ابن عامر الشامي
وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ
- إنضم
- 20 ديسمبر 2010
- المشاركات
- 10,237
- النقاط
- 38
- الإقامة
- المملكة المغربية
- احفظ من كتاب الله
- بين الدفتين
- احب القراءة برواية
- رواية حفص عن عاصم
- القارئ المفضل
- سعود الشريم
- الجنس
- اخ
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]ينطلق تاريخ زاوية إداوزداغ من حاحة، أي من الفترة التي كان فيها مؤسس هذه الزاوية، الشيخ عبد الله بن سعيد، يترأس زاوية أبيه بأيت داود. وهي فترة تمتد منذ خروجه من فاس سنة (955هـ-1548م) إلى ما بعد سنة (964هـ-1557م) كما أسلفنا. ومن ثم فإن علاقات زاوية زداغة بالمخزن السعدي لم تتمكن من التخلص من تأثيرات طبيعة العلاقات التي كانت تربط هذا المخزن بشخص الشيخ سعيد بن عبد المنعم وزاويته بحاحة.[/font][font="][/font]
[font="]سبق أن وقفنا على أن علاقات زاوية أيت داود بالمخزن السعدي كانت مطبوعة بنوع من التوتر سببته تخوفات السعديين من النفوذ المتزايد للشيخ سعيد بن عبد المنعم في أوساط قبائل حاحة وعبدة، وما كان شائعا من طموحه إلى الاستيلاء على الملك. كما أن تشدد أتباع الشيخ في معاملاتهم، حسب ما أورده ابن عسكر، أدى إلى سوء ظنون ملوك السعديين بهم، وبأولاد الشيخ، "حتى جاهروهم بالقتل والتشديد"،61 وقد اشتهر الشيخ سعيد كذلك بشدّته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعانى أوائل السعديين الأمرّين من جرّاء ذلك، "بل كانوا يتجرّعون مرارة الاحتمال لإنكاره عليهم في طريق الظلم والتعدي." 62[/font][font="][/font]
[font="]رأينا من قبل كيف خيمت ظلال هذا التوتر على علاقات المخزن بزاوية أيت داود حتى وفاة الشيخ سعيد بن عبد المنعم، وكانت وراء "نفي" ابنه عبد الله إلى جبال إداوزداغ. فكان من الطبيعي أن ترث زاويته الجديدة تبعات زاوية أبيه الأولى. ومن ثم انطبعت علاقاتها بالمخزن السعدي باستمرار ذلك الـتّوتر، وهو ما تعكسه الإشارة الواردة عند ابن عسكر: "ولم يزل السلطان الغالب ومن بعده يكاتبونه بالأمان، ويستعطفونه وهو لا يلتفت إلى شيء من ذلك".63 [/font][font="][/font]
[font="]لقد أقنعت هذه التجربة الشيخ عبد الله بن سعيد بضرورة الابتعاد عن أي ارتباط مباشر بالسلاطين، أو تدخل في تقلبات الحياة السياسية. فأفرغ قناعته هذه في نوع من الخلوة الصوفية، جعلته يحتجب حتى عن زواره من العامة المعتقدين بصدق في ولايته. وقد تأكد موقفه هذا عندما انقسمت الأسرة السّعدية على نفسها، لما ثار عبد الملك المعتصم وأخوه أحمد المنصور على ابن أخيهما الغالب: محمد المتوكل. حيث التجأ هذا الأخير إلى زاوية ابن ويسعدن64 بسكتانة، واعصوصبت حوله قبائل الأطلس الكبير بأمر شيخ سكتانة، فاستعرت سفوح الأطلس حروبا طاحنة بين الطرفين، في حين ظل الشيخ عبد الله بن سعيد بعيدا عن التدخل في هذا الصراع رغم قربه الجغرافي منه. وكان بإمكانه -لو انضم بأتباعه إلى ابن ويسعدن- أن يغير مجرى الأحداث. 65[/font][font="][/font]
[font="]من الواضح إذن أن احتجاب الشيخ عبد الله بن سعيد عن العامة[/font][font="][/font]
[font="]من الواضح إذن أن حملة المنصور هذه تندرج في إطار موقف المخزن السعدي من زاوية الحاحيين، وهو موقف اتسم بالتشكيك في نوايا الأسرة المنانية الحاحية، والتخوف من طموحاتها، والرهبة من استيلائها على السلطة. لكن الغريب في الأمر أننا لم نقف، من سلوكات الشيخ عبد الله بن سعيد، على ما يبرر هذا الموقف. فقد رأينا أن الشيخ عاش في عزلة وحجاب حتى عن العامة طوال حياته، وأنه لم يتدخل في صراعات الأسرة السعدية، رغم أن الظرف كان مواتيا، لو كان للشيخ أدنى طموح سياسي. لذلك فإننا لا نعلم، لحد الآن، الأسباب الحقيقية لحملة المنصور على زاوية إداوزداغ، خاصة وأن المصادر لم تسعفنا في هذا الباب. ويبدو أن آل الشيخ عبد الله أنفسهم لم يكونوا يعلمون سببا مقنعا لذلك الحصار، وهو ما يوحي به سؤال الشيخ يحيى بن عبد الله لأبيه، أثناء هذه المحنة، حيث روى عنه التمنارتي قوله: "لـمّا نزل بقربه قائد المنصور، منصور بن عبد الرحمن يتحايل لقبضه... جئت إليه فقلت: ألا ترى ما نزل بنا من هذه المحالّ بلا ذنب؟ فادع عليها. فقال: نسأل الله السلامة والعافية، فرجعت عنه مهموما". 71[/font][font="][/font]
[font="]ينطلق تاريخ زاوية إداوزداغ من حاحة، أي من الفترة التي كان فيها مؤسس هذه الزاوية، الشيخ عبد الله بن سعيد، يترأس زاوية أبيه بأيت داود. وهي فترة تمتد منذ خروجه من فاس سنة (955هـ-1548م) إلى ما بعد سنة (964هـ-1557م) كما أسلفنا. ومن ثم فإن علاقات زاوية زداغة بالمخزن السعدي لم تتمكن من التخلص من تأثيرات طبيعة العلاقات التي كانت تربط هذا المخزن بشخص الشيخ سعيد بن عبد المنعم وزاويته بحاحة.[/font][font="][/font]
[font="]سبق أن وقفنا على أن علاقات زاوية أيت داود بالمخزن السعدي كانت مطبوعة بنوع من التوتر سببته تخوفات السعديين من النفوذ المتزايد للشيخ سعيد بن عبد المنعم في أوساط قبائل حاحة وعبدة، وما كان شائعا من طموحه إلى الاستيلاء على الملك. كما أن تشدد أتباع الشيخ في معاملاتهم، حسب ما أورده ابن عسكر، أدى إلى سوء ظنون ملوك السعديين بهم، وبأولاد الشيخ، "حتى جاهروهم بالقتل والتشديد"،61 وقد اشتهر الشيخ سعيد كذلك بشدّته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعانى أوائل السعديين الأمرّين من جرّاء ذلك، "بل كانوا يتجرّعون مرارة الاحتمال لإنكاره عليهم في طريق الظلم والتعدي." 62[/font][font="][/font]
[font="]رأينا من قبل كيف خيمت ظلال هذا التوتر على علاقات المخزن بزاوية أيت داود حتى وفاة الشيخ سعيد بن عبد المنعم، وكانت وراء "نفي" ابنه عبد الله إلى جبال إداوزداغ. فكان من الطبيعي أن ترث زاويته الجديدة تبعات زاوية أبيه الأولى. ومن ثم انطبعت علاقاتها بالمخزن السعدي باستمرار ذلك الـتّوتر، وهو ما تعكسه الإشارة الواردة عند ابن عسكر: "ولم يزل السلطان الغالب ومن بعده يكاتبونه بالأمان، ويستعطفونه وهو لا يلتفت إلى شيء من ذلك".63 [/font][font="][/font]
[font="]لقد أقنعت هذه التجربة الشيخ عبد الله بن سعيد بضرورة الابتعاد عن أي ارتباط مباشر بالسلاطين، أو تدخل في تقلبات الحياة السياسية. فأفرغ قناعته هذه في نوع من الخلوة الصوفية، جعلته يحتجب حتى عن زواره من العامة المعتقدين بصدق في ولايته. وقد تأكد موقفه هذا عندما انقسمت الأسرة السّعدية على نفسها، لما ثار عبد الملك المعتصم وأخوه أحمد المنصور على ابن أخيهما الغالب: محمد المتوكل. حيث التجأ هذا الأخير إلى زاوية ابن ويسعدن64 بسكتانة، واعصوصبت حوله قبائل الأطلس الكبير بأمر شيخ سكتانة، فاستعرت سفوح الأطلس حروبا طاحنة بين الطرفين، في حين ظل الشيخ عبد الله بن سعيد بعيدا عن التدخل في هذا الصراع رغم قربه الجغرافي منه. وكان بإمكانه -لو انضم بأتباعه إلى ابن ويسعدن- أن يغير مجرى الأحداث. 65[/font][font="][/font]
[font="]من الواضح إذن أن احتجاب الشيخ عبد الله بن سعيد عن العامة[/font][font="][/font]
[font="]من الواضح إذن أن حملة المنصور هذه تندرج في إطار موقف المخزن السعدي من زاوية الحاحيين، وهو موقف اتسم بالتشكيك في نوايا الأسرة المنانية الحاحية، والتخوف من طموحاتها، والرهبة من استيلائها على السلطة. لكن الغريب في الأمر أننا لم نقف، من سلوكات الشيخ عبد الله بن سعيد، على ما يبرر هذا الموقف. فقد رأينا أن الشيخ عاش في عزلة وحجاب حتى عن العامة طوال حياته، وأنه لم يتدخل في صراعات الأسرة السعدية، رغم أن الظرف كان مواتيا، لو كان للشيخ أدنى طموح سياسي. لذلك فإننا لا نعلم، لحد الآن، الأسباب الحقيقية لحملة المنصور على زاوية إداوزداغ، خاصة وأن المصادر لم تسعفنا في هذا الباب. ويبدو أن آل الشيخ عبد الله أنفسهم لم يكونوا يعلمون سببا مقنعا لذلك الحصار، وهو ما يوحي به سؤال الشيخ يحيى بن عبد الله لأبيه، أثناء هذه المحنة، حيث روى عنه التمنارتي قوله: "لـمّا نزل بقربه قائد المنصور، منصور بن عبد الرحمن يتحايل لقبضه... جئت إليه فقلت: ألا ترى ما نزل بنا من هذه المحالّ بلا ذنب؟ فادع عليها. فقال: نسأل الله السلامة والعافية، فرجعت عنه مهموما". 71[/font][font="][/font]