أصبحت ضيف الله في دار الرضا * وعلـى الكـريم كـرامـة الضيفان
تعفو الملوك حين النزول بساحتهم * فكيــف النـزول بسـاحة الرحمن
يـا مـن إذا وقـف المسيء ببـابـه * ستـر القبيـح وجازى بالإحسان
وأنا المسيء وقد عصيتك سيـدي * تعفــو وتصفــح للعبيـد الجاني
لم تـنتـقصنـى إن أسأت وزدتـنـي * حتـى كـأن إساءتي إحساني
يــا أيـهـا الأحبـاب إنـي راحل * مهمـا يطول عمري فإنـي فان
نوح الحمام على الغصون شجانـي * ورأى العزول صبـابتي فبكـانـي
إن الحمـام ينوح من ألـم النـوى * وأنـا أنـوح مخـافـة الديـان
أنا لا أضام وفى رحابك عصمتي * أنا لا أخـاف وفى حمـاك أمـانـي
أنا إن بكيت فلـن ألام على البكا * فلطـالمـا استغرقت في العصيـان
يا واحدا في ملكـه ماله من ثـان * يا من إذا قلت :يا مولاي ؛ لبانـي
أعصاك تسترني ، أنساك تذكرني * كيف أنساك يا من لست تنسانـي ؟!
حينما بلغ الإمام البخاري نعي الإمام الدارمي , أطرق قليلا وبكى ثم قال : إن تبق تفجع بالأحبة كلهم ...... وفناء نفسك لا أبا لك أفجع ولم يسمعوه ينشد شعرا قبلها إلا ما كان في الأحاديث .
قال أبي فهر محمود محمد شاكر - رحمه الله تعالى - كل حي سيموت * ليس في الدنيا ثبوتْ .
حركات سوف تفنى * ثم يتلوها خفوتْ .
وكلام ليس يحلو * بعده إلا السكوتْ .
أيها السادر قل لي * أين ذاك الجبروتْ .
كنت مطبوعًا على النطق * فما هذا الصموتْ ؟!
ليت شعري * أهمود ما أراه أم قنوطْ ؟!
أين أملاك لهم * في كل أفق ملكوتْ ؟!
زالت التيجان عنهم * وخلت تلك التخوت .
أصبحت أوطانهم من بعدهم * وهي خبوت .
لا سميع يفقه القول * ولا حي يصوت .
عمرت منهم قبور * وخلت منهم بيوت .
خمدت تلك المساعي * وانقضت تلك النعوت .
إنما الدنيا خيال زائل * سوف يفوت .
ليس للإنسان فيها * غير تقوى الله قوت .
الشافعي : تعمدْني بنصحِكَ في انفـرادي * وَجِّنْبني النصيحـةَ في الجماعـةْ
فإِن النصـحَ بين الناسِ نـوعٌ * من التوبيخِ لا أرضى استماعَـهْ
وإِن خالفتني ، وعصيتَ قولـي * فلا تجـزعْ إِذا لم تُعْـطِ طاعـهْ
أبو الفرج الساوي يرثي فرخ الدولة آل بويه : هي الدُنْـيَا تَقُولُ بملء فِيِهـا * حَذارِ حَذارِ من بَطْشِي وفَتْكِـي
فلا يَغْررْكم حُسْنُ ابْتِسَامِـي * فَقَوْلِي مُضْحِكٌ والفِعْلُ مُبْكـي
رأيت في الإصابة للحافظ أن هذه الأبيات مروية عن الصلصال بن الدلهمس . قال ابن حبان له صحبة . وقال المرزباني يقال إنه أنشد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - شعرا . وذكر بن الجوزي أن الصلصال قدم مع بني تميم وأن النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أوصاهم بشيء ، فقال قيس بن عاصم : وددت لو كان هذا الكلام شعرًا نعلمه أولادنا . فقال الصلصال : أنا أنظمه يا رسول الله فأنشده أبياتا . وأوردها بن دريد في أماليه عن أبي حاتم السجستاني عن العتبي عن أبيه قال قال قيس بن عاصم وفدت مع جماعة من بني تميم فدخلت عليه وعنده الصلصال بن الدلهمس فقال قيس يا رسول الله عظنا عظة ننتفع بها فوعظهم موعظة حسنة ، فقال قيس : أحب أن يكون هذا الكلام أبياتا من الشعر نفتخر به على من يلينا وندخرها فأمر من يأتيه بحسان ، فقال الصلصال : يا رسول الله قد حضرتني أبيات أحسبها توافق ما أراد قيس . فقال : هاتها . فقال : تجنب خليطا من مقالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل ولا بد بعد الموت من أن تعده * ليوم ينادي المرء فيه فيقبل وإن كنت مشغولا بشيء فلا تكن * بغير الذي يرضى به الله تشغل ولن يصحب الإنسان من قبل موته * ومن بعده إلا الذي كان يعمل ألا إنما الإنسان ضيف لأهله * يقيم قليلا بينهم ثم يرحل . الإصابة ( 3/ 445 ) .
والأبيات رواه ابن الجوزي في صفة الصفوة عن عابدة من العباد. فقال : عن أبي سليمان الداراني . قال : حدثني سعيد الافريقي . قال : كنت ببيت المقدس مع أصحاب لي في المسجد ، فإذا أنا بجارية عليها درع شعر وخمار من صوف ، فإذا هي تقول : إلهي وسيدي ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله ، وأوحش خلوة من لم تكن أنيسه . فقلت : يا جارية ما قطع الخلق عن الله - عز وجل - ؟ قالت : حب الدنيا إلا أن لله - عز وجل - عبادا أسقاهم من حبه شربة فولهت قلوبهم ؛ فلم يحبوا مع الله - عز وجل - غيره ، ثم قالت تنشد :
تزود قرينا من فعالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يعمل ألا إنما الإنسان ضيف لأهله * يقيم قليلا عندهم ثم يرحل . صفة الصفوة ( 4/ 252 )
وفي روضة العقلاء لابن حبان صـ 22 قال : وأنشدني منصور بن محمد الكريزى : تتخير قرينا من فعالك إنما * يزين الفتى في القبر ما كان يفعل فإن كنت مشغولا بشيء فلا تكن * بغير الذي يرضى به الله تشغل فلا بد بعد القبر من أن تعده * ليوم ينادى المرء فيه فيسأل فلن يصحب الإنسان من قبل موته * ولا بعده إلا الذي كان يعمل ألا إنما الأنسان ضيف لأهله * يقيم قليلا بينهم ثم يرحل
ترى الرجل النحيف فتزدريه ... وفي أثوابه أسد هصور ويعجبك الطرير فتبتليه ... فيخلف ظنك الرجل الطرير (1) لقد عظم البعير بغير لبَّ ... فلم يسغن بالعِظَم البعير بُغاث (2) الطير أكثرها فراخًا ... وأم الصقر مِقلاةُ نزور (3)
(1) الرجل الطرير : ذو طرة وهيئة حسنة, وجميل الوجه . العين (7/404), النهاية (3/199)
(2) بُغات الطير : ألائمها وشرارها. لسان العريب (2/118)
(3) مقلاة نزور : أي قليلة الأفراخ. انظر الأغاني (18/212)