[font="]هذا النزوع الوطني لم يكن عن قصد سياسي مفكر فيه، بل كتعبير عن حالة غير مرضية تتوجب وجود من يفضحها ويعلنها بصدق. والصدق والوطنية هما اللذان جعلاه يغني مثلا عن نهضة مدينة أكادير بعد الزلزال الذي ضربها، مادحا ماتعرفه من انبعاث حقيقي «كان زوند إغور كين أكال: كأنها لم تتزلزل يوما»، «ومن كان يتيما، فليكف عن البكاء فله أب الآن هو مولاي الحسن» شاكرا في ذات الوقت الملك الراحل عن رعايته لها وما قدمه في سبيل ذلك، بحيث لايغادرها إلا ليعود إليها، كدليل حي على نموها وولادتها الثانية.[/font][font="][/font] [font="]وبذات المنحى الذي يبحث عن المختلف من الكلم، نسج العديد من القصائد / الاغاني الخالدة، على غرار أغنية «لن أغفر للسيارات»، حيث أدخل لفظة «الطوموبيلات» بشكل جعلها خفيفة مسلية عذبة في ترديدها الخلفي الاسترجاعي من طرف الكورال. وقد نظمها وهو يشكو الفراق والبعد والنأي الذي يسببه يسر التنقل الذي تمنحه السيارات. وفي قصيدة «أمزواك» التي تتغنى بهم المهاجرين الذين تركوا الاهل والاحباب وساحوا في المدائن البعيدة، وهو يقصد هاهنا العاملين في البقالة وغيرها.[/font][font="][/font] [font="]على هذا المنوال سار في نظمه وغنائه منذ بداية تعرف الجماهير على أغانيه عبر التسجيلات سنة 1960. مرة ينظم واعظا ناصحا في الدين والاخلاق، مراعيا البيئة الجبلية الشلحية المحافظة الموروثة الطابع بما أنها منطقة زاخرة الزوايا والمدارس العتيقة، ومرة أخرى ينشد الحب والهوى وأسقام العاشقين وتولههم في مجال أصيل قح، ومرة أخرى ينسج أغان هي ما يشكل فرادته، كما أوردنا في النماذج أعلاه. وفي هذه الاخيرة، تميز عمر واهروش بنزوع خاص للحديث عن فرادة الامازيغ والامازيمية، والتي خصهما بأغان وأبيات مجددة، واعية، تنبي عن فخر وهم والتزام. ومن بينها أغنية «أر تلا تاسا« وفيها يخاطب الشلحيين كما كان يسميهم المرحوم المختار السوسي. وفيها يقول مناديا أنه لم يأخذ على عاتقه ان يعزف على الرباب والوتر ويسيح في المداشر والمدن المغربية كلها وبلاد الله الواسعة في أوربا، إلا للمغاربة الشلحيين، وكي يعرف بهم. ويقارن نفسه بمن ملكه القوى حد القيد المحكم، وتاه وراء صيد «أودادن» أو الغزلان.[/font][font="][/font] [font="]لكن أبرز قصيدة في هذا المجال، وهي قبل أن تكون مجرد أغنية، هي أغنية «لقيصت حمو أونامير» أي حكاية حمو أونامير المشهورة، نوع من الإلياذة الامازيغية الحقيقية، أو القصص الحكائي المؤسس للشعوب، ففيها يروي حكاية شاب يعيش قصة حب متميزة لطالب محب يجد كفه ذات صباح وقد زينت بالحناء في عالم حكائي مليء بالشخصيات الفريدة والأحداث الفانطستيكية.[/font][font="][/font] [font="]تلكم بعض سطور لا تفي بغرض الحديث بعمق عن إرث شعري وغناي ثري وفريد لرايس من أجود «الروايس» الذين أنجبهم الجنوب المغربي. فهو من مواليد نواحي مدينة مراكش ذات سنة من ثلاثينيات القرن الماضي، وبها درس وترعرع وتعلم العزف والغناء. وقد كانت حياته مرتبطة بإبداعه لصقا بلصق، في التزام وتداخل انتهى به الى مآل مأساوي مأسوف عليه، فقد ألم به مرض نفسي أثر كثيرا على حياته العادية وعلى إبداعه الغنائي.[/font][font="][/font] [font="]ولايستطيع أي مغربي من الذين اعتادوا سماع الأغنية الامازيغية أن ينسى صوته الرحب، الممتد، العالي النبرة، الذي يحاكي رجع صدى جبال الاطلس وأقدار الانسان في ثناياه السرية والعلنية، كما لايستطيع ان لايطرب ويرتعش طربا وهو يسمع «مواويله» و«مواجعه» واكتشافاته اللحنية والكلامية، فهو نسيج وحده.[/font][font="][/font] [font="]وقد نقول جازمين انه بحياته هذه وبأغانيه يشكل علامة فارقة في الاغنية المغربية لم يقدر لها ان تتبوأ المكانة الواجبة في بانثيون الغناء المغربي عامة، وقصة حياته قصة فنان منح الفن نفسه وذاته وما يملك. ذلك الفنان صاحب النظارات السوداء والعمامة الشرقاوية الصفراء التي طالما طالعت أعين محبي فن الغناء عند الروايس في لوحات اسطواناته الخالدة.[/font][font="][/font]
[font="]سيدي أبو عبد الله محمد بن محمد بن جميل القصري المعلم.[/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="]عبد القادر الغزاوي القصر الكبير 24 : 18 - 04 - 2012[/font][font="][/font] [font="]هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن جميل القصري المعلم ، لم أقع على تاريخ ولادته، ولا تاريخ وفاته، ولا يعرف مكان ولادته، وحسب بعض المعلومات أنه نشأ وترعرع بمدينة القصر الكبير الواقعة بشمال المغرب، فاشتهر بالقصري نسبة إليها، رغم العديد من كتب التاريخ والتراجم التي ورد إسمه بها لم تشر إلى تاريخ ومكان ولادته، ولم تتحدث عن الطريقة التي نشأ عليها ولا إلى تعليمه، ولا إلى ترجمة وافية لحياته، إلا نتفا قصيرة وأخبارا ضئيلة، ولا يذكر إسمه إلا عند الحديث عن تراجم بعض الأولياء والوليات المشهورين بالمغرب، رغم أنه كان من العلماء والفقهاء المعروفين، والذين برزوا في العصر الموحدي.[/font][font="][/font] [font="]وقد كان سيدي ابن جميل يعيش في أواخر القرن السادس وبداية القرن السابع للهجرة، أي في عهد الدولة الموحدية (524-667ه /1130-1269م )، التي ازدهرت في عصرها الحركة الفكرية والأدبية والعلمية، وظهر في عصرها مجموعة من العلماء والفقهاء والمتصوفة. والمعروف عنه أنه كان يزاول مهنة التعليم فعرف بالمعلم وكانت له كرامات ومناقب.[/font][font="][/font] [font="]و كانت له رفقة مع عدد من العلماء والصلحاء، وكان فقيها لأبي الحسن علي بن غالب الأنصاري الأندلسي القصري (484- 568 ه / 1092- 1173 م )، ولي مدينة القصر الكبير، حيث خلفه في القيام بمهمة الدعوة، وكان معاصرا لأبي عبد الله التاودي دفين مدينة فاس، والمتوفى سنة 580 ه /1185م ، وكذلك كانت له رفقة مع الولية الصالحة فاطمة الأندلسية، دفينة مدينة القصر الكبير، والمتوفاة حسب بعض المعلومات سنة 642ه / 1245م، وكذا الشيخ أبي مدين الغوت شعيب الأندلسي دفين مدينة تلمسان بالجزائر، المتوفى سنة 594ه /1198م، الذي أخذ عنه بعض العلوم.[/font][font="][/font] [font="]وجاء في كتاب " التشوف إلى رجال التصوف" عند ذكره لترجمة الولية الحرة الصالحة فاطمة الأندلسية، رواية عن أبي عبد الله محمد بن أحمد الزناتي عند وجوده بمدينة القصرالكبير ومصاحبته لابن جميل، قال: (بت ليلة عند أبي عبد الله محمد بن جميل ألقصري المعلم وبات معنا أبو عبد الله التاودي وأبو زكرياء السائح. فصلينا العشاء الآخرة ثم جرى ذكر طيب حوت القصر،وأبو عبد الله حاضر، فغاب عنا. فلما طلع الفجر طلبته أنا وعمر بن عيسى الكتامي، فلم نجده. فتفقدنا بيته الذي كان ينفرد فيه، فوجدناه مغلقا. فأتينا باب المصرية التي بتنا فيها فوجدناه مغلقا. فجلست أنا وعمر نرتقبه لنعلم من أين يأتي. فسمعناه قد دفع باب المصرية بيده وطلع فقلنا: ننظر إلى خفيه فإن وجدنا بهما بللا علمنا أنه لم يبت معنا، وكان في زمان الربيع، فوجدنا بلل الندى على خفيه وعليهما نوار أصفر من نوار المروج. فأخرج لنا حوتا لا يكون إلا في بركة على قدر ثمانية عشر ميلا من القصر. فعجبنا من أمره، فصلينا الصبح وذهبنا إلى فاطمة الأندلسية، فوجدناها تصلي صلاة الضحى. فلما انفتلت من صلاتها قالت لنا: لا تنكروا براهين الصالحين فإنها حق. ولقد ذهبت أنا والفقيه ابن صالح من قصر كتامة إلى مدينة فاس لزيارة أبي مدين. فبتنا معه في سماع كان عنده. فلما طلع الفجر دخل علينا رجل عليه عباءة، ففرح به الشيخ أبو مدين، وقال : هذا أخ من إخواني في الله تعالى، صلى البارحة العشاء الآخرة بمكة والطائف وسرى ليلته فطلع عليه الفجر بفاس فصلينا معه الصبح. وذبح له أبو مدين كبشا لضيافة).( الصفحتان رقم 331و332 من كتاب الشوف إلى رجال التصوف للتادلي المشهور بابن الزيات تحقيق أدولف فور.طبعة 1958). وأشير بأن هذه الرواية وردت كذلك في كتاب " أنس الفقير وعز الحقير" لابن قنفذ، الذي حققه محمد الفاسي وأدولف فور، بالصفحة رقم 91، طبعة 1965.[/font][font="][/font] [font="]وهكذا يبدو لنا أن سيدي ابن جميل كان ذا شهرة علمية، ومن كبار الفقهاء والعلماء، وأن بيته كان مقصدا للعلماء والفقهاء، سواء الذين يقيمون بمدينة القصر الكبير، أو الذين يفدون عليها ويزورونها، نظرا لما كان يتمتع به الولي سيدي ابن جميل من علم ومعرفة وبركة، و ما كانت تحظى به مدينة القصر الكبير من مكانة في عالم العلم والتصوف.[/font][font="][/font]
[font="]وتوفي سيدي ابن جميل بمدينة القصر الكبير وأقبر بمقبرة الولي الصالح ابن غالب شرقي ضريحه، بشارع سيدي علي بن أبي غالب حاليا، (وكان قبره مسورا بجدار وعليه شجرة كبيرة، وعند إصلاح طوار الشارع المحاذي للمقبرة أزيلت الشجرة وجددت جدران مدفنه، أما عندما أقيم السياج الحديدي على المقبرة فقد هدم السور، ولم تبق إلا بعض آثار القبر، في حالة من الخراب والاندثار، فعسى أن يعاد له الاعتبارويحي إسمه، ويظهر أثره للعيان مرة أخرى).(كتاب تراجم أشهر أولياء وصلحاء مدينة القصر الكبير. مخطوط للأستاذ الحاج عبد السلام القيسي الحسني ). وهذا الأخير هو الذي يرجع له الفضل في كتابة ما نقش على الرخامة الموجودة فوق رأس قبر سيدي ابن جميل، عند تجديد قبره سنة 1423ه/2002م. وتجدر الإشارة إلى أن قبر هذا الولي في حاجة إلى عملية الترميم والإصلاح، نظرا لما أصابه من إهمال وانعدام الصيانة.[/font][font="][/font] [font="]طارق بن زياد [/font][font="][/font] [font="]أعلام مغاربة من التاريخ[/font][font="][/font] [font="]المساءالمساء : 04 - 07 - 2012[/font][font="][/font] [font="]يوسف الحلوي[/font][font="][/font] [font="]هو طارق بن زياد بن عبد الله في رواية ابن عذاري، و عند ابن خلدون طارق بن زياد الليثي. وكما اختلف في اسم هذا البطل المغوار اختلف في نسبه، فقد ذهب جماعة من المؤرخين إلى نسبته إلى قبيلة صدف القحطانية، فيما يرى المقري صاحب «نفح الطيب» أنه فارسي همذاني، والراجح أنه بربري من نفزة ولد عام 50 ه وتوفي عام 102ه.[/font][font="][/font] [font="]تلقى طارق الإسلام على يد والده الذي أسلم على عهد عقبة بن نافع، وحفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة العربية حتى بلغ فيها شأنا عظيما. يقول عبد الملك بن حبيب في وصف طارق «كان طويل القامة ضخم الهامة أشقر اللون».[/font][font="][/font] [font="]لا تذكر المصادر التاريخية الشيء الكثير عن حياة طارق قبل توليه أمور طنجة على رأس حامية قوامها ثمانية وعشرون ألف جندي سنة 89 ه باستثناء إشارات لا تعضدها أدلة قوية إلى أنه تولى برقة وسمي أميرا لها عندما استشهد زهير بن قيس البلوري سنة 76ه، و أخرى عن إقامته بمدينة تلمسان رفقة زوجه أم حكيم، دون ذكر أي تفاصيل أخرى، ومما ينسب إلى طارق قبل الفتح أنه كان متقنا للغة العربية خلاف الرأي الذي يزعم بأنه أسلم على يد موسى بن نصير في وقت متأخر، وهو ما لم يمكنه من الإلمام بالعربية، وقد نسب إليه المقري أبياتا تدل على شاعريته و إلمامه باللغة، رغم أصوله البربرية، يقول فيها:[/font][font="][/font] [font="]ركبنا سفينا بالمجاز مقيرا[/font][font="][/font] [font="]عسى أن يكون الله منا قد اشترى[/font][font="][/font] [font="]نفوسا وأموالا و أهلا بجنة[/font][font="][/font] [font="]إذا ما اشتهينا الشيء فيها تيسرا[/font][font="][/font] [font="]ولسنا نبالي كيف سالت نفوسنا[/font][font="][/font] [font="]إذا نحن أدركنا الذي كان أجدرا[/font][font="][/font] [font="]كما نسب إليه الإدريسي خطبة بليغة لا يرام شأوها ولا يتيسر نثرها إلا على من أتقن العربية وأحاط بعلومها. و مما جاء فيها و قد خطب بها في جنده لما جاز بهم البحر نحو بلاد الأندلس: «واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشق قليلا، استمتعتم بالألذ الأرفه طويلا، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي فما حظكم فيه بأوفر من حظي، واعلموا أني أول مجيب لما دعوتكم إليه وإني عند ملتقى الجمعين حامل بنفسي على طاغية القوم لذريق فقاتله إن شاء الله تعالى، فإن هلكت بعده فقد كفيتكم أمره».وقد ألف الدكتور عبد الحليم عويس كتابا في نفي نسبة هذه الخطبة لطارق أسماه «إحراق طارق بن زياد للسفن أسطورة لا تاريخ». غير أن نسبة هذا الحدث لقائد عظيم من طينة طارق أثارت حماس قادة آخرين من بعده، ففي احتلال الإسبان للمكسيك أقدم أرنان كورت (قائد الجيوش الإسبانية) على عمل مشابه بعد أن خطب في جنوده خطبة مماثلة لخطبة طارق، ومثله فعل أسد بن الفرات في فتح صقلية. والذي يعنينا من كل هذا هو تسليط الضوء على جوانب أخرى من شخصية هذا البطل الفذ، الذي برع في جوانب أخرى غير جانب القيادة العسكرية. وحتى إن سلمنا جدلا بأنه ليس بصاحب الخطبة العصماء التي ذكرها غير واحد من المؤرخين في سياق التأريخ لفتح الأندلس فحسبه أنه أوتي قدرة عظيمة على التأثير في جنوده ولا يكون ذلك في جيش اجتمع فيه العرب والبربر إلا لمن تمكن من البيان وبرع في مخاطبة الفئتين جميعا، وقد سأل عنه الخليفة الأموي مغيثا الرومي فقال: «هو من إذا قال لجنده صلوا لأي جهة شاء أطاعوه ولم يختلفوا عليه» لعظم حبهم له و تعلقهم به، وفي ذلك أيضا دليل على تأثيره وقوة حجته وقدرته الفائقة على الإقناع.[/font][font="][/font]
[font="]منذ ولاية طارق على طنجة اتقدت همة الرجل وتطلعت أحلامه إلى الضفة الأخرى، ولكن ليس قبل أن يطهر المغرب الأقصى من بقايا القوط. يروي ابن بشكوال أن أقوى باعث حرك كوامن الرغبة في الفتح لدى طارق رؤيته رسول الله في منامه يقول له «يا طارق تقدم لشأنك». ويتقدم طارق لشأنه لا يلويه عنه شيء، فيحاصر يوليان بسبتة إلى أن يستسلم يوليان ويصير عونا للمسلمين على عدوهم. وقد كان لخلال طارق الحميدة أبلغ الأثر في افتتاح الكثير من المدن دون كبير عناء، فقد كان وفيا بعهده مستنفدا لطرق السياسة والحيلة ما أمكن قبل إعمال السيف، فلذلك تجد اليهود الذين رزحوا تحت نير العبودية على عهد القوط من أكبر المهللين للفتح الإسلامي، وغيرهم من المسيحيين كثيرون، من بينهم أبناء ملوك وأمراء. ومما يروى أن أبناء «غيطشة» أيدوا طارق في معركته ضد لذريق فأبقى على أموالهم وضياعهم وفاء منه لهم وعرفانا بأياديهم.[/font][font="][/font] [font="]إن قصة فتح طارق للأندلس تحير له الألباب، فقد أسقط بلاد الأندلس تحت قبضته وضمها إلى خلافة الوليد في ظرف لا يتجاوز العام، ولم يكن معه حين جاز إلى عدوة الأندلس سنة 92ه غير سبعة آلاف جندي فأمده موسى بن نصير بخمسة آلاف حين تناهى إليه خبر جيش لذريق الذي يفوق تعداده مائة ألف، لكن المقارنة بين لذريق وجيشه وبين طارق وجيشه توضح أسباب انتصار طارق وتفوقه.[/font][font="][/font] [font="]كان لذريق ملكا شجاعا، لكنه ظالم مستبد كرهته العامة التي حكمها بقوة الحديد كما كرهه الأمراء. يذكر الرواة أن يوليان والي سبتة أرسل ابنته إلى قصر لذريق واسمها فلوراندا لتعلم آداب الأمراء وطرق عيشهم جريا على عادة أسياد عصره، و كانت فلوراندا بارعة الجمال لم يكد يقع بصر لذريق عليها حتى اغتصب عفافها، فبعثت إلى والدها تخبره بما حدث فأقسم أن يذيل دولته متى أمكنه ذلك . هذا هو لذريق في سلمه، وفي حربه. يقول عنه الفيلسوف جيبون: «يسخر ألاريك مؤسس دولة القوط عند رؤية خلفه (ردريك) متوجا باللآلئ، متشحا بالحرير والذهب، مضطجعا في هودج من العاج». هكذا يشخص لذريق لمواجهة طارق الفتى البربري الشجاع ، المحارب بالفطرة، المندفع للموت اندفاع لذريق للهو والملذات. أما جيش طارق فمعظمه من البربر، الذين عبروا إلى عدوة الأندلس طلبا لأخراهم، وفيهم يقول القائد المغوار موسى بن نصير: «إنهم أشبه العجم بالعرب لقاء ونجدة و فروسية و سماحة وبادية). وقد التقى الجمعان قرب قادس عند وادي لكة، فكانت الغلبة لجيش المسلمين بقيادة طارق، الذي لم يهزم له جيش قط. وقد خلص طارق إلى لذريق وسط قواته وحرسه فقتله، وبعد هذه المعركة الفاصلة انداح الجيش المسلم في بلاد الأندلس يفتحها مدينة مدينة وحصنا حصنا فدانت له قرطبة ومالقة وطليطلة، وتقدم الفاتح طارق يتتبع فلول القوط حتى بلغ جنوب فرنسا.[/font][font="][/font] [font="]وكما أزاح طارق المسيحية من حكم الأندلس أزاح اللاتينية كذلك، وكان فتحه من أهم أسباب انتشار اللغة العربية وتزايد الاهتمام بها من قبل المسيحيين أنفسهم. يقول القس ألفرو القرطبي وقد هاله اهتمام بني جلدته بالعربية: «إن إخواني في الدين يجدون لذة كبرى في قراءة شعر العرب وحكاياتهم ويقبلون على دراسة مذاهب أهل الدين والفلسفة المسلمين لا ليردوا عليها وينقضوها، وإنما لكي يكتسبوا من ذلك أسلوبا عربيا جميلا صحيحا وأين نجد الآن واحدا من غير رجال الدين يقرأ الشروح اللاتينية التي كتبت على الأناجيل المقدسة».[/font][font="][/font]
[font="]دون إسناد ولاية الأندلس إليه، فهو الذي إذا أمر جنده بالصلاة إلى أي قبلة شاء لا يختلفون عليه، ويكفي ذلك منه لإثارة مخاوف الخليفة، فإذا أضيف إليه أن طارق يمثل موهبة عسكرية فذة قلما يجود التاريخ بمثلها فلا أقل من أن يعزل خوفا على بلاد المغرب والأندلس من نفوذه، ومن ثم ألجأه سليمان إلى التسول أمام أبواب المساجد، وكانت نهايته كنهاية موسى. وبالتدقيق في مثل هذه الروايات يتبين أنها مجانبة للصواب إلى أبعد الحدود، فسلوك سليمان بن عبد الملك وطارق فيها لا ينسجم ألبتة مع شخصيتهما. فسليمان هذا هو الخليفة العادل الذي جهز جيشا جرارا لفتح القسطنطينية وعزم ألا يعود إلى أهله حتى يتم الفتح أو يموت دونه ومات مرابطا في «دابق»، وفيه قال ابن سيرين: «يرحم الله سليمان افتتح خلافته بإحياء الصلاة واختتمها باستخلاف عمر بن عبد العزيز». وقد شهد له معاصروه بالعدل والورع. فهل يستقيم ذلك وإيقاع كل هذا الظلم بفاتح عظيم كطارق؟ ثم هل يكون طارق الأبي الشجاع من الذين تهون لديهم كرامتهم فيمدوا أيديهم أمام أبواب مساجد دمشق؟ وهل عدمت دمشق رجلا ذا مروءة يصل طارق ويقيه مذلة السؤال؟[/font][font="][/font] [font="]والراجح أن سليمان بن عبد الملك قضى نحبه مرابطا بدابق سنة 99 ه، بينما توفي طارق سنة 102 ه، وقيل بعد ذلك في معركة بلاط الشهداء التي حدثت سنة 114 ه. فوفاة طارق على هذا تأخرت عن وفاة سليمان. والذي خلف سليمان لم يكن غير التقي الورع عمر بن عبد العزيز. فهل شارك عمر الذي سمي لعدله بخامس الخلفاء الراشدين في ظلم طارق وإذلاله؟ ولماذا نسبوا إلى سليمان التسبب في نهايته على ذلك الوجه وقد مات بعده؟[/font][font="][/font] [font="]كثير من الشوائب في قصة هذا البطل تحتاج إلى بعض التنقية، خاصة أن المصادر الموثوقة لا تذكر شيئا ذا بال عن طارق بعد ذهابه إلى عاصمة الخلافة. ولعل تلك الرواية التي تتحدث عن عودته إلى المغرب متخفيا وعبوره إلى عدوة الأندلس أن تكون أقرب إلى الصواب، فهي تقدم صورة منسجمة إلى أبعد الحدود مع شخصية بطل مجازف كطارق. إذ قيل إنه شارك في معركة بلاط الشهداء ومات مقاتلا مع الكتيبة التي صمدت إلى جوار عبد الرحمان الغافقي. كانت معركة بلاط الشهداء آخر حلم للمسلمين بالتوغل في أوربا، وإذا صح أنها شهدت مصرع الفاتح العظيم طارق بن زياد فقد قيد له أن يصل بداية الفتح بنهايته، وأن يعيش النصر والهزيمة، وأن يقف على أسباب كل منهما تارة وهو قائد وأخرى وهو جندي.[/font][font="][/font] [font="]انتصر طارق وجنده حين تعلقت قلوبهم بالآخرة ونبذوا الدنيا خلف ظهورهم، وحين كان الجيش كتلة واحدة لا فرق فيها بين عربي وبربري، وحين قال القائد العربي موسى في إخوانه البرابرة إنهم أكثر الناس شجاعة وسماحة، لم يثنه عن قول كلمة الحق فيهم اختلاف الأعراق واللغات ما دام دينهم واحدا، وحين قدم طارق للقيادة لكفاءته لا لشيء آخر.فلما تغير الحال وصارت الغنيمة غاية لذاتها جرت على الجيش المسلم سنن الأولين، فكانت الغنيمة في بلاط الشهداء كما في معركة أحد سبب الفشل والتعثر، على أن سببا آخر انضاف إلى تعلق الجند بالغنيمة في صنع انتكاسة بلاط الشهداء لا يقل أهمية عن سابقه. يقول الدكتور راغب السرجاني: «أمر آخر كان في جيش المسلمين وكان من عوامل الهزيمة وهو العنصرية والعصبية القبلية التي كانت بين العرب والأمازيغ (البربر) في هذه الموقعة. ولقد شاهد الفرنسيون أثر هذه العصبية ووعته كتبهم»، ثم وظفوا ذلك الوعي في الإجهاز على الحركات التحررية بالجزائر في حقبة الاستعمار، وكان الأساس التاريخي للظهير البربري سيء الذكر بالمغرب. ولعل طارق وعى كل تلك الدروس قبل أن يسلم الروح لباريها ولم يكتب له أن يدون منها شيئا فحسبه أنه مضى لشأنه كما أمر في تلك الرؤيا، لم تثنه غنيمة ولم يفت في عضده أن يصير جنديا مهملا بعد أن كان قائدا عظيما ملأ السمع والبصر، ولم يرجع به عن غايته ما شجر بين إخوانه العرب والبربر من خلاف.[/font][font="][/font]
[font="]في سنة 93 ه اجتاز موسى بن نصير البحر نحو طارق في ثمانية عشر ألف جندي معظمهم برابرة، وهنا لابد من الإشارة إلى دور البربر القوي في الفتح، الذي لا يختلف فيه مؤرخان. لكن المؤسف أن أولئك الذين يذكرون تعداد جنود البربر في جيش الفاتحين موسى و طارق لا يتورعون عن نسبة الفتح إلى العرب، فالدكتور سوادي عبد محمد، الذي أفرد شخصية طارق بالتأليف ضمن سلسلة تحمل اسم «نوابغ الفكر العربي»، لا يفتأ يذكر دور طارق في قيادة الجيش العربي المسلم نحو النصر.[/font][font="][/font] [font="]وقد نسج على نفس منواله الدكتور محمد شلبي صاحب كتاب «حياة طارق بن زياد فاتح الأندلس»، والدكتور علي حسين الشطشاط في مؤلفه «تاريخ الإسلام في الأندلس من الفتح العربي حتى سقوط الخلافة»، والدكتور حسين مؤنس، الذي اعتبر الفتح في كتابه «موسوعة تاريخ الأندلس ثمرة لجهاد العرب الطويل»؟؟؟[/font][font="][/font] [font="]والحق أن النصر كان ثمرة لجهاد البرابرة المسلمين، الذين أبلوا أحسن البلاء تحت إمرة موسى وطارق (وهو رأي الذهبي الذي كان أكثر المؤرخين إنصافا) دون إنكار دور العرب والموالي الذين صنع منهم الإسلام أمة واحدة تذوب فيها نزعة القبيلة وتتلاشى فلا يبقى منها أثر.[/font][font="][/font] [font="]تختلف الروايات في وصف لقاء طارق وموسى بعد انطلاق الفتح، بين قائل إن موجدة موسى على طارق بلغت حد همه بقتله بعد ضربه وسجنه إلى قائل إن موسى لم يتعد حدود عتاب طارق لمغامرته في بلاد لا يدري عن مجاهيلها شيئا، خاصة أن سبب فشل عقبة بن نافع قبله مرده إلى توغله بجيش صغير ظل يتناقص كلما فتح بلادا جديدة. إذ كلما غادر مدينة ترك فيها حامية من جنده، فكان أن انتفض عليه خصومه ووقفوا حائلا بينه وبين مقر الخلافة. ويرجح الدكتور حسين مؤنس الرأي الأخير، الذي يعضده استمرار طارق في قيادة الجيش بعيد اللقاء مع موسى من نصر إلى آخر، غير أن مسيرة القائدين ستتوقف بعد استدعاء الخليفة لهما وانتقالهما إلى دمشق.[/font][font="][/font] [font="]وهنا تضطرب الروايات في كيفية استقبال سليمان بن عبد الملك لهما، فقد ذهب مجموعة من الرواة إلى أن سليمان أهان موسى وألجأه إلى التسول ليدفع غرامة عظيمة فرضها عليه، لأن أحلامه أرعبت خلفاء بني أمية، خاصة بعد أن فكر في التوجه بجيشه نحو القسطنطينية انطلاقا من الأندلس مخترقا القارة الأوروبية برمتها، وهناك من نحا إلى القول بأن موسى ظل في كنف سليمان معززا مكرما إلى أن وافته المنية، وهذا أقرب للسداد. فهل يعقل في أعراف السياسة أن يلجئ الخليفة قائدا عظيما كموسى إلى التسول؟[/font][font="][/font] [font="]وكيف يستقيم له بعد ذلك أن يأمر فيمن يخلفه فيطاع؟ وإذا علمنا أن ثلاثة من أولاد موسى استمروا في ولاياتهم بالمناطق التي افتتحها والدهم ولم ينزعوا أيديهم من طاعة سليمان صار الشك في هذه الأخبار أقوى. أما طارق بن زياد فلم يكن حظه في خيال بعض الرواة بأحسن من حظ قائده، فقد نسجوا حوله بعد انقطاع أخباره بدمشق لدى وفوده على الخليفة الكثير من الحكايات، فقيل إن صيته وما نقله عنه مغيث الرومي إلى الخليفة حالا [/font][font="][/font] [font="]عبد الرحمان بن محمد النتيفي [/font][font="][/font] [font="]أعلام مغاربة من التاريخ[/font][font="][/font] [font="]المساءالمساء : 16 - 07 - 2012[/font][font="][/font]
[font="]يوسف الحلوي[/font][font="][/font] [font="]هو العلامة، شيخ الإسلام، أبو زيد عبد الرحمان بن محمد بن إبراهيم النتيفي الجعفري، ينتهي نسبه فيما ذكر ولده إلى محمد الجواد بن علي الزينبي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وعلي الزينبي هو ابن زينب بنت فاطمة الزهراء بنت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.[/font][font="][/font] [font="]ولد العلامة النتيفي عام 1303ه بقبيلة هنتيفة بقرية المقاديد الزيانية والتحق بالكتاتيب القرآنية منذ سن الرابعة. ولالتحاقه بالكتاب منذ سن مبكرة قصة طريفة فوالده حامل لكتاب الله وكان يحلم بأن يرى ولده عالما، وحرصا منه على بلوغ هذه الغاية كان مصرا على تعليمه القرآن منذ تلك السن، حتى إن الناس كانوا يسخرون منه فيقولون لو علمته الفلاحة لكان أنفع له فلا يأبه لهم، ومن علامات نبوغه في طفولته كما روى لأبنائه وطلبته أنه رأى الناس في يوم ممطر يتحلقون بمكان لم يصبه المطر فيتسابقون في أخذ حفنة من ترابه للتبرك به اعتقادا منهم أن عبد القادر الجيلاني قد سبق أن جلس فيه، ولكن الشيخ وهو غلام فهم أن بهيمة أو دابة هي من منع المطر من الوصول إلى تلك البقعة، وتقدم هذه القصة صورة حية لواقع المغرب في تلك الفترة، فقد استشرى الجهل وعمت الخرافات، ويبدو أنه اتخذ موقفا مبكرا من الخرافة فما لبث حين اشتد عوده أن أعلن حربا لا هوادة فيها على البدع والضلالات.[/font][font="][/font] [font="]أخذ أبو زيد عن أئمة عصره وجهابذتهم، فلزم بوشعيب البهلولي وأخذ عن الفاطمي الشرادي ومحمد التهامي كنون، وتتلمذ على يد محمد بن جعفر الكتاني، فبرع في الفقه والحديث والمنطق حتى صار إمام عصره،[/font][font="][/font] [font="]وأجازه أساطين العلم في ذلك العهد، كأبي شعيب الدكالي الذي أمر حاجبه ألا يحجب عنه العلامة النتيفي في أي وقت قصده من ليل أو نهار، كما أجازه أحمد بن الخياط، وأثنى على سعة علمه وشهد له بالأستاذية والمشيخة أحمد أكرام والكبير بن زيدان.[/font][font="][/font] [font="]كان الأطلس في عهده مرتعا للخرافات فآلى على نفسه أن يبعث الأمة من رقادها وأن يكر على جحافل الجهل بعلمه حتى يستأصله من جذوره، ولم يكن الأمر ميسورا فأحواله المادية لم تكن تسعفه في تحقيق آماله العظيمة لكن اليأس لم يعرف الطريق إلى قلبه. إن العلامة النتيفي مثال ناصع على تشبث الزيانيين بالدين، ودليل قاطع على أن حركتهم كان منطلقها الدين الذي يوحد المغاربة على اختلاف أعراقهم ولم يكن من مجال للحديث عن القومية في حربهم على المستعمر وأذنابه، وإذا كان موحا أوحمو وأحمد السبعي والسغروشي يمثلون الذراع العسكرية لحركة المقاومة الأطلسية المباركة، فالعلامة النتيفي والعالم الجليل أحمد الومكاتي والفقيه علي أمهاوش مثلوا ذراعها الفقهي والسياسي، بل إن موحا أوحمو ومن معه لم ينتفضوا إلا بمباركة الأئمة على نحو ما فصل تلميذ النتيفي أحمد المنصوري في «كباء العنبر» ولم يقف هؤلاء الأئمة مكتوفي الأيدي، ومن ضمنهم الشيخ النتيفي، أمام اعتداء المستعمر وتطاوله على سيادة وطنهم فحرضوا على جهاد الغزاة وشاركوا في المعارك بأنفسهم، وقد روى ابن العلامة النتيفي أن والده خاض معارك «أركوس» و«أفود حمرى» واخترق الرصاص جسده في تلك المواجهات، وأنه قاوم الظهير البربري الذي دعا إلى التمييز بين العرب والبربر ودعا طلبته إلى مناهضته، ومن هؤلاء عبد الرحمان بن الحاج وأخوه الجيلالي بن محمد الذي اعتقل بسبب موقفه من الظهير المذكور.[/font][font="][/font] [font="]حضر العلامة النتيفي هزيمة «تدارت» ووقف على أسبابها فآلمه استهتار المقاتلين، وغرقهم في الملذات وعدم تقييمهم لخطورة الوضع ودقته، فحمل على عاتقه أمانة مدافعة أسباب الفساد التي عمت البلاد والعباد ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وأصيب الشيخ بعمى البصر لكن بصيرته ظلت مستنيرة إلى آخر رمق في حياته، ولا نحيد عن الصواب إذا قلنا إن الشيخ قد أصل لنهضة علمية حقيقية كان سيكون لها ما بعدها لولا ظروف الاستعمار وقلة إمكانياته المادية التي وقفت حاجزا إلى اليوم بين الناس وبين علمه.[/font][font="][/font]
[font="]أنشأ العلامة النتيفي مدرستين، أولاهما «بتخلنت» والثانية بالبيضاء أطلق عليها اسم «السنة» ومن المدرستين تخرجت ثلة من أهل الفقه والعلم ممن تبوؤوا مناصب قضائية وإدارية في مختلف مدن المغرب، ومنهم العلامة أحمد المنصوري والفقيه عباس المعداني والمؤرخ العبدي الكانوني الذي عاش فصول آخر معركة من معارك البطل موحا أوحمو الزياني، وعشرات غيرهم. لم يتوقف الشيخ عن التدريس في حله وترحاله فقد كان يلقي الدروس على طلبته وهو على ظهر دابته في سفره ويذاكرهم في القضايا العلمية في حجرات الدرس وخارجها وعلى العموم كان شعلة من النشاط لا يعرف الخمول إليه سبيلا.[/font][font="][/font] [font="]كان العلامة النتيفي فقيها اكتملت لديه عدة الاجتهاد، يتناول النوازل بنفس الفقيه المجتهد ولا يركن إلى الجمود الذي غلب على فقهاء عصره، فقد أفتى بجواز الإفطار في رمضان للمشتغلين بالأعمال الشاقة كالحصاد والدراسة وجواز استخدام الحقن في رمضان للمرضى وألف في ذلك كتابه «الإرشاد والسداد في رخصة الإفطار للدارس والحصاد».[/font][font="][/font] [font="]ورد على الوزير الحجوي في مسألة «السيكرو» المتعلقة بالتأمين على المنازل وغيرها وألف في الرد عليه كتاب «المختار عند الأعلام في الحكم على السيكرو بالحرام».[/font][font="][/font] [font="]وتناول قضية الوضوء بالماء المعالج بالكافور في كتابه «الحكم المشهور في طهارة العطور».[/font][font="][/font] [font="]وله اجتهادات كثيرة واكب فيها التطورات التي عرفها عصره، ولم يقف عند حدود التأليف في الفقهيات كما لم يقتصر اهتمامه على ما يتعلق بالمغرب، إذ كان مواكبا للأحداث الدولية مشاركا برأيه في التعليق عليها، فها هو ذا يعلن عن رأيه في القضية الفلسطينية في كتابه «النصر والتمكين في وجوب الدفاع عن فلسطين»، ثم ها هو يناظر رشيد رضا والإمام محمد عبده ويرد عليهما في كتاب «الأبحاث البيضاء في عبده ورشيد رضا».[/font][font="][/font] [font="]وينتقد الشيخ الطنطاوي، ويرد على جريدة العلم بعد تجاوز أحد كتابها لثوابت المجتمع وقيمه، وبالجملة لم يكن معينه العلمي ينضب، حتى فاقت مؤلفاته السبعين.[/font][font="][/font] [font="]إن تحرر الشيخ من قيود المذهبية ودعوته إلى إصلاح المجتمع الذي عششت فيه الخرافة وأضلته البدع، أغرى به شيوخ الزوايا فحاربوه وألبوا عليه السفهاء والغوغاء، ولم يثنه ذلك عن الصدع بالحق فناوأهم بقلمه وألف في تقويم مناهجهم كتبا كثيرة من بينها «الاستفاضة في أن النبي «ص» لا يرى بعد وفاته يقظة»[/font][font="][/font] [font="]وكان أن كلف بالتدريس والخطابة في المسجد المحمدي بالدار البيضاء فاتهموه بترويج معتقدات ضالة بين الناس وعقدت له مناظرة مع خصومه أشرف عليها العلامة بنخضرا السلاوي، فلما سمع حجج العلامة النتيفي انبهر بسعة اطلاعه واستصدر أمرا بعزل مخالفه عن التدريس، فشتان بين الثرى والثريا.[/font][font="][/font] [font="]كان العلامة النتيفي وقورا متواضعا لين الجانب لا يشتد على مخالفيه يبسط الأدلة بأدب جم إلى أن يقنع محاوريه بوجهة نظره، يأسر طلابه بقوة بيانه وسرعة بديهته، وخطبه نافذة إلى قلوب مستمعيه، ظل يعلم الناس الخير إلى أن أصيب بداء عضال ألزمه الفراش، وبعد معاناة مريرة مع المرض أسلم الروح لباريها ليلة الثلاثاء 23 ذي القعدة من عام 1385ه وأوصى بأن يكتب على قبره:[/font][font="][/font] [font="]«هذا قبر الراجي عفو ربه ومولاه، والتارك لدنياه كما أسبلها عليه، لا زاده من ذلك، المرحوم بكرم الله عبد الرحمان بن محمد النتيفي».[/font][font="][/font]
[font="]عبد المؤمن بن علي.. مؤسس دولة الموحدين [/font] [font="]عماد عجوة التجديد : 22 - 08 - 2011[/font][font="][/font] [font="]هو عبد المؤمن بن علي بن مخلوف بن يعلى بن مروان، أبو محمد الكومي نسبته إلى كومية، من قبائل الأمازيغ ولد بمدينة ندرومة قرب تلمسان غرب الجزائر. وفيها نشأ وتعلم، وكان والده صانع فخار يصنع الآنية من الطين، ولد عبد المؤمن بن علي سنة 487ه/ 1094م، أورد لنا المؤرخون المعاصرون له أنه كان أبيض جميلاً، ذا جسم تعلوه حمرة، أسود الشعر، معتدل القامة، جهوري الصوت، فصيحًا جزل المنطق، لا يراه أحد إلا أحبه بديهة، وكان في كبره شيخًا وقورًا، أبيض الشعر، كث اللحية، واضح بياض الأسنان، وكان عظيم الهامة، كان ذا شأن، اجتمع على طاعته أهل المغرب.[/font][font="][/font] [font="]أسس دولة الموحدين من أعظم الدول الإسلامية وأضخمها رقعة وأعظمها قوةً وسلطانًا، وبطلنا من رواد الجهاد الإسلامي في بلاد المغرب الإسلامي بدأ في تأسيس دولته على أسس شرعية ربَّانية، على دعوة العالم الفقيه محمد بن تومرت فنفذ أحكامها الشرعية، هو القائد هو عبد المؤمن بن علي.[/font][font="][/font] [font="]حبه للعلم والعلماء[/font][font="][/font] [font="]نشأ محبًّا للقراءة والدرس، يلازم المساجد لتلاوة القرآن، ودرس شيئًا من الفقه والسيرة النبوية، ثم رحل إلى تلمسان، وكانت من حواضر العلم، وتلقى العلم على عدد من كبار العلماء، في مقدمتهم الشيخ «عبد السلام التونسي» إمام عصره في الفقه والحديث والتفسير.[/font][font="][/font] [font="]ولما بلغ سن العشرين اعتزم الرحيل إلى المشرق، طلبًا للمزيد من المعرفة، وقبل الرحيل سمع بوجود فقيه جليل يتحدث الناس عن علمه الغزير، فاشتاق إلى رؤيته، فاتجه إليه حيث يقيم في بلدة «ملالة» القريبة من «بجاية» بمسافة قليلة. وفي هذا اللقاء أُعجب عبد المؤمن بشخصية العالم الفقيه «محمد بن تومرت» وغزارة علمه وقدرته على حشد الأنصار والأتباع، فتخلى عبد المؤمن بن علي عن فكرة السفر إلى المشرق، ولزم ابن تومرت، ودرس على يديْه، واستطاع أن يقنعه بالبقاء إلى جانبه يطلب العلم على يديه ويعاونه في دعوته القائمة على مقاومة المنكر وإحياء العلم وإخماد البدع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضمه إلى زمرة تلاميذه وأتباعه وجعله على رأس أولئك الأتباع، ففقهه، وصحبه، وأحبه، وأفضى إليه بأسراره لما رأى فيه من سمات النبل، فقال ابن تومرت يومًا لخواصه: هذا غلاب الدول، وكان محمد بن تومرت يقود حملة ضد المنكر، وكان ابن تومرت قد أعد عبد المؤمن بن علي للرئاسة وعلمه ودربه على كيفية النهوض بعبء الخلافة وتنظيم الدولة، والسير بها إلى الأمام.[/font][font="][/font] [font="]والفقيه محمد بن تومرت هو عالم كبير وفقيه متبَّحر، من أعظم الدعاة وأغزرهم علمًا، وأشدهم دهاءً وأقواهم نفسًا وأشدهم تأثيرًا في النفوس، متمكن من علوم القرآن والسنة وأصول الفقه، شديد التقشف والزهد والورع، وكان قد سافر إلى المشرق، وجالس العلماء، وتزهد.[/font][font="][/font] [font="]يقول عبد الواحد المراكشي: إن الفقيه محمد بن تومرت استدعى قبل موته رجال دعوته فحمد الله، ثم قال: إن الله سبحانه وتعالى، وله الحمد منَّ عليكم أيتها الطائفة بتأييده، وخصكم بحقيقة توحيده، فجددوا لله خالص نياتكم، وأروه من الشكر قولاً وفعلاً مما يزكي به سعيكم، واحذروا الفرقة، وكونوا يدًا واحدةً على عدوكم، فإنكم إن فعلتم ذلك هابكم الناس، وأسرعوا إلى طاعتكم، وإن لا تفعلوا شملكم الذل، واحتقرتكم العامة، وعليكم بمزج الرأفة بالغلظة، واللين بالعنف، وقد اخترنا لكم رجلاً منكم، وجعلناه أميرًا بعد أن بلوناه، فرأيناه ثبتًا في دينه، متبصرًا في أمره، وهو هذا- وأشار إلى عبد المؤمن بن علي- فاسمعوا له وأطيعوا ما أطاع ربه، فإن بدل ففي الموحدين بركة وخير، والأمر أمر الله يقلده من يشاء، فبايع القوم عبد المؤمن، ودعا لهم ابن تومرت.[/font][font="][/font]
[font="]ولم تخب فراسة الفقيه محمد بن تومرت، فقد شاءت العناية الإلهية أن يغدو عبد المؤمن بن علي مؤسس دولة الموحدين الحقيقي، واختيار اسم الموحدين لهذه الدولة الوليدة؛ لأنها قامت على إحياء عقيدة التوحيد الخالصة.[/font][font="][/font] [font="]لسان الدين بن الخطيب [/font][font="][/font] [font="]أعلام مغاربة من التاريخ[/font][font="][/font] [font="]المساءالمساء : 03 - 07 - 2012[/font][font="][/font] [font="]يوسف الحلوي[/font][font="][/font] [font="]هو محمد بن عبد الله بن سعيد اللوشي الأصل الغرناطي الأندلسي اشتهر باسم لسان الدين بن الخطيب. ولد سنة 713 ه ووافته المنية سنة 776ه. كان ابن الخطيب طبيبا ومؤرخا وفقيها وفيلسوفا لم يترك فنا يدرس في عصره إلا غاص في مجاهل بحوره وعاد منها بأنفس الدرر، فهو الطبيب حين ألف عن الطاعون «منقذ السائل في المرض الهائل»، والمؤرخ حين يكتب «الإحاطة في أخبار غرناطة»،[/font][font="][/font] [font="]والشاعر حين يهز أبهاء قصور بني مرين وبني الأحمر بمطولاته في مدح ملوكهما ينقش لهم بسحر بيانه في جبين التاريخ ما يخلد ذكرهم بين الورى إلى أن يرث الله الأرض و ما عليها.[/font][font="][/font] [font="]تميز ابن الخطيب في كتابته للتاريخ بمنهج مخالف لمن سبقه، فقد اعتمد على وصف الحالة الاجتماعية والاقتصادية لساكنة البلدان التي أرخ لها دون إغفال الجغرافيا وعادات الناس، وهو ما لم يسبقه إليه من ألف في هذا الفن. ففي «نفاضة الجراب» يقول عن أغمات «ثم أتينا مدينة أغمات في بسيط سهل موطأ لا نشز فيه، ينال جميعه السقي الرغد وسورها محمر التراب».[/font][font="][/font] [font="]ويصف لنا استقبال السلطان في «خطرة الطيف» من قبل بعض السكان «واختلط النساء بالرجال، و التقى أرباب الحجا بربات الجمال، فلم نفرق بين السلاح والعيون الملاح، ولا بين البنود حمر الخدود».[/font][font="][/font] [font="]إن سيرة ابن الخطيب أغنى من أن نحيط بها في مقامنا هذا، ولكن هذا لا يمنع من أن نستعرض أبرز المحطات التي عرفتها حياة الرجل، فهي تقدم بحق صورة نابضة بالعبر عن مرحلة الضعف التي شهدتها بلاد الأندلس على عهد ملوك بني الأحمر قبل أفول نجم المسلمين فيها، بيد أن الضعف السياسي، الذي أرخى سدوله على غرناطة و بلاد المغرب الأقصى بسبب الصراع حول السلطة والمناصب الوزارية، قابلته نهضة علمية كان ابن الخطيب نفسه أحد أعمدتها، فذو العمرين الذي كان يفني نهاره في شؤون السياسة ويهرع إلى التأليف والدرس ليلا خلف ما يفوق ستين مؤلفا في مختلف الفنون و العلوم، وهو إن أخفق في حياته السياسية ولم يبلغ كل مطامحه فلم يخفق في مساره العلمي. لذلك حين نعرض لسيرته فإننا نتحدث عن رجلين لا رجل واحد يفيد أحدهما من موهبة الآخر بقدر ما يكبح جماحها.ألم تكن دسائس القصور ومؤامرات رجال السياسة وبالا على لسان الدين تصرفه عن الإبحار في أسفاره ومؤلفاته وتشغل ذهنه عن التأليف أياما و شهورا؟ ثم كيف لمن يمضي شطرا مهما من عمره بين المصنفات والمراجع أن يضطلع بأعباء الدولة؟ وما أشقها في قصر الحمراء الذي ما كانت تخمد فيه فتنة حتى تشب أخرى.[/font][font="][/font] [font="]عاصر ابن الخطيب ثلة من كبار العلماء بغرناطة وفاس، أخذ عنهم وأخذوا عنه، وقد ترعرع في رحاب قصر الحمراء إلى جوار أبي الحجاج يوسف بن إسماعيل ملك غرناطة فهو سليل بني الوزير ورث الرياسة في السياسة والعلم كابرا عن كابر حتى لقب بذي الوزارتين (وزارة السيف والقلم)، وحين تولى رفيق دربه أبو الحجاج قربه منه وفي ديوانه زبدة رجال غرناطة كأبي الحسن بن الجياب، الذي كان له أبلغ الأثر في حياة ابن الخطيب، والعلامة أبو القاسم بن جزي الكلبي، الذي استشهد في موقعة طريف والقاضي محمد بن يحيى الأنصاري شهيد طريف، وأبي عبد الله اللوشي.[/font][font="][/font]
[font="]وخارج أسوار غرناطة اتصل ابن الخطيب بالشريف أبي العباس السبتي وابن خلدون وأبي عبد الله محمد بن مرزوق وجمهور من نوابغ عصره ممن ملأ ذكرهم فاس وغرناطة على حد سواء. أخذ لسان الدين على عاتقه أمانة تذويب الخلاف بين بني مرين وبني الأحمر فسافر لأجل ذلك نحو فاس مرات ومرات وسخر قلمه لهذه المهمة النبيلة تحذوه آمال عظام في إعادة أمجاد الأندلس الغابرة وبذل وسعه لأجل هذه الغاية إلى أن عاجلته المنية، فهاهو يشير على أبي الحجاج بنصرة أبي الحسن المريني في حربه على ملوك الإسبان والبرتغال فيخرج أبو الحجاج على رأس جيش مؤلف من جند غرناطة وفرسانها المتطوعين للدفاع عن راية الإسلام. ويشاء الله أن يهزم جيش المسلمين في موقعة طريف وأن يفقد ابن الخطيب فيها والده وأخاه في موقعة أبلى فيها المسلمون أفضل البلاء، وكان لهذه الموقعة التي خلدها ابن الخطيب في شعره أثرها في نفسه، فقد حصدت خيرة علماء غرناطة ولم يسلم منها أمراء المسلمين، الذين كانوا في طليعة الجيش، إذ وقع تاشفين بن أبي الحسن في الأسر ومثل بزوجتيه عائشة وفاطمة أبشع تمثيل بعد قتلهما وهما تقدمان أروع مثال على شجاعة المرأة المسلمة في ساح الوغى.[/font][font="][/font] [font="]وعلى قدر الأمل الذي راود ابن الخطيب في معركة طريف على قدر رزيته بعد أن أسفرت رحاها عن هزيمة المسلمين فينطلق لسانه مدفوعا برغبة التنفيس عن الآلام المخزونة في صدره ليصف هول الفاجعة:[/font][font="][/font] [font="]خطب تأوبني يضيق لهوله [/font][font="][/font] [font="]رحب الفضا وتهي لموقعه الربى[/font][font="][/font] [font="]لو كان بالورق الصوادح في الدجى[/font][font="][/font] [font="]ما بي لعاق الورق عن أن تندبا[/font][font="][/font] [font="]لا كان يومك يا طريف فطالما[/font][font="][/font] [font="]أطلعت للآمال برقا خلبا[/font][font="][/font] [font="]ورميت دين الله منك بفادح[/font][font="][/font] [font="]عم البسيط مشرقا و مغربا[/font][font="][/font] [font="]وتأبى المصائب أن تأتي فرادى، فقد أصاب الطاعون غرناطة وأخذ شيخ ابن الخطيب، ابن الجياب، فكان ذلك باعثا للطبيب الكامن في دواخل لسان الدين كي يؤلف في هذا الوباء الفتاك «منقذ السائل في المرض الهائل». ويخلو قصر الحمراء من علم ابن الجياب فلا يسد مسده غير تلميذه النجيب لسان الدين، وما أن يتهيأ للاضطلاع بمسؤوليات شيخه حتى تعترض سبيله عقبة كؤود، فهذا أبو الحسن المريني يتوفاه الأجل، فيلجأ ولداه أبو سالم وأبو الفضل إلى كنف الحجاج فرارا من أبي عنان ملك فاس الجديد، مما أثار حفيظة أبي عنان فأرسل إلى أبي الحجاج رسالة وعيد ارتعدت لها فرائصه، كيف لا وأبو عنان واحد من ملوك المغرب الذين يحسب لهم ملوك الإسبان وملوك قشتالة وليون والبرتغال ألف حساب. ويزداد الوضع خطورة حين يشتري أبو الفضل عون الإسبان بمعسول الأماني والوعود وينزل بمعيتهم بشواطئ سوس لإحداث الفوضى بالمغرب، إلا أن أبا عنان أجهض مساعيهم، وهنا تظهر موهبة لسان الدين فينتقي من عيون الكلم رسالة جعلت أبا عنان يترنم طربا كلما تدبر شيئا من معانيها «و إنا من لدن صدر عن أخيكم أبي الفضل ما صدر من الانقياد لخدع الآمال والاعتزاز بموارد الآل، وفال رأيه في اقتحام الأهوال وناصب من أمركم السعيد جبلا قضى الله له بالاستقرار والاستقلال ومن ذا يزاحم الأطواد ويزحزح الجبال». وما إن ينهي أبو عنان الرسالة حتى يذهب به سحر مضامينها كل مذهب، وهو الشاعر العالم الذي يعرف للكلمة قدرها و يحسب لوقعها حسابه.فينظر إلى خاصته قائلا: «كذلك ينبغي أن يكتب الكتاب أو فليكسروا أقلامهم»، وبذلك تنتهي الجفوة بين بني الأحمر وبني مرين وتعود الأمور إلى سابق عهدها ومن ثم يؤسس ابن الخطيب للبيان دولة ترتفع فوق تيجان الملوك يخضعون لسحرها كما لا يخضعون لسطوة السيف.[/font][font="][/font]
[font="]وتمضي الأيام فإذا الحمراء أمام رجة أخرى كادت تأتي على بنيانها، فقد اغتيل أبو الحجاج صبيحة العيد وهو يؤدي الصلاة سنة 755 ه، وكانت وفاته كارثة عظمى اجتاحت غرناطة إذ فقدت فيه رجلا تواقا للمجد رغم ضعف الإمكانيات، وقد خلف ثلاثة أولاد هم قيس ومحمد وإسماعيل، وكانت أم إسماعيل أحب نسائه إليه، أخذت منه في حياته وعدا بتولية ابنها، فكادت تشعل في الأندلس فتنة شبيهة بتلك التي أوقدت نارها زبيدة في بغداد، لكن ابن الخطيب حال دون ذلك، إذ وقف بمعية الحاجب رضوان سدا منيعا أمام مؤامرات أم إسماعيل وكانا سببا في تنصيب معمد الغني بالله على عرش غرناطة، وقد تفاقم خطر الإسبان بعد موت أبي الحجاج فاتجه ابن الخطيب صوب فاس للحصول على دعم ملكها أبي عنان، فمن لجحافل المسيحيين الذين يتربصون بآخر معاقل الوجود الإسلامي في الأندلس الدوائر غير ملوك المغرب وفرسانه يذكرونهم بأيام الزلاقة والأرك وأمجاد يعقوب المنصور المريني. يقول أبو القاسم السبتي عن هذه السفارة «لم يجر في أخبار من سفروا للملوك أنهم أجيبوا إلى أغراض سفارتهم قبل بسطها والخوض فيها غير ابن الخطيب». فما هو إلا أن طرق مسامع أبي عنان مديح لسان الدين فيه حتى بشره بإجابته إلى كل ما يريد.وماذا يريد ابن الخطيب غير وعد شريف بالدفاع عن حوزة غرناطة إذا أرادها عدوها وعدو المغرب بسوء؟![/font][font="][/font] [font="]ومرة أخرى تعصف المؤامرات والدسائس باستقرار غرناطة فينقض أبو عبد الله محمد بن إسماعيل على الغني بالله وينصب أخاه إسماعيل على عرش غرناطة بعد أن سفك دم رضوان الحاجب. وقد بذل أبو عبد الله هذا جهده في استمالة ابن الخطيب ليضفي بعضا من الشرعية على نظام حكمه، إلا أن لسان الدين آثر السجن على ممالأة القتلة. وقد تزامن انقلاب أبي عبد الله مع اغتيال أبي عنان وتولي أخيه أبي سالم. وكان أبو سالم محبا لابن الخطيب، فلم يرضه أن يتركه في أغلاله فبعث لأبي عبد الله يسأله بأن يطلق سراح لسان الدين وأن يخلي بين الغني بالله المحاصر في وادي آش وبين اللحاق به في فاس، فأذعن أبو عبد الله على مضض، خاصة بعد قتله إسماعيل و اضطراب أحوال غرناطة من حوله. وفي كنف أبي سالم لقي لسان الدين من حسن الجوار ما أنساه وحشة السجن وثقل أغلاله. ويذكر التاريخ هنا أن لسان الدين نزع نحو التصوف وزهد في الدنيا ومتاعها بعد أن خبر من قسوة الدهر ما زعزع ثقته في دوام النعماء ولين العيش، فهجع إلى كتبه يأنس إليها بعد أن استوحش من مصائب السياسة و تقلباتها، وهنا تنقل بين مراكش وسلا وفاس، وتوطدت أواصر الصداقة بينه وبين ابن خلدون. وعلى قبر المعتمد بأغمات، الذي قسا عليه الدهر تماما كما قسا على لسان الدين، كتب شاعرنا قصيدته الخالدة التي يجدها الزائر لقبر ابن عباد منقوشة داخل ضريحه إلى اليوم:[/font][font="][/font] [font="]قد زرت قبرك عن طوع بأغمات[/font][font="][/font] [font="]رأيت ذلك من أولى المهمات[/font][font="][/font] [font="]لم لا أزورك يا أندى الملوك يدا[/font][font="][/font] [font="]ويا سراج الليالي المدلهمات[/font][font="][/font]
[font="]ثم اتصل لسان الدين بالزاهد أبي العباس بن عاشر فتأثر به ولزم قبور بني مرين بشالة لا يبرحها وكأنه استيأس من إصلاح حال الأندلس فاستعاض عن أمجاد الحكم والسلطان بأمجاد اليراع التي لا تبلى.غير أن الحمراء التي لا تهدأ لفظت أبا عبد الله الذي فر إلى ملوك إسبانيا لا يلوي على شيء ففتكوا به، وعاد الغني بالله إلى عرشه ولم ينس أيادي ابن الخطيب فبعث في طلبه وألح عليه. وبعد تردد عاد ابن الخطيب وقد عاودته أحلامه القديمة وأبرقت الأماني أمام عينيه مجددا تنير له طريق المجد والسؤدد. وفي غرناطة أصبحت له اليد الطولى في تصريف شؤون البلاد والعباد لا ينازعه في ذلك منازع، فأغاظ ذلك أقرب مقربيه فراحوا يدسون له ويغرون الغني بالله به بعد تعاظم نفوذه ويصورونه له خطرا داهما على عرشه وقد كان سببا في توطيد دعائمه إلى عهد قريب، فما أسرع ما ينسى من كان في مقام الأمر والنهي أيادي غيره عليه. وقد أحس لسان الدين من الغني بالله جفوة لم يعهدها وما هو إلا أن بدأ في البحث عن أصل هذه الجفوة حتى تجلت له الحقيقة بغيضة ذميمة الوجه، فليس غير صنيعته وتلميذه المقرب ابن زمرك من تولى كبر الدس عليه يمالئه أبو الحسن النباهي المالقي، الذي كان للسان الدين عليه أيادي سابغات، فضاق شاعرنا بغرناطة ذرعا وبأهلها وكان في الماضي لا يصبر على فراقها، فكتب إلى السلطان عبد العزيز يخبره برغبته في الالتحاق به فاستقبله هذا استقبال الملوك وأنزله منه بأكرم منزلة، وكذلك كان لسان الدين ملكا في دولة الأدب لا ينافسه في مملكته أحد. وفي كنف السلطان عبد العزيز عاوده حلم إعادة الاستقرار لمهوى الفؤاد ومرتع الصبا، فأشار على السلطان عبد العزيز بغزو الأندلس تأسيا بسلفه يوسف بن تاشفين، غير أن المرض لم يمهل السلطان فأرداه ولم يكن لعبد العزيز غير صبي لما يبلغ الحلم فرفض علماء فاس بيعته، وكان الوصي عليه الوزير أبو بكر بن غازي من محبي ابن الخطيب، فلم يأل جهدا في رد كيد خصومه والوقوف في وجه أطماعهم في النيل من ذي الوزارتين، ولما ثار الناس على ابن غازي والخليفة الصغير أبي زيان سخر ابن الخطيب قلمه في الدفاع عن صديقه وابن ولي نعمته فألف كتابه «إعلام الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام»، وتنكرت الأيام لابن الخطيب كعادتها وقلبت له ظهر المجن فلم يصمد ابن غازي أمام حملة عبد الرحمان بن أبي يفلوسن وأحمد بن إبراهيم طويلا، إذ سرعان ما سيتمكنان، بدعم من الغني بالله، من دخول فاس واعتقال ابن الخطيب ليوافيهم ابن زمرك بفاس ليشفي غل صدره من شيخه وأستاذه. اتهم ابن الخطيب بالزندقة والإلحاد ومخالفة أحكام الشريعة والاستخفاف بها، وقد شحذ القاضي أبو الحسن أحقاده لتنميق صكوك الاتهام في حق من رفعه لسنيات الرتب أيام عزه، وكان صدر النباهي يموج حقدا على لسان الدين، خاصة بعد أن ألف في الرد عليه كتابه «خلع الرسن في وصف القاضي أبي الحسن»،[/font][font="][/font] [font="]فامتدت إليه أيادي خصومه بسجنه في مدينة فاس فخنقته ثم دفن بها. ولم يشف كل ما تقدم صدور أعدائه منه فنبشوا قبره وأحرقوا جثته، وما زالت باب المحروق اليوم شاهدة على شناعة صنيعهم. وقبيل وفاته رثى ابن الخطيب نفسه وقد استيقن أن من بفاس يومها لا يرثيه منهم أحد، فهم بين حاقد عليه راض بما آل إليه حاله، وبين خائف من خصومه لا يجرؤ على إغضابهم :[/font][font="][/font] [font="]بعدنا وإن جاورتنا البيوت[/font][font="][/font] [font="]وجئنا بوعظ ونحن صموت [/font][font="][/font] [font="]وأنفاسنا سكنت دفعة[/font][font="][/font] [font="]كجهر الصلاة تلاه القنوت[/font][font="][/font] [font="]وكنا شموس سماء العلا[/font][font="][/font] [font="]غربنا فناحت علينا السموت[/font][font="][/font] [font="]فقل للعدا ذهب ابن الخطيب[/font][font="][/font] [font="]وفات من ذا الذي لا يفوت[/font][font="][/font] [font="]ومن كان يفرح منهم له[/font][font="][/font] [font="]فقل يفرح اليوم من لا يموت[/font][font="][/font]
[font="]محمد بن إبراهيم.. صاحب النكت والسخرية اللاذعة والمواقف الطريفة [/font][font="][/font] [font="]عاش حياة هادئة لأنه لم يكن يقحم نفسه في ما يقلق راحته[/font] [font="]عزيز العطاتري المساء : 03 - 08 - 2012[/font][font="][/font] [font="]رجال صدقوا ما عاهدوا الله والشعب عليه، منهم من لقي ربه ومنهم من ينتظر. أسماء دوى صداها في أرجاء المدينة الحمراء وخارجها وشمخوا شموخ صومعة «الكتبية» أو أكثر،[/font][font="][/font] [font="]وبصموا بأناملهم وكتبهم تاريخا ظل عصيا على المحو. لكن فئة قليلة من الجيل الحالي من تعرفهم أو تعرف إنجازاتهم. غير أن الذين عاصروهم أو الذين تتلمذوا على أيديهم يعتبرون أن هذا الرعيل صنع ما لم يصنعه أحد ممن سبقوهم كل في تخصصه. «المساء» نبشت في ذكرياتهم في مراكش وخارجها، وجالست من بقي منهم على قيد الحياة، واستمعت إلى تلامذتهم، الذين لا زالوا يعيشون جمالية تلك اللحظات التي لازالت منقوشة في أذهانهم وقلوبهم. [/font][font="][/font] [font="]عرف محمد بن إبراهيم بولعه بالشطرنج و«الضامة» والورق، ويتقن هذا النوع الأخير أفانين وحيلا، فكانت خفة يده في لعبها تخيل للبعض أنها تدخل في باب الشعوذة. كما اشتهر شاعر الحمراء بنكته البارعة، حتى ذاع صيته بين الناس، والواقع أن لعبه بالكلام سببه حضور البديهة وسرعة الخاطر. وقد كان شاعر الحمراء يفتعل نكتا افتعالا ويختلق بعضها من المواقف وينسج لها قصة محبوكة تجعل المستمع يخيل إليه على أنها من وحي الواقع.[/font][font="][/font] [font="]اللعب بالكلام[/font][font="][/font] [font="]كثيرة هي نكت محمد بن إبراهيم المعروف ب«شاعر الحمراء»، منها أنه قال: «كنت أيام اشتداد الأزمة المغربية، وقبيل خلع السلطان محمد الخامس رحمه الله بقليل، كتبت للطلبة قصيدة المعتمد بن عباد، التي يقول فيها:[/font][font="][/font] [font="]لما تماسكت الدموع [/font][font="][/font] [font="]وتنهنه القلب الصديع[/font][font="][/font] [font="]قالوا: الخضوع سياسة[/font][font="][/font] [font="]فليبد منك لهم خضوع[/font][font="][/font] [font="]وألذ من طعم الخضو [/font][font="][/font] [font="]ع على فمي السم النفيع[/font][font="][/font] [font="]فكان أن اطلع على دفتر أحد طلبته، وكان ابنا لصديق له، فوسوس له الخوف أن ذاك في السياسة، ولاقيته بعد ذلك بأيام، فبادرني قائلا: وبلهجة المحذر المشفق «نفد الشعر كله، ضاعت القصائد ، فقدت القطعات إلا قصيدة ابن عباد، التي هي واقع المغرب السياسي، ماذا يريد الفرنسيون من جلالة الملك، سوى أن يخضع. ولم يريدون خلعه؟ ليس لشيء إلا لأنه أبى الخضوع إباء» فراعني وسواسه، وقلت مجاملا: «أشكر لك إشفاقك علي، ونظرك لي غير أني غفلت عما فطنت له. وكما يقول الناس:«نيتي تخرجني»، فقال على الفور «من المدرسة، أردت أن تخلصني وتنجيني»، فحاد شاعر الحمراء بالكلمة عن معناها وضمنها معنى «تفصلني وتنجيني» فاستقام له التنكيت بهذه الألفاظ.[/font][font="][/font]
[font="]هتلر واليهود[/font][font="][/font] [font="]وقال بن إبراهيم في مناسبة أخرى «كان لي سمي يحترف ما احترفه، وكنا معا نسكن حيا واحدا. وكان هذا الزميل يتدخل فيما لا أرتضي التدخل فيه من الأمور. فكان ذلك يضايقني كثيرا، وكنا نتشاجر أحيانا بسبب هذا اللبس، الذي أوقعتنا فيه التسمية والمهنة والسكنى. فاتفق أن اجتمعت وإياه ذات يوم عند نكاتنا. فحدثه أحد الحاضرين بما بيننا وقص عليه البعض ما انتقدته على سميي، فأخذ المسمى يبرر ما لا أحمد من تصرفاته، بطريقة رعناء أبرم بها الشاعر فقال: «لو اتخذ كل واحد منكما لقبا عائليا يمتاز به عن صاحبه لانفض النزاع»، فبادر قائلا: «أجل لقد سبقته إلى ذلك، ولقد لقبت ب «الناجي»، فقال على الفور: ولكن، ما كنت هكذا فأنا أرى أن خصمك هو الذي كان «الناجي».[/font][font="][/font] [font="]وحكي عن بن إبراهيم أنه كان جالسا ذات يوم بأحد المقاهي رفقة أحد أصدقائه، فوقف عليهما بائع متجول من اليهود، وكان خبيثا ماكرا، فجعل يُرغب الشاعر في شراء بعض ما معه، ويلح عليه في ذلك إلحاحا حتى أغضبه، فما كان من شاعر الحمراء إلا أن نهره وطرده. التفت محمد بن إبراهيم إلى جليسه من غير أن ينتبه إلى أن يهوديا آخر كان يجلس إلى جانبه، وقال له: «كان هتلر واحد كافيا، فيما مضى، لينكل باليهود ويسومهم سوء العذاب، فأما اليوم فإن الأمر يتطلب أن يبعث الله على كل واحد من اليهود من الهتالير» فقال اليهودي وقد سمع ما قيل: «ما أقساك على اليهود، فلم تريد لهم ذلك؟»، فرد عليه فورا قائلا: «لأنهم يتسمعون على الناس إذا هم تناجوا أو تحدثوا».[/font][font="][/font] [font="]قصيدة تستفز المستعمر[/font][font="][/font] [font="]موقف طريف لا يخلو من السخرية اللاذعة، التي تميز بها شاعر الحمراء محمد بن إبراهيم. التقى الشاعر بصديق له فرنسي، وهو أحد المقربين من الباشا الكلاوي، في مكان عمومي. كان يعلم ذلك الحانوتي أن الشاعر بن إبراهيم يربي القطط ويعنى بها عناية كبيرة، فجامله، بأن سأله عن قطته الفلانة، فقال «هي بخير»، ليسأله الشاعر بدوره عن كلبه الفلان، فقال الحانوتي: «هو بأحسن حال»، ثم زاد قائلا: «لقد وجدت أن الكلاب تفضل الكثير من بني آدم»، فقال الشاعر «لا سيما إذا كانوا من أمثالك».[/font][font="][/font] [font="]لقد عاش محمد بن إبراهيم حياة بدون أحداث بارزة، ولم يقحم نفسه فيما يتوقع أن يقلق راحته، أو يزعج سكونه، لقد عاش كأولئك الذين يطلبون السلامة، ويبتغون العيش البسيط. ولكن يبقى أهم حدث مر على الشاعر الكبير كان بسبب القصيدة الهجوية التي قالها في باشا فاس ابن البغدادي، الذي نكل بالوطنيين في حادثة الظهير البربري.[/font][font="][/font] [font="]وقد راسل الشاعر صديقا له يدعى عبد الرحمان المعروفي بقصيدته، فأذاعها الأخير بين الناس، وبلغت إلى مسامع المسؤولين فأقلقتهم، ليقوم المدير العام للمكتب العسكري والأشغال الأهلية بالرباط بمراسلة حاكم ناحية مراكش قصد إجراء بحث عن هوية هذا الشاعر الجريء، الذي سلق بلسانه باشا فاس، وعهد إلى عميد الشرطة بالمدينة بإجراء بحث في الموضوع، كانت نتيجته أن التحقيق أشار إلى أن القصيدة نظمت ثأرا لصديق بن إبراهيم بفاس.[/font][font="][/font]
[font="]وقد قال في قصيدته:[/font][font="][/font] [font="]وهل نكر مثل الرعاة تراهم[/font][font="][/font] [font="]غدا نهيهم نهيا وأمرهم أمرا[/font][font="][/font] [font="]وذا الأرعن المشدود بالحبل نصفه[/font][font="][/font] [font="]متى ساس غير الضأن جاز به وعرا[/font][font="][/font] [font="]فأصبح والشكوى إلى الله[/font][font="][/font] [font="]وما المرتجى إلاه أن يكشف الضرا[/font][font="][/font] [font="]يسوس فاس من بينه كرامهم [/font][font="][/font] [font="]فلقلبهم بطنا ويجلدهم ظهرا[/font][font="][/font] [font="]مصاب كذا التاريخ شاء فظاعة[/font][font="][/font] [font="]يحدث عنه القوم من أمم أخرى[/font][font="][/font] [font="]فقل لكثيف الروح هاتيك ضربة[/font][font="][/font] [font="]ملايين قد أضنت بمغربنا عشرا[/font][font="][/font] [font="]الموت بعد الشهادة[/font][font="][/font] [font="]صار الشاعر مدانا بجرأته، لكن السجن سيدخله بسبب موقف سياسي غير مباشر. يحكى أنه لما زار وزير الأشغال العامة مدينة مراكش صحبة الجنرال نوكيس يوم 24 دجنبر 1937، نظمت له الاقامة استقبالا باهرا، لكن فرع الحزب الوطني بالمدينة قام بحشد عدد كبير من الجائعين والبؤساء العراة نساء ورجالا وأطفالا هتفوا بسقوط نظام الحماية.[/font][font="][/font] [font="]وقد اعتقلت السلطات مئات المتظاهرين، وفي يوم 26 من الشهر نفسه استؤنفت المظاهرات، فأطلق الجنود الرصاص ليتم القبض على خمسة من قادة الحزب. وفي مساء اليوم نفسه كان شاعر الحمراء غاضبا هائجا بسبب ما جرى، خرج بن إبراهيم إلى أحد شوارع المدينة في حدود الساعة الواحدة ليلا فالتقى أحد المخبرين فلطمه وسبه فوشى به الأخير فاعتقل أياما قليلة. مرت الأيام وحج الشاعر إلى بيت الله الحرام، واستمع الأمير عبد العزيز بن سعود إلى قصائد شاعر الحمراء. إلى أن وافته المنية، بعد ضغط دموي فجر الدم من أنفه. ليموت الشاعر سنة 1954بعد أن لفظ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.[/font][font="][/font] [font="]سيرة الشيخ امحمد بناصر الدرعي رضي الله عنه.[/font][font="][/font] [font="]1) نسبــــه:[/font][font="][/font] [font="]هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن ناصر بن عمرو بن عثمان بن ناصر بن أحمد بن علي بن سليم بن عمرو بن أبي بكر بن المقداد بن إبراهيم بن سليم بن حريز بن حبيش بن كــــلاب بن ابي كلاب بن إبراهيم بن أحمد بن حامد بن عقيل بن معقل بن الهراج بن محمد بن جعفر الآمـــر بن إبراهيم بن عرابي بن محمد الجود بن علي الزينبي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب .بينه وبين جعفر بن أبي طالب اثنان وثلاثون ابا.[/font][font="][/font] [font="]2) ولادته نشأته وكده في طلب العلم : [/font][font="][/font] [font="]ولد رضي الله عنه يوم الجمعة في رمضان 1011هـ/1602م بأغلان.ونشأ في كنف والده سيدي محمد بن أحمد .وكانت أمه من الصالحات القانتات. وأقرأه والده القرآن الكريم ولم يزل في تربيته إلى أن أدرك وبلغ مبلغ الرجال فقام بأمور أبيه أحسن قيام واجتهد في ذالك غاية الاجتهاد فكان يقوم على عقار أبيه بأغلان وينفق على أمه وإخوته في غياب أبيه إلا أن ذالك لم يمنعه من تعلم العلم والقيام بأمر دينه.[/font][font="][/font] [font="]ابتدأ تعلم اللغة العربية على يد شيخ الجماعة العالم الصالح علي بن يوسف الدرعي وكذا الفقه وما التحق به.وسافر الشيخ في طلب العلم زمانا فلما عاد إلى أغلان ترتب إماما بجامعها الأعظم وسنه يومئذ بضع وعشرون سنة ثم تصدر للخطابة والتدريس فيه فعظم في أعين الناس وعرف بالعلم والدين وصارت له وجاهة عند أهل عصره من الملوك.[/font][font="][/font]
[font="]3) ظروف انتقاله إلى تمكروت وكيفية التقائه بالشيخين الجليلين عبد الله بن حساين القباب وأحمد بن إبراهيم الأنصاري رضي الله عنهما :[/font][font="][/font] [font="]لما بلغ رضي الله عنه من العلم والدين والجاه عند العامة والخاصة ما بلغ ترقت همته إلى الدخول في طريق القوم فصار يبحث عن شيخ يصلح للتربية ليأخذ عنه .فبحث عنه في قرى وادي درعة قرية قرية وبعد مدة أخبره صهره السيد محمد بن عبد القادر الحربيلي الساحلي بأنه رأى بتامكروت رجلين صالحين تابعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهما سمات الخير والصلاح فقدم إلى تمكروت وكان سنه يومئذ نحو 27 سنة فوافاهما وقد حانت صلاة المغرب فصلى معهما فلما سلما شرعا في قراءة :لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. فقال في نفسه هذه سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم. فخلا رضي الله عنه بسيدي أحمد بن إبراهيم وقال له إني أريد أن تذهب معي إلى الشيخ عبد الله ليلقنني الورد الشادلي فذهب معه[/font][font="][/font] [font="]إلى الشيخ عبد الله بن حساين فلقنه الذكر وأعجب به فرغب في معاشرته وتعليمه العلم في زاويتهما فلبى لهما رغبتهما واستقر بالزاوية بعد أن جلب والده وأخوه سيدي حساين من أغلان .وكان ذالك سنة 1040هـ/1631م.[/font][font="][/font] [font="]4) ظروف انتقال أمر الزاوية إليه واشتغاله بنشر العلم:[/font][font="][/font] [font="]فشرع رضي الله عنه في تعليم العلوم ونشرها كما كان في زاويته القديمة في أغلان حيث أخذ عنه العديد من كبار علماء ذالك العصر من أمثال :العلامة أبو الحسن علي اليوسي و العلامة أبو سالم العياشي والعلامة القاضي الأعدل عبد الملك بن محمد التاجموعتي والفقيه عبد الله بن محمد بن إبراهيم الهشتوكي وأبي الحسن علي المراكشي وابن عبد اللطيف الفيلالي وغيرهم .[/font][font="][/font] [font="]ثم أخذ رضي الله عنه في جمع الكتب واقتنائها نسخا وشراء فنسخ بخط يده عدة كتب منها القاموس وشرح المراد على التسهيل وبعض كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه. واهتم بتصحيح الكتب ومقابلتها وكتب الفوائد على هوامشها فداع صيته حتى قال أحد العلماء : لولا ثلاثة لانقطع العلم في المغرب في القرن الحادي عشر لكثرة الفتن التي ظهرت فيه وهم :سيدي امحمد بناصر بتمكروت وسيدي محمد بن أبي بكر الدلائي و سيدي عبد القادر الفاسي بفاس..[/font][font="][/font] [font="]وصبر رضي الله عنه على شظف العيش فكان ينام هو و أهله على التراب لعدم ما يشتري به حصيرا يفرشه ولربما افترش ليفا أو جريد نخل .وأرسل له مرة أحد تلاميذه حصيرا يفترشه فآثر به كتبه على نفسه.[/font][font="][/font] [font="]وفي سنة 1045هـ/1636م توفي الشيخ عبد الله بن حساين وتولى أمر الزاوية بعده سيدي أحمد بن إبراهيم وتولى كذالك تلقين الأوراد .وكان رضي الله عنه يصوم يوما ويفطر يوما حسبما أمره به شيخه وكان لا ينام من ليله إلا قليلا مشتغلا بالصلاة والذكر.ولما توفي رضي الله عنه شهيدا بعد أن قتله بعض حساده في 11جمادلى الأولى سنة 1052هـ/1642م انتقل أمر الزاوية إلى سيدي امحمد بناصر بوصية منه وتوكيله إياه على جميع أموره من بعده ومنها القيام بأمر تربية بناته فتزوج السيدة حفصة بنت عبد الله الأنصارية ليصير محرما لهن ليتم له ذالك ولتقوم له بأمر الزاوية كما كانت عند زوجها الأول سيدي أحمد بن إبراهيم وكان زواجهما سنة 1055هـ/1645م.فولدت منه الشيخ العلامة أحمد بن امحمد بناصر الملقب بالخليفة.[/font][font="][/font]
[font="]5) منهجيته في تسيير أمور الزاوية وبعض مناقبه:[/font][font="][/font] [font="]ولما أصبح أمر الزاوية بيده التفت عليه الطلبة والمريدون وانتشر ذكره في الآفاق وعلا صيته في البلاد وواقع له الله المحبة والقبول في قلوب العباد حتى خضع له أهل المغرب وكثير من أهل المشرق وأقام بالزاوية على نفع العباد علما وعملا وحالا ومقاما مع كثرة الصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن.وقام بحق الطلبة والمريدين والعيال والمساكين والأرامل والأيتام أتم قيام مع قلة ذات اليد آنذاك.وكان رضي الله عنه آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر لا يخاف في الله لومة لائم ناصرا للدين ناصحا لعباد الله المؤمنين واقفا على حدود الله عارفا بأحكامها .وكان رضي الله عنه ذا سمت ووقار ومهابة حسن الأخلاق بعيد الغضب سريع الرضى وقصده أعلام المغرب وكبراؤه فانتفعوا به وظهرت عليهم بركته .وكان رضي الله عنه معنيا بإظهار السنة وإحيائها وإخماد البدعة وإماتتها وإبطال العوائد المزاحمة للشرع القادحة في العقيدة الدينية والأخلاق المحمدية .وقد روي عنه أنه قال:ما[/font][font="][/font] [font="]علمت حديثا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عملت به ولو مرة واحدة وإن كان مخالفا لمذهب الإمام مالك.[/font][font="][/font] [font="]قال عنه العلامة سيدي محمد المكي بن موسى الناصري في كتابه الدرر:كان الشيخ رضي الله عنه جوادا فياضا يقسم على جيرانه وساكني زاويته بل وغيرهم من أهل درعة ممن لم يسكن الزاوية الأضحية كل عيد والصوف كل عام والسمن والزيت كذالك ولا يدخر عنهم شيئا حتى قال بعض ولده يوما وقد فرق سمنا كثيرا جيء إليه على الجيران والفقراء والمساكين :قد فرقت هذا السمن كله فما تركت لنا ؟ فأجابه وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) الآية. وأنشد :[/font][font="][/font] [font="]إذا جادت الدنيا عليك فجد بها على الناس طرا قبل أن تتفلت[/font][font="][/font] [font="]حج رضي الله عنه مرتين .الأولى سنة 1070هـ/1661م. والثانية سنة 1076هـ/1667م.[/font][font="][/font] [font="]6) وفاته رضي الله عنه:[/font][font="][/font] [font="]كانت وفاة الشيخ يوم 16صفر 1085هـ/1676م وهو ابن أربع وسبعين سنة.[/font][font="][/font] [font="]ولم يترك رضي الله عنه دينارا ولا درهما ولا دارا أو عقارا بل تصدق بجميع ذالك قبل موته بل وبما ترك له والده وخرج من الدنيا كما خرج من بطن أمه .وقد عرض عليه أبناء الدنيا دنياهم فما التفت إلى ذالك ولا عرج .وقد البسه الله تعالى عند الملوك مهابة عظيمة عرفها الخاص والعام.[/font][font="][/font] [font="]7) سلسلة الطريقة الناصرية :[/font][font="][/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="] قال الشيخ أحمد بن عبد القادر التستاوتي في النزهة ما نصه :وجد بخط الإمام الأستاذ سيدنا ومولانا محمد بن ناصر رضي الله عنه ما نصه :بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما يقول كاتبه عبد ربه تعالى محمد بناصر الدرعي كان الله له أخذنا طريقة التصوف عن شيخنا سيدي عبد الله بن حساين الرقي عن شيخه أبي العباس أحمد بن علي الدرعي الحاجي عن شيخه سيدي أبي القاسم الغازي الدرعي أهلا السجلماسي دارا عن شيخه أبي الحسن علي بن عبد الله السجلماسي عن شيخه أبي العباس أحمد بن يوسف الملياني الراشدي عن شيخه أبي العباس أحمد زروق الفاسي عن شيخه أبي العباس أحمد بن عقبة الحضرمي عن شيخه أبي الحسن عن الفرابي عن شيخه أبي العباس تاج الدين أحمد بن عطاء الله الإسكندراني عن شيخه أبي العباس أحمد المرسي عن شيخه أبي الحسن الشاذلي عن شيخه أبي محمد عبد السلام بن مشيش رضي الله عنهم وعنا بهم آمين .عن شيخه سيدي عبد الرحمن الزيات المدني عن شيخه تقي الدين الفقير عن شيخه القطب فخر الدين عن شيخه القطب نور الدين عن شيخه القطب تاج الدين عن شيخه القطب شمس الدين عن القطب زين الدين القزويني عن القطب إبراهيم البصري عن القطب أحمد المرواني عن القطب سعيد عن القطب فتح السعود عن القطب سعد الغزواني عن القطب سبط النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ومجد وعظم.[/font][font="][/font]
[font="] [/font] [font="]8) الطريقة الناصرية :[/font][font="][/font] [font="]أ) شروط الدخول في الطريقة:[/font][font="][/font] [font="]- التقوى واتباع السنة ومخالفة الهوى وشهود المنة.[/font][font="][/font] [font="]- الاعتماد على الله في الرزق لأنه هو الرزاق ذو القوة المتين.[/font][font="][/font] [font="]- لا ترجوا ولا تخشوا إلا الله تعالى وأما السبحة والضياقة والخرقة فليس عندنا فيهن رواية وإنما طريقنا الذكر وهو نحو ما ذكر الشيخ السنوسي في آخر شرح العقيدة الصغرى فإن أردتم الدخول في السلسلة فصححوا التوبة بشروطها وعليكم بتقوى الله والتوكل عليه في جميع الأمور و التأهب ليوم النشور والتزود لسكنى القبور.(من كلام الشيخ امحمد بناصر رضي الله عنه) .[/font][font="][/font] [font="]ب ) الورد الناصري :[/font][font="][/font] [font="]يكون بعد الفراغ من الأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح وهو :[/font][font="][/font] [font="]- أستغفر الله 100 مرة.[/font][font="][/font] [font="]- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى أله وصحبه وسلم تسليما 100مرة.[/font][font="][/font] [font="]- لا إله إلا الله 1000مرة مع زيادة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تمام كل مئة . أما المرأة فتكتفي ب100لا إله إلا الله ( الهيللة).أما وقته فمن الصبح إلى الصبح وأفضل الأوقات هو من الصبح إلى طلوع الشمس.[/font][font="][/font] [font="]ومن استطاع ألا يفتر لسانه عن لا إله إلا الله فهو الكمال والمختار.[/font][font="][/font] [font="]- اختتام دلائل الخيرات و تنبيه الأنام والغنيمة ثلاث مرات في الأسبوع .[/font][font="][/font] [font="]- ختم القرآن في كل اثني عشر يوما بقراءة خمسة أحزاب كل يوم.[/font][font="][/font] [font="]وزاد الشيخ لبعض تلامذته بعد ورد الصبح وبعد ورد العصر إلى المغرب سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم مئة مرة .لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مئة مرة.سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم مئة مرة.[/font][font="][/font] [font="]ومن قال بعد ورده سبحان الله وبحمده سبحانك اللهم أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يارب العالمين [/font][font="]–[/font][font="]ثلاثا-فكأنما عليه الطبع قال شيخنا.[/font][font="][/font] [font="]9) مقتطفات من أقوال الشيخ رضي الله عنه:[/font][font="][/font] [font="]- سأله أحد المريدين عن الكرامات وحقيقتها فأجاب رضي الله عنه: إذا رأيت رجلا واقفا على حدود الله فلم تبق لك كرامة تراها له فوق ذالك.[/font][font="][/font] [font="]- وقال رضي الله عنه : أول ما يبتدئ به المريد التوبة وهي الندامة والإقلاع والتحول من الحركات المذمومة إلى الحركات المحمودة ولا تصح للعبد حتى يلزم نفسه الصمت ثم الخلوة ولا يصح له لزوم الخلوة إلا بأكل الحلال ولا يصح له أكل الحلال إلا بأداء حق الله ولا يصح له أداء حق الله إلا بحفظ الجوارح ولا يصح له شيء مما ذكرنا حتى يستعين بالله تعالى على ذالك كله.[/font][font="][/font] [font="] [/font]
[font="]- سأله بعض الناس أن يظهر له الفضائل والكرامات التي يظهرها بعض الأولياء لتلاميذهم فقال له :[/font][font="][/font] [font="]أما ما ذكرت من إظهار بعض الأمور لك فليس بيدي شيء من ذالك وإنما ذالك بيد الله ولم أبلغ درجة الأولياء حتى أظهر لأصحابي ما يظهره الأولياء لأصحابهم على أيديهم وإما الناس يحسنون الظن بنا فيعاملهم الله على قدر نياتهم فاتبع سبيل السنة المحمدية يظهر لك ما ليس فيه حساب.[/font][font="][/font] [font="]- وسئل رضي الله عنه عن الحضرة التي هي عادة الفقراء فقال رضي الله عنه :أن الرقص أول من أحدثه أصحاب السامري لعنهم الله .ومن أراد من الفقراء ما ينفعه فليشتغل بتسبيحه أو قراءة القرآن أما الحضرة فلا فائدة فيها. وأما ضرب الرباب والعود وغيرها من الآلات المعروفة عند المداحين والمتصوفة فقد أنكره رضي الله عنه غاية الإنكار.[/font][font="][/font] [font="]- وسئل عن المريد الصادق فقال :علامته خمسة أشياء أولها جسم طاهر من معاصي الله والثاني لسان رطب بذكر الله والثالث فكر دائم في ملكوت الله والرابع روح هائم في جلال الله والخامس قلب ساطع بأنوار الله.[/font][font="][/font] [font="]- ومن كلامه رضي الله عنه : الذكر محتاج إلى القلب والقلب محتاج إلى الذكر لا يستغني أحدهما عن الآخر . فإذا اجتمع الذكر مع القلب تمت الحكمة ولا يصفو الذكر إلا بعد صفاء القلب ولا يصفو القلب إلا بعد المعرفة ولا تصفو المعرفة إلا بعد صفاء التوحيد ولا يصفو التوحيد إلا بعد الخروج من التقليد والعارف دون التوحيد لا يقتدى به في هذه الطريقة.[/font][font="][/font] [font="]- وقال رضي الله عنه : معشر المريدين عليكم بذكر الله العظيم والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة الأولياء فبذكر الله تطمئن القلوب و بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تنور القلوب وبزيارة الأولياء تعرف الطريق إلى الله.[/font][font="][/font] [font="] [/font] [font="]المراجع :[/font][font="][/font] [font="] - طلعة المشتري في النسب الجعفري للشيخ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري.[/font][font="][/font] [font="] - الأجوبة الناصرية للشيخ أبو عبد الله امحمد بناصر الدرعي. [/font][font="][/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="]إنجاز: عبد اللطيف الناصري[/font][font="][/font] [font="] [/font] [font="]بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة السلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد و على اله وصحبه أجمعين[/font][font="][/font] [font="] [/font][font="][/font] [font="]جوانب من تاريخ الزاوية الناصرية بتمكروت[/font][font="][/font] [font="]منذ نشأتها سنة 1675 م إلى بداية القرن الواحد والعشرين[/font][font="][/font] [font="] ******************[/font][font="][/font] [font="] [/font]