[font="]ثم قال رضي الله عنه: والعبارة في الفاتح بالبحر المحيط الأصغر في تناسب مرتبتهما وفي الفاتحة بالبحر المحيط الأكبر. قال رضي الله عنه : فهما بحران الأصغر هوالمحيط بأرضنا هذه دون جبل قاف والأكبر هوالمحيط بجبل قاف من ورائه ولا يعلمه إلا أهل الكشف. فإذا عرفت وجه الفرق من حيثية الثواب مما أشار اليه كلام سيدنا رضي الله عنه فاعرف أن وجهه من حيثية تعقل الصورة والعين مرجعه إلى الوجدان القلبي لا غير. ثم لا يكون إفشاؤه إلا بإذن خاص. وأما الإذن في الباطنة فلمن حصل له أن يأذن فيها بشروطها، وعسى بحصوله يحصل الوجدان المذكور. والى الله عاقبة الأمور والسلام. [/font]
[font="]فأصبح الحاج الحسين بعد الحصول على هذه الإجازات خليفة بالقطر السوسي بلا ريب ما جعله يتصدى بقوة وصبر لنشر العلم وتلقين الطريقة التجانية وتعاليمها وإصدار الأحكام الشرعية والسهر على تنفيد القرارات السلطانية فأدى مهمته على أحسن حال.رغم هذا الفتح الكبير فإنه كان عازما على العزلة والخروج من بين الناس لما رأى من كثرة الفجور- على حد قوله لبعض أصحابه – وشدة الظلم والجور. فرأى مناما موكبا جسيما ومشهدا فخيما ومن جملة من حضر فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيدنا الشيخ التجاني والخليفة عمر ابن الخطاب فقال له صلى الله عليه وسلم: هل كنت عازما على العزلة والخروج من بين الناس ؟ لا تعتزل منهم ولا تخرج من بينهم لأن نَفَسَكَ وحده شفاء لهم ودواء فضلا عن غيره. ثم قال الفاروق لأبي علي : هل وصلتك الأمانة من سيدي بن السايح ؟ أنت تفسرها بالولد لاتفسرها به لأنه سيعطاك ثم يعطاك آخر. والأمانة هي كذا أي الخلافة. ثم قال الفاروق للحاج الحسين: جميع ما ثبت لهذا-مشيرا للقطب المكتوم – من الأسرار والأنوار وكذا وكذا من المعطوفات لك منه حظ وافر وأعادها ثلاث مرات. [/font]
[font="]سافر الحاج الحسين سنة 1304 الى الرباط من أجل لقاء القطب الكامل سيدي محمد العربي بن السايح رضي الله عنه فأجازه إجازة أخرى في الطريقة وفي صحيح الإمام البخاري.يستفاد من هذا أن المترجَم أفاء الله عليه بوراثة سيدي أحمد بناني كلاَّ الوارث للقطب الجامع سيدي محمد الحبيب ابن شيخنا قدس الله سرهما الشريف.قال العلامة سيدي أحمد سكيرج في "كشف الحجاب" إن بناني كلاَّ كان خزانة سر سيدي محمد الحبيب رضي الله عنه حيث، ذهب لعين ماضي لزيارته ولازمه شهورا إلى أن توفي وغسله ووقف على دفنه. كما ورث سيدي محمد الكنسوسي ثم سيدي محمد العربي بن السايح في كل ما أكرمهم الله به من فيض القطب المكتوم خاصة مقام التربية والخلافة والقطبانية العظمى كما أخبر هونفسه عن بلوغه اليها كلها وحلوله فيها بفضل ما ناله من حضوة عند هؤلاء السادة. [/font]
[font="]وأعظم دليل على الفوز بالمطلوب قول سيدي العربي له في نهاية هذه الزيارة: قف هنا وقولوا رجعنا بكل خير واجتمع الفرع والأصول. ثم أضاف السيد قائلا: يا فلان لا تلتفت منذ اليوم، على أي جنب سقطت رفعناك ولا يضرك ما فعلته بعد اليوم. إنو هنا ماتريد يقضى لك ولوكان محالا. وختم السيد كلامه قائلا: يا فلان كل ما قلته لك فإن الشيخ هوالذي قاله لك. [/font]
[font="]وقد ذكر الفقيه الإساكي في الترجمة التي خص بها المؤلف فيما يتعلق بهذه الزيارة الميمونة بعض الفوائد المنقولة مباشرة من أوراق الحاج الحسين نصها: في 21 من شهر الله تعالى رمضان عام 1304 رأى كاتبه الخليفة الأكبر السيد العربي بن السائح الشرقاوي رضي الله عنه مناما وقت الضحى ومعه جماعة من الناس،وذلك قبل أن أعرف صورته الشريفة، ثم قبلت يده وقبلت الأرض بين يديه ثم أخذني فقبل على فمي وذلك علامة الإقبال والرضى من الحضرة المصطفوية لأن خليفة سيدنا الشيخ خليفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال مخاطبا من كان عنده : انظروا للرجال الذين يأتون لزيارتنا من مسافة بعيدة لينالوا من الفوائد التي تفضل الله بها علينا وأنتم غافلون عن ذلك مع كوننا بين أظهركم. [/font]
[font="]فلما منَّ الله علينا بملاقاته جعل يبدي ما رأيته من الرؤيا...إلى أن أخبر بمنقبة لشيخ شيوخنا مولاي مَحمد بن أبي النصر مفادها أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه،وهوبضريح مولانا الشيخ التجاني رضي الله عنه وأرضاه، فقال له: أنا شفيع من رآك ومن رآى من رآك. [/font]
[font="]قال الفقيه الإساكي: قال لي أبوعلي الإفراني سبب ملاقاتي وزيارتي للولي الصالح سيدي العربي بن السائح أن أعرابيا من الصحراء جاءني وقال لي أأنت الحاج الحسين الإفراني؟ فقلت له: نعم.قال ثلاث ليال أتاني آت وقال لي : قل للحاج الحسين الإفراني طال شوقنا إليك. فانتبهت ولم أكن أعرف الحاج الحسين وفي أي بلد هوحتى زجرني في المرة الثالثة وقلت له ما عرفته، وإذا عرفته، فما أقول له؟ قال: قل له قال لك العربي بن السايح طال شوقنا إليك...إلى آخر القصة وهي طويلة. [/font]
[font="]بعد انصرافه من الرباط رحل الحاج الحسين إلى فاس فرحا مسرورا بالوعد الذي وعده سيدي العربي، فزار مولانا الشيخ والتقى ببعض كبار أصحابه المقيمين بجوار ضريحه الأنور فأجازه سيدي أحمد بناني كلاَّ في الطريقة إجازة مطلقة شفاهية. كما تشرف الحاج الحسين ورفاقه بالإقامة في غرفة سبق لمولانا الشيخ أن أقام بها إحدى وأربعين ليلة. [/font]
[font="]وفي سنة 1306 كانت الزيارة الثانية لسيدي محمد العربي بن السايح فحصل خلالها على إجازة أخرى من السيد وقال له: أما الأمانة فتصلك إلى البلد إن شاء الله. فبعث له بها فعلا الى بلده قبيل وفاته رضي الله عنه وقال له في رسالة: هاك الأمانة كلها. ولا ريب أن الأمانة المذكورة هي الخلافة عن الشيخ التجاني قدس سره بعد وفاة سيدي العربي، إذ صرح الحاج الحسين بها مشافهة بأنه جعله الله بوابا على باب سيدي العربي بعد وفاته وأنه هوالمدخل إليه والمخرج. [/font]
[font="]ولم نقف لحد الساعة على الإجازة السائحية ولم نسمع أحدا تكلم عنها وإنما المحقق عند المهتمين بالموضوع وما يجمعون عليه هوأن سيدي العربي بن السايح رضي الله عنه – كما هوثابت في كناش الحاج الحسين المحفوظ في الخزانة الوطنية – أجازه بما أجاز به العلامة المفتي التونسي السيد صالح النيفر. وقد نقل الحاج الحسين تلك الإجازة المعروفة بالجواب الكافي في كناشه وعلق عليها ما يأتي: [/font]
[font="]الحمد لله وكفى والسلام على عباده الذين اصطفى. كتبه في أواخر جمادى الأولى 1306 أفقر العبيد الى رحمة مولاه الحسين بن الحاج أحمد بن الحاج بلقاسم الإفراني أمنه الله في الدنيا والآخرة وذلك بإذن الولي الرباني العارف الصمداني جامعه أبوالمواهب سيدي ومولاي محمد العربي بنالسايح العمري الشرقاوي نزيل رباط الفتح في الوقت لأنه أذن بالإجازة التي أجاز بها لشيخ المالكية بتونس المذكور وبكتابة المقيد كله بما فيه من الفوائد التي لا توجد في غيره. نعم أجازني بكل ما أجاز من ذكر على حد سواء. [/font]
[font="]ولم تنته السنة حتى حلت به محنته الأولى وسبب ذلك أن بعض الأسر من أهل تنكرت تحالفوا، على غير المعتاد، مع قبائل سملالة ضد الإلغيين حلفائهم فنهبوا مع الناهبين أملاك الحسين بن هاشم وحاصروه في بلده. ولما صدر القرار السلطاني بالإنتقام من أصحاب الفتنة وإرجاع ما سلبوه ظن المغتصبون أن القاضي الحاج الحسين هومن سيتولى تنفيذ الأحكام لفائدة شيخ إلغ وتغريم الباغين ولن يذخر جهدا في ذلك نظرا لصلته الحميمة بالإلغيين عموما وبطلب الحق على الخصوص. فهجم المستهْدَفون على بيت القاضي فنهبوه وأرادوا الفتك به فسلمه الله ورحل بأهله الى قرية تكموت بتغجيجت فبقي هناك مدة يدرس بمسجدها الكبير إلى أن حصل الصلح مع أعدائه فرجع إلى بيته بإفران. [/font]
[font="]فكان جزاؤه على صبره أن يسر له الله حجة صحبة القائد أحمد القرضاوي ثم حجة ثالثة سنة 1314 في معية القائد أحمد التمنارتي. ولما عاد من الحج سنة 1315 وجد القائد الجيلولي قد انتقم من المغيرين عليه شر انتقام لسعيهم فسادا في الأرض وكراهيتهم لوجود ممثلين لسطة الدولة بتلك الربوع النائية. ولم يفلت من محنة هذا العامل وبطشه إلا ثلاثة بيوت بتنكرت: بيت الحاج الحسين وبيت تلميذه الأديب الطاهر الإفراني وبيت المرابط الناصري. وكان رؤوس الفتنة يعتقدون أن الحاج الحسين هومن يسعى إلى نشر سلطة الدولة في سوس المشهورة بالتسيب وتعاطي أهلها للأعمال التجارية مع الأجانب. ولا يتيسر لهم هذا إلا إذا ضعفت هيبة الدولة وانفسح لهم المجال. ونجد ما يؤكد هذا القول عند العلامة محمد المختار السوسي في حق الحاج الحسين: نعم إن للأستاذ الإفراني نظرة فاق بها فقهاء عصره كافة وهي أنه لا يريد إلا أن يكون دائما في كفة الحكومة كيفما كان الأمر ويسعى في تنفيذ أوامرها، وبهذا عرف طوال حياته. ومما يزكي هذا المنحى أننا وجدنا أوراقا مخزنية تعود الى عهد السلطان الحسن الأول تشهد أن المرابط الإفراني كان من ضمن الأعيان الذين يرافقون المحلة السلطانية خلال جولاتها بسوس. فتارة يشير على رجال الدولة بإشاراته ونصائحه في حل مشاكل القبائل وثارة يستعمل نفوده المعنوي لاستسلام الثوار بل يعمل أحيانا كدليل لإرشاد المحلة إلى معرفة أسهل السبل وأكثرها أمنا لتيسير مرورالجيش. كذلك ذكر محمد المختار السوسي في ترجمة الحاج الحسين في المعسول بعض الرسائل المخزنية التي توصل بها في عهد السلطان عبد الحفيظ من أجل شكره وتشجيعه على المضي قدما في عمله الوطني المخلص.فهذه فقرات من رسالة للوزير الصدر المدني الكلاوي: [/font]
[font="]محبنا الأرضى السيد المرتضى الفقيه البركة الباذل جهده في سبيل الله...وصل كتابك... جوابا عما كتبنا به لك في شأن التنبيه لما حدث في أيت باعمران بأنك وجهت من يستقصي أخبار تلك الناحية وتحذير من يروم وقوع الفتنة بين المسلمين وتمليك أرضهم وأولادهم لطغاة الكافرين ووقوفك في حسم مواد الفساد وأن تلك القبائل قامت على ساق الجد والإجتهاد وأن الكل لاهجين بدعوة مولانا السلطان...فجزاكم الله أحسن الجزاء...ويصلك طيه كتاب بتكليف القائد صالح على العسكر وجمع أشتاته...الخ. وفي رسالة أخرى وفي نفس الموضوع يقول المدني الكلاوي: [/font]
[font="]...وصلت مكاتيبك جوابا على ما قدمناه لك يإنذار تلك القبائل وردها للجادة وعدم مصارفتهم مع الأجانب الذين يريدون التسلط على القطر السوسي بوسائلهم التي لا تحمد حالا ولا مآلا وأن سيادتك قامت في ذلك على ساق ووجهت المكاتيب لأربابها وحذرت وأنذرت وأوقعت الموعظة في القلوب موضعها. وقد كتبنا لمولانا أيده الله في شأن وقوفك واهتمامك بأمور المسلمين...فزد على ما أنت عليه ولا تقصر كما هوالظن بك والمقصود منك وبالغ جهدك في إطفاء نار الفتن فإننا والحمد لله في غاية الإطمئنان بوجودك في تلك الناحية...الخ. [/font]
[font="]إن الأحداث المشار إليها في هذه الرسائل هي محاولة الإستعمار البريطاني والإسباني وضع القدم في منطقتي سيدي إفني وطرفاية بل وكذلك الساقية الحمراء. وما أبعد هذه الأماكن عن إفران وتيزنيت التي يعمل بها القاضي. فالدور المخول للحاج الحسين من طرف الدولة هوالإشراف على كل المنطقة السوسية وتمثيل الدولة بها تمثيلا مباشرا وفعالا كما يطلب منه أن يخبر الدوائر العليا بكل ما من شأنه أن يمس بالأمن والإستقرار حتى يتخذ المخزن التدابير اللازمة وفي الوقت المناسب. [/font]
[font="]ففي سنة 1318 على إثر وفاة الحاجب الوزير أحمد بن موسى أُقيل القائد الجيلولي من منصبه فخرج بجيوشه من المنطقة. فانتقم أهل تنكرت من القاضي الحاج الحسين الإفراني ونهبوا بيته ظلما وسرقوا كل ما فيه من أثاث وكتب (نحو 1600 كتاب) وجعلوا عاليه سافله شأنهم شأن سائر القبائل السوسية برؤسائها المخزنيين. لكن الله كان به لطيفا إذ سلمه وأهله. وقد حرص الطلبة والمريدين على استرجاع كتب شيخهم من أيدي الناهبين فردوا غالبها الى صاحبها. [/font]
[font="]على إثر هذه النكبة عين السلطان مولاي عبد العزيز للقاضي دارا كبيرة بتزنيت تليق بمقامه فبقي على عادته من نشر العلم والطريقة التجانية وقضاء الأحكام الشرعية واستقبال الوافدين عليه والعناية بإرشاد المسترشدين قولا وكتابة. كما قام ببناء زاوية تجانية بتزنيت فتوالت عليه نعم الله وهباته وزاد عزا وشهرة ووجاهة. أما أعداؤه فقد أرغمتهم الدولة بعد مجيء عامل جديد بجيشه وهوالقائد أنفلوس الحاحي التجاني وقاضي الحملة الحسين التاحبوستي، كان تجانيا كذلك، على التعويض للشيخ كل ما ضاع منه ورد ما نهبوه فطلب رضي الله عنه من السلطان أن يسامحهم ويعفوعنهم. أما هوفقد سامحهم لله وجعلهم في حل مما أخذوه لأن الله تعالى قد عوضه خيرا من ذلك. [/font]
[font="]لما اعتلى مولاي عبد الحفيظ عرش المغرب سنة 1325 كان الحاج الحسين على رأس وفد المبايعين له عن المنطقة السوسية فجالسه السلطان وتبرك به وواساه وأكرمه وطلب منه أن يزوره ثانية ففعل ذلك في السنة الموالية فوصله السلطان ب4000 ريال وأغدق عليه الهدايا. وخلال هاتين السفرتين لمراكش التقى الحاج الحسين بعلماء المدينة وأعلام الطريقة بها ففرحوا به وأجاز من أجاز منهم ورجع إلى تزنيت مارًّا بتارودانت حيث استقبله الناس بحفاوة بالغة وزاد ذكره ذيوعا وبقي ينعم برغد عيش إلى أن لقي الله تعالى آمنا مطمئنا في صحة وعافية. [/font]
[font="]وبعد أن صام رمضان المبارك ودرس خلاله صحيح الامام البخاري بالزاوية كانت وفاته في 4 شوال الابرك 1328 عن سن تناهز الثمانين تيمنا بعمرسيدنا الشيخ التجاني رضي الله عنه والعارف بالله سيدي محمد العربي بن السايح.و دفن الامام الإفراني رحمه الله خارج الزاوية التجانية كما هومعلوم عند أهل هذه الطريقة وإنما صار قبره اليوم داخلها بسبب توسعتها فأضيفت إليها بعض مرافقها الخارجية كالسقيفة التي كانت مقبرة. [/font]
[font="]فيما يخص هذه النقطة يجب هنا نقل ما قاله تلميذه الإساكي رحمه الله: دفن رضي الله عنه في سقيفة بفم المسجد-الزاوية الأحمدية التجانية في يمين الداخل إليه تحت طاق كبير مفتوحا من الزاوية لتلك السقيفة. وليعلم أن هذه السقيفة ليست من الزاوية المنهي عن الدفن فيها على لسان القطب المكتوم رضي الله عنه إذ الزوايا الأحمدية هي مساجد وليس جملة من المساجد السقائف والرحاب التي بأفواهها. ولذا يجوز فيها ما لا يجوز في المساجد كنذب جلوس القاضي فيها لفصل الخصوم ولِيَصل إليه فيها الحائض والجنب والمسلم والكافر كما نص عليه شروح المختصر. فلينظرها المرتاب ولا يقل أن سيدنا أبا علي رضي الله عنه دفن في الزاوية المنهي عن الدفن فيها. لذلك من قاله فقد افترى افتراء مبينا. [/font]
[font="]كان الحاج الحسين رحمه الله بهي الطلعة جميل الهيئة ذا هيبة عظيمة يلبس لباس العلماء في المناسبات كالجمعة واللأعياد ودراسة العلم وفي الغالب يلبس كعامة الناس بلا تأنق لكنه يتميز بأخلاق عالية كحسن المعاملة والتسامح والإغضاء و العفووخفض الجناح والحياء والكرم الواسع دائم الإبتسامة كثير المداعبة يتواضع تواضعا طبيعيا جبليا لا تكلف فيه يحب كل الناس حتى يظن كل واحد أنه يحبه أكثر من الآخرين مع الشفقة عليهم والرحمة بهم.كان يصحب كل طوائف العلماء وأهل الطرق لا يفرق بين أهل طريقة وأخرى يزورونه ويزورهم ويتعامل معهم باحترام. كما يخص أهل البيت النبوي بمحبة عظيمة لا يعاملهم كغيرهم من سائر الناس ولا يرد لهم طلبا ويقدمهم على غيرهم محبة في جدهم صلى الله عليه وسلم. [/font]
[font="]أما عبادته ومجاهدته فقد أفنى عمره في طاعة ربه ولم يعرف سوى ذلك. كان يقول رضي الله عنه :عمري ما لعبت من صغري. وفي الحديث الشريف: عجب ربك من شاب لم تكن له صبوة. وكان رضي الله عنه صواما مداوما على تلاوة القرآن والذكر لا يترك قيام الليل كما كان مداوما على صلاة التسبيح بالليل لا يتركها حضرا ولا سفرا.وكان يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يحبها إلى حد الإهتبال، يذكر6000 من الفاتح لما أغلق كل ليلة قبل انصداع الفجر.كان هذا قبل أن يأخذ الطريقة التجانية، فلما أخذها صار يقول:انما مشربي صلاة الفاتح لما أغلق. فلا يتركها ولا يذكر غيرها وإن كانت لذيه أذكارا عالية جدا كالفاتحة بالنية الخاصة. [/font]
[font="]كما كان رحمه الله يحب الكتب وشراءها ومطالعتها حتى صارت له خزانة نفيسة بسوس عديمة المثل لا تقل عن الفي كتاب بين مطبوع ومخطوط منها مؤلفات ناذرة. [/font]
[font="]اما المقدمون الذين تخرجوا على يده فقد فاق عددهم ثلاثمائة كلهم من أكابر العلماء كالحاج علي الاساكي ومولاي الطيب السفياني الحفيد وسيدي يوسف الكنسوسي وسيدي عبد الله القشاش والحاج الأحسن الباعقيلي والعلامة محمد الرافعي الدكالي والفقيه العلامة محمد بن يحيى الولاتي والعارف بالله سيدي أحمد بن مبارك أُتِنْهَمُّوالشتوكي والوزير الصدر المدني الكلاوي والحاج مَحمد الناضيفي والأديب السيد الطاهر الافراني والفقيهين سيدي محمد بن عبد الله الإلغي مؤسس مدرسة إلغ وأخيه سيدي علي بن عبد الله المشرف عليها من بعده. والفقيه ابراهيم بن محمد الطاطائي والعلامة سيدي أحمد التجاني الشنقيطي ثم المصري والمقدم سيدي محمد الولتيتي المزواري الروداني والأستاذ محمد بن علي إيجِّيج وخليفة الأستاذ بالزاوية بعد وفاته سيدي محمد الراضي الإفراني... وغيرهم كثير.قال الفقيه الحاج علي الإسكي : أنبأني بعض المقدمين أنهم حسبوا يوما عند أبي علي مقدميه حتى سردوا منهم ثلاثمائة مقدم فتركوا الحساب من غير إكمالهم. [/font]
[font="]وقد وقفنا على بعض الإجازات في الطريقة التجانية كتبها المترجَم لكبار تلامذته تشتمل على كثير من الفوائد والنصائح الضرورية معرفتها لكل مقدم نذكر منها إجازة الفقيه سيدي الحاج علي الإساكي والعلامة الأديب السيد الطاهر الإفراني وهي نمادج راقية في آداب الصوفية. [/font]
[font="]فلم تشغل تربية المريدين والتدريس والوظائف المخزنية هذا الأستاذ عن التأليف والمراسلة بل ترك للخلف آثارا قيمة لم يكتب لها حظ في الظهور والنشر على أوسع مدى، وإن كان جلها متداول بين علماء الطريقة التجانية.أما الرسائل فتختلف بين الإخوانية والوعظية الخاصة بأهل الطريقة التجانية وهي الأهم بالنسبة لنا نذكر منها " الخواتم الذهبية في أجوبة الأسئلة القشاشية " وهي رسالة طويلة أجاب بها المؤلف أحد كبار المقدمين التجانيين بالصويرة العلامة سيدي عبد الله القشاش تتعلق بفقه الطريقة ومواضع مختلفة تهم المريد التجاني. وقد سبق لنا أن عملنا على تصحيحها ورقنها وتوزيعها بين الإخوان إلى حين يفتح الله فنعمل على طبعها نظرا لأهمية ما جاء فيها من فوائد. [/font]
[font="]كما يجب الإشارة إلى بعض الرسائل الأخرى كتلك المبعوث بها إلى المقدم سيدي أحمد أُتنهمو و أخرى الى الحاج أحمد بنكيرا بتارودانت ورسالة إلى كافة الإخوان بسوس ورسالة إلى فقراء زاوية برّيمة بمراكش ونختم برسالة موجهة إلى فقراء وادي نون نذكرها كاملة لما تضمنته من فوائد: [/font]
[font="]إعلموا أن الإمام لا ينبغي له أن يقف في المحراب عند الصلاة ولا يجلس فيه بعد السلام بل يقف في الصف ويسجد في المحراب وفي ذلك غاية الأدب مع الله عز وجل لأن المحراب حضرة الله الخاصة. فالعبد لا يطأ برجله في محل السجود لسيده. قال الحضيكي في شرحه على الرسالة. قال ابن وهب عن الإمام مالك رضي الله عنه: من جلس في المحراب جلس على شفير جهنم. وفي رواية : من دعا في المحراب تمقته الملائكة. اهـ. [/font]
[font="]وهذا وعيد شديد فعليكم بالإحتياط في أمور دينكم بحيث لا تخلو أحوالكم عن مراعاة الآداب مع حضرة الله وحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الحضرتين حضرة واحدة، فمن فرق بين الحضرتين فليس بعارف وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان. [/font]
[font="]خديم الأعتاب التجانية الحسين بن الحاج أحمد الإفراني أمنه الله آمين. [/font]
[font="]أما مؤلفات الحاج الحسين فمتعددة ويمكننا الجزم على أن الكثير منها ضاع في حياته بسبب النهب الذي تعرضت له خزانته باستثناء ترياق القلوب والخواتم الذهبية.ولابد أن آثار أخرى لا نتحقق من وجودها لا زالت تحت يد حفدته علما أن إبنه محمد الحبيب، الذي عمّر طويلا (توفي سنة 2003 ) كان عالما له خزانة حافلة وله اهتمام كبير بزاوية والده. من ضمن هذه المؤلفات: [/font]
[font="]- كشف الغطا فيمن تكلم في الشيخ التجاني بالخطا[/font]
[font="]- إظهار الحق والصواب[/font]
[font="]- مهب الرحمات على طلاب المسرات[/font]
[font="]- قمع المعارض المفتري الفتان في من نسب ما لا ينبغي لأهل الفضل من البهتان[/font]
[font="]- تحفة الأكياس في من ينسب لسيد الناس[/font]
[font="]- كتاب في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم[/font]
[font="]- تعليق على فروق القرافي[/font]
[font="]- المجالس المحبرة الفائضة من بحر الختمية الفائضة[/font]
[font="]- تفسير سورة الإخلاص [/font]
[font="]- شرح قصيدته في الرد على الفقيه أحمد بن محمد الماسي[/font]
[font="]- تعليق على كتاب الدرة الخاردة[/font]
[font="]- ترياق القلوب من أدواء الغفلة والذنوب الذي نحن بصدد الحديث عنه وهوكتاب نفيس في التربية الصوفية على العموم والتجانية الأحمدية على الخصوص. [/font]
[font="]أما خزانة العلاّمة الإفراني التي تناقلت أخبارها الركبان فقد استرجع منها الكثير بعد استقراره بتزنيت. ولما توفي رحمه الله اشتراها أوجلها من ورثته باشا مراكش الحاج التهامي الكلاوي. ولما توفي هذا الأخير سنة 1956 تعرضت خزانته وقصوره للنهب على مدى واسع كما هوالمعتاد حين ينقلب الدهر على كبار الأعيان. وما شاء له الله أن يبقى وضعته الحكومة في الخزانة الوطنية بالرباط حيث لازال الكثير من كتب الحاج الحسين وكنانيشه وأوراقه محفوظة هناك يتناولها الباحثون بالدراسة.[/font]
[font="]سيدي العربي ابن السائح (1229/1309هـ)[/font]
[font="]العالم الفقيه المحدث الصوفي الشهير عند الخاص والعام، بحر في العلم والولاية، ولد بمكناس، وانتقل إلى الرباط حيث سطع نجمه، وفشى سره وأصبح قبلة الطلاب والعلماء، يبهرهم بعلمه، ويدل على الله بحاله ومقاله، تجاني فاني في محبة شيخه. [/font]
[font="]هو سيدي محمد العربي الشرقاوي المكناسي ثم الرباطي. ولد بمكناس عام 1229هـ/1814م، وعمرُ والده أنذاك 76 سنة، ومات والده عن 96 سنة وهو ابن عشرين. وقد ترجم له تلميذه المحدث أحمد بن موسى السلاوي في بعض ختماته ذاكرا مشاركته في جميع الفنون خصوصا الحديث والفقه والعربية والعروض، وقد كان له مجلس تشد إليه الرحال. إذا تكلم في حديث من أحاديث الصحيح تسمع منه ما لا تراه في كتاب. وتأتيه الأسئلة في الحقائق العرفانية من أقاصي البلدان، فيجيب عنها بأفصح بيان وأضح برهان. مسقط رأسه بمكناس قرب الجامع الكبير وقد انتقل من مكناسة إلى الرباط. قال في حقه مؤلف إتحاف أعلام الناس: "علامة مشارك نبيه، مدرس نفاع ناظم ناثر بارع فاضل ماجد لين هين مهاب صالح، مرشد ناصح، له إشراف على التاريخ مستحضر لتراجم المتأخرين، معنٍ بقراءة صحيح البخاري، إذا تكلم في حديث أتى بما يبهر العقول، مما لا يظفر به في ديوان منقول. من أهل الرسوخ في السنة والتمكين، عارف بربه دال عليه مرشد إليه قدوة..." (5: 429). [/font]
[font="]أخذ عن الشيخ عبد القادر الكوهن الفاسي دفين المدينة المنورة، والشيخ عبد القادر العلمي المكناسي (سيدي قدور العلمي)، ومحمد الهاشمي السرغيني دفين عين ماضي أخذ عنه الطريقة التجانية التي كان ابن السائح من كبار رجالها. [/font]
[font="]ومن أشهر تلاميذ ابن السائح الرباطيين الأديب أحمد جسوس (ت. 1331) والفقيه بلامينو (ت. 1333) والقاضي أحمد بناني (ت. 1340). من السلويين المحدث أحمد ابن موسى، (ت. 1328)، والأديب الحاج الطيب عواد (ت. 1336) وغيرهم كثير.[/font]
[font="]مصنفاته: [/font]
[font="]بغية المستفيد لشرح منية المريد (ط. القاهرة 1304/1886). [/font]
[font="]ختم صحيح البخاري، قيده تلميذه أحمد بن محمد ابن موسى السلوي (مخطوط 1746 د). [/font]
[font="]جواب على سؤال أحد أهل سوس التجانيين في موضوع تخفيف المكث بين السجدتين وبين الركوع والسجود (مخطوط خ.ع 2462 د). [/font]
[font="]كناشة ( مخطوط خ. ع133.ج) [/font]
[font="]إفادات وإنشادات (مخطوط خ.ع). [/font]
[font="]ديوان شعر في الأمداح النبوية. كان بيد تلميذه العلامة عبد القادر لبريس الرباطي. [/font]
[font="]ديوان صغير في المناجات والتوسلات، وفيه إخوانيات وسلطانيات وغزليات وفكاهات. ومن غرر شعره قصيدة مطلعها: [/font]
[font="] يا رحمة للعالمين وخير من[/font]
[font="] تجلى به عنا المصائب والكـرب [/font]
[font="]وأخرى مرتبة على حروف الصحابي عمران ابن حصين، مطلعها: [/font]
[font="] عودتني منك إحسانا وثقت به[/font]
[font="] وحاشا فضلك أن أراه ممنوعا [/font]
[font="]وأخرى مطلعها: [/font]
[font="] الله أكبر لا كبير سواه [/font]
[font="] جلت محامده وعز ثناه [/font]
[font="]وهي قصيدة أنشدها توسلا عند نشوب الحرب بين روسيا وتركيا بين سنتي 1294-1295/ 1877-1878. فانجلى الهم الذي أصاب المسلمين آنذاك بانتصار الأتراك، وكان قد انعزل في خلوته أسبوعين يدعو الله حتى استجيب له. [/font]
[font="]توفي أبو المواهب محمد العربي ابن السائح بالرباط مُنسَلَخ رجب عام 1309/27 فبراير 1892. وضريحه مزارة شهيرة بباب العلو. وكان ضريحه مسرحا لدروس دينية عالية حيث كان يلقي الشيخ أحمد بن المامون البلغيثي 1309/1891 دروسا في صحيح مسلم، كما درس الشيخ محمد المدني ابن الحسني القوانين الفقهية لابن جزي بين العشائين. مصادر البحث: [/font]
[font="]أ.ابن موسى السلاوي، [/font]
[font="]ختم صحيح البخاري، مخطوط، [/font]
[font="]ع. الرحمان ابن زياد، [/font]
[font="]إتحاف، ط2، الرباط، 1990، ج. 5، [/font]
[font="]أ. سكيرج، كشف الحجاب، ط3، عام 1381/1961، ت،[/font]
[font="]ع. السلام ابن سودة، [/font]
[font="]إتحاف المطالع/ موسوعة أعلام المغرب، بيروت، 1996، ج. 8. [/font]
[font="] معلمة المغرب، ج 14، ص 4832. [/font]
[font="]بتصرف [/font]
[font="] [/font]
[font="]مولاي عبد السلام بن عمر العلوي المدغري[/font]
[font="]العلامة الشريف مولاي عبد السلام بن عمر العلوي المدغري، فقيه مدرس، وصوفي جليل، من مواليد مدينة زرهون عام 1270هـ.. [/font]
[font="]أخذ العلم عن جماعة من علماء المدينة المذكورة منهم: سيدي محمد الفضيل بن الفاطمي الشبيهي، والعلامة سيدي محمد الخياط الزرهوني، والفقيه سيدي محمد بن عبد الواحد الإدريسي، وأخذ بمدينة فاس عن ابن عمه وصهره الشريف العلامة مولاي عبد المالك الضرير العلوي، والعلامة القاضي مولاي محمد (فتحا) بن عبد الرحمان المدغري، والفقيه سيدي محمد بن المدني كنون. [/font]
[font="]أخذ رحمه الله الطريقة الأحمدية التجانية عن صهره العلامة مولاي عبد المالك الضرير العلوي. [/font]
[font="]تولى خطة القضاء بطنجة مرتين، وبالدار البيضاء، وبمدينة أزمور، ثم عين بعد ذلك خليفة لرئيس المجلس العلمي بفاس. [/font]
[font="]من مصنفاته: شرح حزب التضرع لصهره المذكور. [/font]
[font="]كانت وفاته رحمه الله يوم الثلاثاء 14 جمادى الثانية عام 1350هـ. [/font]
[font="]أنظر ترجمته في:[/font]
[font="]- رياض السلوان للعلامة سكيرج، ص: 51. [/font]
[font="]- قدم الرسوخ لنفس العلامة، رقم الترجمة: 6. [/font]
[font="]- دليل مؤرخ المغرب الأقصى لابن سودة، ص: 144 رقم الترجمة: 838. [/font]
[font="]- الأعلام للزركلي، ج. 4 ص: 7.[/font]
[font="]سيدي الغالي بن المكي السنتيسي المكناسي[/font]
[font="]العلامة الأديب المقدم سيدي الغالي بن المكي السنتيسي المكناسي النشأة والدار والإقبار، أخذ رحمه الله العلم عن جماعة من جهابذة علماء مكناس وفاس.. [/font]
[font="]وكان رحمه الله كاتبا أول زمان السلطان مولاي الحسن الأول، ومولاي عبد العزيز، ومولاي عبد الحفيظ، ثم ناظرا على الأحباس الصغرى بمكناس، إلى أن توفي ليلة الاثنين 17 شعبان عام 1338هـ، ودفن بالزاوية الكنتية من حومة صدارته بمكناس. [/font]
[font="]له مصنفات جليلة منها: حاشية على الرسموكي شارح الجمل، وشرح لقصيدة كفاية المحتاج في مدح صاحب اللواء والتاج، لسيدي عبد الرحمان بن زيدان، في جزءين، وتأليف في إعراب: أما بعد، وقصيدة في فقه الطريقة الأحمدية التجانية سماها: درة التاج وعجالة المحتاج، وديوان شعر في الأمداح النبوية رتبه على الحروف الهجائية، وشرح على همزية الإمام يوسف النبهاني، وغير ذلك من التقاييد والرسائل. [/font]
[font="] - إتحاف أعلام الناس لابن زيدان، ج. 5 ص: 508. [/font]
[font="]- الرحلة الزيدانية للعلامة سكيرج، ص: 60. [/font]
[font="] [/font]
[font="]مَحمد بن عبد الواحد النظيفي (1270/1366هـ)[/font]
[font="]العالم السوسي أصلا المراكشي استقرارا ودارا التجاني مشربا المالكي مذهبا، بحر العلوم النقلية والمعارف اللدني، ربى بهمته الخلق وصدع بالحق، وأوذي في الله وتجلد. [/font]
[font="]النظيفي، مَحمد بن عبد الواحد بن حسن العالم الورع والصوفي المربي والباحث في علوم القوم، ينتمي إلى قبيلة إذا أونظيف الواقعة بالأطلس الصغير الأوسط. [/font]
[font="]ولد بفخذة آيت كين سنة 1270/ 1853. وما كاد يبلغ سن التعليم حتى أدخله والده الكتاب عند الفقيه محمد بن علي الهوزالي، ثم عند الفقيه محمد بن عبد الدائم بقرية تاملوت، وبعدما أتقن حفظ القرآن الكريم بقراءاته المتعددة أرسله لطلب العلم بمدرسة آكادير الهنا عند الفقيه عبد الرحمان بن محمد من آل الحسين، ثم تابع دراسته عند الشيخ أحمد بن موسى الطاطائي بمدرسة تاتلت حيث زاوية اليعقوبيين الناصريين. فلازمه مدة أربع عشرة سنة. وارتحل معه إلى مدرسة إيماديدن. [/font]
[font="]وبعدما حصل العلوم التي تدرس بسوس قرر أن يتوجه إلى جهة مراكش رغبة منه في المزيد من المعرفة. فحط رحاله عند الشيخ علي بن بوجمعة المسفيوي بمدرسة أخليج بأوريكة فمكث عنده مدة، لمس أستاذه خلالها نجابته وسعة محصوله العلمي وولعه بالقراءة. وهذه الخصال الحميدة ظاهرة مبكرة تميز بها عن أقرانه، وشهد الثقات بها كما شهدوا باعتزاله اللهو واللعب. [/font]
[font="]ولعل فراسة شيخه المسفيوي جعلته ينصحه بالذهاب إلى فاس لتعميق تكوينه بجامع القرويين. وفعلا لبى رغبته وحضر المجالس العلمية بهذه المدينة التي أقام بها 14 شهرا. [/font]
[font="]بعدما قضى الطالب سيدي مَحمد النظيفي هذه الفترة الدراسية بالقرويين، عاد لملاقاة شيخه بأوريكة فرأى فيه أستاذه القدرة على التدريس فكان الأمر كذلك، فشارط في المدارس العتيقة بالبادية وملأها علما وتربية. وطالت إقامته بمدرسة أكَركَور الواقعة على الضفة اليمنى لوادي نفيس في الشمال الغربي لهضبة كيك، وهي إذ ذاك تحت سلطة القائد الطيب الكَندافي. فأقبل عليه طلبتها وملأ جهتها علما وتربية، وتشاء الأقدار أن تشهد سنة 1309 تحولا في مساره الروحي وانتقاله من الطريقة الناصرية التي كان عليها هو ووالده وأهله إلى التجانية على يد الشيخ سيدي أحمد محمود الدرعي نسبا والمراكشي دارا والبحيرة بالرحامنة مدفنا. [/font]
[font="]ولما أحس أن الطيب الكَندافي عزم على توليته خطة القضاء تملص من هذه الولاية وأظهر رغبته في زيارة ضريح مولاي إبراهيم مع أهله، فوجدها فرصة للالتحاق بمراكش بتنسيق مع شيخه سيدي أحمد محمود ، فدخل هذه المدينة في شوال عام 1317 واستقر بها. فذاع صيته بها. وعمت شهرته آفاق المغرب وخارجه بعطائاته العلمية وتربيته الروحية للمريدين طيلة هذه الفترة الطويلة التي قضاها بالحمراء. [/font]
[font="]والجدير بالملاحظة أن سنة 1309 تؤرخ بداية تألقه وشهرته. ففي هذه السنة أجازه الشيخ سيدي أحمد محمود في الطريقة التجانية حيث ورد في هذه الإجازة قوله: "وليعلم الواقف عليه أنا أجزنا أخانا وصديقنا الفقيه النبيه الأمجد السميدع الأريب الأسعد الفقيه البركة الحاج مَحمد بن عبد الواحد بن الحسن النظيفي آمنه الله في أذكار هذه الطريقة اللازمة وغيرها تبعا لها أعني التجانية الأحمدية...،" إلى أن يقول " فيجتنب بغاية جهده طريقة التفريط بمتابعة الهوى بالترخيص والتساهل التي هي فساد وإضلال وخذلان..." وهذه الإجازة محررة في 5 شوال 1309 وأشار إلى سنده الصوفي في الدرة الخريدة. [/font]
[font="]وفي 21 صفر 1310 أجازه الشيخ سيدي الحسين بن أحمد الإفراني علامة سوس المتوفى سنة 1328 في الطريقة التجانية بسندها وشروطها وأذكارها وأورادها ووظيفتها المعلومة. [/font]
[font="]والإجازة الثالثة من العلامة محمد كَنون المتوفى سنة 1326 وهي مؤرخة ب14 ربيع النبوي سنة 1310 وتشمل التصوف والطريقة التجانية وصحيح البخاري وموطأ الإمام مالك مع ذكر السند، وقد أشار إليها في منظومة تحتوي على 13 بيتا. [/font]
[font="]والإجازة الرابعة في الطريقة كذلك في شوال سنة 1311 من طرف الشيخ العالم المربي عبد الله أكنسوس المتوفى عام 1317. [/font]
[font="]وأقبل الشيخ على هذه الطريقة باحثا ومؤلفا ومربيا فأسس زاويته التجانية المشهورة باسمه سنة 1335 بباب فتوح لما ضاقت داره بالمريدين بعدما غادر الزاوية التجانية المشهورة بالكنسوسية. [/font]
[font="]ووجدت هذه الكفاءة العلمية ومشيخة التدريس والتربية ما يوازيها من الكتابة نثرا ونظما، أغلبها في الطريقة التجانية وفقهها. وتميزت منهجيته باعتماد الشروح، ومخاطبة السالكين والمتعلمين حسب عقولهم. وقد أبان فيها عن مقدرته العلمية والأدبية: النثرية والنظمية. واعتمد الأراجيز والمنظومات التعليمية. وتتبع أحداث عصره. [/font]
[font="]توفي سنة 1366/1947 بمراكش، وتم دفنه بغرفة كان قد اقتطعها من الزاوية وأوصى بأن يدفن فيها، فرثاه محبُّوبه من الأدباء، وما أكثر القصائد التي قيلت في مدحه ورثائه وفي حله وترحاله. وأما الإشراف على تسيير الزاوية فمازالت متداولة بين أبنائه. [/font]
[font="]مصادر البحث: [/font]
[font="]- محمد النظيفي، الطيب الفائح، [/font]
[font="]- محمد. المختار السوسي، المعسول، 19: 137، [/font]
[font="]- رجالات العلم العربي بسوس، ص. 208، سوس العالمة، ص. 208، [/font]
[font="]- ع. السلام بن سودة، دليل مؤرخ المغرب الأقصى، 2: 395-410، [/font]
[font="]- إتحاف المطالع، 2: 517، محمد الميموني، [/font]
[font="]- صلاة الفاتح بين المعتقد والمنتقد، عبد الواحد النظيفي، أدب الصوفية التجانيين بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، مرقونة: عمر رضا كحالة، [/font]
[font="]- معجم المؤلفين، 10: 266، الحسين السكنتاني، جريدة العلم، 26/10/2003، [/font]
[font="]- أحمد الأزمي، الطريقة التجانية في المغرب والسودان الغربي، ج 2، [/font]
[font="]- محمد النظيفي، مبادئ الإشراق والإسعاد فيما للتجاني من الأذكار والأوراد. [/font]
[font="] معلمة المغرب، ج 22، ص 7447 [/font]
[font="]بتصرف[/font]
[font="]سيدي أبو العباس أحمد بن قاسم جسوس[/font]
[font="]سيدي أبو العباس أحمد بن قاسم جسوس، فقيه وأديب ومحدث، من أعلام الطريقة الأحمدية التجانية بالرباط.. [/font]
[font="]أخذ العلم عن مجموعة من الشيوخ الأفاضل، في مقدمتهم العلامة الولي الصالح سيدي محمد العربي بن السائح، وشيخ الجماعة بالرباط العلامة أبو إسحاق إبراهيم التادلي، والفقيه أبو حفص الحاج عمر عاشور، وأخذ بمدينة فاس عن العلامة سيدي أحمد بناني كلا، والعلامة سيدي محمد بن المدني كنون، وسيدي محمد بن عبد الواحد بن سودة، وسيدي محمد فتحا بن قاسم القادري، وغيرهم، ومن مصنفاته رحمه الله: تعليق على موطأ مالك، والإغراء بمسائل الإستبراء، وزهر الخمائل من دوحة الشمائل، وجلاء الغين عن قرة العين، وهي حاشية على شرح الحطاب لورقات إمام الحرمين، وعقرب تحت طوبة، وهو تقييد في مسألة فرضية، ومنسك، وفهرسة جمع فيها تراجم من لقيهم في سفره للمشرق، وغير ذلك. وكان العلامة الولي الصالح سيدي محمد العربي بن السائح يسميه بعروس العلماء، وكان مهما دخل عليه قال له: مرحبا بعروس العلماء، ويفسح له، وذات يوم جعل ينظر ويمعن فيه كثيرا، والعلامة أحمد جسوس مطرق ببصره إلى الأرض، وأخيرا رفع إليه رأسه، فقال له الولي المذكور: السلحفاة لا تؤثر إلا بالنظر، وحتى بيضها لا يفقس إلا بالنظر إليه، وإنما أريد أن أهذبك بالنظر. وله رحمه الله ديوان مليء بالقصائد النبوية الشريفة، منها قوله في مطلع إحداها: [/font]
[font="]لطيبة فاركب ناقة الشوق أو طرفا وغض عن الأحباب كلهم الطرفا [/font]
[font="]وله في نفس الموضوع قصيدة طائية بديعة قال في مطلعها: [/font]
[font="]خليلي هذا البين في الخد قد خـط خطوط دموع تشبه الخد والشرط [/font]
[font="]جفاني به نومي وعيل تـصبـري وساورني هم كما الحية الرقطـا [/font]
[font="]وكانت وفاته رحمه الله في 13 ذي القعدة الحرام عام 1331هـ، عن 61 سنة، ودفن بالزاوية الناصرية بالرباط. [/font]
[font="]أنظر ترجمته في:- خلاصة المسك الفائح بذكر بعض مناقب سيدي محمد العربي بن السائح [/font]
[font="]- فتح الملك العلام، للفقيه الحجوجي، رقم الترجمة 149 [/font]
[font="]- أعلام الفكر المعاصر لعبد الله الجراري، ج 2 ص 39 [/font]
[font="]- الإغتباط لبوجندار، ص 62 [/font]
[font="]- الإعلام بمن حل مراكش لابن إبراهيم، ج 2 ص 281-289 [/font]
[font="]- الأعلام للزركلي، ج 1 ص 199[/font]
[font="]الحاج الأَحْسن بن محمد البعقيلي (1368هـ)[/font]
[font="]العالم الجليل والصوفي الزاهد والمربي الناصح، الذي جمع بين الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادل أهل المراء بالأحسن فكان اسم الصفة مطابقا للفعال. سوسي الأصل والنشأة، بيضاوي القرار والمدفن، وما ارتحل إلى دار الخلد حتى كان قد أسس مائة زاوية تجانية في جميع ربوع البلاد. [/font]
[font="]سيدي الحاج الأَحْسن بن محمد بن أبي جماعة، ويكتب أحيانا الحسن. حفظ القرآن ببلدته الأولى بعقيلة بمدرسة (إكَدي) وفيها رأى أن الرسول عليه السلام كساه حلة أولها صاحب الترجمة بالدين والإمامة والإطلاع على الحقائق (المعسول، 11: 161-163). [/font]
[font="]ثم انتقل بعد ذلك إلى دراسة العربية، فأخذ عن جملة من الأساتذة، ولازم بعد ذلك الحاج مسعودا الوفقاوي بمدرسة بْوابُوض قبل أن يلتحق بفاس سنة 1318/1900 حيث بقي بمدرسة الصفارين مدة يسيرة، ثم التحق بأولاد كَنون فتزوج هناك وولد له واكتسب مالا قبل انتقاله إلى القصر الكبير الذي تزوج به من إحدى الأسر الفاسية، على أنه سرعان ما انتقل إلى مدينة سطات مارًا بالخزازرة واستقر به المقام أخيرا بمدينة الدار البيضاء سنة 1348/1929 وظل بها إلى وفاته سنة 1368/1948. [/font]
[font="]إلى جانب هذا النشاط العلمي والرحلات والمهمات الرسمية أسهم صاحب الترجمة بحظ وافر في مجال التصوف، فقد أذن له باكرًا في الطريقة الأحمدية التجانية أستاذه الشهير الحاج الحسين الإفراني مؤسس الزاوية التجانية بتزنيت. [/font]
[font="]كما أخذ التصوف أيضا عن الشيخ الحاج عبد الله الغشاني (المعسول، 11: 160) وقد أثبت صاحب المعسول إجازة الشيخ الإفراني لصاحب الترجمة تتضمن توجهات دقيقة في كيفيات استعمال بعض الأذكار وآداب ذلك للمريد السالك طريق الترقي والتزكية عند الصوفية عامة وعند الشيخ التجاني خاصة، مع الإذن بتلقين المريدين هذه الأذكار وما تفعل في تلقين الاسم الأعظم (المعسول، 11، 161). [/font]
[font="]وقد أجيز صاحب الترجمة في السلوك الصوفي من طرف شيوخ آخرين، منهم سيدي علي الإسِكَلي، وسيدي الطيب بن أحمد بن الطيب السفياني، وأحد أحفاد الشيخ التجاني مؤسس الطريقة سيدي محمود رضي الله عنه، ومن الشيخ التجاني نفسه عن طريق الاتصال الروحي في الاسم الأعظم وغيره. [/font]
[font="]وحصل له بسبب هذا التجوال على مستوى الأمكنة والرجال ما بين قراء وعلماء وصوفية وحكام ملامحُ سلوكية وعلمية بارزة طبعت شخصيته فجعلته متمكنا من الحديث، حَسَنَ المحاضرة والاستطرادات اللغوية والقصصية وغيرها، مع ميل إلى الانبساط، متخذاً ذلك أسلوبا تربيويا لإيناس المريدين والزوار، مع ما استلزمه ذلك من كرم في الضيافة ورفع للحرج بينه وبين خواص جلسائه. [/font]
[font="]ورغم ذلك كان ضابطا للسانه في تناول سيرة الأشخاص مع حرص على ملازمة الوضوء وإقامة الصلوات في أسرته ذات العدد زوجات وأبناء. وإلى جانب هذه الحياة الصوفية الحافلة أنتج قلمه مجموعة من المؤلفات وربما كان ذلك من أثر تخرجه من المدرسة الإلغية ذات الاتجاه الأدبي بسوس حتى وصفت مؤلفاته بالجودة. [/font]
[font="]مؤلفاته: [/font]
[font="]مقاصد الأسرار والخفى والجواهر المرضية والكاملة في نهاية الأخفى، وهو في تفسير سورة البقرة في جزأين طبع بالدار البيضاء سنة 1354/1935. [/font]
[font="]تبيين الأشراف أهل دائرة الوسائل وقبلة توجه كل سائل، طبع بالمطبعة نفسها سنة 1358/1939 في 122 صفحة. [/font]
[font="]تحفة الأطفال في مُعرب الأسماء والأفعال، سنة 1354/1935 في 36 صفحة. [/font]
[font="]رسالة إلى الولدان من فارس أهل الميدان طبعت سنة 1357/1938. [/font]
[font="]الإشفاق على مؤلف صاحب الاعتصام مما جناه إفكه على أهل الإسلام، المطبوع عام 1357/1938 في 60 صفحة. [/font]
[font="]إعلام الجهال بحقيقة الحقائق بأسنة نصوص كلام سيد الخلائق، ممزوجا بالمولد النبوي، طبع سنة 1357/1938 في 37 صفحة. [/font]
[font="]الحاشية بالشرب الصافي من الكرم الكافي، طبعت سنة 1354/1935 في جزأين. [/font]
[font="]إراءة عرائس شموس فلك الحقائق العرفانية، طبع سنة 1353/1934. [/font]
[font="]تحقيق الحقائق عن كشف مقالات أهل الطائف، طبع سنة 1356/1937 في 160 صفحة. [/font]
[font="]ترياق لمن فسد قلبه ومزاجه، طبع سنة 1358/1939. [/font]
[font="]الزلال الأصْفَى واللباب المحض الأوفى، طبع سنة 1353/1934 في 220 صفحة. [/font]
[font="]سوق الأسرار إلى حضرة الشاهد الستار، طبع في السنة المذكورة أيضا في 135 صفحة. [/font]
[font="]رفع الخلاف والغمة فيما يظهر في اختلاف الأمة، طبع سنة 1354/1934 في 108 صفحة. [/font]
[font="]إيضاح الأدلة بأنوار الأئمة، طبع سنة 1353/1934 في 115 صفحة. [/font]
[font="]وقد أسس من أجل إخراج هذه المؤلفات التي دأب على نشرها تباعًا المطبعة العربية بالدار البيضاء، وكانت زاويته بحي درب غلّف في المدة التي قضاها بهذه المدينة ما بين نشاط علمي وطباعي ونشاط تربوي صوفي ،لم تزل قائمة إلى الآن بدورها التربوي والعلمي بفضل جهود أبنائه وعلى رأسهم وارث سره ابنه سيدي محمد الكبير البعقيلي. وكانت وفاته عام 1368/1948. [/font]
[font="]بقلم ابنته[/font]
[font="]من هو العارف بالله الشيخ البعقيلي- رضي الله عنه ؟[/font]
[font="]ــ إنه الحاج الأحسن بن محمد بن أبي جماعة (أو أبي جمعة) ). [/font]
[font="]ــ لقب أيضا بابن علي ( نسبة إلى أبي علي بن عيسى ). [/font]
[font="]ــ عرف بالبعقيلي( نسبة إلى قبيلة بعقيلة) والجزولي (نسبة إلى منطقة جزولة ) الحسني ( نسبة إلى الحسن السبط بن سيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله ) [/font]
[font="]ـــ وهو مالكي المذهب، أشعري العقيدة ،تجاني المشرب بيضاوي المقر (نسبة إلى مدينة الدار البيضاء حيث استقر بها بعد ترحاله في أرجاء المعمور، وحيث زاويته الرئيسية بدرب غلف. [/font]
[font="]ــ يرجع نسبه السوسي إلى قبيلة إيداوْلتيت إحدى قبائل الأطلس. [/font]
[font="]ـــ عُرف رضي الله عنه بمساجده وزواياه العديدة في أنحاء المعمور، وبأتباعه الكُثر في العالم العربي والغربي و الإفريقي والأسيوي. [/font]
[font="]ـــ كانت له مطبعة خاصة.'برحبة الزرع' أسفرت عن مؤلفات عديدة في التربية الدينية المحضة، و التهذيب الروحي بالطريقة التجانية. ومؤلفات ثمينة في فروع الدين من توحيد وفقه وتفسير للقرآن والأحاديث القدسية و الشريفة، و حتى في ما أطلق عليها بالأحاديث الضعيفة لتحقيقها و غربلتها ، وإخراج بعضها من الإقصاء. [/font]
[font="]ــ ازداد رضي الله عنه بسوس (عام 1301هـ) بقبيلة إكضْ. [/font]
[font="]ــ وتوفي ليلة العاشر من شوال، عام 1368 هـ ونقل جثمانه بعد ذلك من مقبرة بن امسيك بالبيضاء إلى مقبرة الغفران بعد قُرابة نصف قرن تحت طلب ابنه البار وخليفته آنذاك وارث سره سيدي محمد الحبيب الذي خدم الدين والمشرب بكل ما أوتي من جهد ومثابرة، ثم تولى بعده مشعلَ الدعوة الأخ الفاضل سيدي محمد الكبير البعقيلي التجاني الذي لازال ينافح عن المشرب التجاني بكل قواه : و رحمة الله على الجميع من الدالين على الله عز وجل.[/font]
[font="]بقلم: الأستاذة زينب أبو عقيل نجلته[/font]
[font="]سيدي علال بن أحمد بن شقرون الفاسي[/font]
[font="]العلامة الأديب المقدم الجليل سيدي علال بن أحمد بن شقرون الفاسي، من خيرة فقهاء فاس..[/font]
[font="]الولي الصالح المقدم البركة العلامة سيدي عبد الله بن محمد التادلي الرباطي، فقيه وأديب، صوفي جليل، أحد تلامذة العارف بربه سيدي محمد العربي بن السائح.. [/font]
[font="]اجتمع بالعارف بربه سيدي محمد العربي بن السائح مرتين، الأولى عام 1304هـ، والثانية عام 1308هـ، لكنه لم يأخذ عنه أوراد الطريقة، وتأخر أخذه لها إلى سنة 1313هـ على يد العارف الشهير سيدي العربي اللحياني العلمي، وأجازه فيها جماعة منهم العلامة الأديب سيدي الطاهر بن محمد التمنارتي. وله رحمه الله قصائد كثيرة في مدح الشيخ رضي الله تعالى عنه، منها قصيدة قال في مطلعها: [/font]
[font="]سعد الذي حط الرحال بفاس في روضة المولى أبي العباس [/font]
[font="]ومن قصائده كذلك قصيدة في مدح الشيخ رضي الله تعالى عنه حين وفد التابوت التونسي المزركش للضريح الشريف، قال في مطلعها: [/font]
[font="]مولاي هذا العبد أصبح لائذا بحمى ضريحك يا أبا العباس [/font]
[font="]ومن أبياته التي نقشت بمقر الزاوية الميمونة بفاس قوله: [/font]
[font="]إن ترد ماء الـعـيـــــــون أو ترد كحــل العيــــون [/font]
[font="]فشفاء الصدر عـنــــــدي فأنا عيـن الـعـيــــــــون [/font]
[font="]فالرضا في حسن وجهي وبهائـي وفـنــونــــــــي [/font]
[font="]وجميع الخير فاقــصــــد لو يكن فـوق الظنــــون [/font]
[font="]مددي مولاي أحـمـــــــد قطب أقطـاب القــــرون [/font]
[font="]التجاني خـاتــــم فــــــي سره كتم الــشـــــــؤون [/font]
[font="]فتوضأ صاح واشـــرب دون تقدير معـــــــــون [/font]
[font="]وإذا تقــــــرا فـــــــأرخ نور شكلي في الجفـون [/font]
[font="]أنظر ترجمته في:[/font]
[font="]- فتح الملك العلام للفقيه الحجوجي، رقم الترجمة 127 [/font]
[font="]- إتحاف أهل المراتب العرفانية لنفس المؤلف، ج 7 [/font]
[font="]- نخبة الإتحاف لنفس المؤلف كذلك، رقم الترجمة 165 [/font]
[font="]- رفع النقاب للعلامة سكيرج، ج 1 ص 157[/font]
[font="]سيدي محمد (فتحا) بن محمد بن عبد السلام كنون[/font]
[font="]العلامة الشهير، والمقدم الكبير، سيدي محمد فتحا بن محمد بن عبد السلام بن أحمد بن عبد الله كنون الحسني، نسبة للولي الصالح سيدي أحمد (دفين مدشر بوبريح بقبيلة بني زروال، بمنطقة جبالة الواقعة شمال غرب بلاد المغرب) بن يوسف بن كنون بن عمران بن عبد الرحمان بن سليمان بن الحسن ابن عمران بن محمد بن محمد بن أحمد بن كنون بن أحمد بن مولانا إدريس الأزهر باني مدينة فاس.. [/font]
[font="]ولد بفاس عام 1270هـ، وبها حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، ثم أخذ العلم عن جماعة من خيرة الفقهاء، منهم سيدي أحمد بناني كلا، والفقيه سيدي أحمد العلمي السريفي، وابن عمه العلامة سيدي محمد التهامي كنون، والفقيه سيدي محمد بن العباس العراقي وهو عمدته، وغيرهم. [/font]
[font="]تقلد رحمه الله بعهد الطريقة الأحمدية التجانية على يد أكابر أعلامها، في مقدمتهم: الولي الصالح العلامة سيدي محمد العربي بن السائح، والعلامة البركة سيدي أحمد محمود دفين البحيرة بقبيلة الرحامنة، والعلامة الفقيه سيدي أحمد بناني كلا، وغيرهم. [/font]
[font="]له مصنفات كثيرة في مختلف العلوم والفنون، وقد ذكرت منها 46 مصنفا عند تحقيقي لكتابه: الصواعق المرسلة إلى من أنكر الجهر في الفريضة بالبسملة. [/font]
[font="]قال في حقه العلامة سيدي محمد الحجوي: كانت العلوم اندرست أو ضعفت فأحياها، ونفخ روحا جديدة في طلابها، فابتهج محياها، درس علم التجويد بعدما درس، وأحيا قراءة التلخيص بمطول السعد بعدما بعد عهد هذه الديار، بتهاطل تلك الأمطار، وذلك كله عطل بموته، وأحيا قراءة التفسير بالبيضاوي، لكن القاصرين لم يرق ذلك في أعينهم، فزعموا أنه يتسبب عنه موت السلطان، فشغلوه بولاية قضاء أسفي، ويا أسفي على العلم قضى عليه الحسد، وأذهب الروح وترك الجسد، لكن لم يلبث إلا نحو سنة، ثم استعفي فأعفي، مشوقا إلى ما تعود من نشر العلم، طاهر الذيل، قائما بحقوق العدل، فرجع لدروسه، تاركا التفسير في دروسه، إلخ ... [/font]
[font="]توفي رحمه الله بعد عصر يوم الجمعة 28 شعبان الأبرك عام 1326هـ، وصلي عليه بعد صلاة المغرب بالزاوية التجانية الكبرى بفاس، ودفن بضريح الولي الصالح سيدي أبي غالب، عن يسار الداخل للقبه، وقبره متصل برجل الولي المذكور، ورثي بقصائد كثيرة منها مرثية للعلامة سكيرج قال في مطلعها: [/font]
[font="]رزء أصيب به الطلاب للدين بموت عالمنا ذي الفتح كنون [/font]
[font="] [/font]
[font="]ورثاه تلميذه مولاي عبد السلام المحب العلوي بقصيدة قال في مطلعها: [/font]
[font="]الكون أصبح ظاهر الأوصاب والدهر جرعنا كؤوس الصاب [/font]
[font="]أنظر ترجمته في:[/font]
[font="]- قدم الرسوخ للعلامة سكيرج، رقم الترجمة 8 [/font]
[font="]- إتحاف أهل المراتب العرفانية للفقيه الحجوجي، ج 7 [/font]
[font="]- نيل المراد لنفس العلامة، ج 1 ص 46 [/font]
[font="]- فتح الملك العلام لنفس العلامة، رقم الترجمة 124 [/font]
[font="]- الفكر السامي للحجوي، ج 2 ص 372-374 رقم الترجمة 819 [/font]
[font="]- معجم المطبوعات لسركيس، 717 [/font]
[font="]- الأعلام للزركلي، ج 7 ص 77 [/font]
[font="]- معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي، ج 1 ص: 49-52، ثم ج 2 ص: 168[/font]
[font="]سيدي محمد بن يحيى بلامينو الرباطي[/font]
[font="]الولي الصالح البركة، المقدم الجليل، أديب الزمان، سيدي محمد بن يحيى بلامينو الرباطي.. [/font]
[font="]أقرب الرفاق للعلامة الولي الصالح سيدي محمد العربي بن السائح، وكانت تربطهما صداقة متينة، وعهود مواثيق أمينة، بحيث كانا لا يتفارقان إلا نادرا قليلا، فيقضيان الوقت في الذكر والمذاكرة الجادة نهارا وليلا، وشكلت وفاة الولي المذكور ثقلا كبيرا بالنسبة إليه، وذلك نظرا لعوامل متعددة، منها أنه أستاذه وسنده ومربيه. ومما يدل على اتساع عارضة هذا الرجل الصالح ما تطايرت به الأخبار عنه من استقامة ونزاهة وعدل، ومروءة وجلالة وفضل، مع ما عرف به من الفتح الخارق، ومن شعره في هذا الصدد قوله: [/font]
[font="]نشرت هوى المحبوب بزا يمانيـا وقد كان في ظل الضلوع شاميـا [/font]
[font="]وما بحت بالسر الذي سكن الحشا صبيحة نلت من رضـاه الأمانيـا [/font]
[font="]فجاد بمفتاح الكنوز لعــبــــــــــده وزاده تقريبا له وتـــدانـــيــــــــا [/font]
[font="]فحزت من السر المصون كنوزه ونلت من الفتح المبين المعاليـــا [/font]
[font="]فقل لملوك الأرض تجهد جهدهـا فتنزع ملكا في الصدور سماويـا [/font]
[font="]وله في مدح أستاذه الولي الصالح سيدي محمد العربي بن السائح عدة قصائد منها حائية قال في مطلعها: [/font]
[font="]جبت بلاد الشرق والغرب على مثل الإمام العربي بن السائح [/font]
[font="]نجم الهدى القطب العلا أستاذنـا مدد كل جامد وصــــــــــادح [/font]
[font="]وله في رثائه قصيدة قال في مطلعها: [/font]
[font="]سكب الدموع على الأطلال أضناكا أو حر نار الأسى والبيــن أفناكـا [/font]
[font="]كانت وفاته رحمه الله في 4 جمادى الأولى عام 1333هـ، ودفن بمسجد سيدي محمد الضاوي بالرباط. [/font]
[font="]أنظر ترجمته في:[/font]
[font="]- خلاصة المسك الفائح بذكر بعض مناقب سيدي محمد العربي بن السائح [/font]
[font="]- أعلام الفكر المعاصر للجراري، ج 2 ص 231-233 [/font]
[font="]- خصصه العلامة سكيرج بتأليف سماه: الدر الثمين من فوائد الأديب بلامينو الأمين[/font]
[font="]مولانا عبد الحفيظ بن الحسن بن محمد العلوي[/font]
[font="]شريف العلماء وعالم السلاطين، مولانا عبد الحفيظ بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمان العلوي، سلطان المغرب الأسبق، ولد بفاس سنة 1280هـ.. [/font]
[font="]نشأ وترعرع بقبيلة بني عامر (في الجنوب الغربي من مراكش) وهو من أكابر علماء وأدباء المغرب، بويع له بالحكم سنة 1325هـ فقضى فيه خمس سنوات، ثم تنازل عن العرش لأخيه مولاي يوسف، وذلك بعد أن وقع معاهدة الحماية مرغما للفرنسيين عام 1330هـ، ثم بعد ذلك أقام بالمهجر بين فرنسا وإسبانيا إلى أن توفي بباريس بعد زوال يوم الأحد 22 محرم 1356هـ موافق 4 أبريل سنة 1937م، ونقل جثمانه الطاهر لبلاده المغرب، حيث احتفل بدفنه في مهرجان كبير، ورثاه عدد من الشعراء من ضمنهم العلامة سكيرج بقصيدة قال في مطلعها: [/font]
[font="]دمع أفاضته عيني بعدما جمدت ونار قلبي ثارت بعدما خمدت [/font]
[font="]الله في مهجتي فقد ألم بـهــــــــا عن بغتة ألم وصبرها فقــــدت [/font]
[font="]ولمولانا عبد الحفيظ رحمه الله تآليف كثيرة منها: الجواهر اللوامع في نظم جمع الجوامع، والعذب السلسبيل في حل ألفاظ خليل، وياقوتة الحكام في مسائل القضاء والأحكام، ونيل النجاح والفلاح في علم ما به القرآن لاح. [/font]
[font="]وله في الطريقة الأحمدية التجانية عدة كتب منها: الجامعة العرفانية في شروط وجل فضائل أهل الطريقة التجانية. [/font]
[font="]أنظر ترجمته في:[/font]
[font="]- الدرر الفاخرة لابن زيدان، ص: 118 [/font]
[font="]- الأعلام للزركلي، ج 3 ص: 277[/font]
[font="]مولاي العربي المحب بن مولاي عبد السلام العلوي[/font]
[font="]العلامة الشريف البركة مولاي العربي المحب بن مولاي عبد السلام بن عبد الله بن محمد الحبيب بن محمد زين العابدين بن السلطان العلوي الشهير مولانا إسماعيل رحمه الله.. [/font]
[font="]ولد في ربيع الأول عام 1276هـ بمكناسة الزيتون، وبها تربى ونشأ في حفظ وديانة، وسنده في العلم عن شيوخ أجلاء، نذكر منهم: العلامة مولاي عبد المالك الضرير العلوي، والعلامة مولاي عبد الله بن إدريس البدراوي، والعلامة مولاي عبد الله الكامل الأمراني، والعلامة مولاي إدريس بن عبد الهادي العلوي، والعلامة المحقق سيدي عبد السلام الهواري، وأجازه في القراءة العلامة القاضي مولاي محمد فتحا العلوي. [/font]
[font="]أما الطريقة التجانية فقد أخذها على يد المقدم سيدي محمد البوكيلي، وعن شيخ الجماعة سيدي أحمد بن أحمد بناني كلا، ثم أجازه فيها الولي الصالح سيدي محمد العربي بن السائح رضي الله عنه، وهو الذي سماه بالمحب، وقد استفاد منه أسرارا وعلوما كثيرة، ثم أجازه فيها كذلك الشريف البركة سيدي أحمد محمود دفين البحيرة بقبيلة الرحامنة، ثم أجازه فيها العلامة سيدي محمد بن محمد بن عبد السلام كنون وذلك بالإذن المطلق العام. [/font]
[font="]وفي حق مولاي العربي المحب قال الفقيه سيدي محمد الحجوجي في كتابه فتح الملك العلام في تراجم بعض علماء الطريقة التجانية الأعلام: وبالجملة فالرجل جهينة أخبار طريق أهل الله، وله معرفة كبيرة بدقائق علم التوحيد والتصوف، وخصوصا الفتوحات المكية، فله دراية بمسائلها العويصة والأجوبة عنها، وهو ممن منحه الله تعالى معرفة نكات غريبة في التصوف، فتراه يبدي من ذلك العجب العجاب، مما لم يتفطن له إلا أكابر العارفين الأنجاب، إلخ ... [/font]
[font="]توفي رحمه الله ورضي عنه صبيحة يوم الأربعاء 26 محرم الحرام عام 1351هـ، وصلي عليه بعد صلاة الظهر بالزاوية الأحمدية التجانية الكبرى، ودفن في روضة سيدي ابن عمرو داخل باب عجيسة أحد أبواب مدينة فاس. [/font]
[font="]أنظر ترجمته في:[/font]
[font="]- فتح الملك العلام للفقيه الحجوجي، رقم الترجمة 169 [/font]
[font="]- نيل المراد لنفس المؤلف، ج 2 ص 44-52[/font]
[font="]الأديب الطاهر بن محمد الإفراني التمانرتي[/font]
[font="]1284 -1374 هذه الكلمة لا تستوفي في اعتقادي قدر هذا الرجل العظيم الذي يعد من كبار أدباء المغرب في النصف الأول من القرن العشرين. فلا نكاد اليوم نسمع له ذكرا على الإطلاق إلا في بعض الأوساط الضيقة في سوس و عند بعض المقدمين التجانيين نظرا للرابطة الروحية و العرفانية التي تجمعهم.لكن على الرغم مما عهدنا قوله و سماعه عن عدم اعتناء المغاربة بأعيانهم فإن البحاثة محمد المختار السوسي لحسن حظنا خص لهذا الرجل و لأبيه و علماء أسرته الجزء السابع من المعسول. كما نجد الحديث عنه مبثوثا في باقي الأجزاء التسعة عشرة الأخرى نظرا لعدة اعتبارات أهمها مواكبته لكل الأحداث التي عرفتها المنطقة الجنوبية منذ وفاة السلطان مولاي الحسن إلى أن أوشك المغرب استعادة سيادته التي دافع عنها سي الطاهر باستماتة مهما كلفه الثمن حيث جاهد من أجل استقلال المغرب بنفسه و ماله و لسانه. [/font]
[font="] فمن هو الأديب الطاهر الإفراني؟[/font]
[font="] يقول المختار السوسي على أنه من الأسرة البكرية من درية عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق و أتى بعمود نسبه كما تواتر عند أهل النسب بسوس. و هذا النسب لا شبهة فيه إذ أقر به علماء المغرب منذ القدم لجد المترجم الأعلى و هو العارف بالله محمد بن ابراهيم التمانرتي اللكوسي المنوزي المتوفى سنة 971 و أخباره مع الأمير أحمد الأعرج السعدي مشهورة مسطرة في كتب التاريخ لأنه ثالث الثلاثة مع الشيخ أحمد بن موسى السملالي و الشيخ سعيد بن عبد النعيم الحاحي، الذين أرسوا قواعد الدولة السعدية المجاهدة بسوس. [/font]
[font="]كما قال في حق أسرته ( أن التمنارتيين من البيوتات المشهورة في الأعصار المختلفة إما بالدين المتين و العلم ، و إما بأحدهما ). وكدليل على هذا القول أتى بتراجم 35 عالم من هذه الأسرة...آخرهم والده العالم الكبير و الصوفي محمد بن ابراهيم المتوفى سنة 1296. وهو من تلامذة العالمين الكبيرين سيدي الحسن بن طيفور و الحاج الحسين الإفراني. ولا عجب إذا سمي بلد المترجم عند أهل سوس بوادي الأدباء[/font]
[font="] بدأ سي الطاهر الدراسة مبكرا حيت حفظ القرآن بمسقط رأسه تانكرت ثم انتقل إلى مدرسة بومروان فبقي بها مدة إلى أن نقل بأمر من أصحاب أبيه إلى المدرسة الكبيرة التي أنشئها العلامة محمد بن عبد الله الإلغي بقرية إلغ سنة 1297 فبقي عنده إلى أن توفي سنة 1303 بمراكش في إحدى زياراته للسلطان مولاي الحسن فحمل مشعل التربية من بعده أخوه العلامة الزاهد المجاهد سيدي علي بن عبد الله. فكان للطفل اليتيم بمثابة الوالد الحنون و الشيخ المربي. [/font]
[font="] كانت العلوم المتداولة في ذلك العصر بالمدارس السوسية هي العلوم و البرامج المعتادة بالمدارس المشهورة في كبريات مدن المغرب وهي النحو و اللغة و البيان و الفقه و الفرائض.إلا أن المدرسة الإلغية تميزت على المدارس الأخرى بالاعتناء بالتكوين الأدبي و السيرة النبوية فقد كان لتلامذة هذه المدرسة اعتناء خاص بالأدب الأندلسي و كتاب نفح الطيب على الأخص كان (مصحفهم ) أكبوا عليه حتى امتزج بلحمهم و دمهم أدب ابن الخطيب و ابن سهل و ابن شهيد و ابن زيدون و ابن خفاجة و ابن بسام الخ .[/font]
[font="] ولا شك أن الشاب الطاهر كان أنجب أقرانه و أكثرهم تفوقا بشاهدة شيوخه و زملائه، فلذلك قرر الانتقال إلى تارودانت سنة 1305 من أجل تحصيل ما لم يجد إليه سبيلا في بلده لسيما بعد وفاة مؤسس المدرسة الإلغية. فأخذ على الشيخين أحمد الكشتيمي و أحمد أمزركو الأصول و الحديث و التفسير. ثم عاد إلى إلغ و تباشير المشيخة تلوح عليه فصار يتشبه في لباسه الفاخر بنجم سوس الساطع في ذلك الوقت القاضي الحاج الحسين الإفراني.فطلب الإجازة من سيدي علي بن عبد الله فأجازه كما أجازه من قبل الشيخ الكشتيمي.ثم رحل إلى قريته تناكرت سنة 1307 و استقر ببيت والد إذ لم يخلف ولدا آخر غيره و تزوج من أحد كبار البيوت إذ صاهر الشيخ المدني الناصري كبير الزاوية في ذلك الوقت. [/font]
[font="] وبرجوعه لقريته فتح له باب التكوين الصوفي عن مصراعيه إذ صار لا يفارق مجالس سيدي الحاج الحسين الإفراني أكبر داعية تجاني بسوس و أجازه في الطريقة التجانية إلى أن فرقت بينهما النكبة التي هيجت القاضي من قريته إلى تغجيجت فعمل سي الطاهر على مصالحة شيخه مع أعدائه و إرجاعه إلى بيته لأسباب لا حاجت لنا بذكرها هنا. و لما قرر سيدي الحاج الحسين الحج ثانية سنة 1314 تاقت نفس العالم الشاب في غياب شيخه إلى زيارة فاس و الأخذ عن شيوخها لكن الله لم يجعل له نصيبا في ذلك إذ وجد طلبة المدينة الإدريسية مضربين عن الدروس، فلم يحضر خلال لإقامته التي دامت ثلاثة أشهر إلا درسا واحدا عند الحاج محمد بن عبد السلام جنون. [/font]
[font="] لكنه استغل إقامته بفاس في التعرف على رجال الطريقة التجانية الذين كان يلتقي بهم في زاوية الشيخ التجاني أمثال الأديب علال بنشقرون و الرئيس عبد الكريم بنيس و محمد الزيزي و مولاي الطاهر بن أبي النصر العلوي والغالي بن معزوز و العارف سيدي العربي العلمي و سيدي الطيب السفياني و سيدي محمد بن العربي العلوي الزرهوني المدعو سلطان المقدمين و الأديب مولاي عبد الرحمن بن زيدان الخ.و هؤلاء الرجال كلهم من كبار علماء الطريقة و ورثة الشيخ. فاعتنوا به غاية الاعتناء نظرا لعلمه و عزيمته و مكانة أسرته و كذلك احتراما لشيخه سيدي الحاج الحسين الذي صار في ذلك الوقت وارث الأسرار التجانية على الإطلاق.ثم عاد أدراجه مارا بالرباط فاجتمع مع تلامذة سيدي العربي بن السائح الأديب محمد الأمين بلامينو و عبد الله التادلي و أحمد بنموسى و أحمد جسوس فأخذ عنهم الكثير من الأخبار المتعلقة بالشيخ التجاني كما سمعوها من سيدي العربي و أخبار أكابر أصحاب الشيخ التجاني ثم من الرباط انتقل عبر الطريق الساحلية إلى الصويرة فالتقى بالفقيه سيدي عبد الله القشاش و الأديب القاضي مولاي أحمد بن المأمون البلغيثي. [/font]
[font="]وكانت تتخلل هذه المجالس مساجلات شعرية رائقة أبانت على فصاحة العالم السوسي الشاب و تمكنه من صناعة القريض جلب سي مختار منها كثيرا من القصائد استدل بها عند الحاجة. [/font]
[font="] بعد هذه الجولة عاد إلى بيته و تصدر للتدريس إلى أن هاجت البلاد بسبب الاحتلال الفرنسي للمغرب.وقد شاءت الأقدار أن يرزأ سنة 1328 بفقدانه لثلاثة من كبار العلماء و المجاهدين و هم شيوخه الحاج الحسين الإفراني و الشيخ ماء العينين و الحاج علي الدرقاوي والد المختار السوسي. اختفت في وقت وجيز ثلاثة ركائز كان المترجم يعتمدها يتكأ عليهم و يلجأ إلى مشورتهم في الكبيرة و الصغيرة لسيما مواجهة الأحداث المهولة التي فرضت على المغرب في ذلك الوقت. [/font]
[font="]و بمدرسة تانكرت تعرف المختار السوسي على شيخه سي الطاهر سنة 1332 -1914 حين أتى الطفل اليتيم عند تلميذ والده لتعليمه و كفالته. و خلافا لكل ما قد يدعيه بعض المهتمين بحياة المختار السوسي فهو لم يدرس أبدا في المدرسة الإلغية مدرسة قريته و إنما درس بتانكرت. و لما شغل الأستاذ بعمل الجهاد تولى تدبير أمور المدرسة بالنيابة ولده الفقيه العلامة محمد بن الطاهر 1330 -1912 هذه الأرقام ستبقى في تاريخ المغرب تذكر الأجيال بعدوان غاشم نزل بساحة المغاربة فارتجت له العقول و بلغت القلوب الحناجر. لم يعرف أي جيل من قبل نازلة كهذه. لقد سبق للقوات الأجنبية أن احتلت شواطئ المغرب في القرن التاسع و العاشر للهجرة لكن هذا الاحتلال بقي محصورا لا يتعدى القلاع التي بناها العدو على السواحل لم يعرفوا كيف يتعاملون مع عدو عزم على نشر قواته على كل التراب الوطني.و لم يصدق الناس أن المخزن الحفيظي الذي بايعوه سنة 1325 ( بيعة أهل تزنيت لمولاي عبد الحفيظ من إنشاء المترجم ) من أجل حمل لواء الجهاد و طرد الجيوش الفرنسية من الشاوية و وجدة سيقدم على تسليم مقاليد الأمور إلى الجيش الفرنسي بناء على عقد حماية لا يعرفون له معنى و لا نظير.فثارت ثائرة المغاربة في المدن و البوادي، و عبروا عن سخطهم و نظموا حركات جهادية ضد عدو منظم و مسلح بأحدث الأسلحة و أكثرها فتكا بالأرواح. فاستقبلوا هذا العدو بأسلحتهم الشخصية المتواضعة معتمدين على العصبية القبلية المهددة في كل وقت و حين بالتصدع و الاندثار تحرك أهل سوس و حاحا و دكالة و الحوز و تادلة و زيان و الريف و جبالة. و قد بلغت السذاجة بالقبائل المحيطة بفاس أن حاولوا الهجوم على المدينة من أجل وضع اليد على عقد الحماية حتى لا يتم "بيع المغرب" للأجانب كما تعتقد العامة. [/font]
[font="] وقد تقوت رغبة الجهاد عند القبائل لما سمعوا أن مولاي حفيظ أرغم على توقيع العقد و بعد ذلك أشيع أنه تنحى عن السلطنة لعدم رضاه على ما يحدث و لم يتول الأمر أي أمير أخر مكانه. هذه هي الأخبار الرائجة في قاعدتي سوس تزنيت و تارودانت في ذلك العهد.. [/font]
[font="]كانت تزنيت مستقر أسرة ماء العينين مند 1328 حين رفضت السلطات الفرنسية لهذا الشيخ المجاهد أن يزور السلطان بفاس كما منعوه من العودة إلى زاويته بالسمارة فأشار عليه مولاي حفيظ بالإقامة مؤقتا بدار المخزن بتزنيت فتوفي بعد مدة وجيزة و بقي أبنائه محترمون يزورهم الناس لأنهم علماء و أدباء و صلحاء لا غير.لكن الأمر اتخذ منحى آخر لما تصدر بعض دوي الأغراض من أعيان سوس لتشجيع أحمد الهيبة على النهوض لإمارة المومنين فتجرؤوا على أمر لم تشرئب إليه أية أسرة بالمغرب منذ أن أرسى مولاي رشيد بن الشريف في القرن السابع عشر ركائز وحدة البلاد تحت لواء الشرفاء العلويين. [/font]
[font="] على كل حال فلسنا بصدد الحديث عن حركة الهيبة و أخوه من بعده. فالذي يهمنا هو الوفاء الذي أظهره الشاعر المكافح و المنافح الطاهر الإفراني لعمل المجاهدين بسوس و أيت باعمران من سنة 1330 إلى 1352 1912-1934 و هي السنة التي اجتاحت فيها القوات الفرنسية القبائل التي استماتت في المقاومة و أرغمتها على الخضوع للأمر الواقع ففر مربيه ربه من التراب الخاضع للسلطات الفرنسية و التجأ إلى منطقة الحماية الإسبانية بسيدي إفني حيث أنهى ما بقي من حياته في هدوء و خنوع. و من غرائب الأمور أن نلاحظ كيف استسلم محمد بن عبد الكريم الخطابي للسلطات الفرنسية سنة1926 بعد محاربته البطولية لإسبانيا و استسلام مربيه ربه إلى السلطات الإسبانية بعد مقاومته للوجود الفرنسي بالمغرب. [/font]
[font="]ننتقل الآن إلى المرحلة الثالثة من حياة الأديب و هي 1352 -1374 الغنية بالأسفار واللقاءات الأدبية بل الاحتفالات التي لا تنتهي. فما كادت المنطقة السوسية تهدأ من هيجانها حتى قام سي الطاهر برحلة واسعة وطويلة جاب خلالها المدن والبوادي:مراكش و الدار البيضاء و فاس و مكناس...الخ فعلى سبيل المثال لما زار مراكش سنة 1354 -1936 استقبله تلميذه المختار - الذي صار شيخا بإحدى زوايا والده في باب دكالة لكن دون تلقين الأوراد الدرقاوية – مع تلامذته استقبالا يليق بمقامه ونظم أسبوعا أدبيا حضره كل من ينتسب للعلم والأدب. و لا شك أن باشا المدينة الحاج التهامي الكلاوي وافق على هذه الحفاوة بل شجعها وكان من ضمن المحتفين. ورب قائل يقول: كيف تناسى الكلاوي مواقف سي الطاهر المعادية للحماية الفرنسية وعدم إصغائه لكل العروض المغرية التي قدمت له من أجل التخلي عن الهيبة وأخيه من بعده؟ فالجواب نأخذه من المعسول حيث قال سي المختار، و هو شاهد عيان: لابد أن نسجل للفرنسيين أنهم إثر ما ألقوا كلكلهم على تلك الناحية عرفوا كيف يسوسون الناس. فإنهم أعرضوا عن الكثيرين ممن كانوا يجاهدون في الدفاع برخص مهجهم حتى يجدوا لهم جريرة. وأما من قبعوا واستكانوا و زمّوا ألسنتهم كالسي الطاهر فإنهم أعرضوا عنهم ثم صاروا يتقربون إليهم بالتعظيم ليقروا بذلك أعين الدهماء بل علقوا لهم أوسمة في مجتمعات الناس إعلانا بأن الحكومة تحترم رؤساء الدين ، بل كانوا يحبون أن يجذبوا المترجم إلى جهتهم بتعظيمه و بتوسيمه. لكنه يكون في أيديهم ـ كحوتة مطلية بالصابون ـ ، فلا يعصى و لا ينقاد كل الانقياد. فقنعوا بأن يكون إزاءهم ولده سيدي محمد، و هكذا أمكن للمترجم أن ينجو من حبائل الفرنسيين مع أنهم علموا ما فعل أيام الكفاح. فقد اعتاد أن يغترب كثيرا عن داره إلى الأماكن التي فيها أملاكه، فينسونه. ومتى لاقاهم يتمسكن و يلين لهم الجانب ثم لا يكثر الاتصال بهم لا في حفلاتهم و لا في غيرها إلا إذا دعته ضرورة أو سدا للذريعة أو ذرا للرماد في الأعين. هذا و قد أقبل في هذا الطور على صياغة قصائد في الجناب النبوي مع الاحتراس فيها غاية الاحتراس. [/font]
[font="] وتصديقا لما قلنا، فقد ذكر سي مختار عرضا أن في هذه الحقبة استغاث سي الطاهر بالباشا الكلاوي لمساعدته على استرجاع أرض له استولى عليها أناس بغير موجب شرعي، فإذا بالباشا يغدق عليه الهبات التي تتجاوز قيمة الأرض التي ضاعت منه. و بهذه المناسبة استدعاه القائد عمر بن المدني الكلاوي إلى دمنات فالتقى هناك بالعلامة سيدي محمد الحجوجي و حضي من طرف القائد بكرم عظيم ثم قفا راجعا لبلده مغبوطا فمر على الصويرة فاحتفى به الباشا محمد بلمعلم كذلك احتفاء كبيرا...و لم يكن أعيان حاحا و الشياظمة و سوس أقل كرما للشاعر . فكلما حل بناد استقبله أهله بالترحاب و الهدايا النفيسة كآل الكيلولي و أنفلوس و الحاجي و التييوتي و غيرهم من رؤساء سوس فيرد لهم الجميل بقصائده الطنانة.قال المؤرخ علي بن الحبيب الجراري: بلغ ديوان الطاهر الإفراني سنة 1340 ما لا يقل عن 10000 بيت من الشعر دون المبعثر.فما بالك بإنتاجه الشعري عشرين سنة بعد التاريخ المذكور.و الحقيقة أن الرجل كان من أولائك الذين يتكلمون شعرا. [/font]
[font="] ولا أفشيكم سرا إذا قلت أن كل الأعيان المذكورين سابقا من فاس إلى أقصى جزولة كانوا تجانيون أحمديون، و بإكرامهم للشاعر والعالم الكبير إنما يعترفون صدقا بالفضل لرجل مخلص استمات في وفائه لفكرة المغرب المستقل، صاحب الكلمة المسموعة بين الدول كما عهدوا الأمر زمن السلطان مولاي عبد الرحمن بن هشام وابنه سيدي محمد وحفيده مولاي الحسن. ولا شك أن سي الطاهر كان خاتمة علماء مغرب مضى وصاحب المعسول الذي يعرفه يشهد له بالمكانة العلمية العالية ، فوضعه في مقام ابن حزم و ابن عبد البر و ابن العربي المعافري و الحاتمي و ابن عاصم، وكفاه شرفا بهذه الشهادة.مولاي المهدي الكنسوسي[/font]
[font="]حفيد العلامة الكنسوسي[/font]
[font="]سيدي إدريس بن محمد بن العابد العراقي[/font]
[font="]العلامة الحاج إدريس بن محمد بن العابد العراقي، فقيه وأديب وصوفي، من تلامذة العلامة الحاج أحمد سكيرج.. [/font]
[font="] الأستاذ بجامعة القرويين بفاس بالمغرب. ولد فى أواخر عام ست وثلاثين وثلاث مائة وألف الموافق سنة ثمانية عشر وتسع مائة وألف، وتربى فى حجر والديه أحسن تربية، ودخل المكتب فتعلم القرآن وحفظه ، ثم التحق بجامعة القرويين وقرأ على كثير من علمائها المحققين منهم: شيخ الجماعة العلامة المحقق المولى عبد الله بن إدريس العلوى الفضيلى والعلامة المحقق السيد الحاج الحسن بن عمر مزور والعلامة الشريف الفلكى الشيخ محمد بن محمد العلمى وغيرهم. وتخرج عالماً من الجامعة المذكورة ، وصار يتعاطى التدريس للعلوم الدينية بما فيها من التفسير والحديث والفقه والنحو والبلاغة والأصول وعلم الفرائض وعلم الفلك وغير ذلك. ووالده هو الشريف الفقيه المقرئ الشيخ محمد بن العابد العراقى، والذى كان رحمه الله حافظاً للقرآن ومجوداً له ومتقناً لقراءته بقراءات عديدة. وتولى الإمامة فى محراب ضريح الشيخ مولانا أحمد التجانى رضى الله عنه ثلاث وستين سنة، والذى قدمه للإمامة فيه أصالة هو العلامة المحقق سيدى أحمد بنانى المعروف بكلا بعدما أمره أن يملي عليه فاتحة الكتاب فوجده يتقن حروفها ويجودها فيفخم ما يفخم ويرقق ما يرقق ويظهر ما يظهر ويضغم ما يضغم ويمد ما يمد وما أشبه ذلك من قواعد التجويد، فقدمه وصلى به صلاة العشاء، وبعدما توفى الشيخ بنانى المذكور تولى الإمامة بالأصالة خاتمة المحققين العلامة الكبير الشيخ محمد فتحا بن عبد السلام قنون وأناب الشريف المذكور عنه إلى أن توفى، وتولى الإمامة بالأصالة إلى أن توفاه الله تعالى وكان هو المكلف بافتتاح القرآن الكريم الذى يتلى منه فى كل يوم حزبان بعد صلاة الصبح ويعادان بعد صلاة الظهر وكذا بافتتاح الوظيفة المعلومة والهيللة بعد عصر يوم الجمعة. وأجازه فى الطريقة الأحمدية التجانية جماعة من المقدمين الأكابر منهم الشيخ قنون المذكور ومنهم سلطان المقدمين الشريف محمد بن العربى العلوى مقدم زاوية زرهون وكذا السيد علال الفاسى، وكان يقوم بالصلوات الخمس فى الزاوية صيفاً وشتاءً لا يؤخره عن الزاوية إلا مرض ونحوه، ويتقن الصلاة إتقاناً كاملاً تشبه صلاته فى إتقانها وخشوعها وآدابها صلاة مولانا الشيخ التجانى رضى الله عنه، وبقى قائماً بوظائفه الدينية فى الزاوية الأحمدية إلى أن توفاه الله تعالى ليلة الاثنين سابع ربيع الأول عام خمسة وستين وثلاث مائة وألف هجرية. وكان فى حياته عام ثلاثة وخمسين وثلاث مائة وألف قدم ولده سيدى إدريس إلى النيابة عنه فى الإمامة وفى الوظائف المذكورة إذا تأخر لعذر من الأعذار الشرعية، وأول صلاة صلاها سيدى إدريس بالمحراب هى صلاة العشاء كوالده ومن هناك تولى الإمامة بالنيابة عن والده المذكور إلى أن توفى والده فى العام المذكور فتولاها بالأصالة ، كما أنه شرع فى التدريس والوعظ والإرشاد فى الزاوية المباركة عام ثلاث وستين وثلاث مائة وألف، وتولى أيضاً مشيخة الزاوية عام سبعة وستين وثلاث مائة وألف، إلى أن أقعده المرض منذ ثلاث سنوات، وقد توفى رضى الله عنه فجر يوم الاثنين 23 شوال 1430هـ الموافق 12 أكتوبر 2009م عن سن تنيف عن التسعين سنة. وله الإجازة فى الطريقة من عدد كثير من العلماء والمقدمين تناهز الخمسين، منهم والده السابق الذكر، ومنهم الشيخ سيدى أحمد سكيرج، ومنهم أخوه الشيخ محمد سكيرج الطنجى، ومنهم الشيخ محمد بن محمد الحجوجى، ومنهم الشيخ الحاج الحسن مزّور، ومنهم الشيخ الكبير العلامة الشهير أبو عبد الله الشيخ محمد الحافظ عبد اللطيف التجانى المصرى، ومنهم نقيب الشرفاء التجانيين الشريف البركة سيدى الطيب بن سيدى علال التجانى، ومنهم أخوه الذاكر الناسك سيدى محمد فتحا بن سيدى علال التجاني، ومنهم الشريف المفضال العارف بالله سيدي الحاج بنعمر بن سيدي محمد الكبير التجاني، ومنهم الشريف الأجل الأسعد سيدي محمد الحبيب بن سيدي محمود التجاني، وغيرهم، وجلها بالإطلاق التام الشامل العام من غير قيد ولا شرط.[/font]
[font="]سيدي عبد الكريم بن سيدي الحاج أحمد سكيرج[/font]