوا للناس ما دفع إليهم
قال وأخبرني عن رجال من أهل العلم عن عطاء بن يسار ويحيى بن سعيد وربيعة وبن شهاب وشريح مثله وقال يحيى
____________________
(11/388)
________________________________________
ما زال الخلفاء يضمنون الصناع
بن وهب وأخبرني الحارث بن نبهان عن محمد بن عبد الله عن علي بن الأقمر أن شريحا ضمن صانعا احترق بيته ثوبا دفع إليه قال الحرث بن نبهان وأخبرني عطاء بن السائب قال كان شريح يضمن القصار والخياط
في تضمين الصناع ما أفسد أجراؤهم قلت أرأيت القصار إذا أفسد أجيره شيئا أيكون على الأجير شيء أم لا قال لا شيء على الأجير فيما أوتي على يديه إلا أن يكون ضيع أو فرط أو تعدى
قلت ويكون ضمان ذلك الفساد على القصار لرب الثوب قال نعم
قلت وهذا قول مالك قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وهو رأيي
في تضمين الخباز إذا احترق الخبز قلت أرأيت الخباز الذي يخبز بالأجر للناس في الفرن أو التنور فاحترق الخبز أيضمن أم لا قال سألنا مالكا عن الخبازين في الأفران أيضمنون أم لا قال قال مالك لا ضمان عليهم إلا أن يكونوا غروا من أنفسهم إذا لم يحسنوا الخبز فاحترق فيضمنوا أو فرط فلم يخرج الخبز حتى احترق فهذا يضمن وأما إذا لم يغر ولم يخر من نفسه فلا ضمان عليه
قال مالك لأن النار تغلب وليست النار كغيرها
الصباغ يخطئ فيصبغ الثوب غير ما أمر به قلت أرأيت الرجل يدفع إلى الصباغ الثوب فيخطئ به فيصبغه غير الصبغ الذي أمر به قال صاحب الثوب مخير فإن أحب أعطاه قيمة الصبغ وإن أحب ضمنه قيمته يوم دفعه إليه
القصار يخطئ بثوب رجل فيدفعه إلى آخر فيقطعه المدفوع إليه ويخيطه ولا يعلم صاحبه أن يأخذه قلت أرأيت إن دفعت إلى قصار ثوبا ليقصره فأخطأ فدفعه إلى غيري بعد ما قصره
____________________
(11/389)
________________________________________
فقطعه الذي أخذه قميصا فخاطه ثم علمنا بذلك وقد كان دفع إلي ثوبا غيره فأردت أن أرد إليه الثوب وآخذ ثوبي قال ذلك لك
قلت فإن كان قد خاطه الذي قطعه قميصا قال نعم وإن كان قد خاطه
قلت فإن أراد أن لا يأخذ ثوبه وأن يضمنه القصار قال ذلك له عند مالك
قلت فإن أراد أن يضمن الذي قطعه قميصا أيكون ذلك له قال لا ولا يأخذه أيضا من الذي قطعه إن أراد أخذه حتى يدفع إلى الذي قطعه أجر خياطته
قال وقال مالك في رجل اشترى ثوبا فأخطأ فأعطاه ثوبا غيره فقطعه وخاطه قال إن أحب أن يأخذ ثوبه لم يكن له ذلك حتى يدفع إلى هذا خياطته
قلت لم لا تجعل على القصار ها هنا شيئا إذا رضي رب الثوب أن يأخذ ثوبه ويدفع الخياطة قال لأن رب الثوب إذا أخذ ثوبه لم يكن له على القصار شيء
قلت ولم جعلت للذي قطعه ثمن خياطته وقد قلت في الذي يغصب الثوب من الرجل فيقطعه فيخيطه قميصا إن المغصوب إن أحب أخذ قميصه ولا يكون للغاصب من الخياطة قليل ولا كثير
قال لأن الغاصب متعد ولأن هذا إنما دفع إليه الثوب ولم يتعد
قلت أرأيت إن كان القطع والخياطة قد نقصا الثوب فقال رب الثوب أنا آخذ الثوب وما نقصه القطع والخياطة أيكون ذلك له أم لا قال لا يكون ذلك له وليس له أن يأخذه إذا كان مخيطا إلا أن يدفع أجر الخياطة إلى الذي قطع الثوب وخاطه
الرجل يشتري الثوب فيخطئ البائع فيعطيه غير ثوبه فيقطعه ويخيطه وهو لا يعلم قلت أرأيت إن اشتريت من رجل ثوبا فأخطأ فأعطاني غير الثوب فقطعته قميصا ولم أخطه فأراد رب الثوب أن يأخذه مقطوعا قال ذلك له وليس القطع بزيادة من الذي قطعه ولا نقصان
قلت فإن خاطه قال إذا خاطه لم يكن لرب الثوب أن يأخذه إلا أن يدفع قيمة الخياطة لأن هذا الذي قطعه لم يأخذه متعديا ____________________
(11/390)
________________________________________
الخياط والصراف يغران من أنفسهما قلت أرأيت إن جئت بزازا لأشتري منه ثوبا فدعوت خياطا فقلت له أنظر هذا الثوب إن كان يقطع قميصا إشتريته فقال لي الخياط هو يقطع قميصا فاشتريته فإذا هو لا يقطع قميصا أيكون لي على الخياط شيء أم لا قال قال مالك لا شيء على الخياط ولا شيء للمشتري على البائع ويلزم الثوب المشتري ولا يرجع على البائع ولا على الخياط بقليل ولا كثير
قال بن القاسم وكذلك الصيرفي يأتيه الرجل فيريه الدراهم فيقول له هي جياد ولا بصر له بها فتوجد على غير ذلك فلا ضمان عليه ويعاقب إذا غر من نفسه وكذلك الخياط أيضا إن كان غر من نفسه عوقب
ترك تضمين الصناع ما يتلف في أيديهم إذا أقاموا عليه البينة قلت أرأيت الصناع في السوق الخياطين والقصارين والصواغين إذا ضاع ما أخذوا للناس يعملونه بالأجر وأقاموا البينة على ضياعه أيكون عليهم ضمان أم لا قال قال مالك إذا قامت لهم البينة بذلك فلا ضمان عليهم وهو بمنزلة الرهن
قلت أرأيت القصار إذا قرض الفأر الثوب عنده أيضمن أم لا قال قال مالك يضمن القصار إلا أن يأتي أمر من أمر الله تقوم له عليه بينة فالقصار لا يضمن إذا جاء أمر من أمر الله تقوم له عليه بينة والفأر من يعلم أنه قرضه فهو على القصار إلا أن تقوم للقصار بينة أن الفأر قرضه بمعرفة تعرف أنه قرض الفأر من غير أن يكون ضيع الثياب حتى قرضها الفأر
قال فإن قامت له بينة بحال ما وصفت لك فلا يكون عليه ضمان
قلت أرأيت إن جفف القصار ثوبا على حبل له على الطريق مثل هذه الحبال التي يربطونها على الطريق فمر رجل بحمل له فخرق الثوب أيضمن الثوب أم لا قال يضمن ما خرق
قلت فإن لم يوجد عند الذي خرق الثوب شيء أيضمن القصار أم لا قال لا ضمان على القصار لأن هذا قد علم أنه من غير فعل القصار
قلت ولم ضمنت الذي خرقه وإنما مر بحمله من طريق المسلمين والقصار هو الذي نشر ثوبه في طريق
____________________
(11/391)
________________________________________
المسلمين قال هو وإن كان نشره في طريق المسلمين لم يكن لهذا المار أن يخرقه فلما خرقه ولم يكن له أن يخرقه ضمنته
قال وهو رأيي مثل ما وصفت لك من الأحمال إذا اصطدمت في طريق المسلمين فالقصار له أن ينشر الثياب
قلت وكذلك لو وضع رجل في طريق المسلمين قلالا فمر الناس فعثروا فيها فانكسرت أيضمنونها قال نعم وكذلك لو أن رجلا أوقف دابته عليها حمل في طريق المسلمين فأتى رجل فصدمها فكسر ما عليها أو قتلها كان عليه ضمان ذلك
قلت أرأيت الصناع ما أصاب المتاع عندهم من أمر الله مثل التلف والحريق والسرقة وما أشبهه فأقاموا على ذلك البينة قال مالك لا ضمان عليهم إذا قامت لهم على ذلك بينة ولم يفرطوا
قلت أرأيت إن استأجرت خياطا يخيط لي قميصا فلم أدفعه إليه في حانوته وأمرته أن يخيطه عندي في بيتي فضاع قال قال مالك لا ضمان على الخياط إذا لم يسلم الثوب إلى الخياط
قال مالك وكذلك الصناع كلهم إذا استعملتهم في بيتك فضاع فلا ضمان عليهم إلا أن يكونوا تعدوا
قلت وكذلك لو اكتريت على حنطة لي فكنت مع الحنطة فضاعت قال قال مالك لا ضمان على الحمال لأن رب الطعام لم يسلمه إلى الحمال إذا كان معه
القضاء في دعوى الصناع قلت أرأيت إن دفعت إلى صباغ ثوبا ليصبغه فقلت إنما أمرتك أن تصبغه أخضر فقال الصباغ إنما أمرتني بأسود أو بأحمر وقد صبغته كذلك
قال قال مالك القول قول الصباغ إلا أن يأتي من ذلك بأمر لا يشبه
قلت وأي شيء معنى قوله لا يشبه قال يصبغ الثوب بما لا يشبه أن يكون صبغ ذلك الثوب
قلت أرأيت إن دفعت إلى صائغ فضة لي ليصوغها فصاغها لي سوارين فقلت إنما أمرتك بخلخالين قال قال مالك القول قول الصائغ
قلت أرأيت الصباغين والخياطين والحدادين والعمال كلهم في الأسواق إذا أخذوا السلع يعملونها للناس بالأجر أو بغير الأجر إذا قالوا لأرباب السلع قد رددناها عليكم أيصدقون في ذلك أم لا وكيف إن كان أرباب السلع
____________________
(11/392)
________________________________________
دفعوا ذلك ببينة أو بغير بينة قال قال مالك عليهم أن يقيموا البينة أنهم ردوا السلع إلى أربابها وإلا غرموا ما دفع إليهم ببينة أو بغير بينة إذا أقروا بها وعملوا بالأجر أو بغير الأجر فهو واحد عندنا لأن مالكا قال من استعمل من العمال كلهم من الخياطين والصواغين وغيرهم على شيء فعملوه بغير أجر فزعموا أنه قد هلك غرمه وضمنه ولم ينفعه أنه عمله بغير أجر ولا يبرئه ذلك وكان بمنزلة من استؤجر عليه
قلت وسواء إن كانوا قبضوا ذلك ببينة أو بغير بينة قال نعم
قال وما سألنا مالكا عنه بغير بينة
في دعوى المتبايعين قلت أرأيت لو أن رجلا اشترى سلعة فاختلف البائع والمبتاع في الثمن والسلعة قائمة بعينها قد قبضها المشتري وغاب عليها أو لم يقبضها قال قال مالك إن كان لم يقبضها حلف البائع ما باع إلا بكذا وكذا ثم كان المشتري بالخيار إن شاء أن يأخذها بما قال البائع أخذها وإلا حلف ثم ترادا البيع وإن كان قد قبضها وغاب عليها رأيت إن كانت السلعة لم تبع ولم تعتق ولم تفت ولم توهب ولم يتصدق بها ولم يدخلها نماء ولا نقصان ولا اختلاف من الأسواق تحالفا وكانت بمنزلة من لم يقبضها وإن دخلها شيء مما وصفت لك نماء أو نقصان أو اختلاف من الأسواق أو كتابة أو بيع أو شيء مما وصفت لك كان القول قول المبتاع وعليه اليمين إلا أن يأتي بما لا يشبه من الثمن
قال ورددتها على مالك مرة بعد مرة فقال هذا القول وثبت عليه ولم يختلف فيه قوله
قلت أرأيت إن مات البائع أو المبتاع أيكون ورثتهما مكانهما إذا كانت السلعة قائمة بعينها
قال إن كانت السلعة لم تفت بحال ما وصفت لك من وجه الفوت واختلفا في الثمن وادعى كل واحد منهما أن الثمن كذا وكذا تحالفا وترادا السلعة وإن فاتت بما وصفت لك فالقول قول ورثة المبتاع إذا ادعوا معرفة ما اشتراها به صاحبهم وإن تجاهل ورثة البائع وورثة المشتري وتصادقا في البيع وقالوا لا نعرف بما باعها البائع ولا بما اشتراها المشتري وقال ذلك ورثة البائع أحلف ورثة المبتاع أنهم لا يعلمون بما اشتراها به أبوهم ثم ردت فإن فاتت بما ذكرت لك من وجه الفوت لزمت ورثة المشتري
____________________
(11/393)
________________________________________
من مال المشتري بقيمتها
قال فإن جهل ورثة البائع الثمن وادعى ورثة المشتري معرفة الثمن أو جهل ورثة المشتري الثمن وادعى ورثة البائع معرفة الثمن أحلف من ادعى المعرفة منهما إذا جاء بأمر سداد يشبه أن يكون ثمن السلعة فيكون القول قوله مع يمينه وهو رأيي
قلت أرأيت إن اشتريت ثوبا فقطعته قميصا فلم يخط الخياط حتى اختلفت أنا والبائع في الثمن القول قول من في قول مالك قال قال مالك إذا كانت تلك السلعة على حالها لم تفت بنماء ولا نقصان فالقول قول البائع فإن فاتت بنماء أو نقصان فالقول قول المبتاع والقطع نقصان بين والقول إذا قطعه عند مالك قول المشتري ولم يقل لي مالك ذلك في ثوب ولا حمار ولكنه جمعه لي فقال إذا كانت سلعة دخلها نماء أو نقصان فاختلفا كان القول قول المشتري
قلت أرأيت إن اشتريت سلعة من رجل إلى أجل فاختلفنا في الأجل وتصادقنا في الثمن فقال البائع بعتك إلى شهر وقال المشتري اشتريت منك إلى شهرين
قال إن كانت السلعة قائمة لم تفت تحالفا وترادا وإن كانت قد فاتت فالقول قول المبتاع مع يمينه وهذا قول مالك
قلت وكذلك إن قال البائع بعتك هذه السلعة حالة وقال المشتري بل اشتريتها منك إلى شهرين قال إن كانت السلعة بيد صاحبها ولم تفت من يد المشتري بشيء مما وصفت لك تحالفا وردت وإن كان قد دفعها البائع إلى المشتري وفاتت في يديه فالمشتري مدع لأن البائع لم يقر له بالأجل وإنما اختلفت هذه والتي قبلها لأن البائع قد أقر بالأجل في التي قبلها وهذه لم يقر فيها بالأجل فالمشتري مدع والبائع كان أولا مدعيا لأجل قد حل
قال وبلغني عن مالك أنه قال اختلاف الآجال إذا فاتت السلع كاختلافهم في الثمن
رواه بن وهب وغيره عن مالك أنهما إذا اختلفا في الأجل فقال هو إلى أجل شهر وقال المشتري إلى أجل شهرين أو قال البائع حال وقال المشتري إلى أجل أن ذلك سواء إن لم يقبضها المبتاع فالقول قول البائع ويحلف والمبتاع بالخيار وإن كان قد قبضها المبتاع فالقول قول المبتاع مع يمينه إذا ادعى ما يشبه وهذا قول الرواة
قلت أرأيت إن تصادق المشتري والبائع أنه إنما اشترى السلعة إلى سنة فقال البائع قد مضت السنة
____________________
(11/394)
________________________________________
وقال المشتري لم تمض السنة بعد وقد بقي منها شهران أو أربعة أشهر أو بقي نصف السنة
قال القول قول المبتاع مع يمينه وذلك أني سألت مالكا عن الرجل يؤاجر نفسه من الرجل سنة فيقول الأجير بعد أن يعمل ما شاء الله قد أوفيتك السنة ويقول المستأجر قد بقي لي نصف السنة
قال إن لم تقم للأجير بينة أنه قد أتم السنة عمل بقية السنة وكان على المستأجر اليمين أنه ما أوفاه السنة
قلت لمالك فالرجل يستأجر الدار سنة فيسكنها أشهر فيقول المتكاري لم أسكنها سنة ويقول المكري قد سكنت سنة قال فالقول قول المتكاري مع يمينه إلا أن يكون للمكري بينة أنه قد سكن سنة فمسئلتك إذا أقر البائع بالأجل وادعى البائع أنه قد حل فهو مدع على المشتري فالقول قول المشتري وعليه اليمين
قلت أرأيت لو أن القاضي دفع مالا إلى رجل وأمره أن يدفعه إلى فلان فقال المبعوث معه المال قد دفعت المال إلى الذي أمرني به القاضي وأنكر الذي أمر القاضي أن يدفع إليه أن يكون قد قبض المال قال أرى أنه ضامن إلا أن يقوم بينة
قال سحنون وقد قال الله تبارك وتعالى في والي اليتيم ! 2 < فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم > 2 ! فإذا ترك المأمور أن يتوثق فقد لزمه الضمان كما لزم والي اليتيم
في الرجل يريد أن يفتح في جداره كوة أو بابا قلت أرأيت الرجل يريد أن يفتح في جداره كوة أو بابا يشرف منهما على جاره فيضر ذلك بجاره والذي فتح إنما فتح في حائط نفسه أيمنع من ذلك في قول مالك قال بلغني عن مالك أنه قال ليس له فيه أن يحدث على جاره ما يضره وإن كان الذي يحدث في ملكه
قلت أرأيت إن كانت له على جاره كوة قديمة أو باب قديم ليس فيه منفعة وفيه مضرة على جاره أيجبره أن يغلق ذلك عن جاره قال لا يجبره على ذلك لأنه أمر لم يحدثه عليه
قلت فإن كان ليس له فيه منفعة وفي ذلك على جاره مضرة وذلك شيء قديم قال فلا أعرض له ولم أسمعه من مالك ولكنه رأيي ____________________
(11/395)
________________________________________
النفقة على اليتيم والملقوط قلت أرأيت إن كفل رجل يتيما فجعل ينفق عليه ولليتيم مال أله أن يرجع فيما أنفق على اليتيم في مال اليتيم قال نعم
قلت أشهد أو لم يشهد قال نعم إذا قال إنما كنت أنفق على اليتيم على أن أرجع عليه به في ماله
قلت وهذا قول مالك قال نعم
قلت أرأيت إن التقط رجل لقيطا فرفعه إلى السلطان فأمره السلطان أن ينفق عليه قال مالك اللقيط إنما ينفق عليه على وجه الحسبة وإنما ينفق عليه من احتسب عليه
قلت فإن لم يجد السلطان من يحتسب عليه قال أرى نفقته من بيت مال المسلمين لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال نفقته علينا واللقيط لا يتبع بشيء مما أنفق عليه
قال مالك وكذلك اليتامى الذين لا مال لهم وإن قال الذين يلون اليتامى في حجورهم نحن نسلفهم حتى يبلغوا فإن أفادوا مالا أخذناه منهم وإلا فهم في حل
قال مالك قولهم ذلك باطل لا يتبع اليتامى بشيء من ذلك إلا أن تكون لهم أموال عروض فيسلفونهم على تلك العروض حتى يبيعوا تلك العروض فذلك لهم وإن قصر ذلك المال عما أسلفوا اليتامى فليس لهم أن يتبعوهم بشيء واللقيط بهذه المنزلة أيضا
قلت أرأيت إن التقطت لقيطا فأنفقت عليه فأتى رجل فأقام البينة أنه ابنه أيكون لي أن أتبعه بما أنفقت عليه قال نعم إذا كان الأب موسرا يوم أنفق هذا الرجل على اللقيط لأن نفقته كانت لازمة لأبيه إن كان أبوه الذي طرحه متعمدا وإن لم يكن هو طرحه فلا شيء عليه
قلت أرأيت لو كان ضالا فوقع عليه رجل فأنفق عليه قال سئل مالك عن رجل ضل منه ابنه وهو صغير ممن تلزمه نفقته فأخذه رجل فأنفق عليه ثم إن أباه قدر عليه فأراد الذي كان عنده أن يتبعه بما أنفق عليه
قال مالك لا أرى ذلك ولا يتبع بشيء مما أنفق عليه فاللقيط عندي بمنزلته لأن المنفق إنما أنفق عليه على وجه الحسبة فلذلك لم أر له شيئا
قلت وكذلك لو أن رجلا غاب عن أولاد له صغار فأنفق عليهم رجل من غير أن يأمره والدهم بالنفقة عليهم والوالد يوم أنفق هذا الرجل على ولده
____________________
(11/396)
________________________________________
كان موسرا فقدم الوالد أيكون لهذا الرجل أن يتبعه بما أنفق على ولده قال نعم لأن مالكا قال في الرجل يغيب عن امرأته فتنفق ثم يقدم وجها فتريد أن تتبعه بما أنفقت قال مالك إن كان موسرا يوم أنفقت في غيبته كان لها أن تتبعه وإلا لم يكن لها أن تتبعه
قال ولأن مالكا قال تلزمه نفقة ولده إن كان موسرا وإلا فهم من فقراء المسلمين ولا يكلف بشيء لا يقدر عليه من نفقتهم وعلى هذا رأيت ذلك في الولد
وقال مالك في الصبي إذا أنفق عليه رجل فأراد أن يتبع الصبي يكن له ذلك إلا أن يكون للصبي مال يوم أنفق عليه فيكون له أن يتبع مال الصبي بما أنفق على الصبي
قلت ومن هؤلاء الصبيان الذين جعل مالك عليهم النفقة على وجه الحسبة إذا لم يكن لهم مال قال اليتامى
قلت أرأيت إن أنفق على صبي وله والد بغير أمره أيلزم الوالد ما أنفق عليه أم لا قال لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك
قال بن القاسم إلا أني أرى إن كان أمرا يلزمه السلطان إياه فإني أرى أن ذلك يلزمه مثل الرجل يغيب وهو موسر فيضيع ولده فيأمر السلطان رجلا بالنفقة على ولده أو ينفق هو عليهم بغير أمر السلطان على وجه السلف له وكان الولد صغارا ممن يلزم الوالد النفقة عليهم فأرى ذلك عليه إذا كان ذلك منه على وجه السلف وحلف على ذلك وكانت له البينة في نفقته عليهم وإن كان الأب معسرا لم يلزمه من ذلك شيء وإن أيسر فمات بعد ذلك لم يتبع بما أنفق على ولده إذا كان الأب يوم أنفق عليهم معسرا
قال لأن مالكا قال إذا كان الوالد معسرا لم تلزمه نفقة ولده وإن كان الوالد موسرا لزمته نفقة ولده فأرى هذا الذي أنفق على هذا الصبي الذي له والد أنه إن كان الوالد موسرا لزم الوالد ما أنفق هذا على ولده إذا كان إنما أنفق عليهم على نحو ما وصفت لك وإن لم يكن الوالد موسرا فلا أرى أن يلزمه ذلك لأن الوالد في هذا الموضع إذا كان موسرا إنما هو بمنزلة مال الصبي فالذي يلزم الصبي يلزم الوالد إذا كان موسرا
القضاء في الملقوط قلت أرأيت لو أني التقطت لقيطا فكابرني عليه رجل فنزعه مني فرفعته إلى
____________________
(11/397)
________________________________________
القاضي أيرده علي قال ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن ينظر في ذلك الإمام فإن كان الذي التقطه قويا على مؤنته وكفالته رده إليه وإن كان الذي نزعه منه مأمونا وهو أقوى على الصبي نظر السلطان للصبي بقدر ما يرى
قلت أرأيت إن التقطت لقيطا في مدينة من مدائن المسلمين أو في قرية من قرى أهل الشرك في أرض أو كنيسة أو في بيعة أو التقطته وعليه زي الإسلام أو عليه زي النصارى أو اليهود أي شيء تجعله أمسلما أو نصرانيا أو يهوديا في قول مالك وكيف إن كان قد التقطه الذي التقطه في بعض هذه المواضع التي ذكرت لك مسلما أو مشركا ما حاله في قول مالك قال ما سمعت من مالك فيه شيئا وأنا أرى إن كان في قرى الإسلام ومدائنهم وحيث هم فأراه مسلما وإن كان في مدائن أهل الشرك وأهل الذمة ومواضعهم فأراه مشركا ولا يعرض له وإن كان وجده في قرية فيها مسلمون ونصارى نظر فإن كان إنما مع النصارى الاثنان والثلاثة من المسلمين وما أشبه ذلك من المسلمين فهو للنصارى ولا يعرض له إلا أن يلتقطه مسلم فيجعله على دينه
في الرجل يهب للرجل لحم شاته ولآخر جلدها فيغفل عنها حتى تنتج قلت أرأيت إن وهب رجل لرجل لحم شاته ولآخر جلدها فغفل عنها حتى نتجت قال أرى أن لا يكون له إلا قيمة جلد الأم أو شرواه إن أدركها قائمة وإن فاتت لم يكن له في الولد قليل ولا كثير
في الرجل يهب لحم شاته لرجل ولآخر جلدها فيريد صاحب لحمها أن يستحييها ويقول أدفع إليك قيمة الجلد ويأبى الآخر إلا الذبح قلت أرأيت لو أن رجلا وهب لرجل لحم شاته ووهب لآخر جلدها والشاة حية فدفعها إليهما فقال صاحب الجلد اذبح الشاة وآخذ جلدها وقال صاحب اللحم لا أذبحها ولكني أستحييها وأدفع إليك قيمة الجلد أو جلدا مثله
قال سمعت
____________________
(11/398)
________________________________________
مالكا وسئل عن رجل باع بعيرا واستثنى جلده ثم استحياه الذي اشتراه قال مالك يكون لصاحبه الذي باعه شروى جلده
قال قلت لمالك أو قيمته قال أو قيمته كل ذلك حسن
قلت أرأيت هذا الذي اشترى البعير إن امتنع من نحره وللبائع فيه ثنيا الجلد أيكون ذلك له أو إنما هو إذا غفل عن البعير وكان مريضا فبرىء من مرضه قال لم نوقف مالكا إلا على ما أخبرتك جملة ولم يقل غفل أو لم يغفل فمسألتك التي سألت عنها مثل هذا
قلت فإن كانت ناقة فغفل عنها حتى نتجت قال أرى له قيمة جلدها ولا شيء له من قيمة جلود أولادها ولا شروى جلودهم ولا حق له فيهم
الرجل يخلط له دينار في مائة دينار لرجل قلت أرأيت إن اختلط دينار لي في مائة دينار لك فضاع منها دينار قال سمعت إن مالكا قال يكون شريكا له إن ضاع منها شيء فهما شريكان فهذا بجزء من مائة جزء وجزء وصاحب المائة بمائة جزء وجزء وكذلك بلغني عن مالك وأنا أرى لصاحب المائة تسعة وتسعين دينارا ويقتسم صاحب المائة وصاحب الدينار الدينار الباقي نصفين لأنه لا يشك أحد أن تسعة وتسعين منها لصاحب المائة فكيف يدخل صاحب الدينار فيما يستيقن أنه لا شيء له فيه وكذلك بلغني عن عبد العزيز بن أبي سلمة
في البازي ينفلت والنحل تخرج من جبح إلى جبح هذا قلت أرأيت لو أن بازيا لرجل انفلت منه فلم يقدر على أخذه بحضرة ذلك حتى فات بنفسه ولحق بالوحوش أكان مالك يقول هو لمن أخذه قال نعم
قلت فهل تحفظ عن مالك في النحل شيئا إن هي هربت من رجل فغابت من فورها ذلك ولحقت بالجبال أتكون لمن أخذها قال لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إن
____________________
(11/399)
________________________________________
كان أصل النحل عند أهل المعرفة وحشية فهي بمنزلة ما وصفت لك من الوحش في رأيي قال وقال مالك في النحل يخرج من جبح هذا إلى جبح هذا ومن جبح هذا إلى جبح هذا
قال إن علم ذلك واستطاعوا أن يردوها إلى صاحبها ردوها وإلا فهي لمن ثبتت في إجباحه
قال مالك وكذلك حمام الأبرجة
في الحكم بين أهل الذمة وتظالمهم في البيع والشراء قلت أرأيت أهل الذمة إذا اشتروا وباعوا فيما بينهم أيحكم عليهم بحكم المسلمين فيما باعوا واشتروا ويلزمهم ذلك في قول مالك قال نعم لأن البيع والشراء إذا امتنع أحدهم من أن ينفذ ذلك فهذا من الظلم فيما بينهم والحكم أن يحكم فيما بينهم بهذا إلا ما كان من الربا وما أشبهه فإنه لا يحكم به فيما بينهم
قلت أرأيت المسلم فيما النصارى واليهود أيحملوا من ذلك على ما يحمل عليه أهل الإسلام من الجائز والفاسد في قول مالك قال قال مالك لا أرى للحاكم أن يحكم بينهم فيه ولا يعرض لهم فإن ترافعوا إليه كان مخيرا إن شاء حكم وإن حرك ترك
قال مالك وترك ذلك أحب إلي وإن حكم فليحكم بينهم بحكم الإسلام وذلك أن النبي عليه السلام إنما حكم في الذين حكم فيهم بالرجم لأنهم لم يكن لهم ذمة يوم حكم بينهم
قال مالك فكذلك رأيت ذلك لأنهم أهل ذمة
في الرجل يقع له زيت في زق زنبق لرجل قلت أرأيت لو أن رطلا لي من زيت وقع في زق زنبق لرجل قال يكون لك عليه رطل من زيت فإن أبى أخذت رطلك من الزيت الذي وقع في الزنبق من الزنبق
قلت أتحفظه عن مالك قال لا
اعتراف الدابة والعرض والعبد في يد الرجل قلت أرأيت ما ذكرت لي من قول مالك في الذي يشتري الدابة فتعترف في
____________________
(11/400)
________________________________________
يديه فأراد أن يطلب قال تخرج قيمتها فتوضع قيمتها على يدي عدل ثم يدفع إليه الدابة فيطلب حقه قلت أرأيت إن رد الدابة وقد حالت أسواقها أو تغيرت بزيادة أو نقصان بين أيكون له أن يردها ويأخذ القيمة التي وضعاها على يدي عدل قال قال مالك إن أصابها نقصان فهو لها ضامن يريد بذلك مثل العول أو الكسر أو العجف
قال وأما حوالة الأسواق فله أن يردها عند مالك
قلت أرأيت هذا في الإماء والعبيد مثله في الدابة قال قال مالك نعم إلا أني سمعت مالكا يقول في الأمة إن كان الرجل أمينا دفعت إليه الجارية وإلا فعليه أن يستأجر لها رجلا أمينا يخرج بها
قال قال مالك ويطبع في أعناقهم
قال فقلنا لمالك ولم قلت يطبع في أعناقهم قال لم يزل ذلك من أمر الناس
قلت أرأيت إن كانت ثيابا أو عروضا أيمكنه منها ويأخذ القيمة قال نعم في رأيي ____________________
(11/401)
________________________________________
كتاب الجعل والإجارة في البيع والإجارة معا قال سحنون قال عبد الرحمن بن القاسم قال مالك بن أنس فيمن باع سلعة بثمن على
____________________
(11/402)
________________________________________
أن يتجر له في ثمنها سنة قال مالك إن كان اشترط إن تلف المال أخلفه له البائع حتى يتم عمله بها سنة وإلا فلا خير فيه وفسخ وهذا يشبه الذي يستأجر الرجل ليرعى له غنمه هذه بأعيانها سنة فهو إن لم يشترط ما مات منها فعلى رب الغنم فلا خير في هذه الإجارة فكذلك الدنانير التي باع بها سلعته واشترط على المشتري أن يعمل بها سنة فكذلك هو لا يصلح إلا أن يشترط إن ضاعت الدنانير فعلى البائع أن يخلفها حتى يتم السنة
قلت أرأيت إن اشترط إن ضاعت الدنانير فعلى البائع أن يخلفها فضاعت الدنانير فقال البائع لا أريد أن أخلفها ولا أريد عملك
قال يقال له اذهب بسلام
قلت وكذلك راعي الغنم بأعيانها إذا استأجره سنة يرعاها بأعانها وشرط عليه أن ما ضاع منها أخلفه فهلك شيء منها فقال رب الغنم لا أريد أن أخلفه قال يقال له أوف الإجارة وأنت أعلم إن شئت فاخلفها وإن شئت لا تخلفها فلا يصلح له في أصل الإجارة إلا أن يشترط عليه أن ما مات أخلفه وهذا قول مالك
قلت ولم أجاز مالك هذا البيع مالك أن يبيعه سلعة بمائة دينار ويشترط أن يعمل بها سنة فإن تلفت أخلفها البائع فيعمل بها قال لأن مالكا يجيز البيع والإجارة أن يجتمعا في صفقة واحدة فإنما هذا بيع وإجارة باعه السلعة بمائة دينار ويعمل الرجل فيها سنة ألا ترى أنك لو استأجرت رجلا يعمل لك بهذه المائة الدينار سنة أن ذلك جائز إذا اشترط عليه إن ضاعت اخلفها فيعمل بها فإن ضاعت فإن شئت فاخلفها وإن شئت فلا تخلفها والإجارة قد لزمتك له تامة ولا تصلح الإجارة إلا أن يكون في أصل الإجارة شرط أن ضاعت
____________________
(11/403)
________________________________________
الدنانير أخلفتها فيعمل بها المستأجر
قال وقال مالك في الثوب يكون للرجل فيبيع نصفه من رجل على أن يبيع له النصف الباقي أن ذلك جائز إذا ضرب لذلك أجلا
قلت فإن قال أبيعك نصف هذا الثوب وهو بالفسطاط على أن تبيع لي النصف الباقي ببلد من البلدان قال قال مالك لا يعجبني ذلك
قلت وكذلك لو قال أبيعك نصف هذا الحمار على أن تبيع لي النصف الباقي في موضع كذا وكذا لبلد آخر أو قال أبيعك نصف هذا الطعام وهو بالفسطاط على أن تخرج به كله إلى بلد آخر فتبيعه قال قال مالك لا يجوز هذا
قلت فإن قال أبيعك نصف هذه الأشياء التي سألتك عنها على أن تبيع لي نصفها في موضع حيث بعته السلعة قال قال مالك لا بأس بذلك
قال سحنون ما خلا الطعام فإنه لا يجوز فأما غير الطعام فإنه ضرب لذلك أجلا فقال على أن تبيع لي نصفها إلى شهر فلا بأس به قال فإن لم يضرب لذلك أجلا فلا خير في ذلك
قال بن وهب وقاله عبد العزيز بن أبي سلمة في الثوب
قلت أرأيت إن ضرب لذلك أجلا فباعها قبل الأجل قال له من الأجر بحساب ذلك الأجل إن كان باعها في نصف الأجل فله من الأجر نصف الأجرة وهذا قول مالك
قلت فإن مضى الأجل ولم يقدر على بيع السلعة قال له الأجر كاملا وكذلك قال مالك
قلت ولم لم يجزه مالك إلا أن يضرب لذلك أجلا قال لأن مالكا كره أن يجتمع الجعل والبيع في صفقة واحدة وكره أيضا أن يجتمع الجعل والإجارة في صفقة واحدة وجوز مالك الجعل في الشيء القليل إذا كان حاضرا مثل الثوب أو الثوبين والطعام اليسير فأما إذا كثر ذلك فلا يصلح فيه إلا الإجارة وكذلك قال لي مالك فهذا الذي قال لي في مسألتك أبيعك نصف هذه الثياب أو نصف هذه الدابة على أن تبيع لي النصف الباقي ولم يضرب لذلك أجلا فإن كان الثوب أو الثوبين فهذا مما يجوز فيه الجعل فإذا وقع مع هذا الجعل بيع في صفقة واحدة لم يصلح هذا عند مالك وإن كانت والثياب كثيرة أو الدواب كثيرة لم يصلح فيها الجعل عند مالك وصلحت فيها الإجارة فإن كان ذلك كثيرا فقد اجتمع في هذه
____________________
(11/404)
________________________________________
الصفقة في مسألتك بيع وإجارة فإن لم يضرب للإجارة أجلا لم يجز ذلك لأنه لا تكون اجارة جائزة إلا أن يضرب لذلك أجلا فإن لم يضرب للإجارة أجلا كانت اجارة فاسدة فإذا فسدت الإجارة في الصفقة ومعها بيع فسد البيع أيضا لأن البيع والإجارة إذا اجتمعا في صفقة واحدة فكان أحدهما فاسدا الإجارة أو البيع فسدا جميعا ومما يبين لك ذلك أنه إذا باعه نصف ثوبه على أن يبيع له النصف الباقي أن ذلك إجارة ليس بجعل لأن الجعل إنما هو متى ما شاء أن يرد الثوب على صاحبه رده فذلك له وهذا الذي اشترى نصف ثوب بكذا وكذا درهما على أن يبيع له النصف الآخر لا يقدر على أن يرد الثوب ولا يبيع النصف إذا أراد فهذا يدلك على أن هذه إجارة فإن كان إجارة لم يصلح إلا أن يضرب لذلك أجلا فإن لم يضرب لذلك أجلا فسد البيع وهذا قول مالك
قال وقال مالك وكذلك الرجل يستأجر الرجل يبيع له الأعكام من البز أو الطعام الكثير أو الدواب الكثيرة أو السلع الكثيرة ولا يضرب لذلك أجل
قال مالك لا خير في ذلك إلا أن يضرب لذلك أجلا فإن ضرب لذلك أجلا فهو جائز بمنزلة الأجير فإن باع إلى ذلك الأجل فله أجره وإن باع قبل الأجل أعطي من الأجر بحساب ذلك فإن كان باع في نصف الأجل فله نصف الأجر وإن كان باع في ثلثي الأجل فله ثلثا الإجارة
قال سحنون وقد ذكر بعض الرواة عن مالك في هذا الأصل أنه إذا باعه نصف ثوب على أن يبيعه النصف الآخر فلا خير فيه
قيل لمالك فإن ضرب للبيع أجلا قال فذلك أحرم له
قلت أرأيت إن قال أبيع لك هذه السلع وهي كثيرة إلى أجل كذا وكذا بكذا وكذا درهما على أني متى شئت تركت ذلك أيجوز هذا وتجعلها إجارة له فيها الخيار قال إذا لم ينقده إجارته فلا بأس بذلك عند مالك وإن نقده فلا خير في ذلك لأن الخيار لا يصلح فيه النقد في قول مالك وهذا الذي سألت عنه كثيرا لا يصلح فيه الجعل ولم تقع إجارته على الجعل وإنما وقعت اجارة لازمة له فيها الخيار فلا يصلح فيها النقد وهذا قول مالك
قلت أرأيت إن لم يشترط في
____________________
(11/405)
________________________________________
مسألتي هذه في إجارته أنه متى ما شاء أن يذهب ذهب ولكنه أجره نفسه بمائة درهم يبيع له هذه السلعة إلى شهر أيجوز في هذا النقد أم لا قال لا يجوز في هذا النقد لأنه إن باع قبل مضي الشهر رد من الأجر بقدر ما بقي من الشهر فلا يجوز هذا
قال بن القاسم ويدخله بيع وسلف
قلت أرأيت إن مضى يوم أو يومان والسلعة على حالها إلا أنه لم ينقده وكانت الإجارة جائزة في قول مالك لأنه لم ينقده فلما مضى يوم أو يومان قال الأجير للذي استأجره على بيع تلك السلعة أعطني إجارة هذين اليومين أو هذا اليوم بحساب الإجارة من الشهر
قال ذلك له عند مالك قلت أرأيت إن استأجرته شهرا على أن يبيع لي ثوبا وله درهم قال ذلك جائز إذا كان إن باع قبل ذلك أخذ بحساب الشهر
قلت والقليل من السلع والكثير تصلح فيه الإجارة في قول مالك قال نعم ولم أسمع من مالك في القليل شيئا ولكنه لما جوز مالك في القليل الجعل كانت الإجارة عندي فيه أجوز
في السلف والإجارة قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إن دفعت إلى حائك غزلا ينسجه لي وقلت له رد عليه رطلا من غزل من عندك على أن أقضيكه وأجرك عشرة دراهم في نسجه قال لا يصلح هذا لأن هذا سلف وإجارة فلا يصلح كل سلف جر منفعة
سحنون وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف جر منفعة
في الرجل يستأجر الرجل على أن يطحن له إردبا من قمح بدرهم وبقفيز دقيق مما يخرج منها ويسلخ له الشاة بدرهم وبرطل من لحمها قلت أرأيت إن استأجرت رجلا يطحن لي إردبا من حنطة بدرهم وبقفيز دقيق مما يخرج من دقيق هذه الحنطة قال ذلك جائز
قلت أرأيت إن استأجرته يطحن لي هذه الأردب الحنطة بدرهم وبقسط من زيت هذا الزيتون
____________________
(11/406)
________________________________________
وذلك قبل أن أعصر الزيتون قال إن كان معروفا ذلك الزيت فذلك جائز
قال فقلت فإن قال رجل لرجل أبيعك دقيق هذه الحنطة كل قفيز بدرهم وذلك قبل أن يطحنها قال لا بأس بذلك لأن الدقيق لا يختلف قال سحنون وكل شيء جاز بيعه فلا بأس أن يستأجر به كذلك قال مالك
قلت لم والذي اشترى دقيق هذه الحنطة كل قفيز بدرهم فتلفت هذه الحنطة لم يضمن ذلك المشتري وكان ضمان ذلك من البائع قال وقال لي مالك لو أن رجلا باع حنطة في سنبلها على أن يدرسها ويذروها كل قفيز بدرهم قال ذلك جائز
قال فقلت لمالك إنه يقيم في دراسة العشرة الأيام والخمسة عشر يوما
قال لا بأس بذلك وهذا كله قريب
قال فقلت لم أجازه مالك وهذا في سنبلة قال لأنه معروف وقد رآه
قلت أرأيت إن استأجرت رجلا جزارا يسلخ لي هذه الشاة بدرهم وبرطل من لحمها قال لا يجوز هذا
قلت وكذلك لو بعت من لحم هذه الشاة كل رطل منها بدرهم من قبل أن يسلخها بعد ما ذبحتها قال لا يجوز ذلك عند مالك لأني قلت لمالك إنا نقدم المناهل فؤتى بأغنام ونقول اذبحوها حتى نشتري منكم فيقولون لا نفعل انا نخاف أن تتركوا لحمها علينا ولكن قاطعونا على سعر ثم نذبح والجزور يشترى كذلك قد انكسرت فيسوم بها القوم ويقولون اذبحوها فيقول ربها لا أذبحها حتى تقاطعوني على سعر فيقاطعونه على سعر قبل أن يذبح ثم يذبح
قال مالك لا خير فيه وإن قاطعوه على سعر قبل أن يسلخ ورآه من اللحم المعيب ولأنه يشتري ما لم ير
قال بن القاسم فإن كان أمر الزيت والدقيق أمرا مختلفا خروجه إذا عصر أو طحن فلا خير فيه أيضا ولا يجوز بيعه حتى يطحنه أو يعصره
ولقد سألته عن الرجل يبيع القمح على أن عليه طحينه مرارا فرأيته يخففه فهذا يدلك على أن الدقيق في مسألتك عند مالك في البيع خفيف ولو كان الدقيق عند مالك مجهولا مختلفا لما جوز أن يشتري الرجل الحنطة ويشترط على بائعها أن يطحنها لأنه حين اشترى حنطة واشترط على بائعها أن يطحنها فكأنه إنما يشتري دقيقا لا كيف يخرج
____________________
(11/407)
________________________________________
فقد جوزه مالك
في الرجل يقول للخياط إن خطت لي ثوبي اليوم فأجرك فيه درهم وإن خطته غدا فأجرك فيه نصف درهم قلت أرأيت إن دفعت إلى خياط ثوبا ليخيطه لي فقلت له إن خطته اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فبنصف درهم أتجوز هذه الإجارة في قول مالك أم لا قال لا تجوز هذه الإجارة عند مالك
قلت لم قال لأنه يخيطه على أجر لا يعرفه فهذا لا يعرف أجره فإن خاطه فله أجر مثله وقال غيره إلا أن يكون أجر مثله أقل من نصف درهم فلا ينقص شيئا من نصف درهم أو يكون أكثر من درهم فلا يزاد على درهم
قلت لابن القاسم فإن كان أجر مثله أكثر من درهم أو أقل من نصف درهم قال لا ينظر فيه إذا خاطه عند مالك إلى درهم ولا إلى نصف درهم له أجر مثله بالغا ما بلغ
وقال عبد الرحمن بن القاسم وهذا من باب بيعتين في بيعة
قال سحنون وقول عبد الرحمن حسن
قلت وكذلك بعض البيوع الفاسدة إذا قبضها المشتري ففاتت في يديه فعليه قيمتها يوم قبضها بالفا ما بلغ ولا يلتفت في ذلك إلى ما سميا من الثمن في قول مالك قال نعم
قلت والخياط والصباغ في هذا إذا كانت الإجارة فاسدة مثل البيع الفاسدة قال نعم
قلت وكذلك إن دفعت إليه ثوبا إن خاطه خياطة رومية فبدرهم وإن خاطه خياطة عربية فبنصف درهم قال هذا مثل ما وصفت لك في الإجارة الفاسدة في رأيي
بن وهب قال وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال ينهى أن يقول الرجل للعامل اعمل لي متاعي هذا فإن قضينيه غدا فإجارتك كذا وكذا وإن قضيتنيه في بعد غد فإجارتك كذا وكذا قال هذا من بيعتين في بيعة
____________________
(11/408)
________________________________________
في الرجل يدفع الجلود والغزل والدابة والسفينة إلى الرجل على النصف قلت أرأيت إن دفع رجل إلى رجل جلودا على أن يدبغها على النصف أو يعملها على النصف قال قال مالك لا خير في ذلك
قلت أرأيت إن دفعت إلى حائك غزلا على أن ينسجه على النصف يكون الثوب بيننا أيجوز هذا أم لا في قول مالك قال قال مالك لا خير في هذا
قلت أرأيت إن دفعت إلى حائك غزلا ينسجه لي بالثلث أو بالربع أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك لا يجوز هذا
قلت لم قال لأن الحائك آجر نفسه بشيء لا يدري ما هو ولا يدري كيف يخرج الثوب فلا خير فيه
قال بن وهب وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استأجر أجيرا فليعلمه أجره
وقال من استأجر أجيرا فليستأجره بأجر معلوم إلى أجل معلوم
قال سحنون وقال مالك كل ما جاز لك أن تبيعه فلا بأس أن تستأجر به وما لا يجوز لك أن تبيعه فلا يجوز لك أن تستأجر به
قلت فإن قال له انسج لي غزلي هذا بهذا الغزل الآخر
قال قال مالك هذا جائز
قلت أرأيت إن دفعت سفينتي إلى رجل فقلت له اكرها فما كان من كراء فهو بيني وبينك أيجوز هذا في قول مالك قال لا يجوز هذا عند مالك ولا أن يعطيه الدار أو الحمام فيقول اكرها فما كان من كراء فهو بيني وبينك لأن الرجل قد آجر نفسه بشيء لا يدري ما هو
قلت ولمن يكون جميع الكراء قال مالك لرب السفينة والحمام
قلت أرأيت ان قال رجل لرجل اعمل لي على دابتي فما عملت من شيء فلي نصفه ولك نصفه قال قال مالك لا خير في هذا وما عمل من شيء على الدابة فهو للعامل ولرب الدابة على العامل أجر دابته بالغا ما بلغ
قلت وكذلك السفن مثل الدواب عند مالك قال نعم كذلك قال مالك هي مثل الدواب
قلت فإن أعطاه دابته فقال اكرها فما أكريتها به من شيء فهو بيني وبينك قال إن كان إنما قال له اكرها فقط ولم يقل له اعمل عليها فأرى الكراء لرب الدابة وللذي أكراها
____________________
(11/409)
________________________________________
أجر مثله
قال وهذا رأيي
قلت وعلام قلته قال قلته على الرجل يعطي الرجل الدابة فيقول بعها بمائة دينار فما زاد على المائة فهو بيني وبينك أو يقول بعها فما بعتها به من شيء فهو بيني وبينك فهذا عند مالك له أجر مثله وجميع الثمن لرب الدابة
قال وقال مالك لو أن رجلا دفع إلى رجل دابة فقال اعمل عليها ولك نصف ما تكسب كان الكسب للعامل وكان على العامل إجارة الدابة فيما تسوى وكذلك السفينة إن دفعها إلى قوم يعملون فيها كان ما يكسبون لهم وكان عليهم كراء مثلها ولا يشبه هذا أن يقول في السفينة والحمام آجرهما ولك نصف ما يخرج أو اعمل فيهما ولك نصف ما تكسب فما كان يعمل فيه فله ما كسب وعليه إجارته وما كان إنما يؤاجره ولا عمل له فيه فالإجارة لصاحبها وللقائم فيها إجارة مثله فهذا وجه ما سمعت من مالك
بن وهب قال وأخبرني إبراهيم بن نشيط عن ربيعة أنه قال في الرجل يعمل لرجل في سفينة في البحر بنصيبه من الربح يقول لا أعمل لك فيها حتى تقدم إلي دينارين أو ثلاثة سلفا حتى يقاصه به من ربحه فقال ولا يصلح أن يستأجره في سفينة على نصف ما يربح كل ذلك لا يراه حسنا
قلت أرأيت إن قال رجل لرجل احمل لي هذا الطعام إلى موضع كذا وكذا على أن لك نصفه قال قال مالك لا يجوز هذا إلا أن يعطيه النصف مكانه نقدا فإن أخره إلى الموضع الذي شرط عليه أن يحمله إليه فلا يجوز ذلك لأنه استأجره بطعام بعينه لا يدفعه إليه إلا إلى أجل فلا يصلح ذلك
قلت أرأيت إن أخذت دابة أعمل عليها على النصف قال قال مالك لا يصلح هذا
قلت فإن عمل لمن يكون العمل قال يكون العمل للعامل ويكون لصاحب الدابة أجر مثلها
قلت وكذلك لو أكريتها إلى مكة وكانت إبلا وكنت أخذتها على أن أعمل عليها على النصف قال نعم يكون جميع ذلك للمتكاري لرب الإبل مثله كراء إبله
قال بن القاسم وإن قال اكرها ولك نصف ما يخرج من كرائها كان الكراء لصاحب الإبل وكان للمكري أجر مثله فيما عمل
قال وقال مالك في الرجل يقول للرجل بع سلعتي هذه ولك
____________________
(11/410)
________________________________________
نصف ثمنها
قال لا خير في هذا
قال فإن باعها أعطى أجر عمله وكان جميع الثمن لرب السلعة فكذلك الكراء عندي إذا كان يكريها وله نصف الكراء كان عندي بهذه المنزلة التي وصفت لك في بيع السلعة فإذا قال اعمل عليها ولك نصف ما يكون من عملها فهذا مخالف لما ذكرت لك والذي يقول اعمل عليها إنما هو على أحد أمرين إما أن يكون أكرى دابته بنصف ما يكسب الأجير أو يكون آجر نفسه بنصف ما تكسب الدابة فأولاهما بما يكون من الكسب العامل ويكون لصاحب الدابة أجر مثلها
وهذا قول مالك
في الطعام والغنم والغزل يكون بين الرجلين فيستأجر أحدهما صاحبه على حمله وينسج الغزل على النصف قلت أرأيت طعاما بيني وبين رجل آخر استأجرته على حمله إلى موضع كذا وكذا لنفاق بلغنا في تلك البلدة على أن يكون على كراء نصف ذلك الطعام أو قلت له اطحنه بكذا وكذا على أن علي نصف كراء الطحن قال إن كان شرط عليه المتكاري أن يحمل حصته مع حصة المكري إلى ذلك الموضع فيبيعهما جميعا ولا يكون للمكري أن يقاسمه حتى يبيعهما أو حتى يبلغا تلك البلدة فلا خير في هذا وإن كان إنما اكتراه على أن يحمل له حصته والحنطة مجموعة مختلطة فيما بينهما لم يقتسماها إلا أنه متى ما بدا للمكري أخذ حصته من الحنطة فباعها أو وهبها إن شاء في الطريق وإن شاء قبل أن تحمل وإن شاء ما شاء وحمل حصة المكتري لازم له ذلك فلا بأس بذلك إذا ضرب لما يبيعها إليه أجلا وفي الطحين إن كان إن شاء طحن معه وإن شاء لم يطحن معه فلا بأس بذلك
قال وإن كان المتكاري على حصته اشترط عليه أن يطحنهما جميعا حصته وحصة صاحبه فلا خير في ذلك
قلت فإن فعل ذلك بهذا الشرط الذي ذكرت أنه فاسد قال يكون للذي طحنه أو حمله على صاحبه أجر مثل حصة صاحبه في الطحين أو في الكراء
قلت أرأيت لو أن غنما بيني وبين رجل استأجرته على أن يرعاها لي على أن له نصف أجرها قال لا بأس بذلك في رأيي
____________________
(11/411)
________________________________________
إذا كان للراعي أن يقاسمه حصته متى ما بدا له أو يبيع حصته متى ما بدا له لا يمنع من ذلك
قلت وتكون الإجارة لازمة للراعي في حصة صاحبه قال نعم
قلت وهذا قول مالك قال نعم إذا كان إن ماتت الغنم أو نقصت أخلف له مثل حصته وقال غيره إذا اعتدلت في القسم
قلت أرأيت لو أن غزلا بيني وبين رجل استأجرته على أن ينسجه لي بدراهم مسماة أيجوز ذلك أم لا قال لا يجوز هذا لأن الحائك لا يقدر على أن يبيع نصيبه من الغزل لأن النسج قد لزمه لصاحبه
في الرجل يستأجر الرجل شهرا على أن يبيع له ثوبا وله درهم قلت أرأيت إن استأجرته شهرا على أن يبيع لي ثوبا وله درهم قال ذلك جائز إذا كان أن باع قبل ذلك أخذ بحساب الشهر
قلت والقليل والكثير من السلع تصلح فيه الإجارة في قول مالك قال نعم ولم أسمع من مالك في القليل شيئا ولكنه لما جوز مالك في القليل الجعل كانت الإجارة عندي فيه أجوز
قلت وكل ما يجوز فيه الجعل عندك تجوز فيه الإجارة قال نعم إذا ضرب للإجارة أجلا
قلت والكثير من السلع لا يصلح فيه الجعل في قول مالك قال نعم لا يصلح فيه الجعل وتصلح فيه الإجارة عند مالك
قلت والقليل من السلع تصلح فيه الجعل الإجارة جميعا في قول مالك قال نعم
قلت لم كره مالك في السلع الكثيرة أن يبيعها الرجل للرجل بالجعل قال لأن السلع الكثيرة تشغل بائعها عن أن يشتري أو يبيع أو يعمل في غيرها فإذا كثرت السلع هكذا حتى يشتغل الرجل بها لم تصلح إلا بإجارة معلومة
قال لي مالك والثوب والثوبان وما أشبههما من الأشياء التي لا يشتغل صاحبها عن أن يعمل في غيرها فلا بأس بالجعل فيها وهو متى ما شاء أن يترك ترك والإجارة ليس له أن يتركها متى ما شاء
قلت أرأيت بيع الدابة والغلام والجارية أهذا عند مالك من العمل الذي يجوز فيه الجعل قال نعم وكذلك قال مالك
فإذا كثرت الدواب أو الرقيق فلا يصلح فيه الجعل
بن وهب عن الليث بن سعد عن ربيعة في رجل دفع إلى رجل متاعا يبيعه له وله أجر معلوم على بيعه إن باعه وليس
____________________
(11/412)
________________________________________
لبيعه أمد ينتهي إليه قال ليس ذلك بحسن إذا استأجره على هذا فإن باعها استوجب أجرا عسى أن يكون أكثر من أجر ما عمل فيها وإن أخطأه بيعها كان قد كفاه منها أمرا قد كان يجب أن يكفاه فهذا بمنزلة القمار
في الرجل يستأجر البناء على بنيان داره وعلى البناء الآجر والجص قلت أرأيت إن استأجرت رجلا على أن يبني لي داري على أن الجص والآجر من عند الأجير
قال لا بأس بذلك
قلت وهذا قول مالك قال نعم
قلت ولم جوزه مالك قال لإنها إجارة وشراء جص وآجر صفقة واحدة
قلت وهذا الآجر لم يسلف فيه ولا هذا الجص ولم يشتر شيئا من الآجر بعينه ولا من الجص بعينه فلم جوزه مالك قال لأنه معروف عند الناس ما يدخل في هذه الدار من الجص والآجر فلذلك جوزه مالك
قلت هنا قد جعلت الجص والآجر معروفا لأنه كما زعمت عند الناس معروف ما يدخل في هذه الدار أرأيت السلم هل يجوز له فيه إلا أن يضرب له أجلا وهذا لم يضرب للآجر والجص أجلا قال لما قال بن لي هذه الدار فكأنه وقت لأن وقت بنائها عند الناس معروف وإنما جوزه مالك لأن ما يدخل في هذه الدار من الجص والآجر معروف عند الناس ووقت ما تبنى هذه الدار إليه معروف كأنه أسلم إليه في جص وآجر معروف إلى وقت معروف وإجارته في عمل هذه الدار فذلك جائز وقال غيره إذا كان على وجه العمالة ولم يشترط عمل يده فلا بأس به إذا قدم نقده
في الرجل يستأجر حافتي نهر يبني عليه وطريق رجل في داره ومسيل مصب مرحاض قلت أرأيت إن استأجرت من رجل حافتي نهر له أبني فيه بنيانا أو أنصب على نهره رخاما أتجوز هذه الإجارة في قول مالك أم لا قال هي جائزة
قلت أرأيت إن استأجرت طريقا في دار رجل أيجوز ذلك قال ذلك جائز ولا أحفظه عن
____________________
(11/413)
________________________________________
مالك
قلت أرأيت إن استأجرت من دار رجل مسيل مصب مرحاض أيجوز هذا أم لا قال هذا جائز ولا أحفظه عن مالك
في الإجارات الكثيرة في صفقة واحدة لا يسمى لكل واحدة إجارة بعينها ومسيل مساريب دار رجل قلت أرأيت إن اكتريت بيت الرحا من رجل والرحا من رجل آخر ودابة الرحا من رجل آخر صفقة واحدة كل شهر بمائة درهم جميع ذلك أيجوز هذا الكراء في قول مالك قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أني أرى أن لا يجوز هذا لأن كل واحد منهم لا يدري بما أكرى شيئه حتى يقوم فقد أكرى بما لا يعلم ما هو إلا بعد ما يقوم وإن استحقت سلعة من هذه السلع التي اكترى أو دخل أمر يفسخ إجارته لم يعلم بما يبيع صاحبه إلا بعد القيمة وهو إن أصاب أحدهم بعد الاستحقاق غريما لم يدر بما يتبعه وقد قال غيره إن ذلك جائز
قلت أرأيت إن استأجرت مسيل مساريب من دار رجل أيجوز ذلك قال لا يعجبني لأنه لا يدري أيكون المطر أم لا أو ما يدري ما يكون من المطر
قلت تحفظه عن مالك قال لا
في إجارة رحا الماء قلت هل يجوز لي أن أستأجر رحا الماء في قول مالك قال سأل مالكا عن هذه المسألة أهل الأندلس فقال لا بأس بذلك
فقيل لمالك أتستأجر بالقمح فقال لا بأس بذلك
قلت وإن انقطع الماء عنها أيكون هذا عذرا تنفسخ به الإجارة قال لم أسمع من مالك في انقطاع الماء شيئا وأراه عذرا
قلت أرأيت إن عاد الماء في بقية من وقت الإجارة قال قال مالك في العبد يؤاجر فيمرض أنه إن صح لزم المستأجر الإجارة فيما بقي من الوقت فكذلك رحا الماء أيضا وقد قال غيره إلا أن يتفاسخا قبل أن يصح العبد
قلت أرأيت إن اختلفا في انقطاع الماء فقال رب الرحا انقطع الماء عشرة أيام في مدة هذه الإجارة وقال المتكاري بل انقطع الماء
____________________
(11/414)
________________________________________
شهرا قال إن كانا تصادقا في أول السنة وآخرها واختلفا في انقطاع الماء وهدم الدار كم كان مدة ذلك كان القول قول صاحب الدار وصاحب الرحا المكرى لأنهما قد تصادقا على تمام السنة وقد وجب الكراء على المتكاري فهو يريد أن يحط عن نفسه بقوله فلا يصدق على ذلك
قال وإنما ذلك بمنزلة ما لو أن السنة انقضت فادعى المتكاري أن الدار كانت مهدومة السنة كلها وادعى متكاري الرحا أن الماء كان انقطع السنة كلها
وأنكر ذلك رب الدار ورب الرحا فالكراء له لازم إلا أن يقيم المتكاري البينة على ما قال فهما إذا اختلفا في بعض السنة كان بمنزلة اختلافهما في السنة كلها وإن اختلفا في انقضاء مدة الإجارة فقال رب الدار ورب الرحا أكريتك سنة وقد انقضت السنة وقال المتكاري بل أكريتني سنة وما سكنت وما طحنت إلا منذ شهرين فانهدمت الدار الآن كان القول قول المتكاري لأن المتكاري ينكر أن يكون سكن أكثر من شهرين
قال بن القاسم وكذلك قال لي مالك في المدة إن القول قول الساكن
قلت أرأيت إن استأجرت رحا ماء شهرا على أنه إن انقطع الماء قبل الشهر فالإجارة لي لازمة
قال لا خير في ذلك
في إجارة الثياب والحلي قلت أرأيت إن استأجرت فسطاطا أو بساطا أو غرائر أو جرابا أو قدورا أو آنية أو وسائد إلى مكة ذاهبا وراجعا أيجوز أن يؤاجر هذه الأشياء في قول مالك قال نعم لا بأس بذلك
قلت أرأيت إن استأجرت هذه الأشياء فلما رجعت قلت قد ضاعت في البدأة
قال قال مالك القول قول المستأجر في الضياع
قلت كم يلزم المكتري من ذلك قال يلزمه الكراء كله إلا أن تقوم للمتكاري بينة على يوم ضاعت منه
قلت أرأيت إن كان معه قوم في سفره فشهدوا على أنه أعلمهم بضياع ذلك فشهدوا على ذلك الشيء من تفقده وطلبه قال أرى أن يحلف ويكون القول قوله ويكون له على صاحبه من الإجارة بقدر الذي شهدوا به من ذلك
وقد قال غيره القول قوله في الضياع ولا يكون عليه من الإجارة إلا ما قال أنه انتفع به
وقال
____________________
(11/415)
________________________________________
أشهب عن مالك في رجل اكترى جفنة فقال إنها ضاعت فقال قال مالك هو ضامن إلا أن تقوم له بينة على الضياع
قلت أرأيت إن استأجرت ثوبا أو فسطاطا شهرا فحبسته هذا الشهر ولم ألبسه أيكون علي الأجر أم لا قال قال مالك عليك الأجر
قلت فإن حبسته بعد انقضاء الإجارة فلم ألبسه قال قال مالك أرى عليه من الإجارة بقدر حبسه هذه الأثواب بغير لبس ولا يكون عليه مثل أجر من لبس لأنه لم يلبس
وقال بن نافع مثله
وقال غيره يكون عليه على حساب الإجارة الأولى إذا كان معه وكان صاحبه يقدر على أخذه ويقدر المستأجر على رده
قلت أرأيت ما استأجرت من متاع البيت مثل الآنية والقدور والصحاف والقباب والحجال أو متاع الجسد أليس ذلك جائزا في قول مالك قال نعم
قلت أرأيت إن استأجرت ثوبا ألبسه يوما إلى الليل فضاع مني أيكون علي ضمان أم لا قال لا ضمان عليك في قول مالك
قلت أرأيت إن استأجرت ثوبا ألبسه يومين فلبسته يوما ثم ضاع مني في اليوم الثاني فأصبته بعد ذلك فرددته على صاحبه أيكون علي أجر اليوم الذي ضاع فيه الثوب أم لا قال لا أجر عليه في اليوم الذي ضاع فيه الثوب منه وإنما يكون عليه من الأجر عدد الأيام التي لم يضع الثوب فيها
قال وهذا بمنزلة الدابة يتكاراها الرجل أياما فتضيع في بعض تلك الأيام فإنما عليه من الأجر بقدر الأيام التي لم تضع الدابة فيها
قال وهذا قول مالك
قلت أرأيت إن استأجرته امرأة لتلبسه فسرق منها أتضمن أم لا قال لا ضمان عليها وهذا من الضياع الذي فسرت لك
قلت وكذلك إن قالت قد غصب مني قال نعم لا يضمن المستأجر إلا أن يتعدى أو يفرط
قلت أرأيت إن استأجرت ثوبا ألبسه يوما إلى الليل أيجوز لي أن أعطيه غيري فيلبسه في قول مالك قال لا ينبغي لك أن تعطيه غيرك لأنه إنما رضي بأمانتك واللبس مختلف وأنت لو تلف منك فلا ضمان عليك فإن دفعته إلى غيرك كنت ضامنا للثوب إن تلف
قلت أتحفظه عن مالك قال لا أحفظه من قول مالك وقد كره مالك أن يستأجر الرجل الدابة فيؤاجرها من غيره لأن الرجل قد يكريه
____________________
(11/416)
________________________________________
رب الدابة لأمانته وحفظه فليس له أن يكريها من غيره ولكن إن مات المتكاري أكريت الدابة في مثل كرائها وكرهه مالك في حال الحياة فأرى الثياب بهذه المنزلة في الحياة والموت بمنزلة ما وصفت لك من كراء الدابة
قال وقال مالك فلو بدا للمتكاري في الإقامة كان له أن يكريها قال وإنما كره مالك أن يكريها لموضع الأمانة ولو أكراها فتلفت لم يضمن إذا كان أكراها في مثل ما اكتراها فيه من مثله وفي حاله وأمانته وخفته وهذا قول مالك كله
قلت أرأيت إن استأجرت حلي ذهب بذهب أو فضة أيجوز هذا أم لا قال لا بأس بذلك في قول مالك وقد أجازه مالك مرة واستثقله مرة أخرى وقال لست أراه بالحرام البين وليس كراء الحلي من أخلاق الناس وأنا لا أرى به بأسا
قلت أرأيت إن تكاريت فسطاطا إلى مكة فأكريته من غيري أيجوز هذا في قول مالك قال إذا أكريته من مثلك في حالك وأمانتك ويكون صنيعه في الخباء كصنيعك وحاجته إليه كحاجتك فأرى الكراء جائزا في رأيي
بن وهب عن مالك بن أنس ويونس بن يزيد وبن أبي ذئب عن بن شهاب أنه سئل عن الرجل يستأجر الدار ثم يؤاجرها بأفضل مما استأجرها به فقال بن شهاب لا بأس بذلك
قال بن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن أبي الزناد ونافع مولى بن عمر وعطاء بن أبي رباح مثل ذلك
وقال بعضهم مثل ذلك في الدابة والسفينة
قال وأخبرني الليث عن يحيى بن سعيد قال أدركنا جماعة من أهل المدينة لا يرون بفضل إجارة العبيد والسفن والمساكن بأسا قال الليث وسئل يحيى عن رجل تكارى أرضا ثم أكراها بربح قال يحيى هي من ذلك
بن وهب عن يونس عن أبي الزناد أنه قال في الرجل يتكارى ظهرا أو دارا ثم يبيع ذلك بربح فقال أبو الزناد لا أعلم به بأسا
بن وهب عن مخرمة عن أبيه قال سمعت يزيد بن عبد الله بن قسيط استفتى في عبد استأجره رجل هل يصلح للرجل أن يؤاجره من آخر قال نعم وقال ذلك عبد الله بن أبي سلمة بن وهب عن بكير وسمعت عبد الرحمن بن القاسم بن محمد وسئل عن
____________________
(11/417)
________________________________________
رجل استأجر أجيرا ثم آجره أترى بذلك بأسا قال لا وقال ذلك نافع مولى بن عمر
قال بن وهب وأخبرني يونس أنه سأل بن شهاب عن الرجل يستكري ثم يقول لصاحبه دعني ولك كذا وكذا من المال قال لا بأس بذلك بن وهب
قال يونس وقال ذلك أبو الزناد لابنوهب هذه الآثار
في إجارة المكيال والميزان قلت هل كان مالك يجيز إجارة القفيز والميزان والدلو والفأس والحبل وما أشبه هذه الأشياء قال قد سألت مالكا عن إجارة المكيال والميزان قال لا بأس بذلك فأرى هذه الأشياء مثل هذا وأرى الإجارة فيها جائزة
في إجارة المصحف قلت أرأيت المصحف هل يصلح أن يستأجره الرجل يقرأ فيه قال لا بأس بذلك
قلت لم جوزته مالك قال لأن مالكا قال لا بأس ببيع المصحف فلما جوز مالك بيعه جازت فيه الإجارة
بن وهب عن بن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن ربيعة أنه قال لا بأس ببيع المصحف إنما يبيع الحبر والورق والعمل
قال بن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن يحيى بن سعيد ومكحول وغير واحد من التابعين أنهم لم يكونوا يرون ببيع المصاحف بأسا
بن وهب وأخبرني عبد الجبار بن عمر ان بن مصيح يكتب المصاحف في ذلك الزمان الأول أحسبه قال في زمان عثمان بن عفان ويبيعها ولا ينكر عليه أحد
قال ولا رأينا أحدا بالمدينة ينكر ذلك قال وكلهم لا يرون به بأسا
سحنون عن أنس بن عياض عن بكير بن مسمار عن زياد مولى لسعد أنه سأل عبد الله بن عباس ومروان بن الحكم عن بيع المصاحف والتجارة فيها فقالا لا نرى أن تجعله متجرا ولكن ما عملت بذلك فلا بأس به
وقال مالك في بيع المصاحف وشرائها لا بأس به هذه الآثار لابن وهب ____________________
(11/418)
________________________________________
في إجارة المعلم قلت أرأيت إن استأجرت رجلا يعلم لي ولدي القرآن بحذقهم القرآن بكذا وكذا درهما قال لا بأس بذلك
قلت وكذلك إن استأجره على أن يعلم ولده القرآن كل شهر بدرهم أوكل سنة بدرهم قال قال مالك لا بأس بذلك
قلت وكذلك إن استأجره على أن يعلم ولده القرآن كله بكذا وكذا قال لا بأس بذلك
قال ولا بأس بالسدس أيضا مثل قول مالك في الجميع
قلت فإن استأجرته على أن يعلم ولدي الكتابة كل شهر بدرهم قال لا بأس بذلك
قلت وهذا قول مالك قال قال مالك في إجارة المعلمين سنة سنة لا بأس بذلك فالذي يستأجره يعلم ولده الكتابة وحدها لا بأس بذلك مثل قول مالك في إجارة المعلمين سنة سنة
قلت أرأيت إن استأجرت رجلا يعلم ولدي الفقه والفرائض أتجوز هذا الإجارة أم لا قال ما سمعت منه فيه شيئا إلا أنه كره بيع كتب الفقه فأنا أرى الإجارة على تعليم ذلك لا تعجبني والإجارة على تعليمهما أشر
قلت أرأيت إن قال رجل لرجل علم غلامي هذا الكتاب سنة أو القرآن سنة على أن يكون الغلام بيني وبينك قال لا يعجبني هذا لأنه لا يقدر أحدهما على بيع ماله فيه قبل السنة فهذا فاسد ولو مات العبد قبل السنة أيضا ذهب عمله باطلا
بن وهب عن بن جريج قال قلت لعطاء أجر المعلم على تعليم الكتاب أعلمت أحدا كرهه قال لا بن وهب
وأخبرني حفص بن عمر عن بن يزيد عن بن شهاب أن سعد بن أبي وقاص قدم برجل من العراق يعلم أبناءهم الكتاب بالمدينة ويعطونه على ذلك الأجر
بن وهب عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح قال سألت الحسن البصري عن معلم الكتاب الغلمان ويشترط عليهم قال لا بأس بذلك
بن وهب عبد الجبار بن عمر قال كل من سألت من أهل المدينة لا يرى بتعليم الغلمان بالأجر بأسا
بن وهب عن بن لهيعة عن صفوان بن سليم أنه كان يعلم الكتاب بالمدينة ويعطونه على ذلك اجرا
قال بن وهب وسمعت مالكا يقول لا بأس بأخذ الأجر على تعليم الغلمان
____________________
(11/419)
________________________________________
الكتاب والقرآن قال فقلت لمالك أرأيت إن اشترط مع ماله في ذلك من الأجر شيئا معلوما كل قطر واضحا فقال لا بأس بذلك لابن وهب هذه الإثارة
في إجارة تعليم معلمي الصناعات قلت أرأيت إن دفعت غلامي إلى خياط أو قصار أو إلى خباز ليعلموه ذلك العمل بأجر معلوم دفعته إليهم قال قال مالك لا بأس بذلك
قلت وكذلك إن دفعته إليهم ليعلموه ذلك العمل بعمل الغلام سنة
قال قال مالك ذلك جائز
وقال غيره بأجر معلوم أجوز
في إجارة تعليم الشعر وكتابته قلت أرأيت إن استأجره على أن يعلم ولده الشعر قال قال مالك لا يعجبني هذا
قلت أرأيت إن استأجرت كاتبا يكتب لي شعرا أو نوحا أو مصحفا قال قال مالك أما كتابة المصحف فلا بأس بذلك وأما النوح والشعر فلم أسمعه من مالك ولا يعجبني لأنه كره أن تباع كتب الفقه فكتب الشعر أحرى أن يكرهه
في إجارة قيام رمضان والمؤذنين قلت أرأيت إن استأجرت رجلا يؤم في رمضان قال قال مالك لا خير في ذلك
قال قلت لم كرهه مالك قال مالك يكره الإجارة في الحج فكيف لا يكره الإجارة في الصلاة
قلت أرأيت إن استأجره على أن يصلي بهم المكتوبة قال كرهه مالك في النافلة فهو في المتكوبة عندي أشد كراهية
قلت أرأيت إن استأجروا رجلا على أن يؤذن لهم ويقيم قال قال مالك إن استأجروه على أن يؤذن لهم ويقيم ويصلي بهم صلاتهم فلا بأس به قال وإنما جوز مالك هذه الإجارة لأنه إنما أوقع الإجارة في هذا على الأذان والإقامة وقيامه على المسجد ولم يقع من الإجارة على الصلاة بهم قليل ولا كثير
بن وهب عن حفص بن عمر عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجرى على سعد القرظ
____________________
(11/420)
________________________________________
المؤذن رزقا فكان يجري عليه وعلى مؤذني أهل بيته
في إجارة دفاتر الشعر أو الغناء قلت أرأيت إن استأجرت دفاتر فيها شعر ونوح وغناء يقرأ فيها قال لا يصلح هذا
قلت لم قال لأن مالكا قال لا تباع دفاتر فيها الفقه وكره بيعها وما أشك أن مالكا إذ كره بيع كتب الفقه أنه لبيع كتب النوح والشعر والغناء والنوح أكره فلما كره مالك بيع هذه الكتب كانت الإجارة فيها على أن يقرأ فيها غير جائزة لأن ما لا يجوز بيعه عند مالك لا تجوز الإجارة فيه
قلت أكان مالك يكره الغناء قال كره مالك قراءة القرآن بالألحان فكيف لا يكره الغناء وكره مالك أن يبيع الرجل الجارية ويشترط أنها مغنية فهذا مما يدلك على أنه كان يكره الغناء
قلت فما قول مالك إن باعوا هذه الجارية وشرطوا أنها مغنية ووقع البيع على هذا قال لا أحفظ من مالك فيه شيئا إلا أنه كرهه
قال عبد الرحمن بن القاسم وأرى أن يفسخ هذا البيع
في إجارة الدفاف في الأعراس قلت أرأيت هل كان مالك يكره الدفاف في العرس أم يجيزه وهل كان مالك يجيز الإجارة فيه قال كان مالك يكره الدفاف والمعازف كلها في العرس وذلك أني سألته عنه فضعفه ولم يعجبه ذلك
في الإجارة في القتل والأدب قلت أرأيت إن استأجرت رجلا يقتل لي رجلا عمدا ظلما فقتله أيكون له من الأجر شيء أم لا قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى له من الأجر شيئا
قلت فإن كان قد وجب لي على رجل القصاص فقلت لرجل اضرب عنقه بدرهم ففعل قال الإجارة جائزة
قال وقال مالك في أجر الطبيب إنه جائز والطبيب
____________________
(11/421)
________________________________________
يقطع ويبط فأرى مسئلتك في القتل في القصاص مثل قول مالك في أجر الطبيب إنه جائز
سحنون عن بن نافع عن بن أبي الزناد عن أبي أن السبعة مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل منهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار كانوا يقولون في الجرح فيما دون الموضحة إذا برأ وعاد لهيئته إنما فيه أجر المداوي
قلت أرأيت إن استأجرت رجلا يضرب ابنا لي كذا وكذا درة بدرهم أو عبدا لي كذا وكذا سوطا أدبا لهما بكذا وكذا درهما أتجوز هذه الإجارة أم لا قال أرى الإجارة جائزة إذا كان ذلك من وجه الأدب وإن كان في غير وجه الأدب فلا يعجبني ذلك ولا أحفظه عن مالك قال بن القاسم ولو استأجر الرجل أجيرا على ما لا يجوز للمسلمين ونحو ذلك مما لا تنبغي فيه الإجارة عوقب المستأجر وكان على الأجير القصاص
في إجارة الأطباء قلت أرأيت إن استأجرت كحالا يكحل عيني من وجع بها كل شهر بدرهم قال قال مالك في الأطباء إذا استؤجروا على العلاج فإنما هو على البرء فإن برأ فله حقه وإلا فلا شيء له قال
قال مالك إلا أن يكونا شرطا شرطا حلالا فينفذ بينهما
قال بن القاسم وأنا أرى إن اشترط أن يكحله كل يوم أو كل شهر بدرهم فإن ذلك جائز إذا لم ينقده قال فإن برأ قبل ذلك كان للطبيب من الأجر بحساب ذلك
قال إلا أن يكون صحيح العينين اشترط عليه أن يكحله كل شهر بدرهم ويكحله كل يوم فهذا لا بأس به لأن هذا قد لزم كل واحد منهما ما اشترط لأن هذا ليس يتوقع برأ وإنما هذا رجل شرط على الكاحل أن يكحله شهرا بدرهم وهو صحيح العينين بالإثمد أو بغيره فالإجارة فيه جائزة
قال سحنون ويجوز فيه النقد
____________________
(11/422)
________________________________________
باب في إجارة قسام القاضي قلت أتجوز إجارة قسام الدور وحسابهم قال سألت مالكا عن ذلك غير مرة فكرهه قال مالك وقد كان خارجة بن زيد بن ثابت ومجاهد يقسمان مع القضاة ويحسبان ولا يأخذان لذلك جعلا
باب في إجارة المسجد قلت أرأيت إن بنى رجل مسجدا فأكراه ممن يصلي فيه قال لا يصلح هذا في رأيي لأن المساجد لا تبنى للكراء
قال ولقد سئل مالك عن الرجل يبني المسجد ثم يبني فوقه بيتا قال لا يعجبني ذلك وذكر مالك أن عمر بن عبد العزيز كان يثبت على ظهر المسجد بالمدينة في الصيف فكان لا يقربه فيه امرأة
قال مالك وهذا الذي يبني فوق المسجد يريد أن يجعله مسكنا يسكن فيه بأهله يريد بذلك مالك أنه إذا كان بيتا وسكنه كان معه أهله وصار يطؤها على ظهر المسجد قال وكرهه مالك كراهية شديدة
فيمن آجر بيته ليصلي فيه قلت أرأيت من آجر بيته من قوم يصلون فيه في رمضان قال لا يعجبني ذلك لأن من أكرى بيته كمن أكرى المسجد فالإجارة فيه غير جائزة لأن الإجارة في المساجد غير جائزة ولم أسمع من مالك في هذا شيئا ولكن مالكا كره أن يعطي الرجل أجرا على أن يصلي بهم في رمضان
وقد قال غيره لا بأس بذلك في كراء البيت
قلت أرأيت إن أكربت دارا لي على أن يتخذوها مسجدا عشر سنين قال ذلك جائز
قلت فإذا مضت العشر سنين قال إذا انقضت الإجارة رجعت الدار إلى ربها
قلت تحفظه عن مالك قال لا
قلت فإذا رجعت الدار إلى ربها لمن يكون نقض المسجد قال لأهل النقض الذين اشتروه وبنوا المسجد فالنقض لهم
باب في إجارة الكنيسة قلت أرأيت إن آجرت داري ممن يتخذها كنيسة أو بيت نار وأنا في مصر من
____________________
(11/423)
________________________________________
الأمصار أو في قرية من قرى أهل الذمة قال قال مالك لا يعجبني أن يبيع الرجل داره ممن يتخذها كنيسة ولا يؤاجر داره ممن يتخذها كنيسة قال ولا يبيع شاته من المشركين إذا علم أنهم إنما اشتروها ليذبحوها لأعيادهم قال مالك ولا يكري دابته منهم إذا علم أنهم إنما يكرهونها ليركبوها إلى أعيادهم
قلت هل كان مالك يقول ليس للنصارى أن يحدثوا الكنائس في بلاد الإسلام قال نعم كان مالك يكره ذلك
قلت هل كان مالك يكره أن يتخذوا الكنائس يحدثوها في قراهم التي صالحوا عليها قال سألت مالكا هل لأهل الذمة أن يتخذوا الكنائس في بلاد الإسلام فقال لا إلا أن يكون لهم شيء أعطوه
قال بن القاسم ولا أرى أن يمنعوا من ذلك في قراهم التي صالحوا عليها لأن البلاد بلادهم يبيعون أرضهم ودورهم ولا يكون للمسلمين منها شيء إلا أن تكون بلادهم غلبهم عليها المسلمون وافتتحوها عنوة فليس لهم أن يتخذوا فيها شيئا لأن البلاد بلاد المسلمين ليس لهم أن يبيعوا ولا أن يورثوها وهي فيء للمسلمين فإن أسلموا لم يكن لهم فيها شيء فلذلك لا يتركون فإما ما سكن المسلمون عند افتتاحهم وكانت مدائنهم التي اختطوها مثل الفسطاط والبصرة والكوفة وإفريقيا وما أشبه ذلك من مدائن الشام فليس ذلك لهم إلا أن يكون لهم شيء أعطوه فيوفى لهم به لأن تكك المدائن قد صارت لأهل الإسلام مالا لهم يورثون ويبيعون وليس لأهل الصلح فيها حق فقد صارت مدائن لأهل الإسلام وأموالا لهم
قال وقال مالك أرى أن يمنعوا من أن يتخذوا في بلاد الإسلام كنيسة إلا أن يكون لهم عهد فيحملوا على عهدهم
وقال غيره كل بلاد افتتحت عنوة وأقروا فيها ووقفت الأرض لأعطيات المسلمين ونوائبهم فلا يمنعون من كنائسهم التي في قراهم التي أقروا فيها ولا من أن يتخذوا فيها كنائس لأنهم أقروا فيها على ذمتهم وعلى ما يجوز لأهل الذمة فعله ولا يكون عليهم خراج في قراهم التي أقروا فيها وإنما الخراج على الأرض
ما جاء في إجارة الخمر قلت أرأيت مسلما آجر نفسه من نصراني يحمل له خمرا على دابته أو على نفسه
____________________
(11/424)
________________________________________
أيكون له من الأجر شيء أم تكون له إجارة مثله قال قال مالك لا تصلح هذه الإجارة ولا أرى من الإجارة التي سمى ولا من إجارة مثله قليلا ولا كثيرا لأن مالكا قال لي في الرجل المسلم يبيع خمرا
قال مالك لا أرى أن يعطي من ثمنها قليلا ولا كثيرا فالكراء عندي بهذه المنزلة لا أرى أن يعطي من الإجارة قليلا ولا كثيرا
قلت له وكذلك إن آجر حانوته من نصراني يبيع فيها خمرا قال قال مالك لا خير في ذلك وأرى الإجارة باطلا
قال بن القاسم فأرى كل مسلم آجر نفسه أو غلامه أو دابته أو داره أو بيته أو شيئا مما يملكه في شيء من الخمر فلا أرى له من الإجارة قليلا ولا كثيرا ولكن يفعل فيه إن كان قبض أو لم يقبض ما وصفت لك في ثمن الخمر
بن وهب عن سعيد بن أبي أيوب عن عطاء بن دينار الهذلي عن مالك بن كلثوم المرادي قال سمعت سعيد بن المسيب يقول لا تغلق عليك وعلى الخمر باب دار
بن وهب عن بن لهيعة وعن يحيى بن أيوب عن عطاء بن دينار الهذلي عن مالك بن كلثوم أنه سأل سعيد بن المسيب عن غلمان له يعملون في السوق على دواب له فربما حملت خمرا قال فنهاني سعيد عن ذلك أشد النهي وقال إن استطعت أن لا تدخل البيت الذي فيه الخمر فلا تدخله
عبد الله بن وهب عن بن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن عياض بن عبد الله السلامي أنه قال لعبد الله بن عمر إن لي إبلا تعمل في السوق ريعها صدقة تحمل الطعام فإذا لم تجد فربما حملت خمرا فقال لا يحل ثمنها ولا كراؤها ولا شيء منه ولا في شيء كان منها فيه سبب
قال بن وهب وسمعت مالكا وسئل هل يكري الرجل دابته ممن يحمل عليها خمرا قال لا ولا يؤاجر الرجل عبده في شيء من عمل الخمر ولا من حفظها وما أحل الله أوسع وأطيب من أن يؤاجر عبده في مثل هذا وقال الأوزاعي والليث مثله
بن وهب عن خالد بن حميد عن عياش بن عباس عن عميرة المعافري قال خرجت حاجا أنا وصاحب لي حتى قدمنا المدينة فأكرى صاحب لي جمله من صاحب خمر فأخبرني فذهبنا إلى عبد الله بن عمر نسأله عن ذلك فنهاه عن ذلك وقال لا خير
____________________
(11/425)
________________________________________
فيه
بن وهب عن خالد بن حميد عن محمد بن مخلد الحضرمي عن ضمضم بن عقبة الحضرمي وجاءه غلام له يوما بفلوس فاستكثرها وقال كنت أعمل في عصير الخمر قال فأخذها منه ضمضم ثم نبذها في عرض بحر البرلس وكانوا بالبرلس مرابطين
باب في إجارة الخنازير قلت أرأيت لو أن مسلما آجر نفسه من نصراني يرعى له الخنازير فرعاها فأراد إجارته قال قال مالك في النصراني يبيع من المسلم خمرا أن النصراني يضرب على بيعه الخمر من المسلم إذا كان النصراني يعرف أنه مسلم فباعه وهو يعرف أنه مسلم أدبا للنصراني
قال وأرى أن يؤخذ الثمن من النصراني فيتصدق به على المساكين أدبا للنصراني ويكسر الخمر في يد المسلم
قال بن القاسم وأنا أرى أن تؤخذ الإجارة من هذا النصراني ويتصدق بها على المساكين ولا يعطاها هذا المسلم أدبا لهذا المسلم ولأن الإجارة أيضا لا تحل لهذا المسلم إذا كانت إجارته من رعيه الخنازير وأرى أن يضرب هذا المسلم أدبا له فيما صنع من رعية الخنازير ورضاه بالأجر من رعيه الخنازير إلا أن يكون ممن يعذر بالجهالة فكيف عنه في الضرب ولا يعطى من الإجارة شيئا ويتصدق بالأجرة على المساكين ولا تترك الأجرة للنصراني مثل قول مالك في الخمر
في الإجارة على طرح الميتة قلت لابن القاسمأرأيت إن استأجرت رجلا يطرح لي هذه الميتة أو هذا الدم أو هذه العذرة من داري أتجوز هذه الإجارة أم لا قال لا بأس بذلك عند مالك
قال وسئل مالك عن رجل ماتت في داره شاة فقال لرجل احملها عني ولك جلدها قال مالك لا خير في هذه الإجارة لأنه استأجره بجلد ميتة وجلود الميتة لا يصلح بيعها فهذا قد استأجره بما لا يصلح بيعه
قلت فهل يجوز بيع جلود الميتة إذا دبغت قال قال مالك لا تباع جلود الميتة دبغت أو لم تدبغ ولا تباع على حال
قال مالك
____________________
(11/426)
________________________________________
ولا يصلى على جلود الميتة ولا تلبس
قال مالك والاستقاء في جلود الميتة إذا دبغت في نفسي منه شيء ولست أشدده فيه على غيري ولكني أتقيه في نفسي خاصة ولا أحرمه على الناس ولا بأس بالجلوس عليها ويغربل عليها فهذا وجه الانتفاع بها فهذا الذي جاء فيه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا انتفعتم بجلدها
قال أشهب وقد قال جابر بن عبد الله صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ما حرم أكله حرم ثمنه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها
في إجارة نزو الفحل قلت أرأيت إن استأجرت فحلا للإنزاء فرسا أو حمارا أو تيسا أو بعيرا أيجوز هذا في قول مالك أم لا قال قال مالك إذا استأجره ينزيه أعواما معروفة بكذا وكذا فهذا جائز وإن استأجره ينزيه شهرا بكذا وكذا فذلك جائز وإن استأجره ينزيه حتى تعلق منه الرمكة فذلك فاسد لا يجوز
قلت من أي وجه جوز مالك إجارة الفحل وقد بلغك أن بعض العلماء كرهوه وذكروه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من الغرر في القياس
قال إنما جوزه مالك لأنه ذكر إنه العمل عندهم وأدرك الناس يجيزونه بينهم فلذلك جوزه مالك
بن وهب عن عبد الجبار بن عمر عمن حدثه أن عقيل بن أبي طالب كان لا يرى بأسا في الرجل يكون عنده تيس يطرقه الغنم ويأخذ عليه الجعل
قال بن وهب وأخبرني يونس عن ربيعة أنه قال في بيع ضريبة الجمل وغيره من الفحول لا أرى بذلك بأسا إذا كان له أجل ينتهي إليه ضرابه إذا لم يكن يضمن له اللقاح ولم يشترط على أصحابها
بن وهب عن بن لهيعة وعقبة بن نافع عن خالد بن يزيد عن عطاء بن أبي رباح أنه سئل عن طروقة جمل تحمل فقال لا بأس بذلك
قال بن وهب وسألت عبد العزيز بن أبي سلمة عن ذلك فقال ليس بذلك بأس وقد كانت عندنا دور فيها تيوس تكرى لذلك وأبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحياء فلم يكونوا ينهون عن ذلك
____________________
(11/427)
________________________________________
في إجارة البئر قلت أرأيت إن استأجرت من رجل بئرا وهي في دار في فنائه وليست هي من آبار الماشية استأجرتها منه أسقي منها غنمي كل شهر بدينار أتجوز هذه الإجارة في قول مالك أم لا قال أما ما كان في داره فله أن يبيعها ويمنعها الناس وكذلك سمعت يقول مالكا وأما فناؤه فإني لا أعرف ما الفناء إن كان إنما احتفرها للناس يستقون منها أو لماشيتهم فلا ينبغي له أن يبيعها وإن كان إنما احتفرها ليحوزها لنفسه كما يحوز ما في داره يسقي بها ويشرب بها وهي في أرضه ولم يحتقرها على وجه الصدقة للناس فلا أرى بها بأسا أن يبيعه أو يكريها
قلت أكان مالك يكره بيع المواجل مواجل ماء السماء قال سألت مالكا عن بيع ماء المواجل التي على طريق أنطابلس فكره ذلك
قلت هل كان مالك يكره بيع فضل ماء الزرع من العيون أو الآبار قال لا بأس ذلك
قلت وهل كان مالك يكره بيع رقاب آبار ماء الزرع قال قال مالك لا بأس ببيعها
قلت وكذلك العيون لا بأس ببيع أصلها وبيع مائها ليسقى به الزرع قال نعم لا بأس بذلك عند مالك
قلت وإنما كره مالك بيع بئر الماشية أن يباع ماؤها أو يباع أصلها قال نعم
قلت وأهلها أحق بمائها حتى إذا فضل عنهم كان الناس فيه أسوة قال نعم
قلت وهل كان مالك يكره بيع آبار الشفه قال قال مالك إن كان البئر في أرضه أو في داره لم أر بأسا أن يبيعها ويبيع ماءها
قلت وهل كان مالك يجعل ربها أحق بمائها من الناس قال نعم
قلت فالمواجل أكان مالك يجعل ربها أولى بمائتا من قال أما كل ما احتفر في أرضه أو في داره يريده لنفسه مثل ما يحدث الناس في دورهم فهو أحق به ويحل بيعه وأما ما عمل من ذلك في الصحاري وفيافي الأرض مثل مواجل طريق المغرب فإنه كان يكره بيعها من غير أن يراه حراما وجل ما كان يعتمد عليه الكراهية واستثقال بيع مائها وقد فسرت لك ما سمعت من مالك ووجه ما سمعت منه وهي مثل الآبار التي يحتفرونها للماشية أن أهلها أولى بمائها حتى يرووا ويكون للناس ما فضل إلا
____________________
(11/428)
________________________________________
من مر بها لشفتهم ودوابهم فإن أولئك لا يمنعون كما لا يمنعون من شربهم منها
في إجارة الوصي أو الوالد نفسه من يتيمه أو من الابن نفسه من أبيه قلت أرأيت لو أن وصيا آجر نفسه من يتيم له في حجره يعمل في بستانه أو في داره قال كره مالك أن يشتري الوصي من مال اليتيم لنفسه
قال مالك مإذا فعل ذلك نظر السلطان في ذلك فإن كان خيرا لليتيم أمضاه على الوصي فأرى الإجارة مثل البيع ينظر فيها السلطان كما ينظر في البيع
قلت وكذلك الوالد في ابنه الصغير قال نعم الوالد والوصي في هذا سواء ولا أحفظ الوالد من مالك
قلت أرأيت لو أن رجلا استأجر ابنه ليخدمه ففعل أتكون للابن الإجارة في قول مالك أم لا قال إن كان ابنه هذا قد احتلم فإن الإجارة للابن إذا كان قد أجره نفسه لأن مالكا قال لا تلزم الأب نفقة الابن إذا احتلم
في العبد والصغير يؤاجران أنفسهما بغير إذن الأولياء قلت أرأيت لو أن صبيا آجر نفسه وهو صغير بغير إذن وليه أتجوز هذه الإجارة أم لا قال لا تجوز الإجارة
قلت له وإن عمل قال له الإجارة التي سمي له إلا أن تكون إجارة مثله أكثر فتكون له إجارة مثله
قلت وكذلك العبد المحجور عليه قال نعم
قلت أتحفظه عن مالك قال لا ولكنه مثل قول مالك في الدابة إذا تعدى عليها أو غصبها
قلت فإن عطب الصبي أو الغلام ماذا على المستأجر قال إذا استعملهما عملا يعطبان فيه فهو ضامن لقيمة العبد يوم استعمله أو الكراء وسيد العبد مخير في ذلك إن شاء أخذ الكراء ولا شيء له من قيمة العبد وإن شاء أخذ قيمة العبد بالغة ما بلغت ولا شيء له من الكراء وأما في الصبي الحر فعلى المتكاري أجر ما عمل له الصبي الأجر الذي سميا إلا أن يكون أجر مثله أكثر مما سميا وتكون على عاقلته الدية لأن الحر في هذا ليس بمنزلة العبد لأن الحر لا يخير
____________________
(11/429)
________________________________________
ورثته كما يخير سيد العبد لأن العبد سلعة من السلع والحر ليس بسلعة من السلع لأن الدية لازمة في الحر على كل حال وهي السنة أن الدية لازمة
قال سحنون قال بن وهب وقال مالك بن أنس في العبيد يستأجرون ليس على من استأجرهم ضمان ما أصابهم وإن قال سادات العبيد لم نأمرهم أن يؤاجروا أنفسهم إلا أن يستأجر عبد في عمل مخوف على وجه الغرر يزيد في إجارته أضعافا من ذلك البئر تكون فيه الحمأة والهدم من تحت الجدرات وما أشبهه فالذي استأجره على هذا ضامن للعبد إذا كان بغير إذن سيده وهو الأمر عندنا
بن وهب وقال مالك ومن استعمل عبدا عملا شديدا فيه غرر بغير إذن أهله فعمله فعليه فيه الضمان إن أصيب العبد وإن كان العبد قد أرسل في الإجارة وذلك لأنه إنما أذن له من الإجارة فيما تجري فيه الأعمال وتؤمن فيه البلايا ولم يؤذن له في الاغترار كالبئر التي قتلت أهلها حمأة وأشباه ذلك وإن خرج به سفرا بغير إذن أهله فهو ضامن له
قال بن وهب قال يونس بن يزيد قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن يضمن العبد فيما استعين عليه من أمر ينبغي في مثله الإجارة وكل من استأجر عبدا في غرر الإجارة فيما يخشى من التلف فعليه الضمان وإن كان العبد قد أرسل في الإجارة وذلك إنه إنما أذن له من الإجارة فيما تجري فيه الأعمال وتؤمن فيه البلايا ولم يؤذن له في الاغترار كالبئر التي قتلت أهلها حمأة وأشباه ذلك وأما كبير حر فلا نعلم فيه شيئا إلا أن يستغفل أو يستجهل أو يقرب له فيما لا يعلم منه ما يعلم الذي قرب له فيه
قال ومن استأجر عبد قوم فإن كان غلاما يؤاجر نفسه فخرج به سفرا بغير إذن أهله فهو ضامن قال وكل من استعان غلاما ما لم يبلغ الحلم فيما ينبغي في مثله الإجارة فهو لما أصابه ضامن
وما كان من صبي أو عبد استعين بهما فيما لا ينبغي فيه الإجارة كالرجل يقول له ناولني نعلي أو ناولني قدحا وكأشباه ذلك فليس في هذا عقل
____________________
(11/430)
________________________________________
في إجارة العبد بإذن السيد على أن يخدمه شهرا بعينه فإن مرض فيه قضاه في شهر غيره قلت أرأيت إن استأجرت عبدا يخدمني شهرا بعينه على أنه إن مرض هذا الشهر قضاني ذلك في غيره قال لا يعجبني ذلك لأن الأيام تختلف ليس أيام الصيف كأيام الشتاء فهذا الشهر إن كان في أيام الصيف لا يأمن أن يتمادى به في المرض إلى أيام الشتاء وإن كان في أيام الشتاء لا يأمن أن يتمادى به المرض إلى أيام الصيف فلا خير في هذه الإجارة
في الرجل يستأجر الحائط ليحمل عليه خشبة قلت أرأيت إن استأجرت من رجل حائطا لأبني عليه سترا ولأحمل عليه خشبا أو لأضرب فيه وتدا أو لأعلق عليه سترا كل شهر بدرهم أتجوز هذه الإجارة أم لا قال لا أرى بذلك بأسا وأرى الإجارة فيه جائزة
قلت فهل كان مالك يأخذ بهذا الحديث لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبه على جداره
قال قال مالك لا أرى أن يقضي بهذا الحديث لأن إنما كان من النبي صلى الله عليه وسلم عندي على وجه المعروف بين الناس
ما جاء في الرجل يستأجر الأجير يجيئه بالغلة قلت أرأيت إن استأجرت عبدا أيصلح لي أن أجعله يجييء بالغلة في قول مالك قال نعم إذا لم يشترط عليه حين استأجره خراجا معلوما
قلت لا ولكنه وضع عليه بعد ذلك خراجا أيصلح أم لا قال إن كان إنما وضع عليه خراجا معلوما فإن لم يأت به لم يضمنه له فلا بأس بذلك قلت وهذا قول مالك قال نعم
قلت أرأيت الذي يستأجر الغلمان الحجامين على أن يجيئوه بالغلة أيصلح هذا في قول مالك أم لا قال قال مالك لا بأس بذلك إذا لم يستأجرهم على أن يضمنهم خراجا معلوما ولم يقل لي مالك حجاما من غير حجام
قال بن وهب وأخبرني
____________________
(11/431)
________________________________________
الليث بن سعد وعمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج أنه قال لا نرى بأسا باستئجار الرجل الأجير على أن يعمل بيديه أو على دابته فيعطيه ما كسب إذا بين له ذلك حين استأجره
بن وهب عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن بن شهاب أنه قال لا يصلح أن يضرب له خراجا مسمى وليستعمله بأمانته وإن أعطاه دابة يعمل عليها
بن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم أنه قال لا يشترط عليه أني استأجرتك بكذا وكذا دينارا على أن تخرج لي كذا وكذا فإن ذلك لا يصلح
قال بن وهب وقال مالك في الرجل يستأجر الأجير سنة يعمل في السوق بكذا وكذا دينارا على أن يأتيه كل يوم بثلث درهم قال مالك لا يصلح له ذلك لأنه سلفه دينارا في فضة إلى أجل إن كان الذي يعطيه الأجير فضة وإن كان الذي يعطيه حنطة فإنه سلفه في حنطة بغير سعر معلوم ولأن الثلث يختلف فيكثر ويقل إن رخص السعر كثر وإن غلا السعر قل فهذا غرر وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر
بن وهب عن عامر بن مرة عن عمرو بن الحارث عن ربيعة أنه قال في رجل استأجر أجيرا واشترى حمارا فأمر أجيره أن يعمل له فضرب على ذلك الأجير خراجا درهما كل يوم قال ربيعة لو أن رجلا استأجر أجيرا ثم دفع إليه حمارا يعمل عليه أو سفينة يختلف فيها أو شبه ذلك وضرب عليه في ذلك ضريبة كان ذلك حلالا إذا استقل بذلك الأجير ولكن لا يصلح له أن يضمنه إن نقص
ما جاء في الرجل يستأجر المرأة الحرة تخدمه أو الأمة قلت أرأيت لو إن رجل استأجر امرأة حرة أو أمة تخدمه وهو عزب أيجوز هذا أم لا قال سمعت مالكا وسئل عن امرأة تعادل الرجل في الحمل وليس بينهما محرم فكره ذلك فالذي يستأجر المرأة تخدمه وليس بينهما محرم وليس له أهل وهو يخلو معها أشد عندي كراهية من الذي تعادله المرأة في المحمل
____________________
(11/432)
________________________________________
في الرجل يؤاجر عبده أو داره السنين الكثيرة قلت أرأيت مالكا هل كان يكره أن يكري الرجل غلامه أو داره السنين الكثيرة ويراه من المخاطرة قال سألت مالكا عن الرجل يكري غلامه السنين الكثيرة الخمس عشرة سنة ونحو ذلك قال لا بأس به وفي الدور أبين وآمن
قلت أرأيت لو أني اكتريت من الرجل عبدا عشر سنين أيجوز هذا في قول مالك قال سألت مالكا عنه فقال مالك ما رأيت أحدا يفعله وما أرى به بأسا
قلت فلو أوصى لرجل بخدمة عبده عشر سنين فأكراه الموصي له بالخدمة عشر سنين أيجوز هذا في قول مالك قال نعم قال غيره لا تجوز إجارة العبيد السنين الكثيرة لأنه غرر لما في الحيوان من الحوالة والنقص وهو في الدواب أبين غررا والدواب لا يجوز كراؤها الأمد البيعد لاختلاف حالها وهي دون الرقيق وشيء آمن من شيء
في الرجل يؤاجر نفسه من النصراني قلت أرأيت لو أن نصرانيا آجر مسلما ليخدمه أتجوز هذه الإجارة في قول مالك قال سئل مالك عن المسلم يأخذ من النصراني مالا قراضا فكره ذلك له وغيره من أهل العلم قد كره ذلك ولا أرى مالكا كره ذلك إلا من وجه الإجارة وقد بلغني أن مالكا كره أن يؤاجر المسلم نفسه من النصراني
قلت أرأيت إن آجره هذا المسلم نفسه على أن يحرس له زيتونه أو يحرث له أو يبني له بنيانا قال أكره أن يؤاجر نفسه في خدمة هذا النصراني
في الأجير يفسخ إجارته في غيرها قلت أرأيت إن آجرت عبدا لي أو آجرت نفسي في الخياطة شهرا فأردت أن أحول إجارتي تلك في عمل الطين أو في الصباغة أو في القصارة أيجوز هذا أم لا في قول مالك قال قال مالك لا يصلح إلا أن يكون الشيء اليسير يكون إنما آجره نفسه في الخياطة اليوم ونحوه فلا بأس بذلك أن يحول تلك الإجارة في غيرها من الأعمال لأن اليوم
____________________
(11/433)
________________________________________
ونحوه لا يكون دينا في دين فإن كثرت الإجارة حتى تصير الشهر وما أشبهه فيحولها في غير ذلك العمل كان ذلك الدين بالدين فلا يصلح في قول مالك وكل من كان له حق على رجل من عمل أو مال فلا يجوز له أن يحوله في غير ذلك العمل والمال فإن حوله كان كالئا بكالئ وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ
في الرجل يستأجر الأجير فيؤاجره من غيره أو يستعمله غير ما استأجره له قلت أرأيت إن استأجرت عبدا يخدمني فآجرته من غيري أيجوز هذا في قول مالك قال إن آجرته في مثل عمله الذي كان يعمل لك فلا بأس به
قلت أرأيت إن استأجرت عبدا للخياطة فأردت أن أستعمله غير الخياطة قال سألت مالكا عن ذلك فقال إن كان اليوم وما أشبهه إذا كان الشيء القريب فلا بأس بذلك فإن كثر ذلك فلا خير فيه لأنه كأنه شيء حوله في شيء لا يقبضه مكانه فلا خير في ذلك
قلت أرأيت إن استأجرت عبدا للخياطة كل شهر بكذا وكذا أيكون لي أن أستعمله غير الخياطة في قول مالك قال لا يكون لك أن تستعمله إلا في الخياطة
قلت فإن استعملته غير الخياطة فعطب أأضمن أم لا قال إن كان عملا يعطب في مثله ضمنت في قول مالك
ما جاء في الأجير يستعمل الليل والنهار قلت أرأيت من استأجر أجيرا للخدمة ألى أن استخدمه الليل والنهار قال تستخدمه كما يستخدم الناس الأجراء لليل خدمة وللنهار خدمة وخدمة الليل ما قد عرفها الناس من سقيه الماء للمؤاجر ومن قيامه الليل يناوله لحافا وما أشبه هذا فأما أن يستخدمه خدمة تمنعه النوم فليس له ذلك إلا أن تعرض له الحاجة هي من خدمة العبد المرة بعد المرة فلا بأس أن يستعمله فيها في بعض ليله وإنما هذا على ما يعرف الناس ولا أحفظه وسمعت مالكا يسأل عن العبيد يستعملون النهار فإذا كان الليل
____________________
(11/434)
________________________________________
استطحنوهم أترى ذلك ينبغي قال إن من الأعمال أعمالا يجهد العبيد فيها فلا ينبغي أن يفدحوا بعمل الليل أيضا
قال ومن العبيد عبيد إنما أعمالهم خفيفة فلا بأس أن يستطحنوهم بالليل من غير أن يفدحوا بذلك يطحن العبد على قدر طاقته
قال والخدم ها هنا عندنا يعملون العمل الخفيف يستيقون بالنهار وربما طحنوا بالليل فقيل له هؤلاء العبيد الذين يعملون على الدرانيق يطلعون وينزلون
قال لا يعجبني هذا العمل
وهو شديد جهد
وإنما كان الناس فيما مضى يجرون على رقابهم وعلى الإبل وهذا الدرنوق عمل ثقيل ربما هلك في ذلك أيضا بعضهم
ا لأجير يسافر به قلت أرأيت إن استأجرت أجيرا يخدمني سنة أيكون لي أن أسافر به قال لا لأن مالكا قال إذا استأجر الرجل الأجير على أن يخدمه في منزله أو يبعثه في سفره إن احتاج إليه أو يرحل به إن احتاج إلى ذلك أو يحرث له أو يحصد له إن احتاج إلى ذلك قال أما كل عمل كان يشبه بعضه بعضا أو بعضه قريبا من بعض مثل كنس البيت أو الخبز أو العجين وما أشبه هذه الوجوه فلا بأس بذلك
وأما ان يشترط عليه إن احتاج إلى أن يبعثه إلى سفر أو يحرث له أرضا أو يعمل له في البيت فإن ذلك لا خير فيه إذا تباعد ما بين هذه الأعمال هكذا فلا خير فيه لأن كراء هذا ليس مثل كراء هذا ويدخله المخاطرة ولو قصد به قصدا ثقل تلك الأعمال لم يرض سيد العبد أن يؤاجره في ذلك العمل بعينه بمثل ما آجره في غيره فهذا من المخاطرة والغرر
في الرجل يؤاجر عبده ثم يبيعه أو يأبق فيرجع في بقية من الإجارة قلت أرأيت إن آجرت عبدا لي ثم بعته قال مالك الإجارة أولى
قلت أرأيت إذا انقضت الإجارة أيكون للمشتري أن يأخذ العبد بذلك الثمن قال إن كانت اجارته قريبة اليوم أو اليومين وما أشبهه رأيت البيع جائزا وإن كان اجلا
____________________
(11/435)
________________________________________
بعيدا رأيت أن يفسخ البيع بينهما ولا يكون له أن يأخذه بعد الإجارة لأن مالكا قال لي في العبد يباع على أن يقبض إلى شهر أو نحو ذلك أن ذلك لا يجوز
قلت أرأيت إن استأجرت عبدا فأبق ثم رجع في بقية المدة أتكون الإجارة لازمة في بقية المدة التي رجع فيها قال نعم مثل ما قال مالك في المريض إذا برأ في بقية من المدة وقال غيره إلا أن يكون فسخ ذلك
قلت أرأيت إن استأجرت عبدا فأبق أتنفسخ الإجارة في قول مالك قال نعم
قلت فإن رجع في بقية من وقت الإجارة أو قدر عليه قال يرجع في الإجارة بحال ما وصفت لك
قلت أرأيت إن استأجرت من رجل عبدا سنة ليخدمني سنة فهرب العبد من يدي ألى دار الحرب قال تنفسخ الإجارة فيما بينهما إلا أن يرجع العبد في بقية من وقت الإجارة كما وصفت لك
قلت أرأيت إن هرب السيد قال الإجارة بحالها لا تنتقض
في إجارة أم الولد في الخدمة قلت هل تكرى أم الولد في الخدمة في قول مالك قال لا
في العبد يؤاجر ثم يوجد سارقا قلت أرأيت إن استأجرت عبدا للخدمة فإذا هو سارق هل تراه عيبا يرده به على سيده وتفسخ الإجارة قال نعم كذلك هذا في البيوع عندي والإجارة مثله سواء
في الأجير يستأجر الرجل يرعى غنمه بأعيانها فيرعى معها غيرها قلت أرأيت إن استأجرته يرعى غنمي هذه بأعيانها أيكون له أن يأخذ معها غنما من الناس يرعاها قال لهذا وجوه إن كان إنما استأجره في غنم كثيرة يعلم أن مثله إنما استأجر على كفايتها وأنه لا يقوى على أكثر منها فليس له أن يأخذ معها غيرها إلا أن يدخل معه من يرعى معه فيقوى على أكثر منها فيكون ذلك له وأما الذي
____________________
(11/436)
________________________________________
يستأجر على الشيء اليسير من الغنم فإن له أن يضم معها غيرها إلا أن يكونوا اشترطوا عليه أن لا يرعى معها غيرها
قال ولقد سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل مالا قراضا فيريد أن يأخذ من غيره أله ذلك قال نعم إلا أن يكون مالا كثيرا يخاف عليه إذا أدخل معه غيره لم يقو على ذلك وخيف على ما أخذ الضيعة فليس له ذلك
قال مالك وإني لأكره للرجل أن يدفع إلى الرجل مالا قراضا الذي مثله لا يشتغل الرجل به عن غيره فيشترط عليه أن لا يأخذ من أحد غيره مثل المال القليل
قلت ولم أجزت في الغنم أن يشترطوا عليه أن لا يرعى معها غيرها قال لأنهم استأجروه عليها فذلك إجارة والقراض ليس بإجارة فقد دخله اشتراط ما لا ينبغي
قال مالك ومن ذلك أنه يجوز للرجل أن يتكارى الرجل إلى وقت معلوم بأمر معروف يذهب له ببز إلى أفريقية وما أشبهها يبيعه ولو قال له تأخذ هذا المال قراضا تشتري به متاعا من أفريقية أو تخرج به إلى أفريقية لم يصلح ولم يكن فيه خير قال لي مالك يعطيه ذهبه ثم يقوده كما يقاد البعير لا خير في ذلك
ألا ترى أنه لو وجد تجارة دون أفريقية لم يستطع أن يشتريها وإن اشتراها ضمن وليس هكذا القراض ولا خير فيه وله أن ينهاه أن لا يخرج بماله الذي قارضه به إلى بلد ولا ينبغي له أن يشترط عليه أن يخرج به إلى بلد
قلت أرأيت هذا الأجير الذي استأجرته يرعى غنمي هذه بأعيانها أيكون له أن يرعى معها غيرها قال قال مالك إن كان استأجره على أن يرعى غنمه هذه بأعيانها ولم يشترط عليه أنه إن ماتت أخلف له غيرها فلا خير في هذه الإجارة إلا أن يشترط عليه أنها إن ماتت أخلف له غيرها فتكون الإجارة جائزة
قلت أرأيت إن استأجرته يرعى لي مائة شاة واشترطت عليه أن لا يرعى معها غيرها فآجر نفسه يرعى غيرها لمن الاجارة التي آجر بها نفسه قال لرب الغنم الذي شرط عليه أن لا يرعى معها غيرها وكذلك الأجير يستأجره الرجل على أن يخدمه شهرا فيؤاجر نفسه الأجير يوما أو أكثر أو أقل فإن الأجرة تكون للذي استأجره لأن خدمته كانت للذي استأجره
قال وهذا قول مالك في الأجير
وقال غيره في
____________________
(11/437)
________________________________________
صاحب المائة بشاة إن آجر نفسه يرعى غيرها فليس لرب الغنم من إجارته شيء إذا لم يدخل على صاحب المائة شاة مضرة في الرعي وإنه لم يشتغل عنها
قلت لابن القاسم فإن قال المستأجر الأول لا أريد إجارته ولكن حطوا عني إجارة هذا اليوم قال أرى ذلك له إن أحب أن يأخذ إجارته تلك التي آجر بها نفسه فذلك له وإن أحب أن يحط عنه إجارة ذلك اليوم ولا يكون له من الذي أخذ الأجير شيء فذلك له
في الأجير يستأجره الرجل ليرعى غنما بغير أعيانها أو بأعيانها قلت أرأيت إن استأجرته على أن يرعى لي مائة بكذا وكذا ولم أقل مائة شاة بأعيانها ولم أشترط عليه إن رعاها فتموتت أن أخلف له مائة أخرى يرعاها قال لا بأس بذلك
قلت لم قال لأنها ليست بأعيانها فهي إذا تموتت كان لك أن تأتي بمائة مكانها يرعاها لك لأن الإجارة لم تقع على غنم بأعيانها
قلت فإذا كانت مائة بأعيانها قال قد أخبرتك أن مالكا قال لا تجوز الإجارة في هذا إلا أن يشترط أنها إن تموتت أو باعها أتى بمائة مكانها يرعاها له
في الرجل يستأجر الأجير ليرعى له غنمه فيأتي الراعي بعبد يرعى مكانه قلت أرأيت إن استأجرت أجيرا يرعى لي غنمي هذه فأتاني بغيره يرعى مكانه قال لا يكون له ذلك وإنما رضي أمانته رب الغنم وجزاءه وكفايته إنما استأجره ببدنه
قال سحنون ولو رضي رب الغنم بذلك
في الأجير الراعي يسقي الرجل من لبن الغنم قلت هل يكون للراعي أن يسقي من لبن الغنم التي يرعى للناس أو الإبل أو البقر قال سألت مالكا عن الرجل يمر بالراعي فيستسقيه من لبن الغنم أو الإبل أو البقر
في الأجير يرعى غنما بأعيانها فتتوالد أو يزاد فيها قلت أرأيت إن استأجرته على أن يرعى غنمي هذه بأعيانها واشترطت إن مات
____________________
(11/438)
________________________________________
منها شيء جئت ببدله فتوالدت الغنم أيكون على الراعي أن يرعى أولادها معها قال أرى أن ينظر في كراء الناس في ذلك البلد فإن كانت لهم سنة يحملون عليها قد عرفوا ذلك أنها إذا ولدت فأولادها معها رأيت ذلك يلزمه وإن لم تكن لهم سنة يحملون عليها لم أر ذلك يلزمه لأن عليه في ذلك تعبا وزيادة يزدادها عليه في رعايتها
قلت أرأيت إن استأجرت راعيا يرعى لي هذه الغنم بأعيانها وشرطت عليه أن ما مات منها أبدلته أيكون لي أن أزيد فيها قال لا يكون لك أن تزيد فيها في قول مالك
في تضمين الراعي قلت هل كان مالك يرى على الراعي ضمان راعي الإبل أو راعي الغنم أو رعاء البقر أو راعي الدواب قال قال مالك لا ضمان عليهم إلا فيما تعدوا أو فرطوا
قلت وسواء عند مالك إن كان هذا الراعي إنما أخذ من هذا عشرين شاة ومن هذا مائة شاة فجمع أغنام الناس فكان يرعاها أو رجل استأجرته على أن يرعى غنمي هذه أهما سواء في قول مالك قال قال مالك نعم هما سواء لا ضمان عليهما إلا فيما تعديا أو فرطا
قلت أرأيت إذا سرقت الغنم هل يكون على الراعي ضمان في قول مالك قال لا إلا أن يكون ضيع أو تعدى
قلت والإبل والبقر والدواب فيما سألتك عنه من أمر الراعي مثل الغنم سواء في قول مالك قال نعم
بن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال ليس على الأجير الراعي ضمان شيء من رعيته إنما هو مأمون فيما هلك أو ضل يؤخذ يمينه على ذلك القضاء عندنا
بن وهب عن يونس بن يزيد عن أبي الزناد أنه قال ليس على أحد ضمان في سائمة دفعت إليه يرعاها إلا يمينه إلا أن يكون باع أو انتحر فإن كان عبدا فدفع إليه شيء من ذلك بغير إذن سيده فليس على سيده فيه غرم ولا في شيء من رقبة العبد
بن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وشريح الكندي وبكير مثله
وقال بعضهم إلا أن تقوم بينة بإهلاكه متعمدا
قال بن وهب وسألت مالكا عن الأجير الراعي في المال من الإبل والغنم مما تقل إجارته
____________________
(11/439)
________________________________________
وتعظم غرامته قال ما رأيت أحدا يضمن الأجير الحيوان وليس على الراعي ضمان إنما الضمان على الصناع
قال وليس على العبد الراعي ضمان ما دفع إليه من ذلك إلا أن يكون انتحر شيئا مما دفع إليه هذه الآثار لابن وهب
في الأجير الراعي يشترط عليه الضمان قلت أرأيت إن اشترطوا على الأجير الراعي ضمان ما هلك من الغنم قال قال مالك الإجارة فاسدة ويكون له كراء مثله ممن لا ضمان عليه ولا ضمان عليه فيما تلف
قلت فإن كان كراء مثله أكثر مما اكتر به على الضمان قال ذلك له وإن كان أكثر مما سموا له وإن هلكت الغنم فلا ضمان عليه في ذلك وقد قيل إن إجارة مثله إن كانت أكثر مما استؤجر به على أنه ضامن أنه لا يزاد على ما رضي به ومع هذا أنه لا يمكن أن تكون إجارة مثله إذا لم يكن عليه ضمان أكثر من إجارة مثله على أنه ضامن
قلت أرأيت الراعي يشترط عليه أرباب الغنم أن ما مات منها أتى الراعي بسمته وإلا فهو ضامن
قال قال مالك إذا اشترطوا على الراعي أن ما مات منها فهو ضامن قال مالك فالإجارة فاسدة ولا ضمان عليه فهذا يشبه مسئلتك ولا ضمان على الراعي فإن لم يأت بسمتها فله أجر مثله
في الراعي يذبح الغنم إذا خاف عليها الموت قلت أرأيت الراعي إذا خاف على الغنم الموت فذبحها أيضمن أم لا في قول مالك قال لا يضمن
قلت ويصدق في أنها كادت أن تموت فتداركها بالذبح قال نعم إذا أتى بها مذبوحة
وقال غيره هو ضامن لما انتحر
في دعوى الراعي قلت هل يكون الراعي مصدقا فيما هلك من الغنم في قول مالك قال نعم
قلت أرأيت إن قال ذبحتها فسرقت مني مذبوحة أيصدق أم لا قال نعم
____________________
(11/440)
________________________________________
يصدق لأنه لو قال سرقت مني وهي صحيحة صدقته فكذلك إذا قال ذبحتها فسرقت مني وهذا قول مالك في الراعي يقول سرقت الغنم مني أنه مصدق ولا ضمان عليه
وقال غيره هو ضامن بالذبح
في الراعي يتعدى قلت أرأيت الراعي ينزى على الرمك أو على الإبل والبقر والغنم بغير أمر أربابها فتعطب أيضمن أم لا قال أراه ضامنا
وقال غيره لا ضمان عليه
قلت أرأيت إن اشترطت على الراعي أن لا يرعى غنمي إلا في موضع كذا وكذا فرعاها في سوى ذلك أيضمن أم لا قال أراه ضامنا
قلت أتحفظه عن مالك قال لا
قلت أرأيت إذا خالف الراعي فضمن أي القيمتين تضمنه أقيمتها يوم أخذها أو قيمتها يوم خالف بها قال قال مالك في الرجل يتكارى الدابة فيتعدى عليها قال مالك تقوم في الموضع الذي تعدى عليها فيه ولا تقوم عليه يوم أخذها فكذلك الغنم إنما يكون عليه ضمانها يوم تعدى فيها ويكون له من الأجر بقدر ما رعاها إلى يوم تعدى فيها
في استئجار الظئر قلت أرأيت إن استأجرت ظئرا ترضع في صبيا سنتين بكذا وكذا درهما قال ذلك جائز عند مالك
قلت وكذلك إن اشترطت عليهم طعامها قال نعم
قلت وكذلك إن اشترطت عليهم كسوتها قال هذا جائز كله عند مالك
قلت فهل يكون لزوجها أن يطأها قال قال مالك إذا آجرت نفسها ظئرا بإذن زوجها لم يكن لزوجها أن يطأها
قلت فإن آجرت نفسها ظئرا بغير إذن زوجها أيكون للزوج أن يفسخ إجارتها في قول مالك قال نعم
قلت فأين ترضعه الظئر في قول مالك قال حيث اشترطوا
قلت فإن لم يشترطوا موضعا قال العمل عندنا أنها ترضع الصبي عند أبويه إلا أن تكون امرأة مثلها لا يرضع في بيوت
____________________
(11/441)
________________________________________
الناس ومن الناس من هو دنيء الشأن فإن طلب مثل هذا أن ترضع صبيه عنده لم يكن ذلك له لأنه لا خطب له وإنما ينظر في هذا إلى فعل الناس
قلت أتحفظه عن مالك قال لا
قلت أرأيت الظؤرة عليهم عمل الصبيان غسل خرقهم ودق ريحانهم ودهنهم وحميمهم وتطييب الصبي قال إنما يحمل من هذا على ما يعمل الناس بينهم
قلت أسمعته من مالك قال لا ولكن مالكا قال في الأجراء يحملون على عمل الناس بينهم فنرى هذا أيضا يحمل على ما يعرف من أمر الظؤرة عندهم
قلت أرأيت إن حملت هذه المرضع فخافوا على الصبي أيكون لهم أن يفسخوا الإجارة قال نعم
قلت تحفظه عن مالك قال لا ولكنه رأيي
قلت لم يكون لهم أن يفسخوا الإجارة ولا يكن لهم أن يلزموها أن تأتي بمن ترضع هذا الصبي قال لأنهم إنما اكتروها بعينها على أن ترضع لهم
قلت أرأيت إن أرادوا سفرا فأرادوا أن يأخذوا صبيهم أيكون ذلك لهم وتفسخ الإجارة قال لا يكون لهم أن يفسخوا الإجارة وإن أرادوا أخذ صبيهم لم يكن لهم ذلك إلا أن يوفوها الإجارة
قلت وهذا قول مالك قال هذا رأيي
قلت فلو مات الصبي قال قال مالك إن مات الصبي انقطعت الإجارة فيما بينهما وكان لها من الأجر بحساب ما أرضعت
قلت ولا يكون لوالد الصبي أنه يؤاجرها ترضع غير ابنه أو يأتي بصبي سوى ابنه ترضعه ويكمل لها الأجرة التي شرط لها قال لا يكون ذلك له ولا لها إن طلبته لأن مالكا قال لو أن رجلا آجر دابته من رجل فركبها إلى سفر من الأسفار فأراد أن يكريها من غيره قال ليس ذلك له
قال فقلت لمالك إنه يكريها ممن يشبهه في خفته وثقله وأمانته قال ليس ذلك له لأن الرجل يكري الرجل دابته لم يعلم من ناحية رفقه وحسن قيامه وقد تجد الرجل لعله مثله في الأمانة والحال لا يكون له من الرفق ما لصاحبه
قال فلم أره يجعله مثل كراء الحمولة ولا الداور ولا كراء السفينة قال في هذا كله يكريه في حمولة مثل حمولته إلى الموضع الذي اكترى إليه والدار له أن يكريها ممن يثق به فيسكن والمرضع عندي مثل من اكترى
____________________
(11/442)
________________________________________
ليركب هو نفسه
قلت أرأيت إن كان هذا الذي اكترى هذه الدابة ليركبها هو نفسه وخرج صاحب الدابة مع دابته فأراد المكتري أن يحمل على الدابة من هو أصغر منه وأخف قال إنما سمعت من مالك ما أخبرتك أنه لا يجيزه
قال وقال لي مالك قد كان ها هنا رجل بالمدينة يكريني راحلته زمانا لا يعدوني إلى غيري فيها فليس الناس كالحمولة قال بن القاسم وهو رأيي فإن أكراها لم أفسخه
قلت أرأيت امرأة آجرت نفسها ترضع صبيا لقوم وليس مثلها يرضع لشرفها وغناها أيكون لها أن تفسخ الإجارة في قول مالك أم لا قال ليس لها أن تفسخ هذه الإجارة لأن الإجارة قد لزمتها
قلت لم لا يكون لها أن تفسخ هذه الإجارة وهي ممن لا ترضع ولدها إلا أن تشاء وكيف لا يكون لها أن تفسخ هذه الإجارة وهي ممن لا ترضع تقول إني أستحي وليس مثلي يرضع وإن كنت آجرت نفسي قال إذا آجرت نفسها فذلك لها لازم ولا ينظر إلى شرفها في الإجارة
ألا ترى أنها إذا كانت ذات شرف قيل لها ليس مثلك ترضع إلا أن تشائي فإن شئت ذلك لم تمنعي فهي إذا شاءت أن ترضع ولدها كان ذلك لها فكذلك إذا آجرت نفسها فقد شاءت الإجارة فلا تفسخ هذه الإجارة والإجارة لها لازمة
قلت أتحفظه عن مالك قال لا وهو رأيي
قلت أرأيت إن مرضت هذه الظئر أيكون لها أن تفسخ الإجارة قال نعم إذا كان مرضا لا تستطيع معه الرضاع قال فإن صحت في بقية من وقت الإجارة خيرت على أن ترضع ما بقي وكان لها من الأجر بقدر ما أرضعت ويحط من إجارتها بقدر ما لم ترضع
قلت وهذا قول مالك قال قال مالك في الأجير إذا استؤجر سنة إنه إذا مرض بعض السنة ثم صح في بقية من السنة أنه يخدم تلك البقية وليس عليه أن يخدم ما مرض ولكن يحط عنه من الإجارة بقدر ما مرض وكذلك هذه الظئر عندي فإن مرضت حتى تمضي السنتان التي كانتا وقتا لها فلا تعود إلى الرضاعة لأن وقت الإجارة قد مضى وقال غيره إلا أن يكون فسخ الكراء بينهما فلا تعود إليه
قلت أرأيت إن استأجرت ظئرا ترضع لي صبيين
____________________
(11/443)
________________________________________
فأرضعتهما لي سنة ثم مات أحدهما قال يوضع عن الأبوين من الإجارة بقدر ما بقي من رضاع هذا الميت وذلك ربع الإجارة لأن النصف قد أوفتهما في السنة التي أرضعت لهم وبقي نصف الإجارة فمات أحد الصبيين فبطل نصف النصف من الأجرة وهو ربع الجميع وهذا رأيي إلا أن يكون ذلك يختلف فيحمل على رخص الكراء وغلائه في أبان تلك السنتين لعله يكون للشتاء كراء وللصيف كراء وأسواقه مختلفة وللصغير كراء وللصبي إذا تحرك كراء آخر فيحملون على ذلك بحال ما وصفت لك من الكراء أو الإجارة
قلت أرأيت إذا حططت عن هذه المرضع قدر ما أصاب هذا الصبي الذي مات أيكون لها أن تأخذ مع صبيهم الباقي صبيا غيره ترضعه بأجرة أم لا قال ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى ذلك لها
قلت أرأيت إن تأجرت امرأة ترضع لي صبيا فأرادت أن تؤاجر نفسها ترضع صبيا آخر مع صبي أيجوز هذا في قول مالك قال لم أسمعه من مالك ولا أراه جائزا
قلت أرأيت إن استأجرت ظئرين ترضعان صبيا لي فماتت إحداهما فقالت الظئر الباقية لا أرضع وحدي أيكون ذلك لها أم لا قال ذلك لها أن لا ترضع وحدها
قلت لم وقد كان جميع لبنها لهم أرأيت هذه الباقية هل يكون لها أن تأخذ صبيا غير صبيهم ترضعه مع صبيهم قبل موت التي كانت معها أو بعد ذلك قال لا ليس لها أن تأخذ مع صبيهم صبيا غيره فترضعه
قلت فإذا لم يكن لها أن تأخذ مع صبيهم صبيا غيره فقد صار جميع اللبن لهم فلم لا تجبرها على أن ترضع هذا الصبي وحدها بجميع لبنها قال لا يكون ذلك عليها لأنها تقول إنما كنت أنا وصاحبتي فكان لا ينهكني وهو الآن ينهكني وكنا نتعاون في عمله فصار العمل كله الآن علي فلا أرضى
قال وكذلك الأجيران يستأجرهما الرجل يرعيان له غنمه أو يرعيان له إبله سنة فيموت أحدهما فيقول الآخر لا أرعاها وحدي إن ذلك له وكذلك الظئران إذا استأجرهما فماتت إحداهما مثل الأجيرين
قلت أرأيت إن استأجرت ظئرا ترضع لي صبيا فلما كان بعد ما استأجرتها استأجرت معها غيرها فأردت أن أستغزر لولدي اللبن فماتت الثانية
____________________
(11/444)
________________________________________
قال على الأولى أن ترضعه لأنه إنما تطوع برضاع الثانية على ابنه فلما ماتت الثانية ثبت الرضاع كما كان على الأولى
قلت فإن ماتت الأولى قال فعليه أن يأتي مع الثانية بمن ترضع معها
قلت أرأيت إن استأجر أبو الصبي ظئرا للصبي فمات الأب وبقيت الظئر ليس لها من يعطيها رضاعها قال أجر الرضاع في مال الصبي لأن مالكا قال لي لو أن رجلا استأجر ظئرا لابنه فقدم إليها أجر رضاعها ثم هلك الأب قبل أن يستكمل الصبي رضاعه قال أرى ما بقي من الرضاع يكون بين الورثة وكذلك إن كان الأب تحمل لها بأجر الرضاع فمات الأب فإنما أجر ما بقي من رضاعها في حظ الصبي ومما يبين قول مالك في الرضاع إذا مات الأب قبل أن يستكمل الصبي رضاعه أن ما بقي مما كان قدم إليها أبوه أنه بين الورثة لأن الصبي لو مات في حياة أبيه كان ما دفع الأب إلى المرضع مالا له يرجع إلى الأب ولم ترث أمه منه شيئا فلو كان أمرا يثبت للصبي أو عطية أعطاه إياها لورثت الأم في ذلك ولكنها نفقة للصبي قدمها لم
____________________
(11/445)
________________________________________
تكن تلزم الأب إلا ما دام الصبي حيا فلما مات انقطع عنه ما كان يلزمه من أجر الرضاع وكان ما بقي مما لم ترضعه الظئر بين ورثة الميت بمنزلة ما لو لم يقدم لها شيئا كان يكون أجر رضاعها في حظ الصبي وليس تقديم إجارتها مما يستوجبه الصبي أولا ترى لو أن رجلا استأجر أجيرا وضمن له غيره إجارته دينا عليه فقال له اعمل لفلان وحقك علي أو بع فلانا سلعتك وحقك علي ففعلا ذلك جميعا ومات الذي كان ضمن ذلك له كان في ماله ولم يكن على قابض السلعة ولا على الذي عمل له قليل ولا كثير وكذلك قال مالك في السلعة فهذا يدلك على الرضاع ولو كان الرضاع عطية وجبت للابن لكان ذلك للابن ولو لم ينقده عنه بمنزلة السلعة والأجير عند مالك وقد فسرت لك ذلك
قلت أرأيت إن مات أبواه ولم يتركا مالا ولم تأخذ الظئر منه من إجارتها شيئا أيكون لها أن تنقض الإجارة قال نعم
قلت فإن تطوع رجل فقال لها على أجر رضاعك قال فلا يكون لها أن تنقض الإجارة
قلت أرأيت ما أرضعت الصبي قبل أن يموت أبوه ولم تكن أخذت إجارتها ولم يترك الأب مالا أيلزم ذلك الصبي أم لا قال لا يلزمه عند مالك لأن نفقة الصبي قبل موت الأب إنما كانت على الأب فهي إن أرضعته أيضا بعد موت الأب ولا مال للصبي فهي متطوعة ولا شيء لها على الصبي إن كبر وأفاد مالا
قلت أرأيت إن مات الأب وترك مالا فأرضعته أتكون أجرتها في حظ الصبي قال نعم
قلت فلو أن الظئر قالت إذا لم يترك أبوه مالا فأنا أرضعه وأتبع الصبي بأجر الرضاع دينا عليه يوما ما قال لا يكون ذلك لها وهي إن أرضعته متطوعة في هذا إذا لم يترك الأب مالا
قلت فما فرق بينهما إذا ترك الأب مالا وإذا لم يترك الأب مالا قال لأن مالكا قال لو أن رجلا أخذ يتيما صغيرا لا مال له فأنفق عليه وأشهد أنه إن أيسر يوما ما أتبعه بذلك كان متطوعا في النفقة ولم تنفعه الشهادة ولا يكون له على الصبي شيء وإن أفاد مالا وإنما النفقة على اليتامى على وجه الحسبة ولا ينفعه ما أشهد
قلت أرأيت إن استأجرت امرأتي ترضع صبيا لي من غيرها قال ذلك جائز ولم أسمعه من مالك لأن ذلك لم يكن يلزمها فلما لم يكن يلزمها جازت
____________________
(11/446)
________________________________________
إجارتها في ذلك
قلت وكذلك إجارة خادمها في ذلك قال نعم
قلت وكذلك لو أن رجلا استأجر أمه أو أخته أو عمته أو خالته أو ابنته أو ذات رحم محرم لترضع له صبيا قال ذلك جائز
قلت أرأيت من التقط لقيطا على من أجر رضاعه عند مالك قال على بيت المال عند مالك
قلت أرأيت اليتامى الذين لا أحد لهم أهم بهذه المنزلة في أجر الرضاع في قول مالك قال نعم
في تضمين الأجير ما أفسد أو كسر قلت أرأيت إن استأجرت حمالا يحمل لي دهنا أو طعاما في مكتل فحمله لي فعثر فسقط فاهراق الدهن أو اهراق الطعام من المكتل أيضمن أم لا قال قال مالك لا ضمان عليه
قلت لم قال لأنه أجيرك عند مالك ولا يضمن أجيرك لك شيئا إلا أن يتعدى
قلت أرأيت إن قلت له إنك لم تعثر ولم تسقط ولم يذهب دهني ولا طعامي ولكنك غيبته أيكون القول قولي أم لا في قول مالك قال القول قولك في الطعام والأدام وعلى الأجير البينة أنه عثر واهراق الأدام الطعام وأما في البز والعروض إذا حملها فالقول قوله إلا أن يأتي بما يستدل به على كذبه
قلت فما قول مالك فيمن جلس يحفظ ثياب من يدخل الحمام فضاع منه شيء أيضمن أم لا قال قال مالك لا ضمان عليه
قلت ولم لا يضمنه مالك قال لأنه أنزله بمنزلة الأجير
قلت أرأيت إن استأجرت أجيرا يخدمني شهرا في بيتي فكسر آنية من آنية البيت أو قدرا أيضمن أم لا في قول مالك قال لا يضمن إلا أن يتعدى فإن ما لم يتعد فلا يضمن
قلت ولا يشبه هذا القصار والحداد وما أشبه ذلك من الأعمال قال لا لأن هذا لم يؤتمن على شيء وإنما هذا أجير لهم في بيتهم وحكم الأجير غير حكم الصناع
قلت له وكذلك لو أمرته يخيط لي ثوبا فأفسده لم يضمن إلا أن يكون تعدى قال نعم لأنك لم تسلم إليه شيئا يغيب عليه وإنما هو أجيرك في بيتك والشيء في يديك فلا يضمن إذا تلف الثوب ويضمن إذا أفسد بالعداء
قلت أرأيت أجير الخدمة ما أفسد من طحينهم أو اهراق من لبنهم أو من مائهم أو من نبيذهم
____________________
(11/447)
________________________________________
أو ما وطيء عليه من قصاعهم أو كسر من قلالهم أو وطيء عليه من ثيابهم فتخرق أو خبز لهم خبزا فاحترق أيضمن ذلك أم لا قال لا ضمان عليه إلا فيما تعدى وقد أخبرتك به
سحنون وقال غيره ما عثر عليه أو وطىء عليه فهو جناية وما سقط من يده أو عثر به فلا يضمن
بن وهب وأخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في رجل استأجر أجيرا يحمل له شيئا فحمل له إناء أو وعاء فخر منه الإناء أو انفلت منه الوعاء فذهب ما فيه
قال فلا أرى عليه غرما إلا أن يكون تعمد ذلك
بن وهب وقال لي مالك في رجل حمل على دابته شيئا بكراء فانقطع حبل من أحبله فسقط ذلك الشيء فانكسر أو ربطت الدابة فانكسر أو زاحمت شيئا قال يضمن إن كان يعرف أنه غرر في رباطه أو حرف بالدابة حتى زاحمت أو كان يعرف أن دابته ربوض وإن لم يعرف من ذلك شيئا لم يضمن
بن وهب قال وأخبرني عقبة بن نافع قال قال يحيى بن سعيد الحمال عليه ضمان ما ضيع
القضاء في الإجارة قلت أرأيت الخياطين والقصارين والجزارين والصواغين وأهل الصناعات كلها إذا عملوا للناس بالأجرة ألهم أن يحبسوا ما عملوا حتى يطعوا أجورهم قال قال مالك نعم لهم أن يحبسوا ما عملوا حتى يعطوا أجرهم
قال وكذلك في التفليس هم أحق بما في أيديهم وكذلك في الموت هم أحق بما في أيديهم إذا مات الذي استعمل عندهم وعليه دين
قلت أرأيت إن استأجرت حمالا يحمل لي طعاما أو متاعا أو عروضا إلى موضع من المواضع بأجر معلوم على نفسه أو على دابته أو على إبله أو على سفينته فحمل ذلك حتى إذا بلغ الموضع الذي اشترطت عليه منعني متاعي أو طعامي حتى يقبض حقه قال قال مالك ذلك له وإن فلس رب المتاع كان هذا الحمال أو الكري أحق بما في يديه من الغرماء حتى يستوفي حقه
قلت أرأيت إن استأجرت رجلا يبني لي دارا أو بيتا على من الماء الذي يعجن به الطين أو على من الدلاء أو على من القفاف والفؤس والمجارف قال يحملون على سنة الناس عندهم فإن لم يكن لهم سنة كان ذلك
____________________
(11/448)
________________________________________
على رب الدار ولا أحفظه
قلت أرأيت إن استأجرت رحا أطحن عليها على من نقر إذا عجزت قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن يحملوا على ما يتعامل الناس عليه عندهم في نقر أرحيتهم إذا أكروها فيحملان على ذلك فإن لم يكن لهم سنة يحملون عليها فأرى ذلك على رب الرحا وإنما النقش عندي بمنزلة متاع الرحا إذا فسد فعلى رب الرحا إصلاحه إذا لم يكن لهم سنة يتعاملون بها فيما بينهم
قلت أرأيت إن استأجرت دارا أو حماما أو رحا ماء فانهدم من ذلك ما أضر بالمستأجر ومنعه من العمل أو السكنى وقال المستأجر أنا أفسخ الإجارة وقال رب هذه الأشياء أنا أبنيها أو أصلحها ولا أفسخ الإجارة القول قول من في قول مالك قال القول قول المستأجر ولا يلتفت إلى قول رب الدار والحمام والرحا
قلت أرأيت إن استأجرت رجلا يبني لي حائطا ووصفته له فلما بنى نصف الحائط انهدم أيكون على الباني أن يبنيه لي ثانية قال ليس عليه أن يبنيه لك ثانية وله من الأجر بقدر ما عمل
قلت وكذلك إن كان الآجر والطين وجميع ما يبنى به الحائط من عند البناء قال وإن كان لأنه إذا بنى منه شيئا فقد صار لرب الدار ما بنى وقال غيره لا يكون هذا في عمل رجل بعينه ولا يكون إلا مضمونا
قال سحنون فإذا كان مضمونا فإن عليه تمام العمل
قلت وكذلك لو استأجرته يحفر لي بئرا صفتها كذا وكذا فحفر نصفها فانهدمت قال كذلك أيضا يكون له من الأجر بقدر ما عمل قلت فإن حفرها في ملك ربها أو في غير ملك ربها فهو سواء إذا انهدمت قال نعم إذا كانت إجارة فسواء حيث ما حفر له بأمره فانهدمت البئر بعد ما حفرها فله أجره وإن انهدم نصفها فله نصف الأجر إلا أن يكون من وجه الجعل جعل لمن يحفر له بئرا صفتها كذا وكذا كذا وكذا درهما أو جعل لرجل عشرين درهما أن يحفر له بئرا صفتها كذا وكذا فهذا إذا حفرها فانهدمت قبل أن يسلمها إلى ربها فلا شيء له
قلت ومتى يكون هذا قد أسلمها إلى ربها قال إذا فرغ من حفرها كما اشترط رب البئر فقد أسلمها إليه
قلت أتحفظ هذه الأشياء عن مالك قال هذا رأيي وذلك أن
____________________
(11/449)
________________________________________
مالكا سئل عن حفار استأجره رجل يحفر له قبرا فانهدم قال قال مالك إذا انهدم بعد فراغه فالإجارة للمستأجر لازمة وإن انهدم قبل فراغه فلا إجارة له
قال بن القاسم وهذه الإجارة فيما لا يملك من الأرضين
قلت أرأيت إن استأجرت رجلا يحفر لي قبرا في موضع من المواضع أو بئرا عمقها في الأرض عشر قامات ووجه الأرض تراب لين بمائة درهم فلما حفر قامة وقع على حجر شديد أو وقع على تربة شديدة قال إن كان استأجره على أرض قد عرفوها واختبروها فلا بأس بالإجارة فيها وإن لم يختبروها فلا خير في هذه الإجارة فيها وهكذا سمعت من مالك
قال وسمعت مالكا وسئل عن حفر قفر النخل يستأجر عليها الرجل يحفرها إلى أن يبلغ الماء قال إن كانت قد عرفت الأرض فلا أرى بذلك بأسا وإن كانوا لم يعرفوها فلا أحب له ذلك
قال بن وهب قال الليث وكتبت إلى ربيعة وأبي الزناد أسألهما عن الرجل يستأجر من يحفر له بئرا فقال أبو الزناد كل من أدركنا يقول حتى يخرج الماء
وقال ربيعة إن كانت الأرض متقاربة ليس بعضها يخرج الماء منها قبل بعض فلا بأس به وإن كان الماء يخرج من بعضها قبل بعض فمذارعة أحب إلي
قلت أرأيت إن استأجرت حفارا يحفر لي قبرا على من يكون حثيان التراب في القبر قال إنما ذلك على ما يتعامل الناس بينهم في مواضعهم تلك يحملون على ذلك
قال وهذا رأيي
قلت أرأيت إن أمرته أن يحفر لي قبرا فحفره فشق فيه فقلت له إنما أردت اللحد ولم أرد الشق قال ينظر أيضا إلى عمل الناس عندهم كيف هو فيحملون على ذلك
قلت أرأيت إن استأجرت أجيرين يحفران لي قبرا بكذا وكذا فمرض أحدهما وحفرها الآخر قال يكون الأجر لهما جميعا للذي مرض ولصاحبه ويقال للمريض أرضه من حقك فإن أرضاه من حقه وإلا لم يكن له شيء ويكون الحافر متطوعا
____________________
(11/450)
________________________________________
القضاء في تقديم الإجارة وتأخيرها قلت أرأيت الخياطين والعمال بأيديهم في الأسواق إذا دفع إلى أحدهم العمل ليعمله بأجر ولم يشترطا بينهما نقدا ولا غير نقد وقال العامل عجل لي إجارة عملي وقال الذي له العمل لا أدفع إليك حتى تفرغ من عملي قال يحملان على أمر الناس فإن كان ذلك عندهم غير معروف لم يجبر رب العمل على أن يدفع إليه حتى يفرغ من عمله
قلت وهذا قول مالك قال قال مالك لأهل الأعمال سننهم يحملون عليها
قلت فإن خاط الخياط نصف القميص ثم جاء يطلبه بنصف إجارته أيكون ذلك قال لا يكون له ذلك حتى يفرغ من عمله
قلت لم قال لأنه لم يأخذ الثوب على أن يخيط نصفه ويترك نصفه
في الدعوى في الإجارة قلت أرأيت لو أن خرازا أو حدادا أو صائغا أو صيقلا عمل لي عملا فقلت له إنما عملته لي باطلا وقال إنما عملته لك بكذا وكذا درهما قال القول قول العامل إذا أتى بما يشبه أن يكون إجارة ذلك العمل الذي عمل عند الناس وإلا رد إلى إجارة مثله وقال غيره لأن رب الثوب قد أقر له بالعمل وادعى عليه أنه وهب له عمله فهو مدع وعليه البينة فإن لم تكن له بينة فعلى العامل اليمين وله أجرة مثل عمل ذلك الشيء إلا أن يكون ذلك أكثر مما ادعى العامل فلا يكون له إلا ما ادعى
قلت أرأيت لو أن رجلا دبغ جلدا لرجل أو خاط ثوبا لرجل أو صبغ ثوبا لرجل أو صاغ حليا لرجل أو عمل قلنسوة لرجل أو عمل بعض ما يعمل أهل الأسواق لرجل فأتى أرباب الثوب والجلد والفضة والذهب وهذه الأشياء التي قد وصفت لك فقالوا للعامل إنما استودعناك هذه الأشياء ولم نستعملك القول قول من قال القول قول العامل ولا يلتفت إلى قول رب تلك السلع في إنما استودعوها وقال غيره العامل مدع
قلت لابن القاسم ولم جعل مالك القول قول الصناع قال لأنهم يأخذون ولا يشهدون
____________________
(11/451)
________________________________________
وهذا أمرهم فيما بينهم وبين الناس فلو جاز هذا القول لرجل لذهبوا بما يعملون له باطلا فلا يكون القول قول رب المتاع
قال ولقد سألت مالكا عما يدفع إلى الصناع ليعملوه فيقرون أنهم قد قبضوه وعملوه ودفعوه إلى ربه بعد الفراغ منه والقبض له قال إذا أقر الصانع أنه قد قبض المتاع فهو ضامن إلا أن يقيم البينة أنه رده
قال ولو جاز هذا للصناع لذهبوا بمتاع الناس فقلت له فإن ادعى على أحدهم فأنكر فقال لا يؤاخذون إلا ببينة أن المتاع قد دفع إليهم وإلا احلفوا
قلت أرأيت ان قال رب المتاع سرق متاعي هذا وقال الصانع بل أمرتني أن أعمله لك ولم يسرق منك قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أني أرى أن يتحالفا ثم يقال لصاحب المتاع إن أحببت فادفع إليك أجر عمله وخذ متاعك فإن أبى قيل للعامل ادفع إليه قيمة متاعه غير معمول فإن أبى كانا شريكين في المتاع هذا بقيمة عمله وهذا بقيمة متاعه غير معمول لأن كل واحد منهما مدع على صاحبه
وقال غيره لا يكونان شريكين والعامل مدع
قلت وكذلك لو قال رب المتاع للعامل سرقته مني وقال العامل بل استعملتني قال هذا مثل ما وصفت لك في قول رب المتاع سرق مني فأرى إن كان الصانع من أهل العدالة والفضل وممن لا يشار إليه بالسرقة رأيت أن يعاقب ذلك الذي ادعى ذلك عليه ورماه بالسرقة وإن كان ممن هو على غير ذلك لم أر عليه عقوبة
قلت وكذلك إن ادعيت عليه في قمص عنده أنها كانت ملاحف لي فأقمت البينة أيكون لي أن آخذها مخيطة قال لا إلا أن ترد عليه أجر الخياطة وإلا كان القول بينهما مثل ما وصفت لك في السرقة
قلت أتحفظه عن مالك قال لا ولكني أحفظ عن مالك في يتيم مولى عليه باع ملحفة من رجل فباعها الرجل من آخر ثم باعها الآخر من آخر وترابحوا فيها كلهم ثم إن المبتاع الآخر صبغها لابن له يختنه فيها قال مالك يترادون الربح فيما بينهم ولا يكون على اليتيم شيء من الثمن الذي أخذ إذا كان قد أتلف الثمن الذي أخذه وتقوم الملحفة بيضاء بغير صبغ ويقوم الصبغ ثم يكون اليتيم والذي صبغها شريكين
____________________
(11/452)
________________________________________
في الملحفة هذا بقيمة الصبغ واليتيم بقيمة الملحفة بيضاء ويبطل الثمن الذي أخذه اليتيم إلا أن يكون قائما بعينه فيرده وهذا يدلك على قول مالك في مسألتك التي سألت عنها قبل هذا لأن هذا مثل ذلك
قال عبد الرحمن بن القاسم وبيع اليتيم عندي بمنزلة ما لم يبع فلذلك ردت الملحفة
قلت أرأيت لو قال رجل لرجل اقلع لي ضرسي هذا ولك عشرة دراهم فلما قلعه قال له المقلوعة ضرسه إنما أمرتك بالضرس التي يليها وقد قلعت ضرسا لم آمرك بها أيكون على القالع شيء أم لا قال لا شيء على القالع لأنه قلعه والمقلوعة ضرسه يعلم ما يقلع منه
قلت فهل يكون للقالع أجره الذي سمي له قال نعم لأن صاحب الضرس مدع إلا أن يصدقه الحجام فلا يكون عليه شيء
قلت تحفظه عن مالك قال لا
وقال غيره الحجام مدع
قلت لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا لت سويقا لي بسمن فقال لي أمرتني أن ألته بعشرة الدراهم وقلت له لم آمرك أن تلته بشيء قال يقال لصاحب السويق إن شئت فاغرم له ما قال وخذ السويق ملتوتا فإن أبى قيل للذي لته اغرم له سويقا مثل سويقه غير ملتوت وخذ هذا الملتوت فإن أبى لم يكن له شيء ويسلم السويق بلتاته إلى ربه
وقال غيره إن أبى أن يعطيه رب السويق ما لته به كان له على اللتات أن يغرم له مثل سويقه غير ملتوت
قلت لابن القاسم ولم لا تجعلهما شريكين إن أبيا ما دعوتهما إليه قال لا يكونان شريكين لأن الطعام لا شركة فيه لأنه يوجد مثله
قلت وهذا قول مالك قال لم أسمعه من مالك وهو رأيي
قلت أرأيت إذا دفعت سويقا إلى اللتان ليلته لي بخمسة الدراهم فلته فقال صاحب السمن أمرتني أن ألته بعشرة الدراهم وقد لتته بعشرة الدراهم وقال صاحب السويق إنما أمرتك بخمسة الدراهم قال ينظر في ذلك السويق فإن كان يشبه أن يكون القول قول صاحب السمن يعلم أهل المعرفة أن لتات ذلك السويق يدخله من السمن بعشرة دراهم فالقول قول صاحب السمن اللتات لأنه قد ائتمنه عليه وأقر أنه أمره بالعمل فهو مدع عليه يريد أن يضمنه فعليه البينة وعلى اللتات اليمين
____________________
(11/453)
________________________________________
قلت ولم جعلت القول في العشرة كلها ورب السويق يقول إنما أمرته بخمسة الدراهم وقد تعدى علي في الخمسة الأخرى قال قال مالك في الصباغ إذا صبغ الثوب بعشرة الدراهم عصفرا فقال رب الثوب لم آمرك أن تجعل فيه إلا بخمسة الدراهم عصفرا وقال الصباغ أمرتني أن أجعل فيه بعشرة الدراهم عصفرا إن القول قول الصباغ إذا كان ما في الثوب من العصفر يشبه أن يكون بعشرة دراهم مع يمين الصباغ أن رب الثوب أمره أن يجعل فيه بعشرة الدراهم عصفرا ويجبر رب الثوب على أن يغرم فيه العشرة دراهم كلها للصباغ لأنه لما دفع إليه الثوب على أن يصبغ بالإجارة فقد ائتمنه على الصبغ بالإجارة فالقول قول الصباغ في الصبغ والإجارة إلا أن يأتي من ذلك بأمر يستدل به على كذبه فيكون القول قول رب الثوب بحال ما وصفت لك فإن أتيا جميعا بما لا يشبه حملا على إجارة مثله فكذلك مسئلتك في اللتات إذا أقر أنه أمره أن يلته بدراهم فالقول قول صاحب السمن بمنزلة ما وصفت لك في الصباغ لأن صاحب السويق قد ائتمنه على اللتات بالدراهم فالقول قول اللتات فيما أدخل في السويق من السمن والقول قول اللتات أنه أمره بكذا وكذا درهما لأنه قد ائتمنه على ذلك إلا أن يأتي بأمر يستدل به على كذبه
قال وهذا إذا دفع إليه السويق وغاب عليه اللتات فأما إذا لم يدفع إليه السويق حتى يغيب عليه فالقول
____________________
(11/454)
________________________________________
قول صاحب السويق لأن صاحب السويق لم يأتمنه وإنما هو مشتر منه يقول لم أشتر منك إلا بخمسة دراهم فلا يكون لصاحب السمن أكثر مما يقوله به وصاحب السمن ها هنا مدع فالقول قول صاحب السويق
قلت فإن نظر أهل المعرفة إلى ذلك السويق فقالوا هذا السمن الذي لت به هذا السويق لا يكون بأقل من عشرة دراهم أيكون القول قول صاحب السمن قال إن أقر صاحب السويق أن جميع ما في هذا السويق من اللتات هو من السمن الذي اشترى من هذا اللتات فالقول قول اللتات لأن صاحب السويق قد تبين كذبه فإن قال صاحب السويق قد كان لي فيه لتات قبل أن يلته هذا السمان فالقول قول صاحب السويق لأنه لم يغب عليه اللتات
قلت أرأيت إن دفع إليه السويق وغاب عليه فقال رب السويق لم آمرك أن تلته إلا بخمسة دراهم ولم تجعل فيه إلا بخمسة دراهم سمنا وقال اللتات أمرتني بعشرة وقد جعلت فيه بعشرة دراهم سمنا فنظر أهل المعرفة فقالوا فيه بعشرة دراهم سمنا فقال رب السويق قد كان لي فيه لتات قبل أن يلته صاحب السمن أيكون القول قوله قال لا يكون القول قوله والقول قول صاحب السمن وكذلك الصباغ إذا صبغ الثوب فاختلفا مثل ما وصفت لك فكان يشبه ما في الثوب من الصبغ ما قال الصباغ فقال رب الثوب إنه قد كان لي فيه صبغ قبل أن يصبغه الصباغ إن القول قول الصباغ ولا يلتفت إلى قول رب الثوب أنه قد كان لي فيه صبغ قبل أن أدفعه إلى الصباغ مع يمين الصباغ لأن الصباغ واللتات جميعا مؤتمنان وإنما أقرا بأنهما قبضا السويق والثوب ولم يقرا بأنهما قبضا صبغا ولا لتاتا والسمن والصباغ واللتات في أيديهما يزعمان أنه لهما فالقول قولهما في الإجارة في الصبغ والسمن إذا كان يشبه ما قالا لأنهما مؤتمنان
قلت وهذا قول مالك قال لم أسمعه من مالك وهذا رأيي
في اليتيم يؤاجر نفسه ثم يحتلم قبل ذلك قلت أرأيت لو أن يتيما في حجري آجرته ثلاث سنين وأنا أظنه لا يحتلم إلى ثلاث سنين فاحتلم بعد سنة أو سنتين فأراد أن ينقض الإجارة حين احتلم أيكون ذلك له أم لا قال لا أرى أن تلزمه الإجارة بعد احتلامه إلا أن يكون الشيء الخفيف نحو الأيام والشهر وما أشبهه ولا يؤاجر الوصي اليتامى بعد احتلامهم
ألا ترى أن الأب إنما تلزمه نفقة ابنه حتى يحتلم فإذا احتلم لم تلزمه النفقة ولم يجز له أن يؤاجره ولا يكون الوصي في هذا أحسن حالا من الأب
قلت أرأيت إن أكريت أرض يتيم في حجري ثلاث سنين أو أربع أو أكريت غلاما له أو دابته أو إبله سنتين أو ثلاثة أو أربعة ثم احتلم الصبي بعد سنة أو سنتين قال إن كان الوصي أكراه هذه السنين وهو يظن أن الصبي
____________________
(11/455)
________________________________________
في مثل تلك السنين وذلك ظن الناس أنه لا يحتلم في مثل تلك السنين فعجل به الاحتلام وأنس منه الرشد لم يكن له أن يرد ما صنع الوصي وجاز ذلك عليه لأن الوصي إنما صنع من ذلك ما يجوز له في تلك الحال ولم يتعمد ما لا يجوز فذلك جائز على اليتيم وإن بلغ
وقال غيره لا يلزم ذلك اليتيم إلا فيما قبل
قلت لابن القاسم فإن كان أكراه هذه الأشياء وهو يعلم أن الصبي يحتلم قبل ذلك قال لا يجوز ذلك عليه
قال وكذلك المولى عليه يؤاجر عليه السلطان أو وصيه أو ولي جعله له السلطان أرضه أو دوره أو رقيقه السنة والسنتين أو الثلاث ثم يفيق ويؤنس منه الرشد والخير أن الإجارة لازمة له لأن الوصي إنما فعل في هذه الأشياء ما يجوز له أن يفعله يوم فعله فهذا لزم له
وقال غيره لا يصلح لوصي المولى عليه أن يؤاجر هذه الأشياء السنين الكثيرة وإنما يجوز له من ذلك السنة وما أشبهها لأن هذا يرجى منه الإفاقة كل يوم وكراء السنة وما أشبهها مما يتكارى الناس فيما بينهم والسنين إنما هو أمر خاص ليس هو ما يتكار الناس بينهم فهذا لا ينبغي أن يكرى عليه شيء من أرضه ودوره ورقيقه وإبله إلا على مثل ما يتكارى جل الناس فيما بينهم لأن هذا ترجى إفاقته كل يوم فالوصي إن أكرى عليه السنين الكثيرة فأفاق هذا بعد ذلك كان قد حجر عليه ماله بعد إفاقته فلا ينبغي ذلك له وله أن يرد ذلك
قلت والوالد في هذا بمنزلة الوصي عندك في ولده الصغير الذي في حجره فلا ينبغي له أن يكري على ابنه أرضه وماله السنين الكثيرة التي يعلم أن الصبي يحتلم قبل انقضائها قال نعم
في جعل السمسار قلت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك قال نعم سألت مالكا عن البزاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزا ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزا ثلاثة دنانير فقال لا بأس بذلك
قلت أمن الجعل هذا أم من الإجارة قال هذا من الجعل
قال وقال مالك ومتى ما شاء أن يترك المال ولا يشتري به فذلك له يرده متى ما شاء
قال وإن ضاع المال فلا شيء عليه
قلت فإن قال له اشتر لي مائة ثوب بمائة
____________________
(11/456)
________________________________________
دينار ولم يبين له من أي الثياب هي أكان يكون الجعل فاسدا قال لم أسمع من مالك فيه شيئا
قال بن القاسم إن كان فوض ذلك إليه واشترى له ما يشبهه في تجارته أو في كسوته رأيت ذلك لازما له
بن وهب قال الليث بن سعد وكتبت إلى ربيعة كيف ترى في رجل دفع إلى صاحب له دنانير يشتري له بها بزا ويعطيه على كل مائة أربعة دنانير إن هو اشترى فإن لم يشتر فليس له شيء قال ربيعة لا بأس به إذا كان هذا شيئا مأمونا من طلبه وحده
بن وهب بلغني عن يحيى بن سعيد في رجل جعل لرجل على كل مائة ثوب يشتريها دينارا قال لا أرى على من أعطى دينارا أو دينارين على شيء يبتاعه له قرب أو بعد بأسا
بن وهب وقال قال لي مالك لا بأس بذلك
في الجعل في البيع قلت أرأيت إن قلت لرجل بع لي هذا الثوب ولك درهم قال لا بأس به عند مالك
قلت فإن قال له بع لي هذا الثوب اليوم ولك درهم قال لا خير فيه إلا أن يشترط أنه متى ما شاء أن يتركه تركه
قلت لم قال لأنه إن لم يبعه اليوم ذهب عناؤه باطلا ولو باعه في بعض اليوم سقط عنه عمل بقية ذلك اليوم ولا يجوز الجعل إلا أن يكون متى ما شاء رده ولا يلزمه ذلك في ثوب يبيعه بعينه ولا يوقت في الجعل يوما أو يومين إلا أن يكون متى ما شاء أن يرده رده
وقد قال بن القاسم في مثل هذا إنه جائز وهذا جل قوله الذي يعتمد عليه
قلت وكل ما يجوز فيه الجعل عندك تجوز فيه الإجارة قال نعم إذا ضرب للإجارة أجلا
قلت والكثير من السلع لا يصلح فيه الجعل عند مالك قال نعم لا يصلح فيه الجعل وتصلح فيه الإجارة عند مالك
قلت والقليل من السلع تصلح فيه الإجارة والجعل جميعا في قول مالك قال نعم
قلت لم كره مالك في السلع الكثيرة أن يبيعها الرجل الرجل بالجعل قال لأن السلع الكثيرة تشغل بائعها عن أن يشتري أو يبيع أو يعمل في غيرها فإذا كثرت السلع هكذا حتى تشغل الرجل لم يصلح إلا بإجارة معلومة
____________________
(11/457)
________________________________________
قال قال لي مالك والثوب والثوبان وما أشبههما من الأشياء التي لا تشغل صاحبها عن أن يعمل في غيرها فلا بأس بالجعل فيها وهو متى شاء أن يترك ترك والإجارة ليس له أن يتركها متى شاء
قلت أرأيت بيع الغلام والدابة والجارية أهذا عندك من العمل الذي يجوز فيه الجعل قال نعم وكذلك قال مالك فإذا كثرت الدواب والرقيق فلا يصلح فيها الجعل
قلت أرأيت إن قلت لرجل بع لي هذا الثوب بدينار ولك درهم أيجوز هذا في قول مالك وقد وقت له في الثوب ثمنا
قال قال مالك ذلك جائز وقت الثمن أو لم يوقت فذلك سواء
قلت أرأيت إن قلت لرجل بع لي هذه العشرة الأثواب ولك درهم أيجوز هذا أم لا في قولك مالك قال قال مالك إذا كثرت الثياب لم يعجبني ذلك ولا أرى أن يعامله في بيعها على الجعل ولكن أرى أن يعامله على الإجارة وإنما جوز مالك من ذلك الثوب والثوبين والشيء اليسير أن يباع بالجعل فإذا كثر ذلك فعلى الإجارة
قال بن وهب وكذلك قال ربيعة إذا لم يضرب لبيعها أمدا فلا خير فيه
في جعل الآبق قلت أرأيت إن قلت لرجل إن
____________________
(11/458)
________________________________________
جئتني بعبدي الآبق وهو في موضع كذا وكذا فلك عشرة دنانير قال هذا جائز عند مالك
فإن جاء به فله عشرة الدنانير
قلت وكذلك من قال من جاءني بعبدي الآبق ولم يقل في موضع كذا وكذا وسيده لا يعرف موضعه فانتدب رجلا فجاء به قال ذلك جائز عند مالك فإن جاء به فله ما جعل له السيد
قلت وقوله إن جئتني به يا فلان أو من جاءني به فهو سواء في قول مالك قال نعم
قلت أرأيت إن قال رجل من جاءني بعبدي الآبق فله نصفه قال لا يجوز ذلك عند مالك قال لا يجوز ذلك عند مالك
قال وقال مالك لا خير فيه
قلت لم قال لأنه لا يدري كيف يجد أعور أو أقطع ولا يدري ما جعله
قلت وكل شيء لا يجوز لي أن أبيعه في قول مالك فلا يجوز لي أن أستأجر به ولا أجعله لرجل في شيء من الجعل قال نعم ولو قال رجل لرجل إن جئتني بعبدي الآبق فلك نصفه فعمل على ذلك ثم علم بمكروه ذلك فإن جاء به كان له إجارة مثله وإن لم يأت به فلا جعل له ولا إجارة وهذا الذي سمعت من قول مالك
وقال عبد الرحمن بن القاسم في الذي يجعل لرجل على عبدين أبقاله إن هو أتى بهما فله عشرة دنانير فاتى الذي جعل له ذلك بواحد ولم يأت بالآخر قال الجعل فاسد وينظر إلى عمل مثله على قدر عنائه وطلبه فيكون له ذلك في الذي أتى به ولا يكون له نصف العشرة
وقال بن نافع له نصف العشرة
وقال عبد الرحمن بن القاسم في الرجل يجعل للرجلين في عبده وقد أبق له جعلين مختلفين لواحد إن أتى به عشرة وللآخران أتى به خمسة فأتيا به جميعا قال تكون العشرة بينهما أثلاثا لصاحب العشرة سهمان ولصاحب الخمسة سهم وكذلك بلغني عن مالك
وقال غيره بن نافع وغيره يكون لصاحب العشرة نصفها لأنه جاء بنصف العبد ويكون لصاحب الخمسة نصفها لأنه جاء بنصف العبد
في الرجل يقول لرجل احصد زرعي هذا ولك نصفه أو جد نخلي ولك نصفه قلت أرأيت إن قلت لرجل احصد زرعي هذا ولك نصفه قال ذلك جائز عند مالك
قلت فإن قال له جد نخلي هذه ولك نصفها قال ذلك جائز عند مالك
قلت فإن قال القط زيتوني هذا فما لقطت منه من شيء فلك نصفه أيجوز هذا أم لا قال هذا جائز عند مالك
قال غيره إن ذلك ليس بجائز في اللقط
قلت أرأيت إن قال احصد زرعي هذا أو التقط زيتوني هذا فما لقطت أو حصدت منه من شيء فلك نصفه ففعل ذلك أيكون له أن يترك ذلك فلا يعمله في قول مالك قال نعم
قلت فإن قال له احصد زرعي هذا كله ولك نصفه فقال نعم أو قال التقط زيتوني هذا كله ولك نصفه فقال نعم ثم بدا له بعد أن يتركه أيكون ذلك له أم لا قال لا يكون له أن يتركه وذلك لازم له وكذلك قال لنا مالك
قلت لم ألزمه مالك إذا قال احصد كله ولك نصفه قال لأنه يصير أجيرا بنصف هذا
____________________
(11/459)
________________________________________
الزرع لأنه لو باع نصف هذا الزرع كان جائزا فلما جعل له نصف جميع الزرع على حصاد جاز وصارت إجارة وأما إذا قال له ما حصدت من شيء فلك نصفه فهذا جعل وهو متى ما شاء خرج لأنه لم يجب له شيء يعرفه
قال فقلت لمالك ولو قال له احصد لي اليوم أو التقط لي اليوم فما حصدت أو التقطت اليوم فلك نصفه قال قال مالك لا خير فيه
قال فقلت لم قال من أجل أن الرجل لو قال للرجل أبيعك ما ألقط اليوم بكذا وكذا لم يكن في ذلك خير فلما لم يجز بيعه لم يجز أن يستأجره به ولا يجعله له جعلا في عمل يعمله له في يوم ولا يجوز في الجعل وقت موقت إلا أن يقول متى ما شئت تركته فيكون ذلك جائزا
في الذي يقول لرجل انفض زيتوني أو اعصره ولك نصفه قلت أرأيت إن قال رجل لرجل انفض زيتوني هذا فما نفضت منه من شيء فلك نصفه قال لا يعجبني هذا
قال وقد بلغني أن مالكا كرهه
قلت أرأيت مالكا لم كره النفض في الزيتون أن يقول الرجل للرجل انفض زيتوني هذا فما نفضت منه من شيء فلك نصفه قال لأنه لو قال رجل لرجل حرك شجرتي هذه فما سقط منها من ثمرتها من شيء فلك نصفه فهذا لا يجوز لأنه لا يدري أيسقط منها شيء أم لا إذا نفضها وإنما النفض تحريك وهي إجارة فكأنه قد عمل بما لا يدري ما هو واللقط غير هذا وهو كلما لقط شيئا وجب له نصف ما لقط
قلت وكذلك لو قال له اعصر زيتوني هذا فما عصرت منه من شيء فلك نصفه أو قال اعصر جلجلاني هذا فما عصرت منه من شيء فلك نصفه قال لا خير في هذا عند مالك لأنه لا يعرف ما يخرج ولأن العصر فيه إذا بدأ في شيء من عمله لم يقدر على تركه حتى يخرج زيته ولأنه لو طحنه لم يستطع تركه فلا خير في هذا فأما الحصاد فهو حين يحصده وجب له نصفه وكذلك إذا قال له انقضه كله فهو جائز وصار بقية العمل بينهما والزيتون إذا لقطه صار له نصفه ولرب الزيتون نصفه والذي أخذ الزيتون والجلجلان على أن يعصره على نصف ما يخرج منه قد يكون فيه عمل قبل أن يجب لصاحب الجعل فيه حق فإذا وقع عمله
____________________
(11/460)
________________________________________
لم يستطع أن يتركه فإن عمل كان يعمل بأجر لا يدري ما هو لأنه لا يدري ما يخرج من ذلك الزيتون والزرع والثمر وما أشبه ذلك في اللقط والحصاد فهو كلما عمل وجب له من جعله بقدر ما عمل وهو إذا شاء ترك ذلك
ألا ترى أنه إذا جمع منه شيئا قليلا ثم بدا له أن يترك ما بقي تركه وأخذ حقه فيما عمل ولم يلزمه ما ترك وذلك أن طحن ولم يعصر ثم أراد أن يترك بطل عمله
قلت فإن قال له احصد زرعي هذا وادرسه على أن لك نصف ما يخرج منه قال مالك لا خير في ذلك لأنه لم يجب له شيء إلا بعد الدراس وهو لا يدري كيف تخرج هذه الحنطة ولا كم تخرج
قلت فلو قال له رجل بعني هذه الحنطة كل قفيز بدرهم وهو زرع قائم قال لا بأس بذلك عند مالك
قلت فما فرق بين هذا وبين الجعل وأنت قد أجزت هذا في البيع عند مالك قال لأن مالكا قال لو أن رجلا قال لرجل بعني قمح زرعك هذا كذا وكذا إردبا بدينار أو قفيزا وذلك بعد ما استحصد وهو سنبل قائم لم يكن به بأس ولو قال له أبيعك زرعي هذا كله وقد وجب لك علي أن على البائع حصاده ودرسه وذريه لم يكن في ذلك خير لأنه إنما باعه قمح ما يخرج من زرعه فلا خير في ذلك
قلت فما فرق بين الذي باعه وهو قائم على أن على ربه حصاده ودراسه جميعا جزافا وبين الذي اشترى منه كل إردبين بدينار على أن يحصده صاحبه ويدرسه وهذا في الوجهين جميعا العمل على رب الزرع قال لأن هذا اشترى بكيل يعلم ما اشترى وهذا اشترى جزافا فلا يعلم ما اشترى فكل شيء اشتراه رجل جزافا لم يصلح له أن يشتريه حتى يعاينه وهذا إنما يعاينه بعد درسه وكل من اشترى كيلا فرأى سنبله فلا بأس بذلك لأنه إنما اشترى منه من حنطته هذه التي في سنبله هذا كيلا فلا بأس بذلك
قلت أرأيت إن قال أبيعك حنطتي التي في بيتي كل إردبين بدينار قال لا يجوز ذلك عند مالك حتى يصفه أو يريه منها
قلت فما فرق بين هذا والذي في سنبله قال لأن الذي في سنبله قد عاينه فهذا فرق ما بينهما
____________________
(11/461)
________________________________________
في جعل الوكيل بالخصومة قلت أكان مالك يكره أن يوكل الرجل بالوكالة على أن يخاصم فإن أدرك فله جعله وإلا فلا شيء له عليه قال نعم كان يكره هذا ولا يراه من الجعل الجائزا
قلت فإن عمل على هذا أيكون له على صاحبه أجر مثله قال نعم قال سحنون وقد روى أنه جائز
____________________
(11/462)
________________________________________
كتاب كراء الرواحل والدواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
في الشراء وكراء الراحلة بعينها معا قلت أرأيت إن اشتريت عبدا واشترطت على بائعه ركوب راحلة بعينها إلى مكة أخذت العبد وكراء الراحلة جميعا صفقة واحدة بمائة دينار أيجوز هذا الشراء والكراء وإن لم أشترط إن ماتت الراحلة أبدلها لي قال الشراء جائز إذا لم يشترط إن ماتت الراحلة أبدلها وإن اشترط إن ماتت الراحلة أبدلها فالشراء فاسد عندي إلا أن يكون كراء مضمونا في أصل الصفقة ولا يكون في راحلة بعينها
ألا ترى لو أن رجلا اكترى راحلة بعينها إلى مكة وشرط على ربها إن ماتت فعليه خلفها إن هذا مكروه إما أن يكون كراء مضمونا وإما أن يكون الكراء في الراحلة بعينها فإن ماتت الراحلة فسخ الكراء بينهما ومما يدلك على هذا لو أن رجلا اكترى راعيا يرعى له مائة شاة بأعيانها سنة فإنه إن لم يشترط إن ما ماتت من الغنم فعليه أن يأتي ببدلها يرعاها له الراعي فالكراء فاسد لأنه لا يدري أتسلم الغنم إلى رأس السنة أم لا فإن اشترط إن مات الراعي فعليه في ماله خلف من الراعي فذلك فاسد
وأصل هذا أن ينظر إلى الذي استؤجر أبدا فإذا مات انفسخت الإجارة بموته وإذا استؤجر لشيء يفعله مثل غنم يرعاها أو دواب يقوم عليها فماتت الغنم والدواب فإن الإجارة لا تنتقض ____________________
(11/463)
________________________________________
ولا تنتقض الإجارة بموت الذي استؤجر له وهي الدواب والغنم وإنما تنتقض الإجارة بموت الذي استؤجر نفسه وهو الراعي فعلى هذا فقس كل ما ورد عليك
في بيع الدابة واستثناء ركوبها قلت أرأيت إن اشتريت دابة من رجل واستثنى على ركوبها يوما أو يومين قال البيع جائز عند مالك
قلت فإن تلفت في اليومين قال قال مالك المصيبة من المشتري
قال مالك وكذلك لو اشترط أن يسافر عليها اليوم ثم تلفت منه كان مصيبتها من المشتري
قلت أرأيت إن اشترطت أن أسافر عليها أكثر من اليوم قال لم يكن مالك يحدد فيه حدا إلا أنه كان يقول لا أحب ما يتباعد من ذلك لأن الدابة تتغير فيه ولا يدري مشتريها كيف ترجع إليه فلا يعجبني
قال مالك ولا أرى بأسا في اليوم واليومين والموضع القريب
قال مالك وما تلفت الدابة فيه مما يجوز له أن يشترطه فهو من المشتري وما تلفت فيه مما لا يجوز له أن يشترطه فهو من البائع وما تلفت فيه وهو مما يجوز لهما اشتراطه مثل الموضع القريب فهو من المشتري
النقد في الكراء بعينه قلت أرأيت إن اكتريت راحلة بعينها إلى مكة أيصلح لي النقد في ذلك أم لا قال إذا كان الركوب إلى اليوم واليومين أو الأمر القريب فلا بأس بذلك أن يعجل الكراء على أن يركبه إلى اليوم واليومين أو أمر قريب
قال فإن تباعد ذلك فلا خير فيه لأنه يصير سلما في كراء راحلة بعينها فلا يجوز ذلك وهذا قول مالك
قلت أرأيت إن اكتريت راحلة بعينها على أن أركبها بعد يوم أو يومين أيصلح ذلك على أن أنقده
قال قال مالك إذا كان ذلك إلى يوم أو يومين فلا بأس بذلك وإن نقده
قلت فهل يجوز أن أكتري راحلة بعينها وأشترط ركوبها بعد شهر أو شهرين في قول مالك قال لا بأس بذلك ما لم ينقده
____________________
(11/464)
________________________________________
الخيار في الكراء بعينه قلت أرأيت إن اكتريت راحلة بعينها إلى مكة ونقدته على أني بالخيار يوما أو يومين قال لا يصلح ذلك في قول مالك أن ينقد إذا كنت بالخيار في كراء أو بيع إلا أن تشترطا الخيار ما دمتما في مجلسكما ذلك قبل أن تتفرقا
في الرجل يكتري الدابة ثم يبيعها صاحبها قلت أرأيت إن تكاريت من رجل دابة بعينها إلى موضع كذا وكذا فباعها ربها أو وهبها أو تصدق بها قبل أن أركبها أتجوز هبته أو صدقته أو بيعه قال لا يجوز من ذلك قليل ولا كثير من الهبة ولا من الصدقة ولا من البيع والكراء أولى من هبته صدقته وبيعه وهو قول مالك لأنه من تكارى دابة أو عبدا ودارا أو ابتاع طعاما بعينه فلم يكله حتى فلس صاحبه الذي أكراه أو مات فإن من تكارى أو استأجر أو ابتاع طعاما فهو أحق بذلك كله من الغرماء حتى يستوفوا حقوقهم
قلت أرأيت إن تكاريت من رجل دواب بأعيانها إلى موضع من المواضع كذا فباعها فذهب بها المشتري فلم أقدر عليها وقدرت على المكري الذي أكرى أيكون لي أن أرجع عليه بشيء أم لا قال لا يكون لك عليه شيء إلا الكراء الذي أديته إليه إن كنت أعطيته الكراء وإلا فلا شيء عليه
قلت وهذا قول مالك قال سمعت مالكا يقول في الراحلة بعينها تكرى فتموت أنه ينفسخ الكراء بينهما فأرى مسئلتك إن فاتت الراحلة بهذه المنزلة
قلت أرأيت إن قدرت على الدابة عند المشتري وقد غاب الذي أكرا أيكون بيني وبين الذي اشتراها خصومة أم لا قال إن كانت لك بينة فأنت أولى بالدابة من المشتري لأن الكراء كان قبل الشراء وهذا قول مالك
قلت أرأيت إن أكريت دابتي ثم بعتها قال الكراء في قول مالك أولى
قلت أرأيت إن قال المشتري أنا أترك المكتري فيها حتى تنقضي إجارته ثم آخذها ولا ينتقض البيع بيننا أيكون ذلك له في قول مالك قال نعم ذلك له في قول مالك
____________________
(11/465)
________________________________________
إن كان أمرا قريبا يعني إذا كان الضمان من المشتري
الشرط في كراء الراحلة بعينها إن ماتت أخلف مكانها قلت ما قول مالك في الرجل يكتري الراحلة بعينها ولا يشترط أنها إن ماتت أخلف له غيرها قال قال مالك في الراحلة بعينها إذا اكتراها واشترط أنها إن ماتت أخلف له غيرها لم يجز ذلك فإن لم يشترط أنها إن ماتت أخلف له غيرها جاز ذلك
قلت فما فرق بين الغنم وبين والراحلة في قول مالك قال فرق ما بينهما في قول مالك أن الراحلة وقع عليها الكراء بعينها وهي التي اكتريت وأما الغنم فلا تكرى وإنما وقعت الإجارة على الرجل فهذا فرق ما بينهما وهو إن اشترط إن مات هذا الأجير ففي ماله أن يؤتى بغيره فهذا لا يجوز فالرجل موضع الراحلة في هذه المسألة والغنم ليست بمنزلة الراحلة
الكراء بالثوب أو بالطعام بعينه قلت أرأيت إن استأجرت أجيرا يعمل لي شهرا أو اكتريت إلى مكة أو إلى بعض المواضع على حمولة أو على أن يحملني أنا نفسي بثوب بعينه فلما وقع الكراء على هذا أتاني ليقبض الثوب فقلت لا أدفع إليك الثوب حتى أستوفي حمولتي أو تعمل في إجارتك قال إن كان كراء الناس عندهم بالنقد أجبر على النقد وإن كان كراء الناس ليس عندهم بالنقد لم يصلح هذا الكراء ولا هذه الإجارة إلا أن يكون الثوب نقدا فإن لم يكن الثوب نقدا فالكراء باطل لأن مالكا قال من اشترى ثوبا بعينه على أنه إنما يعطيه الثوب بعد شهر لم يجز ذلك وكان البيع مفسوخا
قلت وكذلك لو كانت شاة بعينها أو حيوانا قال نعم
قلت وإن استأجرته بطعام بعينه أو اكتريت بطعام بعينه ليحمل لي حمولتي إلى مكة قال إن كان الكراء عندهم نقدا أجبر على النقد وإن لم يكن كذلك فلا يجوز فيه النقد إلا أن يكون الكراء وقع بالنقد فلا بأس ذلك لأن مالكا قال في الرجل يبيع طعاما في الموضع الغائب عنهما وقد رآه المبتاع قبل ذلك
____________________
(11/466)
________________________________________
فيشترط إن أدرك الطعام كان للمشتري فإن ضاع قبل أن يدركه كان على البائع مثله
قال مالك لا خير في هذا البيع لأنه لا يدري على أي الطعامين وقع بيعه فالكراء مثل البيع قلت والعروض والطعام عند في هذا سواء قال نعم إلا أن تكون الصفقة على النقد فلا بأس بالكراء
قلت فلو أنه أكرى منه إلى مكة على حمولة أو على نفسه أو اكترى منه إلى مكة أو لمستأجر من داره سنة بهذه الدراهم بعينها أو بهذه الدنانير بعينها فوقع الكراء على هذا فأبى أن ينقده تلك الدنانير أو الدراهم حتى يستوفي الذي له من كرائه أو من عمل الأجير ومن سكنى الدار
قال إن كان الكراء عندهم بالنقد دفع الدنانير على ما أحب أو كره وإن كان الكراء عندهم على غير النقد فلا خير في هذا إلا أن يعجلها لأني سمعت مالكا وسئل عن الرجل يبتاع من الرجل السلعة يقبضها بدنانير له بالمدينة أو ببلد من البلدان عند قاض أو غيره فقال مالك إن كان اشترط في بيعه أن تلفت تلك الدنانير كان عليه أن يعطيه دنانير أخرى مثلها فلا بأس بذلك وإلا فلا خير في البيع ولا يجوز فأرى إن كان الكراء ليس ينقد في مثله فلا أرى الكراء جائزا إلا أن يشترط عليه أن تلفت الدنانير فعليه مثلها فإن اشترط هذا لم أر بذلك بأسا والطعام والعروض لا يصلح هذا الشرط فيها ولا يحل أن يشترط أن تلفت كان عليه أن يعطي مثلها لأن الطعام والعروض سلع في أيدي الناس ولأن مالكا قد كره أن يباع الطعام الغائب على أنه إن تلف أعطاه مثله والدابة والرأس مثل ذلك
قال مالك في ذلك كله لا خير فيه إذا بيع بشرط أن تلف أعطاه مثله مكانه والدنانير إنما هي عين عند الناس ليست بسلع وهي في أيدي الناس أثمان للسلع فإن اشترط أنها إن هلكت كان عليه بدلها لم يكن بذلك بأس فإن لم يشترط فلا خير في ذلك لأنه لا يدري أتسلم الدنانير إلى ذلك الأجل أم لا تسلم قال غيره في الدنانير هو جائز وإن تلفت فعليه الضمان
____________________
(11/467)
________________________________________
فيمن اكترى إلى مكة بطعام بعينة أو بعروض بعينها أو بدنانير بعينها أو الكراء ليس بالنقد عند الناس قلت أرأيت إن تكاريت منه إلى مكة بهذا الطعام بعينه أو بهذه العروض بعينها أو بهذه الدنانير بعينها والكراء في موضعنا ليس بالنقد عند الناس فقال الجمال وقع كراؤنا فاسدا لأنه وقع على شيء بعينه ولم يشترط فيه النقد وكراء الناس ليس عندنا بالنقد وقال المكتري أنا أعجل السلعة أو الدنانير أو الطعام ولا أفسد الكراء
قال الكراء يفسخ بينهما وإن رضي المتكاري أن يعجل السلعة أو الدنانير أو الطعام لأن صفقته وقعت فاسدة في رأيي
وقال غيره إلا في الدنانير فإنه جائز
قلت أرأيت إن اكتريت بهذا الطعام بعينه أو بهذا العبد بعينه أو أو بهذه الدابة بعينها أو بهذه الثياب بعينها أو بهذه الدنانير بعينها واشترطت عليه أن لا أنقده إلا بعد يوم أو يومين أو ثلاثة
قال لا يعجبني ذلك إلا أن يكون لذلك وجه مثل الدابة يكون يركبها الرجل اليوم أو اليومين وما أشبهه قال فلا بأس بذلك وقد قال مالك لا بأس به والجارية تخدمه اليوم واليومين ونحو ذلك فلا بأس به وإن كان من ذلك شيء لا يحبس لركوب ولا لخدمة ولا للبس وإنما يحبسه لغير منفعة له فيه فما كان من ذلك إنما يحبسه على وجه الوثيقة حتى يشهد على الكراء أو يكتب عليه كتابا فلا أرى بذلك بأسا وإن لم يكن في حبسه منفعة إلا هذا فذلك جائز لأن الرجل قد يحبس سلعته حتى يستوثق
قلت فإن كان لا يحبسه ليشهد لأنه قد أشهد ولا يحبسه للبس ولا لركوب ولا لخدمة قال فلا يعجبني أن يشترط حبسه ولا أفسد به البيع لأني سألت مالكا عن الرجل يشتري من الرجل بالدنانير الطعام من صبرة بعينها على أن يستوفيه إلى يومين فقال لا بأس بذلك
قال لأن مالكا قال لي لو أن رجلا باع جارية أو سلعة إلى أيام على أنه إن لم يأت بالثمن فلا بيع بينهما فقال لي شرطهما باطل والبيع نافذ لازم لهما أتى به أو لم يأت ويلزم البائع دفعها والمشتري أخذها ويجبر على النقد فهذا يشبه الكراء إذا اشترط حبسه في اليومين والثلاثة
____________________
(11/468)
________________________________________
لأنه قد يكون منافع لكل واحد منهما في حبس اليوم واليومين والثلاثة لأن المكري قد يحب أن يكفي مؤنتها اليوم واليومين وقد يحب المكري أن ينتفع بها اليوم واليومين يؤخر سلعته في يده ليركب أو يحضر حمولته فتكون وثيقة
فإذا قرب هذا وما أشبهه فلا أرى أن يفسخ الكراء ولا أحب أن يعقد الكراء على هذا وكذلك قال مالك قلا أحب أن يعقد البيع على إن لم يأت بالثمن إلى أيام فلا بيع بيني وبينك فإن وقع البيع جاز بينهما وفسخ الشرط وأرى الثياب إن كانت مما تلبس إذا أراد صاحبها أن يحبسها حتى يستوثق لنفسه وهو مما يلبس فلا بأس بذلك وهو مثل ما فسرت لك في الدواب والجارية فأما الدنانير فلا يعجبني إلا أن يخرجها من يده فيضعها رهنا أو يكون ضامنا لها إن تلفت كان عليه بدلها وإلا لم يصلح الكراء على هذا
وقال غيره لا يضره وإن لم يخرجها ويضعها رهنا
ألا ترى لو اشترى سلعة بهذه الدنانير بأعيانها فاستحقت الدنانير أن البيع تام وعليه مثل الدنانير لأن الدنانير والدراهم عين وما سوى الدنانير والدراهم عروض وإن تلفت الثياب قبل أن يدفعها المكتري كان ضمانها منه وفسخ الكراء فيما بينهما لأنه من ابتاع ثوبا فحبسه البائع للثمن فهلك كان من بائعه ولأنه من ابتاع حيوانا فاحتبسه البائع للثمن فهلك كان من المشتري فالمتكاري إذا اشترط حبسه للوثيقة أو للمنفعة فهلك فهو من المتكارى لأنه أمر يعرف لهلاكه وليس مغيبه عليه معيبا ولأن الدنانير عين لا يصح أن يشترط تأخيرها إلا أن يضمنها إذا ضاعت ولا يجوز أن يشترط ضمان ما ضاع مما بيع إلى يوم أو يومين أو يتكارى به إلا في العين وحده وإنما فسخت الكراء في الثياب إن احتبسها للوثيقة فهلكت لأن الرجل إذا ابتاع الثوب بعينه فهلك قبل أن يدفعه البائع إلى المشتري كان ضمانه من البائع إن لم يقم بينة على تلفه ولم يقل له ائت بثوب مثله وخذ ثمنه ولأن من سلف حيوانا أو ثيابا في سلعة إلى أجل مما يجوز السلف فيه فاعترف الحيوان والثياب بطل السلم ولم يكن له عليه شيء قيمة ولا غيرها لأن مالكا قال في الحيوان غير مرة ورددت عليه فيمن باعه فاحتبسه البائع للثمن حتى يدفع
____________________
(11/469)
________________________________________
إليه الثمن فضاع فهو من المشتري ولقد قال لي بن أبي حازم وهو القضاء عندنا ببلدنا لا يعرف غيره وقال غيره الحيوان والثياب وما كان شراؤه على غير كيل أو وزن فاشترط البائع على المشتري أنه يدفعه بعد يوم أو يومين أو نحو ذلك لركوب دابة أو لباس ثوب أو غير ذلك فلا بأس بأن ينقد الثمن في مثل هذا القرية وأنه وإن تلف فهو من المشتري لأنه كأنه قد قبضه وحازه وكان تلفه في يده فكذلك إن باع هذه الأشياء بكراء دابة أو دار وشرط حبسه كما وصفت لك
ما جاء في الكراء بثوب غير موصوف قلت أرأيت إن اكتريت من رجل دابة بثوب مروي إلى موضع كذا ولم اسم رقعته ولا طوله ولا جنسه ولا عرضه أيجوز هذا الكراء أم لا قال لا يجوز هذا الكراء لأن مالكا قال لا يجوز هذا في البيع ولا يجوز في ثمن الكراء إلا ما يجوز في البيع
في الكراء على أن على المكتري الرحلة والعلف قلت أرأيت إن اكتريت راحلة إلى مكة على أن المتكاري رحلتها قال لا بأس بذلك
قلت أرأيت إن استأجرت دابة إلى موضع من المواضع ذاهبا وراجعا بعلفها أيجوز هذا الكراء في قول مالك قال نعم ذلك جائز لأن مالكا قال في الأجير بطعامه إنه لا بأس بذلك
قلت أرأيت إن استأجرت إبلا من جمال إلى مكة بكذا وكذا على أن علي طعام الجمال وعلف الإبل قال قال مالك لا بأس بذلك
في الكراء على أن على الجمال طعامه قلت أرأيت إن اكتريت من جمال إلى مكة على أن على الجمال طعامي قال سمعت مالكا وسئل على الرجل يكتري من الرجل ذاهبا أو راجعا إلى الحج وإلى بلد من البلدان على أن على الجمال طعامه قال مالك لا أرى بذلك بأسا قيل له أفنصف النفقة في طعامه قال لا
قلت أرأيت المرأة إذا تزوجت الرجل أيحد
____________________
(11/470)
________________________________________
لها النفقة قال مالك ولا يكون بهذا كله قلت وكذلك العبد يستأجر السنة على أن على الذي استأجره نفقته
قال وكذلك لو كان حرا
قال فقلنا لمالك فإن اشترط الكسوة قال لا بأس بذلك
قال فقلنا لمالك فلو أنه استأجره بكسوة وصفها أو بطعام فقط وليس له من الإجارة غير ذلك قال مالك لا بأس بذلك وكذلك إن كان مع الكسوة أو الطعام دنانير أو دراهم أو عروض بعينها قال لا بأس بذلك إذا كانت العروض معجلة لا تكون إلى الأجل لأن العروض إذا كانت بعينها لا تباع إلى أجل فكذلك لا يتكاراها على أنه لا يدفعها صاحبها إلا إلى أجل فإن كانت عروضا بغير عينها لم يكن بذلك بأس أن يكون ذلك مؤخرا إذا سمي له أجلا يريد كأجل السلم
في الرجل يكتري الدابة يركبها شهرا أو يطحن عليها قلت أرأيت إن تكاريت دابة شهرا على أن أركبها في حوائجي متى ما شئت من ليل أو نهار قال إن تكاراها شهرا يركبها في حوائجه كما تركب الدواب فلا بأس بذلك
قلت وهذا قول مالك قال سألنا مالكا عن الرجل يتكارى الدابة شهرا قال لا بأس بذلك
قلت أرأيت إن استأجرت دابة أطحن عليها شهرا بعينه قمحا ولم اسم ما أطحن عليها كل يوم من القمح قال ذلك جائز وهذا يشبه كراء الرجل الدابة شهرا يركبها لأن وجه الطحين معروف
قال وهو قول مالك
في الرجل يكتري دواب كثيرة صفقة واحدة قلت أرأيت إن استأجرت دواب كثيرة صفقة واحدة لأحمل عليها مائة إردب ولم اسم ما أحمل على كل دابة قال ذلك جائزا ويحمل على كل دابة بقدر ما تقوى إذا كانت الدواب لرجل واحد
قلت فإن كانت الدواب لرجال شتى والدواب يختلف حملها قال لا يعجبني ذلك لأن كل واحد منهما أكرى دابته بما لا يعلم وقد فسرت لك هذه المسألة في موضع آخر في البيوع والإجارات
قلت وتحفظ عن مالك
____________________
(11/471)
________________________________________
في الرجل يتكارى الدواب صفقة واحدة أن ذلك جائز إذا كان رب الدواب واحدا قال نعم
قال مالك ذلك جائز
قلت أتحفظ عن مالك إذا كانت الدواب لأناس شتى أن ذلك غير جائز قال لا
ما جاء في الكراء الفاسد قلت أرأيت إن تكاريت دابة أشيع عليها رجلا ولم أسم موضعا من المواضع قال الكراء فاسد إلا أن تسمي موضعا معروفا
وقال غيره إن كان ذلك التشييع أمرا قد عرف بالبلد كيف هو فلا بأس به
قلت أرأيت إن تكاريت دابتين بأعيانهما واحدة إلى برقة واخرى إلى إفريقية ولم أسم التي إلى برقة ولا التي إلى إفريقية قال لا يجوز هذا الكراء حتى تسمي التي إلى برقة والتي إلى إفريقية
قلت أرأيت إن تكاريت من رجل على إن أدخلني مكة في عشرة أيام فله ثلاثون دينارا وإن أدخلني في أكثر من عشرة أيام فله عشرة دنانير قال قال مالك هذا الكراء فاسد إن أدرك قبل أن يركب فسخ هذا الكراء بينهما فإن ركب يريد سفره كله أعطاه كراء مثله على سرعة السير وإبطائه ولا يلتفت إلى الكراء الأول
قلت أرأيت من اكترى كراء فاسدا فاستوفى الركوب ما يكون عليه في قول مالك قال عليه قيمة الركوب
قلت أرأيت إن تكاريت دابة إلى موضع من المواضع ولم أسم ما أحمل عليها أيكون الكراء فاسدا أم يكون جائزا وأحمل عليها مثل ما يحمل على مثلها قال الكراء فاسد إلا أن يكونوا قوما قد عرفوا ما يحملون فإذا كانوا قد عرفوا الحمولة فيما بينهم فإن الكراء لهم لازم على ما قد عرفوا من الحمولة قبل ذلك
وقال غيره إذا كان قد سمى طعاما أو بزا أو عطرا فذلك جائز وله أن يحمل مثل ما تحمل تلك الدابة وإن قال أحمل عليها قدر حمل مثلها مما شئت مما تحمل فلا خير في ذلك لأن من الحمولة ما هو أضر بالدواب وأعطب لظهورها ومنها ما لا يضر فإن اختلفت لم يكن في ذلك خير وكذلك لو اكترى دابة يركبها شهرا إلى أي بلد شاء والبلدان منها الوعرة الشديدة ومنها السهلة وكذلك في الحوانيت والدور فكل ما اختلف
____________________
(11/472)
________________________________________
حتى يتباعد تباعدا بينا فلا خير فيه لأن من ذلك ما هو أضر بالجدر ومنها ما لا يضر فإذا اختلف هكذا لم يكن فيه خير
ألا ترى أن من الحمولة ما لو سمى لنقبه لظهر الدابة لم يرض رب الدابة فيه بدينار واحد وآخر لخفة مؤنته على ظهر الدابة يكون كراؤه أقل من ذلك بما يتفاحش ألا ترى أن الرجل يكري دابته تركب يوما في الحضر فيكون غير كرائها تركب يوما في السفر وتكون الأرض الوعرة القليلة الكلأ والأخرى سهلة كثيرة الكلأ فيكون الكراء في ذلك مختلفا وإن رب الدابة والحانوت والمسكن باعوا من منافع الدابة ومنافع المساكن ما لا يدرون ما باعوا لاختلاف ذلك وأن ذلك خارج من أكرية الناس
ألا ترى أنه يكتري ليحمل حنطة فيحمل مكانها شعيرا مثله أو سمسما فلا يكون مخالفا ولا يضمن إن عطبت الدابة وكذلك لو اكتراه على أن يحمل له شطويا فحمل عليها بغداديا أو بصريا أو ما اشبهه في نحوه وخفته وثقله لم يضمن ولو حمل رصاصا أو حجارة بثقل ذلك فعطبت ضمن لاختلاف ما بين ذلك فخذ هذا وما أشبهه على هذا الأصل
قلت أرأيت إن تكاريت من رجل إلى مكة بمثل ما يتكارى الناس أيجوز ذلك في قول مالك أم لا قال قال مالك لا يجوز ذلك
قلت أرأيت إن تكاريت إبلا إلى مكة بطعام مضمون ولم أذكر الموضع الذي أنقده فيه الطعام ولم أضرب لذلك أجلا وليس للناس في الكراء عندهم سنة يحملون عليها قال الكراء فاسد إذا كان بحال ما وصفت لك وكذلك لو أكراه بغلام مضمون أو بثوب مضمون وليس لهم سنة يحملون عليها فالكراء فاسد إلا أن يتراضيا فيما بينهما من ذي قبل على أمر حلال فينفذ فيما بينهما
قلت أرأيت إن اكترى قوم مشاة إبلا إلى مكة ليحملوا عليها أزوادهم وشرطوا أن من مرض منهم حمله على الإبل قال هذا الكراء فاسد
قلت أتحفظه عن مالك قال لا ولكنه رأيي
قلت أرأيت إن تكاريت دابة من رجل على أن يبلغني موضع كذا وكذا إلى يوم كذا وكذا وإلا فلا كراء له قال لا خير في هذا عند مالك لأنه شرط شرطا لا يدري ما يكون له فيه من الكراء لأن هذا غرر
____________________
(11/473)
________________________________________
لا يدري أيتم له الكراء أم يذهب رأسا فلا يكون له من الكراء شيء
في إلزام الكراء قلت أرأيت دابة تكاروها ليزفوا عليها عروسا لهم بعشرة دراهم فلم يزفوها ليلتهم تلك أيضمنون الكراء أم لا قال عليهم الكراء
قلت أرأيت إن تكاريت دابة أشيع عليها رجلا إلى موضع معلوم فلما قبضت الدابة أو لم أقبضها بدا لفلان في الخروج أيلزمني الكراء أم لا قال قال مالك من اكترى دابة إلى موضع من المواضع ثم بدا له أن لا يخرج إلى ذلك الموضع فإن الكراء له لازم ويكري الدابة إلى ذلك الموضع إن أحب في مثل ما اكتراها فيه فكذلك مسئلتك التي سألتني عنها يكون الكراء عليه ويفعل في الدابة مثل ما وصفت لك
قلت أرأيت لو أني اكتريت من رجل دابة يوما إلى الليل بدرهم فقال رب الدابة هذه الدابة فاقبضها واركبها فلم أقبضها ولم أركبها حتى مضى ذلك اليوم قال إذا أمكنه منها فلم يركبها فقد لزمه الكراء وهذا قول مالك
قلت أرأيت لو أن رجلا اكترى إلى مكة ليحج فسقط فاندقت عنقه أو انكسر صلبه أو كان اكترى إلى بيت المقدس أو إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فأصابه ما ذكرته لك أيكون هذا عذرا ويفسخ الكراء فيما بينهما في قول مالك قال لا يفسخ الكراء فيما بينهما وإن مات أيضا لم يفسخ الكراء بينهما ويقال له أو لورثته اكروا هذا الكراء الذي وجب لكم واغرموا الكراء الذي عليكم
قلت وكذلك إن اكتريت دابة إلى مكة فلما كنت في بعض المناهل عرض لي غريم لي فحبسني قال الكراء لك لازم ويقول لك اكر الدابة من مثلك إلى مكة
قلت فإن كانت على الدابة حمولة اكتريتها لأحمل عليها إلى مكة فعرض لي غريم في بعض المناهل فأراد أخذ المتاع قال قال مالك المكري أولى بالمتاع الذي معه على حمولته حتى يقبضه حقه والغرماء أن يكروه في مثل ما حمل إلى الموضع الذي أكرى إليه
بن وهب عن يونس عن بن شهاب في الرجل يكتري من الرجل داره عشر سنين
____________________
(11/474)
________________________________________
ثم يموت الذي أكرى ويبقى المستكري قال إن توفي سيد المسكن فأراد أهله إخراج من استأجره منه أو بيعه فلا أرى أن يخرجوهم إلا برضا منهم ولكن إن شاؤوا باعوا مسكنهم ومن استأجره فهو فيه على حقه وشرطه في إجارته
قال بن شهاب وإن توفي المستأجر سكن ذلك المسكن أو لم يسكنه فأنا نرى أن تكون أجر ذلك المسكن فيما ترك من المال يؤديه الورثة بحصصهم
قال بن وهب وأخبرني مسلمة بن علي أن عبد الله بن عمر قال في رجل سكن رجلا عشر سنين أو آجره ثم مات رب الدار قال الدار راجعة إلى الورثة والسكنى
ما جاء في فسخ الكراء قلت أرأيت إن استأجرت ثورا يطحن لي كل يوم إردبين بدرهم فوجدته لا يطحن إلا إردبا واحدا قال لك أن ترده
قلت أرأيت إن كنت قد طحنت عليه إردبا أول يوم ما يكون له علي من الكراء قال نصف درهم لأنه إنما استأجره على طحين إردبين بدرهم
قلت أرأيت إن استأجرت دابة بعينها أو بعيرا بعينه فإذا هو عضوض أو جموح أو لا يبصر بالليل أو دبر تحتي دبرة فاحشة يؤذيني ريحها أيكون هذا مما يفسخ به الكراء فيما بيننا أم لا قال أما ما ذكرت من العضوض والجموح والذي لا يبصر بالليل إن كان ذلك مضرا بالراكب يؤذيه فله أن يقاسمه الكراء إن أحب
قلت وهذا قول مالك قال هو مما يفسخ به الكراء عندنا لأنها عيوب لا يستقيم أن يلزمها الناس في كرائهم إلا أن يرضوا بذلك
قلت أرأيت إن استأجرت عبدا للخدمة فمرض أو دابة اركبها إلى موضع كذا وكذا فاعتلت الدابة أيكون هذا عذرا وأناقضه الكراء قال نعم إلا أن العبد إن صح في بقية من وقت الإجارة عمل لك ما صح فيه من ذلك وكان عليك كراء ما عمل لك ويسقط عنك كراء ما مرض فيه
قلت وهذا قول مالك قال نعم
قال مالك والدابة عندي ليست بهذه المنزلة لأن الدابة إذا اعتلت وقد تكاراها إلى إفريقية لم يتخلف عليها فهي وإن صحت قبل أن يبلغ صاحبها الذي تكاراها إلى إفريقية لم يلزمه
____________________
(11/475)
________________________________________
الكراء لأن الذي اكترى لا يقدر على القيام عليها وهي وإن صحت بعده لم تلحقه وهي أيضا لو لحقته لعله أن يكون قد اكترى غيرها فإن لزمه هذا أيضا فقد دخل عليه في ذلك ضرر وذلك مخالف للخدمة
قلت أرأيت إن قال المكتري أنا أقيم على الدابة حتى تفيق من علتها ثم أركبها وقال ربها لا أقيم عليها وأنا أريد بيعها إذا صارت لا تحمل ولا أقدر على المقام عليها والنفقة قال ينظر في ذلك فإن الأمراض مختلفة إن كان مرضا يرجى برؤه بعد يوم أو يومين والأمر القريب لا يكون فيه ضرر على المكري فهذا يحبس رب الدابة على دابته حتى ينظر إلى ما يصير إليه أمرها وإن كان مرضا لا يرجى برؤه إلا بعد زمان ويتطاول أمرها ويكون في ذلك ضرر على صاحبها في إقامته عليها في بلاد لعل السفر فيها يجحف بالمكري ويقطعه عن عياله فلا يصلح الضرر بينهما وإنما ينظر في هذا إلى ما لا ضرر فيه عليهما
بن وهب عن بن لهيعة عن بن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قضى أيما رجل تكارى من رجل بعيرا بعينه فهلك البعير فليس للمتكاري على المكري أن يقيم له مكانه غيره وليس عليه في الكراء ضمان
بن وهب عن شمر بن نمير عن حسين بن عبيد الله الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أنه قال من تكارى وشرط البلاغ ثم قصرت الدابة استكرى عليه بما قام وإن لم يشترط البلاغ فمن حيث قصرت الدابة حسب لصاحبها بقدره
في المكاري يريد أن يردف خلف المكري أو يجعل متاعا قلت أرأيت إن تكاريت دابة إلى موضع من المواضع فأراد ربها أن يحمل تحتي متاعا أو يحمل معي رديفا أيكون ذلك له أم لا قال ليس ذلك له لأن الرجل يركب الدابة يتكاراها فتصير الدابة كلها له لأنه قد تكاراها كلها بعينها فقد اشترى ركوبها وكذلك السفينة يتكاراها الرجل فليس لصاحبها أن يحمل فيها شيئا لأن ذلك قد صار للمكتري
قلت أرأيت إن تكاريت دابة بعينها إلى موضع كذا وكذا فحمل صاحبها في متاعي متاعا له بكراء أو بغير كراء أيكون لي كراء ما حمل في متاعي
____________________
(11/476)
________________________________________
قال إن كان إنما أكراك الدابة فحمل عليها متاعا في متاعك فلك كراء المتاع الذي حمل في متاعك وإن كان إنما أكراك ليحمل لك أرطالا مسماة فحمل لك تلك الأرطال المسماة ثم زاد عليها لم يكن لك كراء تلك الزيادة
وقال غيره إن كان أكراه ليحمله ببدنه أو يحمله ويحمل متاعا معه ثم حمله هو أو حمله وحمل متاعه ثم أدخل المكري متاعا مع متاعه بكراء أو بغير كراء هو لرب الدابة لأن رب الدابة قد وفاه شرطه وقد كان للمتكاري إذا تكارى الدابة ليركبها ببدنه أن يمنع رب الدابة من الزيادة عليها
في المكرى يكري غيره قلت أرأيت إن اكتريت دابة فحملت عليها غيري أأضمن أم لا قال لا ضمان عليه إذا حمل عليها من هو مثله في الخفة والأمانة إلا أن يحمل عليها من هو أثقل منه أو غير مأمون فأراه ضامنا وهذا قول مالك
قال بن القاسم إذا أعطبت الدابة فادعى غير المأمون تلفها ولا يعلم ذلك إلا بقوله فالذي اكتراها ضامن للمكتري الأول وليس على المكاري الثاني ضمان إلا أن يأتي من سببه أو يتبين كذبه قال في الرجل يكتري من الرجل على حمولة إلى بلد فيريد أن يصرفها إلى بلد غير البلد الذي اكترى إليه وهو مثل البلد الذي اكتراها إليه في المؤنة والشدة والصعوبة قال لا يكون ذلك للمكتري إلا أن يشاء ذلك المكري
وقال غيره وإن شاء ذلك المكري فليس ذلك بجائز وهذا فسخ الدين في الدين إلا أن يقيله من الكراء الأول إقالة صحيحة ثم يكري إن شاء إلى الموضع الذي أراد
قلت أرأيت إن اكتريت راحلة لأركبها أنا نفسي فأتيت بمن هو مثلي فأردت أن أحمله مكاني أيكون لي ذلك أم لا قال قال لي مالك لا يعجبني ذلك إذا اكترى دابة ليركبها أن يركب غيره وقد يكري الرجل لحاله وحسن ركوبه فأنت تجد آخر لعله أخف منه وهو أخرق في الركوب منه
قال بن القاسم ولكن إن فعل فحمل غيره فعطبت الدابة نظر في ذلك فإن كان مثله في الثقل والحال والركوب لم يضمن
قلت وهذا قول مالك قال هذا رأيي
قلت أرأيت إن مات هذا الذي اكترى الدابة أيكون الكراء لازما ويأتون بمثله فيحملونه ويكون ذلك لورثته
____________________
(11/477)
________________________________________
قال نعم
قلت أراك قد أجزت أن يحمل غيره في الموت قال كذلك قال مالك ولا بأس بذلك في الدور والحمولة يكري تلك الإبل من غيره سحنون وقد قال مالك وفي الحياة أيضا له أن يكريها من غيره وهو قوله الذي يعرف وأما الذي قال لا يعجبني لم يكن يقف عليه وقوله المعروف أن له أن يكريها من مثله في حاله وخفته وأمانته وقد كتبنا في الكتاب الأول قبل هذا ما يجوز من الربح في الأكرية أكرية الدواب والدور والأرضين وغير ذلك ومن أجازه ومن قاله
في المكتري يردف خلفه قلت أرأيت إن اكتريت دابة لأركبها فحملت معي عليها رديفا فعطبت الدابة قال قال مالك في الرجل يكتري البعير ليحمل عليه كذا وكذا رطلا فزاد عليه أكثر من ذلك قال مالك ينظر في تلك الزيادة فإن كانت تلك الزيادة مما يعطب بها إذا زادها خير رب الدابة فإن أحب فله كراؤه الأول وكراء ما زاد عليها وإن أحب فله قيمة البعير يوم تعدى عليه ولا كراء له وإن كانت الدابة لا تعطب في مثل ما حمل عليها فله الكراء الأول وكراء ما تعدى فيه ولا ضمان عليه فالذي سألت عنه من الرديف بهذه المنزلة إن كان رديفا تعطب الدابة في مثله إذا أردف فهو بهذه المنزلة وإن كان لا تعطب بمثله فهو على ما فسرت لك
قال وسألت مالكا عن كراء الحاج يتكارى على خمسمائة رطل فيكون في زاملته أكثر مما تعطب في مثله قال مالك ليس الحاج كغيرهم لم يزل الحاج يكون لهم الزيادات من السفر والأطعمة لا ينظر في ذلك ولا يعرف المتكاري ما حمل فلا يكون عليهم في ذلك ضمان
قال وقال مالك وذلك إذا كان المكري هو الذي حمله ورآه ورددتها عليه فثبت قوله على هذا
قلت أرأيت إن تكاريت دابة من موضع من مصر إلى موضع آخر إلى رجل ألقاه أسلم عليه فأردف خلفي من يمسك على الدابة إذا دخلت أسلم عليه فعطبت الدابة أو لم تعطب أيكون علي كراء هذا الرديف في قول مالك قال قال مالك في الرجل يكتري الدابة من موضع إلى موضع فيعدل عن طريقه الميل ونحوه قال قال مالك
____________________
(11/478)
________________________________________
أراه ضامنا بحال ما وصفت لك فكذلك هذا الذي أردف وإن كان ذلك إلى موضع قريب فأراه مثل ما وصفت لك في الضمان يكون رب الدابة مخيرا في الكراء أو الضمان بحال ما وصفت لك من الميل الذي عدل فيه عن طريقه إذا كان الرداف يعطب في مثله إذا علم أن الدابة إنما عطبت من الرديف
باب في الرجل يتكارى الدابة فيتعدى فيحبسها قال وقال مالك في الرجل يتكارى الدابة من الرجل فيحبسها عنه أنه إن شاء ضمنه قيمتها يوم تعدى عليها وإن شاء أخذ دابته وكراء ما تعدى إليه إلا أن يكون إنما تعدى شيئا يسيرا لم يحبسها فليس له إلا كراء دابته إذا لم تتغير وأتى بها على حالها فقلت فقيمتها يوم تعدى عليها أو قيمتها يوم ركبها قال بل قيمتها يوم تعدى كذلك قال مالك
قلت أرأيت لو أن رجلا اكترى دابة يوما فحبسها شهرا ماذا عليه قال عليه كراء يوم ورب الدابة مخير في التسعة وعشرين يوما إن شاء أخذ كراءها فيما حبسها فيه على قدر ما استعملها أو حبسه إياها بغير عمل وإن شاء أخذ قيمتها من بعد اليوم الذي كان عليه بالكراء
وقال غيره إن كان معه بالمصر فهي عليه بالكراء الأول على حساب ما أكراه لأن رب الدابة حين انقضت وجيبته فلم يردها إليه وهو معه وهو يقدر على أخذها كأنه راض بالكراء الأول وإن كان ذلك في غير مصره فأتى بالدابة على حالها فربها مخير إن شاء أخذ الدابة وكراءها لليوم أو الأكثر من كراء مثلها فيما حبسها إن كان كراء مثلها فيما حبسها أكثر من حساب كراء اليوم كان ذلك لرب الدابة وإن كان كراء ما حبسها على حساب كراء اليوم الذي أكراها أقل كان لرب الدابة على حساب الكراء الأول عمل عليها أم لم يعمل عليها وإن شاء ضمنه قيمتها يوم حبسها ولا شيء له من كرائها إلا كراء اليوم الذي أكراها
قلت لابن القاسم وإن لم تتغير الدابة قال وإن لم تتغير فهو مخير وهذا كله قول مالك
قال بن القاسم إلا أن يكون حبسها اليوم ونحوه ثم يردها بحالها لم تتغير في بدنها فيكون عليه كراؤه ولا يضمن وذلك ان مالكا قال في الرجل يتكارى الدابة فيتعدى عليها
____________________
(11/479)
________________________________________
الأميال أنه يردها ولا يضمنها ويكون عليها كراء تلك الأميال إذا ردها على حالها
ما جاء في التعدي في الكراء قلت أرأيت إن تكاريت بعيرا لأحمل عليه محملا فحملت عليه زاملة قال ينظر في ذلك فإن كانت الزاملة أثقل من المحمل وأكثر كراء فهو ضامن إن أعطب البعير ويكون عليه كراء ما زاد ورب البعير مخير في ذلك فإن كانت الزاملة دون المحمل فلا شيء عليه
قلت وهذا قول مالك قال قال مالك في رجل تكارى بعيرا على أن يحمل عليه حمل كتان فحمل عليه حمل صوف فعطب
قال ينظر فإن كان الذي حمل عليه هو أخف وأتعب وربما كان الشيئان وربهما واحد وأحدهما أتعب لجفائه أو لشدة ضمه على جنبي البعير مثل الرصاص والنحاس فإن كان الذي حمل عليه ليست فيه مضرة ولا تعب على الذي اشترط فلا ضمان عليه وإن كان هو أتعب وأضر به فهو ضامن
قال بن القاسم إلا أنه مخير في الضمان فإن أحب كان له كراء فضل ذلك الحمل على تعبه بما يسوى وإن أحب فله قيمة بعيره يوم حمله ولا كراء
قلت وكذلك إن تكاريت بعيرا لأركبه أنا نفسي فحملت عليه غيري قال إن كان مثلك أو دونك فلا ضمان عليك
قلت وهذا قول مالك قال نعم إذا كان هو يكريه في مثل ما اكتراه
قلت أرأيت إن استأجرت رحا على أن لا أطحن فيها إلا الحنطة فجعلت أطحن فيها الشعير والعدس والفول والقطنية والذرة والدخن فانكسرت الرحا قال إن كان طحين الشعير والفول والعدس وما ذكرت ليس بأضر من الحنطة فلا أرى عليه ضمانا وإن كان ذلك أضر فهو ضامن
قلت وهذا قول مالك قال هو رأيي مثل الذي قال مالك في الذي يكتري البعير على أن يحمل عليه خمسمائة رطل من بز فحمل عليه خمسمائة رطل من دهن أنه لم يكن الدهن أضر بالبعير من البز فلا ضمان على المكتري إن عطب البعير
قلت أرأيت إن استأجرت دابة لأحمل عليها حنطة فحملت عليها شعيرا أو ثيابا أو دهنا قال إذا حمل عليها ما يكون مثل وزن الذي اكتراها عليه فذلك جائز ولا يضمن لأن مالكا قال له أن يكريها ممن يحمل عليها مثل ذلك وله
____________________
(11/480)
________________________________________
أن يحمل عليها خلاف الذي سمى مثل أن يتكاراها يحمل عليها كتانا فلا بأس بذلك أن يحمل عليها من البز بوزن ذلك أو من القطن بوزن ذلك إلا أن يكون من ذلك شيء أضر على الدابة من الذي تكاراها له وإن كان بوزن ذلك لأنه قد يكون شيء أخف على الإبل والدواب أو أضغط لظهورها وإن كان الوزن واحدا مثل الرصاص والحديد ألا ترى أن الزوامل أثقل من جل المحامل في الوزن والزوامل أرفق بالإبل وإذا لم يكن في ذلك اختلاف ولا مضرة فلا بأس أن يحمل عليها خلاف ما سمى
قلت أرأيت إن اكتريت دابة لأحمل عليها عشرة أقفزة من حنطة فحملت عليها أحد عشر قفيزا فعطبت الدابة أأضمن أم لا في قول مالك قال لا ضمان عليك في قول مالك إذا كان القفيز إنما فيه الشيء اليسير الذي لا يفدح الدابة يعلم أن مثله لا تعطب فيه الدابة
قلت أفيكون لرب الدابة أخذ كراء هذا القفيز الزائد قال نعم في قول مالك
قلت فكيف يكون أجره أتجعل أجره مثل قفيز من الأقفزة أم أجرة مثله بالغا ما بلغ قال ينبغي في قول مالك أن يكون له مثل أجر القفيز الزائد ولا يكون مثل قفيز من العشرة لأن مالكا قال إذا تكارى إلى موضع فتعدى عليه إلى أبعد منه كان عليه قيمة كراء ما تعدى وليس على قدر ما تكارى عليه أولا فالقفيز الزائد والتعدي سواء
قال سحنون وقد بينا قول مالك وغيره مثل هذا في أول الكتاب
قلت أرأيت إن تكاريت دابة إلى برقة ذاهبا وراجعا فلما بلغت برقة تعديت عليها إلى إفريقية ثم رددتها إلى مصر ما يكون لرب الدابة في قول مالك قال رب الدابة مخير بين أن يكون له كراء من مصر إلى برقة ذاهبا وراجعا ومثل كراء دابته من برقة إلى إفريقية ذاهبا وراجعا إلى برقة فيكون له من مصر إلى برقة ذاهبا وراجعا الكراء الذي سميا بينهما ويكون له من برقة إلى إفريقية ذاهبا وراجعا قيمة كرائها وإن أحب رب الدابة أن يأخذ نصف كراء دابته إلى برقة ذاهبا ويضمنه قيمتها ببرقة يوم تعدى عليها إلى إفريقية ولا يكون له في الكراء في ذهابه بدابته إلى إفريقية ذاهبا وراجعا إلى مصر قليل ولا كثير فذلك له
قلت
____________________
(11/481)
________________________________________
ولا يكون له الكراء فيما بين برقة إلى مصر في رجعته قال نعم إذا رضي أن يضمنه قيمة دابته يوم تعدى لم يكن له من الكراء فيما بين برقة إلى مصر في رجعته قليل ولا كثير
قلت أرأيت إن رد الدابة يوم تعدى عليها على مالها أو ردها وهي أسمن وأحسن حالا قال قال مالك رب الدابة بالخيار إن شاء ضمنه وإن شاء أخذ دابته وأخذ الكراء الذي ذكرت لك
قال مالك لأن الأسواق قد تغيرت فسوق هذه الدابة قد تغير وقد حبسها المكتري عن أسواقها وعن منافع فيها
قلت أرأيت إن تكاريت دابة لأحمل عليها خمسمائة رطل من دهن فحملت عليها خمسمائة رطل من رصاص فعطبت الدابة أأضمن أم لا قال ينظر في ذلك فإن كان الرصاص هو أتعب عليها وأضر بها فهو ضامن وإلا فلا ضمان عليه وهذا قول مالك
قال وقال مالك له أن يكريها في مثل ما اكتراها فيه ويحمل عليها غير ما اكتراها عليه إذا كان الذي يحمله عليها ليس فيه مضرة على الذي تكاراها عليه فإذا كان الرصاص في الوزن مثل وزن الدهن وليس هو أكثر من مضرة الدهن فلا شيء عليه
قلت أرأيت إن استأجرت ثورا أطحن عليه كل يوم إردبا فطحنت عليه إردبين فعطب الثور قال رب الثور بالخيار إن شاء أخذ كراء إردب وضمن الطحان قيمة ثوره حين ربطه في طحين الإردب الثاني وإن شاء أخذ كراء الإردبين جميعا ولا شيء على الطحان من قيمة الثور
وقال بن القاسم وبن وهب قال مالك إذا تكارى دابته إلى مكان مسمى ذاهبا وراجعا ثم تعدى حين بلغ البلد الذي تكارى إليه فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول فتعدى المتعدي بالدابة ولم يجب عليه إلا نصف الكراء ولو أن الدابة هلكت حين بلغ البلد الذي تكارى إليه لم يكن على المستكري ضمان ولم يكن للمكري إلا نصف الكراء فإن تعدى المتكاري المكان الذي تكارى إليه فرب الدابة بالخيار إن أحب أن يضمن دابته المكتري يوم تعدى بها ضمنه إياها بقيمتها يوم تعدى بها وله الكراء إلى المكان الذي تعدى منه وإن أحب صاحب الدابة أن يأخذ كراء ما تعدى إليه المستكري ويأخذ دابته فذلك له وكذلك الأمر عندنا في أهل التعدي والخلاف لما أخذوا عليه الدابة
____________________
(11/482)
________________________________________
قال بن وهب وأخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه سأله عن رجل استكرى دابة فجاز بها الشرط أيضمن قال نعم قال بن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب ويحيى بن سعيد وربيعة وأبي الزناد وعطاء بن أبي رباح مثله
ثم فسروا بنحو من تفسير مالك في الكراء الأول وكراء التعدي وضمان الدابة
بن وهب عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عطاء قال له رجل زدت على المكان الذي استكريت إليه قليلا ميلا أو أقل فماتت قال تغرم
قلت لعطاء فزدت على الحمل الذي اشترطت قليلا فماتت قال تغرم
قلت فأكريته من غيري بغير أمر سيد الظهر فحمل عليه مثل شرطي ولم يتعد قال لا يغرم وقال ذلك عمرو بن دينار
سحنون عن بن نافع عن بن أبي الزناد عن أبيه عن سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه فضل وربما اختلفوا في الشيء فأخذ يقول أكثرهم وأفضلهم رأيا إنهم كانوا يقولون من استكرى دابة إلى بلد ثم جاوز ذلك البلد إلى بلد سواه فإن الدابة إن سلمت في ذلك كله أدى كراءها وكراء ما تعدى بها وإن تلفت في تعديه بها ضمنها وأدى كراءها الذي استكراها به
الدابة في الدعوى في الكراء قلت أرأيت إن تكاريت دابة إلى إفريقية فاختلفنا قبل الركوب أنا وصاحب الدابة فقال إنما أكريتك الدابة إلى برقة بمائة وقلت أنا إنما أكريت منك إلى إفريقية بمائة قال قال مالك يتحالفان ويتفاسخان نقد الكراء أو لم ينقد إذا كان قبل الركوب أو ركوب دور لا يكون فيه ضرر في رجوعهما
وقال غيره إذا انتقد وكان يشبه ما قال فالقول قوله مثل ما لو بلغا إلى برقة فاختلفا فيها لأن النقد المقبوض فوت وصار القابض مقرى بما عليه والمكتري مدع للأكثر ألا ترى لو قال بعتك بهذه المائة التي قبضت منك مائة إردب إلى سنة وقال المشتري بل اشتريت منك مائتي إردب إلى
____________________
(11/483)
________________________________________
سنة وكان ما قال البائع يشبه أن القول قوله لأنه مقر والمشتري مدع
قلت لابن القاسم أرأيت إن بلغت برقة فقال رب الدابة اكتريتك إلى برقة بمائة درهم وقلت أنا اكتريني إلى إفريقية بمائة درهم قال قال مالك إن كان قد نقد المتكاري الكراء كان القول قول المكري إذا كان يشبه قوله أن يكون كراء الناس إلى برقة بمائة درهم مع يمينه
قلت فإن كان لا يشبه أن يكون الكراء إلى برقة بمائة درهم ويشبه أن يكون إلى إفريقية بمائة درهم قال يتحالفان ويتفاسخان ويعطي رب الدابة قدر كرائه إلى برقة ولا يكون للمتكاري أن يلزمه الكراء إلى إفريقية بعد يمين رب الدابة
قلت أرأيت إن كان المتكاري لم ينقد وكان يشبه الكراء ما قال المكري والمتكاري لأن ذلك مما يتغابن الناس فيه قال يتحالفان ويقسم الكراء على قدر الطريق من مصر إلى إفريقية فيكون لرب الدابة ما يصيب الطريق إلى برقة ولا يلزم رب الدابة الكراء إلى إفريقية بعد إيمانهما وأيهما نكل عن اليمين كان القول قول من حلف
قلت وهذا قول مالك قال نعم هو قوله
قلت أرأيت إن اختلفنا قبل الركوب بمصر فأقمنا البينة جميعا أنا ورب الدابة أو لما بلغنا برقة اختلفنا فأقمنا البينة أنا ورب الدابة قال البينة لأعدلهما إلا أن تتكافأ البينة في العدالة فإن تكافأت البينة في العدالة قبل الركوب تحالفا وتفاسخا لأن مالكا قال إذا اختلفا في الكراء قبل الركوب ولا بينة بينهما تحالفا وانفسخ الكراء بينهما
وقال غيره إن أقاما بينة فالبينة بينة مدعي الفضل وليس هذا من التهاتر وكذلك قال عبد الرحمن في رجل باع من رجل سلعة فاختلفا قبل القبض فقال البائع بعتك بمائة وقال المشتري اشتريت منك بخمسين أنهما يتحالفان ويتفاسخان إلا أن تقوم لهما بينة فإن قامت بينة قضى ببينة البائع لأنه مدع للفضل ولأنها زادت على بينة المشتري فمسألة الكراء تشبه قوله هذا
قلت أرأيت إن تكاريت دابة من مصر إلى مكة بمائة درهم فنقدته المائة أو لم أنقده ثم ركبت حتى إذا أتيت المدينة فقال رب الدابة إنما أكريتك إلى المدينة بمائتي درهم وقلت له أنا إنما تكاريتها إلى مكة بمائة درهم قال إن كان المكتري قد نقده المائة درهم فالقول قول
____________________
(11/484)
________________________________________
رب الدابة في المائة الدرهم إلى المدينة إذا كان يشبه ما قال لأنه ائتمنه عليها حين دفعها إليه
قال بن القاسم وعلى المتكاري اليمين بالله في المائة الأخرى التي ادعاها رب الدابة ولم أسمع من مالك في هذه المائة الزائدة التي ادعاها رب الدابة في الكراء شيئا ولكن ذلك عندي مثل البيوع
قال مالك وعلى رب الدابة اليمين بالله أنه لم يكرها منه إلى مكة بمائة درهم
قلت فإن أقاما جميعا البينة على ما ادعيا من ذلك فتكافت البينتان فهما كمن لا بينة لهما وإن لم يتكأ البينات فالقول قول أعدلهما بينة قال نعم مثل قول مالك في البيوع
قلت فإن كان لم ينقده الكراء حتى بلغا المدينة فاختلفا كما وصفت لك قال القول قول رب الدابة عند مالك أنه لم يكره إلا إلى المدينة والقول قول المتكاري في غرم الكراء فتقسم المائة الدرهم على ما بين مصر إلى مكة فما أصاب ما بين مصر إلى المدينة كان لرب الدابة وما أصاب ما بين المدينة ومكة حط ذلك عن المتكاري مع أيمانهما جميعا وإن قامت لهما البينة جميعا فبحال ما وصفت لك
وقال غيره وهو مثل قوله وذلك إذا كان ما قالا جميعا يشبه أو قال المتكاري وإن كان ما قال المكري أشبه ولا يشبه ما قال المكتري فالقول قول المكري مع يمينه على دعوى المكتري
وقال غيره وإن أقاما جميعا بينة أخذت بينة كل واحد منهما إذا كانت عدلة لأن كل واحد منهما مدع لفضله أقام عليها بينة فأقضى للمكري بالمائتي درهم وأقضى للمكتري بالركوب إلى مكة وليس هذا من التهاتر وسواء انتقد أو لم ينتقد إذا قامت البينة وهذا أصل قولنا فخذ هذا الباب ونحوه على مثل هذا
قلت أرأيت إن حمل لي المكاري حمولة حتى بلغها الموضع الذي شرطت عليه فاختلفنا فقال رب المتاع قد أديت إليك الكراء وقال الجمال لم آخذ منك شيئا قال قال مالك القول قول الجمال ما دام المتاع في يديه وإذا بلغ به الموضع فأسلمه إلى صاحبه ثم قال من بعد ذلك بيوم أو بيومين أو أمر قريب
قال مالك رأيت القول قوله أيضا وعلى صاحب المتاع البينة أنه قد وفاه وإلا حلف الجمال أنه لم يقبض كراءه وغرم له رب المتاع الكراء
قال لي مالك وكذلك الحاج حاج مصر إذا بلغوا أهليهم فقام الجمال
____________________
(11/485)
________________________________________
بعد قدومهم بلادهم بالأمر القريب الذي لا يستنكر فقال لم أنتقد كان القول قول الجمال وعليه اليمين
قال مالك وما تطاول من ذلك كله ولم يقم الجمال بحدثان قدومه ولم يطلبه حتى تطاول ذلك فأرى القول قول صاحب المتاع والحاج وعليهم اليمين بالله أنهم قد دفعوا إلا أن تكون للجمال بينة
قال فقلت لمالك فالخياط والصباغ والصائع يدفعون ذلك إلى من استعملهم ثم يأتون يطلبون حقوقهم فقال هم كذلك إذا قاموا بحدثان ما دفعوا المتاع إلى أهله وإن قبضه أهله وتطاول ذلك فأرى القول قول ارباب المتاع وعليهم اليمين
قلت ما قول مالك في رجل اكترى من رجل إبلا من مصر إلى مكة فلما بلغا أيلة اختلفا في الكراء قال قال مالك القول قول المتكاري إذا أتى بما يشبه
قلت وسواء إن كان كراء هذا الرجل إلى مكة في راحلة بعينها أو مضمونا على الجمال لأن المضمون ليس في كراء راحلة بعينها فيكون قابضا للراحلة التي اكترى مثل ما قبض متكاري الدار التي اكترى والمضمون لم يضمن راحلة بعينها وجب له ركوبها بعينها قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا بعينه وأراهما عندي سواء كان في راحلة بعينها أو مضمونا في غير راحلة بعينها لأن الجمال إذا حمله على بعير من إبله
قال مالك فليس للجمال أن ينزع ذلك البعير من تحته إلا أن يشاء المتكاري ذلك
قال مالك ولو أفلس الجمال كان كل واحد من هؤلاء أولى بما في يديه من الغرماء ومن أصحابه حتى يستوفي حقه وإن كان الكراء مضمونا لأنه لما قدم له بعيرا فركبه فكان كراءه وقع في هذا البعير بعينه فليس للجمال أن ينزعه إلا برضا المكتري فهذا يدلك على أن الكراء المضمون والذي في الدابة بعينها إذا اختلف المتكاري ورب الإبل في الكراء كان القول فيهما سواء بحال ما وصفت لك
وقال غيره ليس الراحلة بعينها مثل المضمون
قلت أرأيت إن دفعت إلى رجل كتابا من مصر يبلغه إلى إفريقية بكذا وكذا درهما فلقيني بعد ذلك فقال ادفع إلي الكراء فقد بلغت لك الكتاب فقلت له كذبت لم تبلغه أيكون له الكراء أم لا قال مالك قد ائتمنه على أداء الكتاب فإذا قال قد أديته في مثل ما يعلم أنه
____________________
(11/486)
________________________________________
قد يذهب إلى ذلك الموضع ويرجع فله كراؤه
قلت وكذلك الحمولة والطعام والبز وغير ذلك قال نعم وقال غيره على المكري البينة أنه قد وفاه حمولته وبلغه إلى منتهاه
في نقد الكراء قلت أرأيت إن اكتريت إبلا إلى مكة أو إلى موضع من المواضع فطلب الكراء مني المكري قبل أن يحمل لي شيئا أو طلب الكراء بعد ما سار يوما أو يومين فقلت لا أدفع إليك حتى أبلغ الموضع الذي أكريت إليه قال قال مالك إذا كان للناس كراء معروف وسنة في كرائهم ونقد يتناقدونه بينهم حملوا على عمل الناس وإن كان كراء الناس عندهم إنما نقدهم فيه بعد ما يستوفي المتكاري كراءه حملوا على ذلك وإن كان الناس عندهم إنما يعجلون جميعه إذا اكتروا عجل المتكاري كراءه
قلت فإن لم يكن عندهم أمر معروف من عمل الناس كيف يصنعون قال لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال في كراء الدور إن لم يكن بينهما شرط ولا سنة لم يعطه إلا بقدر ما سكن فإن كان هذا ليس عندهم كراء للناس معروف رأيته بمنزلة الدور
القضاء في نقد الكراء قلت أرأيت إن اكتريت من رجل إلى إفريقية فلما اكتريت منه عجلت له الكراء من غير شرط ثم أردت أن أرجع فيما عجلت له من الكراء قال ليس لك أن ترجع فيما عجلت له من الكراء
قلت ما قول مالك في رجل اكترى من رجل دابة من مصر إلى الرملة فلما بلغا الرملة تصادقا أنه لم ينقد الكراء فقال المكري لي نقد الرملة وقال المكتري إنما لك على نقد مصر قال قال مالك إنما عليه نقد مصر حيث وقع الكراء بينهما
____________________
(11/487)
________________________________________
في الرجل يكتري بدنانير فينقد دراهم أو بطعام فيبيعه قبل أن يقبضه قلت أرأيت إن اكتريت من رجل إلى مكة ذاهبا وجائيا بألف درهم فنقدته بالألف درهم مائة دينار مكاني حين أكريت أو خمسين دينارا مكاني أو بعد ذلك بيوم أو يومين أو بعد ما ركبت بيوم أو يومين قال قال مالك في الرجل يتكارى إلى مكة بدنانير وأراد أن يفضي في تلك الدنانير ورقا
قال إن كان سنة الكراء النقد فلا بأس بذلك وإلا فلا خير فيه لأنه يدخله الدراهم بالدنانير إلى أجل
قلت أرأيت إن اكتريت راحلة بمائة درهم إلى مكة على أن أدفع إليه الدراهم بمكة فعجلت له بدلها دنانير الساعة أيجوز هذا أم لا قال لا يجوز هذا في قول مالك لأنها ذهب بورق إلى أجل
قلت أرأيت إن اكتريت راحلة بعينها إلى مكة بدنانير نقدا فنقدته بها دراهم قال ذلك جائز عند مالك
قلت فإن عطبت الراحلة في بعض الطريق بم أرجع عليه قال قال مالك بالدراهم قلت فإن كنت إنما أعطيته بتلك الراحلة وبتلك الدنانير عرضا من العروض بم ارجع عليه إذا ماتت الراحلة في الطريق قال بالدنانير
قلت وهذا قول مالك قال كذلك قال مالك في البيوع ورأيت أنا الكراء مثل البيوع
قلت أرأيت إن اكتريت راحلة بعينها بدنانير فأردت أن أعطيه في الدنانير دراهم قال هذا مثل ما وصفت لك من قول مالك في الكراء المضمون وهذا وذلك سواء
قلت وكذلك لو كان لي على رجل دنانير إلى أجل فعجل لي منها دراهم نقدا قال لا يصلح ذلك عند مالك
قال ولا يعجل من ذهب إلى أجل فضة نقدا عند مالك ولا من فضة إلى أجل ذهبا نقدا عند مالك لأنه يصير ذهبا بفضة ليس يدا بيد
قلت أرأيت إن اكتريت بعيرا بطعام بعينه أو بطعام إلى أجل أيصلح أن أبيعه قبل أن أستوفيه قال إذا كان الطعام الذي بعينه كيلا فلا يصلح أن تبيعه حتى تقبضه وإن كان الذي بعينه مصبرا فلا بأس أن تبيعه قبل أن تقبضه وأما الذي إلى أجل فلا تبيعه حتى تقبضه
قلت وهذا
____________________
(11/488)
________________________________________
قول مالك قال نعم
القضاء في الكراء قلت أرأيت إن اكتريت إبلا إلى مكة فقلت للجمال اخرج بي اليوم وقال الجمال لا أخرج بك اليوم لأن في الزمان بقية قال إذا كان في الزمان بقية فللجمال أن يتأخر إلى خروج الناس فإذا كان خروج الناس أجبر الجمال على الخروج
قلت تحفظه عن مالك قال لا
قلت أرأيت إن اكريت زاملة إلى مكة أحمل عليها خمسمائة رطل فانتقصت الزاملة في بعض الطريق فأراد المتكاري أن يتمها وأبى المكري ذلك أو قال نفدت الزاملة فأراد المتكاري أن يتمها وأبى المكري ذلك أو قال المكتري لا آكل منها ولا أحركها حتى أبلغ مكة
قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن يحملوا على ما يعرفون من أمر الناس وحال الناس في ذلك فعليه يحملون ولا ينظر إلى قول واحد منهما
وقال غيره إن لم يكن للناس سنة يحملون عليها فله حملان خمسمائة رطل منتهى كرائه
قلت أرأيت إن اكتريت دابة أو بعيرا من موضع من المواضع إلى الفسطاط فلما بلغني المكري أولها قال لي انزل فقلت له لا أنزل إلا في منزلي ومنزلي أقصى الفسطاط قال له أن يبلغه إلى منزله ولا ينزله في أول الفسطاط إلا أن يريد ذلك وهذا وجه ما يعرف من الذي يتكارى عليه الناس
في تضمين الأكرياء قلت أرأيت ان استأجرت جمالا يحمل لي على إبله أو بغالا يحمل لي على بغاله أو حمارا يحمل لي على حميره استأجرته على أن يحمل لي دهني هذا إلى موضع كذا وكذا فعثرت الدواب فسقطت وانكسرت القوارير فذهب الدهن أو كان طعاما فذهب أو انقطعت الحبال فسقط المتاع ففسد قال قال مالك لا يكون على رب الدابة للكري ولا على رب البعير قليل ولا كثير إلا أن يكون غره من عثارها أو غره من الحبال التي ربط بها متاعه فهذا يضمن إذا كان هكذا
قلت ولم لا يضمنه
____________________
(11/489)
________________________________________
إذا عثرت دابته وإن لم تكن عثورة قال لأنه لم يغره من شيء ولأن كل ما يجيء من قبل الدواب فهو هدر لا شيء فيه لأن العجماء جبار إلا أن يكون قد ذعرها رجل أو فعل بها رجل شيئا فأسقطت ما عليها بفعل ذلك الرجل بها فيكون ضمانها على الذي فعل ذلك بها
قلت أرأيت إن أكذبه رب المتاع والطعام فقال لم يضع متاعي ولم تعثر الدابة ولكنك غيبته أيكون القول قوله في قول مالك أم لا وقد قال المكاري قد قطع علي الطريق فذهب البز وعثرت الدواب فإنكسرت القوارير وسرق مني الطعام قال قال مالك القول قول الجمال في البز والعروض إذا قال سرق مني أو قطع علي الطريق أو ادعى تلف المتاع والعروض صدق وأما في الطعام والإدام فالقول قول رب الطعام والإدام
قال بن وهب وأخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في رجل استأجر أجيرا يحمل له شيئا فحمل له إناء ووعاء فخر منه الإناء وانفلت منه الوعاء فذهب ما فيه
قال لا أرى عليه غرما إلا أن يكون تعمد ذلك
بن وهب عن عقبة بن نافع قال قال يحيى بن سعيد الجمال عليه ضمان ما ضيع
بن وهب قال وأخبرني يونس عن بن الشهاب عن ربيعة أنه قال قد كان في رأي المسلمين أن يضمنوا الأكرياء ما حملوا من الطعام وكانوا يرون أن يضمنوا الطعام بمنزلة الصناعات فلم يسعهم إلا أن يضمنوا الطعام من حمله والطعام فيما بلغنا يضمنه من حمله ولا يضمن شيئا غيره
وقال ربيعة ذلك رأيي وقال ربيعة ليس للمال والبز وأشباه ذلك بمنزلة الطعام ولا يحل أن يضمن المال ولا يجوز ذلك فيه ولا ينبغي لأحد أن يأخذ مضمانه شيئا
بن وهب عن يونس عن أبي الزناد أنه قال لا يصلح الكراء بالضمان
وأخبرني مخرمة عن أبيه عن بن شهاب وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد ونافع مولى بن عمر مثل ذلك
قلت لابن القاسم ولم كان هذا هكذا في الطعام ولم يكن في البز والعروض وما فرق ما بينهما وقد غاب الجمال على جميعه قال لأن الطعام أمر ضمنه أهل العلم ولم يجدوا من ذلك بدا وأما البز والعروض فهو أمر ائتمنه عليه
قلت أتجعله أمينه وقد أعطاه رب البز والعروض
____________________
(11/490)
________________________________________
على ذلك أجرا قال نعم هو أمينه
قال وكل شيء دفعته إلى أحد من الناس وأعطيته على ذلك أجرا فهو عند مالك مؤتمن إلا الصناع الذين يعملون في الأسواق بأيديهم فإنهم لم يؤمنوا على ما دفع إليهم وفي الطعام والإدام إذا تكاراه على أن يحمله على نفسه أو على سفينته أو على دابته فهو ضامن للطعام والإدام إلا أن يأتي ببينة يشهدون على تلف الطعام والإدام أنه تلف من غير فعل هذا الذي حمله فلا يكون عليه ضمان ان تكاراه على أن يحمل له البز والعروض على إبله أو على سفينته أو على دابته قفال الحمال على نفسه أو على دوايبه أو على سفينته ذلك المتاع والعروض قد ضاع مني أنه يتصدق وهو في المتاع والعروض مؤتمن إلا أن يأتي بأمر يستدل به على كذبه وأما الطعام والإدام فهو ضامن لذلك إلا أن يأتي ببينة على هلاكه
سحنون
عن بن نافع عن أبي الزناد عن أبيه عن السبعة أنهم كانوا يقولون لا يكون كراء بضمان إلا أنه من اشترط على كري أنه لا ينزل بمتاعه بطن واد ولا يسري بليل ولا ينزل أرض بني فلان وأشباه ذلك من الشروط قالوا فمن تعدى ما اشترط عليه فتلف شيء مما حمل في ذلك التعدي فهو ضامن له وكانوا يقولون ان الغسال والخياط والصواغ والصباغ وأصحاب الصناعات كلهم ضامنون لما دفع إليهم وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل
بن وهبقال وأخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب في الاستكراء بالضمان قال بن شهاب قال سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أنه كان يقول لا يجوز ذلك
بن وهب وأخبرني بن أبي الزناد عن أبيه في رجل استكرى ظهرا أو سفنا تحمل له على أن على الذي حمل له ضمان متاعه ذلك إن أصيب شيء منه
قال لا يصلح ذلك ولا تباعة على من حمل ذلك من الشروط إن أصيب شيء مما يحمل إلا أن يكون اشترط على المكري شرطا فخالفه فإن على المكري إذا تعدى الضمان مثل أن يشترط عليه أن لا ينزل به بطن واد ولا يسري بليل أو نحو هذا
____________________
(11/491)
________________________________________
من الشروط فإن تعدى فأصيب المتاع فإنه يغرم
قلت أرأيت إن استأجرت ثورا أو دابة أطحن عليها فلما ربطته في المطحنة كسر المطحنة وأفسد متاع الرحا أيضمن صاحب الثور والدابة شيئا أم لا قال لا يضمن شيئا إلا أن يكون قد علم من الثور ذلك فكتمه فيكون عليه ذلك قال لأن مالكا قال في الذي يكري من الرجل دابته ليحمل عليها وهي ربوض قد علم ذلك فلم يعلمه ذلك أو عثور فلم يعلمه بذلك فحمل عليها فربضت أو عثرت فانكسر ما عليها أنه ضامن وكذلك الثور والدابة في الرحا
قلت أرأيت إن دفعت إلى رجل دهنا يحمله لي فحمله على دابة عثور فعثرت فسقط الدهن فإنكسر فأراد أن يضمنه قيمته أين تضمنه قيمته وقد حمل الدهن من مصر إلى العريش وكان كراؤه إلى فلسطين فانكسر الدهن بالعريش وقيمته هناك بالعريش ضعف قيمته بمصر كيف اضمنه قال قيمته بالعريش قال سحنون وقد قال غيره بل قيمته بالفسطاط إن أراد لأنه لما حمله على ما غره به صار متعديا من حين حمله
قلت أرأيت إن أكريت دابتي أو نفسي لأحمل دهنا أو طعاما فزحمني الناس فانكسرت الآنية التي فيها الدهن أو الطعام ففسد ذلك على من الضمان قال على الذي زحمك
قال لأن مالكا قال في الرجلين يحملان جرتين أو غير ذلك على كل واحد منهما جرة أو غير ذلك فاصطدما في الطريق قال إن انكسرت إحداهما وسلمت الأخرى ضمن الذي سلم للذي لم يسلم وإن انكسرتا جميعا ضمن كل واحد منهما لصاحبه
قال مالك وكذلك الفرسان يصطدمان وعليهما راكبان فيموتان جميعا ويموت الفرسان
قال ضمان الفرسين كل واحد منهما في مال صاحبه ودية الرجلين دية كل واحد منهما على عاقلة صاحبه وإن مات واحد وسلم الآخر كان الفرس في مال السالم ودية الميت على عاقلة السالم منهما
قال فقلنا لمالك فالسفينتان تحمل إحداهما على صاحبتها فتصدمها فتكسرها فيذهب من فيها ويغرقها قال مالك لا يشبهان عندي الفرسين وذلك أن الريح هي التي عملت ذلك فالريح تغلب أهل السفينة أن يصرفوها أو يعدلوها فلا أرى عليه شيئا إلا أن يكون يعلم أن النوتي لو شاء أن
____________________
(11/492)
________________________________________
يصرفها صرفها فإن لم يصرفها وهو يقدر على ذلك ضمن
قلت فإن كان الفرس في رأسه اعتزام فحمل فارسه فصدم أيكون على فارسه شيء أم لا قال نعم يكون عليه ضمان ما صدمه
قال بن القاسم وذلك أني رأيت من قول مالك أن الفارس إذا جمح به فرسه إنما ذلك من شيء فعله به فارسه إما إذا أذعره أو خاف منه فجمحت به فسبب جمحه من قبل فارسها وهو ضامن لما أصابت إلا أن يكون الفرس إنما هو من شيء مر به في الطريق لم يكن ذلك من سبب فارسه فلا عليه ضمانا وإن كان غيره فعل ذلك بالدابة فجمحت فإن الذي فعل ذلك بالدابة ضامن لما أصابت الدابة والسفينة لا يذعرها من عليها ولا يذعرها شيء ولا يذعرها من عليها ولكن الريح تغلب عليها فهذا الذي فرق به مالك بين السفينة والدواب
قلت أرأيت إن تكاريت سفينة من رجل لأحمل عليها طعاما أو متاعا إلى موضع من المواضع فغرقت السفينة وغرق ما فيها بعد ما بلغ بالطعام أو بالمتاع ثلثي الطريق أو كان تكارى منه إبلا أو دواب أو أكراه نفسه يحمل له ذلك فحمله حتى إذا بلغ ثلثي الطريق جاء أمر من السماء فذهب بالمتاع وبالطعام أيكون على رب الطعام والمتاع من الكراء شيء أم لا قال قال مالك أما السفينة فأنه لا كراء لصاحبها ولا ضمان عليه في شيء من ذلك
وقال غيره وهو بن نافع له بحساب ما بلغت السفينة
قلت أليس قد قلت لي يضمن في الطعام والإدام في قول مالك قال إنما يضمن في الطعام والإدام في قول مالك إذا لم يجيء أمر من السماء فإذا جاء أمر من السماء فذهب به لم يضمن والغرق أمر من السماء
قلت فلم قال مالك في السفينة أنه لا يكون له شيء من الكراء قال قاله مالك وأبى أن يرجع عنه وثبت عليه قال كأني أراه إذا أكراه السفينة إنما نكاراها على البلاغ قال وأما الدواب والإبل فإنه عند مالك إذا تلف الطعام أو المتاع بأمر من أمر الله تعالى كان على رب الطعام أن يأتي بطعام مثله أو بمتاع مثله أو يؤاجر له إبله في مثل ذلك ولا يفسخ الكراء بينهما ويكون الكراء للأجير كاملا
قلت أرأيت إن لم يكن مع المكري صاحب المتاع ولا خليفة له قال يرفع ذلك
____________________
(11/493)
________________________________________
المتكاري إلى عامل الموضع فيكري له الإبل إن وجد له كراء وإلا فأمامه فيما يتقدم يطلب ذلك فإن وجد شيئا وإلا فالكراء للمتكاري لازم على رب المتاع وإن انطلق بإبله فرغا إذا لم يجد ما يحمل عليها لأن مالكا قال في الرجل يتكارى إلى الحج أو المرأة فتهلك أو يهلك في الطريق إنه يكري للميت شقة ويطلب ذلك في الطريق فإن وجد من يكتري أكرى له وإلا كان على الميت الكراء كله كاملا
قلت أرأيت إن كان رب الطعام مع المكاري فأصاب الطعام تلف من السماء أو من غير السماء قال لا يكون على المكاري شيء عند مالك لأن رب الطعام لم يحله مع الطعام لأنه مع طعامه وطعامه في يديه إذا خرج مع المكاري فما أصاب الطعام فليس على المكاري شيء
قال وهذا قول مالك وكذلك إذا كان في السفينة مع طعامه فنقص قال مالك فلا شيء على صاحب السفينة
قلت أرأيت إن تكاريت على طعام بعينه أو متاع بعينه فتلف المتاع أو أصاب الطعام أمر من السماء ذهب به وإنما كنت تكاريته على ذلك الطعام أو المتاع بعينه فأصيب أينقطع الكراء فيما بينهما أو يكون على رب الطعام أو المتاع بعينه أن يأتي بطعام مثله أو بمتاع مثله فيحمله له المكاري إلى الموضع الذي شرط له وإنما تكاراه على ذلك الذي تلف بعينه
قال قال مالك يقال لرب الطعام أو المتاع هلم متاعا مثل متاعك أو طعاما مثل طعامك فإن أتى به قيل للحمال احمل وذلك للحمال لازم
قال وإن أبى رب الطعام أو المتاع أن يأتي بمثل طعامه أو متاعه كان الكراء لازما ولرب المتاع أن يكري الإبل فيحمل عليها مثل حمولته التي كانت وإلا فلا شيء له على الجمال
قلت وهذا قول مالك قال نعم
قلت فإن كنت تكاريت منه على نفسي فلما كنت في بعض الطريق مت قال قال مالك يكري للميت شق المحمل كما وصفت لك
قلت والطعام والمتاع والناس عند مالك سواء قال نعم
قلت أرأيت إن غرقت السفينة من مد النواتية أو من حرفهم فيها أو من عتقهم عليها أيضمنون أم لا قال إذا لم يتعدوا فيما صنعوا وإنما صنعوا ما يجوز لهم من المد والعمل فيما لم يضمنوا وإن صنعوا من ذلك ما يعلم أنهم قد تعدوا
____________________
(11/494)
________________________________________
في مد أو علاج في السفينة حرفوا فيه ليس كما ينبغي أن يعمل في تلك السفينة فغرقت فهم ضامنون لما ذهب في السفينة
قلت ويضمنون من في السفينة من الناس وما فيها من والمتاع قال نعم إذا ضمنوا ما في السفينة من السلع ضمنوا من في السفينة من الناس
قال وقال مالك كل أجير أو راع أو صانع يعمل لك عملا في منزلك أو بيطار أو طبيب أو غير ذلك ممن يعمل هذه الأشياء أو جمال فكل هؤلاء ضامنون لما تعدوا فيه فالسفينة عندي بهذه المنزلة
قلت أرأيت إن اكتريت إبلا من الشام إلى مكه تحمل لي طعاما بعثت ذلك إلى غلامي أو إلى أجيري فلما بلغ إلى مكة أصاب الطعام قد زاد أو نقص قال أما كل زيادة أو نقصان يكون من نقصان الكيل وزيادة الكيل فلا يكون على المكري شيء من ذلك ولا شيء له من الزيادة
وهذا قول مالك ولا كراء له في الزيادة ولا يحط عنه للنقصان من الكراء شيء فإن كانت الزيادة لا تكون من زيادة الكيل وقال الجمال ليس لي من هذه الزيادة شيء ولكنكم غلطتم علي في الكيل وزدتم علي قال فإنه يخير رب الطعام في أن يأخذ الزيادة ويغرم كراء تلك الزيادة وإن أبى وقال لم أغلط لم يصدق الجمال عليه ولم تلزمه الزيادة إذا كانت لا تشبه زيادة الكيل لأن الكراء ربما اغترق الطعام وزيادة على ثمن الطعام فيكون حمل الجمل من الطعام بعشرة دراهم وكراؤه إلى ذلك الموضع بثلاثين درهما فلا يصدق الجمال على رب الطعام في الغلط إلا أن يشاء رب الطعام أن يقبل ذلك ويغرم الكراء
قلت وهذا قول مالك قال لم أسمعه من مالك ولكنه رأيي
قلت أرأيت إن زاد الطعام زيادة يعلم أن تلك الزيادة ليست من زيادة الكيل وقال رب الطعام أنا آخذ طعامي وزيادة الكيل أيكون ذلك له قال ليس له إلا أن يأخذ كيل طعامه ولا يأخذ زيادة الكيل إلا أن تكون زيادة الكيل أمرا معروفا عند الناس كلهم
قلت أتحفظه عن مالك قال أحفظ عن مالك أنه قال كل زيادة تكون في زيادة الكيل يوجد ذلك في الطعام إن ذلك لرب الطعام
قلت أرأيت الحدادين والقصارين والخياطين وأهل الصناعات والحمالين والبغالين وأصحاب
____________________
(11/495)
________________________________________
السفن الهؤلاء أن يمنعوا ما عملوا بأجر وما حملوا بكراء يمنعون ما في أيديهم من ذلك حتى يستوفوا كراءهم وأجر عملهم قال قال مالك نعم لهم أن يمنعوا ما في أيديهم من ذلك حتى يستوفوا كراءهم وأجر عملهم
قلت أرأيت إن حبس هذه الأشياء التي سألتك عنها هؤلاء العمال وهؤلاء الحمالون وهؤلاء البغالون وأصحاب السفن فضاع ذلك منهم بعد ما حبسوه
قال أما ما ضاع عند أهل الأعمال مثل الصباغين والخياطين ومن ذكرت منهم فلا أجر لهم وعليهم الضمان لازم لهم لأن أصل ما أخذوا عليه هذه الأمتعة على الضمان إلا أن تقوم لهم بينة على الضياع فيبرؤن من الضمان ولا أجر لهم لأنهم لم يسلموا ما عملوا إلى أرباب المتاع
وأما الأمتعة التي حملوها من البز وجميع الأشياء ما خلا ما يؤكل ويشرب فلا ضمان عليهم فيه إن ضاع إلا أن يغيبوا به ويحوزوه عن أصحابه فيكون بمنزلة الرهن ويكونون ضامنين لما في أيديهم وأما ما لم يغيبوا عليه يحوزوه فلا ضمان عليهم فيه ويكون لهم الأجر كاملا إن كان الأكرياء قد بلغوه غايته فضاع في الوجهين جميعا
وأما الطعام إن ضاع فالأكرياء له ضامنون إلا أن يكون لهم بينة على التلف من غير فعلهم أو يكون أرباب الطعام مع الطعام فلا ضمان عليهم ويكون لهم أجرة كاملا إن كانوا قد بلغوه غايته وإن لم يكونوا بلغوه غايته فادعى الأكرياء أنه ضاع بغير بينة لم يصدقوا وقيل لهم عليكم أن تأتوا بطعام مثله إن لم يكن أرباب الطعام معهم وإن كانت لهم بينة قيل لأرباب الطعام هلموا طعاما مثله يحمله لكم الجمال إلى منتهى الغاية وعليكم الكراء كاملا وهذا كله قول مالك إلا ما كان من السفن على البلاغ فإن مالكا قال إذا غرقت السفينة فليس لها كراء وجعل كراء السفن على البلاغ
قال مالك وما استحمل في السوق مما يحمل الرجل على عنقه والبغال التي تحمل فتعثر الدابة أو يعثر الرجل فيسقط فينكسر ما عليه أو يحمله إلى بلد من البلدان فيعثر البعير أو يأتي من سبب الدابة أمر يكون ذهاب ما عليها من سببها فسبيله سبيل السفن لا كراء لهم لأنهم كانوا إنما حملوه على البلاغ فلا كراء لهم وكذلك قال مالك وسبيلهم في الضمان فيما حملوا سبيل ما حمل الحمالون والبغالون من
____________________
(11/496)
________________________________________
بلد إلى بلد
قلت وهذا قول مالك قال نعم وقال غيره ليس هذا مثل السفن لا ضمان عليهم فيما كان من سبب العثار من الدابة وغيرها ولهم على أرباب المتاع أن يحملوهم حتى يبلغوا الغاية فيعطوا الكراء وما عثرت به الدابة أو غيرها بمنزلة ما يصيبه من حريق أو سيل أو عداء اللصوص فعلى أرباب المتاع أن يحملوهم مثل ذلك وإلا أعطوهم الكراء تاما وذلك إذا لم يغر الأكرياء من العثار فإنهم إذا غروا ضمنوا وقال سحنون وكان بن نافع يقول في السفن لها حساب ما بلغت
قال وقال مالك في الرجل يكتري على رواية من زيت تحمل له من بلد إلى بلد فيعثر البعير فتنشق الرواية فيذهب ما فيها أله كراء فيما حمل قال مالك لا كراء له فيما حمل ولا ضمان عليه إلا أن يكون غره من دابته فيضمن
قال بن القاسم فأرى ما سرق من ذلك ببينة أو غصبه اللصوص فإنه لا يشبه ما عثرت به الدابة لأن سببه لم يأت من قبل ما تكارى عليه وعليه أن يأتي بمثله يحمله له ويكون له أجره كاملا فإن كان الذي كان من سبب الدابة إنما كانت من سبب ما استحمله عليه فليس على المكري غرم وليس على المتكاري أن يأتي بمثله لأن المكري ليس هو الذي أتلفه ووضع عنه ضمانه لأنه لم يتعمد تلفه ولم يغر من شيء إلا أن يكون غر من بعض ما حمل له فيضمن
قلت والطعام والسمن والدهن والقوارير وهذه الأشياء إن انكسرت من سبب البعير أهي بهذه المنزلة قال نعم في رأيي
قال وما يحمل في السفن أو على الإبل أو على الدواب أو على أعناق الرجال من بلد إلى بلد أو في المصر فما تلف شيء من ذلك من قبل ما عليه حمل هذه الأشياء فلا كراء له ولا ضمان عليه
قلت أرأيت إن استأجرته يحمل لي صبيا صغيرا مملوكا إلى موضع من المواضع وأسلمته إليه فساق الدابة فعثرت من سوقه فسقط الصبي فمات
قال لا شيء عليه إلا أن يكون ساقها سوقا عنيفا لا يكون مثل سوق الناس لأن مالكا قال في البيطار يطرح الدابة فتعطب إنه لا شيء عليه إذا فعل بها ما يفعل البيطارة وطرحها كما تطرح البيطارة الدواب فإن فعل غير ذلك ضمن
____________________
(11/497)
________________________________________
ما جاء في تضمين المتكاري قلت أرأيت إن اكريت دابة من موضع إلى موضع فضربتها وأعبتها من ضربي أو كبحتها فكسرت لحييها قال قال مالك في الرائض يروض الدواب فيضرب الدابة فيفقأ عينها أو يكسر رجلها إنه ضامن لذلك فكذلك المتكاري عندي إذا ضربها فأعابها فهذا متعد إلا أن يكون إذا ضرب ضرب كما يضرب الناس الدواب فلا شيء عليه
قلت أتحفظه عن مالك قال لا إلا ما أخبرتك في الرائض وقال مالك أيضا في الراعي يضرب الكبش أو يرميه فيفقأ عينه أو يصيبه وكل شيء صنعه الراعي ضمن إذا أخذه من غير الوجوه التي لا يجوز له أن يفعله فأصاب الغنم من صنعه عيب فهو ضامن وإن صنع ما يجوز له أن يفعله فعيبت الغنم فلا ضمان عليه
قلت أرأيت إن استأجرت دابة فكحتها أو ضربتها فعطبت أضمن أم لا قال لا ضمان عليك إذا فعلت من هذا ما يجوز لك أن تفعله
بن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال ليس على الأجير الراعي ضمان شيء من رعايته إنما هو مأمون فيما هلك أو ضل يؤخذ يمينه على ذلك القضاء عندنا
بن وهب عن يونس عن أبي الزناد قال ليس على أحد ضمان في سائمة دفعت إليه يرعاها إلا يمينه إلا أن يكون باع أو سرق وإن كان عبدا فدفع إليه شيء من ذلك بغير أمر سيده فليس على سيده فيه غرم ولا في شيء من رقبة العبد
بن وهب قال وأخبرني رجال من أهل العلم عن بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وشريح الكندي وبكير مثله
وقال بعضهم إلا أن يقيم بينة بإهلاكه متعديا هذه الأثار لابن وهب
في الكراء من مصر إلى الشام وإلى الرملة ومن مكة إلى مصر أو من إفريقية إلى مصر قلت أرأيت إن اكتريت دابة من مصر إلى الشام ولم أسم كورة من كور الشام ولا مدينة من مدائن الشام أيكون الكراء فاسد أم لا قال يكون الكراء فاسدا أم لا قال الكراء فاسد ____________________
(11/498)
________________________________________
قلت أرأيت إن اكتريت من إفريقية إلى مصر أو من مكة إلى مصر ولم أسم الفسطاط ولا غير ذلك من مدائن مصر قال هذا على كراء الناس لأن كراء الناس من إفريقية إلى مصر إنما هو إلى الفسطاط وليس مصر مثل الشام لأن الشام أجناد وكور ومصر إنما يقع كراء الناس على الفسطاط وكراء الناس من مكة إلى مصر إنما هو إلى الفسطاط قد علموا ذلك
قلت أرأيت إن اكترى من مصر إلى فلسطين ولم يسم إلى أي مدائن فلسطين أيكون الكراء جائزا أم لا قال إنما يحمل الناس من ذلك على ما يكون من كراء الناس فيما يعرفون إن كان كراؤهم أن اكتروا إلى فلسطين من مصر إنما يقع كراؤهم على أنه إلى الرملة فذلك جائز وهو إلى الرملة
قلت وكذلك إن اكتريت من مكة إلى خراسان ولم أسم كورة من كور خراسان ولا مدينة قال هو كما وصفت لك من كور الشام لأن خراسان كور كثيرة مختلفة
في الكراء إلى مكة قلت أرأيت إن استأجرت محملا لأحمل فيه امرأتين أو رجلين أو جاريتين ولم أر الرجال ولا النساء ولا الجواري أيجوز هذا الكراء أم لا قال ذلك جائز إلا أن يأتي برجلين فادحين أو بأمرأتين فادحتين فإذا كان ذلك لم يلزمه كراؤهما لأن هذا أمر خاص وما كان من العام فذلك الكراء لازم
قلت أتحفظه عن مالك قال لا أقوم على حفظه الآن
قلت أرأيت إن اكترى محملا إلى مكة ولم يره وطأ المحمل قال الكراء على هذا جائز وله أن يحمل مثل ما وطأ الناس
قلت أتحفظه عن مالك قال لا أقوم على حفظه الآن
قلت وكذلك الزاملة إذا لم يخبره ما يحمل عليها قال نعم إنما يحملان على ما يحمل الناس في الزوامل والكراء جائز
قلت فإن لم يسم لما يحمل على الزوامل من الأرطال قال وإن لم يسم فذلك جائز لأن الزوامل قد عرفت عند الحاج والتجار والناس فإنما يحملان على ما يعرف الناس بينهم
قلت وعليه أن يحمل له المعاليق قال نعم وكل شيء قد عرفه الناس
____________________
(11/499)
________________________________________
بينهم في الكراء فذلك لازم للكري
قلت أرأيت إن اشترط على الجمال أن يحمل له من هدايا مكة ولم يذكر له ما يحمل أيجوز هذا الكراء أم لا قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا بعينه وأرى إن كان ذلك أمرا قد عرف وجهه فأرى أن لا بأس به وإن كان ذلك أمرا لا يعرف وجهه فلا خير في هذا الكراء
قال وسمعت مالكا وسألناه عن الرجل يستحمله الرجل الثوب أو الثوبين فيحمله له في غيبته ولا يخبر بذلك الجمال قال قال مالك لا بأس بهذا لأن هذا من شأن الناس
قال وهذا أمر قد مضى وجاز في الناس
ولو بين هذه الأشياء وسماها وقدرها ووزن ما كان منها يوزن لكان أحسن
قلت أرأيت إن اكترت امرأة شق محمل فولدت في الطريق أيجبر الجمال على حمل ولدها معها أم لا قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يكون على الجمال حمل الصبي مع أمه لأن النساء يلدن في الأسفار وهن في الكراء فما سمعنا أن امرأة ولدت في الطريق فحال الجمال بينها وبين ولدها أو حمل ولدها المولود على بعير وأمه على غيره
قال وهذا أمر بين الجمالين معروف أن المرأة إذا ولدت في الطريق فولدها معها يحمل في محملها وإن لم يشترطوا ذلك في أصل الكراء وإنما ينظر في هذه الأشياء إلى ما قد استجاز الناس فيما بينهم فيحمل الخاص من أمر الناس على ما استجاز جميع الناس بينهم
قلت أرأيت إن تكاريت شق محمل إلى مكة ذاهبا وراجعا وعقبة الأجير أيجوز هذا الكراء في قول مالك قال ذلك جائز
في المكري يهرب قلت أرأيت إن أكراني إبله ثم هرب عني وتركها في يدي فأنفقت عليها أيكون لي على المكري النفقة التي أنفقت عليها قال قال مالك نعم يكون له عليه ما أنفق عليها
قال مالك ويكون له أن يتكارى عليها من يرحلها ويرجع بذلك على الكري
قلت أرأيت إن اكتريت ولم آخذ منه حميلا ثم هرب المكاري فأتيت السلطان أيتكارى لي عليه السلطان قال نعم
قلت وأرجع عليه بما تكاريت عليه قال نعم
قلت أرأيت إن اكتريت دابة بعينها إلى مكة أو كراء مضمونا إلى
____________________
(11/500)
________________________________________
مكة وغيرها من البلدان على أن أركب من يومي أو من الغد ففر المكاري فلم أجده إلا بعد ذلك فلما وجدته ألزمني بالركوب وطلب كراءه قال قال مالك كل كراء مضمون فإنه يلزم صاحبه الكراء وإن فر عنه المكري وليس له على المكري إلا حمولته وعليه الكراء لازم له إلا كراء الحاج وحده فإنه يفسخ عنه ويرد كراؤه إن كان قبضه لأن الحج إذا ذهب إبانه فات
قال بن القاسم وأما كراء الدابة بعينها فإني لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه بلغني عن مالك في الرجل يتكارى الدابة يركبها من الغد إلى موضع كذا وكذا فيغيب عنه المكري ثم يأتيه بعد يومين أو ثلاثة قال ليس عليه إلا ركوبه
وقال غيره إن رفع أمره إلى السلطان نظر السلطان في ذلك لما لا يدخل فيه الضرر على واحد منهما فإن رأى فسخ ذلك الكراء فسخه بمنزلة الدابة تعتل أيضا في الطريق ولا يستطيع المكتري الوقوف عليها لما يدخل عليه من فوت أصحابه أو لما يدخل على رب الدابة في طول مقامه عليها ولعلها لا تصح من علتها فيكون عذرا يفسخ الكراء به بينهما
قال بن القاسم فأنا أستحسن أنه إذا كان تكاراها إلى بلد وإن اشترط عليه أن يركبها من الغد فليس له إلا ركوبها وإن أخلفه أصحابه إلى البلد الذي تكاراها إليه فله أن يركبها ممن أحب في مثل ذلك وإن تكاراها أياما بعينها أو شهرا بعينه انتقض الكراء فيما بينهما فيما غاب عنه الكري قال لأن مالكا قال في العبد يستأجره الرجل يخدمه أو يعمل له شهرا فيمرض أو يأبق ذلك الشهر فليس على رب العبد أن يدفع إليه العبد يعمل له شهرا آخر والأجير كذلك
قال بن القاسم وكذلك الراحلة بعينها إذا اكتراها ليركبها شهرا بعينه إنما تكارى ركوبها ذلك الشهر أو طحينها فإذا مضت تلك الأيام لم يلزمه الكراء الذي بعد تلك الأيام لأن أصل الإجارة لم تكن دينا مضمونا والمضمون في هذا والذي في الدابة بعينها مختلف
قلت أرأيت إن رفعت إلى السلطان أمري حين هرب المكري أيكتري لي عليه أم لا قال نعم يكتري لك عليه
قلت في كراء مكة وغير كراء مكة قال نعم
قلت وكذلك لو ذهب المتكاري فرفع الجمال
____________________
(11/501)
________________________________________
ذلك إلى السلطان أيكري الإبل على المتكاري كان الكراء مكة أو غير مكة قال نعم
قال وأما ما ذكرت من الرفع إلى السلطان في الهرب وكراء السلطان عليهما فهو قول مالك
في المتكاري يهرب قلت أرأيت إن أكرى رجل إبله إلى مكة فهرب المتكاري ماذا يصنع الجمال قال قال مالك يرفع الجمال أمره إلى السلطان فيكري السلطان الإبل من المتكاري
قلت فيقضي السلطان للجمال من كرائه هذا كراءها الذي وجب له على الهارب منه قال نعم
قلت فإن لم يجد السلطان كراء قال قال لنا مالك لو أن رجلا اكترى إبلا فبعث بها مع الجمال على أن يحمل له متاع كذا وكذا من بلد كذا وكذا إلى بلد كذا وكذا وكتب إلى وكيله مع الجمال أن يدفع إلى الجمال ذلك المتاع الذي اكراه على حمولته فقدم الجمال تلك البلد فلم يجد الوكيل قال قال مالك إذا لم يجد الوكيل تلوم له السلطان قدر ما يرى مما لا يكون فيه ضرر على الجمال فإن جاء الوكيل فدفع إليه المتاع فحمله وإلا اكرى عليه السلطان الإبل إلى الموضع الذي اشترط على الجمال أن يحمل إليه المتاع ويكون الكراء للمتكاري فإن لم يجد السلطان كراء إلى ذلك الموضع خلى عن الجمال وجعل له الكراء كاملا
قلت فإن لم يقدر على وكيل المتكاري ولم يرفع ذلك إلى السلطان حتى رجع قال إن كان في تلك البلدة سلطان فلم يرفع ذلك إليه فلا يبطل كراؤه ويكون له عليه حمولته ويرجع الثانية يحمل له حمولته
قلت فإن كان ببلد ليس فيه سلطان قال مالك إذا كان ببلد ليس فيه سلطان تلوم وطلب الكراء وانتظر وأشهد فإذا فعل هذا ولم يأت الوكيل ولم يجد كراء رجع وكان الكراء على المتكاري كاملا
قال بن وهب قال مالك في الرجل يتكارى من الرجل الظهر ويواعده يلقاه بها في مكان كذا وكذا فيأتي صاحب الظهر بظهره فلا يجد المتكاري قال أرى أن يدخل على إمام البلد إلا أن يجد كراء فإن انصرف ولم يكر ولم يدخل على امام لم أر له شيئا إذا كان موضعا
____________________
(11/502)
________________________________________
فيه الكراء موجودا إلى البلد الذي أكرى إليها فإن لم يكن الكراء موجودا أو جهل أن يدخل على الإمام لم أر أن يبطل عليه عمله ويكون له الكراء
الإقالة في الكراء قال قال مالك من تكارى ظهرا على حمولة إلى بلد من البلدان أو إلى الحج فنقده الكراء أو لم ينقده حتى يبدو للمكري أو للمتكاري فسأل أحدهما صاحبه أن يقيله برأس المال أو بزيادة
قال أما ما لم يبرحا ولم يرتحلا فإن كان لم ينقده فلا بأس بالزيادة ممن كانت من المكري أو من المكتري ويفسخ الأمر بينهما وأما إن كان نقده وتفرقا فلا بأس بالزيادة من المكتري ولا خير فيها من المكرى إن انتقد لأنه يصير كأنه أسلفه مائة في عشرين ومائة وكان القول بينهما في الكراء محللا وإن سار من الطريق ما يتهم في قرية ما يخاف أن يكونا إنما جعلاه لعلته تحليلا بينهما وذريعة إلى الربا فلا خير في أن يزيده المكري فالتهمة بينهما بحالها وإن سارا من الطريق ما يعلم أنهما لم يعزيا ذلك لبعد ما سارا فلا بأس بأن تكون الزيادة من قبل المكري وإن كان قد انتقد لأنه لا تهمه فيه وإن زاده أكثر مما أعطاه بكثير ولا يؤخره فإن دخله تأخير كان من الدين بالدين
قال وإن زاده المتكاري فلا بأس بذلك قبل الركوب وبعد الركوب وإن كان إنما سار الشيء القليل فزاده المكري فالتهمة بينهما قال بحالها
قال وهذا الذي وصفت لك من الإقالة في أمر الكراء هو مخالف للبيوع وهذا كله قول مالك
قال وإذا أقاله وقد كان نقده مائة دينار كراءه كله فأقاله على أن يزيده المتكاري عشرة دنانير على أن يرد المكري إلى المتكاري المائة دينار التي أخذها قال فلا يصلح أن يعطيه المتكاري العشرة الدنانير التي يزيده إلا أن يعطيه إياها من المائة الدينار التي يأخذها مقاصه لأنه يدخله دنانير وعروض بدنانير ألا ترى أنه اشترى من المكتري ركوبه وعشرة دنانير بمائة دينار فلا يجوز هذا فإذا رد إليه من المائة عشرة دنانير فهذا لا يدخله البيع إنما هذا رجل أقاله من الكراء الذي كان له على أن وضع المتكاري عن المكري عشرة دنانير فلا بأس بهذا
قال بن القاسم وهذا الذي ذكرته
____________________
(11/503)
________________________________________
من أمر الكراء والمتكاري كله عن مالك إلا تفسير إذا زاد المتكاري المكري عشرة دنانير من غير الذهب التي يأخذها فإنه هذا رأيي
وقال غيره لا يزيد المكري المتكاري إذا غاب على النقد قبل الركوب ولا بعد الركوب القليل منه ولا الكثير فإنه لا خير فيه لأنه سلف جر منفعة
ما جاء في تفليس المتكاري قلت أرأيت إن اكريتها لأحمل عليها إلى مكة فعرض لي غريم لي في بعض المناهل فأراد أخذ المتاع قال قال مالك المكري أولى بالمتاع الذي معه على دابته حتى يقبض حقه وللغرماء أن يكروه في مثل ما حمل إلى الموضع الذي أكراه إليه
قلت أرأيت إن قال الغرماء اضرب في هذا المتاع بقدر كرائك إلى هذا الموضع الذي حملته إليه وقال المكري لا ولكن اضرب بجميع الكراء إلى مكة قال ليس ذلك للغرماء والمكري أولى بجميع ما حمل حتى يستوفي جميع كرائه إلى مكة وإن لم يكن حمله إلا منهلا واحدا وإن قبض المتاع ولم يحمله فهو سواء وهو أولى من الغرماء وكذلك الخياطون والحدادون والصاغة وأهل الأعمال بأيديهم إذا قبضوا المتاع ففلس رب ذلك المتاع ولم يعطوا فيه شيئا فهم أولى بما في أيديهم حتى يقبضوا منه جميع حقوقهم ويكون العمل عليهم
____________________
(11/504)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتاب كراء الدور والأرضين ما جاء في الرجل يكتري الدار وفيها النخل فيشترط النخل قلت قال سحنون قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إن اكتريت دارا وفيها شجرات نخل أو غير ذلك لم تطب ثمرتها أو لا ثمرة فيها فاشترطت ثمر الشجر قال قال مالك إذا كانت شجرات يسيرة فلا بأس بذلك
قلت فهل حد مالك فيها إذا كانت قيمة ثمر الشجر قيمة الثلث من قيمة الكراء فأدنى أنه جائز قال سمعت من يذكر ذلك عن مالك قال وأما أنا فقد وقفت مالكا عليه فأبى أن يبلغ إلى الثلث وقد قال لي غيري أيضا إنه أبى أن يبلغ به الثلث
قلت أرأيت إن اكتريت دارا وفيها نخل كثيرة وليس النخل تبعا للدار فاكتريت الدار واشترطت ما في رؤس النخل من الثمرة قال إن كان ما في رؤس النخل قد حل بيعه فذلك جائز وإن كان ما في رؤس النخل لم يحل بيعه فلا يجوز ذلك والكراء باطل
قلت وإن كان ما في رؤس النخل قد حل بيعه فاكتريت الدار واشترطت ما في رؤس النخل قال ذلك جائز
قلت فإن اكتريت دارا وفيها نخلة أو نخلتان أو نخلات فاستثنيت ثمرة هذه النخل أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك إذا كان النخل تبعا للدار وهو يسير جاز ذلك
قلت فهل كان مالك يرى إذا كانت قيمة ثمر النخل الثلث وكراء الدار الثلثين جعله تبعا أم لا قال بلغني أنه كان يرى ذلك ولقد وقفته على
____________________
(11/505)
________________________________________
ذلك فأبى أن يحد لي فيه الثلث وأخبرني من أثق به أنه أبى أن يحد له فيه الثلث
قلت وكيف يعرف أن هذه الثمرة التي تكون في رؤس هذه النخل الثلث والكراء الثلثين وليس في النخل يوم اكترى ثمرة قال يقال ما قدر ثمن ثمرة هذه النخل مما قد عرف منها في كل عام بعد عملها ومؤنتها إن كان فيها عمل وما كراء هذه الدار بغير اشتراط ثمرة هذه النخل فإن كان كراء الدار هو الأكثر وثمن ثمرة النخل بعد مؤنتها أقل من الثلث جاز ذلك وتفسير ذلك أنه مثل المساقاة إذا كان معها البياض إذا كان البياض الثلث جازت المساقاة فيه أنه ينظر إلى ثمن ثمرة النخل فيما قد عرف من بيعه فيما قد مضى من أعوامه ثم ينظر إلى ما ينفق فيه فيطرح من ثمن الثمرة ثم ينظر إلى ما بقي من ثمن الثمرة بعد ما أخرجت قيمة المؤنة ثم ينظر إلى كراء الأرض كم يسوي اليوم لو أكريت فإذا كانت قيمة كراء الأرض الثلث من ثمن الثمرة بعد التي أخرجت من نفقة السقي في النخل والمؤنة جاز ذلك ولا ينظر إلى ثمن الثمرة إذا بيعت من غير أن يحسب فيه قيمة مؤنتها لأن النخل قد تباع ثمرتها بثلاثمائة ويكون مؤنتها في عملها وسقيها مائة ويكون كراء الأرض خمسين ومائة فلو لم تحسب مؤنة النخل ومؤنة سقيها جازت فيها المساقاة وإنما ينظر الداخل إلى ما يبقى بعد النفقة وهذا الذي سمعت
قلت أرأيت إن اكتريت دارا وفيها نخل يسيرة فاشترطت نصف ثمرة هذه النخل والنصف لرب الدار قال قال مالك لا خير في هذا
قال بن القاسم وإنما يجوز من هذا أن تكون الثمرة تبعا للدار أو تلغى فأما إذا اشترط المتكاري نصف الثمرة المتكاري فهذا كأنه اشترى نصف الثمرة قبل أن يبدو صلاحها واكترى الدار بكذا وكذا
قال وكذلك لي قال مالك هو بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها
قال بن القاسم وكذلك السيف المحلى يبيعه الرجل بالفضة وفيه من الفضة الثلث فأدنى فباعه السيف واشترط البائع نصف فضة السيف قال لا يجوز ذلك لأنه إنما ألغى الفضة وكان تبعا للنصل فإذا لم يلغ جميعه فقد صار بيع الفضة بالفضة وكذلك الخاتم وكل شيء فيه الحلي مما يجوز للناس اتخاذه فهو بهذه المنزلة والنخل إذا
____________________
(11/506)
________________________________________
أخذها مساقاة وفيها بياض أنه لا بأس أن يجعلا ما خرج من البياض بينهما إذا كان العمل كله من عند الداخل في الحائط والنخلات تكون في الدار إذا اكتراها الرجل واشترط نصف تلك النخلات فصار صاحب الدار قد وضع عن المتكاري من كراء الدار لمكان ما اشترط من نصف الثمرة فكأنه بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه وكذلك قال مالك
قلت فما فرق ما بينهما قال لأن المتكاري أيضا كأنه حين اشترط أن له نصف الثمرة فقد زادت الدار في الكراء لمكان ما اشترط من نصف الثمرة التي اشترط وإذا اشترطها كلها فهي ملغاة
قلت والنخل والبياض هي السنة وكذلك عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر قال نعم إلا الذي ذكرت لك من نصف فضة السيف ونصف فضة الخاتم فإن ذلك عندي لا يجوز
قلت أرأيت إن اكتريت البياض وفيه سواد هو الثلث فأدنى فاشترطت نصف السواد قال لا يجوز هذا عند مالك
قال بن وهب قال وأخبرني من أثق به عن عثمان بن محمد بن سويد الثقفي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إليه في خلافته وعثمان على أهل الطائف في بيع الثمرة وكراء الأرض أن تباع كل أرض ذات أصل بشطر ما يخرج منها أو ثلثه أو ربعه أو الجزء مما يخرج منها على ما يتراضونه ولا تباع بشيء سوى ما يخرج منها وأن يباع البياض الذي لا شيء فيه من الأصول بالذهب والورق
قال سحنونابن وهب وقال لي من أثق به كان رجال من أهل العلم يقولون في الأرض يكون فيها الأصل والبياض أيهما كان ردفا ألغي وأكريت بكراء أكثرهما إن كان البياض أفضلهما أكريت بالذهب والفضة وإن كان الأصل أفضلهما أكريت بالجزء مما يخرج من ثمرها وقد قامت بهذا في السواد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر قالوا أيهما كان ردفا ألغي وحمل كراؤه على كراء صاحبه
قال بن وهب قال مالك وذلك أن من أمر الناس أنهم يساقون الأصل وفيه البياض تبعا ويكرون الأرض البيضاء وفيها الشيء من الأصل فأخبر مالك أنه قد مضى من عمل الناس وأنه الذي مضى من أمرهم والعمل أقوى من الإخبار
____________________
(11/507)
________________________________________
في الرجل يكتري الدار والحمام ويشترط كنس التراب والمراحيض والقنوات قلت أرأيت إن اكتريت دارا فاشترطت على رب الدار كناسة الرحاط وكناسة التراب أيجوز هذا أم لا قال لا أرى بهذا بأسا
قلت أرأيت إن اكتريت منك دارا أو حماما واشترطت عليك كنس مراحيض دارك أو غسالة حمامك قال أرى ذلك جائزا وغسالة الحمام وكنس المراحيض سواء فأرى ذلك جائزا إذا اشترطته على رب الدار لأن ذلك وجه قد عرف
قلت تحفظ ذلك عن مالك قال لا
في الرجل يكري داره سنة على أنها إن احتاجت إلى مرمة رمها المتكاري من الكراء قلت أرأيت لو أن رجلا أكرى داره بعشرين دينارا سنة على أنها إن احتاجت الدار إلى مرمة رمها المتكاري من العشرين الدينار قال سألت مالكا عنها فقال لا بأس بذلك
قلت فإن أكراه على أن احتاجت الدار إلى مرمة رمها من العشرين الدينار وإن احتاجت إلى أكثر من ذلك زاد من عنده قال قال مالك لا يعجبني هذا الكراء ولا خير فيه
قلت وإن اكرى على أن ما احتاجت الدار إليه من مرمة أنفق عليها المتكاري من الكراء الذي اكترى الدار به فلا بأس بذلك في قول مالك قل أو كثر قال نعم لا بأس بذلك إذا كان من الكراء بعينه ولم يشترطه من غير الكراء
في الرجل يكتري الدار والحمام ويشترط مرمة ما وهى ويشترط دخول الحمام والطلاء قلت أرأيت لو استأجرت دارا أو حماما على أن علي مرمته أيجوز هذا في قول
____________________
(11/508)
________________________________________
مالك قال قال مالك لا يجوز إلا أن يشترط المرمة من كراء الدار
قلت أرأيت إن استأجرت دارا على مرمة الدار وكنس الكنيف وإصلاح ما بها من الجدران والبيوت قال على رب الدار
قلت وهذا قول مالك قال سألنا مالكا عن الرجل يكتري الدار ويشترط عليه أنه إن انكسرت خشبة أو احتاجت الدار إلى مرمة يسيرة كان ذلك على المتكاري قال مالك لا خير في ذلك إلا أن يشترطه من كرائها فهذا يدلك على أن المرمة كلها في قول مالك على رب الدار
قلت أرأيت قدر الحمام إذا اختلف فيه رب الحمام ومتكاري الحمام قال هو لرب الحمام وذلك أنه عندي بمنزلة البنيان
قلت أتحفظه عن مالك قال لا أحفظه
قلت أرأيت إن استأجرت حماما كل شهر بكذا وكذا دينارا على أن علي لرب الحمام ما احتاج إليه أهله من الطلاء بالنورة ومن دخول الحمام قال لا خير في هذه الإجارة إلا أن يشترط من الطلاء والدخول أمرا معروفا
قلت أرأيت إن استأجرت دارا على أن علي تطيين البيوت قال هذا جائز إذا سميتم تطيينها كل سنة مرة أو مرتين أو في كل سنتين مرة فهذا جائز فإن كان إنما قال له إذا احتاجت طينتها فهذا مجهول ولا يجوز
قلت وهذا قول مالك قال هذا رأيي
في اكتراء الحمامات والحوانيت قلت أكان مالك يكره إجارة الحمام أم لا قال قال مالك لا بأس بكراء الحمامات
قلت أرأيت إن استأجرت حمامين أو حانوتين فانهدم أحدهما أيكون لي أن أرد الآخر أم يلزمني بحصته من ثمن الكراء قال إن كان الذي انهدم هو وجه ما اكتريت ومن أجله اكتريت هذا الباقي فالكراء مردود وإن كان ما انهدم ليس من أجله اكتريت هذا الباقي فهو يلزمه بحصته من ثمن الكراء
في الرجل يكتري نصف دار أو ربعها مشاعا قلت أيجوز لي أن أستأجر من رجل نصف دار غير مقسوم أو أستأجر منه نصف عبده أو
____________________
(11/509)
________________________________________
نصف دابته قال نعم
قلت وكيف تكون الدابة أو العبد إذا وقعت الإجارة على نصفها قال يكون للمستأجر يوما وللذي له النصف الآخر يوما وكذلك الدابة
قلت والدار قال يكون للمستأجر نصف سكناها وللآخر الذي له النصف نصف سكناها
قلت وهذا قول مالك قال لم أسمعه من مالك إلا أني سألت مالكا عن الرجلين يتكاريان الدار فيريد أحدهما أن يكري نصيبه ألصاحبه فيه الشفعة فقال لا وقد أجاز مالك في هذه المسألة كراء نصف الدار غير مقسوم وأرى في الدابة والعبد أن الكراء جائز في النصف من قبل أن البيع في نصف العبد ونصف الدابة جائز فإذا جاز البيع في نصف العبد ونصف الدابة عند مالك جاز الكراء في نصف العبد ونصف الدابة لأن ما جاز فيه البيع جاز فيه الكراء
قال ولقد قال لي مالك في الرجل يستأجر من يحد له الثمرة بنصفها فقال لا بأس بذلك
وقال مالك ما يجوز لك أن تبيع من ثمرتك فلا بأس أن تستأجر به فهذا يدلك على أن مالكا قد جعل كل ما يجوز فيه البيع يجوز أن يكتري به فإذا جاز أن يكتري به
قال سحنون من غير الطعام وكل ما يوزن ويكال فإن ما يوزن ويكال أو يعد مما لا يعرف بعينه يجوز أن يكتري به ولا يجوز أن يكري
قال وسمعت مالكا وسئل عن رجل تكارى نصف دار مشاعا غير مقسوم
فقال لا بأس بذلك
قلت هل يجوز أن يكري نصف دار أو سدس دار مشاعا غير مقسوم قال هو جائز
قال ولقد سألت مالكا عن الرجلين يكتريان دارا فيريد أحدهما أن يكري نصيبه منها من رجل من غير شريكه أترى لشريكه فيها شفعة فقال مالك لا شفعة له ولا يشبه هذا عندي البيع فهذا من قول مالك يدلك على أن الكراء في نصف الدار وإن كان غير مقسوم أنه جائز وكذلك بلغني عن مالك
في الرجل يكري داره ويستثني ربعها بربع الكراء أو بغير كراء قلت أرأيت إن اكتريت منك مساكن لك واستثنيت ربع المساكن بربع
____________________
(11/510)
________________________________________
الكراء أو استثنيت ربع المساكن بغير كراء أيجوز هذا في قول مالك قال لا أرى بذلك بأسا وكذلك الرجل يبيع الدار ويستثني ثلثيها أو ثلاثة أرباعها أنه جائز لأنه إنما باع ربعها وهذا قول مالك
وقد أخبرتك بأصل قول مالك أنه إذا صح العمل بينهما لم ينظر إلى لفظهما
في الرجل يكتري الدار بسكنى دار له أخرى قلت أرأيت إن استأجرت منك سكنى دارك هذه السنة بسكنى داري هذه سنة أيجوز هذا في قول مالك قال هو جائز عندي جائز ولا بأس به
في الرجل يكتري الدار بثوب موصوف أو غير موصوف لم يضرب لذلك أجلا أو يكتريها بعبد موصوف قلت أرأيت إن استأجرت دارا سنة بعبد موصوف أو بثوب موصوف ولم أضرب لذلك أجلا أيجوز ذلك قال لا خير في هذا إلا أن يضرب له أجلا وهذا والبيع سواء
قلت أرأيت إن اكتريت هذا البيت شهرا بثوب مروي ولم أصفه أيجوز هذا الكراء في قول مالك قال لا
قلت فإن سكن قال إن سكن فعليه قيمة كراء الدار
في الرجل يكتري الدار بثوب بعينه فيتلف قبل أن يقبضه المكري أو يوجد به عيب قلت أرأيت إن استأجرت دارا شهرا بثوب بعينه وشرطت النقد في الثوب والثوب في بيتي ووصفته فضاع الثوب بعد ما سكنت أياما قبل أن يقبضه رب الدار قال أرى أن يرجع بمثل كراء الدار في الأيام التي سكن لأن الثوب قد تلف وكذلك لو كان المكاري قد قبض الثوب فاستحق من يده بعد ما سكن المتكاري كان لرب الدار أن يرجع على المتكاري بقيمة كراء الدار لا قيمة الثوب ولا بثوب مثله وهذا في الاستحقاق هو قول مالك
قلت أرأيت من آجر داره
____________________
(11/511)
________________________________________
سنة بثوب بعينه فلما سكن المتكاري نصف السنة أصاب رب الدار بالثوب عيبا كيف يصنع قال أرى أن يرده وينتقض الكراء فيما بقي ويرجع عليه بقيمة كراء الدار الستة الأشهر التي سكنها
قلت فإن قال رب الدار أنا أقبل الثوب وأرجع عليه بقيمة العيب في كراء الدار قال ليس ذلك له وإنما له أن يأخذ الثوب معيبا أو يرده ويكون كما وصفت لك
قال وأرى إن كان العيب الذي أصاب بالثوب خفيفا ليس مما ينقص ثمن الثوب وإن كان ذلك عند البزازين عيبا فليس له أن يرده لأن مالكا قال في الرقيق من اشترى عبدا فأصاب به عيبا إذا كان ذلك خفيفا فليس له أن يرده وإن كان ذلك عيبا عند النخاسين إذا لم ينقصه ذلك من ثمنه
قال مالك مثل الكية والأثر وأشباه ذلك يريد مما لا ينقص ثمن السلعة
قلت أرأيت إن استأجرت داري بثوب ففات الثوب ثم علمت بعيب كان في الثوب أو بعت الثوب ثم علمت بالعيب قال قول مالك في البيوع إنه إن باع فليس له أن يرجع عليه بقليل ولا كثير وإن كان إنما تصدق به أو وهبه
قال مالك يرجع عليه بقيمة العيب في الثمن الذي دفع وأنا أرى اللبس مثل الهبة في البيوع فمسئلتك في الكراء أنه يرجع على صاحبه إذا تصدق أو وهب بقيمة العيب من قدر الكراء وينقص من كراء الدار بقدر قيمة العيب وأنا أرى اللبس مثل الهبة والصدقة وكذلك قال مالك فيمن اشترى ثوبا أو دابة أو عبدا فتصدق به أو وهبته فإنه يرجع بقيمة العيب في الثمن الذي نقد إذا كان الثمن دنانير أو دراهم أو غيرهما فهو فوت مثل الموت والعتق
قلت أرأيت إن اكريت داري سنة بعبد بعينه واشترطت النقد فمات العبد قبل أن أقبضه قال موت العبد بعد وجوب الصفقة من المكري للدار والمتكاري بريء من مصيبته وهذا والبيع سواء
في كراء الدور مشاهرة قلت أرأيت إن استأجرت بيتا شهرا بعشرة دراهم على أني إن سكنت يوما من الشهر فكراء الشهر لي لازم قال إن كنت شرطت أن الكراء لك لازم فلك أن
____________________
(11/512)
________________________________________
تكري البيت بقية الشهر إذا خرجت أو تسكنه فهذا جائز لأن هذا لازم لكما وإن لم تشترطاه وإن اشترطوا عليك أنك إن سكنت يوما ثم خرجت فليس لك أن تكري البيت والكراء لك لازم فلا خير في هذه الإجارة
قلت وهذا قول مالك قال نعم
قلت أرأيت إن قلت أتكارى منك هذه الدار كل شهر بدرهم أيكون لك أن تأخذ مني كلما سكنت يوما بحساب ما يصيب هذا اليوم من الكراء في قول مالك قال نعم إلا أن يكونا اشترطا في الكراء شيئا فيحملان على شرطهما
قلت فما قول مالك في الرجل يؤاجر داره رأس الهلال لكل شهر بدينار فكان الشهر تسعا وعشرين يوما
فقال قول مالك إن الإجارة تتم له إذا هل الهلال إن كان الشهر تسعة وعشرين أو ثلاثين فالإجارة تتم له باستهلال الهلال
قلت أرأيت إن اكترى رجل حانوتا كل شهر بدرهم أو كل شهر بدرهم أو في كل سنة بدرهم أو في كل سنة بدرهم قال قال مالك يخرج المتكاري متى ما شاء ويخرجه رب الدار متى شاء
قال مالك إلا أن يتكارى شهرا بعينه يقول أتكارى منك هذا الشهر بعينه أو يتكارى سنة بعينها يقول أتكارى منك هذه السنة فذلك يلزمهما
قلت أرأيت إن قال أتكارى منك حانوتك كل شهر بدرهم فسكن يوما لم لا يلزمه كراء هذا الشهر قال قول مالك في كل شهر وكل شهر إنما يقع على غير شيء بعينه من الشهور والأيام والسنين ولا أمد له ينتهي إليه الكراء فهذا يدلك على أنه لم يقع الكراء على أيام بأعيانها ولا على شهور ولا على سنين بأعيانها فإذا لم يقع الكراء على شيء بعينه من الأيام أو الشهور أو السنين كان للمتكاري أن يخرج متى ما أحب ويلزمه من الكراء قدر ما سكن وكذلك يكون لرب الدار أن يخرجه متى ما أحب وإذا وقع الكراء على شهر بعينه فليس لواحد منهما أن يفسخ الكراء إلا أن يتراضيا جميعا بفسخه لأن هذا قد وقع على شهر معلوم فإذا وقع الكراء على شهر معلوم أو سنة معلومة فقد اشترى منه سكنى هذا الشهر أو هذه السنة بعينها فهذا فرق ما بينهما عند مالك
قال سحنون قال بن وهب وأخبرني يونس بن يزيد أنه سأل بن شهاب عن الرجل يستكري من
____________________
(11/513)
________________________________________
الرجل داره عشر سنين ثم يموت الذي أكرى ويبقى المستكري قال إن توفي سيد المسكن فأراد أهله إخراج من استأجره منه أو بيعه فلا أرى أن يخرجوه إلا برضا منهم ولكن إن شاؤوا باعوا مسكنهم ومن استأجره فيه على حقه وشرطه في إجارته
قال بن شهاب وإن توفي المستأجر سكن ذلك المسكن أو لم يسكنه فإنا نرى ان يكون أجر ذلك المسكن فيما ترك من المال يؤديه الورثة بحصصهم
في اكتراء الدار سنة أو سنين قلت أرأيت إن استأجرت دارا سنة أو سنين ولم أسم متى أسكنها وسميت الأجر أتجوز هذه الإجارة قال ذلك جائز وله أن يسكن الدار ويسكن من شاء ما لم يجئ من ذلك ضرر بين على رب الدار
قلت أرأيت إن أجرت دارا سنة بعد ما مضى عشر أيام من هذا الشهر كيف تكون الإجارة وكيف تحسب الشهور أبالأهلة أم على عدد الشهور قال تحسب هذه الأيام بقية هذا الشهر الذي قد ذهب بعضه ثم تحسب أحد عشر شهرا بعده بالأهلة ثم تكمل مع الأيام التي كانت بقيت من الشهر الأول الذي استأجر الدار فيه ثلاثين يوما فيكون شهرا واحدا من إجارة هذه الدار على الأيام وأحد عشر شهرا على الشهور
قال وهذا مثل ما قال مالك على عدد النساء في الموت والطلاق وفي الإيمان إذا حلف أن لا يكلمه ثلاثة أشهر أو أربعة وهو في بعض الشهر حين حلف
قال مالك في هذا مثل ما وصفت لك في مسئلتك في الكراء
قلت أرأيت إن أكريت دارا لي ثلاث سنين فمنعتها من المكتري سنة ثم خاصمني بعد السنة فقضى له بالكراء بكم يقضي له قال سنتين ويسقط سنة
قلت لم قال لأن الثلاث سنين قد مضت منها سنة وبقيت منها سنتان ويكون لرب الدار أجر سنتين
قلت تحفظه عن مالك قال أحفظه عن مالك في الرجل يستأجر الأجير فيمرض أو يأبق أنه لا يكون عليه ما بطل الأجير في حال مرضه أو في حال إباقه فكذلك الذي سألت عنه من كراء الدار إذا منعها ربها
قلت فإن اكريت دارا ثلاث سنين ثم أبيت أن أسكنها سنة وقد أمكنني منها ربها فأبيت
____________________
(11/514)
________________________________________
أن آخذها قال إن لم يكن رب الدار ساكنا في الدار أو كان غيره ساكنا فيها ممن أسكنه رب الدار وخلى رب الدار بينه وبين الدار فعليه كراء السنين كلها
قلت وهذا قول مالك قال أحفظه من قول مالك في الإبل والدواب إذا أكراه إبله أو دوابه فأتاه بالإبل أو الدواب ليركب فأبى إن الكراء على المكتري كاملا وكذلك مسألتك في الدور أيضا
في الرجل يكري داره ثم يسكن طائفة منها قلت أرأيت لو أن رجلا اكترى منزلا من رجل ورب الدار في الدار فسكن المتكاري منزلا منها ورب الدار في الدار لم يخرج حتى انقضت السنة فطلب رب الدار كراء الدار كلها وقال المتكاري أعطيك حصة هذا الموضع الذي أنا فيه وأحسب عليك حصة ما أنت فيه قال ذلك له
قلت وكذلك لو أن رجلا سكن طائفة من داري بغير أمري وأنا في الطائفة الأخرى قد علمت به فلم أخرجه ولم أكره فلما مضى شهر أو سنة طلبت منه الكراء قال ذلك لك
قلت وإن كان قد علم به قال وإن كان قد علم به
في الرجل يكتري الدار ثم يكريها من غيره قلت أرأيت إن استأجرت دارا أيكون لي أن أؤاجرها في قول مالك بأكثر مما استأجرتها به ويطيب لي ذلك وأسكنها غيري قال نعم
قلت أرأيت قصارا اكترى حانوتا للقصارة فأكراه من حداد أو طحان أيجوز له ذلك قال إذا كان ذلك ليس بضرر على البنيان أو تكون المضرة في البنيان مثل مضرة القصار في دقة وعمله فكراؤه جائز وإن كان ضرره أكثر من ضرر القصار فلا يجوز ذلك
بن وهب عن مالك ويونس بن يزيد وبن أبي ذئب عن بن شهاب أنه سئل عن الرجل يستأجر الدار ثم يؤاجرها بأفضل مما استأجرها به فقال بن شهاب لا بأس به
بن وهب عن رجال من أهل العلم عن أبي الزناد ونافع وعطاء بن أبي رباح
____________________
(11/515)
________________________________________
مثل ذلك وقال بعضهم مثل ذلك
في الداية والسفينة بن وهب عن الليث عن يحيى بن سعيد قال أدركنا جماعة من أهل المدينة ولا يرون بفضل إجارة العبيد والسفن والمساكن بأسا
قال بن وهب قال الليث وسئل يحيى بن سعيد عن رجل تكارى أرضا ثم أكراها بربح
قال يحيى هي من ذلك لابن وهب هذه الأثار
في التعدي في كراء الدور قلت أرأيت إن أكريت داري واشترطت عليهم أن لا يوقدوا في داري نارا فأوقدوا فيها نارا لخبزهم وطبخهم فاحترقت الدار قال أراهم ضامنين إذا احترقت الدار ولم أسمعه من مالك
قلت أرأيت إن أكريت دارا لي من رجل فأكراها الذي اكتراها مني من غيره فهدمها المكتري الثاني أيكون لرب الدار على المكتري الأول ضمان ما هدم هذا الثاني في قول مالك قال قد جوز مالك لهذا المكتري الأول أن يكري من غيره ولم يره إذا أكرى من غيره متعديا فإذا جاز له أن يكري من غيره ولا يكون متعديا فلا أرى لرب الدار عليه شيئا وأرى الضمان على الهادم المتكاري الآخر لأنه هو المتعدي
قلت أرأيت إن اكتريت دارا فربطت دابتي في الدار فرمحت فكسرت حائط الدار أو رمحت فقتلت بن صاحب الدار وهو معي في الدار ساكن أيكون علي شيء أم لا قال لا شيء عليك في قول مالك
قال ولقد قال مالك في الرجل يأتي الحانوت ليشتري السلعة فينزل عن دابته ويوقفها في الطريق ليشتري حاجته من الحانوت فتصيب إنسانا إنه لا ضمان عليه لأنه إنما فعل ما يجوز له فلما فعل ما يجوز له كان ما أصابت العجماء جبارا وكذلك الذي ربط دابته في الدار حيث يجوز له
قال مالك وكذلك عند باب الأمير وباب المسجد
قلت أرأيت إن اكترى رجل دارا فاتخذ في الدار تنورا فاحترق من ذلك التنور الدار وبيوت الجيران أيكون على المتكاري ضمان شيء من ذلك أم لا في قول مالك قال إذا فعل من ذلك ما يجوز له أن يفعله فلا شيء عليه
____________________
(11/516)
________________________________________
في الرجل يكتري الدار فيريد أن يدخل فيها ما أحب قلت أرأيت إن استأجرت دارا ايكون لي أن أضع فيها ما شئت من الأمتعات وأدخل فيها ما شئت من الدواب والحيوان وهل يجوز لي أن أنصب فيها الأرحية والحدادين والقصارين قال نعم ما لم يكن ضررا بالدار أو تكون دارا لا ينصب ذلك في مثلها لحسنها ولارتفاع بنيانها وشأنها عند الناس تكون مبلطة مجصصة فليس لك أن تدخل في ذلك إلا ما يعلم الناس أن تلك الدار إذا اكتريت يدخل فيها الذي أدخله هذا المتكاري فأمر الدور على ما يعرف الناس فما كان منه ضررا على الدار منع المتكاري منه وما لم يكن فيه ضرر كان ذلك جائزا للمتكاري
قلت وهذا قول مالك قال هو رأيي
قلت أرأيت إن اكريت بيتي من رجل وشرطت عليه أن لا يسكن معه أحدا فتزوج واشترى رقيقا أيكون له أن يسكنهم معه إذا أبي عليه رب البيت ذلك قال ينظر في ذلك فإن كان لا ضرر على رب البيت في سكنى هؤلاء معه فلا يكون له أن يمنعه وإن كان يكون في ذلك على رب البيت فليس له أن يدخلهم عليه وقد يكون الرجل يكري الرجل الغرفة وحده ويشترط عليه أن لا يسكنها معه أحد لضعف خشبه التي تحت الغرفة فإن أدخل عليه غيره خشي رب الغرفة أن تنهدم الغرفة فهذا وما أشبهه ينظر في ذلك
في الرجل يكري داره من اليهود والنصارى قلت أرأيت إن اكريت داري من رجل من اليهود أو من النصارى أو من المجوس أيجوز ذلك في قول مالك قال نعم ما لم يكريها على أن يبيع فيها الخمر والخنازير
قلت فإن لم يقع الكراء على أن يبيع الخمور والخنازير فجعل النصراني تبيع فيها الخمور والخنازير قال الكراء جائز ولكنه يمنعه رب الدار من ذلك
قلت وهذا قول مالك في القرى والمدائن سواء في كراء الدور من النصارى قال نعم هو قول مالك
قال قال لنا مالك أكره أن يكري حانوته ممن يبيع فيها الخمر أو دابته ممن يحمل عليها
____________________
(11/517)
________________________________________
الخمر أو ممن يعرف أنه يحمل عليها الخمر فالدور في القرى مثل هذا يكره للمسلم أن يكريها ممن يبيع فيها الخمور والخنازير أو ممن يعلم أنه يبيع فيها الخمور والخنازير
قلت فإن أكراها ممن يعلم أنه يبيع فيها الخمور والخنازير أيجوز الكراء ويكون له أن يمنعه من بيع ذلك في داره أو حمل على دابته قال لا يجوز الكراء في هذا بعينه لأن الصفقة وقعت فاسدة
قلت فإن كان أكراها من نصراني وهو لا يعلم أنه يبيع فيها الخمور والخنازير أكراه داره أو دابته فأراد النصراني أن يبيع الخمر والخنازير على دابته أو في داره أله أن يمنعه من ذلك قال نعم ولا يفسخ الكراء بينهما
قلت أرأيت إن أكريت داري من رجل من النصارى فاتخذ فيها كنيسة يصلي فيها هو وأصحابه قال لك أن تمنعه عند مالك
قلت وكذلك إن أراد أن يضرب في داري بالنواقيس قال ليس له ذلك
في امرأة اكترت دارا فسكنتها ثم تزوجت فيها على من يكون الكراء قلت أرأيت إن تزوجت امرأة وهي في دار بكراء فبنيت بها في تلك الدار فانقضت السنة فطلب الكراء أرباب الدار أيكون للمرأة أو لأرباب الدار على شيء أم لا قال لا إلا أن تكون المرأة بينت لزوجها فقالت إني بكراء فإن شئت فأد وإن شئت فاخرج
قال وهذا عندي بمنزلة أن لو تزوجها وهي في دارها ثم طلبت الكراء من الزوج فلا كراء عليه لها
وقال غيره عليه كراء مثلها إلا أن تكون ما اكترت به المرأة أقل
في اكتراء الدار الغائبة قلت أيجوز لي أن أتكارى دارا بإفريقية وأنا بمصر قال قال مالك لا بأس أن تشتري دارا بإفريقية وأنت بمصر فكذلك الكراء عندي ولا بأس بالنقد في ذلك في قول مالك لأن الدار مأمونة
قلت أرأيت لو أن رجلا من أهل المدينة اكترى
____________________
(11/518)
________________________________________
دارا بمصر فلما قدم مصر نظر إليها فقال هذه حاشية وهذه بعيدة من المسجد فلا أرضاها قال الكراء لا يصلح إلا أن يكون قد رأى الدار وعرف موضعها أو على صفة الدار وموضعها وإلا فالكراء باطل
في اكتراء الدار تسكن إلى أجل والنقد في ذلك قلت هل يجوز أن أكتري دارا على أن أبتدىء سكناها إلى شهر أو شهرين قال لا بأس بذلك وإن نقدت
قلت والدور والأرضون المأمونة مخالفة للحيوان والرقيق في الكراء في قول مالك قال نعم
في الرجل يكتري الدار ولا يسمي النقد والنقد مختلف قلت أرأيت إن استأجرت دارا بدراهم أو بدنانير ولم أسم أي دنانير هي ولا أي دراهم هي ونقد الناس في البلد مختلف قال ينظر إلى النقد في الكراء عندهم فيحملون على ذلك
قلت فإن كان النقد في تلك البلدة وفي الكراء مختلفا قال أراه كراء فاسدا وأرى أن يعطي كراء مثلها فيما سكن ويفسخ الكراء بينهما فيما بقي
في الرجل يكتري الدار عشر سنين ويشترط النقد قلت فإن اكتريت دارا عشر سنين وشرطوا على أن أعجل لهم كراء العشر سنين كلها أيجوز هذا في قول مالك أم لا قال قال مالك نعم وفي الغلام أيضا يجوز ذلك وذلك أني سألت مالكا عن الدار تكترى العشر سنين والجارية الحرة أو الأمة أو العبد يكترون عشر سنين على أن يقدم الكراء في هذا كله قال قال مالك لا بأس بذلك
وقال غيره في العبيد لا يؤاجرون الإجارة الطويلة لأن ذلك فيهم خطر وهو قول أكثر الرواة
____________________
(11/519)
________________________________________
في الرجل يكتري الدار سنة متى يجب عليه الكراء قلت أرأيت من اكترى دارا سنة متى تجب الأجرة على المتكاري قال سألت مالكا عن ذلك فقال لي إذا لم يكن بينهما شرط دفع إليه بحساب ما سكن مما سكن
قلت فإن كان كراء الدور عندهم على النقد قال لم أسمع من مالك في كراء الدور في هذا شيئا إلا أنه قال لي في الإبل تحمل على كراء الناس عندهم إن كان على النقد فعلى النقد فأرى في الدور أيضا إن كان أهل تلك البلد كراؤهم الدور عندهم على النقد خير هذا المتكاري على النقد
في إلزام المتكاري الكراء قلت أرأيت الكراء في الدور والكراء المضمون في الدواب والإبل هل ينتقض بموت أحدهما في قول مالك قال لا قال بن وهب
قال يونس وقال بن شهاب مثله
قلت أرأيت إن أكريت داري من رجل فظهرت منه دعارة وفسق وشرب الخمور أيكون لي أن أخرجه من داري وأنقض الإجارة قال الإجارة بحالها لا تنتقض ولكن السلطان يمنعه من ذلك ويكف أذاه عن الجيران وعن رب الدار فإن رأى السلطان أن يخرجه عنهم أخرجه عنهم وأكرى له فأما كراء رب الدار فهو عليه لا ينتقض على حال
قلت وهذا قول مالك قال هذا رأيي
قلت والقصارون إذا اتخذوا في دورهم ما لا ينبغي من شربهم الخمور واتخاذهم فيها الخنازير منعهم السلطان ولم تنتقض الإجارة قال نعم
قلت أرأيت لو أن قصارا أو حدادا اكتريا حانوتا فيما بينهما ولم يقع كراؤهما على أن لهذا مقدم الحانوت من مؤخره وصاحبه كذلك لم يقع له موضع من الحانوت في عقدة الكراء واشتجرا فيما بينهما فقال هذا أنا أكون في مقدم الحانوت وقال هذا بل أنا قال الكراء لهما لازم ويقسمان الحانوت فيما بينهما فإن كان لا يحتمل القسمة فأرى أن أن يكري عليها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار وهذا من الضرر وقد لزمهما الحانوت
____________________
(11/520)
________________________________________
قلت وكذلك الرجلان يكتريان البيت يسكنان فيما بينهما قال نعم
في فسخ الكراء قلت أرأيت إن تكاريت بيتا من رجل فهطل على البيت في الشتاء أيكون لي أن أخرج أم يجبر رب الدار على تطيين البيت قال إن طينه رب البيت فالكراء لك لازم وإن أبى أن يطينه كان لك أن تخرج إذا كان هطله ضررا بينا ولا يجبر رب البيت على أن يطينه إلا أن يشاء
قال سحنون التطيين وكنس المراحيض مما يلزم رب الدار
قلت لابن القاسم ويكون للمتكاري أن يطينه من كرائه ويسكن في قول مالك قال لا ليس له ذلك
قلت أرأيت إن استأجرت دارا فسقط منها حائط أو بيت أو سقطت الدار كلها فقال رب الدار أنا أبني ما سقط منها أو لا أبنيها والذي سقط منها من الحائط قد كشف عن الدار أيكون على رب الدار أن يبنيها في قول مالك أم لا قال ليس على رب الدار أن يبنيها إلا أن يشاء فإن انكشف من الدار ما يكون ضررا على المتكاري قيل للمتكاري إن شئت فاسكن وإن شئت فاخرج ولم يجبر رب الدار على أن يبني إلا أن يشاء ذلك فإن بناها رب الدار في بقية من وقت الكراء وقد خرج متكاري فيها لم يكن عليه الرجوع لاستتمام ما بقي وإن كان ما انهدم منها ما لا يضر بسكنى المتكاري فيها ولم يبن ذلك رب الدار لزم المتكاري أن يسكن ولم يكن له أن ينقض الإجارة ولا يخرج منها ولا يوضع عنه من الإجارة لذلك شيء إلا أن يكون كان له في ذلك سكنى ومرفق فيوضع عنه من الكراء قدر ذلك
قلت فإن كان قد اكترى الدار عشر سنين فلما سكن شهرا واحدا انهدمت الدار أيكون له أن يبنيها من كراء هذه التسع سنين والأحد عشر شهرا التي بقيت وإن اغترق بناء الدار الكراء كله قال لا يكون له أن يبنيها ويقال له إن شئت فاسكن وإن شئت فاخرج إلا أن يشاء رب الدار أن يأذن له بذلك
ولقد سئل مالك عن الرجل يكتري الأرض ثلاث سنين وقد زرع فيها فتغور عينها ويأبى رب الأرض أن ينفق عليها قال للمتكاري أن يعمل في العين بكراء سنته تلك وليس له أن يعمل فيها بأكثر من كراء سنة واحدة فما
____________________
(11/521)
________________________________________
عمل في العين بكراء سنة واحدة فذلك لرب الأرض الذي أكراها لازم وإن زاد على كراء سنة فهو متطوع في ذلك وليس كذلك الدور
قال قال لي مالك وكذلك المعاملة في الشجر إذا ساقاه سنين مسماة فاستغار ماؤها لم يكن للمساقي أن ينفق فيها إلا قدر ما يصيب صاحب الأرض من الثمرة سنته تلك
قال وقال مالك في الرجل يكتري الأرض فيغور ماؤها أو تنهدم بئرها فيأبى رب الأرض أن ينفق عليها أن للمتكاري أن ينفق عليها من كراء سنته هذه على ما أحب رب الأرض أو كره
قلت أرأيت لو انهدم من الدار التي اكتريت بيت أكان للمتكاري أن يبنيه من كراء السنة كما وصفت لي قال لا
قلت فإن انهدم منها شرافات الدار قال شرافات الدار ليس مما يضر بسكنى المتكاري فلا أرى أن ينفق المتكاري على ذلك شيئا فإن فعل كان متطوعا ولا شيء له
قلت أرأيت إن سقطت الدار أو حائط منها فانكشفت الدار فقال رب الدار لا أبنيها
وقال المتكاري وأنا أيضا لا أبنيها أيكون له أن يناقضه الإجارة في قول مالك قال نعم
قال بن القاسم وإنما فرق بين الأرض والنخل يغور ماؤها وبين الدار تنهدم لأن الأرض فيها زرع الداخل وفي نفقتها إحياء لزرعه ومنفعة لصاحب الأرض وكذلك الثمرة في المساقاة لأنه قد أنفق فيها ماله فلذلك كانت له الثمرة وأمر بالنفقة وأن الدار ليس للمكتري فيها نفقة وليس يرد الساكن به منفعة على صاحب الدار إلا ضررا عليه في نفقته وحبس داره عن أسواقها فهذا فرق ما بين الدور والأرضين التي فيها الزرع
قال بن القاسم ولو انهدمت العين أو البئر قبل أن يزرع ثم أراد أن ينفق فيه كراء سنة لم يكن له ذلك وكان بمنزلة الدار وإنما الذي أمر مالك فيه بالنفقة إذا زرع وسقى المساقي فهذا وجه ما سمعت من مالك فيه وبلغني عنه كما فسرت لك
قال سحنون جميع الرواة على هذا الأصل لا أعلم بينهم فيه اختلافا
قلت أرأيت إن سقطت الدار والذي أكراها غائب كيف يصنع الذي اكتراها قال يشهد على ذلك ولا شيء عليه
قلت أرأيت إن اكتريت دارا هل ينقض الكراء فيها شيء من غرر قال
____________________
(11/522)
________________________________________
لا إلا أن تنهدم الدار أو ينهدم منها ما يضر بالساكن فيكون للمستأجر أن يتركها إن أحب فإن بناها صاحبها في بقية من وقت الإجارة لم يلزم المتكاري كراء ما بقي من وقت الإجارة وكذلك سمعت
قلت أرأيت دارا استأجرتها فخفت أن تسقط علي أيكون لي أن أناقضه الكراء قال إذا كان البنيان مخوفا فلك أن تناقضه
قلت وهذا قول مالك قال نعم هذا قول مالك
في الرجل يكتري الحانوت من الرجل ولم يسم له ما يعمل فيها قلت أرأيت إن اكتريت حانوتا ولم أسم ما أعمل فيها أيجوز هذا الكراء أم لا قال ذلك جائز
قلت أفيعمل فيها وهو حداد أو قصار أو طحان قال إذا كان ذلك ضررا على البنيان أو فسادا للحانوت فليس له أن يعمله وإن لم يكن ضررا على البنيان فله أن يعمل ذلك في الحانوت وإن كان قد اشترط المتكاري على رب الحانوت أن يعمل في الحانوت قصارا أو حدادا أو طحانا وكان ذلك ضررا على البنيان فله أن يعمل ذلك في الحانوت وليس لرب الحانوت حجة من قبل أنه أكراها منه وقد سمى له المتكاري ما يعمل فيه وقد رضي بذلك
قلت أرأيت إن أكرى حانوتا من رجل فإذا هو حداد أو قصار فنظرنا فإذا هو لا يضر بالبنيان إلا أنه يقذر الحانوت فقال رب الحانوت لا أرضى أن يقذر علي حانوتي قال يمنعه إذا كان عمل المتكاري مما يقذر عليه جدارات حانوته فإن هذا يقع فيه على رب الحانوت ضرر في الحانوت
وقال سحنون إذا كانت الأعمال في الحانوت بعضها أضر من بعض وأكثر كراء فلا يجوز الكراء إلا على شيء معروف يعمل فيه وإن كان لا يختلف فلا بأس به
الدعوى في الكراء قلت أرأيت إن استأجرت دارا سنة فاختلفت أنا ورب الدار فقلت أنا استأجرتها بمائة إردب من حنطة وقال رب الدار بل أجرتك بمائة دينار فاختلفنا
____________________
(11/523)
________________________________________
قبل أن أسكن الدار أنا ورب الدار قال القول هو قول رب الدار ويتحالفان وهذا مثل البيوع
قلت فإن كان قد سكن المتكاري يوما أو يومين أو شهرا أو شهرين ثم اختلفا كما ذكرت لك
قال أما اليوم واليومان فهو عندي قريب وهو عندي بمنزلة من لم يتفرقا وبمنزلة من لم يقبض ما اشترى أو من قبض ما اشترى وتفرقا فاختلفا بعد يوم أو يومين والسلعة قائمة بعينها لم تفت فالقول قول رب الدار مع ايمانهما
قلت فإن كان قد سكن شهرا أو شهرين أو أكثر السنة قال يتحالفان ويدفع إليه الساكن على حساب ما سكن من قيمة سكنى مثل الدار ويتفاسخان فيما بقي
قلت فإن قال المتكاري تكاريتها بكذا وكذا لشيء لا يشبه أن يكون كراء الدار سنة
وقال رب الدار أكريت بكذا وكذا بالشيء لا يشبه أن يكون كراء الدار سنة أينفسخ الكراء بينهما أم يرد إلى كراء مثل تلك الدار وهذا يقر بما قد سكن شهرا أو شهرين قال يرد إلى كراء مثلها فيما سكن ويفسخ الكراء بينهما فيما بقي من السنة وهذا كله مثل البيوع
قلت أرأيت لو أن رجلا أسكنته داري فلما مضى شهر قلت له أعطني الكراء فقال إنما أسكنتني بغير كراء
قال يغرم الكراء ولا يصدق أنه بغير كراء ويكون القول في الكراء قول رب الدار إذا أتى بما يشبه أن يكون كراء الدار مع يمينه أنه أسكنه بكراء
وقال غيره يكون على الساكن قيمة ما سكن إلا أن يكون أكثر مما ادعى المكري بعد أيمانهما
قلت أرأيت إن اكتريت من رجل دارا له فلم أسكن حتى اختلفنا في الكراء فقلت أنا اكتريتها منك بمائة إردب حنطة هذه السنة وقال رب الدار بل أكريتك بمائة دينار قال يتحالفان ويتفاسخان الكراء وكذلك البيع إذا اختلفا فيه فهذا مثل ذلك
قلت أرأيت إن كان قد سكن يوما أو يومين أو شهرا أو شهرين ثم اختلفا بحال ما وصفت لك قال أرى أن يتحالفا ويفسخ الكراء فيما بينهما ويكون عليه من الكراء بقدر ما سكن من قيمة السكنى وهو بمنزلة ما لو قال اكتريت منك سنة بدينار وقال الآخر بل أجرتك بعشرة دراهم وقالا جميعا ما لا يشبه تحالفا وتفاسخا
____________________
(11/524)
________________________________________
وكان عليه من الكراء بقدر ما سكن من قيمة السكنى فاختلاف العدد في الكراء إذا ادعى كل واحد ما لا يشبه في الكراء كاختلافهما في السلعتين
دعوى المتكاري في الدار مرمة الدار قلت أرأيت إن أجرت داري فلما انقضت الإجارة ادعى المتكاري أن فرش الدار له أو خشبة في السقف فقال أنا دخلتها أو جدارا ستره ادعى أنه بناه وأنكر رب الدار ذلك قال القول قول رب الدار في كل شيء هو في بنيان الدار أو فرش الدار أو ما هو من البناء
قال فكل شيء كان في الدار ليس في البنيان من حجر ملقى أو سارية أو خشبة أو باب ملقى فاختلف في ذلك رب الدار والمتكاري قال أرى القول قول المتكاري
قلت تحفظه عن مالك قال هو رأيي
قلت أرأيت إن اكتريت دارا سنة فقال لي رب الدار انفق في مرمة الدار من كراء الدار فلما انقضى الأجل قال المتكاري قد أنفقت من كراء الدار في مرمة الدار كذا وكذا وقال رب الدار لم تفعل القول قول من قال القول قول المتكاري إذا كان في الدار أو بنيان جديد أثر يعرف ويصدق قوله إلا أن يأتي بأمر يستدل به على كذبه وللنفقات وجوه لا تجهل فإذا علم أنه كاذب فيما يقول غرم لرب الدار الكراء
قلت ولم جعلت القول في النفقة قول المتكاري قال لأنه ائتمنه على ذلك
قلت أرأيت إن قال رب الدار قد أمرتك أن تنفق وتبني من كراء الدار فلم تنفق ولم تبن وقال المتكاري قد بنيت هذا البيت
قال ينظر في ذلك البيت فإن كان يعلم أنه جديد وأنه مما يشبه أن يكون من بنيان المتكاري كان القول قول المتكاري وإن استدل على كذبه كان القول قول رب الدار وقد قال غيره على الساكن البينة لأن الكراء دين عليه فلا يخرجه من الدين إلا البينة وعلى رب الدار اليمين
في نقض المتكاري ما عمر إذا انقضى أجل سكناه قلت أرأيت إذا انقضى أجل الكراء وقد أحدث المتكاري في الدار بنيانا
____________________
(11/525)
________________________________________
أو غير ذلك مما كان ينتفع به كان أحدث ذلك بأمر رب الدار أو بغير أمره فلما انقضت الإجارة قال المتكاري أعطني قيمة بنياني هذا
قال قال مالك ينظر فيما أحدث المتكاري فإن كان له قيمة إن قلعه قيل لرب الدار أعطه قيمته منقوضا وما كان في ذلك البنيان من جص أو طين إذا هو قلعه لم يكن للمتكاري فيه منفعة فلا يقوم ذلك إلا أن يكون له فيه منفعة فيقوم فإن رضي رب الدار أن يأخذه بقيمته منقوضا كان ذلك له ولم يكن للمتكاري أن ينقضه إذا أعطاه رب الدار قيمته منقوضا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار فإن أبى رب الدار أن يعطيه قيمته منقوضا كان للمتكاري أن يقلع بنيانه
قلت وهو سواء عند مالك إذا كان أذن له رب الدار أن يحدث ذلك وإن كان لم يأذن له قال نعم ذلك سواء لأن رب الدار يقول لم آذن لك حين أذنت لك وأنا أريد أن أغرم لك شيئا إنما أذنت لك لترتفق فيكون القول كما فسرت لك ورددته على مالك غير عام فقال كما أخبرتك
قلت أرأيت لو أني أكريت داري من رجل فبنى في الدار وعمر من غير أن آمره قال قال مالك ليس على رب الدار شيء ويقال له اقلع بنيانك إن كان لك فيه منفعة إلا أن يشاء رب الدار أن يعطيك قيمة مالك فيه منفعة من بنيانك هذا مقلوعا والخيار في ذلك إلى رب الدار
في الرجل يوكل الرجل يكري داره فيتعدى قلت أرأيت إن وكلت رجلا يكري لي منزلا فأكراه بغير الذهب والفضة أو حابى في ذلك قال هذا عندي بمنزلة البيع وقد أخبرتك في البيع أنه إذا باع بغير ما يتبايع به الناس أو حابى في ذلك فلا يجوز
قال ومعنى قول مالك بغير ما يتبايع به الناس أنه على غير الذهب والفضة
قلت أرأيت إن أمرت رجلا أن يكري داري فأعارها أو وهبها أو تصدق بها أو أسكنها أو حابى فيها ثم جئت أطلب الكراء قال إن كان الذي أمرته أن يكريها فتصدق أو وهب أو أعار أو أسكن أو حابى مليا أخذ منه كراء الدار ولم يكن له أن يرجع على ساكنها بما أخذ منه وإن لم يكن مليا أخذ رب الدار الكراء من الساكن في الدار وليس للساكن أن يرجع
____________________
(11/526)
________________________________________
على الذي وهبها له أو تصدق بها أو أسكنها إياه أو أعارها له وقد أخبرتك به في غير هذا الموضع أيضا
في متكاري الدار يفلس قلت أرأيت رجلا اكترى منزلا سنة فسكن ستة أشهر ثم فلس قال يكون رب الدار أولى من الغرماء في قول مالك بما بقي من السكنى في نصف الكراء إلا أن يشاء الغرماء أن يدفعوا إلى رب الدار ما يصيب ما بقي من الشهور على وذلك نصف الكراء أو أقل أو أكثر على قدر قيمة ذلك ويكون ما بقي من هذا من السكنى للغرماء يكرونه في دينهم قال سحنون
وإن أبوا أن يعطوا ذلك كان المكري بالخيار إن أحب أن يسلم ما بقي من سكنى الدار ويحاص الغرماء بجميع دينه فعل وإن أحب أن يأخذ ما بقي من السكنى بما يصيبه من الكراء ويضرب بما بقي له مع الغرماء في جميع مال المفلس كان ذلك له وكذلك ذكر بن القاسم وغيره
في الرجل يكتري الأرض سنين ليزرعها فيغور بئرها أو تنقطع عينها قلت أرأيت إن اكتريت أرضا من رجل ثلاث سنين أيجوز هذا الكراء في قول مالك قال نعم
قال ولقد سألت مالكا عن الرجل يتكارى الأرض ثلاث سنين فيزرعها سنة أو سنتين فتغور بئرها أو تنقطع عينها كيف يحاسب صاحبها أيقسم الكراء على السنين سواء إن كان تكاراها ثلاث سنين بثلاثين دينارا ويجعل لكل سنة عشرة عشرة
قال قال مالك لا ولكن يحسب على قدر نفاقها وتشاح الناس فيها
ثم قال لي وليس كراء الشتاء والصيف واحدا قال ورأيته حين فسره لي أن الأرض بمنزلة الدار تتكارى السنة ولها أشهر قد عرف نفاقها في السنة فالمتكاري يعطي الكراء للسنة كلها وإنما جل ما يعطى من الكراء لتلك الأشهر قد عرف ذلك المكري والمتكاري والناس في مثل دور مكة في نفاقها أيام الموسم ومثل فنادق
____________________
(11/527)
________________________________________
تكون بالمدينة وبمصر ينزلها الناس أيام الحج وأيام الأسواق بالفسطاط فهذا الذي قال لي مالك في الأرضين كلها حين قلت له أيقسم الكراء على السنين بالسوية فقال لي لا ولكن على تشاح الناس فيها ونفاقها عند الناس
قال مالك وليس ما ينقد فيه كما يستأخر نقده
قال وقال مالك في كراء الأرض ليس كراؤها في الشتاء والصيف واحدا إذا أصيبت بإنقطاع الماء
في الرجل يكتري الأرض ليزرعها فيغرق بعضها قبل الزراعة قلت أرأيت إن استأجرت أرضا لأزرعها فغرق بعضها قبل الزراعة أيكون لي أن أرد ما بقي في قول مالك قال قال مالك في الأرض إذا تكاراها الرجل فيعطش بعضها
قال مالك إن كان الذي عطش منها هو أكثر الأرض وإنما بقي منها التافه اليسير ردها كلها وإن كان الذي عطش منها التافه اليسير ليس هو جل الأرض وضع عنه من الكراء بقدر الذي عطش ولزمه ما بقي من الأرض بحسابه من الكراء فكذلك ما سألت عنه من الأرض إذا غرقت لأن العطش والغرق سواء عند مالك
قلت وكيف يوضع عنه بقدر ذلك في قول مالك أينظر إلى قياسه من الأرض أم ينظر إلى كرمها ورغبة الناس فيها وجودتها عند الناس فيما غرق منها وما بقي فيفض الكراء على كرمها وعلى ردءتها قال نعم إنما ينظر في ذلك إلى كرمها وغير الكرم فيفض الكراء على ذلك عند مالك إذا كانت مختلفة
قلت وكذلك إن استحق بعضها وبقي بعضها فهو مثل ما وصفت لي في الغرق إذا استحق القليل منها أو الكثير قال نعم هو رأيي
في اكتراء أرض المطر سنين والنقد فيها قلت أرأيت إن اكتريت أرضا من أرض المطر عشر سنين أيجوز هذا في قول مالك قال نعم إذا لم ينقد
قلت فإن كانت قد أمكنت للحرث عامها هذا قال فلا بأس بالنقد في هذا العام الواحد الذي قد أمكنت فيه الحرث
قلت
____________________
(11/528)
________________________________________
فكم ينقده قال كراء سنة واحدة
قلت أرأيت إن اكتريت أرضا من أرض المطر التي لا يصلح فيها النقد وشرط على صاحبها النقد أيبطل هذا الكراء أم لا في قول مالك قال نعم الكراء باطل عند مالك
قلت أرأيت إن تكاريت منه أرضه هذه السنة وهي من أرض المطر قرب الحرث ونحن نتوقع المطر أيصلح أن أنقد لقرب ما يرجو من المطر قال قال مالك لا يصلح النقد فيها إلا بعد ما تروى ويمكن من الحرث
قال سحنون وقد قال غيره من الرواة لا تكرى الأرض التي تشرب بالمطر التي تروى مرة وتعطش أخرى إلا قرب الحرث ووقوع المطر أجازه الرواة ولم يروا فيه تهمة إذا لم ينقد ولا يجوز كراؤها بنقد حتى تروى ريا متواليا يجزئ ويكون مبلغا له كله أو لأكثره مع رجائه لوقوع غيره من المطر ولا يجوز كراؤها إلا سنة واحدة
ألا ترى أنهم لم يجيزوا كراءها بغير نقد إلا قرب الحرث ووقوع المطر فكيف تجوز السنة بعد السنة إلا أن تكون أرضا مأمونة كأمن النيل في سقيه فلا بأس بكرائها وتعجيل النقد وبغير التعجيل قرب أبان شربها وريها
بن وهب عن الليث وبن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وبن أبي جعفر أن عمر بن عبد العزيز كتب أن لا تكرى أرض مصر حتى يجري عليها الماء وتروى
قال الليث لا أرى أن تكرى الأرض التي تشرب بالمطر حتى تروى ولا كل أرض تروى مرة وتعطش مرة حتى تروى إلا أن تكون أرضا مأمونة لا يخطئها أن تشرب في كل عام
في الرجل يكتري أرض المطر وقد أمكنت من الحرث ثم تقحط السماء ولا يقدر على الحرث قلت أرأيت إن أمكنتني الأرض من الحرث فتكاريتها ثم قحطت السماء عنها فلم أقدر على الحرث قال قال مالك إن لم يأته من المطر ما يتم به زرعه فلا كراء لرب الأرض وكذلك العين والبئر إذا انهارت قبل أن يتم زرع المتكاري فهلك الزرع لذهاب الماء فلا كراء له فإن كان أخذه الكراء لأمن البئر والعين وكثرة مائها رده
____________________
(11/529)
________________________________________
وإن كان لم يأخذه فذلك عنه موضوع
قال مالك ولو جاءها ماء فأقام عليها فلم يستطع أن يزرعها كان بمنزلة القحط الكراء عنه موضوع ولكن إن زرع فجاءه برد فأذهب زرعه كان الكراء عليه ضامنا
قال مالك وهذا بمنزلة الجراد والجليد يصيبه وإنما منع صاحب الأرض الكراء إذا لم يأت من الماء ما يتم به زرع هذا المتكاري ماء السماء كان أو غيره من العيون والآبار
قال فقيل لمالك فإن جاءه ماء كفى بعضه وهلك بعضه
قال مالك إن كان الذي حصد شيئا له قدر ومنفعة أعطى من الكراء بحساب ذلك وإن لم يكن له قدر ولم يكن فيه منفعة لم يكن لرب الأرض من الكراء شيء قال سحنون عن بن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الأرض يؤاجرها صاحبها أو يكريها قال حلال إلا أن ينقطع ماؤها أو بعضه أو تكون بعلا فيقحط عنه المطر فلا أرى عليه إذا انقطع الماء الذي عليه اكترى شيئا
في أرض المطر تستغدر وفيها الزرع قلت أرأيت إن زرعها فأصابها مطر شديد فاستغدرت الأرض وفيها الزرع فأقام الماء فيها العشرة الأيام أو العشرين أو الشهر ونحوه فقتل الماء الزرع أيلزم المتكاري الكراء كله ويجعله مالك بمنزلة البرد والجراد والجليد أم يجعل هذا بمنزلة القحط
قال لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن ذلك إن كان بعد مضي أيام الحرث فهو عندي بمنزلة البرد والجليد وإن كانت الأرض إنما استغدرت في أيام الحرث فقتلت زرعه الذي كان زرع فيها فالماء إن انكشف عنها قدر على أن يزرعها ثانية فلم ينكشف الماء عنها حتى مضت أيام الحرث قال فأرى هذا مثل الرجل يتكارى الأرض فتغرق في أيام الحرث فلا كراء عليه وكذلك قال لي مالك إن الأرض إذا اكتراها الرجل فجاءه من الماء ما منعه الزرع أنه لا كراء عليه فهذا الذي سألت عنه وإن كان قد زرعها ثم جاءه الماء فغرق زرعه في أيام الحرث وهو لو أن الماء انكشف عن الأرض كان يقدر على الحرث لأن أبان الحرث لم يذهب فمنعه الماء من أن يعيد زرعه فلا كراء عليه وإن كان أصابها في زمان الحرث فهلك زرعه ثم انكشف الماء في
____________________
(11/530)
________________________________________
إبان يدرك فيه الحرث فالكراء له لازم لأنه يدرك أن يزرع وليس هذا بمنزلة ما أصابها بعد ذهاب أيام الحرث وذلك مثل الجراد والجليد والبرد
في اكتراء أرض النيل وأرض المطر قبل أن تطيب للحرث والنقد في ذلك قلت أرأيت الأرض أيجوز أن أتكاراها قبل أن تطيب للحرث في قول مالك قال قال مالك نعم ذلك جائز فإن كانت الأرض مثل أرض مصر مأمونة فإنها تروى فالنقد في ذلك جائز
قال فقيل لمالك فأرض المطر أيجوز النقد فيها قال قال مالك ليس أرض المطر عندي بينا كبيان النيل فقيل لمالك إنا قد اختبرناها فلا تكاد أن تخلف وهي أرض لم تخلف منذ زمان
قال قال مالك النيل عندي أبين شأنا قال فإن كانت هذه الأرض أرض المطر بحال ما وصفتم فأرجو أن لا يكون به بأس والنيل أبين
قال مالك وإن كانت الأرض تخلف فلا يصلح النقد فيها حتى تروى وتمكن للحرث كانت من أرض النيل أو من غيرها فهي في هذا الباب سواء إلا أن يتكاراها ولا ينقد
قال ولقد سأل رجل مالكا وأنا عنده قاعد عن الرجل يتكارى الأرض ولها بئر قد قل ماؤها وهو يخاف أن لا يكفي زرعه قال قال مالك لا أحب لأحد أن يتكارى أرضا لها ماء ليس في مثله ما يكفي زرعه
قال بن القاسم وإنما كرهه من وجه الغرر كأنه يقول هو ما ترى فإن سلمت كانت لك وإن لم تسلم زرعك فلا شيء لك علي كأنهما تخاطرا
قلت وكيف يكون ها هنا الخطار وأنا أقول لصاحب الأرض إن لم يسلم زرع هذا الرجل رددت إليه الكراء في قول مالك
قال لأن الزرع إذا ذهب من قبل الماء رد الكراء على المتكاري قال فذلك يدلك على أنهما تخاطرا لو علم رب الأرض أن في بئره ما يكفي الزرع ما أكراها بضعف ذلك الكراء فذلك يدلك على المخاطرة فيما بينهما وأن الذي اكترى الأرض وفيها الماء المأمون لم يتخاطرا على شيء فإن انقطع ماؤها بعد ذلك أو قل فإنما هي مصيبة نزلت من السماء ومما يبين لك ذلك أن صاحب الكراء الصحيح على الماء
____________________
(11/531)
________________________________________
الكثير إن انقطع ماؤها بعد ما زرع بتهور بئر أو بانهدام عين كان له أن يصلحها بكراء تلك السنة التي تكاراها على ما أحب صاحب الأرض
أو كره وإن هذا الآخر ليس له أن يقول أنا أعملها حتى يزداد الماء فأروي زرعي إذا أبى ذلك ربها
قال سحنون وهو من أصل قول مالك لعبد الرحمن بن القاسم وغيره ولم يتهم هذان اللذان تقدما على الماء الكثير المأمون في تعجيل النقد بمثل ما اتهما عليه في تعجيل النقد في الماء الذي ليس بمأمون لما انتفع به من تعجيل نقده في تخفيف الكراء عنه وقد ينال بتعجيل نقده ما طلب إن تم له الماء وإن لم يتم له الماء رد عليه نقده فصار مرة سلفا إن لم يتم ومرة بيعا إن تم فصارا مخاطرين بما حط رب الأرض من كراء أرضه لما انتفع به من تعجيل النقد ولما ازداد الناقد بتعجيل نقده فيما حط عنه من الكراء إن تم له الماء غبن صاحبه وأدخل عليه تعجيل نقده منفعة وإن لم يتم له غبن ورجع إليه ماله سلفا ولم يدخل عليه ماله منفعة ولعل ذلك يجر المعاملة بينهما للرفق الذي يأمله منه آخذه وينتفع به ناقده
وهذا الباب كله في كراهته النقد في بيع الخيار وبيع العهدة وبيع المواضعة وشراء السلعة الحاضرة تؤخذ إلى أجل بنقد وفي شراء العبد الغائب البعيد الغيبة وفي إجارة العبد بعينه والراحلة بعينها تؤخذ إلى أجل بعيد والأرض غير المأمونة قبل أن تروى أو بعد ما تروى إذا كان ريا غير مبلغ فخذ هذا الأصل على هذا ونحوه أنه يكون مرة بيعا ومرة سلفا
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف جر منفعة ونهى عن الخطر فكل هذا قد اجتمع في هذا الأصل وما كان من الماء المأمون من اكترى الأرض المأمونة أو اشتراها أو الدار وإن تأخر قبض ما اشترى أو اكترى أو كان ما اشترى أو اكترى في قرب أو بعد وانتقد فيه لأنه مأمون لم يعمله صاحباه وإن وقع في شيء من ذلك حدث على شيء من الحدث والمخاطرة حتى يزداد به ما ازداد في سلفه ويأخذ به الناقد المشتري في شرائه وصنعه ولا حذر من قدر ولكن شفقة الناس في هذا ليس سواء فخذ هذا الأصل على هذا إن شاء الله تعالى
____________________
(11/532)
________________________________________
في الرجل يكتري أرض الخراج أو أرض الصلح فتعطش أو تغرق قلت أرأيت أرض الخراج مثل أرض مصر إذا زرعها الرجل فغرقت أو عطشت أيكون للسلطان أن يأخذ منه الخراج أم لا في قول مالك قال سألت مالكا عن الرجل يتكارى الأرض فتعطش فلا يتم زرعها أو تغرق فيمنعه الماء من العمل قال فلا كراء لصاحبها فكذلك أرض مصر عندي إنما هو كراء من السلطان فإن جاء غرق أو عطش لم أر على من زرع كراء قال سحنون إذا لم يتم الزرع من العطش
قلت فأرض الصلح التي صالحوا عليها إذا زرعوها فعطش زرعهم أترى عليهم خراج أرضهم قال نعم وقال غيره إذا كان الصلح وضيعة عليهم وأما إن كان الصلح على أن على الأرض خراجا معروفا فلا شيء عليهم
في الرجل يكتري الأرض سنين فيريد أن يغرس فيها قلت أرأيت إن استأجرت أرضا عشر سنين أيكون لي أن أغرس فيها الشجر قال لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكن إن كانت الأرض التي تكاراها إنما هي أرض زرع فأراد أن يغرسها شجرا فإن كان الشجر أضر بالأرض منع من ذلك وإن لم يكن الشجر أضر بالأرض لم يمنع من ذلك لأن مالكا قال في الرجل يتكارى البعير ليحمل عليه الحمل من الصوف أو البز أو الكتان فيريد أن يحمل عليه غير ذلك من الحمولة قال مالك إن كان حمل عليه ما ليس هو أضر من الذي اكترى البعير له لم يمنع من ذلك فإن حمل عليه ما هو أضر به وإن كان في مثل وزنه لم يكن ذلك له وكذلك الأرض عندي
في الرجل يكتري الأرض سنين فيغرسها فتنقضي السنون وفيها غرسة أو يكريها غيره فيغرسها فتنقضي السنون وفيها غرسة فيكريها كراء مستقبلا قلت : أرأيت إن استأجرت أرضا سنين مسماة فغرست فيها شجرا فانقضت السنون وفيها شجري فاكتريتها كراء مستقبلا سنين أيضا أيجوز هذا في قول مالك ? قال
____________________
(11/533)
________________________________________
قال مالك : نعم لا بأس بذلك قلت : أرأيت إن استأجرت أرضا سنين فأكريتها من غيري فغرس فيها شجرا فانقضت السنون وفيها غرسه فاكتريتها أنا من ربها سنين مستقبلة أيجوز هذا ? قال : نعم قلت : أتحفظه عن مالك ? قال : لا قلت : فكيف أصنع فيما بيني وبين هذا الآخر الذي فيها غرسه ? قال : يقال لرب الغرس : ارض هذا الذي اكترى الأرض أو اقلع غرسك وهذا رأيي وقال غيره : ليس بمستقيم حتى يتعامل رب الأرض ورب الغرس على ما يجوز بينهما ثم تكري أرضه إلا أن يكريه الأرض على أن يقلع عنه الشجر قال سحنون وبه نقول
في الرجل يكتري الأرض سنين فتنقضي السنون وفيها غرسه وزرعه أخضر فيريد ربها أن يكريها قلت أرأيت إن كان موضع الغرس زرع أخضر قال لا يشبه الزرع الشجر لأن الزرع إذا انقضت الإجارة لم يكن لرب الأرض أن يقلع الزرع وإنما يكون له كراء أرضه وفي الشجر لرب الأرض أن يقلع الشجر فإذا كان فيها زرع بحال ما وصفت فانقضت الإجارة لم يكن لرب الأرض أن يكريها ما دام زرع هذا فيها لأن الأرض قد لزمت هذا الذي زرعه فيها بكرائها إلا أن يكريها إلى تمام الزرع فلا بأس بذلك قال سحنون إذا كانت الأرض مأمونة
في الرجل يكري أرضه سنين فتنقضي السنون وفيها زرع لم يبد صلاحه فيريد صاحب الأرض أن يشتريه قلت أرأيت إن انقضت السنون وفي الأرض زرع لم يبد صلاحه للذي اكترى الأرض فأراد رب الأرض أن يشتري الزرع قال لا يحل هذا
قلت ما فرق بين هذا وبين الذي اشترى الأرض وفيها زرع لم يبد صلاحه فاشترى الأرض والزرع جميعا لم جوزت هذا قال هذا سنته ولأن الملك في هذا ملك واحد
قلت والأرض إذا بيعت بأصلها وفيها زرع لم يبد صلاحه فبيعت بزرعها قال فهي بمنزلة
____________________
(11/534)
________________________________________
النخل إذا بيعت وفيها ثمر لم يبد صلاحه
قلت فالذي يبيع الأرض وفيها زرع لم يبد صلاحه لمن الزرع قال للزارع إلا أن يشترطه مشتري الأرض
قلت وهذا يفارق النخل إذا لم تؤبر قال نعم لأن النخل إذا لم تؤبر فثمرتها للمشتري وإن لم يشترطها وهذه السنة عندنا
وقال غيره وهو مذهب عبد الرحمن وكذلك الأرض المزروعة إذا لم ينبت زرعها كانت مثل النخل التي لم تؤبر وإذا نبت الزرع كانت مثل النخل المأبور سبيلهما واحد وسنتهما واحدة
في الرجل يكتري أرضه سنين فتنقضي السنون وفيها غرس المكتري فيكتريها ربها من المكتري بنصف غرسها قلت أرأيت إن انقضت السنون وفيها غرس هذا المكتري فقال رب الأرض أنا أصالحك على أن أترك شجرك في أرضي عشر سنين أخرى على أن يكون لي نصف الشجر ولك نصف الشجر قال لا يجوز هذا
قلت لم قال لأنه أكراه هذه الأرض بنصف هذه الشجر على أن يقبض ذلك بعد مضي عشر سنين فإنه لا خير في هذا لأنه لا يدري أيسلم الشجر إلى ذلك الأجل أم لا
قلت وهذا قول مالك قال هذا رأيي
قلت أرأيت إن أعطاه نصف الشجر الساعة على أن يقر النصف الآخر للمتكاري قال لا بأس بهذا
وقال غيره لا خير فيه لأنه فسخ دين في دين
في الرجل يكري أرضه سنين على أن يغرسها المتكاري فإذا انقضت السنون فالغرس للمكري قلت أرأيت إن اكتريت أرضا من رجل عشر سنين على أن يغرسها المتكاري شجرا وسمينا الشجر على أن الثمرة للغارس هذه العشر سنين فإذا انقضت كانت الشجر لرب الأرض أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك لا يجوز هذا عند مالك لأنه إنما أكراها بالشجر ولا يدري أيسلم الشجر إلى ذلك الأجل أم لا ولا يدري بما أكرى أرضه وما يسلم منها مما لا يسلم
وقال غيره يدخله بيع الثمر
____________________
(11/535)
________________________________________
قبل أن يبدو صلاحه ويدخله أيضا كراء الأرض بالثمر
في الرجل يكتري الأرض كل سنة بمائة دينار ولا يسمي سنين بأعيانها قلت أرأيت إن استأجرت أرضا لأزرعها كل سنة بمائة دينار أيجوز هذا الكراء في قول مالك قال نعم
قلت أفيكون لكل واحد منهما أن يخرج متى شاء ويترك الأرض قال نعم ما لم يزرع فإن زرع فليس لواحد منهما أن يترك وكراء تلك السنة له لازم ويترك ما بعد ذلك إن شاء
قلت وهذا قول مالك قال نعم
قلت فإن زرع المتكاري الأرض فقال له رب الأرض اخرج عني وذلك حين زرع زرعه قال أما إذا زرع فليس له أن يخرجه حتى يرفع زرعه وإن لم يكن زرع فإن أراد رب الأرض أن يخرجه فله ذلك
قلت فإن أراد المتكاري أن يخرج وقد زرع الأرض وقد مضت أيام الحرث فقال أنا أقلع زرعي وأخرج وخذ من الكراء بحساب ما شغلت أرضك عنك
قال ليس ذلك له وقد لزمه كراء تلك السنة لأنه حين زرع فقد رضي بأخذ الأرض سنته
قلت فإن كان ذلك في أبان الحرث فقال الزارع أنا أقلع زرعي وأخلي لك أرضك وأنت تقدر على زراعتها
قال نعم لا يكون له ذلك وقد لزمه كراء السنة ومما يبين لك ذلك انه إذا زرع فأراد رب الأرض أن يخرجه فليس لرب الأرض ذلك لأنه إذا لم يكن لأحدهما أن يخرج صاحبه فليس للآخر أن يخرج
في الرجل يكتري الأرض وفيها زرع ربها فيقبضها إلى أجل والنقد في ذلك قلت أرأيت إن تكاريت منك أرضك هذه السنة المستقبلة ولك فيها زرع أيجوز هذا الكراء أم لا في قول مالك قال ذلك جائز إذا كانت الأرض مأمونة مثل أرض مصر فذلك جائز والنقد فيها جائز وذلك لأنها مأمونة وليست بمنزلة الحيوان التي يخاف موتها وإن كانت غير مأمونة فالكراء جائز ولا
____________________
(11/536)
________________________________________
يصلح اشتراط النقد فيها
وقال سحنون وقال غيره لا يجوز في غير المأمونة كراء إلا قرب الحرث وإن كان بغير نقد لأن ذلك يدخل على رب الأرض فيما أوجب من الكراء أن لا ينتفع بماله فيما يريد من بيعه وتصريفه بما يجوز لذي الملك في ملكه في غير مدخل يكون للمكتري ينتفع به فهذا موضع الضرر ولا خير في الضرر وكذلك هذا الأصل في كل ما يكترى وإن لم ينقد فيه الكراء إذا كان لا يقبض إلا بعد طول مما يخاف عليه مثل العبد بعينه والدابة بعينها وكل ما هو مخوف
قلت وكذلك لو كنت قد اكتريتها من رجل فزرع فيها زرعه أو لم يزرع ثم اكتريتها السنة المستقبلة من رجل غيره
قال ذلك جائز بحال ما وصفت لك إلا أن تكون من الأرضين التي إنما حياتها بالآبار أو بالعيون المخوفة غير المأمونة فلا خير في النقد في هذا لأنه لا يدري أتسلم العيون إلى ذلك الأجل والآبار لأنها مثل الحيوان فيما إن كانت الآبار والعيون مأمونة فلا بأس بالنقد فيها وقال مالك لا بأس بكراء الدور تقبض إلى سنة والنقد فيها لأنها مأمونة فإن بعد الأجل لم يكن بالكراء بأس ولا أحب النقد فيها
قال سحنون وقد وصفنا ما كره من طول مثل هذا وشبهه وإن لم ينقد الكراء قال بن القاسم فالبئر والعيون بمنزلة هذا إذا لم تكن مأمونة أو كانت مأمونة إلى ذلك الأجل لبعده ولا خير فيه في غير ذلك من العروض والحيوان أن يشتريه الرجل إلى أجل ويشترط أخذه مع النقد لأن هذا بيع العروض بأعينها إلى أجل وهي غير مأمونة فهذا إنما اشترى هذه السلعة بذلك الثمن على أن يضمن له البائع هذه السلعة إلى ذلك الأجل فلا خير في ذلك فكراء الدار إن انهدمت الدار لم يضمنها مكتريها
قلت والسلعة أيضا إن هلكت لم يضمنها أيضا مشتريها قال إنما أجيز هذا في الدور لأنها مأمونة ولا تشبه غيرها من العروض
في الرجل يكتري الأرض سنة بعينها فيزرعها ثم يحصد زرعه منها قبل مضي السنة أو بعد مضي
____________________
(11/537)
________________________________________
السنة قلت أرأيت الرجل يتكارى الأرض سنته هذه ثم يحصد زرعه منها قبل مضي السنة لمن تكون الأرض بقية السنة قال لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن هذا عندي مختلف والأرض إذا كانت على السقي التي تكرى على الشهور والسنين التي يعمل فيها الشتاء والصيف فهي للمتكاري حتى تتم السنة وإذا كانت أرض المطر أو ما أشبهها مما هي للزرع خاصة إنما محمل ذلك عند الناس إنما منتهى سنته رفع زرعه منها فعلى هذا يحمل ويعمل فيه
قلت أرأيت هذا الذي تكارى الأرض من أرض السقي سنة فمضت السنة وفيها زرع أخضر لم يبد صلاحه فقال له رب الأرض اقلع زرعك عني أو كان فيها بقل فقال له رب الأرض اقلع بقلك عني فقال قال مالك لا يقلع ولكن يترك زرعه وبقله حتى يتم ويكون لرب الأرض مثل كراء أرضه
قلت على حساب ما أكراه أم كراء مثلها في المستقبل قال قال مالك له كراء مثلها على حساب ما كان أكراها منه
وقال غيره لم يكن للمتكاري إذا لم يبق له من شهوره ما يتم له زرعه أن يزرع فإذا زرع فقد تعدى فيما تقى من زرعه بعد تمام أجله فعليه كراء مثل الأرض فيما زاد إلا أن يكون ذلك أقل مما يكون عليه على حساب ما كان اكراها منه فيكون عليه الأكثر لأنه رض إذا عملها على حساب ما كان اكتراها وليس في يديه ذلك من ربها فيبلغ لربها الأكثر من ذلك
في التعدي في الأرض إذا اكتراها ليزرعها ليزرعها شعيرا فزرعها حنطة قلت أرأيت إن استأجرت أرضا لأزرعها شعيرا فزرعتها حنطة قال ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن إن كانت الحنطة أضر بالأرض فليس له ذلك لأن صاحبها يريد أن يحميها
قلت فإن أردت أن أزرعها غير الشعير وإنما تكاريتها للشعير والذي أريد أن أزرعه فيها مضرته ومضرة الشعير سواء هل يجوز ذلك قال نعم ذلك جائز إذا كان الذي يزرعه فيها مضرته بالأرض مثل مضرة الشعير أو أقل فليس لرب الأرض أن يمنعه من ذلك
____________________
(11/538)
________________________________________
الدعوى في كراء الأرض قلت أرأيت إن اكتريت أرضا من رجل فاختلفنا في مدة الكراء وفي كراء الأرض قال رب الأرض أكريتك خمس سنين بمائة دينار وقلت أنا بل اكتريتها عشر سنين بخمسين دينارا
قال الذي سمعت أنه إن كان ذلك بحضرة ما تكاراها تحالفا وفسخ الكراء بينهما فإن كان قد زرعها سنة أو سنين ولم ينقد الكراء أعطي رب الأرض كراء السنين التي زرعها المتكاري على حساب ما أقر له به من كراء الأرض على عشر سنين بخمسين دينارا ويحلف إذا كان ذلك يشبه ما يتكارى به الناس فإن لم يشبه ذلك كراء الناس فيما يتغابنون به وكان الذي قال صاحب الأرض يشبه فالقول قول رب الأرض مع يمينه وإن لم يكن ذلك يشبه أيضا حملا في تلك السنين التي عمل فيها المتكاري على كراء مثلها ويفسخ عنه ما بقي من السنين وإنما فسخ عنه كراء ما بقي من السنين التي أقر بها رب الأرض لأن المتكاري ادعاها بأقل مما أقر به رب الأرض وإنما صدق رب الأرض حين قال لم أكرك إلا خمس سنين لأن الرجل لو أكترى دابه إلى بلد فقال صاحبها إنما أكريتها إلى المدينة وقال المتكاري بل إلى مكة
كان القول قول صاحب الدابة في الغاية وكذلك قال لي مالك فهذه السنون القول فيها قول رب الأرض مثل ما جعل مالك القول في غاية المسير في الكراء قول رب الدابة لأن الرجل لو اكرى منزله من رجل فقال صاحب الدار إنما اكتريتها سنة وقال المتكاري بل سنتين
كان القول في السنة قول صاحب الدار مع يمينه وقد بلغني هذا القول في الدور عن مالك في الاختلاف في الغاية والكراء وهذا إذا لم يكن نقد
وقال غيره وإذا كان نقد فالقول قول المكري مع يمينه إذا كان يشبه ما قال فإن لم يشبه ما قال وأشبه ذلك ما قال المكتري كان القول قول المكتري فيما سكن على حساب ما أقر به ويرجع ببقية المال على المكري بعد يمينه على ما ادعى عليه ويمين المكتري فيما ادعى عليه من طول المدة وإن لم يشبه ما قال واحد منهما حلفا جميعا وكان على المكتري قيمة ما سكن وإن أشبه ما قالا جميعا فالقول قول رب الدار
____________________
(11/539)
________________________________________
المنتقد بعد يمينه على ما ادعى عليه ولم يكن للمكتري أن يسكن إلا ما أقر به المكري
قال سحنون وقد ذكر بن وهب أكثر هذا إذا انتقد عن مالك وهذا أصل فرد إليه كل ما خالفه في الأكرية أكرية الرواحل والعبيد والدور والأرضين وغير ذلك
قلت أرأيت إن زرعت أرضا فقال رب الأرض لم آذن لك أن تزرع أرضي ولم أكركها وادعيت أنا أنه أكراني قال القول قول رب الأرض مع يمينه إلا أن يكون رب الأرض قد علم به حين زرع أرضه فلم يغير عليه وهذا رأيي
قلت فإن لم يعلم به رب الأرض وقد مضت أيام الزراعة قال يكون له أجر مثل أرضه ولا يقلع زرعه لأن أيام الزراعة قد مضت فإن كان قد علم رب الأرض بأن الزارع قد زرع في أرضه تقوم عليه بذلك البينة أو يأبى اليمين إذا لم يكن عليه بينة ويدعي صاحبه عليه الكراء فيحلف صاحبه فإنه يكون لرب الأرض في هذا الوجه الكراء الذي أقر به المتكاري إلا أن يأتي المتكاري بأمر لا يشبه ولا يكون له في هذا الوجه إذا علم مثل كراء أرضه إنما له ما أقر به المتكاري إذا أتى بأمر يشبه فيكون القول فيه كما وصفت لك
سحنون وقال غيره له مثل كراء أرضه علم به أو لم يعلم به بعد يمينه على ما ادعى المكتري إلا أن يكون ما أقر به المكتري أكثر فإن شاء رب الأرض أخذه
قلت أرأيت إذا كان ذلك في أبان الزراعة ولم يعلم رب الأرض بذلك ولم تقم للزارع بينة أن رب الأرض علم بذلك أو أكراه الأرض وحلف رب الأرض أنه لم يكره ولم يعلم بما صنع هذا الزارع في أرضه فقال رب الأرض بالخيار إن أخذ منه الكراء الذي أقر له به وقال غيره أو كراء مثل أرضه
قال بن القاسم فإن أبى كان له أن يأمر الزارع أن يقلع زرعه إلا أن يتراضيا على أمر حلال فينفذ بينهما
قلت أرأيت إن قال هذا الذي قضيت عليه بقلع زرعه لا أقلع الزرع وأنا أتركه لرب الأرض أيجوز ذلك في قول مالك أم لا قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا إذا رضي به رب الأرض
قال بن القاسم وإذا لم يكن للزارع في قلعه منفعة لم يكن للزارع أن يقلعه ويترك لرب الأرض إلا أن يأبى رب الأرض أن يقبله فيأمر الزارع بقلعه
____________________
(11/540)
________________________________________
في تقديم الكراء قلت أرأيت إن أكريت أرضا من رجل فقبضها مني أيجب لي الكراء حين قبضها أم إذا زرعها أم حين يرفع زرعه منها قال إن كان لأهل البلد سنة في كراء الأرض حملوا على ذلك وإلا نظر فإن كانت الأرض مما تزرع مرة واحدة وقد رويت مثل أرض مصر التي إنما ريها من النيل وليس تحتاج إلى المطر فإذا قبض الأرض وقد رويت لزمه نقد الكراء فإن كانت مثل الأرضين التي تحتاج إلى السقي ولا يتم الزرع إلا بالسقي بعد ما يزرع أو من أرض المطر التي لا يتم زرعها إلا بالمطر فيما يستقبل بعد ما زرع لم ينقده الكراء إلا بعد تمام ذلك
وقال غيره إذا كانت من أرض السقي وكان السقي مأمونا وجب له كراؤه نقدا
قال بن القاسم فإن كانت أرضا تزرع بطونا مثل القضب والبقول وما أشبهه أعطاه كل ما سلم بطن منها بقدر ذلك
وقال غيره يعطيه ما ينوب البطن الأول نقدا
قال بن القاسم وإنما خالف كراء الأرض التي تسقى من ماء العيون والآبار والمطر كراء الدور والإبل لأن الدور والإبل إذا تشاحوا في النقد ولم يشترطوا ولم تكن لهم سنة يحملون عليها فإنما يعطيه من الكراء بقدر ما سكن في الدار أو سار من الطريق على الإبل لأنه لو انهدمت الدار أو ماتت الإبل كان المتكاري قد أخذ بعض كرائه فإن الأرض التي تسقى إن انقطع ماؤها أو احتبست عنها السماء فهلك زرع المتكاري لم يكن قابضا لشيء مما اكترى من الأرض ولم يكن عليه شيء من الكراء فمن ها هنا ليس لرب الأرض أن يأخذ من المتكاري كراء حتى يتم بطن فيأخذ منه من الكراء بحال ما وصفت لك وهذا في غير العيون المأمونة لأنه لو نقده الكراء ثم قحطت أرضه من الماء اتبعه بما دفع إليه ولعله لا يجد عنده شيئا وكذلك الإبل والدور وإنما منع من النقد رب الإبل والدور ما لم يسكن المتكاري أو يركب لأنه لم يقبض ذلك كله وإنما يكون قابضا لما سكن أو سار لأنه لو نقده ثم مات البعير أو انهدمت الدار صار يطلبه به دينا
____________________
(11/541)
________________________________________
في الرجل يكتري الأرض الغرقة والنقد في ذلك قلت أرأيت إن أكريته أرضي هذه وهي غرقة على أنه إن نضب الماء عنها فهي له بما سمينا من الكراء وإن ثبت الماء فلا كراء بيننا قال هذا جائز إن لم ينقد الكراء فإن نقد الكراء لم يصلح لأن هذا غير مأمون لأنها بحال ما وصفت لك غرقة يخاف عليها أن لا ينكشف الماء عنها إلا أن تكون أرضا لا يشك في انكشاف الماء عنها فلا بأس به
وقال غيره إذا خيف أن لا ينكشف الماء عنها لم يجز أيضا بغير نقد لما أعلمتك مما يمنع به الرجل ملكه
في إلزام مكتري الأرض الكراء قلت أرأيت إن اكتريت أرضا أو دارا كراء فاسدا فلم أزرع الأرض ولم أسكن الدار حتى مضت السنة إلا أني قد قبضت ذلك من صاحبه أيكون علي الكراء لصاحبه أم لا في قول مالك قال يلزمك كراء مثل الدار وكراء مثل الأرض عند مالك لأنك حين قبضت ذلك فقد لزمك الكراء وإن لم تزرع وإن لم تسكن وكذلك الدابة إذا اكتريتها كراء فاسدا فاحتبستها
قلت فإن لم أقبض الأرض ولا الدار ولا الدابة من صاحبها لم يكن علي شيء قال نعم لا شيء عليك
قلت أرأيت إن استأجر الرجل أرضا ليزرعها فلم يجد البذر أيكون هذا عذرا له في قول مالك أم لا قال لا يعذر عند مالك بهذا والكراء عند مالك في هذا وغيره لازم وإنما هو عند مالك بيع من البيوع لا ينتقض بما ذكرت ولا بغيره ولا بموت أحدهما ولا بموتهما جميعا ولا ينقض الكراء بشيء من الأشياء
قلت وكذلك لو أخذه السلطان فحبسه في السجن عن زراعتها أيكون عليه الكراء في قول مالك قال نعم في رأيي ولكن ليكرها إن لم يقدر على أن يزرعها هو
في اكتراء الأرض كراء فاسدا قلت أرأيت إن اكتريت أرضا إجارة فاسدا ما علي قال عليك كراء مثلها
____________________
(11/542)
________________________________________
عند مالك
قلت وإن كان كراء مثلها أكثر أو أقل مما استأجرتها به قال نعم هذا قول مالك
في اكتراء الأرض بالطعام والعلف قلت أرأيت إن استأجرت أرضا بشيء من الطعام مما لا تنبته الأرض مثل السمن والعسل والجبن واللبن أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك لا يجوز ذلك
قلت لم كرهه مالك وليس في هذا محاقلة قال إذا خيف هذا في الكراء أن يكون القمح بالقمح خيف أن يكون أيضا القمح بالعسل والسمن إلى أجل فلا خير في ذلك قال وكذلك فيما بلغني فسره مالك
قلت أرأيت إن تكاريت الأرض بالملح أيجوز ذلك في قول مالك قال لا يجوز ذلك عند مالك
قلت ولا بأس بالأشربة كلها عند مالك النبيذ وغيره من الأشربة
قال قال مالك لا يجوز بالعسل ولا بالسمن ولا بالتمر ولا بالملح ولا بالصير فالأنبذة عندي بهذه المنزلة
قلت أرأيت إن تكاريت أرضا بزيت الجلجلان أيجوز هذا في قول مالك قال لا يجوز هذا عند مالك لأن هذا طعام
قلت أفيجوز بزيت زريعة الكتان قال قال لي مالك لا يجوز أن يتكارى الأرض بالكتان فرأيت بذلك بزيت زريعته أشد
قلت أفتكره أيضا أن تكرى الأرض بالقطن قال أكرهه لأن القطن عندي بمنزلة الكتان
قلت أفيكره أن يكري الأرض بالأصطبة قال إنما سألنا مالكا عنه مجملا ولم نسأله عن الأصطبة فالأصطبة وغير الأصطبة سواء
قلت لم كره مالك أن تكرى الأرض بالكتان هذا الطعام كله قد علمنا لم كرهه مالك لأنه يدخله الطعام بالطعام عنده فالكتان لم كرهه مالك والكتان لا بأس أن يشتريه الرجل بالطعام إلى أجل قال قال لي مالك أكره أن تكرى الأرض بشيء مما يخرج منها وإن كان لا يؤكل
____________________
(11/543)
________________________________________
قال بن القاسم فوجه كراهية مالك ذلك أنه يخاف عليه أن يستأجرها بشيء مما تنبت الأرض فيزرع ذلك فيها فتكون فيه المحاقلة يستأجرها بكتان فيزرع فيها كتانا
قلت أرأيت إن اكترى الأرض بالتبن أو بالقضب أو بالقرط وما أشبهه من العلوفة أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك في الكتان إنه لا يجوز فالقرط والقضب والتبن عندي بهذه المنزلة
قلت وكذلك إن أكراها باللبن والجبن قال نعم لا يجوز ذلك عند مالك
قلت أرأيت إن أكراها بالشاة التي هي للحم أو بالسمك أو بطير الماء الذي هو للسكين أيجوز هذا في قول مالك قال لا يعجبني هذا ولا يجوز هذا لأن مالكا قال لا تكرى أرض بشيء من الطعام وأرى هذا من الطعام عندي
قال وقال مالك ولا تكرى الأرض بشيء من الطعام وإنما كان مما لا يخرج منها لأن هذا عندي من الطعام الذي لا يخرج منها
قلت أرأيت الفلفل أهو عندك من الطعام فلا يجوز أن تكرى به الأرض قال قال لي مالك في الفلفل إنه لا يجوز اثنان بواحد لأنه طعام ولا يباع حتى يستوفي لأنه طعام ويجوز أن تكرى به الأرض
قلت فإن أكراها بلبن في ضروع الغنم أيجوز قال قال مالك لا تكرى الأرض بشيء من الطعام فلا يجوز هذا سحنون عن بن وهب عن مالك بن أنس عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة اشتراء التمر في رؤس النخل بالتمر والمحاقلة اشتراء الزرع بالحنطة واستكراء الأرض بالحنطة
قال مالك عن بن شهاب وسألت عن كرائها بالذهب والورق فقال لا بأس به
بن وهب قال وأخبرني أبو خزيمة عبد الله بن طريف عن عبد الكريم بن الحارث عن بن شهاب أن رافع بن خديج أتى قومه بني حارثة فقال قد دخلت عليكم اليوم مصيبة قالوا وما ذاك فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض قال بن شهاب وسئل رافع بن خديج بعد ذلك كيف كانوا يكرون الأرض فقال بشيء من الطعام
____________________
(11/544)
________________________________________
مسمى ويشترطون أن لنا ما نبت بماذيانات الأرض وإقبال الجداول بن وهب عم مسلمة بن علي
أنه سمع الأوزاعي يقول سمعت مولى لرافع بن خديج يقول سمعت رافع بن خديج يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان بنا رافقا فقال قال لنا ما تصنعون بمحاقلكم قلنا نؤاجرها عن الربع والأوسق من التمر والشعير فنهى عن ذلك بن وهب
وأخبرني جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج بنحو هذا
وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكرها بالثلث ولا بالربع ولا بطعام مسمى بن وهب عن هشام بن سعد أن أبا الزبير حدثه قال سمعت جابرا يقول كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ الأرض بالثلث والربع وبالماذيانات فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بن وهب عن الليث عن ربيعة وإسحاق بن عبد الله عن حنظلة بن قيس أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها فسألته عن كرائها بالذهب والورق فقال لا بأس بكرائها بالذهب والورق
في اكتراء الأرض بالطيب والحطب والخشب قلت أرأيت الأرض أيجوز أن أتكاراها بجميع الطيب قال أما بالزعفران فلا يجوز لأنه مما تنبت الأرض فما كان من الطيب مما يشبه الزعفران فلا يجوز ولا يجوز بالعصفر
قلت والعود والصندل وما أشبههما أيجوز وهو مما تنبت الأرض أن أتكارى به الأرض قال لا أرى بأسا بالعود والصندل وما أشبههما
قلت فكذلك إن اكتريت الأرض بالحطب وبالجذوع وبالخشب قال لا أرى به بأسا
____________________
(11/545)
________________________________________
قلت أتحفظ هذا الذي سألتك عنه من الطيب والخشب عن مالك قال أما الخشب فهو قول مالك أنه لا بأس به وأما ما سوى هذا فلم أسمعه من مالك ولكن قد قال مالك ما قد أخبرتك أنه لا تكرى الأرض بشيء مما تنبت الأرض وإن كان لا يؤكل بن وهب عن مالك بن أنس والليث وعبد الله بن طريف أبي خزيمة أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثهم عن حنظلة بن قيس الدرقي أنه سأل رافع بن خديج عن كراء المزارع بالذهب والورق فقال لا بأس بكرائها بالذهب والورق
بن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع أن بن عمر كان يكري أرضه بالدنانير والدراهم بن وهب عن
رجال من أهل العلم عن بن المسيب وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عمر وسائر ولده وعمر بن عبد العزيز وبن شهاب وربيعة أنهم كانوا لا يرون بكراء الأرض البيضاء بالدنانير والدراهم بأسا بن وهب عن بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير أن الزبير بن العوام كان يكري بياض أرضه بن وهب عن مالك بن أنس
قال بلغني أن عبد الرحمن بن عوف تكارى أرضا فلم تزل في يديه حتى مات
قال ابنه فما كنت أرى إلا أنها لنا من طول ما مكثت في يديه حتى ذكرها لنا عند موته بن وهب عن أنس بن عياض وبن أبي الزناد عن هشام بن عروة أن عروة كان يكري أرضا له أربع سنين بثمانين دينارا إلا أن بن أبي الزناد قال بذهب بن وهب
وأخبرني عثمان بن عطاء الخرساني عن أبيه عن محمد بن كعب القرظي أن عبد الرحمن بن عوف أعطى سعد بن أبي وقاص أرضا له زارعه إياها على النصف فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحب أن تأكل الربا ونهاه عنه بن وهب عن بن لهيعة عن خالد بن يزيد عن عطاء أنه قال في الرجل يعطي صاحبه الأرض البيضاء على الربع أو النصف فقال لا تصلح لابن وهب هذه الآثار كلها ____________________
(11/546)
________________________________________
في اكتراء الأرض بالشجر قلت أرأيت إن تكاريت منك أرضا بشجر لي على أن لك الشجر بأصولها أيجوز ذلك في قول مالك قال لا بأس بهذا عندي إذا لم يكن في الشجر يوم تكارى الأرض ثمرة فإن كان فيها ثمرة لم يجز لأن مالكا كره شراء الشجر وفيها ثمر بالطعام وإن كان نقدا أو إلى أجل
قال ولأن مالكا كره استكراء الأرض بشيء من الطعام
قال بن القاسم ولو اشترى أصل الأرض التي تكاراها بتلك الشجر وفيها ثمر لم يكن به بأس كذلك قال لي مالك لأنه لو ابتاع أرضا بحنطة لم يكن بذلك بأس إذا تعجل الحنطة
قال وإن أخر الحنطة إلى أجل فلا بأس به أيضا ولا بأس أن يشتري الرجل من الرجل نخلا بثمر إلى أجل يستأخر فيه الأجل حتى يثمر فيه النخل وهو مثل اشتراء الشاة التي لا لبن فيها باللبن إلى أجل لأن اللبن يكون فيها بعد ذلك ولو أن رجلا باع كتانا بثوب كتان إلى أجل يمكن أن يكون من الكتان ثوب لما كان فيه خير
قال مالك وهو من المزابنة ولو باع ثوب كتان بكتان إلى أجل لم يكن به بأس لأن الثوب كتان لا يكون منه كتان والكتان يكون منه ثوب ولو باع كتانا بثوب إلى أجل لا يمكن أن يكون من ذلك الكتان ثوب إلى ذلك الأجل لقربه فلا بأس به ومن ذلك الشعير بالقصيل إلى أجل فلا خير فيه لأنه يخرج القصيل من الشعير إلا أن يكون إلى الأجل الذي لا يبلغ إليه القصيل فلا بأس به
قال والقصيل بالشعير إلى أجل لا بأس به بعد الأجل أو قرب
في اكتراء الأرض بالأرض قلت أرأيت إن تكاريت أرضا بأرض أخرى أعطيته أرضي وأعطاني أرضه قال لا بأس بذلك
قلت تحفظه عن مالك قال لا أقوم على حفظه الساعة ولا أرى به بأسا وقد سألت مالكا عن الرجل يكري داره بدار فقال لا بأس بذلك
قلت وكذلك إن أكراني أرضه لا أزرعها العام بأرض لي يزرعها هو العام قال
____________________
(11/547)
________________________________________
لا أرى بذلك بأسا ولم أسمعه من مالك ولكنه رأيي
قلت أرأيت إن استأجرت أرضك هذه أزرعها العام بنفسي بزراعتك أرضي هذه الأخرى بنفسك قابلا أيجوز ذلك في قول مالك أم لا قال ذلك جائز إذا كانت الأرضون مأمونة لأن النقد لا يصلح إلا في الأرضين المأمونة ولأن قبض الأرض نقدا بمنزلة الذهب وكذلك الذي يبيع السلعة الغائبة بسلعة حاضرة ولا يجوز أن ينقد الحاضرة وإن كانت عرضا بمنزلة الذهب والورق وكذلك يقول غير واحد من العلماء
في اكتراء الأرض بدراهم إلى أجل قلت أرأيت إن تكاريت أرضك هذه السنة أزرعها بألف درهم أدفعها إليك لي عشر سنين على أن أقبض الأرض منك قابلا فأزرعها قابلا أيجوز هذا في قول مالك قال نعم
قال سحنون وقد بينا هذا ومثله في الكراء قال وقال مالك وكذلك العروض والحيوان وغيرهما والثمار تكون ببلد فيشتريها من صاحبها على أن يأخذها بذلك البلد والثمن إلى أجل معلوم أبعد من ذلك
قال قال مالك فلا بأس بذلك وليس هذا من وجه الدين بالدين
في الرجل يكري أرضه بدراهم إلى أجل فإذا حل الأجل أخذ مكانها دنانير قلت أرأيت إن أكريت أرضا بدراهم إلى أجل فلما حل الأجل أخذت منه مكان الدراهم دنانير يدا بيد قال لا بأس بذلك عند مالك
في الرجل يكري أرضه بدراهم إلى أجل فإذا حل الأجل أخذ مكانها طعاما أو إداما قلت أرأيت إن اكتريت أرضا بدراهم أو بدنانير إلى أجل فلما حل الأجل أخذت مكانها طعاما أو إداما أيجوز ذلك في قول مالك قال لا يجوز ذلك عند مالك وكل شيء كان لا يجوز لك أن تكري به أرضك فلا يجوز لك أن تصرف فيه
____________________
(11/548)
________________________________________
كراء أرضك وما كان يجوز لك أن تكري به أرضك فلا بأس أن تصرف فيه كراء أرضك
في الرجل يكري أرضه بدراهم ثم يشترط مكانها دنانير إلى أجل قلت أرأيت إن آجرت أرضا بدراهم على أن آخذ بها دنانير إلى أجل بكل عشرين درهما دينارا أيجوز هذا الكراء في قول مالك قال نعم هذا جائز عند مالك إذا سمى عدة الدراهم والدنانير فوقعت الصفقة بها
قلت فإن وقعت الصفقة بالدراهم ثم اشترط الدنانير بعد وقوع الصفقة قال الكراء جائز بالدراهم واشتراطه الدنانير بالدراهم باطل إلا أن يأخذ بالدراهم دنانير يدا بيد إذا حل الأجل
قلت فلو كانت الدراهم التي وقع الكراء بها إلى أجل فأخذ بها دنانير معجلة وإنما وقعت صفقة الكراء بالدراهم أيجوز هذا قال لا يجوز هذا
قلت وهذا كله قول مالك قال نعم قلت أرأيت إن وقعت صفقة بدراهم إلى أجل على أن يعجل له بكل عشرين درهما دينارا أيجوز هذا في قول مالك قال نعم
قلت وكل صفقة وقعت في قول مالك فكان في لفظهما ما يفسد الصفقة وفعلهما حلال فإنك تجيز الصفقة ولا يلتفت إلى لفظهما قال نعم كذلك قال لي مالك
في الرجل يكري أرضه بدراهم وخمر صفقة واحدة قلت أرأيت إن اكريت أرضا بدراهم وخمر صفقة واحدة أتجوز حصة الدراهم أم لا قال إذا بطل بعض الصفقة ها هنا بطلت كلها
قلت وهذا قول مالك قال هو قوله
قلت وكل صفقة وقعت بحلال وحرام بطلت الصفقة كلها في قول مالك قال أما في مسئلتك التي سألت عنها فإن الصفقة كلها تبطل عند مالك وأما لو أن رجلا باع عبدا بمائة دينار على أن يقرضه المشتري مائة دينار أخرى فإن هذه الصفقة تبطل جميعها إلا أن يرضى بائع العبد أن يدع السلف ولا يأخذه فإن أبطل سلفه ورضي أن يأخذ المائة في ثمن عبده ويترك القرض الذي
____________________
(11/549)
________________________________________
اشترط جاز البيع
قلت فإن قال الذي أكرى أرضه بخمر ودراهم أنا أترك الخمر وآخذ الدراهم قال لا يجوز هذا
قال سحنون ألا ترى أنه لو اكترى الأرض بخمر أن ذلك لا يجوز فكذلك إذا اكترى بخمر ودراهم صارت الخمر مشاعة في جميع الصفقة
في اكتراء الأرض بصوف على ظهور الغنم قلت أرأيت إن آجرت الأرض بصوف على ظهور الغنم أيجوز هذا في قول مالك قال هو جائز عند مالك إذا كان يأخذ في جزازها
قلت فإن كان اشترط أن يأخذ في جزازها إلى خمسة أيام أو عشرة قال هذا جائز لأن هذا قريب
قلت وهذا قول مالك قال قال لي مالك شراء الصوف على ظهور الغنم إلى خمسة أيام أو إلى عشرة أجل قريب فلا أرى به بأسا
في الرجل يكري أرضه بدراهم إلى أجل فإذا حل الأجل فسخها في عرض بعينه إلى أجل قلت أرأيت إن أكريت أرضي هذه بدراهم إلى أجل فلما حل الأجل أخذت منك ثيابا بعينها أقبضها إلى ثلاثة أيام أيجوز هذا في قول مالك قال لا يجوز هذا عند مالك إلا أن يقبض الثياب قبل أن يفترقا لأن هذا من وجه الدين بالدين
قلت فلم وإنما هذا شيء بعينه وإنما الدين بالدين ما كان في ذمة الرجل قال هو وإن لم يكن في ذمته فهو يحمل محمل الدين بالدين
قال سحنون وكان البائع وضع له من ثمن الثياب على أن يؤخره بما حل عليه من الدين فصار كأنه سلف جر منفعة فصار ما أخر عنه يأخذ به سلعة بعينها إلى أجل
في الرجل يكري أرضه بثياب موصوفة إلى غير أجل قلت أرأيت إن أكريته أرضي بثياب موصوفة ولم أضرب للثياب أجلا أيجوز ذلك أم لا في قول مالك قال الكراء عند مالك بيع من البيوع فلا يجوز
____________________
(11/550)
________________________________________
هذا الذي ذكرت حتى يضرب للثياب أجلا لأن الثياب إذا اشتراها الرجل موصوفة ليست بأعيانها لم يصلح إلا أن يضرب لها أجلا عند مالك
في الرجل يكتري الأرض أو الرجل يشتري السلعة ويشترط الخيار قلت أرأيت كل بيع أو كراء كان فيه المشتري بالخيار أو البائع أو كان الخيار بينهما جميعا ولم يضربا للخيار أجلا أتكون هذه صفقة فاسدة قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى البيع جائزا والكراء جائزا ولكن يرفع هذا إلى السلطان فيوقف الذي كان له الخيار فإما أن يأخذ وإما أن يترك إذا كان قد مضى للبيع مدة ما يختبر السلعة التي اشتراها إليه وإن كان لم يختبر ضرب له السلطان أجلا بقدر ما يرى
قلت أرأيت إن اكتريت أرضا أو اشتريت سلعة على أني بالخيار والبائع أيضا معي بالخيار نحن جميعا بالخيار أيجوز هذا الشراء أو الكراء في قول مالك قال نعم
قلت فإن قال أحدهما أنا أجيز وقال الآخر أنا أرد قال القول قول من رد قال وهذا قول مالك
في الرجل يكتري الأرض أن زرعها حنطة فكراؤها مائة درهم وإن زرعها شعيرا فكراؤها خمسون درهما قلت أرأيت إن استأجرت من رجل أرضه هذه السنة فإن زرعتها حنطة فكراؤها مائة درهم وإن زرعتها شعيرا فكراؤها خمسون درهما قال لا خير في هذه الإجارة لأن الإجارة وقعت بما لا يعلم ما هي واحد منهما لا المتكاري ولا رب الأرض
قال سحنون وهذا من وجه بيعتين في بيعة
في الرجل يكتري الأرض بالشيئين المختلفين أيهما شاء المكري أخذ أيهما شاء والمتكاري أعطى قلت أرأيت إن استأجرت دارك هذه السنة بعشر أرادب من حنطة أو بعشرين إردبا من شعير على أن تأخذ أيهما شئت أو على أن أعطيك أيهما شئت أنا إن شئت
____________________
(11/551)
________________________________________
الحنطة وإن شئت الشعير قال لا يجوز هذا قلت وإن كانت الحنطة أو الشعير حاضرة بعينها أو لم تكن بعينها فذلك سواء ولا يجوز قال نعم ذلك سواء ولا يجوز
قلت أرأيت إن استأجرت أرضا بهذا الثوب أو بهذه الشاة بخيار أحدهما أيجوز هذا في قول مالك قال لا يجوز هذا عند مالك من وجهين من وجه انه غرر ومن وجه أنه بيعتان في بيعة
قال ولقد سألت مالكا عن الشاة يشتريها الرجل بهذه السلعة أو بهذه الأخرى يختار أيتهما شاء والسلعتان مما يجوز أن تسلف واحدة منهما في الأخرى قال مالك لا يجوز هذا إذا كان ذلك يلزم المشتري أن يأخذ بأحد الثمنين أو يلزم البائع أن يبيع بأحد الثمنين فأما إن كان إن شاء البائع باع وإن شاء ترك وإن شاء المشتري أخذ وإن شاء ترك فلا بأس بذلك
في الرجل يكري أرضه من رجل يزرعها فما أخرج الله عز وجل منها فبينهما نصفين قلت أرأيت إن أكريت أرضا لي من رجل يزرعها قصيلا أو قضبا أو بقلا أو قمحا أو شعيرا أو بقلا أو قطنية فما أخرج الله منها من شيء فذلك بيني وبينه نصفين أيجوز هذا أم لا قال قال مالك إن ذلك لا يجوز
قلت فإن قال فما أخرج الله منها من شيء فهو بيني وبينك نصفين وعلى أن الأرض بيني وبينك نصفين أيجوز أم لا قال قال مالك ذلك غير جائز
قلت فإن قال له اغرسها نخلا أو شجرا فإذا بلغت النخل كذا وكذا سعفه أو الشجر إذا بلغت كذا وكذا فالأرض والشجر بيني وبينك نصفين قال قال مالك ذلك جائز
قلت فإن قال الشجر بيني وبينك نصفين ولم يقل الأرض بيني وبينك نصفين أيجوز هذا في قول مالك أم لا قال إن كان اشترط أن له موضعها من الأرض فذلك جائز وإن كان لم يشترط أن له موضع أصلها من الأرض وشرط له ترك النخل في أرضه حتى يبلى فلا أرى ذلك جائزا ولم أسمعه من مالك
____________________
(11/552)
________________________________________
في الرجل يكري أرضه من رجل على أن يزرعها بحنطة من عنده على أن له طائفة أخرى من أرضه قلت أرأيت إن دفعت إلى رجل أرضا لي يزرعها لي بحنطة من عنده على أن له هذه الطائفة الأخرى من أرضي يزرعها أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك لا خير في هذا لأن هذا أكرى أرضه بما تنبت الأرض فلا خير في ذلك
قلت فإن قال له اغرس لي أرضي هذه نخلا أو شجرا بهذه الطائفة الأخرى من أرضي أيجوز هذا في قول مالك قال هذا جائز عند مالك
قلت لم أجاز مالك هذا والنخل والشجر مما تنبت الأرض قال ليس هذا طعاما وإنما كره مالك أن تكرى الأرض بشيء مما تنبت الأرض من الطعام أو بشيء مما تنبت من غير الطعام أو بشيء مما لا تنبته من الطعام والأصول عندي بمنزلة الخشب ولا أرى به بأسا أن يكري بها
قلت أرأيت إن دفعت إلى رجل أرضي يزرعها بحب من عندي على أن له طائفة أخرى من أرضي ليس مما يزرع لي قال قال مالك هذا جائز
في اكتراء ثلث الأرض أو ربعها أو اكتراء الأرض بالأذرع قلت أرأيت إن استأجرت ثلث أرض أو ربعها أيجوز هذا قال نعم
قلت أسمعته من مالك قال لا
ولكن الكراء بيع من البيوع فلا بأس أن يكري ربعها أو خمسها
قال ولقد بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال في رجل أكرى ربع داره أو خمس داره أنه لا بأس بذلك
قلت أيجوز لي أن أستأجر الأرض بالأذرع قال إن كانت الأرض مستوية فلا بأس بذلك فإن قال له أكريك مائة ذراع من أرضي من موضع كذا وكذا فلا بأس بذلك وإن كانت الأرض مختلفة ولم يسم له موضعا معلوما فلا خير في ذلك
قلت وهذا قول مالك قال هذا رأيي
وقال غيره وإن كانت الأرض مستوية فلا يجوز حتى يسمي له الموضع ____________________
(11/553)
________________________________________
في الرجل يكتري الأرض البيضاء للزرع وفيها نخل أو شجر قلت أرأيت إن استأجرت أرضا بيضاء للزرع وفيها نبذ من نخل أو شجر لمن تكون ثمرة تلك الشجر ألرب الأرض أم للمستأجر في قول مالك قال الثمر لرب الشجر إلا أن يكون الشجر الثلث فأدنى فيشترطه المتكاري فيكون ذلك له فإن كان أكثر من الثلث فاشترطه لم يجز ذلك وكان الكراء فاسدا
قلت فإن كانت الثمرة أكثر من الثلث فاشترطها وزرع على هذا قال الثمرة عند مالك لصاحبها ويقوم على المتكاري كراء الأرض بغير ثمرة ويعطي المتكاري أجر ما سقى به الثمرة إن كان له عمل أو سقي
قلت أليس إنما عليه قيمة كراء الأرض التي تزرع قال نعم
قلت أرأيت إن اكتريت أرضا وفيها زرع لم يبد صلاحه أو بقل لم يبد صلاحه وذلك شيء قليل فاشترطته لنفسي حين اكتريت الأرض أيجوز هذا في قول مالك قال إن كان الشيء التافه اليسير جاز ذلك ولست أبلغ به الثلث لأن مالكا قال لي في الرجل يتكارى الأرض أو الدار وفيها النخلات أو السدرة أو الدالية وفيها ثمر لم يبد صلاحه ويشترطه لنفسه أو لا ثمر فيها فاشترط ما يخرج من ثمرها لنفسه قال قال مالك إذا كان الشيء اليسير لم أر به بأسا
قال وقال مالك لا يجوز في هذه المسألة أن يشترط صاحب الأرض ولا صاحب الكراء نصف ما في شجره أو نصف ما يخرج منها كما يجوز لمساقي النخل أن يشترط نصف ما يزرع في البياض إذا كان البياض تبعا ولا يجوز في هذا أن يشترط نصف الثمر أو نصف ما يخرج منها
قال مالك لأن ذلك عندي من بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه
في الرجل يكري أرضه ويشترط على المكتري تكريبها أو تزبيلها ويشترط عليه حرثها قلت أرأيت إن أكريتك أرضي هذه السنة بعشرين دينارا واشترطت عليك
____________________
(11/554)
________________________________________
أن لا تزرعها حتى تكربها ثلاث مرات فتزرعها في الكراب الرابع وفي هذا منفعة لرب الأرض لأن أرضه تصلح على هذا قال نعم هذا جائز
قلت أرأيت إن أكريته أرضي وشرطت عليه أن يزبلها قال إذا كان الذي يزبلها به شيئا معروفا فلا بأس بذلك لأن مالكا قال لا بأس بالكراء والبيع أن يجمعا في صفقة واحدة
قلت أرأيت إن استأجرت منك أرضا بكذا وكذا على أن على رب الأرض حرثها أيجوز هذا في قول مالك قال نعم يجوز
في اكتراء الأرض الغائبة والنقد في ذلك قلت أرأيت إن اكتريت منك دارا ولم أرها أو اكتريت منك أرضا ولم أرها أيجوز هذا الكراء في قول مالك أم لا قال إذا وصفاها فذلك جائز لأن مالكا قال الكراء بيع من البيوع وقال في البيوع لا يجوز بيع السلعة الغائبة إلا أن يكون المشتري قد رآها أو اشتراها على صفة فكذلك الأرض والدور في الكراء إنما يجوز الكراء إذا رآها أو وصفت له
قال وهذا قول مالك في الدور والأرضين
قلت أرأيت إن رأيت أرضا أو دارا منذ عشر سنين فاكتريتها على تلك الرؤية أيجوز ذلك أم لا في قول مالك قال ذلك جائز عند مالك إذا كان بين اكترائه ونظره إليها الأمر القريب
قال بن القاسم وقال لي مالك بن أنس ولو اشترى رجل دارا في بلد غائبة عنه إذا وصف له فذلك جائز والنقد في الدور والأرضين لا بأس به لأنه مأمون عند مالك
في الرجل يكري مراعي أرضه قلت أرأيت الرجل يكري مراعي أرضه قال قال مالك لا بأس أن يبيع الرجل مراعي أرضه سنة واحدة ولا يبيعها سنتين ولا ثلاثة ولا يبيع مراعي أرضه حتى تطيب مراعيها ويبلغ الخصب أن يرعى ولا يبيعه قبل أن ينبت خصبها
أشهب
____________________
(11/555)
________________________________________
نخالفه في هذا الأصل
في الرجل يكري أرض امرأته والوصي يكري أرض يتيمه قلت أرأيت الرجل يؤاجر أرض امرأته ودورها بغير أمرها أيجوز ذلك أم لا في قول مالك قال لا يجوز
قلت أسمعته من مالك قال لا ولكنه رأيي
قلت أرأيت لو أن يتيما في حجري تكاريت أرضه لأزرعها لنفسي أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك لا أحب للوصي أن يشتري من مال اليتيم شيئا لنفسه فهذا مثل ذلك
قلت أرأيت إن ترك مثل هذا واكترى الوصي في مسئلتي قال قال مالك إذا اشترى الوصي من مال اليتيم شيئا فأرى أن يعاد في السوق فإن زادوه باعه لنفسه وإلا لزم الوصي بالذي اشترى فكذلك الكراء عندي إلا أن يكون قد فاتت أيام الكراء فتسأل أهل المعرفة فإن كان فيها فضل غرمه الوصي وإن لم يكن فيها فضل كان عليه الكراء الذي اكترى به
في الرجل يكتري الأرض فيزرعها ويحصد زرعه فينتثر من زرعه في أرض رجل فتنبت قابلا قلت أرأيت إن زرعت أرض رجل شعيرا فحصدت منها شعيرا فانتثر منه حب كثير فنبت قابلا في أرضه لمن يكون ذلك قال أراه لرب الأرض ولا يكون للزارع شيء لأني سمعت مالكا وسئل عن رجل زرع أرضا فحمل السيل زرعه إلى أرض رجل آخر فنبت في أرضه قال مالك لا شيء للزارع وأرى الزرع للذي جره السيل إليه
في الرجل يشتري الزرع الذي لم يبد صلاحه على أن يحصده ثم يكتري الأرض بعد ذلك فيريد أن يتركه قلت أرأيت لو اشتريت زرعا لم يبد صلاحه فاستأذنت رب الأرض
____________________
(11/556)
________________________________________
في أن يترك الزرع في أرضه فأذن لي بذلك أو اكتريت الأرض منه أيصلح لي أن أقر الزرع فيها حتى يبلغ في قول مالك قال قال مالك لا يجوز
قلت أرأيت لو أني اشتريت زرعا لم يبد صلاحه على أن أحصده ثم اشتريت الأرض أيجوز لي أن أدع الزرع حتى يبلغ قال ذلك جائز عندي ولم أسمعه من مالك
في الرجل يكتري الأرض بالعبد أو بالثوب أو بالعرض بعينه فيزرع الأرض ثم يستحق العرض أو العبد أو الثوب قلت أرأيت إن اكتريت أرضا بعبد أو بثوب فزرعت الأرض واستحق العبد أو الثوب ما يكون علي في قول مالك قال عليك قيمة كراء الأرض
قلت أرأيت إن اكتريته بحديد بعينه أو برصاص بعينه أو بنحاس بعينه فاستحق ذلك الحديد أو النحاس أو الرصاص وقد عرفنا قدره ووزنه أيكون علي مثل وزنه أو يكون علي مثل كراء الأرض قال إن كان استحقاقه قبل أن يزرع الأرض أو يحرثها أو يكون له فيها عمل ان يفسخ الكراء وإن كان بعد ما أحدث فيها عملا أو زرعا كان عليه كراء مثلها
في اكتراء الأرض من الذمي قلت أرأيت النصراني أيجوز لي أن أكتري منه أرضه قال قال مالك أكره كراء أرض الجزية
قال وأما إذا أكرى المسلم أرضه من ذمي فلا بأس بذلك إذا لم يكن الذمي يغرس فيها شجرا يعصر منها خمرا
في الرجل يكري أرضه من رجل سنة ثم يكريها من رجل آخر سنة أخرى بعد السنة الأولى قلت أرأيت إن أكريت رجلا أرضي هذه السنة ثم أكريتها من رجل آخر سنة أخرى بعد الأولى قال ذلك جائز في قول مالك
وقد وصفنا مثل هذا
____________________
(11/557)
________________________________________
في الرجل يكتري أرضا من أرض الخراج من رجل فيجور عليه السلطان قلت أرأيت الأرض إذا اكتريتها من رجل فأتاني السلطان فأخذ مني الخراج وجار علي أيكون لي أن أرجع بذلك على الذي أكراني الأرض في قول مالك قال إذا إن كان رب الأرض لم يؤد الخراج إلى السلطان ولم يأخذ منه السلطان شيئا فأرى أن يرجع عليه بخراج الأرض ولا يرجع عليه بما جار عليه السلطان وإن كان السلطان قد أخذ منه فلا أرى أن ترجع عليه بشيء وإنما يرجع عليه بالحق من ذلك ولا يلتفت إلى ما زاد السلطان على أصل الخراج من ذلك
في متكاري الأرض يفلس قلت أرأيت إن أكريت رجلا أرضا فزرعها ولم أنتقد الكراء ففلس المتكاري من أولى بالزرع قال قال مالك رب الأرض أولى بالزرع من الغرماء حتى يستوفي كراءه فإن بقي شيء كان للغرماء
قلت ولم قال مالك ذلك قال لأن الزرع في أرضه وهو أولى به
قال وكذلك الرجل يكري داره سنة فيفلس المكتري إن الذي اكترى أولى بسكنى الدار وإن كان لم يسكن فهو أولى بجميع السكنى وكذلك قال مالك في الإبل يتكاراها الرجل يحمل عليها بزه إلى بلد من البلدان فيفلس البزاز أو الجمال أيهما فلس إن فلس الجمال فالبزاز أولى بالإبل حتى يستوفي ركوبه إلا أن يضمنوا الغرماء حملانه ويكتروا له من أملياء ثم يأخذون الإبل فيبيعونها في دينهم وإن أفلس البزاز فالجمال أولى بالبز إذا كان في يديه حتى يستوفي كراءه
قال سحنون معناه إذا كان مضمونا وقد قال غيره لا يجوز أن يضمن الغرماء حملانه
قلت أرأيت إن كان أكراه إلى مكة ففلس البزاز ببعض المناهل كيف يصنع الجمال قال الجمال أحق بالبز حتى يستوفي كراءه إلى مكة ويباع البز ويقال للغرماء اكروا الإبل إلى مكة إن أحببتم في مثل ما كان لصاحبكم وهذا قول مالك
وقال
____________________
(11/558)
________________________________________
مالك ولو تكارى من رجل أرضه ثم مات الزارع كان صاحب الأرض أسوة الغرماء وإن أفلس الزارع فصاحب الأرض أولى بالزرع ومن تكارى إبلا فحمل عليها متاعا أو دفع إلى صائغ متاعا يصبغه أو يخيطه أو يغسله كان المكري أو الصانع أولى بما في أيديهم في الفلس والموت من الغرماء
في الإقالة في كراء الأرض بزيادة دراهم قلت أرأيت لو أني اكتريت أرضا من رجل فندمت وطلبت إليه أن يقيلني فأبى فزدته دراهم أيجوز هذا في قول مالك قال نعم لا بأس بذلك عند مالك
والله سبحانه وتعالى أعلم
____________________
(11/559)
________________________________________
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم كتاب المساقاة العمل في المساقاة ( قلت ) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن أخذت نخلا مساقاة على أن لي جميع ما أخرج الله منها ( قال ) قال مالك لا بأس بذلك ( قلت ) لم أجازه مالك ( قال ) لأنه بمنزلة المال يدفعه إليك مقارضة على أن لك ربحه ولأنه إذا جاز أن يترك لك نصف الثمرة بعملك في الحائط جاز أن يترك لك الثمرة كلها ( قلت ) أرأيت أن دفعت إلى رجل نخلا مساقاة منها ما يحتاج إلى السقى ومنها ما لا يحتاج إلى السقى فدفعتها إليه معاملة كلها على النصف صفقة واحدة ( قال ) لا بأس بذلك ( قلت ) أرأيت المساقاة أتجوز على النصف والثلث والربع أو أقل من ذلك أو أكثر في قول مالك ( قال ) نعم وحدث عن بن وهب عن عبد الله بن عمر وغيره عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر ( قال ) مالك فكان بياض خيبر تبعا لسوادها وكان يسيرا بين أضعاف السواد ( سحنون ) عن بن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد قال لا بأس أن يعطى الرجل الرجل حائطه يسقيه على النصف أو الثلث أو أقل من ذلك أو أكثر وأما تسمية كيل معروف فلا ( وأخبرني ) بن وهب عن بن سمعان عن عثمان بن محمد بن سويد
____________________
(12/2)
________________________________________
الثقفي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إليه في خلافته وعثمان على الطائف في بيع الثمر وكراء الأرض أن تباع كل أرض ذات أصل بشطر ما يخرج منها أو ثلثه أو ربعه أو الجزء مما يخرج منها يتراضونه ولا تباع بشيء سوى ما يخرج منها وإن يباع البياض الذي لا شيء فيه من الأصول بالذهب والورق ( قال ) وأخبرني بن سمعان رجل من أهل العلم قال سمعت رجالا من أهل العلم يقولون في الأرض يكون فيها الأصل والبياض أيهما كان ردفا ألغي وأكريت بكراء أكثرهما أن كان البياض أفضلهما أكريت بالذهب والورق وإن كان الأصل أفضلهما أكريت بالجزء مما يخرج منها من ثمرة وأيهما كان ردفا ألغي وحمل كراؤه على كراء صاحبه
مساقاة النخل الغائبة ( قلت ) أرأيت أن ساقيت رجلا حائطا لي بالمدينة ونحن بالفسطاط أتجوز المساقاة فيما بيننا ( قال ) إذا وصفتما الحائط فلا بأس بالمساقاة فيما بينكما لأن مالكا قال لا بأس أن يبيع الرجل نخلا يكون له في بعض البلدان ويصف النخل إذا باع فان لم يصف النخل إذا باع فلا يجوز البيع فكذلك المساقاة عندي ( قلت ) أرأيت أن خرجت إلى المدينة أريد أن أعمل في الحائط الذي أخذته مساقاة أين نفقتي وعلى من هي ( قال ) عليك نفقتك ولا يشبه هذا القراض لأنه ليس من سنة العامل في الحائط أن تكون نفقته على رب الحائط
رقيق الحائط ودوابه وعماله ( قلت ) أرأيت الرجل يأخذ النخل والشجر مساقاة أيكون جميع العمل من عند العامل في المال في قول مالك ( قال ) نعم ألا أن يكون في الحائط دواب أو غلمان كانوا يعملون في الحائط فلا بأس بذلك ( قلت ) أرأيت أن شرطهم المساقى في الحائط وأراد رب المال أن يخرجهم من الحائط أيكون ذلك لرب المال أن يخرجهم في قول مالك قال قال مالك أما عند معاملته واشتراطه فلا ينبغي له أن يخرجهم ولا ينبغي له
____________________
(12/3)
________________________________________
أن يقول أنا أدفع الحائط مساقاة على أن أخرج ما فيه من غلماني ودوابي ولكن أن أخرجهم قبل ذلك ثم دفع الحائط مساقاة لم يكن بذلك بأس ( قلت ) ولم كره مالك أن يشترطهم رب الحائط على المساقى إذا دفع إليه حائطه مساقاة ( قال ) لأنه يصير من وجه الزيادة في المساقاة ( قلت ) أرأيت أن أخذت شجرا مساقاة أيصلح لي أن أشترط على رب المال الدلاء والحبال وأجيرا يعمل معي في الحائط أو عبدا من عبيد رب المال يعمل معى في الحائط ( قال ) كل شيء ليس في الحائط يوم أخذت الحائط مساقاة فلا يصلح أن يشترط على رب المال شيء من ذلك إلا أن يكون الشيء التافه اليسير مثل الغلام أو الدابة ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) ولم كره مالك للعامل أن يشترط على رب المال ما ذكرت ( قال ) لأنها زيادة ازدادها عليه ( قلت ) أرأيت التافه اليسير لم جوزته ( قال ) لأن مالكا جوز أيضا لرب المال أن يشترط على المساقى خم العين وسرو الشرب وقطع الجريد وإبار النخل والشيء اليسير يكون في الضفيرة يبنيها ولو عظمت نفقته في الضفيرة لم يصلح أن يشترطه على العامل وقد بلغني أن مالكا سهل في الدابة الواحدة وهو عندي إذا كان الحائط له قدر يكون حائطا كبيرا لأن من الحوائط عندنا بالفسطاط من تجزئه الدابة الواحدة في عمله فإذا كان الحائط هكذا كان قد اشترط على رب الحائط عمل الحائط بمنزلة الحائط الكبير الذي له العمل الكبير فيشترط عمل الحائط على رب الحائط فلا يجوز ذلك عندي والدابة الواحدة التي وسع فيها مالك إنما ذلك في الحائط الكبير الذي يكثر عمله وتكثر مؤنته ( قال ) لي مالك وما مات من دواب الحائط ورقيق الحائط الذين كانوا فيه يوم ساقاه فعلى رب المال أن يخلفهم للعامل لأنه على هذا عمل ( قال ) مالك وإن اشترط رب الحائط على العامل أن ما مات من رقيق الحائط الذين كانوا فيه يوم ساقاه فعلى العامل في الحائط أن يخلفه قال لا خير في ذلك ولا يشبه الحائط الذي ليس فيه دواب ولا رقيق يوم دفعه رب المال مساقاة الحائط الذي فيه الدواب والرقيق يوم يدفعه ربه مساقاة لأن الحائط الذي فيه الدواب
____________________
(12/4)
________________________________________
والرقيق على صاحب الحائط أن يخلفهم ولا ينبغي له أن يشترط على العامل أن يخلفهم والحائط الذي ليس فيه رقيق ولا دواب فلا ينبغي أن يشترطهم على رب المال ولا من مات منهم مما ادخل أن يشترط خلفه على رب المال ( قلت ) أرأيت أن أخذ الحائط مساقاة واشترط عليه رب الحائط أن يخرج ما في الحائط من عماله ودوابه ومتاعه فأخرجهم رب الحائط ثم عمل العامل على هذا فأخرج الحائط ثمرا كثيرا أو لم يخرجه ما القول في ذلك ( قال ) أرى في هذا أنه أجير له أجرة مثله ولا شيء له في الثمرة بمنزلة ما لو اشترط العامل على رب المال عمالا للنخل لم يكونوا في الحائط ( بن وهب ) عن الليث عن بن أبي جعفر قال يكره أن يكون للرجل الحائط فيه النخل فيعطيه رجلا يسقيه بناضح من عنده ويعالجه على أن لصاحب النخل كذا وكذا من الثمرة وللمساقى ما بقى ( قال ) بن أبي جعفر نهى عنه عمر بن عبد العزيز في خلافته لأنه شبهه بالغرر لأن النخل ربما لم تخرج إلا ما يشترط صاحبها فيذهب سقى المساقي باطلا ( بن وهب ) قال سئل ربيعة عن رجل أعطى لرجل حديقة عنب يعمل فيها وعليه نفقته على النصف أو على الثلث أو نحوه أيجوز هذا ( قال ) نعم وقال الليث مثله ( بن وهب ) قال وسئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن رجل أعطى رجلا حديقة عنب له يعمل فيها ونفقته على رب العنب على النصف من ثمرتها أو ثلثيها قال فكره ذلك ( فقيل ) لربيعة أرأيت أن كانت النفقة بينهما ( قال ) لا يكون شيء من النفقة على رب العنب وعلى ذلك كانت مساقاة الناس وقال الليث مثله ( بن وهب ) وسئل يحيى بن سعيد الأنضري أعلى أهل المساقاة عملها من أموالهم خالصا ( قال ) نعم هي عليهم من أموالهم وعلى ذلك كانت المساقاة ( بن وهب ) قال وسألت الليث عن المساقاة فقال لي المساقاة للتي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعطى أهل خيبر نخلهم وبياضهم يعملونها على أن لهم شطر ما يخرج منها ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعانهم بشيء ( بن وهب ) قال الليث وحدثني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي وغيره أن أهل المدينة لم يزالوا يساقون نخلهم
____________________
(12/5)
________________________________________
على أن الرقيق الذين في النخل والآلة من الحديد وغيره للذين دفعت إليهم المساقاة يستعينون بهم
هذه الآثار لأبن وهب
نفقة رقيق الحائط ودوابه ونفقة المساقي ( قال ) وقال مالك نفقة الرقيق والدواب كانت من العامل أو كانت في الحائط يوم أخذه العامل مساقاة النفقة على العامل ليس على رب الحائط منه شيء ( قلت ) أرأيت نفقة العامل نفسه أتكون من ثمرة الحائط أم لا ( قال ) على نفسه نفقته ونفقة العمال والدواب ولا يكون شيء من النفقة في ثمرة الحائط ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت أن أخذت نخلا معاملة على أن طعامي على رب النخل ( قال ) لا يجوز ذلك عند مالك ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يساقي الرجل على أن على رب المال علف الدواب ( قال ) لا خير فيه ( قلت ) أرأيت إذا أثمر الحائط أيجوز للمساقى أن يأكل منه ( قال ) لا أحفظ من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يأكل منه شيئا
جداد النخل وحصاد زرع المساقاة ( قلت ) أرأيت أن أخذت حائطا مساقاة على من جداد الثمرة في قول مالك ( قال ) على العامل ( قلت ) وإذا أخذت زرعا مساقاة على من حصاده ودراسه ( قال ) سألت مالكا عن مساقاة الزيتون على من عصره ( قال ) هو على ما اشترطتما عليه أن كان شرط العصر على العامل في الحائط فلا بأس بذلك وإن كان إنما اشترط أن يقاسمه الزيتون حبا فلا بأس بذلك ورأى مالك هذا كله واسعا ( قال ) ولم أسمع من مالك في الزرع شيئا إلا أني أرى أنه مثل الذي ذكرت في النخل أن جداده على العامل فأرى أن يكون حصاد الزرع ودراسه على العامل لأنهم لا يستطيعون أن يقسموه إلا بعد دراسه كيلا ( قلت ) أرأيت أن اشترط العامل على رب النخل صرام النخل ( قال ) لا ينبغي ذلك لأن مالكا قال الجداد مما يشترط على الداخل
____________________
(12/6)
________________________________________