تذكر فيه أن الناس قد سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عليهم فإذا جاءك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس عليك إلى العسكر من كراع أو مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين واترك الأرض والأنهار بعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين فإنك لو قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء
في الرجل يعترف متاعه وعبيده قبل أن يقعوا في المقاسم ( قلت ) أرأيت ما كان من أموال أهل الإسلام من عبيد أو غير ذلك وساداتهم غيب أيقسمون ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك ما علموا أنه لأهل الإسلام فلا يقسموه وإن كان ساداتهم غيبا وإن كان أهل الشرك أحرزوهم أو أبقوا إليهم فذلك سواء لا يقسمون شيئا من ذلك إذا هم عرفوا أصحابه وإن لم يعرفوا اقتسموا ( قال ) وقال مالك كل مال يعرف أنه لأهل الإسلام وإن غاب صاحبه عنه فإنه لا يباع في المقاسم إذا عرف صاحبه وإذا لم يعرف قسم ( قلت ) أرأيت ما أحرز المشركون إلى بلادهم من عروض أهل الإسلام ثم غنمه المسلمون فصار في سهمان رجل أيكون هذا الرجل أولى به بالثمن أم لا في قول مالك
وكيف بما أحرزوا من أموال أهل الذمة هم وأهل الإسلام في ذلك كله سواء وكيف إن أحرزوا إحرازا من أهل الذمة فأسلموا على الدار وأهل الذمة في أيديهم أيكونون رقيقا لهم أم يردون إلى ذمتهم ولا يكونون رقيقا لهم في قول مالك ( قال ) قال مالك في الذمي إذا سباه أهل الحرب ثم غنمه المسلمون إنه لا يكون فيئا فأراهم إن أسلموا على الدار وفي أيديهم ناس من أهل الذمة أسارى أنهم يكونون رقيقا لهم ولا يردون إلى ذمتهم وإنما أهل ذمتنا بمنزلة عبيدنا إذا هم أسلموا عليها ( قال ) وأما ما ذكرت لك من أموال أهل الذمة إنهم في ذلك وأهل الإسلام سواء إن أدركوا أموالهم قبل أن تقسم كانوا أولى بها بغير
____________________
(3/13)
________________________________________
شيء وإن أدركوها بعد القسمة أخذوها بالثمن وإن عرف أهل الإسلام إنه أموال أهل الذمة لم يقسموه في الغنيمة ويردونه إليهم إذا عرفوه قالابن القاسم وهذا قول مالك
وأما ما ذكرت من أموال أهل الإسلام فقد أخبرتك فيه بما قال مالك أنه إن أدركه قبل القسمة أخذه بغير شيء وإن أدركه بعد ما قسم كان أولى به بالثمن وإن عرف أنه مال لأهل الإسلام رده إلى أهله ولم يقتسموه إن عرفوا أهله وإن لم يعرفوا أهله فليقتسموه فأموال أهل الذمة مثله ( بن وهب ) عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول أنه قال في رجل من أهل الذمة أصابه العدو وماله فأحرزوه ثم أصابه المسلمون بعد ذلك انه يرد إلى ذمته وأهله وماله ( بن وهب ) عن مسلمة بن علي عمن حدثه عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة الطائي قال أصاب المسلمون ناقة لرجل من المسلمين فاشتراها بعضهم فقال لصاحبها أنت أحق بها بالثمن ( بن وهب ) عن مسلمة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن عبد الله بن عباس قال وجد رجل من المسلمين بعيرا له في المغنم قد كان أصابه المشركون فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن وجدته في المغنم فخذه وإن وجدته قسم فأنت أحق به بالثمن إن أردته ( قلت ) أرأيت إن عرفوا أنه مال للمسلمين ولم يعرفوا من أهله أيقسمونه في الغيبة أم يكون لجماعة المسلمين وهل سمعت من مالك في هذا شيئا قال بن القاسم بلغني عن مالك أنه قال إن عرفوا أهله ردوه إلى أهله وإن لم يعرفوا من أهله قسم بينهم فأموال أهل الذمة مثله ( بن وهب ) عن عبد الله بن عمرو وغيره عن نافع أن فرسا وغلاما لعبد الله بن عمر أخذهما العدو فأخذهما المسلمون فردوهما إلى عبد الله بن عمر ولم يكونا قسما قال بن وهب وأخبرني بن لهيعة عن سليمان بن موسى أن رجاء بن حيوة حدثه أنعمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح أو إلى معاوية بن أبي سفيان يقول ما أحرز العدو من أموال المسلمين ثم غنمها المسلمون من العدو فما اعترفه المسلمون من أموالهم قبل أن يقسم فهو مردود إليهم ( بن وهب
____________________
(3/14)
________________________________________
عن بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن زيد بن ثابت مثله ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن بكير بن الأشج وخالد بن أبي عمران عن سليمان بن يسار مثله ( بن وهب ) عن رجال من أهل العلم عن أبي بكر الصديق وعبادة بن الصامت ويحيى بن سعيد وربيعة انهم كانوا يقولون مثل ذلك ( بن وهب ) عن إسماعيل بن عياش عن الحسن عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن بن عباس مثله قال وجد رجل من المسلمين بعيرا له في المغانم قد كان أصابه المشركون فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال إن وجدته في المغانم فخذه وإن وجدته قد قسم فأنت أحق به بالثمن إن أردته ( قلت ) أرأيت العبد إذا أبق إليهم أو أسروه أهو عند مالك سواء ( قال ) قال مالك هو سواء ( قلت ) وإن أدركهما أدرك هذا الذي أبق أو هذا الذي أسره أهل الحرب بعد ما قسما في الغنيمة لم يأخذهما إلا بالثمن قال نعم ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أبق منه عبده أليس يؤمر من أخذه أن يرده على سيده في قول مالك قال نعم ( قلت ) فما بال هذا الذي أبق إلى دار الحرب لم لا يؤمر من صار العبد في يديه أن يرده إلى سيده ( قال ) هذا حين أبق إلى أرض الشرك قد أحرزوه ( قال بن القاسم وبلغني عن مالك أنه قال ما أحرز أهل الشرك من أموال المسلمين فأتوا به ليبيعوه قال مالك لا أحب لأحد أن يشتريه منهم ( قلت ) أرأيت ان أحرز أهل الشرك جارية لرجل من المسلمين فغنمها المسلمون ثم صارت في سهمان رجل فاعتقها أو اتخذها أم ولد ( قال بن القاسم ) يمضي عتقها وتكون أم ولد لمن ولدت منه ولا ترد على صاحبها الأول ( قلت ) أرأيت إن صارت في سهمان رجل من المسلمين فعلم أنها لرجل من المسلمين أيحل له أن يطأها في قول مالك ( قال ) لا ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن سمعت مالكا يسئل عن الرجل يصيب الجارية أو الغلام في المغنم ثم يعلم بعد ذلك أنه لرجل من المسلمين قال ان علم فليرده إليه يريد بقوله هذا يعرضه عليه حتى يأخذه أو يتركه فهذا يدلك على أنه لا يطأ ( قلت ) أرأيت إن
____________________
(3/15)
________________________________________
اشتراها رجل من العدو الذين أحرزوها أيحل له أن يطأها ( قال ) إن علم أنها للمسلمين فلا أحب له أن يطأها في بلاد الحرب اشتراها أو في بلاد المسلمين
في التاجر يدخل بلاد الحرب فيشتري عبيدا لأهل الإسلام ( قلت ) أرأيت لو أن عبيدا للمسلمين أحرزهم أهل الحرب فدخل رجل من المسلمين بلادهم بأمان فاشترى أولئك العبيد منهم أيكون لساداتهم أن يأخذوهم من هذا الذي اشتراهم بغير ثمن أم لا ( قال ) قال مالك لا يأخذونهم إلا بالثمن الذي ابتاعهم به
( قلت ) وكذلك العبيد لو كانوا هم الذين أبقوا إلى بلاد الحرب فاشتراهم هذا الرجل ( قال ) قال مالك في العبيد إذا وقعوا في المغانم ان الآبق وغير الآبق سواء ليس لساداتهم أن يأخذوهم إلا بالثمن ( قلت ) أرأيت لو أن أهل الحرب أحرزوا عبيدا للمسلمين ثم دخل رجل أرض الحرب بأمان فوهبهم أهل الحرب لهذا الرجل أو باعوهم منه ثم خرج بهم إلى بلاد المسلمين أيكون لساداتهم أن يأخذوهم من هذا الرجل بغير شيء في قول مالك ( قال ) إن كانوا وهبوهم له ولم يكافئ عليهم فذلك لهم وأما ما ابتاعه فليس لهم أن يأخذوهم إلا أن يدفع إليه الثمن الذي ابتاع به المشتري وكذلك إن كافأ عليهم لم يكن لسيدهم أن يأخذهم إلا بعد غرم المكافأة التي كافأ بها وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت إن كان قد باعه هذا الذي اشتراه من أرض الحرب من رجل آخر أو باعه الذي وهب له ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن ينفذ البيع ويرجع صاحبه بالثمن على الذي وهب له فيأخذه منه قال سحنون وقال غيره ينقض البيع ويرد إلى صاحبه بعد أن يدفع إليه الثمن ويرجع به على الموهوب له فيأخذ منه ما أخذ قال بن القاسم وأما الذي ابتاعه فأرى له الثمن الذي بيع به لصاحب العبد المستحق بعد أن يدفع الثمن الذي ابتاعه به المشتري ( قلت ) أرأيت إن اشتريت رجلا من المسلمين حرا اشتريته من المشركين أسيرا في أيديهم بغير أمره أيكون لي أن أرجع عليه بالثمن الذي
____________________
(3/16)
________________________________________
اشتريته به قول قول مالك قال نعم على ما أحب أو كره ( قلت ) أرأيت إن اشتريت أم ولد لرجل من المسلمين من أرض الحرب قد كانوا أسروها ( قال ) قال مالك أرى أن يتبع سيدها بالثمن الذي اشتراها به على ما أحب أو كره ( قال ) لأن مالكا قال لي في أم ولد المسلم إذا سباها العدو ثم اشتراها رجل من المغنم بم يأخذها سيدها أبقيمتها أم بالثمن الذي اشتراها به
قال مالك بل بالثمن الذي اشتراها به وإن كان أكثر من قيمتها
قال مالك ويجبر السيد على أخذها ( قال مالك ) ولو لم يكن عند سيدها الثمن رأيت أن تدفع إليه ولا تقر في يد هذا يطأ أم ولد رجل أو ينظر إلى ما لا يحل له ويتبع بثمنها سيدها دينا عليه ( قال ) وقال مالك في أم ولد رجل سباها العدو ثم بيعت في المقاسم فاشتراها رجل فاعترفها سيدها ( قال ) أرى لمشتريها على سيدها الثمن الذي اشتراها به كان ذلك أكثر من قيمتها أو أقل وأرى إن لم يجد عنده شيئا أن يقبضها سيدها ويكتب ذلك دينا عليه ولا ينبغي أن تترك أم ولد رجل عند رجل لعله يخلو بها ويرى منها ما لا ينبغي له ( بن وهب ) عن إسماعيل بن عياش عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في حرائر أصابهن العدو فابتاعهن رجل فلا يصبهن ولا يسترقهن ولكن يعطيهن أنفسهن بالذي أخذهن به ولا يزاد عليهن ( بن وهب ) وقال ذلك عبد الكريم وإن كانت من أهل الذمة فكذلك ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح أنه قال من ابتاع أسيرا من المسلمين حرا من العدو فهو حر وعليه ما اشتراه به ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد أنه سأل بن شهاب عن رجل عرف أم ولده في أرض الروم وقد خمست وأعطى أهل النفل نفلهم والقوم الذي لهم ( قال ) نرى إن قد أحرزها العدو حتى عادت فيئا للمسلمين فنرى أن يأخذها بقيمة عدل من أجل ما فيها من الرق ولو كانت عتقت رأيت أن لا تؤخذ فيها فدية ولا يسترق أحد أعتقه الله من المسلمين حين يفيئه الله عليهم ( بن وهب ) عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال في امرأة من أهل الذمة يسبيها العدو ثم اشتراها منهم رجل من المسلمين فأراد أن
____________________
(3/17)
________________________________________
يطأها ( قال ) لا يطؤها ويكون له الثمن الذي أعطى فيها وهي على أمرها
في الذمية والمسلمة يأسرهما العدو ثم يغنمهما المسلمون وأولادهما ( قلت ) أرأيت المرأة من أهل الذمة يأسرها العدو فتلد عندهم أولادا ثم يغنمها المسلمون أيكون أولادها فيئا أم لا يكونون فيئا قال بن القاسم أرى أولادها يمنزلتها لا يكونون فيئا وإنما هي بمنزلة الحرة المسلمة تسبى فتلد أولادا فإن أولادها بمنزلتها ( قلت ) أرأيت المرأة المسلمة تسبى فتلد عند أهل الحرب فتغنم ومعها أولاد صغار أو كبار والأمة تسبى فتلد عندهم فتغنم ومعها أولاد صغار أو كبار ( قال بن القاسم ) أما الحرة المسلمة فما سبيت به من ولد صغير فهو بمنزلتها وما كان من ولد كبير قد بلغ وقاتل واحتلم فأراهم فيئا وأما ما سبيت به الامة من ولد صغير أو كبير فهو لسيدها ولا يكون شيء من ولدها فيئا وهذا رأيي
في الحربي يسلم وفي يديه عبيد لأهل الإسلام ( قلت ) أرأيت لو أن عبيدا للمسلمين أسرهم أهل الحرب ثم دخل إلينا رجل من أهل الحرب بأمان والعبيد معه أيعرض له ويؤخذ العبيد منه أم لا في قول مالك ( قال ) لا يؤخذون منه وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت إن دخل بهم هذا الحربي مستأمنا فأسلم عندنا ( قال ) هو حين أسلم فصار من المسلمين فليس لسيدهم أن يأخذهم من قبل أنه كان ممتنعا من المسلمين حين أسلم وهو بمنزلة من أسلم من أهل الحرب على أموال في أيديهم للمسلمين قد أحرزوها عبيدا أو غير ذلك فليس لأهل الإسلام أن يأخذوا من أيديهم شيئا من ذلك بالثمن ولا بالقيمة إن كانوا قد تبايعوا على ذلك بينهم وبين من أسلم منهم على شيء اشتراه أو أحرزه هو نفسه من بلاد المسلمين فهو أولى به ( قلت ) سمعت هذا من مالك ( قال ) لا إلا ما أخبرتك في أم الولد ( قلت ) أرأيت الحربي يدخل دار الإسلام بأمان ومعه عبيد أهل الإسلام قد
____________________
(3/18)
________________________________________
كان أهل الحرب أحرزوهم أيأخذهم سيدهم بالقيمة أم لا ( قال ) لا أرى ذلك له ( قلت ) فإن باعهم من رجل من المسلمين أو من أهل الذمة أيأخذهم سيدهم بالثمن ( قال ) لا أرى ذلك له لأنهم قد كانوا هؤلاء العبيد في يدي الحربي الذي نزل بأمان وسيدهم لا يقدر على أخذهم منه ولا يكون لسيدهم أن يأخذهم بعد البيع ( قلت ) تحفظ هذا عن مالك ( قال ) لا ولكنه رأيي ولا يشبه الذي اشترى من دار الحرب لأن الذي اشترى في دار الحرب لو وهبه لرجل من المسلمين في دار الحرب ثم خرج به إلى بلاد الإسلام أخذه صاحبه بلا ثمن وإن هذا الذي خرج به بأمان هو عبده ولو وهبه لأحد لم يأخذه سيده على حال لأن سيده لم يكن يستطيع أن يأخذه من الذي كان في يديه فكذلك لا يأخذه من الذي وهب له ( قلت ) أرأيت ما غنم أهل الشرك من أهل الإسلام ثم أسلموا عليه أيكون لهم ولا يرد ذلك إلى ساداتهم في قول مالك ( قال ) نعم وهم أحق بما أسلموا عليه وهو عندنا بين ثابت أن ما أسلموا عليه فهو لهم دون أربابه ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أسلم على شيء فهو له
في الحربي يسلم ثم يغنم المسلمون ماله ( قلت ) أرأيت إذا أسلم في بلاد الحرب رجل منهم ثم خرج إلينا وترك ماله في دار الحرب فغزا المسلمون بلادهم فغنموهم ومال هذا المسلم ( قال بن القاسم ) ماله وأهله وولده فيء للمسلمين ( قال بن القاسم ) سألت مالكا عن الرجل من المشركين أسلم ثم غزا المسلمون تلك الدار فأصابوا أهله وولده
قال مالك أهله وولده فيء للمسلمين ( قال بن وهب ) وقال ربيعة في رجل اشترى عبدا من الفيء قال فدل سيده على مال له في أرض العدو أو لغيره عتق العبد أو لم يعتق أو كان كافرا لم يسلم ( قال ) ربيعة ان كان حرا أو مسلما أو أقام على دينه أو كان عبدا فذلك المال مال حرب ليس للعبد ولا للسيد ولا للجيش الذين كان فيهم إذا كانوا قفلوا قبل أن يدله وإنما دله في غزوة
____________________
(3/19)
________________________________________
أخرى وإنما ذلك في الجيش الذي خرج فيهم فإن كان دله بعد أن اشترى وقفل بقفول الجيش الذين كانوا سبوه فهو على ذلك الجيش الذي كان فيهم ومال العدو في ذلك ومال غيره من الروم سواء هو على ذلك الجيش وإن كان إنما وجد المال ودل عليه بعد أن سبى العبد فقد انقطع المال منه وأبين
في التاجر يدخل بلاد الحرب فيشتري عبدا للمسلمين فيعتقه ( قلت ) أرأيت لو أن عبيدا لأهل الإسلام حازهم أهل الشرك فدخل رجل من المسلمين أرض الشرك بأمان فاشتراهم فأعتقهم وأغار أهل الشرك على بلاد المسلمين فحازوا رقيقا لأهل الإسلام ثم غنمهم المسلمون بعد ذلك فلم يعلموا بهؤلاء الرقيق إنهم كانوا لأهل الإسلام فانتسموهم وصاروا في سهمان الرجال فأعتقوهم ثم أتى ساداتهم بعد ذلك أينقض العتق ويردوهم رقيقا إلى ساداتهم في الوجهين جميعا في قول مالك أم لا ( قال بن القاسم ) في الوجهين جميعا إن عتقهم جائز ولا يردون ولا يكون ساداتهم أحق بهم بالثمن وإنما يكون ساداتهم أحق بهم بالثمن ما لم يدخلهم العتق وكذلك الذي اشتراهم من أرض العدو ما لم يعتقهم المشترى فإنه يقال لسيد العبد ادفع إليه الثمن الذي اشتراه به وخذ عبدك وإلا فلا شيء لك وليس للذي اشتراه من أرض الحرب أن يأبى ذلك على سيد العبد ولو أوصى بذلك سيد العبد وإنما الخيار في ذلك إلى سيد العبد ألا ترى أن مشتريه كان ضامنا لو مات في يديه وإن سيده لم يلزمه أخذه فلذلك ثبتت عتاقته ولم يرد وكذلك سمعت فيه عن بعض من مضى وهو الذي آخذ به
وكذلك لو أن جارية وطئت فحملت كانت أم ولد للذي اشتراها من أرض العدو إن وقعت في سهمانه وهو بمنزلة العتق إذا ثبت لا يرد
وكذلك سمعت عن أهل العلم
في الذمي ينقض العهد ويهرب إلى دار الحرب فيغنمه المسلمون ( قلت ) أرأيت لو أن قوما من أهل الذمة حاربوا أو قطعوا الطريق وأخافوا السبيل
____________________
(3/20)
________________________________________
وقتلوا فأخذهم الإمام أيكونون فيئا أم يحكم عليهم بحكم أهل الإسلام إذا حاربوا ( قال ) أما إذا خرجوا خرابا محاربين يتلصصون فإنه يحكم عليهم بحكم أهل الإسلام إذا حاربوا وأما ان خرجوا ومنعوا الجزية ونقضوا العهد وامتنعوا من أهل الإسلام من غير أن يظلموا فهؤلاء فيء وهذا إذا كان الإمام يعدل فيهم ( قلت ) أرأيت الذمي إذا هرب ونقض العهد ولحق بدار الحرب ثم ظفر به المسلمون بعد ذلك أيرد إلى جزيته ولا يقع في المقاسم ( قال ) أراهم فيئا إذا حاربوا ونقضوا العهد من غير ظلم يركبون به فأراهم فيئا قال بن القاسم وإن كان ذلك من ظلم ركبوا به فأرى أن يردوا إلى ذمتهم ولا يكونوا فيئا ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) أما ما ذكرت لك في الحرابة من أهل الذمة فهو في قول مالك تحفظه عنه وأما الذين امتنعوا من الجزية ونقضوا العهد والإمام يعدل فيهم فقد مضت في هذا السنة من الماضين فيمن نقض من أهل الذمة العهد أنهم سبوا
منها الاسكندرية قاتلهم عمرو بن العاص الثانية
وسلطيس قوتلت ثانية وسبيت ( وقال ) غيره لا يعود الحر إلى الرق أبدا ل يردون إلى ذمتهم ولا يكونون فيئا ( وقد ) ذكر الليث عن يزيد بن أبي حبيب في بلهيت وسلطيس أنهم سبوا بعد أن نقضوا حتى دخل سبيهم المدينة سباهم عمرو في زمان عمر بن الخطاب
في عبد أهل الحرب يخرج إلينا تاجرا فيسلم ومعه مال لمولاه أيخمس ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا لرجل من أهل الحرب دخل إلينا بأمان فأسلم ومعه مال لمولاه أيكون حرا ويكون المال له في قول مالك ( قال ) أراه للعبد ولا أرى فيه خمسا وليس الخمس إلا فيما أوجف عليه ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن عقيل عن بن شهاب أن المغيرة بن شعبة نزل وأصحاب له بأيلة فشربوا خمرا حتى سكروا وناموا وهم كفار وقبل أن يسلم المغيرة فقام إليهم المغيرة فذبحهم جميعا ثم أخذ ما كان لهم من شيء فسار به حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم المغيرة ودفع المال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا نخمس مالا أخذ غصبا فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك المال في
____________________
(3/21)
________________________________________
يدي المغيرة بن شعبة ( بن وهب ) عن عمرو بن الحارث والليث عن بكير بن الأشج أن المغيرة بن شعبة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتل أصحابه وجاء بغنائمهم فتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يقربها وهو كافر وهم كفار ( بن وهب ) عن الليث عن ربيعة أنه قال في قبطي فر من أرض العدو بمال وعليه الجزية ( قال ) المال مال الذي فر به وإن جاء مسلما فالمال له وهو من المسلمين ( بن وهب ) عن عقبة بن نافع عن يحيى بن سعيد أنه قال من أسره العدو فأتمنوه على شيء من أموالهم فليؤد أمانته إلى من أئتمنه وإن كان مرسلا يقدر على أن يتخلص منهم ويأخذ من أموالهم ما قدر عليه مما لا يؤتمن عليه فليفعل
في عبيد أهل الحرب يسلمون في دار الحرب أيسقط عنهم ملك ساداتهم أم لا ( قلت ) أرأيت لو أن عبيدا لأهل الحرب أسلموا في دار الحرب أيسقط ملك ساداتهم عنهم أم لا في قول مالك ( قال ) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا أرى أن يسقط ملك ساداتهم عنهم إلا أن يخرجوا إلينا إلى دار الإسلام فإن خرجوا سقط عنهم ملك ساداتهم ألا ترى أن بلالا أسلم قبل مولاه فاشتراه أبو بكر فأعتقه وكانت الدار يومئذ دار حرب لأن أحكام الجاهلية كانت ظاهرة يومئذ فلو كان إسلام بلال يسقط ملك سيده عنه لم يكن ولاؤه لأبي بكر ولكان إذا ما صنع في اشترائه إياه إنما هو فداء فليس هذا هكذا ولكنه مولاه
وأما الذين خرجوا إلى دار الإسلام بعد ما أسلموا وتركوا ساداتهم في دار الشرك فهؤلاء قد أعتقهم النبي صلى الله عليه وسلم بخروجهم إلى دار الإسلام وهم عبيد لأهل الطائف الذين نزلوا على النبي عليه السلام فأسلموا وساداتهم في حصن الطائف على الشرك فأعتقهم الإسلام وخروجهم إلى دار الإسلام كذلك فعل النبي عليه السلام ( قلت ) أما بلال فإنما أعتقه أبو بكر قبل الهجرة قبل أن تظهر أحكام النبي عليه السلام فليس لك في هذا حجة وإنما كان يكون هذا حجة على من خالفه لو كان هذا بعد هجرة النبي عليه السلام وظهور أحكامه ( قال ) هي
____________________
(3/22)
________________________________________
الحجة حتى يأتي ما ينقضها ولا نعرف أنه جاء ما ينقض ذلك ( قال بن القاسم ) ولو خرج العبيد مسلمين من دار الحرب وساداتهم مسلمون في دار الحرب ثم خرج ساداتهم بعد ذلك ردوا إليهم وكانوا عبيدا لهم ولم يعتقوا
ولو دخل المسلمون دار الحرب فأصابوا بها عبيدا مسلمين وساداتهم مشركون كانوا أحرارا ولا يردون إلى ساداتهم إن أسلم ساداتهم بعد ذلك لأنهم حين دخل إليهم أهل الإسلام فكأنهم خرجوا إليهم
في عبد أهل الحرب يسلم في دار الحرب فيشتريه رجل من المسلمين من سيده ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا لرجل من المشركين في دار الحرب أسلم فدخل رجل من المسلمين إليهم بأمان فاشتراه أيكون رقيقا أم لا في قول مالك ( قال ) لا أحفظ قول مالك في هذه المسألة بعينها ولكن أراه رقيقا لأنه لو أسلم عبد حربي في دار الحرب ولم يسلم سيده وهو في دار الحرب والعبد في يديه كان رقيقا ما لم يخرج إلينا فإذا باعه قبل خروجه إلينا فهو رقيق مثل ما صنع مولى بلال وشراء أبي بكر بلالا ( قال ) ولكن مالكا قال في عبد من عبيد المسلمين سباه أهل الشرك فاشتراه منهم رجل من المسلمين أنه رقيق فكذلك العبد إذا أسلم في دار الحرب ومولاه حربي أنه رقيق إن اشتراه منه أحد من المسلمين فهو رقيق له ولو أسلم عليه سيده في دار الحرب قبل أن يخرج إلينا كان رقيقا له ( قال سحنون ) وقال أشهب إذا أسلم العبد في دار الحرب سقط عنه ملك سيده أقام بدار الحرب أو خرج إلينا وان اشترى في دار الحرب فهو كرجل من المسلمين اشترى في دار الحرب يتبع بما اشترى به
في عبيد أهل الحرب يسلمون في دار الحرب فيغنمهم المسلمون ( قلت ) فلو أن جيشا من المسلمين غزوهم فغنموا أولئك الذين أسلموا وهم في أرض الحرب بعدوهم في يدي ساداتهم ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أنهم
____________________
(3/23)
________________________________________
أحرار لأنهم أسلموا وليس لأحد من المسلمين عليهم ملك يردون إليه فهؤلاء أحرار حين غنمهم أهل الإسلام لأن أهل الإسلام حين حازوهم إليهم فكأنهم خرجوا إلينا ألا ترى أنهم بخروجهم أحرار فكذلك إذا حازهم أهل الإسلام وغنموهم فهم أحرار وكذلك قال الأوزاعي هو حر وهو أخوهم ( قلت ) أرأيت العرب إذا سبوا هل عليهم الرق في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيهم شيئا ولا أقوم عليه وهم في هذا بمنزلة الأعاجم
في الحربي المستأمن يموت ويترك مالا ما حال ماله ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا من أهل الحرب دخل إلينا بأمان فمات عندنا وترك مالا ما حال ماله هذا أيكون فيئا أم يرد إلى ورثته ( قال ) يرد إلى ورثته وهو قول مالك ( قال ) ولقد سئل مالك عن رجل من أهل الحرب دخل إلينا بأمان فقتله رجل من المسلمين ( قال ) مالك يدفع ديته إلى ورثته في بلاد الحرب فهذا يدلك على مسألتك أن ماله لورثته ولا أعلم مالكا إلا وقد قال يعتق أيضا القاتل رقبة ويدفع ماله وديته إلى حكامهم وأهل النظر لهم حتى كأنهم تحت أيديهم ماتوا عندهم
في محاصرة العدو وفيهم المسلمون ( قلت ) أرأيت لو أن رجالا من المشركين في حصن من حصونهم حصرهم أهل الإسلام وفيهم المسلمون أسارى في أيديهم أيحرق هذا الحصن وفيه هؤلاء الاسارى المسلمون أو يغرق هذا الحصن ( قال ) سمعت مالكا وسئل عن قوم من المشركين في البحر في مراكبهم أخذوا أسارى من المسلمين فأدركهم أهل الإسلام فأرادوا أن يحرقوهم ومراكبهم بالنار ومعهم الاسارى في مراكبهم ( قال ) قال مالك لا أرى أن تلقى عليهم النار ونهى عن ذلك ( قال مالك ) يقول الله لأهل مكة ! 2 < لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما > 2 ! أي إنما صرف النبي عليه السلام عن أهل مكة لما كان فيهم من المسلمين ولو تزيل الكفار عن المسلمين لعذب الكفار أي هذا
____________________
(3/24)
________________________________________
تأويله والله أعلم ( سحنون ) عن الوليد عن الأوزاعي يقول في قوم من المسلمين يلقون السفينة من سفن العدو وفيها سبي من المسلمين ( قال ) يكف عن تحريقها ما كان فيها من أسارى المسلمين ( قلت ) أرأيت إن كان في الحصن الذي حصره المسلمون ذراري المشركين ونساؤهم وليس فيه من أهل الإسلام أحد أترى أن ترسل عليهم النار فيحرق الحصن ويغرقوا ( قال ) لا أقوم على حفظه وأكره هذا ولا يعجبني ( قلت ) أليس قد أخبرتني أن مالكا قال لا بأس أن تحرق حصونه ويغرقوا ( قال ) إنما ذلك إذا كانت خاوية ليس فيها ذرار وذلك جائز إذا كان فيها الرجال مقاتلة فأحرقوهم فلا بأس بذلك ( بن وهب ) عن أسامة بن زيد عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أن الصعب بن جثامة قال يا رسول الله إن الخيل في غثم الغارة تصيب من أولاد المشركين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم منهم أو هم مع الآباء ( قالابن وهب ) وأخبرني هشام بن سعد عن بن شهاب مثله ( بن وهب ) عن إسماعيل بن عياش قال سمعت أشياخنا يقولون إن رسول الله عليه السلام رمى أهل الطائف بالمجانيق فقيل له يا رسول الله إن فيها النساء والصبيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم من آبائهم
في تحريق العدو مركب المسلمين ( قلت ) أرأيت السفينة إذا أحرقها العدو وفيها أهل الإسلام أكان مالك يكره لهم أن يطرحوا بأنفسهم وهل يراهم قد أعانوا على أنفسهم ( قال ) بلغني أن مالكا سئل عنه فقال لا أرى به بأسا إنما فروا من الموت إلى الموت قالابن وهب قال ربيعة أيما رجل يفر من النار إلى أمر يعرف أن فيه قتله فلا ينبغي له إذا كان إنما يفر من موت إلى موت أيسر منه فقد جاء ما لا يحل له وإن كان إنما تحامل في ذلك رجاء النجاة وأن يقيم لعله يرى قرية أو يكون يرى الأسر أرجى عنده أن يخلوه إلى الإسلام وأهله من الإقامة في النار فكل متحامل لأمر يرجو النجاة فيه فلا جناح عليه وإن عطب فيه ( قال ) وبلغني عن ربيعة أنه قال إن صبر فهو أكرم إن شاء الله وإن
____________________
(3/25)
________________________________________
اقتحم فقد عوفى ولا بأس به إن شاء الله ( وسئل ) ربيعة عن قوم كانوا في سفينة فاحترقت أيثقل الرجل نفسه بسلاحه فيغرق أو يقوم يلتمس النجاة بالغا ما بلغ
أرأيت إن كان بقرب عدوه فهو يخاف أن يؤسر إن عاش
قال ربيعة كليهما لا أحبهما ولكن ليثبت في مركبه حتى يقضي الله
في قسم الفيء ( قلت ) أرأيت الخمس كيف يقسم وهل سمعت من مالك فيه شيئا ( قال ) قال مالك الفيء والخمس سواء يجعلان في بيت المال ( قال ) وبلغني عمن أثق به أن مالكا قال ويعطى الإمام أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يرى ويجتهد وأما جزية الأرض فإنه لا علم لي بها ولا أدري كيف كان يصنع فيها إلا أن عمر أقر الأرض فلم يقسمها بين الناس الذين افتتحوها وكنت أرى أنه لو نزل هذا بأحد سأل أهل ذلك البلد وأهل العلم والأمانة كيف كان الأمر فيه فإن وجد علما يشفيه وإلا اجتهد في ذلك هو ومن حضره من المسلمين ( قال ) وأخبرني من أثق به عن مالك أنه قال في المال الذي يقسم في وجوه مختلفة ينظر في البلد الذي به ذلك المال وفي غيره من البلدان فإن كان غيره من البلدان والبلد الذي فيه متكافئين في الحاجة بدأ بالذين المال فيهم فأعطاهم بقدر ما يسعهم ويغنيهم فإن فضل فضل أعطاه غيرهم أو يوقفه إن رأى ذلك لنوائب أهل الإسلام فإن كان في غير البلدة من هو أشد منهم حاجة فقد يأتي على بعض البلدان بعض الزمان وبهم حاجة شديدة من الجدوبة وهلاك المواشي والحرث وقلة المال فإذا كان ذلك أعطى ذلك البلد الذي به المال من ذلك المال وينقل أكثر ذلك المال إلى الذي به الجدوبة والحاجة وكذلك حق أهل الإسلام إنما هم أهل الإسلام وإن تفرقوا في البلدان والمنازل لا يقطع ذلك حقهم ( قلت ) أرأيت الفيء الذي قال مالك يجعل الفيء والخمس في بيت المال أي فيء هذا ( قال ) ما أصيب من العدو فخمس فهذا الخمس وكل بلد فتحها أهل الإسلام بصلح فهذا فيء لأن المسلمين لم يكن لهم أن يقسموها وأهلها على ما صالحوا عليها فهذا فيء وكل أرض
____________________
(3/26)
________________________________________
افتتحوها عنوة فتركت أهل الإسلام فهذه التي قال مالك يجتهد فيها الإمام ومن حضره من المسلمين ( قال ) وأما الجماجم في خراجهم فلم يبلغني عن مالك فيه شيء إلا أني أرى الجماجم تبعا للأرض إذا كانوا عنوة أو بصلح ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص يوم افتتح العراق أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أن الناس قد سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عليهم فإذا جاءك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس عليك إلى العسكر من كراع أو مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين وأترك الأرض والأنهار بعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين فإنك لو قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء ( قلت ) فما قول مالك في هذا الفيء إيساوي بين الناس فيه أم يفضل بعضهم على بعض ( قال ) قال مالك نعم يفضل بعضهم على بعض ويبدأ بأهل الحاجة حتى يغنوا منه ( قلت ) أرأيت جزية جماجم أهل الذمة وخراج الأرضين ما كان منها عنوة وما صالح عليها أهلها ما يصنع بهذا الخراج ( قال ) قال مالك هذه من الجزية
والجزية عند مالك فيما نعلم من قوله فيء كله وقد أعلمتك ما قال مالك في العنوة ( قلت ) فمن يعطى هذا الفيء وفيمن يوضع ( قال ) قال مالك على أهل كل بلد افتتحوها عنوة أو صالحوا عليها هم أحق به يقسم عليهم ويبدأ بفقرائهم حتى يغنوا ولا يخرج منها إلى غيرها إلا أن ينزل بقوم حاجة فينقل منهم إليهم بعد أن يعطى أهلها يريد ما يغنيهم على وجه النظر والاجتهاد ( قال بن القاسم ) وبذلك كتب عمر بن الخطاب أن لا يخرج فيء قوم عنهم إلى غيرهم ( قال ) ورأيت مالكا يأخذ بالحديث الذي كتب به عمر بن الخطاب إلى عمار بن ياسر وصاحبيه إذ ولاهما العراق حين قسم لأحدهما نصف شاة وللآخرين ربعا ربعا فكان في كتاب عمر إليهم إنما مثلي ومثلكم كمثل ما قال الله في ولي اليتيم ! 2 < ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف > 2 ! ( قال ) وقال مالك يبدأ بالفقراء في هذا الفيء فإن فضل شيء كان بين جميع الناس كلهم بالسواء إلا أن يري الوالي أن يحبسه لنوائب تنزل به من نوائب أهل الإسلام فإن كان كذلك رأيت
____________________
(3/27)
________________________________________
ذلك له ( قال بن القاسم ) والناس في ذلك سواء عربيهم ومولاهم وذلك أن مالكا حدثني أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقال أيها الناس اني عملت عملا وأن صاحبي عمل عملا ولئن بقيت إلى قابل لألحقن أسفل الناس بأعلاهم ( قال مالك ) وبلغني أن عمر بن الخطاب قال ما من أحد من المسلمين الا وله في هذا المال حق أعطيه أو منعه حتى لو كان راع أو راعية بعدن ( قال ) ورأيت مالكا يعجبه هذا الحديث ( قال ) وكان مالك يقول قد يعطى الوالي الرجل يجيزه لأمر يراه فيه على وجه الدين أي على وجه الدين من الوالي يجيزه لفضل دينه الجائزة أو لأمر يراه قد استحق الجائزة فلا بأس على الوالي بجائزة مثل هذا ولا بأس أن يأخذها هذا الرجل ( قلت ) ويعطى المنفوس من هذا المال ( فقال ) نعم قد أخبرني مالك أنعمر بن الخطاب مر ليلة فسمع صبيا يبكي فقال لأهله مالكم لا ترضعونه فقال أهله ان عمر لا يفرض للمنفوس حتى يفطم وأنا قد فطمناه قال فولى عمر وهو يقول كدت والذي نفسي بيده أن أقتله ففرض للمنفوس من ذلك اليوم مائة درهم ( قلت ) فإن كان هذا المنفوس والده غنى أليس يبدأ بكل منفوس والده فقير
قال نعم في رأيي ( قلت ) أفكان يعطي النساء من هذا المال فيما سمعت من مالك ( قال ) سمعت مالكا يقول كانعمر بن الخطاب يقسم للنساء حتى أن كان ليعطيهن المسك ( قلت ) ومجمل ما رأيت من مالك أنه يبدأ بالفقيرة منهن قبل الغنية قال نعم ( قلت ) أرأيت قول مالك يسوى بين الناس في هذا الفيء أرأيت الصغير والكبير والمرأة والرجل أهم فيه سواء ( قال ) تفسيره أن يعطي كل إنسان بقدر ما يغنيه الصغير بقدر ما يغنيه والكبير بقدر ما يغنيه والمرأة بقدر ما يغنيها هذا تفسير قوله عندي يساوي بين الناس في هذا المال قلت فإن فضل الآن بعد ما استغنى أهل الإسلاممن هذا المال فضل ( فقال ) ذلك على اجتهاد الإمام إن رأى أن يحبس ما بقي لنوائب أهل الإسلام حبسه وإن رأى أن يفرقه على أغنيائهم فرقه كذلك قال مالك ( قلت ) وهذا الفيء حلال للأغنياء قال نعم ( قلت ) وهو قول مالك ( قال ) نعم ولقد حدثني مالك أنه أتى بمال عظيم من بعض النواحي في زمان عمر قال فصب في المسجد
____________________
(3/28)
________________________________________
فبات عليه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم علي وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص يحرسونه فلما أصبح كشف عنه انطاع أو مسوح كانت عليه فلما أصابته الشمس ائتلقت وكانت فيها تيجان فبكى عمر فقال له عبد الرحمن بن عوف يا أمير المؤمنين ليس هذا حين بكاء إنما هذا حين شكر فقال إني أقول ما فتح هذا على أحد قط الا سفكوا عليه دماءهم وقطعوا أرحامهم ثم قال لابن الأرقم أكتب لي الناس قال فكتبهم ثم جاءه بالكتاب فقال له هل كتبت الناس قال نعم قال كتبت المهاجرين والأنصار والمهاجرين من العرب والمحررين يغني المعتقين قال نعم قال فقال له عمر أرجع فاكتب فلعلك قد تركت رجلا لم تعرفه ارادة أن لا يترك أحدا
ففي هذا ما يدلك على أن عمر كان يقسم لجميع الناس ( قال ) وسمعت مالكا وهو يذكر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر في زمان الرمادة
قال فقلنا لمالك فزمان الرمادة كانت سنة أو سنتين
قال بل ست سنين
قال فكتب إليه وأغوثاه واغوثاه واغوثاه قال فكتب إليه عمرو بن العاص لبيك لبيك لبيك
قال فكان يبعث إليه بالبعير عليه الدقيق في العباء قال فيقسمها عمر فيدفع الجمل كما هو إلى أهل البيت فيقول لهم كلوا دقيقة والتحفوا العباء وانتحروا البعير فكلوا لحمه وائتدموا بشحمه
في السلب ( قلت ) فالرجل يقتل القتيل هل يكون سلبه لمن قتله ( قال ) قال مالك لم يبلغني أن ذلك كان إلا في يوم حنين ( قال مالك ) وإنما هذا إلى الامام يجتهد فيه
في النفل ( قلت ) أرأيت النفل هل يصلح للإمام أن ينفل بعد ما صارت الغنيمة في يديه أو هل يصلح له أن ينفل من قبل أن يغنموا يقول من جاء بشيء فله ثلثه أو ربعه أو خمسه أو نصفه أو ما أشبه هذا ( قال ) سئل مالك عن النفل أيكون في أول مغنم
____________________
(3/29)
________________________________________
فقال ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام ليس عندنا في ذلك أمر معروف إلا اجتهاد السلطان ( قال ) ولم يبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل في مغازيه كلها وقد بلغني أنه قد نفل في بعضها وإنما ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام في أول مغنم وفيما بعده ( قلت ) ففي قول مالك هذا عندك أنه لا بأس أن ينفل الإمام من الغنيمة بعد ما صارت غنيمة وصارت في يديه ( قال ) نعم على وجه الاجتهاد منه ولا يكون إلا في الخمس قال لي مالك لا نفل إلا في الخمس ( قلت ) أرأيت هذا الذي ينفله الإمام للناس أهو من الخمس أو من جملة الغنيمة ( قال بن القاسم ) سمعت مالكا يقول النفل من الخمس مثل قول سعيد بن المسيب ( قلت ) قبل أن يغنموا أو بعد أن يغنموا أهو من الخمس في قول مالك ( قال ) أما ما نفل الإمام بعد الغنيمة من الخمس فذلك جائز عند مالك وأما ما نفل قبل الغنيمة فذلك عنده لا يجوز ( بن وهب ) عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن صالح بن محمد بن زائدة الليثي أن مكحولا حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل من نفل يوم حنين من الخمس ( قال مالك ) وأخبرني أبو الزناد أنه سمع بن المسيب يقول إنما كان الناس يعطون النفل من الخمس وقال مالك وذلك أحسن ما سمعت ( بن وهب ) عن سليمان بن بلال وغيره عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول ذلك
وأخبرني مالك ورجال من أهل العلم عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر فغنموا ابلا كثيرة وكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أواحد عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن سليمان بن موسى أنه قال لا نفل في عين ولا فضة ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال بلغنا أن من الأنفال السلب والفرس وقد بلغنا أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان ينفل بعض من يبعث من السرايا فيعطيهم النفل خاصة لأنفسهم سوى قسم عامة الجيش ( مالك ) عن بن شهاب عن القاسم بن محمد أنه سمع رجلا يسأل
____________________
(3/30)
________________________________________
بن عباس عن الأنفال قال بن عباس الفرس من النفل والسلب من النفل ثم أعاد المسألة قال ذلك أيضا قال الأنفال التي قال الله ما هي
قال القاسم فلم يزل يسأله حتى كاد أن يحرجه قال بن عباس أتدرون ما مثل هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب
في ندب الإمام للقتال بجعل ( قلت ) أرأيت ان قال الإمام من قاتل في موضع كذا فله كذا وكذا أو قال من قتل من العدو رجلا وجاء برأسه فله كذا وكذا أو بعث سرية في وجه من الوجوه قال ما غنمتم من شيء فلكم نصفه ( قال ) سمعت مالكا يكره هذا كراهية شديدة أن يقال لهم قاتلوا ولكم كذا وكذا ويقول أكره أن يقاتل أحد على أن يجعل له جعل وكرهه كراهية شديدة أن يسفك دم نفسه على مثل هذا ( قال مالك ) ما نفل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من بعد ما برد القتال فقال من قتل قتيلا تقوم له عليه بينة فله سلبه وفي رسول الله أسوة حسنة فكيف يقال بخلاف ما قال وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبلغني أن النبي عليه السلام قال ذلك ولا عمل به بعد حنين ولو أن رسول الله عليه السلام سن ذلك وأمر به فيما بعد حنين كان ذلك أمرا ثابتا ليس لأحد فيه قول وقد كان أبو بكر بعد رسول الله عليه السلام يبعث الجيوش فلم يبلغنا أنه فعل ذلك ولا عمل به ثم كان عمر بعده فلم يبلغنا عنه أيضا أنه فعل ذلك ( قلت ) أرأيت لو أن قوما من المسلمين أسارى في بلاد الشرك أو تجارا استعان بهم صاحب تلك البلاد على قوم من المشركين ناووه من أهل مملكته أو من غير أهل مملكته أترى أن يقاتلوا معه أم لا ( قال ) سمعت مالكا يقول في الاسارى يكونون في بلاد المشركين يستعين بهم الملك على أن يقاتلوا عدوا له ويخليهم إلى بلاد الإسلام ( قال ) قال مالك لا أرى أن يقاتلوا على هذا ولا يحل لهم أن يسفكوا دماءهم على هذا ( قال مالك ) وإنما يقاتل الناس ليدخلوا في الإسلام من الكفر فأما أن يقاتلوا الكفار ليدخلوهم من الكفر إلى الكفر ويسفكوا في
____________________
(3/31)
________________________________________
ذلك دماءهم فهذا مما لا ينبغي لمسلم أن يسفك دمه على هذا
في السهمان ( قلت ) كم يضرب للفارس في الغنيمة ( قال ) بسهم وللفرس سهمان عند مالك فذلك ثلاثة أسهم ( قلت ) فالبراذين ( قال ) قال مالك إذا أجازها الوالي فسهمانها كسهمان الخيل لها سهمان وللفارس سهم ( قلت ) أرأيت البغال والحمار أراجل هو أم لا ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وما أشك أنه راجل ( قلت ) أرأيت البعير ( قال ) ما سمعت فيه شيئا وما أشك أنه راجل ( قلت ) أرأيت البعير ( قال ) ما سمعت فيه شيئا ولكن قد غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالابل فلم أسمع أنه قسم إلا للخيل ( قلت ) أرأيت ان حملوا معهم الخيل في السفن فلقوا العدو فغنموا بكم يضرب للفارس ( قال ) بثلاثة أسهم للفرس سهمان وللرجل سهم وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت لو أن قوما عسكروا في أرض العدو وفيهم أصحاب خيل ورجالة فسروا رجالة فغنموا غنائم وهم رجالة أيكون للفارس أن يضرب بسهمي الفرس وهم رجالة ( قال ) نعم وذلك أن مالكا قال في السرية إذا خرجت من العسكر فغنمت إن ذلك بين أهل العسكر وبين أهل السرية بعد خروج الخمس ولم يذكر راجلا من فارس فهذا بينهم لا شك أن للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم ( قلت ) فبكم يضرب لمن معه فرسان في قول مالك ( قال ) قال مالك يضرب له بسهم فرس واحد لا يزاد على ذلك ( قال ) مالك وذلك أنه بلغني أن الزبير شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بفرسين يوم حنين فلم يسهم له إلا بسهم فرس واحد ( قلت ) أرأيت من دخل من المسلمين على فرس فنفق فرسه في أرض الحرب فلقى العدو راجلا أو دخل راجلا فاشترى في بلاد الحرب فرسا كيف يضرب لهم وهل سمعت من مالك فيه شيئا أم لا ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن سمعت مالكا يقول إذا دخل الرجل أرض العدو غازيا فمات قبل أن يلقى المسلمون عدوا وقبل أن يغنموا غنيمة ثم غنم المسلمون بعد ذلك إنه
____________________
(3/32)
________________________________________
لا شيء لمن مات قبل الغنيمة ( قال مالك ) وإن لقوا العدو وقاتل ثم مات قبل أن يغنموا ثم غنموا بعد ما فرغوا من القتال وقد مات الرجل قبل أن يغنموا إلا أنه قد قاتل معهم وكان حيا قال مالك أرى أن يضرب له بسهم فالفرس ان نفق بمنزلة ان اشتراه فشهد به فإنما له من يوم اشتراه وإن مات قبل أن يلقى العدو فلا شيء له ( بن وهب ) عن عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسهم للخيل للفرس سهمين وللراجل سهما ( بن وهب ) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد وصالح بن كيسان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم لمائتي فرس في يوم خيبر سهمين وقسم يوم النضير لستة وثلاثين فرسا سهمين سهمين ( بن وهب ) عن أسامة بن زيد عن مكحول حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للفرس سهمين ولفارسه سهما ( بن وهب ) عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز أن سهمين فريضة فرضهما رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين للفرس وسهما للرجل ( قال بن وهب ) وأخبرني سفيان الثوري عن عمرو بن ميمون عن عمر بن عبد العزيز أنه قال إذا بلغت البراذين ما يبلغ الخيل فألحقها بالخيل ( بن وهب ) عن سفيان الثوري عن هشام بن حسان عن الحسن أنه قال الخيل والبراذين في السهمان سواء
في سهمان النساء والتجار والعبيد ( قلت ) أرأيت الصبيان والعبيد والنساء هل يضرب لهم بسهم في الغنيمة إذا قاتلوا في قول مالك قال لا ( قلت ) أفيرضخ لهم في قول مالك ( قال ) سألنا مالكا عن النساء هل يرضخ لهن من الغنيمة قال ما سمعت أن أحدا أرضخ للنساء فالصبيان عندي بمنزلة النساء وقد قال مالك ليس لهم شيء ( قلت ) أرأيت التجار إذا خرجوا في عسكر المسلمين أيرضخ لهم أم لا ( قال ) سمعت مالكا يقول في الأجير أنه إذا شهد القتال أعطى سهمه وإن لم يقاتل فلا شيء له وكذلك التجار عندي إذا علم منهم مثل ما علم من الأجير ( قلت ) فالعبد أيضرب له بسهمه ( قال ) لا يضرب له بسهم
____________________
(3/33)
________________________________________
وقيل ليس للعبد في الغنيمة شيء ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب بعزل العبيد من أن يقسم لهم شيء ( قال ) وبلغني عن يحيى بن سعيد أنه قال ما نعلم للعبيد قسما في الغنائم وإن قاتلوا أو أعانوا ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن الصبي يغزى به أو يولد والجارية الحرة فقالا لا نرى لهؤلاء من غنائم المسلمين شيئا ( بن وهب ) عن حرملة بن عمران التجيبي أن تميم بن فرع المهري حدثه أنه كان في الجيش الذين افتتحوا الاسكندرية في المرة الأخرى قال فلم يقسم لي عمرو بن العاص من الفيء شيئا قال وكنت غلاما لم أحتلم حتى كاد يكون بين قومي وبين ناس من قريش في ذلك نائرة قال بعض القوم فيكم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلوهم فسألوا أبا بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فقالا انظروا فإن كان أنبت الشعر فاقسموا له فنظر إلي بعض القوم فإذا أنا قد أنبت فقسم لي
في سهمان المريض والذي يضل في أرض العدو ( قلت ) أرأيت الرجل يقتل يخرج غازيا فلا يزال مريضا حتى يشهد القتال وتحرز الغنيمة أيكون له فيها سهم أم لا ( قال ) قال مالك نعم له سهمه ( قال بن القاسم ) وبلغني عن مالك أن الفرس إذا رهص أنه يضرب له بسهمه وهو بمنزلة الرجل المريض ( قال بن القاسم ) قال مالك في القوم يغزون في البحر يسيرون يوما فتضربهم الريح فتفرقهم ويرد الريح بعضهم إلى بلاد المسلمين ويمضي بعضهم إلى بلاد الروم فيلقون العدو فيغنمون ( قال مالك ) إن كان إنما ردهم الريح وليسوا هم رجعوا فلهم سهمانهم في
____________________
(3/34)
________________________________________
الغنيمة مع أصحابهم ( قلت ) أرأيت إن غزا المسلمون أرض العدو فضل منهم رجل فلم يرجع إليهم حتى لقي العدو المسلمون فقاتلوا وغنموا ثم رجع الرجل إليهم أيكون له في الغنيمة شيء أم لا ( قال ) قد أخبرتك بقول مالك في الذين يردهم الريح وهم في بلاد المسلمين فجعل لهم سهمانهم في الغنيمة التي غنمها أصحابهم فهذا الذي ضل في بلاد العدو أحرى أن يكون له في الغنيمة نصيب
في الجيش يحتاجون إلى الطعام والعلف بعد أن يجمع في المغنم ( قلت ) أرأيت الطعام والعلف في بلاد المشركين إذا جمعت في الغنائم ثم يحتاج رجل إليها أيأكل منها بغير إذن الإمام في قول مالك ( قال ) قال مالك سنة الطعام والعلف في أرض العدو أنه يؤكل وتعلف الدواب ولا يستأمر الإمام ولا غيره ( قال مالك ) والطعام هو لمن أخذه يأكله وينتفع به وهو أحق به ( قال مالك ) والبقر والغنم أيضا لمن أخذها يأكل منها وينتفع بها ( بن وهب ) عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة الجذامي حدثه أن زياد بن نعيم حدثه أن رجلا من بني ليث حدثه أن عمه حدثه أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فكان النفر يصيبون الغنم العظيمة ولا يصيب الآخرون إلا الشاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو إنكم أطعمتم إخوانكم قال فرميناهم بشاة شاة حتى كان الذي معهم أكثر من الذي معنا ( قال ) بكير وما رأيت أحدا يقسم الطعام كله ولا ينكر أخذه ويستمتع آخذه به ولا يباع فأما غير الطعام من متاع العدو فإنه يقسم ( بن وهب ) عن الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن مكحول قال قال معاذ بن جبل قد كان الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكلون ما أصابوا من البقر والغنم ولا يبيعونها وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين أصاب غنما فقسمها وأخذ الخمس منها وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصابوا الغنم والبقر يقسم للناس إذا كانوا لا يحتاجون إليها ( وقال ) محمد بن سعيد عن مكحول إن شرحبيل بن حسنة باع غنما وبقرا فقسمه بين الناس فقال معاذ بن جبل لم يسئ
____________________
(3/35)
________________________________________
شرحبيل إذ لم يكن المسلمون محتاجين أن يذبحوها فترد على أصحابها فيبيعونها فيكون ثمنها من الغنيمة في الخمس إذا كان المسلمون غير محتاجين إلى لحومها يأكلوها ( بن وهب ) عن إسماعيل بن عياش عن أسيد بن عبد الرحمن عن رجل حدثه عن هانئ بن كلثوم أن عمر بن الخطاب كتب إلى صاحب جيش الشام يوم فتحت أن دع الناس يأكلون ويعلفون فمن باع شيئا بذهب أو فضة فقد وجب فيه خمس الله وسهام المسلمين ( أنس بن عياض ) عن الأوزاعي عن أسيد بن عبد الرحمن عن خالد بن دريك عن بن محيريز قال سمعت فضالة بن عبيد يقول من باع طعاما أو علفا بأرض الروم مما أصيب منها بذهب أو فضة فقد وجب فيه حق الله وفيء المسلمين ( قلت ) أرأيت لو أصابوا بقرا كثيرة فأخذ الناس حاجتهم وفضل فضلة من الغنم والبقر فجمعها الوالي فضمها إلى الغنائم ثم احتاج الناس إلى اللحم أن يأخذوا من تلك البقر أو تلك الغنم بمنزلة الطعام بغير أمر الإمام ويراه واسعا في قول مالك ولا يكون البقر والغنم من الغنائم ( قال ) سمعت مالكا يقول في البقر والغنم إنها بمنزلة الطعام يذبحونها ويأكلونها بغير أمر الإمام ولم أسمع فيه من مالك إذا حازها الوالي شيئا ( قال بن القاسم ) ولا أرى بذلك بأسا ( قلت ) هل وسع في شيء من الغنيمة مالك ماطلا الطعام والشراب أن يؤخذ قال سئل مالك عن جلود الغنم والبقر يذبحها المسلمون في الغنائم ( قال ) قال مالك لا أرى بأسا إذا احتاجوا إليها أن يحتذوا منها نعالا ويجعلوا منها على أكفهم أو يجعلوا منها حزما أو يصلحوا منها أخفافهم أو يتخذوا منها أخفافا إذا احتاجوا إليها ( قلت ) أرأيت السلاح يكون في الغنيمة فيحتاج رجل من المسلمين إلى سلاح يقاتل به أيأخذه فيقاتل به بغير إذن الإمام أم لا ( قال ) سمعت مالكا يقول في البراذين تكون في الغنيمة فيحتاج رجل من المسلمين إلى دابة يركبها يقاتل عليها ويقفل عليها ( قال ) قال مالك يركبها يقاتل
____________________
(3/36)
________________________________________
عليها ويركبها حتى يقفل إلى أهله يريد أرض الإسلام أن احتاج إلى ذلك ثم يردها إلى الغنيمة ( قلت ) فإن كانت الغنيمة قد قسمت ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى إن كانت قد قسمت أن يبيعها ويتصدق بثمنها فالسلاح إذا احتاج إليه أن يقاتل به بهذه المنزلة ( قلت ) أرأيت ان احتاج رجل إلى شيء من ثياب الغنيمة أيلبسه أم لا ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى بأسا أن يلبسه حتى يقدم موضع الإسلام فإذا قدم موضع الإسلام رده وبهذه المنزلة البراذين
وقد روى علي بن زياد وبن وهب أن مالكا قال لا ينتفع بدابة ولا بسلاح ولا بثوب ولو جاز ذلك لجاز أن يأخذ دنانير فيشترى بها
وقال بعض الرواة ما قال بن القاسم واستحسنوه ورأوه صوابا ( قلت ) أرأيت إن حاز الإمام هذه الثياب وهذه الجلود فاحتيج إليها بعد ما حازها الإمام أيكون لهم أن ينتفعوا بها أيضا كما كان ذلك لهم قبل أن يحوزها لهم الإمام قال نعم ( بن وهب ) عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول وسليمان بن موسى قالا لا يتقى الطعام بأرض العدو ولا يستأذن فيه الأمير ولا يتقيه أن يأخذه من سبق إليه فإن باع إنسان شيئا من الطعام بذهب أو فضة فلا يحل له فهو حينئذ من الغنائم وذكر أن هذا الخبر من الطعام السنة والحق ( بن وهب ) عن مسلمة عن سعيد عن رجل من قريش قال لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر جاع بعض الناس فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم فلم يجدوا عنده شيئا فافتتحوا بعض حصونها فأخذ رجل من المسلمين جرابا مملوءا شحما فبصر به صاحب المغانم وهو كعب بن عمرو بن زيد الأنصاري فأخذه فقال الرجل لا والله لا أعطيكه حتى أذهب به إلى أصحابي فقال أعطنيه أقسمه بين الناس فأبى وتنازعاه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خل بين الرجل وبين جرابه يذهب به إلى أصحابه
____________________
(3/37)
________________________________________
في العلف والطعام يفضل مع الرجل منه فضلة بعد ما يقدم بلده ( بن وهب ) عن بن لهيعة وحيوة بن شريح عن خالد بن أبي عمران عن القاسم بن محمد وسالم أنهما سألا عن الرجل يجد في منازل الروم الطعام والودك الذي يغنم فيحمل منه حتى يقدم به إلى أهله فيأكله في القرار فقالا لا بأس بذلك فقيل لهما أفيحل له بيعه فكرها بيعه ( قلت ) لابن القاسم أرأيت الرجل يأخذ العلف في دار الحرب فيعلف دابته فتفضل منه فضلة بعد ما خرج من دار الحرب إلى دار الإسلام ( قال ) سمعت مالكا يسئل عن الطعام يأخذه الرجل في دار الحرب فيأكل منه ويخرج ومعه منه فضلة قال مالك لا أرى به بأسا إذا كان شيئا يسيرا ( قلت ) أرأيت إن كان شيئا له بال ( قال ) إن كان شيئا له بال تصدق به ( قلت ) أرأيت الرجل يقرض الرجل الطعام في دار الحرب أيكون هذا قرضا أم لا ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يكون في أرض العدو مع الجيش يصيب الطعام فيكون في الطعام فضل فيسأله بعض من لم يصب طعاما أن يبيع منه ( قال ) قال مالك لا ينبغي له ذلك وقال إنما سنة العلف أن يعلف فإن استغنى عن شيء أعطاه أصحابه
فهذا يدلك على أن القرض ليس بقرض ولا أرى القرض يحل فيه فإن نزل وأقرض فلا يكون له على الذي أقرضه شيء ( بن وهب ) عن جرير بن حازم عن أشعث بن سوار عن أبي محمد قال سألت عبد الله بن أبي أوفى وكان ممن بايع تحت الشجرة يوم الحديبية وهو ممن أسلم عن الطعام هل كان يقسم في المغانم فقال لنا كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نقسم طعاما إذا أصبناه في مغنم ( بن وهب ) عن عطاف بن خالد القرشي عن رجل حدثه عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن الطعام يأخذونه في أرض العدو مثل العسل والدقيق وغير ذلك قال فلا بأس به ( بن وهب ) عن عمرو بن الحارث عن رجل من أهل الأردن حدثه عن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كنا نأكل الجزر في الغزو ولا نقسمه حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملوءة ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن يحيى بن
____________________
(3/38)
________________________________________
سعيد أنه قال قد رأينا الناس في الغزو وما الطعام إلا لمن أخذه فإذا كان ذلك كان الذي عليه أمر الناس فمن أخذه أكله وأطعمه أهله إلا أن تكون بالجيش إليه حاجة بادية فإنه يكره أن يذهب به إلى أهله وبالناس من الحاجة إليه ما بهم فإن لم تكن بهم إليه حاجة فليأكله وليطعم أهله ولا يبع منه شيئا ( بن وهب ) عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد قال قال القاسم بن مخيمرة أما كل شيء اصطنعته من عيدان أرض الروم أو حجارتها فلا بأس أن تخرج به وأما شيء تجده مصنوعا فلا يخرج به وقال مكحول في المصنوع مثله قالا إلا أن يشتريه من المغنم ( قال بن وهب ) وقال زيد بن واقد قال سليمان بن موسى لا بأس أن يحمل الرجل الطعام إلى أهله من أرض العدو وقد كان الناس فيما أدركنا وما لم ندرك فيما بلغنا عنهم يحملون القديد حتى يقدموا به إلى أهليهم فلا ينهون عن ذلك ولا يعاب عليهم إلا أن يباع فإن بيع بعد ما يخرج به وإن وقع في أهله صار مغنما ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم بن محمد وسالما عن الرجل يصيد الطير في أرض العدو والحيتان أيبيعه ويأكل ثمنه فقالا نعم وسألتهما عن الرجل يكون له غلام يعمل الفخار في أرض العدو فيبيعه أيحل له ثمن ما باع منها فقالا نعم
قلت وإن كثر حتى بلغ مالا كثيرا قالا نعم وإن كثر
ولقد سألنا مالكا عن القوم يكونون في الغزو فيصيب بعضهم القمح وآخرون العسل وآخرون اللحم فيقول الذين أصابوا اللحم للذين أصابوا العسل أو للذين أصابوا القمح أعطونا مما معكم ونعطيكم مما معنا يتبادلونه ولو لم يعطهم هؤلاء لم يعطوهم شيئا ( قال ) قال مالك ما أرى به بأسا في الطعام والعلف إنما هذا كله للأكل ولا أرى بأسا به أن يبدل بعضهم لبعض بحال ما وصفت لك
قال مالك والعلف كذلك ( قلت ) أرأيت ما اتخذ الرجل في بلاد الحرب من سرج نحته أو سهم يراه أو مشجب صنعه أو ما أشبه ذلك ما عليه في قول مالك ( قال ) هو له ولا شيء عليه فيه ولا يخمس ولا يرفعه إلى المقسم وهذا قول مالك ( بن وهب ) عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة أنه قال رأيت الناس ينقلبون بالمشاجب والعيدان لا يباع
____________________
(3/39)
________________________________________
في مقسم لنا منه شيء ( سحنون ) معناه إذا كان يسيرا وقد قيل أنه يأخذ اجارة ما عمل فيه والباقي يصير فيئا إذا كان له قدر
في عرقبة البهائم والدواب وتحريق السلاح والطعام في أرض العدو ( قلت ) أرأيت البقر والغنم والدواب والطعام والسلاح والأمتعة من متاع الروم ودوابهم وبقرهم وطعامهم وما ضعف عنه أهل الإسلام من أمتعات أنفسهم وما قام عليهم من دوابهم كيف يصنعون بهذا كله في قول مالك ( قال ) قال مالك يعرقبون الدواب أو يذبحونها وكذلك البقر والغنم ( قال ) وأما الأمتعات والسلاح فإن مالكا قال تحرق ( قلت ) والدواب والبقر والغنم هل تحرق بعد ما عرقبت ( قال ) ما سمعته يقول تحرق ( قال ) ولقد قال مالك في الرجل تقف عليه دابته أنه يعرقبها أو يقتلها ولا يتركها للعدو ينتفعون بها
في الاستعانة بالمشركين على قتال العدو ( قلت ) هل كان مالك يكره أن يستعين المسلمون بالمشركين في حروبهم ( قال ) سمعت مالكا يقول بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لن أستعين بمشرك
قال ولم أسمعه يقول في ذلك شيئا ( قال بن القاسم ولا أرى أن يستعينوا بهم يقاتلون معهم إلا أن يكونوا نواتية أو خدما فلا أرى بذلك بأسا ( مالك ) عن الفضيل بن أبي عبد الله عن عبد الله بن نيار الأسلمي عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال يا رسول الله جئت لأتبعك وأصيب معك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤمن بالله ورسوله قال لا قال فارجع فلن أستعين بمشرك قالت ثم مضى حتى إذا كان بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتؤمن بالله ورسوله فقال لا قال
____________________
(3/40)
________________________________________
فارجع فرجع ثم أدركه بالبيداء فقال له كما قال له أول مرة فقال أتؤمن بالله ورسوله قال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق ( وذكر ) بن وهب عن جرير بن حازم أن بن شهاب قال ان الأنصار قالت يوم أحد ألا نستعين بحلفائنا من يهود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا فيهم
في أمان المرأة والعبد والصبي ( قلت ) أرأيت أمان المرأة والعبد والصبي هل يجوز في قول مالك ( قال ) سمعت مالكا يقول أمان المرأة جائز وما سمعته يقول في العبد والصبي شيئا أقوم لك على حفظه وأنا أرى أن أمانهما جائز لأنه جاء في الحديث أنه يجير على المسلمين أدناهم إذا كان الصبي يعقل ما الأمان ( قالسحنون ) وقال غيره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال في أم هانئ وفي زينب قد أمنا من أمنت يا أم هانئ وفيما أجاز من جوار زينب أنه إنما كان بعد ما نزل الأمان وقد يكون الذي كان من اجارته ذلك هو النظر والحيطة للدين وأهله ولم يجعل ما قال يجير على المسلمين أدناهم أمرا يكون في يدي أدنى المسلمين فيكون ما فعل يلزم الإمام ليس له الخروج من فعله ولكن الإمام المقدم ينظر فيما فعل فيكون إليه الاجتهاد في النظر للمسلمين ( بن وهب ) عن إسماعيل بن عياش قال سمعت أشياخنا يقولون لا جوار للصبي ولا للمعاهد فإن اجارا فالإمام مخير ان أحب أمضى جوارهما وإن أحب رده فإن أمضاه فهو ماض وإن لم يمضه فليبلغه إلى مأمنه ( بن وهب ) عن الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن عباد بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال كتب إلينا عمر بن الخطاب فقرئ علينا كتابه إلى سعيد بن عامر بن حذيم ونحن محاصرو
____________________
(3/41)
________________________________________
قيسارية إن من أمنه منكم حر أو عبد من عدوكم فهو آمن حتى يرد إلى مأمنه أو يقيم فيكون على الحكم في الجزية وإذا أمنه بعض من تستعينون به على عدوكم من أهل الكفر فهو آمن حتى تروده إلى مأمنه أو يقيم فيكم وإن نهيتم أن يؤمن أحد أحدا فجهل أحد منكم أو نسي أو لم يعلم أو عصى فأمن أحدا منهم فليس لكم عليه سبيل حتى تردوه إلى مأمنه ولا تحملوا اساءتكم على الناس وإنما أنتم جند من جنود الله وإن أشار أحد منكم إلى أحد منهم أن هلم فانا قاتلوك فجاء على ذلك ولم يفهم ما قيل له فليس لكم عليه سبيل حتى تردوه إلى مأمنه إلا أن يقيم فيكم وإذا أقبل إليكم رجل منهم مطمئنا وأخذتموه فليس لكم عليه سبيل إن كنتم علمتم أنه جاءكم متعمدا فإن شككتم فيه فظننتم أنه جاء كم ولم تستيقنوا ذلك فلا تردوه إلى مأمنه واضربوا عليه الجزية وإن وجدتم في عسكركم أحدا لم يعلمكم بنفسه حتى قدرتم عليه فليس له أمان ولا ذمة فاحكموا عليه بما ترون أنه أفضل للمسلمين ( قال بن وهب ) وقال الليث والأوزاعي في النصراني يكون مع المسلمين فيعطى لرجل من المشركين أمانا قالا لا يجوز على المسلمين أمان مشرك ويرد إلى مأمنه
في تكبير المرابطين على البحر ( قلت ) أرأيت التكبير الذي يكبر به هؤلاء الذين يرابطون على البحر أكان مالك يكرهه ( قال ) سمعت مالكا يقول لا بأس به ( قال ) وسئل عن القوم يكونون في الحرس في الرباط فيكبرون في الليل ويطربون ويرفعون أصواتهم ( فقال ) أما التطريب فأني لا أدري وأنكره
قال وأما التكبير فأني لا أرى به بأسا
في الديوان ( قلت ) أرأيت الديوان ما قول مالك فيه ( قال ) أما مثل دواوين أهل مصر وأهل
____________________
(3/42)
________________________________________
الشام وأهل المدينة مثل دواوين العرب فلم ير مالك به بأسا وهو الذي سألناه عنه ( قلت ) أرأيت الرجلين يتنازعان في اسم في العطاء مكتوب فأعطى أحدهما صاحبه مالا على أن يبرأ من الإسم إلى صاحبه أيجوز ذلك ( قال ) قال مالك في رجل زيد في عطائه فأراد أن يبيع تلك الزيادة بعرض أنه لا يجوز ذلك فكذلك ما أصطلحا عليه أنه غير جائز لأنه إن كان الذي أعطاه الدراهم أخذ غير اسمه فلا يجوز شراؤه وإن كان الذي يعطي الدراهم هو صاحب الإسم فقد باع أحدهما الآخر بما لا يحل له فإن كان الآخر هو صاحب الإسم فلا يجوز له لأنه لا يدري ما باع أقليلا بكثير أم كثيرا بقليل ولا يدري ما تبلغ حياة صاحبه فهذا الغرر لا يجوز ( قال سحنون ) قال لي الوليد بن مسلم سمعت أبا عمرو الأوزاعي يقول أوقف عمر بن الخطاب وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الفيء وخراج الأرض للمجاهدين ففرض منه للمقاتلة والعيال والذرية فصار ذلك سنة لمن بعده فمن افترض فيه ونيته الجهاد فلا بأس بذلك ( قال سحنون ) قال الوليد وحدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن القاسم بن عبد الرحمن عن رجل قال عرضت علي الفريضة فقلت لا أفترض حتى ألقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت أبا ذر فسألته فقال لي افترض فإنه اليوم معونة وقوة فإذا كان ثمنا عن دين أحدكم فاتركوه ( قال سحنون ) قال الوليد بن مسلم وحدثني خليد عن قتادة عن الأحنف بن قيس عن أبي ذر مثله ( قال سحنون ) قال الوليد بن مسلم الدمشقي وأخبرني بن لهيعة عن بكر بن عمرو المعافري عن عبد الله بن محيريز أن أصحاب العطاء أفضل من المتطوعة لما يروعون ( قال سحنون ) قال الوليد وأخبرني يحيى بن مسيك أنه سمع مكحولا يقول روعات البعوث تنفي روعات القيامة ( قال سحنون ) قال الوليد بن مسلم وأخبرني مسلمة بن علي عن خالد بن حميد مثله
ما جاء في الجعائل وذكر أخذ الجزية من المجوس وغيرهم ( قلت ) أرأيت الجعائل هل سمعت من مالك فيها شيئا ( قال ) قال مالك لا بأس
____________________
(3/43)
________________________________________
بذلك ( قال ) وأخبرني مالك أن أهل المدينة كانوا يفعلون ذلك ( قلت ) أرأيت الجعائل في البعوث أيجوز هذا أم لا في قول مالك ( قال ) سألنا مالكا عن ذلك فقال لا بأس به لم يزل الناس يتجاعلون بالمدينة عندنا قال كانوا يتجاعلون بجعل القاعد للخارج ( قال ) فقلنا ويخرج لهم العطاء قال مالك ربما خرج لهم وربما لم يخرج لهم ( قلت ) فهذا الذي ذكر مالك أنه لا بأس به بالجعائل بينهم لأهل الديوان بينهم قال نعم ( قلت ) فلو جعل رجل من أهل الديوان لرجل من غير أهل الديوان شيئا على أن يغزو عنه ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يعجبني ( قال ) ولقد سألنا مالكا عن الرجل يأتي عسقلان وما أشبهها غازيا ولا فرس معه فيستأجر من رجل من أهلها فرسا يغزو عليه أو يرابط عليه فكره ذلك ولم يعجبه أن يعمد رجل في سبيل الله معه فرس فيؤاجره ( فقيل ) لمالك فالقوم يغزون فيقال لهم من يتقدم إلى الحصن وما أشبهه من الأمور التي يبعث فيها فله كذا وكذا فأعظم ذلك وشدد فيه الكراهية من أن يقاتل أحد على مثل هذا أو يسفك فيه دمه ( قلت ) أرأيت الذي قلت لي إن مالكا كره للرجل أن يكون بعسقلان فيؤاجر فرسه ممن يحرس عليه لا يشبه الذي يجعل لغيره على الغزو ( فقال ) هذا أيسر عندي في الفرس منه في الرجل ألا ترى إن مالكا كره للرجل أن يكون بعسقلان يؤاجر فرسه في سبيل الله فهو إذا آجر نفسه أشد كراهية ألا ترى إن مالكا قد كره للذي يعطيه الوالي على أن يتقدم إلى الحصن فيقاتل فكره له الجعل فهذا يدلك ( قلت ) فلم جوز مالك لأهل العطاء أن يتجاعلوا بينهم ( قال ) ذلك وجه شأنهم لأنها مباعث مختلفة وإنما أعطوا أعطياتهم على هذا وما أشبهه فأهل الديوان عندي مخالفون لمن سواهم ( قال ) والذي يؤاجر نفسه في الغزوان ذلك لا يجوز في قول مالك وهو رأيي أنه لا يجوز وأما أهل الديوان فيما بينهم فليست تلك اجارة إنما تلك جعائل لأن سد الثغور عليهم وبهذا مضى أمر الناس ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن بكر بن عمرو المعافري عن عكرمة عن بن عباس أنه كان يقول لا بأس بالطوى من مأجور
____________________
(3/44)
________________________________________
إلى ماحوز إذا ضمنه الإنسان ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن يحيى بن سعيد قال في الطوى لو أن رجلا قال لرجل خذ بعثي وآخذ بعثك وأزيدك دينارا أو بعيرا أو شيئا فلا بأس بذلك
وقال الليث مثله ( بن وهب ) عن عبد الرحمن بن شريح قال يكره من الطوى أن يعقد الرجلان الطوى قبل أن يكتتبا في البعثين اللذين يتطاويان فيهما وذلك أن يقول الرجل للرجل قبل الطوى اكتتب في بعث كذا وكذا وأنا أكتتب في بعث كذا وكذا ثم يعتقدان الطوى على ذلك وأما الطوى بعد الكتبة فلم أسمع أحدا ينكر ذلك إلا الرجل الذي يقف نفسه يتنقل من ماحوز إلى ماحوز التماس الزيادة في الجعل ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة أنه كان لا يرى بأسا بالطوى من ماحوز إلى ماحوز ( قال سحنون ) قال الوليد وحدثنا أبو عمرو بن جابر وسعيد بن عبد العزيز عن مكحول أنه كان لا يرى بالجعل في القبيلة بأسا ( قال بن جابر ) فسمعت مكحولا يقول إذا هويت المغزى فاكتتبت فيه ففرض لك فيه جعل فخذه وإن كنت لا تغزو إلا على جعل مسمى فهو مكروه ( قال ) بن جابر فكان مكحول إذا خرجت البعوث أوقع اسمه في المغزى بهواه فإن كان له فيه جعل لم يأخذه وإن كان عليه أداه ( سحنون ) قال الوليد وحدثني بن لهيعة عن بن هبيرة عن علي بن أبي طالب أنه قال في جعيلة الغازي إذا جعل الرجل في نفسه غزوا فجعل له فيه جعل فلا بأس به وإن كان إنما يغزو من أجل الجعل فليس له أجر
( بن وهب ) عن بن لهيعة وحيوة بن شريح عن حسين بن شقي الأصبحي عن الصحابة أنهم قالوا يا رسول الله أفتنا عن الجاعل والمجتعل في سبيل الله فقال للجاعل أجر ما احتسب وللمجتعل أجر الجاعل والمجتعل ( بن وهب ) عن الليث بن سعد أن يعمر بن خالد المدلجي يحدث عن عبد الرحمن بن وعلة الشيباني أنه قال قلت لعبد الله بن عمر أنا نتجاعل في الغزو فكيف ترى فقال عبد الله بن عمر أما أحدكم إذا أجمع
____________________
(3/45)
________________________________________
على الغزو فعرضه الله رزقا فلا بأس بذلك وأما أحدكم أن أعطى درهما غزا وإن منع درهما مكث فلا خير في ذلك ( بن وهب ) عن حيوة بن شريح عن زرعة بن معشر عن تبيع أن الأمداد قالوا له ألا تسمع ما يقول لنا الربطاء يقولون ليس لكم أجر لأخذكم الجعائل فقال كذبوا والذي نفسي بيده إني لأجدكم في كتاب الله كمثل أم موسي أخذت أجرها وآتاها الله ابنها ( بن وهب ) عن حي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الجبلي وعمرو بن نصر عن تبيع مثله ( قال سحنون ) قال الوليد أخبرني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن عطية بن قيس الكلابي قال خرج على الناس بعث في زمان عمر بن الخطاب غرم فيه القاعد مائة دينار
باب الجزية ( قلت ) أرأيت الأمم كلها إذا رضوا بالجزية على أن يقروا على دينهم أيعطون ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك في مجوس البربر إن الجزية أخذها منهم عثمان بن عفان ( وقال مالك ) في المجوس ما قد بلغك عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سنوا بهم سنة أهل الكتاب
فالأمم كلها في هذا بمنزلة المجوس عندي ( قال ) ولقد سئل مالك عن الفزازنة وهم جنس من الحبشة سئل عنهم مالك فقال لا أرى أن يقاتلوا حتى يدعوا إلى الإسلام
ففي قول مالك هذا إذ قال لا أرى أن يقاتلوا حتى يدعوا فأراهم في قوله هذا أنهم يدعون إلى الإسلام فإن لم يجيبوا دعوا إلى إعطاء الجزية وأن يقروا على دينهم فإن أجابوا قبل ذلك منهم
فهذا يدلك على قول مالك في الأمم كلها إذ قال في الفزازنة انهم يدعون فكذلك الصقالبة والأبر والترك وغيرهم من الأعاجم ممن ليسوا من أهل الكتاب ( بن وهب ) عن مسلمة بن علي عن رجل عن أبي صالح السمان عن بن عباس قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم
____________________
(3/46)
________________________________________
إلى منذر بن ساوى أخي بني عبد الله بن غطفان عظيم أهل هجر يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام فرضي بالإسلام وقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل هجر فمن بين راض وكاره فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إني قرأت كتابك على أهل هجر فأما العرب فدخلوا في الإسلام وأما المجوس واليهود فكرهوا الإسلام وعرضوا الجزية فانتظرت أمرك فيهم فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عباد الله الأسديين فإنكم إذا أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ونصحتم لله ولرسوله وآتيتم عشر النخل ونصف عشر الحب ولم تمجسوا أولادكم فإن لكم ما أسلمتم عليه غير أن بيت النار لله ورسوله فإن أبيتم فعليكم الجزية فقرىء عليهم فكره اليهود والمجوس الإسلام وأحبوا الجزية فقال منافقو العرب زعم محمد أنه إنما بعث لقتال الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب ولا نراه إلا قد قبل من مشركي أهل هجر ما رد على مشركي العرب فأنزل الله تبارك وتعالى ! 2 < يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم > 2 ! ( بن وهب ) عن يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال هذا كتاب أخذته من موسى بن عقبة فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى منذر بن ساوى سلم أنت فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن كتابك جاءني وسمعت ما فيه فمن صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحنا فإن ذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله ومن يفعل ذلك منكم فهو آمن ومن أبى فعليه الجزية
في الخوارج ( قلت ) أرأيت قتال الخوارج ما قول مالك فيهم ( قال ) قال مالك في الأباضية والحرورية وأهل الأهواء كلهم أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا ( قال بن القاسم ) وقال مالك في الحرورية وما أشبههم أنهم يقتلون إذا لم يتوبوا إذا كان الإمام عدلا
فهذا يدلك على أنهم ان خرجوا على إمام عدل وهم يريدون قتاله ويدعون إلى ما هم عليه دعوا إلى الجماعة والسنة فإن أبوا قتلوا ( قال ) ولقد سألت مالكا عن أهل
____________________
(3/47)
________________________________________
العصبية الذين كانوا بالشام قال مالك أرى للإمام أن يدعوهم إلى الرجوع وإلى مناصفة الحق بينهم فإن رجعوا وإلا قوتلوا ( قلت ) أرأيت الخوارج إذا خرجوا فأصابوا الدماء والأموال ثم تابوا ورجعوا ( قال ) بلغني أن مالكا قال الدماء موضوعة عنهم وأما الأموال فإن وجدوا شيئا عندهم بعينه أخذوه وإلا لم يتبعوا بشيء من ذلك وإن كانت لهم الأموال لأنهم إنما استهلكوها على التأويل وهذا الذي سمعت ( قلت ) فما فرق ما بين المحاربين والخوارج في الدماء ( قال ) لأن الخوارج خرجوا على التأويل والمحاربين خرجوا فسقا وخلوعا على غير تأويل وإنما وضع الله عن المحاربين إذا تابوا حد الحرابة حق الإمام وأنه لا يوضع عنهم حقوق الناس وإنما هؤلاء الخوارج قاتلوا على دين يرون أنه صواب ( قلت ) أرأيت قتلى الخوارج أيصلى عليهم أم لا ( قال ) لا قال لي مالك في القدرية والإباضية لا يصلى على موتاهم ولا تتبع جنائزهم ولا تعاد مرضاهم فإذا قتلوا فذلك أحرى أن لا يصلى عليهم ( بن وهب ) عن سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال ذكرت الخوارج واجتهادهم عند بن عباس وأنا عنده قال فسمعته يقول ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود والنصاري ثم هم يضلون ( بن وهب ) عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عبد الكريم أن الحرورية خرجت فنازعوا عليا وفارقوه وشهدوا عليه بالشرك ( بن وهب ) عن يونس عن بن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال يا رسول الله أعدل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلك من يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أعدل فقال عمر يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه فقال دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود أحد عضديه مثل
____________________
(3/48)
________________________________________
ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على خير فرقة من الناس ( قال ) أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتى به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعته ( بن وهب ) عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي بن أبي طالب فقالوا لا حكم إلا لله فقال علي كلمة حق أريد بها باطل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم وأشار إلى حلقه من أبغض خلق الله إليه منهم أسود إحدى يديه كطبي شاة أو حلمة ثدي فلما قتلهم علي بن أبي طالب قال أنظروا فنظروا فلم يجدوا شيئا فقال أرجعوا فوالله ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلاثا ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه قال عبيد الله أنا حاضر ذلك من أمورهم وقول علي فيهم ( قال ) بكير وحدثني رجل عن بن جبير أنه قال رأيت ذلك الأسود ( بن وهب ) عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن بن عباس أنه قال أرسلني علي إلى الحرورية لأكلمهم فلما قالوا لا حكم إلا لله فقلت أجل صدقتم لا حكم إلا لله إن الله قد حكم في رجل وامرأة وحكم في قتل الصيد فالحكم في رجل وامرأة وصيد أفضل من الحكم في الأمة ترجع به وتحقن دماءها ويلم شعثها قال بن الكوى دعوهم فإن الله قد أنبأكم أنهم قوم خصمون ( بن وهب ) عن عمرو بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه عن عبد الله بن عمر وذكرت الحرورية فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال هاجت الفتنة الأولى فأدركت رجالا ذوي عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغنا أنهم كانوا يرون أن يهدم أمر الفتنة فلا يقام فيه على رجل قاتل في تأويل القرآن قصاص فيمن قتل
____________________
(3/49)
________________________________________
ولا حد في سبى امرأة سبيت ولا نرى عليها حدا ولا يرى بينها وبين زوجها ملاعنة ولا نرى أن يقذفها أحد إلا جلد الحد ونرى أن ترد إلى زوجها الأول بعد أن تعتد فتنقضي عدتها من زوجها الآخر ونرى أن ترث زوجها الأول ( وذكر ) عن بن شهاب قال ولا يضمن ما ذهب إلا أن يوجد شيء بعينه فيرد إلى أهله ( مالك ) عن عمه أبي سهيل بن مالك قال سألني عمر بن عبد العزيز وأنا معه ماذا ترى في هؤلاء القدرية قال قلت استتبهم فإن تابوا وإلا فاعرضهم على السيف قالعمر وأنا أرى ذلك ( قال مالك ) ورأيي على ذلك ( بن وهب ) عن أسامة بن زيد عن أبي سهيل بن مالك أن عمر بن عبد العزيز قال له ما الحكم في هؤلاء القدرية قال قلت يستتابون فإن تابوا قبل ذلك منهم وإن لم يتوبوا قوتلوا على وجه البغي قال عمر بن عبد العزيز ذلك الرأي فيهم قال ويحهم فأين هم عن هذه الآية ^ فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم
____________________
(3/50)
________________________________________
كتاب الصيد من المدونة الكبرى ( قلت ) لابن القاسم صف لي الباز المعلم والكلب المعلم في قول مالك ( قال ) قال مالك هو الذي يفقه إذا زجر ازدجر وإذا أشلى أطاع ( قلت ) أرأيت إذا أرسل كلبه ونسي التسمية ( قال ) قال مالك كله وسم الله ( قلت ) وكذلك في الباز والسهم ( قال ) نعم كذلك هذا عند مالك ( قيل ) أرأيت إن ترك التسمية عمدا في شيء من هذا ( قال ) ما سمعت فيه شيئا ولقد سألته عن تفسير حديث عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة حين قال لغلامه سم الله ويحك مرتين أو ثلاثا فيقول الغلام قد سميت ولا يسمعه التسمية فقال مالك لا أرى ذلك على الناس إذا أخبر الذابح أنه قد سمى الله قال بن القاسم من ترك التسمية عمدا على الذبيحة لم أر أن تؤكل الذبيحة وهو قول مالك والصيد عندي مثله ( قال مالك ) وأما الرجل يذبح في خاصة نفسه فيأخذ بحديث عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي فلا أرى به بأسا ( قلت ) أرأيت المسلم والمجوسي إذا أرسلا الكلب جميعا فأخذ الصيد فقتله أيؤكل في قول مالك ( قال ) ما سمعت منه فيه شيئا إلا أني سمعت مالكا يقول في كلب المسلم إذا أرسله المجوسي فأخذ فقتل أنه لا يؤكل وأرى هذا أنه لا يؤكل ( قلت ) أرأيت إن أرسلت كلبي على صيد فتواريا عني جميعا فأخذه الكلب فقتله ثم وجدته أآكله أم لا ( قال ) قال مالك إذا أصابه ميتا وفيه أثر كلبه أو أثر سهمه أوأثر بازه فليأكله ما لم يبت ( قال مالك ) فإن بات فلا يأكله وإن كان الذي به قد أنفذ مقاتله فلا يأكله لأنه قد بات عنه وإن أدركه من يومه ميتا وفيه أثر كلبه فليأكله ( قلت ) أرأيت إن
____________________
(3/51)
________________________________________
توارى الكلب أو الباز مع الصيد فرجع الرجل إلى بيته ثم طلبه بعد ذلك فأصابه من يومه ذلك أيأكله أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن لا يأكله لأنه قد تركه ورجع إلى بيته ألا ترى أنه لا يدري لعله لو كان في الطلب ولم يفرط إنه كان يدرك ذكاته قبل أن يموت فهو لما رجع إلى بيته فقد فرط فلا يأكله لموضع ما فرط في ذكاته ألا ترى إنه لو أدركه ولم ينفذ الكلب مقاتله فتركه حتى قتله الكلب لم يأكله فهذا حين رجع إلى بيته بمنزلة هذا الذي أدرك كلبه ولم ينفذ مقاتل الصيد فتركه حتى قتله الكلب فلا يأكله لأنه لعله لو كان في الطلب أدركه قبل أن ينفذ الكلب مقاتله ولعله إنما أنفذ الكلب مقاتله بعد ما جرحه وبعد أن أخذه فلو كان هذا في الطلب لعله كان يدركه قبل أن ينفذ مقاتله ( قال ) ولقد سئل مالك عن الرجل يرسل كلبه أو بازه على الصيد فيدركه وبه من الحياة ما لو شاء أن يذكيه ذكاه ولم ينفذ الكلب أو الباز مقاتله فيشتغل باخراج سكينه من خرجه أو لعلها أن تكون مع رجل خلفه فينتظره حتى يأتيه أو مع غلامه فلا يخرج السكين من خرجه ولا يدركه من كان معه سكين حتى يقتل الكلب الصيد أو الباز أو يموت وإن عزل الكلب والبازي عنه ( قال مالك ) لا يأكله لأنه قد أدركه حيا ولو شاء أن يذكيه ذكاه إلا أن يكون أدركه وقد أنفذ الكلب مقاتله فلا بأس أن يأكله لأن ذكاته ها هنا ليست بذكاة ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الصيد يدركه الرجل وقد أنفذ الكلب مقاتله أو الباز فيفرط في ذكاته ويتركه حتى يموت أيأكله ( قال ) نعم لا بأس بذلك وليأكله ( قلت ) أرأيت الذي توارى عني فأصبته من الغد وقد أنفذت مقاتله بسهمي أو أنفذت مقاتله ببازي أو كلابي لم قال مالك لا يأكله إذا بات وقال كله ما لم يبت ( قال ) لم أر لمالك ها هنا حجة أكثر من أنها السنة عنده ( قلت ) أرأيت السهم إذا أصبته فيه قد أنفذ مقاتله إلا أنه بات عني لم قال مالك لا يأكله ( قال ) في السهم بعينه سألنا مالكا أيضا إذا بات وقد أنفذ السهم مقاتله فقال لا يأكله ( قلت ) أرأيت إن أرسل كلبه فأخذ الصيد فأكل منه أكثره أو أقله فأصاب منه بقيته أيأكله في قول مالك
____________________
(3/52)
________________________________________
أم لا ( قال ) قال مالك يأكله ما لم يبت ( قلت ) أرأيت الكلب إذا كان كلما أرسله على صيد أخذه فأكل منه أو جعل يأكل ما أخذ أهذا معلم في قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت إن أدركه وقد أنفذ الكلب مقاتله أو سهمه أو بازه فأدركه على تلك الحال يضطرب أيدعه حتى يموت أو يذكيه ( قال ) يفرى أوداجه فذلك أحسن عند مالك وإن تركه حتى يموت أكله ولا شيء عليه ولقد سئل مالك عن الرجل يدرك الكلب أو الباز على صيده فيريد أن يذكيه فلا يستطيع فقال مالك إن هو غلبه عليه ولم يأت التفريط منه حتى فات بنفسه فليأكله وإن هو لو شاء أن يعزله عزله عنه فذكاه فلم يعزله حتى مات فلا يأكله ( قلت ) أرأيت إن كنت لا أقدر أن أخلص الصيد من كلبي أو من بازي وأنا أقدر على أن أذكيه تحته أأتركه أم أذكيه ( قال ) قال مالك ذكه ( قلت ) أرأيت إن لم أذكه في مسئلتي أآكله أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا تأكله ( قلت ) أرأيت إن أدركته قد فرى الكلب أوداجه أو فراه سهمي أو بازي ( قال ) هذا قد فرغ من ذكاته ينكلها ( قلت ) أرأيت إن أدرك الصيد والكلاب تنهشه وليس معه ما يذكيه به فتركه حتى قتله الكلب أيأكله أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يأكله ( قلت ) أرأيت إن أدركه حيا فذهب يذبحه من غير أن يفرط ففات بنفسه أيأكله أم لا في قول مالك قال نعم يأكله عند مالك ( قلت ) أرأيت الفهد وجميع السباع إذا علمت أهي بمنزلة الكلاب في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكنها عندي بمنزلة الكلاب ( قلت ) أرأيت جميع سباع الطير إذا علمت أهي بمنزلة البزاة ( قال ) لا أدري ما مسئلتك هذه ولكن البزاة والعقبان والزمامجة والشذانقات
____________________
(3/53)
________________________________________
والسفاه والصقور وما أشبه هذه فلا بأس بها عند مالك ( قلت ) أرأيت الرجل يرسل كلبه على الصيد فيأخذه غيره أيأكله أم لا ( قال ) قال مالك لا يأكله ( قلت ) أرأيت إن نسي التسمية عند الإرسال أيأكل ( قال ) قال مالك يسمي الله إذا أكل ( قلت ) أرأيت إن ترك التسمية عمدا ( قال ) هذا بمنزلة الذبيحة إذا نسي التسمية فهو كمن نسي التسمية على الذبيحة وإذا ترك التسمية عامدا عند الإرسال فهو كمن ترك التسمية عند الذبيحة فلا يأكله ( قلت ) أرأيت إن أرسل كلبه على جماعة صيد ولم يرد واحدا منها دون آخر فأخذها كلها أو أخذ بعضها ( قال ) سألنا مالكا عن الذي يرسل بازه على جماعة من الطير وهو ينوي ما أخذ منها فيأخذ أحدها أو يرى جماعة من الطير ينويها فيصيب واحدا منها قال مالك يأكله فهذا يدلك على أنه إن صادها كلها فلا بأس بأكلها كلها ( قال ) وقال مالك إذا أصاب في رميته أثنين منها أكلهما ( قال ) ولقد سألناه عن الجماعتين من الطير تكونان في الهواء بعضهما فوق بعض فيرمي وهو يريد الجماعتين جميعا يريد ما أصاب منهما أيأكله ( قال ) قال لي مالك ما أصاب من الجماعتين جميعا أكله ( قال ) وقال مالك وإن أرسل كلبه على جماعة من الطير ونوى واحدا منها بعينه فأصاب الكلب غيره فلا يأكله ( قلت ) أرأيت الكلاب غير السلالقة إذا علمت أهي بمنزلة السلالقة في قول مالك ( قال قال مالك ) السلالقة وغيرها إذا علمت فهي سواء ( قلت ) أرأيت الكلب غير المعلم إذا أرسلته فصاد آكله أم لا ( قال ) لا تأكله إلا أن يكون معلما أو تدرك ذكاته فتذكيه وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت إن أرسلت كلبي من يدي وكان معي أو كان يتبعني فأثرت الصيد فأرسلت الكلب عليه وليس الكلب في يدي ولكنه بحال ما وصفت لك فانشلى الكلب فأخذ الصيد فقتله آكله أم لا ( قال ) كان مالك مرة يقول
____________________
(3/54)
________________________________________
إذا كان الكلب معه وأثار الرجل الصيد فأشلى الكلب فخرج الكلب في طلب الصيد بأشلاء الرجل لم يكن الكلب هو الذي خرج في طلب الصيد ثم أشلاه سيده بعد ذلك قال مالك فلا بأس به ( قال ) وأما إن كان الكلب هو الذي خرج في طلبه ثم أشلاه سيده بعد ذلك قال مالك فلا يأكله
قال فكان هذا قوله الأول ثم رجع عن ذلك وقال لا يأكله إلا أن يكون في يده ثم أرسله بعد أن أثار الصيد قال وقوله الأول أحب إلي إذا كان الكلب إنما خرج في طلب الصيد بأشلاء سيده إياه وإن كان في غير يده لأن الكلب ها هنا إذا خرج بأشلاء سيده فكأن السيد هو الذي أرسله من يده ( قلت ) أرأيت صيد الصبي إذا لم يحتلم أيؤكل إذا قتل الكلب صيده ( قال ) قال مالك ذبيحة الصبي تؤكل إذا أطاق الذبح وعرفه فكذلك صيده عندي بمنزلة الذبح ( قلت ) أرأيت إن أرسل كلبا معلما على صيد فأعانه عليه كلب غير معلم آكله أم لا ( قال ) قال مالك إذا أعانه عليه غير معلم لم يؤكل ( قلت ) أرأيت إن أرسلت بازي على صيد فأعانه عليه باز غير معلم ( قال ) قال مالك لا يؤكل ( قلت ) أرأيت إن أرسلت كلبي على صيد ونويت ما صاد من الصيد سوى هذا الصيد ولست أرى شيئا من الصيد غير هذا الواحد فأخذ الكلب صيدا وراء ذلك لم أره حين أرسلت الكلب فقتله آكله أم لا ( قال ) قال مالك في الرجل يرسل كلبه على جماعة من الصيد ونوى إن كان وراءها جماعة أخرى فما أخذ منها فقد أرسله عليها وذلك نيته ولا يعلم وراء هذه الجماعة جماعة من الصيد أخرى فأصاب صيدا وراء ذلك من الجماعة التي لم يكن يراها حين أرسل الكلب ( قال ) قال مالك يأكله وإن كان إنما أرسله على هذه الجماعة ووراءها جماعة أخرى لم ينو الجماعة التي وراءها فلا يأكله إن أخذ من الجماعة التي لم ينوها وإن رآها أو لم يرها ( قلت ) أرأيت إن أفلت الكلب من يدي على صيد فزجرته بعد ما انفلت من يدي ( قال ) قال لي مالك في الكلب يرى الصيد فيخرج فيعدو في طلبه ثم يشليه صاحبه فينشلى انه لا يؤكل لأنه خرج بغير إرسال صاحبه ( قلت ) أرأيت الكلب إذا أرسلته على الصيد فأدركه فقطع يده أو رجله فمات
____________________
(3/55)
________________________________________
من ذلك أو قتله الكلب بعد ذلك أيؤكل اليد والرجل وجميع الصيد أم لا ( قال ) سئل مالك عن الرجل يدرك الصيد فيضرب عنقه فيخزله أو يضرب وسطه فيخزله نصفين ( قال ) قال مالك يؤكل هذا كله
فقلت لمالك فإن قطع يدا أو رجلا ( قال ) لا يأكل اليد ولا الرجل وليذك ما بقي منه وليأكله فإن فات بنفسه قبل أن يذكيه من غير تفريط فليأكله ولا يأكل اليد ولا الرجل فكذلك مسئلتك في الكلاب إذا قطعت وكذلك الباز إذا ضرب الصيد فأطار جناحه أو رجله لم يؤكل ما أبان من الطير من جناح أو رجل بحال ما وصفت لك وإن خزلهما أكلهما جميعا ( قال ) نعم على قول مالك في الضرب الذي وصفت لك ( قلت ) أرأيت اليهودي والنصراني أيؤكل صيدهما في قول مالك إذا قتلت الكلاب الصيد ( قال ) قال مالك تؤكل ذبيحتهما فأما صيدهما فلا يؤكل وتلا هذه الآية ! 2 < تناله أيديكم ورماحكم > 2 ! فلم يذكر الله بهذا النصارى ولا اليهود ولا يؤكل صيدهما ( قال بن القاسم ) وهو رأيي أن لا يأكله ( قلت ) أرأيت ما صاد المجوسي من البحر أيؤكل في قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت ما صاد في البر أيؤكل في قول مالك ( قال ) لا إلا أن يدرك ذكاة ما صاد إذا لم ينفذ المجوسي مقاتله ( قلت ) أرأيت الدواب التي تخرج من البحر فتحيا اليوم واليومين والثلاثة والأربعة أتؤكل بغير ذكاة ( قال ) بلغني إن مالكا سئل عن ترس الماء أيذكي فقال مالك إني لا أعظم هذا من قول من يقول لا يؤكل إلا بذكاة ( قلت ) أرأيت النصراني إذا ذبح وسمى باسم المسيح أو أرسل كلبه أو بازه أو سهمه وسمى باسم المسيح أيؤكل أم لا ( قال ) سمعت مالكا يكره كل ما ذبحوا لأعيادهم وكنائسهم قال مالك أكره أكلها ( قال ) وبلغني عنه أنه تلا هذه الآية ! 2 < وما أهل به لغير الله > 2 ! وكان يكرهها كراهية شديدة ( قال ) وما سمعت من مالك في مسئلتك إذا سموا المسيح شيئا ( قال ) وأراهم إذا سموا المسيح بمنزلة ذبحهم لكنائسهم فلا أرى أن تؤكل ( قلت ) أرأيت كلب المجوسي إذا علمه المجوسي فأخذه المسلم فأرسله فأخذ أيأكل ما قتل قال نعم ( قلت ) وهذا قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت
____________________
(3/56)
________________________________________
الغلام إذا كان أبواه من أهل الذمة أحدهما مجوسي والآخر نصراني أتؤكل ذبيحته وصيده أم لا ( قال ) قال مالك الولد تبع للأب في الحرية فأرى الوالد إذا كان نصرانيا أن تؤكل ذبيحته ولا يؤكل صيده إلا أن يكون قد تمجس وتركه على ذلك فلا تؤكل ذبيحته ( قلت ) أرأيت ما قتلت الحبالات من الصيد أيؤكل أم لا ( قال ) قال مالك لا يؤكل إلا ما أدركت ذكاته من ذلك ( قال ) فقلت لمالك فإن كانت في الحبالات حديدة فانفذت الحديدة مقاتل الصيد ( قال ) قال مالك لا يؤكل منه إلا ما أدركت ذكاته ( قلت ) فهذا الذي قد أنفذت الحبالات مقاتله إن أدركه لم يكن له ذكاة في قول مالك
قال نعم لا ذكاة له ( قلت ) أرأيت صيد المرتد أيؤكل ( قال ) قال مالك ذبيحته لا تؤكل فكذلك صيده مثل قول مالك في الذبيحة انها لا تؤكل ( قلت ) أرأيت صيد الشبك أيحتاج فيه إلى التسمية كما يحتاج في صيد البر إلى التسمية عند الإرسال ( قال ) لا ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن صيد البحر مذكى كله عند مالك فإنما يحتاج إلى التسمية على ما يذكى ألا ترى أن المجوسي يصيده فيكون حلالا ( قلت ) أرأيت ما طفا على الماء من حيتان البحر ودواب البحر أيؤكل في قول مالك ( قال ) لا أدري ما الدواب ولكني لم أسمع مالكا يكره شيئا من دواب البحر ولم يكن يرى بالطافي بأسا ( قلت ) أرأيت الرجل يأخذ الطير من طير الماء فيذبحه فيجد في بطنه حوتا أيأكله ( قال ) قال مالك في الحوت يوجد في بطنه الحوت إنه لا بأس بأكله فكذلك ما في بطن الطير لا بأس به ( قلت ) أرأيت الجراد إذا وجد ميتا يتوطؤه غيري أو أتوطؤه أنا فيموت أيؤكل أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يؤكل ( قلت ) فإن صدت الجراد فجعلته في غرارة فيموت في الغرارة أيؤكل أم لا ( قال ) قال مالك لا يؤكل إلا ما قطعت رأسه فتركته حتى تطبخه أو تقليه أو تسلقه وإن أنت طرحته في النار أو سلقته أو قليته وهو حي من غير أن تقطف رأسه فذلك حلال أيضا عند مالك ولا يؤكل الجراد إلا بما ذكرت لك من هذا ( قلت ) أرأيت إن إخذ الجراد فقطع أجنحته وأرجله فرفعها حتى يسلقها أو
____________________
(3/57)
________________________________________
يقليها فتموت أيأكلها أم لا في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه إذا قطع أرجلها وأجنحتها فهو بمنزلة قطع رؤسها لأنها قد ماتت من فعل فعله من قطع أرجلها وأجنحتها فهو بمنزلة قطع رؤسها ( قلت ) فحين أخذها وأدخلها غرارته أليس إنما ماتت من فعله ( قال ) لم أر عند مالك القتلة إلا بشيء يفعله بها بحال ما وصفت لك ( قال بن القاسم ) ولقد سألنا مالكا عن خنزير الماء فلم يكن يجيبنا فيه ويقول أنتم تقولون خنزير ( قال بن القاسم ) وإني لاتقيه ولو أكله رجل لم أره حراما ( قلت ) أرأيت الرجل يدرك كلابه وقد أخذت الصيد وهو يقدر على أن يخلصه منها فيتركها تنهشه ويذكيه وهو في أفواهها فتنهشه وهو يذكيه حتى يموت ( قال ) قال مالك لا يؤكل لأني أخاف أن يكون إنما مات من نهشها ( قال بن القاسم ) إلا أن يكون يستيقن أنه قد ذكاه وحياته فيه مجتمعة قبل أن تنفذ مقاتله الكلاب فلا بأس بأكله لأن مالكا قال في الذي يذبح ذبيحته فتسقط في الماء بعد ما ذبحها أو تتردى من جبل أنه لا بأس بأكلها ( قال ) وقال لي مالك في الذي يذبح ذبيحته فيقطع منها بضعة قبل أن تزهق نفس الذبيحة ( قال ) مالك بئس ما صنع وأكلها حلال ( قلت ) أرأيت الرجل يرسل كلبه أو بازه على الصيد فيطلبه ساعة ثم يرجع الكلب عن الطلب ثم يعود في الطلب فيأخذ الصيد فيقتله أيؤكل أم لا وهل ترى رجوعه عن صيده قطعا لارسالي أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن كان إنما ضل عنه صيده فعطف الكلب أو الباز كما تصنع الجوارح إذا ضل عنها صيدها طلبته يمينا وشمالا وعطف كل ذلك في الطلب فهي على ارسالها ما دامت بهذه الحال فأما إن مر الكلب بكلب مثله فوقف يشمه أو مر على جيفة فوقف يأكل منها أو ما أشبه هذا أو يكون الطير عجز عن صيده فهذا تارك لما أرسل فيه وقد خرج من الإرسال الأول فإن كان لما عطف راجعا تاركا للطلب أبصر ذلك الصيد فطلبه أو لما رجع عاجزا عن صيده تاركا للطلب نظر إليه بعد ذلك فطلبه فهذا ابتداء منه ليس بإرسال وكذلك هذا في الكلاب ولم أسمع هذا من مالك ( قلت ) أرأيت الصيد إذا رماه رجل فأثخنه حتى
____________________
(3/58)
________________________________________
صار لا يستطيع الفرار فرماه آخر بعد ذلك فقتله أيؤكل أم لا ( قال ) قال مالك لا يؤكل فقد صار أسيره ( قلت ) فهل يضمنه هذا الذي رماه فقتله للأول ( فقال ) ما سمعت فيه شيئا وأراه ضامنا ( قلت ) أرأيت الرجل يرمي الصيد وهو في الجو فيصيبه فيقع إلى الأرض فيدركه ميتا فنظر فإذا سهمه لم ينفذ مقاتله أيؤكله في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يأكله لأنه لا يدري من أي ذلك مات أمن السقطة أو من السهم ( قال ) وقال مالك وكذلك الصيد يكون في الجبل فيرميه الرجل فيتردى من الجبل فيموت ( قال ) قال مالك لا يأكله إلا أن يكون قد أنفذ مقاتله بالرمية ( قلت ) له أرأيت الرجل يطلب الصيد فيحرجه حتى يدخله دار القوم فيأخذه أهل الدار أو يأخذه الذي طلبه في دار القوم لمن يكون
وكيف إن قال رب الدار دخل الصيد داري قبل أن يقع في ملكك أيها الطالب فقد صار ما في داري لي وقال الطالب أخذته قبل أن يقع في ملكك يا صاحب الدار لأن ما دخل دارك ليس بملك لك وإن كان لا مالك له ما القول في هذا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن الكلاب أو الرجل هو الذي اضطره ورهقه لأخذه فأراه له وإن كان لم يضطره وذلك بعيد لا يدري أتأخذه الكلاب أو الطارد في مثل ذلك أم لا وهو من الصيد بعيد فأرى الصيد لصاحب الدار ولا أرى لصاحب الكلاب ولا للطالب شيئا ( قال ) وقد سمعت مالكا يقول في الحبالات التي تنصب إن ما وقع فيها فأخذه رجل أجنبي أن صاحب الحبالات أحق به ( قلت ) أرأيت إن تعمدت صيدا فرميته وسميت فأصبت غيره آكله أم لا وكيف إن أنفذت الذي سميت عليه وأصبت آخر وراءه ولم أتعمده ( قال ) قال مالك لا تأكل إلا الذي تعمدته وحده ( قلت ) أرأيت إن رميت صيدا وتعمدته ونويته ونويت آخر إن كان وراءه فأصابه سهمي أنه مما أرمي ولست أرى وراءه شيئا فأصبت هذا الذي رميت فأنفذته وأصاب السهم آخر وراءه أو أصاب سهمي الذي وراءه وأخطأه آكله أم لا ( قال ) قد أخبرتك أن مالكا سئل عن الرجل يرسل كلبه على الجماعة من الصيد فيطلبها فيكون خلفها جماعة أخرى فيأخذ من
____________________
(3/59)
________________________________________
تلك التي كانت وراء ولا يأخذ من الجماعة الأولى فيقتله قال مالك إن كان حين أرسله ينوي إن كان خلفها جماعة أخرى فيأخذ من تلك التي كانت وراء ولا يأخذ من الجماعة الأولى فليأكله وإلا فلا فمسئلتك وهذه سواء ( قلت ) أرأيت ما أصاب بحجر أو ببندقة فخرق أو بضع أو بلغ المقاتل أيؤكل أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يؤكل وقال مالك ليس ذلك بخرق وإنما ذلك رض ( قلت ) أرأيت ما كان من معراض أصاب به فخرق ولم ينفذ المقاتل فمات أيؤكل أم لا في قول مالك ( قال ) نعم وهو بمنزلة السهم إذا لم يصب به عرضا ( قال ) وقال مالك إذا خرق المعراض أكل ما قتل ( قلت ) أرأيت إن رميت صيدا بعود أو بعصى فخرقته أيؤكل أم لا ( فقال ) هو مثل المعراض انه يؤكل ( قلت ) وكذلك إن رمى برمحه أو مطرده أو بحربته فخرق أيأكله قال نعم هذا كله سواء ( قلت ) أرأيت ما ند من الأنسية من الابل والبقر والغنم فلم يستطع أن يؤخذ أيذكى بما يذكى به الصيد من الرمي وغيره في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يؤكل ما ندمنها إلا أن يؤخذ فيذكى كما تذكى الابل والبقر والغنم ( قلت ) أرأيت ما أخذ من الصيد فدجن في أيدي الناس ثم استوحش وند أيذكي بما يذكى به الصيد من الرمي وغير ذلك ( قال ) نعم إذا ند ولحق بالوحش صار منها ( قال ) مالك ويذكى بما يذكى به الصيد ( قلت ) فلم قال مالك في هذا انه يذكى بما يذكى به الصيد وقال فيما ند من الأنسى أنه لا يذكى بما يذكى به الأنسى أرأيت هذا الصيد أليس قد كان إذا كان داجنا سبيله سبيل الأنسي فلما استوحش جعلت سبيله سبيل الوحش في الذكاة فلم لا يكون مثل ما ند من الأنسي واستوحش في الذكاة مثل الوحشي ( قال ) قال مالك هذا الأنسي إذا استوحش فإنما هو على أصله وأصله أن لا يؤكل إلا بالذبح أو النحر والوحشي إذا استوحش هو على أصله وأصل الصيد أنه يذكى بالرمي والذبح وغير ذلك ( قلت ) أرأيت إن رميت صيدا بسكيني أو بسيفي فأصبته فقتلته وقد بضع السيف أو السكين منه إلا أنه لم ينفذ مقاتله آكله
____________________
(3/60)
________________________________________
أم لا في قول مالك ( قال ) نعم أما إن مات قبل أن يذكيه بغير تفريط فكله عند مالك ( قال ) وقال مالك من رمى صيدا بسكين فقطع رأسه قال إن كان رماه حين رماه ونيته اصطياده فلا أرى بأكله بأسا وإن كان رماه حين رماه وليس من نيته اصطياده فلا يأكله ( قلت ) أرأيت إن رميت حجرا وأنا أظنه حجرا فإذا هو صيد فأصبته وأنفذت مقاتله آكله أم لا ( قال ) لا ألا ترى أن مالكا قال في الذي يرمي الصيد بسكين فيقطع رأسه وهو لا ينوي اصطياده إنه لا يأكله فهذا الذي رمى حجرا لم ينو اصطياد هذا الذي أصاب فلا يأكله ( قلت ) وكذلك إن رمى صيدا وهو يظنه سبعا أو خنزيرا فأصاب ظبيا إنه لا يأكله ( قال ) نعم مثل ما أخبرتك لأنه حين رمى لم يرد برميته الاصطياد فلا يأكله ( قلت ) لم كره مالك هذا الذي رمى ظبيا وهو يظنه سبعا فقال لا يأكله أرأيت لو أن رجلا أتى إلى شاة له فضربها بالسكين وهو لا يريد قتلها ولا ذبحها فأصاب حلقها ففرى الحلق والأوداج أيأكلها أم لا في قول مالك قال لا يأكلها لأنه لم يرد بها الذبح لأن مالكا قال لا تؤكل الأنسية بشيء مما يؤكل به الوحشي من الضرب والرمي فهذا والذي سألت عنه من إرساله على الصيد وهو يظن أنه سبع فهو سواء لا يؤكل واحد منهما لأنه إذا لم يرسله على صيده ولم يرد الذكاة وكذلك إذا ضرب شاته بسيفه وهو لا يريد ذكاتها ففرى أدراجها فلا يأكلها ( قلت ) أرأيت إن طلبت الكلاب الصيد أو البزاة فلم تزل في الطلب حتى مات من غير أن تأخذه الكلاب أو البزاة مات قبل أن تأخذه أيؤكل
قال لا يؤكل ( قلت ) أرأيت ان أخذته الكلاب فقتلته ولم تدمه حتى مات أيؤكل أم لا في قول مالك وكيف إن صدمته الكلاب فقتلته ولم تدمه أيؤكل أم لا
وكيف إن أدركت الصيد فجعلت أضربه بسيفي ولا يقطع السيف حتى مات من ذلك أيؤكل أم لا
وهذا السيف في هذا إذا لم يقطع والكلاب إذا لم تنيب وتدم بمنزلة واحدة لا يؤكل شيء من ذلك في قول مالك ( قال ) لا يؤكل شيء من ذلك كله لأن السيف إذا لم يقطع فهو عندي بمنزلة العصا لا تأكله وأما الكلاب إذا
____________________
(3/61)
________________________________________
صدمت فقتلت فهو عندي بمنزلة العصا ولا أرى أن يجوز من قتل الكلاب إلا ما يجوز من قتلك بيدك وما مات من الصيد من طلب الكلاب وما مات من عضها ولم تنيبه فلا يؤكل وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت إذا ند صيد وكان قد دجن عندي فهرب فصاده غيري لمن يكون ( قال ) قال مالك إن أخذه هذا الآخر بحدثان ما هرب من الأول ولم يلحق بالوحش ولم يستوحش فهو للأول وإن كان قد استوحش ولحق بالوحش ولم يأخذه الآخر بحدثان ما هرب من الأول فهو لمن أخذه ( قلت ) وكذلك البزاة والصقور والظباء وكل شيء ( قال ) كذلك قال لي مالك في البزاة والصقور والظباء وكل شيء ( قلت ) أرأيت إن ضربت فخذ الصيد أو رجله أو يده فتعلقت فمات ( قال ) قال مالك إن كان أبانها أو كانت متعلقة بشيء من الجلد أو اللحم لا يجرى فيه دم ولا روح ولا تعود لهيئتها أبدا فلا يؤكل ما تعلق منها على هذه الصفة وليذكه وليأكله وليطرح ما تعلق منه إلا أن يكون مما لو ترك عاد لهيئته يوما ما فلا بأس بأكله ( قلت ) أرأيت إن ضرب عنق الصيد فأبانه أيأكله أم لا ( قال ) يأكل الرأس وجميع الجسد ( قلت ) فإن ضرب خطمه فأبانه أيأكله أم لا ( قال ) هو مثل اليد والرجل عندي لا يأكله ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يؤكل الخطم ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا ضرب عنق شاة بالسيف فأبانها وهو يريد الذكاة أيأكلها أم لا ( قال ) قال مالك في رجل ذبح وهو يريد الذبح فأخطأ فذبح من العنق أو من القفا انها لا تؤكل فكذلك هذا الذي ضرب عنقها وهو يريد الذبح فأخطأ لا تؤكل ( قلت ) هل يكره مالك شيئا من الطير فقال لا ( قلت ) أرأيت الأرنب والضب ما قول مالك فيهما ( قال ) قال مالك لا بأس بأكل الضب والأرنب والوبر والظرانيب والقنفذ ( قلت ) أرأيت الضبع والثعلب والذئب هل يحل
____________________
(3/62)
________________________________________
مالك أكلها ( قال ) قال مالك لا أحب أكل الضبع ولا الذئب ولا الثعلب ولا الهر الوحشي ولا الأنسي ولا شيء من السباع ( وقال مالك ) ما فرس وأكل اللحم فهو من السباع ولا يصلح أكله لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ( قال سحنون ) كان بن القاسم يكره صيد النصراني وأنا لا أرى بأكل صيد النصراني بأسا
____________________
(3/63)
________________________________________
كتاب الذبائح من المدونة الكبرى ( قلت ) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت اليربوع والخلد هل يحل أكله في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا إذا ذكى وهو عندي مثل الوبر وقد قال مالك في الوبر إنه لا بأس به ( قلت ) أرأيت هوام الأرض كلها خشاشها وعقاربها ودودها وحياتها وما أشبه هذا من هوامها أيؤكل في قول مالك ( قال ) سمعت مالكا يقول في الحيات إذا ذكيت في موضع ذكاتها إنه لا بأس بأكلها لمن احتاج إليها قال ولم أسمع من مالك في هوام الأرض شيئا إلا أني سمعت مالكا يقول في خشاش الأرض كله إنه إذا مات في الماء إنه لا يفسد الماء وما لم يفسد الماء والطعام فليس بأكله بأس إذا أخذ حيا فصنع به ما يصنع بالجراد وأما الضفادع فلا بأس بأكلها وإن ماتت لأنها من صيد الماء كذلك قال مالك
ولقد سئل مالك عن شيء يكون في المغرب يقال له الحلزون يكون في الصحارى يتعلق بالشجر أيؤكل قال أراه مثل الجراد ما أخذ منه حيا فسلق أو شوي فلا أرى بأكله بأسا وما وجد منه ميتا فلا يؤكل ( قلت ) أرأيت الحمار الوحشي أيؤكل إذا دجن وصار يحمل عليه كما يحمل على الاهلي ( قال ) قال مالك إذا صار بهذه المنزلة فلا يؤكل ( قال بن القاسم ) وأنا لا أرى به بأسا ( قلت ) أرأيت الجلالة من الإبل والبقر والغنم هل يكره مالك لحومها ( قال ) قال مالك لو كرهتها لكرهت الطير التي تأكل الجيف قال مالك لا بأس بالجلالة ( قلت ) أرأيت الطير كله أليس لا يرى مالك بأكله بأسا
____________________
(3/64)
________________________________________
الرخم والعقبان والنسور والحدآن والغربان وما أشبهها قال نعم قال مالك لا بأس بأكلها كلها ما أكل الجيف وما لم يأكل ولا بأس بأكل الطير كله ( قلت ) أرأيت الرجل يذبح بالعرشدة أو بالعود أو بالحجر أو بالعظم ومعه السكين أيجوز ذلك ( قال ) قال مالك إذا احتاج الرجل إلى الحجر والعظم والعود وما سواه من هذه الأشياء فذبح بها إن ذلك يجزئه ( قال بن القاسم ) فإذا ذبح بها من غير أن يحتاج إليها لأن معه السكين فليأكله إذا فرى الاوداج ( قلت ) ويجيز مالك الذبح بالعظم قال نعم ( قلت ) أرأيت إن ذبح فقطع الحلقوم ولم يقطع الاوداج أو فرى الاوداج ولم يقطع الحلقوم أيأكله ( قال ) قال مالك لا يأكله إلا بإجتماع منهما جميعا لا يأكله إن قطع الحلقوم ولم يفر الاوداج وإن فرى الاوداج ولم يقطع الحلقوم فلا يأكله أيضا ولا يأكله حتى يقطع جميع ذلك كله الحلقوم والاوداج جميعا ( قلت ) أرأيت المرىء هل يعرفه مالك ( قال ) لم أسمع مالكا يذكر المرىء ( قلت ) هل ينحر ما يذبح أو يذبح ما ينحر في قول مالك ( قال ) قال مالك لا ينحر ما يذبح ولا يذبح ما ينحر ( قال بن القاسم ) فقلت لمالك فالبقر إن نحرت أترى أن تؤكل ( قال ) نعم وهي خلاف الإبل إذا ذبحت
قال مالك والذبح فيها أحب إلي لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ! 2 < إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة > 2 ! قال فالذبح أحب إلي فإن نحرت أكلت ( قال ) والبعير إذا ذبح لا يؤكل إذا كان من غير ضرورة لأن سنته النحر ( قلت ) وكذلك الغنم إن نحرت لم تؤكل في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان ذلك من غير ضرورة ( قلت ) وكذلك الطير كله ما نحر منه لم يؤكل في قوله ( قال ) لم أسأله عن الطير وكذلك هو عندي لا يؤكل ( قلت ) أرأيت إن وقع في البئر ثور أو بعير أو شاة ولا يستطيعون أن ينحروا البعير ولا يذبحوا البقرة ولا الشاة ( قال ) قال مالك ما اضطروا إليه في مثل هذا فإن ما بين اللبة والمذبح منحر ومذبح فإن ذبح فجائز وإن نحر فجائز ( قلت ) ولا يجوز في غير هذا ( قال بن القاسم ) قلنا لمالك فالجنب والكتف والجوف قال قال مالك لا يؤكل إذا لم يكن في الموضع
____________________
(3/65)
________________________________________
الذي ذكرت لك ما بين اللبة والمذبح ويترك يموت ( قلت ) أرأيت مالكا هل كان يأمر بأن توجه الذبيحة إلى القبلة ( قال ) قال مالك نعم توجه إلى القبلة قال مالك وبلغني أن الجزارين يجتمعون على الحفرة يدورون بها فيذكون الغنم حولها قال فبعثت في ذلك لينهى عنه فأمرت أن يأمروهم بأن يوجهوها إلى القبلة ( قلت ) هل كان مالك يكره أن يبدأ الجزار بسلخ الشاة قبل أن تزهق نفسها ( قال ) نعم كان يكره ذلك ويقول لا تنخع ولا تقطع رأسها ولا شيء من لحمها حتى تزهق نفسها ( قلت ) فإن فعلوا ذلك بها ( قال ) قال مالك لا أحب لهم أن يفعلوا ذلك بها
قال فإن فعلوا ذلك بها أكلت وأكل ما قطع منها ( قلت ) أرأيت النخع عند مالك أهو قطع المخ الذي في عظام العنق قال نعم ( قلت ) وكسر العنق من النخع ( قال ) نعم إن انقطع النخاع في قول مالك ( قلت ) أرأيت إن سبقت يده في ذبيحته فقطع رأسها أيأكلها أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك يأكلها إذا لم يتعمد ذلك قلت فإن تعمد ذلك لم يأكله في قول مالك قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن كان أضجعها للذبح فذبحها وأجاز على الحلقوم والاوداج وسمى الله ثم تمادى فقطع العنق فأرى أن تؤكل لأنها بمنزلة ذبيحة ذكيت ثم عجل فأحتز رأسها قبل أن تموت فلا بأس بأكلها وكذلك قال لي مالك في التي تقطع رأسها قبل أن تموت ( قالسحنون ) اختلف قول بن القاسم فيها فمرة قال لا تؤكل إذا تعمد قطع رأسها ثم رجع فقال لي تؤكل وان تعمد ذلك ( قلت ) أرأيت إن وجه ذبيحته لغير القبلة أيأكل منها
قال نعم يأكل وبئس ما صنع ( قلت ) كيف التسمية عند مالك على الذبيحة ( قال ) بسم الله والله أكبر ( قلت ) هل كان مالك يكره ان يذكر على الذبيحة صلى الله على رسول الله بعد التسمية أو يقول محمد رسول الله بعد التسمية ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وذلك موضع لا يذكر هنا الا اسم الله وحده ( قلت ) أرأيت الضحايا هل يذكر عليها اسم الله ويقول بعد التسمية اللهم تقبل من فلان ( قال ) قال مالك يقول على الضحايا بسم الله والله أكبر فإن أحب قال اللهم تقبل مني
____________________
(3/66)
________________________________________
والا فإن التسمية تكفيه ( قال ) فقلت لمالك فهذا الذي يقول الناس اللهم منك وإليك فأنكره وقال هذا بدعة ( قلت ) أرأيت المرأة تذبح من غير ضرورة أتؤكل ذبيحتها في قول مالك
قال نعم تؤكل ( قال ) ولقد سألت مالكا عن المرأة تضطر إلى الذبيحة وعندها الرجل النصراني أتأمره أن يذبح لها فقال لا ولكن تذبح هي ( قلت ) أفتحل ذبائح نساء أهل الكتاب وصبيانهم ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن إذا حل ذبائح رجالهم فلا بأس بذبائح نسائهم وصبيانهم إذا أطاقوا الذبح ( قلت ) أرأيت ما ذبحوه لاعيادهم وكنائسهم أيؤكل ( قال ) قال مالك أكرهه وما أحرمه وتأول مالك فيه أو فسقا أهل لغير الله به وكان يكرهه كراهية شديدة من غير أن يحرمه ( قلت ) أرأيت مالكا هل كان يكره للمسلم أن يمكن أضحيته أو هديه من أحد من النصارى أو اليهود أن يذبحها ( قال ) كان مالك يكره أن يمكن أضحيته أو هديه من أحد من الناس أن يذبحها ولكن يليها هو نفسه ( قال ) وقال مالك وإن ذبح النصراني أضحيته المسلم أعاد ضحيته
قال بن القاسم واليهودي مثله ( قلت ) فإن ذبحها من يحل ذبحه من المسلمين أيجزئه في قول مالك ( قال ) قال مالك يجزئه وبئس ما صنع والشأن أن يليها هو نفسه أعجب إلى مالك ( قلت ) أرأيت ما ذبحت اليهود من الغنم فأصابوه فاسدا عندهم لا يستحلونه لأجل الرئة وما أشبهها التي يحرمونها في دينهم أيحل أكله للمسلمين ( قال ) كان مالك يجيزه مرة فيما بلغني ثم لم أزل أسمعه يكرهه بعد فقال لا يؤكل ( قال بن القاسم ) رأيت مالكا يستثقل ذبائح اليهود والنصارى ولا يحرمها ( قال بن القاسم ) ورأيي أن ما ذبحت اليهود مما لا يستحلونه أن لا يؤكل ( قلت ) هل كان يكره مالك ذبائح اليهود والنصارى من أهل الحرب ( قال ) أهل الحرب والذين عندنا من النصارى واليهود عند مالك سواء في ذبائحهم وهو يكره ذبائحهم كلها من غير أن يحرمها ويكره اشتراء اللحم من مجازرهم ولا يراه حراما ( قال مالك ) وبلغني أن عمر بن الخطاب كتب إلى البلدان ينهاهم أن يكون النصارى واليهود في أسواقهم صيارفة أو جزارين وأن يقاموا من
____________________
(3/67)
________________________________________
الأسواق كلها فإن الله قد أغنانا بالمسلمين ( قال ) فقلت لمالك ما أراد بقوله يقامون من الأسواق
قال لا يكونون جزارين ولا صيارفة ولا يبيعون في أسواق المسلمين في شيء من أعمالهم قال مالك وأرى أن يكلم من عندهم من الولاة في ذلك أن يقيموهم ( قلت ) أرأيت الرجل المسلم يريد إلى اليهودية أو إلى النصرانية أتحل ذبيحته في قول مالك قال لا ( قلت ) ذبيحة الاخرس أتؤكل ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى بها بأسا ( قلت ) أرأيت إن تردت من جبل أو غير ذلك فاندق عنقها أو اندق منها ما يعلم أنها لا تعيش من ذلك أتؤكل أم في قول مالك ( قال ) قال مالك ما لم يكن قد نخعها ذلك فلا بأس به ( قال ) وقال لي مالك في الشاة التي تخرق بطنها فتشق أمعاؤها فتموت إنها لا تؤكل لأنها ليست تذكية لأن الذي صنع السبع بها كان قتلا لها وإنما الذي فيها من الحياة خروج نفسها لأنها لا تحيا على حال ( قلت ) أرأيت الازلام هل سمعت من مالك فيها شيئا ( قال مالك ) الازلام قداح كانت تكون في الجاهلية قال في واحد افعل وفي آخر لا تفعل والآخر لا شيء فيه قال فكان أحدهم إذا أراد سفرا أو حاجة ضرب بها فإن خرج الذي فيه افعل فعل ذلك وخرج وإن خرج الذي فيه لا تفعل ترك ذلك ولم يخرج وإن خرج الذي لا شيء فيه أعاد الضرب
____________________
(3/68)
________________________________________
كتاب الضحايا من المدونة الكبرى ( قلت ) لابن القاسم ما دون الثنى من الإبل والبقر والمعز هل يجزئ في شيء من الضحايا والهدايا في قول مالك أم لا ( قال ) لا الا الضأن وحدها فإن جذعها يجزئ ( قلت ) أرأيت الضحية هل تجزئ من ذبحها قبل أن يصلي الإمام في قول مالك قال لا ( قلت ) أهل البوادي وأهل الحضر والقرى في هذا سواء ( قال ) سمعت مالكا يقول في أهل القرى الذين ليس لهم إمام انهم يتحرون صلاة أقرب الأئمة إليهم وذبحه ( قالابن القاسم ) فإن تحرى أهل البوادي النحر فأخطؤا فذبحوا قبل الإمام لم أر عليهم إعادة إذا تحروا ذلك ورأيت ذلك مجزئا عنهم ( قلت ) أرأيت إن ذبحوا بعد الصلاة قبل أن يذبح الإمام أيجزئهم ذلك في قول مالك ( قال ) لا يجزئهم ذلك ولا يذبحون إلا بعد ذبح الإمام عند مالك وهذا في أهل المدائن ( قلت ) أرأيت مكسورة القرن هل تجزئ في الهدايا والضحايا في قول مالك ( قال ) قال مالك نعم إن كانت لا تدمي ( قلت ) ما معنى قوله لا تدمي أرأيت إن كانت مكسورة القرن قد برأ ذلك وانقطع الدم وجف أيصلح هذا أم لا في قول مالك ( قال ) نعم إذا برأت إنما ذلك إذا كانت تدمي بحدثان ذلك ( قلت ) لم كرهه مالك إذا كانت تدمي ( قال ) لأنه رآه مرضا من الأمراض ( قلت ) أرأيت الإمام أينبغي له أن يخرج أضحيته إلى المصلى فإذا صلى ذبحها مكانه كما يذبح الناس ( قال ) قال مالك هذا
____________________
(3/69)
________________________________________
وجه الشأن أن يخرج أضحيته إلى المصلى فيذبحها في المصلى ( قلت ) أرأيت الجرباء هل تجزئ ( قال ) إنما قال مالك المريضة البين مرضها إنها لا تجزئ وقال مالك في الحمرة انها لا تجزئ ( قلت ) لابن القاسم وما الحمرة ( قال ) البشمة قال لأن ذلك قد صار مرضا فالجرب إن كان مرضا من الأمراض لم يجز ( قلت ) أرأيت الهدي التطوع أيجزىء أن أسوقه عن أهل بيتي في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يشترك في الهدي وإن كان تطوعا ( قلت ) أرأيت الرجل يشتري الأضحية فيريد أن يبدلها أيكون له ذلك في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يبدلها الا بخير منها ( قلت ) فإن باعها فاشترى دونها ما يصنع بها وما يصنع بفضل الثمن ( قال ) قال مالك لا يجوز أن يستفضل من ثمنها شيئا وذكرت له الحديث الذي جاء في مثل هذا فأنكره وقال ليشتر بجميع الثمن شاة واحدة ( قلت ) فإن لم يجد بالثمن شاة مثلها كيف يصنع ( قال ) أرى أن يزيد من عنده حتى يشتري مثلها قال ولم أسمعه من مالك ( قلت ) له هل سألت مالكا عن الرجل يتصدق بثمن أضحيته أحب إليه أم يشتري أضحيته ( قال ) قال مالك لا أحب لمن كان يقدر على أن يضحي أن يترك ذلك ( قال ) فقلت له أفتجزيء الشاة الواحدة عن أهل البيت قال نعم
قال مالك ولكن إن كان يقدر فأحب إلي أن يذبح عن كل نفس شاة وإن ذبح شاة واحدة عن جميعهم أجزأه ( قال ) وسألته عن حديث أبي أيوب الأنصاري وحديث بن عمر فقال حديث بن عمر أحب إلي لمن كان يقدر ( قلت ) أرأيت الأضحية إذا نتجت ما يصنع بولدها في قول مالك ( قال ) كان مرة يقول إن ذبحه فحسن وان تركه لم أر ذلك عليه واجبا لأن عليه بدل أمه إن هلكت فلما عرضته على مالك قال امح واترك منها ان ذبحه معها فحسن ( قال بن القاسم ) ولا أرى ذلك عليه بواجب ( قلت ) أرأيت الأضحية أيصلح له أن يجز صوفها قبل أن يذبحها ( قال ) قال مالك لا ( قلت ) أرأيت جلد الأضحية أو صوفها أو شعرها هل يشتري به متاع البيت أو يبيعه في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يشتري به شيئا ولا يبيعه ولكن يتصدق به أو ينتفع به قال ولقد سألناه
____________________
(3/70)
________________________________________
عن الرجل يبدل جلد أضحيته بجلد اخر يكون أجود منه ( قال ) مالك لا خير فيه قال ولو أجزت له هذا لأجزت له أن يبدله بقلنسية أو ما أشبهها ( قلت ) أرأيت لبن الأضحية ما يصنع به ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا الا أن مالكا قد كره لبن الهدية وقد جاء في الحديث ما علمت أنه لا بأس أن يشرب منها بعد ري فصيلها ( قال بن القاسم ) فأرى إن كانت الأضحية ليس لها ولد أن لا يأكله إلا أن يكون ذلك مضرا بها فليحلبها ويتصدق به ولو أكله لم أر عليه بأسا وإنما رأيت أن يتصدق به لأن مالكا قال لا يجز صوفها وصوفها قد يجوز له أن ينتفع به بعد ذبحها فهو لا يجوز له أن يجزه قبل أن يذبحها وينتفع به فكذلك لبنها عندي ما لم يذبحها لا ينبغي له أن ينتفع به ( قلت ) أرأيت العين إذا كان فيها نقص هل تجوز في الضحايا والهدايا ( قال ) قال مالك إذا كان البياض أو الشيء ليس على الناظر وإنما هو على غيره فلا بأس بذلك ( قلت ) أرأيت الأذن إذا قطع منها ( قال ) قال مالك إذا كان إنما قطع منها الشيء اليسير أو أثر ميسم أو شق في الأذن يكون يسيرا فلا بأس به ( قال مالك ) وإن كان قد جدعها أو قطع جل أذنها فلا أرى ذلك ( قلت ) ولم يؤقت لكم في الأذن نصفا من ثلث قال ما سمعته ( قلت ) أرأيت العرجاء التي لا تجوز صفها في قول مالك ( قال ) العرجاء البين ظلعها هذا ما يدلك على ما يجوز منها ( قال ) قال مالك إلا أن يكون الشيء الخفيف الذي لا ينقص مشيها ولا تعب عليها فيه وهي تسير بسير الغنم من غير تعب فأرى ذلك خفيفا كذلك بلغني عن مالك ( قلت ) أرأيت إن اشتريت أضحية وهي سمينة فعجفت عندي أو أصابها عمى أو عور أيجزىء أن أضحي بها في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يجزئك ( وقال مالك ) إذا اشترى أضحية فأصابها عنده عيب أو اشتراها بذلك العيب لم يجزه فهي لا تجزئه إذا أصابها ذلك بعد الشراء ( قلت ) لم قال مالك هذا في الضحايا وقال في الهدى يجزئه إذا اشتراها صحيحة ثم عميت قبل أن ينحرها ولا شيء عليه في الهدى الواجب
____________________
(3/71)
________________________________________
والتطوع
قلت فما فرق مابين الضحايا والهدي ( قال ) لأن الأضحية لم تجب عليه كما يجب الهدى ألا ترى أن الهدي إذا ضل منه ثم أبدله بغيره ثم وجده بعد ذلك نحره ولم يكن ما أبدل مكانه يضع عنه نحره وأن الضحية لو ضلت عنه ثم أبدلها بغيرها ثم أصابها بعد ذلك لم يكن عليه ذبحها وكانت مالا من ماله فهذا فرق ما بينهما ( قلت ) أرأيت إن لم يبدل أضحيته هذه التي ضاعت حتى مضت أيام النحر ثم أصابها بعد أيام النحر كيف يصنع بها في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكن أرى أنه لا شيء عليه فيها لأن مالكا قال إذا وجدها وقد ضحى ببدلها أنه لا شيء عليه فيها فلو كانت واجبة عليه لكان عليه أن يذبحها إذا أصابها وإن كان قد أبدلها وقد مضت أيام النحر فليس على أحد أن يضحي بعد أيام النحر وهو بمنزلة رجل ترك الأضحى ( قلت ) وكذلك لو اشتراها فلم يضح بها حتى مضت أيام النحر ولم تضل منه ( قال ) هذا والأول سواء وهذا رجل قد أثم حين لم يضح بها ( قلت ) أرأيت إن سرقت أضحيته أو ماتت أعليه البدل ( قال ) قال مالك إذا ضلت أو ماتت أو سرقت فعليه أن يشتري أضحية أخرى ( قلت ) أرأيت إن أراد ذبح أضحيته فاضطربت فانكسرت رجلها أو اضطربت فأصابت السكين عينها فذهبت عيها أيجزئه أن يذبحها وإنما أصابها ذلك بحضرة الذبح ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا إلا ما أخبرتك وأرى أن لا يجزئ عنه ( قلت ) أرأيت الشاة تخلق خلقا ناقصا ( قال ) قال مالك لا تجزئ إلا أن تكون جلحاء أو سكاء والسكاء التي تكون لها أذنان صغيران ( قال بن القاسم ) ونحن نسميها الصمعاء فأما أن خلقت بغير أذنين خلقا ناقصا فلا خير في ذلك ( قلت ) أرأيت إن ذبح رجل أضحيتي عني بغير امرى أيجزئني ذلك أم لا ( قال ) ما سمعت من مالك في هذا شيئا إلا أني أرى إن كان مثل الولد في عيال أبيه وعياله الذين إنما ذبحوها له ليكفوه مؤنتها فأرى ذلك مجزئا عنه وإن كان على غير ذلك لم يجز ( قلت ) أرأيت أن غلطنا فذبح صاحبي أضحيتي وذبحت أنا أضحيته أيجزئ عنا في قول مالك أم لا ( قال ) بلغني أن مالكا قال لا يجزئ ويكون
____________________
(3/72)
________________________________________
كل واحد منهما ضامنا لأضحية صاحبه ( قلت ) أرأيت المسافر هل عليه أن يضحي في قول مالك ( قال ) قال مالك المسافر والحاضر واحد في الضحايا ( قلت ) أفعلى أهل مني أن يضحوا في قول مالك ( قال ) قال لي مالك ليس على الحاج أضحية وإن كان من سكان منى بعد أن يكون حاجا ( قلت ) فالناس كلهم عليهم الأضاحي في قول مالك إلا الحاج قال نعم ( قلت ) فعلى العبيد أضاحي في قول مالك ( قال ) سئل مالك عن الأضحية عن أمهات الأولاد فقال ليس ذلك عليهن فالعبيد أحرى أن لا يكون ذلك عليهم والعبيد مما لا اختلاف فيه أنه ليس عليهم أضحية ( قلت ) أرأيت ما في البطن هل يضحى عنه في قول مالك قال لا ( قلت ) أرأيت النحر كم هو في قول مالك ( قال ) ثلاثة أيام يوم النحر ويومان بعده وليس اليوم الرابع من أيام الذبح وإن كان الناس بمنى فإنه ليس من أيام الذبح ( قلت ) فيضحي ليلا ( قال ) قال مالك لا يضحى ليلا ومن ضحى ليلا في ليالي أيام النحر أعاد أضحيته ( قلت ) فإن نحر الهدايا ليلا أيعيدها أم لا ( قال ) قال مالك من نحر هديته ليلة النحر أعادها ولم يجزه ( قلت ) فإن نحرها في ليالي أيام النحر أيجزئه ذلك ( قال ) أرى عليه الإعادة وذلك أن مالكا قال لي واحتج بهذه الآية ليذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإنما ذكر الله تبارك وتعالى الأيام ولم يذكر الليالي ( قال بن القاسم ) وإنما ذكر الله هذا في كتابه في الهدايا في أيام منى ( قلت ) أرأيت كل من تجب عليهم الجمعة أعليهم أن يجمعوا صلاة العيدين في قول مالك قال نعم ( قلت ) فأهل منى لا جمعة عليهم ولا صلاة عند مالك ( قال ) نعم لا جمعة عليهم وليس عليهم صلاة العيد عند مالك ( قلت ) أرأيت الأبرجة هل يصاد حمامها أو ينصب لها أو يرمى قال سئل مالك عن حمام الأبرجة إذا دخلت حمام هذا البرج في حمام هذا البرج أو حمام هذا البرج في حمام هذا البرج ( قال مال ) إن كان يستطاع أن ترد حمام كل واحد منهما إلى برجه رد ذلك وإن كان لا يستطاع لم أر عليهم شيئا فأرى أن لا يصاد منها شيء ومن
____________________
(3/73)
________________________________________
صاده فعليه أن يرده أو يعرفه ولا يأكله ( قلت ) أرأيت الأجباح إذا نصبت في الجبال فيدخلها النحل لمن يكون النحل ( قال ) مالك هي لمن وضع الأجباح ( قلت ) أرأيت إن صاد طيرا في رجليه سباقان بازا أو عصفورا أو غير ذلك أو صاد ظبيا في أذنيه قرط أو في عنقه قلادة ( قال ) يعرفه وينظر فإن كان إنما كان هروبه من صاحبه ليس بهروب انقطاع ولا توحش فعليه أن يرده إلى صاحبه وإن كان هروبه هروبا قد ند وتوحش فليس لصاحبه الأول عليه سبيل وهو لمن أخذه وكذلك قال مالك فيه غير مرة ولا مرتين ( قلت ) فإن اختلفا فيه فقال الذي صاده لا أدري متى ذهب منك وقال الذي هو له إنما ذهب منى منذ يوم أو يومين ( قال ) القول قول الذي صاده وعلى الذي هو له البينة ( قلت ) أرأيت إن قتلت بازا معلما ما علي من الغرم لصاحبه أو في الكفارة فيما بيني وبين خالقي إذا كنت محرما ( قال ) يكون عليك لصاحبه قيمته معلما ويكون عليك في الفدية قيمته غير معلم ولكن عدله في كثرة لحمه كما يقوم غيره من الوحشية ( قلت ) وهذا قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت الكلاب هل يجيز مالك بيعها ( قال ) قال مالك لا يجوز بيعها ( قال بن القاسم ) ولا السلالقة قال نعم لا يجوز بيعها سلوقية ولا غيرها ( قلت ) أفيجيز مالك بيع الهر قال نعم ( قلت ) أفيجيز مالك بيع السباع أحياء النمور والفهود والأسد والذئاب وما أشبهها ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن إن كانت تشترى وتذكى لجلودها فلا أرى بأسا لأن مالكا قال إذا ذكيت السباع فلا أرى بالصلاة على جلودها ولا بلبسها بأسا ( قال بن القاسم ) وإذا ذكيت لجلودها لم يكن ببيع جلودها بأس ( قلت ) أرأيت كلب الدار إذا قتله رجل أيكون عليه قيمته ( قال ) قال مالك كلاب الدور تقتل ولا تترك فكيف يكون على هذا قيمة ( قلت ) فكلب الزرع وكلب الماشية وكلب الصيد إذا قتلها أحد أيكون عليه قيمتها قال نعم ( قال بن القاسم ) سمعت مالكا يقول في نصراني باع خمرا بدينار إنه كره للمسلم أن يتسلف ذلك
____________________
(3/74)
________________________________________
الدينار منه وكره أن يبيعه بذلك الدينار شيئا أو يعطيه فيه دراهم ويأخذ ذلك الدينار منه ( قال مالك ) ولا يأكل من طعام اشتراه النصراني بذلك الدينار ( قال مالك ) ولا بأس أن تقتضى ذلك الدينار منه من دين لك عليه ( قلت ) فما فرق بين الدين إذا قضاني الدينار وإذا وهبه لي أو اشتريته منه لم يجز ( قال ) قال مالك لأن الله تبارك وتعالى قد أمر بأخذ الجزية منهم ( قلت ) أرأيت صيد الحرم حمامه وغير حمامه إذا خرج من الحرم أيصاد أم لا ( قال ) سمعت أن مالكا كان يكره في حمام مكة أنه إذا خرج من الحرم إنه يكرهه ولا أرى أنا به بأسا أن يصيده الحلال في الحل ( قلت ) أرأيت إن رمى صيدا في الحرم ( قال ) هذا لا شك فيه أنه لا يؤكل عند مالك وعليه جزاؤه ( قلت ) فالأول الذي رمى من الحرم والصيد في الحل أيكون عليه الجزاء في قول مالك أم لا ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى عليه الجزاء ( قلت ) أرأيت ما صيد في الحل فأدخل الحرم أيؤكل في قول مالك أم لا ( قال ) سئل مالك عنها فأبى أن يجيب فيها ( قال بن القاسم ) ولا أرى أنا به بأسا أن يؤكل ذلك الصيد إذا كان ذلك الغصن الذي عليه الطير واقع قد خرج من الحرم وصار في الحل ( قال سحنون ) وأرى أن يؤكل لأن أصله في الحرم ولأنه مستأنس به كتاب العقيقة قال وقال بن القاسم سئل مالك عن العقيقة بالعصفور فقال ما يعجبني ذلك وما تكون الذبائح إلا من الأنعام قال والعقيقة مستحبة لم تزل من عمل المسلمين وليست بواجبة ولا سنة لازمة ولكن يستحب العمل بها وقد عق عن حسن وحسين ابني فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يجزئ فيها من الذبائح إلا ما يجزئ في الضحية لا يؤكل
____________________
(3/75)
________________________________________
كتاب النذور الأول ما جاء في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله ثم يحنث ( قال سحنون ) قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت الرجل يقول علي المشي إلى بيت الله إن كلمت فلانا فكلمه ما عليه في قول مالك ( قال ) قال مالك إذا كلمه فقد وجب عليه أن يمشي إلى بيت الله ( قلت ) ويجعلها في قول مالك إن شاء حجة وإن شاء عمرة قال نعم ( قلت ) فإن جعلها عمرة فحتى متى يمشي ( قال ) حتى يسعى بين الصفا والمروة ( قلت ) فإن ركب قبل أن يحلق بعد ما سعى في عمرته هذه التي حلف فيها أيكون عليه شيء في قول مالك ( قال ) لا وإنما عليه المشي حتى يفرغ من السعي بين الصفا والمروة عند مالك ( قلت ) فإن جعلها حجة فإلى أي موضع يمشي في قول مالك ( قال ) حتى يطوف طواف الإفاضة كذلك قال مالك ( قلت ) فإذا قضى طواف الإفاضة أيركب راجعا إلى منى في قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت إن جعل المشي الذي وجب عليه في حجة فمشى حتى لم يبق عليه الأطواف الإفاضة فأخر طواف الإفاضة حتى رجع من منى أيركب في رمي الجمار وفي حوائجه بمنى في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا يركب في رمي الجمار
قال مالك ولا بأس أن يركب في حوائجه ( قال بن القاسم ) وأنا لا أرى به بأسا وإنما ذلك عندي بمنزلة ما لو مشى فيما قد وجب عليه من حج أو عمرة فأتى المدينة فركب في حوائجه أو رجع من الطريق في حاجة له
____________________
(3/76)
________________________________________
ذكرها فيما قد مشى
قال فلا بأس أن يركب فيها وهذا قول مالك الذي أحب أن آخذ به ( قالابن وهب ) أخبرني عبد الله بن لهيعة عن عمارة بن غزية أنه سمع رجلا يسأل سالم بن عبد الله عن رجل جعل على نفسه المشي إلى الكعبة مائة مرة فقال سالم فليمش مائة مرة وعن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله عشر مرات من افريقية
قال أرى أن يوفي بنذره وذلك الذي كان يقوله الصالحون ويأمرون به ويحذرون في أنفسهم إذا قالوا غير ذلك لمن نذر نذرا أوجبه على نفسه غير وفاء الذي جعل على نفسه ( بن وهب ) وسئل مالك عن الذي يحلف بنذور مسماة إلى بيت الله أن لا يكلم أباه أو أخاه بكذا وكذا نذرا لشيء لا يقوى عليه ولو تكلف ذلك عاما بعام لعرف أنه لا يبلغ عمره ما جعل على نفسه من ذلك فقيل له هل يجزئه من ذلك نذر واحد أو نذور مسماة ( فقال ) ما أعلمه يجزئه من ذلك إلا الوفاء بما جعل على نفسه فليمش ما قدر عليه من الزمان وليتقرب إلى الله بما استطاع من الخير ( وقال ) الليث بن سعد مثل قول مالك ( بن وهب ) قال مالك سمعت أهل العلم يقولون في الرجل والمرأة يحلفان بالمشي إلى بيت الله الحرام انه من مشى لم يزل يمشي حتى يسعى بين الصفا والمروة فإذا سعى فقد فرغ إذا كان معتمرا وإن كان حاجا لم يزل يمشي حتى يفرغ من المناسك كلها ذلك عليه فإذا فرغ من الإفاضة فقد فرغ وتم نذره
وقالالليث ما رأيت الناس إلا على ذلك ( قلت ) ما قول مالك فيه إذا هو خرج ماشيا في مشي وجب عليه أله أن يركب في المناهل في حوائجه ( قال ) قال مالك نعم
قال وقال مالك لا بأس أن يركب في حوائجه ( قال بن القاسم ) ولا أرى بذلك بأسا وليس حوائجه في المناهل من مشيه ( قلت ) ما قول مالك إذا ذكر حاجة نسيها أو سقط بعض متاعه أيرجع فيها راكبا قال لا بأس بذلك ( قلت ) وهل يركب إذا قضى طواف الإفاضة في رمي الجمار بمنى ( قال ) نعم وفي رجوعه من مكة إذا قضى طواف الإفاضة إلى منى ( قلت ) أرأيت إن هو ركب في الإفاضة وحدها وقد مشى في حجة كله أيجب عليه لذلك في قول مالك دم أو يجب
____________________
(3/77)
________________________________________
عليه العودة ثانية حتى يمشي ما ركب ( قال ) أرى أن يجزئه ويكون عليه الهدي
قال لأن مالكا قال لنا لو أن رجلا مرض في مشيه فركب الأميال أو البريد أو اليوم ما رأيت عليه الرجوع ثانية لركوبه ذلك ورأيت أن يهدى هديا ويجزئ عنه ( قال مالك ) لو أن رجلا دخل مكة حاجا في مشي وجب عليه فلما فرغ من سعيه بين الصفا والمروة خرج إلى عرفات راكبا وشهد المناسك وأفاض راكبا ( قال مال ) أرى أن يحج الثانية راكبا حتى إذا دخل مكة وطاف وسعى خرج ماشيا حتى يفيض فيكون قد ركب ما مشى ومشى ما ركب ولم يره مثل الذي ركب في الطريق الأميال من المرض ( بن وهب ) قال أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري وحفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر قال إذا قال الإنسان علي المشي إلى الكعبة فهذا نذر فليمش إلى الكعبة ( قال ) وقال الليث مثله ( بن وهب ) قال وأخبرني مالك عن عبد الله بن أبي حبيبة قال قلت لرجل وأنا يومئذ حديث السن ليس على الرجل يقول علي المشي إلى بيت الله ولا يسمى نذر شيء فقال لي رجل هل لك أن أعطيك هذا الجرو لجرو فثاء هو في يده ويقول علي المشي إلى بيت الله فقلته فمكثت حينا حتى غفلت فقيل لي إن عليك مشيا فجئت سعيد بن المسيب فسألته عن ذلك فقال عليك مشي فمشيت ( بن وهب ) قال وأخبرني بن لهيعة عن أبي الأسود إن أهل المدينة يقولون ذلك ( بن وهب ) قال وأخبرني يونس عن ربيعة مثله ( بن مهدي ) عن عبد الله بن المبارك عن إسماعيل بن أبي خالد عن ابراهيم مثله ( قال ) وسألته عن رجل قال إن دخلت على أبي كذا وكذا شهرا فعلي المشي إلى الكعبة فاحتمله أصحابه فأدخلوه على أبيه فقال احتملني أصحابي فأدخلوني قال ليمش إلى الكعبة ( قال سحنون ) وإنما ذكرت لك هذا حجة على من زعم أن من حلف بالمشي على شيء أن لا يفعله من طاعة الله أو معصيته ففعله أن لا شيء عليه ( سحنون ) وإني لأقول إن فعل المكره ليس بفعل وأنه ليس بحانث ( وقد ) ذكر سفيان بن عيية عن إسماعيل بن أبي خالد قال سئل ابراهيم عن رجل حلف بالمشي أن لا يدخل
____________________
(3/78)
________________________________________
على رجل فاحتمل فأدخل عليه قال عليه يعنى المشي
ما جاء في الرجل يحلف بالمشي فيحنث من أين يحرم أو من أين يمشي أو يقول إن كلمته فأنا محرم بحجة أو بعمرة ( قال ) وقال مالك في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله فيحنث قال مالك يمشي من حيث حلف الا أن تكون له نية فيمشي من حيث نوى ( بن وهب ) عن عبد الرحمن بن إسحاق قال سألت سالم بن عبد الله عن امرأة نذرت أن تمشي إلى بيت الله ومنزلها بمران فتحولت إلى المدينة
قال ترجع فتمشي من حيث حلفت ( بن وهب ) عن الليث بن سعد أن يحيى بن سعيد كان يقول ما نرى الإحرام علي من نذر أن يمشي من بلد إذا مشى من ذلك البلد حتى يبلغ المنهل الذي وقت له ( قلت ) أرأيت رجلا قال إن كلمت فلانا فأنا محرم بحجة أو بعمرة ( قال ) قال مالك أما الحجة فإن حنث قبل أشهر الحج لم تلزمه حتى تأتي أشهر الحج فيحرم بها إذا دخلت أشهر الحج الا أن يكون نوى في نفسه أنا محرم من حين أحنث فأرى ذلك عليه حين يحنث وإن كان في غير أشهر الحج ( قال ) وأما العمرة فإني أرى الإحرام يجب عليه فيها حين يحنث الا أن لا يجد من يخرج معه ويخاف على نفسه ولا يجد من يصحبه فلا أرى عليه شيئا حتى يجد أنسا وصحابة في طريقه فإذا وجدهم فعليه أن يحرم بعمرة قلت فمن أين يحرم أمن الميقات أم من موضعه الذي حلف فيه في قول مالك قال ( ) من موضعه ولا يؤخر إلى الميقات عند مالك ولو كان له أن يؤخر إلى الميقات في الحج لكان له أن يؤخر ذلك في العمرة
ولقد قال لي مالك يحرم بالعمرة إذا حنث الا أن لا يجد من يخرج معه ويستأنس به فإن لم يجد أخر حتى يجد
فهذا يدلك في الحج أنه من حيث حنث إذ جعله مالك في العمرة غير مرة من حيث حنث الا أن يكون نوى من الميقات أو غير ذلك فهو على نيته ( قلت ) أرأيت إن قال رجل حين أكلم فلانا فأنا محرم يوم أكلمه فكلمه ( قال
____________________
(3/79)
________________________________________
أرى أن يكون محرما يوم يكلمه ( قلت ) أرأيت إن قال يوم أفعل كذا وكذا فأنا أحرم بحجة أهو مثل الذي قال يوم أفعل كذا وكذا فأنا محرم بحجة ( قال ) نعم هو سواء عند مالك ( قلت ) أرأيت إن قال إن فعلت كذا وكذا فأنا أحج إلى بيت الله ( قال ) أرى قوله فأنا أحج إلى بيت الله أنه إذا حنث فقد وجب عليه الحج وهو بمنزلة قوله فعلي حجة إن فعلت كذا وكذا وهذا مثل قوله إن فعلت كذا وكذا فأنا أمشي إلى مكة أو فعلي المشي إلى مكة فهما سواء وكذلك قوله فأنا أحج أو فعلي الحج هو مثل قوله فأنا أمشي أو فعلي المشي إلى مكة ( قال ) وقال مالك من قال علي المشي إلى بيت الله إن فعلت أو أنا أمشي إلى بيت الله إن فعلت فحنث ( قال ) فإن عليه المشي وهما سواء ( قال ) وكذلك قوله فأنا أحج أو فعلي الحج ( قلت ) أرأيت قوله علي حجة أو لله علي حجة أهما سواء وتلزمه حجة قال نعم ( بن مهدي ) عن يزيد عن عطاء عن مطرف عن فضيل عن إبراهيم قال إذا قال إن فعلت كذا وكذا فهو محرم فحنث فإذا دخل شوال فهو محرم وإذا قال يوم أفعل كذا وكذا فهو محرم فيوم يفعله فهو محرم ( بن مهدي ) عن المغيرة عن إبراهيم قال إذا قال إن فعل كذا وكذا فهو محرم بحجة فليحرم إن شاء من عامه وإن شاء متى ما تيسر عليه وان قال يوم أفعل ففعل ذلك فهو يومئذ محرم ( بن مهدي ) عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي مثله
في الرجل يحلف بالمشي فيعجز عن المشي ( قلت ) أرأيت ان مشي هذا الذي حلف بالمشي فحنث فعجز عن المشي كيف يصنع في قول مالك ( قال ) يركب إذا عجز عن المشي فإذا استراح نزل فمشي فإذا عجز عن المشي ركب أيضا حتى إذا استراح نزل ويحفظ المواضع التي مشي فيها والمواضع التي ركب فيها فإذا كان قابلا خرج أيضا فمشي ما ركب وركب ما مشي وأهراق لما ركب دما ( قلت ) وإن كان قد قضى ما ركب من الطريق ماشيا أيكون عليه الدم في قول مالك ( قال ) قال مالك عليه الدم لأنه فرق مشيه ( قلت ) فإن هو لم يتم مشيه في المرة الثانية أعليه أن يعود في الثالثة في قول مالك ( قال ) ليس عليه أن يعود
____________________
(3/80)
________________________________________
بعد المرة الثانية وليهرق دما ولا شيء عليه ( قلت ) فإن كان حين مضى في مرته الأولى إلى مكة فمشي وركب فعلم أنه إن عاد الثانية لا يقدر على أن يتم ما ركب ماشيا ( قال ) إذا علم أنه لا يقدر على أن يمشي في المواضع التي ركب فيها في المرة الأولى فليس عليه أن يعود ويجزئه الذهاب الأول وإن كانت حجة فحجة وإن كانت عمرة فعمرة ويهريق لما ركب دما وليس عليه أن يعود ( قلت ) فإن كان حين حلف بالمشي فحنث يعلم أنه لا يقدر على أن يمشي الطريق كله إلى مكة في ترداده إلى مكة مرتين أيركب في أول مرة ويهدي قال نعم ولا يكون عليه شيء غير ذلك في قول مالك ( قال ) وقال مالك يمشي ما أطاق ولو شيئا ثم يركب ويهدي ويكون بمنزلة الشيخ الكبير والمرأة الضعيفة ( قلت ) أرأيت إن حلف بالمشي فحنث وهو شيخ كبير قد يئس من المشي ما قول مالك فيه ( قال ) قال مالك يمشي ما أطاق ولو نصف ميل ثم يركب ويهدي ولا شيء عليه بعد ذلك ( قلت ) فإن كان هذا الذي حلف مريضا فحنث كيف يصنع في قول مالك قال أرى إن كان مريضا قد يئس من البرء فسبيله سبيل الشيخ الكبير وإن كان مرضه مرضا يطمع بالبرء منه وهو ممن لو صح كان يجب عليه المشي ليس بشيخ كبير ولا بامرأة ضعيفة فلينتظر حتى إذا صح وبرأ مشى الا أن يكون يعلم أنه إن برأ وصح لا يقدر على أن يمشي أصلا الطريق كله فليمش ما أطاق ثم ليركب ويهدي ولا شيء عليه وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت إن عجز عن المشي فركب كيف يحصي ما ركب في قول مالك أعدد الأيام أم يحصى ذلك في ساعات النهار والليل أم يحفظ المواضع التي يركب فيها من الأرض فإذا رجع ثانية مشي ما ركب وركب ما مشي ( قال ) إنما يأمره مالك بأن يحفظ المواضع التي ركب فيها من الأرض ولا يلتفت إلى الأيام والليالي فإن عاد الثانية مشى تلك المواضع التي ركب فيها من الأرض ( قلت ) ولا يجزئه عند مالك أن يركب يوما ويمشي يوما أو يمشي أياما ويركب أياما فإذا عاد الثانية قضى عدد الأيام التي ركب فيها ( قال ) لا يجزئه عند مالك لأن هذا إذا كان هكذا يوشك أن يمشي في المكان الواحد المرتين جميعا ويركب في
____________________
(3/81)
________________________________________
المكان الواحد المرتين جميعا فلا يتم المشي إلى مكة فليس معنى قول مالك على عدد الأيام وإنما هو على عدد المواضع من الأرض ( قلت ) والمشي في الرجال والنساء سواء في قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت إن هو مشي حين حنث فعجز عن المشي فركب ثم رجع من قابل ليقضي ما ركب فيه ماشيا فقوى على مشي الطريق كله أيجب عليه أن يمشي الطريق كله أم يمشي ما ركب ويركب ما مشى ( قال ) ليس عليه أن يمشي الطريق كله ولكن عليه أن يمشي ما ركب ويركب ما مشى قال وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت إن حنث فلزمه المشي فخرج فمشي فعجز ثم ركب وجعلها عمرة ثم خرج قابلا ليمشي ما ركب ويركب ما مشى فأراد أن يجعلها قابلا حجة أله ذلك أم ليس له أن يجعلها الا عمرة أيضا في قول مالك لأنه جعل المشي الأول في عمرة ( قال ) قال مالك نعم يجعل المشي الثاني إن شاء حجة وإن شاء عمرة ولا يبالي وإن خالف المشي الأول الا أن يكون نذر المشي الأول في حج فليس له أن يجعل الثاني في عمرة وإن كان نذره الأول في عمرة فليس له أن يجعل المشي الثاني في حج وهذا الذي قال لي مالك ( قلت ) وليس له أن يجعل المشي الثاني والأول في فريضة ( قال ) نعم ليس له ذلك ( مالك ) عن عروة بن أذينة قال خرجت مع جدة لي كان عليها مشي حتى إذا كنا ببعض الطريق عجزت فأرسلت مولى لها إلى بن عمر يسأله وخرجت معه فسأل عن ذلك بن عمر فقال مرها فلتركب ثم لتمش من حيث عجزت ( قال ) مالك وقاله سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن ( بن وهب ) عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن بن عباس مثل قول بن عمر قال بن عباس وتنحر بدنة ( بن وهب ) عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم مثل قول بن عباس قال ولتهد ( قال ) سفيان والليث ولتهد مكان ما ركبت ( بن مهدي ) عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال يمشي فإذا عجز ركب فإذا كان عاما قابلا حج فمشى ما ركب وركب ما مشى ( بن مهدي ) عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن بن عباس مثل ذلك
وذكر غير إسماعيل عن بن عباس قال هدي بدنة ( بن مهدي ) عن المغيرة عن إبراهيم في
____________________
(3/82)
________________________________________
رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله فمشي ثم أعيا قال ليركب وليهد لذلك هديا حتى إذا كان قابلا فليركب ما مشى وليمش ما ركب فإن أعيا في عامه الثاني ركب ( وقال ) سعيد بن جبير يركب ما مشى ويمشي ما ركب فبلغ الشعبي قول سعيد فأعجبه ذلك ( وقال ) علي بن أبي طالب يمشي ما ركب فإذا عجز ركب وأهدي بدنة ( وقال ) الحسن وعطاء مثل قول علي وإنما ذكرت لك قول علي والحسن وعطاء حجة لقول مالك لأنه لم يران عجز في الثانية أن يعود في الثالثة مع قول إبراهيم إنه ان عجز في الثانية ركب ولم يذكر أنه يعود في الثالثة وقد قال يعود في الثالثة لقول مالك الذي ذكرت لك ولم يقولوا إن عجز في الثانية أن يمشي في الثالثة
ما جاء في الرجل يحلف بالمشي حافيا فيحنث ( قلت ) أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله حافيا راجلا أعليه أن يمشي وكيف إن انتعل ( قال ) قال مالك ينتعل وإن أهدي فحسن وإن لم يهد فلا شيء عليه وهو خفيف ( بن وهب ) عن عثمان بن عطاء الخرساني عن أبيه أن امرأة من أسلم نذرت أن تمشي وتحج حافية ناشرة شعر رأسها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم استتر بيده منها وقال ما شأنها قالوا نذرت أن تحج حافية ناشرة شعرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروها فلتختمر ولتنتعل ولتمشي
ونظر النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع إلى رجلين نذرا أن يمشيا في قرن فقال لهما حلا قرنكما وامشيا إلى الكعبة وأوفيا نذركما ( قال سحنون ) ونظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل يمشي إلى الكعبة القهقري فقال مروه فليمش لوجهه ( وقال ) ربيعة بن أبي عبد الرحمن لو أن رجلا قال علي المشي إلى الكعبة حافيا لقيل له البس نعلين وامش فليس لله حاجة بحفائك إذا مشيت منتعلا فقد وفيت نذرك وقاله يحيى بن سعيد
ما جاء في الرجل يحلف بالمشي فيحنث فيمشي في حج فيفوته الحج ( قال ) وقال مالك في رجل حلف بالمشي إلى بيت الله فحنث فمشي في الحج ففاته الحج
____________________
(3/83)
________________________________________
قال مالك يجزئه المشي الذي مشى ويجعلها عمرة ويمشي حتى يسعى بين الصفا والمروة وعليه قضاء الحج عاما قابلا راكبا والهدي لفوات الحج ولا شيء عليه غير ذلك
في الرجل يحلف بالمشي فيحنث فيمشي في حج ثم يريد أن يمشي حجة الإسلام من مكة أو يجمعهما جميعا عند الإحرام ( قلت ) هل يجوز لهذا الذي حلف بالمشي فحنث فمشي وجعلها عمرة أن يحج حجة الإسلام من مكة ( قال ) قال مالك نعم يحج من مكة ويجزئه عن حجة الإسلام ( قلت ) ويكون متمتعا إن كان قد اعتمر في أشهر الحج قال نعم ( قلت ) أرأيت إن قرن الحج والعمرة يريد بالعمرة عن المشي الذي وجب عليه وبالحج حجة الفريضة أيجزئه ذلك عنهما جميعا ( قال ) لا يجزئه ذلك عن حجة الإسلام ( قلت ) ويكون عليه دم القران قال نعم ( قلت ) ولم لا يجزئه من حجة الإسلام ( قال ) لأن عمل العمرة والحج في هذا واحد فلا يجزئه من فريضته ولا من مشي أوجبه على نفسه ( قال ) ولقد سئل مالك عن رجل كان عليه مشي فمشى في حجة وهو صرورة يريد بذلك وفاء نذر يمينه واداء الفريضة عنه ( فقال ) لنا مالك لا يجزئه من الفريضة وهو للنذر الذي عليه من المشي وعليه حجة الفريضة قابلا وقالها غير مرة ( وقال ) المخزومي يجزئه عن الفريضة وعليه النذر
في الرجل يحلف أنا أحج بفلان إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث ( قلت ) ما قول مالك في الرجل يقول أنا أحج بفلان إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث ( قال ) قال مالك إذا قال الرجل أنا أحمل فلانا إلى بيت الله فإني أرى أن ينوي فإن كان أراد تعب نفسه وحمله على عنقه فأرى أن يحج ماشيا ويهدي ولا شيء عليه في الرجل ولا يحجه وإن لم ينو ذلك فليحج راكبا وليحج بالرجل معه ولا هدي عليه فإن أبى الرجل أن يحج فلا شيء عليه في الرجل وليحج هو راكبا ( قال سحنون
____________________
(3/84)
________________________________________
ورواه علي بن زياد عن مالك إن كان نوى أن يحمله إلى مكة يحجه من ماله فهو ما نوى ولا شيء عليه هو الا احجاج الرجل الا أن يأبى ( قال بن القاسم ) وقوله أنا أحج بفلان إلى بيت الله عندي أوجب عليه من الذي يقول أنا أحمل فلانا إلى بيت الله لا يريد بذلك على عنقه لأن احجاجه الرجل إلى بيت الله من طاعة الله فأرى ذلك عليه الا أن يأبى الرجل فلا يكون عليه شيء في الرجل ( قال ) وقال لنا مالك في الرجل يقول أنا أحمل هذا العمود إلى بيت الله أو هذه الطنفسة أو ما أشبه هذا من الأشياء إنه يحج ماشيا ويهدي لموضع ما جعل على نفسه من حملان تلك الأشياء وطلب مشقة نفسه فليضع المشقة عن نفسه ولا يحمل تلك الأشياء وليهد ( بن وهب ) عن سفيان والليث عن يحيى بن سعيد أنه قال في امرأة قالت في امرأة ابنها إن وطئتها فأنا أحملها إلى بيت الله فوطئها ابنها
قال تحج وتحج بها معها وتذبح ذبحا لأنها لا تستطيع حملها ( سحنون ) وأخبرني من أثق به عن بن مهدي عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال إذا قال أنا أهدي فلانا على أشفار عيني قال يحجه ويهدي بدنة
في الإستثناء في المشي إلى بيت الله ( قلت ) أرأيت من قال علي المشي إلى بيت الله إلا إن يبدو لي أو الا أن أرى خيرا من ذلك ما عليه ( قال ) عليه المشي وليس استثناؤه هذا بشيء لأن مالكا قال لا إستثناء في المشي إلى بيت الله ( قلت ) أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله إن شاء فلان ( قال ) هذا لا يكون عليه المشي إلا أن يشاء فلان وليس هذا بإستثناء وإنما مثل ذلك مثل الطلاق أن يقول الرجل امرأته طالق إن شاء فلان أو غلامي حر إن شاء فلان فلا يكون عليه شيء حتى يشاء فلان ولا إستثناء في طلاق ولا عتاق ولا مشي ولا صدقة
____________________
(3/85)
________________________________________
في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله ونوى مسجدا ( قلت ) أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله ونوى مسجدا من المساجد أتكون له نيته في قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله وليست له نية ما عليه في قول مالك ( قال ) عليه المشي إلى مكة إذا لم تكن له نية ( قلت ) أرأيت إن قال علي المشي ولم يقل إلى بيت الله ( قال ) إن كان نوى مكة مشي وإن لم يكن نوى ذلك فلا شيء عليه ( قلت ) أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله ونوى مسجدا من المساجد كان ذلك له في قول مالك قال نعم ( يونس ) وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن مثل قول مالك في الذي يحلف بالمشي إلى بيت الله وينوي مسجدا من المساجد إن له نيته ( وروى ) بن وهب عن مالك والليث مثل قول ربيعة
في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت المقدس أو إلى المدينة أو عسقلان ( قال ) وقال مالك في الذي يحلف بالمشي إلى مسجد الرسول أو مسجد بيت المقدس ( قال ) فليأتهما راكبا ولا شيء عليه ومن قال علي المشي إلى بيت الله فهذا الذي يمشي ( قال ) ومن قال علي المشي إلى غير هذه الثلاثة المساجد فليس عليه أن يأتيه مثل قوله علي المشي إلى مسجد البصرة أو إلى مسجد الكوفة فأصلي فيهما أربع ركعات قال فليس عليه أن يأتيهما وليصل في موضعه حيث هو أربع ركعات ( قال ) وقال مالك فيمن قال علي المشي إلى مسجد بيت المقدس فعليه أن يأتي مسجد بيت المقدس راكبا فيصلي فيه ( قال بن القاسم ) ومن قال علي المشي إلى بيت المقدس أو إلى المدينة فلا يأتيهما أصلا إلا أن يكون أراد الصلاة في مسجديهما فليأتهما راكبا ومن قال من أهل المدينة أو من أهل مكة أو من أهل بيت المقدس لله علي أن أصوم بعسقلان أو بالاسكندرية شهرا فعليه أن يأتي عسقلان أو الاسكندرية فيصوم بها كما نذر قال وكل موضع يتقرب فيه إلى الله بالصيام فليأته وإن كان من أهل المدينة ومكة ( قال بن القاسم ) ومن نذر أن يرابط فذلك عليه وإن كان من
____________________
(3/86)
________________________________________
أهل المدينة ومكة قال وهو قول مالك ( قال ) وقال مالك ومن قال لله علي أن آتي المدينة أو بيت المقدس أو المشي إلى المدينة أو المشي إلى بيت المقدس فلا شيء عليه إلا أن يكون نوى بقوله ذلك أن يصلي في مسجد المدينة أو في مسجد بيت المقدس فإن كانت تلك نيته وجب عليه الذهاب إلى المدينة أو إلى بيت المقدس راكبا ولا يجب عليه المشي وإن كان حلف بالمشي ولا دم عليه ( قال ) وقال مالك وإن قال علي المشي إلى مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس فهذا مخالف لقوله علي المشي إلى بيت المقدس أو علي المشي إلى المدينة هذا إذا قال علي المشي إلى بيت المقدس ممن لا يجب عليه الذهاب إلا أن ينوي الصلاة فيه
فإذا قال علي المشي إلى مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس وجب عليه الذهاب راكبا والصلاة فيهما وإن لم ينو الصلاة فيهما وهو إذا قال علي المشي إلى هذين المسجدين فكأنه قال لله علي أن أصلي في هذين المسجدين
في الرجل يحلف بالمشي إلى الصفا والمروة أو منى أو عرفة أو الحرم أو بشيء من الحرم ثم يحنث ( قلت ) أرأيت إن قال علي المشي إلى الصفا والمروة ( قال ) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا يلزمه المشي ( قلت ) أرأيت إن قال علي المشي إلى منى أو إلى عرفات أو إلى ذي طوى ( قال ) إن قال على المشي إلى ذي طوى أو منى أو عرفات أو غير ذلك من مواضع مكة لا يكون عليه شيء ( قلت ) أرأيت الرجل يحلف يقول علي المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى الحرم أو إلى الصفا أو إلى المروة أو إلى الحطيم أو الحجر أو إلى قعيقعان أو إلى بعض جبال الحرم أو إلى بعض مواضع مكة فحنث أيجب عليه ذلك أم لا ( قال ) لا أدري ما هذا كله إنما سمعت من مالك يقول من قال علي المشي إلى بيت الله أو علي المشي إلى مكة أو علي المشي إلى الكعبة إن هذا يجب عليه وأنا أرى أن من حلف بالمشي إلى غير مكة أو الكعبة أو المسجد أو البيت أن ذلك لا يلزمه مثل قوله علي المشي إلى الصفا أو إلى المروة أو إلى غير ذلك من جبال مكة أو إلى الحرم أو نحو ذلك أو إلى منى أو إلى المزدلفة أو إلى عرفات فإن ذلك لا يلزمه
____________________
(3/87)
________________________________________
( قلت ) أرأيت إن قال علي المشي إلى الحرم ( قال ) ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أرى عليه شيئا ( قلت ) أرأيت إن قال علي المشي إلى المسجد الحرام ( قال ) قال مالك عليه المشي إلى بيت الله ( قال بن القاسم ) ولا يكون المشي إلا على من قال مكة أو بيت الله أو المسجد الحرام أو الكعبة فما عدا أن يقول الكعبة أو البيت أو المسجد أو مكة أو الحجر أو الركن أو الحجر فذلك كله لا شيء عليه فإن سمى بعض ما سميت لك من هذا لزمه المشي
ما جاء في الرجل يقول إن فعلت كذا وكذا فعلي أن أسير أو أذهب أو أنطلق إلى مكة ( قلت ) أرأيت إن قال إن كلمت فلانا فعلي السير إلى مكة أو قال علي الذهاب إلى مكة أو قال علي الإنطلاق إلى مكة أو علي أن آتي مكة أو علي الركوب إلى مكة ( قال ) أرى أن لا شيء عليه إلا أن يكون أراد بذلك أن يأتيها حاجا أو معتمرا فيأتيها راكبا إلا أن يكون نوى أن يأتيها ماشيا وإلا فلا شيء عليه أصلا
وقد كان بن شهاب لا يرى بأسا أن يدخل مكة بغير حج ولا عمرة ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلها غير محرم ( قلت ) أرأيت إن قال علي الركوب إلى مكة ( قال ) أرى ذلك عليه ( قال سحنون ) وقد كان بن القاسم يختلف في هذا القول وأشهب يرى عليه في هذا كله إتيان مكة حاجا أو معتمرا
في الرجل يحلف يقول للرجل أنا أهديك إلى بيت الله ( قال ) وقال مالك من قال لرجل أنا أهديك إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث فعليه أن يهدي هديا ( قال ) وقال مالك إن قال لرجل أنا أهديك إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث فإنه يهدي عنه هديا ولم يجعله مالك مثل يمينه إذا حلف بالهدى في غير ماله ( قال عبد الرحمن بن القاسم ) وأخبرني بعض من أثق به عن بن شهاب أنه قال فيها مثل قول مالك ( بن وهب ) عن سفيان الثوري عن منصور
____________________
(3/88)
________________________________________
عن الحكم بن عتيبة أن علي بن أبي طالب قال في رجل قال لرجل أنا أهديك إلى بيت الله قال علي بن أبي طالب يهدي ( بن وهب ) عن سفيان عن عبد الكريم الجزوري عن عطاء قال يهدي شاة
في الرجل يحلف بهدي مال غيره ( قلت ) أرأيت الرجل يحلف بمال غيره فيقول دار فلان هذه هدي أو عبد فلان هدي أو يحلف بشيء من مال غيره من الأشياء كلها أنه هدي فيحنث ( قال ) قال مالك لا شيء عليه ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال إذا قال الرجل لعبده أو لأمته أو داره أنت هدي ثم حنث إنه يشتري بثمنه هديا ثم يهديه ولا يراه فيما سوى ذلك فيما لا يملك بيعه ولا يصلح أنه يقول فيه ذلك القول ( بن مهدي ) عن بشر بن منصور عن عبد الملك عن عطاء قال سرقت إبل للنبي صلى الله عليه وسلم وطردت وفيها امرأة فنجت على ناقة منها حتى أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني جعلت على نفسي نذرا إن الله أنجاني على ناقة منها حتى آتيك أن أنحرها قال لبئس ما جزيتها لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك بن آدم ( بن مهدي ) عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك بن آدم
في الرجل يحلف بالهدي أو يقول علي بدنة ( قلت ) أرأيت إن قال علي الهدي إن فعلت كذا وكذا فحنث ( قال ) قال مالك فعليه الهدي ( قلت ) أمن الإبل أو من البقر أو من الغنم ( قال ) قال لي مالك إن نوى شيئا فهو على ما نوى وإلا فبدنة فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد وقصرت نفقته فأرجو أن تجزئه شاة ( قلت ) لم أو ليس الشاة بهدي ( قال ) كان مالك يرجو بالشاة كرها قال مالك والبقر أقرب شيء إلى الإبل ( بن مهدي ) عن حماد عن قتادة عن خلاس
____________________
(3/89)
________________________________________
بن عمرو عن بن عباس قال بدنة أو بقرة أو كبش ( بن مهدي ) عن حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء عن بن عباس قال لا أقل من شاة ( وقال ) سعيد بن جبير البقر والغنم من الهدي ( قلت ) لابن القاسم أرأيت إن حلف فقال علي بدنة فحنث ( قال ) قال مالك البدن من الإبل فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فسبع من الغنم ( قال ) وقال مالك من قال لله علي أن أهدي بدنة فعليه أن يشتري بعيرا فينحره في قول مالك فإن لم يجد بعيرا فبقرة فإن لم يجد بقرة فسبعا من الغنم ( قلت ) أرأيت إن كان يجد الإبل فاشترى بقرة فنحرها وقد كانت وجبت عليه بدنة أتجزئه في قول مالك ( قال ) قال لنا مالك إن لم يجد الإبل اشترى البقر ( قال ) لي مالك والبقر أقرب شيء يكون إلى الإبل ( قال بن القاسم ) وإنما ذلك عندي إن لم يجد بدنة أي إذا قصرت النفقة فلم تبلغ نفقته بدنة وسع له أن يهدي من البقر فإن لم تبلغ نفقته البقر اشترى الغنم ( قال ) ولا يجزئه عند مالك أن يشتري البقر إذا كانت عليه بدنة إلا أن لا تبلغ نفقته بدنة لأنه قال فإن لم يجد فهو إذا بلغت نفقته فهو يجد ( قال بن القاسم ) وكذلك قال بن المسيب وخارجة بن زيد وقطيع من العلماء منهم أيضا سالم بن عبد الله قال وقالوا فإن لم يجد بدنة فبقرة ( قلت ) فإن لم يجد الغنم أيجزئه الصيام ( قال ) لا أعرف الصيام فيما نذر على نفسه إلا أن يحب أن يصوم فإن أيسر يوما ما كان عليه ما نذر على نفسه فإن أحب الصيام فعشرة أيام ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل ينذر عتق رقبة إن فعل الله به كذا وكذا فأراد أن يصوم إن لم يجد رقبة
قال قال لي مالك ما الصيام عندي بمجزىء إلا أن يشاء أن يصوم فإن أيسر يوما ما أعتق فهذا عندي مثله ( بن وهب ) عن سفيان عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال ليست البدن إلا من الإبل ( وقال ) طاوس والشعبي وعطاء ومالك بن أنس وخارجة بن زيد بن ثابت وسالم بن عبد الله وعبد الله بن محمد البدنة تعدل سبعا من الغنم
ما جاء في الرجل يحلف بالهدي أو ينحر بدنة أو جزورا قلت أرأيت من قال لله على أن أنحر بدنة أين ينحرها
قال بمكة قلت وكذلك
____________________
(3/90)
________________________________________
ان قال لله علي هدى قال ينحره أيضا بمكة قلت وهذا قول مالك قال نعم قلت فإن قال لله علي أن أنحر جزورا أين ينحره أو قال لله علي جزور أين ينحره قال ينحره في موضعه الذي هو فيه قال مالك ولو نوى موضعا فلا يخرجها إليه ولينحرها بموضعه الذي هي به قال بن القاسم كانت الجزور بعينها أو بغير عينها ذلك سواء قال فقلنا لمالك فإن نذرها لمساكين بالبصرة أو مصر وكان من غير أهل البصرة أو من غير أهل مصر قال مالك نعم وان نذرها لمساكين أهل البصرة أو أهل مصر فلينحرها بموضعه وليتصدق بها على مساكين من عنده اذا كانت بعينها أو بغير عينها أو نذر أن يشتريها من موضعه فيسوقها إلى مصر قال مالك وسوق البدن إلى غير مكة من الضلال بن وهب عن مالك عن نافع عن بن عمر قال من نذر بدنة فليقلدها وليشعرها ولا محل لها دون مكة بن مهدي عن قيس بن الربيع عن جابر عن عطاء عن بن عباس في رجل جعل على نفسه بدنة قال لا أعلم مهراق الدماء الا بمكة أو بمنى وقال الحسن والشعبي وعطاء مكة وقال سعيد بن المسيب البدن من الابل ومحلها البيت العتيق
ما جاء في الرجل يحلف بهدي لشيء من ماله بعينه مما يهدي أولا يهدي ( قال ) وقال مالك من حلف فقال داري هذه هدي أو بعيري هذا هدي أو دابتي هذه هدي فإن كان ذلك الذي حلف عليه مما يهدي أهداه بعينه إذا كان يبلغ وإذا كان مما لا يهدي باعه واشترى بثمنه هديا ( قال ) وقال مالك وإن قال لا بل له هي هدي إن فعلت كذا وكذا فحنث فهي كلها هدي وإن كانت ماله كله ( قال مالك ) وإن قال لشيء مما يملك من عبد أو دابة أو فرس أو ثوب أو عرض من العروض هو يهديه فإنه يبيعه ويشتري بثمنه هديا فيهديه
وإن قال لما لا يملك من عبد غيره أو مال غيره أو دار غيره فلا شيء عليه ولا هدي عليه فيه ( قال بن القاسم ) وأخبرني من أثق به عن بن شهاب أنه كان يقول في مثل هذه الأشياء مثل قول مالك سواء ( قلت ) أرأيت إن قال علي أن أهدي هذا الثوب أي شيء عليه في قول مالك ( قال ) يبيعه
____________________
(3/91)
________________________________________
ويشتري بثمنه هديا ويهديه ( قلت ) له فما قول مالك في هذا الثوب إذا كان لا يبلغ أن يكون في ثمنه هدي ( قال ) بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال يبعث بثمنه فيدفع إلى خزان مكة ينفقونه على الكعبة ( قال بن القاسم ) وأحب إلي أن يتصدق بثمنه ويتصدق به حيث شاء ألا ترى أن بن عمر كان يكسو جلال بدنه الكعبة فلما كسيت الكعبة هذه الكسوة تصدق بها ( قلت ) فإن لم يبيعوه وبعثوا بالثوب بعينه ( قال ) لا يعجبني ذلك لهم ويباع هناك ويشتري بثمنه هدي ( قال ) ألا ترى أن مالكا قال يباع الثوب والعبد والحمار والفرس وكل ما جعل من العروض هكذا ( قال ) وقال مالك إذا قال ثوبي هذا هدي فباعه واشترى بثمنه هديا وبعثه ففضل من ثمنه شيء بعث بالفضل إلى خزان مكة إذا لم يبلغ الفضل أن يكون فيه هدي ( قال بن القاسم ) وأحب إلي أن يتصدق به ( قلت ) أرأيت ما بعث به إلى البيت من الهدايا من الثياب والدنانير والدراهم والعروض أيدفع إلى الحجبة في قول مالك ( قال ) بلغني عن مالك فيمن قال لشيء من ماله هو هدي قال يبيعه ويشتري بثمنه هديا فإن فضل شيء لا يكون في مثله هدي ولا شاة رأيت أن يدفع إلى خزان الكعبة يجلونه فيما تحتاج إليه الكعبة ( قال بن القاسم ) ولقد سمعت مالكا وذكروا له أنهم أرادوا أن يشركوا مع الحجبة في الخزانة فأعظم ذلك وقال بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي دفع المفتاح إلى عثمان بن طلحة رجل من بني عبد الدار فكأنه رأى هذه ولاية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعظم ذلك أن يشرك معهم ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قال إن فعلت كذا وكذا فعلي أن أهدي دوري أو رقيقي أو دوابي أو غنمي أو أرضي أو بقري أو إبلي أو دراهمي أو دنانيري أو عروضي لعروض عنده أو قمحي أو شعيري فحنث كيف يصنع في قول مالك وهل هذا كله عند مالك سواء إذا حلف أم لا ( قال ) هذا كله عند مالك سواء إذا حلف فحنث أخرج ثمن ذلك كله فبعث به فاشتري له به هدي إلا الدنانير والدراهم فإنه بمنزلة الثمن يبعث بذلك ويشتري بها بدن كما وصفت لك والإبل والبقر والغنم إذا كانت بموضع تبلغ وإلا فهي عندي تباع
____________________
(3/92)
________________________________________
( بن مهدي ) عن سلام بن مسكين قال سألت جابر بن زيد عن امرأة عمياء كانت تعولها امرأة كانت تحسن إليها فآذتها بلسانها فجعلت على نفسها هديا ونذرا أن لا تنفعها بخير ما عاشت فندمت المرأة
قال جابر مرها فلتهد مكان الهدي بقرة وإن كانت المرأة معسرة فلتهد شاة ومرها فلتصم مكان النذر ( بن مهدي ) عن حماد بن سلمة عن إبراهيم في رجل نذر أن يهدي داره قال يهدي بثمنها بدنا ( وقال عطاء ) يشتري بها ذبئح فيذبحها بمكة فيتصدق بها ( وقال ) سعيد بن جبير يهدي بثمنها بدنا من حديث عبد الله بن المبارك ( وقال بن عباس ) في امرأة جعلت دارها هديا تهدي ثمنها
من حديث عبد الله المبارك عن مسعر عن بن هبيرة ( قال بن وهب ) وأخبرني يونس بن يزيد وغيره عن بن شهاب أنه قال إذا قال الرجل لعبده أو لأمته أو داره أنت هدي ثم حنث أنه يشتري بثمنه هديا ثم يهديه ولا أراه فيما سوى ذلك فيما لا يملك بيعه ولا يصلح أن يقول فيه ذلك القول ( قلت ) أرأيت قوله أنا أهدي هذه الشاة إن فعلت كذا وكذا فحنث أيكون عليه أن يهديها في قول مالك ( قال ) نعم عليه أن يهديها عند مالك إذا حنث إلا أن يكون بموضع بعيد فيبيعها ويشتري بثمنها شاة بمكة يخرجها إلى الحل ثم يسوقها إلى الحرم عند مالك إذا حنث ( قلت ) أرأيت إن قال لله علي أن أهدي بعيري هذا وهو بافريقية أيبيعه ويبعث بثمنه فيشتري به هديا من المدينة أو من مكة في قول مالك ( قال ) قال مالك الإبل يبعث بها إذا جعلها الرجل هديا يقلدها ويشعرها ولم يقل لنا من بلد من البلدان بعد ولا قرب ولكنه إذا قال بعيري أو إبلي هذه هدي أشعرها وقلدها وبعث بها ( قال بن القاسم ) وأنا أرى ذلك له لازما من كل بلد إلا من بلد يخاف بعده وطول سفره والتلف في ذلك فإذا كان هكذا رجوت أن يجزئه أن يبيعها ويبعث بأثمانها فيشتري له بها هدي من المدينة أو من مكة أو من حيث أحب ( قلت ) فإن لم يحلف على إبل بأعيانها ولكن قال لله علي أن أهدي بدنة إن فعلت كذا وكذا فحنث ( قال ) يجزئه عند مالك أن يبعث بالثمن فيشتري به
____________________
(3/93)
________________________________________
البدنة من المدينة أو من مكة فتوقف بعرفة ثم تنحر بمنى وإن لم توقف بعرفة أخرجت إلى الحل إن كانت اشتريت بمكة ونحرت بمكة إذا ردت من الحل إلى الحرم ( ) قال مالك وذلك دين عليه إن كان لا يملك ثمنها ( قلت ) فلو قال لله علي أن أهدي بقري هذه فحنث وهو بمصر أو بافريقية ما عليه في قول مالك ( قال ) البقر لا تبلغ من هذا الموضع فعليه أن يبيع بقره هذه ويبعث بالثمن فيشتري بالثمن هدي من حيث يبلغ ويجزئه عند مالك أن يشتري له من المدينة أو من مكة أو من حيث شاء من البلدان إذا كان الهدي الذي يشتري يبلغ من حيث يشتري ( قلت ) أرأيت إن قال لله علي أن أهدي بقري هذه وهو بافريقية فباعها وبعث بثمنها أيجزئه أن يشتري بثمنها بعيرا في قول مالك ( قال ) يجزئه أن يشتري بها إبلا فيهديها قال لأني لما أجزت له هذا البيع لبعد البلد صارت البقر كأنها دنانير أو دراهم فلا أرى بأسا أن يشتري بالثمن بعيرا وإن قصر عن البعير فلا بأس أن يشتري بقرة قال ولا أحب له أن يشتري غنما إلا أن يقصر الثمن عن البعير والبقر ( قلت ) فلو قال لله علي أن أهدي غنمي هذه أو بقري هذه فحنث وذلك في موضع تبلغ البقر والغنم منه وجب عليه أن يبعثها بأعيانها هديا ولا يبيعها ويشتري مكانها غيرها في قول مالك قال نعم
في الرجل يحلف بهدي جميع ماله أو شيء بعينه وهو جميع ماله ) ( قلت ) أرأيت ما قول مالك إذا قال الرجل إن فعلت كذا وكذا فلله علي أن أهدي مالي فحنث ( قال ) فعليه أن يهدي ثلث ماله ويجزئه ولا يهدي جميع ماله ( قلت ) وكذلك لو قال علي أن أهدي جميع مالي أجزأه من ذلك الثلث في قول مالك قال نعم ( قال ) وقال مالك إذا قال الرجل إن فعلت كذا وكذا فلله علي أن أهدي بعيري وشاتي وعبدي وليس له مال سواهم فحنث وجب عليه أن يهديهم ثلاثتهم بعيره وشاته وعبده فيبيعهم ويهدي ثمنهم وإن كانوا جميع ماله فيهدهم ( قلت ) فإن لم يكن له إلا عبد واحد ولا مال له سواه فقال لله علي أن أهدي عبدي هذا
____________________
(3/94)
________________________________________
إن فعلت كذا وكذا فحنث ( قال ) قال مالك عليه أن يهدي عبده يبيعه ويهدي ثمنه وإن لم يكن له مال سواه ( قلت ) فإن لم يكن له مال سوى العبد فقال إن فعلت كذا وكذا فلله علي أن أهدي جميع مالي فحنث ( قال ) قال مالك يجزئه أن يهدي ثلثه ( قلت ) وكذلك لو قال لله علي أن أهدي جميع مالي ( قال ) مالك يجزئه من ذلك الثلث ( قلت ) فإذا سماه فقال لله علي أن أهدي شاتي وبعيري وبقرتي فعدد ذلك حتى سمى جميع ماله فعليه إذا سمى أن يهدي جميع ما سمى وإن أتى ذلك على جميع ماله في قول مالك قال نعم ( قلت ) فإن لم يسم ولكنه قال لله علي أن أهدي جميع مالي فحنث فإنما عليه أن يهدي ثلث ماله في قول مالك قال نعم ( قلت ) فما فرق ما بينهما عند مالك إذا سمى فأتي على جميع ماله وإن لم يسم وقال جميع مالي أجزأه من ذلك الثلث ( قال ) قال مالك إنما ذلك عندي بمنزلة الرجل يقول كل امرأة أنكحها فهي طالق فلا شيء عليه وإذا سمى قبيلة أو امرأة بعينها لم يصلح له أن ينكحها فكذلك إذا سمى لزمه وكان آكد في التسمية ( قلت ) فلو قال إن فعلت كذا وكذا فأنا أهدي عبدي هذا وأهدي جميع مالي فحنث ما عليه في قول مالك ( قال بن القاسم ) يهدي ثمن عبده الذي سمى وثلث ما بقي من ماله ( قلت ) وكذلك هذا في الصدقة وفي سبيل الله قال نعم ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال من قال مالي صدقة كله تصدق بثلث ماله ( قال بن شهاب ) ولا أرى للرجل أن يتصدق بماله كله فينخلع مما رزقه الله ولكن بحسب المرء أن يتصدق بثلث ماله
في الرجل يحلف بصدقة ماله أو بشيء بعينه هو جميع ماله في سبيل الله والمساكين ( قال ) وقال مالك إذا حلف الرجل بصدقة ماله فحنث أو قال مالي في سبيل الله فحنث أجزأه من ذلك الثلث ( قال ) وإن كان سمى شيئا بعينه وإن كان ذلك الشيء جميع ماله فقال إن فعلت كذا وكذا فلله علي أن أتصدق على المساكين بعبدي هذا
____________________
(3/95)
________________________________________
وليس له ماله غيره أو قال فهو في سبيل الله وليس له مال غيره فعليه أن يتصدق به إن كان حلف بالصدقة وإن كان قال فهو في سبيل الله فليجعله في سبيل الله ( قلت ) ويبعث به في سبيل الله في قول مالك أن يبيعه ويبعث بثمنه ( قال ) بل يبيعه ويدفع ثمنه إلى من يغزو به في سبيل الله من موضعه إن وجده وإن لم يجد فليبعث بثمنه ( قلت ) أرأيت إن حنث ويمينه بصدقته على المساكين أيبيعه في قول مالك ويتصدق بثمنه على المساكين قال نعم ( قلت ) فإن كان سلاحا أو فرسا أو سرجا أو أداة من أداة الحرب فقال إن فعلت كذا وكذا فهذه الأشياء في سبيل الله يسميها بأعيانها أيبيعها أم يجعلها في سبيل الله في قول مالك ( قال ) بل يجعلها في سبيل الله بأعيانها أن وجد من يقبلها إن كانت سلاحا أو دواب أو أداة من أداة الحرب إلا أن يكون بموضع لا يبلغ ذلك الموضع الذي فيه الجهاد ولا يجد من يقبله منه ولا من يبلغه له فلا بأس بأن يبيع ذلك كله ويبعث بثمنه فيجعل ذلك الثمن في سبيل الله ( قلت ) فيجعل ثمنه في مثله أم يجعل دراهم في سبيل الله في قول مالك ( قال ) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى أن يجعلها في مثلها من الأداة والكراع ( قلت ) ما فرق ما بين هذا وبين البقر إذا جعلها هديا جاز له أن يبيعها ويشتري بأثمانها إبلا إذا لم تبلغ ( قال ) لأن البقر والإبل إنما هي كلها للأكل وهذه إذا كانت كراعا أو سلاحا فإنما هي قوة على أهل الحرب ليس للأكل فينبغي أن يجعل الثمن في مثله في رأيي ( قلت ) فإن كان حلف بصدقة هذه الخيل وهذا السلاح وهذه الأداة باعه وتصدق به في قول مالك قال نعم ( قلت ) وكذلك إن كانت يمينه أن يهديه باعه وأهدي ثمنه في قول مالك قال نعم ( قال ) وقال مالك إذا حلف بالصدقة أو في سبيل الله أجزأه من ذلك الثلث أو بالهدي فهذه الثلاثة الإيمان سواء إن كان لم يسم شيئا من ماله بعينه صدقة أو هديا أو في سبيل الله أجزأه من ذلك الثلث وإن سمى وأتى في التسمية على جميع ماله وجب عليه أن يبعث بجميع ماله كان في سبيل الله أو في الهدي وإن كان في صدقة تصدق بجميع ماله ( قلت ) أرأيت إن قال مالي في المساكين صدقة كم يجزئه
____________________
(3/96)
________________________________________
من ذلك في قول مالك ( قال ) قال مالك يجزئه الثلث ( قلت ) وإذا قال داري أو ثوبي أو دوابي في سبيل الله صدقة وذلك الشيء ماله كله ( قال ) قال مالك يخرج ذلك الشيء كله ولا يجزئه بعضه من بعض ولا يجزئه منه الثلث ( قال ) وقال مالك من سمى شيئا بعينه وإن كان ذلك الشيء ماله كله فقال هذا صدقة أو في المساكين أو في سبيل الله فليخرجه كله ( قلت ) أرأيت إن قال فرسي في سبيل الله وقال أيضا مع ذلك ومالي في سبيل الله ( قال ) يخرج الفرس في سبيل الله وثلث ما بقي من ماله بعد الفرس ( قلت ) ولم جعل مالك ما سمى بعينه جعله ينفذه كله وما لم يسم بعينه جعل الثلث يجزئه ( قال ) كذلك قال مالك ( قلت ) أرأيت إن قال ثلث مالي في المساكين صدقة ( قال ) يخرج ما قال يتصدق به كله ( قلت ) أرأيت إن قال نصف مالي في المساكين صدقة ( قال ) يخرج نصف ماله في المساكين إذا قال نصف مالي أو ثلثه أو ثلاثة أرباع مالي أو أكثر من ذلك أخرجه ما لم يقل مالي كله وذلك أن مالكا قال من قال لشيء من ماله بعينه هو صدقة إن فعلت كذا وكذا أو جزء من ماله أخرج ذلك الجزء وما سمى من ماله بعينه ( ) ( قلت ) وإذا حلف الرجل فقال إن فعلت كذا وكذا فمالي في سبيل الله فإنما سبيل الله عند مالك موضع الجهاد والرباط ( قال ) قال مالك سبل الله كثيرة وهذا لا يكون إلا في الجهاد قال مالك فيعطي في السواحل والتغور ( قال ) فقلنا لمالك أيعطى في جدة قال لا ولم ير جدة مثل سواحل الروم والشام ومصر ( قال ) فقيل لمالك أنه قد كان في جدة أي خوف فقال إنما كان ذلك مرة ولم يكن يرى جدة من السواحل التي هي مرابط ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمن أن رجلا تصدق بكل شيء له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبلت صدقتك وأجاز الثلث ( بن وهب ) عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمرو بن شعيب قال أعطى رجل ماله في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أأبقيت للوارث شيئا فليس لك ذلك ولا
____________________
(3/97)
________________________________________
يصلح لك أن تستوعب مالك
في الرجل يقول مالي في رتاج الكعبة أو حطيم الكعبة أو كسوتها أو طيبها أو أنا أضرب به الكعبة ( قال ) وسألت مالكا عن الرجل يقول مالي في رتاج الكعبة ( قال ) قال مالك لا أرى عليه في هذا شيئا لا كفارة يمين ولا يخرج فيه شيئا من ماله ( قال ) وقال مالك والرتاج عندي هو الباب ( قال ) فأنا أراه خفيفا ولا أرى عليه فيه شيئا وقاله لنا غير عام ( قلت ) أرأيت من قال مالي في الكعبة أو في كسوة الكعبة أو في طيب الكعبة أو في حطيم الكعبة أو أنا أضرب به حطيم الكعبة أو أنا أضرب به الكعبة أو أنا أضرب به أستار الكعبة ( قال ) ما سمعت من مالك في هذا شيئا وأراه إذا قال مالي في كسوة الكعبة أو في طيب الكعبة أن يهدي ثلث ماله فيدفعه إلى الحجبة وأما إذا قال مالي في حطيم الكعبة أو في الكعبة أو في رتاج الكعبة فلا أرى عليه شيئا لأن الكعبة لا تنقض فتبنى بمال هذا ولا ينقض الباب فيجعل هذا فيه ( قال ) وسمعت مالكا يقول رتاج الكعبة هو الباب ( قال ) وقال مالك وكذلك إذا قال مالي في حطيم الكعبة
لم يكن عليه شيء وذلك أن الحطيم لا يبني فيجعل هذا نفقة في بنيانه ( قال بن القاسم ) وبلغني أن الحطيم ما بين الباب إلى المقام أخبرني بذلك بعض الحجبة ( قال ) ومن قال أنا أضرب بمالي حطيم الكعبة فهذا يجب عليه الحج أو العمرة ولا يجب عليه في ماله شيء ( قال ) وكذلك لو أن رجلا قال أنا أضرب بكذا وكذا الركن الأسود انه يحج أو يعتمر ولا شيء عليه إذا لم يرد حملان ذلك الشيء على عنقه
قال بن القاسم وكذلك هذه الأشياء ( بن وهب ) عن بن لهيعة وعمرو بن الحرث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار أن رجلا قال لأخيه في شيء كان بينهما علي نذر إن كلمتك أبدا وكل شيء لي في رتاج الكعبة فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال كلم أخاك لا وفاء لنذرك في معصية ولا في قطيعة رحم ولا حاجة للكعبة في شيء من أموالكم ( بن مهدي ) عن اسرائيل عن
____________________
(3/98)
________________________________________
ابراهيم بن مهاجر عن صفية بنت شيبة عن عائشة وسألها رجل فقال اني جعلت مالي في رتاج الكعبة أن أنا كلمت عمي فقالت له لا تجعل مالك في رتاج الكعبة وكلم عمك
في الرجل يحلف أن ينحر ابنه عند مقام ابراهيم أو عند الصفا والمروة ( قلت ) أرأيت الرجل يحلف فيقول أنا أنحر ولدي ان فعلت كذا وكذا فحنث ( قال ) سمعت مالكا يسئل عنها فقال اني أرى أن آخذ فيه بحديث بن عباس ولا أخالفه والحديث الذي جاء عن بن عباس أنه يكفر عن يمينه مثل كفارة اليمين بالله ( ثم ) سئل مالك بعد ذلك عن الرجل أو المرأة تقول أنا أنحر ولدي ( قال مالك أنا ) أرى أن أنويه فإن كان إنما أراد بذلك وجه الهدي أن يهدي ابنه لله رأيت عليه الهدى وأن كان لم ينو ذلك ولم يرده فلا أرى عليه شيئا لا كفارة ولا غيرها وذلك أحب إلي من الذي سمعت أنا منه ( قلت ) والذي سمعت أن من مالك أنه قال إذا قال أنا أنحر ولدي ولم يقل عند مقام ابراهيم انه يكفر عن يمينه وإن قال أنا أنحر ولدي عند مقام ابراهيم إن عليه هديا مكان ابنه قال نعم ( قلت ) وكذا فرق مالك بينهما عندك في الذي سمعت أنت منه لأنه إذا قال عند مقام ابراهيم إن هذا قد أراد الهدى وإن لم يقل عند مقام ابراهيم يجعله مالك في الذي سمعت أنت منه يمينا لأنه لم يرد الهدى وفي جوابه يشعر أنه نواه ودينه فإن لم تكن له نية لم يجعل عليه شيئا وإن كانت له نية في الهدي جعل عليه الهدي قال نعم ( قلت ) أرأيت إن قال أنا أنحر ولدي بين الصفا والمروة ( قال ) مكة كلها منحر عندي وأرى عليه فيه الهدى ولم أسمع هذا من مالك ولكن في هذا كله يراد به الهدى ألا ترى أن المنحر ليس هو عند مقام ابراهيم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عند المروة هذا المنحر وكل طرق مكة منحر وفجاجها منحر فهذا إذا لزمه لقوله عند المقام الهدي فهو عند المنحر أحرى أن يلزمه ( قلت ) أرأيت إن قال أنا أنحر ابني بمنى ( قال ) قد أخبرتك عن مالك بالذي قال عند مقام ابراهيم أن عليه الهدي فمنى عندي منحر وعليه الهدى ( قلت ) أرأيت أن قال أنا أنحر أبي أو أمي إن فعلت كذا وكذا ( قال ) هو عندي مثل قول مالك
____________________
(3/99)
________________________________________
في الإبن سواء ( بن مهدي ) عن حماد بن سلمة عن قتادة بن دعامة عن عكرمة عن بن عباس في رجل نذر أن ينحر ابنه عند مقام ابراهيم أنه سئل عنه فقال رضي الله عن ابراهيم يذبح كبشا ( قال بن وهب ) قال مالك قال بن عباس في الذي يجعل ابنه بدنة ( قال ) يهدي ديته مائة من الإبل ( قال ) ثم ندم بعد ذلك فقال ليتني كنت أمرته أن يذبح كبشا كما قال الله تبارك وتعالى في كتابه ! 2 < وفديناه بذبح عظيم > 2 !
ما جاء في الرجل تجب عليه اليمين فيفتدى منها ( قلت ) أرأيت الرجل تجب عليه اليمين فيفتدي من يمينه بمال أيجوز هذا ( قال ) قال لي مالك كل من لزمته يمين فأفتدى منها بالمال فذلك جائز
في الرجل يحلف بالله كاذبا ( قلت ) لابن القاسم أرأيت إن حلف فقال والله ما لقيت فلانا أمس ولا يقين له في لقيه ليس في معرفته حين حلف بالله أنه لقيه بالأمس أو لم يلقه ثم فكر بعد يمينه فعلم أنه لقيه بالأمس أتكون عليه كفارة اليمين في قول مالك ( قال ) قال مالك ليس عليه كفارة اليمين في هذا ( قلت ) ولم وقد أيقن أنه لقيه وقد حلف أنه لم يلقه ولم يحلف حين حلف على أمر ظنه إنما حلف بيمينه التي حلف بها على غير يقين كان في نفسه ( فقال ) هذه اليمين التي تصف أعظم من أن تكون لها كفارة أو يكفرها كفارة عند مالك لأن هذه اليمين لا يكون فيها لغو اليمين لأنه لم يحلف على أمر يظنه كذلك فينكشف على غير ذلك فيكون ذلك لغو اليمين وإنما حلف هذا بهذه اليمين جرأة وتقحما على اليمين على غير منه لشيء فهو ان انكشفت له يمينه أنه كما حلف بها بر وان أنكشفت يمينه أنه على غير ما حلف به فهو آثم ولم يكن لغو اليمين فكان بمنزلة من حلف عامدا للكذب فليستغفر الله فإن هذه اليمين أعظم من ان تكون فيها كفارة أو يكفرها شيء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة قال ( سحنون ) وقال بن عباس في هذه الآية ^ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك
____________________
(3/100)
________________________________________
لا خلاق لهم في الآخرة ^ فهذه اليمين في الكذب واقتطاع الحقوق فهي أعظم من أن تكون فيها كفارة ( بن مهدي ) عن العوام بن حوشب عن إبراهيم السكسكي عن بن أبي أوفى أن رجلا حلف على سلعة فقال والله لقد أعطى بها كذا وكذا ولم يعط فنزلت هذه الآية ^ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ^
ما جاء في لغو اليمين واليمين التي تكون فيها الكفارة ( قلت ) أرأيت قول الرجل لا والله وبلى والله أكان مالك يرى ذلك من لغو اليمين ( قال ) لا وإنما اللغو عند مالك أن يحلف على الشيء يظن أنه كذلك كقوله والله لقد لقيت فلانا أمس وذلك يقينه وإنما لقيه قبل ذلك أو بعده فلا شيء عليه وهذا اللغو ( قال مالك ) ولا يكون اللغو في طلاق ولا عتاق ولا صدقة ولا مشي ولا يكون اللغو إلا في اليمين بالله ولا يكون الإستثناء أيضا إلا في اليمين بالله ( قال مالك ) وكذلك الإستثناء لا يكون في طلاق ولا عتاق ولا مشي إلا في اليمين بالله وحدها أو نذر لا يسمى له مخرجا فمن حلف بطلاق أو عتاق أو مشي أو غير ذلك من الإيمان سوى اليمين بالله وذلك يقينه ثم استيقن أنه على غير ما حلف فإنه حانث عند مالك ولا ينفعه الإستثناء وكذلك إن استثنى في شيء من هذا فحنث لزمه ما حلف عليه ( بن وهب ) عن الثقة أن بن شهاب ذكر عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تتأول هذه الآية لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم فتقول هو الشيء يحلف عليه أحدكم لم يرد فيه إلا الصدق فيكون على غير ما حلف عليه فليس فيه كفارة وقاله مع عائشة عطاء بن أبي رباح وعبيدة بن عميرة ( بن وهب ) وقال مثل قول عائشة بن عباس ومحمد بن قيس ومجاهد وربيعة ويحيى بن سعيد ومكحول وقاله إبراهيم النخعي من حديث المغيرة ( سحنون ) وقاله الحسن البصري من حديث بن مهدي عن الربيع بن صبيح ( سحنون ) وقاله عطاء بن أبي رباح من حديث أيوب بن أبي ثابت ( وقال بن القاسم ) قال
____________________
(3/101)
________________________________________
مالك إنما تكون الكفارة في اليمين في هاتين اليمينين فقط في قول الرجل والله لأفعلن كذا وكذا فيبدو له أن لا يفعل فيكفر ولا يفعل أو يقول والله لا أفعل كذا وكذا فيبدو له أن يفعل فيكفر يمينه ويفعله وأما ما سوى هاتين اليمينين من الإيمان كلها فلا كفارة فيها عند مالك وإنما الإيمان بالله عند مالك أربعة أيمان لغو اليمين ويمين غموس وقوله والله لا أفعل ووالله لأفعلن وقد فسرت لك ذلك كله وما يجب فيه شيئا شيئا ( بن مهدي ) عن حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبي موسى قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله فقال والله لا أحملكم والله ما عندي ما أحملكم عليه ثم أتى باب وأمر لنا بثلاث ذود فلما انطلقنا قال قلت أتينا رسول الله عليه السلام نستحمله فحلف أن لا يحملنا ثم حملنا والله لا يبارك لنا ارجعوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيناه فأخبرناه فقال ما أنا حملتكم بل الله حملكم اني والله لا أحلف على يمين فأرى خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت يميني أو كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير وكان أبو بكر الصديق لا يحلف على يمين فيحنث فيها حتى نزلت رخصة الله فقال لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا تحللتها وأتيت الذي هو خير * وقد قال مثل قول مالك في أن الإيمان أربعة يمينان تكفران ويمينان لا تكفران قال إبراهيم النخعي من حديث سفيان الثوري عن أبي معشر * وذكره عبد العزيز بن مسلم عن أبي حصين عن مسلم عن أبي مالك ( مالك ) عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه ولفعل الذي هو خير ( بن وهب ) عن عبد الله بن لهيعة والليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد الكندي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليفعل الذي هو خير وليكفر عن يمينه ( قال مالك ) والكفارة بعد الحنث أحب إلي ( بن وهب ) عن عبد الله بن عمر عن نافع قال كان عبد الله بن عمر ربما حنث ثم
____________________
(3/102)
________________________________________
كفر وربما قدم الكفارة ثم يحنث
ما جاء في الحلف بالله أو باسم من أسماء الله ( قلت ) أرأيت إن حلف الرجل باسم من أسماء الله أتكون أيمانا في قول مالك مثل أن يقول والعزيز والسميع والعليم والخبير واللطيف هذه وأشباهها في قول مالك كل واحدة منها يمين قال نعم ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا أفعل كذا وكذا هذه يمين ( قال ) نعم هي يمين عند مالك ( قلت ) أرأيت إن قال تالله لا أفعل كذا وكذا أو لأفعلن كذا وكذا ( قال ) لم أسمع من مالك فيها شيئا وهي يمين يكفرها ( قلت ) أرأيت إن قال وعزة الله وكبرياء الله وقدرة الله وأمانة الله ( قال ) هذه عندي أيمان كلها وما أشبهها ولم أسمع من مالك فيها شيئا ( قلت ) أرأيت إن قال لعمر الله لأفعلن كذا وكذا أتكون هذه يمينا في قول مالك ( قال ) نعم أراها يمينا ولم أسمع من مالك فيها شيئا ( بن مهدي ) عن حماد بن سلمة عن غير واحد عن الحسن قال تالله والله يمين واحدة
الرجل يحلف بعهد الله وميثاقه ( قلت ) أرأيت إن قال علي عهد الله وذمته وكفالته وميثاقه ( قال ) قال مالك هذه إيمان كلها إلا الذمة فإني لا أحفظها من قوله ( قال مالك ) فإن حلف بهذه فعليه في كل واحدة يمين ( قال ) وقال مالك وإن قال علي عشر كفالات كان عليه عشرة إيمان ( قال مالك ) وكذلك لو قال علي عشرة مواثيق أو عشرة نذور أو أكثر من ذلك أو أقل لزمه عند مالك عدد ما قال إن قال عشر فعشر كفارات وإن قال أكثر من ذلك فأكثر وإن قال أقل من ذلك فأقل ( قلت ) أرأيت قوله علي عهد الله أو علي ميثاق الله وقوله ميثاق الله وعهد الله أيكون هذا في الوجهين جميعا في قول مالك أيمانا كلها قال نعم ( قال بن وهب ) وأخبرني بن أبي ذئب عن بن شهاب قال من عاهد الله على عهد فحنث فليتصدق بما فرض الله في اليمين وقاله بن
____________________
(3/103)
________________________________________
عباس وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد وغيرهم من أهل العلم ( بن وهب ) عن سفيان الثوري عن فراس عن الشعبي قال إذا قال علي عهد الله فهي يمين ( بن مهدي ) عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن إبراهيم مثل ذلك
في الرجل يحلف فيقول أقسم أو أحلف أو أشهد أو أعزم ( قلت ) أرأيت إن قال أشهد أن لا أكلم فلانا ( قال ) قال مالك لا شيء عليه وليكلمه ( قال بن القاسم ) إلا أن يكون أراد بقوله أشهد أي أشهد بالله يمينا مثل ما يقول أشهد بالله فهي يمين ( قلت ) أرأيت إن قال أحلف أن لا أكلم فلانا أتكون هذه يمينا في قول مالك ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يقول أقسمت أن لا أفعل كذا وكذا قال مالك إذا كان أراد بقوله أقسمت أي بالله فهي يمين لأن المسلم لا يقسم إلا بالله وإلا فلا يمين عليه فهذا الذي قال أحلف أن لا أكلم فلانا أن كان إنما أراد أني أحلف بالله فذلك عليه وهي يمين وإلا فلا شيء عليه لأن مالكا قال في قوله أقسمت إن لم يرد بالله فلا يمين عليه ( قلت ) أرأيت إن قال أشهد أن لا أفعل كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك ( قال ) لا إلا أن يكون أراد أشهد أي أشهد بالله فإن كان أراد بها اليمين فهي يمين ( قلت ) أرأيت إن قال أعزم أن لا أفعل كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وليست بيمين ( قلت ) أرأيت إن قال أعزم بالله أن لا أفعل كذا وكذا ( قال ) هذا لا شك فيه أنه يمين عندي ( قلت ) أرأيت إن قال لرجل أعزم عليك بالله إلا ما أكلت فأبى أن يأكل أيكون على العازم أو المعزوم عليه كفارة في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني لا أرى على واحد منهما شيئا لأن هذا بمنزلة قوله أسألك بالله لتفعلن كذا وكذا فيأبى عليه فلا شيء على واحد منهما ( بن مهدي ) عن إسرائيل عن جابر الجعفي عن رجل عن محمد بن الحنفية قال إذا أقسم رجل ولم يذكر الله فليس بشيء حتى يذكر الله ( بن مهدي ) عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن قال أقسمت وحلفت ليس بيمين حتى يحلف بالله ( بن مهدي ) عن إسرائيل عن إبراهيم بن المهاجر عن إبراهيم
____________________
(3/104)
________________________________________
النخعي قال إذا قال أقسمت عليك فليس بشيء وإذا قال الرجل أقسمت بالله فهي يمين يكفرها ( بن وهب ) عن عبد الله بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يرى القسم يمينا يكفرها إذا حنث ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن القاسم بن محمد مثله ( بن وهب ) عن سفيان بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله وأقسموا بالله جهد أيمانهم قال هي يمين ( بن مهدي ) عن يزيد بن إبراهيم قال سمعت الحسن سئل عن رجل قال أشهد أن لا أفعل كذا وكذا قال ليس بيمين ( بن مهدي ) عن همام عن قتادة قال أرجو أن لا يكون يمينا
الرجل يحلف يقول علي نذر أو يمين ( قلت ) أرأيت ان قال علي نذر ( قال ) هي يمين عند مالك ( قلت ) وسواء في قول مالك ان قال علي نذر أو قال لله علي نذر سواء عند مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت ان قال علي نذر ان فعلت كذا وكذا فحنث وهو ينوي بنذره ذلك صوما أو صلاة أو حجا أو عمرة أو عتقا أو غير ذلك ( قال ) قال مالك ما نوى بنذره مما يتقرب به إلى الله فذلك له لازم وله نيته ( قال مالك ) وإن لم تكن له نية فكفارته كفارة يمين ( قلت ) أرأيت ان قال علي نذر ولم يقل كفارة يمين أيجعلها كفارة يمين في قول مالك ( قال ) نعم كذلك قال مالك ( قلت ) أرأيت ان قال علي يمين ان فعلت كذا وكذا ولم يرد به اليمين حين حلف ولا غير ذلك لم يكن له نية في شيء ( قال ) أرى عليه اليمين وما سمعت من مالك فيه شيئا وإنما قوله علي يمين كقوله علي عهد أو علي نذر ( قال بن وهب ) عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن إسماعيل بن رافع عن خالد بن سعيد أو خالد بن يزيد بن عقبة بن عامر الجهني أنه قال أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نذر نذرا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين ( وقال ) مالك والليث ان كفارته كفارة يمين إذا لم يسم لنذره مخرجا من حج أو صوم أو صلاة وقاله بن عباس وجابر بن عبد الله ومحمد بن علي والقاسم بن محمد وعطاء والشعبي ومجاهد وطاوس والحسن ( وقال ) بن مسعود يعتق رقبة وقال أبو سعيد الخدري
____________________
(3/105)
________________________________________
وإبراهيم النخعي كفارة يمين
ما جاء في الرجل يحلف بما لا يكون يمينا ( قلت ) أرأيت ان قال هو يهودي أو مجوسي أو نصراني أو كافر بالله أو بريء من الإسلام ان فعل كذا وكذا أتكون هذه كلها أيمانا في قول مالك ( قال ) لا ليست هذه أيمانا عند مالك ويستغفر الله مما قد قال ( قلت ) أرأيت ان قال الحل علي حرام ان فعلت كذا وكذا أترى هذا يمينا ( قال ) لا يكون في الحرام يمين قال لي مالك لا يكون في الحرام يمين في شيء من الأشياء لا في طعام ولا في شراب ولا في أم ولد ان حرمها على نفسه ولا خادمه ولا عبده ولا فرسه ولا في شيء من الأشياء إلا أن يحرم امرأته فيلزمه الطلاق وإنما ذلك في امرأته وحدها ( قلت ) أرأيت قوله لعمر أيكون يمينا ( قال ) قال مالك لا يكون يمينا ( قلت ) أرأيت إن حلف الرجل بحد من حدود الله كقوله هو زان هو سارق ان فعل كذا وكذا ( قال ) ليس عليه شيء عند مالك ( قلت ) أرأيت ان حلف بشيء من شرائع الإسلام كقوله والصلاة والصيام والزكاة والحج أن لا أفعل كذا وكذا فيفعله أتكون هذه أيمانا في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أحدا يذكره عنه ولا أرى في هذا شيئا ( قلت ) أرأيت ان قال الرجل أنا كافر بالله ان فعلت كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يكون هذا يمينا ولا يكون كافرا حتى يكون قلبه مضمرا على الكفر وبئس ما صنع ( قلت ) أرأيت ان حلف فقال هو يأكل لحم الخنزير أو لحم الميتة أو يشرب الدم أو الخمر ان فعل كذا وكذا أيكون شيء من هذا يمينا في قول مالك أم لا ( قال ) لا يكون في شيء من هذا يمين عند مالك ( قلت ) أرأيت ان قال ان فعلت كذا وكذا فأنا أترك الصلاة أيكون هذا يمينا ( قال ) لا يكون هذا يمينا لأن مالكا قال من قال أنا أكفر بالله فلا يكون ذلك يمينا فكذلك هذا ( بن وهب ) عن سفيان بن عيينة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال آلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرم فعوتب في التحريم وأمر
____________________
(3/106)
________________________________________
بالكفارة في اليمين ( مالك بن أنس ) عن زيد بن أسلم قال حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أم إبراهيم فقال أنت علي حرام ووالله لا أمسك فأنزل الله تعالى في ذلك ما أنزل ( بن وهب ) عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال إنما كفر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه ولم يكفر لتحريمه ( بن وهب ) عن عبد ربه بن سعيد عن داود بن أبي هند عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم وحلف فأمره الله أن يكفر عن يمينه ( بن مهدي ) عن عبد الواحد بن زياد عن عبيد المكاتب قال سألت إبراهيم النخعي عن رجل قال الحل علي حرام ان أكل من لحم هذه البقرة قال أله امرأة قال قلت نعم قال لو لا امرأته لأمرته أن يأكل من لحمها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قال لعنة الله عليه أو غضب الله عليه ان فعلت كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا يكون يمينا ( قلت ) أرأيت ان قال أحرمه الله الجنة وأدخله النار ان فعل كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك أم لا
قال لا ( قلت ) وكل دعاء دعا به على نفسه لا يكون يمينا في قول مالك
قال نعم لا يكون يمينا ( قلت ) أرأيت الرجل يقول وأبي وأبيك وحياتي وحياتك وعيشي وعيشك ( قال مالك ) هذا من كلام النساء وأهل الضعف من الرجال فلا يعجبني هذا وكان مالك يكره الإيمان كلها بغير الله ( قلت ) هل كان مالك يكره للرجل أن يحلف بهذا القول والصلاة لا أفعل كذا وكذا أو شيئا مما ذكرت لك ( قال ) كان مالك يكره ذلك لأنه كان يقول من حلف فليحلف بالله وإلا فلا يحلف وكان يكره اليمين بغير الله ولقد سألنا مالكا عن الرجل يقول رغم أنفي لله فقال لا يعجبني ذلك ( قال مالك ) ولقد بلغني أن عمر بن عبد العزيز قال رغم أنفي لله الحمد لله الذي لم يمتنى حتى قطع مدة الحجاج بن يوسف ( قال مالك ) وما يعجبني أن يقول الرجل رغم أنفي لله ( قال مالك ) من كان حالفا فليحلف بالله ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن خالد بن يزيد عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل قال عليه لعنة الله ان لم يفعل كذا وكذا قال لا أرى عليه شيئا ( قال ) خالد وقال
____________________
(3/107)
________________________________________
عطاء في رجل قال أخزاه الله ان فعل كذا وكذا ثم فعله ( قال ) ليس عليه شيء ( وقال ) الشعبي في رجل قال قطع الله يده أو رجله أو صلبه يحلف بالدعاء على نفسه فحنث قال ليس عليه كفارة ( بن مهدي ) عن يزيد بن عطاء عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه قال حلفت باللات والعزى فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت اني حديث عهد بالجاهلية فحلفت باللات والعزى قال قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ثلاثا واستغفر الله ولا تعد ( بن مهدي ) عن عبد الله بن المبارك عن بن أبي ذئب عمن سمع بن المسيب وجاءه رجل فقال اني حلفت يمين فقال وما هي قال حلفت يمين قال قلت الله لا إله إلا هو قال لا قال فقت علي نذر قال لا قال قلت كفرت بالله قال نعم قال فقل آمنت بالله فإنها كفارة لما قلت ( بن مهدي ) عن عبيد الله بن جعفر الزهري عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة الزهري أن المسور دخل وابنه جعفر يقول كفرت بالله وأشركت بالله فقال المسور بن مخرمة سبحان الله لا أكفر بالله ولا أشرك بالله شيئا وضربه فقال أستغفر الله وقال آمنت بالله ثلاث مرات ( بن مهدي ) عن أبي عوانة عن ليث عن عطاء وطاوس ومجاهد في الرجل يقول علي غضب الله قال لم يكونوا يرون عليه كفارة يرون أنه أشد من ذلك ( بن مهدي ) عن رجال من أهل العلم أن نافعا حدثهم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع عمر يقول لا وأبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ( وقال ) بن عباس لرجل حلف بأبيه والله لأن أحلف مائة مرة بالله ثم آثم أحب إلي من أن أحلف بغيره واحدة ثم أبر ( بن وهب ) عن سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن وبرة أن عبد الله بن مسعود كان يقول لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا
____________________
(3/108)
________________________________________
الإستثناء في اليمين ( قلت ) أرأيت ان قال الرجل علي نذر ان كلمت فلانا ان شاء الله ( قال مالك ) في هذا لا شيء عليه
وهذا مثل الحالف بالله عند مالك ( قال ) بن القاسم الإستثناء في اليمين جائز وهذه يمين كفارتها كفارة اليمين بالله والإستثناء فيها جائز ولغو اليمين أيضا يكون فيها وكذلك العهد والميثاق الذي لا شك فيه ( قلت ) أرأيت ان قال والله لا أفعل كذا وكذا إن شاء الله ثم فعله ( قال ) قال مالك إن كان أراد بذلك الإستثناء فلا كفارة عليه وأن كان أراد قول الله في كتابه ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ولم يرد الإستثناء فإنه يحنث ( قلت ) أرأيت ان حلف على يمين ثم سكت ثم استثنى بعد السكوت ( قال ) لا ينفعه وكذلك قال لي مالك إلا أن يكون الإستثناء نسقا متتابعا ( فقلنا ) لمالك فلو أنه لم يذكر الإستثناء حين ابتدأ اليمين فلما فرغ من اليمين ذكرها فنسقها وتدارك اليمين بالإستثناء بعد انقضاء يمينه إلا أنه قد وصل الإستثناء باليمين ( قال ) مالك إن كان نسقها بها فذلك له إستثناء وان كان بين ذلك صمات فلا تفيا له ونزلت بالمدينة فأفتى بها مالك ( وقال مالك ) وان استثنى في نفسه ولم يحرك به لسانه لم ينتفع بذلك ( مالك بن أنس ) عن نافع أن عبد الله بن عمر قال من قال والله ثم قال إن شاء الله ولم يفعل الذي حلف عليه لم يحنث ( وأخبرني ) عن رجال من أهل العلم عن بن مسعود وبن عباس وبن قسيط وعبد الرحمن بن القاسم وزيد بن أسلم وبن شهاب وطاوس وعطاء بن أبي رباح ومجاهد مثله وقال عطاء ما لم يقطع اليمين ويبرد ( بن مهدي ) عن أبي عوانة عن الأعمش عن إبراهيم قال إذا حلف الرجل فله أن يستثني ما كان الكلام متصلا ( بن مهدي ) عن المغيرة في رجل حلف واستثنى في نفسه قال ليس عليه شيء ( بن مهدي ) عن هشيم عن محل قال سألت إبراهيم في رجل حلف واستثنى في نفسه فقال لا حتى يجهر بالإستثناء كما يجهر باليمين
____________________
(3/109)
________________________________________
في الذمي يحلف بالله ثم يحنث بعد إسلامه ( قلت ) أرأيت لو أن ذميا حلف بالله أن لا يفعل كذا وكذا فحنث بها بعد إسلامه أيجب عليه الكفارة أم لا في قول مالك ( قال ) لا كفارة عليه عند مالك
____________________
(3/110)
________________________________________
كتاب النذور الثاني من المدونة الكبرى في النذر في معصية أو طاعة ( قال بن القاسم ) في النذور إنه من نذر أن يطيع الله في صيام أو عتق أو صلاة أو حج أو غزو أو رباط أو صدقة أو ما أشبه ذذلك وكل عمل يتقرب به إلى الله فقال علي نذر أن أحج أو أن أصلي كذا وكذا أو أعتق كذا وكذا أو أتصدق بشيء يسميه في ذلك كله فإن ذلك عليه ولا يجزئه إلا الوفاء به ( حلف ) فقال علي نذر إن لم أعتق رقبة أو إن لم أحج إلى بيت الله أو ما أشبه ذلك مما سميت لك حلف به فقال إن لم أفعل كذا وكذا فعلي نذر فهو مخير إن شاء أن يفعل ما نذر من الطاعة فليفعل ولا كفارة عليه وإن أحب أن يترك ذلك ويكفر عن يمينه فليفعل
وإن كان لنذره ذلك أجل مثل أن يقول علي نذر إن لم أحج العام أو علي نذر إن لم أغز العام أو إن لم أصم رجبا في هذا العام أو إن لم أركع في هذا اليوم عشر ركعات فإن فات ذلك الأجل في هذا كله قبل أن يفعله فعليه الحنث ويكفر عن يمينه بكفارة اليمين إلا أن يكون جعل لنذره مخرجا فعليه ذلك المخرج إذا حنث
وتفسير ذلك أن يقول علي نذر صدقة دينار أو عتق رقبة أو صيام شهر إن أنا لم أحج العام أو إن لم أغز العام أو ينوي ذلك أو ما أشبه ذلك فإذا فات الأجل الذي وقت فيه ذلك الفعل فقد سقط عنه ذلك الفعل وقد وجب عليه ما نذر له وما سمى وإن لم يجعل لنذره مخرجا فهو على ما فسرت لك يكفر كفارة يمين * ومن نذر في شيء من المعاصي فقال علي نذر إن لم أشرب الخمر أو إن لم
____________________
(3/111)
________________________________________
أقتل فلانا أو إن لم أزن بفلانة أو ما كان من معاصي الله فإنه يكفر نذره في ذلك إذا قال إن لم أفعل فالكفارة كفارة اليمين إن كان لم يجعل لنذره مخرجا يسميه ولا يركب معاصي الله
وإن كان جعل لنذره مخرجا شيئا مسمى من مشي إلى بيت الله أو صيام أو ما أشبه ذلك فإنه يؤمر أن يفعل ما سمى من ذلك ولا يركب معاصي الله فإن اجترأ على الله وفعل ما قال من المعصية فإن النذر يسقط عنه كان له مخرج أم لم يكن وقد ظلم نفسه ولله حسيبه ( قال ) وقوله لا نذر في معصية مثل أن يقول علي نذر أن أشرب الخمر أو قال علي نذر شرب الخمر فيها بمنزلة واحدة لا يشربها ولا كفارة عليه لأنه لا نذر في معصية الله وقد كذب ليس شرب الخمر مما ينذر لله ولا يتقرب به لله وإن قال علي نذر إن شربت الخمر فلا يشربها ولا كفارة عليه وهو علي بر إلا أن يجترئ على الله فيشربها فيكفر يمينه بكفارة يمين إلا أن يكون جعل له مخرجا سماه وأوجبه على نفسه من عتق رقبة أو صيام أو صدقة أو ما أشبه ذلك فيكون ذلك عليه مع سمى من ذلك إذا شربها * وإن قال علي نذر أن أفعل كذا وكذا لشيء ليس لله بطاعة ولا معصية مثل أن يقول لله علي أن أمشي إلى السوق أو إلى بيت فلان أو أن أدخل الدار أو ما أشبه ذلك من الأعمال التي ليست لله بطاعة ولا لله في فعلها معصية فإنه إن شاء فعل وإن شاء ترك فإن فعل فلا وفاء فيه وإن لم يفعل فلا نذر فيه ولا شيء لأن الذي ترك من ذلك ليس لله فيه طاعة فيكون ما ترك من ذلك حقا لله تركه وهذا قول مالك ( بن وهب وعلي وبن القاسم ) عن مالك عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ( وأخبرني ) عن رجال من أهل العلم عن بن عباس وبن عمرو بن العاص وطاوس وزيد بن أسلم ومصعب بن عبد الله الكناني وعمر بن الوليد بن عبدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد يوم الجمعة فخطب فحانت منه التفاتة فإذا هو بأبي إسرائيل رجل من بني عامر بن لؤي قائما في الشمس فقال ما شأن أبي إسرائيل فأخبروه فقال له استظل وتكلم واقعد
____________________
(3/112)
________________________________________
وصل وأتم صومك ( وقال ) طاوس في الحديث فنهاه عن البدع وأمره بالصلاة والصيام ( مالك ) عن حميد بن قيس وثور بن زيد الديلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قائما في الشمس فقال ما بال هذا قالوا نذر أن لا يتكلم ولا يستظل ولا يجلس وأن يصوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروه فليتكلم وليستظل وليجلس وليتم صيامه ( قال مالك ) ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة وقد أمره أن يتم ما كان لله فيه طاعة وأن يترك ما كان لله فيه معصية ( قلت ) أرأيت الرجل يقول والله لأضربن فلانا أو لأقتلن فلانا ( قال ) يكفر يمينه ولا يفعل فإن فعل ما حلف عليه فلا كفارة عليه ( قلت ) أرأيت إن حلف فقال امرأته طالق أو عبده حر أو عليه المشي إلى بيت الله إن لم أقتل فلانا أو إن لم أضرب فلانا ( قال ) أما المشي فليمش ولا يضرب فلانا ولا يقتله وأما العتق والطلاق فإنه ينبغي للإمام أن يعتق عليه ويطلق عليه ولا ينتظر به فيئته وهذا قول مالك وإن قتله أو ضربه في هذا كله قبل أن يطلق عليه الإمام أو يعتق عليه أو يحنث نفسه بالمشي إلى بيت الله فلا حنث عليه ( قلت ) أرأيت الرجل يقول لأمرأته والله لأطلقنك ( قال ) قال مالك إن طلق فثد يرو إن لم يطلق فلا يحنث إلا أن يموت الرجل أو تموت المرأة
قال مالك فهو بالخيار إن شاء طلق وإن شاء كفر يمينه ( قلت ) ويجبر على الكفارة وإن لم يطلق في قول مالك قال لا ( قلت ) ولا يحال بينه وبين امرأته في قول مالك قبل أن يكفر قال لا ( قلت ) أفيكون بهذا موليا في قول مالك قال لا ( بن مهدي ) عن حماد بن زيد عن بن لعبد الله بن أبي قتادة قال سئل سعيد بن المسيب عن رجل نذر أن لا يكلم أخاه أو بعض أهله قال يكلمه ويكفر عن يمينه ( بن مهدي ) عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري قال سمعت سعيد بن المسيب ورجالا من علمائنا يقولون إذا نذر الرجل نذرا ليس فيه معصية لله فليس له كفارة إلا الوفاء به ( بن مهدي ) عن حماد بن سلمة عن أبي حمزة قال قالت امرأة لابن عباس إني نذرت أن لا أدخل على أخي حتى أبكي على أبي فقال قال بن عباس لا نذر في معصية الله كفري عن يمينك
____________________
(3/113)
________________________________________
وأدخلي عليه قالت وما كفارته قال كفارة اليمين ( بن مهدي ) عن حماد بن سلمة عن أبي حمزة أن رجلا أتى بن عباس وفي أنفه حلقة من فضة فقال إني نذرت أن أجعلها في أنفي فقال أنفها ولم يذكر فيها كفارة ( بن مهدي ) عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني قال سألت بن عمر قلت إني نذرت أن لا أدخل على أخي فقال لا نذر في معصية الله كفر عن يمينك وأدخل على أخيك ( بن مهدي ) عن هشيم عن المغيرة عن إبراهيم في رجل حلف أن لا يصل رحمه فقال يكفر عن يمينه ويصل رحمه ( بن مهدي ) عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال كل يمين في معصية الله فعليه الكفارة
في الرجل يحلف على أمر أن لا يفعله أو ليفعلنه ( قلت ) أرأيت إن قال والله لأضربن فلانا ولم يوقت لذلك أجلا أو وقت في ذلك أجلا ( قال ) أما إذا لم يوقت في ذلك أجلا فليكفر عن يمينه ولا يضرب فلانا وإن وقت في ذلك أجلا فلا يكفر حتى يمضي الأجل لأني سألت مالكا عن الرجل يقول لأمرأته أنت طالق واحدة إن لم أتزوج عليك فأراد أن لا يتزوج عليها ( قال مالك ) يطلقها تطليقة ويرتجعها ولا شيء عليه ولأني سمعت مالكا يقول في الذي يقول لأمرأته أنت طالق تطليقة إن لم أتزوج عليك إلى شهر قال مالك فهو على بر فليظأها فإذا كان على بر فليس له أن يحنث نفسه قبل أن يحنث لأنه إنما يحنث حين يمضي الأجل وان الذي لم يوقت الأجل إنما هو على حنث من يوم يحلف ولذلك قيل له كفر ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا أضرب فلانا ( قال ) هذا لا يحنث حتى يضرب فلانا وأصل هذا كله في قول مالك أن من حلف على شيء ليفلعنه فهو على حنث حتى يفعله لأنا لا ندري أيفعله أم لا ألا ترى أنه لو قال لأمرأته أنت طالق إن لم أدخل دار فلان أو إن لم أضرب فلانا فإنه يحال بينه وبين امرأته ويقال له أفعل ما حلفت عليه وإلا دخل عليك الايلاء فهذا يدلك على أنه على حنث حتى يبر لأنا لا ندري أيفعل ما حلف عليه أم لا ( قال ) ومن حلف على شيء أن لا يفعله فهو على بر حتى يفعله ألا ترى أنه لو
____________________
(3/114)
________________________________________
حلف بالطلاق أن لا يدخل دار فلان إنه لا يحال بينه وبين امرأته وكذلك قال مالك فهذا يدلك أنه على بر حتى يحنث وهذا كله قول مالك
الرجل يحلف في الشيء الواحد يردد فيه الإيمان ( قلت ) أرأيت لو قال لأربع نسوة له والله لا أجامعكن فجامع واحدة منهن أيكون حانثا في قول مالك قال نعم ( قلت ) فله أن يجامع البواقي قبل أن يكفر ( قال ) قد كان له أن يجامعهن كلهن قبل أن يكفر وإنما يجب عليه كفارة واحدة عند مالك في جماعهن كلهن أو في جماع واحدة منهن ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا أدخل دار فلان والله لا أكلم فلانا والله لا أضرب فلانا ففعل ذلك كله ماذا يجب عليه في قول مالك ( فقال ) يجب عليه ثلاثة أيمان في كل واحدة كفارة يمين ( قلت ) فإن قال والله لا أدخل دار فلان ولا أكلم فلانا ولا أضرب فلانا ففعل ذلك كله ( قال ) كفارة واحدة تجزئه عند مالك ( قلت ) فإن فعل واحدة من هذه الخصال الثلاث فقد حنث وليس عليه فيما فعل منها بعد ذلك شيء ( قلت ) لم أحنثته في فعله في الشيء الواحد من هذه الأشياء في قول مالك ( قال ) لأنه كأنه قال والله لا أقرب شيئا من هذه الأشياء ( قلت ) أرأيت ان قال والله لا أجامعك والله لا أجامعك أيكون على هذا كفارة يمين واحدة في قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت الرجل يحلف أن لا يدخل دار فلان ثم يحلف بعد ذلك في مجلس آخر أنه لا يدخل دار فلان لتلك الدار يعينها التي حلف عليها أول مرة ( قال ) قال مالك إنما عليه كفارة واحدة ( قلت ) وان نوى يمينين أو لم تكن له نية ( قال ) إذا لم يكن له نية فهي يمين واحدة وان كان نوى يمينين فكفارتان مثل ما ينذرهما لله عليه فأرى ذلك عليه ولم أسمع هذا من مالك هكذا ( قلت ) أرأيت ان قال والله لا أفعل كذا وكذا ثم يحلف على ذلك الشيء بعينه أيضا بحجة أو بعمرة أن لا يفعله ثم يفعله ( قال ) يحنث في ذلك ويلزمه ذلك كله ( قلت ) وهذا قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت ان قال والله لا أكلم فلانا والله لا أكلم فلانا والله لا أكلم فلانا وفلان هذا إنما هو في أيمانه كلها رجل واحد ثم قال إنما أردت ثلاثة
____________________
(3/115)
________________________________________
أيمان أيكون عليه كفارات ثلاث أم كفارة واحدة ( قال بن القاسم ) إنما قال مالك من حلف بالله مرارا فليس عليه إلا كفارة واحدة ( قال بن القاسم ) فإن قال أردت بأيماني هذه ثلاثة أيمان لله علي كالنذور رأيت ذلك عليه لأن مالكا قال من قال لله علي نذور ثلاثة أو أربعة فهذه ثلاثة أيمان أو أربعة أيمان فكذلك هذا إذا قال أردت ثلاثة أيمان لله علي كالنذور فيكون ذلك عليه ( قلت ) أرأيت ان قال أردت ثلاثة أيمان ولم يقل لله علي أيكون ذلك عليه قال نعم ( قلت ) أرأيت ان نوى باليمين الثانية غير اليمين الأولى أو باليمين الثالثة غير اليمين الأولى والثانية أيكون عليه ثلاثة أيمان ( قال ) لا يكون ذلك أبدا إلا يمينا واحدة إلا أن يريد بها محمل النذور ثلاثة أيمان تكون عليه فيكون كما وصفت لك ( بن مهدي ) عن همام عن قتادة عن الحسن قال إذا حلف على يمين واحدة في شيء واحد في مقاعد شتى فعليه كفارة واحدة ( بن مهدي ) عن عبد الله بن المبارك عن عبد الملك عن عطاء في رجل حلف عشرة أيمان ثم حنث قال ان كان في أمر واحد فكفارة واحدة ( بن مهدي ) عن عبد الله بن المبارك عن هشام بن عروة عن أبيه في رجل حلف في أمر واحد مرتين أو ثلاثا قال عروة فعليه كفارة واحدة ( بن مهدي ) عن عبد الواحد بن زياد عن بن جريج عن عطاء في الرجل يحلف على الشيء الواحد أيمانا ستة قال عليه لكل يمين كفارة ( بن مهدي ) عن عبد الله بن المبارك عن بن جريج قال إذا حلف الرجل على أمر واحد لقوم شتى وحلف عليه أيمانا فنوى بها يمينا واحدة بالله ففي ذلك كفارة واحدة وان حلف على أمر واحد أيمانا شتى فكفارتين ان حنث
ما جاء في الكفارات قبل الحنث ( قلت ) أرأيت ان حلف بالله فأراد أن يكفر قبل الحنث أيجزيء ذلك عنه أم لا ( قال ) أما قولك يجزئ عنه فانا لم نوقف مالكا عليه إلا أنه كان يقول لا تجب عليه الكفارة إلا بعد الحنث قال مالك ولا أحب لأحد أن يكفر إلا بعد الحنث واختلفنا في الايلاء أيجزئ عنه إذا كفر قبل الحنث أم لا يجزئ عنه فسألنا مالكا عنه فقال
____________________
(3/116)
________________________________________
مالك أعجب إلي أن لا يكفر إلا بعد الحنث فإن فعل أجزأ ذلك عنه واليمين بالله أيسر من الايلاء أراها مجزئة عنه ان هو كفر قبل الحنث ( قلت ) أرأيت من حلف فصام وهو معسر قبل أن يحنث فحنث وهو موسر ( قال ) إنما سألنا مالكا فيمن كفر قبل أن يحنث فرأى أن ذلك مجزئ عنه وكان أحب إليه أن يكفر بعد الحنث فالذي سألت عنه مثله وهو مجزيء عنه وإنما وقفنا مالكا على الكفارة قبل الحنث في الايلاء فقال بعد الحنث أحب إلي ورآه مجزئا عنه ان فعل
فأما الايمان بالله في غير الايلاء فلم نوقف مالكا عليها وقد بلغني عنه أنه قال ان فعل رجوت أن يجزئ عنه ( مالك بن أنس ) عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير ( بن وهب ) عن عبد الله بن عمر عن نافع قال كان بن عمر ربما حنث ثم كفر وربما قدم الكفارة ثم حنث ( قال ) وسمعت مالكا يقول الحنث قبل الكفارة أحب إلي وان كفر ثم حنث لم أر عليه شيئا
الرجل يحلف أن لا يفعل الشيء حينا أو زمانا أو دهرا ( قلت ) أرأيت ان قال والله لأقضينك حقك إلى حين كم الحين عند مالك ( قال ) قال مالك الحين سنة ( قلت ) وكم الزمان قال سنة ( قلت ) وكم الدهر ( قال ) بلغني عنه ولم أسمعه منه أنه قال أيضا سنة ( وقال ) ربيعة الدهر سنة والزمان سنة ( وذكر ) بن وهب عن مالك أنه شك في الدهر أن يكون سنة وأما الحين والزمان فقال سنة وقال لي ربيعة ومالك قال الله تبارك وتعالى تؤتي أكلها كل حين باذن ربها فهو سنة ( بن مهدي ) عن أبي الأحوص عن عطاء بن السائب عن رجل منهم قال قلت لابن عباس اني حلفت أن لا أكلم رجلا حينا فقال بن عباس تؤتي أكلها كل حين باذن ربها الحين السنة
____________________
(3/117)
________________________________________
ما جاء في كفارة العبد عن يمينه ( قلت ) أرأيت العبد إذا حنث في اليمين بالله أيجزئه أن يكسو السيد عنه أو يطعم ( قال ) قال مالك الصيام أحب إلي وان اذن له السيد فأطعم أو كسا فما هو عندي بالبين وفي قلبي منه شيء والصيام أحب إلي ( قال ) بن القاسم وأرجو أن يجزئ عنه ان فعل وما هو عندي بالبين وأما العتق فإنه لا يجزئه ( قلت ) كم يصوم العبد في كفارة اليمين قال مثل صيام الحر ( قلت ) والعبد في جميع الكفارات مثل الحر في قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت من حنث اليمين بالله وهو عبد فأعتق فأيسر فأراد أن يعتق عن يمينه أيجزئه أم لا ( قال ) هو مجزئ عنه ولم أسمع من مالك فيه شيئا وإنما يمنع العبد أن يعتق وهو عبد لأن الولاء يكون لغيره ( بن مهدي ) عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال ليس على العبد إلا الصوم والصلاة ( بن مهدي ) عن حماد بن سلمة أنه بلغه عن إبراهيم النخعي في العبد يظاهر من امرأته قال يصوم ولا يعتق
ما جاء في تنقية كفارة اليمين ( قال ) وسئل مالك عن الحنطة في كفارة اليمين أتغربل ( فقال ) إذا كانت نقية من التراب والتبن فأراها تجزئ وان كانت مغلوثة بالتبن والتراب فإنها لا تجزئ حتى يخرج منها ما فيها من التراب والتبن
في إطعام كفارة اليمين ( قلت ) كم اطعام المساكين في كفارة اليمين ( قال ) قال مالك مد مد لكل مسكين ( قال مالك ) وأما عندنا ها هنا فليكفر بمد النبي صلى الله عليه وسلم في اليمين بالله مدا مدا وأما أهل البلدان فإن لهم عيشا غير عيشنا فأرى أن يكفروا بالمد الأوسط من عيشهم لقول الله تعالى من أوسط ما تطعمون أهليكم ( قلت ) ولا ينظر فيه في البلدان إلى مد النبي صلى الله عليه وسلم فيجعله مثل ما جعله في المدينة ( قال
____________________
(3/118)
________________________________________
هكذا فسر لنا مالك كما أخبرتك وأنا أرى ان كفر بالمد مد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه مجزيء عنه حيثما كفر به ( قلت ) وما يظن أن مالكا أراد بهذا في الكفارة ( قال ) أراد به القمح ( قلت ) ولا يجزئ أن يعطي العروض مكان هذا الطعام وان كان مثل ثمنه ( قال ) نعم لا يجزئ عند مالك ( قلت ) أيجزئ أن يغديهم ويعشيهم في كفارة اليمين بالله ( قال ) قال مالك ان غدي وعشي أجزأه ذلك ( قال ) وسألنا مالكا عن الكفارة أغداء وعشاء أم غداء بلا عشاء أو عشاء بلا غداء قال بل غداء وعشاء ( قلت ) كيف يطعمهم الخبز قفارا أو يطعمهم الخبز والملح أو الخبز وإلا دام ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال الزيت والخبز ( قلت ) أرأيت ان غدي الفطيم من الكفارة أيجزىء عنه ( قال ) سألنا مالكا هل يعطي الفطيم من الكفارة فقال نعم ( مالك ) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يكفر عن يمينه باطعام عشرة مساكين لكل مسكين منهم مد من حنطة قال وانه كان يعتق المرار إذا أكد اليمين ( قال بن وهب ) وأخبرني رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي وزيد بن ثابت ويحيى بن سعيد وغيرهم من أهل العلم في إطعام المساكين مد من حنطة لكل إنسان ( قال ) وقال ذلك أبو هريرة وبن المسيب وبن شهاب ( وقال مالك ) سمعت أن إطعام الكفارات في الايمان مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم لكل إنسان وان اطعام الظهار لا يكون إلا شبعا لأن إطعام الايمان فيه شرط ولا شرط في اطعام الظهار ( مالك بن أنس ) عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أنه قال أدركت الناس وهم إذا أعطوا المساكين في كفارة اليمين بالمد الأصغر رأوا أن ذلك مجزئ عنهم ( وقال ) القاسم وسالم مد مد ( بن مهدي ) عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي يزيد المدني عن بن عباس قال مد من حنطة فإن في ريعه ما يأتدمه ( بن مهدي ) عن زمعة بن صالح عن بن طاوس عن أبيه قال قدر ما يمسك بعض أهله غداؤه وعشاؤه ( بن مهدي ) عن بن المبارك عن عبد الله بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم بن محمد وسالما فقالا غداء وعشاء
____________________
(3/119)
________________________________________
( بن مهدي ) عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال إذا اجتمع عشرة مساكين أطعمهم خبزا مأدوما بلحم أو بسمن أو بلبن
وقال الحسن وبن سيرين ان شاء أطعمهم خبزا ولحما أو خبزا ولبنا أو خبزا وزيتا ( قلت ) أرأيت الرجل يحلف باليمين بالله في أشياء شتى فحنث أيجزئه أن يطعم عشرة مساكين عن هذه الايمان كلها في قول مالك ( قال ) سئل مالك عنها وأنا أسمع عن الرجل تكون عليه كفارة يمينين فيطعم عشرة مساكين عن يمين واحدة ثم أراد من الغد أن يطعم عن الأخرى فلم يجد غيرهم أيطعمهم عن اليمين الأخرى ( قال ) ما يعجبني ذلك وليلتمس غيرهم ( قلت ) فإن لم يجد غيرهم حتى مضت أيام ( قال ) وان مضت لهم أيام فهوالذي سألنا مالكا عنه فلا يفعل ( بن مهدي ) عن سفيان الثوري عن جابر قال سألت الشعبي عن الرجل يتردد على مسكينين أو ثلاثة فكرهه ( بن مهدي ) عن محمد بن عبيد عن يعقوب بن قيس عن الشعبي في رجل ظاهر من امرأته فسأل أيعطي أهل بيت فقراء وهم عشرة إطعام ستين مسكينا فقال لا بل إطعام ستين مسكينا كما أمركم الله الله أعلم بهم وأرحم
ما جاء في إطعام الذمي والعبد وذوي القربى من الطعام ( قلت ) أرأيت أهل الذمة أنطعمهم في الكفارة ( قال ) لا يطعمهم منها شيئا ولا من شيء من الكفارات ولا العبيد وان أطعمهم لم يجز عنه ( قلت ) أرأيت ان كسا أو أطعم عبد رجل محتاج أيجزئ عنه في قول مالك أم لا ( قال ) لا يجزئ عنه لأن مالكا قال لا يجزئ أن يطعم عبدا ( قلت ) ويجزئ أن يطعم في الكفارات أم ولد رجل فقير ( فقال ) لا يجزئ لأنها بمنزلة العبد ( قلت ) أرأيت ان أطعم غنيا وهو لا يعلم ثم علم ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا يجزئه لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه عشرة مساكين وهذا الغني ليس بمسكين فقد تبين له أنه قد أعطى غير أهله الذين فرض الله لهم الكفارة فهو لا يجزئه ( قلت ) أرأيت من له المسكن والخادم أيعطي من كفارة اليمين أم لا ( فقال ) سألت مالكا عن الزكاة أيعطي منها
____________________
(3/120)
________________________________________
من له المسكن والخادم فقال أما من له المسكن الذي لا فضل في ثمنه والخادم التي يكف بها عن الناس وجه أهل البيت التي لا فضل في ثمنها فأرى أن يعطي من الزكاة
فأرى أنا كفارة اليمين بهذه المنزلة لأن الله تبارك وتعالى قال في الإطعام في الكفارة عشرة مساكين وقال في الزكاة إنما الصدقات للفقراء والمساكين فهم ها هنا مساكين وها هنا مساكين فالأمر فيهما واحد في هذا ( قلت ) أرأيت ان أطعم ذا رحم محرم أيجزئه في الكفارة في قول مالك ( قال ) سألنا مالكا عن الرجل يجب عليه الكفارة أيعطيها ذا قرابة ممن لا تلزمه نفقتهم قال لا يعجبني ذلك ( قلت ) فإن أعطاهم أيجزئه ذلك أم لا ( قال ) أرى ان كان فقيرا أن يجزئه ( قلت ) وجميع الكفارات في هذا سواء ( قال ) الذي سألت عنه مالكا إنما هو عن كفارة اليمين فأراها كلها والزكاة في هذا سواء لأنه محمل واحد ( بن وهب ) قال وأخبرني بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن نافع أنه قال لا يطعم نصراني في كفارة يمين ( قال ) وقال ربيعة وغيره من أهل العلم انه لا يعطي منها يهودي ولا نصراني ولا عبد شيئا وقال الليث مثله ( بن مهدي ) عن إسرائيل عن جابر عن الحكم قال لا يتصدق عليهم وقال الحكم لا يجزئ إلا مساكين مسلمون ( بن مهدي ) عن حماد بن زيد قال سألت أيوب عن الأخ أيعطيه من كفارة اليمين قال أمن عياله قلت لا قال نعم ( قلت ) فهل يعلم أحد من القرابة لا يعطي قال الغني ( قلت ) فالأب ( قال ) لا يعطي وقد كره بن المسيب ومالك إعطاء القريب من الزكاة
في تخيير المكفر في كفارة اليمين ( قلت ) أرأيت من حلف في اليمين بالله أهو مخير في أن يكسو أو يطعم أو يعتق في قول مالك قال نعم ( قلت ) فإن لم يقدر على شيء صام قال نعم ( قلت ) وهل يجوز له أن يصوم وهو يقدر على أن يطعم أو يكسو أو يعتق ( قال ) لا يجزئه أن يصوم وهو يقدر على شيء من ذلك ( وأخبرني ) بن وهب عن عثمان بن الحكم الجذامي عن يحيى بن سعيد أنه قال في كفارة الايمان هو مخير إن شاء أطعم وإن شاء كسا وإن
____________________
(3/121)
________________________________________
شاء أعتق فإن لم يجد شيئا من هذه الثلاثة صام ثلاثة أيام وقال بن شهاب مثله
وقال بن المسيب وغيره من أهل العلم مثله وقالوا كل شيء في القرآن أو أو فصاحبه مخير أي ذلك شاء فعل ( بن مهدي ) عن سفيان عن ليث عن بن عباس قال كل شيء في القرآن أو أو فهو مخير وما كان مما لم يجد يبدأ بالأول فالأول وقاله عطاء بن أبي رباح ( وقال ) أبو هريرة إنما الصيام لمن لم يجد في كفارة اليمين
في الصيام في كفارة اليمين ( قلت ) أرأيت الصيام أمتتابع أم لا في قول مالك ( قال ) ان تابع فحسن وان لم يتابع أجزأ عنه عند مالك ( قلت ) أرأيت إن أكل في صيام كفارة اليمين أو شرب ناسيا قال قال مالك يقضي يوما مكانه قلت أرأيت إن صامت امرأة في كفارة اليمين فحاضت
قال تبني عند مالك ( قلت ) أرأيت إن صام في كفارة اليمين في أيام التشريق ( قال لا ) يجزئ عنه إلا أن يصوم آخر يوم منها فعسى أن يجزئه وما يعجبني أن يصومه فإن صامه أجزأ عنه لأني سمعت مالكا يقول من نذر صيام أخر يوم من أيام التشريق فليصمه ومن نذر صيام أيام النحر فلا يصمها ( قال مالك ) ولا أحب لأحد أن يبتدئ صياما وإن كان واجبا عليه في آخر أيام التشريق ( مالك بن أنس ) عن حميد عن مجاهد عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ فصيام ثلاثة أيام متتابعات ذلك كفارة أيمانكم ( بن مهدي ) عن سفيان عن ليث عن مجاهد قال كل صيام في القرآن متتابع إلا قضاء رمضان ( بن مهدي ) عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال في قراءة عبد الله فصيام ثلاثة أيام متتابعات ( بن مهدي ) عن سفيان بن عيينة عن بن أبي نجيح قال سئل طاوس عن صيام كفارة اليمين هل تفرق فقال مجاهد يا أبا عبد الرحمن في قراءة بن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات ( بن مهدي ) عن الحجاج عن عطاء أنه كان لا يرى بتفريقهن بأسا ( وقال ) إبراهيم النخعي إذا كان على المرأة شهران متتابعان فأفطرت من حيض فلا بد من الحيض فإنها تقضي ما أفطرت وتصله
____________________
(3/122)
________________________________________
في كفارة الموسر بالصيام ( قلت ) أرأيت من كان ماله غائبا عنه أيجزئه أن يكفر كفارة اليمين بالصيام ( قال ) لا ولكن ليتسلف ( قلت ) أتحفظه عن مالك قال لا ( قلت ) أرأيت ان حنث في يمينه فأراد أن يكفر وله مال وعليه دين مثله أيجزئه أن يصوم في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إذا كان عليه من الدين مثل جميع ما في يديه ولا مال له غيره أجزأه الصوم ( قلت ) أرأيت إن كانت له دار يسكنها أو خادم يخدمه أيجزئه الصوم في قول مالك في كفارة اليمين أم لا
قال لا يجزئه ( قلت ) أرأيت من كان عليه ظهار وعنده دار أو خادم أيجزئه الصوم أم لا ( قال ) لا يجزئه وإنما جعل الله الصوم لمن لم يجد كفارة اليمين كما جعل الصيام في الظهار لمن لم يجد عتق رقبة ( بن مهدي ) عن سفيان عن جابر بن الحكم في رجل عليه رقبة وله رقبة ليس له غيرها قال يعتقها
ما جاء في كفارة اليمين بالكسوة ( قلت ) أرأيت الرجال كم يكسوهم في قول مالك ( قال ) ثوبا ثوبا ( فقلت ) فهل تجزئ العمامة وحدها ( قال ) لا يجزئ إلا ما تحل فيه الصلاة لأن مالكا قال في المرأة لا يجزئ أن يكسوها في كفارة اليمين إلا ما يحل لها الصلاة فيه الدرع والخمار ( بن وهب ) عن يونس عن بن شهاب قال ثوبا لكل مسكين في كفارة اليمين ( بن وهب ) عن رجال من أهل العلم عن مجاهد وسعيد بن المسيب ويحيى بن سعيد وغيرهم من أهل العلم مثله ( بن مهدي ) عن سفيان الثوري وشعبة عن المغيرة عن إبراهيم قال ثوب جامع ( بن مهدي ) عن سفيان عن يونس عن الحسن قال ثوبان ( بن مهدي ) عن سفيان عن أبي داود بن هند عن سعيد بن المسيب قال عمامة يلف بها رأسه وعباءة يلتحف بها ( سحنون ) وإنما ذكرت هذا لقول مالك ثوبان للمرأة لأنه أدنى ما تصلي به
____________________
(3/123)
________________________________________
في كفارة اليمين بالعتق ( قلت ) أرأيت المولود والرضيع هل يجزئان في عتق كفارة اليمين ( قال ) قال مالك من صلى وصام أحب إلي وان لم يجد غيره مكان ذلك من قصر النفقة رجوت أن يجزئ هنه ( وقال مالك ) والأعجمي الذي قد أجاب عندي كذلك الذي قد أجاب إلى الإسلام وغيره أحب إلي فإن لم يجد غيره أجزأ عنه ( قلت ) وما وصفت لي من الرقاب في كفارة الظهار هل يجزئ في اليمين بالله ( قال ) سألت مالكا عن العتق في الرقاب الواجبة وما أشبهها فمحملها كلها عنده سوى كفارة اليمين وكفارة الظهار وغيرهما سواء يجزئ في هذا كله ما يجزئ في هذا ( قلت ) أرأيت أقطع اليد والرجل أيجزىء عند مالك ( قال ) سئل مالك عن الأعرج فكرهه مرة وآخر قوله أنه قال إذا كان عرجا خفيفا فإنه جائز وان كان عرجا شديدا فلا يجزئ وإلا قطع الذي لا شك فيه أنه يجزئ ( قلت ) أرأيت المدبر والمكاتب وأم الولد والمعتق إلى سنين هل يجزئ في الكفارة ( قال ) لا يجزئ عند مالك في الكفارة شيء من هؤلاء ( قلت ) فإن اشترى أباه أو ولده أو ولد ولده أو أحدا من أجداده أيجزئ أحد من هؤلاء في الكفارة ( قال ) سألنا مالكا عنه فقال لا يجزئ في الكفارة أحد ممن يعتق عليه إذا ملكه من ذوي القرابة لأنه إذا اشتراه لا يقع له عليه ملك إنما يعتق باشترائه إياه ( قال مالك ) ولا أحب له أن يعتق في عتق واجب إلا ما كان يملكه بعد ابتياعه ولا يعتق عليه ( قلت ) أرأيت الرجل يقول لرجل أعتق عني عبدك في كفارة اليمين أو كفر عني فيعتق عنه أو يطعم أو يكسو ( قال ) ذلك يجزئه عند مالك ( قلت ) فإن هو كفر عنه من غير أن يأمره ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأراه يجزئ ألا ترى أن الرجل يموت وعليه كفارة من ظهار أو غير ذلك فكفر عنه أهله أو غيرهم فيجوز ذلك ( قلت ) وهذا قول مالك أنه يجزئه ( قال ) نعم في الميت هو قوله ( قلت ) أرأيت ان اشترى الرجل امرأته وهي حامل منه أتجزئ عنه في شيء من الكفارات إذا أعتقها قبل أن تضع في قول مالك ( قال ) لا تجزئ عنه
____________________
(3/124)
________________________________________
لأن مالكا جعلها أم ولد بذلك الحمل حين اشتراها ( بن وهب ) عن يونس عن بن شهاب أنه قال في المدبر لا يجزئ ( وقال ) عبد الجبار عن ربيعة لا يجزئ المكاتب ولا أم الولد في شيء من الرقاب الواجبة وقاله الليث بن سعد ( وقال ) بن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء في المرضع إنه يجزئ في الكفارة ( مالك بن أنس ) وسفيان بن عيينة ويونس عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن رجلا من الأنصار أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوليدة سوداء فقال يا رسول الله ان علي رقبة مؤمنة فإن كنت تراها مؤمنة أعتقتها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدين أن لا إله إلا الله فقالت نعم قال أتشهدين أن محمدا رسول الله قالت نعم قال أفتوقنين بالبعث بعد الموت قالت نعم قال أعتقها ( مالك بن أنس ) عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن لي جارية كانت ترعى غنما لي ففقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلي رقبة أفأعتقها فإنها مؤمنة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله فقالت هو في السماء فقال من أنا فقالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة ( قال مالك ) أحسن ما سمعت في الرقاب الواجبة أنه لا يشتريها الذي يعتقها بشرط على أن يعتقها لأن تلك ليست برقبة تامة وفيها شرط يوضع عنه من ثمنها
قال مالك ولا بأس أن يشتري المتطوع ( قال مالك ) وبلغني أن عبد الله بن عمر سئل عن الرقبة الواجبة هل تشتري بشرط فقال لا ( وقال ) الحسن والشعبي لا يجزئ الأعمى وقاله النخعي أيضا ( وقال عطاء ) لا يجوز عرج ولا أشل ولا صبي لم يولد في الإسلام من حديث بن مهدي عن بشر بن منصور عن بن جريج عن عطاء ( وقال ) سفيان عن المغيرة عن إبراهيم وجابر عن الشعبي قال لا تجوز أم الولد في الواجب ( بن المبارك ) عن الاوزاعي قال سئل إبراهيم النخعي عن المرضع هل تجوز في كفارة الدم قال نعم ( بن وهب ) عن عبد الجبار عن ربيعة أنه قال لا يجزئ عنه إلا مؤمنة ( وقال ) عطاء لا تجوز إلا مؤمنة
____________________
(3/125)
________________________________________
صحيحة ( وقال ) يحيى بن سعيد لا يجوز أشل ولا أعمى ( وقال ) بن شهاب لا يجوز أعمى ولا أبرص ولا مجنون
ما جاء في تفرقة كفارة اليمين ( قلت ) أرأيت ان كسا أو أعتق أو أطعم عن ثلاثة أيمان ولم ينو الإطعام عن واحدة من الايمان ولا الكسوة ولا العتق إلا أنه نوى بذلك الايمان كلها ( قال ) يجزئه عند مالك لأن هذه الكفارات كلها إنما هي عن الايمان التي كانت بالله فهي تجزئه ( قلت ) وكذلك إذا أعتق رقبة ولم ينو عن ايمانه كلها إلا أنه نوى يعتقها عن احدى هذه الايمان وليست بعينها وقد كانت أيمانه تلك كلها بأشياء مختلفة إلا أنها كلها بالله أيجزئه في قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت ان أطعم خمسة مساكين وكسا خمسة أيجزئه ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يجزئه لأن الله قال فإطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فلا يجزئه أن يكون بعض هذا إلا أن يكون نوعا واحدا
ما جاء في الرجل يعطي المساكين قيمة كفارة يمينه ( قلت ) أرأيت ان أعطي المساكين قيمة الثياب أيجزئه أم لا ( قال ) لا يجزئ عند مالك ( بن مهدي ) عن سفيان عن جابر قال سألت عامرا الشعبي عن رجل حلف على يمين فحنث هل يجزئ عنه أن يعطي ثلاثة مساكين أربعة دراهم
فقال لا يجزئ عنه إلا أن يطعم عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم
ما جاء في بنيان المساجد وتكفين الميت من كفارة اليمين ( قلت ) أرأيت ان أعطي من كفارة يمينه في أكفان الموتى أو في بنيان المساجد أو في قضاء دين الميت أو في عتق رقبة أيجزئه في قول مالك ( قال ) لا يجزئه عند مالك ولا يجزئه إلا ما قال الله تعالى فإطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فلا يجزئه إلا ما قال الله ثم قال وما كان ربك نسيا
____________________
(3/126)
________________________________________
في الرجل يشتري كفارة يمينه أو توهب له ( قلت ) أرأيت ان وهبت له كفارته أو تصدق بها عليه أو اشتراها أكان مالك يكره له ذلك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن مالكا كان يكره للرجل أن يشتري صدقة التطوع فهذا أشد كراهية وذلك رأيي ( قلت ) وكان مالك يكره أن يقبل الرجل صدقة التطوع ( قال ) نعم وقد جاء هذا عن عمر بن الخطاب وغيره وهذا مثبت في كتاب الزكاة
الرجل يحلف أن لا يأكل طعاما فيأكل بعضه أو يشربه أو يخوله عن حاله تلك إلى حال أخرى فيأكله ( قلت ) أرأيت ان قال والله لا آكل هذا الرغيف فأكل بعضه أيحنث في قول مالك ( قال ) قال مالك نعم ( قلت ) أرأيت ان حلف ليأكلن هذه الرمانة فأكل نصفها أيحنث أم لا قال يحنث ( قلت ) وهذا قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت ان حلف ليأكلن هذا الرغيف اليوم فأكل اليوم نصفه وغدا نصفه ( قال ) أراه حانثا ولم أسمع من مالك في هذه الأشياء شيئا ولكنا نحمل الحنث على من قد وجدناه حانثا في حال ( قلت ) أرأيت الرجل يحلف أن لا يأكل هذا الدقيق فأكل خبزا من خبز ذلك الدقيق أيحنث أم لا في قول مالك أو حلف أن لا يأكل هذه الحنطة أو من هذه الحنطة فأكل سويقا عمل من تلك الحنطة أو خبزا خبز من تلك الحنطة أو الحنطة بعينها صحيحة أو أكل الدقيق بعينه أيحنث أم لا في هذا كله في قول مالك ( قال بن القاسم ) هذا حانث في هذا كله لأن هذا هكذا يؤكل ( قلت ) أرأيت ان حلف أن لا يأكل من هذا الطلع فأكل منه بسرا أو رطبا أو تمرا أيحنث في قول مالك ( قال ) ان كانت نيته أن لا يأكل من الطلع بعينه وليس نيته على غيره فلا شيء عليه وان لم تكن له نية فلا يقربه ( قلت ) أتحفظه عن مالك قال لا ( قلت ) أرأيت ان حلف أن لا يأكل من هذا اللبن فأكل من جبنه أو من زبده ( قال ) هذا مثل الأول ان
____________________
(3/127)
________________________________________
لم تكن له نية كما أخبرتك فهو حانث ( قلت ) أرأيت ان حلف فقال والله لا آكل من هذه الحنطة فزرعت فأكل من حب خرج منها ( قال ) قال مالك في الذي يحلف أن لا يأكل من هذا الطعام فبيع فاشترى من ثمنه طعام آخر ( قال ) قال مالك لا يأكل منه إذا كان على وجه المن وإن كان لكراهية الطعام وخبئه ورداءته أو لسوء صنعته قال مالك فلا أرى به بأسا فقس مسألتك في هذا الزرع على هذا إن كان على وجه المن فلا يأكل مما يخرج منها وإن كان لرداءة الحب فلا بأس أن يأكل مما يخرج منها ( قلت ) أرأيت ان حلف أن لا يشرب هذا السويق فأكله أيحنث ( قال ) إن كان إنما كره شربه لأذى كان يصيبه منه مثل المغص يصيبه عليه أو النفخ أو لشيء يؤذيه فلا أراه حانثا إن هو أكله وإن لم تكن له نية فأكله أو شربه حنث ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا آكل هذا اللبن فشربه أيحنث في قول مالك أم لا ( قال ) قد أخبرتك في هذه الأشياء إن لم تكن له نية حنث وإن كانت له نية فله نيته ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يأكل سمنا فأكل سويقا ملتوتا بسمن فوجد فيه طعم السمن أو ريح السمن ( قال ) هذا مثل ما أخبرتك إن كانت له نية في ذلك السمن الخالص وحده بعينه فله نيته ولا يحنث وإن لم تكن له نية فهو حانث وقد فسرت لك هذه الوجوه ( قلت ) فإن لم يجد ريح السمن ولا طعمه في السويق ( قال ) لا يراد من هذا ريح ولا طعم وهو على ما أخبرتك وفسرت لك ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يأكل خلا فأكل مرقا فيه خل ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى عليه حنثا إلا أن يكون أراد أن لا يأكل طعاما داخله الخل ( بن مهدي ) عن المغيرة عن إبراهيم قال سئل عن رجل قال كل شيء يلبسه من غزل امرأته فهو يهديه أيبيع غزلها ويشتري به ثوبا فيلبسه فقال إبراهيم لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها
____________________
(3/128)
________________________________________
ما جاء في الرجل يحلف أن لا يهدم البئر فيهدم منها حجرا أو يحلف أن لا يأكل طعامين فيأكل أحدهما ( قلت ) أرأيت الرجل يحلف أن لا يهدم هذه البئر فيهدم منها حجرا واحدا ( قال ) قال مالك هو حانث إلا أن تكون له نية في هدمها كلها ( قلت ) أرأيت ان قال والله لا أكلت خبزا وزيتا أو قال والله لا أكلت خبزا وجبنا فأكل أحدهما أيحنث أم لا في قول مالك ولا نية له ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال من حلف أن لا يأكل شيئين فأكل أحدهما أو قال لا أفعل فعلين ففعل أحدهما حنث فإن كان هذا الذي قال لا آكل خبزا وزيتا أو خبزا وجبنا لم تكن له نية فقد حنث وان كانت له نية أن لا يأكل خبزا بزيت أو خبزا بجبن وإنما كره أن يجمعهما لم يحنث
ما جاء في الرجل يحلف أن لا يأكل طعاما فذاقه أو أكل مما يخرج منه ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يأكل طعاما فذاقه أو لا يشرب شرابا كذا وكذا فذاقه أيحنث أم لا في قول مالك ( قال بن القاسم ) إن لم يكن يصل إلى جوفه لم يحنث ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا أكلت من هذه النخل بسرا أو قال والله لا أكلت بسر هذه النخل فأكل من بلحها أيحنث أم لا
قال لا يحنث ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا آكل لحما ولا نية له فأكل حيتانا ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال هو حانث لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه وهو الذي في قول البحر لتأكلوا منه لحما طريا ( قال مالك ) إلا أن تكون له نية فله ما نوى ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يأكل رؤسا فأكل رؤس السمك أو حلف أن لا يأكل بيضا فأكل بيض السمك أو بيض الطير سوى الدجاج أيحنث أم لا في قول مالك ( قال بن القاسم ) إنما ينظر إلى الذي خرجت يمينه ما هو فيحمل عليه لأن للايمان بساطا يحمل الناس على ذلك فإن لم يكن ليمينه كلام يستدل به على ما أراد بيمينه ولم تكن له نية لزمه في كل ما يقع عليه ذلك الأسم الحنث وقد أخبرتك في اللحم أنه إذا أكل الحيتان حنث
____________________
(3/129)
إن لم تكن له نية وإنما اللحم عند الناس ما قد علمت ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما أيحنث أم لا في قول مالك ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال من حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحمها فإنه يحنث ( قلت ) فشحم الثروب وغيرها من الشحوم سواء في هذا ( قال ) الشحم كله سواء عند مالك إلا أن تكون له نية أن يقول إنما أردت اللحم بعينه ( قال مالك ) ومن حلف أن لا يأكل شحما فأكل لحما فلا شيء عليه ومن حلف أن لا يأكل اللحم فأكل الشحم حنث لأن الشحم من اللحم ( بن مهدي ) عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال من حلف أن لا يأكل الشحم فليأكل اللحم ومن حلف أن لا يأكل اللحم فلا يأكل الشحم لأن الشحم من اللحم
ما جاء في الرجل يحلف أن لا يكلم فلانا فسلم عليه في صلاة أو غير صلاة وهو يعلم أو لا يعلم ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فصلى الحالف بقوم والمحلوف عليه فيهم فسلم من صلاته عليهم أيحنث أم لا ( قال ) لا يحنث قال وقد بلغني ذلك عن مالك ( قلت ) أرأيت لو صلى الحالف خلف المحلوف عليه وقد علم أنه امامهم فرد عليه السلام حين سلم من صلاته ( قال ) قال مالك لا حنث عليه وليس مثل هذا كلاما ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يكلم فلانا فمر على قوم وهو فيهم فسلم عليهم وقد علم أنه فيهم أو لم يعلم ( قال ) قال مالك هو حانث إلا أن يحاشيه ( قلت ) علم أو لم يعلم قال نعم ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فسلم على قوم وهو فيهم ( قال ) قال مالك يحنث إلا أن يكون حاشاه ( قال مالك ) وإن مر في جوف الليل فسلم عليه وهو لا يعرفه حنث
في الرجل يحلف أن لا يكلم فلانا فيرسل إليه رسولا أو يكتب إليه كتابا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فأرسل إليه رسولاأو كتب
____________________
(3/130)
________________________________________
إليه كتابا ( قال ) قال مالك إن كتب إليه كتابا حنث وإن أرسل إليه رسولا حنث إلا أن تكون له نية على مشافهته ( قلت ) أرأيت إن كانت له في الكتاب نية على المشافهة ( قال ) قال مالك في هذا مرة إن كان نوى فله نيته ثم رجع بعد ذلك فقال لا أرى أن أنويه في الكتاب وأراه في الكتاب حاشا ( قال مالك ) وإن كتب إليه فأخذ الكتاب قبل أن يصل إلى المحلوف عليه فلا أرى عليه حنثا وهو آخر قوله
في الرجل يحلف أن لا يساكن رجلا ( قلت ) أرأيت الرجل يحلف أن لا يساكن فلانا فسكنا في دار فيها مقاصير فسكن هذا في مقصورة وهذا في مقصورة أخرى أيحنث أم لا ( قال ) إن كانا في دار واحدة وكل واحد منهما في منزلة والدار تجمعهما فأراه حانثا في مسألتك وكذلك سمعت مالكا يقول
وإن كانا في بيت واحد رفيقين فحلف أن لا يساكنه فانتقل عنه إلى منزل في الدار يكون مدخله ومخرجه ومرافقه في حوائجه ومنافعه على حدة فلا حنث عليه إلا أن يكون نوى الخروج من الدار لأني سمعت مالكا يقول وسأله رجل عن امرأة له وأخت له كانتا ساكنتين في منزل واحد وحجرة واحدة فوقع بينهما ما يقع بين النساء من الشر فحلف الرجل بطلاق امرأته أن لا تساكن احداهما صاحبتها فتكاري منزلا سفلا وعلوا وكل منزل منهما مرفقه على حدة مرحاضه ومفسله ومطبخه ومدخله ومخرجه على حدة إلا أن سلم العلو في الدار يجمعهما باب الدار يدخلان منه ويخرجان منه ( قال ) مالك لا أرى عليه حنثا إذا كانتا معتزلين هكذا ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا أساكنك فسكنا في قرية أيحنث أم لا ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أراه يحنث إلا إن كان معه في دار ( قلت ) وكذلك لو ساكنه في مدينة من المدائن ( قال ) نعم لا حنث عليه إلا أن يساكنه في دار ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يساكنه فزاره ( قال ) قال مالك ليست الزيارة سكنى ( قال مالك ) وينظر في ذلك إلى ما كانت عليه أول يمينه فإن كان إنما ذلك لما يدخل بين العيال والصبيان والنساء فذلك عندي أخف وإن كان إنما أرد التنحي
____________________
(3/131)
________________________________________
عنه فهو عندي أشد ( قلت ) أرأيت الرجل يحلف أن لا يساكن فلانا في دار قد سماها أو لم يسمها فقسمت الدار فضربا بينهما حائطا وجعل مخرج كل نصيب على حدته فسكن في أحد النصفين هذا الحالف أتراه حانثا أم لا ( قال ) سئل مالك وأنا أسمع عن رجل حلف أن لا يساكن إبنا له أو أخا له وكانا في دار واحدة فأراد أن يضربا في سوط الدار حائطا ويقستماها ويفتح هذا بابه إلى السكة وهذا بابه إلى السكة الأخرى قال مالك ما يعجبني وكرهه ( قال بن القاسم ) وأنا لا أرى به بأسا ولا أرى عليه شيئا وكذلك مسألتك
في الرجل يحلف أن لا يسكن دار رجل ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يسكن هذه الدار وهو فيها ساكن متى يؤمر بالخروج في قول مالك ( قال ) قال مالك يخرج ساعة يحلف ( قلت ) فإن كانت يمينه في جوف الليل ( قال ) قال مالك فأرى أن يخرج تلك الساعة فراجعه إبن كنانة فيها فقال له ألا ترى له أن يمكث حتى يصبح
قال مالك إن كان نوى ذلك وإلا انتقل تلك الساعة فرأيته حين راجعه بن كنانة وراجعه مرارا فيها فلم يزده على هذا ولم نسأله وإن أقام حتى يصبح فرأيته يراه إن أقام حتى يصبح إذا لم تكن له نية أنه حانث وذلك رأيي ( فقلت ) لمالك فإن كانت له نية حتى يصبح أيقيم حتى يلتمس مسكنا بعد ما أصبح ( قال ) قال مالك يعجل ما استطاع
قيل له إنه لا يجد مسكنا قال هو يجده ولكنه لعله أن لا يجده إلا بالغلاء أو الموضع الذي لا يوافقه فلينتقل ولا يقم وإن كان إلى مثل هذا الموضع فلينتقل إليه حتى يجد على مهل فإن لم ينتقل رأيته حانثا ( قلت ) أرأيت إن ارتحل بعياله وولده وترك متاعه ( قال ) قال مالك لا يترك متاعه ( قلت ) فإن ترك متاعه أيحنث أم لا في قول مالك قال نعم ( قلت ) والرحلة عند مالك أن ينتقل بكل شيء له قال نعم ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يسكن في دار فلان هذه فباعها فلان أيحنث إن سكن أم لا ( قال ) أرى أن لا يسكن هذه الدار إذا سماها بعينها وإن
____________________
(3/132)
________________________________________
خرجت من ملك واحد بعد واحد إلا أن يكون أراد ما دامت في ملك فلان المحلوف عليه فإن سكن حنث فهذا حين حلف أن لا يسكن دار فلان هذه فإن كان أراد أن لا يسكن هذه الدار فلا يسكنها أبدا فإن سكنها حنث وإن كان إنما أراد ما دامت لفلان فإن خرجت من ملك فلان فلا بأس عليه في سكناها ( قلت ) فإن قال والله لا أسكن دار فلان فباعها فلان ( قال ) أرى أنه لا يحنث إن سكنها إلا أن يكون نوى أن لا يسكنها وإن خرجت من ملكه ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يسكن دار فلان فسكن دارا بين فلان ورجل آخر أيحنث أم لا ( قال ) نعم يحنث لأني سمعت مالكا يقول في رجل قال لإمرأته أنت طالق إن كسوتك هذين الثوبين ونيته أن لا يكسوها إياهما جميعا فكساها أحدهما إنها قد طلقت عليه ( قلت ) أرأيت إن قال لإمرأته إن سكنت هذه الدار وهي فيها ساكنة فأنت طالق ( قال ) تخرج فإن تمادت في سكناها يحنث
فكذلك اللباس والركوب إذا كانت راكبة أو لابسة فإن هي ثبتت على الدابة أو لم تنزع اللباس مكانها من فورها فهي طالق
الرجل يحلف أن لا يدخل بيتا أو لا يسكن بيتا ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا أسكن بيتا ولا نية له وهو من أهل القرى أو من أهل الحاضرة فسكن بيتا من بيوت الشعر أتراه حانثا في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه إن لم تكن له نية فهو حانث لأن الله تبارك وتعالى يقول ! 2 < بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم > 2 ! فقد سماها الله بيوتا ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يحلف بطلاق امرأته ما له مال ولا مال له يعلمه فيكون قد وقع له ميراث بأرض قبل يمينه ( قال ) مالك إن كان لم ينو حين حلف أنه ما له مال يعلمه فأرى أنه قد حنث وإن كان نوى حين نوى أنه ما له مال يعني ما لا يعلمه لم يحنث
الرجل يحلف أن لا يدخل على رجل بيتا ( قلت ) أرأيت رجلا حلف أن لا يدخل على رجل بيتا فدخل عليه في المسجد
____________________
(3/133)
________________________________________
أيحنث أم لا ( قال ) لا يحنث ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال لا حنث على هذا وليس على هذا حلف ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يدخل على فلان بيتا فدخل الحالف على جار له بيته فإذا فلان المحلوف عليه في بيت جاره ذلك أيحنث أم لا ( قال ) نعم يحنث ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يدخل على فلان بيتا فدخل بيتا فدخل عليه فلان ذلك البيت ( قال ) قال مالك في هذا بعينه لا يعجبني ( قال بن القاسم ) وأرى إن دخل عليه فلان ذلك البيت أن لا يكون حانثا إلا أن يكون نوى أن لا يجامعه في بيت قال فإن كان نوى ذلك فقد حنث ( قلت ) أرأيت قول مالك في هذه المسألة لا يعجبني أخاف مالك الحنث في ذلك قال نعم خاف الحنث
في رجل حلف أن لا يدخل دارا بعينها أو بغير عينها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يدخل هذه الدار فتهدمت حتى صارت طريقا أو خربة من الخرائب يذهب الناس فيها يخرقونها ذاهبين وجائين ( قال ) أرى إذا تهدمت وخربت حتى تصير طريقا فدخلها لم يحنث ( قلت ) فلو بنيت بعد ذلك دارا ( قال ) لا يدخلها لأنها حين بنيت بعد فقد صارت دارا ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل بيت فلان المحلوف عليه وإنما فلان ساكن في ذلك البيت بكراء أيحنث أم لا ( قال ) أرى أن المنزل منزل الرجل بكراء كان فيه أو بغير كراء ويحنث هذا الحالف إن دخل ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يدخل دار فلان فقام على ظهر بيت منها أيحنث أم لا قال يحنث ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا أدخل من باب هذه الدار فحول بابها فدخل من بابها هذا المحدث أيحنث أم لا ( قال ) يحنث ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا وهو رأيي إلا أن يكون كره الدخول من ذلك الباب لضيق أو لسوء ممر أو ممر على أحد ولم يكره دخول الدار بعينها فإن هذا إذا حول الباب ودخل لم يحنث ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا أدخل من هذا الباب فأغلق ذلك الباب وفتح له باب آخر فدخل من ذلك الباب الذي فتح أيحنث أم لا
____________________
(3/134)
________________________________________
( قال ) يحنث إلا أن يكون نوى أن لا يدخل من هذا الباب وإنما أراد ذلك الباب بعينه ولم يرد دخول الدار فإن لم تكن هذه نيته فهو حانث لأن نيته ها هنا إنما وقعت على أن لا يدخل هذه الدار ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يدخل دار فلان فاحتمله إنسان فأدخله أيحنث أم لا ( قال ) قال مالك وغيره من أهل العلم أنه لا يحنث ( قلت ) أرأيت إن قال احتملوني فأدخلوني ففعلوا أيحنث أم لا ( قال ) هذا يحنث لا شك فيه
في الرجل يحلف أن لا يأكل طعام رجل ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا أكلت من طعام فلان فباع فلان طعامه ثم أكل من ذلك الطعام ( قال ) فإنه لا يحنث إلا أن يحلف لا أكلت من هذا الطعام بعينه فإنه لا يأكل منه وإن خرج من ملك فلان ذلك الرجل فإن أكل منه حنث وإن انتقل من ملك رجل إلى ملك رجل إلا أن يكون نوى ما دام في يده ( قلت ) أرأيت إن قال والله لا آكل من طعام فلان ولا ألبس من ثياب فلان ولا أدخل دار فلان فاشترى هذا الحالف هذه الأشياء من فلان فأكلها أو لبسها أو دخلها بعد الاشتراء ( قال ) ليس عليه شيء إلا أن يكون نواه بعينه أن لا يأكله ( قلت ) فإن وهب هذا المحلوف عليه هذه الأشياء للحالف أو تصدق بها عليه فقبلها فأكلها أو لبس أو دخل الدار أيحنث أم لا في قول مالك ( قال ) ما يعجبني هذا وما سمعت من مالك فيه شيئا ولكني إنما كرهته لك لأن هذا إنما يكره لوجه المن ألا ترى أنه إذا وهب له الهبة من بها الواهب عليه وإن اشتراها منه فلا منة للبائع عليه ولا يعجبني ذلك وأراه حانثا إن كان إنما كره منه إن فعل ( قال بن القاسم ) وبلغني عن مالك أنه سئل عن رجل حلف أن لا يأكل لرجل طعاما فدخل بن الحالف على المحلوف عليه فأطعمه خبزا ثم خرج به الصبي إلى منزل أبيه فتناوله أبوه منه فأكل منه وهو لا يعلم فسئل مالك عن ذلك فقال أراه حانثا ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يأكل من طعام يشتريه فلان فأكل من طعام اشتراه فلان وآخر معه أيحنث أم لا في قول مالك ( قال ) أراه حانثا ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يأكل هذا
____________________
(3/135)
________________________________________
الرغيف فأكره عليه فأكله ( قال ) لا يحنث في رأيي ( قلت ) فإن أكره فحلف أن لا يأكل كذا وكذا فأجبر على أكله فأكله أيحنث أم لا ( قال ) لا يحنث عند مالك والمكره عند مالك على اليمين ليس يمينه بشيء
الرجل يحلف أن لا تخرج امرأته إلا بإذنه أو لا يأذن لإمرأته أن تخرج ( قلت ) أرأيت إن حلف رجل أن لا تخرج إمرأته من الدار إلا بإذنه فأذن لها حيث لا تسمع فخرجت بعد الإذن أيحنث أم لا ( قال ) بلغني عن مالك أنه سئل عن رجل حلف أن لا تخرج إمرأته إلا بإذنه فسافر فخاف أن تخرج بعده فقال اشهدوا أني قد أذنت لها إن خرجت فهي على إذني فخرجت قبل أن يأتيها الخبر قال مالك ما أراه إلا قد حنث قال مالك وليس هذا الذي أراد
ولم أسمعه أنا من مالك ولكن بلغني ذلك عنه وهو رأيي وكذلك مسألتك ( قلت ) أرأيت إن حلف رجل أن لا يأذن لإمرأته أن تخرج إلا في عيادة مريض فأذن لها فخرجت في عيادة مريض ثم عرضت لها حاجة غير العيادة وهي عند المريض فذهبت فيها أيحنث الزوج أم لا قال لا يحنث ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يأذن لإمرأته أن تخرج إلا في عيادة مريض فخرجت من غير أن يأذن لها إلى الحمام أو إلى غير ذلك أيحنث أم لا ( قال ) لا يحنث في رأيي لأن الزوج لم يأذن لها إلى حيث خرجت إلا أن يعلم بذلك فيتركها فإن هو حين يعلم بذلك لم يتركها فإنه لا يحنث ( قلت ) فإن لم يعلم حتى فرغت من ذلك ورجعت ( قال ) لا حنث عليه في رأيي ( قال سحنون ) وقد ذكر عن ربيعة شيء مثل هذا أنه حانث في غير العيادة إذا أقرها لأنه قد كان يقدر على ردها فلما تركها فإنه أذن لها في خروجها
الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه غدا أو ليأكلن طعاما غدا فيقضيه أو يأكله قبل غد ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قال لرجل والله لأقضينك حقك غدا فعجل له حقه
____________________
(3/136)
________________________________________
اليوم أيحنث أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يحنث إن عجل له حقه قبل الأجل وإنما يحنث إذا أخر حقه بعد الأجل ( قلت ) فإن قال والله لآكلن هذا الطعام غدا فأكله اليوم أيحنث أم لا ( قال ) نعم هذا يحنث ( قلت ) أتحفظه عن مالك قال لا ( قلت ) لم أحنثته في هذا ولم تحنثه في الأول ( قال ) لأن هذا حلف على الفعل في ذلك اليوم والأول إنما أراد القضاء ولم يرد ذلك اليوم بعينه وإنما أراد أن لا يتأخر عن ذلك اليوم وكذلك قال مالك فيه
الرجل يحلف أن لا يشتري ثوبا فاشترى ثوب وشي ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يشتري ثوبا فاشترى ثوبا من الوشي أو غيره ( قال ) إن كانت له نية فله نيته فيما بينه وبين الله وإن كانت عليه بينة واشترى ثوبا حنث إن كان حلف بالطلاق أو بالعتاق أو بشيء مما يقضي عليه القاضي به ( قال بن القاسم ) ولو أن رجلا حلف أن لا يدخل دارا سماها فدخلها بعد ذلك وقال إنما نويت شهرا قال إن كانت عليه بينة لم يقبل قوله وإن كان فيما بينه وبين الله وجاء مستفتيا فله نيته فمسألتك مثل هذه
في الرجل يحلف أن لا يلبس ثوبا ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه فيتركه عليه بعد اليمين ( قال ) بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال في الرجل يحلف أن لا يركب هذه الدابة وهو عليها قال قال مالك إن نزل عنها مكانه وإلا فهو حانث فمسألتك مثل هذا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوبا غزلته فلانة وأخرى معها ( قال ) أراه حانثا في رأيي ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يلبس هذا الثوب فقطعه قباء أو قميصا أو سراويل أو جبة ( قال ) هو حانث إلا أن يكون إنما حلف لضيق به كره أن يلبسه على ذلك الحال أو لسوء عمله فكره لبسه لذلك فحوله فهذا له نيته فإن لم تكن له نية حنث ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف
____________________
(3/137)
________________________________________
أن لا يلبس هذا الثوب وهو قميص أو قباء أو ملحفة فاتزر به أو لف رأسه به أو طرحه على منكبيه أيكون حانثا في قول مالك وهل يكون هذا لبسا عند مالك ( قال ) سأل رجل مالكا عن رجل حلف بطلاق امرأته البتة أن لا يلبس لها ثوبا فأصابته من الليل هراقة الماء فقام من الليل فتناول ثوبا عند رأسه فإذا هو ثوب امرأته وهو لا يعلم فوضعه بيديه على مقدم فرجه فقال مالك لا أرى هذا لبسا ( قال ) فقيل لمالك فلو أداره عليه فقال مالك لو أداره عليه لرأيته لبسا فأما مسألتك فأراه لبسا وأراه حانثا وما سمعت من مالك فيها شيئا
في الرجل يحلف أن لا يركب دابة رجل فركب دابة عبده ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يركب دابة رجل فركب دابة لعبده أيحنث أم لا ( قال ) سمعت مالكا يقول في العبد يشتري رقيقا لو اشتراهم سيده عتقوا عليه ( قال مالك ) يعتقون على السيد وإن كان العبد هو الذي اشتراهم لنفسه فإنهم أحرار على السيد إذا كانوا ممن يعتقون على السيد فمسألتك مثل هذا عندي إنه حانث إلا أن تكون للحالف نية لأن ما في يد العبد لسيده ألا ترى أن ما في يديه من الرقيق الذين يعتقون على السيد أنهم أحرار قبل أن يأخذهم منه السيد ( وقال أشهب ) لا حنث عليه في دابة عبده ألا ترى لو أنه ركب دابة لابنه كان يجوز له اعتصارها لم يحنث فكذلك هذا
ما جاء في الرجل يحلف ما له مال وله دين وعروض ( قلت ) أرأيت رجلا حلف ما له مال وله دين على الناس وعروض وغير ذلك ولا شيء له غير ذلك الدين أيحنث أم لا في قول مالك ( قال ) يحنث عند مالك لأني سمعت مالكا وسئل عن رجل استعاره رجل ثوبا فحلف بطلاق امرأته أنه ما يملك إلا ثوبه وله ثوبان مرهونان أترى عليه حنثا قال إن كان في ثوبيه المرهونين كفاف لدينه فلا أرى عليه حنثا وكانت تلك نيته مثل أن يقول ما أملك ما أقدر عليه يريد بقوله
____________________
(3/138)
________________________________________
ما أملك أي ما أقدر على ثوبي هذين فإن لم تكن له نية هكذا أو كان في الثوبين فضل رأيت أن يحنث في مسألتك مثل هذا ( قال بن القاسم ) وإن لم تكن له نية وليس في الثوبين وفاء فأرى أنه يحنث ( قلت ) أرأيت إن حلف بالله ما له مال وليست له دنانير ولا دراهم ولا شيء من الأموال التي تجب فيها الصدقة وله شوار بيته أو خادم أو فرس أيحنث أم لا في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك في هذا شيئا وما أشك أنه حانث لأني لا أحصى ما سمعت مالكا يقول من قال مالي مال وله عروض ولا فرض له أنه يحنث فهذا يدلك على أنه قد جعل العروض كلها أموالا إلا أن تكون للحالف نية فتكون له نيته ألا ترى أن في الحديث الذي ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين إن فيه لم يغنم ذهبا ولا ورقا إلا الأموال المتاع والخرثي
الرجل يحلف أن لا يكلم رجلا أياما فيكلمه فيحنث ثم يكلمه أيضا قبل أن ينقضي الأجل ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف لرجل والله لا أكلمك عشرة أيام فكلمه في هذه العشرة الأيام فأحنثته ثم كلمه بعد ذلك مرة أخرى ( قال ) لا حنث عليه عند مالك بعد الحنث الأول وإن كلمه في العشرة الأيام ( قلت ) وكذلك إن كان كلمه في هذه العشرة الأيام قبل أن يكفر مرارا لم يكن عليه إلا كفارة واحدة في قول مالك قال نعم
في الرجل يحلف للرجل إن علم أمرا ليخبرنه فعلماه جميعا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف لرجل إن علم أمر كذا وكذا ليخبرنه ذلك أو ليعلمنه ذلك فعلماه جميعا أترى الحالف إن لم يخبره المحلوف له أو يعلمه أنه حانث في قول مالك أو يقول إذا علم المحلوف له فلا شيء على الحالف ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا بعينه وأنا أرى أن علمهما لا يخرجه من يمينه حتى يخبره أو يعلمه ولقد سئل
____________________
(3/139)
________________________________________
مالك عن رجل أسر إليه رجل سرا فاستحلفه على ذلك ليكتمنه ولا يخبرنه أحدا فأخبر المحلوف له رجلا بذلك السر فانطلق ذلك الرجل فأخبر الحالف فقال إن فلانا أخبرني بكذا وكذا فقال الحالف ما كنت أظنه أخبر بهذا غيري ولقد أخبرني به فظن الحالف أن يمينه لا شيء عليه فيها أن أخبر هذا لأن هذا قد علم ( قال ) قال مالك أراه حانثا ( قلت ) أرأيت إن حلف إن علم بكذا وكذا ليعلمن فلانا أو ليخبرنه فعلم بذلك فكتب إليه بذلك أو أرسل إليه بذلك رسولا أيبر أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأراه بارا
الرجل يحلف أن لا يتكفل بمال أو برجل ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يتكفل بمال أحد أبدا فتكفل بنفس رجل أيحنث أم لا ( قال ) الكفالة عند مالك بالنفس هي الكفالة بالمال إلا أن يكون قد اشترط وجهه بلا مال فلا يحنث ( قلت ) أرأيت إن حلفت أن لا أتكفل لرجل بكفالة أبدا فتكلفت لوكيل له بكفالة عن رجل ولم أعلم أنه وكيل للذي حلفت له ( قال ) إذا لم تعلم بذلك ولم يكن هذا الذي تكفلت له من سبب الذي حلفت له مثل ما وصفت لك قبل في صدر الكتاب فلا حنث عليه
في الرجل يحلف ليضربن عبده مائة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف ليضربن عبده مائة سوط فجمعها فضربه بها واحدة ( قال ) قال مالك لا يجزئه ذلك ولا يخرجه من يمينه ( قلت ) أرأيت إن قال والله ليضربن عبده مائة ضربة فضربه ضربا خفيفا ( قال ) ليس الضرب إلا الضرب الذي يؤلم ( قلت ) أرأيت هذا الذي حلف ليضربن عبده مائة جلدة إن أخذ سوطا له رأسان أو أخذ سوطين فجعل يضربه بهما فضربه خمسين بهذا السوط الذي له رأسان أو بهذين السوطين أيجزئه من يمينه ( قال ) سألت مالكا عن الرجل الذي يجمع سوطين فيضرب بهما قال قال مالك لا يجزئه ذلك
____________________
(3/140)
________________________________________
الرجل يحلف أن لا يشتري عبدا أو لا يضربه أو لا يبيع شلعة فأمر غيره بذلك ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يشتري عبدا فأمر غيره فاشترى له عبدا أيحنث أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يحنث عند مالك ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يضرب عبده فأمر غيره فضربه أيحنث أم لا ( قال ) هذا حانث إلا أن تكون له نية حين حلف أن لا يضربه هو نفسه ( قلت ) وهذا قول مالك قال هذا رأيي ( قلت ) أرأيت إن حلف ليضربن عبده فأمر غيره فضربه ( قال ) هذا بار إلا أن تكون نيته أن يضربه هو نفسه ( قلت ) وكذلك لو حلف أن لا يبيع سلعة فأمر غيره فباعها له أنه يحنث في قول مالك قال نعم ( قلت ) ولا تدينه في شيء من هذا في قول مالك ( قال ) ما سمعت مالكا يدينه ولا أرى ذلك له
في الرجل يحلف أن لا يبيع سلعة رجل فأعطاه إياها غير الرجل فباعها له وهو لا يعلم ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يبيع لفلان سلعة وأن المحلوف عليه دفع إلى رجل سلعة ليبيعها فدفعها هذا الرجل إلى الحالف ليبيعها له ولم يعلم الحالف أنها المحلوف عليها فباعها أيحنث أم لا في قول مالك ( قال ) إن كان الذي دفع السلعة إلى الحالف من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فإني أرى أنه قد حنث وإلا فلا حنث عليه لأني سمعت مالكا يقول في الرجل يحلف أن لا يبيع سلعة من رجل فباعها من غيره فإذا هذا المشتري إنما اشتراها للمحلوف عليه ( قال ) قال مالك إن كان المشتري من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فأراه حانثا وإلا فلا حنث عليه ( قال ) فقيل لمالك إنه قد تقدم إليه وقال له الحالف إن علي يمينا أن لا أبيع من فلان فقال المشتري إني إنما اشتريت لنفسي فباعه على ذلك فلما وجب البيع قال المشتري أدفع السلعة إلى فلان المحلوف عليه فإني إنما اشتريتها له ( قال ) قال مالك قد لزمه البيع ( قلت ) فإن قال الحالف
____________________
(3/141)
________________________________________
إني قد تقدمت إليه في ذلك ( قال ) لا ينفعه ذلك ( قال ) فقيل لمالك أترى عليه الحنث ( قال ) مالك إن كان المشتري من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فقد حنث ولم ير ما تقدم إليه ينفعه ( قال ) فقلت لابن القاسم ما يعني بقوله من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته ( قال ) الصديق الملاطف أو من هو في عياله أو من هو من ناحيته ولم يفسره لنا مالك هكذا ولكنا علمنا أنه هو هذا
في الرجل يحلف لغريمه ليقضينه حقه فيقضيه نقصا ( قلت ) أرأيت الرجل يحلف ليدفعن إلى فلان حقه وهي دراهم فقضاه نقصا ( قال ) قال مالك لو كان فيها درهم واحد ناقص لكان حانثا
قال فإن كان فيها شيء بار لا يجوز فإنه حانث ( قلت ) أرأيت إن حلف رجل لغريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي منه حقه فأخذ منه حقه فلما افترقا أصاب بعضها نحاسا أو رصاصا أو ناقصا بينا نقصانها أيحنث في قول مالك أم لا ( قال ) هو حانث لأني سألت مالكا عن الرجل يحلف بطلاق إمرأته ليقضينه حقه إلى أجل فيقضيه حقه ثم يذهب صاحب الحق بالذهب فيجد فيها زائفا أو ناقصا بينا نقصانه فيأتي به بعد ذلك وقد ذهب الأجل قال مالك أراه حانثا لأنه لم يقضه حقه حين وجد فيما اقتضى ناقصا أو زائفا ( قلت ) وكذلك إن أستحقها مستحق ( قال ) نعم يحنث في رأيي ( قلت ) أرأيت إن أخذ بحقه عرضا من العروض ( قال ) قال مالك إن كان عرضه ذلك يساوي ما أعطاه به وهو قيمته لو أراد أن يبيعه باعه لم أر عليه شيئا ثم استثقله بعد ذلك وقوله الأول أعجب إلي إذا كان يساوي دراهمه
الرجل يحلف أن لا يفارق غريمه حتى يقضيه فيفر منه ( قلت ) أرأيت إن حلفت أن لا أفارق غريمي حتى استوفي حقي ففر مني أو أفلت أأحنث في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك إن كان إنما غلبه غريمه وإنما نوى أن لا يفارقه مثل أن يقول لا أخلي سبيله ولا أتركه إلا أن يفر مني فلا شيء عليه ( قال
____________________
(3/142)
________________________________________
وسمعت مالكا يقول في رجل قال لإمرأته أنت طالق إن قبلتك فقبلته من خلفه وهو لا يدري ( قال ) لا شيء عليه إن كانت غلبته ولم يكن منه في ذلك استرخاء
فكلم مالك في ذلك فقال ومثل ذلك أن يقول الرجل لإمرأته إن ضاجعتك فأنت طالق فينام فتضاجعه وهو نائم إنه لا شيء عليه ( قال ) ولو قال إن ضاجعتني أو قبلتني فهذا كله خلاف للقول الأول وهو حانث والذي حلف لغريمه أن لا يفارقه فغصب نفسه فربط فهذا يحنث إلا أن يقول نويت إلا أن أغلب عليه أو أغصب عليه ( قلت ) أرأيت الذي حلف لغريمه أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه منه فأحاله على غريم له ( قال ) لا أراه يبر في ذلك
الرجل يحلف لغريمه ليقضينه حقه رأس الهلال ( قلت ) أرأيت إن حلف لأقضين فلانا ماله رأس الهلال أو عند رأس الهلال ( قال ) قال مالك له ليلة ويوم من رأس الهلال ( قال ) فقلت لمالك وإلى رمضان ( قال ) إذا انسلخ شعبان ولم يقضه حنث لأنه إنما جعل القضاء فيما بينه وبين رمضان ( قال ) وقال مالك عند رأس الهلال أو إذا استهل الشهر بمنزلة واحدة له ليلة ويوم من أول الشهر وإلى الشهر وإلى استهلال الشهر مثل قوله إلى رمضان إن لم يقضه حقه ما بينه وبين استهلال الشهر حنث
في الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه فيهبه له أو يتصدق به عليه ( قلت ) أرأيت إن حلف ليقضين فلانا حقه رأس الهلال فوهب له فلان دينه ذلك أو تصدق به عليه أو اشترى صاحب الدين به من الحالف سلعة من السلع ( قال ) قال مالك في هذه المسألة بعينها إن كانت تلك السلعة هي قيمة ذلك الدين لو أخرجت إلى السوق أصاب بها ذلك الثمن فقد بر ولا شيء عليه ثم سمعته بعد ذلك يكرهه ويقول لا ولكن ليقضينه دنانيره ( وقال مالك ) إن كانت السلعة تساوي ذلك فلم لا يعطيه دنانيره ( قال بن القاسم ) وقوله الأول أعجب إلي ( قال ) وإنما
____________________
(3/143)
________________________________________
رأيت مالكا كرهه من خوف الذريعة ( قال ) والهبة والصدقة لا تخرج الحالف ذلك من يمينه ولا وضيعة الذي له الدين إن وضع ذلك عن الذي عليه الدين لم يخرجه ذلك عن يمينه ( قال ) وإن حلف ليقضينه دنانيره أو ليقضينه حقه فإن ذلك سواء ويخرجه من يمينه أن يدفع فيه عرضا إذا كان ذلك العرض يساوي تلك الدنانير إذا كانت نيته على وجه القضاء ولم تكن على الدنانير بأعيانها فإذا كانت يمينه على الدنانير بأعيانها فهو حانث إلا أن يدفع إليه الدنانير بأعيانها ( قلت ) أرأيت إن مات المحلوف عليه كيف يصنع الحالف ( قال ) قال مالك يدفع ذلك إلى ورثته ويبر في يمينه أو إلى وصيه أو إلى من يلي ذلك منه أو إلى السلطان ولا شيء عليه إذا أدى ذلك إلى أحد من هؤلاء
في الرجل يحلف أن لا يهب لرجل شيئا فيعيره أو يتصدق عليه ( قلت ) أرأيت إن حلف رجل أن لا يهب لفلان هبة فتصدق عليه بصدقة أيحنث أم لا ( قال ) قال مالك في كل ما ينفع به الحالف المحلوف عليه أنه يحنث كذلك قال مالك وكل هبة كانت لغير الثواب فهي على وجه الصدقة ( قلت ) أرأيت إن حلفت أن لا أهب لفلان هبة فأعرته دابة أأحنث في قول مالك أم لا ( قال ) نعم في رأيي إلا أن يكون ذلك نيتك لأن أصل يمينك ها هنا على المنفعة
في الرجل يحلف أن لا يكسو امرأته أو رجلا فوهب لهما ( قلت ) أرأيت لو إن رجلا حلف أن لا يكسو فلانة إمرأته فأعطاها دراهم فاشترت بها ثوبا أيحنث أم لا ( قال ) نعم يحنث عند مالك وقد بلغني عن مالك أنه سئل عن رجل حلف أن لا يكسو إمرأته فافتك لها ثيابا كانت رهنا قال مالك أراه حانثا ( قال بن القاسم ) وقد عرضت هذه المسألة على مالك فأنكرها وقال أمحها وأبى أن يجيب فيها بشيء ( قال بن القاسم ) ورأيي فيها أنه ينوي فإن كانت له نية أن لا يهب لها ثوبا ولا يبتاعه لها فلا أرى عليه شيئا وإن لم تكن له نية رأيته حانثا وأصل هذا عند مالك
____________________
(3/144)
________________________________________
إنما هو على وجه المنافع والمن ( قال ) ولقد قال مالك في الرجل يحلف أن لا يهب لفلان دينارا لرجل أجنبي فكساه ثوبا قال مالك أرى هذا حانثا لأنه حين كساه فقد وهب له الدينار ( فقيل ) لمالك أرأيت إن كانت له نية ( فقال ) مالك لا أنويه في هذا ولا أقبل منه نيته ( فقيل ) لمالك فلو حلف أن لا يهب لإمرأته دنانير فكساها ( قال ) قال مالك كنت أنويه فإن قال إنما أردت الدنانير بأعيانها رأيت ذلك له وإن لم تكن له نية حنث ( قال ) ورأيت محمل ذلك عنده حين كلم في ذلك لأن الرجل قد يكره أن يهب لإمرأته الدنانير وهو يكسوها ولعله إنما كره أن يعطيها إياها من أجل الفساد أو الخدع فيها فهذا يدلك على أن محمل هذه الأشياء عند مالك على وجه النفع والمن ( قلت ) وهذا الذي يحلف أن لا يعطي فلانا دنانير إن أعطاه فرسا أو عرضا من العروض أهو بمنزلة الكسوة عند مالك يحنثه في ذلك قال نعم ( قلت ) أرأيت محمل هذه الإيمان عند مالك على المن والنفع كيف تأويل المن ( قال ) لو أن رجلا وهب لرجل شاة وقال له الواهب ألم أفعل بك كذا وكذا فقال إياي تريد إمرأته طالق البتة إن أكلت من لحمها أو شربت من لبنها ( فقال ) قال لي مالك إن باعها فاشترى بثمنها شاة أخرى أو طعاما كائنا ما كان فأكله فإنه يحنث ( قلت ) فإن اشترى بثمن تلك الشاة كسوة أيحنث أيضا في قول مالك ( قال ) نعم يحنث لأن هذا على وجه المن فلا ينبغي له أن ينتفع من ثمن الشاة بقليل ولا كثير لأن يمينه إنما وقعت جوابا لما قال صاحبه فصارت على جميع الشاة ولم يرد اللبن وحده لأن يمينه على أن لا ينتفع منها بشيء لأن يمينه إنما جرها من صاحبها عليه ( قلت ) فإن أعطاه شاة أخرى أو عرضا من العروض من غير ثمن تلك الشاة ( قال ) لا بأس به إذا لم يكن ثمنها يبدلها به فلا بأس بذلك إلا أن يكون نوى أن لا ينتفع منه بشيء أبدا ( قلت ) أرأيت إن حلف أن لا يكسو فلانا ثوبا فأعطاه دينارا أيحنث أم لا ( قال ) قد أخبرتك بقول مالك أنه إذا حلف أن لا يعطي فلانا دينارا فكساه إياه إنه حانث فالذي حلف أن لا يكسو فلانا ثوبا فأعطاه دينارا أبين أنه حانث وأقرب في الحنث وقد بلغني ذلك عن مالك
____________________
(3/145)
________________________________________
في الرجل يحلف أن لا يفعل أمرا حتى يأذن فلان فيموت المحلوف عليه ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف بالله أن لا يدخل دار فلان لرجل سماه إلا أن يأذن له فلان لرجل سماه آخر أو حلف بالعتق أو بالطلاق فيموت فلان المحلوف عليه بالاستثناء فيدخل الحالف دار فلان المحلوف عليه أيحنث أم لا قال يحنث ( قلت ) أينتفع بإذن الورثة إن أذنوا له ( قال ) لا لأن هذا ليس بحق يورث ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يعطي فلانا حقه إلا أن يأذن له فلان فمات المحلوف عليه بالإذن أيورث هذا الإذن أم لا ( قال ) لا يورث ( قلت ) أفتراه حانثا إن قضاه ( قال ) إن قضاه فهو حانث ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا إنما الذي سمعت من مالك أنه يورث ما كان حقا للميت وحلف له فهذا يورث لأنه كان حقا للميت
الرجل يحلف للسلطان أن لا يرى أمرا إلا رفعه إليه فيعزل السلطان أو يموت ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف لأمير من الأمراء أنه لا يرى كذا وكذا إلا رفعه إليه تطوع له باليمين فعزل ذلك الأمير أو مات كيف يصنع في يمينه ( قال ) سئل مالك عن الوالي يأخذ على القوم أيمانا أن لا يخرجوا إلا بإذنه فيعزل ( قال ) أرى لهم أن لا يخرجوا حتى يستأذنوا هذا الوالي الذي بعده فما كان من هذه الوجوه من الوالي علي وجه النظر ولم يكن من الوالي على وجه الظلم فذلك عليهم أن يرفعوا ذلك إلى من كان بعده إذا عزل
الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه إلى أجل فيموت المحلوف له أو الحالف قبل الأجل أو يغيب ( قلت ) أرأيت إن حلف لأقضين فلانا حقه رأس الشهر فغاب فلان عنه ( قال ) قال مالك يقضي وكيله أو السلطان فيكون ذلك مخرجا له من يمينه ( قال ) قال مالك وربما أتى السلطان فلم يجده أن تحجب عنه أو يكون بقرية ليس فيها سلطان فإن خرج إلى
____________________
(3/146)
________________________________________
السلطان سبقه ذلك الأجل ( قال ) مالك فإذا جاء مثل هذا فأرى إن كان أمرا بينا يعذر به فأتى بذهبه إلى رجال عدول فأشهدهم على ذلك والتمسه فعلموا ذلك واجتهد في طلبه فلم يجده تغيب عنه أو غاب عنه أو سافر عنه وقد بعد عنه السلطان أو حجب عنه فإذا شهد له الشهود على حقه أنه جاءه به بعينه على شرطه لم أر عليه شيئا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حلف ليوفين فلانا حقه إلى أجل كذا وكذا فحل الأجل وغاب فلان ولفلان المحلوف عليه وكيل في ضيعته ولم يوكله المحلوف له بقبض دينه فقضاه هذا الحالف أترى ذلك يخرجه من يمينه ( قال ) قال لي مالك ذلك يخرجه من يمينه وإن لم يكن مستخلفا على قبض الدين إلا أنه وكيل المحلوف له فذلك يخرجه ( قال بن القاسم ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يحلف للرجل بالطلاق أو بالعتاق في حق عليه ليقضينه إلى أجل يسميه له إلا أن يشاء أن يؤخره فيموت صاحب الحق قبل أن يحل الأجل فيريد الورثة أن يؤخروه بذلك أترى ذلك له مخرجا قال نعم ونزلت هذه بالمدينة فقال فيها مالك مثل ما قلت لك ( قال مالك ) ولو كان له ولد صغار لم يبلغ أحد منهم فأوصى بهم إلى وصي وليس عليه دين فأخره الوصي ( قال ) ذلك جائز ( قال مالك ) فإذا كان عليه دين أو كان له ولد كبار لم أر ذلك للوصي لأنه حينئذ إنما يؤخره في مال ليس يجوز قضاؤه فيه ( قلت ) أيجوز أن يؤخره الغرماء ولا يحنث ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن ذلك جائز إذا كان دينهم لا يسعه مال الميت وأبرؤا ذمة الميت ( قلت ) أرأيت إن حلف ليأكلن هذا الطعام غدا أو ليلبسن هذه الثياب أو ليركبن هذه الدواب غدا فماتت الدواب وسرق الطعام والثياب قبل غد ( قال ) لا يحنث لأن مالكا قال لي لو أن رجلا حلف بطلاق إمرأته ليضربن غلامه إلى أجل سماه فمات الغلام قبل الأجل لم يكن عليه في إمرأته طلاق لأنه مات وهو على بر فكذلك مسألتك في الموت وأما السرقة فهو حانث إلا أن يكون نوى الا أن يسرق أو لا أجده ( قلت ) أرأيت إن حلف ليقضين فلانا حقه غدا وقد مات فلان وهو لا يعرف أيحنث أم لا ( قال ) لا يحنث لأن هذا إنما وقعت
____________________
(3/147)
________________________________________
يمينه على الوفاء ( قال ) وقال لي مالك بن أنس في الذي يحلف ليوفين فلانا حقه فيموت إنه يعطي ذلك ورثته ( قلت ) ولم لا يكون هذا على بر وإن مضى الأجل ولم يوف الورثة فلم لا يكون على بر كما قلت عن مالك في الذي يحلف بالطلاق ليضربن عبده إلى أجل يسميه فيموت العبد قبل الأجل قلت هو على بر ولا شيء عليه من يمينه فلم لا يكون هذا الذي حلف ليوفين فلانا حقه بهذه المنزلة ( قال ) لأن هذا أصل يمينه على الوفاء والورثة ها هنا في الوفاء مقام الميت ألا ترى أنه إذا كان وكل وكيلا بقبض المال وغاب عنه الذي له الحق فدفع ذلك إلى السلطان إن ذلك مخرج له والذي حلف ليضربن غلامه لا يجوز له أن يضرب غير عبده ( قال بن القاسم ) وأخبرني بن دينار أن رجلا كان له يتيم وكان يلعب بالحمامات وإن وليه حلف بالطلاق ليذبحن حماماته وهو في المسجد أو في موضع من المواضع فقام مكانه حين حلف ومعه جماعة إلى موضع الحمامات ليذبحها فوجدها ميتة كلها كان الغلام قد سجنها فماتت وظن وليه حين حلف انها حية فأخبرني أنه لم يبق عالم بالمدينة إلا رأى أنه لا حنث عليه لأنه لم يفرط وإنما حلف على وجه أن أدركها حية ورأى أهل المدينة أن ذلك وجه ما حلف عليه ( قال ) بن القاسم وهو رأيي ( قلت ) أرأيت إن حلف ليضربن فلانا بعتق رقيقه فحبست عليه الرقيق ومنعته من البيع ليبر أو يحنث فمات المحلوف عليه والحالف صحيح ( قال ) إن لم يضرب لذلك أجلا فالرقيق أحرار في قول لذلك حين مات المحلوف عليه من رأس المال إذا كان المحلوف عليه قد حيى قدر ما لو أراد أن يضربه ضربه ( قلت ) فإن مات المحلوف عليه وقد كان حي قدر ما لو أراد أن يضربه ضربه فمات المحلوف عليه والحالف مريض فمات الحالف من مرضه ذلك ( قال ) أرى انهم يعتقون في الثلث لأن الحنث وقع والحالف مريض وكل حنث وقع في مرض فهو من الثلث إن مات الحالف من ذلك المرض وكل حنث وقع في الصحة عند مالك هو من رأس المال ( قال ) وقال مالك إذا مات الحالف قبل الأجل فلا حنث عليه لأنه كان على بر ( قال ) لي مالك وإن حلف رجل بعتق رقيقه أو بطلاق نسائه ليقضين
____________________
(3/148)
________________________________________
فلانا حقه إلى رمضان فمات في رجب أو في شعبان الحالف ( قال ) مالك فلا حنث عليه في رقيقه ولا في نسائه لأنه مات على بر ( قال ) وقد أخبرني من أثق به وهو سعد بن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي سلمة أنه قال مثله ( قلت ) فإن لم يقض ورثة الميت ذلك الحق إلا بعد الأجل أيكون الميت حانثا في قول مالك ( قال ) لا يحنث وهو حين مات حل أجل الدين ( قال ) وإنما اليمين ها هنا على التقاضي عجل ذلك أو أخره فقد سقط الأجل وليس على الورثة يمين ولا حنث في يمين صاحبهم ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يقول لإمرأته غلامي حر لوجه الله إن لم أضربك إلى سنة فتموت إمرأته قبل أن توفى السنة هل عليه في غلامه حنث أم لا ( قال ) لا لأنه على بر إذا ماتت المرأة قبل أن توفى الأجل ( قال ) قلت ويبيع الغلام وأن مضى الأجل وهو عنده لم يعتق في قول مالك قال نعم
____________________
(3/149)
________________________________________
كتاب النكاح الأول ما جاء في نكاح الشغار ( حدثنا ) حسن بن إبراهيم قال حدثنا زيادة الله بن أحمد قال حدثنا يزيد بن أيوب وسليمان بن سالم قالا قال سحنون بن سعيد قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إن قال زوجني مولاتك وأزوجك مولاتي ولا مهر بيننا أهذا من الشغار عند مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت إن قال زوجني إبنتك بمائة دينار على أن أزوجك ابنتي بمائة دينار ( قال بن القاسم ) سئل مالك عن رجل قال زوجني ابنتك بخمسين دينارا على أن أزوجك ابنتي بمائة دينار فكرهه مالك ورآه من وجه الشغار ( قلت ) أرأيت إن قال لرجل زوجني أمتك بلا مهر وأزوجك أمتي بلا مهر ( قال ) قال مالك الشغار بين العبيد مثل الشغار بين الأحرار يفسخ وإن دخل بها
فهذا يدلك على أن مسئلتك شغار ( قال بن القاسم ) ألا ترى أنه لو قال زوجني أمتك بلا مهر علي أن أزوجك أمتي بلا مهر أو قال زوج عبدي أمتك بلا مهر على أن أزوج عبدك أمتي بلا مهر إن هذا كله سواء وهو شغار كله ( قلت ) أرأيت نكاح الشغار إذا وقع فدخلا بالنساء فأقاما معهما حتى ولدتا أولادا أيكون ذلك جائزا أم يفسخ ( قال ) قال مالك يفسخ على كل حال ( قلت ) وإن رضى النساء بذلك فهو شغار عند مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت نكاح الشغار أيقع طلاقه عليها قبل أن يفرق بينهما أم يكون بينهما الميراث أم يكون فسخ السلطان نكاحهما طلاقا ( قال نعم كان يكرهه ويقول إن طلقها فيه فقد لزمه قلت وتعتد بذلك الطهر الذي طلقها فيه قال نعم قلت وإن ) لم أسمع من ذلك الطهر شيء ثم طلقها فيه وقد جامعها فيه اعتدت به في أقرائها في العدة كذلك قال مالك فيه شيئا وقد
____________________
(4/152)
________________________________________
أخبرتك أن كل ما اختلف الناس فيه من النكاح حتى أجازه قوم وكرهه قوم فإن أحب ما فيه إلي أن يلحق فيه الطلاق ويكون فيه الميراث ( وقد ) روى القاسم وبن وهب وعلي بن زياد عن مالك عن نافع عن عبد الله بن مسعود أنه قال من أراد أن يطلق للسنة فليطلق امرأته طاهرا في غير جماع تطليقة ثم ليدعها فإن أراد أن يرتجعها فذلك له فإن حاضت ثلاث حيض كانت بائنا وكان خاطبا من الخطاب فإن الله تبارك وتعالى يقول لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وقال بن مسعود وإن أراد أن يطلقها ثلاثا فليطلقها طاهرا تطليقة في غير جماع ثم ليدعها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة أخرى ثم ليدعها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى فهذه ثلاث تطليقات وحيضتان وتحيض أخرى فتنقضي عدتها أشهب عن القاسم بن عبد الله أن يحيى بن سعيد حدثه عن بن شهاب أنه قال إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته للعدة كما أمر الله تعالى فليطلقها إذا طهرت من حيضها طلقة واحدة قبل أن يجامعها ثم لتعتد حتى تنقضي عدتها فتحيض ثلاث حيض فإذا هو فعل ذلك فقد طلقها كما أمره الله فإنه لا يدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وهو يملك الرجعة ما لم تحض ثلاث حيض أشهب عن مالك بن أنس أن عبد الله بن دينار حدثه أنه سمع بن عمر قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن طلاق الحامل قلت أرأيت الحامل إذا أراد زوجها أن يطلقها ثلاثا كيف يطلقها قال قال مالك لا يطلقها ثلاثا ولكن يطلقها واحدة متى شاء ويمهلها حتى تضع جميع ما في بطنها قال مالك وإن وضعت واحدا وبقي في بطنها آخر فللزوج عليها الرجعة حتى تضع آخر ما في بطنها من الأولاد وقد قال مالك في طلاق الحامل للسنة أن يطلقها واحدة ثم يدعها حتى تضع حملا قال ذلك عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وغيرهما وقاله بن المسيب وربيعة والزهري قلت أرأيت إن طلقها ثلاثا وهي حامل في مجلس واحد أو مجالس شتى أيلزمه ذلك أم لا قال قال مالك يلزمه ذلك وكره له مالك أن يطلقها هذا الطلاق وأخبرني عن أشهب عن القاسم بن عبد الله أن يحيى بن سعيد حدثه أن بن شهاب حدثه أن بن المسيب حدثه أن رجلا من أسلم طلق امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل الرجل ابنته على أن يزوجه الرجل الآخر ابنته وليس بينهما صداق ( بن وهب عن بن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدثه عن بن عمر أنه سئل عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات في مجلس واحد فقال بن عمر عصى ربه وخالف السنة وذهبت امرأته بن وهب عن بن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدثه عن سليمان بن عبد الملك بن الحارث السلمي أن رجلا أتى بن عباس فقال له يا أبا عباس إن عمي طلق امرأته ثلاثا فقال له بن عباس إن عمك عصى الله فأندمه الله وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجا فقال أترى أن يحلها له رجل فقال بن عباس من يخادع الله يخدعه الله عدة الصبية والتي قد يئست من المحيض والمستحاضة قلت أرأيت التي لم تبلغ المحيض متى يطلقها زوجها قال قال مالك يطلقها متى شاء للأهلة أو لغير الأهلة ثم عدتها ثلاثة أشهر وكذلك التي قد يئست من المحيض قال مالك والمستحاضة يطلقها زوجها متى شاء وعدتها سنة قال بن القاسم كان في ذلك يطؤها أو لا يطؤها وله عليها الرجعة حتى تنقضي السنة فإذا انقضت السنة فقد حلت للأزواج إلا أن يكون لها ريبة فتنتظر حتى تذهب الريبة فإذا ذهبت الريبة فقد مضت السنة فليس عليها من العدة قليل ولا كثير وقد حلت للأزواج قال مالك وهي مثل الحامل يطلقها زوجها متى شاء إلا أن يعرف لها قرء فيتحرى ذلك فيطلقها عنده بن وهب عن يونس بن يزيد وبن أبي ذئب عن بن شهاب أنه قال يطلق المستحاضة زوجها إذا طهرت للصلاة بن وهب ويونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في المرأة تطلق وقد أدبر عنها المحيض أو شك فيه فقال إن تبين أنها قد يئست من المحيض فعدتها ثلاثة أشهر كما قضى الله وقد كان يقال يستقبل بطلاقها الأهلة فهو أسد لمن أراد أن يطلق من قد يئس من المحيض فإن طلق بعد الأهلة أو قبلها اعتدت من حين طلقها ثلاثة أشهر ثلاثين يوما كل شهر وإن مضت ثلاثة أشهر قبل أن تحل فقد حلت بن وهب قال يونس وقال ربيعة تعتد ثلاثين يوما من الأيام طلاق الحائض والنفساء قلت أرأيت إن قال رجل لامرأته وهي حائض أنت طالق للسنة أيقع عليها الطلاق وهي حائض أم حتى تطهر قال إذا قال الرجل لامرأته وهي حائض أنت طالق إذا طهرت أنها طالق مكانها ويجبر الزوج على رجعتها فكذلك مسألتك قلت وكذا لو قال لامرأته أنت طالق ثلاثا للسنة قال قول مالك إنهن يقعن مكانه عليها حين تكلم بذلك كلهن فإن كانت طاهرا أو حائضا فلا سبيل له إليها حتى تنكح زوجا غيره سحنون عن بن وهب عن مالك بن أبي ذئب أن نافعا أخبرهما ) عن عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر بن حفص عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا شغار في الإسلام ( بن وهب ) عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال كان يكتب في عهود السعاة أن ينهوا أهل عملهم عن الشغار والشغار أن ينكح الرجل الرجل إمرأة وينكحه الآخر إمرأة بضع إحداهما ببضع الأخرى بغير صداق وما يشبه ذلك ( قال بن وهب ) وسمعت مالكا يقول في الرجل ينكح الرجل المرأة على أن ينكحه الآخر إمرأة ولا مهر لواحدة منهما ثم يدخل بهما على ذلك قال مالك يفرق بينهما ( قال بن وهب ) وقال لي مالك وشغار العبدين مثل شغار الحرين لا ينبغي ولا يجوز ( قال سحنون ) والذي عليه أكثر رواة مالك أن كل عقد كانا مغلوبين على فسخه ليس لأحد إجازته فالفسخ فيه ليس بطلاق ولا ميراث فيه ( قال سحنون ) وقد ثبت من نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشغار ما لا يحتاج فيه إلى حجة ( قلت ) أرأيت لو قال زوجني إبنتك بمائة دينار على أو أزوجك ابنتي بمائة دينار إن دخلا أيفرق بينهما ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن لا يفرق بينهما إذا دخلا وأرى أن يفرض لكل واحدة منهما صداق مثلها لأن هذين قد فرضا والشغار الذي نهى عنه هو الذي لا صداق فيه ( قلت ) أرأيت إن كان صداق كل واحدة منهما أقل مما سميا ( قال ) يكون لهما الصداق الذي سميا إن كان الصداق أقل مما سميا ( قلت ) لابن القاسم ولم أجزته حين دخل كل واحد منهما بإمرأته ( قال ) لأن كل واحد منهما تزوج إمرأته بما سميا من الدنانير وببضع الأخرى والبضع لا يكون صداقا فلما اجتمع في الصداق ما يكون مهرا وما لا يكون مهرا أبطلنا ذلك كله وجعلنا
____________________
(4/153)
________________________________________
لها صداق مثلها ألا ترى أنه لو تزوجها على مائة دينار وثمر لم يبد صلاحه إن أدركته قبل أن يدخل بها فسخت هذا النكاح وإن دخل بها قبل أن يفسخ كان لها مهر مثلها ولم يتلفت إلى ما سميا من الدنانير والثمر الذي لم يبد صلاحه وجعل لها مهر مثلها إلا أن يكون مهر مثلها أقل مما نقدها فلا ينقص منه شيئا ( قال بن القاسم ) ألا ترى لو أن رجلا تزوج إمرأة بمائة دينار نقدا أو بمائة دينار إلى موت أو فراق ثم كان صداقها أقل من المائة لم ينقص من المائة فهذا عندي مثله ألا ترى أن الرجل إذا خالع إمرأته على حلال وحرام أبطل الحرام وأجيز منه الحلال ولم يكن للزوج غير ذلك فإن كان إنما خالعها على حرام كله مثل الخمر والخنزير والربا فالخلع جائز ولا يكون للزوج منه شيء ولا يتبع المرأة منه بشيء وإن كان خالعها على ثمرة لم يبد صلاحها أو عبد لها آبق أو جنين في بطن أمه أو البعير الشارد جاز ذلك وكان له أخذ الجنين إذا وضعته أمه وأخذ الثمرة وأخذ العبد الآبق والبعير الشارد وكذلك بلغني عن مالك وهو رأيي ( قال ) سحنون ورواه بن سعد عن نافع عن مالك ( قلت ) لابن القاسم أرأيت إن قال زوجني ابنتك بمائة دينار على أن أزوجك ابنتي بلا مهر ففعلا ووقع النكاح على هذا ودخل كل واحد منهما بإمرأته ( قال ) أرى أن يجاز نكاح التي سمى المهر لها ويكون لها مهر مثلها ويفسخ نكاح التي لم يسم لها صداق دخل بها أو لم يدخل بها ( قال ) وقال مالك والشغار إذا دخل بها فسخ النكاح ولا يقام على ذلك النكاح على حال دخل بها أو لم يدخل ويفرض له صداق مثلها بالمسيس ويفرق بينهما ( قال مالك ) وشغار العبيد كشغار الأحرار ( قال ) فقلنا لمالك فلو أن رجلا زوج إبنته رجلا بصداق مائة دينار على أن زوجه الآخر ابنته بصداق خمسين دينارا ( قال ) قال مالك لا خير في هذا ورآه من وجه الشغار ( قال بن القاسم ) ويفسخ هذا ما لم يدخلا فإن دخلا لم يفسخ وكان للمرأتين صداق مثلها ( قلت ) أرأيت هاتين المرأتين أتجعل لهما الصداق الذي سميا أم تجعل لهما صداق مثلهما لكل واحدة منهما صداق مثلها ( قال ) قال لي مالك في الشغار يفرض لكل واحدة منهما صداق مثلها إذا وطئها فأرى هذا أيضا من
____________________
(4/154)
________________________________________
الوجه الذي يفرض لهما صداق مثلهما ولا يلتفت إلى ما سميا ( قال سحنون ) إلا أن يكون ما سميا أكثر فلا ينقصان من التسمية
في إنكاح الأب ابنته بغير رضاها ( قلت ) أرأيت إن ردت الرجال رجلا بعد رجل أتجبر على النكاح أم لا ( قال ) لا تجبر عند مالك على النكاح ولا يجبر أحد أحدا عند مالك على النكاح إلا الأب في ابنته البكر وفي ابنه الصغير وفي أمته وفي عبده والولي في يتيمه ( قال ) ولقد سأل رجل مالكا وأنا عنده فقال له إن لي إبنة أخ وهي بكر وهي سفيهة وقد أردت أن أزوجها من يحصنها ويكفلها فأبت ( قال مالك ) لا تزوج إلا برضاها ( قال ) إنها سفيهة في حالها ( قال مالك ) وإن كانت سفيهة فليس له أن يزوجها إلا برضاها
في إنكاح الأب ابنته البكر والثيب ( قلت ) أرأيت إن زوج الصغيرة أبوها بأقل من مهر مثلها أيجوز ذلك عليها في قول مالك ( قال ) سمعت مالكا يقول يجوز عليها نكاح الأب فأرى أنه إن زوجها الأب بأقل من مهر مثلها أو بأكثر فإن ذلك جائز إذا كان إنما زوجها على وجه النظر لها ( قال ) ولقد سألت مالكا إمرأة ولها إبنة في حجرها وقد طلق الأم زوجها عن ابنة له منها فأراد الأب أو يزوجها من بن أخ له فأتت الأم إلى مالك فقالت له إن لي إبنة وهي موسرة مرغوب فيها وقد أصدقت صداقا كثيرا فأراد أبوها أن يزوجها بن أخ له معدما لا شيء له أفترى لي أن أتكلم قال نعم إني أرى لك في ذلك متكلما ( قالابن القاسم ) فأرى أن إنكاح الأب أياها جائز عليها إلا أن يأتي من ذلك ضرر فيمنع من ذلك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا زوج ابنته بكرا فطلقها زوجها قبل أن يبتني بها فلا بأس بطلاقها وإن كانت حائضا أو مات عنها أيكون للأب أن يزوجها كما يزوج البكر في دم النفاس أو في دم الحيض قلت وهذا قول مالك قال نعم ( قلت ) فإن بنى بها فطلقها أو مات عنها ( قال ) قال مالك إذا بنى بها فهي أحق بنفسها ( قال بن القاسم ) وتسكن حيث شاءت إلا أن يخاف عليها
____________________
(4/155)
________________________________________
الضيعة والمواضع السوء أو يخاف عليها من نفسها وهواها فيكون للأب أو للولي أن يمنعها من ذلك قلت أرأيت إن زنت فحدت أو لم تحد أيكون للأب أن يزوجها كما يزوج البكر في قوله مالك قال نعم في رأيي قلت فإن زوجها تزويجا حراما فدخل بها زوجها فجامعها ثم طلقها أو مات عنها ولم يتباعد ذلك أيكون للأب أن يزوجها كما يزوج البكر قال ارى أنه ليس له أن يزوجها كما يزوج البكر لأنه إنما افتضها زوجها وإن كان نكاحه فاسد ألا ترى أنه نكاح يلقح فيه الولد ويدرأ به الحد قال مالك وتعتد منه في بيت زوجها الذي كانت تسكن فيه وجعل العدة فيه كالعدة في النكاح الحلال فهذا يدلك على أنه خلاف الزنى في تزويج الأب إياها قلت أرأيت الجارية يزوجها أبوها وهي بكر فيموت عنها زوجها أو يطلقها بعد ما طهرت قبل أن تحيض الثانية لم يجبر على رجعتها ولو طلقها وهي حائض فلم يعلم بها حتى حاضت حيضتين وطهرت أجبر على رجعتها على ما أحب أو كره كما كان يجبر أن لو كانت في دم حيضتها يجبر على ذلك ما لم تنقض عدتها وهذا قول مالك قلت أرأيت المرأة إذا هي طهرت من حيضتها ولم تغتسل بعد ألزوجها أن يطلقها قبل أن تغتسل أم حتى تغتسل في قول مالك قال لا يطلقها حتى تغتسل وإن رأت القصة البيضاء قال وسألته عن تفسير قول بن عمر فطلقوهن لقبل عدتهن قال يطلقها في طهر لم يمسها فيه قال بن القاسم ولا ينبغي أن يطلقها إلا وهو يقدر على جماعها فهي وإن رأت القصة البيضاء قبل أن تغتسل فهو لا يقدر على جماعها بعد ولو طلقها بعد ما رأت القصة قبل أن تغتسل لم يجبر على رجعتها قلت أرأيت إن كانت مسافرة ورأت القصة البيضاء ولم تجد الماء فتيممت ألزوجها أن يطلقها الآن في قول مالك قال نعم قلت ولم وهو لا يقدر على جماعها قال لأن الصلاة قد حلت لها وهي قبل أن تغتسل بعد ما رأت القصة البيضاء لم تحل لها الصلاة فهي إذا حلت لها الصلاة جاز لزوجها أن يطلقها أيضا في المطلقة واحدة هل تزين لزوجها وتشوف قلت أرأيت إن طلق امرأته تطليقة يملك الرجعة هل تزين له وتشوف له قال كان قوله الأول لا بأس أن يدخل عليها ويأكل معها إذا كان معها من يتحفظ بها ثم رجع عن ذلك فقال لا يدخل عليها ولا يرى شعرها ولا يأكل معها حتى يراجعها قلت هل يسعه أن ينظر إليها أو إلى شيء من محاسنها تلذذا وهو يريد رجعتها في قول مالك قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا وليس له أن يتلذذ بشيء منها وإن كان يريد رجعتها حتى يراجعها وهذا على الذي أخبرتك أنه كره له أن يخلو معها أو يرى شعرها أو يدخل عليها حتى يراجعها بن وهب عن عبد الله بن عمر ومالك بن أنس عن نافع أن بن عمر طلق امرأته في مسكن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكان طريقه في حجرتها فكان يسلك الطريق الأخرى من أدبار البيوت إلى المسجد كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها قال مالك وإن كان معها فلينتقل عنها قال مالك قد انتقل عبد الله بن عمر وعروة بن الزبير وقال عبد العزيز إن الرجل إذا طلق امرأته واحدة فقد حرم عليه فرجها ورأسها أن يراها حاسرة أو يتلذذ بشيء منها حتى يراجعها عدة النصرانية والأمة والحرة التي قد بلغت المحيض ولم تحض قلت أرأيت المرأة من أهل الكتاب إذا كانت تحت رجل مسلم فطلقها بعد ما بنى بها كم عدتها عند مالك وكيف يطلقها قال عدتها عند مالك مثل عدة الحرة المسلمة وطلاقها عند مالك كطلاق الحرة المسلمة وتجبر على العدة عند مالك قلت أرأيت لو أن نصرانية تحت نصراني أسلمت المرأة ثم مات الزوج قبل أن يسلم وهي في عدتها أتنتقل إلى عدة الوفاة في قول مالك قال لا تنتقل إلى عدة الوفاة وهي على عدتها التي كانت عليها ثلاث حيض قلت كم عدة الأمة المطلقة إذا كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر ومثلها يوطأ وقد دخل بها فقالت الجارية ما جامعني وقد قعدت عن المحيض بثلاثة أشهر والتي تطلق ولم تحض تستبرأ بثلاثة أشهر والأمة التي تباع ولم تحض تستبرأ منه بثلاثة أشهر إذا خشي منه الحمل أو كان الزوج أقر بجماعها أيكون للأب ها هنا أن يزوجها كما يزوج البكر ثانية أم لا وكم عدتها في قول مالك قال سألت مالكا عن الرجل يتزوج المرأة ويدخل بها فيقيم معها ثم يفارقها قبل أن يمسها فترجع إلى أبيها أهي في حال البكر في تزويجه إياها ثانية أم لا يزوجها أبوها إلا برضاها فقال مالك أما التي قد طالت إقامتها مع زوجها وشهدت مشاهد النساء فإن تلك لا يزوجها إلا برضاها وإن لم يصبها زوجها وأما إذا كان الشيء القريب فإني أرى له أن يزوجها قال فقلت لمالك فالسنة قال لا أرى له أن يزوجها وأرى أن السنة طول إقامة فمسألتك هكذا إذا أقرت بأنه لم يطأها وكان أمرا قريبا جاز نكاح الأب عليها لأنها تقول أنا بكر وتقر بأن صنع الأب جائز عليها ولا يضرها ما قال الزوج من وطئها وإن كانت قد طالت إقامتها فلا يزوجها إلا برضاها أقرت بالوطء أو لم تقر
قلت أرأيت المرأة الثيب التي قد ملكت أمرها إذا خاف الأب عليها من نفسها الفضيحة أو الولي أيكون له أن يضمها إليه وإن أبت أن تنضم إليه
قال نعم تجبر على ذلك وللولي أو للأب أن يضماها إليهما وهذا رأي
____________________
(4/156)
________________________________________
باب في احتلام الغلام
قلت أرأيت إذا احتلم الغلام أيكون للوالد أن يمنعه أن يذهب حيث شاء
قال مالك إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء وليس للوالد أن يمنعه
قال بن القاسم إلا أن يخاف من ناحيته سفها فله أن يمنعه في رضا البكر والثيب
قلت أرأيت البكر إن قال لها وليها أنا أزوجك من فلان فسكتت فزوجها وليها أيكون هذا رضا منها بما صنع الولي
قال قال مالك نعم هذا من البكر رضا وكذلك سمعته من مالك
وقال غيره من رواة مالك وذلك إذا كانت تعلم أن سكوتها رضا
قلت فالثيب أيكون إذنها سكوتها
قال لا إلا أن تتكلم وتستخلف الولي على إنكاحها
قلت أتحفظ هذا عن مالك
قال نعم هذا قول مالك
قلت أرأيت الثيب إذا قال لها والدها إني مزوجك من فلان فسكتت فذهب الأب فزوجها من ذلك الرجل أيكون سكوتها ذلك تفويضا منها إلى الأب في إنكاحها من ذلك الرجل أم لا
قال تأويل الحديث الأيم أحق بنفسها أن سكوتها لا يكون رضا
قال والبكر تستشار في نفسها وإذنها صماتها وأن السكوت إنما يكون جائزا في البكر إن قال لها الولي إني مزوجك من فلان فسكتت ثم ذهب فزوجها منه فأنكرت أن التزويج لازم ولا ينفعها إنكارها بعد سكوتها وكذلك قال لي مالك في البكر على ما أخبرتك
بن وهب قال أخبرني السري بن يحيى عن الحسن البصري أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج عثمان بن عفان ابنتيه ولم يستشرهما
قال بن وهب وأخبرني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال لا يكره على النكاح إلا الأب فإنه يزوج ابنته إذا كانت بكرا
قال بن القاسم ولقد سمعت أن مالكا كان يقول في الرجل يزوج أخته الثيب أو البكر ولا يستأمرها ثم تعلم بذلك فترضى فبلغني أن مالكا مرة كان يقول إن كانت المرأة بعيدة عن موضعه
____________________
(4/157)
________________________________________
فرضيت إذا بلغها لم أر أن يجوز وإن كانت معه في البلدة فبلغها ذلك فرضيت جاز ذلك فسألنا مالكا ونزلت بالمدينة في رجل زوج أخته فبلغها فقالت ما وكلت ولا أرضي ثم كلمت في ذلك فرضيت ( قال مالك ) لا أراه نكاحا جائزا ولا يقام عليه حتى يستأنف نكاحا جديدا إن أحبت ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يزوج ابنه الكبير المنقطع عنه أو البنت الثيب وهي غائبة عنه أو هو غائب عنهما فيرضيان بما فعل أبوهما ( قال مالك ) لا يقام على ذلك النكاح وإن رضيا لأنهما لو ماتا لم يكن بينهما ميراث ( قلت ) أرأيت الجارية البالغ التي قد حاضت وهي بكر لا أب لها زوجها وليها بغير أمرها فبلغها فرضيت أو سكتت أيكون سكوتها رضا ( قال ) لا يكون سكوتها رضا ولا يزوجها حتى يستشيرها فإن فعل فزوجها بغير مشورتها وكان حاضرا معها في البلد فأعلمها حين زوجها فرضيت رأيت ذلك جائزا وإن كان على غير ذلك من تأخير إعلامها بما فعل من تزويجه إياها أو بعد الموضع عليه فلا يجوز ذلك وإن أجازته وهذا قول مالك قلت أرأيت لو كانت صغيرة لا تحيض فطلقها زوجها فاعتدت شهرين ثم حاضت كيف تصنع في قول مالك قال ترجع إلى الحيض وتلغي الشهور قلت أرأيت إن كانت قد يئست من المحيض فطلقها زوجها فاعتدت بالشهور فلما اعتدت شهرين حاضت قال مالك يسأل عنها النساء وينظر فإن كان مثلها تحيض رجعت إلى الحيض وإن كان مثلها لا تحيض لأنها قد دخلت في سن من لا تحيض من النساء فرأت الدم قال مالك ليس هذا بحيض ولتمض على الشهور ألا ترى أن بنت سبعين سنة وبنت ثمانين سنة وتسعين إذا رأت الدم لم يكن ذلك حيضا قلت أرأيت الرجل إذا طلق امرأته ولم تحض قط وهي بنت ثلاثين سنة فكانت عدتها عند مالك بالشهور كما وصفت لك قلت أرأيت إن حاضت بعد ما اعتدت بشهرين قال تنتقل إلى عدة الحيض قلت فإن ارتفع الحيض عنها قال تنتقل إلى عدة السنة كما وصفت لك تسعة أشهر من يوم انقطع الدم عنها ثم ثلاثة أشهر وعدتها من الطلاق إنما هي الأشهر الثلاثة التي بعد التسعة والتسعة إنما هي استبراء قلت وهذا قول مالك قال نعم قلت أرأيت إذا طلق الرجل امرأته ومثلها تحيض فارتفع حيضتها قال قال مالك تجلس سنة من يوم طلقها زوجها فإذا مضت فقد حلت قلت فإن جلست سنة فلما قعدت عشرة أشهر رأت الدم قال ترجع إلى الحيض قلت فإن انقطع الحيض عنها قال ترجع إذا انقطع الدم عنها فتعتد أيضا سنة من يوم ما انقطع الدم عنها من الحيضة التي قطعت عليها عدة السنة قلت فإن اعتدت أيضا بالسنة ثم رأت الدم قال تنتقل إلى عدة الدم قلت فإن انقطع عنها الدم قال تنتقل إلى السنة قلت فإن رأت الدم قال إذا رأت الدم المرة الثالثة فقد انقطعت عدتها لأنها قد حاضت ثلاث حيض وإن لم تر الحيضة الثالثة وقد تمت السنة فقد انقضت عدتها بالسنة وهو قول مالك قلت لم قال مالك عدة المرأة التي طلقها زوجها وهي ممن تحيض فرفعتها حيضتها قال تعتد سنة قال قال مالك تسعة أشهر للريبة والثلاثة الأشهر هي بعد الريبة فالثلاثة الأشهر هي العدة التي تعتد بعد التسعة التي كانت للريبة قال قال مالك وكل عدة في طلاق فإنما العدة بعد الريبة وكل عدة في وفاة فهي قبل الريبة والريبة بعد العدة وذلك أن المرأة إذا هلك عنها زوجها فاعتدت أربعة أشهر وعشرا فإن استرابت نفسها أنها تنتظر حتى تذهب الريبة عنها فإذا ذهبت الريبة فقد حلت والعدة هي الشهور الأربعة الأول وعشرة أيام قال مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد ويزيد بن قسيط حدثاه عن بن المسيب أنه قال قال عمر بن الخطاب أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها فإنها تنتظر تسعة أشهر فإن بان بها حمل فذلك وإلا اعتدت بعد التسعة ثلاثة أشهر ثم حلت بن وهب عن عمرو بن الحارث أن يحيى بن سعيد حدثه أنه سمع سعيد بن المسيب يقول قضى عمر بن الخطاب بذلك قال عمرو فقلت ليحيى أتحسب في تلك السنة ما حل من حيضتها قال لا ولكنها تأتنف السنة حتى توفي الحيضة بن وهب عن بن لهيعة أن بن هبيرة أخبره عن أبي تميم الجيشاني أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة تطلق فتحيض حيضة أو حيضتين ثم ترتفع حيضتها أن تتربص سنة تسعة أشهر استبراء للرحم وثلاثة أشهر كما قال الله تبارك وتعالى في الرجل يشتري الأمة فترتفع حيضتها قلت أرأيت لو أن رجلا اشترى جارية وهي ممن تحيض فرفعتها حيضتها قال تعتد ثلاثة أشهر من يوم اشتراها فإن استبرأت قال ينظر بها تسعة أشهر فإن حاضت فيها وإلا فقد حلت قلت ولا يكون على سيدها أن يستبرئها بثلاثة أشهر بعد التسعة الأشهر التي جعلها استبراء من الريبة قال ليس عليه أن يستبرئ بثلاثة أشهر بعد تسعة أشهر الريبة لأن الثلاثة الأشهر قد دخلت في هذه التسعة ولا تشبه هذه الحرة لأن هذه لا عدة عليها وإنما عليها الاستبراء فإذا أمضت التسعة فقد استبرأت ألا ترى أنه إنما على سيدها إذا كانت ممن تحيض حيضة واحدة فهذا إنما هو استبراء ليعلم به ما في رحمها ليس هذه عدة فالتسعة الأشهر إذا مضت فقد استبرئ رحمها فلا شيء عليه بعد ذلك قلت وهذا قول مالك قال نعم في المطلقة يختلط عليها الدم قلت أرأيت المطلقة إذا طلقها زوجها فرأت الدم يوما أو يومين أو ثلاثا ورأت الطهر يومين أو ثلاثا أو خمسا ثم رأت الدم بعد ذلك يوما أو يومين فصار الدم والطهر يختلط عليها بحال ما وصفت لك قال قال مالك إذا اختلط عليها بحال ما وصفت كانت هذه مستحاضة إلا أن يقع ما بين الدمين من الطهر ما في مثله يكون طهرا فإذا وقع بين الدمين ما في مثله يكون طهرا اعتدت به قرءا وإن اختلط عليها الدم بحال ما وصفت ولم يقع بين الدمين ما في مثله طهر فإنها تعتد عدة المستحاضة سنة كاملة ثم قد حلت للأزواج قال فقلت وما عدة الأيام التي لا تكون بين الدمين طهرا فقال سألت مالكا فقال الأربعة الأيام والخمسة وما قرب فلا أرى ذلك طهرا وإن الدم بعضه من بعض إذا لم يكن بينهما من الطهر إلا الأيام اليسيرة الخمسة ونحوها بن وهب عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب قال عدة المستحاضة سنة كاملة ثم قد حلت للأزواج ( قال ) بن القاسم وبن وهب وعلي بن زياد عن مالك إن بكير بن عبد الله بن الفضل حدثه عن نافع عن جبير عن عبد الله بن عباس وبن شهاب في عدة المتوفى عنها زوجها قلت أرأيت إذا بلغها وفاة زوجها من أين تعتد أمن يوم يبلغها أم من يوم مات الزوج قال قال مالك من يوم مات الزوج قلت فإن لم يبلغها حتى انقضت عدتها أيكون عليها من الإحداد شيء أم لا قال قال مالك لا إحداد عليها إذا لم يبلغها إلا من بعد ما تنقضي عدتها وقال مالك فيمن طلق امرأته وهو غائب فلم يبلغها طلاقه حتى انقضت عدتها إنه أن ثبت على طلاقه إياها بينة كانت عدتها من يوم طلق وإن لم يكن إلا قوله لم يصدق واستقبلت عدتها ولا رجعة عليها وما أنفقت من ماله بعد ما طلقها قبل أن تعلم فلا غرم عليها لأنه فرط بن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر قال تعتد المطلقة والمتوفى عنها زوجها من يوم طلق ومن يوم توفي عنها زوجها بن وهب عن رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز وبن شهاب وبن قسيط وأبي الزناد وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد مثله قال يحيى وعلى ذلك عظم أمر الناس بن وهب عن بن لهيعة عن عبد الله بن أبي جعفر عن بكير عن سليمان بن يسار أنه قال إذا قال الرجل لامرأته قد طلقتك منذ كذا وكذا لم يقبل قوله واعتدت من يوم يعلمها بالطلاق إلا أن يقيم على ذلك بينة فإن أقام بينة كان من يوم طلقها وقاله بن شهاب باب الإحداد وإحداد النصرانية قلت هل على المطلقة إحداد قال قال مالك لا إحداد على مطلقة مبتوتة كانت أو غير مبتوتة وإنما الإحداد على المتوفى عنها زوجها وليس على المطلقة شيء من الإحداد سحنون عن بن وهب عن يونس أنه سأل ربيعة عن المطلقة المبتوتة ما تجتنب من الحلي والطيب قال لا تجتنب شيئا من ذلك بن وهب عن رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عمر وأبي الزناد وعطاء بن أبي رباح مثله وقال عبد الله بن عمر تكتحل وتتطيب وتتزين تغيظ بذلك زوجها قلت هل على النصرانية إحداد في الوفاة إذا كانت تحت مسلم في قول مالك قال نعم عليها الإحداد كذلك قال لي مالك قلت ولم جعل مالك عليها الإحداد وهي مشركة قال قال مالك إنما رأيت عليها الإحداد لأنها من أزواج المسلمين فقد وجبت عليها العدة سحنون عن بن نافع عن مالك لا إحداد عليها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وأذنها صماتها ( قال مالك ) وذلك عندنا في البكر اليتيمة ( وقالوا ) عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالما كانا ينكحان بناتهما الأبكار ولا يستأمرانهن ( قال بن وهب ) قال مالك وذلك الأمر عندنا في الابكار ( بن نافع ) عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن السبعة أنهم كانوا يقولون الرجل أحق بانكاح ابنته البكر بغير أذنها وإن كانت ثيبا فلا جواز لأبيها في انكاحها إلا بأذنها وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه
____________________
(4/158)
________________________________________
وفضل ( بن وهب ) عن شبيب بن سعيد التميمي عن محمد بن عمرو بن علقمة يحدث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اليتيمة تستأمر في نفسها فإن سكتت فهو أذنها وإن أبت فلا جواز عليها ( قال بن وهب ) وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن عبد العزيز وبن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل يتيمة تستأمر في نفسها فما أنكرت لم يجز عليها وما صمتت عنه وأقرت جاز عليها وذلك أذنها ( قال ) وقال مالك لا تزوج اليتيمة التي يولي عليها حتى تبلغ ولا يقطع عنها ما جعل لها من الخيار وأمر نفسها إنه لا جواز عليها حتى تأذن للحديث الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ( وكيع ) عن الفزاري عن أشعث بن سوار عن بن سيرين عن شريح قال تستأمر اليتيمة في نفسها فإن معضت لم تنكح وإن سكتت فهو أذنها
ويدل على أن اليتيمة إذا شوورت في نفسها أنها لا تكون إلا بالغا لأن التي لم تبلغ لا إذن لها فكيف تستأذن من ليس لها إذن
في وضع الأب بعض الصداق ودفع الصداق إلى الأب ( قلت ) أرأيت والنصرانية ليست مؤمنة إحداد الأمة وما ينبغي لها إن تجتنب من الثياب والطيب قلت وكذلك أمة قوم مات عنها زوجها أيكون عليها الإحداد في قول مالك قال نعم عليها الإحداد وتعتد حيث كانت تبيت عند زوجها وتكون النهار عند أهلها اعتدت في ذلك المسكن الذي كانت تبيت فيه مع زوجها وإن كانت في غير مسكن مع زوجها ولا تبيت معه إنما كانت في بيت مواليها وفيه تبيت إلا أن زوجها يغشاها حيث أحب ولم تكن معه في مسكن فعليها أن تعتد في بيت مواليها حيث كانت تبيت وتكون وليس لمواليها أن يمنعوها أن تعتد فيه قال وهذا من الإحداد ولا من المبيت في الموضع الذي تعتد فيه وإن باعوها فلا يبيعوها إلا ممن لا يخرجها من الموضع الذي قول مالك قال يونس قال بن شهاب تعتد في بيتها الذي طلقت فيه قلت فهل يكون لهم أن يخرجوها إلى السوق للبيع في العدة بالنهار قال نعم قلت سمعته من مالك قال بن القاسم قال مالك هي تخرج في حوائج أهلها بالنهار فكيف لا تخرج للبيع قلت فإن أرادوا أن يزينوها للبيع قال بن القاسم قال مالك لا يلبسوها من الثياب المصبغة ولا من الحلي شيئا ولا يطيبوها بشيء من الطيب وأما الزيت فلا بأس به ولا يصنعوا بها ما لا يجوز للحاد أن تفعله بنفسها قلت فلو أن رجلا باع أمة وهي في عدة من وفاة زوجها أو طلاقه ولم يبين أتراه عيبا فيها قال نعم هو عيب يجب به الرد قال ولا بأس أن يلبسوها من الثياب ما أحبوا رقيقه وغليظه فقلنا لمالك في الحاد هل تلبس الثياب المصبغة من هذه الدكن والصفر والمصبغات بغير الورس والزعفران والعصفر قال لا تلبس شيئا منه لا صوفا ولا قطنا ولا كتانا صبغ بشيء من هذا إلا أن تضطر إلى ذلك من برد ولا تجد غيره وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن تتقي الأمة المتوفى عنها زوجها من الطيب ما تتقي الحرة سحنون عن بن وهب عن الليث بن سعد وأسامة بن زيد عن نافع أن عبد الله بن عمر قال إذا توفي عن المرأة زوجها لم تكتحل ولم تطيب ولم تختضب ولم تلبس المعصفر ولم تلبس ثوبا مصبوغا إلا بردا ولا تتزين بحلي ولا تلبس شيئا تريد به الزينة حتى تحل وبعضهم يزيد على بعض رجال من أهل العلم عن بن المسيب وعروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن وبن شهاب وربيعة وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد أن المتوفى عنها زوجها لا تلبس حليا ولا ثوبا صبغ بشيء من الصباغ وقال عروة لا أن تصبغه بسواد وقال عطاء لا تمس بيدها طيبا مسيسا وقال ربيعة تتقي الطيب كله وتحذر من اللباس ما فيه طيب وتتقي شهرة الثياب ولا تحنط بالطيب ميتا قال ربيعة ولا أعلم الآن على الصبية المتوفى عنها زوجها أن تجتنب ذلك قلت فهل كان مالك يرى عصب اليمن بمنزلة هذا المصبوغ بالدكنة والحمرة والخضرة والصفرة أم يجعل عصب اليمن مخالفا لهذا قال رقيق عصب اليمن بمنزلة هذه الثياب المصبغة وأما غليظ عصب اليمن فإن مالكا وسع فيه ولم يره بمنزلة المصبوغ سحنون عن بن وهب عن بن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج إبنته وهي بكر ثم حط من الصداق أيجوز ذلك على الإبنة في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يجوز للأب أن يضع من صداق ابنته البكر شيئا إذا لم يطلقها زوجها ( قال بن القاسم ) وأرى أن ينظر في ذلك فإن كان ما صنع الأب على وجه النظر مثل أن يكون الزوج معسرا بالمهر فيخفف عنه وينظره فذلك جائز على البنت لأنه لو طلقها ثم وضع الأب النصف الذي وجب للإبنة من الصداق إن ذلك جائز على البنت فأما أن يضع من غير طلاق ولا على وجه النظر لها فلا أرى أن يجوز ذلك له ( بن وهب ) عن مالك ويونس وغيرهما عن ربيعة أنه كان يقول الذي بيده
____________________
(4/159)
________________________________________
عقدة النكاح هو السيد في أمته والأب في إبنته البكر ( قال بن وهب ) وقال لي مالك وسمعت زيد بن أسلم يقول ذلك ( قالابن وهب ) وقال مالك ويونس قال بن شهاب الذي بيده عقدة النكاح فهي البكر التي يعفو وليها فيجوز ذلك ولا يجوز عفوها هي ( قال بن شهاب ) وقوله إلا أن يعفون فالعفو إليهم إذا كانت امرأة ثيبا فهي أولى بذلك ولا يملك ذلك عليها ولي لأنها قد ملكت أمرها فإن أرادت أن تعفو فتضع له نصفه الذي وجب لها عليه من حقها جاز ذلك له وإن أرادت أخذه فهي أملك بذلك ( بن وهب ) عن رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عباس ومحمد بن كعب القرظي مثل قول بن شهاب في المرأة الثيب ( وقال ) بن عباس مثل قول بن شهاب في البكر ( بن وهب ) وقال مالك لا أراه جائزا لأبي البكر أن يجوز وضيعته إلا إذا وقع الطلاق وكان لها نصف الصداق ففي ذلك تكون الوضيعة فأما ما قبل الطلاق فإن ذلك لا يجوز لأبيها وكذلك فيما يرى موقعه من القرآن ( قلت ) أرأيت الثيب إذا زوجها أبوها برضاها فدفع الزوج الصداق إلى أبيها أيجوز ذلك أم لا ( قال ) سئل مالك عن رجل زوج ابنته ثيبا فدفع الزوج الصداق إلى أبيها ولم يرض فزعم الأب أن الصداق قد تلف من عنده قال مالك يضمن الأب الصداق ( قلت ) أرأيت إن كانت بكرا لا أب لها زوجها أخوها أو جدها أو عمها أو وليها برضاها فقبض الصداق أيجوز ذلك على الجارية أم لا ( قال ) لا يجوز ذلك على الجارية إلا أن يكون وصيا فإن كان وصيا فإنه يجوز قبضه على الجارية لأنه الناظر لها ومالها في يديه ألا ترى أنها لا تأخذ مالها من الوصي وإنما هو في يديه وإن كانت قد طمثت وبلغت فذلك في يدي الوصي عند مالك حتى تتزوج ويؤنس منها الرشد والاصلاح لنفسها في مالها ( قلت ) وما سألتك عنه من أمر البكر أهو قول مالك قال نعم ( قال بن القاسم ) وإنما رأيت مالكا ضمن الأب الصداق الذي قبض في بنته الثيب لأنها لم توكله بقبض الصداق وإنه كان متعديا حين قبض الصداق ولم يدفعه إليها حين قبضه فيبرأ منه بمنزلة مال كان لها على رجل فقبضه الأب بغير أمرها فلا يبرأ الغريم والأب
____________________
(4/160)
________________________________________
ضامن وللمرأة أن تتبع الغريم
في إنكاح الأولياء ( قلت ) أكان مالك يقول إذا اجتمع الأولياء في نكاح المرأة إن بعضهم أولى من بعض ( قال ) قال مالك إن اختلف الأولياء وهم في القعدد سواء نظر السلطان في ذلك فإن كان بعضهم أقعد من بعض فالأقعد أولى بانكاحها عند مالك ( قلت ) فالأخ أولى أم الجد ( قال ) الأخ أولى من الجد عند مالك ( قلت ) فابن الأخ أولى أم الجد في قول مالك ( قال ) بن الأخ ( قلت ) فمن أولى بانكاحها الابن أم الأب ( قال ) قال مالك الابن أولى بانكاحها وبالصلاة عليها ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد ن بن شهاب أنه سأله عن امرأة لها أخ وموال فخطبت فقال أخوها أولى بها من موليها ( قلت ) لابن القاسم فمن أولى بانكاحها والصلاة عليها بن ابنها أم الأب ( قال ) بن الابن أولى ( قلت ) أرأيت ما يذكر من قول مالك في الأولياء أن الأقعد أولى بانكاحها أليس هذا إذا فوضت إليهم فقالت زوجوني أو خطبت فرضيت فاختلف الأولياء في انكاحها وتشاحوا على ذلك ( قال ) نعم إنما هذا إذا خطبت ورضيت وتشاح الأولياء في انكاحها فإن للأقرب فالأقرب أن ينكحها دونهم ( قلت ) أرأيت المرأة يكون أولياؤها حضورا كلهم وبعضهم أقعد بها من بعض منهم العم والأخ والجد وولد الولد والوالد نفسه فزوجها العم وأنكر ولدها وسائر الأولياء تزويجها وقد رضيت المرأة ( قال ) ذلك جائز على الأولياء عند مالك ( قال ) وقال مالك في المرأة الثيت لها الأب والأخ فيزوجها الأخ برضاها وأنكر الأب أذلك له ( قال مالك ) ليس للأب ها هنا قول إذا زوجها الأخ برضاها لأنها قد ملكت أمرها ( قال ) وقال لي مالك أرأيت المرأة لو قال الأب لا أزوجها لا يكون ذلك له ( قلت ) أرأيت البكر إذا لم يكن لها أب وكان لها من الأولياء من ذكرت لك من الأخوة والأعمام والأجداد وبنى الأخوة فزوجها بعض الأولياء وأنكر التزويج سائر الأولياء أيجوز هذا النكاح في قول مالك ( قال ) سألت مالكا عن قول عمر بن
____________________
(4/161)
________________________________________
الخطاب أو ذي الرأي من أهلها من ذو الرأي من أهلها ( قال مالك ) الرجل من العشيرة أو بن العم أو المولى وإن كانت المرأة من العرب فإن انكاحه إياها جائز
قال مالك وإن كان ثم من هو أقعد منه فانكاحه إياها جائز إذا كان له الصلاح والفضل إذا أصاب وجه النكاح ( سحنون ) قال بن نافع عن مالك إن ذا الرأي من أهلها الرجل من العصبة ( قال سحنون ) وأكثر الرواة يقولون لا يزوجها ولي وثم أولى منه حاضر فإن فعل وزوج نظر السلطان في ذلك ( وقال ) آخرون للأقرب أن يرد أو يجيز إلا أن يتطاول مكثها عند الزوج وتلد منه الأولاد لأنه لم يخرج العقد من الحرير الأبيض قلت فهل تدهن الحادة رأسها بالزئبق أو بالخبز أو بالبنفسج قال قال مالك لا تدهن الحاد إلا بالخل الشيرج أو بالزيت ولا تدهن بشيء من الأدهان المزينة قال مالك ولا تمتشط بشيء من الحناء ولا الكتم ولا شيء مما يختمر في رأسها قال مالك أن يكون وليه وليا وهذا في ذات المنصب والقدر والولاة ( وقال ) بعض الرواة ويدل على ذلك من الكتاب ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تقول تجمع الحاد رأسها بالسدر قال وسئلت أم سلمة أتمتشط بالحناء فقالت لا ونهت عنه قال مالك ولا بأس أن تمتشط بالسدر وما أشبهه مما لا يختمر في رأسها قلت فهل تلبس الحاد البياض الجيد الرقيق منه فقال نعم قال فقلنا لمالك فهل تلبس الحاد الشطوي والقصي والفرقي والرقيق من الثياب فلم ير بذلك بأسا ووسع في البياض كله للحاد رقيقه وغليظه قلت أرأيت الحاد أتكتحل في قول مالك لغير زينة قال قال مالك لا تكتحل الحاد إلا أن تضطر إلى ذلك فإن اضطرت فلا بأس بذلك وإن كان فيه طيب ودين الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ! 2 < وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف > 2 ! والعضل من الولي وإن النكاح يتم برضا الولي المزوج ولا يتم إلا به ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وأذنها صماتها
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سفيان أبوها فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت ) رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المحفوظ عنه أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له فيكون معناه من لا ولي له ويكون أيضا أن يكون لها ولي فيمنعها أعضالا لها فإذا منعها فقد أخرج نفسه من الولاية بالعضل ( وقد اشتكت عينها أفنكحلها ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار فإذا كان ضرر حكم السلطان أن ينفي الضرر وتزوج فكان وليا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قلت ) أرأيت إن كان في أولياء هذه الجارية وهي بكر أخ وجد وبن أخ أيجوز تزويج ذي الرأي من أهلها إياها ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا إذا أصاب وجه النكاح ( قلت ) أرأيت البكر أيجوز لذي الرأي أن يزوجها إذا لم يكن الأب ( قال ) قال مالك في تأويل حديث عمر بن الخطاب ما أخبرتك فتأويل حديث عمر يجمع له البكر والثيب ولم يذكر لنا مالك بكرا من
____________________
(4/162)
________________________________________
ثيب ولم نشك أن البكر والثيب إذا لم يكن للبكر والد ولا وصي سواء ( قلت ) أرأيت الرجل يغيب عن ابنته البكر أيكون للأولياء أن يزوجوها ( قال ) قال مالك إذا غاب غيبة منقطعة مثل هؤلاء الذين يخرجون في المغازي فيقيمون في البلاد التي خرجوا إليها مثل الأندلس أو أفريقية أو طنجة ( قال ) فأرى أن ترفع أمرها إلى السلطان فينظر لها ويزوجها ( سحنون ) ورواه علي بن زياد عن مالك ( قلت ) أفيكون للأولياء أن يزوجوها بغير أمر السلطان ( قال ) هكذا سمعت مالكا يقول يرفع أمرها إلى السلطان ( قلت ) أرأيت أن خرج تاجرا إلى أفريقية أو نحوها من البلدان وخلف بنات أبكارا فأردن النكاح ورفعن ذلك إلى السلطان أينظر السلطان في ذلك أم لا ( قال ) إنما سمعنا مالكا يقول في الذي يغيب غيبة منقطعة فأما من خرج تاجرا وليس يريد المقام بتلك البلاد فلا يهجم السلطان على ابنته البكر فيزوجها وليس لأحد من الأولياء أن يزوجها ( قال ) وهو رأيي لأن مالكا لم يوسع في أن تزوج ابنة الرجل البكر إلا أن يغيب غيبة منقطعة ( قلت ) أرأيت إن كانت ثيبا فخطب الخاطب إليها نفسها فأبى والدها أو وليها أن يزوجها فرفعت ذلك إلى السلطان وهو دونها في الحسب والشرف إلا أنه كفء في الدين فرضيت به وأبى الولي ( قال ) يزوجها السلطان ولا ينظر إلى قول الأب والولي إذا رضيت به وكان كفؤا في دينه قال وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت إن كان كفؤا في الدين ولم يكن كفؤا لها في المال فرضيت به وأبى الولي أن يرضى أيزوجها منه السلطان أم لا ( قال ) ما سمعت من مالك في هذا شيئا إلا أني سألت مالكا عن نكاح الموالي في العرب فقال لا بأس بذلك ألا ترى إلى ما قال الله في كتابه ! 2 < يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم > 2 ! ( قلت ) أرأيت إن رضيت بعبد وهي امرأة من العرب وأبى الأب أو الولي أن يزوجها وهي ثيب أيزوجها منه السلطان أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك ( قال ) ولقد قيل لمالك إن بعض هؤلاء القوم فرقوا بين عربية ومولاة فأعظم ذلك إعظاما شديدا أهل الإسلام كلهم بعضهم لبعض أكفاء لقول الله في التنزيل ^ إنا خلقناكم وقال
____________________
(4/163)
________________________________________
من ذكر وأنثى وجلعناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ^ ( سحنون ) وقال غيره ليس العبد ومثله إذا دعت إليه إذا كانت ذات المنصب والموضع والقدر مما يكون الولي في مخالفتها عاضلا لأن للناس مناكح قد عرفت لهم وعرفوا لها ( قلت ) أرأيت البكر إذا خطبت إلى أبيها فتمنع الأب من إنكاحها من أول ما خطبت إليه وقالت الجارية وهي بالغة زوجني فأنا أريد الرجال ورفعت أمرها إلى السلطان أيكون رد الأب الخاطب الأول اعضالا لها وترى للسلطان أن يزوجها إذا أبى الأب ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى إن عرف عضل الأب إياها وضرورة إياها لذلك ولم يكن منعه ذلك نظرا لها رأيت للسلطان إن قامت الجارية بذلك وطلبت نكاحه أن يزوجها السلطان إذا علم أن الأب إنما هو مضار بها في رده وليس هو بناظر لها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار فإن لم يعرف من الأب فيه ضرر لم يهجم السلطان على ابنته في انكاحها حتى يتبين له الضرر ( قلت ) أرأيت البكر إذا رد الأب عنها خاطبا واحدا أو خاطبين وقالت الجارية في أول من خطبها للأب زوجني فأني أريد الرجال فأبى الأب أيكون الأب في أول خاطب رد عنها عاضلا لها ( قال ) أرى أنه ليس يكره الآباء على إنكاح بناتهم الإبكار إلا أن يكون مضارا أو عاضلا لها فإن عرف ذلك منه وأرادت الجارية النكاح فإن السلطان يقول له أما أن تزوج واما أن أزوجها عليك ( قلت ) وليس لهذا عندك حد في قول مالك في رد الأب عنها الخاطب الواحد والاثنين ( قال ) لا نعرف من قول مالك في هذا حدا إلا أن يعرف ضرره وأعضاله
في نكاح من أسلمت على يد رجل أو أسلم أبوها أو جدها على يديه ( قلت ) أرأيت ولي النعمة أيجوز أن يزوج ( قال ) نعم في قول مالك ( قال ) وقال مالك ويزوجها من نفسه ويلي عقدة نكاح نفسه إذا رضيت ( قلت ) فإن كان إنما أسلم على يديه والدها أو جدها أو أسلمت هي على يديه أيجوز له أن يزوجها ( قال ) أما
____________________
(4/164)
________________________________________
التي أسلمت على يديه فإنها تدخل فيما فسرت لك من قول مالك في إنكاح الدنيئة فيجوز نكاحه إياها ( قال ) وأما إذا أسلم أبوها وتقادم ذلك حتى يكون لها من القدر والغني والأباء في الإسلام وتنافس الناس فيها فلا يزوجها وهو والأجنبي سواء ( قلت ) أرأيت ولي النعمة يزوج مولاته ولها ذو رحم أعمام أو بنو أخوة أو أخوة إلا أنه ليس لها أب فزوجها وهي بكر برضاها أو ثيب برضاها ( قال ) هذا عندي من ذوي الرأي من أهلها له أن يزوجها إذا كان له الصلاح لأن مالكا قال المولى الذي له الحال في العشيرة له أن يزوج العربية من قومه إذا كان له الموضع والرأي ( قال مالك ) وأراه من ذوي الرأي من أهلها إذا لم يكن لها أب ولا وصي ( قال سحنون ) وقد بينا قول الرواة قبل هذا في مثل هذا من قول مالك
في إنه لا يحل نكاح بغير ولي وإن ولاية الأجنبي لا تجوز إلا أن تكون وضيعة ( بن وهب ) قال أخبرني الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن عن عبد الجبار عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاللا يحل نكاح إلا بولي وصداق وشاهدي عدل ( بن وهب ) عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاللا نكاح لإمرأة بغير إذن ولي ( بن وهب ) عن عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء في الولي ( بن وهب ) عن بن جريج
____________________
(4/165)
________________________________________
عن سليمان بن موسى عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تنكح إمرأة بغير إذن وليها فإن نكحت فنكاحها باطل ثلاث مرات فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ( بن وهب ) عن بن جريج أن عبد الحميد بن جبير بن شيبة حدثه أن عكرمة بن خالد حدثه قال جمع الطريق ركبا فولت امرأة أمرها غير ولي فأنكحها رجلا منهم ففرق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينهما وعاقب الناكح والمنكح ( بن وهب ) عن عمرو بن الحارث أن يزيد بن أبي حبيب حدثه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أيوب بن شرحبيل إنما رجل نكح إمرأة بغير إذن وليها فانتزع منه المرأة وعاقب الذي أنكحه ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن محمد بن زيد بن المهاجر التيمي أن رجلا من قريش أنكح إمرأة من قومه ووليها غائب فبنى بها زوجها ثم قدم وليها فخاصم في ذلك إلى عمر بن عبد العزيز فرد النكاح ونزعها منه ( بن وهب ) عن بن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج أنه سمع القاسم بن المسيب يقول ان عمر بن الخطاب قال لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان ( بن وهب ) عن مالك عمن حدثه عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح وبن قسيط والحسن البصري عدة الأمة إذا توفي عنها زوجها شهران وخمس ليال قلت أرأيت عدة أم الولد والمكاتبة والمدبرة إذا طلقهن أزواجهن أو ماتوا عنهن كم عدتهن في قول مالك قال بمنزلة عدة الأمة في جميع ذلك في أم الولد يموت عنها سيدها أو يعتقها قلت أرأيت أم الولد إذا مات عنها سيدها كم عدتها قال قال مالك عدتها حيضة قال فقلت لمالك فإن هلك وهي في دم حيضتها قال لا يجزئها ذلك إلا بحيضة أخرى قال فقلت لمالك فلو كان غاب عنها زمانا أو حاضت حيضا كثيرة ثم هلك في غيبته قال لا يجزئها حتى تحيض حيضة بعد وفاته ولو كان يجزئ ذلك أم الولد لأجزأ الحرة إذا حاضت حيضا كثيرة وزوجها غائب فطلقها وإنما جاء الحديث عدة أم الولد حيضة إذا هلك عنها سيدها فإنما تكون هذه الحيضة بعد الوفاة كان غائبا أو اعتزلها أو هي عنده أو مات وهي حائض فذلك كله لا يجزئها إلا أن تحيض حيضة بعد موته قلت ما فرق بين أم الولد في الاستبراء وبين الأمة وقد قال مالك في الأمة إذا اشتراها الرجل في أول الدم أجزأتها تلك الحيضة فما بال استبراء أمهات الأولاد إذا مات عنهن ساداتهن وهن كذلك لا يجزئهن مثل ما يجزئ هذه الأمة التي اشتريت قال لأن أم الولد قد اختلفوا فيها فقال بعض العلماء عليها أربعة أشهر وعشر وقال بعضهم ثلاث حيض وليست الأمة بهذه المنزلة لأن أم الولد ها هنا عليها العدة وعدتها هذه الحيضة بمنزلة ما تكون عدة الحرائر ثلاث حيض وكذلك هذا أيضا قلت أرأيت أم الولد إذا كانت لا تحيض فأعتقها سيدها أو مات عنها قال مالك عدتها ثلاثة أشهر قلت أرأيت أم الولد إذا زوجها سيدها فمات عنها سيدها أيكون على زوجها أن يستبرئ أو يصنع بها ما شاء في قول مالك قال لا قلت أيكون للسيد أن يزوج أم ولده أو جارية كان يطؤها قبل أن يستبرئها قال قال مالك لا يجوز له أن يزوجها حتى يستبرئها قال مالك ولا يجوز النكاح إلا نكاح يجوز فيه الوطء إلا في الحيض أو ما أشبهه فإن الحيض يجوز النكاح فيه وليس له أن يطأها وكذلك دم النفاس قلت أرأيت إن زوج أم ولده ثم مات الزوج عنها قال قال مالك تعتد عدة الوفاة من زوجها شهرين وخمسة أيام ولا شيء عليها غير ذلك قلت فإن انقضت عدتها من زوجها فلم يصبها سيدها حتى مات السيد هل عليها حيضة أم لا هل هي بمنزلة أمهات الأولاد إذا هلك عنهن ساداتهن أم لا في قول مالك قال لم أسمع في هذا من قول مالك شيئا إلا أني أرى أن عليها العدة بحيضة وإن كان سيدها ببلد غائبا يعلم أنه لا يقدم البلد الذي هي فيه فأرى العدة بحيضة عليها ومما يبين ذلك عندي أن لو أن زوجها هلك عنها ثم انقضت عدتها ثم أتت بعد ذلك بولد ثم زعمت أنه من سيدها رأيت أن يلحق به إلا أن يكون يدعي السيد أنه لم يطأها بعد الزوج فيبرأ فذلك بمنزلة ما لو كانت عنده فجاءت بولدها فانتفى منه وادعى الاستبراء ولو أن أم ولد رجل هلك عنها زوجها فاعتدت وانقضت عدتها وانتقلت إلى سيدها ثم مات سيدها عنها فجاءت بولد بعد ذلك لما يشبه أن يكون الولد من سيدها قال إذا ادعت أنه منه لحق به لأنها أم ولده وقد أغلق عليها بابه وخلا بها إلا أن يقول السيد لم أمسها بعد موت زوجها فلا يلحق به الولد في أم الولد هل لها أن تواعد أحدا في العدة أو تبيت عن بيتها قلت أرأيت أم الولد إذا مات عنها سيدها ماذا عليها قال قال مالك حيضة فقلت لمالك فهل عليها إحداد في وفاة سيدها قال مالك ليس عليها حداد قال مالك ولا أحب لها أن تواعد أحدا ينكحها حتى تحيض حيضتها فقلت فهل تبيت عن بيتها قال بلغني عن مالك أنه قال لا تبيت إلا في بيتها قلت أرأيت أم الولد إذا مات عنها سيدها فجاءت بولد بعد موته لمثل ما تلد له النساء أيلزم ذلك الولد سيدها أم لا قال قال مالك يلزم ذلك الولد سيدها في الأمة يموت عنها سيدها فتأتي بولد يشبه أن يكون منه فتدعي أنه من سيدها أيلزمه ذلك أم لا قلت وكل ولد جاءت به أم ولد الرجل أو أمة لرجل أقر بوطئها وهو حي لم يمت فالولد لازم وليس له أن ينتفي منه إلا أن يدعي الاستبراء فينتفي منه قلت ولا يكون عليه اللعان في قول مالك قال نعم كذلك قال مالك قلت وكذلك لو أقر بوطء أمته ثم مات فجاءت بولد لمثل ما تلد له النساء جعلته بن الميت وجعلتها به أم ولد وقال نعم وهو قول مالك قلت وكذلك إن أعتق جارية قد كان وطئها أو أعتق أم ولده فجاءت بولد لمثل ما تلد له النساء من يوم أعتقها أيلزمه ذلك الولد أم لا في قول مالك قال يلزمه الولد عند مالك إذا ولدت لمثل ما تلد له النساء إلا أن يدعي أنه استبرأ قبل أن تعتق فلا يلزمه الولد ولا يكون بينهما اللعان وهو قول مالك قلت ولم دفع مالك اللعان فيما بينها وبين والد الصبي وهذه حرة فقال لأن هذا الحمل ليس من نكاح إنما هذا حبل ملك يمين وليس في حبل ملك اليمين لعان في قول مالك إنما يلزمه أن ينتفي منه بلا لعان وذلك إذا ادعى الاستبراء مالك عن نافع حدثه عن بن عمر أنه قال عدة أم الولد إذا هلك عنها سيدها حيضة قال مالك قال يحيى بن الخطاب مثله ( قال بن وهب ) قال مالك في الرجل يخطب المرأة يفرق بيها وبين زوجها دخل بها أو لم يدخل بها إذا زوجها غير ولي إلا أن يجيز ذلك الولي أو السلطان إن لم يكن لها ولي فإن فرق بينهما فهي طلقة فأما المرأة الوضيعة مثل المعتقة والسوداء أو المسالمة فإن كان نكاحا ظاهرا معروفا فذلك أخف عندي من المرأة لها الموضع
في تزويج الوصي ووصي الوصي ( قلت ) أرأيت الوصي أو وصي الوصي أيجوز أن يزوج البكر إذا بلغت والأولياء ينكرون والجارية راضية ( قال ) قال مالك لا نكاح للأولياء مع الوصي والوصي ووصي الوصي أولى من الأولياء ( قلت ) أرأيت إن رضيت الجارية ورضي الأولياء
____________________
(4/166)
________________________________________
والوصي ينكر ( قال ) قال مالك لا نكاح لها ولا لهم إلا بالوصي فإن اختلفوا في ذلك نظر السلطان فيما بينهم ( قلت ) أرأيت المرأة الثيب إن زوجها الأولياء برضاها والوصي ينكر ( قال ) ذلك جائز عند مالك ألا ترى أن مالكا قال لي في الأخ يزوج أخته الثيب برضاها والأب ينكر إن ذلك جائز على الأب ( قال مالك ) وما للأب ومالها وهي مالكة أمرها
والوصي أيضا في الثيب ان أنكح برضاها والأولياء ينكرون جاز إنكاحه إياها وليس الوصي أو وصي الوصي فيها بمنزلة الأجنبي ( قال ) لي مالك ووصي الوصي أولى ببضع الابكار أن يزوجهن برضاهن إذا بلغن من الأولياء ( قلت ) أرأيت إن كان وصي وصيج وصي أيجوز فعله بمنزلة الوصي ( قل ) نعم في رأيي وإنما سألنا مالكا عن وصي الوصي ولم نشك أن الثالث مثلهما والرباع وأكثر من ذلك ( قلت ) فإن زوجها ولي ولها وصي زوجها أخ أو عم برضاها وقد حاضت ولها وصي أو وصي وصي ( قال ) إنكاح الأخ والعم لا يجوز وليس للأولياء في إنكاحهم مع الأوصياء قضاء فإن لم يكن لها وصي ولا والد فحاضت فاستخلفت وليها فزوجها فذلك جائز وهذا كله قول مالك وما لم تبلغ المحيض فلا يجوز لأحد أن يزوجها إلا الأب وهذا قول مالك ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال لا ينبغي للولي أن ينكح دون الوصي وإن أنكحها الوصي أحدا ورضيت دون الولي جاز ذلك فإن أنكحها الولي دون الوصي ورضيت لم يجز دون الإمام وليس إلى الولي مع الوصي قضاء ( بن وهب ) عن معاوية بن صالح أنه سمع يحيى بن سعيد يقول الوصي أولى من الولي ويشاور الولي في ذلك قال والوصي العدل مثل الوالد ( بن وهب ) عن أشهل بن حاتم عن شعبة بن الحجاج عن سماك بن حرب أن شريحا أجاز نكاح وصي والأولياء ينكرون ( قال بن وهب ) وقال الليث بن سعد مثله الوصي أولى من الولي ( قلت ) أرأيت الصغار هلي ينكحهم أحد من الأولياء ( قال ) قال مالك أما الغلام فيزوجه الأب والوصي ولا يجوز أن يزوجه أحد إلا الأب أو الوصي ولا يجوز أن يزوجه أحد من الأولياء غير الوصي أو الأب
____________________
(4/167)
________________________________________
ووصي الوصي أيضا ( قال ) قال مالك إنكاحه الغلام الصغير جائز وأما الجارية فلا يزوجها أحد إلا أبوها ولا يزوجها أحد من الأولياء ولا الأوصياء حتى تبلغ المحيض فإذا بلغت المحيض فزوجها الوصي برضاها جاز ذلك وكذلك إن زوجها وصي الوصي برضاها فذلك جائز وهو قول مالك ( وقال مالك ) لا يجوز للوصي ولا لأحد أن يزوج صغيرة لم تحض إلا الأب فأما الغلام فللوصي أن يزوجه قبل أن يحتلم ( بن وهب ) عن مخرمة عن أبيه قال سمعت بن قسيط واستفتى في غلام كان في حجر رجل فأنكحه ابنته أيجوز انكاح وليه ( قال ) نعم وهما يتوارثان ( وقال ) ذلك نافع مولى بن عمر انه جائز وهما يتوارثان ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال أرى هذا النكاح جائزا وإن كره الغلام إذا احتلم ( قلت ) أرأيت الولي أو الوالد إذا استخلف من يزوج ابنته أيجوز هذا في قول مالك قال نعم ( قلت ) هل يجوز للأم أن تستخلف من يزوج ابنتها وقد حاضت ابنتها ولا أب للبنت ( قال ) قال مالك لا يجوز إلا أن تكون وصية فإن كانت وصية جاز لها أن تستخلف من يزوجها ولا يجوز لها هي أن تعقد نكاحها ( قلت ) وكذلك لو أوصى إلى امرأة أجنبية أكانت بمنزلة الأم في إنكاح هذه الجارية في قول مالك قال نعم ( قلت ) ولا يجوز للأم وإن كانت وصية أن تستخلف من يزوج ابنتها قبل أن تبلغ الإبنة المحيض في قول مالك ( قال ) نعم لا يجوز ذلك في قول مالك
في المرأة توكل وليين فينكحانها من رجلين ( قلت ) أرأيت لو أن امرأة زوجها الأولياء برضاها فزوجها هذا الأخ من رجل وزوجها هذا الأخ من رجل ولم يعلم أيهما الأول ( قال ) قال مالك إن كانت وكلتهما فإن علم أيهما كان أول فهو أحق بها وإن دخل بها أحدهما فالذي دخل بها أحق بها وإن كان آخرهما نكاحا وأما إذا لم يعلم أيهما أول ولم يدخل بها واحد منهما فلم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن يفسخ نكاحهما جميعا ثم تبتدئ نكاح من أحبت منهما أو من غيرهما ( قلت ) أرأيت إن قالت المرأة هذا هو الأول ولم
____________________
(4/168)
________________________________________
يعلم ذلك إلا بقولها ( قال ) لا أرى أن يثبت النكاح وأرى أن يفسخ ( بن وهب ) عن معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد أنه قال ان عمر بن الخطاب قضى في الوليين ينكحان المرأة ولا يعلم أحدهما بصاحبه إنها للذي دخل بها فإن لم يكن دخل بها أحدهما فهي للأول ( بن وهب ) عن يونس أنه سأل بن شهاب عن رجل أمر أخاه أن ينكح ابنته وسافر فأتاه رجل فخطبها إليه فأنكحها الأب ثم عمها أنكحها بعد ذلك فدخل بها الآخر منهما ثم أن الأب قدم والذي زوج معه ( قال ) بن شهاب نرى أنهما ناكحان لم يشعر أحدهما بالآخر فنرى أولاهما بها الذي أفضى إليها حتى استوجبت مهرها تاما واستوجبت ما تستوجب المحصنة في نكاح الحلال ولو اختصما قبل أن يدخل بها كان أحقهما فيما نرى الناكح الأول ولكنهما اختصما بعد ما استحل الفرج بنكاح حلال لا يعلم قبله نكاح ( بن وهب ) عن رجال من أهل العلم عن يحيى بن سعيد وربيعة وعطاء بن أبي رباح ومكحول بذلك ( وقال ) قال يحيى فإن لم يعلم أيهما كان قبل فسخ النكاح إلا أن يدخل بها فإن دخل بها لم يفرق بينهما دخل بها أم لم يدخل بها عدة المطلقة تتزوج في عدتها ( قلت ) أرأيت أمة أعتقها رجلان من وليها منهما في النكاح ( قال ) قال مالك كلاهما وليان ( قال ) فقلت لمالك فإن زوجها أحدهما بغير وكالة الآخر فرضى الآخر بعد أن زوجها هذا ( قال ) قال مالك انكاحه جائز رضى الآخر أو لم يرض ( قلت ) أرأيت الأخوين إذا زوج أحدهما أخته فرد الأخ الآخر نكاحها أيكون له أن يرد أم لا ( قال ) لا يكون له ذلك عند مالك وقد أخبرتك من قول مالك أن الرجل من الفخذ يزوج وإن كان ثم من هو أقرب منه فكيف بالآخ وهما في القعدد سواء ( قال ) وسمعت مالكا يقول في الأمة يعتقها الرجلان فيزوجها أحدهما بغير أمر صاحبه إن النكاح جائز ( قلت ) أرأيت المرأة يطلقها زوجها طلاقا يملك الرجعة فتتزوج في عدتها فيراجعها زوجها الأول في العدة من قبل إن لم يرض أحدهما ( قال ) ذلك جائز عليه على ما أحب أو كره ( وقال ) علي بن زياد قال مالك في الأخ يزوج أخته لأبيه وثم أخوها لأبيها وأمها إن انكاحه جائز إلا أن يكون أبوها أوصى بها إلى أخيها لأبيها وأمها فإن كان كذلك فلا نكاح لها إلا برضاه وإنما الذي لا ينبغي لبعض الأولياء أن ينكح
____________________
(4/169)
________________________________________
وثم من هو أولى منه إذا لم يكونوا أخوة وكان أخا وعما أو عما وبن عم ونحو هذا إذا كانوا حضورا
من رضي بغير كفء فطلق ثم أرادت المرأة إرجاعه فامتنع وليها ( قلت ) أرأيت الولي إذا رضي برجل ليس لها بكفء فصالح ذلك الرجل امرأته فبانت منه ثم أرادت المرأة أن تنكحه بعد ذلك وأبى الولي وقال لست لها بكفء ( قال ) قال لي مالك رجعة الزوج إذا رضي به مرة فليس له أن يمتنع منه إذا رضيت بذلك المرأة ( قال بن القاسم ) إلا أن يأتي منه حدث من فسق ظاهر أو لصوصية أو غير ذلك مما يكون فيه حجة غير الأمر الأول فأرى ذلك للولي ( قلت ) وكذلك ان كان عبدا ( قال ) نعم ولم أسمع العبد من مالك ولكنه رأيي
في نكاح الدنية ( قلت ) أرأيت الثيب إن استخلفت على نفسها رجلا فزوجها ( قال ) قال مالك أما المعتقة والمسالمة والمرأة المسكينة تكون في القرية التي لا سلطان فيها فإنه رب قرى ليس فيها سلطان فتفوض أمرها إلى رجل لا بأس بحاله أو تكون في الموضع الذي يكون فيه السلطان فتكون دنية لا خطب لها كما وصفت لك قال مالك فلا أرى بأسا أن تستخلف على نفسها من يزوجها ويجوز ذلك
مسألة صبيان الأعراب ( قال ) فقلت لمالك فرجال من الموالي يأخذون صبيانا من صبيان الاعراب تصيبهم السنة فيكفلون لهم صبيانهم ويربونهم حتى يكبروا فتكون فيهم الجارية فيريد أن يزوجها ( قال ) أرى أن تزويجه عليها جائز
قال مالك ومن انظر لها منه فأما كل امرأة لها بال أو غنى وقدر فإن تلك لا ينبغي أن يزوجها إلا الأولياء أو السلطان
____________________
(4/170)
________________________________________
( قال ) فقيل لمالك فلو أن امرأة لها قدر تزوجت بغير ولي فوضت أمرها إلى رجل فرضى الولي بعد ذلك أترى أن يقيما على ذلك النكاح فوقف فيه ( قال بن القاسم ) وأنا أرى ذلك جائزا إذا كان ذلك قريبا ( قلت ) أرأيت إن كان قد دخل بها ( قال بن القاسم ) دخوله أو غير دخوله سواء إذا أجاز ذلك الولي جاز كما أخبرتك وإن أراد فسخه وكان يحدثان دخوله رأيت ذلك له ما لم تطل إقامته معها وتلد منه أولادا فإن كان ذلك وكان صوابا جاز ذلك ولم يفسخ وكذلك قال مالك ( قال سحنون ) وقد قال غير عبد الرحمن بن القاسم وإن أجازه الولي لم يجز لأنه عقد غير الولي
وقد قال غير واحد من الرواة منهم بن نافع مثل ما قال عبد الرحمن بن القاسم إن أجازه الولي جاز
في المرأة لها وليان أحدهما أقعد من الآخر ( قلت لابن القاسم ) أرأيت من تزوج في العدة فأصاب في غير العدة قال قال مالك وعبد العزيز هو بمنزلة من تزوج في العدة ومس في العدة ألا ترى أن استخلفت امرأة على نفسها رجلا فزوجها ولها وليان أحدهما أقعد بها من الآخر فلما علما أجاز النكاح أبعدهما وأبطله أقعدهما بها ( قال ) لا تجوز إجازة الأبعد وإنما ينظر في هذا إلى الأقعد وإلى قوله لأنه هو الخصم دون الأبعد ( قلت ) أسمعته من مالك قال وقال من وطىء وطء شبهة في عدة من نكاح بنكاح أو ملك كان كالمصيب بنكاح في عدة من نكاح ألا ترى أن الملك يدخل في النكاح حتى يمنع من وطء الملك ما يمنع به من وطء النكاح قال وأين ذلك قال رجل طلق أمة ألبتة ثم اشتراها قال مالك لا تحل له بالملك حتى تنكح زوجا غيره كما حرم على الناكح من ذلك وقال عبد الملك قال مالك في الرجل يتوفى عن أم ولده فتكون حرة وعدتها حيضة فتزوجها رجل في حيضتها إنه متزوج في عدتها قال عبد الملك فانظر في هذا فمتى ما وجدت ملكا قد خالطه نكاح بعده في البراءة أو ملكا دخل على نكاح بعده في البراءة فذلك كله يجري مجرى المصيب في العدة قال سحنون وقد روى بن وهب عن مالك أيضا في أم الولد أنه ليس مثل المتزوج في العدة سحنون قال بن وهب قال مالك في التي تتزوج في عدتها ثم يصيبها زوجها في العدة ثم يستبرئها زوجها إنه لا يطؤها بملك يمينه وقد فرق عمر بن الخطاب بينهما وقال لا يجتمعان أبدا قال مالك وكل امرأة لا تحل أن تنكح ولا تمس بنكاح فإنه لا يصلح أن تمس بملك اليمين فما حرم في النكاح حرم بملك اليمين والعمل عندنا على قول عمر بن الخطاب قلت أرأيت إن طلق الرجل امرأته وعدتها بالشهور فتزوجت في عدتها ففرق بينها وبينه أيجزئها أن تعتد منهما جميعا ثلاثة أشهر مستقبلة قال نعم بن وهب عن بن أبي الزناد عن أبيه قال حدثني سليمان بن يسار أن رجلا نكح امرأة في عدتها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فجلدهما وفرق بينهما وقال لا يتناكحان أبدا وأعطى المرأة ما أمهرها الرجل بما استحل من فرجها بن وهب عن عبد الرحمن بن سليمان الهجري عن عقيل بن خالد عن مكحول أن علي بن أبي طالب قضى بمثل ذلك سواء بن وهب وقال مالك وقد قال عمر أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم كان خاطبا من الخطاب فإن كان دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم اعتدت من الآخر ثم لم ينكحها أبدا قال بن المسيب ولها مهرها بما استحل منها المطلقة تنقضي عدتها ثم تأتي بولد بعد العدة وتقول هو من زوجي بينها وبين خمس سنين قلت أرأيت إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا أو طلاقا يملك الرجعة فجاءت بولد لأكثر من سنين أيلزم الزوج الولد أم لا قال يلزمه الولد في قول مالك إذا جاءت بالولد في ثلاث سنين أو أربع سنين أو خمس سنين قال بن القاسم وهو رأيي في الخمس سنين قال كان مالك يقول ما يشبه أن تلد له النساء إذا جاءت به يلزم الزوج قلت أرأيت إن طلقها فحاضت ثلاث حيض وقالت قد انقضت عدتي فجاءت بالولد بعد ذلك لتمام أربع سنين من يوم طلقها فقالت المرأة قد طلقني فحضت ثلاث حيض وأنا حامل ولا علم لي بالحمل وقد تهراق المرأة الدم على الحمل فقد أصابني ذلك وقال الزوج قد انقضت عدتك وإنما هذا الحمل حادث ليس مني أيلزم الولد الأب أم لا قال يلزمه الولد إلا أن ينفيه بلعان قلت أرأيت إن جاءت به بعد الطلاق لأكثر من أربع سنين جاءت بالولد لست سنين وإنما كان طلاقها طلاقا يملك الرجعة أيلزم الولد الأب أم لا قال لا يلزم الولد الأب ها هنا على حال لأنا نعلم أن عدتها قد انقضت وإنما هذا حمل حادث ( قلت ) لم أبطلت هذا النكاح وقد أجازه الولي الأبعد وأنت تذكر أن مالكا قال في عقدة النكاح ان عقدها الولي الأبعد وكره ذلك الولي الأقعد ان العقدة جائزة ( قال ) لا يشبه هذا والطلاق سواء يلزم الأب الولد وإن أقرت بانقضاء العدة إلا أن للأب في الطلاق أن يلاعن إذا ادعى الاستبراء قبل الطلاق قلت وهذا قول مالك قال نعم قلت أرأيت إن طلق امرأته تطليقة يملك الرجعة فجاءت بولد لأكثر مما تلد لمثله النساء ولم تكن أقرت بانقضاء العدة أيلزم الزوج هذا الولد أم لا قال لا يلزمه الولد وهو قول مالك قال بن القاسم والمطلقة الواحدة التي تملك فيها الرجعة ها هنا والثلاث في قول مالك سواء في هذا الولد إذا جاءت به لأكثر مما تلد لمثله النساء سحنون عن أشهب عن الليث بن سعد عن بن عجلان أن امرأة له وضعت له ولدا في أربع سنين وأنها وضعت مرة أخرى في سبع سنين في امرأة الصبي الذي لا يولد لمثله تأتي بالولد قلت أرأيت امرأة الصبي إذا كان مثله يجامع ولا يولد لمثله فظهر بامرأته حمل أيلزمه أم لا قال لا يلزمه إذا كان لا يحمل لمثله وعرف ذلك لأن ذلك كن نكاحا عقده الولي فكانت العقدة جائزة وهذا نكاح عقده غير ولي فإنما يكون فسخه يبد أقعد الأولياء لها ولا ينظر في هذا إلى أبعد الأولياء وإنما ينظر السلطان في قول أقعدهما ان أجازه أو فسخه وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت ان تزوجت بغير ولي استخلفت علي نفسها ولي غائب وولي حاضر والولي الغائب أقعد بها من الحاضر فقام بفسخ نكاحها هذا الحاضر وهو أبعد إليها من الغائب ( قال ) ينظر السلطان
____________________
(4/171)
________________________________________
في ذلك كانت غيبة الأقعد قريبة انتظره ولم يعجل وبعث إليه وان كانت غيبته بعيدة نظر فيما ادعى هذا فإن كان من الأمور التي يجيزها الولي أن لو كان ذلك الولي الغائب حاضرا أجازه وان كان من الأمور التي لو كان الغائب حاضرا لم يجزه أبطله السلطان ( قلت ) وجعلت السلطان مكان ذلك الغائب وجعلته أولى من هذا الولي الحاضر قال نعم ( قلت ) وهذه المسائل قول مالك ( قال ) منها قول مالك
في انكاح الولي أو القاضي المرأة من نفسه ( قلت ) أرأيت لو أن وليا قالت له وليته زوجني فقد وكلتك أن تزوجني ممن أحببت فزوجها من نفسه أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يزوجها من نفسه ولا من غيره حتى يسمى لها من يريد أن يزوجها وان زوجها أحدا قبل أن يسميه لها فأنكرت ذلك كان ذلك لها وان لم يكن بين لها أنه يزوجها من نفسه ولا من غيره إلا أنها قالت له زوجني ممن أحببت ولم يذكر لها نفسه فزوجها من نفسه أو من غيره فلا يجوز ذلك وهذا قول مالك إذا لم تجز ما صنع ( قال سحنون ) وقد قال بن القاسم انه إذا زوجها من غيره ولن لم يسمه لها فهو جائز ( قلت ) فإن زوجها من نفسه فبلغها فرضيت بذلك ( قال ) أرى ذلك جائزا لأنها قد وكلته بتزويجها ( قلت ) أرأيت المرأة إذا لم يكن لها ولي فزوجها القاضي من نفسه أو من ابنه برضاها أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) نعم يجوز ذلك في رأيي لأن القاضي ولي من لا ولي له ويجوز أمره كما يجوز أمر الولي ( قلت ) أرأيت إذا كان لها ولي فزوجها القاضي من نفسه ففسخ الولي نكاحه أيكون ذلك له أم لا ( قال ) لا يكون ذلك للولي في رأيي لأن الحديث الذي جاء عن عمر بن الخطاب أنه قال لا ينكح المرأة إلا وليها أو ذو الرأي من أهلها أو السلطان فهذا سلطان فإذا كان أصاب وجه النكاح ولم يكن ذلك منه جورا رأيته جائزا ( قلت ) أفليس الحديث إنما يزوجها السلطان إذا لم يكن لها ولي ( قال ) لا ألا ترى في الحديث وليها أو ذو الرأي من أهلها أو السلطان فقد جعل إليهم النكاح بينهم في هذا الحديث
____________________
(4/172)
________________________________________
( قال بن القاسم ) ولقد سألت مالكا عن المرأة الثيب يزوجها أخوها وثم أبوها فأنكر أبوها ( قال مالك ) ما لأبيها وما لها إذا كانت ثيبا وأرى النكاح جائزا ( بن وهب ) عن بن أبي ذئب قال أرسلت أم قارظ بنت شيبة إلى عبد الرحمن بن عوف وقد خطبت فقال لها عبد الرحمن قد جعلت إلي فقالت نعم فتزوجها عبد الرحمن مكانه وكانت ثيبا فجاز ذلك ( بن وهب ) عن يونس عن ربيعة أنه قال وولي المرأة إذا ولته بضعها فأنكح نفسه وأحضر الشهود إذا أذنت له في ذلك فلا بأس به قال مالك وذلك جائز من عمل الناس
في انكاح الرجل ابنه الكبير والصغير وفي انكاح الرجل الحاضر الرجل الغائب ( قلت ) أرأيت ان زوج رجل ابنه ابنة رجل والابن ساكت حتى فرغ الأب من النكاح ثم أنكر الابن بعد ذلك النكاح وقال لم آمره أن يزوجني ولاأرضى ما صنع وإنما صمت لأني علمت أن ذلك لا يلزمني ( قال ) أرى أن يحلف ويكون القول قوله وقد قال مالك في الرجل الذي يزوج ابنه الذي قد بلغ فينكر إذا بلغه قال يسقط عنه النكاح ولا يلزمه من الصداق شيء ولا يكون على الأب شيء من الصداق فهذا عندي مثل هذا وان كان حاضرا رأيته وأجنبيا من الناس في هذا سواء إذا كان الابن قد ملك أمره ( قلت ) أرأيت الصبي الصغير إذا أعتقه الرجل فزوجه وهو صغير أيجوز عليه ما عقد مولاه عليه من النكاح وهو صغير أم لا ( قال إن قالت إنما تزوجت بعد انقضاء عدتي فالقول قولها ولكنها إن كانت مسترابة فلا تنكح حتى تذهب الريبة عنها أو يمضي لها من الأجل أقصى ما تلد لمثله النساء قلت فإن مضى لها من الأجل أقصى ما تلد لمثله النساء إلا أربعة أشهر فتزوجت فجاءت بولد بعد ما تزوجت الزوج الثاني بخمسة أشهر أيلزمه الأول أم الآخر قال أرى أن ) لا يجوز ذلك عليه في رأيي ( قلت ) وكذلك ان أعتق صبية فزوجها ( قال ) نعم لا يجوز ذلك عند مالك والجارية التي لا شك فيها لأن الوصي لا يزوجها وان كانت صغيرة حتى تبلغ وأما الغلام فإن الوصي يزوجه وان كان صغيرا قبل أن يبلغ فيجوز ذلك عليه عند مالك على وجه النظر له لأنه يبيع له ويشتري له فيجوز ذلك عليه ( قلت ) فالصغيرة قد يجوز بيع الوصي وشراؤه عليها فلم لا يجيز مالك انكاحه إياها ( قال ) لأن النبي صلى
____________________
(4/173)
________________________________________
الله عليه وسلم قال الا يم أحق نفسها والبكر تستأمر في نفسها واذنها صماتها فإذا كانت لها المشورة لم يجز للوصي أن يقطع عنها المشورة التي في نفسها قال وكذلك قال لي مالك ( قلت ) أرأيت الوصي أيجوز له أن ذمية أسلمت تحت ذمي فمات الذمي وهي في عدتها أتنتقل إلى عدة الوفاة في قول مالك قال قال مالك لو طلقها ألبتة لم يلزمها من ذلك شيء فهذا يدلك على أنها لا تنتقل إلى عدة الوفاة قلت ولا يكون لها من المهر شيء إن لم يكن دخل بها حتى مات في عدتها أو لم يمت قال نعم لا شيء لها من مهرها وهو قول مالك وقد قال الله تبارك وتعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا فإنما أراد بهذا المسلمين ولم يرد بهذا من على غير الإسلام قلت أرأيت إن توفي عنها زوجها فكانت في عدة الوفاة فتزوجت زوجا في عدتها وظهر بها حمل قال قال مالك إن كان دخل زوجها بها قبل أن تحيض فالولد للأول وإن كان بعد حيضة أو حيضتين فالولد للآخر إذا ولدته لتمام ستة أشهر من يوم دخل بها زوجها قال بن القاسم وأرى أنه إن كان دخل بها قبل أن تحيض فالعدة وضع الحمل كان أقل من أربعة أشهر وعشر أو أكثر وكان الولد للأول وإن كان بعد حيضة أو حيضتين وقد ولدته لستة أشهر من يوم دخل بها الآخر فالعدة وضع الحمل وهو آخر الأجلين والولد ولد الآخر قال بن القاسم قال مالك في امرأة تزوجت في عدتها قال إن كان دخل بها قبل أن تحيض حيضة أو حيضتين فالولد للأول وإن كان بعد ما حاضت حيضة أو حيضتين فالولد للآخر إذا أتت به لتمام ستة أشهر من يوم دخل بها قال بن القاسم وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم دخل بها الآخر كان للأول سحنون وقال غيره كان من تزوجها في العدة إذا فرق بينهما وقد دخل بها لم يتناكحا أبدا ألا ترى أنه لو أسلم وهي في العدة كانت زوجة له وإذا لم يسلم حتى تنقضي عدتها بانت منه ولم يكن له إليها سبيل مثل الذي يطلق وله الرجعة فتتزوج امرأته قبل أن ترجع فهي متزوجة في عدة في عدة المرأة ينعى لها زوجها فتتزوج تزويجا فاسدا ثم يقدم أين تعتد قلت أرأيت لو أن امرأة ينعى لها زوجها فتزوجت ودخل بها زوجها الآخر ثم قدم زوجها الأول قال قال مالك ترد إلى زوجها الأول ولا يكون للزوج الآخر خيار ولا غير ذلك ولا تترك مع زوجها الآخر قال مالك ولا يقربها زوجها الأول حتى تحيض ثلاث حيض إلا أن تكون حاملا حتى تضع حملها وإن كانت قد يئست من المحيض فثلاثة أشهر وقال مالك وليست هذه بمنزلة امرأة المفقود وذلك أنها كذبت وعجلت ولم يكن إعذار من تربص ولا تفريق من إمام قلت فهل يكون على هذه في البيتوتة عن بيتها مثل ما يكون على المطلقة قال سألت مالكا عن الرجل ينكح اماء الصبيان وعبيدهم ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى انكاحه إياهم جائزا على وجه النظر منه لليتامى وطلب الفضل لهم ( قلت ) أرأيت الرجل هل يجوز له أن ينكح عبيد صبيانه وإماءهم بعضهم من بعض أو من الاجنبيين في قول مالك ( قال ) قال مالك يجوز له أن ينكحهم هم أنفسهم وهم صغار ويكون ذلك عليهم جائزا فأرى انكاحه جائزا على عبيدهم وإمائهم إذا كان ذلك يجوز له في ساداتهم ففي عبيدهم وإمائهم أجوز إذا كان ذلك على ما وصفت لك من طلب الفضل لهم ( قلت ) فهل يكره الرجل عبده على النكاح ( قال ) قال مالك نعم يكره الرجل عبده على النكاح ويجوز ذلك على العبد وكذلك الأمة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أتى إلى امرأته فقال لها ان فلانا أرسلني إليك يخطبك وأمرني أن أعقد نكاحك ان رضيت فقالت قد رضيت ورضي وليها فأنكحه وضمن هذا الرسول الصداق ثم قدم فلان فقال ما أمرته ( قال ) قال مالك لا يثبت النكاح ولا يكون على الرسول شيء من الصداق الذي ضمن
فيمن وكل رجلا على تزويجه ( قلت ) أرأيت إن أمر رجل رجلا أن يزوجه فلانة بألف درهم فذهب المأمور فزوجها إياه بألفي درهم فعلم بذلك قبل أن يبتني ( قال ) قال مالك يقال للزوج ان رضيت بالألفين وإلا فلا نكاح بينكما إلا أن ترضى هي بالألف فيثبت النكاح ( قلت ) فتكون فرقهما تطليقة أم لا ( قال ) نعم تكون طلاقا ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم هو قول مالك إلا ما سألت عنه من الطلاق فإنه رأيي
وقال أشهب تكون فرقهما طلاقا قالسحنون وبه آخذ ( قلت ) فإن لم يعلم الزوج بما زاد المأمور من المهر ولم تعلم المرأة أن الزوج لم يأمره إلا بألف درهم وقد دخل بها ( قال ) بلغني
____________________
(4/174)
________________________________________
أن مالكا قال لها الألف على الزوج ولا يلزم المأمور شيء لأنها صدقته والنكاح ثابت فيما بينهما وإنما جحدها الزوج تلك الألف الزائدة ( قلت ) أرأيت إن قال الرسول لا والله ما أمرني الزوج إلا بألف وأنا زدت الألف الأخرى ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ذلك لازما للمأمور والنكاح ثابت فيما بينهما إذا كان قد دخل بها ( قلت ) لم جعلت الألف الزائدة على المأمور حين قال لم يأمرني الزوج بهذه الزائدة ( قال ) لأنه أتلف بضعها بما لم يأمره به الزوج فما زاد على ما أمره به الزوج فهو ضامن لما زاد ( قلت ) ولم لا يلزم الزوج الألف الأخرى التي زعم المأمور أنه قد أمره بها وأنكرها الزوج ( قال ) لأن المرأة هي التي تركت أن تبين للزوج المهر قبل أن يدخل بها ولو أنه جحد ذلك قبل أن يدخل بها لم يلزمه إلا الألف إن رضيت أقامت على الألف وان سخطت فرق بينهما ولا شيء لها وكذلك قال مالك ( قلت ) أرأيت إن علم الزوج بأن المأمور قد زوجه على الفين فدخل على ذلك وقد علمت المرأة أن الزوج إنما أمر المأمور على الألف فدخلت عليه وهي تعلم ( قال ) علم المرأة وغير علمها سواء أرى أن يلزم الزوج في رأيي إذا علم فدخل بها الألفان جميعا ألا ترى لو أن رجلا أمر رجلا يشتري له جارية فلان بألف درهم فاشتراها له بألفي درهم فعلم بذلك فأخذها فوطئها وخلا بها ثم أراد أن لا ينقد فيها إلا الألف لم يكن له ذلك وكانت عليه الألفان جميعا وإن كان قد علم سيدها بما زاد المأور أو لم يعلم فهو سواء وعلى الآمر الألفان جميعا ( قلت ) أرأيت الرسول لم لم يلزمه مالك إذا دخل بها الألف التي زعم الزوج أنه زادها على ما أمره به ( قال ) لأنها أدخلت نفسها عليه ولو شاءت تبينت من الزوج قبل أن يدخل بها والرسول ها هنا لا يلزمه شيء وإنم هو شيء جحده الزوج المأمور ورضيت المرأة بأمانة المأمور وقوله في ذلك ( قلت ) وسواء إن قال زوجني فلانة بألف درهم أو قال زوجني ولم يقل فلانة بألف ( قال ) هذا كله سواء في رأيي ( قلت ) أرأيت إن قال الرسول أنا أعطي الألف التي زدت عليك أيها الزوج وقال الزوج لا أرضى إنما أمرتك أن تزوجني بألف درهم ( قال ) لا يلزم
____________________
(4/175)
________________________________________
الزوج النكاح في رأيي لأنه يقول إنما أمرتك أن تزوجني بألف درهم فلا أرضى أن يكون نكاحي بألفين
في العبد والنصراني والمرتد يعقدون نكاح بناتهم ( قلت ) أرأيت العبد والمكاتب هل يجوز لهما أن يزوجا بناتهما أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يجوز لهما ذلك ( قال مالك ) ولا يجوز للعبد ولا للمكاتب أن يعقد انكاح بناتهما ولا أخواتهما ولا أماتهما ولا امائهما ( قال مالك ) ولا يجوز أن يعقد النصراني نكاح المسلمة ( قال ) وسألنا مالكا عن النصرانية يكون لها أخ مسلم فخطبها رجل من المسلمين أيعقد نكاحها هذا الأخ ( قال مالك ) أمن نساء أهل الجزية هي قلنا نعم
قال مالك لا يجوز له أن يعقد نكاحها وماله ومالها قال الله مالكم من ولايتهم من شيء ( قلت ) فمن يعقد نكاحها عليه أهل دينها أم غيرهم ( قال بن القاسم ) أرى أن يعقد النصراني نكاح وليته النصرانية لمسلم إن شاء ( قال مالك ) ولا تعقد المرأة النكاح على أحد من الناس وتعقد النكاح لابنتها ولكن تستخلف رجلا فيزوجها ويجوز أن تستخلف أجنبيا وان كان أولياء الجارية حضورا إذا كانت وصية لها ( قلت ) أرأيت العبد والنصراني والمكاتب والمدبر والمعتق بعضه إذا زوج أحد من هؤلاء ابنته البكر برضاها وابنة النصراني مسلمة ( قال ) قال مالك لا يجوز هذا النكاح لأن هؤلاء ليسوا ممن يعقد عقدة النكاح ( قال مالك ) وإن دخل بها فسخ هذا النكاح على كل حال وكان لها المهر بالمسيس ( قلت ) أرأيت المرتد هل يعقد النكاح على بناته الابكار في قول مالك ( قال ) لا يعقد في رأيي ألا ترى أن ذبيحته لا تؤكل وإنه على غير الإسلام ولو كان أبوها ذميا وهي مسلمة لم يجز أن يعقد نكاحها فالمرتد أيضا أن لا يجوز أخرى ألا ترى أن المرتد لا يرثه ورثته من المسلمين ولا غيرهم عند مالك
فهذا يدلك على أن ولا يته قد انقطعت حين قال لا يرثه ورثته من المسلمين ولا يرثهم ( قلت ) أرأيت المكاتب أيجوز له بأمر من يعقد نكاح امائه في قول مالك ( قال ) قال مالك إن كان ذلك منه على ابتغاء الفضل جاز ذلك
____________________
(4/176)
________________________________________
وإلا لم يجز إذا رد ذلك السيد ( قال ) وقال مالك لا يتزوج المكاتب إلا باذن سيده ( قال سحنون ) وقد قال بعض الرواة عن مالك ألا ترى أن جميع من سميت لك ليس بولي ولا يجوز عقد إلا بولي ولأنه لما لم يكن عاقده الذي له العقد من الأولياء هو ابتدأه لم يجز وإنما يجوز إذا كانت المرأة والعبد مستخلفين على انكاح من يجوز له الاستخلاف على من استخلف عليه مثل الولي يأمر المرأة والعبد بتزويج وليته فيجوز لهما الاستخلاف على من يعقد ذلك بذلك مضى الأمر وجاءت به الآثار والسنة ( وذكر ) بن وهب عن بن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن القرشي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى ميمونة يخطبها فجعلت ذلك إلى أم الفضل فولت أم الفضل العباس بن عبد المطلب فأنكحها إياه العباس ( بن وهب ) عن يونس أنه سأل بن شهار عن المرأة هل تلي عقدة نكاح مولاتها أو أمتها ( قال ) ليس للمرأة أن تلي عقدة النكاح إلا أن تأمر بذلك رجلا ( قال بن شهاب ) يجوز للمرأة ما ولت غير ألأنه ليس من السنة أن تنكح المرأة المرأة ولكن تأمر رجلا فينكحها فإن أنكحت امرأة امرأة رد ذلك النكاح ( بن وهب ) عن مسلمة بن علي أن هشام بن حسان حدثه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها ( قال مالك وتعاض من تلذذه بها إن كان تلذذ منها بشيء قال مالك ولا يكون ) في العبد يزوج ابنته الحرة ثم يريد أولياؤها اجازة ذلك قال لا يجوز نكاح قد ولى عقده عبد وأراه مفسوخا وهو خاطب وذلك أن المرأة أعظم حرمة من أن يلي عقدة نكاحها غير ولي فإن أنكحت فسخ النكاح ورد والعبد يستخلفه الحر على البضع فيستخلف العبد من يعقد النكاح والمرأة إذا أمرت رجلا فزوج وليتها جاز
في التزويج بغير ولي ( قلت ) أرأيت الرجل إذا تزوج المرأة بغير أمر الولي بشهود أيضرب في قول مالك الزوج والمرأة والشهود والذي زوجها أم لا ( قال ) سمعت مالكا يسئل عنها فقال أدخل بها فقالوا لا وأنكر الشهود أن يكونوا حضروا فقالوا لم يدخل بها فقال
____________________
(4/177)
________________________________________
لا عقوبة عليهم إلا أني رأيت منه أن لو دخل بها لعوقبوا المرأة والزوج والذي أنكح ( قلت ) والشهود ( قال ) بن القاسم نعم والشهود إن علموا ( قلت أرأيت إن قدم زوجها الأول بعد الأربع سنين وبعد الأربعة أشهر والعشر أتردها إليه في قول مالك ويكون أحق بها قال نعم قلت أفتكون عنده على تطليقتين قال لا ولكنها عنده على ثلاث تطليقات عند مالك وإنما تكون عنده على تطليقتين إذا هي رجعت إليه بعد زوج قلت أرأيت المفقود إذا ضرب السلطان لامرأته أربع سنين ثم اعتدت أربعة أشهر وعشرا أيكون هذا الفراق تطليقة أم لا قال إن تزوجت ودخل بها فهي تطليقة قلت فإن جاء زوجها حيا قبل أن تنكح بعد الأربعة أشهر وعشر أتمنعها من النكاح قال نعم وهي امرأته على حالها وبعد ما نكحت قبل أن يدخل بها يفرق بينها وبين زوجها الثاني وتقيم على زوجها الأول قال سحنون فإن تزوجت بعد الأربعة أشهر وعشر ثم جاء موته أنه قد مات بعد أربعة أشهر وعشر أترثه أم لا قال إن انكشف أن موته بعد نكاحها وقبل دخوله بها ورثت زوجها الأول لأنه مات وهو أحق بها فهو كمجيئه أن لو جاء أو علم أنه حي وفرق بينها وبين الآخر واعتدت من الأول من يوم مات لأن عصمة الأول لم تسقط وإنما تسقط بدخول الآخر بها وكذلك لو مات الزوج الآخر قبل دخوله بها فورثته ثم انكشف أن الزوج الأول مات بعده أو قبله بعد نكاحه أو جاء أن الزوج الأول حي بطل ميراثها مع هذا الزوج وردت إلى الأول إن كان حيا وأخذت ميراثه إن كان ميتا فإن انكشف أن موته بعد ما دخل بها الآخر فهي زوجة الآخر ولا يفرق بينهما لأنه استحل الفرج بعد الإعذار من السلطان وضرب المدد والمفقود حين فقد انقطعت عصمة المفقود وإنما موته في تلك الحال كمجيئه لو جاء ولا ميراث لها من الأول وإن انكشف أنها تزوجت بعد ضرب الأجل وبعد الأربعة الأشهر والعشر بعد موت المفقود في عدة وفاته ودخل بها الآخر في تلك العدة فرق بينها وبين الآخر ولم يتناكحا أبدا وورث الأول وإن لم يكن دخل بها فرق بينهما وورث الأول وكان خاطبا من الخطاب إن كانت عدتها من الأول قد انقضت لأن عمر بن الخطاب فرق بين المتزوجين في العدة في العمد والجهل وقال لا يتناكحان أبدا وهذا المسلك يأخذ بالذي طلق وارتجع فلم تعلم بالرجعة حتى انقضت العدة وتزوجت زوجا في موتهما وفي ميراثهما وفي فسخ النكاح وإن انكشف أن موت المفقود وانقضاء عدة موته قبل تزويج الآخر ورثت المفقود وهي زوجة الأخير كما هي قال وقال مالك في امرأة المفقود إذا ضرب لها أجل أربع سنين ثم تزوجت بعد أربعة أشهر وعشر ودخل بها ثم مات زوجها هذا الذي تزوجها ودخل بها ثم قدم المفقود فأراد أن يتزوجها بعد ذلك أنها عنده على تطليقتين إلا أن يكون طلقها قبل ذلك ضرب أجل المفقود قلت أرأيت امرأة المفقود أتعتد الأربع سنين في قول مالك بغير أمر السلطان قال قال مالك لا قال مالك وإن أقامت عشرين سنة ثم رفعت أمرها إلى السلطان نظر فيها وكتب إلى موضعه الذي خرج إليه فإذا يئس منه ضرب لها من تلك الساعة أربع سنين فقيل لمالك هل تعتد بعد الأربع سنين عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا من غير أن يأمرها السلطان بذلك قال نعم ما لها وما للسلطان في الأربعة أشهر وعشر التي هي العدة وحدثنا سحنون عن بن القاسم عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا ثم تحل سحنون عن بن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن بن شهاب أن عمر بن الخطاب ضرب للمفقود من يوم جاءت امرأته أربع سنين ثم أمرها أن تعتد عدة المتوفى عنها زوجها ثم تضع في نفسها ما شاءت إذا انقضت عدتها وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن المفقود الذي لا يبلغه السلطان ولا كتاب سلطان فيه قد أضل أهله وإمامه في الأرض فلا يدرى أين هو وقد تلوموا في طلبه والمسألة عنه فلم يوجد فذلك الذي يضرب الإمام فيما بلغنا لامرأته الأجل ثم تعتد بعدها عدة الوفاة يقولون إن جاء زوجها في عدتها أو بعد العدة ما لم تنكح فهو أحق بها وإن نكحت بعد العدة ودخل بها فلا سبيل له عليها حدثني سحنون عن بن القاسم عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال في المرأة يطلقها زوجها وهو غائب ثم يراجعها فلا تبلغها رجعته إياها وقد بلغها طلاقها فتتزوج أنه إن دخل زوجها الآخر قبل أن يدركها زوجها الأول فلا سبيل لزوجها الأول الذي طلقها إليها قال مالك وعلى هذا الأمر عندنا في هذا وفي المفقود قال مالك وقد بلغني أن عمر بن الخطاب قال فإن تزوجت ولم يدخل بها الآخر فلا سبيل لزوجها الأول إليها قال مالك وهذا أحب ما سمعت إلي في هذا وفي المفقود ومع هذا إن جل الآثار عن عمر بن الخطاب إنما فوت التي طلق في المدخول بها النفقة على امرأة المفقود من مال المفقود قلت أرأيت المفقود أينفق على امرأته من ماله في الأربع سنين قال قال مالك ينفق على امرأة المفقود الأربع سنين قلت ففي الأربعة أشهر وعشر بعد الأربع سنين قال لا لأنها معتدة قلت أينفق على ولده الصغار وبناته في الأربع سنين في قول مالك قال قال مالك نعم قلت أينفق على ولده الصغار وبناته في الأربعة أشهر وعشر التي جعلتها عدة لامرأته قلت أرأيت المفقود إن كان له ولد صغار ولهم مال أينفق عليهم من مال أبيهم قال لا ينفق عليهم من مال أبيهم لأن مالكا قال إذا كان للصغير مال لم يجبر الأب على نفقته قلت أرأيت إن أنفقت على ولد المفقود وعلى امرأته من مال المفقود أربع سنين أنأخذ منهم كفيلا في ذلك في قول مالك قال لا قلت فإن علم أنه قد مات قبل ذلك وقد أنفق على أهله وولده في الأربع سنين قال قال مالك في امرأة المفقود إذا أنفقت من ماله في الأربع سنين التي ضرب لها السلطان أجلا لها ثم أتى العلم بأنه قد مات قبل ذلك غرمت ما أنفقت من يوم مات لأنها قد صارت وارثا ولم يكن فيه تفريط ونفقتها من مالها قلت فإن مات قبل السنين التي ضرب السلطان أجلا للمفقود أترد ما أنفقت من يوم مات قال نعم وكذلك المتوفى عنها زوجها ترد ما أنفقت بعد الوفاة قلت أرأيت ما أنفق على ولد المفقود ثم جاء علمه أنه مات قبل ذلك قال هو مثل ما قال مالك في المرأة أنهم يردون ما أنفقوا بعد موته سحنون ومعناه إذا كان لهم أموال في ميراث المفقود قال وقال مالك لا يقسم ميراث المفقود حتى يأتي موته أو يبلغ من الزمان ما لا يحيا إلى مثله فيقسم ميراثه من يوم يموت وذلك اليوم يقسم ميراثه قلت أرأيت إن جاء موته بعد الأربعة أشهر وعشر من قبل أن تنكح أتورثها منه في قول مالك أم لا قال نعم ترثه عند مالك قلت فإن تزوجت بعد أربعة أشهر وعشر ثم جاء موته أنه مات بعد الأربعة أشهر وعشر قال إن جاء أن موته بعد نكاح الآخر وقبل أن يدخل بها هذا الثاني ورثته وفرق بينهما واستقبلت عدتها من يوم مات وإن جاء أن موته بعد ما دخل بها زوجها الثاني لم يفرق بينهما ولا ميراث لها منه إلا أن يكون يعلم أنها قد تزوجت بعد موته في عدة منه فإنها ترثه ويفرق بينهما وإن كان قد دخل بها لم تحل له أبدا وإن تزوجت بعد انقضاء عدتها من موته لم يفرق بينها وبين زوجها الثاني وورثت زوجها المفقود وهذا كله الذي سمعت من مالك قلت أرأيت المفقود إذا هلك بن له في السنين التي هو فيها مفقود أيورث المفقود من ابنه هذا في قول مالك قال لا يرثه عند مالك قلت فإذا بلغ هذا المفقود من السنين ما لا يعيش إلى مثلها فجعلته ميتا أتورث ابنه الذي مات في تلك السنين من هذا المفقود في قول مالك قال لا يرثه عند مالك وإنما يرث المفقود ورثته الأحياء يوم جعلته ميتا قال وهذا قول مالك قلت أرأيت إن مات بن المفقود أيقسم ماله بين ورثته ساعتئذ ولا يورث المفقود منه ويوقف حظ الأب منه خوفا من أن يكون المفقود حيا وما قول مالك في هذا قال يوقف نصيب المفقود فإن أتى كان أحق به وإن بلغ من السنين ما لا يحيا إلى مثلها رد إلى الذين ورثوا ابنه الميت يوم مات ويقسم بينهم على مواريثهم قال مالك لا يرث أحد أحدا بالشك في العبد يفقد قلت أرأيت لو أن عبدا لي فقد وله أولاد أحرار فأعتقته بعد ما فقد العبد أيجر ولاء ولده الأحرار من امرأة حرة أم لا قال لا يجر ولاء ولده الأحرار من امرأة حرة لأنا لا ندري إن كان يوم أعتقه حيا أم لا ألا ترى أن مالكا قال في المفقود إذا مات بعض ولده أنه لا يرث المفقود من مال ولده هذا الميت شيئا إذا لم يعلم حياة المفقود يوم يموت ولده هذا لأنا لا ندري لعل المفقود يوم يموت ولده هذا كان ميتا ولكن يوقف قدر ميراثه فكذلك الولاء على ما قال لي مالك في الميراث إن سيد العبد لا يجر الولاء حتى يعلم أن العبد يوم أعتقه السيد حي قلت أرأيت العبد الذي فقد فأعتقه سيده إذا مات بن له حر من امرأة حرة أيوقف ميراثه أم لا في قول مالك قال أحسن ما جاء فيه وما سمعت من مالك أنه يؤخذ من الورثة حميل بالمال إن جاء أبوهم دفعوا حظهم من هذا المال بعد ما يتلوم للأب ويطلب قلت فإذا فقد الرجل الحي فمات بعض ولده أيعطى ورثة الميت المال بحميل بنصيب المفقودة وأنصبائهم قال لا ولكن يوقف نصيب المفقود قلت ما فرق ما بينهما قال لأن مالكا قال لا يورث أحد بالشك والحر إذا فقد فهو وارث هذا الابن الميت إلا أن يعلم أن الأب المفقود قد مات قبل هذا الابن وأما العبد الذي أعتق فإنما ورثه هذا الابن الحر من الحرة إخوته وأمه دون الأب لأنه عبد حتى يعلم أن العبد قد مسه العتق قبل موت الابن والعبد لما فقد لا يدرى أمسه العتق أم لا لأنا لا ندري لعله كان ميتا من يوم أعتقه سيده فلذلك رأيت أن يدفع المال إلى ورثة بن العبد ويؤخذ بذلك منهم حميل ورأيت في ولد الحر أن يوقف نصيب المفقود ولا يعطى ورثة ابنه الميت نصيب المفقود بحمالة فهذا فرق ما بينهما وهو قول مالك أنه لا يورث أحد بالشك فلذلك رأيت أن يدفع المال إلى ورثة بن العبد ويؤخذ منهم بذلك حميل ورأيت في ولد الحر أن يوقف نصيب المفقود ألا ترى في مسألتك في بن العبد أن ورثته الأحرار كانوا ورثته إذا كان أبوهم في الرق فهم ورثته على حالتهم حتى يعلم أن الأب قد مسه العتق قلت أرأيت قول مالك لا يرث أحد بالشك أليس ينبغي أن يكون معناه أنه من جاء يأخذ المال بوراثة يدعيها فإن شككت في وراثته وخفت أن يكون غيره وارثا دونه لم أعطه المال حتى لا أشك أنه ليس للميت من يدفع هذا عن الميراث الذي يريد أخذه قال إنما معنى قول مالك لا أورث أحدا بالشك إنما هو في الرجلين يهلكان جميعا ولا يدرى أيهما مات أولا وكل واحد منهما وارث صاحبه إنه لا يرث واحد منهما صاحبه وإنما يرث كل واحد منهما ورثته من الأحياء قلت فأنت تورث ورثة كل واحد منهما بالشك لأنك لا تدري لعل الميت هو الوارث دون هذا الحي قال الميتان في هذا كأنهما ليسا بوارثين وهما اللذان لا يورث مالك بالشك وأما هؤلاء الأحياء فإنما ورثناهم حيث طرحنا الميتين فلم يورث بعضهما من بعض فلم يكن بد من أن يرث كل واحد منهما ورثته من الأحياء فالعبد عنده إذا لم يكن يدري أمسه العتق أو لا فهو بمنزلة الميتين لا أورثه حتى أستيقن أن العتق قد مسه القضاء في مال المفقود ووصيته وما يصنع بماله إذا كان في يد الورثة قلت أرأيت ديون المفقود إلى من يدفعونها قال يدفعونها إلى السلطان قلت ولا يجزئهم أن يدفعوها إلى ورثته قال لا لأن الورثة لم يرثوه بعد قلت أرأيت المفقود إذا فقد وماله في يدي ورثته أينزعه السلطان منهم ويوقفه قال مالك يوقف مال المفقود إذا فقد فالسلطان ينظر في ذلك ويوقفه ولا يدع أحدا يفسده ولا يبذره قلت أرأيت المفقود إذا كان ماله في يد رجل قد كان المفقود داينه أو استودعه إياه أو قارضه به أو أعاره متاعا أو أسكنه في داره وأجره إياها أو ما أشبه هذا أينزع السلطان هذه الأشياء من يد من هي في يده أم لا يعرض لهم السلطان قال أما ما كان من إجارة فلا يعرض لها حتى تتم الإجارة وأما ما كان من عارية فإن كان لها أجل فلا يعرض لها حتى يتم الأجل وما كان من دار سكنها فلا يعرض لمن هي في يده حتى تتم سكناه وما استودعه أو داينه أو قارضه فإن السلطان ينظر في ذلك ويستوثق من مال المفقود ويجمعه له ويجعله حيث يرى لأنه ناظر لكل غائب ويوقفه وكذلك الإجارات والسكنى وغيرها إذا انقضت آجالها صنع فيها السلطان مثل ما وصفت لك ويوقفها ويحرزها على الغائب قلت وإن كان قد قارض رجلا إلى أجل ثم فقد قال القراض لا يصلح فيه الأجل عند مالك وهذا قراض فاسد لا يحل فالسلطان يفسخ هذا القراض ولا يقره ويصنع في ماله كله مثل ما وصفت لك ويوكل رجلا بالقيام في ذلك أو يكون في أهل المفقود رجل يرضاه فيوكله فينظر في ذلك القاضي للغائب قلت ولم قلت في العارية إذا كان لها أجل أن السلطان يدعها إلى أجلها في يد المستعير قال لأن المفقود نفسه لو كان حاضرا فأراد أن يأخذ عاريته قبل محل الأجل لم يكن له ذلك عند مالك لأنه أمر أوجبه على نفسه فليس له أن يرجع فيه فلذلك لا يعرض فيه السلطان لأن المفقود نفسه لم يكن يستطيع رده ولأنه لو مات لم يكن للورثة أن يأخذوها منه فيمن استحق شيئا من مال المفقود قلت أرأيت لو أن رجلا باع خادما له ثم فقد فاعترفت الخادم في يد المشتري وللمفقود عروض أيعدى على العروض فيأخذ الثمن الذي دفعه إلى المفقود من هذه العروض قال نعم عند مالك لأن مالكا يرى القضاء على الغائب قلت أرأيت المفقود إذا اعترف متاعه رجل فأراد أن يقيم البينة أيجعل القاضي للمفقود وكيلا قال لا أعرف هذا من قول مالك إنما يقال لهذا الذي اعترف هذه الأشياء أقم البينة عند القاضي فإن استحققت أخذت وإلا ذهبت قلت أرأيت لو أن رجلا أقام البينة أن المفقود أوصى له بوصية أتقبل بينته قال نعم عند مالك فإن جاء موت المفقود وهذا حي أجزت له الوصية إذا حملها الثلث وإن بلغ المفقود من السنين ما لا يحيا إلى مثلها وهذا حي أجزت له الوصية قلت وكذلك إن أقام رجل البينة أن المفقود أوصى إليه قبل أن يفقد قال أقبل بينته وإذا جعلت المفقود ميتا جعلت هذا وصيا قلت فكيف تقبل بينته وهذا لم يجب له شيء بعد وإنما يجب لهما ذلك بعد الموت قال يقبلها القاضي لأن هذا الرجل يقول أخاف أن تموت بينتي قلت فإن قبل بينته ثم جاء المفقود بعد ذلك أتأمرهما بأن يعيدا البينة إن قد أجزتهما تلك البينة قال قد أجزتهما تلك البينة قلت أرأيت إذا ادعت امرأة أن هذا المفقود كان زوجها أتقبل بينتها أم لا قال نعم تقبل منها البينة لأن مالكا يرى القضاء على الغائب الأسير يفقد والمرأة تتزوج في العدة فيقبلها أو يباشرها في العدة قلت أرأيت الأسير يفقد في أرض العدو أهو بمنزلة المفقود في قول مالك قال لا والأسير لا تتزوج امرأته إلا أن ينعى أو يموت قال فقيل لمالك وإن لم يعرفوا موضعه ولا موقفه بعد ما أسر قال ليس هو بمنزلة المفقود ولا تتزوج امرأته حتى يعلم موته أو ينعى قلت ولم قال مالك في الأسير إذا لم يعرفوا أين هو إنه ليس بمنزلة المفقود قال لأنه في أرض العدو وقد عرف أنه قد أسر ولا يستطيع الوالي أن يستخبر عنه في أرض العدو فليس هو بمنزلة من فقد في أرض الإسلام قلت أرأيت الأسير يكرهه بعض ملوك أهل الحرب أو يكرهه أهل الحرب على النصرانية أتبين منه امرأته أم لا قال قال لي مالك إذا تنصر الأسير فإن عرف أنه تنصر طائعا فرق بينه وبين امرأته وإن أكره لم يفرق بينه وبين امرأته وإن لم يعلم أنه تنصر مكرها أو طائعا فرق بينه وبين امرأته وماله في ذلك كله يوقف عليه حتى يموت فيكون في بيت مال المسلمين أو يرجع الإسلام وقال ربيعة وبن شهاب إن تنصر ولا يعلم أمكره أو غيره فرق بينه وبين امرأته وأوقف ماله وإن أكره على النصرانية لم يفرق بينه وبين امرأته وأوقف ماله وينفق على امرأته من ماله قلت ) أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة بغير الولي أيكره له مالك أن يطأها حتى يعلم الولي بنكاحه فأما أن أجاز وأما أن رد ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن مالكا يكره له أن يقدم على هذا النكاح فكيف لا يكره له الوطء ( قلت ) أرأيت إن كانت امرأة من الموالي ذات شرف تزوجت رجلا من قريش ذا شرف ودين ومال بغير ولي إلا أنها استخلف على نفسها رجلا فزوجها إياه أيفسخ نكاحه أم لا ( قال ) أرى ان نكاحه يفسخ إن شاء الولي ثم إن أرادته زوجها منه السلطان إن أبي وليها أن يزوجها إياه إذا كان الذي دعت إليه صوابا ( قلت ) حديث عائشة حين زوجت حفصة بنت عبد الرحمن من المنذر بن الزبير أليس قد عقدت عائشة النكاح ( قال ) لا نعرف ما تفسيره إلا أنا نظن أنها وكلت من عقد نكاحها ( قلت ) أليس وان هي وكلت ينبغي أن يكون النكاح في قول مالك فاسدا وان أجازه والد الجارية عليه ( قال ) قد جاء هذا الحديث ولو صحبه عمل حتى يصل ذلك إلى من عنه أخذنا وأدركنا وعمن أدركوا لكان الأخذ به حقا ولكنه كفيره من الأحاديث مما لم يصحبه عمل وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطيب في الإحرام وما جاء عنه عليه السلام أنه قال لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن وقد أنزل الله حده على الإيمان وقطعه على الإيمان وروى عن غيره من أصحابه أشياء ثم لم تشتد ولم تقو وعمل بغيرها وأخذ عامة الناس والصحابة بغيرها فبقي الحديث غير مكذب به ولا معمول به وعمل بغيره مما صحبته الأعمال وأخذ به تابعو أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة وأخذ من التابعين على مثل ذلك عن غير تكذيب ولا رد لما جاتء وروى فيترك ما ترك العمل به ولا يكذب به ويعمل بما عمل به ويصدق به والعمل الذي ثبت وصحبته الأعمال قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تتزوج المرأة إلا بولي وقول عمر لا تتزوج المرأة إلا بولي وإن عمر فرق بين رجل وامرأة زوجها
____________________
(4/178)
________________________________________
غير ولي ( قلت ) أرأيت إذا تزوجت المرأة بغير ولي ففرق السلطان بينهما وطلبت المرأة إلى السلطان أن يزوجها منه مكانها أليس يزوجها منه مكانها في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان ذلك النكاح صوابا لا يكون سفيها أو من لا يرضى حاله ( سحنون ) وهذا إذا لم يكن دخل بها ( قلت ) فإن لم يكن مثلها في الغني واليسر ( قال ) يزوجها ولا ينظر في هذا وهذا قول مالك ( قلت ) وكذلك إن كان دونها في الحسب ( قال ) يزوجها ولا ينظر في حاله إذا كان مرضيا في دينه وحاله وعقله وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت إن تزوجت المرأة بغير أمر الولي فرقعت أمرها هي نفسها إلى السلطان قبل أن يحضر الولي أيكون له ما يكون للولي من التفرقة أم لا وقد كانت ولت أمرها رجلا فزوجها ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن ينظر السلطان في ذلك فإن كان مما لو شاء الولي أن يفرق بينهما فرق وإن شاء أن يتركه تركه بعث إلى الولي إن كان قريبا فيفرق أو يترك وإن كان بعيدا نظر السلطان في ذلك على قدر ما يرى مع اجتهاد أهل العلم فإن رأى الترك خيرا لها تركها وإن رأى التفرقة خيرا لها فرق بينه وبينها ( قال سحنون ) وقد قيل إن كان الولي بعيدا لا ينتظر بالمرأة في النكاح إذا أرادت النكاح قبل قدومه فالسلطان الولي وينبغي للسلطان أن نفرق بينهما ويعقد نكاحها إن أرادت عقدا مبتدأ ولا ينبغي أن يثبت على نكاح عقده غير ولي في ذات الحال والقدر ( قلت ) لابن القاسم أرأيت التي تتزوج بغير أمر الولي فأتى الولي ففرق بينهما أتكون الفرقة بينهما عند غير السلطان أم لا ( قال ) أرى أن الفرقة في مثل هذا لا تكون إلا عند السلطان إلا أن يرضى الزوج بالفرقة ( قلت ) أرأيت لو أن امرأة زوجت نفسها ولم تستخلف عليها من يزوجها فزوجت نفسها بغير أمر الولي وهي ممن لا خطب لها أو هي ممن لها الخطب ( قال ) قال مالك لا يقر هذا النكاح أبدا على حال وإن تطاول وولدت منه أولادا لأنها هي عقدت عقدة النكاح فلا يجوز ذلك على حال ( قالابن القاسم ) ويدرأ الحد ( قلت ) أرأيت لو أن امرأة زوجها وليها من رجل فطلقها ذلك الرجل ثم خطبها
____________________
(4/179)
________________________________________
بعد أن طلقها فتزوجته بغير أمر الولي استخلفت على نفسها رجلا فزوجها ( قال ) لا يجوز إلا باذن الولي والنكاح الأول والآخر سواء ( قلت ) أرأيت أم الولد إذا أعتقها سيدها ولها منه أولاد رجل فاستخلفت على نفسها مولاها فزوجها فأراد أولادها منه أن يفرقوا بينها وبينه وقالوا لا نجيز النكاح ( قال ) ليس ذلك لهم في رأي لأن المولى ها هنا ولي ولأن مالكا قد أجاز نكاح الرجل يتزوج المرأة هو من فخذها من العرب وإن كان ثم من هو أقرب إليها وأقعد بها منه والمولى الذي له الصلاح توليه أمرها وإن كانت من العرب ولها أولياء من العرب ( قال ) مالك وهؤلاء عندي تفسير قول عمر بن الخطاب أو ذو الرأي من أهلها وهم هؤلاء فالمولى يزوجها وإن كان لها ولد فيجوز على الأولاد وإن أنكروا فهو ان زوجها من نفسه أو من غيره فذلك جائز فيما أخبرتك من قول مالك ( قال سحنون ) وقد بينا من قوله وقول الرواة ما دل على أصل مذهب مالك ( قلت ) أرأيت الأمة إذا تزوجت بغير اذن مولاها ( قال ) قال مالك لا يترك هذا النكاح على حال دخل بها أو لم يدخل بها وإن رضي السيد بذلك لم يجز أيضا إلا أن يبتدئ نكاحا من ذي قبل وإن كان بعد انقضاء العدة وإن كان قد وطئها زوجها
____________________
(4/180)
________________________________________
كتاب النكاح الثاني في النكاح الذي يفسح بطلاق وغير طلاق ( قلت ) أرأيت كل نكاح يكون لواحد من الزوجين أو الولي أن يفرق بينهما فإن رضي ثبت النكاح ففرق بينهما الذي له الفرقة في ذلك أيكون فسخا أم طلاقا في قول مالك ( قال ) يكون هذا طلاقا كذلك قال لي مالك إذا كان إلى أد من الناس أن يقر النكاح ان أحب فيثبت أو يفرق فتقع الفرقة إنه إن فرق كانت تطليقة بائنة ( قلت ) وكل نكاح لا يقر عليه أهله على حال يكون فسخا بغير طلاق في قول مالك قال نعم ( قال سحنون ) وهو قول أكثر الرواة إن كل نكاح كانا مغلوبين على فسخه مثل نكاح الشغار ونكاح المحرم ونكاح المريض وما كان صداقه فاسدا فأدرك قبل الدخول والذي عقد بغير صداق فكانا مغلوبين على فسخه فالفسخ فيه في جميع ما وصفنا بغير طلاق ( قال سحنون ) وهو قول عبد الرحمن غير مرة ثم رأى غير ذلك لرواية بلغته عنه والذي كان يقول به عليه أكثر الرواة
وما كان فسخه بغير طلاق فلا ميراث فيه وأما ما عقدته المرأة على نفسها أو على غيرها وما عقده العبد على غيره فإن هذا يفسخ دخل بها أو لم يدخل بغير طلاق ولا ميراث فيه ( قلت ) أرأيت النكاح الذي لا يقر عليه صاحبه على حال لأنه فاسد فدخل بها أيكون لها المهر الذي سمى لها أم يكون لها مهر مثلها ( قال ) يكون لها المهر الذي سمي إذا كان مثل نكاح الأخت والأم من الرضاعة أو من النسب قال فإنما لها ما سمى من
____________________
(4/181)
________________________________________
الصداق ولا يلتفت إلى مهر مثلها ( قلت ) وهذا قول مالك قال نعم ( قلت ) أرأيت الذي تزوجها بغير ولي أيقع طلاقه عليها قبل أن يجيز الولي النكاح دخل بها أو لم يدخل بها ( قال ) نعم قال وبهذا يستدل على الميراث في هذا النكاح لأن مالكا قال كل نكاح إذا أراد الأولياء أو غيرهم أن يجيزوه جاز فالفسخ فيه تطليقة فإذا طلق هو جاز الطلاق والميراث بينهما في ذلك ( قلت ) أرأيت هذه التي تزوجت بغير ولي إن هي اختلعت منه قبل أن يجيز الولي النكاح على مال دفعته إلى الزوج أيجوز للزوج هذا المال الذي أخذ منها إن أبى الولي فقال لا أجيز عقدته ( قال ) نعم أراه جائزا لأن طلاقه وقع عليها بما أعطته فالمال له جائز ( قلت ) أرأيت المرأة إذا تزوجت بغير ولي فطلقها بعد الدخول أو قبل الدخول أيقع طلاقه عليها في قول مالك قال أشهب لأنه يصيب ببقية ما بقي من ذكره وأراه يحصن امرأته ويحصن هو بذلك الوطء قال بن القاسم وأما المجبوب فلا أحفظ الساعة عن مالك في عدة الطلاق شيئا إلا أنه إن كان ممن لا يمس امرأة فلا عدة عليها في الطلاق وأما في الوفاة فعليها أربعة أشهر وعشر على كل حال قلت أرأيت الصغيرة إذا كان مثلها لا يوطأ فدخل بها زوجها فطلقها هل عليها عدة من الطلاق وعليها في الوفاة العدة قال مالك لا عدة عليها من الطلاق وقال مالك وعليها في الوفاة العدة لأنها من الأزواج وقد قال الله والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا عدة المرأة تنكح نكاحا فاسدا قلت أرأيت المرأة يموت عنها زوجها ثم يعلم أن نكاحها كان فاسدا هل عليها الإحداد قال قال مالك لا إحداد عليها ولا عدة وفاة وعليها ثلاث حيض استبراء لرحمها ولا ميراث لها ويلحق ولدها بأبيه ولها الصداق كله الذي سمى لها الزوج ما قدم إليها وما كان منه مؤخرا فجميعه لها في عدة المطلقة والمتوفى عنهن أزواجهن في بيوتهن والانتقال من بيوتهن إذا خفن على أنفسهن قلت أرأيت المطلقة والمتوفى عنها زوجها إن خافت على نفسها أيكون لها أن تتحول في عدتها في قول مالك قال قال مالك إذا خافت سقوط البيت فلها أن تتحول وإن كانت في قرية ليس فيها مسلمون وهي تخاف عليها اللصوص وأشباه ذلك ممن لا يؤمن عليها في نفسها فلها أن تتحول أيضا وأما غير ذلك فليس لها أن تتحول قلت أرأيت إن كانت في مصر من الأمصار فخافت من جارها على نفسها ولها جار سوء أيكون لها أن تتحول أم لا في قول مالك قال الذي قال لنا مالك إن المبتوتة والمتوفى عنها زوجها لا تنتقل إلا من أمر لا تستطيع القرار عليه قلت فالمدينة والقرية عند مالك يفترقان قال المدينة ترفع ذلك إلى السلطان وإنما سمعت من مالك ما أخبرتك قال وقال لي مالك لا تنتقل المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة إلا من شيء لا تستطيع القرار عليه قلت أفيكون عليها أن تعتد في الموضع الذي تحولت إليه من الخوف في قول مالك قال نعم قلت أرأيت امرأة طلقها زوجها فكانت تعتد في منزله الذي طلقها فيه فانهدم ذلك المسكن فقالت المرأة أنا أنتقل إلى موضع كذا وكذا أعتد فيه وقال الزوج لا بل أنقلك إلى موضع كذا وكذا فتعتدين فيه القول قول من قال ينظر في ذلك فإن كان الذي قالت المرأة لا ضرر على الزوج فيه في كثرة كراء ولا سكنى كان القول قولها وإن كان على غير ذلك كان القول قول الزوج قال بن وهب قال مالك وسعيد بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الله بن سالم إن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة حدثهم عن عمته زينب ابنة كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كان طرف القدوم أدركهم فقتلوه قالت سألته أن يأذن لي أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة قالت فقلت يا رسول الله ائذن لي أن أنتقل إلى أهلي قالت قال نعم فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمرني فدعيت له قال كيف قلت قلت فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي فقال امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت الفريعة فاعتددت أربعة أشهر وعشرا قالت فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني فأخبرته فاتبع ذلك وقضى به قلت أرأيت إن انهدم المسكن فقال الزوج أنا أسكنك في موضع كذا وكذا وليس ذلك بضرر وقالت المرأة أنا أسكن في موضع آخر ولا أريد منك الكراء قال ذلك لها قلت أتحفظه عن مالك قال لا وهو مثل الأول قلت أرأيت إن انهدم المنزل الذي كانت تعتد فيه فانتقلت منه إلى منزل آخر أيكون لها أن تخرج من هذا المنزل الثاني قبل أن تستكمل بقية عدتها قال بن القاسم ليس لها أن تخرج من المنزل الثاني حتى تستكمل عدتها إلا من علة في المطلقة تنتقل من بيت زوجها الذي طلقها فيه فتطلب الكراء من زوجها قلت أرأيت امرأة طلقها زوجها ألبتة فغلبت زوجها فخرجت فسكنت موضعا غير بيتها الذي طلقها فيه ثم طلبت من زوجها كراء بيتها الذي سكنته وهي في حال عدتها قال لا كراء لها على الزوج لأنها لم تعتد في بيتها الذي كانت تكون فيه قلت وهذا قول مالك قال لم أسمعه من مالك قلت أرأيت إن أخرجها أهل الدار في عدتها أيكون ذلك لأهل الدار أم لا قال نعم ذلك لأهل الدار إذا انقضى أجل الكراء قلت فإذا أخرجها أهل الدار أيكون على الزوج أن يتكارى لها موضعا في قول مالك قال نعم على الزوج أن يتكارى لها موضعا تسكن فيه حتى تنقضي عدتها قال وقال مالك وليس لها أن تبيت إلا في الموضع الذي يتكاراه لها زوجها قلت فإن قالت المرأة حين أخرجت أنا أذهب أسكن حيث أريد ولا أسكن حيث يكتري لي زوجي أيكون ذلك لها أم لا ( قال بن القاسم ) أرى أن يقع عليه الطلاق ما طلقها لأن مالكا قال كل نكاح كان لو أجازه الأولياء أو غيرهم جاز فإن ذلك يكون إذا فسخ طلاقا ورأى مالك في هذا بعينه أنها تطليقة فكذلك أرى أن يلزمه كل ما طلق قبل أن يفسخ ( قلت ) ولم جعل مالك الفسخ ها هنا تطليقة وهو لا يدعهما على هذا النكاح إن أراد الولي رده إلا أن يتطاول مكثها عنده وتلد منه أولادا ( قال ) لأن فسخ هذا النكاح عند مالك لم يكن على وجه تحريم النكاح ولم يكن عنده بالأمر البين ( قال ) ولقد سمعت مالكا يقول ما فسخه بالبين ولكنه أحب إلي ( قال ) فقلت لمالك افترى أن يفسخ وإن أجازه الولي فوقف عنه فلم يمض فيه فعرفت أنه عنده ضعيف ( قالابن القاسم ) ورأى فيه أنه جائز إذا أجازه الولي ( قال ) وأصل هذا وهو الذي سمعته من قول من أرضى من أهل العلم أن كل نكاح اختلف الناس فيه ليس بحرام من الله ولا من رسوله أجازه قوم وكرهه قوم إن ما طلق فيه يلزمه مثل المرأة تتزوج بغير ولي أو المرأة تزوج نفسها أو الأمة تتزوج بغير إذن سيدها إنه إن طلق في ذلك البتة لزمه الطلاق ولم تحل له إلا بعد زوج وكل نكاح كان حراما من الله ورسوله فإن ما طلق فيه ليس بطلاق وفسخه ليس فيه طلاق ألا ترى أن مما يبين لك ذلك لو أن امرأة
____________________
(4/182)
________________________________________
زوجت نفسها فرفع ذلك إلى قاض ممن يجيز ذلك وهو رأي بعض أهل المشرق فقضى به وأنفذه حين أجازه الولي ثم أتى قاض آخر ممن لا يجيزه أكان يفسخه ولو فسخه لأخطأ في قضائه فكذلك يكون الطلاق يلزمه فيه وهو الذي سمعت ممن أيق به من أهل العلم وهو رأيي ( قال سحنون ) وهذا الذي قاله لرواية بلغته عن مالك ( قال ) فقلنا لمالك فالعبد يتزوج بغير إذن سيده إن أجاز سيده النكاح أيجوز ( قال ) قال مالك نعم
فقلنا لمالك فإن فسخه سيده بالبتات أيكون ذلك لسيده أم تكون واحدة ولا تكون بتاتا ( قال ) مالك بل هي على ما طلقها السيد على البتات ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ( قلت ) ولم جعل مالك بيد السيد جميع طلاق العبد إذا تزوج بغير إذن من السيد ولو شاء أن نفرق بينهما بتطليقة وتكون بائنة في قول مالك ( قال ) لأنه لما نكح بغير إذن السيد صار الطلاق بيد السيد فلذلك جاز للسيد أن يبينها منه بجميع الطلاق وكذلك الأمة إذا أعتقت وهي تحت العبد قال مالك فلها أن تختار نفسها بالبتات ( قلت ) ولم جعل مالك لها أيضا أن تختار نفسها بالبتات ( قال ) لأنه ذكر عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن مروان سمع بذلك في حديث زبراء أنها قالت ففارقته ثلاثا قال فبهذا الأثر أخذ مالك ( قال ) وكان مالك مرة يقول ليس لها أن تختار نفسها إذا أعتقت وهي تحت العبد إلا واحدة وتكون تلك الواحدة بائنة ( قال سحنون ) وهو قول أكثر الرواة إنه ليس لها أن تطلق نفسها إلا واحدة والعبد إذا تزوج بغير إذن سيده فرد النكاح مثل الأمة ليس يطلق عليه إلا بواحدة لأن الواحدة تبينها وتفرغ له عبده ( قلت ) أرأيت في قوله هذا الآخر أيكون للأمة أن تطلق نفسها واحدة إن شاءت وإن شاءت بالبتات قال نعم ( قلت ) فإن طلقت نفسها واحدة أتكون بائنة في قول مالك قال نعم ( قال ) وقال مالك وكل نكاح
____________________
(4/183)
________________________________________
يفسخ على كل حال لا يقر على حال فإن فسخ فإن ذلك لا يكون طلاقا ( قلت ) فإن طلق قبل أن يفسخ نكاحه أيقع عليها طلاقه وهو إنما هو نكاح لا يقر على حال ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أنه لا يقع طلاقه عليها لأن الفسخ فيه لا يكون طلاقا ( قال ) وذلك إذا كان ذلك النكاح حراما ليس مما اختلف الناس فيه فأما ما اختلف الناس فيه حتى يأخذ به قوم ويكرهه قوم فإن المطلق يلزمه ما طلق فيه ( قال سحنون ) وقد فسرت لك هذا قبل ذلك ( قالابن قاسم ) ويكون الفسخ فيه عندي تطليقة ( قلت ) أرأيت إن قذف امرأته هذا الذي تزوجها تزويجا لا يقر على حال أيلتعن أم لا ( قال ) نعم يلتعن في رأيي لأنه يخاف الحمل ولأن النسب يثبت فيه ( قلت ) فإن ظاهر منها ( قال ) لا يكون مظاهرا إلا أن يريد بقوله إني أن تزوجتك من ذي قبل قال فهذا يكون مظاهرا إن تزوجها تزويجا صحيحا وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت إن آلى منها أيكون موليا ( قال ) هو لو قال لأجنبية والله لا أجامعك ثم تزوجها كان موليا منها عند مالك لأن مالكا قال كل من لم يستطع أن يجامع إلا بكفارة فهو مول وأما مسئلتك فلا يكون فيها إيلاء لأنه أمر بفسخ فلا يقر عليه ولكن إن تزوجها بعد هذا النكاح المفسوخ لزمته اليمين بالإيلاء وكان موليا منها لقول مالك كل يمين منعته من الجماع فهو بها مول ( قال ) وإنما الظهار عندي بمنزلة الطلاق ولو أن رجلا قال لإمرأة أجنبية أنت طالق فلا يكون طلاقا إلا أن يريد بقوله إني إن تزوجتك فأنت طالق ينوي بذلك فهذا إذا تزوجها فهي طالق وكذلك الظهار ( قلت ) أرأيت العبد الذي تزوج بغير إذن مولاه أو الأمة التي أعتقت تحت العبد فطلقها قبل أن تختار أو طلق العبد امرأته قبل أن يجيز السيد نكاحه أيقع الطلاق أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يقع الطلاق عليهما جميعا في رأيي واحدة طلق أو البتات ( قلت ) فإن تزوجت أمة بغير إذن سيدها فطلقها زوجها ( قال ) يكون هذا طلاقا في رأيي ( قال بن القاسم ) وأنا أرى أن الطلاق يلزمه لأن كل ما اختلف الناس فيه من نكاح أجازه بعض العلماء وكرهه
____________________
(4/184)
________________________________________
بعضهم فإن الطلاق يلزمه فيه مثل الأمة تتزوج بغير إذن سيدها أو المرأة تزوج نفسها فهذا قد قاله خلف كثير إنه إن أجازه الولي جاز فلذلك أرى أن يلزمه فيه الطلاق إذا طلق قبل أن يفرق بينهما ( قال ) ومما يبين لك نكاح المحرم إنه قد اختلف فيه فأحب ما فيه إلي أن يكون الفسخ فيه تطليقة
وكذلك هو لا يكون الفسخ فيه تطليقة وأما الذي لا يكون فسخه طلاقا ولا يلحق فيه الطلاق إن طلق قبل الفسخ إنما ذلك النكاح الحرام الذي لا اختلاف فيه مثل المرأة تتزوج في عدتها أو المرأة تتزوج على عمتها أو على خالتها أو على أمها قبل أن يدخل بها فهذا وما أشبهه لأنه نكاح لا اختلاف في تحريمه ولا تحرم به المرأة إذا لم يكن فيه مسيس على ولد ولا على والد ولا يتوارثان فيه إذا هلك أحدهما ولا يكونان به إن مسها فيه محصنين
فأما ما اختلف الناس فيه فالفسخ في ذلك تطليقة وإن طلق الزوج فيه فهو طلاق لازم على ما طلق
ومما يبين لك ذلك أنه لو رفع إلى قاض فرأى إجازته فأخذ به وأجازه ثم رفع بعد ذلك إلى قاض غيره لم يكن له أن يعرض فيه وأنفذه لأن قاضيا قبله قد أجازه وحكم به وهو مما اختلف فيه
ومما يبين ذلك أيضا أن لو تزوج رجل شيئا مما اختلف فيه ثم فسخ قبل أن يدخل بها لم يحل لابنه ولا لأبيه أن يتزوجاها فهذا يدلك على أن الطلاق يلزم فيه ( قلت ) أرأيت أن تزوج امرأة في عدتها ففرق بينهما قبل أن يبتنى بها أيصلح لأبيه أو لابنه أن يتزوجها في قول مالك ( قال ) قال مالك نعم
باب الحرمة ( قلت ) أرأيت العبد يتزوج الامة بغير اذن سيده فيفرق السيد بينهما قبل أن يدخل العبد بها أيحل له أن يتزوج أمها أو ابنتها ( قال ) كل نكاح لم يكن حراما في كتاب الله ولا حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اختلف الناس فيه فهو عندي يحرم كما يحرم النكاح الصحيح الذي لا اختلاف فيه والطلاق فيه جائز وما طلق فيه يثبت عليه والميراث بينهما حتى يفسخ وهذا الذي سمعت عمن أرضي ( سحنون ) وقد أعلمتك بقوله في مثل هذا قبل هذا ويقول غيره من الرواة ( وقد ) روى عن
____________________
(4/185)
________________________________________
مالك في الرجل يزوج ابنه البالغ المالك لأمره وهو غائب بغير أمره ثم يأتي الابن فينكر ما صنع أبوه فقال لا ينبغي للأب أن يتزوج تلك المرأة ( قال سحنون ) وقد قال بعض أصحاب مالك في الرجل يتزوج المرأة فلم يدخل بها حتى يتزوج ابنتها فعلم بذلك ففسخ نكاح الابنة إنه لا يجوز لابنه أن يتزوج الابنة المفسوخ نكاحها لموضع شبهة عقدة النكاح لأن أباه نكحها فهو يمنع لأن الله نهى أن ينكح الابن ما نكح أبوه من النساء الحلال فلما كانت الشبهة بالحلال منع من النكاح أن يبتدئه ابنه لموضع ما أعلمتك من الشبهة ولما أعلمتك من قول مالك ولما قال مالك في الأب الذي زوج ابنه إنه كره للأب أن يتزوجها ابتداء ولم يحله له وليس هو مثل أن يتزوج المرأة ثم يتزوج ابنتها ولم يكن دخل بالأم ولا بالابنة فإنه يفسخ الابنة ولا تحرم بذلك الام لأن نكاح الام كان صحيحا فلا يفسده ما وقع بعده من نكاح شبه الحرام إذا لم تصب الابنة فلا يفسخ العقد الحلال القوي المستقيم ( قلت ) أرأيت مالكا هل كان يجيز نكاح أمهات الاولاد أم لا ( قال ) كان مالك يكره نكاح أمهات الاولاد ( قلت ) فإن نزل أكان يفسخه أم يجيزه ( قال ) كان يمرضه وقوله إنه كان يكرهه ( قلت ) فهل كان يفسخه إن نزل ( قال بن القاسم ) أرى إن نزل أن لا يفسخ ولم أسمع من مالك يقول في الفسخ شيئا ( قلت ) أرأيت إن تزوج رجل أمة رجل بغير أمره فأجاز مولاها النكاح ( قال ) قال مالك نكاحه باطل وإن أجازه المولى ( قلت ) أرأيت إن أعتقها المولى قبل أن يعلم بالنكاح ( قال ) فلا يصلح أن يثبت على ذلك النكاح وإن عتقت في رأيي حتى يستأنف نكاحا جديدا ( قلت ) أرأيت إن فرقت بينهما فأراد أن ينكحها قبل أن تنقضي عدتها أيجوز له ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) إذا دخل بها ففرق بينهما لم يكن له أن ينكحها كذلك قال مالك حتى تنقضي عدتها ( قلت ) ولم وهذا الماء الذي يخالف منه نسبه ثابت من هذا الرجل ( قال ) قال مالك كل وطء كان فاسدا يلحق فيه الولد ففرق بين الرجل وبين المرأة فلا يتزوجها حتى تنقضي عدتها وإن كان يثبت نسبه منه فلا يطؤها في تلك العدة
____________________
(4/186)
________________________________________
( قال بن القاسم ) وأرى في هذا الذي يتزوج الامة بغير اذن سيدها أنه إن اشتراها في عدتها فلا يطؤها حتى تنقضي عدتها لا يطؤها يملك ولا ينكاح حتى تستبرئ رحمها وإن كان نسب ما في بططنها يثبت منه فلا يطؤها في رأيي على حال في تلك الحال ( قلت ) أرأيت نكاح الامة إذا تزوجت بغير اذن سيدها لم لا يجيزه إذا أجازه السيد
أرأيت لو باع رجل أمتي اذني فبلغني فأجزت ذلك ( قال ) يجوز ( قلت ) فإن قال المشتري لا أقبل البيع إذا كان الذي باعني متعديا ( قال ) ليس ذلك له ويجوز البيع ( قلت ) فإن باعت الامة نفسها بغير اذن سيدها فأجاز سيدها ( قال ) هذا وما قبله من مسئلتك سواء في رأيي ( قلت ) فقد أجزته في البيع إذا باعت نفسها فأجاز السيد فلم لا تجيزه في النكاح ( قال ) لا يشبه النكاح ها هنا البيع لأن النكاح إنما يجيزون العقدة التي وقعت فاسدة فلا يجوز على حال والشراء لم يكن في العقدة فساد إنم كانت عقدة بيع بغير أمر أربابها فإذا رضي الأرباب جاز ( قال ) والنكاح إنما يجيزون العقدة التي كانت فاسدة فلا يجوز حتى يفسخ ( قلت ) أرأيت الامة بين الرجلين أيجوز أن ينكحها أحدهما بغير اذن صاحبه في قول مالك قال لا ( قلت ) فإن أنكحها بغير اذن شريكه بمهر قد سماه ودخل بها زوجها فقدم شريكه فأجاز النكاح ( قال ) لا يجوز في رأيي لأن مالكا قال في الرجل لو أنكح أمة رجل بغير أمره فأجاز ذلك السيد لم يجز ذلك النكاح وإن أجازه وإنما يجوز نكاحها إذا أنكحاها جميعا ( قلت ) أرأيت إن كان قد أنكحها أحدهما بغير اذن صاحبه بصداق مسمى ودخل بها الزوج ثم قدم الغائب أيكون له نصف الصداق المسمى أم يكون للغائب نصف صداق مثلها وللذي زوجها نصف الصداق المسمى ( قال ) أرى الصداق المسمى بينهما إلا أن يكون نصف الصداق المسمى أقل من نصف صداق مثلها فيكمل للغائب نصف صداق مثلها ( قلت ) أرأيت لو أن أمة بين رجلين زوجها أحدهما بغير أمر صاحبه أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) لا يجوز ( قلت ) فإن أجازه صاحبه حين بلغه ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يجوز ( قلت )
____________________
(4/187)
________________________________________
أرأيت العبد إذا تزوج بغير اذن مولاه فأجاز ذلك المولى أيجوز أم لا ( قال ) ذلك جائز كذلك قال مالك ( قلت ) فما فرق ما بين العبد والامة في قول مالك ( قال ) لأن العبد يعقد نكاح نفسه وهو رجل والعاقد في امرأته ولي والامة لا يجوز أن تعقد نكاح نفسها فعقدها نكاح نفسها باطل لا يجوز وإن أجازه السيد ( قلت ) أرأيت إن طلق العبد امرأته قبل اجازة المولى أيجوز طلاقه ( فقال ) نعم في رأيي ( قلت ) أرأيت إن فسخ السيد نكاحه أيكون طلاقا ( قال ) قال مالك في رجل حبس دارا له على رجل ما عاش فإذا انقرض فهي حبس على غيره فمات في الدار هذا المحبس عليه أولا والمرأة في الدار فأراد الذي صارت الدار إليه المحبس عليه من بعد هذا الهالك أن يخرج المرأة من الدار قال قال مالك لا أرى أن يخرجها حتى تنقضي عدتها فالذي سألت عنه من دار الإمارة أليس من هذا بن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال دخلت على مروان فقلت إن امرأة من أهلك طلقت فمررت عليها آنفا وهي تنتقل فعبت ذلك عليها فقالوا أمرتنا فاطمة بنت قيس بذلك وأخبرتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تنتقل حين طلقها زوجها إلى بن أم مكتوم فقال مروان أجل هي أمرتهم بذلك فقال عروة قلت وأما والله لقد عابت ذلك عائشة أشد العيب فقالت إن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها فلذلك أرخص لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بن وهب عن بن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن أنه سمع القاسم بن محمد يقول خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بأم كلثوم من المدينة إلى مكة في عدتها وقتل زوجها بالعراق فقيل لعائشة في ذلك فقالت إني خفت عليها أهل الفتنة وذلك ليالي فتنة أهل المدينة بعد ما قتل عثمان بن عفان قال محمد وكانت عائشة تنكر خروج المطلقة في عدتها حتى تحل بن وهب عن يونس عن بن شهاب عن عبد الرحمن بن القاسم أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انتقلت بأم كلثوم حين قتل طلحة وكانت تحته من المدينة إلى مكة قال وذلك أنها كانت فتنة في عدة الصبية الصغيرة من الطلاق والوفاة في بيتها والبدوية تنتقل إلى أهلها قلت أرأيت الصبية الصغيرة إذا كانت مثلها يجامع فبنى بها زوجها فجامعها ثم طلقها ألبتة فأراد أبواها أن ينقلاها لتعتد عندهما وقال الزوج لا بل تعتد في بيتها قال تعتد في بيتها في قول مالك ولا ينظر إلى قول الأبوين ولا إلى قول الزوج وقد لزمتها العدة في بيتها حيث كانت تكون يوم طلقها زوجها قلت فإن كانت صبية صغيرة مات عنها زوجها فأراد أبواها الحج أو النقلة إلى غير تلك البلاد ألهم أن يخرجوها قال ليس لهم أن يخرجوها لأن مالكا قال لا تنتقل المتوفى عنها زوجها لتعتد في بيتها إلا البدوية فإن مالكا قال فيها وحدها أنها تنتوي مع أهلها حيث انتوى أهلها وحدثني سحنون عن بن وهب عن مالك وسعيد بن المسيب والليث عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول في المرأة البدوية يتوفى عنها زوجها أنها تنتوي مع أهلها حيث انتوى أهلها عبد الجبار عن ربيعة مثله قال ربيعة وإذا كانت في موضع خوف أنها لا تقيم فيه قال مالك إذا كانت في قرار فانتوى أهلها لم تنتو معهم فإن كانوا في بادية فانتوى أهلها انتوت معهم قبل أن تنقضي عدتها وإن تبدى زوجها فتوفي فإنها ترجع ولا تقيم تعتد في البادية قلت وقال مالك في البدوي يموت أن امرأته تنتوي مع أهلها وليس تنتوي مع أهل زوجها قلت أرأيت المرأة التي لم يدخل بها زوجها ومات عنها وهي بكر ببيت أبويها أو ثيب مالكة أمرها أين تعتد قال حيث كانت تكون يوم مات زوجها قلت وهذا قول مالك قال نعم في عدة الأمة والنصرانية في بيوتهما قلت أرأيت الأمة التي مات عنها زوجها التي ذكرت أن مالكا قال تعتد حيث كانت تبيت إن أراد أهلها الخروج من تلك البلاد والنقلة منها إلى غيرها ألهم أن ينقلوها أو يخرجوها قال بن القاسم نعم ذلك لهم وتستكمل بقية عدتها في الموضع الذي ينتقلون إليه وهي بمنزلة البدوية إذا انتجع أهلها قال وهذا قول مالك قال يونس قال بن شهاب في أمة طلقت قال تعتد في بيتها الذي طلقت فيه وقال أبو الزناد إن تحمل أهلها تحملت معهم قلت أرأيت المشركة اليهودية والنصرانية إذا كان زوجها مسلما فمات عنها فأرادت أن تنتقل في عدتها أيكون ذلك لها في قول مالك أم لا قال قال لنا مالك تجبر على العدة فإن أرادت أن تنكح قبل انقضاء عدتها منعت من ذلك وأجبرت على العدة قال قال مالك وعليها الإحداد أيضا فأرى أن تجبر على أن لا تنتقل حتى تنقضي عدتها لأنه قد أجبرها على العدة وعلى الإحداد قال بن القاسم سبيلها في كل شيء من أمرها في العدة مثل الحرة المسلمة تجبر على ذلك وحدثني سحنون عن بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في رجل طلق امرأته فأراد أن يعزلها في بيت من داره أو طلقها عند أهلها قال ترجع إلى بيتها فتعتد فيه وحدثني سحنون عن بن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال ترجع إلى بيتها فتعتد فيه وتلك السنة وقال وبلغني عن عثمان بن عفان مثله في خروج المطلقة بالنهار والمتوفى عنها زوجها وسفرهما قلت هل كان مالك يوقت لهم في المتوفى عنها زوجها إلى أي حين من الليل لا يسعها أن تقيم خارجا من حجرتها أو بيتها أبعد ما تغيب الشمس أم ذلك واسع لها في قول مالك حتى تريد النوم أن تتخذ عند جيرانها أو تكون في حوائجها وهل ذكر لكم مالك متى تخرج في حاجتها أيسعها أن تدلج في حاجتها أو تخرج في السحر أو في نصف الليل إلى حاجتها قال قول مالك والذي بلغني عنه أنها تخرج بسحر قرب الفجر وتأتي بعد المغرب ما بينها وبين العشاء وحدثني سحنون عن بن القاسم عن مالك عن يحيى بن سعيد قال بلغني أن السائب بن يزيد بن خباب توفي وأن امرأته أم مسلم أتت بن عمر فذكرت له حرثا لها بقناة وذكرت له وفاة زوجها أيصلح لها أن تبيت فيه فنهاها فكانت تخرج من بيتها بسحر فتصبح في حرثها وتظل فيه يومها ثم ترجع إذا أمست حدثني سحنون عن بن وهب عن أسامة بن زيد والليث عن نافع أن ابنة عبد الله بن عباس حين توفي عنها واقد بن عبد الله بن عمر كانت تخرج بالليل فتزور أباها وتمر على عبد الله بن عمر وهي معه في الدار فلا ينكر مالك عليها ولا تبيت إلا في بيتها قلت أرأيت المطلقة تطليقة يملك زوجها فيها الرجعة أو مبتوتة أيكون لها أن تخرج بالنهار قال قال مالك نعم تخرج بالنهار وتذهب وتجيء ولا تبيت إلا ببيتها الذي كانت تسكنه حين طلقت قلت فالمطلقات المبتوتات وغير المبتوتات والمتوفى عنهن أزواجهن في الخروج بالنهار والمبيت بالليل عند مالك سواء قال نعم حدثني سحنون عن بن وهب عن الليث عن سعد وأسامة عن نافع عن بن عمر أنه كان يقول إذا طلقت المرأة ألبتة فإنها تأتي المسجد والحق هو لها ولا تبيت إلا ببيتها حتى تنقضي عدتها حدثني سحنون عن بن وهب عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن خالته أخبرته أنها طلقت فأرادت أن تجذ نخلها فزجرها رجال عن أن تخرج فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فلا تجذي نخلك فإنك عسى أن تتصدقي وتفعلي معروفا وقالت عائشة تخرج ولا تبيت إلا ببيتها وقال القاسم تخرج إلى المسجد قلت أرأيت الرجل يطلق امرأته تطليقة يملك الرجعة أيكون له أن يسافر بها قال قال مالك لا إذن له في خروجها حتى يراجعها فإذا لم يكن له إذن في خروجها فلا يكون له أن يسافر بها إلا أن يراجعها قلت أرأيت المتوفى عنها وهي صرورة أو المطلقة وهي صرورة فأرادت أن تحج في عدتها مع ذي محرم قال قال مالك ليس لها أن تحج الفريضة في عدتها من طلاق أو وفاة حدثني سحنون عن بن وهب عن عمر بن الحارث بن بكير بن عبد الله الأشج حدثه أن ابنة هبار بن الأسود توفي عنها زوجها فأرادت أن تحج وهي في عدتها فسألت سعيد بن المسيب فنهاها ثم أمرها غيره بالحج فخرجت فلما كانت على البيداء صرعت فانكسرت في مبيت المطلقة والمتوفى عنها زوجها وهل يجوز لها أن تبيت في الدار قلت أرأيت إذا طلقت المرأة تطليقة يملك الرجعة هل تبيت عن بيتها قال قال مالك لا تبيت عن بيتها قال فقلت لمالك فإن استأذنت زوجها في ذلك قال لا إذن لزوجها ذلك حتى يراجعها ولا تبيت إلا في بيتها حدثني سحنون عن بن وهب عن بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله عن المطلقة واحدة أو اثنتين أتعود مريضا أو تبيت في زيارة فكرها لها المبيت وقالا لا نرى عليها بأسا أن تعود كما كانت تصنع قبل تطليقه إياها قلت أرأيت المطلقة واحدة يملك الزوج الرجعة أو المبتوتة هل تبيت واحدة منهما في عدة من طلاق أو وفاة في الدار في الصيف من الحر قال قول مالك والذي يعرف من قوله أن لها أن تبيت في بيتها وفي أسطوانها في الصيف من الحر وفي حجرتها وما كان من حوزها الذي يغلق عليه باب حجرتها قلت فإن كان في حجرتها بيوت وإنما كانت تسكن معه بيتا منها ومتاعها في بيت من ذلك البيوت وفيه كانت تسكن أيكون لها أن تبيت في غير ذلك البيت الذي كانت تسكن فيه قال لا تبيت إلا في بيتها وأسطوانها وحجرتها الذي كانت تصيف فيه في صيفها وتبيت فيه في شتائها ولم يعن بهذا القول تبيت في بيتها المتوفى عنها والمطلقة أنها لا تبيت إلا في بيتها الذي فيه متاعها إنما هو وجه قول مالك إن طلق السيد عليه وسلم وقلن إنا نستوحش بالليل فنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا تبادرنا إلى بيوتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن حتى إذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة إلى بيتها قلت أرأيت المطلقة ثلاثا أو واحدة بائنا أو واحدة يملك الرجعة وليس لها ولزوجها إلا بيت واحد البيت الذي كانا يكونان فيه قال قال مالك يخرج عنها ولا يكون معها في حجرتها تغلق الحجرة عليه وعليها والمبتوتة والتي يملك الرجعة في هذا سواء قال وقال مالك وإذا كانت دار جامعة لا بأس أن يكون معها في الدار تكون هي في بيت وهو في بيت آخر قال مالك وقد انتقل عبد الله بن عمرو وعروة بن الزبير سحنون عن بن وهب عن بن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدثه أن عمر بن الخطاب كان يبعث إلى المرأة بطلاقها ثم لا يدخل عليها حتى يراجعها وقال ربيعة يخرج عنها ويقرها في بيتها لا ينبغي أن يأخذهما غلق ولا يدخل عليها إلا بإذن في حاجة إن كان له فالمكث له عليها في العدة واستبراؤه إياها فهو أحق بالخروج عنها في رجوع المطلقة والمتوفى عنهن أزواجهن إلى بيوتهن يعتددن فيها قلت ما قول مالك في المرأة يخرج بها زوجها زائرا إلى مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة فيهلك هناك زوجها أترجع إلى منزلها فتعتد فيه أم تعتد في موضعها الذي مات فيه زوجها قال قال مالك ترجع إلى موضعها فتعتد فيه قلت فإن كان سافر بها مسيرة أكثر من ذلك قال سألت مالكا غير مرة عن المرأة يخرج بها زوجها إلى السواحل من الفسطاط يرابط بها ومن نيته أن يقيم بها خمسة أشهر أو ستة ثم يريد أن يرجع أو يخرج إلى الريف أيام الحصاد وهو يريد الرجوع إذا فرغ ولم يكن خروجه إلى الموضع خروج انقطاع للسكنى أو يكون مسكنه بالريف فيدخل بالفسطاط بأهله في حاجة يقيم بها أشهرا ثم يريد أن يرجع إلى مسكنه بالريف قال قال مالك إن مات رجعت إلى مسكنها حيث كانت تسكن في هذا كله ولا تقيم حيث توفي فقيل لمالك فلو أن رجلا انتقل إلى بلد فخرج بأهله ثم هلك قال هذه تنفذ إن شاءت إلى الموضع الذي انتقلت إليه فتعتد فيه وإن شاءت رجعت فقيل له فالرجل يخرج إلى الحج فيموت في الطريق قال إن كان موته قريبا من بلده ليس عليها في الرجوع كبير مؤنة رجعت وإن كان قد بعدت وتباعد فلتنفذ فإذا رجعت إلى منزلها فلتعتد بقية عدتها فيه قلت أرأيت إن خرج بها إلى موضع من المواضع انتقل بها إليه فهلك زوجها في بعض الطريق وهي إلى الموضع الذي خرجت إليه أقرب أو إلى الموضع الذي خرجت منه أقرب فمات زوجها أتكون مخيرة في أن ترجع إلى الموضع الذي انتقلت منه أو في أن تمضي إلى الموضع الذي انتقلت إليه أم لا في قول مالك قال نعم أرى أن تكون بالخيار إن أحبت أن تمضي مضت وإن أحبت أن ترجع رجعت وسكنت وكذلك بلغني عن مالك قلت أرأيت إن خرج بها إلى منزله في بعض القرى والقرية منزله فهلك هناك قال إن كان خرج بها على ما وصفت لك من جداد يجده أو حصاد يحصده أو لحاجة فإنها ترجع إلى بيتها الذي خرج بها الزوج منه فتعتد فيه ولا تمكث في هذا الموضع فإن كان منزلا لزوجها فلا تقيم فيه إلا أن يكون خرج بها حين خرج بها يريد سكناه والمقام فيه فتعتد فيه ولا ترجع وقال ربيعة إن كان بمنزلة السفر أو بمنزلة الظعن فالرجوع إلى مسكنها أمثل سحنون عن بن وهب عن حيرة بن شريح أن أبا أمية حسان حدثه أن سهل بن عبد العزيز توفي وهو عند عمر بن عبد العزيز بالشام ومعه امرأته فأمر عمر بن عبد العزيز امرأة سهل أن ترحل إلى مصر قبل أن يحل أجلها فتعتد في داره بمصر بن وهب عن عمر بن الحارث عن بكير بن الأشج قال سألت سالم بن عبد الله عن المرأة يخرج بها زوجها إلى بلد فيتوفى عنها أترجع إلى بيته أو إلى بيت أهلها فقال سالم تعتد حيث توفي عنها زوجها أو ترجع إلى بيت زوجها حتى تنقضي عدتها بن وهب عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن يزيد بن محمد عن القاسم بن محمد بهذا قال يونس وقال ربيعة ترجع إلى منزلها إلا أن يكون المنزل الذي توفي فيه زوجها منزل نقلة أو منزل ضيعة لا تصلح ضيعتها إلا مكانها قلت فإن سافر بها فطلقها واحدة أو اثنين أو ثلاثا وقد سافر أو انتقل بها إلى موضع سوى موضعه فطلقها في الطريق قال الطلاق لا أقوم على أني سمعته من مالك ولكنه مثل قوله في الموت وكذلك أقول لأن الطلاق فيه العدة مثل ما في الموت قلت والثلاث والواحدة في ذلك سواء قال نعم قلت أرأيت إن سافر فطلقها تطليقة يملك الرجعة أو صالحها أو طلقها ثلاثا أو كان انتقل بها من موضع إلى موضع وقد بلغت الموضع الذي أراد إلا مسيرة اليوم أو اليومين أو أقل من ذلك فأرادت المرأة أن ترجع إلى الموضع الذي خرجت منه وبينها وبين الموضع الذي خرجت منه شهر وليس معها ولي ولا ذو محرم أيكون ذلك لها في قول مالك أم لا قال إن كان الموضع الذي خرج إليه موضعا لا يريد سكناه مثل الحج أو المواجيز وما وصفت لك من خروجه إلى منزله في الريف إن كانت قريبة من موضعها الذي خرجت منه رجعت إلى موضعها وإن كانت قد تباعدت لم ترجع إلا مع ثقة وإن كانت إنما انتقل بها فكان الموضع الذي خرجت إليه على وجه السكنى والإقامة فإن أحبت أن تنفذ إلى الموضع الذي خرجت إليه فذلك لها وإن أحبت أن ترجع فذلك لها إن أصابت ثقة ترجع معه لأن الموضع الذي انتقلت إليه مات قبل أن يتخذه مسكنا قلت فإن كان مات قبل أن يتخذه مسكنا فلم جعلت المرأة بالخيار في أن تمضي إليه فتعتد فيه وأنت تجعله حين مات الميت قبل أن يسكنه غير مسكن فلم لا تأمرها أن ترجع إلى موضعها الذي خرجت منه وتجعلها بمنزلة المسافرة قال لا تكون بمنزلة التي خرج بها مسافرا لأنه لما خرج بها منتقلا فقد رفض سكناه في الموضع الذي خرج منه وصار الموضع الذي خرج منه ليس بمسكن ولم يبلغ الموضع الذي خرج إليه فيكون مسكنا له فصارت المرأة ليس وراءها لها مسكن ولم تبلغ أمامها المسكن الذي أرادت فهذه امرأة مات زوجها وليس في مسكن فلها أن ترجع إن أرادت إذا أصابت ثقة أو تمضي إلى الموضع الذي أرادت إن كان قريبا وإن كان بعيدا فلا تمضي إلا مع ثقة قلت أرأيت إن قالت المرأة لا أتقدم ولا أرجع ولكن أعتد في موضعي الذي أنا فيه أو أنصرف إلى بعض المدائن أو القرى فأعتد فيها أيكون ذلك لها قال ما سمعت من مالك فيه شيئا ويكون ذلك لها فيه لأنها امرأة ليس لها منزل فهي بمنزلة امرأة مات زوجها أو طلقها ولا مال له وهي في منزل قوم فأخرجوها فلها أن تعتد حيث أحبت أو بمنزلة رجل خرج من منزل كان فيه فنقل المرأة إلى أهلها فتكارى منزلا يسكنه فلم يسكنه حتى مات فلها أن تعتد حيث شاءت لأنها لا منزل لها إلا أن تريد أن تنتجع من ذلك انتجاعا بعيدا فلا أرى ذلك لها قلت أرأيت المرأة تخرج مع زوجها حاجة من مصر فلما بلغت المدينة طلقها زوجها أو مات عنها أتنفذ لوجهها أو ترجع إلى مصر وهذا كله قبل أن تحرم أو بعد ما أحرمت قال سئل مالك عن المرأة تخرج من الأندلس تريد الحج فلما بلغت إفريقية توفي زوجها قال قال مالك إذا كان مثل هذا فأرى أن تنفذ لحجها لأنها قد تباعدت من بلادها فالذي سألت عنه هو مثل هذا قلت له فالطلاق والموت في مثل هذا سواء قال نعم سواء عندي سحنون عن مالك عن بن لهيعة عن عمران بن سليم قال حجت معنا امرأة توفي عنها زوجها قبل أن توفي عدتها فلما بلغت المدينة انطلقت إلى عبد الله بن عمر فقالت إني حججت قبل أن أقضي عدتي فقال لها لولا أنك قد بلغت هذا المكان لأمرتك أن ترجعي قلت أرأيت إن لم تكن تمضي في المسير في حجها إلا مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة فهلك زوجها أو طلقها أترى أن ترجع عن حجها وتعتد في بيتها أم لا قال قال مالك إذا كان أمرا قريبا وهي تجد ثقات ترجع معهم رأيت أن ترجع إلى منزلها وتعتد فيه فإن تباعد ذلك وسارت مضت على حجها سحنون عن بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في امرأة طلقت وهي حاجة قال تعتد وهي في سفرها قال بن القاسم في تفسير قول مالك في اللائي ردهن عمر بن الخطاب من البيداء إنما هن من أهل المدينة وما قرب منها قال فقلت لمالك فكيف ترى في ردهن قال مالك ما لم يحرمن فأرى أن يرددن فإذا أحرمن فأرى أن يمضين لوجههن وبئس ما صنعن وأما التي تخرج من مصر فهلك زوجها بالمدينة ولم تحرم قال قال مالك هذه تنفذ لحجها وإن لم تحرم قلت أرأيت إن سافر بامرأته والحاجة لامرأته إلى الموضع الذي تريد إليه المرأة والزوج لخصومة لها في تلك البلدة أو دعوى قبل رجل أو مورث لها أرادت قبضه فلما كان بينها وبين الموضع الذي تريد إليه مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة هلك زوجها عنها ومعها ثقة أترجع معه إلى بلدها أم تمضي للحاجة لوجهها التي خرجت إليها أو ترجع إلى بلادها وتترك حاجتها قال قال مالك إن هي وجدت ثقة ترجع إلى بيتها وإن لم تجد ثقة تنفذ إلى موضعها حتى تجد ثقة فترجع معه إلى موضعها فتعتد فيه بقية عدتها إن كان موضعها الذي تخرج إليه تدركه قبل انقضاء عدتها قلت فإن خرج بامرأته من موضع إلى موضع بعيد فسافر بها مسيرة الأربعة الأشهر والخمسة الأشهر ثم إنه هلك وبينها وبين بلادها الأربعة الأشهر والخمسة الأشهر قال إنه إذا كان بينها وبين بلادها التي خرجت منها ما إن هي رجعت انقضت عدتها قبل أن تبلغ بلادها فإنها تعتد حيث هي أو حيثما أحبت ولا ترجع إلى بلادها قلت أرأيت المرأة من أهل المدينة إذا اكترت إلى مكة تريد الحج مع زوجها فلما كانت بذي الحليفة أو بملل أو الروحاء لم تحرم بعد هلك زوجها أو طلقها ثلاثا فأرادت الرجوع كيف يصنع الكري بكرائها أيلزم المرأة جميع الكراء ويكون لها أن تكري الإبل في مثل ما اكترتها أم يكون لها أن تفاسخ الجمال ويلزمها من الكراء قدر ما ركبت في قول مالك أم ماذا يكون عليها قال قال مالك أرى الكراء قد لزمها فإن كانت قد أحرمت نفذت وإن كانت لم تحرم وكانت قريبة رجعت واكترت ما اكترت في مثل ما اكترته وترجع قلت أرأيت إن هلك زوجها بذي الحليفة وقد أحرمت وهي من أهل المدينة أترجع أم لا قال قال مالك إذا أحرمت لم ترجع في نفقة المطلقة وسكناها قلت أرأيت المطلقة واحدة أو اثنتين أو ثلاثا فذلك جائز ( قلت ) إنما طلاق العبد اثنتان فما يصنع مالك بقوله ثلاثا ( قال ) كذلك قال مالك قال وإنما يلزم الاثنتان ألا ترى في حديث زبراء قالت ففارقته ثلاثا وإنما طلاقه اثنتان ( قلت ) أرأيت إن تزوج عبده بغير اذنه فقال السيد لا أجيز ثم قال قد أجزت أيجوز أم لا ( قال ) قال مالك إن كان قوله ذلك لا أجيز مثل قوله لا أرضى أي لست أفعل ثم كلم في ذلك فأجاز فذلك جائز إذا كان ذلك قريبا وإن كان أراد بذلك فسخ النكاح مثل ما يقول قد رددت ذلك وفسخته فلا يجوز وان أجازه إلا بنكاح مستقبل ( قلت ) أرأيت إذا تزوج العبد بغير اذن مولاه فأعتقه المولى أيكون النكاح صحيحا ( قال ) نعم في رأيي ولا يكون للسيد أن يرده بعد عتقه إياه ( قلت ) أرأيت العبد ينكح بغير اذن سيده فيبيعه سيده قبل أن يعلم أيكون للمشتري من الاجازة والرد شيء أم لا ( قال ) قد سمعت عن مالك شيئا ولست أحققه وأرى أن هذا السيد الذي اشتراه ليس له أن يفرق فإن كره المشتري العبد رد العبد وكان للبائع إذا رجع إليه العبد أن يجيز أو يفرق وهو رأيي ( قلت ) أرأيت ان لم يبعه سيده ولم يعلم بنكاحه حتى مات السيد أيكون لمن ورث العبد أن يرد النكاح أو يجيز ( قال ) نعم له أن يرده أو يجيزه في رأيي ( قال ) ومما يبين لك أني سألت مالكا عن الرجل يحلف للرجل بطلاق امرأته البتة ليقضين
____________________
(4/188)
________________________________________