[font="]والثاني هو التهامي المدغري، وأصله من تافيلالت، إلا أنه عاش في مراكش وفاس حيث كان رفيقاً للأمير محمد بن عبد الرحمن، وإن توفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين وألف للهجرة، قبل أن يتولى رفيقه الملك بأربع سنوات.[/font]
[font="] وقد اشتهر بنظم الشعر المعرب، والغزليات والخمريات في الملحون، حتى عُد "شاعر المرأة الأول" ؛ إضافة إلى أنه – كما سبقت الإشارة إلى ذلك – كان مولعاً بنظم "السرارب" والإكثار من قافية الحاء، والقول في "النشب".[/font]
[font="] ولم يكن مستغرباً وهو المختص في الغزل، أن يستحضر ذكرى "العاشق" بوعمرو الذي كان رُمي بالزندقة والفسق، لمجرد أنه تغزل في شعره، فقال عنه:[/font]
[font="] لو كُنت في ازْمان "العاشق"[/font]
[font="] انْكون لُو الْخُو الشّْقيق[/font]
[font="] وانْحقّْ لَلْجحُــود احْقايَق[/font]
[font="] وانْقول يالنَّايَــم فِق[/font]
[font="] [/font]
[font="]** ** **[/font]
[font="] أما بعد ذلك، ومع تأزم الأوضاع المغربية في أول القرن الماضي وما قبله – أي قبل إعلان الحماية على المغرب عام اثني عشر وتسعمائة وألف للميلاد – فسيظهر شعراء تناولوا بعض الأحداث الناجمة عن تلك الأوضاع ؛ يكفي أن نذكر منهم:[/font]
[font="] [/font]
[font="] الحاج ادريس بن علي لحنش الذي كان ينظم في الملحون وفي المعرب الذي له فيه ديوان ضخم ما يزال مخطوطاً في خزانة الرباط العامة، هو: "الروض الفائح بأزهار النسيب والمدائح" ؛ إضافة إلى رسالة ألفها بعنوان: "المقامة المغنية عن المدامة المسماة بروضة المنادمة والإيناس في لطف محاسن وادي فاس"، وهي مطبوعة على الحجر.[/font]
[font="] [/font]
[font="] كانت وفاته سنة تسع عشرة وثلاثمائة وألف. وقد اشتهرت قصيدته "التطوانية" التي تناول فيها حرب تطوان التي وقعت عام ستة وسبعين ومائتين وألف للهجرة، الموافق سنة تسع وخمسين وثمانمائة وألف للميلاد ؛ وفي حربتها يقول:[/font]
[font="] [/font]
[font="] مَدْرَا نَفْديو الثَّار ويفادينا ربي امْع النّْصارى[/font]
[font="] نَسْعاو النصـر والفتـح امْن الله ابْلمفضَّل وانْصـارو[/font]
[font="] [/font]
[font="] كذلك نذكر هاشم السعداني الذي ضاع له كناش يضم إنتاجه في حريق أصاب دكانه. وقد اشتهر بالقصيدة التي أنشأها في احتلال مدينة وجدة عام خمسة وعشرين وثلاثمائة وألف للهجرة، الموافق سنة ثمان وتسعمائة وألف للميلاد، وهذه حربتها:[/font]
[font="] [/font]
[font="] يا لسلام ابْكِوا اعْلى ادْخول وَجْدَا[/font]
[font="] دُونْ حرب اغْنمها لًعْدُو اوْنال لْمراد[/font]
[font="] [/font]
[font="] أما في عهد الحماية، فسيبرز شعراء في التعبير الوطني، ومن بينهم: محمد العيساوي الفلوس الذي يعد أحد كبار شعراء فاس في هذه الفترة، وكانت وفاته سنة خمس وخمسين وتسعمائة وألف للميلاد، وهو دون الستين.[/font]
[font="] ومن الشعر الوطني الذي اشتهر به قصيدة "النجمة" التي رمز بها للحرية، إذ جعل الليل والنهار يتصارعان من أجلها، والمقصود بهما الاستعمار والوطن. وجاء في حربتها:[/font]
[font="] سَمْعُوا يا حضَّار ما جْرى للضَّيّْ أُلَبْهِيم[/font]
[font="] عن حسن النَّجْما اتْحَارْبُو في سَايَرْ لَكَامْ[/font]
[font="] وانْصَارا الضَّيّْ اوْحازْها الْرَسْمُو وانْحاز اللُّوم[/font]
[font="] [/font]
[font="] ومن بينهم كذلك محمد بن عمر الملحوني "شيخ أشياخ" مراكش. وهو من الذين أفدت منهم ومن كنانيشهم الكثير. وكان مبرزاً في نظم "السرابة"، إضافة إلى شعره القومي والوطني الذي نكتفي فيه بالإشارة إلى قصيدته في نفي الملك المغفور له محمد الخامس سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة وألف للميلاد، وما كان له من رد فعل في مراكش. وفيها يقول:[/font]
[font="] [/font]
[font="]يَا هْلِي مَعْظَم يوم السَّبت بانَت ارْجَـالْ فالْمدايَنْ خرجَتْ بَطْرارْها كاتْقَاتَل[/font]
[font="] شبان افحول خارجين اﮔْـفُول[/font]
[font="]دَا لْهذا جَذْبان الحالْ سـارْ في حـالْ كُلّْ واحَدْ بَلْسَانو كيصْرخْ قَايَــل[/font]
[font="] وِينَادي فالحجايَفْ ولَفْحُــول[/font]
[font="]يا هْلَ الشعب المغربي اكْهُولْ واطْفـالْ ما بْقَى بعدَ اليُوم اصْبَـر يالسَّايَـلْ[/font]
[font="] به الشَّبان بالجميـع اتْقــول[/font]
[font="]يوم لَخْميس امْضَى وابْقَى الحربْ ما زال عمر الثّوار ما تْهَنَّا الشعـب حامَل[/font]
[font="] واليُـوم اهْلُـو سيّبُو لَحْمُـولْ[/font]
[font="] [/font]
[font="] وقد عُني ولده الأستاذ الباحث السيد عبد الرحمن الملحوني بجمع شعره – على كثرته – وذلك بعد أن توفي عام اثنين وسبعين وتسعمائة وألف للميلاد.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ولعلنا أن نضيف محمداً بلكبير المتوفى عام ثلاثة وسبعين وتسعمائة وألف للميلاد ؛ وهو أحد كبار أشياخ مراكش الذين عنوا بالقضايا الوطنية والقومية، ولا سيما مأساة فلسطين، على نحو قصيدته في حرب الستة أيام التي وقعت في يونيو عام سبعة وستين وتسعمائة وألف للميلاد ؛ وكان نظر فيها إلى الهزيمة التي مني بها العرب في محاولة لتأملها وأسبابها، مما يتضح في مثل قوله:[/font]
[font="] [/font]
[font="] النّزع ادْهانا امْع بعضنا بعض اُلَعْدُو افْجنبنا يتْسنَّانَا[/font]
[font="] وامْعـاهْ لَخُّــوت سلّْحوه بَقْنابل لَلتَّخْرابْ[/font]
[font="] [/font]
[font="]في وقت ما أحوج المسلمين إلى الاتفاق وتوحيد الصف:[/font]
[font="] [/font]
[font="] لازَمْ للَصَّف انْوَحّْدُوه حسّْ امعنَى نتَّاحْدُوا اللاَّمَنْ يَقْوانا[/font]
[font="] اذَا كُنَّا متوافقين ما يَلحقْنا كذَّاب[/font]
[font="] [/font]
[font="] هذا ويذكر من بين الشعراء الذين أغنوا مجال التعبير الوطني شيخ أشياخ الرباط المرحوم الحاج محمد العوفير الذي أطلعنا قبل وفاته رحمه الله على بعض كنانيشه التي تظهر أن أكثر نظمه في الغزل، وإن كانت له وطنيات رائعة، كقصيدته التي قالها في إحدى ذكريات "ثورة الملك والشعب"، التي تخلد يوم نفي الملك المغفور له محمد الخامس في العشرين من غشت عام ثلاثة وخمسين وتسعمائة وألف للميلاد، والتي حربتها:[/font]
[font="] [/font]
[font="] من اعْظَمْها ذكرى يا من اتْسَالْ تاريخْ امْخلَّد[/font]
[font="] ثورة الملك امْع الشعب يُوم الاستعمار انْفَاه[/font]
[font="] لَكِن المُولى جادْ اعْليه أَيّْدو واكْرَمْ مثــواه[/font]
[font="] [/font]
[font="] ومثله معاصره شيخ الرباط الكبير عثمان الزكي الذي كان كثير النظم في الأزمات السياسية والاقتصادية، على حد ما تكشف قصيدته "التوبة" التي حربتها:[/font]
[font="] [/font]
[font="] يا طـالب لمــان تب واعمل ما أمر به ربنا[/font]
[font="] [/font]
[font="] كما يذكر من بين الذين أغنوا هذا المجال، ولا سيما في الاتجاه الواقعي الاجتماعي، الشيخ المرحوم عبد القادر الجراري المتوفى عام أربعة عشر وأربعمائة وألف للهجرة، الموافق سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة وألف للميلاد. ونكتفي بإيراد حربة إحدى القصائد التي قالها في أزمة "البون"، أي البطاقة التي كانت تقنن التموين وتزويد المواطنين بما يحتاجونه من مواد غذائية وغيرها، أيام الحرب العالمية الثانية، وهذه حربتها:[/font]
[font="] [/font]
[font="] حَرْتْ ابْقلَّــت لِبْزَار والفَاخَــر[/font]
[font="] والزِّيتْ والسّْمَن والصابون امْع السّمِيد عَادَ اهْمُومْ السّكَّر[/font]
[font="] [/font]
[font="] ومثله محمد لحلو الفاسي الذي له كذلك قصيدة في المناسبة نفسها، يقول في حربتها:[/font]
[font="] [/font]
[font="] يا نعــم الستــار جد برحمتك يا لكريم غثنا[/font]
[font="] [/font]
[font="] وفي هذا الإطار الاجتماعي، لكن باتجاه معاكس، ظهر بعض الشعراء بقصائد فكاهية، كقصيدة "الزردة" للحاج محمد بن عمر الملحوني، وفي حربتها يقول:[/font]
[font="] [/font]
[font="] ولَمْضيغْ افْراسَا مَنْ لا ايْلِيهْ ضَرْسات[/font]
[font="] كيْملْوَجْ فَمْضِيغـو عـادْ تَيْسَرْطُــو[/font]
[font="]وهي قلبٌ لقصيدة "الوصاية" للعلمي، وأولها:[/font]
[font="] [/font]
[font="] لَحْبِيـب اللاَّ ينفعنِي افْيُوم حَزَّاتْ[/font]
[font="] ما نَحْمَل عن قلْبي غلّْ منْ اكْلَفْتو[/font]
[font="] [/font]
[font="] وقد اشتهر الشيخ احمر الراس المراكشي بهذا الأسلوب الذي يقلب فيه الموضوع من الجد إلى الهزل، كقوله:[/font]
[font="] سكْران رِيتْ يامَسْ يلْفظ بَشْعَارُو[/font]
[font="] اسْكَر وطاحْ في دولَتْ لَبْكَــار[/font]
[font="] ما فاقْ حتَّى اتْكون العَشْـــرا[/font]
[font="] [/font]
[font="]وهي قلب لقول التهامي المدغري:[/font]
[font="] [/font]
[font="] اللازْهُور ازْهر وازْهارُو بِك الزّهر اللاَّ ازْهـر[/font]
[font="] صُولِي صُولِي يا غْزَالي زَهْرَا[/font]
[font="] [/font]
[font="] ويبدو أن هذا الموضوع تعرض للإهمال، وضاعت معظم قصائده لِما قد تتضمن من فحش وعبارات نابية.[/font]
[font="] [/font]
[font="]** ** **[/font]
[font="] [/font]
[font="] وعلى امتداد هذه الفترة الممتدة زهاء ثلاثة قرون، كان للتصوف أثر متميز في "الملحون" ظهر به أشياخ، كمحمد بن يحيى البهلولي المتوفى حوالي ستين وتسعمائة للهجرة، ومحمد الشرقي المتوفى سنة عشر وألف للهجرة، وعبد الله الهبطي المتوفى عام ثلاثة وستين وألف للهجرة، وعبد الوارث الياصلوتي المتوفى سنة ست وسبعين وألف للهجرة، وأحمد بن عبد القادر التستاوتي المتوفى سنة سبع وعشرين ومائتين وألف للهجرة، ومحمد بن علي بن ريسون المتوفى عام تسعة وثمانين ومائة وألف للهجرة، ومحمد الحراق المتوفى سنة إحدى وستين ومائتين وألف للهجرة، ومولاي علي شقور المتوفى عام خمسة عشر وثلاثمائة وألف للهجرة، وأحمد بن عاشر الحداد الرباطي المتوفى عام ستة وعشرين وثلاثمائة وألف للهجرة، وآخرين أغنوا بقصائدهم ومقطوعاتهم ميدان "الذكر" الذي ما زالت تُتداول فيه لحد الآن.[/font]
[font="] [/font]
[font="] والحق أنه من الصعب استعراض مختلف الميادين التي أبدع فيها شعراء الملحون. كما أنه من غير السهل ذكر أسمائهم، إذ لا يتسع لذلك نطاق هذه المقدمة.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ومع ذلك، فإنا نرى من باب الإنصاف والوفاء ضرورة ذكر بعض الذين كانت لهم مشاركة في هذا المجال، والذين وقفنا على نماذج من قصائدهم ؛ من أمثال محمد الروداني، ومحمد بن موسى الشريف، وعبد الرحمن ابن الحاج الطاهر، والعباس الحرار، وعباس بن بوستة، ومحمد المختار الشرايبي، ومحمد بن بوستة من مراكش ؛ ومحمد الجابري، وادريس العلمي، وعبد العزيز بن ادريس الوزاني، وعبد العزيز اعنون، ومحمد الشتيوي، والطيب الدباغ، وعلال العلوي، وعبد القادر الودغيري من فاس ؛ والتهامي ابن الشيخ فاضل، والمعطي بن صالح الشرقي، ومحمد الضعيف، وبوعزة الدريبكي، ومحمد بن أحمد الشرقاوي، ومحمد بن يوسف، والتهامي بناني، وتلميذه المكي الريش من الرباط ؛ وأنجار، ومحمد الشليح، والشيخ البري، وحسن اليعقوبي من سلا ؛ وبنعيسى الدراز من مكناس ؛ ومحمد بن علي الدمناتي، وحسن ابْرِيَّا، وعبد الكريم الفيلالي من أسفي ؛ وأحمد بن رقية، والبصير الزموري، وادريس الزموري من أزمور ؛ ومحمد المودن التطواني، ومحمد حسن من تطوان ؛ ومحمد العلمي ولد زيطانة من شفشاون ؛ ولحسن الصفريوي من صفرو ؛ وأحمد لحبيب من تافيلالت ؛ ومولاي أحمد بن عبد السلام العلوي من الدار البيضاء.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ولعلنا ألا ننسى ذكر بعض الشواعر اللائي كان لهن ظهور في هذا الفن، بدءاً من رُمَيلة أخت عبد المومن الموحدي، وكانت بارعة في نظم الأزجال، على الطريقة الأندلسية، وفق ما يكشف هذا النموذج الذي مطلعه:[/font]
[font="] [/font]
[font="]مشَى السَّهَر حَيْرَان *-*-* حتى رَأَى إنسان *-*-* عَيْني وقف[/font]
[font="] [/font]
[font="] وفي خرجته تقول:[/font]
[font="] [/font]
[font="]اسْمر جنــان *-*-* في شَقَّة من نعمان *-*-* قد التَحَفْ[/font]
[font="] [/font]
[font="] ونصادف بعدها في فترة متأخرة وبعد أن أحرز "الملحون" كيانه، الشاعرة الورديغية التي يحفظ لها من شعرها قصيدة في مدح سيدي محمد بن الحسن الريسوني المتوفى سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف للهجرة، وفيها تقول:[/font]
[font="] القطْب لهْمام شَافْتُو عيني افْلمْنام[/font]
[font="] لابَسْ لَحْرِيرْ دَايَرْتُو خَضْــرا[/font]
[font="] [/font]
[font="] كما نصادف الشاعرة التوردانية بنت الفقيه التورداني الشفشاوني وزوجة السيد أحمد بوجنة، وكانت تعيش أيام السلطان محمد بن عبد الرحمن، أي أنها كانت معاصرة للتهامي المدغري. وعُمِّرت حتى أدركت عهد الحسن الأول في آخر القرن التاسع عشر للميلاد. ويقال إنها كانت تنظم الشعر ملحوناً ومعرباً. ومن أبياتها في مدح امرأة ريسونية تسمى العزيزة بنت أحمد:[/font]
[font="] [/font]
[font="] للاَّ لعْزيزا يا بنت احمد يا بَنْت الجاه العالي[/font]
[font="] [/font]
[font="]** ** **[/font]
[font="] [/font]
[font="] هذا، وعلى الرغم من قصر هذه المقدمة وتقصيرها، فإنها توضح مدى أهمية شعر الملحون، باعتباره تراثاً غنياً يبرز الإمكانات الإبداعية التي تتوافر لأشياخه، وهم يبتكرون ويتفننون ويتقنون كذلك.[/font]
[FONT="] ولعل الذين يريدون شيئاً من التوسع، أن يرجعوا إلى بعض ما نشر عنه من مؤلفات، ولا سيما ما كتبه متخصصون عارفون، على رأسهم الشيخ المبرّز الأستاذ أحمد سهوم الذي ألف كتاباً عن "الملحون المغربي"(3)، والذي كنت أفدت من أحاديثه الإذاعية عن هذا الفن، قبل أربعة عقود، يوم كنت أنجز أطروحتي عن "القصيدة".(4)[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]______________________[/FONT]
[FONT="](3) من منشورات (شؤون جماعية) صحيفة الجماعات المحلية بالمغرب والبلديات العربية والدولية – الطبعة الثالثة – دجنبر 1993 – مطبعة النجاح – الدار البيضاء. وتجدر الإشارة إلى المقرر الدراسي الذي كان وضعه في فن الملحون، لتلاميذ المعاهد المعنية التابعة لوزارة الشؤون الثقافية، بطلب من وزيرها في سنوات السبعين الأستاذ المرحوم الحاج امحمد اباحنيني ؛ وكان قد رقن واستنسخ ليكون في متناول هؤلاء التلاميذ ومدرسيهم.[/FONT]
[FONT="](4) الطبعة الأولى – مطبعة الأمنية – الرباط – محرم 1390هـ-مارس 1970م.[/FONT]
[FONT="] ثم أتبعها بـ : "معجم مصطلحات الملحون الفنية" – مطبعة فضالة 1398هـ-1978م.[/FONT]
[FONT="] كما أذكر من بينهم الزميل المرحوم الأستاذ محمد الفاسي، في "معلمة الملحون" التي نشرتها أكاديمية المملكة المغربية(5)، والأستاذ عبد الرحمن الملحوني فيما نشر من تراث والده المرحوم الحاج محمد بن عمر الملحوني(6)، وما كتب عن هذا الفن(7) وغيره من ألوان التراث الشعبي ؛ دون أن أنسى الأستاذ الدكتور عبد الصمد بلكبير الذي نشر "ديوان الملحون"، متضمناً مختارات المرحوم والده.(8)[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وتكريماً للشيخ بلكبير، واحتفاء بالشاعر أحمد سهوم، أصدرت جمعية هواة الملحون بمراكش: "شعر الملحون بين ثقافتين: العالمة والشعبية"(9). وكان الأستاذ عبد الله شقرون قد أخرج "الأدب الشعبي على أمواج الإذاعة"(10). كما أصدر الأستاذ علال رﮔـوﮒ: "المقاومة المغربية من خلال التراث الشعبي"(11). وأصدر الأستاذ الدكتور محمد بنشريفة "تاريخ الأمثال والأزجال في الأندلس والمغرب" في خمسة أجزاء.(12)[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] ومن الاعتراف للذين يسعون من الشباب المتطلع إلى نشر نصوص من الملحون، سواء في أصلها أو مترجمة، أشير إلى الأستاذ فؤاد جسوس الذي أصدر أربع مجموعات صغيرة عن "الملحون المغربي بلغة مـوليير"(13)، وإلى المنشد البارع السيد[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]______________________[/FONT]
[FONT="](5) في خمسة أجزاء، صدر القسم الأول من الجزء الأول منها في شعبان 1406هـ-أبريل 1986م. وصدر جزء (مائة قصيدة وقصيدة في مائة غانية وغانية) عام 1997م.[/FONT]
[FONT="](6) ديوان شيخ أشياخ مراكش الحاج محمد بن عمر الملحوني – المطبعة والوراقة الوطنية – 2003م.[/FONT]
[FONT="](7) ديوان الملحون (سلسلة أبحاث ودراسات في القصيدة الزجلية) اطلعت منها على أربعة أعداد (1990-1992م). وله كذلك "أدب المقاومة بالمغرب من خلال الشعر الملحون والمرددات الشفاهية" صدر الجزء الأول منه عن دار المناهل، و "شاعر مكناسة الزيتون الشيخ عبد القادر العلمي" طبع شركة بابل للطباعة والنشر.[/FONT]
[FONT="](8) مطبعة فضالة – المحمدية – الطبعة الأولى المصورة 2006م.[/FONT]
[FONT="](9) منشورات وزارة الثقافة والاتصال – مطبعة دار المناهل – الرباط – أكتوبر 2002م.[/FONT]
[FONT="](10) منشورات اتحاد إذاعات الدول العربية (تونس 1987م).[/FONT]
[FONT="](11) نشر المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير (مطبعة المعارف الجديدة – الرباط 2004م).[/FONT]
[FONT="](12) منشورات وزارة الثقافة – 2006م.[/FONT]
[FONT="](13) [/FONT]Le Melhoun marocain dans la langue de Molière (Publiday-Multidia) –Casablanca 2003-2004-2005-2006
[FONT="]محمد السوسي الذي نشر مجموعات صغيرة بعنوان "الملحون"(14)، وإلى الشاعر الأستاذ جمال الدين بنحدو الذي أخرج مؤخراً "شهدة ملحونية"(15) من إبداعه، وألحق بها بعض عيون القصائد المتداولة.(16) [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وإني لأود في هذا المقام أن أشيد بالدارسين الذين تناولوا في بحوث الإجازة موضوعات تتصل بالملحون، ولا سيما الذين أنجزوا رسائل وأطاريح جامعية سعدت بالإشراف عليها بعد جهد شاق مع الإدارة التي لم تكن تقبل كل ما يتصل بالتراث الشعبي، سواء في الدرس أو البحث ؛ وأخص منهم بالذكر الأستاذ الدكتور منير البصكري في رسالته عن "الشعر الملحون في أسفي"(17) وهي مطبوعة، وأطروحته عن "النزعة الصوفية في الشعر الملحون" ؛ والأستاذ عبد الإلاه جنان في رسالته عن "شاعر الملحون الشيخ أحمد بن رقية الأزموري – دراسة لشعره" ؛ والأستاذة ثريا ابن الشيخ في رسالتها عن "الصورة الفنية في الخطاب الشعري بين شعر الملحون والروايس" ؛ والأستاذة خديجة صدوق في رسالتها عن "الأدب الشعبي المغربي: قضاياه ومناهجه". وربما كان من أهم ما أنتج على الصعيد الجامعي، بحث الأستاذ عبد الصمد بلكبير عضو لجنة "موسوعة الملحون" ؛ وعنوانه: "الشعر الملحون: الظاهرة ودلالاتها".(18)[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]__________________________[/FONT]
[FONT="](14) صدر منها خمسة أجزاء صغيرة (طبع دار إفران للطباعة والنشر – طنجة 2004).[/FONT]
[FONT="](15) الطبعة الأولى – الدار البيضاء 2007م.[/FONT]
[FONT="](16) وتجدر الإشارة إلى أن بعض المعتنين من الدارسين الجزائريين بالملحون نشروا مجموعات غنية بالنصوص المغربية لعل من أهم ما طبع منها مؤخراً كتاب "من بستان الملحون: مختارات" للسيد توزوت محمد (طبع دار النشر –قصر الكتاب –البليدة).[/FONT]
[FONT="] وفي سياق هذا الاعتناء، يشار إلى أشياخ جزائريين وفدوا إلى المغرب أو لم يفدوا ولكن يروى الحفاظ المغاربة قصائدهم، كأحمد التريكي، والأخضر بن خلوف، والدباغ القسنطيني، وسعيد التلمساني، ومحمد بن امْسايب التلمساني.[/FONT]
[FONT="](17) منشورات مؤسسة دكالة عبدة للثقافة والتنمية (مطبعة النجاح الجديدة – الطبعة الأولى – نونبر 2001).[/FONT]
[FONT="](18) وقد جعل له ثلاثة ملاحق: الأول ضم ديوان والده محققاً، والثاني بيبليوغرافيا، والثالث عن المصطلحات ؛ حسبما أخبرني الأستاذ الدكتور حسن جلاب الذي كان المشرف على هذا البحث الذي نال به صاحبه – مؤخراً – درجة الدكتوراه، من كلية آداب جامعة القاضي عياض بمراكش.[/FONT]
[font="] وهكذا، لم يكن غريباً بعد أن أخذ "الملحون" موقعه في مقررات بعض الجامعات وما ينجز فيها من دراسات، أن يبرز فيها، وفي المراكز المعنية بالتراث الشعبي، باحثون تسنى لي – بكثير من الفخر والاعتزاز – أن أقف على بعض ما قدموا من عروض عميقة في هذا المجال برؤى جديدة ومناهج متطورة. ولعلي أن أذكر من بينهم الأساتذة السادة: محمد جودات، وعبد الفتاح فهدي، وسميرة الكنوسي، ومحمد بلاجي من الدار البيضاء ؛ وعبد الإله بوشامة، ونور الدين لحلو، ومولاي على الخامري، وعبد العزيز إدريسي أزمي من الجديدة ؛ ومصطفى الحسوني من المحمدية ؛ ومبارك أشبرو من أرفود ؛ وعبد الصادق سالم من الرشيدية.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وموازاة مع هذا النهوض الذي يعرفه "الملحون" سواء في ميدان النظم أو الدراسة، برزت عناية فائقة بالإنشاد المتطلب مهارات خاصة في الأداء، بكل ما تقتضيه قراءة الشعر من تعبير سليم وصوت رخيم وضبط للإيقاع وما إلى ذلك مما كان يتميز به أشياخ من أمثال عبد الكريم ﮔنون، والفقيه ابن الهاشمي، والتهامي الهروشي، ومحمد بن غانم، وبنعيسى الفاسي، والتهامي العلوي، والحاج محمد بن سعيد، والحسين التولالي، والتهامي بن عمر، وأحمد ابن الراضي، ومحمد برﮔاش، والحسين ابن ادريس، وعبد الحميد العلوي، وأحمد حمّان، ومحمد بن عبد السلام العلمي، ومحمد ابن موسى المراكشي، وأحمد الدمناتي، والمحجوب الزيتوني. وعلى هديهم يسير منشدون أتاحوا لقصيدة الملحون أن تنتشر، خاصة بين الشباب.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وسنذكر بعضهم ضمن أعضاء لجنة الموسوعة. ونود أن نضيف إليهم السادة أحمد أمنزو وأخاه محمد، وامحمد بن عمر الملحوني من مراكش، والحاج امحمد الحضري من فاس، ومحمد الخياطي بوتابت، وادريس الزعروري، وعبد اللطيف التوير من مكناس، والرحيمي عبد المجيد وجواد السجعي من أزمور، ومحترم، وخليل لَبْزَار، وشوقي الوراتي من أسفي. كما نود أن نضيف إليهم بعض الأصوات النسائية التي نالت حظاً وافراً من الإقبال بما توفره أجهزة الإعلام من برامج، والتي يكفي أن نشير من بينها إلى الأوانس والسيدات ثريا الحضراوي من الدار البيضاء، وماجدة اليحياوي ونعيمة الطاهري وحياة بوخريص وليلى المريني من مكناس، وسناء مراحاتي من أزمور، وأسماء الأزرق من تارودانت.[/font]
[font="] [/font]
[font="]** ** **[/font]
[font="] [/font]
[font="] هذا، وفي نطاق اهتمام أكاديمية المملكة بالتراث في جميع أشكاله، ورغبة منها في مواصلة خدمة "الملحون" وإبراز أهميته وجمع نصوصه ونشر دخائره، بعد أن كانت أصدرت "معلمة" الأستاذ المرحوم محمد الفاسي، وسعياً منها إلى أن يتسم العمل الأكاديمي بما ينبغي له من دقة التقصي والبحث، فإنها خططت لمشروع كبير يتمثل في "موسوعة الملحون". وقد بدأت أولى مراحل تنفيذه بتشكيل لجنة تشرفت برئاستها، تتكون بالإضافة إلى أعضاء لجنة التراث بالأكاديمية، من معظم المعتنين بهذا المجال، المشهود لهم بالتبريز فيه، إنشاءً وإنشاداً وجمعاً ودراسة ؛ مع مراعاة تمثيلها – قدر الإمكان – لمختلف المدن والأقاليم التي لا يخفى ما لكل منها من مساهمة ثرية في هذا المضمار.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وهم السادة الآتية أسماؤهم مرتبة أبجديا حسب المدينة:[/font]
[font="] [/font]
[font="]منير البصكري، ومولاي اسماعيل العلوي السلسولي من أسفي ؛ وعبد الإله جنان من الجديدة ؛ وجمال الدين بنحدو من الدار البيضاء ؛ ومصطفى عبد السميع العلوي، ومبارك أشبرو من الرشيدية ؛ وعبد الله شقرون، وأحمد الطيب لعلج، وعبد الله ملين، وعبد العطي لحلو، وادريس أخروز، وأحمد شوقي بنبين من الرباط ؛ وعمر بوري، وأحمد أبو زيد من تارودانت ؛ ومالك بنونة من تطوان ؛ وعبد الله الحسوني، وأبو بكر بنسليمان من سلا ؛ وعبد المالك اليوبي، والسوسي محمد، ومحمد بوزوبع من فاس ؛ وعبد الرحمن الملحوني، وعبد الصمد بلكبير، وعبد الله الشليح، وحسن جلاب من مراكش ؛ وعبد العزيز بن عبد الجليل، ومحمد أمين العلوي، وعلي كرزازي من مكناس ؛ وإلهام بن سيمو من ميدلت.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وكان أول عمل قام به الأعضاء، هو تقديم ما لديهم من مجاميع وكنانيش أصلية أو مصورة، ومن نصـوص متفرقة، أضيفت إلى ما في الخزانة الحسنية والخزانة العامة ؛ مما توافرت به دخيرة هائلة ضمت نحو ستة آلاف قصيدة، كان فيها بعض المكرر، وكذا تفاوت في الجودة سواء من حيث الخط أو سلامة النص، أو ما قد يكون فيه من بتر.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وبعد ذلك، وعلى إثر عدة لقاآت نوقشت فيها مختلف القضايا المتصلة بتحقيق الغاية المتوخاة، تم الاتفاق على منهج العمل الكفيل بتنفيذ هذا المشروع الضخم الذي يقضي بعد الجمع والتوثيق، أن تخرج الأعمال التي تبدو تامة على شكل دواوين، مع إمكان نشر ما قد يقدم من دراسات، ولا سيما ما ينجز في الجامعات من رسائل وأطاريح.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وباقتراح من الجميع، وحتى تَسهل إجراآت التنفيذ ويتغلب عليها بطريقة عملية، تفرغت عن اللجنة الكبرى لجنة مصغرة ضمت الأساتذة السادة أبا بكر بنسليمان، وعبد الله الحسوني، وعبد الرحمن الملحوني، وعبد المالك اليوبي، ومحمد أمين العلوي ؛ لمزيد من التمحيص والتأمل، في ضوء الكمية الهائلة التي تراكمت من النصوص.[/font]
[font="] ثم تبين أنه لكي تتبلور الإجراآت المنهجية المتفق عليها ويتحقق التنفيذ بطريقة عملية، أسند الإعداد للخبيرين بنسليمان والحسوني اللذين أشهد لهما بما قاما به من عمل دؤوب وشاق اقتضى فرز النصوص ومقارنتها والترجيح بينها، اعتماداً على سلامة المعنى واعتبار القافية. كما اقتضى رقن هذه النصوص بمساعدة موظفين من إدارة الأكاديمية، وكذا ترتيبها وفهرستها حسب قوافيها ؛ مع اعتماد كتابة تقترب من كتابة النصوص المعربة، دون إهمال الشكل المساعد على القراءة، في مراعاة قدر الإمكان لبعض الخصائص التي يتطلبها الإنشاد من مد وتمطيط، وغير ذلك مما هو راجع للمنشد نفسه ومدى طاقته وقدرته على التعامل مع النص في الأداء ؛ دون إغفال ما في هذه المراعاة من صعوبة لا تنكر، ودون إغفال كذلك لطبيعة الملحون القائمة في الأصل على سرد "لكْلام" قبل تلحينه والتغني به.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وحين كانت توجد قصائد مبتورة، كأن ينقصها صدر أو عجز أو بيت كامل أو حتى قسم برمته، فإن مكان النقص يبقى فارغاً وفق ما تتطلبه الأمانة العلمية. كذلك حين تكون النصوص متعددة لشاعر واحد وفي نفس الغرض، فإنها ترقم متتابعة، دون اعتبار ترتيبها الزمني ؛ مع التنبيه في هذا الصدد إلى الخلط الذي تعرض له نسخ بعض النصوص، بين "الحربة" و "الدخول". كما تم الاتفاق على إفراد "السرارب" بسفر خاص، دون إلحاقها بالقصائد التي تنشد معها، حتى حين تكون النسبة لأصحابها معروفة. وذلكم بسبب الخلط الذي تعرض له هذا النمط من النظم في الملحون، ولا سيما عند الإنشاد.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ونظراً لارتباط القصائد بتسميات معينة تعرف بها، فقد تقرر إعطاؤها الأسماء الرائجة المتداولة عند أهل الملحون ؛ وذلكم تفادياً لأي خلط قد يقع إذا ما غيرت التسميات. أما القصائد المنسوبة بشيء من الشك، فقد تقرر نشرها ضمن إنتاج الشاعر المنسوبة إليه، مع الإشارة إلى ذلك.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وكان بالإمكان ربط تدوين النصوص بتحقيقها، وفق ما تستوجبه عملية التحقيق العلمي المتعارف على منهجه في نشر كتب التراث، من مقابلة وتعليق وتعريف بالأعلام وشرح بعض الغوامض، ولكن تبين أن الأمر يتطلب جهداً إضافياً ووقتاً طويلاً، مما كان لا شك سيعطل بلوغ الغاية المنشودة التي هي إخراج تلك النصوص وتوفيرها للباحث المهتم، وكذا للقارئ العادي سهلة، دون إثقالها بهوامش قد لا تهم إلا فئة معينة من المعتنين.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وبهذا العمل الذي استغرق زمناً غير يسير، تمت معالجة النصوص عن طريق الحاسوب، بتسجيلها وإثبات اسمها وحربتها ومطلعها، مما أمكن معه إنشاء قاعدة معطيات متناسقة ومتكاملة يسهل رجوع الباحثين والمهتمين إليها.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ومن ثم أمكن جمع دواوين لكبار شعراء الملحون، أمثال المغراوي وامتيرد وابن علي وعبد القادر العلمي والتهامي المدغري وابن عمر الملحوني وابن الكبير وغيـرهم ؛ وكذا بعض الذين كانت قد جمعت قصائدهم في دواوين، ولكنها تحتاج إلى أن تُراجع وتستكمل وتُخرج من جديد، كما هو الشأن بالنسبة لديوان السلطان المولى عبد الحفيظ العلوي، المتنازل عن الملك إثر دخول الحماية عام اثني عشر وتسعمائة وألف للميلاد، والمتوفى سنة سبع وثلاثين وتسعمائة وألف ؛ وكان قد نشر على عهده في طبعة حجرية بفاس دون تاريخ.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ثم وقع الاتفاق على البدء بإخراج ديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي، لما له من سبق تاريخي وفني ؛ ويضم سبعاً وأربعين قصيدة ثابتة النسبة للشاعر، ومعها خمس أخرى مشكوك في نسبتها إليه. وهو الذي أسعد بكتابة هذا التقديم له، كفاتحة لـ: "موسوعة الملحون" التي تعتزم الأكاديمية إصدارها موصولة ومتتابعة بإذن الله ؛ في سعي إلى أن تكون مستوفية للنصوص قدر الإمكان، وفي تطلع إلى تلقي كل الملاحظات والاقتراحات التي قد تبدو لقرائها الكرام.[/font]
[font="]** ** **[/font]
[font="] [/font]
[font="] وإذا كان لا بد من تعريف وجيز بالشاعر الذي نحن بصدد نشر ديوانه في هذا السفر الجليل، فإنه يكفينا أن نذكر أنه من آمغرا في صحراء تافيلالت التي يعتز بالانتساب إليها، على حد قوله يرد على بعض خصومه:[/font]
[font="] [/font]
[font="] فيلالي يا حْزين ما نْكُر حَسْبي مَن جَدّْ الجَدّْ[/font]
[font="] مَن اقْريـش إِلى عثمـان[/font]
[font="] [/font]
[font="]ثم انتقل منها إلى فاس حيث استقر وأقام. وهو يعد من كبار الأشياخ وأوائلهم الذين ساهموا بحظ وافر في تطوير الملحون وإغنائه، بما كان له فيه من إبداع تجلى في طبيعة الأغراض التي أبدع فيها، وكذا في ابتكاره للدندنة كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ثم في اتخاذه "العروبيات" التي يقدم بها للأقسام، كقوله يقدم "لقصيدة الغاوي"(19) التي حربتها:[/font]
[font="]_______________________[/font]
[font="](19) لم نقف على النص الكامل لهذه القصيدة التي نظم على منوالها محمد بن علي ولد ارزين قصيدة "الهاوي"، وحربتها:[/font]
[font="] يالهـاوي من لايله سطـوة توب يا راسي وارجع للغني القوي [/font]
[font="] ردّْ بَالَكْ لَلْقَبْـلا رَا الحـالْ ضَوَّا[/font]
[font="] وُلَقْبُول امْن اللَّهْ امْقَرَّبْ لَخْطَاوِي[/font]
[font="]فقد قدم لأحد أقسامها بهذا العروبي:[/font]
[font="] [/font]
[font="] يَـا رَاسِـي تُبْ شُفْ لَمْآثَــمْ يَقْوَاوْا[/font]
[font="] تُب المُـولاَك تُبْ يـا هذَا المَغْـوي[/font]
[font="] واعمَلْ حَسنَات قَبْل لَصَحُوفْ يَنْطوَاوْا[/font]
[font="] تَلقَاهُمْ فَـارْغِين واتْوَلِّـي مَكْــوِي[/font]
[font="] يَبْليسْ امــع النّفس في الغَيّْ اتْوَاوْا[/font]
[font="] وانْتَ مـا زال غَابَـطْ وُزايَدْ تَهْوِي[/font]
[font="] رَاسِــي لَلَّهْ لِينْ غَادي يَا مَغْـوِي[/font]
[font="] [/font]
[font="] وعلى الرغم من أنا لا نعرف بالضبط تاريخ ميلاده ووفاته، فإن الرجوع إلى بعض قصائده قد يفيد في تحديد تقريبي لهما.[/font]
[font="] [/font]
[font="] فهو في قصيدته المطولة "تشقيق القمر" التي أولها:[/font]
[font="] [/font]
[font="] سبحان لَعْزيز الواحَدْ الرَّحمـانْ[/font]
[font="] المُولَـى لَقْديـم الدَّايَـمْ الـمَنَّان[/font]
[font="] إِلاَهـاً اخْتـارْ الأنبيَّا الأَعْيـان[/font]
[font="] وارْفَعْ اقْدرهُمْ بَالمعجزات اوْشَان[/font]
[font="] [/font]
[font="]يشير إلى أنه نظمها عام اثنين وعشرين وألف للهجرة، وعمره نحو الخمسين، إذ يقول في آخرها رامزاً للألْف بالشين وفق حساب الجمَّل:[/font]
[font="] في عـامْ اثْنَا وْاعَشْرين بعد الشِّيـن[/font]
[font="] انظَمْ دا القصيدْ أوَّل الرّبيعْ في الحِينْ[/font]
[font="] عُمْرو فـي ذا التّاريخ قرَّب الخمسين[/font]
[font="] بَاللَّه زَاوْدُوه ابْـرحْمَتْ الـرحمـان[/font]
[font="] كما أنه في آخر بيت من قصيدته المطولة كذلك والمعنونة بـ: "التّْفافَحْ" التي حربتها:[/font]
[font="] [/font]
[font="] صَلِّيوْا وسلّْموا اعْلَى شَارَقْ لَنْوارْ[/font]
[font="] مُـحـمـد سـيَّـدْ لـمْــلاَح[/font]
[font="] [/font]
[font="]يشير بنفس الحساب (ش-م) إلى أنه أنشأها عام خمسين وألف للهجرة، مما يدل على أن عمره إذ ذاك كان يقارب الثمانين:[/font]
[font="] [/font]
[font="] نُورِي تـاريخ لقْصِيدا في لَشْطارْ[/font]
[font="] الشِّينْ والنُّونْ يالسَّامَعْ دَا التَّوْشَاحْ[/font]
[font="] [/font]
[font="] ومن المرجح أنه توفي في الغرفة بتافيلالت حيث قبره فيها معروف.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ومهما تكن هذه المقاربة لمعرفة تاريخ ولادته ووفاته، فإن من المؤكد أنه عاش في العصر السعدي، على عهد أحمد المنصور الذهبي الذي تولى على إثر وقعة وادي المخازن سنة ست وثمانين وتسعمائة للهجرة، وتوفي عام اثني عشر وألف. وقد رثاه المغراوي بقصيدته التي تسمى "لَعْزُو"، أي العزاء، وفي حربتها يقول:[/font]
[font="] [/font]
[font="] عامْ شايَبْ مات الذَّهبِي اخْيارْ لَتْرابْ[/font]
[font="] ما بْقَى لَلسَّعْـدِيَّ بَاشْ ايْرجْحُــو[/font]
[font="] [/font]
[font="] ومع قول المغراوي في عدة أغراض كالغزل والرثاء، إلا أنه اشتهر بالقصائد الدينية التي تنم عن نفَسه الطويل، وعن معرفة واسعة بالسيرة النبوية والتاريخ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وبلغت به المكانة التي أدركها بين معاصريه أنه لقب بـ "شجرة لكْلام"، وأنه كان لطول قامته يقال في مدحه بها: "كُلّْ اطْوِيل خَاوي غِير النَّخْلاَ والمغراوي".[/font]
[font="] وتجدر الإشارة إلى أن المصمودي هو أبرز الذين عاصروه. فقد خلفه في عمادة الملحون، إذ اعتبر امتداداً له وفق ما تكشف العبارة المتداولة عند أصحاب هذا الفن: "المغراوي شجرة لكلام والمصمودي فرع من فروعها". وقد سبق لنا ذكر التفعيلة التي ظهر بها المصمودي متمثلة في "مالي مالي". ولعلنا أن نضيف أنه أول من نظم في "المراسلة"، على نحو ما قال في قصيدة "يَامْنَة" التي حربتها:[/font]
[font="] [/font]
[font="] قُولوا الْيَامْنَا تَهْلِيل العُثْماني[/font]
[font="] مِينا يا مينا امْعاكْ شَرْع الله[/font]
[font="] [/font]
[font="] هذا، ويبدو أن شهرة المغراوي تجاوزت المغرب إلى أقطار أخرى كالجزائر وتونس، إذ كانت له رحلة طويلة إليهما، لا يستبعد أن تكون خلفت آثاراً متبادلة بينه وبين نظرائه من الشعراء في هذين البلدين ؛ مما يمكن ملاحظته في الزجل التونسي من وجود وزن يطلقون عليه " المغراوي".[/font]
[font="] [/font]
[font="]** ** **[/font]
[font="] [/font]
[font="] وبعد، فإذا كان مشروع "موسوعة الملحون" قد أخذ طريقه للتنفيذ بهذا الديوان الذي يضم ما أمكن الوصول إليه من قصائد الشاعر، فإن الفضل في ذلك يرجع إلى أكاديمية المملكة المغربية والقائمين عليها، في حرص على النهوض بأعبائها، والسهر على منجزاتها، ولا سيما الاخوة الكرام، أمين سرها الدائم البروفسور عبد اللطيف بربيش، ونائبه الدكتور عبد اللطيف بنعبد الجليل، ومدير إدارتها العلمية الدكتور أحمد رمزي، ومقررها الدكتور مصطفى القباج.[/font]
[font="] [/font]
[font="] فإليهم جميعاً نقدم عبارات الشكر والثناء، على ما بذلوا ويبذلون لإنجاز هذا المشروع، وما وفروا له من إمكانات مادية وبشرية في رحاب الأكاديمية، وكذا لتحقيق كثير غيره مما يخطط من برامج قيمة.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وإن هذه العبارات - مشفوعة بالكثير من التقدير - لَتُسَاق إلى الزملاء الكرام أعضاء لجنة التراث بالأكاديمية، وإلى جميع الأساتذة الأجلاء الذين تضمهم "لجنة الملحون"، مع تنويه خاص بالخبيرين الفاضلين أبي بكر بنسليمان وعبد الله الحسوني اللذين كانا – ولا يزالان – مجندين بشغف خالص وتفان صادق لإخراج كنوز هذا الإبداع المغربي الأصيل ومواصلة إصداراته.[/font]
[font="] [/font]
[font="] والله من وراء القصد.[/font]
[font="] [/font]
[font="]الرباط في 29 ذي القعدة 1428هـ[/font]
[font="]المـوافق 10 دجنبـر 2007م[/font]
[font="]الشيخ الجيلالي امتيرد[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]جمع و إعداد لجنة الملحون[/font]
[font="]التابعة لأكاديمية المملكة المغربية[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]إشراف و تقديم[/font]
[font="]الأستاذ عباس الجراري[/font]
[font="]عضو أكاديمية المملكة المغربية[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]الرباط 2008[/font]
[font="]بسم الله الرحمن الرحيم[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] سعياً إلى مواصلة العمل الجاد، الهادف إلى إنجاز مشروع "موسوعة الملحون"، وبعد أن أصدرت أكاديمية المملكة المغربية أول أجزائها متعلقاً بديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي، ها هي تنشر الجزء الثاني خاصاً بديوان الشيخ الجيلالي امتيرد. وإنها لتأمل أن تتابع بمشيئة الله إخراج مجاميع شعرية أخرى تكون قد توافرت مادتها وفق ما هو مدون في الكنانيش، ومتداول بين الحفاظ والمنشدين والباحثين وسائر المعتنين، في حرص على الالتزام بالمعايير المنهجية التي اتفقت عليها لجنة الموسوعة، والتي سبق لي أن أوضحتها في مقدمة الجزء الأول المشار إليه.[/font]
[font="] [/font]
[font="] في سياق هذا الحرص والرغبة في أن يكون العمل مكتملاً أو قريباً من الاكتمال، وتطلعاً من أجل ذلك إلى استطلاع آراء متلقيه وما قد يكون لهم من ملاحظات عليه، فقد انتهزت مناسبة إلقائي محاضرة في افتتاح مهرجان فاس لفن الملحون، أيام الرابع والعشرين والخامس والعشرين والسادس والعشرين من ربيع الثاني 1429هـ الموافق للفاتح والثاني والثالث من شهر مايو المنصرم، فعرضت مشروع الموسوعة، وقدمت ديوان المغراوي كباكورة له، وكان قد صدر قبل هذا التاريخ بأيام قليلة. ولا أخفي أني سررت كثيراً، ليس فقط بعبارات التنويه والتقدير التي أعرب عنها الدارسون والمهتمون من الجمهور الحاضر، ولكن كذلك بالقضايا المختلفة التي أثاروها، دالة على ما لهم من معرفة بالفن وما يشغلهم من استفسارات عن بعض مشكلاته.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وتكاد تكون هي نفس القضايا التي طرحها أعضاء لجنة الموسوعة في اجتماع بالأكاديمية أسبوعا بعد ذلك ؛ وكان مناسبة لإطلاعهم على ما كان تم في محاضرة فاس.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ونظراً لأهمية هذه القضايا، فقد اقترحت أن تكون مقدمة كل جزء من الموسوعة مجالاً لتناول بعضها، إضافة إلى الترجمة التي تدرج في تلك المقدمة للشاعر الذي يكون ديوانه موضوع هذا الجزء.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ولعل من أكثر المسائل التي طال الجدل حولها – ويطول – ما يتعلق بمفهوم مصطلح "الملحون"، إن كان معزوا إلى اللحن بمعنى الخطأ اللغوي والنحوي وما هو غير معرب، أو راجعاً إلى اللحن الذي يقصد منه المدلول الموسيقي القائم على التوقيع والتنغيم والتطريب، أو غير هذا وذاك مما تعنيه كلمة اللحن التي هي الأصل في التسمية.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ذلكم أن لهذه الكلمة دلالات متعددة تتبعها علماء اللغة، على نحو ما فعل ابن منظور في "لسان العرب"، حيث ذكر لها ستة معان هي:[/font]
[font="]1- الخطأ في الإعراب، وهو معروف.[/font]
[font="]2- اللغة كما في قول عمر بن الخطاب (ض) يحث على تعلم اللغة: "تعلَّموا الفرائض والسنن واللحن كما تعلَّمون القرآن".[/font]
[font="]3- الغناء وترجيع الصوت والتطريب، كما في قول يزيد ابن النعمان:[/font]
[font="] لقد تركتْ فـؤادك مُسْـتجِـنّاً[/font]
[font="] مُطـوقـةٌ على فَنَـنٍ تَغنَّـى[/font]
[font="] يميـل بهـا وتركبـه بلحـن[/font]
[font="] إذا ما عَـنَّ للمحـزون أَنَّــا[/font]
[font="] فلا يَحزُنْـكَ أَيـامٌ تَولَّــى[/font]
[font="] تَذكُّرُهـا، ولا طيـرٌ أَرنَّــا[/font]
[font="]4- الفطنة، ومنه قول مالك بن أسماء بن خارجة الفَزَاري:[/font]
[font="] وحـديثٍ أَلذُّه هـو مـمـا[/font]
[font="] يَنعت الناعتـون يُوزن وزْنـا[/font]
[font="] منـطق رائع وتَلـحن أحيا[/font]
[font="] ناً وخير الحديث ما كان لحنـا[/font]
[font="]5- التعريض والإيماء، كقوله عليه الصلاة والسلام وقد بعث رجلين إلى بعض الثغور ليكونا عيْنا: "إذا انصرفتما فالْحَنا لي لَحْنا" أي أَشيرا إليَّ ولا تفصحا وعَرِّضا بما رأيتما.[/font]
[font="]6- المعنى والفحوى، كقوله تعالى: ولتعرفنَّهم في لحن القول(1).[/font]
[font="] [/font]
[FONT="] حين ننظر في التفسيرات التي أعطاها دارسو الملحون لهذا المصطلح، نجد أنها ركزت على معنيين اثنين(2):[/FONT]
[FONT="] أولهما متصل بالموسيقى والغناء.[/FONT]
[FONT="] وثانيهما مرتبط بعدم الإعراب.[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] إلى المعنى الأول ذهب الأستاذ المرحوم محمد الفاسي حين قال: "والحقيقة أن لفظة الملحون هنا مشتقة من اللحن بمعنى الغناء، لأن الفرق الأساسي بينه وبين الشعر العربي الفصيح أن الملحون ينظم قبل كل شيء لكي يغنى به"(3). وقال كذلك: "أول ما يتبادر للذهن أنه شعر بلغة لا إعراب فيها، فكأنه كلام فيه لحن. وهذا الاشتقاق باطل من وجوه، لأننا لا نقابل الكلام الفصيح بالكلام الملحون، ولم يرد هذا التعبير عند أحد من الكتاب القدماء لا بالمشرق ولا بالمغرب. والذي أراه أنهم اشتقوا هذا اللفظ من التلحين بمعنى التنغيم، لأن الأصل في هذا الشعر الملحون أن ينظم ليتغنى به قبل كل شيء. ونجد ما يؤيد هذا النظر من قول ابن خلدون في المقدمة في الفصل الخمسين في أشعار العرب وأهل الأمصار لهذا العهد بعد أن تكلم على الشعر باللغة العامية فقال: وربما يلحنون فيه ألحاناً بسيطة لا على طريقة الصناعة الموسيقية"(4).[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]______________________________[/FONT]
[FONT="](1) سورة محمد –الآية 30.[/FONT]
[FONT="](2) انظر: [/FONT]Encyclopédie de l’Islam (Nouvelle édition Tome VI -Ed. Maisonneuve et Larose 1987) Malhün par Ch. Pellat[FONT="].[/FONT]
[FONT="](3) مقال: "نظرة عن الأدب الشعبي بالمغرب" – مجلة البينة –السنة الأولى –العدد الرابع –غشت 1962م.[/FONT]
[FONT="](4) مقال: "الأدب الشعبي المغربي الملحون" - مجلة البحث العلمي –السنة الأولى –العدد الأول (يناير-أبريل 1964م). وقد أكد هذا الرأي في "معلمة الملحون" القسم الأول من الجزء الأول ص: 101 (نشر أكاديمية المملكة المغربية -1406هـ-1986م).[/FONT]
[FONT="] وإلى المعنى الثاني ذهبت في أطروحتي عن "القصيدة"(5) منطلقا من نقد رأي المرحوم الفاسي، ومناقشاً إياه من وجهات ثلاثة. أرى ضرورة التذكير بها:[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] الأولى: "أن هذا الشعر لم يكن ينظم أول الأمر ليغنى به، وأن اتخاذه للغناء تم في مرحلة تالية" تشهد على ذلك نصوص الملحون الأولى، سواء من حيث طبيعة مضامينها أو الأساليب التي كانت تؤدى عليها. وإنه لتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى الشاعر الفيلالي الرائد مولاي الشاد(6) الذي كان يعيش في أول القرن العاشر الهجري، ويعتبر أقدم من وصلتنا بعض نصوصه متمثلة في مقطوعتين سبق أن سقت أول مقاطع أولاهما(7) وفي مستهل الثانية يقول:[/FONT]
[FONT="] خوك عبدك وانت ديما الخوك مملوك[/FONT]
[FONT="] لا تأديه الله يهديك ما يؤديك[/FONT]
[FONT="] لك عايش وانتيا له كتعيش[/FONT]
[FONT="] لا تكونوشي طوب افشي ابني اهشيش[/FONT]
[FONT="] عيشوا بالله والنبي والقرآن امع لحديث[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وتجدر الإشارة إلى أن ما كان متداولاً بين الزجالين قبل وضع البحور والقياسات، هو ما كان يطلق عليه "كان حتى كان"(8)، وفق ما يذكر شاعر فيلالي _____________________________[/FONT]
[FONT="](5) انظر: "القصيدة" ص: 56-57 (مطبعة الأمنية –الرباط 1390هـ-1970م).[/FONT]
[FONT="](6) المصدر نفسه ص: 546.[/FONT]
[FONT="](7) انظر مقدمة (ديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي) ص: 8.[/FONT]
[FONT="](8) وهي تسمية تنم عن طبيعة أغراض هذا الشعر، وتُذكر هذه التسمية بما كان معروفاً عند البغداديين باسم "الكان وكان". وهو نمط بسيط من التعبير الشعري العامي "له وزن واحد وقافية واحدة ولكن الشطر الأول من البيت أطول من الشطر الثاني، ولا تكون قافيته إلا مُردَفة قبل حرف الروي بأحد حروف العلة … وسمي بذلك لأنهم أول ما اخترعوه لم ينظموا فيه سوى الحكايات والخرافات … فكان قائله يحكي ما كان وكان". ثم ظهر بعض الوعاظ "فنظموا فيه المواعظ والرقائق والزهديات والأمثال والحكم فتداولها الناس".[/FONT]
[FONT="]انظر: "العاطل الحالي والمرخص الغالي" لصفي الدين الحلي ص: 115 (تحقيق الدكتور حسين نصار –الهيئة المصرية العامة للكتاب -1981).[/FONT]
[FONT="]وتجدر الإشارة إلى أن العادة جرت في المغرب عند بداية أية خرافة أو حكاية أن يقول الحاكي: "كان يا سيدي حتى كان، حتى كان الله افكل امكان … ".[/FONT]
[FONT="]معاصر لمولاي الشاد، هو عبد الله بن احساين(9) في مطلع قصيدة طويلة له حيث يقول مقابلاً بين هذا النمط من التعبير وبين النظم الموزون:[/FONT]
[font="] نبدا باسم الله انظامي ياللي ابغا لوزان[/font]
[font="] لوزان خير لي أنايا من قول "كان حتى كان"[/font]
[font="] [/font]
[font="]وهي نصوص تدل على أن الغرض الذي كان يشغل الشعراء في هذه الفترة، لم يكن يتجاوز المواعظ الدينية والتوجيهات الاجتماعية التي كانت تلقى "سردا" في الزوايا والمساجد. وحين حاول أحد تلاميذ ابن احساين هو محمد بن علي بوعمرو(10) أن ينظم في الغزل قصائد لإنشادها في مجالس خاصة، تعرض لنقد لاذع. وتعتبر "زهرة" من أولى قصائده في هذا الغرض، وهي التي يقول في حربتها:[/font]
[font="] زوريني قبل اللا نقبار يا هلال الدارا زهرا[/font]
[font="]فقد رمي إثرها بالزندقة، على حد قول الشاعر لمراني المدغري الذي سبق أن أوردت هجاءه لبوعمرو(11). وقد تكرر هذا الموقف الهجائي مع أحد شعراء مراكش هو حسون وتير الذي قال:[/font]
[font="] ملّت امن السجيا ولَّى فيها العار والشنار[/font]
[font="] واغضبت اعلى الشعر الملحون اللي ناظمو فاضرا[/font]
[font="] الفاسـق اللئيم الزنديق اللي شنع ابلبكار[/font]
[font="] ألـوايلي اجـنـاح انفدفد وانطيـر له للصحـرا[/font]
[font="] [/font]
[font="] وكان الشيخ أحمد سهوم قد اعتبر مقطوعتي مولاي الشاد بواكير للملحون "قبل أن توضع له بحوره وعروضه، إنه مجرد كلام غير موزون وغير مقفى لكنه بليغ وهادف وفيه مسحة من جمال الشعر"(12).[/font]
[font="]____________________________[/font]
[font="](9) انظر "القصيدة" ص: 547-548 ومقدمة "ديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي" ص: 19.[/font]
[font="](10) القصيدة ص: 570-578.[/font]
[font="](11) انظر مقدمة (ديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي) ص: 33.[/font]
[font="](12) مجلة الإذاعة والتلفزة المغربية –العدد 12 –السنة الثانية يوليوز-غشت 1966.[/font]
[font="] الثانية: أن الفصاحة عنصر مشترك بين المعرب والملحون، مما يجعلنا لا نقابل الملحون بالشعر الفصيح. وقد انتبه ضياء الدين ابن الأثير إلى هذه الحقيقة فذهب إلى "أن الجهل بالنحو لا يقدح في فصاحة ولا بلاغة، ولكنه يقدح في الجاهل به نفسه لأنه رسوم قوم تواضعوا عليه وهم الناطقون باللغة فوجب اتباعهم. والدليل على ذلك أن الشاعر لم ينظم شعره وغرضه منه رفع الفاعل ونصب المفعول أو ما جرى مجراهما، وإنما غرضه إيراد المعنى الحسن في اللفظ الحسن المتصفين بصفة الفصاحة والبلاغة .... فتبين بهذا أنه ليس الغرض من نظم الشعر إقامة إعراب كلماته وإنما الغرض أمر وراء ذلك"(13).[/font]
[font="] [/font]
[font="] وعند ابن خلدون في حديثه عن شعر أهل أمصار المغرب من العرب أن "في هذا الشعر بلاغة فائقة وفيهم الفحول ... فالإعراب لا مدخل له في البلاغة. إنما البلاغة مطابقة الكلام للمقصود ولمقتضى الحال من الوجود فيه، سواء كان الرفع دالا على الفاعل والنصب دالاً على المفعول أو بالعكس، وإنما يدل على ذلك قرائن الكلام كما هو لغتهم هذه. فالدلالة بحسب ما يصطلح عليه أهل الملكة فإذا عرف اصطلاح في ملكة واشتهر صحت البلاغة ..."(14). ويزيد فيؤكد أن "أهل العلم بالمدن ... يحسبون أن الإعراب هو أصل البلاغة وليس كذلك"(15).[/font]
[font="] [/font]
[font="] وانطلاقا من هذا المفهوم، كان أشياخ الملحون يَمدحون شعرهم بصفة البلاغة، على حد قول محمد بن علي في أول قسم من "المحاورة":[/font]
[font="] افراجا مقصيا اكما اسمعت انعاود للسامعين برضاهم[/font]
[font="]برجاحت لعقل وابلاغت لحبار جيت اخصام الخودات في انهايت شعري منظوم[/font]
[font="] [/font]
[font="] ويؤكد هذا المنحى مجموع التسميات التي أطلقها الأشياخ على الملحون من مثل : الموهوب ولكلام والسجية والشعر والنَّظام والقريض واللغا.[/font]
[font="]____________________________[/font]
[font="](13) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر –ج1 ص: 18-19 ط. الحلبي –مصر 1939، انظر كذلك "القصيدة ص: 111-113.[/font]
[font="](14) المقدمة ص: 511 (ط. بولاق).[/font]
[font="](15) التاريخ –ج6 ص: 18.[/font]
[font="] الثالثة: أن المصطلح الذي يقابل "الملحون" هو "المعرب" على حد ما توافق عليه الدارسون والنقاد. فالحلي في حديثه عن الفنون المستحدثة يقول: "وهي الفنون التي إعرابها لحن وفصاحتها لكن وقوة لفظها وهن، حلال الإعراب بها حرام وصحة اللفظ بها سقام"(16). وعند إبراهيم التادلي أن "الملحون يطلق على النظم غير المعرب"(17).[/font]
[font="] يضاف إلى هذا أن ابن خلدون في تناوله لـ: "عروض البلد" الذي استحدثه أهل الأمصار بالمغرب، لم يشر إلى أن هذا الشعر كان يغنى به، وإنما قال : "فاستحسنه أهل فاس وولعوا به ونظموا على طريقته وتركوا الإعراب الذي ليس من شأنهم"(18). على أن اللحن بمعنى الغناء لم يكن شائعاً بين شعراء الأمصار الذين تحدث عنهم ابن خلدون، بدليل استعماله "ربما" في قوله: "وربما يلحنون فيه ألحاناً بسيطة"(19).[/font]
[font="] [/font]
[font="] وبين الرأي القائل باللحن مقابلاً للإعراب والرأي المعتبر أن اللحن بمعنى الغناء، يميل الأستاذ أحمد سهوم بعد انتقاده لهما إلى رأي ثالث، يذهب فيه إلى أن "القول الملحون هو القول البليغ، الواصل المقنع"(20)، ويسوق لتعزيز رأيه الحديث النبوي الشريف الذي اجتزأ منه ما يتصل باللحن، والذي يقول نصه الكامل: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع. فمن قضيت له بشيء بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها"(21).[/font]
[font="] [/font]
[font="]____________________________[/font]
[font="](16) العاطل الحالي والمرخص الغالي ص:1.[/font]
[font="](17) فتح الأنوار في بيان ما يعين على مدح المختار –مخطوط خزانة الرباط العامة رقم 3285 د.[/font]
[font="](18) المقدمة ص: 530.[/font]
[font="](19) نفسه ص: 510.[/font]
[font="](20) الملحون المغربي ص: 231 (منشورات شؤون جماعية –الطبعة الأولى نونبر 1993).[/font]
[font="](21) رواه البخاري ومسلم وابن حنبل ومالك عن أم سلمة.[/font]
[font="] وعندي أن هذا الرأي، وهو يستبعد عن اللحن مفهوم الغناء ويربطه بالبلاغة، لا يبتعد كثيراً عما قلته إن لم يكن يؤكده، مع الإشارة إلى أن القصد من اللحن في الحديث الشريف هو "الميل عن جهة الاستقامة. ويقال لحن فلان في كلامه إذا مال عن صحيح المنطق وأراد أن بعضكم يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره"(22).[/font]
[font="] [/font]
[font="] أما بعد هذا، فيبدو لي استكمالاً لمشكل مفهوم "الملحون"، أن اللحن بمعنى الغناء في الأصل، كان يقصد منه التطريب وترجيع الصوت واعتماد المد أو القصر والضغط على بعض الحروف وتمطيط الكلمات، على نحو ما قد يكون في تلحين القرآن الكريم، ولم يكن يعني الجانب الموسيقي القائم على الآلات.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ولعل مما يدخل في هذا السياق، ما هو معروف في إنشاد قصائد الملحون(23) من أساليب الأداء المعينة على التطريب، مما يطلقون عليه "التمويلة" وكنت(24) قد مثلت لها بتمويلة قصيدة "التوبة" لابن سليمان. وأزيد لتوضيحها نموذجاً آخر يتمثل في تمويلة قصيدة "المرسم" التي حربتها:[/font]
[font="] أنا والمرسم يا حمام ثالثنا فالزهو انت[/font]
[font="] المرسم يبكي اعلى الشماعا وانت تبكي اعلى النثا ونا على لغزال[/font]
[font="] [/font]
[font="] وجاءت تمويلتها على هذا النحو:[/font]
[font="] أنا يا ما لي للا يا مولاتي للا ادوى[/font]
[font="] [/font]
[font="] ومثلها "التشحيرة" و "الترتيحة"(25) وهي عبارات "يشدون" بها الميزان ____________________________[/font]
[font="](22) لسان العرب (مادة لحن).[/font]
[font="](23) انظر "القصيدة" ص: 30-35.[/font]
[font="] (24) انظر مقدمة "ديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي" ص: 32.[/font]
[font="](25) القصيدة ص: 30-35.[/font]
[font="]و "يقبضونه" لضبطه والتحكم فيه. وغالباً ما يؤديها "الشدادا" أي مجموع المرددين، ومنها "يا سيدنا يا سيدنا" و "يا للا يا للا" و "دادا مي اللا هيا اللا"، على نحو ما نجد عند التهامي المدغري في قصيدة "عشية الجمعا" حيث أضاف "يا للا يا للا" بين أشطار أبياتها بدءاً من الحربة، وفق ما كنت مثلت للترتيحة(26). وأود أن أضيف "تشحيرة" قصيدة "طامو" للتهامي المدغري، وهي:[/font]
[font="] دا دا امّي اللاَّ اهْيا للاَّ[/font]
[font="]وتأتي على هذا النحو مع حربة القصيدة:[/font]
[font="] جيش لغرام يا طامو ما نقدر اعلى الطامو[/font]
[font="] دا دا امِّي اللا اهيا للا[/font]
[font="] [/font]
[font="] ويبدو لي أن بدايات الأداء الغنائي الموسيقي المعتمد على الآلات، ظهرت مرتبطة فقط بالطبلة الصغيرة التي تعرف باسم "التعريجة" و "لـﮔوال"، والتي شاع بين الأشياخ أن أول من توسل بها هو الجيلالي امتيرد(27) الذي أسعد بتقديم ديوانه في هذا الجزء الثاني من موسوعة الملحون.[/font]
[font="] [/font]
[font="] ويعتبر الشيخ امتيرد(28) في طليعة شعراء الفترة التي ازدهر فيها الملحون بعد مرحلة ركود أعقبت حقبة نشأته وتطوره، والتي امتدت من منتصف القرن الثاني عشر الهجري، ابتداء من عهد السلطان محمد بن عبد الله(29) الذي يبدو أنه كان ولوعاً بالملحون، إلى أوائل القرن الماضي زمن السلطان عبد الحفيظ(30) الذي كان من شعرائه، إذ خلف ديواناً سبق أن طبع على الحجر في فاس بدون تاريخ.[/font]
[font="]_____________________________[/font]
[font="](26) انظر مقدمة "ديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي" ص: 30-31.[/font]
[font="](27) انظر: مقال "الأدب الشعبي المغربي الملحون" لمحمد الفاسي (مجلة البحث العلمي –العدد الأول –السنة الأولى 1964) و "معلمة الملحون" له (نشر أكاديمية المملكة المغربية و "القصيدة" ص: 611-616.[/font]
[font="](28) انظر ترجمته في:[/font]
[font="] 1- القصيدة ص: 611-616.[/font]
[font="] 2- معلمة الملحون –ج2 ق 2 (تراجم شعراء الملحون) ص: 148-154.[/font]
[font="](29) بويع سنة 1276هـ وتوفي عام 1290هـ.[/font]
[font="](30) تولى الملك سنة 1325هـ وتنازل عنه لأخيه المولى يوسف بعد أن أمضى عقد الحماية الفرنسية على المغرب عام 1330هـ الموافق 1912م. وكانت وفاته سنة 1937م في أنجان لوبان بفرنسا حيث كان مبعداً ثم نقل جثمانه إلى فاس التي بها دفن.[/font]
[font="] وفي هذه الفترة ظهر كبار الأشياخ المبدعين من أمثال محمد النجار، وعبد القادر بوخريص، ومحمد بن علي العمراني ولد ارزين، ومحمد بن سليمان، ومحمد ابن قاسم لعميري، وعبد القادر العلمي، والتهامي لمدغري، ومحمد الـﮔندوز، والحاج ادريس بن علي لحنش، وأحمد لغرابلي وآخرين كثيرين ستعمل الأكاديمية على نشر دواوينهم تباعاً بإذن الله في إطار مشروع الموسوعة.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وينتسب الشيخ امتيرد – كسلفه المغراوي الذي خصص له جزءها الأول – إلى منطقة الغرفة من امسيفي في جهة تافيلالت الواقعة جنوب شرق المغرب، إلا أنه ولد ونشأ في مراكش حيث كان له دكان لبيع الخضر في "رياض لَعْروس" أو غيرها من أسواق الخضر.[/font]
[font="] وعلى الرغم من أن تاريخ ولادته ووفاته غير محدد، فمن المعروف أنه في عهد السلطان محمد بن عبد الله كان قد برز باعتباره شاعراً كبيراً مجدداً. وهو ما يكشفه قوله في قصيدة "الحراز" التي يورد فيها من الصفات التي تنكر بها ليصل إلى محبوبته صفة "امْخزني" لهذا السلطان:[/font]
[font="] من ساعتي ارجعت امخزني مشمور امن اصحاب الملك[/font]
[font="] الله ينصر سيدي محمد[/font]
[font="] [/font]
[font="] ويبدو أنه عمر طويلا حتى أدرك بداية النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري، إذ توفي في أواسط سلطنة مولاي عبد الرحمن(31) ودفن بمقبرة سيدي علي أبي القاسم بجوار مسجد الكتبية تحت منارته، من غير تحديد لقبره.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وفي تعليل تلقيبه بـ "امتيرد" تصغيرا لـ "مترد" بقول بعض الأشياخ إن السبب فيها ضعف بنيته ونحالة جسمه، ويقول آخرون إن هذا اللقب أطلق عليه _______________________________[/font]
[font="](31) بويع سنة 1240هـ وتوفي عام 1276هـ.[/font]
[font="]استخفافاً بمكانته الشعرية البسيطة أول ظهوره في الميدان، ويعزون تفتح موهبته رغم أميته إلى دعاء لأحد الشرفاء الوزانيين أو الشرقاويين كان سبب الفتح عليه إذ سأله عن اسمه، وحين أجاب بـ: "امتيرد" أجابه الشريف: "بل أنت مترد". ويعتمدون في هذا التعليل على قصيدته: "الداوي" التي حربتها:[/font]
[font="] الداوي مالك داوي[/font]
[font="] بالوصال اجراحي داوي[/font]
[font="] ما ابْرا جرح ابغير ادوا[/font]
[font="] [/font]
[font="]مع التنبيه إلى الاعتراف الوارد آخر قسم منها حيث يقول مشيراً إلى ما نهله من الزاوية الشرقاوية:[/font]
[font="] رايس القرصان اسلاوي[/font]
[font="] سـرْ لمواهب شرقاوي[/font]
[font="] اسقاوني سـادتي سقْوا[/font]
[font="] [/font]
[font="] ويحكى أن السلطان عبد الحفيظ، كان إذا ذكر الشيخ امتيرد في مجلسه يقول: "بل هو مترد امعمر بالتريد"(32). وهي قولة دالة على مكانة هذا الشاعر حتى بعد عصره، يعززها ما يروى عن التهامي المدغري الذي شهد له بالتفوق، معترفاً بأنه لو أدركه لحمل نعله "بلغته"، بل زاد فأكد أنه لو تسنى له أن يعاصره ويلقاه لكان عبداً له:[/font]
[font="] لو كان احضرت لامتيـرد[/font]
[font="] كنت انكون لو عبد اشويرد[/font]
[font="] [/font]
[font="] ولا عجب أن يكون بهذا وغيره "شيخ الأشياخ" في عصره، وأن يعتبر في مراكش: "الفاكْية دالشياخ" أي فاكهتهم، وفي فاس "عرصت لشياخ" أي روضهم. وبلغ من تأثير قصائده على الجماهير، أن المنشدين أطلقوا عليها: "الشَّعَّالة" للجوئهم ___________________________[/font]
[font="](32) "التريد" بتاء مثناة في النطق العامي، وأصله "الثريد" بالمثلثة.[/font]
[font="]إليها في تحريك السامعين وإثارة انتباههم إذا ما أحسوا منهم ضيقاً وعدم التجاوب مع ما ينشدون. بل إن الشعراء أنفسهم كانوا منها يستلهمون. وهو ما أعرب عنه التهامي المدغري في هذا البيت الذي يصرح فيه بأن الشيخ امتيرد هو جواز مروره وفاتح الطريق له:[/font]
[font="] إذا ما خلفت شي اعلى العتبا دا الشيخ الجيلالي ما ندوز شي[/font]
[font="] [/font]
[font="] وما ذكرته قبل أسطر من أن امتيرد كان أول من توسل بـ "التعريجة" في الأداء، يرتبط في ذهن العامة بحكاية أسطورية ساقها المرحوم الفاسي تزعم أن الشاعر: "كان يذهب في كل عشية مفرداً لزيارة صهريج ابن الحداد وهو بستان خارج مراكش من باب الخميس. وهذا الموضع مخيف متوحش فيه مياه راكدة ونباتات وحشية، وفي الماء كثير من الضفادع، ولا يقصده أحد إلى يومنا هذا. وكان الجيلالي يجلس هناك للتفكير والاعتبار، فخرجت له ذات يوم ضفدعة وكلمته وقالت له: يا شيخ إنني أريد أن أعرس وأرجو منك أن تحضر عرسنا وتغني لنا، فأجابها: نعم، وطلب منها تعيين الوقت، فقالت له: في اليوم الفلاني في الساعة الفلانية آت إلى هذا المحل. ففعل، ولما حضر في الساعة المعينة رأى نفسه في دار عرس، فقدموا له آلة لم يكن له عهد بها قبل ذلك، وطلبوا منه أن يغني لهم قرب الصهريج، وبيده تعريجة. فرجع إلى المدينة وحكى للناس ما وقع له. ومن ذلك الحين صار يأتي بالمعجز من القول بعطاء من الجنة. وتظن العامة أنه لم يُغن بالتعريجة من قبل، وهذه اختراع من الجنة".[/font]
[font="] [/font]
[font="] وبعيداً عن التعليل الأسطوري لموهبة الشاعر امتيرد، فإن الناظر في قصائده ينتهي دون أدنى شك إلى أنه صاحب إبداع، إذ نظم على نحو لم يكن معروفاً وبما لم يكن مألوفاً بين الأشياخ المعاصرين له والسابقين عليه. وهو بهذا التجاوز للمتداول والشائع يعتبر مجدداً في الملحون، ولا سيما بما ابتكره سواء من حيث الشكل أو المضمون، انطلاقاً من قدرته الفنية وما أتاحت له من تعبير عما يختلج في نفسه ونفوس متلقيه. وهو تعبير يتسم بالروعة والجمال، وبأسلوب يلتقي فيه الطبع بالصناعة وبالرواية، في غير تكلف أو تثقف.[/font]
[font="] وفي دراستي المشار إليها قبل، كنت قد ذكرت من جملة أولياته في الشكل إضافته للبحر المثنى وزنا جعل فيه الصدر (الفراش) أطول من العجز (الغطا)، وكذا نظمه على بحر "السوسي" الذي بدا أنسب لقصائد الحوار التي كان له فضل تطويرها، وكانت قد بدأت مع الشيخ حماد الحمري. وفي مجال السبق يذكر له نظم "السرابة" التي يقدم بها للقصيدة عند الإنشاد.[/font]
[font="] [/font]
[font="] أما في المضمون فأرى أنه أول من نظم في الخمريات وفي الشمعة والخلخال والحراز والضيف والفصادة والخصام والقاضي، وإن كانت قصائده في بعض هذه الأغراض لم تكتب لها شهرة التداول بالقياس إلى ما جاء عند غيره في موضوعها بعد.[/font]
[font="] [/font]
[font="] وهكذا يتضح أن الجيلالي امتيرد يحتل موقعاً متميزاً يزيد في إبراز تألقه عدد قصائده التي حافظ عليها الرواة والمدونون. وهي في هذا الديوان وبالمقاييس المنهجية التي تخضع لها الموسوعة، تصل إلى إحدى وسبعين قصيدة موثقة، زيادة على ثمان أخرى تنسب إليه. وكان الأستاذ الفاسي قد أشار إلى أن عند الخزان قدور الغزايل كناشا يحتوي على أربع وثمانين قصيدة ؛ وهو كناش مفقود على ما يظهر، وربما يكون صاحب "معلمة الملحون" قد ردد ما كان متناقلاً بشأنه بين المهتمين بالملحون. في حين ذكر لي الأستاذ عبد الرحمن الملحوني رئيس "جمعية الشيخ الجيلالي امتيرد"(33) للملحون بمراكش أن ما تتوافر عليه الجمعية هو نفسه ما اجتمع للأكاديمية.[/font]
[font="] [/font]
[font="] والجدير بالتنبيه أنه إذا كانت نسبة القصائد إلى أصحابها تستند عموماً وبالدرجة الأولى إلى ذكر اسم الشاعر في آخر قسم منها، فإن بعض الخلط قد يقع ___________________________[/font]
[font="](33) تأسست عام 1970 على إثر انعقاد مؤتمر للملحون في مراكش. وهي تنهض بدور الحفاظ على شعر امتيرد وغيره، إلى جانب "جمعية الهواة" التي يرأسها الأستاذ عبد الله الشليح بعد أن كان ترأسها في البداية الشيخ المرحوم محمد بن عمر الملحوني.[/font]
[font="]في هذا الاسم، ولا سيما حين يتكرر. وقد يزيد هذا الخلط حين لا يسمي الشاعر نفسه، كما عند التهامي المدغري وقدور العلمي الذي تسجل له بعض الاستثناءات في هذا الصدد. على أن ذكر الاسم لا يكفي وحده في التأكد من النسبة، بل يعتمد كذلك على المتداول بين الحفاظ والرواة والمدونين، كما يعتمد على معرفة نفَس الشاعر وما برز فيه أو اشتهر به من أغراض.[/font]
[font="] [/font]
[font="] من هنا كان الحرص على التأكد من هذا الأمر، حتى لا يختلط شعر الجيلالي بشعر غيره من الذين يشاركونه هذا الاسم، وهم كثر، ومن أبرزهم الجيلالي لحلو الفاسي(34) الذي كان معاصراً له ويعرف بـ "ابن الجنية"، والذي اختلط بعض شعره بشعر امتيرد. فعند الشيخ عثمان الزكي أنه هو صاحب قصيدة "الهاشميا"(35) التي حربتها:[/font]
[font="] أسلطانت لريام مولاتي ولْفي الهاشميا[/font]
[font="] يَكْفا من لَجْفا زوريني يا راحتي اوْطبِّي واعلاجي[/font]
[font="] [/font]
[font="]والسبب تشابه الاسم الذي كشف عنه الشاعر في هذا البيت:[/font]
[font="] يا مـولاة الدواح قال الجيلالـي ضرغم لحميا[/font]
[font="] لَلَّهْ واش من ساعَا محمودا اتشاهد ابهاك اغْناجي[/font]
[font="] [/font]
[font="] وقد يتخذ هذا الخلط بعداً آخر حين توجد قصيدة منسوبة للجيلالي، ولكن يلاحظ من نفَسها أنها مجرد اقتباس – حتى لا أقول إنها مسخٌ – لقصيدة يتضح أنها الأصل وأنها جيدة مع النسبة لشاعر آخر معروف. من هذا النوع الذي يبدو وكأنه من باب المعارضة، قصيدة "خدوج" التي حربتها:[/font]
[font="] عوْريـط الحـاج زوريني يا ولفي الحاجَّا[/font]
[font="] ما نقدشي للملجَّـا وصْـلـك نـحـتـاج[/font]
[font="] أجي يالخليلا انفوَّج[/font]
[font="]___________________________[/font]
[font="](34) انظره في "معلمة الملحون" –ج2 ق 2 ص: 164.[/font]
[font="](35) واردة في ديوان امتيرد ص: 117 (يغير عند الطبع).[/font]
[font="] وفي أكثر من مجموع أنها لعبد القادر إذ يقول في الآخر:[/font]
[font="] [/font]
[font="] والـوغـد الـهـبـاج نسقيه امن اكيوس الحدجا[/font]
[font="] واسمي ما يخفا اهل الرجا والــودْبـا لَـنـْـتاج[/font]
[font="] عبد القادر فاضوا خلايجو[/font]
[font="] [/font]
[font="]ومن المرجح أنه بوخريص. ومن ثم استبعد إدراجها في الديوان، حتى في الملحق الذي يضم القصائد التي تنسب لامتيرد.[/font]
[font="] [/font]
[font="] أما القصيدة المذكور فيها اسم الجيلالي فتقول حربتها وهي مبتورة:[/font]
[font="] ... مــولاة التــاج زوريني خدوج الهايجا[/font]
[font="] يا نعت السرا الّْـدارجا بوصـالك محـتـاج[/font]
[font="] واجـي خـدوجـا انفوجـو [/font]
[font="] [/font]
[font="]وجاء في آخرها:[/font]
[font="] فسْـلـوك النـغـاج نختم هذا الحلاَّ الواهْجا[/font]
[font="] واسـلامـي بالطـيـب ماهْجا والاسَــم يـنْـتـاج[/font]
[font="] والجيلالي فاضوا خْلايجو[/font]
[font="] [/font]
[font="] مهما يكن، فإن التقصي والتحري كانا في طليعة المعايير التي سلكتها لجنة الملحون، سعياً إلى تجنب الخلط الذي قد يشوب نصوصاً معينة أو إهمال نصوص أخرى. وذلكم ما حرصت اللجنة على تفاديه قدر الإمكان. ومع ذلك فإنها ترحب بأي تنبيه أو انتقاد في هذا المجال أو غيره.[/font]
[font="] ومن الله العون والتوفيق.[/font]
[font="] [/font]
[font="]الرباط في 8 رمضان المعظم 1429هـ [/font]
[font="]الموافق 9 سبتمبر 2008م[/font]
[font="]العَارِفُ بِاللَّهِ الخَلِيفَةُ الشَّهِيرُ سَيِّدِي الحَاجُّ عَلِيٌّ حَرَازِمُ بْنُ العَرَبِيّ بَرَّادَةُ الفَاسِي[/font]
[font="]هُوَ العَارِفُ بِاللَّهِ الخَلِيفَةُ الشَّهِيرُ سَيِّدِي الحَاجُّ عَلِيٌّ حَرَازِمُ بْنُ العَرَبِيّ بَرَّادَةُ الفَاسِي (¬1) ، مِنْ أُسْرَةٍ فَاضِلَةٍ مَجِيدَةٍ، مِنْ أَعْرَقِ الأُسَرِ العَتِيقَةِ بِمَدِينَةِ فَاسٍ،[/font]
[font="]فَمَنْ لِي بِحَصْرِ البَحْرِ وَالبَحْرُ زَاخِرٌ * وَمَنْ لِي بِإِحْصَاءِ الحَصَا وَالكَوَاكِبِ[/font]
[font="]¬__________[/font]
[font="](¬1) ــ أنظر ترجمته في كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الأصحاب ، للعلامة سكيرج رقم الترجمة 1. تيجان الغواني في شرح جواهر المعاني ، للمؤلف نفسه ( مخطوط خاص ) . جناية المنتسب العاني فيما نسبه بالكذب للشيخ التجاني ، للمؤلف نفسه 2 : 52 - 61 . جنة الجاني في تراجم أصحاب الشيخ التجاني ، للمؤلف نفسه (مخطوط خاص ) . أسنى المطالب ، فيما يعتني به الطالب ، للمؤلف نفسه 13 - 21 . تطييب النفوس بما كتبته من بعض الدروس و الطروس ، للمؤلف نفسه ( مخطوط خاص ) . الجواهر الغالية المهداة لذوي الهمم العالية ، للمؤلف نفسه 63 و 70 و 76 و 77 و 79 و 108 و 110. الدر الثمين من فوائد الأديب بلامينو الأمين ، للمؤلف نفسه 12 - 13 (مخطوط ) . ثمرة الفنون ، في فوائد تقر بها العيون ، للمؤلف نفسه 61 ( مخطوط ) . إتحاف أهل المراتب العرفانية بذكر بعض رجال الطريقة التجانية ، للعلامة الحجوجي ج 1 رقم الترجمة 1 . نخبة الإتحاف في ذكر بعض من منحوا من الشيخ التجاني بجميل الأوصاف ، للمؤلف نفسه رقم الترجمة 1 . مقدمة كتاب فتح الملك العلام بتراجم بعض علماء الطريقة التجانية الأعلام ، للمؤلف نفسه بتحقيقنا عليه . نسمات القرب والإفضال ، المبعوثة لسيدي أحمد بن الحسن من فضل الكبير المتعال ، للمؤلف نفسه 39. روض شمائل أهل الحقيقة ، في التعريف بمشاهير أهل الطريقة ، لابن محم العلوي الشنقيطي رقم الترجمة 1 . بغية المستفيد لشرح منية المريد ، لسيدي محمد العربي بن السائح 255 - 256 . كناش الفقيه سيدي محمد بن يحيى بلامينو الرباطي 94 ( مخطوط ) . أضواء على الشيخ أحمد التجاني و أتباعه ، لعبد الباقي مفتاح 103 - 106 . عمدة الراوين في تاريخ تطاوين ، لأحمد الرهوني..تعطير النواحي ، بترجمة الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي ، لعمر بن محمد الرياحي 1 : 11 - 16 . الجواهر الغالية، في الجواب عن الأسئلة الكرزازية ، للعلامة إدريس العراقي 15 . الورود العاطرة النشر ، في الجواب عن الأسئلة العشر ، للمؤلف نفسه 40 و 91 و 107 و 122 و 138 . تفضيض ظاهر و باطن الأواني بتكميل كتاب نيل الأماني ، للمؤلف نفسه 2 : 46 و 133 و 203 و387 . غاية الأماني في مناقب و كرامات أصحاب الشيخ سيدي أحمد التجاني ، لمحمد السيد التجاني 7 : 9. موسوعة أعلام المغرب 7 : 2445 . معجم المؤلفين ، لكحالة 7 : 57 . العضب اليماني في الرد عن شيخنا سيدي أحمد التجاني ، لأحمد بن محمد بن عبد الله العلوي الشنقيطي 40 . الفتح الرباني فيما يحتاج إليه المريد التجاني ، للطصفاوي 61 و 64 . كناش العلامة سيدي محمد ( فتحا ) كنون 1 - 4 ( مخطوط خاص)[/font]